الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

الفَصْلُ الخامس: المؤيّدَات الشَّرعية المؤيدات الشرعية: هي الأحكام أو التدابير التي شرعت لا لتنظيم علاقات الناس، وإنما لحمل الناس على طاعة أحكام الشريعةالأصلية (1).
فالأحكام الأصلية: هي التي تنظم علاقات الناس بوضع الواجبات وبيان المحظورات. فهي غاية التشريع لإقامة مجتمع أخلاقي متضامن قوي سعيد. وضماناً لاحترام تلك الأحكام الأصلية شرعت المؤيدات: وهي الأحكام الموضوعة لحماية الأحكام الأصلية.
وهذه المؤيدات إما ترغيبية أو ترهيبية.
فالترغيبية: هي التي وضعت لترغيب الناس بتطبيق أحكام الشريعة كالمكافآت التشجيعية لمن يقدم للجماعة عوناً في أمر حربي يحقق النصر.
والترهيبية: هي التي وضعت لمنع الناس من مخالفة أوامر ونواهي الشريعة. وهذه نوعان: إما مؤيدات مدنية أو مؤيدات تأديبية. والمؤيد المدني أقوى تأثيراً من المؤيد التأديبي، وأشد منعاً للمخالفة بسلب التصرف نتائجه، واعتباره ملغى. أما المؤيد التأديبي فبالرغم من تأثيره الزاجر القامع للجريمة قد يتجرأ الناس على نظامه، فيقترفون الجريمة ويرضون بالعقوبة.
_________
(1) المدخل الفقهي للأستاذ الزرقاء: ف 309، 310.

(4/3137)


أولاً ـ المؤيدات المدنية: يتمثل دور المؤيدات المدنية في إلغاء التصرف المخالف لنظام الشريعة، إما إلغاءً كلياً وهو البطلان، وإما إلغاءً فرعياً وهو الفساد، وإما وضعه في طريق الإلغاء: وهو التوقف حماية لمصلحة الغير، أو التخيير لسلب اللزوم عن العقد حماية لمبدأ التعادل أو التوازن، أو لتوفير الرضا السليم.
وقد سبق بحث هذه المؤيدات الأربعة (البطلان، الفساد، التوقف، التخيير).
وأكتفي هنا ببيان أهم الفروق وأوجه التشابه بين البطلان والفساد:

أهم الفروق بين البطلان والفساد:
تظهر الفوارق بين الباطل والفاسد فيما يأتي (1):

1 - السبب: إن سبب البطلان هو وجود مخالفة لنظام الشريعة في ناحية جوهرية كالخلل الذي يصيب أحد مقومات العقد الأساسية (العاقد، والمعقود عليه، والصيغة) أو أحد شرائط الانعقاد، كصدور العقد من عديم الأهلية بسبب الصغر أو الجنون وعدم قابلية المحل المعقود عليه للتصرف كبيع الأموال العامة والأوقاف، والزواج بالمحارم، وعدم الإشهاد في عقد الزواج، وعدم تسليم المعقود عليه في العقود العينية كالهبة ونحوها.
أما سبب الفساد، فهو مخالفة العقد لنظامه الشرعي في ناحية فرعية متممة.
_________
(1) راجع المبسوط: 23/ 13، البدائع: 299/ 5، 304، فتح القدير مع العناية: 185/ 5 ومابعدها، 277 وما بعدها، رد المحتار لابن عابدين: 104/ 4، 136، مجمع الضمانات: ص 215 ومابعدها.

(4/3138)


وقد تبين أن أسباب الفساد ستة يمكن إيجازها في أربعة: وهي الجهالة الفاحشة، كبيع شاة من قطيع، وغرر الوصف كبيع بقرة على أنها حامل أو تحلب كذا رطلاً، والإكراه على رأي جمهور الحنفية (عدا زفر) الذين يعتبرونه مفسداً للعقد. وأما زفر فيعتبره موقفاً للعقد، ورأيه أوجه وأصح. والشرط المفسد في المعاوضات المالية كالبيع والإيجار والشركة: وهو الشرط التقييدي الممنوع شرعاً كالتوقيت في البيع، وعدم التقابض في عقد الصرف، والضرر الذي يلحق البائع بتسليم محل العقد كبيع جذع من سقف وذراع من ثوب يضره التبعيض.

2 - الحكم أو الأثر: لا يترتب على الباطل أي أثر أصلاً، فهوكالمعدوم سواء، فلا تنتقل الملكية في العوضين في عقد البيع مثلاً، ولا يترتب على الزواج الباطل حل الاستمتاع والنفقة والتوارث.
لكن استثناء من ذلك: يعتبر المبيع المقبوض في البيع الباطل مضموناً بالمثل أو بالقيمة إذا تلف أياً كان سبب التلف، وليس مجرد أمانة لا تضمن حال التلف إلا بالتعدي أو بالتقصير في الحفظ.
وكذلك يترتب على الزواج الباطل بعض الآثار الضرورية إذا أعقبه دخول: وهي ثبوت نسب الولد، وإيجاب العدة على المرأة، واستحقاق المرأة المهر. فيختلف بذلك عن الزنى.
أما الفاسد: فيترتب عليه بعض آثار العقد الصحيح إذا تم التنفيد أي القبض أو التسليم، فتنتقل الملكية في العوضين في البيع الفاسد بالقبض. ويتملك المستأجر المنفعة في الإجارة الفاسدة وتلزمه الأجرة باستيفاء المنفعة فعلاً. لكن البيع الفاسد لا يلزم المشتري بدفع الثمن المسمى المتفق عليه، وإنما ثمن المثل أي قيمة

(4/3139)


المبيع في السوق يوم القبض. وفي الإجارة الفاسدة يلزم المستأجر بدفع أجر المثل، لا الأجر المسمى في العقد (1).
ويلاحظ أن هذا الأثر يرتبه الفقه على تنفيذ العقد، لا على العقد نفسه.

3 - استحقاق الفسخ: الباطل لا يحتاج إلى فسخ؛ لأنه معدوم لم يوجد، والفسخ يرد على عقد قائم كالعقد المشتمل على أحد الخيارات.
وأما الفاسد: فيستحق الفسخ رعاية لأحكام الشرع إما بإرادة أحد العاقدين، أو بإرادة القاضي؛ لأن إزالة الفساد واجب شرعاً، وبالفسخ يرتفع الفساد (2).
ويبقى حق الفسخ قائماً ولو بعد التنفيذ حتى يزول سببه إلا إذا وجد أحد موانع الفسخ وهي (3):
أـ هلاك المعقود عليه أو استهلاكه أو تغيير شكله واسمه كطحن القمح وخبز الدقيق.
ب ـ الزيادة المتصلة غير المتولدة من الأصل كخلط الدقيق بالسمن أو العسل والبناء على الأرض وصبغ الثوب. أما أنواع الزيادات الأخرى وهي الزيادة المتصلة المتولدة كالسمن والجمل، والزيادة المنفصلة المتولدة كالولد والثمرة أو غير المتولدة كالكسب والغلة فلا تمنع الفسخ والرد.
ج ـ التصرف بالشيء المقبوض بعقد فاسد من قبل القابض كالبيع والهبة والرهن والوقف.
_________
(1) يلزم دفع أجر المثل على ألا يتجاوز الأجر المسمى، إلا إذا كان فساد الإجارة ناشئاً عن جهالة الأجرة فيجب عندئذ أجر المثل بالغاً ما بلغ.
(2) البدائع: 200/ 5.
(3) البدائع: 300/ 5 - 302، فتح القدير: 231/ 5، 302، رد المحتار: 137/ 4، مجمع الضمانات: ص 216.

(4/3140)


ويلاحظ أن حق الفسخ بسبب الفساد يورث، فلو مات أحد العاقدين جاز لورثته أو للعاقد الآخر فسخ العقد بعد الموت.

4 - عموم الأثر وخصوصه: البطلان يمكن أن يصيب كل أنواع التصرفات القولية والفعلية، العقدية وغير العقدية، كالبيع والإيجار والهبة، والإقرار والدعوى، وإحراز المباح وقبض الثمن والموهوب.
وأما الفساد فلا يجري إلا في العقود المالية المنشئة التزامات متقابلة أو ناقلة للملكية (1)، فلا يجري الفساد في العبادات والتصرفات الفعلية، والعقود غير المالية كالزواج والوصاية والتحكيم، والعقود المالية التي لا تنشئ التزامات متقابلة ولا تنقل الملكية كالإيداع والإعارة، وتصرفات الإرادة المنفردة كالطلاق والوقف والإبراء. فهذه التصرفات لا تكون إلا صحيحة أو باطلة.

وأما أوجه الشبه بين الباطل والفاسد فأهمها ما يأتي:
أـ الباطل لا يقبل الإجازة لأنه معدوم. وكذلك الفاسد لا يرتفع فساده بالإجازة؛ لأن العاقد لا يملك مخالفة نظام الشريعة، وليس له إقرار المخالفة، وإنما ينبغي إزالة الفساد احتراماً لحكم الشرع، إلا إذا زال سبب فساده كتعيين المجهول.
ب ـ الباطل لا يسري عليه التقادم (مرور الزمان) ويمكن التمسك ببطلان العقد مهما طالت المدة؛ لأن الباطل معدوم. وكذلك الفاسد لا يسري عليه التقادم، وإنما يظل مستحق الفسخ شرعاً مهما طال الأمد، إلا إذا وجد مانع من موانع الفسخ التي سبق بيانها.
_________
(1) المدخل الفقهي للأستاذ الزرقاء: ف 268.

(4/3141)


ثانياً ـ المؤيدات التأديبية (أو العقوبات) إن مخالفة أحكام الشريعة وارتكاب المعاصي والمنكرات التي حرمتها الشريعة تستوجب عقاباً أخروياً ودنيوياً. والعقوبات الدنيوية نوعان:
1 - عقوبات مقدرة: وهي التي قدر لها الشرع نوعاً ومقداراً معيناً وهي القصاص، والحدود الخمسة (وهي حد الزنا، وحد القذف، وحد السرقة، وحد الحرابة، وحد شرب الخمر والمسكرات) (1).
2 - عقوبات غير مقدرة وهي التعزيرات: وهي التي لم يحدد لها الشرع نوعاً ولا مقداراً معيناً، وإنما فوضها إلى تقدير الحكام لتطبيق ما يرونه محققاً للمصلحة بحسب ظروف الجاني والجناية.
والحكمة من تشريع الحدود أو العقوبات عامة: هو زجر الناس وردعهم عن اقتراف الجرائم الموجبة لها، وصيانة المجتمع عن الفساد، وتخليص الإنسان من آثار الخطيئة، وإصلاح الجاني.
قال ابن تيمية (2) وابن القيم (3): كان من حكمة اِلله سبحانه وتعالى ورحمته أن شرع العقوبات في الجنايات الواقعة بين الناس بعضهم على بعض في النفوس والأبدان والأعراض والأموال كالقتل والجرح والقذف والسرقة، فأحكم سبحانه وتعالى وجوه الزجر الرادعة عن الجنايات غاية الإحكام، وشرعها على أكمل
_________
(1) القصاص: هو عقوبة الإعدام بتعبير العصر، وحد القذف وشرب الخمر: ثمانون جلدة بسوط لا عقدة له مفرقة على أجزاء الجسد ما عدا المقاتل، وحد الزنا: مئة جلدة لغير المتزوج، والرجم بالنسبة للمحصن المتزوج، وحد السرقة: قطع اليد من الرسغ، وحد الحرابة: هو القتل أو الصلب أو قطع اليد والرجل من خلاف، أو النفي، وتطبق العقوبة بحسب ما يناسب جريمة المحارب.
(2) رسالته في القياس: ص 85، السياسة الشرعية له: ص 98.
(3) أعلام الموقعين: 95/ 2، 107 ومابعدها.

(4/3142)


الوجوه المتضمنة لمصلحة الردع والزجر، ورتب على كل جناية ما يناسبها من العقوبة. وجعل هذه العقوبات دائرة على ستة أصول: قتل، وقطع، وجلد، ونفي، وتغريم مال، وتعزير.
والجرائم الموجبة للعقوبة البدنية هي ثلاث عشرة جريمة وهي:
القتل، والجرح، والزنا، والقذف، وشرب الخمر، والسرقة، والبغي (1)، والحرابة، والردة، والزندقة، وسب الله وسب الأنبياء والملائكة، وعمل السحر، وترك الصلاة والصيام.
وليس في هذه العقوبات قسوة أو تنكيل وتعذيب للمجرم كما يزعم بعض الناس؛ لأن هذه الجرائم الموجبة لها خطيرة تهز كيان المجتمع، ولأنها أنسب عقوبة لزجر المجرم وأمثاله، وأقمع للجريمة ومطاردة المجرمين، وأدعى لتحقيق أمن المجتمع واستقراره.
وحققت العقوبات الشرعية أمناً في السعودية لا يماثله أمن بلد في العالم تطبق فيه العقوبات الوضعية من حبس أو سجن ونحوهما.
والتخلص من ضرر مجرم يتباكى عليه الزاعمون حب الإنسانية والإنسان أوجب من تهديد أمن المجتمع بكامله، عن طريق ترويع المجرمين أمن البيوت والنساء والأطفال، وما يعقبه من العديد من الجرائم والمنكرات.
ولقد أثبت التاريخ أن المجتمع الإسلامي عندما طبق الحدود الشرعية، عاش
_________
(1) البغي: الخروج في حال الشوكة والمنعة على جماعة المسلمين بتأويل نص في حكم شرعي للتوصل إلى حق أو ولاية، والتحصن في بلد ما، وتنظيم ثورة مسلحة على غيرهم، وتطبيق أحكامهم فيما بينهم كالخوارج. وأما الحرابة: فهي قطع الطريق على المارة، بقصد أخذ أموالهم قهراً عنهم أو قتلهم علانية دون اعتماد على تأويل سائغ.

(4/3143)


آمناً مطمئناً على أمواله وأعراضه ونظامه، حتى إن المجرم نفسه كان يسعى لإقامة الحد عليه، رغبة في تطهير نفسه، والتكفير عن ذنبه.
هذا مع العلم بأن تطبيق القصاص والحدود يتطلب تشدداً كبيراً في شروط إثبات الجريمة (1)، مما لا نكاد نجد له مثيلاً عند القانونيين، بل إن الحدود ومنها القصاص تسقط بالشبهات عملاً بالحديث النبوي: «ادرؤوا الحدود بالشبهات» وقد توسع الفقهاء في بيان ما هو شبهة مسقطة للحد توسعاً كبيراً، حتى إن مجرد ادعاء الشبهة كادعاء الزوجية في حال الوطء من المتهم يسقط الحد، وكذا هرب المحدود أثناء إقامة الحد يسقط الحد (2).
إن القسوة على المجرم رحمة عامة للمجتمع في مجموعه، حتى يتخلص من الجريمة وخطرها الوبيل، والتضحية بعدد محدود من المجرمين أهون كثيراً من ترك الجريمة تفتك بآلاف الأبرياء. والشريعة الإسلامية هي شريعة الرحمة الحقة بالناس، والله سبحانه أدرى بما يعالج به خطر بعض المجرمين وهو أرحم بهم.
وقد أدى كل هذا إلى أن يكون تطبيق الحد نادراً جداً في المجتمع الإسلامي، فقطع اليد مثلاً في السعودية لا يزيد عن حالة واحدة أو حالتين طوال العام.
وأما العقوبات غير المقدرة أو التعزيرات: فهي العقوبات المشروعة على كل معصية أو منكر أو إيذاء لا حد فيه، سواء بالقول أو بالفعل أو بالإشارة، وسواء أكانت الجريمة انتهاكاً للحرمات الدينية والاجتماعية كالأكل في نهار رمضان بغير
_________
(1) ففي السرقة مثلاً يشترط ما يزيد على 12شرطاً. وفي الزنا: يشترط لإثباته بالشهادة شهادة أربعة رجال أحرار عدول يرون الجريمة رؤية بصرية كاملة لا شبهة فيها. وفي القتل يشترط عدة شرائط لتطبيق القصاص منها أن يكون القتل بسلاح ونحوه.
(2) الدر المختار: 158/ 3 ومابعدها.

(4/3144)


عذر، وترك الصلاة، وطرح النجاسة في طريق الناس، والاستهزاء بالدين، والإخلال بالآداب العامة، أو كانت اعتداء على حق شخصي كأنواع السب والشتم والضرب والإيذاء بأي وجه، والغش والتزوير والاحتيال ونحوها.
والتعزير يكون إما بالضرب أو بالحبس أو الجلد أو النفي أو التوبيخ أو التغريم المالي، ونحو ذلك مما يراه الحاكم رادعاً للشخص بحسب اختلاف حالات الناس، حتى القتل سياسة كما قرر فقهاء الحنفية والمالكية.
والتعزير مفوض للدولة في كل زمان ومكان، فإنها تضع للقضاة أنظمة يطبقونها بحسب المصلحة. وأغلب العقوبات الوضعية الحديثة تدخل في نطاق التعزير. ولا مانع شرعاً من تقنين العقوبات التعزيرية بجانب الحدود والقصاص على النحو المعروف الآن. ويعد التعزير قاعدة مرنة صالحة للتطبيق في كل عصر بما يحقق المصلحة أوالمقصود من العقوبة. وما وضْع حدين للعقوبة قانوناً أدنى وأقصى، أو الحكم مع وقف التنفيذ إلا لون من ألوان المرونة أو العفو عن العقوبة المقررين في التعزيرات.

والشريعة أساس الحكم على الجريمة والعقاب، وقد سبق الفقهاء المسلمون إلى معرفة قاعدة: (لا جريمة ولاعقوبة إلا بنص) لتقريرهم القاعدتين التاليتين:
1 - (لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود النص).
2 - (الأصل في الأفعال والأقوال والأشياء الإباحة).
ومصدر هاتين القاعدتين قول اِلله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} [الإسراء:15/ 17] وقوله سبحانه: {وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً يتلو عليهم آياتنا} [القصص:59/ 28] وقوله جل شأنه:

(4/3145)


{رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل} [النساء:165/ 4].
فهذه النصوص قاطعة بأن لا جريمة إلا بعد بيان، ولا عقوبة إلا بعد إنذار. ومن هنا كانت فترة الجاهلية لا عقاب فيها على الجرائم التي حدثت أثناءها، سواء أكانت الجريمة إراقة دم حرام أم غيرها.
وقد تضافر القرآن الكريم والسنة النبوية وكتب الفقهاء على بيان المعاصي والمنكرات وتفصيل العقوبات المقررة في الدنيا على الأشخاص. ولا يقبل شرعاً من أي مسلم أومسلمة الاعتذار بالجهل بأحكام الشريعة، وعليه أن يتعلم القدر الضروري منها لقوله عليه السلام: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» ويعد التقصير في التعليم والتعلم جريمة مستوجبة التعزير.
والعمل بأحكام الشريعة في النطاقين الجزائي والمدني وغيرهما واجب على الدولة والأفراد، ويعد التخلي عن الشريعة إثماً كبيراً وجرماً عظيماً. وليس تطبيق أحكام الشريعة أمراً صعباً أو غير متفق مع ظروف العصر الحديث، وإنما الإعراض عن ذلك نوع من الوهم وفقدان الثقة بالذات وافتتان بأنظمة العصر ويعد جائراً عن الشرع.
ولا شك بأن أحكام الشريعة تتطلب إقامة مجتمع إسلامي متكامل في العقيدة والعبادة والسلوك الأخلاقي، وينبغي أن تتجه أنظمة الدولة الدستورية والإدارية والتعليمية والإعلامية إلى العمل بروح الإسلام وأنظمته وآدابه، حتى يسهل تقبل الحكم الشرعي الإلهي عن عقيدة واقتناع وحب واحترام.

(4/3146)