الفقه
الإسلامي وأدلته للزحيلي الفَصْلُ الخامِس: أسباب المُلك التَّام إن
أسباب أو مصادر الملكية التامة في الشريعة أربعة وهي:
الاستيلاء على المباح، والعقود، والخلَفية، والتولد من الشيء المملوك. وفي
القانون المدني هي ستة: الاستيلاء على ما ليس له مالك من منقول أو عقار،
والميراث وتصفية التركة، والوصية،
والالتصاق بالعقار أو بالمنقول، والعقد، والحيازة والتقادم (1).
وهذه الأسباب تتفق مع الأسباب الشرعية (2) ما عدا الحيازة والتقادم (وضع
اليد على مال مملوك للغير مدة طويلة)، فإن الإسلام لا يقر التقادم المكسب
على أنه سبب للملكية، وإنما هو مجرد مانع من سماع الدعوى بالحق الذي مضى
عليه زمن معين (3)، توفيراً لوقت القضاء، وتجنباً لما يثار من مشكلات
الإثبات، وللشك في أصل الحق. أما أصل الحق فيجب الاعتراف به لصاحبه وإيفاؤه
له ديانة. فمن وضع يده على مال مملوك لغيره لا يملكه شرعاً بحال.
_________
(1) راجع الفصل الثاني من حق الملكية ـ أسباب كسب الملكية: م 828، 836،
876، 879، 894، 907 ومابعدها من القانون المدني السوري.
(2) يلاحظ أن المادة (1248) من المجلة اقتصرت على الأسباب الثلاثة الأولى
للتملك. ولكن من الضروري إضافة سبب رابع وهو التولد من المملوك إذ هو سبب
مستقل عن تلك الأسباب.
(3) حدده الفقهاء بـ 33 سنة، وحددته المجلة (م 1661، 1662) في الحقوق
الخاصة بـ 15 سنة وفي الأراضي الأميرية بـ 10 سنوات، وفي الأوقاف وأموال
المال بـ 36 سنة.
(6/4562)
كذلك لا يقر الإسلام مبدأ التقادم المسقط
على أنه مسقط للحق بترك المطالبة به مدة طويلة. فاكتساب الحقوق وسقوطها
بالتقادم حكم ينافي العدالة والخلق، ويكفي في ذلك أن يصير الغاصب أو السارق
مالكاً. إلا أن الإمام مالك في المدونة خلافاً لمعظم أصحابه يرى إسقاط
الملكية بالحيازة، كما يرى تملك الشيء بالحيازة. ولكنه لم يحدد مدة
للحيازة، وترك تحديدها للحاكم، ويمكن تحديدها عملاً بحديث مرسل رواه سعيد
بن المسيب مرفوعاً إلى النبي صلّى الله عليه وسلم عن زيد بن أسلم: «من حاز
شيئاً على خصمه عشر سنين، فهو أحق به منه» (1)
.وأما الالتصاق بسبب سيل أو فيضان أو كثبان رمل بسبب ريح شديدة، فلا مانع
منه شرعاً؛ لأنه زيادة سماوية، تدخل تحت مبدأ «التولد من المملوك».
1 - الاستيلاء على المباح:
المباح: هو المال الذي لم يدخل في ملك شخص معين، ولم يوجد مانع شرعي من
تملكه كالماء في منبعه، والكلأ والحطب والشجر في البراري، وصيد البر
والبحر. ويتميز الاستيلاء على المباح بما يأتي:
أـ إنه سبب منشئ للملكية على شيء لم يكن مملوكاً لأحد. أما بقية أسباب
الملكية الأخرى (العقد، الميراث ونحوهما)، فإن الملكية الحادثة مسبوقة
بملكية أخرى، فهي سبب ناقل.
ب ـ إنه سبب فعلي لا قولي: يتحقق بالفعل أو وضع اليد، فيصح من كل
_________
(1) انظر بحث الحيازة والتقادم في الفقه الإسلامي للدكتور محمد عبد الجواد:
ص 18، 50 ومابعدها، 60، 108، 150 ومابعدها، ومراجعه مثل المدونة: 23/ 13،
وتبصرة الحكام على هامش فتح العلي المالك: 362/ 2 وما بعدها. وانظر: 314/ 2
ط دار الفكر بيروت.
(6/4563)
شخص ولو كان ناقص الأهلية كالصبي والمجنون
والمحجور عليه. أما العقد فقد لايصح من هؤلاء أو يكون موقوفاً على إرادة
أخرى، وهو سبب قولي.
ويشترط لهذا الطريق أي إحراز المباح شرطان:
أولهما ـ ألا يسبق إلى إحرازه شخص آخر، لأن «من سبق إلى ما لم يسبقه إليه
مسلم فهو له» كما قال النبي عليه الصلاة والسلام.
ثانيهما ـ قصد التملك: فلو دخل الشيء في ملك إنسان دون قصد منه لايتملكه،
كما إذا وقع طائر في حجر إنسان، لا يتملكه. ومن نشر شبكته، فإن كان
للاصطياد تملك ما يقع فيها، وإن كان للتجفيف لم يمتلك ما يقع فيها؛ لأن
«الأمور بمقاصدها».
والاستيلاء على المباح له صور أربع:
أولاً ـ إحياء الموات: أي استصلاح الأراضي البور. والموات: ما ليس مملوكاً
من الأرضين، ولا ينتفع بها بأي وجه انتفاع، وتكون خارجة عند البلد. فلا
يكون مواتاً: ما كان ملكاً لأحد الناس أو ماكان داخل البلد، أو خارجاً
عنها، ولكنه مرفق لها كمحتطب لأهلها أو مرعى لأنعامهم.
والإحياء يفيد الملك لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «من أحيا أرضاً ميتة
فهي له» سواء أكان الإحياء بإذن الحاكم أم لا عند جمهور الفقهاء. وقال أبو
حنيفة ومالك: لا بد من إذن الحاكم. وإحياء الأرض الموات يكون بجعلها صالحة
للانتفاع بها كالبناء والغرس والزراعة والحرث وحفر البئر. وعمل مستصلح
الأرض لإحيائها يسمى فقهاً «التحجير» وقد حدد بثلاث سنين، قال عمر: «ليس
لمتحجر بعد ثلاث سنين حق».
(6/4564)
ثانياً ـ الاصطياد: الصيد: هو وضع اليد على
شيء مباح غير مملوك لأحد. ويتم إما بالاستيلاء الفعلي على المصيد وهو
الإمساك، أو بالاستيلاء الحكمي: وهو اتخاذ فعل يعجز الطير أو الحيوان أو
السمك عن الفرار، كاتخاذ الحياض لصيد الأسماك، أو الشباك، أو الحيوانات
المدربة على الصيد كالكلاب والفهود والجوارح المعلّمة (1).
والصيد حلال للإنسان إلا إذا كان مُحْرماً بالحج أو العمرة، أو كان المصيد
في حرم مكة المكرمة أو المدينة المنورة، قال تعالى: {أحل لكم صيد البحر
وطعامه متاعاً لكم وللسيارة، وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرماً}
[المائدة:69/ 5].
والصيد من أسباب الملكية، لكن يشترط في الاستيلاء الحكمي لا الاستيلاء
الحقيقي قصد التملك عملاً بقاعدة «الأمور بمقاصدها». فمن نصب شبكة فتعلق
بها صيد، فإن كان قد نصبها للجفاف، فالصيد لمن سبقت يده إليه؛ لأن نيته لم
تتجه إليه. وإن كان قد نصبها للصيد ملكه صاحبها كما تبين، وإن أخذه غيره
كان متعدياً غاصباً. ولو أفرخ طائر في أرض إنسان كان لمن سبقت إليه يده إلا
إذا كان صاحب الأرض هيأها لذلك.
وإذا دخل طائر في دار إنسان، فأغلق صاحبها الباب لأخذه، ملكه. وإن أغلقه
صدفة، لم يملكه. وهكذا لو وقع الصيد في حفرة أو ساقية، المعول في تملكه على
نية صيده، وإلا فلمن سبقت إليه يده.
_________
(1) قال تعالى: {يسألونك ماذا أحل لهم، قل: أحل لكم الطيبات، وما علمتم من
الجوارح مكلبين، تعلمونهن مما علمكم الله، فكلوا مما أمسكن عليكم، واذكروا
اسم الله عليه، واتقوا الله، إن الله سريع الحساب} [المائدة:4/ 5].
(6/4565)
ثالثاً ـ الاستيلاء على الكلأ والآجام:
الكلأ: هو الحشيش الذي ينبت في الأرض بغير زرع، لرعي البهائم.
والآجام: الأشجار الكثيفة في الغابات أو الأرض غير المملوكة.
وحكم الكلأ: ألا يملك، وإن نبت في أرض مملوكة، بل هو مباح للناس جميعاً،
لهم أخذه ورعيه، وليس لصاحب الأرض منعهم منه؛ لأنه باق على الإباحة
الأصلية، وهو الراجح في المذاهب الأربعة، لعموم حديث: «الناس شركاء في
ثلاثة: الماء والكلأ والنار» (1).
وأما الآجام: فهي من الأموال المباحة إن كانت في أرض غير مملوكة، فلكل واحد
حق الاستيلاء عليها، وأخذ ما يحتاجه منها، وليس لأحد منع الناس منها، وإذا
استولى شخص على شيء منها وأحرزه صار ملكاً له. لكن للدولة تقييد المباح
بمنع قطع الأشجار، رعاية للمصلحة العامة، وإبقاء على الثروة الشجرية
المفيدة.
أما إن كانت في أرض مملوكة فلا تكون مالاً مباحاً، بل هي ملك لصاحب الأرض
فليس لأحد أن يأخذ منها شيئاً إلا بإذنه؛ لأن الأرض تقصد لآجامها، بخلاف
الكلأ، لا تقصد الأرض لما فيها من الكلأ.
رابعاً ـ الاستيلاء على المعادن والكنوز: المعادن: ما يوجد في باطن الأرض
من أصل الخِلقة والطبيعة، كالذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص ونحوها.
والكنز: ما دفنه الناس وأودعوه في باطن الأرض من الأموال، سواء في الجاهلية
أو في الإسلام.
_________
(1) البدائع: 193/ 6 ومابعدها، م 1257 من المجلة.
(6/4566)
والمعدن والكنز يشملها عند الحنفية كلمة
«الركاز»: وهو ما ركز في باطن الأرض، سواء أكان بخلق الله كفلزات الحديد
والنحاس وغيرها، أم كان بصنع الناس كالأموال التي يدفنها الناس فيها.
وحكمها واحد في الحديث النبوي: «وفي الركاز الخمس» (1).
وقال المالكية والشافعية والحنابلة: الركاز: دفين الجاهلية. والمعدن: دفين
أهل الإسلام.
حكم المعادن:
اختلف الفقهاء في تملك المعادن بالاستيلاء عليها، وفي إيجاب حق فيها للدولة
إذا وجدت في أرض ليست مملوكة.
أما تملك المعادن فللفقهاء فيه رأيان:
قال المالكية في أشهر أقوالهم (2): جميع أنواع المعادن لا تملك بالاستيلاء
عليها، كما لا تملك تبعاً لملكية الأرض، بل هي للدولة يتصرف فيها الحاكم
حسبما تقضي المصلحة؛ لأن الأرض مملوكة بالفتح الإسلامي للدولة، ولأن هذا
الحكم مما تدعو إليه المصلحة.
وقال الحنفية (3): المعادن تملك بملك الأرض؛ لأن الأرض إذا ملكت ملكت بجميع
أجزائها، فإن كانت مملوكة لشخص كانت ملكاً له، وإن كانت في أرض للدولة فهي
للدولة، وإن كانت في أرض غير مملوكة فهي للواجد؛ لأنها مباحة
_________
(1) رواه الجماعة عن أبي هريرة (نيل الأوطار: 147/ 4).
(2) القوانين الفقهية: ص 102، الشرح الكبير مع الدسوقي: 486/ 1 ومابعدها.
(3) الدر المختار ورد المحتار: 61/ 1 ومابعدها، المهذب: 162/ 1، المغني:
28/ 3، 520/ 5.
(6/4567)
تبعاً للأرض، وذلك على تفصيل سيأتي في بحث
المعادن والإقطاع، فعند الشافعية يملك المحيي المعادن الباطنية، وعند
الحنابلة يملك المحيي المعادن الجامدة.
وأما حق الدولة في المعادن ففيه رأيان أيضاً:
قال الحنفية: في المعادن الخمس؛ لأن الركاز عندهم يشمل المعادن والكنوز
بمقتضى اللغة، والباقي للواجد نفسه. وذلك في المعادن الصلبة القابلة للطرق
والسحب كالذهب والفضة والحديد والنحاس والرصاص. أما المعادن الصلبة التي لا
تقبل الطرق والسحب كالماس والياقوت والفحم الحجري، والمعادن السائلة
كالزئبق والنفط فلا يجب فيها شيء للدولة؛ لأن الأولى تشبه الحجر والتراب،
والثانية تشبه الماء، ولا يجب فيها شيء للدولة، إلا الزئبق فيجب فيه الخمس.
وقال الشافعية: لا يجب في المعادن شيء للدولة، لا الخمس وغيره، وإنما يجب
فيها الزكاة، لقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «العجماء جُبَار، والبئر
جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس» (1) فأوجب الخمس في الركاز: وهو
دفين أهل الجاهلية، ولم يوجب في المعدن شيئاً؛ لأن «الجبار» معناه: لا شيء
فيه. وإيجاب الزكاة عندهم هو بعموم أدلة الزكاة، والمعدن: مركز كل شيء،
والمعادن: المواضع التي تستخرج منها جواهر الأرض كالذهب والفضة والنحاس
وغيرها. ويطلق المعدن أيضاً على الفِلّز في لغة العلم.
_________
(1) رواه الأئمة الستة في كتبهم عن أبي هريرة (نصب الراية: 380/ 2، شرح
مسلم: 226/ 11). وقوله: «والمعدن جبار» معناه أن الرجل يحفر معدناً في ملكه
أو في موات، فيمر بها مار، فيسقط فيها فيموت، أو يستأجر أجراء يعملون فيها،
فيقع عليهم، فيموتون، فلا ضمان في ذلك. وكذا البئر جبار معناه أنه يحفرها
في ملكه أو في مواته فيقع فيها إنسان أو غيره ويتلف، فلا ضمان. وكذا لو
استأجره لحفرها، فوقعت عليه، فمات، فلا ضمان. وأما إذا حفر البئر في طريق
المسلمين أو في ملك غيره بغير إذنه، فتلف فيها إنسان، فيجب ضمانه، وكذا إن
تلف بها غير الآدمي وجب ضمانه في مال الحافر.
(6/4568)
حكم الكنز:
وأما الكنز: فهو ما دفنه الناس، سواء في
الجاهلي ة أم في الإسلام. فهو نوعان: إسلامي وجاهلي.
الإسلامي: ما وجد به علامة أو كتابة تدل
على أنه دفن بعد ظهور الإسلام مثل كلمة الشهادة أو المصحف، أو آية قرآنية
أو اسم خليفة مسلم.
والجاهلي: ما وجد عليه كتابة أو علامة تدل على أنه دفن قبل الإسلام كنقش
صورة صنم أو وثن، أو اسم ملك جاهلي ونحوه.
والمشتبه فيه: وهو مالم يتبين بالدليل أنه إسلامي أو جاهلي، قال فيه متقدمو
الحنفية: إنه جاهلي. وقال متأخروهم: إنه إسلامي لتقادم العهد. وإن وجد كنز
مختلط فيه علامات الإسلام والجاهلية فهو إسلامي؛ لأن الظاهر أنه ملك مسلم،
ولم يعلم زوال ملكه.
والكنز الإسلامي: يبقى على ملك صاحبه، فلا يملكه واجده، بل يعتبر كاللقطة،
فيجب تعريفه والإعلان عنه. فإن وجد صاحبه سلم إليه وإلا تصدق به على
الفقراء، ويحل للفقير الانتفاع به. هذا رأي الحنفية (1).
وأجاز المالكية والشافعية والحنابلة (2) تملكه والانتفاع به، ولكن إن ظهر
صاحبه بعدئذ وجب ضمانه.
وأما الكنز الجاهلي: فاتفق أئمة المذاهب على أن خمسه لبيت المال (خزانة
الدولة) وأما باقيه وهو الأربعة الأخماس، ففيه اختلاف: فقيل: إنها للواجد
_________
(1) فتح القدير: 307/ 3، البدائع: 202/ 6، المبسوط: 4/ 11 ومابعدها، الدر
المختار: 351/ 3.
(2) بداية المجتهد: 301/ 2، الشرح الكبير مع الدسوقي: 121/ 4، المهذب: 430/
1، مغني المحتاج: 415/ 2، المغني: 636/ 5.
(6/4569)
مطلقاً سواء وجدها في أرض مملوكة أم لا.
وقيل: إنها للواجد في أرض غير مملوكة أو في أرض ملكها بالإحياء. فإن كان في
أرض مملوكة فهي لأول مالك لها أو لورثته إن عرفوا، وإلا فهي لبيت المال.
وهذا وقد جعل القانون المدني السوري (م 830) ثلاثة أخماس الكنز لمالك
العقار الذي وجد فيه الكنز، وخمسه لمكتشفه، والخمس الأخير لخزينة الدولة.
2 - العقود الناقلة للملكية:
العقود كالبيع والهبة والوصية ونحوها من أهم مصادر الملكية وأعمها وأكثرها
وقوعاً في الحياة المدنية؛ لأنها تمثل النشاط الاقتصادي الذي يحقق حاجات
الناس من طريق التعامل. أما الأسباب الأخرى للملكية فهي قليلة الوقوع في
الحياة.
ويدخل في العقود التي هي سبب مباشر للملكية حالتان (1):
الأولى: العقود الجبرية التي تجريها السلطة القضائية مباشرة، بالنيابة عن
المالك الحقيقي، كبيع مال المدين جبراً عنه لوفاء ديونه، وبيع الأموال
المحتكرة. فالمتملك يتملك عن طريق عقد بيع صريح بإرادة القضاء.
الثانية: نزع الملكية الجبري. وله صورتان:
أ - الشفعة: وهي عند الحنفية حق الشريك أو الجار الملاصق بتملك العقار
المبيع جبراً على مشتريه بما بذل من ثمن ونفقات. وقصرها الجمهور على
الشريك.
ب ـ الاستملاك للصالح العام: وهو استملاك الأرض بسعرها العادل جبراً عن
صاحبها للضرورة أو المصلحة العامة، كتوسيع مسجد، أو طريق ونحوهما.
_________
(1) المدخل الفقهي العام للأستاذ الزرقاء: ف 105.
(6/4570)
والمتملك من هذا الطريق يتملك بناء على عقد
شراء جبري مقدر بإرادة السلطة.
وعليه فالعقد المسبب للملكية إما أن يكون رضائياً أو جبرياً، والجبري: إما
صريح كما في بيع المدين، أو مفترض كما في الشفعة ونزع الملكية.
3 - الخلَفية: وهي أن يخلف شخص غيره فيما كان يملكه، أو يحل شيء محل شيء
آخر، فهي نوعان: خلفية شخص عن شخص وهي الإرث. وخلفية شيء عن شيء وهي
التضمين.
والإرث: سبب جبري للتملك يتلقى به الوارث بحكم الشرع ما يتركه المورث من
أموال التركة.
والتضمين: هو إيجاب الضمان أو التعويض على من أتلف شيئاً لغيره، أو غصب منه
شيئاً فهلك أو فقد، أو ألحق ضرراً بغيره بجناية أو تسبب. ويدخل فيه الديات
وأروش الجنايات، أي الأعواض المالية المقدرة شرعاً الواجبة على الجاني في
الجراحات.
4 - التولد من المملوك:
معناه أن ما يتولد من شيء مملوك يكون مملوكاً لصاحب الأصل؛ لأن مالك الأصل
هو مالك الفرع، سواء أكان التولد بفعل مالك الأصل، أم بالطبيعة والخلقة.
فغاصب الأرض الذي زرعها يملك الزرع عند الجمهور غير الحنابلة؛ لأنه
(6/4571)
نماء البذر وهو ملكه وعليه كراء الأرض،
ويضمن لصاحب الأرض نقصانها بسبب الزرع. وثمرة الشجر وولد الحيوان وصوف
الغنم ولبنها لمالك الأصل.
وقال الحنابلة: الزرع لمالك الأرض، لما رواه الخمسة إلا النسائي عن رافع بن
خديج أن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «من زرع في أرض قوم بغير إذنهم،
فليس له من الزرع شيء، وله نفقته» قال البخاري: هو حديث حسن (1).
_________
(1) نيل الأوطار: 318/ 5 ومابعدها.
(6/4572)
|