الفقه
الإسلامي وأدلته للزحيلي الفَصْلُ الرّابع: حالات طارئة من الاعتداء
بطريق التّسبيب جناية الحيوان، وجناية الحائط المائل
الكلام فيه في مبحثين:
الأول ـ في جناية الحيوان.
والثاني ـ في جناية الحائط المائل.
المبحث الأول ـ جناية الحيوان:
اتفق الفقهاء على أن حارس الحيوان (المالك أو الراكب أو السائس أو غيرهم من
كل حائز ذي يد بصفة الرهن أو الإعارة أو الإجارة أو الغصب) هو الضامن لما
يتلفه الحيوان إذا كان متسبباً في إحداث الضرر، بأن تعمد الإتلاف أو
الجناية، بواسطة الحيوان، أو قصر في حفظه مع بعض الشروط أو القيود أحياناً،
التي أبينها أثناء توضيح آراء الفقهاء فيما يأتي:
فإن لم يكن متسبباً في الضرر، فإن الفقهاء اختلفوا في شأن تضمين القائم على
الحيوان (ملكاً أو حيازة).
(7/5778)
1 - قال الحنفية (1): إما أن يكون الحيوان
عادياً أو خطراً: أـ فإن كان الحيوان عادِيَاً (متعدياً أو مؤذياً)، فأتلف
شيئاً بنفسه، مالآً أو إنساناً، فلا ضمان على حارسه، سواء وقع الاعتداء
ليلاً أو نهاراً، لقوله صلّى الله عليه وسلم: «العجماء جُرْحها جُبَآر» (2)
أي المنفلتة هدَر لا يغرم.
فإن كان صاحبه معه سائقاً أو راكباً أو قائداً، أو أرسله وأتلف شيئاً فور
إرساله ونحوه، ضمن ما يتلفه.
وإذا أتلف الحيوان شيئاً في المراعي المباحة أو أثناء السير في الطرقات
العامة أو أثناء ربطه في الأسواق العامة أو المرابض المخصصة لربط
الحيوانات، لا ضمان فيه، كما لو كان لقرية خيول أو بقر في المرعى، فعض
أحدها أو ضرب برجله، فأتلف حيوان شخص آخر، لا ضمان على صاحبه.
وذلك بخلاف المحل المملوك، فإن الضمان على غير المالك، كأن يكون لرجل مربط،
فيجيء آخر، ويربط دابته عند دابة المالك، فتتلف دابة المالك، فالضمان على
المعتدي، ولا ضمان على المالك إذا أتلف دابته دابة الآخر (3).
ب ـ وأما إن كان الحيوان خطراً: كالثور والكلب العقور، فيضمن صاحبه أو
حارسه ما يتلفه إذا لم يحفظه، إذا تقدم إليه الناس الراغبون بدفع الأذى
عنهم، وأشهدوا على تقدمهم، طالبين منع أذى هذا الحيوان كما في الحائط
المائل. فإن لم يفعل، كان مقصراً في حفظه، فيضمن بالتسبب لتعديه.
_________
(1) البدائع: 272/ 7 وما بعدها، الدر المختار: 427/ 5 وما بعدها، درر
الحكام: 111/ 2 وما بعدها، جامع الفصولين: 114/ 2، 119، مجمع الضمانات: ص
185، 191.
(2) رواه الأئمة الستة عن أبي هريرة (نصب الراية: 387/ 4).
(3) القواعد الفقهية للحمزاوي: ص 195.
(7/5779)
هذا ما لم يكن الكلب كلب حراسة بستان أو
حقل عنب مثلاً، فلا يضمن صاحبه شيئاً مطلقاً، سواء تقدم إليه الناس وأشهدوا
على تقدمهم أم لا (1).
وأما إن قام صاحب الحيوان أو حارسه بإرسال طير، أو دابة، أو إشلاء كلب أو
إغراء حيوان، فأصاب إنساناً، فيضمن مايتلفه بكل حال أي مطلقاً، سواء أكان
سائقاً له أم قائداً أم لا، بسبب التعدي. وهذا قول أبي يوسف، وبه أخذ عامة
مشايخ الحنفية، وعليه الفتوى (2).
2 - وقال المالكية في الراجح عندهم، والشافعية
والحنابلة (3): إن ما تفسده البهائم من الزروع والشجر ونحوه مضمون
على صاحبها، أو راعيها أو ذي اليد عليها إن لم يوجد صاحبها إذا وقع الضرر
ليلاً، ولا ضمان على ما تتلفه نهاراً إذا لم يكن معها صاحبها. فإن كان معها
صاحبها أو ذو اليد الحائز كالغاصب والمستأجر والمستعير راكباً أو سائقاً أو
قائداً، فهو ضامن لما تفسده من النفوس والأموال، لما روي أن ناقة البراء بن
عازب دخلت حائطاً (بستاناً) فأفسدت فيه، فقضى نبي الله صلّى الله عليه وسلم
أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار، وأن ما أفسدت المواشي بالليل ضامن على
أهلها (4).
_________
(1) رد المحتار والدر المختار: 432/ 5 وما بعدها. وقال أبو حنيفة: لا يضمن
حتى في حالة الإشلاء (البدائع: 273/ 7).
(2) رد المحتار على الدر المختار: 430/ 5، البدائع: 273/ 7، تكملة الفتح:
350/ 8.
(3) المنتقى على الموطأ: 61/ 6، الشرح الكبير: 358/ 4، بداية المجتهد: 408/
2، 317، القوانين الفقهية: ص 333، الفروق للقرافي: 186/ 4، فتح العزيز شرح
الوجيز: 246/ 11، مغني المحتاج: 204/ 4 وما بعدها، تحفة الطلاب للأنصاري:
446/ 2، نهاية المحتاج: 113/ 4، المهذب: 226/ 2، المغني: 283/ 5، 336/ 8،
أعلام الموقعين: 25/ 2، كشاف القناع: 139/ 4، الطرق الحكمية: ص283، الإفصاح
لابن هبيرة: ص 275، الميزان: 174/ 2.
(4) رواه مالك في الموطأ والشافعي وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه
والدارقطني وابن حبان وصححه. والحاكم والبيهقي من حديث حِرام بن مُحيِّصة.
(7/5780)
أما البهائم والجوارح الضارية (أي معتادة
الجناية) فيضمن صاحبها مطلقاً ماتتلفه من مال أو نفس لتفريطه.
ضمان الراكب ومن في معناه وحوادث التصادم:
أورد فقهاء الحنفية أمثلة فقهية واقعية لتحديد الضامن في حوادث السير
والركوب والتصادم وإتلاف الحيوان، ويمكن معرفة أحكامها في ضوء القواعد
الفقهية التالية وهي:
«ما لا يمكن الاحتراز عنه لا ضمان فيه» «يضاف الفعل إلى المتسبب ما لم
يتخلل واسطة»، «المتسبب لا يضمن إلا بالتعدي»، «المباشر ضامن وإن لم
يتعدّ»، «إذا اجتمع المباشر والمتسبب يضاف الحكم إلى المباشر»، تضمين
المتسبب والمباشر معاً عند تعدي كل منهما.
أولاً ـ (مالا يمكن الاحتراز عنه لا ضمان فيه): ومعناها أن كل ما يشق البعد
عنه لا يكون سبباً موجباً للضمان، لأنه من الضرورات، ولأن ما يستحق على
المرء شرعاً يعتبر فيه الوسع والطاقة. وأما ما يمكن تجنبه أو الاحتياط عنه
فيكون سبباً موجباً للضمان.
وبناء عليه (1)، للناس الانتفاع بالمرافق العامة كالطرقات مشياً أو ركوباً
بشرط السلامة، وعدم الإضرار بالآخرين بما يمكن التحرز عنه، دون ما لا يمكن
التحرز عنه، حتى يتيسر للناس سبيل الانتفاع، ويتهيأ لهم ممارسة حقوقهم
وحرياتهم على أساس العدل والأمن والاستقرار.
_________
(1) المبسوط: 103/ 15، 188/ 26 ومابعدها، البدائع: 272/ 7 وما بعدها، تبيين
الحقائق: 149/ 6، مجمع الضمانات: ص 47، 165، دررالحكام: 111/ 2 وما بعدها،
الدر المختار: 427/ 5 وما بعدها، تكملة فتح القدير: 345/ 8 وما بعدها.
(7/5781)
فما تولد من سير الماشي أو الراكب من تلف،
مما يمكن الاحتراز عنه، فهو مضمون. وما لا يمكن الاحتراز عنه، فليس بمضمون،
إذ لو جعلناه مضموناً، لصار الشخص ممنوعاً عن السير، وهو مأذون به.
ـ فما أثارت الدابة بسنابكها من الغبار، أو الحصى الصغار، لا ضمان فيه،
لأنه لا يمكن الاحتراز عنه وهو أمر معتاد. وأما الحصى الكبار أو الغبار
الزائد عن المعتاد فيجب الضمان فيهما؛ لأنه يمكن التحرز عن إثارتهما.
وكذلك يضمن الراكب إذا ركب دابة نزقة لا يؤثر بها كبح اللجام، لخروج ذلك عن
المعتاد. ولو كبح الدابة باللجام، فنفحت (1) برجلها أو بذنبها، ومثله البول
والروث واللعاب، فهو هَدر لا ضمان فيه لعموم البلوى به، ولأن الاحتراز عنه
غير ممكن، ولقوله صلّى الله عليه وسلم: «الرِجْل جبار» (2) أي نفحها. فإن
أوقفها صاحبها في الطريق، ضمن النفحة؛ لأنه يمكن التحرز عن الإيقاف
والوقوف.
ـ ويضمن الراكب أو القائد أو السائق ما وطئت دابته بيد أو رجل أو رأس، أو
كدمت (3)، أو صدمت بصدرها، أو خبطت بيدها؛ لأن الاحتراز عن ذلك ممكن؛ لأنه
ليس من ضرورات السير في الطريق.
وهذا هو مذهب الشافعية، ويلاحظ أنه لا ضمان على الراكب عند المالكية في هذه
الأحوال عملاً بحديث: «العجماء جرحها جبار» وفرق الحنابلة بين ما
_________
(1) أي ضربت برجلها.
(2) أخرجه أبو داود والدارقطني والنسائي من حديث أبي هريرة، ولكن تكلم
الناس في هذا الحديث، وفيه ضعف (نصب الراية: 387/ 4).
(3) الكدم: العض بأدنى الفم كما يكدم الحمار، وبابه ضرب ونصر.
(7/5782)
جنت الدابة بيدها فيضمنه الراكب، وما جنت
برجلها فلا ضمان عليه، عملاً بحديث: «الرِجْل جبار» (1) ومفهومه وجوب
الضمان في جناية غير الرِجْل (2).
ـ ويضمن صاحب الدابة ما تتلفه بالوطء والصدم ونحوهما إذا أوقفها في الطريق
العام أو المحجة (جادة الطريق) التي لم يؤذن فيها بالوقوف، أو على باب
المسجد لأنه متعدٍ في الوقوف.
ـ ولكن لا ضمان عليه إذا أوقف الدابة في الأسواق أو الأماكن المخصصة من قبل
السلطات للوقوف (أو المأذون بها من جهته كالمحطات الجانبية) أو في الفلاة؛
لأن الوقوف فيها مباح لعدم الإضرار بالناس. فإن كان راكباً عليها فوطئت
إنساناً فقتلته يضمن؛ لأنه قتل بطريق المباشرة.
ـ ولا ضمان عليه أيضاً إذا أوقف الدابة أو سار بها أو ساقها أو قادها في
ملكه الخاص، إلا ما تحدثه بالإيطاء برجلها أو بيدها، وهو راكبها، فيضمن
ماتحدثه؛ لأنه تصرف في ملكه الخاص، فلا يتقيد تصرفه بشرط السلامة، أما
الوطء فهو بمنزلة فعله لحصول الهلاك بثقله، ومن تعدى على الغير في دار
نفسه، يضمن.
ـ والسائق والقائد والرديف كالراكب، إلا أن الفرق أن الراكب قاتل بوطء
الدابة بثقله وفعله، أي أنه مباشر، وليس بمتسبب. والسائق ونحوه متسبب. فتجب
الكفارة على الراكب في ملكه أو في غير ملكه دون السائق والقائد.
فإذا قاد الرجل قافلة (قطاراً) من الدواب، فما أوطأته دابته يكون ضامناً.
وكذا إذا صدم إنساناً؛ لأن القائد مقرب للبهيمة إلى الجناية، وهذا مما يمكن
الاحتراز عنه في الجملة، بأن يذود الناس عن الطريق.
_________
(1) رواه سعيد بن منصور بإسناده عن هزيل بن شرحبيل، كما روي عن أبي هريرة.
(2) المغني: 338/ 8 ومابعدها.
(7/5783)
ـ ولو نفرت الدابة أو انفلتت من حارسها
(المالك أو غيره): فما أصابت في فورها، فلا ضمان عليه لقوله عليه الصلاة
والسلام: «العجماء جبار» أي البهيمة جُرْحها جُبَار: هدر، ولأنه لا صنع له
في نَفَارها وانفلاتها، ولا يمكنه الاحتراز عن فعلها، فلا يكون الناشئ عنه
مضموناً.
ـ ولو أرسل دابته، فما أصابت من فورها، ضمن؛ لأن سيرها في فورها مضاف إلى
إرسالها، فكانت متعدياً في الإرسال، فصار كالدافع لها، أو كالسائق. فإن
عطفت (مالت أو تحولت) يميناً أو شمالاً، ثم أصابت شيئاً ففيه احتمالان:
إن لم يكن لها طريق آخر إلا ذاك، وجب الضمان على المرسل؛ لأنها باقية على
الإرسال.
وإن كان لها طريق آخر، لا يضمن مرسلها؛ لأنه انقطع أثر الإرسال، وصارت
كالمنفلتة.
وفي كل هذه الأحوال: ما كان من جناية الحيوان على بني آدم، فهو على
العاقلة؛ لأن حائز الحيوان متسبب متعد. وما كان على المال، فهو على المسؤول
عن الحيوان، في ماله، حالاً، أي أن ضمان النفس على العاقلة، وضمان المال في
مال المتعدي. وهذا ما نص عليه الحنفية والشافعية (1).
ثانياً ـ ضمان المتسبب وحده: المتسبب: هو من يفعل فعلاً يؤدي إلى ضرر ما،
ولكن بواسطة أخرى. ويضمن المتسبب أثر فعله بشرطين:
_________
(1) مراجع الحنفية السابقة، مغني المحتاج: 204/ 4.
(7/5784)
1ً - إذا كان
متعدياً، والتعدي: هو فعل السبب بغير حق، سواء أكان متعمداً الضرر أم لا
يقصد الضرر.
2ً - وإذا كان هو العامل
الأهم في إحداث الضرر، بأن يغلب السبب المباشرة، كما في الأمثلة التالية:
ـ من ضرب دابة عليهاراكب، أو نخسها بعود بلا إذن الراكب، فنفحت شخصاً أو
ضربته برجلها أو بذنبها، أو نفرت، فصدمت إنساناً في فور النخسة، ضمن الناخس
أو الضارب، دون الراكب؛ لأن الأول متعد في فعله، فما تولد عنه، مضمون عليه،
والراكب ليس بمتعد، فترجح جانب الناخس في التغريم للتعدي. ويلاحظ أن اشتراط
كون النفحة فور النخس أمر ضروري ليتوافر معنى السببية في إحداث الضرر (1).
فإذا انقطع الفور بعد النخس، فينسب الضرر إلى اختيار الدابة، لا إلى
الناخس.
وإذا حدث النخس أو الضرب بأمر الراكب، فنفحت الدابة برجلها إنساناً،
فقتلته: فإن وقع الفعل في مكان مأذون فيه فلا ضمان. كأن كان الراكب يسير في
الطريق، أو كان واقفاً في ملكه الخاص، أو في موضع قد أذن فيه بالوقوف من
الأسواق العامة ونحوها؛ لأن الناخس فعل بأمر الراكب فعلاً يملكه الراكب،
فصار فعله كفعل الراكب نفسه، وفعل الراكب حينئذ لا يضمن، فلا يضمن مثله.
أما إن وقع النخس في مكان لم يؤذن بالوقوف فيه، كالطريق العام، فيشترك
_________
(1) المبسوط: 2/ 27، درر الحكام: 113/ 2 ومابعدها، الدر المختار: 430/ 5
وما بعدها، مجمع الضمانات: ص187، تكملة الفتح: 352/ 8.
(7/5785)
الناخس والراكب في الضمان، وتكون دية
المجني عليه مثلاً عليهما مناصفة. وسأذكر أمثلة أخرى في حال اشتراك المتسبب
والمباشر في الضمان.
ثالثاً ـ ضمان المباشر وحده: المباشر: هو الذي حصل الضرر بفعله بلا واسطة،
أي دون تدخل فعل شخص آخر مختار. ويكون هو الضامن إذا كان السبب لا ينفرد
بالإتلاف إذا ترك وحده دون مباشرة، أي أنه كان هو المؤثر الأقوى في إحداث
الضرر، ودور السبب ضعيف إذا قورن به.
مثاله: إذا كان هناك قائد قطار (1) إبل، وكانت الإبل وقوفاً لاتقاد، فجاء
رجل، وربط إليها بعيراً، والقائد لا يعلم، فقاد البعير معها، فوطئ البعير
إنساناً، فقتله، فالدية على القائد، تتحملها عنه عاقلته ولا ترجع على عاقلة
الرابط بشيء؛ لأن الرابط، وإن تعدى في الربط، وكان سبباً لوجوب الضمان، لكن
القائد لما قاد البعير عن ذلك المكان الذي كانت الإبل واقفة فيه، قد أزال
تعديه، فيزول الضمان عنه، ويتعلق بالقائد، كمن وضع حجراً في الطريق، فجاء
إنسان، فدحْرَجَه عن مكانه، ثم عطب به إنسان، فالضمان على الثاني، لا على
الأول.
أما لو كانت الإبل سائرة، وجاء رجل وربط مع آخرها بعيراً، فوطئ البعير
إنساناً، ضمنت عاقلة القائد الدية، ثم رجعت بها على عاقلة الرابط؛ لأن
الرابط متعد في الربط، وهو المتسبب الأقوى في إلزام الضمان، فيستقر الضمان
عليه (2).
_________
(1) قطار الإبل: قال في المغرب: القطار: الإبل تقطر على نسق واحد، والجمع
قطر مثل كتب.
(2) الدر المختار: 430/ 5، البدائع: 281/ 7.
(7/5786)
رابعاً ـ ضمان المتسبب والمباشر معاً: يضمن
المتسبب والمباشر بالاشتراك معاً إذا تساوى أو تعادل أثرهما في الفعل الذي
يترتب عليه إحداث الضرر. وعلى حد تعبير الحنفية والشافعية: يضمن المتسبب مع
المباشر إذا كان للسبب تأثير يعمل بانفراده في الإتلاف متى انفرد عن
المباشرة. أي أن اشتراك المتسبب مع المباشرة في الضمان مشروط عندهم بأن
يكون السبب مما يعمل بانفراده. وعند المالكية والحنابلة (1) مشروط بأن تكون
المباشرة مبنية على السبب وناشئة عنه، بحيث لو تخلفت السببية لزالت علة
الإتلاف كاشتراك المكره والمستكره في القصاص والضمان، واشتراك الممسك مع
القاتل في رواية عند الحنابلة، وفي الرواية الأخرى: يختص المباشر بالعقوبة،
ويحبس الممسك حتى يموت، وكما لو دل الوديع لصاً على الوديعة فسرقها.
وأمثلة الحنفية هي ما يأتي (2):
ـ لو اجتمع على قيادة الدابة سائق وراكب، أوقائد وسائق (3)،فالضمان عليهما؛
لأن سَوق الدابة يؤدي إلى التلف، وإن لم يكن هناك شخص راكب عليها. وقائد
قطار الإبل والسائق سواء في الضمان؛ لأن على القائد الحفظ كالسائق، فيصير
متعدياً بالتقصير فيه، والتسبب بوصف التعدي سبب الضمان. لكن ضمان النفس على
العاقلة، وضمان المال في مال المتعدي كما تقدم.
_________
(1) تبيين الحقائق: 150/ 6، رد المحتار: 428/ 5، أشباه ابن نجيم: 78/ 2،
الفروق: 31/ 4، القواعد لابن رجب: ص 285.
(2) الدر المختار: 428/ 5، تكملة فتح القدير: 354/ 8، تبيين الحقائق:
المكان السابق، المبسوط: 2/ 27 وما بعدها، البدائع: 280/ 7، اللباب شرح
الكتاب: 164/ 3.
(3) القود: أن يكون الرجل أمام الدابة آخذاً بقيادتها. والسوق: أن يكون
خلفها.
(7/5787)
ـ وكذلك إذا نخس شخص الدابة أو ضربها بأمر
راكبها، يكون الضمان على الاثنين؛ لأن الناخس بمنزلة السائق.
ـ ولو نخس الدابة بغير أمر الراكب، فوطئت إنساناً بقدمها أثناء الدفع،
فمات، فالضمان عليهما؛ لأن الموت حصل بسبب فعل الناخس، وثقل الراكب.
والرديف كالراكب.
إلا أن الراكب يختلف عن الناخس والسائق أو القائد في إيجاب الكفارة عليه،
وحرمانه من الميراث والوصية عند الحنفية لمباشرته القتل، وأما غيره فهو
متسبب، والمتسبب لا كفارة عليه ولا يحرم الميراث والوصية.
وفي قيادة قطار الإبل يجب الضمان على القائد فيما أوطأه أو أصابه أو صدمه
البعير الأول أو الأوسط أو الأخير؛ لأنه فعل فعلاً سبب حصول التلف وهو مما
يمكن الاحتراز عنه. ولا يختلف الحكم كيفما كان السائق في الوسط أو الآخر.
ـ ولو كان على القطار محامل (1) فيها أناس نيام أوغير نيام، مشتركون في
القود أو السوق، فهم شركاء السائق والقائد في الضمان. وعلى الركبان وحدهم
الكفارة. فإذا لم يكن من المحامل اشتراك في القود أو السوق، فهم كالمتاع،
لا شيء عليهم.
ويلاحظ أن هذه الأحكام لا تنطبق على السيارات اليوم، لعدم اشتراك الركاب مع
السائق في شيء، فتكون مسؤولية الضمان على السائق وحده.
التصادم: إذا تصادم راكبان أو فارسان أو
ملاحان أو سائقا سيارة أو ماشيان أو راكب وماشٍ، فماتا، أو تلف شيء بسبب
التصادم، وجب على كل واحد
_________
(1) المحامل جمع مَحْمِل: وهو الهودج.
(7/5788)
منهما عند الحنفية والحنابلة (1) تحمل تبعة
الضمان كاملة للآخر، لكن في الموت تتحمل عاقلة كل واحد منهما دية الآخر،
واليوم يتحمل كل واحد لا عاقلته تبعة فعله. وفي الإتلاف يجب على كل منهما
تعويض ضرر الآخر؛ لأن الضرر قد حدث لكل واحد منهما بفعل نفسه وبفعل صاحبه
أيضاً.
هذا إذا كان التصادم خطأ، فإن كان عمداً وجب عند الحنفية تحمل نصف قيمة
الضمان، أي نصف الدية أو التعويض المالي.
ويرى المالكية (2): أنه إذا تصادم الفارسان، فإن كان عمداً وماتا فلا قصاص
لفوات محله، وإن مات أحدهما اقتص من الآخر له. وإن كان خطأ ومات كل واحد
منهما، فعلى كل واحد منهما دية الآخر، وتتحملها عنه العاقلة، كما قال
الحنفية. فإن تصادمت سفينتان فتلفتا أو تلفت إحداهما فهدر، لا قود ولا
ضمان؛ لأن جريهما بالريح، وليس من عمل أربابهما (3).
وقال الشافعية، وزفر الحنفي (4): إذا اصطدم فارسان أو ماشيان، أو سفينتان
بتفريط من ربانهما، بأن قصرا في صيانة آلاتهما، أو قدرا على ضبطهما فلم
يضبطا، أو سيرا المركبين في ريح شديدة لاتسير السفن في مثلها، وجب على كل
واحد منهما نصف قيمة ما تلف للآخر (وكان في الماضي الضمان على عاقلة كل
منهما)؛ لأن التلف حصل بفعلهما، أي أن كل واحد هلك بفعله وفعل
_________
(1) الدر المختار: 428/ 5، تكملة الفتح: 348/ 8، الكتاب مع اللباب: 168/ 3،
درر الحكام: 112/ 2، مجمع الضمانات: ص 150، المغني: 340/ 8 ومابعدها، غاية
المنتهى: 282/ 3، كشاف القناع: 144/ 4.
(2) بداية المجتهد: 409/ 2، القوانين الفقهية: ص 332، الشرح الكبير
للدردير: 247/ 4 وما بعدها.
(3) المراجع السابقة.
(4) المهذب: 194/ 2، مغني المحتاج: 89/ 4 وما بعدها.
(7/5789)
صاحبه فيهدر النصف، وينقسم الضمان عليهما،
ويهدر النصف الآخر بسبب فعل كل واحد في حق نفسه. وعند الشافعية يجب نصف
الدية مغلظة على عاقلة كل منهما لورثة الآخر؛ لأن القتل شبه عمد؛ إذ الغالب
أن الاصطدام لا يفضي إلى الموت، فلا يتحقق فيه العمد المحض، فلا يتعلق به
القصاص. فإن حدث التصادم بين السفينتين دون تفريط، وإنما بقوة قاهرة كريح
شديدة عصفت، فلا ضمان على أحد.
أما إذا كان المخطئ أحد المتصادمين، كان الضمان عليه باتفاق الفقهاء، كما
لو صدم الماشي واقفاً، فالضمان على الماشي؛ لأنه هو المتسبب، ولو صدمت
سفينة جائية سفينة واقفة، كان الضمان على صاحب السفينة الجائية إذا لم تكن
الواقفة متعدية في وقوفها.
المبحث الثاني ـ جناية الحائط المائل ونحوه مما
يحدثه الرجل في الطريق ـ سقوط البناء أو الجدار:
يجب في الجملة في حالة سقوط البناء الضمان على المتسبب في إحداث الضرر، إما
لأنه يمكن الاحتراز عنه، أو بسبب تقصيره وإهماله. وإذا حدث موت، فالدية تجب
على عاقلة مالك البناء، لأنه متسبب. لكن لا تجب عليه الكفارة ولا يحرم من
الميراث والوصية عند الحنفية، كما هو المقرر عندهم في حالة القتل بالتسبب،
وعلى هذا إذا كانت الجناية على نفس فالواجب هو الدية، وإذا كانت على ما دون
النفس فالواجب بها الأرش على العاقلة إن بلغ عند الحنفية نصف عشر دية الرجل
وعشر دية الأنثى. وإن كانت الجناية على المال فيجب التعويض في مال المتسبب.
(7/5790)
وسقوط البناء: إما أن يكون بسبب خلل أصلي
عند الإنشاء، أو بسبب خلل طارئ (1).
المطلب الأول ـ سقوط البناء أو الجدار بسبب خلل
أصلي فيه:
لا خلاف بين الفقهاء في وجوب ضمان الضرر الحادث بسبب سقوط البناء أو الجدار
الذي بناه صاحبه مائلاً إلى الطريق العام أو إلى ملك غيره؛ لأنه متعد
بفعله، فإنه ليس لأحد الانتفاع بالبناء في هواء ملك غيره، أو هواء مشترك،
ولأنه ببنائه المشتمل على الخلل يعرضه للوقوع على غيره في غير ملكه (2).
ومثله: ما تولد من جناح (3) إلى شارع، سواء أكان يضر أم لا، أذن فيه الإمام
أم لا، أو ما يتلف بالميازيب المخرجة إلى الشارع أو بما سال من مائها؛ لأنه
ارتفاق بالشارع، والارتفاق بالشارع مشروط بسلامة العاقبة، فكل ما يحدث يكون
صاحبه ضامناً.
ومثله أيضاً: لو طرح تراباً بالطريق ليطين به سطحه، أو وضع حجراً أو خشبة
أو متاعاً فزلق به إنسان، ضمنه. وكذلك لو طرح قمامات (كناسة) وقشور بطيخ في
طريق، أو صب ماء في الطريق، فتلف بفعله شيء، أو قعد في الطريق للاستراحة أو
لمرض فعثر به عابر، فوقع فمات أو وقع على غيره فقتله، يكون مضموناً؛ لأن
الانتفاع بالطريق مشروط بسلامة العاقبة؛ ولأن فيه ضرراً على المسلمين.
_________
(1) البدائع: 283/ 7.
(2) البدائع: 283/ 7، المغني: 827/ 7 وما بعدها، مغني المحتاج: 86/ 4.
(3) جناح بفتح الجيم: هو البارز عن سمت الجدار من خشب أو غيره.
(7/5791)
ومن حفر بئراً عدواناً كحفرها في ملك غيره
بغير إذنه، أو في شارع ضيق أو واسع لمصلحة نفسه بغير إذن الإمام: ضمن ما
تلف فيها من آدمي أو غيره (1). والمراد بالضمان: الدية ـ دية شبه عمد في
القتل، والتعويض المالي في الإتلافات المالية. وكل ما ذكر ضمان بالتسبب،
والقاعدة تقول: «يضاف الفعل إلى المتسبب ما لم يتخلل واسطة».
ودليل الضمان في تلك الحالات وأمثالها هو قوله عليه الصلاة والسلام: «لا
ضرر ولا ضرار في الإسلام» (2).
المطلب الثاني ـ سقوط البناء أو الجدار بسبب
خلل طارئ عليه:
إذا بنى الشخص بناءه أو حائطه مستوياً أو مستقيماً، ثم مال إلى الطريق
أوإلى دار إنسان، أو تشقق بالعرض لا بالطول، فسقط على شيء فأتلفه، ففي ضمان
الشيء المتلف رأيان للفقهاء:
1 - مذهب الشافعية والراجح عند الحنابلة (3): لا ضمان به في هذه الحالة؛
لأن صاحبه تصرف في ملكه، والميل لم يحصل بفعله، فأشبه ما إذا سقط بلا ميل،
سواء أمكنه هدمه وإصلاحه أم لا، وسواء طولب بالنقض أم لا.
2 - مذهب الحنفية والمالكية (4): في الأمر تفصيل:
_________
(1) تبيين الحقائق: 142/ 6 - 145، مغني المحتاج: 82/ 4 - 85، المغني: 822/
7 - 831، المنتقى على الموطأ: 41/ 6، البدائع: 277/ 7، اللباب شرح الكتاب:
162/ 3.
(2) روي من حديث عبادة بن الصامت، وابن عباس، وأبي سعيد الخدري، وأبي
هريرة، وأبي لبابة، وثعلبة بن مالك، وجابر بن عبد الله، وعائشة (راجع نصب
الراية: 384/ 4).
(3) مغني المحتاج: 86/ 4، المغني: 828/ 7، مجلة الأحكام الشرعية للقاري (م
1445).
(4) البدائع: 283/ 7، الدر المختار: 424/ 5، تكملة الفتح: 341/ 8 ومابعدها،
الكتاب مع اللباب: 167/ 3.
(7/5792)
أـ إن لم يطالب بنقضه، حتى سقط على إنسان،
فقتله، أو على مال فأتلفه، فلا ضمان؛ لأنه بناه في ملكه، والميل حادث بغير
فعله، فأشبه ما لو وقع قبل ميله، كثوب ألقته الريح في يده، فما تولد منه،
لا يؤاخذ به.
ب ـ وأما إن طولب بنقضه، فلم يفعل، ثم سقط بعدئذ يمكنه فيها نقضه، فهو ضامن
ما تلف به من نفس أو مال؛ لأنه حينئذ يصبح متعدياً، كما لو امتنع عن تسليم
(أو رد) ثوب ألقت به الريح في دار إنسان، وطولب به، فهلك، يضمن. ولأن للناس
حق المرور دون ضرر، وليس لأحد منعهم منه.
أما إذا لم يفرط في نقضه، وذهب حتى يستأجر عاملاً يهدمه، فسقط، فأفسد
شيئاً، فلا شيء عليه؛ لأن الواجب عليه فقط إزالة الضرر بقدر الإمكان.
والمطالبة بالنقض أو الإصلاح هو المعروف بشرط التقدم، والتقدم: هو التنبيه
والتوصية أولاً بدفع وإزالة مضرة مظنونة (م 889 مجلة).
الإشهاد على المطالبة بالنقض: لا يشترط
الإشهاد لصحة التقدم أو المطالبة بالإصلاح، وإنما الإشهاد كما قال الحنفية
أمر ضروري لإثبات سبب الضمان أي لإثبات حصول الطلب عند القاضي والإلزام
بالضمان عند الإنكار. فلو اعترف صاحب الدار أنه طولب بنقض الجدار، وجب عليه
الضمان، وإن لم يشهد عليه.
معنى الإشهاد: الإشهاد هو أن يقول
الرجل: «اشهدوا أني قد تقدمت إلى هذا الرجل في هدم حائطه هذا» أي أن
المعتبر هو المطالبة بالهدم (1). وتعتبر شهادة رجلين أو رجل وامرأتين على
التقدم، أي المطالبة.
_________
(1) راجع هذا وما يأتي بعده في البدائع: 284/ 7، تكملة الفتح: 342/ 8، الدر
المختار: 425/ 5.
(7/5793)
عناصر الإشهاد:
1 - الذي يطالب بالإشهاد: إن كان ميلان
الحائط إلى دار إنسان، فالإشهاد إلى صاحب الدار إن كان فيها، أو إلى الساكن
إن كانت مسكونة. وإن كان الميلان إلى الطريق العام، فالإشهاد إلى كل من له
حق المرور، مسلماً كان أو ذمياً. أما إن مال بعض البناء للطريق وبعضه لدار
إنسان، فأي طلب من إنسان يصح، لأنه إذا صح الإشهاد في البعض، صح في الكل.
2 - المشهود عليه: يصح الإشهاد على من
يملك نقض الجدار، وهو المالك، أو صاحب الولاية على الغير كالأب والوصي
وقيِّم الوقف؛ لأن المطالبة بالنقض ممن لا يملكه عبث ولا فائدة منه. فلا
يطالب بالنقض المستأجر والمرتهن، والمستعير والوديع، لعدم ولايتهم على
النقض والتصرف، فكان الإشهاد عليهم وعدمه سواء.
فترة الطلب والإشهاد: لا يصح الطلب
والإشهاد إلا بعد ميل البناء وقبل السقوط؛ لأن ما قبل الميل لا يوجد تعدٍ،
وما بعد السقوط لا فائدة من الطلب. كما لا تتحقق المسؤولية عن الضمان إلا
بعد مضي مدة يقدر فيها صاحب الحائط على نقضه؛ لأن الضمان يجب بترك النقض
الواجب، ولا وجوب من دون الإمكان أو الاستطاعة. فلو ذهب يطلب من ينقضه أو
يهدمه، فسقط الحائط، فتلف به شيء، فلا ضمان عليه؛ لأنه لم يكن متعدياً
بالتفريط أو الإهمال.
طلب التأجيل أو الإبراء بعد الإشهاد: إن
كان ميل الحائط إلى دار إنسان من مالك أو ساكن، فطلب منه الهدم وأشهد على
طلبه، ثم طلب صاحب الحائط تأجيله أو إبراءه من الجناية، فأجل أو أبرأ، صح؛
لأن الحق الخاص يملك صاحبه التنازل عنه. وأما إن كان الميل إلى الطريق،
فأبرأ أو أجل الذي طلب النقض أو أشهد على صاحب الحائط، وهو من له حق
المرور، أو القاضي، فلا يصح ولا يبرأ؛ لأن هذا حق عام، والحق العام لا يملك
أحد التنازل عنه،
(7/5794)
وتصرف القاضي في الحق العام نافذ فيما
ينفعهم لا فيما يضرهم (1).
التصرف في البناء بعد الإشهاد: إذا تصرف
صاحب الحائط أو الدار في البناء ببيع أو غيره كهبة، بعد الإشهاد، فسقط
الحائط بعد قبض المشتري المبيع، أو بعد ما ملكه بالإيجاب والقبول قبل
القبض، في زمان لا يتمكن من نقضه، فلا ضمان على صاحب الحائط الأصلي، فيما
هلك بسقوطه، لزوال ولايته بالبيع ونحوه، فلا يملك النقض، فسقط حكم الإشهاد،
حتى إنه لو رد المبيع على البائع بقضاء أو غيره أو بخيار شرط أو رؤية
للمشتري، لم يضمن البيع، إلا إذا طولب بعد الرد. وأما إن كان الخيار للبائع
ونقض البيع، ثم سقط الحائط وأتلف شيئاً، كان ضامناً؛ لأن خيار البائع لا
يلغي ولاية الإصلاح، فلا يلغي الإشهاد.
فإن سقط الحائط بعد تفريط صاحبه قبل البيع، التزم بالضمان. ويعتبر الجنون
والردة مثل التصرف بالبناء، فلو جن صاحب الحائط جنوناً مطبقاً أو ارتد ولحق
بدار الحرب، ثم أفاق من جنونه، أو عاد مسلماً وردت عليه الدار، لا يضمن إلا
بإشهاد جديد في المستقبل (2).
_________
(1) الدر المختار: 425/ 5.
(2) الدر المختار، المكان السابق، المغني: 829/ 7.
(7/5795)
|