الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

الفَصْلُ الثَّامن: استبدال الوقف وبيعه حالة الخراب: يقصد بالوقف دوام الانتفاع به، وتحصيل الثواب والأجر بنفعه، فإذا آل إلى الخراب، فماذا يكون مصيره؟
أجاز الفقهاء استبداله وبيعه للضرورة بشروط وقيود وتفصيلات لديهم.
_________
(1) المغني: 582/ 5، تكملة المجموع: 597/ 14، الفروق: 111/ 2 ومابعدها.

(10/7672)


قال الحنفية (1): للمسجد بمجرد القول (أي الوقف) على المفتى به صفة الأبدية، فلا تنسلخ عنه صفة المسجدية ولو استغني عنه، فلو خرب المسجد وليس له ما يعمر به، وقد استغنى الناس عنه لبناء مسجد آخر، يبقى مسجداً عند أبي حنيفة وأبي يوسف أبداً إلى قيام الساعة، وبرأيهما يفتى، فلا يعود إلى ملك الباني وورثته، ولا يجوز نقله ونقل ماله إلى مسجد آخر، سواء أكانوا يصلون فيه أم لا. ولا يحل وضع جذوع على جدار المسجد، ولو دفع الأجرة.
وقال محمد: إذا انهدم الوقف وليس له من الغلة ما يعمر به، فيرجع إلى الباني أو ورثته.
ويجري الخلاف المذكور في بسط المسجد وحصره وقناديله إذا استغني عنها، ينقل عند أبي يوسف في رواية عنه إلى مسجد آخر، ويرجع إلى مالكه عند محمد إذا خرج عن الانتفاع المقصود للواقف بالكلية.
وعلى هذا الخلاف: في الرباط (2) والبئر إذا لم ينتفع بهما، فيصرف على قول لأبي يوسف في رواية ثانية عنه وقف المسجد والرباط والبئر والحوض إلى أقرب مسجد أو رباط أو حوض إليه. لكن المفتى به في تأبيد المسجد قول الشيخين كما تقدم: وهو أنه لا يجوز نقله ونقل ماله إلى مسجد آخر، وإذا خرب المسجد يبقى مسجداً أبداً.

لكن في آلات المسجد نحو القنديل والحصير بخلاف أنقاضه: الفتوى على قول محمد وهو ردها إلى واقفها أو إلى ورثته. وأما أنقاضه فيفتى فيها كما ذكر
_________
(1) الدر المختار ورد المحتار: 406/ 3 - 408، 419 ومابعدها، 424 - 427، فتح القدير: 58/ 5 ومابعدها، البدائع: 220/ 6.
(2) الرباط: هو الذي يبنى للفقراء.

(10/7673)


بقول أبي يوسف وأبي حنيفة وهو أن المسجد لا يعود ميراثاً ولا يجوز نقله ونقل ماله إلى مسجد آخر، أي لا تعود عندهما الأنقاض للواقف أو ورثته عند إمكان البيع.
وإذا وقف الواقف وقفين على المسجد، أحدهما على العمارة، والآخر إلى إمامه أو مؤذنه، فللحاكم إذا قل المخصص للإمام ونحوه أن يصرف من فاضل وقف المصالح والعمارة إلى الإمام والمؤذن باستصواب أهل الصلاح من أهل المحلة، إن كان الوقف متحداً؛ لأن غرضه إحياء وقفه، وهو يحصل بهذا النقل؛ لأنهما حينئذ كشيء واحد. ففي حال اتحاد الواقف والجهة يجوز المناقلة.
وإن اختلف أحدهما (الواقف والجهة) بأن بنى رجلان مسجدين أو رجل مسجداً ومدرسة، ووقف عليهما أوقافاًً، لا يجوز للحاكم نقل مخصص أحدهما للآخر.

بيع أنقاض المسجد ونحوه: إذا انهدم وقف، ولم يكن له شيء يعمر منه، ولا أمكن إجارته ولا تعميره، ولم تبق إلا أنقاضه من حجر وطوب وخشب، صح بيعه بأمر الحاكم، ويشترى بثمنه وقف مكانه، فإذا لم يمكن الشراء، رده إلى ورثة الواقف إن وجدوا، وإن لم يوجدوا يصرف للفقراء. والبيع بإذن القاضي وصرف ثمنه إلى بعض المساجد مبني على قول لأبي يوسف في رواية ثانية عنه، والرد إلى الورثة أو إلى الفقراء على قول محمد، وهو جمع حسن، حاصله أنه يعمل بقول أبي يوسف حيث أمكن، وإلا فبقول محمد.
والخلاصة: الاتجاه في الفتوى عند مشايخ الحنفية بيع الأنقاض وصرف ثمنها إلى مسجد آخر أو رباط آخر؛ لأن غرض الواقف انتفاع الناس بالموقوف، وكيلا يأخذها المتغلبون.

(10/7674)


جعل شيء من المسجد طريقاً وبالعكس: إذا جعل الباني بدون اعتراض أهل المحلة شيئاً من الطريق مسجداً لضيقه، ولم يضر بالمارين، جاز؛ لأنهما للمسلمين. وكذا العكس وهو ما إذا جعل في المسجد ممراً، جاز لكل أحد أن يمر فيه، حتى الكافر، إلا الجنب والحائض والدواب.
ويجوز للإمام جعل الطريق مسجداً، لا عكسه، لجواز الصلاة في الطريق، ولا يجوز أن يتخذ المسجد طريقاً.

حالات الاستبدال: الاستبدال عند الحنفية ثلاثة أنواع:
الأول ـ أن يشرطه الواقف لنفسه أو لغيره، أو لنفسه وغيره، بأن شرط الواقف في وقفيته الاستبدال بالموقوف أرضاً أخرى، أو شرط بيعه، جاز الاستبدال على الصحيح، ويشتري بالثمن أرضاً أخرى إذا شاء، فإذا فعل، صارت الأرض الثانية كالأولى في شرائطها.
الثاني ـ ألا يشرطه الواقف، بأن شرط عدمه أو سكت، لكن صار الموقوف بحيث لا ينتفع به بالكلية، بألا يحصل منه شيء أصلاً، أو لا يفي بمؤنته، فهو أيضاً جائز على الأصح إذا كان بإذن القاضي، وكان رأيه المصلحة فيها.
الثالث ـ ألا يشرطه الواقف أيضاً، ولكن فيه نفع في الجملة، وبدله خير منه ريعاً ونفقاً. وهذا لايجوز استبداله على الأصح المختار.

شروط الاستبدال: إذا كان الوقف عقاراً غير مسجد، فالمعتمد أنه يجوز للقاضي الاستبدال به للضرورة بلا شرط الواقف، بشروط ستة:
1ً - أن يخرج الموقوف عن الانتفاع به بالكلية، أي يصبح عديم المنفعة.

(10/7675)


2ً - ألا يكون هناك ريع للوقف يعمر به.
3ً - ألا يكون البيع بغبن فاحش.
4ً - أن يكون المستبدل قاضي الجنة: وهو ذو العلم والعمل، لئلا يؤدي الاستبدال إلى إبطال أوقاف المسلمين، كما هو الغالب في الزمن الأخير.
5ً - أن يستبدل به عقار لا دراهم ودنانير، لئلا يأكلها النظار؛ ولأنه قل أن يشتري بها الناظر بدلاً. وأجاز بعضهم الاستبدال به نقوداً، ما دام المستبدل قاضي الجنة.
6ً - ألا يبيعه القاضي لمن لا تقبل شهادته له، ولا لمن له عليه دين، خشية التهمة والمحاباة.
فإذا لم تتوافر هذه الشروط كان بيع الوقف باطلاً لا فاسداً. وإذا صح بيع الحاكم بطل وقفية ما باعه، ويبقى الباقي على ما كان.

وهناك مسائل أربع يجوز فيها استبدال العامر من الأرض وهي:
الأولى ـ لو شرطه الواقف.
الثانية ـ إذا غصبه غاصب وأجرى عليه الماء، حتى صار بحراً، فيضمن القيمة، ويشتري المتولى بها أرضاً بدلاً.
الثالثة ـ أن يجحده الغاصب ولا بينة، وأراد دفع القيمة، فللمتولي أخذها ليشتري بها بدلاً.
الرابعة ـ أن يرغب إنسان فيه ببدل أكثر غلة أحسن مكاناً، فيجوز على قول أبي يوسف، وعليه الفتوى.

(10/7676)


مذهب المالكية في بيع الموقوف: ذكر المالكية (1) أن الأوقاف بالنسبة لبيعها ثلاثة أقسام:
أحدها ـ المساجد: لا يحل بيعها أصلاً بالإجماع.
الثاني ـ العقار لا يباع وإن خرب، ولا يجوز الاستبدال به غيره من جنسه، كاستبداله بمثله غير خرب، ولا يجوز بيع أنقاضه من أحجار أو أخشاب، لكن إن تعذر عودها في الموقوف، جاز نقلها في مثله.
ويجوز بيع العقار الموقوف في حالة واحدة: وهي أن يشترى منه بحسب الحاجة لتوسعة مسجد أو طريق.
الثالث ـ العروض والحيوان إذا ذهبت منفعتها، كأن يهرم الفرس، ويخلَق الثوب، بحيث لا ينتفع بهما، يجوز بيع الموقوف وصرف ثمنه في مثله، فإن لم تصل قيمته إلى شراء شيء كامل، جعلت في نصيب من مثله. فمن وقف شيئاً من الأنعام لينتفع بألبانها وأصوافها وأوبارها، فنسلها كأصلها في الوقف، فما فضل من ذكور نسلها عن النزو، وما كبر من إناثها، فإنه يباع، ويعوض عنه إناث صغار، لتمام النفع بها.
وهذا قول ابن القاسم. وقال ابن الماجشون: لا يباع أصلاً.

الخلو: بناء على ما قرره المالكية من منع بيع الوقف وأنقاضه، ولو خرب، هل يجوز للناظر إذا خرب الوقف وتعذر عوده لإنتاج غلة وأجرة، بأن لم يجد ما يعمر به من ريع الوقف، ولا أمكنه إجارته بما يعمره: أن يأذن لمن يعمره من عنده
_________
(1) القوانين الفقهية: ص 371، الشرح الصغير: 99/ 4، 101، 125 - 127، الشرح الكبير: 90/ 4 ومابعدها، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني: ص 40.

(10/7677)


ببناء أو غرس على أن البناء أو الغراس يكون للباني أو الغارس ملكاً وخلواً يباع ويورث عنه؛ لأن العمارة تكون لصاحبها، ويجعل في نظير الأرض الموقوفة حُكراً (مبلغاً دائماً) يدفع للمستحقين أو لخدمة المسجد؟
أفتى بعضهم وهو الشيخ الخرشي بالجواز، وأجازه الحنفية (1)، وهذا هو الذي يسمى خلواً، وقال الدردير شارح متن خليل: وهي فتوى باطلة قطعاً، وحاشا المالكية أن يقولوا بذلك؛ لأن منفعة الموقوف موقوفة، لا تملك بهذا العمل.

مذهب الشافعية في بيع الموقوف:
قال الشافعية (2):
1ً - إذا انهدم مسجد أو خرب وانقطعت الصلاة فيه، وتعذرت إعادته، أو تعطل بخراب البلد مثلاً، لم يعد إلى ملك أحد، ولم يجز التصرف فيه بحال ببيع أو غيره؛ لأن ما زال الملك فيه لحق الله تعالى لا يعود إلى الملك بالاختلال، كما لو أعتق عبداً، ثم مرض مرضاً مزمناً، لايعود ملكاً لسيده. وتصرف غلة وقفه لأقرب المساجد إليه إذا لم يتوقع عوده، وإلا حفظ.
وإن خيف على المسجد السقوط، نقض، وبنى الحاكم بأنقاضه مسجداً آخر، إن رأى ذلك، وإلا حفظه. والبناء بقربه أولى. ولا يبني به بئراً، كما لا يبني بأنقاض بئر خربت مسجداً، بل بئراً أخرى، مراعاة لغرض الواقف ما أمكن.
ولو وقف الواقف على قنطرة، فاحترقت الوادي، واحتيج إلى قنطرة أخرى، جاز نقلها إلى محل الحاجة.
_________
(1) رد المحتار: 428/ 3.
(2) المهذب: 445/ 1، مغني المحتاج: 392/ 2 ومابعدها، تكملة المجموع: 612/ 14 ومابعدها.

(10/7678)


وغلة وقف الثغر (وهو الطرف الملاصق من بلادنا لبلاد الكفار) إذا حصل فيه الأمن، يحفظه الناظر، لاحتمال عوده ثغراً.
ويدخر من زائد غلة المسجد على ما يحتاج إليه ما يعمره، بتقدير هدمه، ويشتري له بالباقي عقاراً ويقفه؛ لأنه أحفظ له.
وتقدم عمارة الموقوف على حق الموقوف عليهم، لما فيها من حفظ الوقف.
ويصرف ريع الموقوف على المسجد وقفاً مطلقاً أو على عمارته: في مصالح المسجد من بناء وتجصيص وسلم ومظلات للتظليل بها، ومكانس يكنس بها، ومساحي ينقل بها التراب، وأجرة قيِّم، لا أجرة مؤذن وإمام وحصر ودهن؛ لأن القيِّم يحفظ العمارة، بخلاف الباقي. فإن كان الوقف لمصالح المسجد، صرف من ريعه لمن ذكر، لا في التزويق والنقش، بل لو وقف عليها لم يصح.
2ً - الأصح جواز بيع حُصْر المسجد الموقوفة إذا بليت، وجذوعه إذا انكسرت، ولم تصلح إلا للإحراق، لئلا تضيع ويضيق المكان به من غير فائدة، فتحصيل نزر يسير من ثمنها يعود إلى الوقف أولى من ضياعها، ولا تدخل تصفيتها تحت بيع الوقف؛ لأنها صارت في حكم المعدومة، ويصرف ثمنها في مصالح المسجد. فإن صلحت لغير الإحراق كاتخاذ ألواح أو أبواب منها، فلا تباع قطعاً.
والأصح جواز بيع نخلة موقوفة جفت إذا لم يمكن الانتفاع بجذعها بإجارة وغيرها، وبهيمة زمِنت؛ لأن ما لا يرجى منفعته، فكان بيعه أولى من تركه، بخلاف المسجد، فإن المسجد يمكن الصلاة فيه مع خرابه، وقد يعمر الموضع، فيصلى فيه.

(10/7679)


وقيمة المبيع لها حكم القيمة التي توجد من متلف الوقف أو منقطع الآخر، وهو أن تصرف لأقرب الناس إلى الواقف، فإن لم يكونوا صرف إلى الفقراء والمساكين، أو مصالح المسلمين.
فإن أمكن الانتفاع بجذع الشجرة الموقوفة الجافة بإجارة وغيرها، لم ينقطع الوقف على المذهب، إدامة للوقف في عينها، ولا تباع ولا توهب، للخبر السابق عن عمر في أول بحث الوقف. والحاصل أن الشافعية في الجملة والمالكية أشد الآراء في عدم جواز بيع الوقف.

ومذهب الحنابلة (1):
أـ إذا خرب الوقف وتعطلت منافعه، كدار انهدمت، أو أرض خربت وعادت مواتاً، ولم تمكن عمارتها، أو مسجد انصرف أهل القرية عنه، وصار في موضع لايصلى فيه، أو ضاق بأهله ولم يمكن توسيعه في موضع، أو تشعب جميعه، فلم تمكن عمارته ولا عمارة بعضه إلا ببيع بعضه، جاز بيع بعضه لتعمر به بقيته، وإن لم يمكن الانتفاع بشيء منه، بيع جميعه.
واستدلوا بما روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى سعد، لما بلغه أنه قد نقب بيت المال الذي بالكوفة: انقل المسجد الذي بالتمارين، واجعل بيت المال في قبلة المسجد، فإنه لن يزال في المسجد مصل. وكان هذا بمشهد من الصحابة، ولم يظهر خلافه، فكان إجماعاً. ولأن فيما ذكر استبقاء الوقف بمعناه، عند تعذر إبقائه بصورته، فوجب البيع.
ب ـ وإذا بيع الوقف، فأي شيء اشتري بثمنه، مما يرد على أهل الوقف،
_________
(1) المغني: 575/ 5 - 579، المغني والشرح الكبير: 225/ 6.

(10/7680)


جاز، سواء أكان من جنسه أم من غير جنسه؛ لأن المقصود المنفعة، لا الجنس، لكن تكون المنفعة مصروفة إلى المصلحة التي كانت الأولى تصرف فيها؛ لأنه لا يجوز تغيير المصرف، مع إمكان المحافظة عليه، كما لا يجوز تغيير الوقف بالبيع، مع إمكان الانتفاع به.
جـ ـ وإذا لم يف ثمن الفرس الحبيس لشراء فرس أخرى، أعين به في شراء فرس حبيس، يكوِّن بعض الثمن؛ لأن المقصود استبقاء منفعة الوقف الممكن استبقاؤها، وصيانتها عن الضياع، ولا سبيل إلى الصون إلا بهذه الطريق.
د ـ وإذا لم تتعطل مصلحة الوقف بالكلية، لكن قلَّت، وكان غيره أنفع منه وأكثر فائدة على أهل الوقف، لم يجز بيعه؛ لأن الأصل تحريم البيع، وإنما أبيح للضرورة، صيانة لمقصود الوقف عن الضياع، مع إمكان تحصيله، وإمكان الانتفاع به، وإن قل النفع، اللهم إلا أن يبلغ في قلة النفع إلى حد لا يعد نفعاً، فيكون وجوده كالعدم.
هـ ـ لا يجوز نقل المسجد وإبداله وبيع ساحته، وجعلها سقاية وحوانيت إلا عند تعذر الانتفاع به.
ولا يجوز أن يغرس في المسجد شجرة كالنخلة وغيرها بعد أن صار مسجداً، وقال أحمد: لا أحب الأكل منها، ولو قلعها الإمام لجاز؛ لأن المسجد لم يبن لهذا، وإنما بني لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن؛ ولأن الشجرة تؤذي المسجد، وتمنع المصلين من الصلاة في موضعها، ويسقط ورقها في المسجد وثمرها، وتسقط عليها العصافير والطير، فتبول في المسجد، وربما رمى الصبيان ثمرها بالحجارة.
أما إن كانت النخلة في أرض، فجعلها صاحبها مسجداً، والنخلة فيها، فلا بأس.

(10/7681)


وـ وما فضل من حصر المسجد وزيته، ولم يحتج إليه، جاز أن يجعل في مسجد آخر، أويتصدق منه على فقراء جيرانه وغيرهم. وكذلك إن فضل شيء من قصبه أو شيء من أنقاضه.

موقف القانون من الاستبدال: نص القانون المصري رقم 48 لسنة 1946 في المادة 14 على مصير أموال البدل:
تشتري المحكمة ـ بناء على طلب ذوي الشأن ـ بأموال البدل المودعة بخزانتها عقاراً أو منقولاً محل العين الموقوفة، ولها أن تأذن بإنفاقها في إنشاء مستغل جديد.
ويجوز لها ـ إلى أن يتيسر ذلك ـ أن تأذن باستثمار أموال البدل بأي وجه من وجوه الاستثمار الجائز شرعاً.
كما أن لها أن تأذن بإنفاقها في عمارة الوقف، دون رجوع في غلته.
وإذا كانت هذه الأموال ضئيلة، ولم يتيسر استثمارها، ولم يحتج إلى إنفاقها في العمارة، اعتبرت كالغلة، وصرفت مصرفها.
وصدر في سورية القانون رقم (104) في 1960/ 3/19 المتضمن جواز استبدال بعض العقارات (ذات الإجارة الطويلة) والقانون رقم (163) في 1958/ 9/27 لاستبدال العقارات الوقفية المقرر عليها حق من حقوق القرار ذات الإجارة الطويلة، كالمرصد والحكر والكدك والمقاطعة والإجارتين والقميص ومشد المسَكَة، والكردار والقيمة (1).
_________
(1) المرصد: هو في الأصل دين يثبت على الوقف لمستأجر عقار مقابل ماينفعه بإذن المتولي على تعميره عند عدم وجود غلة في الوقف، ثم يؤجر منه بأجرة مخفضة، لما له من دين على الوقف (رد المحتار: 436/ 3).
وحق الحُكْر أو المقاطعة: حق قرار مرتب على الأرض الموقوفة بإجارة مديدة تعقد بإذن القاضي يدفع فيها المستحكر لجانب الوقف مبلغاً يقارب قيمة الأرض، ويرتب مبلغ آخر ضئيل، يستوفى سنوياً لجهة الوقف من المستحكر أو ممن ينتقل إليه هذا الحق، على أن يكون للمستحكر حق الغرس والبناء وسائر وجوه الانتفاع (رد المحتار: 428/ 3).
والكَدِك: لفظ تركي الأصل، يطلق على ما هو ثابت في الحوانيت الموقوفة ومتصل بها اتصال قرار ودوام، لعلاقته الثابتة بالعمل الذي يمارس في هذا العقار. وقد جرت العادة أن ينشئ مستأجر عقار الوقف هذا الكدك فيه من ماله لنفسه على حسب حاجته بإذن متولي الوقف (رد المحتار: 17/ 4) وقد يسمى الكدك «سكنى» في الحوانيت، كما يسمى «كرداراً» في الأراضي الزراعية.
وحق الإجارتين: عقد إجارة مديدة بإذن القاضي الشرعي على عقار الوقف المتوهن الذي يعجز الوقف عن إعادته إلى حالته من العمران السابق، بأجرة معجلة تقارب قيمته تؤخذ لتعميره، وأجرة مؤجلة ضئيلة سنوية يتجدد العقد عليها ودفعها كل سنة، وذلك كمخرج عد م جواز بيع الوقف ولا إجارته مدة طويلة، ومن هنا سميت بالإجارتين.
والقميص: حق لمستأجر دار الرحى الموقوفة يخوله البقاء فيها، لما له فيها من أدوات الطحن وآلاته ولوازمه.
ومشد المسكة: حق لمستأجر الأرض الموقوفة في البقاء بسبب ما له فيها من حراثة وسماد، إذ يتضرر لو أخرج منها (رد المحتار: 18/ 4).
والقيمة: حق مستأجر البساتين الموقوفة في البقاء فيها كذلك، لما له من أصول المزروعات التي تدوم كالفصفصة أو من عمارة الجدر المحيطة التي أنشأها هو (المدخل لنظرية الالتزام للأستاذ الزرقاء،: ص 40 - 45).

(10/7682)