الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

الفَصْلُ الرّابع عَشر: الحساب: مخارج الفروض وأصول المسائل وتصحيحها:
الحساب لغة: مصدر حسَب يحسُب الشيء: إذا عدَّه، وهو اصطلاحاً: علم بأصول يتوصل بها إلى استخراج المجهولات العددية. وهذا العلم شامل لحساب الفرائض وغيرها.

(10/7832)


ويقصد به هنا: الكلام على شيء من نتيجات المسائل الحسابية وهي تأصيل المسائل وتصحيحها (1).
ويمهد له ببيان مخارج الفروض:

أولاً ـ مخارج الفروض: الفروض المقدرة بكتاب الله تعالى ستة وهي نوعان (2):
1 - النصف والربع والثمن.
2 - الثلثان والثلث والسدس.
على التنصيف والتضعيف.
ومخرج كل فرض منفرد عن سائر الفروض: سميه، إلا النصف، فهو من اثنين، وليس الاثنان سمياً له، أي كلها مشتقة من مادة عددها إلا الأول، فمخرج الثلث ثلاثة، والربع أربعة، وهكذا ما عدا النصف، فإن مخرجه اثنان.
ومجموع مخارج الفروض سبعة أعداد، خمسة أعداد منهاهي مخارج الفروض المذكورة في كتاب الله: وهي الاثنان، والثلاثة، والأربعة، والستة، والثمانية، وذلك لاتحاد مخرج الثلث والثلثين.
ويضاف إليها اثنا عشر: ضعف الستة، وأربعة وعشرون: ضعف الاثني
_________
(1) الرحبية: ص 56 وما بعدها.
(2) السراجية: ص 91، 100، 105، 110، 119، تبيين الحقائق: 243/ 6 - 250، القوانين الفقهية: ص 385، الشرح الصغير: 641/ 4، 655، 660، 671، مغني المحتاج: 32/ 3 - 37، المغني: 189/ 6، 204، الدر المختار: 570/ 5 - 572، اللباب: 203/ 4، كشاف القناع: 476/ 4 وما بعدها.

(10/7833)


عشر، مثال الأول: زوجة وإخوة لأم وأم، للزوجة الربع، وللأم السدس، وللإخوة لأم الثلث. فمخرج الربع: أربعة، والثلث: ثلاثة، وبين المخرجين تباين، فنضرب أحدهما في الآخر وتكون النتيجة اثني عشر. ومثال الثاني: حالة اجتماع سدس وثمن كزوجة وأم وولد، للزوجة الثمن، وللأم السدس، وللولد الباقي، وبين المخرجين توافق بالنصف، فنضرب نصف أحدهما في كامل الآخر، فتكون النتيجة أربعة وعشرين.

ثانياً ـ أصول المسائل السبعة وتصحيحها:
تصحيح مسائل الفرائض: هو أن تؤخذ السهام من أقل عدد يمكن على وجه لا يقع الكسر على أحد من الورثة، بأن يأتي منه نصيب كل وارث صحيحاً، وهي قاعدة المضاعف البسيط، ويراد به المضاعف البسيط للأعداد التي يراد القسمة عليها.
وأصول المسائل: معناها المخارج التي تخرج منها فروضها.
وأصول المسائل كلها سبعة أعداد أوضحتها فيما سبق: أربعة منها لا تعول: وهي اثنان، وثلاثة، وأربعة وثمانية، وثلاثة منها قد تعول: وهي ستة، واثنا عشر، وأربعة وعشرون، ومجموعها: (2، 3، 4، 6، 8، 12، 24).

وقد أبنت طريق تقسيم التركة في حالتي العول والرد، ف في العول: يعرف نصيب كل ذي فرض بأن تهمل الأصل الأول، وتعتبر الأصل بعد العول أصلاً، فتنسب السهام إليه، وتقسم التركة بحسبه، ليتأتى إدخال النقص على كل وارث بنسبة نصيبه.
وفي الرد: يأخذ أحد الزوجين فرضه فقط منسوباً إلى أصل المسألة، ويقسم

(10/7834)


الباقي على أصحاب الفروض بنسبة فروضهم، ويرد عليهم بحسبها، فيكون نصيب كل ذي فرض منهم هو ما يستحقه فرضاً ورداً.

وأما في غير حالتي العول والرد فيعرف أصل المسألة على النحو الآتي (1):
1ً - إذا كان في المسألة صاحب فرض واحد: فأصلها مخرج ذلك الفرض، كأب وأم، للأم الثلث وللأب الباقي، وأصل المسألة من (3)، تأخذ الأم (1)، ويأخذ الأب الباقي وهو (2).
2ً - إذا اجتمع في المسألة اثنان من أصحاب الفرائض، وكانا من نوع واحد من النوعين السابقين: (الأول ـ النصف والربع والثمن، والثاني ـ الثلثان والثلث والسدس) فأصل المسألة: هو المخرج الذي يشمل ضعفه وضعف ضعفه، فالثمانية في النوع الأول مخرج الثمن، وضعفه وهو الربع، وضعف ضعفه وهو النصف. والستة في النوع الثاني مخرج السدس، وضعفه وضعف ضعفه وهو الثلث والثلثان، فكل واحد من مخرجي الثلث والثلثين داخل في مخرج السدس.
فإن مات عن زوجة وبنت، فالمسألة من ثمانية، لوجود الثمن والنصف، للزوجة الثمن (1)، وللبنت النصف (4)، والباقي (3) رد على البنت.
وإن مات عن زوج وبنت، المسألة من أربعة، لوجود الربع والنصف.
ولو مات عن أم وأختين لأم، المسألة من ستة، لوجود السدس والثلث.
وإن مات عن أم وأختين شقيقتين وأختين لأم، المسألة من ستة، لوجود السدس والثلثين.
_________
(1) السراجية: ص 110 - 118، تبيين الحقائق: 245/ 6 ومابعدها، الدر المختار: 570/ 5 - 572، الكتاب مع اللباب: 203/ 4 - 211، الشرح الصغير: 641/ 4 - 644، 655 - 671، مغني المحتاج: 32/ 4 - 37، الرحبية: ص 65، المغني: 189 - 196.

(10/7835)


ولو مات عن أختين شقيقتين وأختين لأم، المسألة من ثلاثة لوجود الثلث والثلثين.

3ً - إذا اجتمع في المسألة بعض أفراد النوع الأول، مع كل أو بعض النوع الثاني، ففي الأمر تفصيل: أـ إذا اجتمع النصف مع الثلثين والثلث، كزوج، وأختين شقيقتين، وأختين لأم، فتكون من ستة (6).
وإذا اختلط النصف بالثلث فقط كزوج وأختين لأم، أو بالثلثين فقط كزوج وأختين شقيقتين، أو بالسدس فقط كبنت وأم، فتكون من ستة (6).
وكذلك إذا اختلط النصف بالثلث والسدس معاً، كزوج وأختين لأم وأم، فالمسألة من ستة أيضاً (6).
ب ـ وإذا اجتمع الربع مع جميع أفراد النوع الثاني، كزوجة، وأم، وشقيقتين، وأختين لأم، فالمسألة من اثني عشر (12).
وكذلك إذا اختلط الربع من الثلثين فقط، كزوج وبنتين، أو مع الثلث فقط، كزوجة وأم، أو اختلط الثلثان والسدس، كزوجة وأم وأختين شقيقتين، أو اختلط الربع بالثلث والسدس كزوجة وأم وأختين لأم، فالمسألة في جميع هذه الصور من اثني عشر (12).
جـ ـ وإذا اجتمع الثمن مع الثلثين والسدس، كزوجة وبنتين وأم، أو اجتمع مع الثلثين فقط، كزوجة وابنتين، أو مع السدس فقط، كزوجة وأم وابن، فالمسألة من أربعة وعشرين (24).
ولا يتصور اجتماع الثمن مع جميع النوع الثاني.

(10/7836)


ثالثاً ـ طريقة تصحيح المسائل:
إذا لم تقبل سهام بعض الورثة الحاصلة من أصل المسألة القسمة على مستحقيها إلا بكسر، فيلجأ إلى جعل السهام قابلة للقسمة على كل الورثة بدون كسر، أي قسمة صحيحة، وهذا ما يسمى بالتصحيح.

وتصحيح المسألة: بأن يضرب أصل المسألة أو عولها في أقل عدد يمكن معه أن ينفرد كل وارث بقدر من السهام برقم صحيح، لا كسر فيه، وحاصل الضرب: هو أصل المسألة بعد التصحيح. ويتم ذلك على وفق القواعد الآتية لتماثل العددين أو توافقهما أو تداخلهما أو تباينهما بين أعداد الرؤوس، أي رؤوس من انكسر عليهم سهامهم إذا كان الانكسار في أكثر من طائفة، أو طائفة واحدة.
ووجه انحصار هذه الأنواع الأربعة: أنك إذا نسبت عدداً إلى آخر، فإما أن يكون مساوياً له، أو لا، الأول ـ التماثل، والثاني ـ إما أن ينقسم الأكثر على الأقل قسمة صحيحة أو لا ينقسم.
الأول ـ التداخل، والثاني ـ إما أن يفنيهما عدد غير الواحد، أو لا.
الأول ـ التوافق، والثاني ـ التباين.

النوع الأول ـ حالة الانكسار في أكثر من طائفة:
ينظر في هذه الحالة إلى النسبة بين عدد الرؤوس:

1ً - تماثل العددين: أي كون أحدهما مساوياً للآخر، كثلاثة وثلاثة، وإذا تماثل العددان، يضرب أحدهما في أصل المسألة، مثل:
(3) زوجات، و (3) بنات، عم، للزوجات الثمن 8/ 1 = 3، وللبنات

(10/7837)


الثلثان 3/ 2 = 16، وللعم الباقي: (5)؛ لأنه عصبة، والمسألة من (24)، وتصح من (72)؛ لأن عدد الزوجات (3) وعدد البنات (3)، فهما متماثلان، فأخذنا أحد المتماثلين وهو (3)، وضربناه في أصل المسألة وهو (24)، فبلغ (72) ومنها تصح، وكل من له شيء من السهام يأخذه مضروباً في المضروب بأصل المسألة، ويسمى هذا المضروب: جزء السهم. فتأخذ الزوجات: (9)، والبنات: (48)، والعم: (15) وهذا لمجرد التمثيل.

2ً - توافق العددين: أن يكون بين أعداد الرؤوس التي انكسرت عليهم سهامهم موافقة بجزء من الأجزاء، بحيث لا يعد أقلهما الأكثر، كالأربعة والستة، فإنهما متوافقان بالنصف، أي ينقسمان على اثنين، وكالثمانية والعشرين، فإنهما متوافقان بالنصف والربع، أي ينقسمان على اثنين وأربعة.
وإذا توافق العددان، فيضرب الوَفْق الأعلى في أصل المسألة، إن كانت عادلة غير عائلة، أو في عولها إن كانت عائلة، ومنها تصح، مثل:
4 زوجات: 8/ 1، 6 بنات: 3/ 2، عم الباقي: للزوجات (3)، وللبنات (16)، وللعم (5)، والمسألة من (24)، وسهام الزوجات في هذه المسألة لا تنقسم عليهن، وسهام البنات (16) لا تنقسم عليهن، وبين عدد الزوجات وبين عدد البنات موافقة بالنصف، فنضرب وفق أحدهما في كامل الآخر (2 × 6 = 12)، فيبلغ الحاصل اثني عشر، فهذا هو جزء السهم، نضربه في أصل المسألة وهو (24) فتصح من (288) وكل من له شيء من السهام، يأخذه مضروباً في جزء السهم وهو (12)، فللزوجات (6 3)، وللبنات (192)، وللعم (60).

3ً - تداخل العددين: هو أن ينقسم على الأقل قسمة صحيحة، بحيث لا يبقى من الأكثر شيء، كثلاثة وستة: (3، 6).

(10/7838)


فإذا قسمنا الستة على الثلاثة مرتين، فلا يبقى منها شيء، أو نزيد على الأقل مثله أو أمثاله، فيساوي الأكثر، فإن زدنا على الثلاثة في المثال المذكور ثلاثة أخرى، فيساوي ذلك العدد الأكثر.
فيؤخذ الأكبر من العددين المتداخلين وهو ستة؛ لأن الثلاثة داخلة في الستة، فنكتفي بها، ونضربها في أصل المسألة، مثل: (3) زوجات: 8/ 1، (6) بنات: 3/ 2، عم: الباقي، للزوجات (3)، وللبنات (16)، وللعم (5)، والمسألة من (24)، وعدد الزوجات وعدد البنات متداخلان، فيكفي أن نأخذ أكبرهما، ونضربه في أصل المسألة (6 × 24 = 144)، فتصح من (144)، وكل من له شيء من السهام يأخذه مضروباً بالستة التي هي جزء السهم، فيكون للزوجات (18)، وللبنات (96)، وللعم (30).وهذا لمجرد التمثيل.

4ً - تباين العددين: ألا يعد العددين المختلفين معاً عدد ثالث، كالتسعة والعشرة، وإذا تباين العددان، يضرب أحدهما في الآخر، والحاصل في أصل المسألة إن لم تكن عائلة، وفي عولها إن كانت عائلة، مثل:
(2) زوجة: 8/ 1، (3) بنات: 3/ 2، وعم: الباقي، والمسألة من (24) وعدد الزوجات وعدد البنات متباينان، فنضرب عدد رؤوس الزوجات وهو (2) في عدد رؤوس البنات وهو (3) يبلغ ستة، فهو جزء السهم، يضرب في أصل المسألة، فتصبح المسألة من (144)، ومنها تصح، فيعطى للزوجتين (3 × 6 = 18)، وللبنات الثلاثة: (16 × 6 = 96)، وللعم (5 × 6 = 30).
ومثل (2) زوجة 8/ 1، و (3) أخوات 3/ 2، 2 عم، الأصل (12)، للزوجتين (3)، وللأخوات (8) فرضاً، وللعمين (1) تعصيباً، وبين عدد الزوجات وعدد الأخوات تباين، فيضرب أحدهما في الآخر (2 × 3 = 6)، وهو

(10/7839)


جزء السهم، ثم يضرب الحاصل في (12): (6 × 12 = 72)، ومنها تصح، ثم نضرب سهام الورثة بـ (6) فيكون للزوجات: (18)، وللأخوات: (48)، وللعم: (6).

النوع الثاني ـ حالة الانكسار في طائفة واحدة من الورثة:
ينظر في هذه الحالة إلى النسبة بين السهام المنكسرة وعدد الرؤوس:
1ً - فإن انقسمت السهام بلا كسر مثل: (3) زوجات، وأم، وأختين لأم، المسألة من (12) فلا تصحيح، ويكون للزوجات الربع (3) من (12)، وللأم السدس (2)، وللأختين لأم الثلث (4)، ويعطى لكل زوجة (1) ولكل واحدة من الأختين (2).
وعلى هذا إن كان سهام كل من الورثة منقسمة عليهم بلا كسر، فلا حاجة إلى الضرب، كأبوين وبنتين، المسألة من ستة، لكل من الأبوين سدسها، وهو واحد، وللبنتين الثلثان، أي أربعة، لكل واحدة منهما اثنان.
2ً - وإن كان بينهما توافق أو تداخل، فيضرب جزء السهم (وهو في حالة التداخل حاصل قسمة عدد الرؤوس على السهام، وفي حالة التوافق وَفْق عدد رؤوسهم في أصل المسألة أو في عولها إن عالت) وتصح المسألة من الناتج، مثال التداخل:
(8) بنات 3/ 2، وأم 6/ 1: أصل المسألة من (6) وترد إلى (5)، والسهام للبنات (4)، وللأم (1)، وبين سهام البنات 4 وعددهم 8 تداخل، وجزء السهم (8 ÷ 4= 2)، ثم يضرب (2 × 5) أصل المسألة: (10)، ومنه تصح المسألة، ويكون للبنات (4 × 2 = 8)، وللأم (1× 2 = 2).

(10/7840)


ومثال التوافق: (6) بنات 3/ 2، وأم 6/ 1: أصل المسألة من (5)، للبنات (4)، وللأم (1)، وجزء السهم هنا (6)، يضرب في (5)، فتصح المسألة من (30)، للبنات (6×4= 24) لكل بنت (4)، وللأم (1× 6 = 6).
3ً - وإن كان بينهما تباين: فجزء السهم هو كل عدد الرؤوس: مثل: (5) بنات 3/ 2 وأب 6/ 1 والتعصيب، أصل المسألة من (6)، للبنات (4)، وللأب (2)، وجزء السهم (5 × 6 = 30)، منه تصح، فيعطى للبنات (4 × 5 = 20)، وللأب (2 × 5= 10).

بيان طريقة التصحيح إجمالا ً:
الخلاصة: هناك أصول أربعة بين الرؤوس والرؤوس، في حالة انكسار السهام على أكثر من طائفة، وهي التماثل، والتوافق، والتداخل، والتباين.
وأصول ثلاثة في حالة انكسار السهام على طائفة واحدة فقط: وهي أن تستقيم قسمة السهام على الورثة بلا كسر، وأن يكون بين السهام والرؤوس توافق أو تداخل، وأن يكون بين السهام والرؤوس مباينة.
ويقال في ذلك: يحتاج في تصحيح المسائل لمعرفة سبعة أصول: ثلاثة بين السهام والرؤوس، وأربعة بين الرؤوس والرؤوس.

النوع الأول ـ الانكسار بين السهام والرؤوس:
1 ً - إما أن تستقيم السهام على الورثة فتصح من أصلها بلا تصحيح، كأبوين وابنين. وهذا هو الأصل الأول. أو لا تستقيم، وفي هذه الحالة:
إما أن يكون الكسر على طائفة واحدة، أو يكون الكسر على طائفتين فأكثر.

(10/7841)


فإن كان الكسر على طائفة واحدة:
2ً - فإما أن يكون بين السهام والرؤوس موافقة: فيضرب وَفْق عدد رؤوسهم في أصل المسألة، ومنها تصح، كأم وأب وعشر بنات، المسألة من (6)، لكل من الأب والأم السدس، وللبنات الثلثان، وبين سهام البنات ورؤوسهن موافقة بالنصف، فضربنا وفق عدد البنات وهو (5) في أصل المسألة (6)، فيبلغ (30)، ومنها تصح، وهذا هو الأصل الثاني.
3ً - وإما أن يكون بين السهام والرؤوس مباينة: فيضرب عدد رؤوسهم في أصل المسألة، ومنها تصح، كزوج وجدة و (3) إخوة لأم، المسألة من (6)، للزوج النصف (3)، وللجدة السدس (1)، وللإخوة الثلث (2)، فيضرب عدد الإخوة (3 × 6 أصل المسألة = 18) ومنها تصح، وهذا هو الأصل الثالث.

النوع الثاني ـ أن تنكسر السهام على طائفتين فأكثر:
لا يخلو الحال من أحد أمور:
إما أن يكون بين أعداد رؤوسهم مماثلة، أو مداخلة، أو موافقة، أو مباينة.

4 - ففي الحالة الأولى ـ التماثل: يؤخد أحد المتماثلين، ويضرب في أصل المسألة: كست بنات، و (3) جدات، و (3) أعمام، وهذا هو الأصل الرابع.
فالمسألة من (6)، للبنات 3/ 2 = (4)، وللجدات 6/ 1 = (1)، وللأعمام الباقي= (1). ونصيب البنات لا ينقسم عليهن، وبين سهامهن وعدد رؤوسهن توافق بالنصف، فرددنا عدد رؤوسهن إلى الوفق وهو (3)، ونظرنا بين هذا العدد وعدد الجدات والأعمام الذين انكسرت عليهم سهامهم، ولم تنقسم، فاجتمع

(10/7842)


معنا ثلاث فرق متماثلة: فرقة البنات، وفرقة الجدات، وفرقة الأعمام، فاكتفينا بأحد المتماثلات وهو (3)، وضربناه في أصل المسألة، فصار (18)، ومنها تصح.
ويكون للبنات (4 × 3 = جزء السهم = 12)، لكل بنت سهمان.
وللجدات (1 × 3 جزء السهم = 3)، لكل عم سهم.
وللأعمام (1 × 3 جزء السهم = 3)، لكل عم سهم.

5 - وفي الحالة الثانية - التداخل: وهي أن يكون بعض أعداد الرؤوس متداخلاً في الآخر، فيضرب ما هو أكثر تلك الأعداد المتداخلة في أصل المسألة، فما بلغ تصح منه المسألة، وهذا هو الأصل الخامس.
كأربع زوجات: 4/ 1، و (3) جدات: 6/ 1، (12) عماً: الباقي. فالمسألة من (12)، للزوجات (3)، وللجدات (2)، وللأعمام الباقي (7). وسهام كل من الزوجات والجدات والأعمام غير منقسم عليهن. ونظرنا بين أعداد الرؤوس، فرأينا أن عدد الزوجات داخل في عدد الأعمام، وعدد الجدات داخل أيضاً في عدد الأعمام، فاكتفينا بالأكبر وهو (12)، وضربناه في أصل المسألة وهو (12)، فبلغ (144)، ومنها تصح.
ويكون للزوجات: (3 × 12 = 36)، لكل زوجة (9).
وللجدات (2 × 12 = 24)، لكل جدة (8).
وللأعمام (7 × 12 = 84)، لكل واحد منهم (7).

6 - وفي الحالة الثالثة ـ التوافق: أن تكون بعض أعداد المنكسرة سهامهم موافقة للبعض الآخر، وهذا هو الأصل السادس.

(10/7843)


مثل (4) زوجات: 8/ 1، و (18) بنتا: 3/ 2، و (15) جدة: 6/ 1، و (6) أعمام: الباقي. وأصل المسألة من (24)، وبين سهام الزوجات ورؤوسهن تباين، وبين سهام الأعمام ورؤوسهم تباين أيضاً، وبين سهام الجدات وعددهن تباين أيضاً، وبين عدد البنات وسهامهن توافق بالنصف، فرددنا عدد البنات إلى الوَفق وهو (9) فاجتمع معنا (4) عدد الزوجات، (9) عدد البنات، و (15) عدد الجدات، و (6) عدد الأعمام.
وبين الأربعة والتسعة تباين، فضربنا أحدهما بكامل الآخر، فصار ستة وثلاثين (36).
والـ 6 داخلة فيه، وبين الـ 36 والـ 15 عدد الجدات توافق بالثلث أي (12) ثلث الـ 36، و (5) ثلث الـ 15، فضربنا وَفْق أحدهما بكامل الآخر، أي (5 × 36)، فبلغ (180)، ثم ضربناه في أصل المسألة (24)، فصارت (4320) ومنها تصح، فكل من له شيء من السهام يأخذه مضروباً في جزء السهم (180)، فللزوجات (540 أي 3 × 180)، لكل زوجة (135)، وللبنات (2880)، لكل بنت (160)، وللجدات (720) لكل جدة (48)، وللأعمام (180) لكل عم (30).

7 - وفي الحالة الرابعة ـ التباين: وهو أن تكون أعداد الرؤوس المنكسرة عليهم سهامهم مباينة للفريق الآخر، فيضرب أحدهما في الثاني، وهكذا، فيضرب المجموع في أصل المسألة، وهذا هو الأصل السابع.
مثل زوجتين 8/ 1، (6) جدات 6/ 1، و (10) بنات 3/ 2، و (7) أعمام: الباقي. وأصل المسألة من (24)، للزوجتين الثمن وهو ثلاثة لا يقسم

(10/7844)


عليهما، وبين رؤوسهما وسهامهما مباينة، فأخذنا عدد رؤوسهما وهو اثنان. وللجدات الست السدس وهو أربعة، فلا يستقيم عليهن، وبين عددي رؤوسهن وسهامهن موافقة بالنصف، فأخذنا نصف عدد رؤوسهن وهو ثلاثة.
وللبنات العشرة: الثلثان وهو ستة عشر، فلا يستقيم عليهن، وبين رؤوسهن وسهامهن موافقة بالنصف، فأخذنا نصف عدد رؤوسهن وهو خمسة. والأعمام السبعة: الباقي وهو واحد (1) لا يستقيم عليهن، وبينه وبين عدد رؤوسهم مباينة، فأخذنا عدد رؤوسهم وهو سبعة، فصار معنا من الأعداد المأخوذة: اثنان وثلاثة وخمسة وسبعة (2، 3، 5، 7) وهذه أعداد كلها متباينة.
فضربناها ببعضها، فبلغ (210)، ثم ضربنا هذا المبلغ في أصل المسألة وهو (24)، فصار المجموع (5040) ومنه تصح.
فللزوجتين (630) لكل زوجة (315).
وللجدات الستة (840) لكل جدة (140).
وللبنات العشرة (3360) لكل بنت (336).
وللأعمام السبعة (210) لكل عم (30).

رابعاً ـ قسمة التركة بين الورثة أو الغرماء (الدائنين): لا يخلو أن يكون بين التركة وتصحيح المسائل أحد النسب الأربع السابقة، فإن كانت المماثلة فالأمر ظاهر. وإن لم تكن بينهما مماثلة: فإما أن يكون أحدهما مبايناً للآخر، أو موافقاً له (1).
_________
(1) السراجية: ص 121 - 126.

(10/7845)


ف في حالة التباين: نضرب سهام كل وارث من التصحيح، أي أصل المسألة أو عولها في جميع التركة، ثم نقسم المبلغ على التصحيح، فالخارج نصيب ذلك الوارث. مثل: زوج، وأم، وأختين شقيقتين: والمسألة من (6) للزوج النصف (3)، وللأم السدس (1)، وللأختين الثلثان (4)، تعول إلى (8) وهو التصحيح.
فإذا كانت التركة (25) ديناراً، نضرب نصيب الزوج وهو (3) في جميع التركة = (75)، ثم نقسم المبلغ على التصحيح وهو (8)، يخرج 8/ 3 (9) دينار، وإذا ضربنا نصيب الأم وهو (1) في جميع التركة (25 = 25)، ثم نقسم المبلغ على التصحيح وهو (8) يخرج 8/ 1 (3) دينار، وإذا ضربنا نصيب الأختين وهو (4) في جميع التركة (25 = 100)، ثم نقسم المبلغ على التصحيح وهو (8)، فيخرج 8/ 4 (12)، أي 4/ 1 (6) دينار لكل أخت من التركة.

وفي حالة التوافق: نضرب سهام كل وارث من التصحيح في وَفْق التركة، ثم نقسم الحاصل على وفق التصحيح، فالخارج: نصيب ذلك الوارث.
ففي المثال السابق إذا كانت التركة 50 ديناراً، إذا ضربنا سهام الزوج وهو (3) في وفق التركة وهو (25) يحصل (75)، ثم نقسم على وفق التصحيح وهو (4) يخرج نصيب الزوج وهو 8/ 6 (18)، ويكون نصيب الأم 8/ 2 (6)، ويكون نصيب الأختين (25).
وإذا كان في التركة كسر: فالقاعدة أن نبسط التركة لتصير من جنس واحد، فنضرب الصحيح من التركة في مخرج الكسر، ونزيد على الحاصل ذلك الكسر، ثم نضرب العدد الذي صحت منه المسألة في مخرج كسر التركة، ثم نعمل بالحاصلين كما سبق، فيكون الخارج نصيب الوارث الواحد.
فلو فرضنا أن التركة في المثال السابق (25) ديناراً وثلث، فنضرب (25) في

(10/7846)


مخرج الثلث وهو (3) يحصل (75)، فنزيد عليه الكسر وهو (1)، فيصير المجموع (76)، ونضرب (8) التي هي التصحيح في (3) أيضاً يحصل (24)، فإذا ضربنا نصيب كل وارث من (8) في (76)، وقسمنا الخارج على (24)، كان الناتج هو حصة ذلك الوارث، كأن التركة كانت (76) عدداً صحيحاً، وكأن أصل المسألة (24).

قضاء الديون: أما طريق وفاء الديون إن لم تف بها التركة، مع تعدد الغرماء، فيجعل دين كل واحد بمنزلة سهام كل وارث من تصحيح المسألة، ويجعل مجموع الديون بمنزلة مجموع التصحيح.
فلو مات شخص عن (9) دنانير، وكان عليه (15) ديناراً، لدائن عشرة دنانير، ولآخر خمسة، فالخمسة عشر بمنزلة التصحيح، وبينها وبين التسعة دنانير موافقة بالثلث، فإذا ضربنا دين من له (10) دنانير في وفق التسعة وهو (3) حصل (30)، فإذا قسمناه على وفق التصحيح وهو خمسة، كان الخارج (6) نصيب من كان له عشرة، وكان من له خمسة دنانير (3).
ولو فرضنا أن التركة كانت (13) ديناراً، كان بينها وبين التصحيح مباينة، فحينئذ نضرب دين صاحب العشرة في كل التركة، أي (13) فيحصل (130)، فإذا قسمنا على التصحيح وهو (15)، كان الخارج وهو 8/ 2 (8)، وهكذا الثاني.

خامساً ـ طرق قسمة التركة: لقسمة التركة طرق ثلاث: 1 - الضرب، 2 - القسمة، 3 - النسبة، ويضاف طريقة رابعة (1).
_________
(1) الرحبية: ص 71 - 72، المغني: 200/ 6، كشاف القناع: 496/ 4 ومابعدها.

(10/7847)


1 - طريقة الضرب: لو مات عن زوجة وأم وعم، المسألة من (12)، للزوجة 4/ 1 = (3)، وللأم 3/ 1 = (4)، وللعم الباقي وكانت التركة (24) ديناراً، فالمسألة من (12) سهماً، فنضرب سهام كل وارث في التركة، ونقسم الحاصل على أصل المسألة، فما خرج فهو نصيب ذلك الوارث، فنصيب الزوجة (3×24= 72÷12= 6)، وهكذا يعمل في نصيب الأم والعم.
2 - طريقة القسمة: أن نقسم التركة على المسألة، ونضرب الخارج في سهام كل وارث، فيحصل نصيبه.
ففي المثال المذكور: إذا قسمنا التركة على المسألة، يحصل (2)، فكل من له شيء في المسألة، يأخذه مضروباً بـ (2) فما بلغ هو نصيبه، فنصيب الزوجة: (3×2=6) وهكذا الباقي.

3 - طريقة النسبة: وهي أن تَنسب سهام كل وارث من المسألة إليها، وتأخذ من التركة بتلك النسبة، فيكون المأخوذ حصته. فنسبة سهام الزوجة للمسألة الربع، أي (3 من 12)، فيؤخذ لها ربع التركة، وهو ستة من (24)، وهكذا الأم لها الثلث، أي (4 من 12)، فيؤخذ لها ثمانية من (24)، ونسبة سهام العم فيها ربع وسدس، فيعطى بتلك النسبة، ويؤخذ من التركة الربع ستة، والسدس أربعة، ويكون المجموع عشرة من (24).
4 - طريقة الرد إلى الوفق: إذا كان بين السهام والتركة موافقة، فرُدَّ كلاً منهما إلى وَفْقه، فترد السهام إلى وفقها.
ففي المثال السابق: ننظر بين سهام المسألة وهو (12) والتركة وهي (24)، فنجد بينهما موافقة بنصف السدس، فترد السهام إلى وفقها وهو نصف سدس أي واحد (1)، وترد التركة إلى نصف سدسها وهو اثنان (2)، ونضرب سهام كل

(10/7848)


وارث في وَفْق التركة، فما بلغ فهو نصيبه، فإذا ضربنا سهام الزوجة وهي ثلاثة (3) في وفق التركة وهو اثنان (2) يحصل ستة، هي نصيبها من التركة، وهكذا البقية: وهي تشبه طريقة القسمة.

أمثلة:
1 -
.................. 24 (أصل المسألة) ... 144 (التركة)،6 (نتيجة قسمة التركة على أصل المسألة)
....... 8/ 1 زوجتين ....... 3 ................. 18
....... 2/ 1 بنت ......... 12 ................ 72
....... 6/ 1 3بنات ابن ... 4 ................. 24
....... م أخ لأم ....... محجوب ............... 0
... والباقي (با) أب ........ 4+1 .............. 30
2 -
......................... 24/ 60 .......... 1440 (التركة)
..... 8/ 1 4زوجات ....... 3 ................ 180
.... 3/ 2 5بنات .......... 16 ............... 960
.... 6/ 1 3جدات ......... 4 ................. 240
...... با أخ شقيق .......... 1 .................. 60
3 -
...................... 9/ 12 .............. 108 (التركة)
......... 4/ 1زوج ......... 3 .................. 27
......... با ابن+3بنات ..... 5 ................. ابن30بنات15
....... 6/ 1 أم ............. 2 ................... 18
....... 6/ 1 أب ........... 2 ................... 18
4 -
...................... 30/ 6 ................ 180 (التركة)
........ 6/ 1 جدتين ....... 1 .................. 30
....... 3/ 1 3أخوة لأم .... 2 ................. 60
........ با 5أعمام ......... 3 ................ 90
5 -
.............................. 6/ 3 ................ 18 (التركة)
......... با بنت ابن .......... //// .................... 1
....... 3/ 2 بنتين .............. 4 ................... 12
......... م جدة ............... 0 ..................... 0
..... 6/ 1 أم .................. 1 ..................... 3
....... با ابن ابن ............ //// ..................... 2

(10/7849)