الفقه
الإسلامي وأدلته للزحيلي الفَصْلَ الخامس عَشر: توريث ذوي الأرحام:
تعريفهم، مذاهب العلماء في توريثهم، أصنافهم ومراتبهم، قواعد توريثهم (1).
أولاً ـ تعريف ذوي الأرحام: ذو الرحم لغة: هو صاحب القرابة مطلقاً، أي سواء
أكان صاحب فرض، أم عصبة أم غيرهما.
وفي اصطلاح علماء الميراث (الفرضيين): هو كل قريب ليس بصاحب فرض ولا عصبة،
يحرز جميع المال عند الانفراد، مثل أولاد البنات، وأولاد الأخوات وبنات
الإخوة والجد الرحمي (غير الصحيح) والجدة الرحمية (غير
_________
(1) المبسوط: 2/ 30 - 27، السراجية: ص 163 - 204، تبيين الحقائق: 241/ 6 -
243، اللباب: 200/ 4، الدر المختار: 559/ 5 - 563، الشرح الصغير: 630/ 4،
مغني المحتاج: 7/ 3 - 8، كشاف القناع: 474/ 4، المغني: 229/ 6 - 252.
(10/7850)
الصحيحة) (1)، والخال والخالة، ونحوهم من
كل قريب ليس عصبة ولا صاحب فرض.
ثانياً ـ مذاهب العلماء في توريثهم: اختلف الفقهاء في توريث ذوي الأرحام
على رأيين:
1ً
- فذهب أبو حنيفة وأحمد: إلى توريثهم،
وهو رأي عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم، لقوله تعالى:
{وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله} [الأحزاب:6/ 33] ومعنى الآية
أن بعضهم أولى ببعض فيما كتب الله تعالى وحكم به، وهو يشمل كل الأقرباء،
سواء أكانوا ذوي فروض أم عصبات، أم لا، وقد بينت آية الفرائض ميراث ذوي
الفروض والعصبات، فكان الباقون من ذوي الأرحام أولى من غيرهم بالتركة أو
بما بقي منها. وهذه الآية نسخت التوارث بالمؤاخاة، كما كان في بدء الهجرة
إلى المدينة، وتوارث الناس بعد هذه الآية بالنسب، كما روى الدارقطني عن ابن
عباس.
ولقوله صلّى الله عليه وسلم: «ابن أخت القوم منهم» (2) وقوله عليه الصلاة
والسلام: «من ترك مالاً فلورثته، وأنا وارث من لا وارث له، أعقل (3) عنه
وأرثه، والخال وارث من لا وارث له، يعقل عنه ويرثه» (4).
_________
(1) ويسمى ذلك عند الفقهاء الجد الفاسد: وهو من يتصل إلى الميت بأم، والجدة
الفاسدة: وهي من يدخل في نسبتها إلى الميت أب بين أمين.
(2) رواه البخاري ومسلم.
(3) العقل هنا: أي دفع دية القتيل خطأ.
(4) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والحاكم وابن حبان وصححه،
وحسنه أبو زرعة الرازي، وأعله البيهقي بالاضطراب، وذلك عن المقدام بن
مَعْدِ يَكْرب (نيل الأوطار: 62/ 6).
(10/7851)
ولما ثبت من الوقائع في عهد الرسول صلّى
الله عليه وسلم والصحابة من بعده من توريث ذوي الأرحام.
منها: أن ثابت بن دَحْدَاح مات في حياة النبي صلّى الله عليه وسلم، وكان
ثابت غريباً لايعرف من هو؟ فقال صلّى الله عليه وسلم لعاصم بن عدي: «هل
تعرفون له فيكم نسباً؟ قال: لا، يا رسول الله، فدعا ابن أخته أبا لبابة بن
عبد المنذر، فأعطاه ميراثه» (1).
ومنها: أن أبا عبيدة بن الجراح كتب إلى عمر، يسأله عمن يرث سهل بن حنيف حين
قتل، ولم يكن له من الأقارب إلا خال، فأجابه عمر بأن النبي صلّى الله عليه
وسلم قال: «الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له»
(2).
وروي عن عمر في رجل مات وترك عماً لأم، وأخاً، فأعطى العم الثلثين، وأعطى
الخال الثلث.
وقضى عبد الله بن مسعود فيمن ترك عمة وخالة: بأن للعمة الثلثين، وللخالة
الثلث.
هذا كله يدل على توريث ذوي الأرحام. وهو الذي اعتمده متأخرو المالكية بعد
المئتين من الهجرة، وأفتى به متأخرو الشافعية منذ القرن الرابع الهجري إذا
لم ينتظم بيت المال، بحيث لم يعد يأخذ المستحقون فيه نصيبهم منه، وتصرف
أموالهم في غير مصارفها.
وأخذ به القانون المصري (م 31 - 38) والسوري (م 289 - 297).
_________
(1) رواه سعيد بن منصور، وأبو عبيد في الأموال، إلا أنه قال: «ولم يخلف إلا
ابن أخ له، فقضى النبي صلّى الله عليه وسلم بميراثه لابن أخيه».
(2) رواه أحمد وابن ماجه، وللترمذي منه المرفوع، وقال حديث حسن، وهو من
حديث أبي أمامة بن سهل (نيل الأوطار: 62/ 6).
(10/7852)
فيكون المقرر في المذاهب الأربعة وفي
القوانين النافذة هو توريث ذوي الأرحام.
2ً
- وذهب مالك والشافعي: إلى أن ذوي
الأرحام لا يرثون، فإذا مات شخص من غير ذي فرض ولا عصبة، وله ذو رحم، ردت
التركة إلى بيت المال.
وهذا رأي زيد بن ثابت وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير، وأخذ به الأوزاعي
وأبو ثور وداود وابن جرير الطبري.
واستدلوا بأن الله تعالى ذكر في آيات المواريث نصيب أصحاب الفروض والعصبات،
ولم يذكر لذوي الأرحام شيئاً، ولو كان لهم حق لبينه، قال الله تعالى: {وما
كان ربك نسياً} [مريم:64/ 19] وقال صلّى الله عليه وسلم: «إن الله أعطى لكل
ذي حق حقه» (1).
وأيضاً سئل عليه الصلاة والسلام عن ميراث العمة والخالة، فقال: «أخبرني
جبريل أن لا شيء لهما» (2).
ويلاحظ أن ما تمسك به هؤلاء النافون من الحديث هو مرسل (3)، لا يحتج به،
ولو صح وصله، يكون التوفيق بينه وبين ما رواه المثبتون أن نفي الميراث عن
العمة والخالة، كان قبل نزول آية الأنفال: {وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض
في كتاب الله} [الأحزاب:6/ 33] أي أن العمة والخالة ليس لهما فرض مقدر،
_________
(1) رواه الترمذي وغيره.
(2) رواه أبو داود في المراسيل.
(3) المرسل: هو ما رفعه التابعي إلى الرسول الله صلّى الله عليه وسلم من
قول أو فعل أو تقرير، صغيراً كان التابعي أو كبيراً. أو ما رفعه غير
الصحابي.
(10/7853)
أو لا يرثان مع عصبة ولا مع ذي فرض يرد
عليه، فإن الرد على ذوي الفروض مقدم على توريث ذوي الأرحام، ولكنهم يرثون
مع من لا يرد عليه وهما الزوجان.
ثالثاً ـ أصناف ذوي الأرحام ومراتبهم: التصنيف المشهور ذو الطريقة الحسنة
لذوي الأرحام يحصرهم في أربعة أصناف، وقد أخذ به القانون المصري (م 31)
والسوري (م 290).
الصنف الأول ـ من كان من فروع الميت الذين
يدلون إليه بواسطة الأنثى، وهم نوعان: أولاد البنات وأولاد بنات
الابن، وإن نزلوا ذكوراً وإناثاً، مثل بنت البنت، وبنت ابن البنت، وابن بنت
الابن، وبنت بنت الابن، وهكذا نزولاً.
الصنف الثاني ـ من كان من أصول الميت الذين
يتصلون به بواسطة الأنثى، سواء أكانوا رجالاً وهم الأجداد الرحميون،
أم نساء، وهن الجدات الرحميات، مثل أبي أم الميت، وأبي أبي الأم، وأم أبي
أم الميت، وأم أم أبي أم الميت، سواء أكان كل من الجد والجدة قريباً أم
بعيداً، وهكذا علواً. فهم نوعان أيضاً.
الصنف الثالث ـ من كان من فروع أبوي الميت،
وهم الإخوة والأخوات وهم ثلاثة أنواع:
أـ أولاد الأخوات وإن نزلوا مطلقاً، أي سواء كن شقيقات، أو لأب، أو لأم،
مثل ابن الأخت، وبنت الأخت، وابن بنت الأخت، وبنت ابن الأخت، وهكذا نزولاً.
(10/7854)
ب ـ بنات الإخوة وإن نزلوا مطلقاً، أي سواء
أكانوا أشقاء أم لأب، مثل بنت الأخ الشقيق، وبنت الأخ لأب، وابن بنت الأخ
الشقيق أو لأب، وهكذا نزولاً. أما أبناء الإخوة الذكور فهم عصبة، كما تقدم.
جـ ـ أولاد الإخوة لأم وإن نزلوا، مثل ابن أخ لأم، وبنت أخ لأم، وبنت ابن
أخ لأم، وابن بنت الأخ لأم، وهكذا نزولاً.
الصنف الرابع ـ من كان من فروع أحد أجداد الميت
أو جداته الذين ليسوا بأصحاب فروض ولا عصبة، سواء أكانوا قريبين أم
بعيدين، وهم ست طوائف مرتبين في الاستحقاق على النحو التالي:
الأولى ـ الأعمام لأم، والعمات مطلقاً، أي سواء كن شقيقات أو لأب أو لأم،
والأخوال والخالات مطلقاً، أي سواء كانوا أشقاء أو لأب أو لأم، أما الأعمام
لأبوين أو لأب فهم من العصبات.
الثانية ـ أولاد الطائفة السابقة وإن نزلوا، وبنات أعمام الميت الأشقاء أو
لأب، وبنات أبنائهم وإن نزلوا، وأولاد من ذكرن وإن نزلوا.
الثالثة ـ أعمام أبي الميت لأم، وعماته، وأخواله وخالاته جميعاً، وهؤلاء
قرابتهم من جهة الأب. وأعمام أم الميت وعماتها وأخوالها وخالاتها، وهؤلاء
قرابتهم من جهة الأم.
الرابعة ـ أولاد من ذكروا في الطائفة السابقة وإن نزلوا، وبنات أعمام أبي
الميت الأشقاء أو لأب، وبنات أبنائهم وإن نزلوا، وأولاد هؤلاء جميعاً وإن
نزلوا.
الخامسة ـ أعمام أبي أبي الميت لأم، وعماته وأخواله وخالاته، وأعمام أم أبي
الميت وعماتها، وأخوالها وخالاتها، وقرابة هؤلاء من جهة الأب. وأعمام أبي
أم الميت، وعماته وأخواله وخالاته، وأعمام أم أم الميت وعماتها، وأخوالها
وخالاتها، وقرابة هؤلاء من جهة الأم.
(10/7855)
السادسة ـ أولاد من ذكروا في الطائفة
السابقة وإن نزلوا، وبنات أعمام أبي أبي الميت الأشقاء أو لأب، وبنات
أبنائهم وإن نزلوا، وأولاد من ذكرن وإن نزلوا وهكذا.
ترتيب أصناف ذوي الأرحام:
أصناف ذوي الأرحام مرتبة في الإرث بحسب ترتيب ذكرهم السابق، كترتيب العصبات
المحضة أو بالنفس.
تقديم الصنف الأول على الثاني، وهو على الثالث، وهو على الرابع ومن يلحق
به، فعمومة نفس الميت وخؤولته مقدمة على عمومة أبيه وجده وخؤولتهما، كما
تقدم.
وذلك كترتيب العصبات بالنفس، فكما لا يرث أحد بعصوبة الأب فما بعدها، ما
دام أحد من جهة البنوة، فكذلك هنا.
وهذا يسمى عندهم التقديم بالجهة، أي أن جهة الفرع مقدمة على جهة الأصل،
وهذه مقدمة على جهة الأخوة، وهذه مقدمة على جهة العمومة والخؤولة، ومتى وجد
شخص واحد من أي جهة، استحق جميع المال بعد فرض أحد الزوجين.
وإن وجد شخصان فأكثر، فيحتاج الأمر إلى تفصيل كل صنف على حدة.
أمثلة على ترتيب الأصناف:
-1 بنت بنت وأبو أم المال لبنت البنت؛ لأنها فرع الميت وهو الصنف الأول،
وهو مقدم على أب الأم؛ لأنه من الصنف الثاني.
(10/7856)
2 - أبو أم وبنت أخت المال لأبي الأم؛ لأنه
من الصنف الثاني، فقدم على بنت الأخت؛ لأنها من الصنف الثالث.
3 - بنت أخت وعم لأم المال لبنت الأخت؛ لأنها من الصنف الثالث، فقدم على
العم لأم؛ لأنه من الصنف الرابع، وهكذا.
رابعاً ـ قواعد توريث ذوي الأرحام: هناك ثلاثة مذاهب أو طرق في توريث ذوي
الأرحام:
المذهب الأول ـ طريقة أهل الرحم، ويسمى مذهب
التسوية:
وهي أن يسوى بين ذوي الأرحام في اقتسام التركة، لا فرق بين القريب والبعيد
والذكر والأنثى في العطاء، فلا يفرق بين من كان من الصنف الأول أو من كان
من الصنف الرابع، ولا يفرق بين الذكر والأنثى؛ لأنهم يستحقون الإرث بوصف
الرحمية، والجميع في هذا الوصف سواء.
فمن مات عن: ابن بنت، وبنت أخ، وبنت عم، قسم المال بينهم أثلاثاً، ومن مات
عن: بنت بنت، وابن بنت ابن عمة، كانت التركة بينهما نصفين، وإن كانت بنت
البنت أقرب إلى الميت من ابن بنت ابن العمة.
وقد هجرت هذه الطريقة عند الفقهاء، لبعدها عن المعقول، ومخالفتها لمبادئ
الشريعة في الميراث، ولم يقل بها إلا اثنان فقط: وهما حسن بن ميسر، ونوح بن
ذراح (1).
_________
(1) المبسوط للسرخسي: 4/ 30.
(10/7857)
المذهب الثاني ـ
طريقة أهل التنزيل:
يورثونهم بتنزيلهم منزلة أصولهم، ممن كانوا أصحاب فروض أو عصبات، فيفرز لهم
نصيبهم من التركة، كما لو كانوا هم الورثة الأحياء، ثم نعطي نصيب كل واحد
منهم إلى فروعه من ذوي الأرحام، للذكر مثل حظ الأنثيين.
فيجعل ولد البنت كالبنت، وولد الأخ كالأخ، وولد العم كالعم، فمن مات عن بنت
بنت، وبنت أخ، وبنت عم، يفرض كأن الميت مات عن بنت وأخ وعم، ويوزع المال
بين البنت والأخ فقط، أما العم فلا شيء له مع وجود الأخ، فتعطى بنت البنت
نصيب أمها وهو النصف فرضاً، وتعطى بنت الأخ نصيب أبيها وهو النصف تعصيباً.
واستثنوا من هذه القاعدة: الأخوال والخالات، فإنهم يُنَزّلون منزلة الأم،
وكذلك الأعمام لأم والعمات، ينزلون منزلة الأب، فمن مات عن خالة وعمة، كان
للخالة الثلث بمنزلة الأم، وللعمة الثلثان بمنزلة الأب الذي يأخذ الباقي.
والقائلون بهذه الطريقة علقمة ومسروق والشعبي من التابعين، وغير الحنفية
على المعتمد.
غير أن الحنابلة يسوون بين ذوي الأرحام ذكوراً وإناثاً، فيعطون نصيب المدلى
به من صاحب الفرض أو العصبة إلى ورثته من ذوي الأرحام، ذكورهم وإناثهم
سواء، إن كانوا من جهة واحدة كابن العمة وبنتها، القسمة بينهما بالسوية، لا
يفضل ذكر على أنثى.
وحجة أهل التنزيل: هي أن نسبة الاستحقاق في الإرث لا يمكن إثباتها بالرأي،
وليس عندنا نص أو إجماع في بيان نصيبهم من التركة، فلا سبيل لنا إلا إقامة
المدلي مقام المدلى به، فيعطى نصيبه.
(10/7858)
ويؤيد رأيهم ما روي عن ابن مسعود فيمن مات
عن بنت بنت، وبنت أخت: إن المال بينهما نصفان؛ لأن البنت والأخت لو كانتا
على قيد الحياة، تقاسمتا المال كذلك، فأعطيت بنت كل منهما نصيب أمها.
مثال: توفي شخص عن:
ابن بنت، وبنت بنت ابن، وبنت أخت شقيقة، وبنت أخت لأب: المسألة من (6)،
لأنا نفرض أن ذلك الشخص مات عن: بنت، وبنت ابن، وأخت شقيقة، وأخت لأب:
فللبنت النصف: ثلاثة (3)، ولبنت الابن السدس (1) وللشقيقة الباقي: سهمان،
ولا شيء للأخت لأب، ويعطى نصيب كل واحدة لأولادها، يقتسمونه بينهم، كأنها
ماتت عنهم.
المذهب الثالث ـ طريقة أهل القرابة:
وهي مذهب الحنفية، وبه أخد القانون المصري (م 32 - 38) والسوري (م 291 -
297): يورثون ذوي الأرحام كالعصبات، أي الأقرب فالأقرب إلى الميت.
سموا بذلك؛ لأنهم يقدمون في الإرث الأقرب، فالذي يليه في القرابة، قياساً
على العصبات، أي فالتوريث بقرب الدرجة كما في العصبات.
قال العلماء: مذهب أهل التنزيل أقيس من مذهب أهل القرابة، ومذهب أهل
القرابة أقوى، لذا كان عليه الفتوى عند الحنفية، واختار القانون المذكور في
التوزيع رأي أبي يوسف؛ لأنه المفتى به في المذهب لوضوحه، ولأنه الأيسر، وإن
كان قول محمد أصح.
(10/7859)
ففي المثال السابق على طريقة أهل التنزيل:
يكون المال كله على طريقة أهل القرابة لابن البنت.
وطريقة التقديم في العصبات تطبق في ذوي الأرحام، فيكون التقديم بالجهة
أولاً، ثم بالدرجة، ثم بالقوة.
غير أنه إذا اختلفت صفة الأصول بالذكورة والأنوثة، فهناك يختلف رأي أبي
يوسف، ورأي محمد.
وحجتهم: أن ذوي الأرحام عصبات بالنسبة إلى الميت، غير أنه إن كانوا ذكوراً
فهم عصبات حقيقيون، وإن توسط بينهم وبين الميت أنثى، فهم عصبات حكماً، وفي
ترتيب العصبات اعتبرنا حقيقة قوة القرابة، فقدمنا البنوَّة على الأبوة، ثم
هي على الأخوة، فكذلك ينبغي ترتيب العصبات حكماً.
ويؤيدهم أن علياً رضي الله عنه قضى فيمن ترك: بنت بنت، وبنت أخت، بأن المال
كله لبنت البنت، فدل على أنه يرى الترجيح بين ذوي الأرحام بقوة القرابة،
ولو كان يرى رأي أهل التنزيل لقضى بأن المال يقسم بينهما نصفين، كما أثر عن
ابن مسعود.
بيان قاعدة أهل القرابة في التوريث:
يتم توريث ذوي الأرحام بحسب الأصول الآتية (1):
1ً - إذا ترك الميت واحداً
فقط من ذوي الأرحام، حاز المال كله، من أي صنف كان، رجلاً أو امرأة، فمن
مات عن زوج وبنت عم، كان للزوج النصف،
_________
(1) أحكام المواريث للدكتور مصطفى السباعي: ص 142 - 163، نظام المواريث
للأستاذ عبد العظيم فياض: ص 194، أحكام المواريث للأستاذ عيسوي: ص 133.
(10/7860)
ولبنت العم الباقي وهو النصف، ولا يرد على
الزوج حتى في القانون لوجود ذي رحم. ومن مات عن زوجة وبنت أخ، كان للزوجة
الربع، ولا يرد عليها مع وجود أحد من ذوي الأرحام، ولبنت الأخ الباقي وهو
4/ 3.
2ً - يرث ذوو الأرحام بأن
يعطى للذكر مثل حظ الأنثيين، ولو كانوا أولاد أخ لأم.
3ً - إذا وجد من ذوي
الأرحام أصناف متعددة، قدم الصنف الأول على الثاني، والثاني على الثالث،
والثالث على الرابع، كترتيب العصبات تماماً، وهذا هو التقديم بالجهة.
فمن مات عن بنت بنت وجد رحمي (أب أم): كان المال كله للأولى؛ لأنها من فروع
الميت، وفروع الميت تقدم على أصوله.
ومن مات عن: جد رحمي، وبنت أخ شقيق، كان المال كله للجد؛ لأنه من الصنف
الثاني (أصول الميت) فيقدم على فروع أبويه.
ومن مات عن: بنت أخ، وعم لأم، وعمة شقيقة، كان المال كله لبنت الأخت؛ لأنها
من الصنف الثالث (فروع أبوي الميت) فتقدم على الصنف الرابع.
ومن مات عن: ابن بنت ابن، وجد هو أبو أب أم، فالمال كله للأول؛ لأنه من
الصنف الأول.
4ً - إن كان الوارثون من
ذوي الأرحام كلهم صنف واحد، فيورثون بحسب القواعد الآتية:
(10/7861)
قواعد توريث الصنف
الأول:
1 - التقديم بالدرجة: يقدم في الميراث
أقربهم درجة إلى الميت: فمن مات عن ابن بنت، وابن بنت ابن، كان المال كله
للأول؛ لأنه أقرب درجة من الثاني.
2 - التقديم بالإدلاء بصاحب فرض أو عصبة
(التقديم بالوارث): إن استووا في الدرجة، قدم من يدلي بصاحب فرض أو
عصبة، على من يدلي بذي رحم.
فمن مات عن: بنت بنت ابن، وابن بنت بنت، كان المال كله للأولى؛ لأنها بنت
صاحبة فرض بالسدس، فتكون أولى.
3 - للذكر ضعف الأنثى: إذا تساووا في
الدرجة، وفي الإدلاء بصاحب فرض، أو أدلى كلهم بذي رحم، كان المال بينهم
جميعاً للذكر ضعف الأنثى.
وهذا رأي أبي يوسف، وهو المفتى به عند الحنفية، وقد أخذ به القانون، فمن
مات عن ابن بنت بنت، وبنت ابن بنت، فالميراث بينهما أثلاثاً، ثلثاه للأول،
وثلثه للثانية؛ لأنهما استويا في الدرجة والإدلاء بذي فرض.
ومن مات عن بنت ابن بنت، وبنت بنت بنت، كان المال بينهما مناصفة؛ لأن
الوارثين استويا في الدرجة والإدلاء بذي رحم.
وعند محمد: يقسم المال على أول درجة وقع فيها الاختلاف بالذكورة والأنوثة،
ويجعل ما أصاب كل أصل لفرعه، إذا لم يحصل بعده اختلاف كما في المثال
المذكور، فيعطى للأول وهو ابن بنت البنت سهم واحد نصيب أمه، وللثانية وهي
بنت ابن البنت نصيب أبيها وهو سهمان.
فإن وقع اختلاف في أولادهن، فيقسم المال كما ذكر، ثم يجعل الذكور
(10/7862)
طائفة، والإناث طائفة أخرى، ويأخذ الصفة من
الأصل، والعدد من الفرع عند التعدد، مثل:
ابني بنت بنت بنت، وبنت ابن بنت بنت، وبنتي بنت ابن بنت:
فعند أبي يوسف: يقسم المال أسباعاً على الفروع، باعتبار الذكورة والأنوثة؛
لأن الابنين كأربع بنات، ومعهما ثلاث بنات أخرى، فالمجموع كسبع بنات، لكل
بنت سهم، ولكل ابن سهمان.
وعند محمد: يقسم المال على أول درجة وقع فيها الاختلاف، وهي في المثال
المذكور البطن الثاني، فيقسم المال عليهما أسباعاً بحسب عدد الفروع، فالبنت
الأولى في الدرجة الثانية كبنتين لتعدد فرعها، والبنت الثانية في الدرجة
الثانية على حالتها لعدم تعدد فرعها، والابن في الدرجة الثانية كابنين
لتعدد فرعه، فهو كأربع بنات، فله 4، وللبنتين الأولى والثانية ثلاثة. ثم
يجعل الذكور طائفة، والإناث طائفة أخرى، فيعطى أربعة أسباع ابن البنت لبنتي
بنته، لعدم الاختلاف، وثلاثة أسباع البنتين في الدرجة الثانية لولديهما في
الدرجة الثالثة مناصفة؛ لأن البنت كبنتين لتعدد فروعهما، فساوت الابن، ثم
يعطى نصيب كل واحد إلى فرعه، وتصح من (28)؛ لأن أصل المسألة من (7)، وقد
أصاب الابن في البطن الثالث سبعاً ونصف سبع، وأصاب البنت في البطن الثالث
التي هي كبنتين لتعدد فرعها سبعاً ونصف سبع، فضربنا مخرج الكسر وهو (2) في
أصل المسألة، فبلغ (14)، ودفعنا نصيب كل واحد إلى فرعه. فأخذت بنت ابن بنت
البنت ثلاثة أسباع، ودفعنا نصيب بنت بنت البنت إلى ولديها، وهو لا ينقسم،
فضربنا عدد رؤوسهما في (14)، فبلغ (28)، ومنها صحت المسألة.
(10/7863)
فلبنتي بنت ابن البنت الثلث (16)، ولبنت
ابن بنت البنت (6)، ولولدي بنت بنت البنت (6)، لكل واحدة ثلاثة.
4 - لا يعتد في رأي أبي يوسف والقانون بالإدلاء
بجهتين هنا؛ لأن جهة القرابة وهي البنوة واحدة، فهو يورث بجهة
واحدة، ولا يعتبر تعدد الجهات في ذوي الأرحام، أما في غير ذوي الأرحام فيرث
الوارث بكل من الجهتين، كما لو ماتت عن أم وزوج هو ابن عمها أيضاً، فإن
الأم تأخذ الثلث، والزوج يأخذ النصف بالفرضية، ثم يأخذ السدس بالتعصيب؛
لأنه ابن عم.
أما من توفي عن: ابن بنت بنت، وابن ابن بنت، هو أيضاً ابن بنت بنت، فالتركة
بينهما مناصفة، ولا عبرة بتعدد جهة قرابة الابن الثاني.
ومحمد يعتبر الجهات المتعددة ويورث بها، وذلك في أعلى جهة وقع فيها
الاختلاف بالذكورة والأنوثة، ويجعل الأصل موصوفاً بصفة، متعدداً بتعدد
فرعه، فيقسم المال على الدرجة الثانية التي وقع فيها الاختلاف، وفيها
ابنان، أحدهما كابنين، واحد من قبل الأب، وواحد من قبل الأم، وبنت كبنتين،
واحدة من جهة الأب، وواحدة من جهة الأم، فيقسم المال عليهم من 4، للابن
الأول سهم، وللثاني اثنان؛ لأنه كابنين، وللبنت واحد؛ لأنها كبنتين، ويجعل
الذكور طائفة، والإناث طائفة، فينتقل نصيب الابن وهو اثنان إلى ابنه، ونصيب
البنت وهو واحد إليه أيضاً، فيتم له ثلاثة أرباع، ربعه من جهة أمه، ونصفه
من جهة أبيه، ولابن ابن البنت الربع نصيب أبيه.
فالقاعدة عنده جعل الذكور طائفة، والإناث طائفة، ويعطى نصيب كل طائفة إلى
فروعها بحسب صفاتهم.
(10/7864)
قواعد توريث الصنف
الثاني:
هي نفس قواعد توريث الصنف الأول، مع التوريث بتعدد الجهة واختلاف الجانب:
1 - التقديم بالدرجة: إذا تعدد أصحاب
هذا الصنف، قدم أقربهم إلى الميت درجة. فمن مات عن أب أم، وأب أم أب، كان
المال كله للأول؛ لأنه أقرب إلى الميت درجة.
2 - التقديم بالإدلاء بصاحب فرض أو عصبة
(التقديم بالوارث): إذا استووا في الدرجة، قدم من يدلي إلى الميت
بصاحب فرض أو عصبة، على من يدلي إليه بذي رحم.
فمن مات عن أب أم أم أم، وأب أم أب أم: كان المال كله للأول؛ لأنه يدلي
بصاحب فرض، وهي الجدة ـ أم أم الأم، أما الثاني فيدلي إلى الميت بذي رحم
وهم أم أب الأم.
3 - للذكر ضعف الأنثى: إذا استووا في
الدرجة والإدلاء بصاحب فرض، أو بالإدلاء بذي رحم ينظر:
أـ إن كانوا جميعاً من جانب الأب، أو من جانب الأم، اشتركوا في الميراث،
للذكر مثل حظ الأنثيين.
فمن مات عن أب أم أب أب، وأب أم أم أب، كان المال بينهما نصفين، لاستوائهما
في درجة القرب، وفي الإدلاء بصاحبة فرض، وهي الجدة الثابتة (الصحيحة): أم
أب الأب في الأول، وأم أم الأب في الثاني، وهما من حيِّز واحد: وهو جانب
الأب.
(10/7865)
ب ـ وإن كانوا مع استوائهم في الدرجة
والإدلاء مختلفين في الحيِّز (أي الجانب) فبعضهم من جهة الأب، وبعضهم من
جهة الأم، كان لقرابة الأب الثلثان، ولقرابة الأم الثلث.
فمن مات عن جدة هي أم أب أم أب، وجدة أخرى هي أم أب أب أم، كان المال بين
الجدتين أثلاثاً، الثلثان للأولى؛ لأنها جدة الميت من جهة أبيه، والثلث
للثانية؛ لأنها جدته من جهة أمه، وكلتاهما جدة غير ثابتة (رحمية) وقد
استوتا في الدرجة والإدلاء بذي رحم.
4 - تعدد الجهة: يعتبر تعدد جهة القرابة
في رأي أئمة الحنفية الثلاثة وفي القانون عند تعدد جانب (حيز) القرابة،
خلافاً للمذكور في الصنف الأول إذا لم يكن فيه تعدد الجانب (الحيِّز).
أما في هذا الصنف فإن كان تعدد القرابة ناشئاً من جانب الأب، وجانب الأم في
وقت واحد، فإن ذا الرحم هنا يرث بجهة قرابة الأب، ويرث بجهة قرابة الأم
معاً، كما في المثالين التاليين:
أـ مات عن خال لأب، وهو في الوقت نفسه عمه لأم، وعم آخر لأم، وخال آخر لأب.
فالخال الأول له جهتا قرابة من حيّزين مختلفين، فهو قريب للميت من جهة أمه
على أنه خال لأب، وقريب له من جهة أبيه باعتباره عمه لأم، فهل نورثه مع
العم الآخر والخال الآخر بجهتين أم بجهة واحدة؟
يقرر القانون المصري (م 37) والسوري (م 3/ 297) أنه يرث بجهتين لاختلاف
جانب القرابة، فتقسم التركة على الوجه التالي، كأن في المسألة عمين لأم،
وخالين لأب، للعمومة الثلثان، وللخؤولة الثلث.
(10/7866)
فالخال الأول يشارك الخال الآخر في الثلث،
فله نصفه أي السدس 6/ 1 وهو يشارك أيضاً العم الآخر في الثلثين، فله نصفهما
أي السدسان 6/ 2.
وبذلك يكون له نصف التركة: سدسها باعتبار الخؤولة، وثلثها باعتبار العمومة،
والخال الثاني له السدس فقط، والعم الثاني له الثلث فقط.
ب ـ مات عن: ابن عمة هو ابن خال شقيق، وبنت خال شقيق. نلاحظ أن لابن العمة
جهتي قرابة للميت من جانبين مختلفين، أحدهما من جانب الأب، والثاني من جانب
الأم، فهل يرث بجهتين أم بجهة واحدة؟
يقرر القانونان السابقان أنه يرث بالجهتين معاً، فتقسم التركة في هذه
المسألة، كما لو مات الميت عن ابن عمة، وابن خال شقيق، وبنت خال شقيق.
فيأخذ ابن العمة الثلثين باعتباره من قرابة الأب.
ويأخذ ثلثي ثلث الخؤولة؛ لأنها من قرابة الأم، وثلث الثلث الآخر يعطى لبنت
الخال الشقيق.
فيكون نصيب العمة هو: 9/ 6 نصيب العمومة + 9/ 2 نصيب الخوؤلة = 9/ 8، ونصيب
بنت الخال الشقيق هو: 9/ 1 باعتبار أن للأنثى حظ الذكر.
والقانونان المذكوران حينما لم يعتبرا تعدد الجهات، كما في أمثلة الصنف
الأول إذا لم يختلف الجانب (الحيز) أخذا بالرواية الأولى عن أبي يوسف،
وحينما اعتبرا تعدد الجهات إذا اختلف الجانب، كما في أمثلة هذا الصنف، أخذا
بالرواية الثانية عن أبي يوسف، وهي رأي باقي أئمة الحنفية (1).
_________
(1) السراجية: ص 181.
(10/7867)
قواعد توريث الصنف
الثالث:
يشمل هذا الصنف أولاد الإخوة لأم، وأولاد الأخوات مطلقاً، وبنات الإخوة
الأشقاء أو لأب. وقواعد توريثهم تشبه في الجملة قواعد الصنفين السابقين.
1 - التقديم بالدرجة: إذا اختلفوا في
درجة القرابة، فأولاهم بالميراث أقربهم درجة إلى الميت، فمن توفي عن: بنت
أخت، وابن بنت أخ، كان الميراث كله لبنت الأخت؛ لأنها أقرب درجة من الثاني.
2 - التقديم بالوارث: وإن استووا في
الدرجة، وكان بعضهم يدلي بعصبة، وبعضهم يدلي بذي رحم، قدم ولد العاصب على
ولد ذي الرحم، كما في بنت ابن أخ شقيق أو لأب، وابن بنت أخ شقيق أو لأب،
فإن الميراث لبنت ابن الأخ؛ لأنها تدلي بعاصب، دون الثاني؛ لأنه يدلي بذي
رحم.
3 - التقديم بقوة القرابة: وإن تساووا
في الدرجة والإدلاء: بأن كانوا جميعاً أولاد عصبات، كبنت أخ شقيق وبنت أخ
لأب، أو كانوا أولاد أصحاب فرض كبنت أخت لأب، وابن أخ لأم، أو كانوا أولاد
ذوي أرحام، كبنت بنت أخ شقيق، وبنت بنت أخ لأب، أوكان بعضهم ولد عاصب،
وبعضهم ولد ذي فرض، كبنت أخ شقيق، وبنت أخ لأم.
فحينئذ يقدم أقواهم قرابة، وهو مذهب أبي يوسف، فيقدم من كان أصله لأبوين
على من كان أصله لأب، وهذا يقدم على من كان أصله لأم.
فمن مات عن: بنت أخ شقيق، وبنت أخ لأب، كان المال كله للأولى؛ لأنها أقوى
قرابة، مع استوائهما في الدرجة والقرب والإدلاء بعاصب.
(10/7868)
ومن مات عن: بنت أخ لأب، وبنت أخ لأم، كان
المال كله للأولى؛ لأنها أقوى قرابة.
4 - للذكر ضعف الأنثى: وإن استووا في
القرابة، قسم المال بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين، ولو كانوا من فروع أولاد
الأم.
فمن مات عن بنتين لأخ لأم، وابن أخ لأم، كان المال مشتركاً بينهم مناصفة،
تأخذ البنتان النصف، ويأخذ الابن النصف، لاستوائهم في الصنف والدرجة وقوة
القرابة.
ويلاحظ أن أولاد الأم وإن كانوا في ميراث الفريضة متساوين بنص القرآن،
لكنهم في توريث ذوي الأرحام تطبق عليهم القاعدة العامة وهي للذكر ضعف
الأنثى، وهو رأي أبي يوسف، وبه أخذ القانون السوري والمصري، إذ لا نص في
التسوية بينهم.
ويرى محمد أن يطبق على أولاد الإخوة لأم نفس المبدأ الذي يطبق على آبائهم،
وهو التسوية بين ذكورهم وإناثهم، فيقسم المال في المثال السابق بينهم
أثلاثاً، لكل بنت ثلث، وللابن الثلث.
قواعد توريث الصنف الرابع:
وهم الذين ينتمون إلى جدي الميت أو إلى جدتيه، سواء أكانوا قريبين أم
بعيدين، فيشمل أب الأب وأب الأم، وأم الأم وأم الأب، والعمات على الإطلاق،
والأعمام لأم، والأخوال والخالات مطلقاً.
وقواعد توريثهم ما يأتي (1):
_________
(1) أحكام المواريث للسباعي: ص 151 - 157.
(10/7869)
1 - التقديم بالدرجة
أو حجب المرتبة ما فوقها: كل مرتبة من مراتب هذا
الصنف بجميع طبقاتها تحجب ما فوقها من المراتب بجميع طبقاتها، فأعمام الميت
وعماته، وأخواله وخالاته يحجبون أعمام أب الميت لأم، وعمات أبيه، وأخوال
أبيه وخالات أبيه، وهكذا علواً.
وأولاد عم الميت لأم، وأولاد عمته، وأولاد خاله، وأولاد خالته، يحجبون
أولاد عم أبيه لأمه، وأولاد عمة أبيه، وأولاد خال أبيه، وأولاد خالة أبيه،
وهكذا.
فمن مات عن: عمة وعمة أب، كان المال كله للأولى؛ لأنها أقرب درجة.
ومن مات عن: بنت عمه، وبنت عم أبيه، كان المال للأولى.
2 - التقديم بقوة القرابة في الجهة: إذا
تساووا في المرتبة، وتعددوا، وكان كلهم من جانب الأب فقط كالعمات، أو من
جانب الأم فقط كالخالات، قدم الأقوى قرابة، ذكراً كان أو أنثى.
فمن مات عن عمة لأبوين، وعمة لأب، كان المال كله للأولى؛ لأنها أقوى قرابة.
ومن مات عن عمة لأب، وعمة لأم، كان المال كله للأولى؛ لأنها أقوى قرابة.
وهذا هو المفتى به عند الحنفية.
3 - للذكر ضعف الأنثى: إذا تساووا في
قوة القرابة، كان للذكر مثل حظ الأنثيين. فمن مات عن خالين لأب وأم، كان
المال بينهما نصفين لاستوائهما في قوة القرابة.
(10/7870)
ومن مات عن عمتين لأب وأم، أوعمتين لأب، أو
عمتين لأم، كان المال بينهما نصفين، لاستوائهما في قوة القرابة.
ومن مات عن: عم لأم، وعمة لأم، كان المال بينهما أثلاثاً، للعم ثلثان،
وللعمة ثلث.
4 - لجهة الأب ضعف جهة الأم: إن اختلف
أفراد الطبقة الواحدة، فكان بعضهم من جهة الأب، وبعضهم من جهة الأم، أعطي
لجهة الأب الثلثان، ولفئة الأم الثلث، ثم يوزع نصيب كل فريق بين أفراده
بحسب قوة القرابة، فإن استووا في القرابة قسم المال بينهم للذكر ضعف
الأنثى.
فمن مات عن عمة لأب وأم، وعمة لأم، وخال لأبوين، وخال لأب، كان للعمة
لأبوين الثلثان، باعتبارها من قرابة الأب، ولا شيء للعمة لأم؛ لأن الأولى
أقوى قرابة من الثانية، وللخال لأبوين الثلث؛ لأنه من قرابة الأم، ولا شيء
للخال لأب؛ لأن الأول أقوى قرابة من الثاني.
ومن مات عن: عم لأم، وعمة لأم، وخال لأبوين، وخالة لأبوين: كان للعم والعمة
الثلثان، للذكر ضعف الأنثى؛ لأنهما من درجة واحدة وحيِّز واحد، هو جانب
الأب، وللخال والخالة الثلث، للذكر ضعف الأنثى؛ لأنهما في درجة واحدة وحيز
واحد، وهو جانب الأم.
5 - التقديم بقرب الدرجة في الطبقة النازلة:
يقدم في جميع الطبقات النازلة لكل مرتبة من مراتب هذا الصنف الأقرب منهم
درجة على الأبعد. والطبقة النازلة هم أولاد العم لأم، وأولاد العمات،
وأولاد الأخوال، وأولاد الخالات، ثم أولاد أولاد هم نزولاً.
(10/7871)
وكذلك أولاد عم الأب لأم، وأولاد عمات
الأب، وأولاد أخوال الأب، وأولاد خالات الأب، ثم أولاد أولادهم وإن نزلوا.
فمن مات عن بنت عمة، وبنت عمة لأم، كان المال كله لبنت العمة؛ لأنها أقرب
درجة إلى الميت.
6 - التقديم بالوارث: إذا استووا في
الدرجة، وكانوا جميعاً من جانب واحد، أي من قرابة الأب، أو من قرابة الأم،
قدم ولد العصبة على ولد ذي الرحم.
فمن مات عن بنت العم العصبي (الشقيق أو لأب) وابن العم لأم، كان المال كله
لبنت العم؛ لأنها تدلي بعاصب، ولا شيء لابن العم لأم؛ لأنه ولد ذي رحم.
7 - التقديم بقوة القرابة بين الأولاد:
إذا استووا جميعاً في الدرجة وكانوا أولاد عصبات أو أولاد ذي رحم، قدم
الأقوى قرابة.
فمن مات عن بنت عمة لأبوين، وبنت عمة لأب، كان المال كله للأولى؛ لأنها وإن
استوت مع الثانية في الصنف ودرجة القرب، والإدلاد بذي رحم؛ إلا أنها أقوى
منها قرابة، فتخصص بالمال كله.
وكذلك الحال مع ابن عمة لأب، وابن عمة لأم، المال كله للأول.
8 - لجهة الأب ضعف جهة الأم في الأولاد:
إذا تساووا في الدرجة، واختلفوا في جانب القرابة، فبعضهم من جهة الأب،
وبعضهم من جهة الأم، فثلثا التركة لجهة الأب، والثلث لجهة الأم، ثم يوزع
نصيب كل فريق بين أفراده، بحيث يقدم ولد ذي العصبة، على ولد ذي الرحم، ثم
يقدم الأقوى قرابة على الأضعف.
(10/7872)
فمن مات عن ابن عمة، وابن خالة، كان ثلثا
المال لابن العمة؛ لأنه من قرابة الأب، وثلث المال لابن الخالة؛ لأنه من
قرابة الأم.
ومن مات عن: بنت عمة لأبوين، وابني عمة لأب، وبنت خال لأبوين، وابني خال
لأب: يكون لأولاد العمات لأبوين الثلثان، ولا شيء لابني العمة لأب، لأنها
أضعف منها قرابة، ولأولاد الأخوال لأبوين الثلث، ولا شيء لابني الخال لأب؛
لأنها أضعف منها قرابة.
والخلاصة:
1 - تورث الطائفة الأولى من الصنف الرابع (وهم العمات مطلقاً والأعمام لأم،
والأخوال والخالات مطلقاً) بقوة القرابة إن اتحد حيِّز قرابتهم، بأن كانوا
جميعاً من جانب الأب أو من جانب الأم. فإن استووا في قوة القرابة فللذكر
ضعف الأنثى. أما إن اختلف حيِّز قرابتهم فلقرابة الأب الثلثان، ولقرابة
الأم الثلث، ونصيب كل فريق يوزع للذكر ضعف الأنثى.
2 - تورث الطائفة الثانية من هذا الصنف (وهم أولاد الطائفة الأولى، وبنات
أعمام الميت، وبنات أبنائهم، وأولادهم وإن نزلوا) بقرب الدرجة، فأولاهم
بالميراث أقربهم درجة إليه، سواء اتحد حيز القرابة أم اختلف.
فإن اتحدت درجة القرب: فإن اتحدوا في حيز القرابة، قدم من يدلي بعاصب على
من يدلي بغير عاصب، وإن اختلف حيز القرابة، فلفريق قرابة الأب الثلثان،
ولفريق قرابة الأم الثلث.
3 - الطائفة الثالثة والخامسة (الثالثة: هم أعمام أبي الميت لأم، وعماته
وأخواله وخالاته ـ وقرابتهم من جهة الأب. وأعمام أم الميت وعماتها وأخوالها
(10/7873)
وخالاتها ـ وقرابتهم من جهة الأم. والخامسة: هم أعمام أبي أبي الميت،
وعماته وأخواله وخالاته، وأعمام أم أبي الميت وعماتها وأخوالها وخالاتها ـ
وقرابتهم من جهة الأب. وأعمام أبي أم الميت وعماته وأخواله وخالاته، وأعمام
أم أم الميت وعماتها، وأخوالها وخالاتها ـ وقرابتهم من جهة الأم).تورث
هاتان الطائفتان كما تقدم في توريث الطائفة الأولى.
4 - الطائفة الرابعة (وهم أولاد من ذكروا في الطائفة الثالثة وإن نزلوا،
وبنات أعمام أبي الميت، وبنات أبنائهم وإن نزلوا، وأولاد هؤلاء جميعاً وإن
نزلوا).
5 - والطائفة السادسة (وهم أولاد من ذكروا في الطائفة الخامسة وإن نزلوا،
وبنات أعمام أبي أبي الميت، وبنات أبنائهم وإن نزلوا، وأولاد هؤلاء وإن
نزلوا).
تورث هاتان الطائفتان كالمذكور في الطائفة الثانية.
وقد أخذ القانون المصري والسوري بهذه الأحكام. |