المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة

كتاب اللعان
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قذف الزوج زوجته وكانت عفيفة وجب عليه الحد وله إسقاطه باللعان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب عليه الحد ويجب اللعان، فإن لاعَنَ وإلا حبس حتى يلاعن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قدر الزوج على البينة واللعان فله أن يسقط الحد عن نفسه بأيهما شاء. وعند بعض الناس ليس له أن يلاعن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ وسائر الزَّيْدِيَّة سواء قال رأيتها تزنى أو قذفها بزنا ولم يضف ذلك إلى رؤيته فإنه يلاعن لإسقاط الحد عنه. وعند أبي الزناد ويَحْيَى الأنصاري والْإِمَامِيَّة وَمَالِك في إحدى الروايتين ليس له أن يلاعن، إلا إن قال: رأيتها تزني أو ينكر حملها، وبه قال النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ حد القذف حق الآدمي يورث عنه ويسقط بعفوه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ هو حق لِلَّهِ تعالى لا يورث عنه ولا يسقط بعفوه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذف أجنبي أجنبية وحد لها ثم عاد وقذفها بذلك الزنى لم يجب عليه الحد ويعزر. وعند بعض الناس يجب عليه الحد، وهو قول ابن القاسم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وكافة العلماء إذا تلاعنا ثم قذفها أجنبي حُدَّ. وعند أبي حَنِيفَةَ إن كان الزوج لاعَنَها ونفى حملها وكان الولد حيًا فعلى الأجنبي الحد، وإن كان لم ينف حملها أو نفاه لكن مات الولد فإنه لا حد على الأجنبي.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وكافة العلماء وسائر الزَّيْدِيَّة أن اللعان يصح وإن لم يكن مدخولًا بها. وعند النَّاصِر والصادق لا يصح إلا في المدخول بها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لزوجته لم أجدك عذراء فلا حد عليه ولا لعان. وعند مالك وسعيد بن المسيب عليه الحد وله إسقاطه باللعان، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.

(2/286)


وعند القاسم ويَحْيَى من الزَّيْدِيَّة إذا قال أردت به القذف وجب الحد ولاعن حتى لو جرى بينهما ذكر الزنا، ثم قال لم أجدك عذراء كان صريحًا في القذف فيجوز اللعان لأجله.
* * *

(2/287)


باب ما يلحق من النسب وما لا يلحق
وما يجوز نفيه باللعان وما لا يجوز
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ السن الذي يولد للشخص فيها بعد عشر سنين، ولا يجوز أن يولد له قبل ذلك. وعند بعض أصحابه بعد تسع سنين ولا يولد له قبل ذلك. وعند أَبِي حَنِيفَةَ بعد اثنا عشر سنة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا تزوج رجل بالمشرق امرأة بالمغرب فأتت بولد لستة أشهر من حين العقد لم يلحق به، وكذا إذا تزوجها بحضرة الحاكم وطلقها عقب القبول ثلاثًا وأتت بولد لستة أشهر لم يلحق به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلحق به الولد في المسألتين جميعًا، وهكذا قال أبو حَنِيفَةَ في رجل غاب عن امرأته زمانًا فأخبرت أنه مات فاعتدت عنه عدة الوفاة وتزوجت بغيره فرزق منها أولادًا ثم جاء الزوج الأول فإن الأولاد. كلهم للأول، ولا يلحق أحد منهم الزوج الثاني.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا طلق واعتدت بالأقراء ثم أتت بولد بعد ذلك، فإن كان لدون ستة أشهر من حين انقضاء العدة لحق به الولد، وإن أتت به لستة أشهر فأزيد إلى أربع سنين من حين الطلاق لحق الولد بالزوج وبطل إقرارها، سواء كان الطلاق بائنًا أو رجعيًا، وسواء أقرت بانقضاء العدة قبل ذلك أو لم تقر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد لا يلحق به الولد إلا أن يتحقق بطلان إقرارها بان تعتد بالشهور ثم تأتي بولد لمدة الحمل بعد الشهور، وبه قال من الشَّافِعِيَّة أبو العبَّاس بن سريج. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا إذا أتت به لسنتين من حين الطلاق لحق به، وإن أتت به لا زاد على سنتين من حين الطلاق لم يلحق به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعَطَاء وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قذفها في الطهر الذي جامعها فيه كان له أن يلاعن. وعند مالك ليس له أن يلاعن لنفي الولد ويلاعن لدرء الحد، وعنه رِوَايَة أخرى أنه يلاعن لنفي الولد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قذفها وهي حامل كان له أن يلاعن وينفى الحمل قبل وضعه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وزفر وَأَحْمَد إن صرح بالقذف كان له أن يلاعن، وإن لم يصرح بالقذف لم يكن له أن يلاعن لنفي النسب، ولا يصح نفيه في

(2/288)


حال الحمل إلا عند أَبِي حَنِيفَةَ إذا لاعنها في حال الحمل لزمه الولد ولم يكن له نفيه، لأنها تضعه في حال البينونة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا استلحق حمل امرأته لم يكن له نفيه بعد ذلك. وعند أحمد لا يصح استلحاقه حتى ينفصل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ حق نفي الولد على الفور. وعند أَبِي حَنِيفَةَ القياس أنه على الفور غير أنه يجوز له تأخير ذلك اليوم واليومين استحسانًا. وعند أَبِي يُوسُفَ ومُحَمَّد له تأخير ذلك مدة النفاس، وهي عندهم أربعون يومًا. وعند عَطَاء ومجاهد وشريح له النفي أبدًا إلا أن يقر به. وعند الحسن وقتادة إذا أقر به ثم أنكره تلاعنا ما دامت أمه عنده. واختلف الزَّيْدِيَّة فقال النَّاصِر وأبو عبد اللَّه الداعي وأبو طالب: إن له نفيه حين علم وإن طالت المدة، ويعتبر العلم والجهل. وقال المزيد: إذا سكت ولم ينفه بعد ذلك فله نفيه، ولا يعتبر العلم والجهل.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان له ولد مهنأٌ به فقيل: بارك الله لك في ولدك، فقال المهنّئ: بارك الله عليك أو جزاك الله خيرًا لم يكن ذلك إقرارًا به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكون إقرارًا به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ تثبت الشهادة بالولادة ويثبت النسب بالتبعية بشهادة رجلين، أو رجل وامرأتين أو أربع نسوة، وبه قال أبو حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأبو يوسف. وعند أحمد يثبت ذلك بشهادة امرأة واحدة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد في إحدى الروايتين إذا قال: زنيت قبل أتزوجك لم يلاعن لإسقاط الحد إذا لم يكن ثم ولد، فإن كان ثم ولد يحتاج إلى نفيه فوجهان: أحدهما يلاعن، والثاني لا يلاعن. وعند الحسن وزرارة بن أوفى وأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فى الرِوَايَة الثانية له أن يلاعن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أبانها ثم قال لها زنيت وأنت زوجتي، فإن كان هناك ولد فله أن يلاعن، وإن لم يكن ولد فليس له أن يلاعن. وعند أَبِي ثَورٍ والنَّخَعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ لا يلاعن بكل حال. وعند عثمان البتي وعند الحسن لا يلاعنها ما دامت في العدة. وعند الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد إذا قذفها ثم طلقها ثلاثًا كان له أن يلاعن، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند قتادة ومَكْحُول والحارث العكلي والحكم ليس له أن

(2/289)


يلاعن. وعند النَّاصِر من الزَّيْدِيَّة يحد لها ولا يلاعن. وعند حماد وأَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه لا يلاعن ولا حد عليه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا نكحها نكاحًا فاسدًا فوطئها فأتت بولد يمكن أن يكون منه كان له نفيه باللعان إذا لم يقر به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له نفيه ولا يلاعن. وعند مالك يلاعن بكل حال سواء كان ثم نسب بنفيه أو لم يكن.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ الأمة تصير فراشًا للسيد إذا أقرته بوطئها أو قامت بينة بوطئه، فمتى أتت بعد ذلك بولد لمدة الحمل من وقت الوطء لحقه نسبه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأصحابه والثَّوْرِيّ لا تصير فراشًا، فلو وطئ أمته عشرين سنة وأكثر فإن كل ولد تلده فهو مملوك له إلا أن يقر بواحد أنه ابنه فيثبت نسبه منه وتصير فراشًا له ويلحقه كل ولد تلده بعد ذلك. وقال أبو حَنِيفَةَ في الطلاق: إذا قال الرجل كل امرأة أتزوجها فهي طالق ثلاثًا ثم تزوج امرأة فإنها تطلق عقيب العقد، فلو أتت بولد لستة أشهر فصاعدًا من حين العقد لحقه بالفراش، وهذا تخليط.
* * *

(2/290)


باب من يصح لعانه وكيف اللعان وما يوجبه من الأحكام
عند الشَّافِعِيّ وابن المسيب وسليمان بن يسار والحسن البصري ورَبِيعَة وَمَالِك وَأَحْمَد فى إحدى الروايتين واللَّيْث وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح اللعان من كل زوجين مكلفين سواء كانا مسلمين أو كافرين، أو أحدهما مسلم والآخر كافر، وسواء كانا حرين أو مملوكين، أو أحدهما حر والآخر مملوك، وسواء كانا محدودين أو غير محدودين. وعند الزُّهْرِيّ والثَّوْرِيّ وحماد وأَبِي حَنِيفَةَ والْأَوْزَاعِيّ وَأَحْمَد في الرِوَايَة الثانية لا يصح اللعان إلا بين زوجين حرين مسلمين غير محدودين في قذف، أو تكون المرأة عفيفة يحد قاذفها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يصح بيع الأخرس وشراءه ونكاحه وطلاقه وقذفه ولعانه إذا كانت له إشارة معقولة وعبارة مفهومة. وعند أبي حَنِيفَةَ يصح نكاحه وطلاقه ولا يصح قذفه ولعانه. وعند الْأَوْزَاعِيّ إذا قذف امرأته وهي خرساء لحق به ولدها ولا حد عليه ولا لعان. وعند الْإِمَامِيَّة يفرق بينهما ويقام الحد عليه، ولا تحل أبدًا ولا لعان بينهما.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يعرف الحاكم لسان المتلاعنين فلابد من مترجم، وفي عدد المترجم قَوْلَانِ: أحدهما يكفي اثنان وبه قال بعض المالكية، والثاني لابد من أربعة، وعند أَبِي حَنِيفَةَ يكفي مترجم واحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ترك أحد المتلاعنين أحد ألفاظ اللعان لم يتعلَّق به أحكام اللعان، سواء حكم به حاكم أو لم يحكم به. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا شهد أحدهما مرتين وأتى باللعنة في الثالثة أو بالغضب في الثالثة. وحكم الحاكم بالفرقة بذلك ونفى النسب فقد أخطأ ونفذ حكمه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب أن يغلظ اللعان بإحضار جماعة أقلهم أربعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحب التغليظ بذلك
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يستحب تغليظ اللعان بالزمان بأن يكون بعد العصر أو يوم الجمعة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحب ذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ هل يستحب التغليظ في اللعان بالمكان أو يجب؟ قَوْلَانِ. وعند

(2/291)


أَبِي حَنِيفَةَ لا يستحب ولا يجب.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا كان الزوج مسلمًا والزوجة ذمية لاعن هو في المسجد وهي فى الموضع الذي تعظمه. وإن سألت هي أن تحضر في المسجد حضرت إلا أنها لا تدخل المسجد الحرام. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجوز للمشرك أن يدخل كل المساجد، وعند مالك لا يجوز للمشرك دخول مسجد من المساجد بحال.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ يبدأ بلعان الزوج فإن التعنت المرأة قبل لعانه لم يعتد بلعانها، وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ يعتد به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وابن مسعود وعثمان البتي إذا لاعن الرجل امرأته يسقط حد القذف عنه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يجب على الزوج حد القذف لزوجته فلا يكون لعانه مسقطًا لذلك.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذفها بالزنا برجل بعينه وجب عليه حدان حد لها وحد للمقذوف، فإذا التعن وذكر الزاني في اللعان سقط عنه الحدان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ إذا قذفها برجل بعينه وجب عليه له حد القذف ولم يجب عليه لها حد، وإنما يجب عليه لها اللعان، فإن طلبت الزوجة اللعان فلاعنها حد بعد ذلك للأجنبي، وإن طلب الأجنبي أن يحد له أولًا حد له، ولم يلاعن زوجته، لأن المحدود عنده لا يلاعن، فخالف أبو حَنِيفَةَ الشَّافِعِيّ في ثلاثة مواضع: أحدها أنه لا يجب على الزوج حد القذف بقذف زوجته. الثاني: أن المحدود بالقذف لا يلاعن. الثالث إذا قذف زوجته برجل معين فسمَّاه في اللعان يسقط عنه ما وجب عليه له من حد القذف عند الشَّافِعِيّ، ولا يسقط عند أَبِي حَنِيفَةَ. وعند رَبِيعَة وَمَالِك وأَبِي ثَورٍ يحد له ويلاعن للزوجة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لم يسمه في اللعان يسقط عنه ما وجب له في أحد القولين، وبه قال أَحْمَد والثاني لا يسقط.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ يجب على الزوجة الحد بلعان الزوج ولها إسقاطه باللعان. وعند الحسن والْأَوْزَاعِيّ وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وأَبِي يُوسُفَ وعثمان البتي لا يجب عليها الحد ويجب عليها اللعان، فإن امتنعت حبست حتى تلاعن. وعند أَحْمَد لا يجب عليها الحد بلعان الزوج، وعنه في حبسها رِوَايَتَانِ.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لاعنها وهناك حمل أو ولد منفصل ونفاه الزوج باللعان

(2/292)


انتفى عنه ولحق بالمرأة. وعند عثمان البتي لا ينتفى عنه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لاعنها وهي زوجة له وقعت الفرقة بينهما بفراغه من اللعان. وعند عثمان لا يقع باللعان فرقة. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وصاحبيه وَأَحْمَد في إحدى الروايتين يتعلَّق بلعانهما وحكم الحاكم، وبه قال سائر الزَّيْدِيَّة. وعند رَبِيعَة وَمَالِك وداود وزفر وَأَحْمَد في الرِوَايَة الأخرى يتعلَّق بلعانهما معًا زوال الفراش والتحريم، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِك وَأَحْمَد وزفر وأَبِي يُوسُفَ الفرقة باللعان فسخ ويقع به التحريم مؤبدًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد الفرقة الواقعة باللعان طلقة بائنة ولا يتأبد التحريم.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس والْأَوْزَاعِيّ وَمَالِك والثَّوْرِيّ وأَبِي يُوسُفَ وَأَحْمَد وإِسْحَاق وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا أكذب الملاعن نفسه بعد اللعان لم يرتفع التحريم الحاصل باللعان، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر والهادي والسيد. وعند سعيد بن المسيب والحسن وأَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد وَأَحْمَد في رِوَايَة يرتفع التحريم المؤبد والزوجة لا تعود، لكن يحل عقد النكاح عليها وتكون الفرقة الأولى تطليقة بائنة، وبه قال يَحْيَى من الزَّيْدِيَّة. وعند سعيد بن المسيب أيضًا تعود الزوجية. وعند سعيد بن جبير ترد إليه ما دامت في العدة. وعند الْإِمَامِيَّة إذا أكذب نفسه حد حد المفترى ويرث الولد منه ولا يرث هو من الولد، ويرث من هذا الولد أخته من أمه ولا يرث منه أخته من جهه أبيه.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا نفى ولده باللعان ثم مات الولد فاستلحقه بعد موته صح استلحاقه وثبت نسبه، سواء خلَّف الميت ولدًا أو لم يخلف، وسواء كان موسرًا أو معسرًا، وبه قال من الزَّيْدِيَّة النَّاصِر. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِك وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إن خلف الميت ولدًا ذكرًا أو أنثى صح رجوعه وثبت نسب الولد منه، وإن لم يخلِّف الميت ولدًا لم يصح رجوعه، وبه قال من الزَّيْدِيَّة يَحْيَى. وعند مالك أيضًا إن كان غنيًا لحق به، وإن كان فقيرًا لم يلحق به.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قذف زوجته بالزنا فقالت صدقت وهناك ولد له كان له نفيه ولا حد لها على الزوج، ولا تلاعن هي لإقرارها. وعند أَبِي حَنِيفَةَ َوَأَحْمَد ليس له أن يلاعن لنفيه. وعند أَبِي حَنِيفَةَ أيضًا أنها إن كانت المرأة عفيفة وكذبته

(2/293)


كان له أن ينفي ولدها، وإن كانت فاجرة وكذبته لم يكن له أن يلاعن ويلزمه الولد. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يلزمه الولد وله أن يلاعن للقذف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا مات أحد الزوجين بعد القذف وقبل الملاعنة فإن التوارث يثبت. وعند ابن عَبَّاسٍ إذا قذفها ثم ماتت المرأة قبل أن يتلاعن وقف فإن أكذب نفسه حلف وورث، وإن التعن لم يرث، وعند الشعبي وعكرمة هو بالخيار إن شاء أكذب نفسه وورث وإن شاء لاعن ولم يرث. وعند جابر بن زيد إذا مات أحدهما قبل الملاعنة فإن أقرث بما قال رجمت وكان لها الميراث. وإن التعنت ورثت، فإن لم يقر بواحد منهما تركت ولا ميراث لها ولا حد عليها.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا ماتت الزوجة قبل اللعان وهناك ولد كان له أن يلاعن لنفيه. وعند أَحْمَد وأَبِي حَنِيفَةَ يسقط اللعان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا لاعن ثم مات قبل أن تلتعن المرأة فلا ميراث بينهما. وعند مالك وأَبِي حَنِيفَةَ وأبي عبيد يتوارثان، واختاره ابن المنذر.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا قذف امرأته وانتفى عن ولدها فمات الولد قبل أن يلاعن الأب لنفيه أو قبل أن يكمل اللعان فله أن يلاعن بعد موته. وعند أَبِي حَنِيفَةَ ليس له أن يلاعن لنفي الولد بعد موته إلا أن يكون للميت ولد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ اللعان يمين. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ هو شهادة.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وأَكْثَر الْعُلَمَاءِ إذا قذفها بالوطء في الدبر وجب عليه الحد وله إسقاطه باللعان. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا حد عليه ولا لعان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذف صغيرة فجامع مثلها فلا حد عليه وعليه التعزير، وليس له أن يلاعن لإسقاط الحد. وعند مالك عليه الحد.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها زنيت وأنت مكرهة فلا حد عليه ولا يلاعن. وعند مالك وأَبِي ثَورٍ يجب عليه الحد وله إسقاطه باللعان، وبه قال بعض الشَّافِعِيَّة. وعن أَحْمَد كالمذهبين.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذفها ثم تزوجها ثم قذفها وطالبته بالحد حد لها بالقذف الأول وعرض عليه اللعان بالقذف الثاني إن لاعن ولا حد لها ثانيًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ يجب الحد ويدرأ عنه اللعان.

(2/294)


مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ إذا ولدت المرأة توأمين فمات أحدهما لزمه أن يلاعن لنفي نسب الحي والميت معًا. وعند أَبِي حَنِيفَةَ والزَّيْدِيَّة يلزمه نسب الحي ويلاعن للقذف، وبنى أبو حَنِيفَةَ ذلك على أصله أن الميت لا ينتفي باللعان.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قال لها يا زانية فقالت بل أنت زان فكل واحد منهما قاذف لصاحبه، إلا أن الزوج له إسقاطه باللعان وليس للزوجة إسقاطه باللعان، فإذا تلاعنا أقيم عليهما حد القذف. وعند أَبِي حَنِيفَةَ لا يقام عليهما حد القذف.
مَسْأَلَةٌ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ إذا قذف زوجته ثم أيدت فطالبته بالحد كان له أن يلاعن لإسقاطه، وكذا لو أريد هو. وعند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي ثَورٍ لا يلاعن ولا حد عليه.
* * *

(2/295)