الموسوعة
الفقهية الميسرة في فقه الكتاب والسنة المطهرة السنن المؤكّدة:
أولاً: سنة الفجر:
فضلها:
عن عائشة -رضي الله عنها- "أنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - لم يكن على شيءٍ من
__________
(1) أخرجه مسلم:730
(2) أخرجه البخاري: 1148، ومسلم: 731
(2/104)
النوافل أشدّ معاهدة منه على الركعتين قبل
الصبح" (1).
وعنها -رضي الله عنها- قالت: "ما رأيتُ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في شيء من النوافل أَسرع منه إِلى الركعتين قبل
الفجر" (2).
وعنها -رضي الله عنها- عن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قال: "ركعتا الفجر خيرٌ من الدنيا وما فيها" (3).
تخفيفها:
كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخفّف القراءة في
ركعتي الفجر.
فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - يخفّف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح؛ حتى إنّي لأقول: هل قرأ
بأمّ الكتاب؟ " (4).
ما يقرأ فيها:
يستحب القراءة في ركعتي الفجر بما ورد في الأحاديث الآتية:
1 - عن أبي هريرة "أنَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
قرأ في ركعتي الفجر: {قل يا أيها الكافرون} و {قل هو الله أحد} " (5).
2 - وكان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد "سمع رجلاً يقرأ السورة
الأولى في الركعة الأولى فقال:
__________
(1) أخرجه البخاري: 1169، ومسلم: 724
(2) أخرجه مسلم: 724
(3) أخرجه مسلم: 725
(4) أخرجه البخاري: 1171، ومسلم: 724
(5) أخرجه مسلم: 726
(2/105)
"هذا عبدٌ آمَن بربّه"، ثمَّ قرأ السورة
الثانية في الركعة الأُخرى فقال: هذا عبد عَرف ربه" (1).
وعن ابن عبّاس أنَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان
يقرأ في ركعتي الفجر؛ في الأولى منهما: {قولوا آمنّا بالله وما أنُزِل
إِلينا} (2)، الآية التي في البقرة، وفي الآخرة منهما: {آمنّا بالله واشهدْ
بأنّا مسلمون} (3) " (4).
وفي رواية: "كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقرأ في
ركعتي الفجر: {قولوا آمنا بالله وما أنزل إِلينا} والتي في آل عمران (5):
{تعالَوا إِلى كلمة سواءٍ بيننا وبينكم} " (6).
3 - عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصلِّي أربعاً قبل الظهر، وركعتين قبل الفجر لا
يدَعُهما قالت: وكان يقول: نعمت السورتان يقرأ بهما في ركعتين قبل الفجر:
{قل هو الله أحد} و {قل يا أيها الكافرون} " (7).
__________
(1) أخرجه الطحاوي وابن حبان في "صحيحه" وابن بشران، وحسّنه الحافظ في
"الأحاديث العالية" (رقم 16) عن "صفة الصلاة" (ص 112).
(2) البقرة: 136
(3) آل عمران: 52
(4) أخرجه مسلم: 727
(5) آية: 64
(6) أخرجه مسلم: 727
(7) أخرجه أحمد وابن خزيمة في "صحيحه"، وغيرهما، وانظر "الصحيحة" (646).
(2/106)
الاضطجاع بعدها
عن عائشة -رضي الله عنها- أنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - كان يصلّي ركعتين فإِنْ كنتُ مستيقظة حدّثني، وإلاَّ اضطجع"
قلت لسفيان (1) فإِنّ بعضهم يرويه ركعتي الفجر، قال سفيان هو ذاك" (2).
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - إِذا صلّى ركعتي الفجر؛ اضطجع على شقّه الأيمن" (3).
والذي يبدو أنَّ الاضطجاع لمن احتاج إِليه ليريح نفسه من دأب القيام ونحوه،
لذلك كان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يحدّث عائشة حين تكون
مستيقظة، ولا يضطجع حتى يؤذَّن بالصلاة كما تقدّم، لذلك بوب له البخاري
-رحمه الله- بقوله:
(باب من تحدّث بعد الركعتين ولم يضطجع) والله تعالى أعلم.
قضاؤها بعد طلوع الشمس أو بعد صلاة الفريضة
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: "من لم يصلِّ ركعتي الفجر؛ فليصلّهما بعد ما تطلعُ الشمس"
(4).
وعن قيس بن عمرو قال: رأى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
رجلاً يصلّي بعد صلاة الصبح ركعتين، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صلاة الصبح ركعتان" فقال الرجل:
__________
(1) القائل: علي بن عبد الله الراوي عنه.
(2) أخرجه البخاري: 1168
(3) أخرجه البخاري: 1160
(4) أخرجه الترمذي وابن خزيمة وابن حبّان والحاكم والبيهقي وقال الحاكم:
صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وخرّجه شيخنا في "الصحيحة" (2361).
(2/107)
إِني لم أكُنْ صليتُ الركعتين اللتين
قبلهما، فصلّيتهما الآن، فسكت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -" (1).
عن أبي جحيفة عن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنَّه "كان
في سفره الذي ناموا فيه حتى طلعَت الشمس، فقال: إِنكم كنتم أمواتاً؛ فردَّ
الله إِليكم أرواحكم، فمن نام عن صلاة؛ فليصلّها إِذا استيقظ، ومن نسي
صلاة؛ فليصلِّ إِذا ذكر" (2).
سنّة الظُّهر
لقد وردَت عدة نصوص في عددها، منها أنّها أربع ومنها أنها ست ومنها أنها
ثمان.
ما وَرد أنها أربع ركعات:
عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: حفظتُ من النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين
بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل صلاة الصبح،
وكانت ساعةً لا يُدخَل على النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فيها" (3).
قال الحافظ في "الفتح" (4): "والأَولى أن يُحمَل على حالين: فكان تارة
__________
(1) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (1128).
(2) أخرجه أبو يعلى في "مسنده" والطبراني في "الكبير" وانظر "الصحيحة"
(396).
(3) أخرجه البخاري: 1180، مسلم: 729
(4) (3/ 58) بحذف.
(2/108)
يصلي ثنتين وتارة يصلي أربعاً، وقيل: هو
محمول على أنه كان في المسجد يقتصر على ركعتين وفي بيته يصلّي أربعاً،
ويُحتمَل أن يكون يصلّي إذا كان في بيته ركعتين، ثمَّ يخرج إِلى المسجد
فيصلي ركعتين، فرأى ابن عمر ما في المسجد دون ما في بيته، واطلعت عائشة على
الأمرين، قال أبو جعفر الطبري: الأربع كانت في كثير من أحواله، والركعتان
في قليلها".
والراجح عندى الحال الأول الذي ذكره الحافظ -رحمه الله تعالى- أنَّه تارة
يصلي ثنتين وتارة يصلي أربعاً، وبهذا يتأسّى المرء برسول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيفعل هذا بحسب نشاطه، والله تعالى أعلم.
ما ورد أنها ستّ ركعات:
1 - عن عبد الله بن شقيق قال: "سألْتُ عائشة -رضي الله عنها- عن صلاة رسول
الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن تطوّعه؟ فقالت: كان يصلّي
في بيتي قبل الظهر أربعاً، ثمَّ يخرج فيصلّي بالناس، ثمّ يدخل فيصلي ركعتين
... " (1).
2 - عن أم حَبيبة رملة -رضي الله عنها- قالت: سمعتُ رسول الله - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "ما من عبد مسلم يصلي لله تعالى في كلّ
يوم ثنتي عشْرة ركعة تطوعاً غير فريضة؛ إِلاَّ بنى الله تعالى له بيتاً في
الجنّة، أو: إلاَّ بُني له بيتٌ في الجنّة" (2).
ما ورَد أنها ثمان ركعات:
عن أمّ حَبيبة عن النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من
صلّى قبل الظهر أربعاً، وبعدها
__________
(1) أخرجه مسلم: 730، وتقدّم.
(2) أخرجه مسلم: 728
(2/109)
أربعاً، حرّمه الله على النار" (1).
فضل الأربع قبل الظهر:
عن عبد الله بن السائب -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصلّي أربعاً بعد أن تزول الشمس قبل الظهر (2)،
وقال: "إِنها ساعةٌ تُفتح فيها أبواب السماء، فأُحِبّ أن يصعد لي فيها عملٌ
صالح" (3).
وعن عائشة -رضي الله عنها- " أنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - كان لا يدَع أربعاً قبل الظهر وركعتين قبل الغداة" (4).
إِذا صلّى أربعاً قبل الظهر أو بعده فهل يسلّم بعد كلّ ركعتين؟
يجوز أن يصلّيها دون أن يفصل بينها بالتسليم، والأفضل أن يسلّم بعد كلّ
ركعتين، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صلاة الليل والنهار
مثنى مثنى" (5).
قال شيخنا في "تمام المنّة" (240): " ... ويؤيده صلاة النّبيّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوم
__________
(1) أخرجه أحمد وأبو داود "صحيح سنن أبي داود" (1130)، والترمذي "صحيح سنن
الترمذي" (352)، والنسائي "صحيح سنن النسائي" (1708)، وابن ماجه "صحيح سنن
ابن ماجه" (951)، وانظر "المشكاة" (1167).
(2) أي: قبل فريضة الظهر.
(3) أخرجه أحمد وغيره، عن "صحيح الترغيب والترهيب" (583).
(4) أخرجه البخاري: 1182
(5) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود" (1151)، وابن خزيمة "صحيح ابن
خزيمة" (1210)، وانظر "تمام المنّة" (239).
(2/110)
فتح مكة صلاة الضحى ثماني ركعات يسلّم من
كلّ ركعتين". وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود بإِسناد صحيح على شرطهما وهو في
"الصحيحين" دون التسليم، وقال الحافظ في "الفتح" (3/ 41): "أخرجه ابن خزيمة
وفيه ردٌّ على من تمسَّك به في صلاتها موصولة؛ سواء صلّى ثمان ركعات أو
أقل.
قلت: فهذا الحديث يستأنس به على أنّ الأفضل التسليم بعد كل ركعتين في
الصلاة النهارية. والله أعلم".
قضاء سنة الظهر القبلية:
عن عائشة -رضي الله عنها- أنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ -: "كان إِذا لم يصلِّ أربعاً قبل الظهر؛ صلاَّهنّ بعدها" (1).
قضاء سنّة الظهر البعدية:
عن كُريب أنَّ ابن عباس والمِسور بن مَخرَمَة وعبد الرحمن بن أزهر -رضي
الله عنهم- أرسلوه إِلى عائشة -رضي الله عنها- فقالوا اِقرَأ عليها السلام
منَّا جميعاً وسلْها عن الركعتين بعد صلاة العصر، وقل لها: إِنّا أُخبرنا
أنّكِ تُصلينهما، وقد بلغَنا أنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ - نهى عنها، وقال ابن عباس: وكنتُ أضربُ الناس مع عمر بن الخطاب
عنها قال كُريب فدخلتُ على عائشة -رضي الله عنها- فبلّغتُها ما أرسلوني
فقالت: سل أمّ سلمة فخرَجْتُ إِليهم فأخبرتهم بقولها، فردُّوني إِلى أمّ
سلمة بمِثل ما أرسلوني به إِلى عائشة، فقالت أمّ سلمة -رضي الله عنها-
سمعْت النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينهى عنها، ثمَّ
رأيته
__________
(1) أخرجه الترمذي "صحيح سنن الترمذي" (350)، وإسناده صحيح كما في "تمام
المنة" (ص 241).
(2/111)
يصليهما حين صلّى العصر، ثمَّ دخل عليَّ
وعندي نسوةٌ من بني حرامٍ من الأنصار، فأرسلتُ إِليه الجارية فقلتُ: قُومِي
بجنبه قُولِي لهُ: تقول لك أمُّ سلمة يا رسول الله سمعْتك تنهى عن هاتين
وأراك تُصليهما، فإِنْ أشار بيده، فاستأخري عنه، ففعَلت الجارية فأشار بيده
فاستأخَرت عنه، فلمّا انصرف قال: يا ابنة أبي أُمية سألتِ عن الركعتين بعد
العصر، وإنَّه أتاني ناسٌ من عبد القيس، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد
الظهر فهما هاتان" (1).
سنّة المغرب
قد ورد عدد من النصوص أنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كان يصلّي ركعتين بعد المغرب ومن ذلك حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال:
حفظتُ من النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشر ركعات ...
وذكر منها ركعتين بعد المغرب" (2).
استحباب أدائها في البيت:
قد تقدّم استحباب صلاة التطوّع في البيوت، وقد وردَت نصوصٌ خاصّة في
استحباب صلاة الركعتين بعد المغرب في البيوت كذلك.
فعن كعب بن عُجْرة؛ "أنَّ النّبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
أتى مسجد بني عبد الأشهل، فصلّى فيه المغرب، فلمّا قضوا صلاتهم رآهم
يسبّحون (3) بعدها فقال: هذه صلاة البيوت" (4).
__________
(1) أخرجه البخاري: 1233، ومسلم: 835
(2) أخرجه البخاري: 1180
(3) أي: يصلّون السُّبحة، أي: النافلة.
(4) أخرجه أبو داود "صحيح أبي داود" (1115) وغيره، وانظر "المشكاة" (1182).
(2/112)
وفي رواية من حديث رافع بن خَدِيج قال: أتانا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بني عبد الأشهل، فصلى بنا المغرب في مسجدنا، ثمُّ
قال: "اركعوا هاتين الركعتين في بيوتكم" (1).
سنّة العشاء
تقدّم عدد من الأحاديث في سنّة الركعتين بعد العشاء من ذلك حديث البخاري:
(1180) عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "حفظْت من النّبيّ - صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشر ركعات ... " وذكر منها ركعتين بعد
العشاء. |