الوجيز
في فقه السنة والكتاب العزيز كتاب الزكاة
(1/213)
منزلتها في الدين:
الزكاة ركن من أركان الإِسلام، وفريضة من فرائضه:
عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بني الإِسلام على
خمس، شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء
الزكاة، وحج البيت، وصيام رمضان" (1).
وقد قرنت بالصلاة في اثنتين وثمانين آية.
الترغيب في أدائها:
قال تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتزَكليهِم
بِهَا} (2).
وقال تعالى: {وَمَا آتَيْتُم مِّن رِّبًا لِّيَرْبُوَ في أَمْوَالِ النَّاس
فَلا يَرْبُو عِندَ اللهِ وَمَا آتَيْتُم مِّن زَكاة تُرِيدًونَ وَجْهَ
اللهِ فَاُوْلَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} (3).
وعن أبي هريرة قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: "من تصدق بعدل تمرة
من كسب طيب ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها
لصاحبها كما يربى أحدكم فلوه (*) حتي تكون مثل الجبل" (4).
التحذير من منعها:
قال تعالى: {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ الفَة
مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا ئَهُم بَلْ هُوَ شَر لَّهمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا
بَخِلوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَة وَلِلَّه مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (5).
__________
(1) سبق ص 57.
(2) التوبة (103).
(3) الروم (39).
(*) فَلُوَّه: المهُر أول ما يولد.
(4) متفق عليه: خ (1410/ 278/ 3)، وهذا لفظه، م (1014/ 702/ 2)، ت (656/
85/ 2)، نس (57/ 5).
(5) آل عمران (180).
(1/215)
عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه
وسلم - قال: (من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا
أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه -يعني ِ شدقيه- ثم
يقول: أنا كنزك أنا مالك، ثم تلا هذه الآية: {وَلا يحسبن الَذِين
يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ الله مِن فَضله ..... } (1).
وقال تعالى: {وَالذين يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضة وَلا ينفِقونَهَا في
سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَاب أَلِيم (34) يَوْمَ يحْمَى عَلَيْهَا
في نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ
وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كنَزْتُمْ لأَنفسِكُمْ فَذُوقوا مَا كنتُمْ
تَكْنِزُونَ} (2).
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من صاحب ذهب
ولا فضة لا يؤدى منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نار
فأحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره. كلما بَرَدَتْ أعيدت
له. في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. حتى يقضى بين العباد. فيرى سبيلُهُ.
إما إلى الجنة واما إلى النار".
قيل: يا رسول الله أفالإبل؟ قال "ولا صاحب إبل لا يؤدى منها حقها. ومن حقها
حَلَبُهَا يوم وردها (*) إلا إذا كان يوم القيامة بُطِحَ لها بقاع قَرْقر
(**) أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدًا تطؤّه بأخفافها وتعضه
بأفواهها. كلما مر عليه أولاَهَا رُد عليه أُخْرَاهَا في يوم كان مقداره
خمسين ألف سنة. حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى
النار (3).
__________
(1) صحيح: [ص. نس 2327]، خ (1403/ 268/ 3).
(2) التوبة (34، 35).
(*) يوم وردها. يوم ترد الماء.
(**) قرقر: القاع: المكان المستوى من الارض، الواسع والقرقر: الأملس.
(3) صحيح: [ص. ج 5729]، م (987/ 680/ 2)، د (1642/ 75/5).
(1/216)
حكم مانعها:
الزكاة من الفرائض التي أجمعت عليها الأمة واشتهرت شهرة جعلتها من ضروريات
الدين بحيث لو أنكر وجوبها أحد خرج عن الإِسلام، وقُتل كفرا، إلا إذا كان
حديث عهد بالاسلام فإنه يعذر بجهله الأحكام.
أما من امتنع عن أدائها مع اعتقاده وجوبها فإنه يأثم بامتناعه دون أن يخرجه
ذلك عن الإِسلام وعلى الحاكم أن يأخذها منه قهرا (1)، ويأخذ نصف ماله
عقوبة:
لحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يقول: "في كل إبل سائمة، في كل أربعين ابنة لبون، لا يفرق إبل عن
حسابها، من أعطاها مؤتجرا فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها وشطر ماله عزمة
من عزمات ربنا تبارك وتعالى، لا يحل لآل محمَّد منها شيء" (2).
"ولو امتنع قوم عن أدائها مع اعتقادهم وجوبها، وكانت لهم قوة ومنعة فإنهم
يقاتلون عليها حتي يعطوها لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل
الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدأ رسول الله، ويقيموا الصلاة
ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإِسلام
وحسابهم على الله" (3).
وعن أبي هريرة قال: لما توفي - صلى الله عليه وسلم -، وكان أبو بكر، وكفر
من كفر من العرب، فقال عمر كيف تقاتل الناس؟ وقد قال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - "أمرت أن أقاتل الناس حتي يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها
فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابهم على الله. فقال: والله لأقاتلن من
فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعونى عناقًا (*)
كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها.
فقال عمر: فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه
الحق" (4).
__________
(1) ففه السنة (281/ 1).
(2) حسن: [ص. ج 4265]، د (1560/ 452/ 4)، نس (25/ 5)، أ (28/ 217/ 8).
(3) متفق عليه: خ (25/ 75/ 1)، وهذا لفظه، م (22/ 53/ 1).
(*) عناقًا: أنثى المعز.
(4) متفق عليه: خ (1399/ 1400/ 626/ 3)، م (20/ 51/ 1)، د (1541/ 414/ 4)،
نس (54/ 1)، ت (2734/ 117/ 4).
(1/217)
على من تجب؟
تجب على كل مسلم حرّ مالك للنصاب إذا حال الحول علي ما يملك من المال سوى
الزرع فإنه تجب الزكاة فيه يوم حصاده إذا بلغ النصاب، قال تعالى {وَآتُوا
حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (1).
الأموال التي تجب فيها الزكاة:
تجب الزكاة في النقدين، والزروع، والثمار، والمواشى، والركاز.
أولًا- زكاة النقدين: الذهب والفضة:
النصاب ومقدار الواجب:
نصاب الذهب عشرون دينارا، ونصاب الفضة مائتا درهم وفيهما ربع العشر:
عن علي بن أبي طالب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كانت لك
مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء -يعني في
الذهب حتى يكون لك عشرون دينارا، فهذا كانت لك عشرون دينارا وحال عليها
الحول ففيها نصف دينار" (2).
زكاة الحلى:
زكاة الحلى واجبة بعموم الآية والأحاديث، وليس مع من أخرجه من هذا العموم
دليل، ومع ذلك فقد جاءت فيه نصوص خاصة: منها:
عن أم سلمة قالت: "كنت ألبس أوضاحا (*) من ذهب، فقلت يا سول الله أكنز هو؟
فقال:
"ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكى فليس بكنز" (3).
__________
(1) الأنعام (141).
(2) صحيح: [ص. د 1391]، د (1558/ 447/ 4).
(*) اوضاحًا: الحلى من الدراهم الصحيحة.
(3) حسن: [ص. ج 5582]، [الصحيحة 559]، د (1549/ 426/ 4)، قط (105/ 2).
(1/218)
وعن عائشة قالت: "دخل عليّ رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - فرأى في يدي فتخات (*) من ورق، فقال: ما هذا يا عائشة؟
فقلت: صنعتهن أتزيّن لك يا رسول الله، قال: أتؤدين زكاتهن؟ قلت: لا، أو ما
شاء الله، قال: هو حسبك من النار" (1).
ثانيًا- زكاة الزروع والثمار:
قال تعالى: {ووَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَناتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ
مَعْرُوشَاتٍ وَالنخْلَ وَالزرْعَ مُخْتَلِفًُا أُكلًهُ وَالزيْتونَ
وَالرمَّانَ فتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِن ثَمَرِهِ إِذَا
أَثْمَرَ وَا تُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّه لا
يُحِبّ الْمُسْرِفِينَ} (2).
الأصناف التي تؤخذ منها:
لا تؤخذ الزكاة إلا منِ أصناف أربعة، بيّنها هذا الحديث:
عن أبي بردة: عن أبي موسى ومعاذ: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بعثهما إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم، فأمرهم أن لا يأخذوا الصدقة إلا
من هذه الأربعة: الحنطة، والشعير، والتمر والزبيب" (3).
النِّصَاب:
يشترط لوجوب الزكاة في الزروع والثمار أن تبلغ
النصاب المذكور في هذا الحديث:
عن أبي سعيد الخدرى قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:" ليس فيما
دون خمس ذَود صدقة من الإبل، وليس فيما دون خمس أواق (* *) صدقة، وليس فيما
دون
__________
(*) فتخات: جمع فتْخة وهى حَلقةٌ لافص لها، تجعلها المرأة فى أصابع رجلها،
وربما وضعتها فى يديها
(1) صحيح: [ص. د 1384]، د (1550/ 427/ 4)، قط (105/ 2).
(2) الأنعام (141).
(3) صحيح: [الصحيحة 879]، كم (401/ 1)، هق (125/ 4).
(**) أواق: جمع أوقيه قال ابن حجر: ومقدار الأوقية في هذا الحديث أربعون
درهما بالاتفاق والمراد بالدرهم الخالص من الفضة.
(1/219)
خمسة أوسُقٍ (*) صدقة" (1).
المقدار الواجب:
عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فيما سقت الأنهار والغيم
العشور، وفيما سقى بالسانية نصف العشور" (2).
وعن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "فيما سقت السماء
والعيون أو كان عَثَريَّا العشر، وفيما سقى بالنضح نصف العشر" (3).
خرص النخيل والأعناب (* *):
عن أبي حميد الساعدي قال: غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة
تبوك، فلما جاء وادى القرى إذا امرأة في حديقة لها، فقال النبي - صلى الله
عليه وسلم - لأصحابه: اخرصوا،
__________
(*) أوسق: جمع وسق بفتح الواو ويجوز كسرها وهو ستون صاعًا بالاتفاق انظر
فتح الباري ج 3 ص 364 ط. دار الريان.
(1) متفق عليه: خ (1447/ 310/ 3)، وهذا لفظه م (979/ 673/ 2)، ت (622/ 69/
2)، نس (17/ 5)، جه (1793/ 571/ 1).
(2) صحيح: [ص. ج 4271]، م (981/ 675/ 2)، وهذا لفظه، د (1582/ 486/ 4)، نس
(42/ 5). العشور: جمع عشر، الغيم: المطر، السانية: هو البعير الذي يسقى به
الماء من البئر، ويقال له الناضح.
(3) صحيح: [ص. ج 427]، خ (1483/ 3/ 347)، وهذا لفظه، د (1581/ 485/ 4)، ت
(635/ 76/ 2)، نس (41/ 5)، جه (1817/ 581/1).
عثريا: وهو المستنقع في بركة ونحوها يصب إليه من ماء المطر في سواق تشق له
قال: واشتقاق من العاثور وهي الساقية التي تجرى فيها الماء لأن الماشي يعثر
فيها. قال وفيه الذي يشرب من الأنهار بغير مؤنة أو يشرب بعروقه كأن يغرس في
أرض يكون الماء قريبا من وجهها فيصل إليه عروق الشجر فيستغنى عن السقى (فتح
البارى ج 3 ص 408 دار الريان).
(* *) خرص النخيل: هو حرز ما على النخل من الرطب تمرًا، حكي الترمذي عن بعض
أهل العلم أن تفسيره أن الثمار إذا أدركت من الرطب والعنب مما تجب فيه
الزكاة بعث السلطان خارصًا ينظر فيقول: يخرج من هذا كذا وكذا تمرًا فيحصيه
وينظر مبلغ العشر فيثبته عليهم ويخلى بينهم وبين الثمار، فإذا جاء وقت
الجذاذ أخذ منهم العشر. انتهى. (فتح الباري ج 3 ص 403 ط. دار الريان).
(1/220)
وخرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
عشرة أوسق، فقال لها: أحصى ما يخرج منها ... فلما أتى وادى القرى قال
للمرأة: كم جاء حديقتك؟ قالت: عشرة أوسق خرص رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -" (1).
وعن عائشة قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث عبد الله بن
رواحة فيخرص النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه، ثم يخيّر يهود يأخذونه بذلك
الخرص أو يدفعونه إليهم بذلك الخرص، لكي يحصى الزكاة قبل أن تؤكل الثمار
وتفرق" (2).
ثالثا- زكاة المواشي:
المواشى ثلاثة أجناس: الإبل، البقر، الغنم
زكاة الإبل:
نصابها:
عن أبي سعيد الخدرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس فيما
دون خمس ذَودٍ من الإبل صدقة" (3).
مقدار الواجب فيها:
عن أنس: أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين:
"بسم الله الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله، فمن سُئِلَها من
المسلمين على وجهها فلْيُعْطِها، ومن سُئلَ فوقها فلا يُعطِ: في أربع
وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم من كلِّ خمسٍ شاةٌ، فإذا بلغتَ خمسا
وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مَخاضٍ أنثى، فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى
خمس وأربعين ففيها بنت لَبونٍ أنثى، فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها
حِقَّةٌ طروقة الجملِ، فإذا بلغت
__________
(1) صحيح: [ص. د 2643]، خ (3481/ 343/ 1)، (3079).
(2) حسن لغيره: [الإرواء 805]، د (3396/ 276/ 9).
(3) سبق ص 213.
(1/221)
واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة،
فهذا بلغت -يعني ستا وسبعين- إلى تسعين ففيها بنتا لبون، فإذا بلغت إحدى
وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حِقَّتانِ طروقتا الجمل، فهذا زادت على عشرين
ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، ومن لم يكن معه إلا أربع
من الإبل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربُّها فهذا بلغت خمسا من الإبل ففيها
شاة" (1).
من لزمته سن وليست عنده:
عن أنس أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له فريضة الصدقة التي أمر الله ورسوله
- صلى الله عليه وسلم - "من بلغت عنده من الإبل صدقة الجذعة وليست عنده
جذعة وعنده حقه فإنها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو
عشرين درهما. ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة فإنه
تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة
الحقة وليس عنده إلا بنت لبون فإنها تقبل منه بنت لبون ويعطي شاتين أو
عشرين درهما. ومن بلغت صدقته بنت لبون وعنده حقة فإنها تقبل منه الحقة
ويعطيه المصدق عشرين درهمًا أو شاتين. ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده
وعنده بنت مخاض فإنها تقبل منه بنت مخاض ويعطي معها عشرين درهما أو شاتين"
(2).
زكاة البقر:
النصاب ومقدار الواجب:
عن معاذ بن جبل قال: "بعثنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن،
وأمرنى أن آخذ من البقر من كل أربعين مسنة، ومن كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة"
(3).
__________
(1) صحيح: [ص. د 1385]، خ (3454/ 317/ 1)، (1453/ 36/ 31)، د (1552/ 431/
4)، نس (18/ 5) جه (1800/ 575/ 1)، الحديث الثاني فقط.
(2) صحيح: [ص. د 1385]، خ (1454/ 317/ 3)، (1453/ 316/ 3)، د (1552/ 431/
4)، نس (18/ 5) جه (1800/ 575/ 1)، الحديث الثاني فقط.
(3) صحيح: [ص. د 1394]، ت (619/ 68/ 2)، د (1561/ 457/ 4)، نس (26/ 5)، جه
(1803/ 576/ 1) واللفظ له، وعند غيره زيادة في آخره.
(1/222)
زكاة الغنم:
النصاب ومقدار الواجب:
عن أنس أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له فريضة الصدقة التي أمر الله رسوله -
صلى الله عليه وسلم -:
"وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة، فإذا
زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة
ففيها ثلاث فهذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة، فإذا كانت سائمة الرجل
ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها" (1).
شروط وجوب الزكاة في المواشي:
1 - النصاب: وهو واضح في الأحاديث السابقة.
2 - أن يحول عليها الحول، لقوله - صلى الله عليه وسلم - "لا زكاة في مال
حتى يحول عليه الحول" (2).
3 - أن تكون سائمة، أي راعية في الكلأ المباح أكثر العام: لقوله - صلى الله
عليه وسلم -: "في صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة
شاة ... " (3).
وقوله: "وفي كل إبل سائمة في كل أربعين ابنة لبون" (4).
ما لا يؤخذ في الزكاة:
عن ابن عباس: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذا على
اليمن قال "وإياك وكرائم أموالهم .. " (5).
__________
(1) سبق ص 215.
(2) صحيح: [ص. ج 7497]، جه (1792/ 571/ 1)، قط (3/ 90/ 2)، هق (103/ 4).
(3) جزء من كتاب الصديق وقد سبق تخريجه ص 216.
(4) سبق ص 211
(5) متفق عليه: خ (1496/ 357/ 3)، م (19/ 50/1)، ت (621/ 69/ 2)، د (1569/
467/ 4)، نس (5/ 55) ..
(1/223)
وعن أنس أن أبا بكر كتب له فريضة الصدقة
التي أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يخرج في الصدقة هرمة ولا
ذات عوار ولا تيس، وإلا ما شاء المصدق" (1).
حكم الخلطة:
إذا اختلط اثنان فأكثرمن أهل الزكاة ولم يتميز مال أحدهما عن مال الآخر
فإنهما يزكيان زكاة الواحد إذا وجبت عليهما الزكاة:
عن أنس أن أبا بكر كتب له فريضة الصدقة التي أمر الله رسوله - صلى الله
عليه وسلم - "ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان
من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية" (2).
رابعًا- زكاة الركاز:
الركاز: دفن الجاهلية الذي يؤخذ من غير أن يطلب بمال ولا يتكلف له كثير
عمل.
وتجب فيه الزكاة على الفور من غير اشتراط حول ولا نصاب، لعموم قوله - صلى
الله عليه وسلم -: "وفي الركاز الخمس" (3).
مصارف الزكاة:
قال الله تعالى {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ
وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ
وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ
اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (4).
__________
(1) و (2) سبق قريبا.
(3) متفق عليه: خ (1499/ 364/ 3)، م (1710/ 1334/ 3)، ت (637/ 77/ 2)، نس
(45/ 5)، جه (2509/ 839/ 2)، د (3069/ 81/ 34)، وهو عند الأولين مطولًا،
وليس عند الآخيرين إلا الجملة المذكورة.
(4) التوبة (60).
(1/224)
قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه
الآية (364/ 2):
لما ذكر تعالى اعتراض المنافقين الجهلة على النبي - صلى الله عليه وسلم -
ولمزهم إياه في قسم الصدقات بيّن تعالى أنه هو الذي قسمها وبين حكمها
وتولّى أمرها بنفسه، ولم يكل قسمها إلى أحد غيره فجزأها لهؤلاء المذكورين
هل يجب استيعاب هذه الأصناف؟
قال ابن كثير: وقد اختلف العلماء في هذه الأصناف الثمانية، هل يجب استيعاب
الدفع إليها أو إلى من أمكن منها؟ على قولين:
أحدهما: أنه يجب ذلك، وهو قول الشافعي وجماعة.
والثاني: أنه لا يجب استيعابها، بل يجور الدفع إلى واحد منها ويعطى جميع
الصدقة مع وجود الباقين، وهو قول مالك وجماعة من السلف والخلف، منهم عمر
وحذيفة وابن عباس وأبو العالية وسعيد بن جبير وميمون بن مهران، قال ابن
جرير: وهو قول عامة أهل العلم. وعلى هذا فإنما ذكرت الأصناف ههنا لبيان
المصرف لا لوجوب استيعاب الإعطاء، قال ابن كثير: ولنذكر أحاديث تتعلق بكل
من الأصناف الثمانية:
1 - فأما الفقراء: فعن ابن عمرو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم
-: "لا تحل الصدقة لغني ولا لذى مرة سوى" (1).
وعن عبيد الله بن عدى بن الخيار: أن رجلين أخبراه أنهما أتيا النبي - صلى
الله عليه وسلم - يسألانه من الصدقة، فقلّب فيهما بصره، فرآهما جلدين،
فقال: "إن شئتما أعطيتكما، ولا حظ فيها لغنى ولا لقوى مكتسب" (2).
2 - وأما المساكين: فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - قال:
__________
(1) صحيح: [ص. خ 7251]، ت (647/ 81/ 2)، د (1618/ 42/ 5)، ورواه عن أبي
هريرة: جه (1839/ 589/ 1)، نس (99/ 5).
(2) صحيح: [ص. د 1438]، د (1617/ 41/ 5)، نس (99/ 5).
(1/225)
"ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على
الناس، فترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان" قالوا فما المسكين يا
رسول الله؟ قال: "الذي لا يجد غنى يغنيه، ولا يفطن له فيتصدق عليه، ولا
يسأل الناس شيئًا" (1).
3 - وأما العاملون عليها: فهم الجباة والسعاة، يستحقون منها قسطًا على ذلك،
ولا يجوز أن يكونوا من أقرباء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين تحرم
عليهم الصدقة، لما ثبت في صحيح مسلم عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث أنه
انطلق هو والفضل بن العباس يسألان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ليستعملهما على الصدقة، فقال: "إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل محمَّد،
إنما هى أوساخ الناس" (2).
4 - وأما المؤلفة قلوبهم فأقسام:
منهم من يعطى ليسلم، كما أعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - صفوان بن أمية
من غنائم حنين، وقد كان شهدها مشركًا، قال: "فلم يزل يعطينى حتى صار أحب
الناس إليّ، بعد أن كان أبغض الناس إليّ" (3).
ومنهم من يعطى ليحسن إسلامه ويثبت قلبه، كما أعطى يوم حنين أيضا جماعة من
صناديد الطلقاء وأشرافهم مائة من الإبل، وقال: "إني لأعطى الرجل وغيرُه أحب
إليّ منه، خشية أن يكبه الله على وجهه في نار جهنم" (4).
وفي الصحيحين عن أبي سعيد أن عليا بعث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -
بذهيبة في تربتها من اليمن فقسمها بين أربعة نفر: الأقرع بن حابس، وعيينة
بن بدر، وعلقمة بن علاثة، وزيد الخير وقال: "أتألفهم" (5).
__________
(1) متفق عليه: م (1039/ 719/ 2)، وهذا لفظه، خ (1479/ 31/ 34)، نس (85/
5)، د (1615/ 39/ 5).
(2) صحيح: [ص. ج 1664]، م (1072/ 752/ 2)، د (2969/ 205/ 8)، نس (105/ 5).
قال النووى ومعنى (أوساخ الناس) أنها تطهير لأموالهم ونفوسهم كما قال تعالى
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}
فهي كغسالة الأوساخ (ص. مسلم شرح النووى ج 7 ص 251 ط قرطبه).
(3) صحيح: [مختصر م 1588]، م (1072/ 168/754/ 1)، د (2969/ 205 - 208/ 8)،
نس (105 و 106/ 5).
(4) متفق عليه: خ (27/ 79/ 1)، م (150/ 132/ 1)، د (4659/ 440/12)، نس
(103/ 8).
(5) متفق عليه: خ (4351/ 67/ 8)، م (1064/ 741/ 2)، د (4738/ 109/ 13).
(1/226)
ومنهم من يعطى لما يرجى من إسلام نظرائه.
ومنهم من يعطى ليجبى الصدقات ممن يليه، أو ليدفع عن حوزة المسلمين الضرر من
أطراف البلاد. والله أعلم.
وهل تعطى المؤلفة على الإِسلام بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -؟
قال ابن كثير: فيه خلاف:
فروي عن عمر وعامر والشعبى وجماعة أنهم لا يعطون بعده، لأن الله قد أعز
الإِسلام وأهله ومكن لهم في البلاد، وأذل لهم رقاب العباد.
وقال آخرون: بل يعطون لأنه عليه الصلاة والسلام قد أعطاهم بعد فتح مكة وكسر
هوازن، وهذا أمر قد يحتاج إليه فيصرف إليهم.
5 - وأما الرقاب: فروى عن الحسن البصري ومقاتل بن حيان وعمر بن عبد العزيز
وسعيد بن جبير والنخعى والزهرى وابن زيد أنهم المكاتبون، وروى عن أبي موسي
الأشعرى نحوه، وهو قول الشافعي والليث رضي الله عنهما. وقال ابن عباس
والحسن: لا بأس أن تعتق الرقبة من الزكاة. وهو مذهب أحمد ومالك وإسحاق. أي
أن الرقاب أعم من أن يعطي المكاتب، أو يشتري رقبة فيعتقها استقلالا. وقد
ورد في ثواب الإعتاق وفك الرقبة أحاديث كثيرة، وأن الله يعتق بكل عضو منها
عضوا من معتقها، حتى الفرج بالفرج (1)، وما ذاك إلا لأن الجزاء من جنس
العمل "وما تجزون إلا ما كنتم تعملون".
6 - وأما الغارمون فهم اْقسام:-
فمنهم من تحمل حمالة، أو ضمن دينا فلزمه فاجحف بماله، أو غرم في أداء دينه،
أو في معصية ثم تاب، فهؤلاء يدفع إليهم.
__________
(1) صحيح: [ص. ج 6051]، رواه الترمذي من حديث أبي هريرة قال: سمعت رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله منه بكل
عضو منه عضوا من النار، حتي يعتق فرجه بفرجه". (1581/ 49/ 3).
(1/227)
والأصل في هذا الباب حديث قبيصة بن مخارق
الهلالي قال: تحملت حمالة فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسأله
فيها، فقال: "أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها". قال: ثم قال: "يا
قبيصة، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة
حتي يصيبها ثم يمسك. ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة، حتى
يصيب قواما من عيش، أو قال: سدادًا من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم
ثلاثة من ذوي الحِجَا من قَوْمِهِ: لقد أصابت فلانا فاقة، فَحَلَّت له
المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أو قال: سدادا من عيش، فما سِوَاهُنَّ من
المسألة يا قبيصة! سُحْتًا يكلها صَاحِبُهَا سُحْتًا" (1).
7 - وأما في سبيل الله: فهم الغزاة الذين لاحق لهم في الديوان.
وعند الإِمام أحمد والحسن وإسحاق: والحج من سبيل الله، للحديث.
(قلت): يريد بالحديث حديث ابن عباس رضي الله عنه قال:
"أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج، فقالت امرأة لزوجها:
أحِجَّنى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: ما عندي ما أحِجُّكِ
عليه. قالت: أجِجَّنى على جملك فلان. قال: ذاك حَبيس في سبيل الله عَزَّ
وَجَلَّ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن امرأتى تقرأ عليك
السلام ورحمة الله، وإنها سألتنى الحج معك، قالت: أحجنى مع رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -، فقلت ما عندي ما أحجك عليه. فقالت: أحجنى على جملك فلان.
فقلت: ذاك حبيس في سبيل الله. فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أما إنك لو
أحججتها عليه كان في سبيل الله" (2).
8 - وابن السبيل: هو المسافر المجتاز في بلد ليس معه شيء يستعين به على
سفره فيعطي من الصدقات ما يكفيه إلى بلده، وإن كان له مال. وهكذا الحكم
__________
(1) صحيح: [مختصر م 568]، م (1044/ 722/ 2)، د (1624/ 49/ 5)، نس (96/ 5).
ومن ذوى الحجا أي العقل والفطنة.
(2) حسن صحيح: [ص. د 1753]، د (1974/ 465/ 5)، كم (183/ 1)، هق (164/ 6).
(1/228)
فيمن أنشأ سفرا من بلده وليس معه شيء فيعطي
من مال الزكاة كفايته في ذهابه وإيابه. والدليل على ذلك الآية، وما رواه
الإِمام أبو داود وابن ماجه من حديث معمر عن يزيد بن أسلم عن عطاء بن يسار
عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا
تحل الصدقة لغنى إلا خمسة: العامل عليها، أو رجل اشتراها بماله، أو غارم أو
غاز في سبيل الله، أو مسكين تصدق عليه فأهدي منها لغنى" (1).
زكاة الفطر
حكمها:
زكاة الفطر واجبة على كل مسلم: لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال:
"فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا
من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين،
وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" (2).
حكمتها:
عن ابن عباس قال: "فرض رسول الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث،
وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد
الصلاة فهي صدقة من الصدقات" (3).
__________
(1) صحيح: [ص. ج 7250]، د (1619/ 44/ 5)، جه (1841/ 590/ 1).
(2) متفق عليه: خ (1503/ 367/ 1)، م (984، 986/ 677، 679/ 2)، ت (670، 672/
92، 93/ 2)، د (96، 1595/ 4، 5/ 5)، نس (48/ 5)، جه (1826/ 584/ 1) وليس
عنده الجزء الثاني من الحديث.
(3) حسن: [ص. جه 1480]، جه (1827/ 585/1)، د (1594/ 3/ 5).
(1/229)
على من تجب؟
تجب على الحر المسلم المالك لما يزيد عن قوته وقوت عياله يومًا وليلة، وتجب
عليه عن نفسه وعمن تلزمه نفقته، كزوجته، وأبنائه، وخدمه، إذا كانوا مسلمين.
عن ابن عمر قال: "أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصدقة الفطر عن
الصغير والكبير والحر والعبد ممن تمونون" (1).
قدرها:
والواجب عن كل شخص نصف صاع من قمح، أو صاع من تمر أو زبيب، أو شعير أو أقط،
أو غير ذلك مما يقوم مقامه كالأرز والذرة ونحوها مما يعتبر قوتا.
أما كون الواجب من القمح نصف صاع فلحديث عروة بن الزبير:
"أن أسماء بنت أبي بكر كانت تخرج على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
عن أهلها -الحر منهم والمملوك- مُدّيْن من حنطة أو صاعا من تمر، بالمد أو
بالصاع الذي يقتاتون به" (2).
أما كون الواجب من غير القمح صاعا، فلحديث أبي سعيد الخدرى قال: "كنا نخرج
زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أوصاعا من أقط
أو صاعا من زبيب" (3).
"ولم يجز عامة الفقهاء إخراج القيمة، وأجازه أبو حنيفة". ذكره النووى في
شرح مسلم (60/ 7) قلت: وقول أبي حنيفة - رحمه الله - مردود؛ لأنه (وما
__________
(1) صحيح: [الإرواد 835]، قط (12/ 141/ 2)، هق (161/ 4).
(2) الطحاوي (43/ 2) وهذا لفظه.
(3) متفق عليه: خ (1506/ 317/ 3)، م (985/ 678/ 2)، ت (668/ 91/2)، د
(1601/ 13/5)، نس (51/ 5)، جه (1829/ 585/ 1).
(1/230)
كان ربك نسيا) فلو كانت القيمة مجزئة لبين
ذلك الله ورسوله. فالواجب الوقوف عند ظاهر النصوص من غير تحريف ولا تأويل.
وقت إخراجها:
عن ابن عمر قال: "أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بزكاة الفطر أن تؤدى
قبل خروج الناس إلى الصلاة" (1).
ويجوز تعجيلها لمن يقبضها قبل الفطر بيوم أو يومين:
عن نافع قال: "كان ابن عمر يعطيها الذين يقبلونها، وكانوا يعطون قبل الفطر
بيوم أو يومين" (2).
ويحرم تأخيرها عن وقتها لغير عذر:
عن ابن عباس قال: "فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زكاة الفطر طهرة
للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة
مفبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" (3).
مصرفها:
لا تعطى صدقة الفطر إلا للمساكين، لقوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث
ابن عباس "وطعمة للمساكين" (4).
__________
(1) سبق ص 223.
(2) صحيح: خ (1511/ 375/ 3).
(3) و (4) سبق ص 223.
(1/231)
صدقة التطوع:
ويستحب الإكثار من صدقة التطوع، لقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ
يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ
أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ
وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (1).
ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم - "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان
ينزلان، فيقول أحدهما اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا
تلفا" (2).
وأولى الناس بصدقة المسلم أهله وذووا رحمه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذى الرحم ثنتان صدقة وصلة" (3).
* * *
__________
(1) البقرة (261).
(2) متفق عليه: خ (1442/ 304/ 3)، م (1010/ 700/ 20).
(3) صحيح: [ص. ج 3858] , ت (653/ 84/ 2).
(1/232)
|