بستان
الأحبار مختصر نيل الأوطار كِتَابُ صَلَاةِ الْخَوْفِ
بَابُ الْأَنْوَاعِ الْمَرْوِيَّةِ فِي صِفَتِهَا
1698- عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتُ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ أَنَّ الطَّائِفَةَ صَفَّتْ
مَعَهُ، وَطَائِفَةً وِجَاهَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِاَلَّتِي مَعَهُ
رَكْعَةً، ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا، فَأَتَمُّوا؛ لِأَنْفُسِهِمْ، ثُمَّ
انْصَرَفُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ، وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى
فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ ثَبَتَ
جَالِسًا، فَأَتَمُّوا؛ لِأَنْفُسِهِمْ فَسَلَّمَ بِهِمْ. رَوَاهُ
الْجَمَاعَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ.
1699- وَفِي رِوَايَةٍ لِلْجَمَاعَةِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتُ عَنْ
سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
بِمِثْلِ هَذِهِ الصِّفَةِ.
نَوْعٌ آخَرُ
1700- عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه
وسلم - صَلَاةَ الْخَوْفِ بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً،
وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مُوَاجِهَةٌ الْعَدُوِّ، ثُمَّ انْصَرَفُوا
وَقَامُوا فِي مَقَامِ أَصْحَابِهِمْ مُقْبِلِينَ عَلَى الْعَدُوِّ وَجَاءَ
أُولَئِكَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمْ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمَ ثُمَّ قَضَى هَؤُلَاءِ رَكْعَةً، وَهَؤُلَاءِ
رَكْعَةً. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
نَوْعُ آخَرُ
1701- عَنْ جَابِرٍ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه
وسلم - صَلَاةَ الْخَوْفِ فَصَفَّنَا صَفَّيْنِ خَلْفَهُ، وَالْعَدُوُّ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَكَبَّرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - وَكَبَّرْنَا
(1/458)
جَمِيعًا، ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعْنَا
جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعًا،
ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ، وَقَامَ
الصَّفُّ الْمُؤخَرُ فِي نَحْرِ الْعَدُوِّ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم - السُّجُودَ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ انْحَدَرَ
الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ بِالسُّجُودِ وَقَامُوا، ثُمَّ تَقَدَّمَ الصَّفُّ
الْمُؤَخَّرُ وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ، ثُمَّ رَكَعَ النَّبِيُّ
- صلى الله عليه وسلم - وَرَكَعْنَا
جَمِيعًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ وَرَفَعْنَا جَمِيعًا،
ثُمَّ انْحَدَرَ بِالسُّجُودِ وَالصَّفُّ الَّذِي يَلِيهِ الَّذِي كَانَ
مُؤَخَّرًا فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ فِي
نَحْرِ الْعَدُوِّ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
السُّجُودَ بِالصَّفِّ الَّذِي يَلِيهِ، انْحَدَرَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ
بِالسُّجُودِ فَسَجَدُوا، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
وَسَلَّمْنَا جَمِيعًا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ
وَالنَّسَائِيُّ.
1702- وَرَوَى أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ هَذِهِ الصِّفَةَ
مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيُّ وَقَالَ: صَلَّاهَا رَسُولُ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّتَيْنِ مَرَّةً بِعُسْفَانَ،
وَمَرَّةً بِأَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ.
نَوْعٌ آخَرَ
1703- عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
بِذَاتِ الرِّقَاعِ وَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ
رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ تَأَخَّرُوا، وَصَلَّى بِالطَّائِفَةِ الْأُخْرَى
رَكْعَتَيْنِ، فَكَانَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعٌ،
وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1704- وَلِلشَّافِعِيِّ وَالنَّسَائِيُّ. عَنْ الْحَسَنِ عَنْ جَابِرٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِطَائِفَةٍ مِنْ
أَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ صَلَّى بِآخَرِينَ
رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ.
1705- وَعَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: صَلَّى بِنَا
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَصَلَّى بِبَعْضِ
أَصْحَابِهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ تَأَخَّرُوا وَجَاءَ
الْآخَرُونَ وَكَانُوا فِي مَقَامِهِمْ، فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ
ثُمَّ سَلَّمَ، فَصَارَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْبَعَ
رَكَعَاتٍ، وَلِلْقَوْمِ رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ
وَالنَّسَائِيُّ.
1706- وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي
كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم -، وَكَذَلِكَ قَالَ سُلَيْمَانُ الْيَشْكُرِيُّ عَنْ جَابِرٍ عَنْ
... النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
(1/459)
نَوْع آخَرَ
1707- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى
الله عليه وسلم - صَلَاةَ الْخَوْفِ عَامَ غَزْوَةِ نَجْدٍ، فَقَامَ إلَى
صَلَاةِ الْعَصْرِ فَقَامَتْ مَعَهُ طَائِفَةٌ، وَطَائِفَةٌ أُخْرَى
مُقَابِلَ الْعَدُوِّ وَظُهُورُهُمْ إلَى الْقِبْلَةِ، فَكَبَّرَ
فَكَبَّرُوا جَمِيعًا الَّذِينَ مَعَهُ وَاَلَّذِينَ مُقَابِلَ الْعَدُوِّ
ثُمَّ رَكَعَ رَكْعَةً وَاحِدَةً وَرَكَعَتْ الطَّائِفَةُ الَّتِي مَعَهُ،
ثُمَّ سَجَدَ فَسَجَدَتْ الطَّائِفَةُ الَّتِي تَلِيهِ وَالْآخَرُونَ
قِيَامٌ مُقَابِلِي الْعَدُوِّ، ثُمَّ قَامَ وَقَامَتْ الطَّائِفَةُ
الَّتِي مَعَهُ، فَذَهَبُوا إلَى الْعَدُوِّ فَقَابَلُوهُمْ وَأَقْبَلَتْ
الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلَ الْعَدُوِّ، فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا
وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا هُوَ، ثُمَّ قَامُوا
فَرَكَعَ رَكْعَةً أُخْرَى وَرَكَعُوا مَعَهُ وَسَجَدَ وَسَجَدُوا مَعَهُ،
ثُمَّ أَقْبَلَتْ الطَّائِفَةُ الَّتِي كَانَتْ مُقَابِلَ الْعَدُوِّ
فَرَكَعُوا وَسَجَدُوا وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَاعِدٌ
وَمَنْ مَعَهُ، ثُمَّ كَانَ السَّلَامُ فَسَلَّمَ وَسَلَّمُوا جَمِيعًا،
فَكَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَينِ، وَلِكُلِّ
رَجَلٌ مِن الطَّائِفَتَيْن رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ
وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
نَوْعٌ آخَرُ
1708- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
صَلَّى بِذِي قَرَدٍ فَصَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ: صَفًا خَلْفَهُ،
وَصَفًّا مُوَازِيَ الْعَدُوِّ، فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ خَلْفَهُ رَكْعَةً،
ثُمَّ انْصَرَفَ هَؤُلَاءِ إلَى مَكَانِ هَؤُلَاءِ، وَجَاءَ أُولَئِكَ
فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، وَلَمْ يَقْضُوا رَكْعَةً. رَوَاهُ
النَّسَائِيّ.
1709- وَعَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ زَهْدَمٍ قَالَ: كُنَّا مَعَ سَعِيدِ بْنِ
الْعَاصِ بِطَبَرِسْتَانَ فَقَالَ: أَيُّكُمْ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللَّهِ
- صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ الْخَوْفِ؟ فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَنَا،
فَصَلَّى بِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَبِهَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَلَمْ يَقْضُوا.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
1710- وَرَوَى النَّسَائِيّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِثْلَ صَلَاةِ حُذَيْفَةَ، كَذَا
قَالَ.
1711- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ عَلَى
نَبِيَّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - فِي الْحَضَرِ أَرْبَعًا، وَفِي
السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الْخَوْفِ رَكْعَةً. رَوَاهُ أَحْمَدُ
وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
(1/460)
قَوْلُهُ: (يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ) قَالَ
الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: هِيَ غَزْوَةُ نَجْدٍ لَقِيَ بِهَا
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ فَتَوَقَّفُوا
وَلَمْ يَكُنْ بَيْنُهُمْ قِتَالٌ، وَصَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه
وسلم - بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْخَوْفِ. وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
مِنْ صِفَاتِ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ فِي
الثُّنَائِيَّةِ بِطَائِفَةٍ رَكْعَةً، ثُمَّ يَنْتَظِرُ حَتَّى يُتِمُّوا؛
لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَيَذْهَبُوا فَيَقُومُوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ،
ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَيُصَلُّونَ مَعَهُ الرَّكْعَةَ
الثَّانِيَةَ، ثُمَّ يَنْتَظِرُ حَتَّى يُتِمُّوا؛ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً
وَيُسَلِّمُ بِهِمْ.
قَوْلُهُ: (عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّى رَسُولُ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ الْخَوْفِ بِإِحْدَى
الطَّائِفَتَيْنِ) إلى آخره. قَالَ الشَّارِحُ: الْحَدِيثُ فِيهِ أَنَّ
مِنْ صِفَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ مِنْ
الْجَيْشِ رَكْعَةً، وَالطَّائِفَة الْأُخْرَى قَائِمَةً تِجَاهَ
الْعَدُوِّ، ثُمَّ تَنْصَرِفُ الطَّائِفَةُ الَّتِي صَلَّتْ مَعَهُ
الرَّكْعَةَ وَتَقُومُ تُجَاهَ الْعَدُوِّ، وَتَأْتِي الطَّائِفَةُ
الْأُخْرَى فَتُصَلِّي مَعَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ تَقْضِي كُلُّ طَائِفَةٍ
لِنَفْسِهَا رَكْعَةً. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: (ثُمَّ
قَضَى هَؤُلَاءِ رَكْعَةً وَهَؤُلَاءِ رَكْعَةً) أَنَّهُمْ أَتَمُّوا فِي
حَالَةٍ وَاحِدَةٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ أَتَمُّوا عَلَى التَّعَاقُبِ،
قَالَ: وَهُوَ الرَّاجِحُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَإِلَّا فَيَسْتَلْزِم
تَضْيِيعَ الْحِرَاسَةِ الْمَطْلُوبَةِ وَإِفْرَادِ الْإِمَامِ وَحْدَهُ
وَيُرَجِّحُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ
وَلَفْظُهُ: ثُمَّ سَلَّمَ وَقَامَ هَؤُلَاءِ أَيِّ الطَّائِفَةُ
الثَّانِيَةُ فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا ثُمَّ
ذَهَبُوا وَرَجَعَ أُولَئِكَ إلَى مَقَامِهِمْ
فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا. قَالَ: وَظَاهِرُهُ
أَنَّ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ وَاَلَتِ بَيْنَ رَكْعَتَيْهَا، ثُمَّ
أَتَمَّتْ الطَّائِفَةُ الْأُولَى بَعْدَهَا.
قَوْلُهُ: (شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ
الْخَوْفِ فَصَفَّنَا صَفَّيْنِ خَلْفَهُ، وَالْعَدُوُّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ
الْقِبْلَةِ) . قَالَ الشَّارِحُ: وَفِي الْحَدِيثَيْنِ أَنَّ صَلَاةَ
الطَّائِفَتَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ جَمِيعًا وَاشْتِرَاكِهِمْ فِي
الْحِرَاسَةِ وَمُتَابَعَتِهِ فِي جَمِيعِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ إلَّا
السُّجُودَ فَتَسْجُدُ مَعَهُ طَائِفَةٌ وَتَنْتَظِرُ الْأُخْرَى حَتَّى
تَفْرُغَ الطَّائِفَةُ الْأُولَى ثُمَّ تَسْجُدُ، وَإِذَا فَرَغُوا مِنْ
الرَّكْعَةِ الْأُولَى تَقَدَّمَتْ الطَّائِفَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ مَكَانَ
الطَّائِفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَتَأَخَّرَتْ الْمُتَقَدِّمَةُ.
قَوْلُهُ: (فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ) إلى آخره. قَالَ
الشَّارِحُ: وَحَدِيثُ جَابِرٍ وَأَبِي بَكْرَةَ يَدُلَّانِ عَلَى أَنَّ
مِنْ صِفَاتِ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ بِكُلِّ
(1/461)
طَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ فَيَكُونُ
مُفْتَرِضًا فِي رَكْعَتَيْنِ وَمُتَنَفِّلًا فِي رَكْعَتَيْنِ. قَالَ
أَبُو دَاوُد: وَكَذَلِكَ الْمَغْرِبِ ليَكُون لِلْإِمَامِ سِتُّ رَكَعَاتٍ
وَلِلْقَوْمِ ثَلَاثٌ انْتَهَى. وَهُوَ قِيَاسٌ صَحِيحٌ. .
قَوْلُهُ: (فَقَامَ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ فَقَامَتْ مَعَهُ طَائِفَةٌ،
وَطَائِفَةٌ أُخْرَى مُقَابِلَ الْعَدُوِّ وَظُهُورُهُمْ إلَى الْقِبْلَةِ،
فَكَبَّرَ فَكَبَّرُوا جَمِيعًا) إلى آخره. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثُ
فِيهِ أَنَّ مِنْ صِفَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَنْ تَدْخُلَ الطَّائِفَتَانِ
مَعَ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ جَمِيعًا، ثُمَّ تَقُومُ إحْدَى
الطَّائِفَتَيْنِ بِإِزَاءِ الْعَدُوِّ وَتُصَلِّي مَعَهُ إحْدَى
الطَّائِفَتَيْنِ رَكْعَةً ثُمَّ يَذْهَبُونَ فَيَقُومُونَ وِجَاهَ
الْعَدُوِّ، ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَتُصَلِّي لَنَفْسِهَا
رَكْعَةً وَالْإِمَامُ قَائِمٌ، ثُمَّ يُصَلِّي بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي
بَقِيَتْ مَعَهُ، ثُمَّ تَأْتِي الطَّائِفَةُ الْقَائِمَةُ فِي وِجَاهَ
الْعَدُوِّ فَيُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً وَالْإِمَامُ قَاعِدٌ،
ثُمَّ يُسَلِّم الْإِمَام وَيُسَلِّمُونَ جَمِيعًا.
قَوْلُهُ: (فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، وَلَمْ يَقْضُوا) . قَالَ
الشَّارِحُ: وَأَحَادِيثُ الْبَابِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مِنْ صِفَةِ
صَلَاةِ الْخَوْفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى رَكْعَةٍ لِكُلِّ طَائِفَةٍ.
فَائِدَةٌ: وَقَعَ الإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ صَلاةَ الْمَغْرِبَ لا
يَدْخُلُهَا قَصْرٌ وَوَقَعَ الْخِلافَ هَلْ الأَوْلَى أَنْ يُصَلِّي
الإِمَامُ بِالطَّائِفَةِ الأُولَى ثَنْتَيْنِ وَالثَّانِيَةِ وَاحِدَةٌ
أَوِ الْعَكْسِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ أَخَذَ بِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ
أَنْوَاعِ صَلاةِ الْخَوْفِ الْوَارِدَةِ عَنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنَ
الأَنْوَاعِ الثَّابِتَةِ. وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ بْن حَنْبَلٍ: لا
أَعْلَمُ فِي هَذَا الْبَابِ حَدِيثًا إِلا صَحِيحًا. وَقَالَ
الْخَطَّابِي: صَلاةُ الْخَوْفِ أَنْوَاعٌ صَلاهَا النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم - فِي أَيَّامٍ مُخْتَلِفَةٍ وَأَشْكَالٍ مُتَبَايِنَةٍ
يَتَحَرَّى فِي كُلِّهَا مَا هُوَ أَحْوَطُ لِلصَّلاةِ وَأَبْلَغُ فِي
الْحِرَاسَةِ فَهِيَ عَلَى اخْتِلافِ صُوَرِهَا مُتَّفَقَةُ الْمَعْنَى.
وَقَالَ أَحْمَدٌ: ثَبَتَ فِي صَلاةِ الْخَوْفِ سِتَّة أَحَادِيثِ أَوْ
سَبْعَةٍ أَيُّهَا فَعَلَ الْمَرْءِ جَازَ وَمَالَ إِلَى تَرْجِيحِ حَدِيثِ
سَهْلِ بن أَبِي خَيْثَمَةْ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابُ الصَّلَاةِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ بِالْإِيمَاءِ
وَهَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا أَمْ لَا؟
1712- عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَصَفَ
صَلَاةَ الْخَوْفِ وَقَالَ: وَإِنْ
(1/462)
كَانَ خَوْفٌ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ
فَرِجَالًا وَرُكْبَانًا. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
1713- وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٌ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ
وَكَانَ نَحْوَ عَرنةَ وَعَرَفَاتٍ، فَقَالَ: «اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ» .
قَالَ: فَرَأَيْتُهُ وحَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَقُلْتُ: إنِّي
لَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ،
فَانْطَلَقْتُ أَمْشِي وَأَنَا أُصَلِّي أُومِئُ إيمَاءً نَحْوَهُ،
فَلَمَّا دَنَوْتُ مِنْهُ قَالَ لِي: مَنْ أَنْتَ؟ قُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ
الْعَرَبِ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَجْمَعُ لِهَذَا الرَّجُلِ فَجِئْتُكَ
فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: إنِّي لَفِي ذَلِكَ، فَمَشِيتُ مَعَهُ سَاعَةً،
حَتَّى إذَا أَمْكَنَنِي عَلَوْتُهُ بِسَيْفِي حَتَّى بَرَدَ. رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
1714- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَادَى فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى
الله عليه وسلم - يَوْمَ انْصَرَفَ عَنْ الْأَحْزَابِ أَنْ لَا
يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَتَخَوَّفَ
نَاسٌ فَوْتَ الْوَقْتِ فَصَلَّوْا دُونَ بَنِي قُرَيْظَةَ، وَقَالَ
آخَرُونَ: لَا نُصَلِّي إلَّا حَيْثُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله
عليه وسلم - وَإِنْ فَاتَنَا الْوَقْتُ، قَالَ: فَمَا عَنَّفَ وَاحِدًا
مِنْ الْفَرِيقَيْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
1715- وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا
رَجَعَ مِنْ الْأَحْزَابِ قَالَ: لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إلَّا
فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمْ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ:
بَلْ نُصَلِّي، لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ مِنَّا، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -
صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُعَنِّفْ أحدًا مِنْهُمْ. رَوَاهُ
الْبُخَارِيُّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثَانِ اسْتَدَلَّ
بِهِمَا عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ عِنْدَ شِدَّةِ الْخَوْفِ بِالْإِيمَاءِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ الْعِلْمَ يَقُولُ:
إنَّ الْمَطْلُوبَ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ يُومِئُ إيمَاءً، وَإِنْ
كَانَ طَالِبًا نَزَلَ فَصَلَّى بِالْأَرْضِ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: إلَّا
أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْ أَصْحَابِهِ فَيَخَافُ عَوْدَ الْمَطْلُوبِ عَلَيْهِ
فَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: إذَا خَافَ الطَّالِبُونَ
إنْ نَزَلُوا الْأَرْضَ فَوْتَ الْعَدُوِّ صَلَّوْا حَيْثُ وُجِّهُوا عَلَى
كُلِّ حَالٍ.
قَوْلُهُ: (نَادَى فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ
انْصَرَفَ عَنْ الْأَحْزَابِ أَنْ لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إلَّا
فِي بَنِي قُرَيْظَةَ) إلى آخره. قَالَ الشَّارِحُ: وَالْحَدِيثُ
اسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى جَوَازِ الصَّلَاةِ
بِالْإِيمَاءِ وَحَالَ الرُّكُوبِ. قَالَ الْحَافِظُ:
(1/463)
وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهُ بِطَرِيقِ
الْأَوْلَوِيَّةِ؛ لِأَنَّ الَّذِينَ أَخَّرُوا الصَّلَاةَ حَتَّى وَصَلُوا
إلَى بَنِي
قُرَيْظَةَ لَمْ يُعَنَّفُوا مَعَ كَوْنِهِمْ فَوَّتُوا الْوَقْتَ،
وَصَلَاةُ مِنْ لَا يُفَوِّتُ الْوَقْتَ بِالْإِيمَاءِ أَوْ كَيْفَمَا
يُمْكِنْ أُولَى مِنْ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا.
انْتَهَى.
(1/464)
|