بستان
الأحبار مختصر نيل الأوطار أَبْوَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ
بَابُ النِّدَاءِ لَهَا وَصِفَتُهَا
1716- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لَمَّا كَسَفَتْ الشَّمْسُ
عَلَى عَهْدِ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نُودِيَ أَنَّ
الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ، فَرَكَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ، ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي
سَجْدَةٍ، ثُمَّ جُلِّيَ عَنْ الشَّمْسِ قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا رَكَعْتُ
رُكُوعًا قَطُّ وَلَا سَجَدْتُ سُجُودًا قَطُّ، كَانَ أَطْوَلَ مِنْهُ.
1717- وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خُسِفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَعَثَ مُنَادِيًا: الصَّلَاةُ
جَامِعَةٌ، فَقَامَ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ
وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ.
1718- وَعَنْ عَائِشَةَ عَنْهَا قَالَتْ: خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ
... رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -
صلى الله عليه وسلم - إلَى الْمَسْجِدِ، فَقَامَ فَكَبَّرَ وَصَفَّ
النَّاسُ وَرَاءَهُ، فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً، ثُمَّ كَبَّرَ
فَرَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا هُوَ أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى،
ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبّنَا
وَلَكَ الْحَمْدُ» . ثُمَّ قَامَ فَاقْتَرَأَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً هِيَ
أَدْنَى مِنْ الْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ كَبَّرَ فَرَكَعَ رُكُوعًا
هُوَ أَدْنَى مِنْ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: «سَمِعَ اللَّهُ
لِمَنْ حَمِدَهُ، رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ» . ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ فَعَلَ
فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ
رَكَعَاتٍ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ، وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ
يَنْصَرِفَ، ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا
هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ: «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ
آيَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا
لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ» .
(1/465)
1719- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:
خَسَفَتْ الشَّمْسُ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا نَحْوًا مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، ثُمَّ رَكَعَ
رُكُوعًا طَوِيلًا، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ
الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ
الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا
وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا
وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا
طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا
طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ، ثُمَّ
انْصَرَفَ وَقَدْ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ فَقَالَ: «إنَّ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ
وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ» .
مُتَّفَقٌ عَلَى هَذِهِ الْأَحَادِيثِ.
1720- وَعَنْ أَسْمَاءَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى
صَلَاةَ الْكُسُوفِ، فَأَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ
فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ
فَأَطَالَ الرُّكُوعَ ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ،
ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ،
ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ،
ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ رَفَعَ، ثُمَّ سَجَدَ
فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ انْصَرَفَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ
وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
1721- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ فَأَطَالَ
الْقِيَامَ حَتَّى جَعَلُوا يَخِرُّونَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ
رَفَعَ فَأَطَالَ ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ
قَامَ فَصَنَعَ نَحْوًا مِنْ ذَلِكَ فَكَانَتْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ
وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (رَكْعَتَيْنِ فِي
سَجْدَةٍ) . الْمُرَادُ بِالسَّجْدَةِ هُنَا الرَّكْعَة بِتَمَامِهَا،
وَبِالرَّكْعَتِينِ الرُّكُوعَانِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ) . فِيهِ اسْتِحْبَابُ
الْخُطْبَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْكُسُوفِ.
قَوْلُهُ: (فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَافْزَعُوا إلَى الصَّلَاةِ) . قَالَ
الشَّارِحُ: وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى الْمُبَادَرَةِ وَأَنَّهُ لَا وَقْتَ
لِصَلَاةِ الْكُسُوفِ مَعِينٌ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عُلِّقَتْ بِرُؤْيَةِ
الشَّمْسِ أَوْ الْقَمَرِ، وَهِيَ مُمْكِنَةٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ. قَالَ:
وَالْأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْبَابِ تَدُلّ عَلَى أَنَّ
الْمَشْرُوعَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ رَكْعَتَانِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ
رُكُوعَانِ.
(1/466)
قَوْلُهُ: (ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ سَجَدَ)
لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ تَطْوِيلُ الرَّفْعِ الَّذِي يَتَعَقَّبُهُ
السُّجُودُ. وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ:
(ثُمَّ رَفَعَ فَأَطَالَ ثُمَّ سَجَدَ) . قَالَ النَّوَوِيُّ: هِيَ
رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ. وَتُعُقِّبَ بِمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ
خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ
وَفِيهِ: «ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ حَتَّى قِيلَ: لَا يَرْفَعُ، ثُمَّ
رَفَعَ فَأَطَالَ حَتَّى قِيلَ: لَا يَسْجُدُ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ
حَتَّى قِيلَ: لَا يَرْفَعُ، ثُمَّ رَفَعَ فَجَلَسَ فَأَطَالَ الْجُلُوسَ
حَتَّى قِيلَ: لَا يَسْجُدُ، ثُمَّ سَجَدَ) .
بَاب مِنْ أَجَازَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثَةَ رُكُوعَاتٍ وَأَرْبَعَةً
وَخَمْسَةً
1722- عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ بِأَرْبَعِ
سَجَدَاتٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.
1723- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -:
أَنَّهُ صَلَّى فِي كُسُوفٍ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ
رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ وَالْأُخْرَى مِثْلُهَا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
وَصَحَّحَهُ.
1724- وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
صَلَّى سِتَّ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ
وَأَحْمَدُ.
1725- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -
صَلَّى فِي كُسُوفٍ، فقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ،
ثُمَّ قَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ، وَالْأُخْرَى مِثْلُهَا.
1726- وَفِي لَفْظٍ: صَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ فِي أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ.
رَوَى ذَلِكَ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
1727- وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ: كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى بِهِمْ فَقَرَأَ
بِسُورَةٍ مِنْ الطُّوَلِ، وَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجَدَ
سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ قَامَ إلَى الثَّانِيَةِ فَقَرَأَ بِسُورَةِ مِنْ
الطُّوَلِ وَرَكَعَ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ
كَمَا هُوَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَدْعُو حَتَّى انْجَلَى كُسُوفُهَا.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي الْمُسْنَدِ.
1728، 1729، 1730- وَقَدْ رُوِيَ بِأَسَانِيدَ حِسَانٍ مِنْ حَدِيثِ
(1/467)
سَمُرَةَ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ
وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّاهَا
رَكْعَتَيْنِ كُلَّ رَكْعَةٍ بِرُكُوعٍ.
1731- وَفِي حَدِيثِ قَبِيصَةَ الْهِلَالِيِّ عَنْهُ - صلى الله عليه وسلم
- قَالَ: «إذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوهَا كَأَحْدَثِ صَلَاةٍ
صَلَّيْتُمُوهَا مِنْ الْمَكْتُوبَةِ» . وَالْأَحَادِيثُ بِذَلِكَ كُلِّهِ
لِأَحْمَدَ وَالنَّسَائِيُّ.
وَالْأَحَادِيثُ الْمُتَقَدِّمَةُ بِتَكْرَارِ الرُّكُوعِ أَصَحُّ
وَأَشْهَرُ) .
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ اسْتَدَلَّ
بِأَحَادِيثِ الْبَابِ عَلَى أَنَّ الْمَشْرُوعَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ
فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ثَلَاثَةُ رُكُوعَاتٍ. قَالَ: وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ
عَلَى أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ صِفَاتِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ رَكْعَتَيْنِ فِي
كُلِّ رَكْعَةٍ أَرْبَعَةُ رُكُوعَاتٍ. قَالَ: وَقَدْ احْتَجَّ بِحَدِيثِ
أُبَيٍّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رَكْعَتَانِ فِي كُلّ
رَكْعَةٍ خمسةُ رُكُوعَاتٍ. قَالَ: وَقَدْ احْتَجَّ بِحَدِيثِ قَبِيصَةَ
الْقَائِلُونَ بِأَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ رَكْعَتَانِ بِرُكُوعٍ وَاحِدٍ.
انْتَهَى مُلَخَّصًا. قَالَ
النَّوَوِيُّ: وَقَدْ قَالَ بِكُلِّ نَوْعٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرُّ: أَصَحُّ مَا فِي الْبَابِ رُكُوعَانِ وَمَا
خَالَفَ ذَلِكَ فَمُعَلَّلٌ أَوْ ضَعِيفٌ. وَكَذَا قَالَ الْبَيْهَقِيُّ،
وَنَقَلَ صَاحِبُ الهدي عَنِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدٍ وَالْبُخَارِيِّ
أَنَّهُمْ كَانُوا يَعُدُّونَ الزِّيَادَةَ عَلَى الرُّكُوعَيْنِ فِي كُلِّ
رَكْعَةٍ غَلَطًا مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ لأَنَّ أَكْثَرَ طُرُقِ
الْحَدِيثِ يُمْكِنُ رَدَّ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ وَيَجْمَعُهَا أَنَّ
ذَلِكَ كَانَ يَوْمَ مَوْتِ إِبْرَاهِيمِ، وَإِذَا اتَّحَدَتِ الْقِصَّةُ
تَعَيَّنَ الأَخْذ بِالرَّاجِحِ، وَلا شَكَّ أَنَّ أَحَادِيثَ
الرُّكُوعَيْنِ أَصَحُّ. وَاللهُ أَعْلَمُ.
بَابُ الْجَهْرِ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ
1732- عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - جَهَرَ فِي
صَلَاةِ الْكُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي
رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ. أَخْرَجَاهُ.
1733- وَفِي لَفْظِ: صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ
فِيهَا. رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
1734- وَفِي لَفْظِ قَالَت: خَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
(1/468)
فَأَتَى الْمُصَلَّى فَكَبَّرَ فَكَبَّرَ
النَّاسُ، ثُمَّ قَرَأَ فَجَهَرَ بِالْقِرَاءَةِ وَأَطَالَ الْقِيَامَ.
وَذَكَرَ الْحَدِيثَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
1735- وَعَنْ سَمُرَةَ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله
عليه وسلم - فِي كُسُوفٍ رَكْعَتَيْنِ لَا نَسْمَعُ لَهُ فِيهَا صَوْتًا.
رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعهُ لِبُعْدِهِ؛ لِأَنَّ فِي
رِوَايَةٍ مَبْسُوطَةٍ لَهُ: أَتَيْنَا وَالْمَسْجِدُ قَدْ امْتَلَأَ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي
الْجَهْرِ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ سَمُرَةَ.
بَابُ الصَّلَاةِ لِخُسُوفِ الْقَمَرِ فِي جَمَاعَةٍ مُكَرَّرَةِ
الرُّكُوعِ
1736- عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيَدٍ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم
- قَالَ: «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ،
وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ،
فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا كَذَلِكَ فَافْزَعُوا إلَى الْمَسَاجِدِ» .
رَوَاهُ أَحْمَدُ.
1737- وَعَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ قَالَ: خُسِفَ الْقَمَرُ وَابْنُ
عَبَّاسٍ أَمِيرٌ عَلَى الْبَصْرَةِ، فَخَرَجَ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ
فِي كُلّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ رَكِبَ وَقَالَ: إنَّمَا صَلَّيْتُ
كَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي. رَوَاهُ
الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْحَدِيثَانِ يَدُلَّانِ
عَلَى مَشْرُوعِيَّة التَّجْمِيعِ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ. إِلِى أَنْ
قَالَ: وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّبْوِيبِ عَلَى ذِكْرِ
الْقَمَرِ؛ لِأَنَّ التَّجْمِيعَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ مَعْلُومٌ مِنْ
فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا ثَبَتَ فِي
الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَدْ ذَهَبَ
مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ
صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَالْخُسُوفِ تُسَنُّ الْجَمَاعَةُ فِيهِمَا.
بَابُ الْحَثِّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ
وَالذِّكْرِ فِي الْكُسُوفِ وَخُرُوجِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِالتَّجَلِّي
1738- عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: لَقَدْ أَمَرَ رَسُولُ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ.
(1/469)
1739- وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ
قَالَ: «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا
يُخْسَفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ
فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَتَصَدَّقُوا وَصَلُّوا» .
1740- وَعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: خَسَفَتْ الشَّمْسُ فَقَامَ النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى وَقَالَ: «إذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ
ذَلِكَ فَافْزَعُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ» .
1741- وَعَنْ الْمُغِيرَةِ قَالَ: انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ
رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ، فَقَالَ
النَّاسُ: انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إبْرَاهِيمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم -: «إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ
اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا
لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ تَعَالَى
وَصَلُوا حَتَّى يَنْجَلِيَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِنَّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّة
الْإِعْتَاقِ عِنْدَ الْكُسُوفِ. وَالْحَثُّ عَلَى الدُّعَاءِ
وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّصَدُّقِ وَالصَّلَاةِ وَالذَّكَرِ
وَالِاسْتِغْفَارِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَدْفَعُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ
الْبَلَاءَ.
(1/470)
|