بستان الأحبار مختصر نيل الأوطار

كِتَابُ الصَّدَاقِ
بَابُ جَوَازِ التَّزْوِيجِ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَاسْتِحْبَابِ الْقَصْدِ فِيهِ

3552- عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ بَنِي فَزَارَةَ تَزَوَّجَتْ عَلَى نَعْلَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَرَضِيَتْ مِنْ نَفْسِكِ وَمَالِكِ بِنَعْلَيْنِ» ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. فَأَجَازَهُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَةْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

3553- وَعَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْ أَنَّ رَجُلاً أَعْطَى امْرَأَةً صَدَاقًا مِلْءَ يَدَيْهِ طَعَامًا كَانَتْ لَهُ حَلالاً» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد بِمَعْنَاهُ.

3554- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَثَرَ صُفْرَةٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا» ؟ قَالَ: تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً عَلَى وَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ، قَالَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَك، أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَبُو دَاوُد: «بَارَكَ اللَّهُ لَك» .

3555- وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة» . رواه أحمد.

3556- وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان صداقنا إذ كان فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر أواق. رواه النسائي وأحمد.

3557- وزاد وطبق بيديه، وذلك أربعمائة.

(2/241)


3558- وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ كَمْ كَانَ صَدَاقُ ... رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ: كَانَ صَدَاقُهُ لأَزْوَاجِهِ اثْنَى عَشْرَةَ أُوقِيَّةً وَنَشًّا. قَالَتْ:
أَتَدْرِى مَا النَّشُّ؟ قُلْتُ: لاَ. قَالَتْ: نِصْفُ أُوقِيَّةٍ. فَتِلْكَ خَمْسُمِائَةِ. رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.

3559- عن أبي العجفاء قال: سمعت عمرو يقول: لا تغلوا صدق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى في الآخرة كان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشر أوقية. رواه الخمسة وصححه الترمذي.

3560- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا؟ فَإِنَّ فِي عُيُونِ الأَنْصَارِ شَيْئًا» . قَالَ: قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا. قَالَ: «عَلَى كَمْ تَزَوَّجْتَهَا» ؟ قَالَ: عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «عَلَى أَرْبَعِ أَوَاقٍ؟ كَأَنَّمَا تَنْحِتُونَ الْفِضَّةَ مِنْ عُرْضِ هَذَا الْجَبَلِ مَا عِنْدَنَا مَا نُعْطِيكَ وَلَكِنْ عَسَى أَنْ نَبْعَثَكَ فِي بَعْثٍ تُصِيبُ مِنْهُ» . قَالَ: فَبَعَثَ بَعْثًا إِلَى بَنِي عَبْسٍ بَعَثَ ذَلِكَ الرَّجُلَ فِيهِمْ. رواه مسلم.

3561- وَعَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - تَزَوَّجَهَا - وَهِيَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ - زَوَّجَهَا النَّجَاشِىُّ وَأَمْهَرَهَا أَرْبَعَةَ آلاَفٍ وَجَهَّزَهَا مِنْ عِنْدِهِ وَبَعَثَ بِهَا مَعَ شُرَحْبِيلَ ابْنِ حَسَنَةَ وَلَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِشَيْءٍ وَكَانَ مَهْرُ نِسَائِهِ أَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ. رواه أحمد والنسائي.

قال الشارح رحمه الله تعالى: وَالأَحَادِيثُ الْمَذْكُورَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ شَيْئًا حَقِيرًا كَالنَّعْلَيْنِ وَالْمُدِّ مِنْ الطَّعَامِ وَوَزْنِ نَوَاةٍ مِنْ ذَهَبٍ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: الإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ مِثْلَ الشَّيْءِ الَّذِي لا يَتَمَوَّلُ وَلا لَهُ قِيمَةٌ لا يَكُونُ صَدَاقًا وَلا يَحِلُّ بِهِ النِّكَاحُ.
قَوْلُهُ: «أيسره مؤنة» . فيه دليل على أفضلية النكاح مع قلة المهر وأن الزواج بمهر قليل مندوب إليه لأن المهر إذا كان قليلاً لم يستصعب النكاح من يريده وقد وقع الإجماع بأن المهر لا حد لأكثره.

(2/242)


قَوْلُهُ: (زَوَّجَهَا النَّجَاشِيُّ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّوْكِيلِ مِنْ الزَّوْجِ لِمَنْ يَقْبَلُ عَنْهُ النِّكَاحَ، وَكَانَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ الْمَذْكُورَةُ مُهَاجِرَةً بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَعَ زَوْجِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، فَمَاتَ بِتِلْكَ الأَرْضِ فَزَوَّجَهَا النَّجَاشِيُّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -.

بَابُ جَعْلِ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ صَدَاقًا

3562- عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - جَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: يَا ... رَسُولَ اللَّهِ إنِّي قَدْ وَهَبْت نَفْسِي لَك، فَقَامَتْ قِيَامًا طَوِيلًا، فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ زَوِّجْنِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ لَك بِهَا حَاجَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «هَلْ عِنْدَك مِنْ شَيْءٍ تُصْدِقُهَا إيَّاها» ؟ فَقَالَ: مَا عِنْدِي إلا إزَارِي هَذَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنْ أَعْطَيْتَهَا إزَارَكَ جَلَسْتَ لا إزَارَ لَك فَالْتَمِسْ شَيْئًا» . فَقَالَ: مَا أَجِدُ شَيْئًا، فَقَالَ: «الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ» . فَالْتَمَسَ فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «هَلْ مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ» ؟ قَالَ: نَعَمْ سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا - لِسُوَرٍ يُسَمِّيهَا - فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «قَدْ زَوَّجْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

3563- وَفِي رِوَايَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا: «قَدْ مَلَّكْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنْ الْقُرْآنِ» .

3564- وَفِي رِوَايَةٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهَا: فَصَعَّدَ فِيهَا النَّظْرَ وَصَوَّبَهُ.

3565- وَعَنْ أَبِي النُّعْمَانِ الأَزْدِيِّ قَالَ: زَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأَةً عَلَى سُورَةٍ مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ قَالَ: «لا يَكُونُ لأَحَدٍ بَعْدَك مَهْرًا» . رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ وَهُوَ مُرْسَلٌ.
قال الشارح رحمه الله تعالى: حَدِيثُ أَبِي النُّعْمَانِ مَعَ إرْسَالِهِ قَالَ فِي الْفَتْحِ: فِيهِ مَنْ لا يُعْرَفُ. قال الشارح: والحديث يدل على جواز جعل المنفعة صداقًا ولو كنت تعليم قرآن. وقد ذهب إلى جواز جعل المنفعة صداقًا الشافعي وإسحاق والحسن بن صالح وبه قالت العترة وقد نقل القاضي عياض جواز الاستئجار لتعليم القرآن عن العلماء كافة إلا الحنفية وفي الحديث فوائد منها ثبوت ولاية الإمام على المرأة التي لا قريب لها. انْتَهَى مُلَخَّصًا.

(2/243)


قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَلَوْ عَلِمَ السُّورَةَ أَوْ الْقَصِيدَة غَيْرَ الزَّوْجِ يَنْوِي بِالتَّعْلِيمِ أَنَّهُ عَنِ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلِمَ الزَّوْجَة فَهَلْ يَقَعُ عَنِ الزَّوْجِ إِلى آخِرِهِ. انْتَهَى. وَقَالَ أَيْضًا: وَلَوْ قِيلَ: إِنًَهُ يَكْرُهُ جَعْلَََََ الصِّدَاقُ دِينًا سَوَاء كَانَ مُؤَخّر الْوَفَاءِ وَهُوَ حاَلَ أَوْ كَانَ مُؤَجَّلاً لَكَان مُتَوَجِّهًا لِحَدِيثِ الْوَاهِبِةِ.

بَابُ مَنْ تَزَوَّجَ وَلَمْ يُسَمِّ صَدَاقًا

3566- عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: أُتِيَ عَبْدُ اللَّهِ فِي امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ، ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا، قَالَ: فَاخْتَلَفُوا إلَيْهِ فَقَالَ: أَرَى لَهَا مِثْلَ مَهْرِ نِسَائِهَا وَلَهَا الْمِيرَاثُ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، فَشَهِدَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ الأَشْجَعِيُّ: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَضَى فِي بِرْوَعَ ابْنَةِ وَاشِقٍ بِمِثْلِ مَا قَضَى. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

قال الشارح رحمه الله تعالى: وَالْحَدِيثُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَحِقُّ بِمَوْتِ زَوْجِهَا بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ فَرْضِ الصَّدَاقِ جَمِيعَ الْمَهْرِ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ دُخُولٌ وَلا خَلْوَةٌ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ سِيرِينَ وَابْنُ أَبِي لَيْلَى وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَإِسْحَاقُ وَأَحْمَدُ. وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ حرملة بن يحيى أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِي يَقُولُ: إِنْ صَحَّ حَدِيث بروع بنت واشق قُلْتُ بِهِ.
قَالَ الْحَاكِمُ: قَالَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ: لَوْ حَضَرَتُ الشَّافِعِيَّ لَقُمْتُ عَلَى رُؤوسِ النَّاسِ وَقُلْتُ: قَدْ صَحَّ الْحَدِيث فَقُلْ بِهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَهَا الْمِيرَاثُ) هُوَ مُجْمَعٌ عَلَى ذَلِكَ.

بَابُ تَقْدِمَةِ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالرُّخْصَةِ فِي تَرْكِهِ

3567- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَعْطِهَا شَيْئًا» . قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ. قَالَ: «أَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ» ؟ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.

3568- وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ عَلِيًّا - رضي الله عنه - لَمَّا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَمَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ

(2/244)


لِي شَيْءٌ؟ فَقَالَ لَهُ: «أَعْطِهَا دِرْعَكَ الْحُطَمِيَّةَ» . فَأَعْطَاهَا دِرْعَهُ، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الِامْتِنَاعِ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَرْأَةِ مَا لَمْ تَقْبِضْ مَهْرَهَا.

3569- وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ أُدْخِلَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَةْ.

قال الشارح رحمه الله تعالى: وَقَدْ اسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ قَالَ: إنَّهُ يَجُوزُ الامْتِنَاعُ مِنْ تَسْلِيمِ الْمَرْأَةِ حَتَّى يُسَلِّمَ الزَّوْجُ مَهْرَهَا، وَكَذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ الامْتِنَاعُ حَتَّى يُسَمِّيَ الزَّوْجُ مَهْرَهَا. إلى أن قال: وَحَدِيثُ عَائِشَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ أَنْ يُسَلِّمَ الزَّوْجُ إلَى الْمَرْأَةِ مَهْرَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلا أَعْرِفُ فِي ذَلِكَ خِلافًا.
بَابُ حُكْمِ هَدَايَا الزَّوْجِ لِلْمَرْأَةِ وَأَوْلِيَائِهَا

3570- عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ عِدَةٍ قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لَهَا، وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ، وَأَحَقُّ مَا يُكْرَمُ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ابْنَتُهُ وَأُخْتُهُ» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلا التِّرْمِذِيَّ.

قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ تَسْتَحِقُّ جَمِيعَ مَا يُذْكَرُ قَبْلَ الْعَقْدِ مِنْ صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ وَهُوَ الْعَطَاءُ أَوْ عِدَةٍ بِوَعْدٍ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مَذْكُورًا لِغَيْرِهَا، وَمَا يُذْكَرُ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ فَهُوَ لِمَنْ جُعِلَ لَهُ، سَوَاءٌ كَانَ وَلِيًّا أَوْ غَيْرَ وَلِيٍّ أَوْ الْمَرْأَةَ نَفْسَهَا. وَقَدْ ذَهَبَ إلَى هَذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَمَالِكٌ وَالْهَادَوِيَّةُ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ ذَكَرَ قَبْلَ الْعَقْدِ لِغَيْرِهَا اسْتَحَقَّهُ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا سَمَّى لِغَيْرِهَا كَانَتْ التَّسْمِيَةُ فَاسِدَةً وَتَسْتَحِقُّ مَهْرَ الْمِثْلِ.

قَوْلُهُ: «وَأَحَقُّ مَا يُكْرَمُ عَلَيْهِ» . إلى آخره فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ صِلَةِ أَقَارِبِ الزَّوْجَةِ وَإِكْرَامِهِمْ وَالإِحْسَانِ إلَيْهِمْ وَأَنَّ ذَلِكَ حَلالٌ لَهُمْ وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الرُّسُومِ الْمُحَرَّمَةِ إلا أَنْ يَمْتَنِعُوا مِنْ التَّزْوِيجِ إلا بِهِ.

(2/245)