بستان
الأحبار مختصر نيل الأوطار كِتَابُ الأشْرِبَةِ
بَابُ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَنَسْخِ إبَاحَتِهَا الْمُتَقَدِّمَةِ
4699- عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ
يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا فِي الآخِرَةِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلا
التِّرْمِذِيَّ.
4700- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مُدْمِنُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ» .
رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةْ.
4701- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - يَقُولُ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ اللهَ يَبْغَضُ الْخَمْرَ،
وَلَعَلَّ اللهَ سَيُنْزِلُ فِيهَا أَمْرًا، فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْهَا
شَيْءٌ فَلْيَبِعْهُ وَلْيَنْتَفِعْ بِهِ» . قَالَ: فَمَا لَبِثْنَا إِلا
يَسِيرًا حَتَّى قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ حَرَّمَ
الْخَمْرَ فَمَنْ أَدْرَكَتْهُ هَذِهِ الآيَةُ وَعِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ
فَلا يَشْرَبُ، وَلا يَبِيعُ» . قَالَ: فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ بِمَا كَانَ
عِنْدَهُمْ مِنْهَا طُرُقَ الْمَدِينَةِ فَسَفَكُوهَا. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
4702- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ
لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَدِيقٌ مِنْ ثَقِيفٍ - أَوْ
دَوْسٍ - فَلَقِيَهُ يَوْمَ الْفَتْحِ بِرَاوِيَةٍ مِنْ خَمْرٍ يُهْدِيهَا
إلَيْهِ، فَقَالَ: «يَا فُلانُ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ حَرَّمَهَا» ؟
فَأَقْبَلَ الرَّجُلُ عَلَى غُلامِهِ فَقَالَ: اذْهَبْ فَبِعْهَا، فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا
حَرَّمَ بَيْعَهَا» . فَأَمَرَ بِهَا فَأُفْرِغَتْ فِي الْبَطْحَاءِ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.
(2/563)
4703- وَفِي رِوَايَةٍ لأحْمَدَ: أَنَّ
رَجُلاً خَرَجَ وَالْخَمْرُ حَلالٌ فَأَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخُمُورَ الْمُحَرَّمَةَ وَغَيْرَهَا تُرَاقُ
وَلا تُسْتَصْلَحُ بِتَخْلِيلٍ وَلا غَيْرِهِ.
4704- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلاً كَانَ يُهْدِي لِلنَّبِيِّ -
صلى الله عليه وسلم - رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَأَهْدَاهَا إلَيْهِ عَامًا
وَقَدْ حُرِّمَتْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّهَا
قَدْ حُرِّمَتْ» . فَقَالَ الرَّجُلُ: أَفَلا أَبِيعُهَا؟ فَقَالَ: «إنَّ
الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا» . قَالَ: أَفَلا أُكَارِمُ
بِهَا الْيَهُودَ؟ قَالَ: «إنَّ الَّذِي حَرَّمَهَا حَرَّمَ أَنْ يُكَارَمَ
بِهَا الْيَهُودُ» . قَالَ: فَكَيْفَ أَصْنَعُ بِهَا؟ قَالَ: «شِنَّهَا
عَلَى الْبَطْحَاءِ» . رَوَاهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ.
4705- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَزَلَ فِي
الْخَمْرِ ثَلاثُ آيَاتٍ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ نَزَلَتْ: {يَسْأَلُونَكَ عَنْ
الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ} الآيَةَ فَقِيلَ: حُرِّمَتْ الْخَمْرُ، فَقِيلَ
يَا رَسُولَ اللهِ: نَنْتَفِعُ بِهَا كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ،
فَسَكَتَ عَنْهُمْ، ثُمَّ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {لاَ تَقْرَبُوا
الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} فَقِيلَ: حُرِّمَتْ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا،
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّه إنَّا لا نَشْرَبُهَا قُرْبَ الصَّلاةِ،
فَسَكَتَ عَنْهُمْ، ثُمَّ نَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمُيَسَّرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ
عَمَلِ الشَّيْطَانِ} الآيَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم
-: «حُرِّمَتْ الْخَمْرُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي
مُسْنَدِهِ.
4706- وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: صَنَعَ لَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ
طَعَامًا فَدَعَانَا وَسَقَانَا مِنْ الْخَمْرِ، فَأَخَذَتْ الْخَمْرُ
مِنَّا، وَقَدْ حَضَرَتْ الصَّلاةُ فَقَدَّمُونِي، فَقَرَأْتُ: {قُلْ يَا
أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} وَنَحْنُ نَعْبُدُ
مَا تَعْبُدُونَ، قَالَ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى
تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «مَنْ شَرِبَ
الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا حُرِمَهَا» قَالَ
الْخَطَّابِيِّ وَالْبَغَوِيِّ: مَعْنَى الْحَدِيثِ لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ
لأنَّ الْخَمْرَ شَرَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ
الْبَرِّ: وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّهُ
لا يَدْخُلُهَا وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِيهَا إِلا إنْ عَفَا اللهُ
عَنْهُ كَمَا
(2/564)
فِي بَقِيَّةِ الْكَبَائِرِ وَهُوَ فِي
الْمَشِيئَةِ، قَالَ: وَجَائِزٌ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ بِالْعَفْوِ
ثُمَّ لا يَشْرَبُ فِيهَا خَمْرًا وَلا تَشْتَهِيهَا نَفْسُهُ.
وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ «مَنْ لَبِسَ الْحَرِيرَ فِي
الدُّنْيَا لَمْ يَلْبَسْهُ فِي الآخِرَةِ، وَإِنْ دَخَلَ الْجَنَّةَ
لَبِسَهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَلَمْ يَلْبَسْهُ» . قَالَ: لظَاهِرُ
الْحَدِيثَيْنِ أَنَّهُ لا يَشْرَبُ الْخَمْرَ فِي الْجَنَّةِ وَلا
يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِيهَا لأنَّه استعجل مَا أُمِرَ بِتَأْخِيرِهِ،
وَفَصَّلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ بَيْنَ مَنْ شَرِبَهَا مُسْتَحِلاً
فَهُوَ الَّذِي لا يَشْرَبُهَا أَصْلاً، وَمَنْ شَرِبَهَا عَالِمًا
بِتَحْرِيمِهَا فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلافِ، وَهُوَ الَّذِي يُحْرَمُ
شُرْبُهَا مُدَّةً، أَوْ الْمَعْنَى أَنَّ ذَاكَ جَزَاؤُهُ إنْ جُوزِيَ.
قَوْلُهُ: «مُدْمِنُ الْخَمْرِ كَعَابِدِ وَثَنٍ» هَذَا وَعِيدٌ شَدِيدٌ،
لأنَّ عَابِدَ الْوَثَنِ أَشَدُّ الْكَافِرِينَ كُفْرًا، فَالتَّشْبِيهُ
لِفَاعِلِ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ بِفَاعِلِ الْعِبَادَةِ لِلْوَثَنِ مِنْ
أَعْظَمِ الْمُبَالَغَةِ وَالزَّجْرِ لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ
أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ.
قَوْلُهُ: (وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: صَنَعَ لَنَا عَبْدُ
الرَّحْمَنِ) إلَى آخْره، هَذَا الْحَدِيثُ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي
إسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ، وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ
النِّسَاءِ عَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه -: دَعَانَا رَجُلٌ مِنْ
الأنْصَارِ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ فَحَضَرَتْ صَلاةُ الْمَغْرِبِ
فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ فَقَرَأَ: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}
فَأُلْبِسَ عَلَيْهِ، فَنَزَلَتْ ... {لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ
سُكَارَى} ثُمَّ قَالَ: صَحِيحٌ.
بَابُ مَا يُتَّخَذُ مِنْهُ الْخَمْرُ وَأَنَّ كُلَّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ
4707- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -:
«الْخَمْرُ مِنْ هَاتَيْنِ الشَّجَرَتَيْنِ: النَّخْلَةُ، وَالْعِنَبَةُ» .
رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلا الْبُخَارِيَّ.
4708- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: إنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ
وَالْخَمْرُ يَوْمَئِذٍ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
4709- وَفِي لَفْظٍ قَالَ: حُرِّمَتْ عَلَيْنَا حِينَ حُرِّمَتْ وَمَا
نَجِدُ خَمْرَ الأعْنَابِ إِلا قَلِيلاً وَعَامَّةُ خَمْرِنَا الْبُسْرُ
وَالتَّمْرُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
4710- وَفِي لَفْظٍ: لَقَدْ أَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الآيَةَ الَّتِي حَرَّمَ
فِيهَا الْخَمْرَ وَمَا فِي الْمَدِينَةِ شَرَابٌ إِلا مِنْ تَمْرٍ.
رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(2/565)
4711- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: كُنْتُ أَسْقِي
أَبَا عُبَيْدَةَ وَأُبَيُّ بْنَ كَعْبٍ مِنْ فَضِيخِ زَهْوٍ وَتَمْرٍ،
فَجَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إنَّ الْخَمْرَ حُرِّمَتْ، فَقَالَ أَبُو
طَلْحَةَ: قُمْ يَا أَنَسُ فَأَهْرِقْهَا فَأَهْرَقْتُهَا. مُتَّفَقٌ
عَلَيْهِ.
4712- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَزَلَ تَحْرِيمُ
الْخَمْرِ وَإِنَّ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ الْخَمْسَةَ أَشْرِبَةٍ مَا
فِيهَا شَرَابُ الْعِنَبِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
4713- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ
عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَمَّا بَعْدُ،
أَيُّهَا النَّاسُ إنَّهُ نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ وَهِيَ مِنْ
خَمْسَةٍ: مِنْ الْعِنَبِ، وَالتَّمْرِ، وَالْعَسَلِ، وَالْحِنْطَةِ،
وَالشَّعِيرِ، وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
4714- وَعَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «إنَّ مِنْ الْحِنْطَةِ خَمْرًا، وَمِنْ الشَّعِيرِ
خَمْرًا، وَمِنْ الزَّبِيبِ خَمْرًا، وَمِنْ التَّمْرِ خَمْرًا، وَمِنْ
الْعَسَلِ خَمْرًا» . رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلا النَّسَائِيّ.
4715- زَادَ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد «وَأَنَا أَنْهَى عَنْ كُلِّ
مُسْكِرٍ» .
4716- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:
«كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ
إِلا الْبُخَارِيَّ وَابْنَ مَاجَةْ.
4717- وَفِي رِوَايَةٍ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» .
رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالدَّارَقُطْنِيّ.
4718- وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - عَنْ الْبِتْعِ وَهُوَ نَبِيذُ الْعَسَلِ، وَكَانَ أَهْلُ الْيَمَنِ
يَشْرَبُونَهُ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ
فَهُوَ حَرَامٌ» .
4719- وَعَنْ أَبِي مُوسَى - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ
اللهِ أَفْتِنَا فِي شَرَابَيْنِ كُنَّا نَصْنَعُهُمَا بِالْيَمَنِ:
الْبِتْعُ وَهُوَ مِنْ الْعَسَلِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ، وَالْمِزْرُ
وَهُوَ مِنْ الذُّرَةِ وَالشَّعِيرِ يُنْبَذُ حَتَّى يَشْتَدَّ، قَالَ:
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُعْطِيَ جَوَامِعَ
الْكَلِمِ بِخَوَاتِمِهِ، فَقَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» . مُتَّفَقٌ
عَلَيْهِمَا.
4720- وَعَنْ جَابِرٍ: أَنَّ رَجُلاً مِنْ جَيْشَانَ - وَجَيْشَانُ مِنْ
الْيَمَنِ - سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَرَابٍ
يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِنْ الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ: الْمِزْرُ،
فَقَالَ: ... «أَمُسْكِرٌ هُوَ» ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ
حَرَامٌ، إنَّ عَلَى اللهِ عَهْدًا لِمَنْ
(2/566)
يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يُسْقِيَهُ مِنْ
طِينَةِ الْخَبَالِ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَمَا طِينَةُ
الْخَبَالِ؟ قَالَ: «عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ
النَّارِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.
4721- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «كُلُّ مُخَمَّرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ
حَرَامٌ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
4722- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ
وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَةْ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.
4724-، 4723- وَلابْنِ مَاجَةْ مِثْلُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ
وَحَدِيثِ مُعَاوِيَةَ.
4725- وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّه - صلى الله عليه
وسلم -: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، وَمَا أَسْكَرَ الْفَرَقُ مِنْهُ
فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد
وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ.
4726- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:
«مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ ... حَرَامٌ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ
وَابْنُ مَاجَةْ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَصَحَّحَهُ.
4727- وَلأبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَةْ وَالتِّرْمِذِيِّ مِثْلُهُ سَوَاءٌ
مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.
4728- وَكَذَا لأحْمَدَ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنِ مَاجَةْ مِنْ حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ.
4728- وَكَذَلِكَ لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ حَدِيثِ الإِمَامِ عَلِيِّ بْنِ
أَبِي طَالِبٍ.
4730- وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه
وسلم - نَهَى عَنْ قَلِيلِ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ. رَوَاهُ النَّسَائِيّ
وَالدَّارَقُطْنِيّ.
4731- وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَتَاهُ قَوْمٌ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ
اللهِ إنَّا نَنْبُذُ النَّبِيذَ فَنَشْرَبَهُ عَلَى غَدَائِنَا
وَعَشَائِنَا، فَقَالَ: ... «اشْرَبُوا فَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» .
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّا نَكْسِرُهُ بِالْمَاءِ، فَقَالَ:
«حَرَامٌ قَلِيلُ مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ» . رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ.
(2/567)
4732- وَعَنْ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهَا عَن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «لا
تَنْبِذُوا فِي الدُّبَّاءَ، وَلا فِي الْمُزَفَّتِ، وَلا فِي النَّقِيرِ،
وَلا فِي الْجِرَارِ» . وَقَالَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» . رَوَاهُ
أَحْمَدُ.
4733- وَعَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيّ - صلى
الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ
وَيُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا» . رواهُ أَحْمَد وَأَبُو دَاوُد.
4734- وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «يَشْرَبُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ بِاسْمٍ
يُسَمُّونَهَا إِيَّاهُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابن مَاجَة وَقَالَ:
«تَشْرَب» مَكَان «تَسْتَحِل» .
4735- وَعَنْ أَبِى أُمَامَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «لاَ تَذْهَبُ اللَّيَالِي وَالأَيَّامُ حَتَّى
تَشْرَبَ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ
اسْمِهَا» . رَوَاهُ ابن مَاجَةْ.
4736- وَعَنْ ابْنَ مُحَيْرِيزٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ -
صلى الله عليه وسلم - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ
قَالَ: «يَشْرَبُ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ
اسْمِهَا» . رَوَاهُ النِّسَائِي.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (وَهِيَ مِنْ
خَمْسَةٍ) قَالَ الْحَافِظُ: أَرَادَ عُمَرُ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ
الْمُرَادَ بِالْخَمْرِ لَيْسَ خَاصًّا بِالْمُتَّخَذِ مِنْ الْعِنَبِ.
قَوْلُهُ: (وَالْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ) أَيْ: غَطَّاهُ قَالَ
الْخَطَّابِيِّ: إنَّمَا عَدَّ عُمَرُ الْخَمْسَةَ الْمَذْكُورَةَ
لِاشْتِهَارِ أَسْمَائِهَا فِي زَمَانِهِ فَعَدَّ عُمَرُ مَا عُرِفَ
مِنْهَا، وَجَعَلَ مَا فِي مَعْنَاهُ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الأرْزِ
وَغَيْرِهِ خَمْرًا إنْ كَانَ مِمَّا يُخَامِرُ الْعَقْلَ. انْتَهَى
مُلَخَّصًا.
قَوْلُهُ: (الفرق) بفتح الرار وسكونها والفتح أشهر، وهو مكيال يسع ستة عشر
رطلاً، وقيل هو بفتح الراء كذلك فإذا سكنت فهو مائة وعشرون رطلاً.
قَوْلُهُ: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» قَالَ ابْنُ
رَسْلانَ: أَجْمَعُ الْمُسلمون عَلَى وجوب الحد عَلَى شاربها سواء شرب
قَلِيلاً أوَ كَثِيرًا. انتهى.
قَالَ َفِي الاخْتِيَارَات: وَالْحَشِيشَةُ الْقَنبية نَجِسّةُ فِي
الأَصَحِّ، وَهِي حَرَامٌ
(2/568)
سَكِرَ مِنْهَا أَوْ لَمْ يُسْكِرْ،
وَالْمُسْكِرُ مِنْهَا حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَضَرُّرهَا
مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ أَعْظَمُ مِنْ ضَرَرِ الْخَمْرِ وَلِهَذَا أَوْجَبَ
الْفُقَهَاءُ فِيهَا الْحَدِّ كَالْخَمْرِ.
بَابُ الأوْعِيَةُ الْمَنْهِيُّ عَنْ الانْتِبَاذِ فِيهَا وَنَسْخُ
تَحْرِيمِ ذَلِكَ
4737- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ
قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلُوهُ عَنْ
النَّبِيذِ، فَنَهَاهُمْ أَنْ يَنْبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ
وَالْمُزَفَّتِ وَالْحَنْتَمِ.
4738- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
قَالَ لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: ... «أَنْهَاكُمْ عَمَّا يُنْبَذُ فِي
الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ» .
4739- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَ: «لا تَنْبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ وَلا الْمُزَفَّتِ» .
4740- وَعَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ الأخْضَرِ.
4741- وَعَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم - أَنْ تَنْبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ وَالْمُزَفَّتِ. مُتَّفَقٌ
عَلَى خَمْسَتِهِنَّ.
4724- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: «لا تَنْبِذُوا فِي الدُّبَّاءِ وَلا فِي الْمُزَفَّتِ» .
4743- وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى
عَنْ الْمُزَفَّتِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ، قِيلَ لأبِي هُرَيْرَةَ:
مَا الْحَنْتَمُ؟ قَالَ: الْجِرَارُ الْخُضْرُ.
4744- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالُوا: يَا
رَسُولَ اللهِ مَاذَا يَصْلُحُ لَنَا مِنْ الأشْرِبَةِ؟ قَالَ: «لا
تَشْرَبُوا فِي النَّقِيرِ» . فَقَالُوا: جَعَلَنَا اللهُ فِدَاكَ، أَوْ
تَدْرِي مَا النَّقِيرُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، الْجِذْعُ يُنْقَرُ فِي وَسَطِهِ،
وَلا فِي الدُّبَّاءِ، وَلا فِي الْحَنْتَمِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْمُوكَى» .
رَوَاهُنَّ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
4745- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهم - أَنَّ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
(2/569)
نَهَى عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ
وَالْمُزَفَّتِ.
4746- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ لِوَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ: ... «أَنْهَاكُمْ عَنْ
الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالنَّقِيرِ وَالْمُقَيَّرِ وَالْمَزَادَةِ
الْمَجْبُوبَةِ، وَلَكِنْ اشْرَبْ فِي سِقَائِك وَأَوْكِهِ» . رَوَاهُمَا
مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
4747- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالا: حَرَّمَ رَسُولُ اللَّه
- صلى الله عليه وسلم - نَبِيذَ الْجَرِّ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ
وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد.
4748- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - عَنْ الْحَنْتَمَةِ وَهِيَ ... الْجَرَّةُ، وَنَهَى عَنْ
الدُّبَّاءِ: وَهِيَ الْقَرْعَةُ، وَنَهَى عَنْ النَّقِيرِ: وَهُوَ أَصْلُ
النَّخْلِ يُنْقَرُ نَقْرًا وَيُنْسَخُ نَسْخًا، وَنَهَى عَنْ
الْمُزَفَّتِ: وَهُوَ الْمُقَيَّرُ، وَأَمَرَ أَنْ يُنْبَذَ فِي
الأسْقِيَةِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
4749- وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم
-: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ الأشْرِبَةِ إِلا فِي ظُرُوفِ الأدَمِ
فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ غَيْرَ أَنْ لا تَشْرَبُوا ... مُسْكِرًا» .
رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
4750- وَفِي رِوَايَةٍ: «نَهَيْتُكُمْ عَنْ الظُّرُوفِ وَإِنَّ ظَرْفًا لا
يُحِلُّ شَيْئًا وَلا يُحَرِّمُهُ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» . رَوَاهُ
الْجَمَاعَةُ إِلا الْبُخَارِيَّ وَأَبَا دَاوُد.
4751- وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: لَمَّا نَهَى النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم - عَنْ الأوْعِيَةِ، قِيلَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم -: لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَجِدُ سِقَاءً فَرَخَّصَ لَهُمْ فِي
الْجَرِّ غَيْرَ الْمُزَفَّتِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
4752- وَعَنْ أَنَسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
عَنْ النَّبِيذِ فِي الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْحَنْتَمِ
وَالْمُزَفَّتِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: «أَلا كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ
عَنْ النَّبِيذِ فِي
الأوْعِيَةِ فَاشْرَبُوا فِيمَا شِئْتُمْ وَلا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا، مَنْ
شَاءَ أَوْكَى سِقَاءَهُ عَلَى إثْمٍ» .
4753- وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: أَنَا شَهِدْتُ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ نَهَى عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ، وَأَنَا
شَهِدَتْهُ حِينَ رَخَّصَ فِيهِ وَقَالَ: «وَاجْتَنِبُوا كُلَّ مُسْكِرٍ» .
رَوَاهُمَا أَحْمَدُ.
(2/570)
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
قَوْلُهُ: «فَاشْرَبُوا فِي كُلِّ وِعَاءٍ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ
النَّهْيِ عَنْ الِانْتِبَاذِ فِي الأوْعِيَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ
الْخَطَّابِيِّ: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا كَانَ
أَوَّلاً ثُمَّ نُسِخَ، وَالْمَعْنَى فِي النَّهْيِ أَنَّ الْعَهْدَ
بِإِبَاحَةِ الْخَمْرِ كَانَ قَرِيبًا، فَلَمَّا اُشْتُهِرَ التَّحْرِيمُ
أُبِيحَ لَهُمْ الانْتِبَاذُ فِي كُلِّ وِعَاءٍ بِشَرْطِ تَرْكِ شُرْبِ
الْمُسْكِرِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
قَالَ فِي الاخْتِيَارَاتِ: وَإِذَا شَكَكْتَ فِي الْمَطْعُومِ
وَالْمَشْرُوبِ هَلْ يُسْكِرُ أَمْ لا لَمْ يَحْرُمْ بِمُجَرَّدِ الشَّكِّ،
وَلَمْ يُقَمْ الْحَدِّ عَلَى شَارِبِهِ، وَلا يَنْبَغِي إِبَاحَتِهِ
لِلنَّاسِ إِذَا كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْكِرًا، لأَنَّ إِبَاحَةَ
الْحَرَامِ مِثْلُ تَحْرِيمِ الْحَلالِ.
بَابُ مَا جَاءَ فِي الْخَلِيطَيْنِ
4754- عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُنْبَذَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا،
وَنَهَى أَنْ يُنْبَذَ الرُّطَبُ وَالْبُسْرُ جَمِيعًا. رَوَاهُ
الْجَمَاعَةُ.
4755- إِلا التِّرْمِذِيَّ، فَإِنَّ لَهُ مِنْهُ فَصْلَ الرُّطَبِ
وَالْبُسْرِ.
4756- وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «لا تَنْبِذُوا الزَّهْوَ وَالرُّطَبَ جَمِيعًا،
وَلا تَنْبِذُوا الزَّبِيبَ وَالرُّطَبَ جَمِيعًا، وَلَكِنْ انْبِذُوا
كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ» . مُتَّفِقٌ عَلَيْهِ، لَكِنْ
لِلْبُخَارِيِّ ذِكْرُ التَّمْرِ بَدَلَ الرُّطَبِ.
4757- وَفِي لَفْظٍ: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى
عَنْ خَلِيطِ التَّمْرِ وَالْبُسْرِ، وَعَنْ خَلِيطِ الزَّبِيبِ
وَالتَّمْرِ، وَعَنْ خَلِيطِ الزَّهْوِ وَالرُّطَبِ وَقَالَ: «انْتَبِذُوا
كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد.
4758- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -
نَهَى عَنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ أَنْ يُخْلَطَ بَيْنَهُمَا، وَعَنْ
التَّمْرِ وَالْبُسْرِ أَنْ يُخْلَطَ بَيْنَهُمَا، يَعْنِي فِي
الانْتِبَاذِ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ.
4759- وَفِي لَفْظٍ: نَهَانَا أَنْ نَخْلِطَ بُسْرًا بِتَمْرٍ أَوْ
زَبِيبًا بِتَمْرٍ أَوْ زَبِيبًا بِبُسْرٍ، وَقَالَ: «مَنْ شَرِبَهُ
مِنْكُمْ فَلْيَشْرَبْهُ زَبِيبًا فَرْدًا وَتَمْرًا فَرْدًا وَبُسْرًا
فَرْدًا» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.
(2/571)
4760- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله
عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَنْبِذُوا
التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ جَمِيعًا، وَلا تَنْبِذُوا التَّمْرَ وَالْبُسْرَ
جَمِيعًا، وَانْبِذُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُنَّ عَلَى حِدَة» . رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
4761- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: نَهَى النَّبي -
صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُخْلَطَ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ جَمِيعًا،
وَأَنْ يُخْلَطَ الْبُسْرُ وَالتَّمْرُ جَمِيعًا.
4762- وَعَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ
يُخْلَطَ الْبَلَحُ بِالزَّهْوِ. رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ.
4763- وَعَنْ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ نَجْمَعَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ فَيُنْبَذَا
يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ الْفَضِيخِ
فَنَهَانِي عَنْهُ، قَالَ: وكَانَ يَكْرَهُ الْمُذَنِّبَ مِنْ الْبُسْرِ
مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ شَيْئَيْنِ فَكُنَّا نَقْطَعُهُ. رَوَاهُ
النَّسَائِيّ.
4764- وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنَّا نَنْبِذُ لِرَسُولِ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - فِي سِقَاءٍ فَنَأْخُذُ قَبْضَةً مِنْ تَمْرٍ وَقَبْضَةً
مِنْ زَبِيبٍ فَنَطْرَحُهُمَا، ثُمَّ نَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ
فَنَنْبِذُهُ غُدْوَةً فَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً وَنَنْبِذُهُ عَشِيَّةً
فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةْ.
قَوْلُهُ: «الْبَلَحُ» قَالَ وَفِي الْقَامُوسِ: هُوَ أَوَّلُ مَا يَرْطُبُ
مِنْ الْبُسْرِ وَاحِدُهُ بَلَحَةٌ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ
النَّهْيِ عَنْ الْخَلِيطَيْنِ. فَقَالَ النَّوَوِيُّ: ذَهَبَ أَصْحَابُنَا
وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ سَبَبَ النَّهْيِ عَنْ
الْخَلِيطِ أَنَّ الإِسْكَارَ يُسْرِعُ إلَيْهِ بِسَبَبِ الْخَلْطِ قَبْلَ
أَنْ يَشْتَدَّ، فَيَظُنُّ الشَّارِبُ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ
الإِسْكَارِ وَقَدْ بَلَغَهُ. قَالَ: وَمَذْهَبُ الْجُمْهُورِ أَنَّ
النَّهْيَ فِي ذَلِكَ لِلتَّنْزِيهِ وَإِنَّمَا يُحَرَّمُ إذَا صَارَ
مُسْكِرًا.
بَاب النَّهْيِ عَنْ تَخْلِيلِ الْخَمْرِ
3765 - عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عَنْ
الْخَمْرِ يُتَّخَذُ خَلًّا؟ فَقَالَ:
(2/572)
.. «لا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ
وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
4766- وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - عَنْ أَيْتَامٍ وَرِثُوا خَمْرًا، قَالَ: «أَهْرِقْهَا» .
قَالَ: أَفَلا نَجْعَلُهَا خَلًّا؟ قَالَ: «لا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو
دَاوُد.
4767- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قُلْنَا لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - لَمَّا حُرِّمَتْ الْخَمْرُ: إنَّ عِنْدَنَا خَمْرًا لِيَتِيمٍ
لَنَا، فَأَمَرَنَا فَأَهْرَقْنَاهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
4768- وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ يَتِيمًا كَانَ فِي حِجْرِ أَبِي طَلْحَةَ
فَاشْتَرَى لَهُ خَمْرًا. فَلَمَّا حُرِّمَتْ سُئِلَ النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم -: أَتُتَّخَذُ خَلًّا؟ قَالَ: «لا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ
وَالدَّارَقُطْنِيّ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: قَالَ: «لا» فِيهِ
دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ تَخْلِيلُ الْخَمْرِ وَلا
تَطْهُرُ بِالتَّخْلِيلِ.
بَابُ شُرْبُ الْعَصِيرِ مَا لَمْ يَغْلِ أَوْ يَأْتِ عَلَيْهِ ثَلاثٌ
وَمَا طُبِخَ قَبْلَ غَلَيَانِهِ فَذَهَبَ ثُلُثَاهُ
4769- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنَّا نَنْبِذُ
لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سِقَاءٍ يُوكَأ أَعْلاهُ
وَلَهُ عَزْلاءُ نَنْبِذُهُ غُدْوَةً فَيَشْرَبُهُ عَشِيًّا، وَنَنْبِذُهُ
عَشِيًّا فَيَشْرَبُهُ غُدْوَةً. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو
دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ.
4770- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُنْبَذُ لَهُ أَوَّلَ اللَّيْلِ
فَيَشْرَبُهُ إذَا أَصْبَحَ يَوْمَهُ ذَلِكَ، وَاللَّيْلَةَ الَّتِي
تَجِيءُ وَالْغَدَ وَاللَّيْلَةَ الأخْرَى وَالْغَدَ إلَى الْعَصْرِ، فَإِن
بَقِيَ شَيْءٌ سَقَاهُ الْخادم أَوْ أَمَرَ بِهِ فَصُبَّ. رَوَاهُ أَحْمَدُ
وَمُسْلِمٌ.
4471- وَفِي لفظ: كَانَ يُنْقَعُ لَهُ الزَّبِيبُ فَيَشْرَبُهُ الْيَوْمَ
وَالْغَدَ وَبَعْدَ الْغَدِ إلَى مَسَاءِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ يَأْمُرُ
بِهِ فَيُسْقَى الْخَادِمُ أَوْ يُهْرَاقُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ
وَأَبُو دَاوُد، وَقَالَ: مَعْنَى يُسْقَى الْخَادِمُ يُبَادِرُ بِهِ
الْفَسَادُ.
4772- وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ يُنْبَذُ لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - فَيَشْرَبُهُ يَوْمَهُ ذَلِكَ وَالْغَدَ وَالْيَوْمَ الثَّالِثَ،
فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْهُ أَهْرَقَهُ، أَوْ أَمَرَ بِهِ فَأُهْرِيقَ.
رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَةْ.
(2/573)
4773- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله
عنه - قَالَ: عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ
يَصُومُ فَتَحَيَّنْتُ فِطْرَهُ بِنَبِيذٍ صَنَعْتُهُ فِي دُبَّاءَ، ثُمَّ
أَتَيْتُهُ بِهِ فَإِذَا هُوَ يَنِشُّ، فَقَالَ: «اضْرِبْ بِهَذَا
الْحَائِطَ، فَإِنَّ هَذَا شَرَابُ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي الْعَصِيرِ: اشْرَبْهُ مَا لَمْ يَأْخُذْهُ
شَيْطَانُهُ، قِيلَ: وَفِي كَمْ يَأْخُذُهُ شَيْطَانُهُ؟ قَالَ: فِي
ثَلاثٍ. حَكَاهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.
وَعَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ مِنْ الطِّلاءِ مَا ذَهَبَ
ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ. رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَلَهُ مِثْلُهُ عَنْ
عُمَرَ وَأَبِي الدَّرْدَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: رَأَى عُمَرُ وَأَبُو عُبَيْدَةَ وَمُعَاذٌ - رضي
الله عنهم - شُرْبَ الطِّلاءِ عَلَى الثُّلُثِ، وَشَرِبَ الْبَرَاءُ
وَأَبُو جُحَيْفَةَ عَلَى النِّصْفِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُد: وسَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ شُرْبِ الطِّلاءِ إذَا
ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ؟ فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ، قُلْتُ:
إنَّهُمْ يَقُولُونَ يُسْكِرُ؟ قَالَ: لا يُسْكِرُ ولَوْ كَانَ يُسْكِرُ
مَا أَحَلَّهُ عُمَرُ - رضي الله عنه -.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ
شُرْبُ النَّبِيذِ مَا دَامَ حُلْوًا غَيْرَ أَنَّهُ إذَا اشْتَدَّ
الْحَرُّ أَسْرَعَ إلَيْهِ التَّغَيُّرُ.
قَوْلُهُ: (فِي ثَلاثِ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النَّبِيذَ بَعْدَ
الثَّلاثِ قَدْ صَارَ مَظِنَّةً لِكَوْنِهِ مُسْكِرًا فَيَتَوَجَّهُ
اجْتِنَابُهُ.
قَوْلُهُ: (مِنْ الطِّلاءِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمَدِّ شُبِّهَ
بِطِلاءِ الإِبِلِ وَهُوَ فِي تِلْكَ الْحَالِ غَالِبًا لا يُسْكِرُ.
بَاب آدَاب الشُّرْب
4774- عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ
يَتَنَفَّسُ فِي الإِنَاءِ ثَلاثًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
4775- وَفِي لَفْظٍ: كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الشَّرَابِ ثَلاثًا وَيَقُولُ:
«إنَّهُ أَرْوَى وَأَبْرَأُ وَأَمْرَأُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
4776- وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم -: «إذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلا يَتَنَفَّسْ فِي الإِنَاءِ» .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(2/574)
4777- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يُتَنَفَّسَ فِي الإِنَاءِ
أَوْ يُنْفَخَ فِيهِ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إِلا النَّسَائِيّ وَصَحَّحَهُ
التِّرْمِذِيُّ.
4778- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى
عَنْ النَّفْخِ فِي الشَّرَابِ، فَقَالَ رَجُلٌ: الْقَذَاةُ أَرَاهَا فِي
الإِنَاءِ؟ فَقَالَ: «أَهْرِقْهَا» . فَقَالَ: إنِّي لا أُرْوَى مِنْ
نَفَسٍ وَاحِدٍ؟ قَالَ: «فَأَبِنْ الْقَدَحَ إذًا عَنْ ... فِيك» . رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
4779- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - نَهَى عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
4780- وَعَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ -
صلى الله عليه وسلم - زَجَرَ عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا، قَالَ قَتَادَةُ:
فَقُلْنَا فَالأكْلُ؟ قَالَ: «ذَاكَ شَرٌّ وَأَخْبَثُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ
وَمُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ.
4781- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم -: «لا يَشْرَبَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ قَائِمًا فَمَنْ نَسِيَ
فَلْيَسْتَقِئْ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
4782- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: شَرِبَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه
وسلم - قَائِمًا مِنْ زَمْزَمَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
4783- وَعَنْ الإِمَامِ عَلِيٍّ - أَنَّهُ فِي رَحْبَةِ الْكُوفَةِ -
شَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ، قَالَ: إنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ الشُّرْبَ
قَائِمًا، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَنَعَ مِثْلَ مَا
صَنَعْتُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.
4784- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نَأْكُلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ نَمْشِي وَنَشْرَبُ وَنَحْنُ
قِيَامٌ. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَةْ وَالتِّرْمِذِيُّ
وَصَحَّحَهُ.
4785- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - عَنْ اخْتِنَاثِ الأسْقِيَةِ أَنْ يُشْرَبَ مِنْ أَفْوَاهِهَا.
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
4786- وَفِي رِوَايَةٍ: وَاخْتِنَاثِهَا أَنْ يُقْلَبَ رَأْسُهَا ثُمَّ
يُشْرَبَ مِنْهُ. أَخْرَجَاهُ.
4787- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
نَهَى أَنْ يُشْرَبَ مِنْ فِي
(2/575)
السِّقَاءِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ
وَأَحْمَدُ، وَزَادَ: قَالَ أَيُّوبُ: فَأُنْبِئْتُ أَنَّ رَجُلاً شَرِبَ
مِنْ فِي السِّقَاءِ فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ.
4788- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - عَنْ الشُّرْبِ مِنْ فِي السِّقَاءِ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلا
مُسْلِمًا.
4789- وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ عَنْ جَدَّتِهِ
كَبْشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
فَشَرِبَ مِنْ فِي قِرْبَةٍ مُعَلَّقَةٍ قَائِمًا، فَقُمْتُ إلَى فِيهَا
فَقَطَعْتُهُ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
4790- وَعَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّه - صلى
الله عليه وسلم - وَفِي الْبَيْتِ قِرْبَةٌ مُعَلَّقَةٌ، فَشَرِبَ مِنْهَا
وَهُوَ قَائِمٌ فَقَطَعْتُ فَاهَا فَإِنَّهُ لَعِنْدِي. رَوَاهُ أَحْمَدُ.
4791- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - شَرِبَ لَبَنًا فَمَضْمَضَ وَقَالَ: «إنَّ لَهُ
دَسَمًا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْبُخَارِيُّ.
4792- وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه
وسلم - أُتِيَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِيٌّ
وَعَنْ يَسَارِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَشَرِبَ ثُمَّ أَعْطَى الأعْرَابِيَّ
وَقَالَ: «الأيْمَنَ فَالأيْمَنَ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلا
النَّسَائِيّ.
4793- وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -
أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلامٌ وَعَنْ
يَسَارِهِ الأشْيَاخُ، فَقَالَ لِلْغُلامِ: «أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أُعْطِيَ
هَؤُلاءِ» ؟ فَقَالَ الْغُلامُ: وَاَللهِ يَا رَسُولَ اللهِ لا آثَرْتُ
بِنَصِيبِي مِنْك أَحَدًا فَتَلَّهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
فِي يَدِهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
4794- وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: «سَاقِي الْقَوْمِ آخِرُهُمْ شُرْبًا» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةْ
وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «فَلا يَتَنَفَّسُ
فِي الإِنَاءِ» النَّهْيُ عَنْ التَّنَفُّسِ فِي الَّذِي يَشْرَبُ مِنْهُ
لِئَلَّا يَخْرُجَ مِنْ الْفَمِ بُزَاقٌ يَسْتَقْذِرُهُ مَنْ شَرِبَ
بَعْدَهُ مِنْهُ أَوْ تَحْصُلُ فِيهِ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ تَتَعَلَّقُ
بِالْمَاءِ أَوْ بِالإِنَاءِ.
قَوْلُهُ: «أَوْ يُنْفَخَ فِيهِ» أَيْ فِي الإِنَاءِ الَّذِي يُشْرَبُ
مِنْهُ، وَكَذَا لا يُنْفَخُ فِي الإِنَاءِ لِتَبْرِيدِ الطَّعَامِ، بَلْ
يَصْبِرُ إلَى أَنْ يَبْرُدَ وَلا يَأْكُلُهُ حَارًّا فَإِنَّ الْبَرَكَةَ
تَذْهَبُ مِنْهُ.
(2/576)
قَوْلُهُ: (نَهَى عَنْ الشُّرْبِ قَائِمًا)
ظَاهِرُ النَّهْيِ أَنَّ الشُّرْبَ مِنْ قِيَامٍ حَرَامٌ، وَلَكِنْ حَدِيثُ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَحَدِيثُ عَلِيٍّ يَدُلانِ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ. قَالَ
الْمَازِرِيُّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا، فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى
الْجَوَازِ وَكَرِهَهُ قَوْمٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ: الصَّوَابُ أَنَّ
النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّنْزِيهِ وَشُرْبُهُ قَائِمًا لِبَيَانِ
الْجَوَازِ.
قَوْلُهُ: (مِنْ فِي السِّقَاءِ) قَالَ النَّوَوِيُّ: اتَّفَقُوا عَلَى
أَنَّ النَّهْيَ هُنَا لِلتَّنْزِيهِ لا لِلتَّحْرِيمِ وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ
حَزْمٍ بِالتَّحْرِيمِ قَالَ الْعِرَاقِيُّ: لَوْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا
يَكُونُ لِعُذْرٍ كَأَنْ تَكُونَ الْقِرْبَةُ مُعَلَّقَةً وَلَمْ يَجِدْ
الْمُحْتَاجُ إلَى الشُّرْبِ إنَاءً وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ التَّنَاوُلِ
بِكَفِّهِ فَلا كَرَاهَةَ حِينَئِذٍ، وَبَيْنَ مَا يَكُونُ لِغَيْرِ عُذْرٍ
فَتُحْمَلُ عَلَيْهِ أَحَادِيثُ النَّهْيِ. قَالَ الْحَافِظُ:
وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ أَحَادِيثَ الْجَوَازِ كُلَّهَا فِيهَا أَنَّ
الْقِرْبَةَ كَانَتْ مُعَلَّقَةً. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
(2/577)
|