بستان
الأحبار مختصر نيل الأوطار كِتَابُ النَّذْرِ
بَابُ نَذْرِ الطَّاعَةِ مُطْلَقًا وَمُعَلَّقًا بِشَرْطٍ
4893- عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ
نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ
فَلا يَعْصِهِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلا مُسْلِمًا.
4894- وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - عَنْ النَّذْرِ وَقَالَ: «إنَّهُ لا يَرُدُّ شَيْئًا وَإِنَّمَا
يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ» . رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلا
التِّرْمِذِيَّ.
4895- وَلِلْجَمَاعَةِ إِلا أَبَا دَاوُد مِثْلُ مَعْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ
أَبِي هُرَيْرَةَ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «إنَّهُ لا يَرُدُّ
شَيْئًا» فِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَعْلِيلِ النَّهْيِ عَنْ النَّذْرِ. قَالَ
ابْنُ الأثِيرِ فِي النِّهَايَةِ: تَكَرَّرَ النَّهْيُ عَنْ النَّذْرِ فِي
الْحَدِيثِ وَهُوَ تَأْكِيدٌ لأمْرِهِ وَتَحْذِيرٌ عَنْ التَّهَاوُنِ بِهِ
بَعْدَ إيجَابِهِ. قَالَ الْخَطَّابِيِّ: هَذَا بَابٌ مِنْ الْعِلْمِ
غَرِيبٌ وَهُوَ أَنْ يُنْهَى عَنْ فِعْلِ شَيْءٍ حَتَّى إذَا فُعِلَ كَانَ
وَاجِبًا. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابُ مَا جَاءَ فِي نَذْرِ الْمُبَاحِ وَالْمَعْصِيَةِ وَمَا أُخْرِجَ
مَخْرَجَ الْيَمِينِ
4896- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بَيْنَا النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم
- يَخْطُبُ إذْ هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ، فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا: أَبُو
إسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ فِي الشَّمْسِ، وَلا يَقْعُدَ، وَلا
يَسْتَظِلَّ، وَلا يَتَكَلَّمَ، وَأَنْ يَصُومَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم -: «مُرُوهُ فَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَقْعُدْ
وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ مَاجَةْ وَأَبُو
دَاوُد.
(2/600)
4897- وَعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ
أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لَيْسَ عَلَى
الرَّجُلِ نَذْرٌ فِيمَا لا يَمْلِكُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
4898- وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا نَذْرَ إِلا فِيمَا
اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللهِ تَعَالَى» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو
دَاوُد.
4899- وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - نَظَرَ إلَى
أَعْرَابِيٍّ قَائِمًا فِي الشَّمْسِ وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: «مَا
شَأْنُكَ» ؟ قَالَ: نَذَرْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَنْ لا أَزَالَ فِي
الشَّمْسِ حَتَّى تَفْرُغَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:
«لَيْسَ هَذَا نَذْرًا، إنَّمَا النَّذْرُ مَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ
اللهِ تَعَالَى» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
4900- وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنْ الأنْصَارِ
كَانَ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ، فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْقِسْمَةَ،
فَقَالَ: إنْ عُدْتَ تَسْأَلُنِي الْقِسْمَةَ فَكُلُّ مَالِي فِي رِتَاجِ
الْكَعْبَةِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: إنَّ الْكَعْبَةَ غَنِيَّةٌ عَنْ
مَالِكَ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَكَلِّمْ أَخَاكَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لا يَمِينَ عَلَيْكَ، وَلا نَذْرَ فِي
مَعْصِيَةِ الرَّبِّ، وَلا فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَلا فِيمَا لا
تَمْلِكُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
4901- وَعَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ -
صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إبِلًا
بِبُوَانَةَ، فَقَالَ: «أَكَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ
الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ» ؟ فَقَالُوا: لا، قَالَ: «فَهَلْ كَانَ فِيهَا
عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ» ؟ قَالُوا: لا، قَالَ: «أَوْفِ بِنَذْرِك
فَإِنَّهُ لا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، وَلا فِيمَا لا
يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
4902- وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:
«لا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» . رَوَاهُ
الْخَمْسَةُ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ.
4903- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: «مَنْ نَذَرَ نَذْرًا فِي مَعْصِيَةٍ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ
يَمِينٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
4904- وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم -: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» . رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: (أَبُو إسْرَائِيلَ)
قَالَ الْخَطِيبُ: هُوَ
(2/601)
رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ وَلا يُشَارِكُهُ
أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فِي كُنْيَتِهِ. قَالَ الشَّارِحُ: وَفِيهِ
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَتَأَذَّى بِهِ الإِنْسَانُ مِمَّا لَمْ
يَرِد بِمَشْرُوعِيَّتِهِ كِتَابٌ وَلا سُنَّةٌ - كَالْمَشْيِ حَافِيًا
وَالْجُلُوسِ فِي الشَّمْسِ - لَيْسَ مِنْ طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى فَلا
يَنْعَقِدُ النَّذْرُ بِهِ، فَإِنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ أَبَا
إسْرَائِيلَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِإِتْمَامِ الصَّوْمِ دُونَ غَيْرِهِ
وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ لا يَشُقُّ عَلَيْهِ. قَالَ
الْقُرْطُبِيُّ: فِي قِصَّةِ أَبِي إسْرَائِيلَ أَعْظَمُ حُجَّةً
لِلْجُمْهُورِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ عَلَى مَنْ نَذَرَ
مَعْصِيَةً أَوْ مَا لا طَاعَةَ فِيهِ.
قَوْلُهُ: «لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ نَذْرٌ فِيمَا لا يَمْلِكُ» فِيهِ
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ بِمَا لا يَمْلِكُ لا يُنَفَّذُ نَذْرَهُ،
وَكَذَلِكَ مَنْ نَذَرَ بِمَعْصِيَةٍ كَمَا فِي بَقِيَّةِ أَحَادِيثِ
الْبَابِ. وَاخْتُلِفَ فِي النَّذْرِ بِمَعْصِيَةٍ هَلْ تَجِبُ فِيهِ
الْكَفَّارَةُ أَمْ لا؟ فَقَالَ الْجُمْهُورُ: لا. وَعَنْ أَحْمَدَ
وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ:
نَعَمْ وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَهَا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ الْمَذْكُورِ
وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابٌ مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمِّهِ وَلا يُطِيقُهُ
4905- عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم -: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ - إذَا لَمْ يُسَمَّ -كَفَّارَةُ
يَمِينٍ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
4906- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -
قَالَ: «مَنْ نَذَرَ نَذْرًا وَلَمْ يُسَمِّهِ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ
يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُطِقْهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ
يَمِينٍ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
4907- وَابْنُ مَاجَةْ وَزَادَ: «وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا أَطَاقَهُ فَلْيَفِ
بِهِ» .
4908- وَعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى
شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ فَقَالَ: «مَا هَذَا» ؟ قَالُوا: نَذَرَ
أَنْ يَمْشِيَ. قَالَ: «إنَّ اللهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ
لَغَنِيٌّ» . وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ. رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلا ابْنَ
مَاجَةْ.
4909- وَلِلنَّسَائِيِّ فِي رِوَايَةٍ: نَذَرَ أَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ
اللهِ.
4910- وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ: نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ
إلَى بَيْتِ اللهِ
(2/602)
فَأَمَرَتْنِي أَنْ أَسْتَفْتِيَ لَهَا
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَفْتَيْتُهُ فَقَالَ:
«لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
4911- وَلِمُسْلِمٍ فِيهِ: حَافِيَةً غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ.
4912- وَفِي رِوَايَةٍ: نَذَرَتْ أُخْتِي أَنْ تَمْشِيَ إلَى الْكَعْبَةِ،
فَقَالَ ... رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ
عَنْ مَشْيِهَا لِتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ بَدَنَةً» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
4913- وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ أُخْتَهُ نَذَرَتْ أَنْ تَمْشِيَ حَافِيَةً
غَيْرَ مُخْتَمِرَةٍ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:
«إنَّ اللهَ لا يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِكَ شَيْئًا، مُرْهَا
فَلْتَخْتَمِرْ وَلْتَرْكَبْ وَلْتَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ» . رَوَاهُ
الْخَمْسَةُ.
4914- وَعَنْ كُرَيْبٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ إلَى
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ
أُخْتِي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ مَاشِيَةً، فَقَالَ: «إنَّ اللهَ لا
يَصْنَعُ بِشَقَاءِ أُخْتِك شَيْئًا، لِتَخْرُجْ رَاكِبَةً وَلْتُكَفِّرْ
عَنْ يَمِينِهَا» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
4915- وَعَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ
سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إنَّ أُخْتَهُ نَذَرَتْ
أَنْ تَمْشِيَ إلَى الْبَيْتِ وَشَكَا إلَيْهِ ضَعْفَهَا، فَقَالَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْ نَذْرِ
أُخْتِكِ فَلْتَرْكَبْ وَلْتُهْدِ بَدَنَةً» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
4916- وَفِي لَفْظٍ: إنَّ أُخْتَ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ نَذَرَتْ أَنْ
تَمْشِيَ إلَى الْبَيْتِ وَإِنَّهَا لا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَأَمَرَهَا
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تَرْكَبَ وَتُهْدِيَ هَدْيًا.
رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «لَمْ يُسَمَّ» فِيهِ
دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ إنَّمَا تَجِبُ فِيمَا كَانَ
مِنْ النُّذُورِ غَيْرَ مُسَمَّى.
قَوْلُهُ: «وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُطِقْهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ
يَمِينٍ» ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَنْذُورُ بِهِ طَاعَةً أَوْ
مَعْصِيَةً أَوْ مُبَاحًا إذَا كَانَ غَيْرَ مَقْدُورٍ فَفِيهِ
الْكَفَّارَةُ.
قَوْلُهُ: «لِتَمْشِ وَلْتَرْكَبْ» فِيهِ أَنَّ النَّذْرَ بِالْمَشْيِ
وَلَوْ إلَى مَكَانِ الْمَشْيِ إلَيْهِ طَاعَةٌ فَإِنَّهُ لا يَجِبُ
الْوَفَاءُ بِهِ بَلْ يَجُوزُ الرُّكُوبُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَإِنَّمَا
أَمَرَ
(2/603)
النَّاذِرَةَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَنْ
تَرْكَبَ جَزْمًا، وَأَمَرَ أُخْتَ عُقْبَةَ أَنْ تَمْشِيَ وَأَنْ تَرْكَبَ
لأنَّ النَّاذِرَ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ كَانَ شَيْخًا ظَاهِرَ الْعَجْزِ
وَأُخْتُ عُقْبَةَ لَمْ تُوصَفْ بِالْعَجْزِ، فَكَأَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ
تَمْشِيَ إنْ قَدَرَتْ وَتَرْكَبَ إنْ عَجَزَتْ، وَبِهَذَا تَرْجَمَ
الْبَيْهَقِيُّ. قَالَ الشَّارِحُ: وأحاديث الْبَابِ مُصَرِّحَةٌ بِوُجُوبِ
الْكَفَّارَةِ. وَنَقَلَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ لا
يَصِحُّ فِيهِ الْهَدْيُ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: زِيَادَةُ الأمْرِ
بِالْهَدْيِ رُوَاتُهَا ثِقَاتٌ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابُ مَنْ نَذَرَ وَهُوَ مُشْرِكٌ ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ نَذَرَ ذَبْحًا فِي
مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ
4917- عَنْ عُمَرَ قَالَ: نَذَرْتُ نَذْرًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ،
فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدَ مَا أَسْلَمْتُ -
فَأَمَرَنِي أَنْ أُوفِيَ بِنَذْرِي. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَةْ.
4918- وَعَنْ كَرْدَمِ بْنِ سُفْيَانَ: أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - عَنْ نَذْرٍ نَذَرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ لَهُ:
«أَلِوَثَنٍ أَوْ لِنُصُبٍ» ؟ قَالَ: لا، وَلَكِنْ لِلَّهِ، فَقَالَ: ...
«أَوْفِ لِلَّهِ مَا جَعَلْتَ لَهُ، انْحَرْ عَلَى بُوَانَةَ وَأَوْفِ
بِنَذْرِكَ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
4919- وَعَنْ مَيْمُونَةَ بِنْتِ كَرْدَمٍ قَالَتْ: كُنْت رِدْفَ أَبِي
فَسَمِعْتُهُ يَسْأَلُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا
رَسُولَ اللهِ إنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ بِبُوَانَةَ، فقَالَ: «أَبِهَا
وَثَنٌ أَوْ طَاغِيَةٌ» ؟ قَالَ: لا، قَالَ: «أَوْفِ بِنَذْرِك» . رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَةْ.
4920- وَفِي لَفْظٍ لأحْمَدَ: إنِّي نَذَرْت أَنْ أَنْحَرَ عَدَدًا مِنْ
الْغَنَمِ وَذَكَرَ مَعْنَاهُ. وَفِيهِ دَلالَةٌ عَلَى جَوَازِ نَحْرِ مَا
يُذْبَحُ.
4921- وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ
امْرَأَةً قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ
بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا - مَكَانٌ كَانَ يَذْبَحُ فِيهِ أَهْلُ
الْجَاهِلِيَّةِ - قَالَ: «لِصَنَمٍ» ؟ قَالَتْ: لا، قَالَ: «لِوَثَنٍ» ؟
قَالَتْ: لا، قَالَ: «أَوْفِ بِنَذْرِكِ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَفِي حَدِيث عُمَر دَلِيل
عَلَى أَنَّهُ يَجِبْ الْوَفَاءَ بِالنَّذْرِ مِن الْكَافِر مَتَى
أَسْلَمَ.
قَوْلُهُ: (كَرْدَمٍ) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالدَّالِ. وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى
أَنَّهُ يَجِبُ الْوَفَاءُ
(2/604)
بِالنَّذْرِ فِي الْمَكَانِ الْمُعَيَّنِ
إذَا لَمْ يَكُنْ فِي التَّعْيِينِ مَعْصِيَةٌ وَلا مَفْسَدَةٌ مِنْ
اعْتِقَادِ تَعْظِيمِ جَاهِلِيَّةٍ أَوْ نَحْوِهِ.
بَابُ مَا يُذْكَرُ فِيمَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ كُلِّهِ
4922- عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ
مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إلَى اللهِ
وَرَسُولِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أَمْسِكْ
عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» . قَالَ: قُلْت: إنِّي
أُمْسِكُ سَهْمِي الَّذِي بِخَيْبَرَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
4923- وَفِي لَفْظٍ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ مِنْ تَوْبَتِي
إلَى اللهِ أَنْ أُخْرِجَ مِنْ مَالِي كُلِّهِ إلَى اللهِ وَرَسُولِهِ
صَدَقَةً؟ قَالَ: «لا» . قُلْت: فَنِصْفُهُ؟ قَالَ: «لا» . قُلْت:
فَثُلُثُهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . قُلْت: فَإِنِّي سَأُمْسِكُ سَهْمِي مِنْ
خَيْبَرَ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
4924- وَعَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِي لُبَابَةَ أَنَّ
أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ لَمَّا تَابَ اللهُ عَلَيْهِ
قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي
وَأُسَاكِنَك، وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً لِلَّهِ عَزَّ
وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ، فَقَالَ ... رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:
«يَجْزِي عَنْكَ الثُّلُثُ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ
فِيمَنْ نَذَرَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَالِهِ عَلَى عَشَرَةِ
مَذَاهِبَ: الأوَّلُ: إنَّهُ يَلْزَمُهُ الثُّلُثُ فَقَطْ لِهَذَا
الْحَدِيثِ.
بَابُ مَا يُجْزِئ مَنْ عَلَيْهِ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ بِنَذْرٍ أَوْ
غَيْرِهِ
4925- عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الأنْصَارِ:
إنَّهُ جَاءَ بِأَمَةٍ سَوْدَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ عَلَيَّ
عِتْقَ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فَإِنْ كُنْتَ تَرَى هَذِهِ مُؤْمِنَةً
أَعْتَقْتُهَا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:
«أَتَشْهَدِينَ أَنْ لا إلَهَ إِلا اللهُ» ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:
«أَتَشْهَدِينَ أَنِّي رَسُولُ اللهِ» ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ: ...
«أَتُؤْمِنِينَ بِالْبَعْثِ بَعْدَ الْمَوْتِ» ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، قَالَ:
«فَأَعْتِقْهَا» .
4926- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - بِجَارِيَةٍ سَوْدَاءَ
(2/605)
أَعْجَمِيَّةٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ
إنَّ عَلَيَّ عِتْقَ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «أَيْنَ اللهُ» ؟ فَأَشَارَتْ إلَى السَّمَاءِ
بِأُصْبُعِهَا، فَقَالَ لَهَا: «مَنْ أَنَا» ؟ فَأَشَارَتْ بِأُصْبُعِهَا
إلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِلَى السَّمَاءِ: أَيْ
أَنْتَ رَسُولُ اللهِ، فَقَالَ: ... «أَعْتِقْهَا» . رَوَاهُمَا أَحْمَدُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى اسْتُدِلَّ بِالْحَدِيثَيْنِ
عَلَى أَنَّهُ لا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ إِلا رَقَبَةٌ
مُؤْمِنَةٌ وَإِنْ كَانَتْ الآيَةُ الْوَارِدَةُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ
لَمْ تَدُلَّ عَلَى ذَلِكَ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: حَمَلَ الْجُمْهُورُ
الْمُطْلَقْ عَلَى الْمُقَيَّدِ. انْتَهَى مُلَخَّصًا.
بَابُ أَنَّ مَنْ نَذَرَ الصَّلاةَ فِي الْمَسْجِدِ الأقْصَى أَجْزَأَهُ
أَنْ يُصَلِّيَ
فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ
4927- عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَجُلاً قَالَ - يَوْمَ
الْفَتْحِ -: يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي نَذَرْتُ إنْ فَتَحَ اللهُ عَلَيْكَ
مَكَّةَ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَقَالَ: «صَلِّ هَا
هُنَا» . فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «صَلِّ هَا هُنَا» . فَسَأَلَهُ فَقَالَ:
«شَأْنُكَ إذَنْ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد.
4928- وَلَهُمَا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -
بِهَذَا الْخَبَرِ، وَزَادَ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
«وَاَلَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ لَوْ صَلَّيْتَ هَا هُنَا
لَقَضَى عَنْك ذَلِكَ كُلَّ صَلاةٍ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ» .
4929- وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ امْرَأَةً شَكَتْ شَكْوَى فَقَالَتْ:
إنْ شَفَانِي اللهُ فَلأخْرُجَنَّ فَلأُصَلِّيَنَّ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ،
فَبَرِأَتْ ثُمَّ تَجَهَّزَتْ تُرِيدُ الْخُرُوجَ. فَجَاءَتْ مَيْمُونَةُ
تُسَلِّمُ عَلَيْهَا، فَأَخْبَرَتْهَا بِذَلِكَ، فَقَالَتْ: اجْلِسِي
فَكُلِي مَا صَنَعْتِ وَصَلِّي فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه
وسلم - فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:
... «صَلاةٌ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ
الْمَسَاجِدِ إِلا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ.
4930- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:
(2/606)
«صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ
أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» . رَوَاهُ
الْجَمَاعَةُ إِلا أَبَا دَاوُد.
4931- وَلأحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ مِثْلُهُ، وَزَادَ:
«وَصَلاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلاةٍ
فِيمَا سِوَاهُ» .
4932- وَكَذَلِكَ لأحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ
مِثْلُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَزَادَ: «وَصَلاةٌ فِي الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلاةٍ فِي هَذَا» .
4933- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلا إلَى ثَلاثَةِ
مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالْمَسْجِدُ
الأقْصَى» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
4934- وَلِمُسْلِمٍ فِي رِوَايَةٍ: «إنَّمَا يُسَافَرُ إلَى ثَلاثَةِ
مَسَاجِدَ» .
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: قَوْلُهُ: «صَلِّ هَا هُنَا»
فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ نَذَرَ بِصَلاةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ
نَحْوَهُمَا فِي مَكَانٍ لَيْسَ بِأَفْضَلَ مِنْ مَكَانِ النَّاذِرِ
فَإِنَّهُ لا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوَفَاءُ بِإِيقَاعِ الْمَنْذُورِ بِهِ فِي
ذَلِكَ الْمَكَانِ.
بَابٌ قَضَاءُ كُلِّ الْمَنْذُورَاتِ عَنْ الْمَيِّتِ
4935- عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ سَعْدَ بْنَ
عُبَادَةَ - رضي الله عنه - اسْتَفْتَى رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم
- فَقَالَ: إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ لَمْ تَقْضِهِ، فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «اقْضِهِ عَنْهَا» . رَوَاهُ أَبُو
دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَأَمَرَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَةً جَعَلَتْ أُمُّهَا
عَلَى نَفْسِهَا صَلاةً بِقُبَاءَ يَعْنِي ثُمَّ مَاتَتْ، فَقَالَ: «صَلِّي
عَنْهَا» . قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ.
قَالَ الشَّارِحُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَجَاءَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
وَابْنِ عَبَّاسٍ خِلافُ ذَلِكَ. فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ: إنَّهُ
بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: لا يُصَلِّي
أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ. قَالَ الْحَافِظُ:
وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ الإِثْبَاتِ فِي حَقِّ مَنْ مَاتَ
وَالنَّفْيُ فِي حَقِّ الْحَيِّ. قَالَ الشَّارِحُ: وَقَدْ ذَهَبَ
الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ نَذْرٌ مَالِيٌّ فَإِنَّهُ
يَجِبُ قَضَاؤُهُ مِنْ رَأْسِ
(2/607)
مَالِهِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ إِلا إنْ وَقَعَ
النَّذْرُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ فَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ. انْتَهَى
مُلَخْصًا.
(2/608)
|