تهذيب الآثار الجزء المفقود

 (" ذكر مَا صَحَّ عندنَا سَنَده من أَخْبَار طَلْحَة بن عبيد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ")

(" ذكر مَا رُوِيَ من ذَلِك عَن ابْنه مُوسَى ")

327 - حَدثنِي عَبدة بن عبد الله الصفار وَمُحَمّد بن هَارُون الْقطَّان وَعلي بن حَرْب الْموصِلِي، قَالَ: عَبدة: أخبرنَا مُحَمَّد بن بشر، وَقَالَ مُحَمَّد بن هَارُون وَعلي بن حَرْب: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشر قَالَ: حَدثنَا مجمع بن يحيى الْأنْصَارِيّ، عَن عُثْمَان بن موهب، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله! كَيفَ الصَّلَاة عَلَيْك؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد، كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد. وَبَارك على مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد، كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد ".

(1/207)


328 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنِي الحكم بن مَرْوَان، قَالَ: حَدثنَا إِسْرَائِيل، عَن عُثْمَان بن موهب، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه، قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله {قد علمنَا السَّلَام عَلَيْك، فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك؟ قَالَ: " قُولُوا اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد، وعَلى آل مُحَمَّد، وَبَارك على مُحَمَّد، وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت وباركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد ".
329 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا هَارُون بن الْمُغيرَة، عَن عَنْبَسَة، عَن عُثْمَان بن موهب، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه، قَالَ: " أَتَى رجل إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: سَمِعت الله يَقُول: {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا} . فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك؟ فَقَالَ: " قل اللَّهُمَّ} صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد، وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد ".
(" القَوْل فِي علل هَذَا الْخَبَر ")
وَهَذَا خبر - عندنَا - صَحِيح سَنَده، وَقد يجب أَن يكون على مَذْهَب

(1/208)


الآخرين سقيما، غير صَحِيح لعلل:
إِحْدَاهَا: أَنه خبر لَا يعرف لَهُ مخرج عَن طَلْحَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
وَالْخَبَر إِذا انْفَرد بِهِ - عِنْدهم - مُنْفَرد، وَجب التثبت فِيهِ {
وَالثَّانيَِة: أَنه خبر، قد حدث بِهِ عَن مُوسَى بن طَلْحَة، غير عُثْمَان بن موهب، فَقَالَ فِيهِ: عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن زيد بن خَارِجَة الْأنْصَارِيّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يقل عَن أَبِيه}
وَالثَّالِثَة: اضْطِرَاب الروَاة فِي أَلْفَاظه، وَزِيَادَة بَعضهم على بعض فِيهَا، مَعَ نقلهم ذَلِك جَمِيعًا، عَن رجل وَاحِد {وَذَلِكَ - عِنْدهم - من بَين الدَّلِيل على وهائه}
(" ذكر من روى هَذَا الْخَبَر عَن مُوسَى بن طَلْحَة فَقَالَ فِيهِ: عَنهُ عَن زيد بن خَارِجَة ")

330 - حَدثنِي مُحَمَّد بن معمر البحراني، قَالَ: حَدثنَا هِشَام المَخْزُومِي، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَاحِد، قَالَ: حَدثنَا عُثْمَان بن حَكِيم، قَالَ: حَدثنِي خَالِد بن سَلمَة، قَالَ: سَمِعت مُوسَى بن طَلْحَة - وَسَأَلَهُ عبد الحميد -: كَيفَ الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَقَالَ: سَأَلَهُ زيد بن خَارِجَة الْأنْصَارِيّ؟ فَقَالَ: سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقلت: يَا رَسُول الله! كَيفَ الصَّلَاة عَلَيْك؟ قَالَ: " صلوا، ثمَّ قُولُوا: اللَّهُمَّ بَارك على مُحَمَّد، وَآل مُحَمَّد كَمَا باركت على

(1/209)


إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد ".
قَالَ أَبُو جَعْفَر:
331 - وَوجدت فِي كتابي، عَن الْحسن بن الصَّباح الْبَزَّار - وَلَا أذكر سَمَاعا - عَن مَرْوَان بن مُعَاوِيَة، قَالَ: حَدثنَا عُثْمَان بن حَكِيم الْأنْصَارِيّ، قَالَ: حَدثنِي خَالِد بن سَلمَة المَخْزُومِي، قَالَ: حَدثنِي مُوسَى بن طَلْحَة بن عبيد الله، عَن زيد بن خَارِجَة - أخي بني فهر - قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله {قد عرفنَا كَيفَ السَّلَام عَلَيْك، فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك؟ قَالَ: " صلوا على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَقُولُوا: اللَّهُمَّ} بَارك على مُحَمَّد، كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد ".
وَقد شَارك فِي رِوَايَة هَذَا الْخَبَر - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - طَلْحَة - جمَاعَة من الصَّحَابَة نذْكر مَا صَحَّ - عندنَا - من ذَلِك بِسَنَدِهِ، ثمَّ نتبع جَمِيعه: الْبَيَان إِن شَاءَ الله.

(1/210)


(" ذكر ذَلِك ")

332 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا الحكم بن بشير، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو - يَعْنِي ابْن قيس - عَن الحكم بن عتيبة، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن كَعْب قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله {قد علمنَا كَيفَ نسلم عَلَيْك، فَكيف نصلي عَلَيْك؟ فَقَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ} صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد. وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد، وَالسَّلَام عَلَيْهِ وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ".

(1/211)


333 - حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن الحكم، قَالَ: سَمِعت ابْن أبي ليلى، قَالَ: لَقِيَنِي كَعْب بن عجْرَة، فَقَالَ: أَلا أهدي إِلَيْك هَدِيَّة؟ " خرج علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقُلْنَا: قد عرفنَا كَيفَ نسلم عَلَيْك، فَكيف نصلي عَلَيْك؟ قَالَ: قُولُوا: " اللَّهُمَّ {صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد. اللَّهُمَّ} بَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد ".
334 - حَدثنَا هَارُون بن إِسْحَاق الْهَمدَانِي، قَالَ: حَدثنَا ابْن فُضَيْل، عَن يزِيد بن أبي زِيَاد، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن كَعْب بن عجْرَة، قَالَ: " لما نزلت: {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} . قَالُوا: كَيفَ نصلي عَلَيْك يَا نَبِي الله {؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ} صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد. وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد ". قَالَ: وَنحن نقُول: وعلينا مَعَهم قَالَ يزِيد: فَلَا أَدْرِي، شَيْء زَاده ابْن أبي ليلى من قبل نَفسه، أَو شَيْء رَوَاهُ عَن كَعْب؟ .

(1/212)


335 - وحَدثني مُحَمَّد بن خلف، قَالَ: حَدثنَا مُعَاوِيَة بن هِشَام، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر، عَن مُجَاهِد، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن كَعْب بن عجْرَة، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله {هَذَا السَّلَام عَلَيْك قد عَرفْنَاهُ، فَكيف نصلي عَلَيْك؟ فَقَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ} صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم. وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد ".
336 - وحَدثني مُحَمَّد بن خلف، قَالَ: حَدثنَا مُعَاوِيَة، عَن سُفْيَان، عَن يزِيد بن أبي زِيَاد، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن كَعْب بن عجْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَحْوِهِ.
337 - وحَدثني زَكَرِيَّا بن يحيى بن أبي زَائِدَة، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْمحَاربي، عَن مَالك بن مغول، عَن الحكم بن عتيبة، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى: " أَن كَعْب بن عجْرَة، قَالَ لَهُ، وَهُوَ يطوف بِالْبَيْتِ: أَلا أهدي لَك هَدِيَّة؟ قلت: بلَى {قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله} هَذَا السَّلَام عَلَيْك قد عَرفْنَاهُ، فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك؟ قَالَ: " تَقول: اللَّهُمَّ! صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم،

(1/213)


إِنَّك حميد مجيد ".
338 - وحَدثني جَعْفَر بن مُحَمَّد الْكُوفِي - بياع البرود - قَالَ: حَدثنَا يعلى، عَن الْأَجْلَح، عَن الحكم بن عتيبة، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن كَعْب بن عجْرَة؛ قَالَ: " لما نزلت: {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي، يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا} . قُمْت إِلَيْهِ؛ فَقلت: السَّلَام عَلَيْك قد عَرفْنَاهُ، فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك يَا رَسُول الله {؟ " قَالَ: قل: اللَّهُمَّ} صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد. وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد ".
339 - وحَدثني ابْن شَيبَان الْقَزاز، قَالَ: حَدثنَا الْحجَّاج، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد، عَن قيس بن سعد، عَن الحكم بن عتيبة، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن كَعْب بن عجْرَة، " أَن أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالُوا: يَا رَسُول الله! هَذَا السَّلَام عَلَيْك قد

(1/214)


علمناه، فَكيف الصَّلَاة؟ قَالَ: قُولُوا: " اللَّهُمَّ {صل على آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد. وَبَارك على مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد، كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد ".
340 - وحَدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم الْمصْرِيّ، قَالَ: حَدثنَا أَبُو زرْعَة وهب بن رَاشد، قَالَ: حَدثنَا حَيْوَة، قَالَ: حَدثنِي ابْن الْهَاد، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن خباب، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله} هَذَا التَّسْلِيم عَلَيْك، كَيفَ الصَّلَاة عَلَيْك؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ {صل على مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك، كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم. وَبَارك على مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد، كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم ".
341 - وحَدثني مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، قَالَ: أخبرنَا أبي وَشُعَيْب بن اللَّيْث، عَن اللَّيْث، عَن يزِيد بن الْهَاد، عَن عبد الله بن خباب، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله} هَذَا السَّلَام عَلَيْك، كَيفَ نصلي عَلَيْك؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ! صل [على]

(1/215)


مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك، كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم. وَبَارك على مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد، كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم ".
342 - وحَدثني مُحَمَّد بن عمَارَة الْأَسدي، قَالَ: حَدثنَا خَالِد بن مخلد، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن جَعْفَر، عَن يزِيد بن عبد الله بن الْهَاد، عَن عبد الله بن خباب، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله {هَذَا السَّلَام عَلَيْك قد عرفنَا، فَكيف الصَّلَاة؟ فَقَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ} صل على مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك، كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم، وَبَارك على مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد، كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم ".
343 - حَدثنِي مُحَمَّد بن عَوْف الطَّائِي، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن خَالِد، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد، قَالَ: حَدثنِي عقبَة بن عَمْرو، قَالَ: أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله {أما السَّلَام عَلَيْك فقد عَرفْنَاهُ، فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك؟ قَالَ: فَغَضب رَسُول الله، حَتَّى وَدِدْنَا أَن الرجل الَّذِي سَأَلَهُ، لم يسْأَله.
قَالَ: " إِذا صليتم عَليّ فَقولُوا: اللَّهُمَّ} صل على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم، وَبَارك على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد ".

(1/216)


344 - حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، قَالَ: حَدثنَا أَحْمد بن عبد الله بن يُونُس، قَالَ: حَدثنَا زُهَيْر، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن الْحَارِث، عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن زيد، عَن عقبَة بن عَمْرو، قَالَ: أَتَى رجل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى جلس بَين يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله {أما السَّلَام عَلَيْك، فقد عَرفْنَاهُ، فَمَا الصَّلَاة؟ فَأخْبرنَا كَيفَ نصلي عَلَيْك؟ فَصمت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى وَدِدْنَا أَن الرجل الَّذِي سَأَلَهُ لم يسْأَله، ثمَّ قَالَ: " إِذا صليتم عَليّ، فَقولُوا: اللَّهُمَّ} صل على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم، وَبَارك على مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم إِنَّك حميد مجيد ".
345 - وحَدثني عبيد الله بن يُوسُف الجبيري، قَالَ: أخبرنَا عُثْمَان بن عمر، قَالَ: أخبرنَا مَالك، عَن نعيم المجمر، عَن مُحَمَّد،

(1/217)


عَن أبي مَسْعُود، قَالَ: قيل يَا رَسُول الله {كَيفَ نصلي عَلَيْك؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ} صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد ".
346 - وحَدثني أَبُو حَفْص الجبيري، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن مسعد، عَن مَالك بن أنس، عَن نعيم بن عبد الله المجمر، عَن مُحَمَّد بن زيد، عَن أَبِيه، قَالَ: كُنَّا عِنْد سعد بن عبَادَة، فَأَتَانَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ لَهُ بشير بن سعد: يَا رَسُول الله {كَيفَ الصَّلَاة عَلَيْك؟ قَالَ: فَسكت حَتَّى جَاءَهُ الْوَحْي، قَالَ: فتربد لَهُ وَجهه، فَقَالَ: " تَقولُونَ: اللَّهُمَّ} صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد، اللَّهُمَّ {بَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على آل إِبْرَاهِيم فِي الْعَالمين إِنَّك حميد مجيد، وَالسَّلَام قد علمْتُم ".
347 - وحَدثني أَحْمد بن الْفرج الْحِمصِي، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي فديك، قَالَ: حَدثنَا دَاوُد بن قيس، عَن نعيم بن عبد الله المجمر، عَن أبي هُرَيْرَة: أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ كَيفَ نصلي عَلَيْك يَا رَسُول الله} ؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ! صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت وباركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد، وَالسَّلَام قد علمْتُم ".

(1/218)


348 - حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق بن سُلَيْمَان، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن عبد الرَّحْمَن - مولى سعيد بن الْعَاصِ - قَالَ: أَخْبرنِي حَنْظَلَة بن عَليّ، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من قَالَ: اللَّهُمَّ {صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم، وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم، وترحم على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا ترحمت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم، شهِدت لَهُ يَوْم الْقِيَامَة بِشَهَادَة، وشفعت لَهُ بشفاعة ".
349 - حَدثنَا عَليّ بن حَرْب الْموصِلِي، قَالَ: حَدثنَا خَالِد بن يزِيد الْعَدوي، عَن عمر بن صهْبَان، عَن زيد بن أسلم، عَن أبي صَالح، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله} قد علمنَا السَّلَام عَلَيْك، فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ! صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد، وَبَارك

(1/219)


على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم ".
350 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشر، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن أبي دَاوُد، عَن بُرَيْدَة الْأَسْلَمِيّ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله {قد علمنَا كَيفَ السَّلَام عَلَيْك، فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ} اجْعَل صلواتك، ورحمتك، وبركاتك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا جَعلتهَا على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد ".
351 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، قَالَ: أخبرنَا إِسْمَاعِيل، عَن أبي دَاوُد، عَن بُرَيْدَة الْأَسْلَمِيّ، قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله {هَذَا السَّلَام عَلَيْك قد عَرفْنَاهُ، فَكيف نصلي عَلَيْك؟ قَالَ: " قُولُوا: اللَّهُمَّ} صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على آل إِبْرَاهِيم ".
(" القَوْل فِي الْبَيَان عَن مَعَاني هَذِه الْأَخْبَار ")

إِن قَالَ لنا قَائِل: قد علمت اخْتِلَاف أَلْفَاظ هَذِه الْأَخْبَار، وَزِيَادَة بعض رواتها فِي رِوَايَته مَا روى من ذَلِك على بعض، وتقصير بَعضهم

(1/220)


مَا روى مِنْهُ عَن رِوَايَة غَيره: فَمَا الصَّوَاب من ذَلِك عنْدك، وَالصَّحِيح من الرِّوَايَة فِيهِ؟ .
قيل: كل ذَلِك - عندنَا - صَوَاب صَحِيح ( {) وَأي ذَلِك اسْتَعْملهُ مُسْتَعْمل فِي الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فمحسن (} ) وَإِنَّمَا اخْتِلَاف الروَاة فِي رواياتهم مَا رووا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَظِير اخْتلَافهمْ فِي رواياتهم مَا رووا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي دُعَائِهِ للْمَيت فِي الصَّلَاة على الْجِنَازَة، إِذْ كَانَ الْمُصَلِّي عَلَيْهَا مُخَيّرا فِي دُعَائِهِ لَهُ حِينَئِذٍ أَن يتَخَيَّر مَا شَاءَ وَأحب من الدُّعَاء بعد أَن يَدْعُو للْمَيت بِخَير.
وَإِن كَانَ أحب ذَلِك - إِلَيْنَا - أَن يَدْعُو لَهُ بِهِ: أفضله وأبلغه، فَكَذَلِك الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دُعَاء لَهُ، فَأَحبهُ - إِلَيْنَا - أفضله وأبلغه فِي الدُّعَاء لَهُ، وَالْمَسْأَلَة.
وَإِن كَانَ أدناه مجزئا، إِذْ كَانَ الْمُسلمُونَ غير مَحْصُورين من ذَلِك على دُعَاء لَا يتَجَاوَز فِيهِ، وَلَا يقصر عَنهُ.
وَلما قُلْنَا: من أَن الْمُسلمين غير مَحْصُورين فِي ذَلِك على أَمر لَا يُزَاد فِيهِ، وَلَا ينقص مِنْهُ: اخْتلفت الْأَخْبَار الْوَارِدَة فِيهِ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والْآثَار المنقولة عَن الصَّحَابَة {
فَإِن قَالَ لنا قَائِل: فاذكر لنا بعض الْآثَار المنقولة عَن الصَّحَابَة باختلافهم فِي ذَلِك؛ لنعلم بذلك حَقِيقَة مَا وصفت: أَن الْمُسلمين غير مَحْصُورين فِي ذَلِك على دُعَاء بِعَيْنِه دون غَيره من الدُّعَاء}
قيل:
352 - حَدثنَا مُحَمَّد بن وَزِير بن قيس الوَاسِطِيّ، قَالَ: حَدثنَا نوح بن قيس، عَن سَلامَة الْكِنْدِيّ، قَالَ: " كَانَ عَليّ بن أبي طَالب - رضوَان الله عَلَيْهِ - يعلم النَّاس الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: قُولُوا اللَّهُمَّ! داحي المدحوات، وباريء المسموكات،

(1/221)


وجبار الْقُلُوب على فطرتها: شقيها، وسعيدها {اجْعَل شرائف صلواتك، ونوامي بركاتك، ورأفة تحننك على مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك، الْخَاتم لما سبق، والفاتح لما أغلق، والمعلن الْحق بِالْحَقِّ، والدامغ جيشات الأباطيل، كَمَا حمل فاضطلع بِأَمْرك لطاعتك مستوفزا فِي مرضاتك. لغير نكل فِي قدم، وَلَا وَهن فِي عزم، واعيا لوحيك، حَافِظًا لعهدك، مَاضِيا على نَفاذ أَمرك حَتَّى أورى قبسا لقابس. آلَاء الله تصل بأَهْله أَسبَابه، بِهِ هديت الْقُلُوب بعد خوضات الْفِتَن وَالْإِثْم، موضحات الْأَعْلَام، ومنيرات الْإِسْلَام، وثائرات الْأَحْكَام، فَهُوَ أمينك الْمَأْمُون، وخازن علمك المخزون، وشهيدك يَوْم الدّين، وبعيثك نعْمَة، وَرَسُولك بِالْحَقِّ رَحْمَة، اللَّهُمَّ} أفسح لَهُ مفتسحا فِي عدلك واجزه مضاعفات الْخَيْر من فضلك، لَهُ مهنيات غير مكدرات، من فوز ثوابك الْمَعْلُول، وجزل عطائك المحلول، اللَّهُمَّ! عل على بِنَاء البنائين بناءه، وَأكْرم مثواه لديك ونزله، وأتمم لَهُ نوره، واجزه من ابتعاثك لَهُ مَقْبُول الشَّهَادَة، مرضِي الْمقَالة، ذَا منطق عدل، وخطة فضل، وَحجَّة وبرهان عَظِيم ".

(1/222)


353 - حَدثنَا نصر بن عبد الرَّحْمَن الأودي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو قطن، عَن المَسْعُودِيّ، عَن عون بن عبد الله، عَن أبي فَاخِتَة، عَن الْأسود، عَن عبد الله، قَالَ: " إِذا صليتم على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأحْسنُوا عَلَيْهِ الصَّلَاة {قَالُوا: علمنَا} قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ {اجْعَل صلواتك، وبركاتك، ورحمتك على سيد الْمُسلمين، وَإِمَام الْمُتَّقِينَ، وَخَاتم النَّبِيين، مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك، إِمَام الْخَيْر، وقائد الْخَيْر، وَرَسُول الرَّحْمَة. اللَّهُمَّ} ابعثه مقَاما مَحْمُودًا، يغبطه بِهِ الْأَولونَ وَالْآخرُونَ، صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد، وَبَارك على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد، كَمَا باركت على إِبْرَاهِيم وَآل إِبْرَاهِيم، إِنَّك حميد مجيد ".

(1/223)


فَإِن قَالَ: قد علمنَا صِحَة مَا ذكرت من أَن الْمُصَلِّي على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مُخَيّر فِي الصَّلَاة عَلَيْهِ بِأَيّ هَذِه الصَّلَوَات الَّتِي جَاءَت بهَا الْآثَار، وقالتها الْعلمَاء من الصَّحَابَة، وَغير ذَلِك مِمَّا شَاءَ الْمُصَلِّي عَلَيْهِ أَن يُصَلِّي عَلَيْهِ، بعد أَن يكون ذَلِك دُعَاء لَهُ بِمَا يثبت: فَهَل الصَّلَاة عَلَيْهِ فرض وَاجِب، أم هِيَ نَافِلَة فضل؟
فَإِن قلت: هِيَ فرض وَاجِب. فَفِي أَي حَال هِيَ لَازِمَة الْمَرْء الْمُسلم؟
وَإِن قلت: هِيَ نَافِلَة فضل. فَمَا الْبُرْهَان على صِحَة ذَلِك؟ فَظَاهر التَّنْزِيل بذلك ظَاهر مر. وَمن قَوْلك إِن مَا كَانَ فِي كتاب الله أَو خبر عَن رَسُول الله. - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أَمر، فَهُوَ على الْفَرْض دون النّدب إِلَّا أَن تقوم حجَّة للْعُذْر قَاطِعَة بِأَنَّهُ على النّدب دون الْفَرْض؟
قيل: الصَّلَاة الَّتِي أَمر الله - جلّ ذكره - بهَا عباده الْمُؤمنِينَ على نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كِتَابه بقوله: {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي، يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا} : ندب من الله - جلّ ثَنَاؤُهُ - عباده الْمُؤمنِينَ إِلَيْهَا، ونافلة فضل من فاعلها، إِذا فعلهَا، وَلَا حَال من الْأَحْوَال هِيَ أولى بِالصَّلَاةِ فِيهَا عَلَيْهِ من غَيرهَا، بل من الْحق أَن يصلى عَلَيْهِ فِي كل حَال، وَإِن كَانَ قد رُوِيَ عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخْبَار بِأَنَّهُ كَانَ يَأْمر بذلك فِي بعض أَحْوَال الْمَرْء أَكثر مِمَّا كَانَ يَأْمر بِهِ فِي غَيره من الْأَحْوَال، وَذَلِكَ حَال ذكر اسْمه أَو سَمَاعه ذكر اسْمه من غَيره، وَفِي يَوْم الْجُمُعَة: فِي أسانيدها نظر، وَذَلِكَ مَا:

(1/224)


354 - حَدثنَا أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب، قَالَ: حَدثنَا عمي عبد الله بن وهب، قَالَ: أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن سعيد بن أبي هِلَال، عَن زيد بن أَيمن، عَن عبَادَة بن نسي، عَن أبي الدَّرْدَاء، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَكْثرُوا عَليّ الصَّلَاة يَوْم الْجُمُعَة؛ فَإِنَّهُ يَوْم مشهود، تشهده الْمَلَائِكَة، وَإِن أحدا لَا يُصَلِّي عَليّ إِلَّا عرضت صلَاته عَليّ حَتَّى يفرغ مِنْهَا، قَالَ: قلت: وَبعد الْمَوْت؟ قَالَ: إِن الله حرم على الأَرْض أَن تَأْكُل أجساد الْأَنْبِيَاء ".
355 - حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا هشيم، عَن أبي حرَّة، عَن الْحسن، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -:

(1/225)


" أَكْثرُوا الصَّلَاة عَليّ يَوْم الْجُمُعَة ".
356 - حَدثنِي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الضراري، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن نَافِع، قَالَ: حَدثنَا عِصَام، عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر، عَن جَابر بن عبد الله، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " قَالَ لي جِبْرِيل: شقي عبد ذكرت عِنْده، فَلم يصل عَلَيْك، فَقلت: آمين ".
357 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا هشيم، قَالَ: أخبرنَا أَبُو حرَّة، عَن الْحسن، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(1/226)


: " كفى بِهِ شحا أَن أذكر عِنْد الرجل، فَلَا يُصَلِّي عَليّ ".
358 - حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، قَالَ: أخبرنَا الْقَاسِم بن عَمْرو الْعَبْدي، عَن أبي جَعْفَر وَأَيوب، عَن عَمْرو بن دِينَار، عَن أبي جَعْفَر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من ذكرت عِنْده فَلم يصل عَليّ - قَالَ أَحدهمَا: فقد خطيء طَرِيق الْجنَّة، وَقَالَ الآخر: فقد نسي طَرِيق الْجنَّة ".

(1/227)


فِي نَظَائِر لهَذِهِ الْأَخْبَار كرهنا استيعابها، اسْتغْنَاء بِمَا ذكرنَا، من ذَلِك عَمَّا لم يذكر مِنْهُ.
وَإِنَّمَا قُلْنَا الْأَمر الَّذِي أَمر الله بِهِ - جلّ ثَنَاؤُهُ - من الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كِتَابه بِمَعْنى النّدب، لإِجْمَاع جَمِيع الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين من عُلَمَاء الْأمة، على أَن ذَلِك غير لَازم فرضا أحدا، حَتَّى يكون تَاركه من ذَلِك فِي حَال أُخْرَى.
وَلَو كَانَ ذَلِك فرضا فِي حَال، كَسَائِر الْفُرُوض أَثم بِتَرْكِهِ فِيهَا تَاركه، وَلَزِمَه قَضَاؤُهُ فِي حَال أُخْرَى، كَمَا يلْزم تَارِك الصَّلَاة فِي وَقتهَا أَدَاؤُهَا فِي وَقت آخر، وَإِن خرج وَقتهَا، وتارك صَوْم يَوْم من شهر رَمَضَان قَضَاؤُهُ فِي يَوْم آخر، وَغير ذَلِك من سَائِر الْفُرُوض الَّتِي أوجبهَا الله على عباده، وألزمهم الْعَمَل بهَا، فَلَمَّا كَانَ إِجْمَاعًا من جَمِيع الْأمة: أَن الْعَمَل بذلك غير فرض على أحد من النَّاس فِي حَال إِذا أَخّرهُ عَنْهَا لزمَه قَضَاؤُهُ،

(1/228)


وَكَانَ تَأْخِيره إِيَّاه عَنْهَا مضيعا فرضا لله عَلَيْهِ، علم أَن الْأَمر من الله - تَعَالَى ذكره - بِهِ على مَا بَينا من وَجه النّدب لَا على وَجه الْفَرْض والإلزام.
فَإِن قَالَ: وَكَيف يدعى من الْأمة إِجْمَاعًا على مَا قلت، وَقد علمت أَن بعض الْمُتَأَخِّرين كَانَ يزْعم أَن ذَلِك فرض وَاجِب فِي الصَّلَاة، وَأَن من تشهد التَّشَهُّد الآخر من صلَاته، ثمَّ سلم عَامِدًا قبل أَن يُصَلِّي على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يعلم أَنه لم يصل عَلَيْهِ، أَن صلَاته فَاسِدَة عَلَيْهِ استقبالها، وَأَنه إِن سلم نَاسِيا الصَّلَاة عَلَيْهِ، فَعَلَيهِ إِن كَانَ قَرِيبا أَن يعود، فيجلس فَيصَلي على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيسْجد سَجْدَتي السَّهْو، وَعَلِيهِ إِن كَانَ قد تبَاعد من مَوْضِعه أَن يبتديء صلَاته، وَيسْتَقْبل قضاءها. وَقد علمت - مَعَ ذَلِك - مَا:
359 - حَدثكُمْ بِهِ ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن وَاضح، قَالَ: حَدثنَا أَبُو حَمْزَة، عَن جَابر، عَن أبي جَعْفَر، عَن أبي مَسْعُود، قَالَ: " لَو صليت صَلَاة لم أصل فِيهَا على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ظَنَنْت أَن صَلَاتي لم تتمّ ".
قيل لَهُ: أما الَّذِي ذكرت قَوْله من الْمُتَأَخِّرين، فَإِنَّهُ لن يَخْلُو أمره فِيمَا قَالَ من ذَلِك من أحد أَمريْن:
إِمَّا أَن يكون قَالَ ذَلِك، وَهُوَ عَالم بالأخبار الْوَارِدَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِخِلَاف مَا قَالَ، وعارف بِمَا مضى عَلَيْهِ

(1/229)


السّلف من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وَمن بعدهمْ من الخالفين من تخطئتهم مَا قَالَ من ذَلِك، وَأَن الْأمة على تخطئتها مَا قَالَ بأجمعها مجمعون، فَاسْتقْبل ذَلِك كُله بِالرَّدِّ، وتلقاه بالنكير، واخترع لنَفسِهِ قولا لذَلِك كُله مُخَالفا؛ فَإِن يكن أمره فِي ذَلِك كَذَلِك، فَلَا يخفى سوء اخْتِيَاره مَا اخْتَار من القَوْل الَّذِي ذكرت فِي ذَلِك إِلَّا على جَاهِل بِحكم الله، وَحكم رَسُوله فِيهِ، أَو على مسلوب عقله، قد رفع عَنهُ الْقَلَم، أَو يكون قَالَ ذَلِك، وَهُوَ غير عَالم بِمَا ذكرت من أَخْبَار رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَا مضى عَلَيْهِ السّلف، وَأجْمع عَلَيْهِ الْخلف، واستفاض بِهِ نقل الْأمة فِي ذَلِك وراثة عَن نبيها - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذَلِك أعظم عَلَيْهِ فِي البلية، وأجسم فِي الْمُصِيبَة؛ لِأَن من جهل مثل ذَلِك من أَمر الدّين لم تسعه الْفتيا فِيهِ، وَلَا الْعَمَل فِيمَا نابه فِي نَفسه من أَحْكَام أَمر الله، وَأَحْكَام رَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا تقليدا لغيره من عُلَمَاء الْأمة، واتباعا لبَعض الْأَئِمَّة على نَحْو مَا يعْمل فِي ذَلِك بعض الْعَامَّة من فزعه فِيمَا نابه من ذَلِك إِلَى بعض الْخَاصَّة ليعرفه الْوَاجِب عَلَيْهِ فِيهِ، فَيعْمل بِهِ.
فَإِن قَالَ لنا: فاذكر بعض مَا حضرك من الْأَخْبَار الْوَارِدَة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَن أَصْحَابه، وَغَيرهم من الْأَئِمَّة الماضين الَّذين ذكرت أَن قَائِل الْمقَالة الَّتِي ذَكرنَاهَا لَك خالفهم فِي ذَلِك، لنعرف بذلك صِحَة مَا قلت؟
قيل: فِي إِجْمَاع عُلَمَاء الْأَمْصَار على نَكِير ذَلِك كِفَايَة كَافِيَة من ذكر غَيره، والاستشهاد على خطئه بِشَيْء سواهُ، وَلَكنَّا نذْكر بعض ذَلِك احتسابا منا فِيمَا عظمت غباوته، واشتدت حيرته، وَكَانَ مغفلة فِي دينه وَمَا نابه فِيهِ جهالته، لَعَلَّ الله أَن ينقذه من هَلَكته!
360 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن شَقِيق، عَن عبد الله بن مَسْعُود، قَالَ: " كُنَّا نقُول فِي الصَّلَاة خلف النَّبِي

(1/230)


- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: السَّلَام على الله، السَّلَام على فلَان {فَقَالَ لنا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَات يَوْم: " إِن الله هُوَ السَّلَام، فَإِذا قعد أحدكُم فِي الصَّلَاة، فَلْيقل: التَّحِيَّات لله، والصلوات، والطيبات، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي وَرَحْمَة الله، وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين. فَإِذا قَالَهَا أَصَابَت كل عبد صَالح فِي السَّمَاء وَالْأَرْض: أشهد أَلا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. قَالَ: ثمَّ ليتخير من الْمَسْأَلَة، مَا شَاءَ ".
361 - حَدثنَا مُحَمَّد بن مقَاتل الرَّازِيّ، قَالَ: حَدثنَا يعلى بن عبيد، قَالَ: حَدثنَا الْأَعْمَش، عَن شَقِيق بن سَلمَة، عَن عبد الله بن مَسْعُود، قَالَ: " كُنَّا إِذا صلينَا خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قُلْنَا: السَّلَام على الله قبل عباده، السَّلَام على فلَان وَفُلَان، فَأقبل علينا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِن الله هُوَ السَّلَام؛ فَإِذا جلستم فِي الصَّلَاة، فَقولُوا: التَّحِيَّات لله، والصلوات، والطيبات، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي} وَرَحْمَة الله، وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين - فَإِنَّكُم إِذا قُلْتُمُوهَا أَصَابَت كل عبد صَالح فِي السَّمَاء وَالْأَرْض - أشهد أَلا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، ثمَّ ليتخير مَا شَاءَ ".

(1/231)


362 - حَدثنَا ابْن مقَاتل، قَالَ: حَدثنَا أَبُو زُهَيْر عبد الرَّحْمَن بن مغراء، عَن الْأَعْمَش، عَن شَقِيق بن سَلمَة، قَالَ: قَالَ عبد الله بن مَسْعُود: " كُنَّا إِذا جلسنا خلف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة، قُلْنَا: السَّلَام على الله قبل عباده، السَّلَام على جِبْرِيل، السَّلَام على ميكائل، السَّلَام على فلَان، السَّلَام على فلَان - يَعْنِي الْمَلَائِكَة - فَانْصَرف إِلَيْنَا رَسُول الله، فَقَالَ: " إِن الله هُوَ السَّلَام، فَإِذا جلس أحدكُم فِي الصَّلَاة، فَلْيقل: التَّحِيَّات لله، والصلوات، والطيبات، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي {وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته؛ السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين - فَإِنَّهُ إِذا قَالَ ذَلِك أصَاب كل عبد صَالح فِي السَّمَاء وَالْأَرْض - أشهد أَلا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله، ثمَّ يتَخَيَّر لنَفسِهِ مَا شَاءَ من الدُّعَاء ".
363 - حَدثنِي مُحَمَّد بن يحيى الْقطعِي، قَالَ: حَدثنَا عبد الْأَعْلَى بن عبد الْأَعْلَى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود، عَن أَبِيه، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن مَسْعُود، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علمه التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة، قَالَ: كُنَّا نَحْفَظهُ عَن عبد الله بن مَسْعُود، كَمَا نَحْفَظ حُرُوف الْقُرْآن، قَالَ: جلس على وركه الْيُسْرَى، قَالَ: التَّحِيَّات لله، والصلوات، والطيبات، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي} وَرَحْمَة الله، وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين، أشهد أَلا إِلَه إِلَّا [الله] ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده

(1/232)


وَرَسُوله، ثمَّ يَدْعُو لنَفسِهِ، ثمَّ يسلم وينصرف ".
364 - وحَدثني عبيد الله بن سعد الزُّهْرِيّ، قَالَ: حَدثنَا عمي، قَالَ: حَدثنَا أبي، عَن ابْن إِسْحَاق، قَالَ: أَخْبرنِي عَن تشهد رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي وسط الصَّلَاة، وَفِي آخرهَا: عبد الرَّحْمَن بن الْأسود بن يزِيد النَّخعِيّ، عَن أَبِيه، عَن عبد الله بن مَسْعُود، قَالَ: " عَلمنِي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي وسط الصَّلَاة، وَفِي آخرهَا: إِذا جلس على وركه الْيُسْرَى: التَّحِيَّات لله، والصلوات، والطيبات، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي! وَرَحْمَة الله، وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا، وعَلى عباد الله الصَّالِحين، أشهد أَلا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. قَالَ: ثمَّ إِن كَانَ وسط الصَّلَاة، نَهَضَ حِين يفرغ من تشهده، وَإِن كَانَ فِي آخرهَا دَعَا بِمَا شَاءَ أَن يَدْعُو بِهِ، ثمَّ يسلم ".
365 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، قَالَ: سَمِعت أَبَا إِسْحَاق يحدث، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله بن مَسْعُود، أَنه قَالَ: " أَلا وَإِنَّا كُنَّا لَا نَدْرِي مَا نقُول فِي كل

(1/233)


رَكْعَتَيْنِ، غير أَن نُسَبِّح، ونكبر، وَنَحْمَد رَبنَا، وَإِن مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علم فواتح الْخَيْر، وجوامعه وخواتمه، فَقَالَ: " إِذا قعدتم فِي كل رَكْعَتَيْنِ، فَقولُوا: التَّحِيَّات لله، والصلوات، والطيبات، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي {وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين، أشهد أَلا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. ثمَّ ليتخير أحدكُم من الدُّعَاء أعجبه إِلَيْهِ، فَليدع بِهِ ربه ".
366 - وَحدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن حجاج، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحوه.
367 - وَحدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر، عَن عَاصِم، عَن الْمسيب بن رَافع، عَن عبد الله، قَالَ: " كُنَّا نسلم على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة، قَالَ: فَسلمت عَلَيْهِ، فَلم يجبني} وَقَالَ: إِن الله تبَارك وَتَعَالَى يحدث فِي أمره مَا يَشَاء، وَإنَّهُ قد أحدث أَن لَا تكلمُوا فِي الصَّلَاة، ثمَّ علمنَا التَّشَهُّد: التَّحِيَّات لله، والصلوات، والطيبات، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي! وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين - فَإِذا قلت ذَلِك: لم تدع لله عبدا فِي السَّمَاء وَالْأَرْض إِلَّا قد - يَعْنِي دَعَوْت لَهُ -: أشهد أَلا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. ثمَّ يتَخَيَّر أحدكُم مَا أحب من الْكَلَام ".

(1/234)


368 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا وَكِيع، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة.
وَعَن حسان بن عَطِيَّة، عَن مُحَمَّد بن أبي عَائِشَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا تشهد أحدكُم، فَلْيقل: اللَّهُمَّ {إِنِّي أعوذ بك من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال ".
369 - وحدثناه - مرّة أُخْرَى - أَبُو كريب - زَاد فِيهِ -: " فليستعذ بِاللَّه من أَربع يَقُول: اللَّهُمَّ} إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب جَهَنَّم، وَمن عَذَاب الْقَبْر، وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات، وَمن شَرّ فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال ".
370 - وحَدثني الْعَبَّاس بن الْوَلِيد، قَالَ: أَخْبرنِي أبي، قَالَ: حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ قَالَ: حَدثنَا حسان بن عَطِيَّة، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي عَائِشَة، قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد، فليتعوذ من هَذِه الْأَرْبَع: من عَذَاب الْقَبْر، وَمن عَذَاب النَّار، وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات، وَمن فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال ".
371 - وحَدثني ابْن عبد الرَّحِيم البرقي، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن أبي سَلمَة، قَالَ: حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ، قَالَ: حَدثنِي حسان بن عَطِيَّة، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن أبي عَائِشَة، أَنه قَالَ: سَمِعت أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد، فليتعوذ بِاللَّه من أَربع: من عَذَاب جَهَنَّم، وَمن عَذَاب الْقَبْر، وَمن فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات، وَمن شَرّ فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال ". قَالَ ابْن البرقي: قَالَ

(1/235)


عَمْرو: قَالَ الْأَوْزَاعِيّ: " ثمَّ يَدْعُو بعد بِمَا بدا لَهُ "
372 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن حبيب بن أبي ثَابت، عَن أبي صَالح، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأعرابي: مَا تَقول: إِذا جَلَست فِي الصَّلَاة؟ قَالَ: فَذكر التَّشَهُّد، وَأَقُول: اللَّهُمَّ {إِنِّي أَسأَلك الْجنَّة، وَأَعُوذ بك من النَّار، وَلَا أَدْرِي مَا دندنتك ودندنة معَاذ؟ قَالَ: " عَلَيْهِمَا أدندن أَنا ومعاذ ".
373 - حَدثنِي مُحَمَّد بن الْهَيْثَم قَالَ: حَدثنَا سعيد بن حَفْص، قَالَ: حَدثنَا مُوسَى بن أعين، عَن يُونُس، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر، قَالَ: " قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لرجل: كَيفَ تشهد حِين تفرغ من صَلَاتك؟ فَأخْبرهُ، قَالَ: أَقُول: اللَّهُمَّ} إِنِّي أَسأَلك الْجنَّة، وَأَعُوذ بك من النَّار، وَلست أحسن دندنتك وَلَا دندنة معَاذ؟ فَقَالَ رَسُول الله: " حولهَا ندندن ".

(1/236)


(" ذكر الْأَخْبَار الْوَارِدَة فِي ذَلِك عَن الصَّحَابَة وَغَيرهم ")

374 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا زَائِدَة، عَن الْأَعْمَش، عَن عُمَيْر بن سعيد النَّخعِيّ قَالَ: قَالَ: عبد الله: " إِذا جلس أحدكُم فِي الصَّلَاة فَلْيقل: التَّحِيَّات لله، والصلوات، والطيبات، السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي {وَرَحْمَة الله، وَبَرَكَاته، السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين: أشهد أَلا إِلَه إِلَّا الله، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله. اللَّهُمَّ} إِنِّي أَسأَلك من الْخَيْر كُله مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم، وَأَعُوذ بك من الشَّرّ كُله مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم. اللَّهُمَّ {إِنِّي أَسأَلك من خير مَا سَأَلَك مِنْهُ عِبَادك الصالحون، وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا استعاذ مِنْهُ عِبَادك الصالحون. رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة، وقنا عَذَاب النَّار. رَبنَا إننا آمنا فَاغْفِر لنا ذنوبنا، وَكفر عَنَّا سيئاتنا، وتوفنا مَعَ الْأَبْرَار، وَلَا تخزنا يَوْم الْقِيَامَة، إِنَّك لَا تخلف الميعاد ".
375 - وَحدثنَا هَارُون بن إِسْحَاق الْهَمدَانِي، قَالَ: حَدثنَا ابْن فُضَيْل، عَن الْأَعْمَش، عَن عُمَيْر بن سعيد، قَالَ: كَانَ عبد الله بن مَسْعُود يعلمنَا التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة، ثمَّ يَقُول: إِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة، فَلْيقل: اللَّهُمَّ} إِنِّي أَسأَلك من الْخَيْر كُله، مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم، وَأَعُوذ بك من الشَّرّ كُله مَا علمت مِنْهُ، وَمَا لم أعلم. اللَّهُمَّ! إِنِّي أَسأَلك من خير مَا سَأَلَك مِنْهُ عِبَادك الصالحون، وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا عاذ مِنْهُ عِبَادك الصالحون. رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة، وَفِي

(1/237)


الْآخِرَة حَسَنَة، وقنا عَذَاب النَّار، وتوفنا مَعَ الْأَبْرَار. رَبنَا وآتنا مَا وعدتنا على رسلك وَلَا تخزنا يَوْم الْقِيَامَة، إِنَّك لَا تخلف الميعاد ".
376 - وحَدثني عَليّ بن سعيد الْكِنْدِيّ، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن غراب، عَن الْأَعْمَش، عَن عُمَيْر بن سعيد، عَن عبد الله مثله، إِلَّا أَنه قَالَ: " فَإِذا فرغ أحدكُم من التَّشَهُّد، فَلْيقل: اللَّهُمَّ {إِنِّي أَسأَلك من الْخَيْر كُله مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم. وَأَعُوذ بك من الشَّرّ كُله مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم. اللَّهُمَّ} إِنِّي أَسأَلك مِمَّا سَأَلَك عِبَادك الصالحون، وَأَعُوذ بك مِمَّا عاذ مِنْهُ عِبَادك الصالحون. رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة، وقنا عَذَاب النَّار، رُبمَا وآتنا مَا وعدتنا ... إِلَى آخرهَا. رَبنَا إننا آمنا، فَاغْفِر لنا ذنوبنا ... إِلَى آخر الْآيَة ".
377 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا الْمحَاربي، عَن الْحجَّاج، عَن عُمَيْر بن سعيد النَّخعِيّ، قَالَ: " أَخذ عبد الله بن مَسْعُود بيَدي، وَأَنا مَعَ عمي، فعلمني التَّشَهُّد؛ قَالَ: وَعَلمنِي دعوات بعد التَّشَهُّد، فَقَالَ: وَإِذا فرغت من التَّشَهُّد، فَقل: اللَّهُمَّ {إِنِّي أَسأَلك من خير مَا سَأَلَك مِنْهُ عِبَادك الصالحون، وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا عاذ مِنْهُ عِبَادك الصالحون. اللَّهُمَّ} آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة، وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة، وقنا عَذَاب النَّار ".
378 - وَحدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا الْمحَاربي، عَن سُفْيَان، عَن الْأَعْمَش، عَن عُمَيْر بن سعيد، قَالَ: كَانَ عبد الله بن مَسْعُود يَدْعُو بَعْدَمَا يفرغ من التَّشَهُّد، فَذكر نَحوه.

(1/238)


379 - وَحدثنَا ابْن مقَاتل، قَالَ: حَدثنَا أَبُو زُهَيْر عبد الرَّحْمَن بن مغراء، عَن الْأَعْمَش، عَن عُمَيْر بن سعيد، قَالَ: " كَانَ عبد الله يَقُول بعد التَّشَهُّد: اللَّهُمَّ {إِنِّي أَسأَلك من الْخَيْر كُله، مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم، وَأَعُوذ بك من الشَّرّ كُله، مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم. اللَّهُمَّ} إِنِّي أَسأَلك من خير مَا سَأَلَك مِنْهُ عِبَادك الصالحون، وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا عاذ مِنْهُ عِبَادك الصالحون. اللَّهُمَّ {آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة، وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة، وقنا عَذَاب النَّار. رَبنَا إننا آمنا، فَاغْفِر لنا ذنوبنا، وَكفر عَنَّا سيئاتنا، وتوفنا مَعَ الْأَبْرَار. رَبنَا وآتنا مَا وعدتنا على رسلك، وَلَا تخزنا يَوْم الْقِيَامَة، إِنَّك لَا تخلف الميعاد ".
380 - وَحدثنَا ابْن مقَاتل، قَالَ: حَدثنَا الْحَارِث بن مُسلم، عَن سُفْيَان الثَّوْريّ، عَن الْأَعْمَش، عَن عُمَيْر، أَن ابْن مَسْعُود، قَالَ: " إِذا تشهد أحدكُم، فَلْيقل: اللَّهُمَّ} إِنِّي أَسأَلك من الْخَيْر كُله، ثمَّ ذكر مثل حَدِيث أبي زُهَيْر، غير أَنه قَالَ: رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة، وقنا عَذَاب النَّار. رَبنَا إننا آمنا، فَاغْفِر لنا ذنوبنا. . إِلَى آخر الدُّعَاء ".
381 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: أخبرنَا شُعْبَة، عَن زِيَاد بن فياض، قَالَ: سَمِعت مُصعب بن سعد يحدث عَن سعد: " أَنه كَانَ إِذا تشهد قَالَ: سُبْحَانَ الله، ملْء السَّمَوَات، وملء الأَرْض، وملء مَا بَينهُنَّ، وَمَا تَحت الثرى. قَالَ شُعْبَة: لَا أَدْرِي: الله أكبر أَو الْحَمد لله حمدا كثيرا طيبا مُبَارَكًا فِيهِ، لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد، وَهُوَ على كل شَيْء قدير. اللَّهُمَّ!

(1/239)


إِنِّي أَسأَلك من الْخَيْر كُله، مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم، وَأَعُوذ بك من الشَّرّ كُله مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم. ثمَّ يسلم ".
382 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: " إِذا عجلت بِرَجُل حَاجَة - وَهُوَ فِي الصَّلَاة - فَلَا يدع أَن يَقُول فِي أثر التَّشَهُّد: اللَّهُمَّ! إِنِّي أَسأَلك من الْخَيْر كُله، مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم، وَأَعُوذ بك من الشَّرّ كُله مَا عملت مِنْهُ وَمَا لم أعلم ".
383 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: " كَانُوا يدعونَ بعد التَّشَهُّد بِخمْس كَلِمَات جَوَامِع. قلت: الصَّلَاة على النَّبِي؟ قَالَ: مَا كَانُوا يزِيدُونَ عَلَيْهِنَّ ".
384 - وحَدثني يحيى بن إِبْرَاهِيم المَسْعُودِيّ، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن أَبِيه، عَن جده، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: التَّشَهُّد كَاف ".
385 - وَحدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: " كَانُوا يَقُولُونَ: التَّشَهُّد يكفيهم من الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
386 - وَحدثنَا الْمقدمِي، قَالَ: حَدثنَا الْحجَّاج، قَالَ: حَدثنَا

(1/240)


حَمَّاد، قَالَ: أَخْبرنِي عبد الْكَرِيم وَعمارَة بن مَيْمُون، عَن إِبْرَاهِيم، " أَنه كَانَ إِذا تشهد دَعَا بدعوات، ثمَّ سلم ".
387 - وَحدثنَا الْمقدمِي، قَالَ: حَدثنَا الْحجَّاج، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد، عَن أبي عمرَان الْجونِي، قَالَ: " كَانَ أَصْحَاب ابْن مَسْعُود فِي الصَّلَاة يتشهدون، ثمَّ يدعونَ بعد التَّشَهُّد بدعوات خفاف، ثمَّ يَنْصَرِفُونَ ".
وَبعد: فَإِن الِاخْتِلَاف بَين السّلف من أهل الْعلم فِي انْقِضَاء صَلَاة الْمُصَلِّي، وتمامها إِنَّمَا كَانَ على أَقْوَال أَرْبَعَة لَا خَامِس لَهُنَّ، حَتَّى حدث الَّذِي وصفت مقَالَته، الْمُعْتَرض قَول أمة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالتخطئة، الزاعم أَن صَلَاة كل من صلى قبل إحداثه القَوْل الَّذِي قَالَه: كَانَت فَاسِدَة، إِلَّا أَن يكون صلاهَا على مَا حكينا عَنهُ من قَوْله {
فأحد الْأَقْوَال الْأَرْبَعَة - الَّتِي ذكرنَا أَنه لَا خَامِس لَهُنَّ - قَول من قَالَ: إِذا رفع الْمُصَلِّي رَأسه من السُّجُود من آخر رَكْعَة من صلَاته، فقد تمت صلَاته تشهد أَو لم يتَشَهَّد} جلس قدر التَّشَهُّد أَو لم يجلس! سلم أَو لم يسلم.
وَالْقَوْل الآخر: قَول من قَالَ: لَا تتمّ صَلَاة الْمُصَلِّي إِذا رفع رَأسه من آخر سَجْدَة من آخر رَكْعَة مِنْهَا، حَتَّى يتَشَهَّد أَو يقْعد قدر التَّشَهُّد، وَإِن لم يتَشَهَّد. فَإِذا فعل ذَلِك، فقد تمت صلَاته سلم أَو لم يسلم.
وَالْقَوْل الثَّالِث: قَول من قَالَ: لَا تتمّ صَلَاة الْمُصَلِّي حَتَّى يتَشَهَّد فِي آخر رَكْعَة مِنْهَا، فَإِذا تشهد تمت حِينَئِذٍ صلَاته، سلم أَو لم يسلم.
وَالْقَوْل الرَّابِع: قَول من قَالَ: لَا تتمّ صَلَاة الْمُصَلِّي، حَتَّى يتَشَهَّد، وَيسلم، فَإِذا سلم تمت صلَاته.

(1/241)


فَمن ادّعى قولا خَامِسًا، فَزعم أَن صَلَاة لَا تتمّ إِلَّا أَن يتَشَهَّد فِي آخر رَكْعَة مِنْهَا، بعد مَا يرفع رَأسه من آخر سَجْدَة مِنْهَا، وَيُصلي على النَّبِي مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَيسلم {سُئِلَ الْبُرْهَان على قَوْله من أصل أَو نَظِير.
وَيُقَال لَهُ: هَل بَيْنك وَبَين آخر اجترأ جرأتكم على خلاف الْأمة، فَزعم أَن صَلَاة الْمُصَلِّي لَا تتمّ إِلَّا أَن يُصَلِّي بعد التَّشَهُّد فِي آخر رَكْعَة مِنْهَا على نوح أَو على إِبْرَاهِيم، وَإِسْحَاق، وَيَعْقُوب، أَو غَيرهم من أَنْبيَاء الله وَرُسُله صلوَات الله عَلَيْهِم، وَأَنه إِن لم يفعل ذَلِك لم يكن لَهُ صَلَاة، وَأَن صلَاته إِذا صلى عَلَيْهِم مَاضِيَة جَائِزَة، وَإِن لم يصل على مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فرق من أصل أَو نَظِير.
فَإِن زعم أَن الْفرق بَينه وَبَينه، أَن الله - تَعَالَى ذكره - أَمر بِالسَّلَامِ على مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقوله: {وسلموا تَسْلِيمًا} .
وَقد أَجمعُوا أَن ذَلِك تَسْلِيم على مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي التَّشَهُّد دون سَائِر الْأَنْبِيَاء غَيره، فَكَذَلِك الصَّلَاة صَلَاة عَلَيْهِ دون غَيره من الْأَنْبِيَاء وَالرسل.
قيل: وَمَا الْبُرْهَان على صِحَة مَا قلت من أَن ذَلِك أَمر بِالتَّسْلِيمِ على مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - دون أَن يكون أمرا بِالتَّسْلِيمِ على سَائِر الْأَنْبِيَاء، إِذْ كَانَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد علم أمته من التَّسْلِيم عَلَيْهِم فِي التَّشَهُّد بقوله: " السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين " مثل الَّذِي علمهمْ فِيهِ من السَّلَام عَلَيْهِ بقوله: " السَّلَام عَلَيْك أَيهَا النَّبِي} وَرَحْمَة الله وَبَرَكَاته ". فَإِن قَالَ: إِن الْأَمر - وَإِن كَانَ كَذَلِك - فقد صحت الْأَخْبَار عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه إِذْ قيل لَهُ: " قد علمنَا كَيفَ السَّلَام عَلَيْك، فَكيف الصَّلَاة عَلَيْك؟ " قَالَ لَهُم: " قُولُوا: اللَّهُمَّ! صل على مُحَمَّد ... " الْكَلِمَات الَّتِي قد ذَكرنَاهَا، فَعلمنَا بذلك أَنه المعني بقوله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ} . قيل لَهُ: فَمَا تنكر أَن يكون - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أجَاب الَّذين سَأَلُوهُ

(1/242)


عَن صفة الصَّلَاة عَلَيْهِ بِمَا ذكرت، وَلم يذكر لَهُم صفة الصَّلَاة على سَائِر الْأَنْبِيَاء غَيره، لعلمه بِأَنَّهُم قد علمُوا ذَلِك أَو لأَنهم لم يسألوه عَنْهَا. وَبعد: فَلَو سوغناك ذَلِك، وَقُلْنَا: القَوْل مَا قلت فِي تَأْوِيل الْآيَة: مَا كَانَت حجتك على أَن ذَلِك أَمر من الله - تَعَالَى ذكره - عباده بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، بعد التَّشَهُّد فِي آخر رَكْعَة من صَلَاة الْمُصَلِّي، دون أَن يكون أمرا بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي كل أَحْوَال العَبْد؟ أَو أمرا بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ بعد الْفَرَاغ من الْقِرَاءَة فِي الرَّكْعَة الأولى قبل الرُّكُوع، وَغير ذَلِك من أَعمال الصَّلَاة؟ .
وَإِن زعم أَنه علم أَن قَوْله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ وسلموا تَسْلِيمًا} . أَمر من الله - جلّ ثَنَاؤُهُ - عباده الْمُؤمنِينَ بِالصَّلَاةِ على مُحَمَّد دون سَائِر الْأَنْبِيَاء غَيره؛ لِأَن الله - تَعَالَى ذكره - إِنَّمَا ذكر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَحده بقوله: {إِن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على النَّبِي} . فَعلم بذلك أَنه إِنَّمَا عَنى بِهِ نَبِي الَّذين خاطبهم بقوله: {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا صلوا عَلَيْهِ} {قيل لَهُ:
مَا تنكر أَن يكون إِنَّمَا خرج ذَلِك بِلَفْظ الْوَاحِد، وَالْمرَاد بِهِ جَمِيع الْأَنْبِيَاء. كَمَا قيل: {وَالْعصر، إِن الْإِنْسَان لفي خسر} . فَأخْرج الْإِنْسَان بِلَفْظ الْوَاحِد، وَالْمرَاد بِهِ جَمِيع النَّاس.
فَإِن قَالَ: وَمن أَيْن يعلم أَن ذَلِك كَذَلِك؟
قيل: نعلم ذَلِك بقوله: {إِلَّا الَّذين آمنُوا، وَعمِلُوا الصَّالِحَات} : إِذْ اسْتثْنى الَّذين آمنُوا، وَعمِلُوا الصَّالِحَات مِنْهُم، وهم جَمِيع. فَلم يسْتَثْن الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات مِنْهُم إِلَّا وَقد دخل فِي قَوْله: {إِن الْإِنْسَان لفي خسر} : كل إِنْسَان. فَلذَلِك جَازَ استثناؤهم مِنْهُم.
وكما قَالَ: {يَا أَيهَا الْإِنْسَان} مَا غَرَّك بِرَبِّك الْكَرِيم} ، فَلَنْ يَقُول فِي شَيْء مِمَّا عارضناه بِهِ قولا، إِلَّا ألزم فِي خِلَافه مثله.

(1/243)


فَإِن قَالَ: فاذكر لنا الرِّوَايَة عَمَّن ذكرت أَقْوَاله مِمَّن قلت: إِن صَاحب القَوْل الَّذِي حكيت قَوْله، تلقى قَوْلهم بالنكير، وَخرج تنكيره مَا نكر من قَوْلهم، فِيمَا وصفت من قَول الْجَمِيع من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ، وَمن بعدهمْ من الخالفين، ليعلم بذلك حَقِيقَة مَا وصفت قبل، نذْكر من ذَلِك مَا حَضَرنَا ذكره إِن شَاءَ الله:
(" ذكر من قَالَ: إِذا رفع الْمُصَلِّي رَأسه من السَّجْدَة الْآخِرَة من آخر رَكْعَة من صلَاته فقد مَضَت صلَاته، وتمت تشهد أَو لم يتَشَهَّد، سلم أَو لم يسلم، جلس قدر التَّشَهُّد أَو لم يجلس ")

388 - حَدثنِي عبيد بن إِسْمَاعِيل الْهَبَّاري، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن نمير، عَن حجاج، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، عَن عَليّ قَالَ: " إِذا أتم الرجل الرُّكُوع وَالسُّجُود، فأحدث فقد تمت صلَاته " {
389 - حَدثنَا عَليّ بن سهل الرَّمْلِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْحسن بن بِلَال، عَن حَمَّاد، عَن الْحجَّاج، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، عَن عَليّ قَالَ: " إِذا رفع الْمُصَلِّي رَأسه من آخر السُّجُود، ثمَّ أحدث، فقد مَضَت صلَاته "}
390 - حَدثنَا ابْن بشار وَابْن الْمثنى، قَالَا: حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، قَالَ: قَالَ عَليّ بن أبي طَالب: " إِذا رفع رَأسه من آخر السَّجْدَة، فقد مَضَت صلَاته "!

(1/244)


391 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، قَالَ: أخبرنَا دَاوُد، عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي وَسَعِيد، عَن قَتَادَة: " أَن أَبَا الدَّرْدَاء انْتهى إِلَى السَّجْدَة، وهم يصلونَ، فصلى مَعَهم، وَهُوَ يرى أَنَّهَا الْمغرب، فَإِذا هِيَ الْعشَاء، فَقَامَ فصلى رَكْعَة، فَجعل ثَلَاثًا الْمغرب، وثنتين بعْدهَا " {
392 - حَدثنَا حميد بن مسْعدَة، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن أبي عرُوبَة، قَالَ: حَدثنَا قَتَادَة، عَن سعيد بن الْمسيب، أَنه قَالَ: " إِذا رفع رَأسه من آخر سَجْدَة، ثمَّ أحدث، فقد قضى صلَاته، لَا إِعَادَة عَلَيْهِ "}
393 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن الْمسيب قَالَ: " إِذا رفع رَأسه من آخر سُجُوده، فقد قضى صلَاته " {
394 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنِي عبد الصَّمد، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن أبي عرُوبَة، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن الْمسيب، قَالَ: " إِذا رفع رَأسه من آخر السُّجُود، فقد مَضَت صلَاته ".
395 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا عمرَان، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن الْمسيب، قَالَ: " إِذا قضى الرُّكُوع وَالسُّجُود، ثمَّ أحدث فقد فرغ "}
396 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا

(1/245)


سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ابْن أبي نجيح، عَن مُجَاهِد، قَالَ: " إِذا قضى الرُّكُوع وَالسُّجُود، فقد قضى صلَاته ".
397 - وَحدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا جرير، عَن مَنْصُور، قَالَ: " سَأَلت إِبْرَاهِيم، عَن رجل قعد فِي آخر رَكْعَة من صلَاته، فأحدث قبل أَن يتَشَهَّد قَالَ: تُجزئه صلَاته ".
398 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: " إِذا رفع الرجل رَأسه من آخر سَجْدَة، أَجْزَأَ عَنهُ ".
399 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: " سَأَلته عَن رجل رفع رَأسه من آخر سُجُوده، ثمَّ أحدث؟ قَالَ: " قد تمت صلَاته " {
400 - وَحدثنَا حميد بن مسْعدَة، قَالَ: حَدثنَا أَبُو معشر، عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: " إِذا رفع رَأسه من آخر سُجُوده، ثمَّ أحدث، فقد قضى صلَاته، وَلَا إِعَادَة عَلَيْهِ "}
401 - وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه، عَن النَّخعِيّ وَابْن الْمسيب: " أَنَّهُمَا قَالَا فِي الرجل يُصَلِّي أَرْبعا ثمَّ يحدث قبل أَن يسلم، فقد قضى صلَاته ".
واعتل قائلو هَذِه الْمقَالة من الْأَثر بِمَا:

(1/246)


402 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا وَكِيع بن الْجراح، عَن سُفْيَان، عَن عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد، عَن بكر بن سوَادَة الجذامي، عَن عبد الله بن عَمْرو، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا أحدث الإِمَام بَعْدَمَا يرفع رَأسه من آخر السَّجْدَة واستوى جَالِسا، تمت صلَاته وَصَلَاة من خَلفه، مِمَّن ائتم بِهِ، مِمَّن أدْرك مَعَه أول الصَّلَاة " {.
403 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد عمر بن سعد، عَن سُفْيَان، عَن عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد، عَن بكر بن سوَادَة وَعبد الله بن يزِيد، عَن عبد الله بن عَمْرو، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا رفع الإِمَام رَأسه من الرَّكْعَة الرَّابِعَة وأحدث، فقد تمت صَلَاة من خَلفه "}

(1/247)


404 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا يعلى، قَالَ: حَدثنَا الإفْرِيقِي، عَن عبد الله بن يزِيد، عَن عبد الله بن عَمْرو، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا جلس الإِمَام فِي آخر صلَاته، ثمَّ أحدث فقد تمت صلَاته، وَصَلَاة من خَلفه " {
405 - وَحدثنَا ابْن حميد وَمُحَمّد بن عِيسَى الدَّامغَانِي قَالَا: حَدثنَا ابْن الْمُبَارك، عَن عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم، عَن عبد الرَّحْمَن بن رَافع وَبكر بن سوَادَة، عَن عبد الله بن عَمْرو، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من رفع رَأسه من السُّجُود فِي آخر صلَاته، ثمَّ أحدث قبل أَن يسلم، فقد جَازَت صلَاته "}
وَأما علتهم من جِهَة النّظر: فَالْقِيَاس على مَا صَحَّ بِهِ الْخَبَر، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه قَامَ من الرَّكْعَتَيْنِ الْأَوليين فِي مَوضِع الْجُلُوس فَمضى فِي صلَاته، وَلم ير ذَلِك مُفْسِدا صلَاته "!

(1/248)


فَكَذَلِك: حكم الْجُلُوس فِي الرَّابِعَة، إِذا تَركه، لم يكن ذَلِك مُفْسِدا صلَاته، وَأَن التَّسْلِيم خُرُوج من الصَّلَاة، فَكيف خرج فسبيله وَاحِد {}
(" ذكر من قَالَ إِذا جلس قدر التَّشَهُّد تمت صلَاته وَإِن لم يتَشَهَّد ")

406 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا جرير، عَن مُغيرَة، عَن حَمَّاد، عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: " إِذا قعد الرجل فِي آخر رَكْعَة، ثمَّ أحدث أَو رعف بعد مَا تقار الصَّلَاة فِي آخر رَكْعَة، وَجلسَ بَعْدَمَا فرغ من صلَاته، فليسلم، ثمَّ ليقمْ، فَإِن كَانَ مَعَ الإِمَام - أَيْضا - فليسلم، ثمَّ ليقمْ، وَإِن كَانَ قبل أَن يسلم الإِمَام ".
407 - حَدثنَا حميد بن مسْعدَة، قَالَ: حَدثنَا بشر بن الْمفضل، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، قَالَ: " سَأَلت الحكم وحمادا عَن رجل لم يتَشَهَّد؟ فَقَالَ: أوكل النَّاس يحسن التَّشَهُّد؟ تمت صلَاته ".
408 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا أَبُو أَحْمد، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن شُعْبَة، عَن الحكم قَالَ: " إِذا قعد مِقْدَار التَّشَهُّد، فقد مَضَت صلَاته ".
409 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، قَالَ: " سَأَلت الحكم وحمادا عَن رجل قَامَ وَلم يتَشَهَّد؟ فَقَالَا: أكل النَّاس يحسن التَّشَهُّد؟ أَي: لَا بَأْس بِهِ ".
410 - وحَدثني: بَحر بن نصر الْخَولَانِيّ، قَالَ: حَدثنَا ابْن

(1/249)


وهب، قَالَ: حَدثنِي مُعَاوِيَة، قَالَ: أَخْبرنِي من سمع ربيعَة يَقُول: " إِذا قعد الرجل قدر مَا يتَشَهَّد، وَإِن لم يتَشَهَّد، فقد تمت صلَاته ".
وَقَالَ أَبُو حنيفَة، وَأَبُو يُوسُف، وَمُحَمّد: " إِذا قعد مِقْدَار التَّشَهُّد فِي الرَّابِعَة، وَلم يتَشَهَّد، فقد تمت صلَاته، وَإِن لم يقْعد مِقْدَار التَّشَهُّد، وَقَامَ عَامِدًا فَسدتْ صلَاته "!
وَعلة قائلي هَذِه الْمقَالة: أَن الْقعُود فِي الرَّابِعَة: نَظِير الْقيام فِي بعض الْأَمَاكِن الَّتِي يجب فِيهَا الْقيام فِي الصَّلَاة.
وَقد أَجمعُوا على أَن من ترك الْقيام فِي الْموضع الَّذِي يجب فِيهِ الْقيام عَامِدًا، أَن صلَاته تفْسد، فَكَذَلِك: الْقعُود فِي الرَّابِعَة، إِذْ كَانَ مُخْتَلفا فِي حكمه.
(" ذكر من قَالَ لَا تتمّ صَلَاة الْمُصَلِّي إِلَّا بتشهد ")

411 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، قَالَ: سَمِعت أَبَا النَّضر قَالَ: سَمِعت حَملَة بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: سَمِعت عمر بن الْخطاب يَقُول: " لَا تجوز صَلَاة إِلَّا بتشهد ".
412 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي زَائِدَة، قَالَ: أخبرنَا شُعْبَة، عَن مُسلم أبي النَّضر، عَن حَملَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن عمر: مثله.

(1/250)


413 - وحَدثني ابْن عبد الرَّحِيم البرقي، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن أبي سَلمَة، قَالَ: حَدثنَا صَدَقَة، عَن النُّعْمَان، عَن مَكْحُول، أَنه قَالَ: " لَا صَلَاة مَكْتُوبَة، وَلَا تطوع إِلَّا بتشهد، فَمن نسي فليتشهد إِذا ذكر، فَإِنَّهُ لَا بُد من التَّشَهُّد ".
414 - وحَدثني أَحْمد بن الْمُغيرَة الْحِمصِي، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن سعيد - يَعْنِي الْعَطَّار - قَالَ: حَدثنَا أَرْطَأَة، عَن ابْن عون قَالَ: " لَا صَلَاة إِلَّا بتشهد ".
415 - وحَدثني ابْن عبد الرَّحِيم البرقي، قَالَ: قَالَ: حَدثنَا عَمْرو، قَالَ: حَدثنَا أَبُو معيد، قَالَ: " سَأَلت سُلَيْمَان بن مُوسَى: هَل يُقَال: لَا صَلَاة إِلَّا بتشهد؟ فَقَالَ: نعم ".
416 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، قَالَ: أخبرنَا يُونُس، عَن الْحسن، أَنه كَانَ يَقُول: " حَتَّى يتَشَهَّد "! يَعْنِي الرجل يحدث بَعْدَمَا يرفع رَأسه من آخر صلَاته.
417 - حَدثنَا حميد بن مسْعدَة، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع، قَالَ: حَدثنَا يُونُس، عَن الْحسن، قَالَ: " إِذا تشهد، لم يضرّهُ الْحَدث ".

(1/251)


418 - حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْمُعْتَمِر، عَن أَبِيه، قَالَ: قَالَ الْحسن: " إِذا تشهد، فقد قضى صلَاته ".
419 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا الصَّباح بن محَارب، عَن الْمثنى، عَن عَطاء، قَالَ: " إِذا تشهد فِي الصَّلَاة ثمَّ أحدث، فقد أَجزَأَهُ، وَإِن لم يكن سلم ".
420 - حَدثنَا هَارُون بن إِسْحَاق الْهَمدَانِي، قَالَ: حَدثنَا ابْن فُضَيْل، عَن عمر بن ذَر، عَن عَطاء، قَالَ: " من قضى التَّشَهُّد، ثمَّ أحدث، فَإِن صلَاته تَامَّة ".
421 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ حَدثنَا سُفْيَان، عَن قيس بن مُسلم، عَن عَطاء فِي الرجل يحدث بَعْدَمَا يرفع رَأسه من السُّجُود؟ قَالَ: إِذا تشهد ".
422 - وَحدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا جرير، عَن مُغيرَة، عَن حَمَّاد، عَن إِبْرَاهِيم قَالَ: " إِذا رفع رَأسه من آخر رَكْعَة، ثمَّ أحدث؟ قَالَ: بعد التَّشَهُّد {".
423 - حَدثنِي سلم بن جُنَادَة السوَائِي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: " التَّشَهُّد يَكْفِي من التَّسْلِيم "}
424 - وَحدثنَا تَمِيم بن الْمُنْتَصر الوَاسِطِيّ، قَالَ: أخبرنَا إِسْحَاق، عَن شريك، عَن لَيْث، عَن طَاوس قَالَ: " التَّشَهُّد فرَاغ من الصَّلَاة ".

(1/252)


425 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، عَن شُعْبَة، قَالَ: " سَأَلت الحكم وحمادا عَن الرجل يحدث بعد مَا يرفع رَأسه من آخر الصَّلَاة؟ فَقَالَ: " لَا حَتَّى، يتَشَهَّد أَو يقْعد قدر التَّشَهُّد ".
426 - حَدثنِي عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الحكم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو زرْعَة وهب الله بن رَاشد، قَالَ: أَخْبرنِي يُونُس، قَالَ: " قَالَ ابْن شهَاب فِيمَن نسي التَّشَهُّد، حَتَّى قضى صلَاته، وَتكلم فِي مَجْلِسه أَو لم يتَكَلَّم، نرى أَن يتَشَهَّد إِذا ذكر، فَإِن التَّشَهُّد من ذكر الله. قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى: {وَاذْكُر رَبك إِذا نسيت} .
427 - وحَدثني عَليّ بن سهل الرَّمْلِيّ، قَالَ: حَدثنَا زيد بن أبي الزَّرْقَاء، قَالَ: " سُئِلَ سُفْيَان عَن إِمَام ضحك بعد التَّشَهُّد؟ قَالَ: مَضَت صلَاته، وَيتَوَضَّأ لما يسْتَقْبل ".
وَعلة من قَالَ هَذِه الْمقَالة: أَن التَّشَهُّد مِمَّا علم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمته وَأمرهمْ بِهِ فِي صلَاتهم، كَمَا أَمرهم بِقِرَاءَة الْقُرْآن فَمن تَركه كَانَ فِي حكم من ترك الْقِرَاءَة فِي صلَاته، فِي أَن صلَاته لَا تُجزئه!
(" ذكر من قَالَ لَا تتمّ صَلَاة الْمُصَلِّي حَتَّى يتَشَهَّد وَيسلم ")

428 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا زَائِدَة، عَن أبي إِسْحَاق،

(1/253)


عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله، قَالَ: " مِفْتَاح الصَّلَاة التَّكْبِير، وتحليلها التَّسْلِيم ".
429 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا يحيى، عَن سُفْيَان، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله، قَالَ: " حد الصَّلَاة التَّكْبِير، وانقضاؤها التَّسْلِيم ".
430 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله، قَالَ: " مِفْتَاح الصَّلَاة التَّكْبِير، وانقضاؤها التَّسْلِيم ".
431 - وَحدثنَا حميد بن مسْعدَة، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله مثله. وَزَاد فِيهِ: " إِذا سلم الإِمَام فَقُمْ إِن شِئْت ".
432 - حَدثنَا تَمِيم بن الْمُنْتَصر، قَالَ: أخبرنَا إِسْحَاق، عَن شريك، عَن أبي حُصَيْن، عَن أبي الْأَحْوَص، عَن عبد الله، أَنه قَالَ: " حد الصَّلَاة التَّكْبِير، وقضاؤها التَّسْلِيم ".
433 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ابْن أبي نجيح، عَن مُجَاهِد، قَالَ: " إِذا قضى الرُّكُوع وَالسُّجُود، فقد قضى صلَاته - وَقَالَ عَطاء -: " حَتَّى يسلم، إِن أول الصَّلَاة التَّكْبِير، وانقضاؤها التَّسْلِيم ".
434 - حَدثنَا ابْن عبد الْأَعْلَى، قَالَ: حَدثنَا الْمُعْتَمِر، عَن أَبِيه،

(1/254)


قَالَ: قَالَ مُحَمَّد بن سِيرِين وَعَطَاء: " لم تمض صلَاته حَتَّى يسلم ".
435 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، عَن سعيد بن أبي صَدَقَة، قَالَ: " سُئِلَ مُحَمَّد بن سِيرِين عَن الرجل يحدث فِي صلَاته؟ فَقَالَ: هَل كَانَ سلم؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أحب إِلَيّ أَن يُعِيد ".
436 - وحَدثني عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن عبد الحكم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو زرْعَة، قَالَ: أَخْبرنِي يُونُس، قَالَ: " سَأَلت ابْن شهَاب، عَن رجل نسي السَّلَام بعد أَن صلى أَرْبعا؟ قَالَ: يجلس حَتَّى يقْضِي تَسْلِيمه، ثمَّ يسْجد سَجْدَتَيْنِ قبل أَن يسلم، ثمَّ يسلم بعد ذَلِك ".
437 - وحَدثني ابْن عبد الرَّحِيم البرقي، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم، قَالَ: أخبرنَا نَافِع بن يزِيد، قَالَ: " سَأَلت يحيى بن سعيد، عَن الَّذِي يحدث، وَقد صلى مَعَ الإِمَام أَربع رَكْعَات، ويتشهد؟ قَالَ: تنْتَقض صلَاته. حَتَّى يسلم ".
وَعلة قائلي هَذِه الْمقَالة من الْأَثر مَا:
438 - حَدثنَا بِهِ: ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، عَن عَليّ - رَفعه إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " مِفْتَاح الصَّلَاة الْوضُوء، وتحريمها التَّكْبِير، وتحليلها التَّسْلِيم ".

(1/255)


439 - وَحدثنَا أَبُو هِشَام الرِّفَاعِي، قَالَ: حَدثنَا ابْن فُضَيْل، قَالَ: حَدثنَا أَبُو سُفْيَان، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مِفْتَاح الصَّلَاة الطّهُور، وتحريمها التَّكْبِير، وتحليلها التَّسْلِيم، وعَلى كل رَكْعَتَيْنِ تَسْلِيمَة ".
440 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا مَرْوَان، قَالَ: أخبرنَا أَبُو سُفْيَان طريف العطاردي، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ أَبُو سُفْيَان: " لَا أَشك أَنه قد رَفعه - قَالَ: " مِفْتَاح الصَّلَاة: الطّهُور، وحرمتها التَّكْبِير وحلها التَّسْلِيم ".

(1/256)


441 - وَحدثنَا مُحَمَّد بن مقَاتل الرَّازِيّ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْحسن، قَالَ: حَدثنَا أَبُو حنيفَة، عَن أبي سُفْيَان، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْوضُوء مِفْتَاح الصَّلَاة، وَالتَّكْبِير تَحْرِيمهَا، وَالتَّسْلِيم تحليلها ".
فَهَذَا مَا فِي ذَلِك عَن الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَالسَّلَف الصَّالح.
وَأما الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَن أبي مَسْعُود، أَنه قَالَ: " لَو صليت صَلَاة لم أصل فِيهَا على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ظَنَنْت أَن صَلَاتي لم تتمّ ". فَإِنَّهُ خبر مُرْسل؛ وَذَلِكَ أَن أَبَا جَعْفَر لم يدْرك أَبَا مَسْعُود، وَلَا رَآهُ، وَلَو كَانَ قد أدْركهُ، وَرَآهُ لم يجز لنا تَصْحِيحه عَنهُ؛ إِذْ كَانَ رَاوِيه جَابر الْجعْفِيّ، وَفِي نقل جَابر الْجعْفِيّ مَا فِيهِ، مِمَّا تقدم بياني بعضه، وَلَو كَانَ ذَلِك خَبرا مُتَّصِلا، عَن أبي مَسْعُود، وَكَانَ لَا مطْعن فِي إِسْنَاده لطاعن لم يكن فِيهِ - أَيْضا - وفَاق لقَوْل من ذكرنَا قَوْله مِمَّن زعم أَن صَلَاة من لم يصل على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد التَّشَهُّد فِي صلَاته حَتَّى خرج مِنْهَا، فَاسِدَة عَلَيْهِ الْإِعَادَة؛ وَذَلِكَ أَن الَّذِي حُكيَ، عَن أبي مَسْعُود فِي الْخَبَر الَّذِي ذكرنَا عَنهُ، إِنَّمَا هُوَ أَنه قَالَ: " لَو صليت صَلَاة لم أصل فِيهَا على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ظَنَنْت أَن صَلَاتي لم تتمّ ": وَلم يقل كَانَت صَلَاتي فَاسِدَة ".
وَقد يظنّ الظَّان الْأَمر، ثمَّ تكون حَقِيقَته بِخِلَاف مَا ظن، وَهَذَا من ذَلِك. وَبعد: فَلَو كَانَ أَبُو مَسْعُود، قَالَ: " لم تتمّ صَلَاتي " أَو قَالَ: " كَانَت صَلَاتي فَاسِدَة ": كَانَ القَوْل فِي ذَلِك خلاف مَا قَالَ؛ إِذْ كَانَ مُنْفَردا بِمَا قَالَ من ذَلِك، وَالْخَبَر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(1/257)


بِخِلَافِهِ، وَالْأمة مجمعة على غَيره، وَكَانَ عَلَيْهِ، وعَلى جَمِيع الْخلق: اتِّبَاع مَا صَحَّ بِهِ الْخَبَر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ كَانَ هُوَ الْمَتْبُوع، لَا التَّابِع. فَهَذَا هَذَا، لَو صَحَّ الْخَبَر، عَن أبي مَسْعُود، بِمَا رُوِيَ عَنهُ فِي ذَلِك، وَكَيف وعزيز تَصْحِيحه {؟
فَإِن قَالَ لنا قَائِل: فَهَل ترى للْمُصَلِّي أَن يُصَلِّي على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي صلَاته؟ فَإنَّك إِن قلت: نعم} قيل لَك: فَفِي أَي أثر أَو خبر: وجدت أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ علم أمته الصَّلَاة، علمهمْ الصَّلَاة عَلَيْهِ فِيهَا، وَقد علمت أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يدع شَيْئا مِمَّا بأمته الْحَاجة إِلَيْهِ فِي أَمر دينهم، إِلَّا وَقد بَينه لَهُم، إِمَّا بِنَصّ، وَإِمَّا بِدلَالَة. وَإِنَّمَا حجتك على من أنْكرت قَوْله مِمَّن أفسد صَلَاة الْمُصَلِّي بِتَرْكِهِ الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بعد التَّشَهُّد فِي آخر صلَاته أَنه خَالف بقوله ذَلِك: الْأَخْبَار المأثورة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَمَا أَجمعت عَلَيْهِ الْأمة، ورأته عَن نبيها - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي إذنك للْمُصَلِّي أَن يُصَلِّي على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِيهَا، وَإِن لم تفسدها بِتَرْكِهِ ذَلِك: دُخُول فِي مثل الَّذِي عبت على من أنْكرت قَوْله مِمَّن أفسدها بترك الصَّلَاة عَلَيْهِ فِيهَا.
وَإِن قلت: لَا. قيل لَك: وَمَا وَجه حظرك ذَلِك، وَقد رويت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ - إِذْ علم أمته التَّشَهُّد فِي الصَّلَاة -: " فَإِذا قُلْتُمُوهَا، فليتخير أحدكُم من الدُّعَاء مَا أحب "؟ وَالصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أفضل الدُّعَاء؟
قيل لَهُ: إِنَّا - وَإِن رَأينَا - أَن من فَاضل الْأَعْمَال: الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - واخترناها على كثير من نوافل الْفضل، فَإنَّا لَا نحب لأحد أَن يتَقرَّب إِلَى الله - تَعَالَى ذكره - فِي شَيْء من أَعماله

(1/258)


الصَّالِحَة إِلَّا على الْوَجْه الَّذِي أمره بالتقرب بهَا إِلَيْهِ: إِمَّا فِي كِتَابه، وَإِمَّا على لِسَان رَسُوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم نجد فِي كتاب الله، وَلَا فِي خبر صَحَّ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمرا بِالصَّلَاةِ على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي شَيْء من صَلَاة الْمُصَلِّي، وَلَا ندبا إِلَيْهَا؟ بل الْأَخْبَار عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَارِدَة بِمَا قد ذكرنَا قبل.
وَعمل الْأمة وَقَوْلها مَوْجُود بِمَا قد بَينا! وَلَا نرى لأحد أَن يزِيد فِي صلَاته الْمَكْتُوبَة والنافلة على مَا علم نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أمته من القَوْل وَالْعَمَل فِيهَا.
وَأما قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ علم أمته التَّشَهُّد فِي آخر الصَّلَاة -: " فَإِذا قُلْتُمْ ذَلِك، فليتخير أحدكُم من الدُّعَاء مَا شَاءَ ": فَإِنَّهُ إِنَّمَا قَالَ: " فليتخير أحدكُم من الدُّعَاء لنَفسِهِ مَا شَاءَ ". كَذَلِك ورد الْخَبَر عَنهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. غير أَنا - وَإِن اخترنا - مَا بَينا من الدُّعَاء وَالْقَوْل بعد التَّشَهُّد، فَلَا نرى صَلَاة مصل فَاسِدَة بِصَلَاتِهِ على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي وسط صلَاته، وأولها وَآخِرهَا، كَمَا لَا تفْسد بدعائه فِيهَا لنَفسِهِ، ووالديه، وَغَيرهمَا؛ لما قد بَينا قبل فِي أول كتَابنَا هَذَا، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ندب إِلَى ذَلِك أمته، وَقَالَ لَهُم: " إِذا رَكَعْتُمْ فَعَظمُوا الرب، وَإِذا سجدتم فاجتهدوا فِي الدُّعَاء، فَإِنَّهُ قمن أَن يُسْتَجَاب لكم ". وَمَا أشبه ذَلِك من الْأَخْبَار الَّتِي قد مضى ذكرنَا لَهَا، فأغنى ذَلِك عَن إِعَادَتهَا.
فَإِن قَالَ: فَهَل وجدت أحدا من سلف الْأمة ندب إِلَى الصَّلَاة على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة؟ .

(1/259)


قيل: نعم {وَقَلِيل عدد قائليه}
فَإِن قَالَ: فاذكر لنا بعض قائليه لنعرفه؟ قيل:
442 - حَدثنَا الْمقدمِي، قَالَ: حَدثنَا الْحجَّاج، قَالَ: حَدثنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، قَالَ: سَمِعت إِسْحَاق بن سُوَيْد، قَالَ: سَمِعت مطرف بن عبد الله بن الشخير، يَقُول: " كُنَّا نعلم التَّشَهُّد؛ فَإِذا قَالَ: وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله: يحمد ربه بِمَا يَشَاء، ويثني عَلَيْهِ، ثمَّ يُصَلِّي على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ يسْأَل حَاجته ".
443 - حَدثنَا مُحَمَّد بن حميد، قَالَ: حَدثنَا مهْرَان، قَالَ: قَالَ سُفْيَان: " أستحب إِذا فرغ من التَّشَهُّد أَن يَقُول: اللَّهُمَّ {صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد إِلَى آخر ذَلِك ".
(" القَوْل فِي الْبَيَان عَمَّا فِي هَذِه الْأَخْبَار من الْغَرِيب ")

فَمن ذَلِك: قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ علم أمته الصَّلَاة عَلَيْهِ -: " قُولُوا: اللَّهُمَّ} صل على مُحَمَّد " وَقد بَينا معنى قَوْله: " اللَّهُمَّ! " فِيمَا مضى من كتَابنَا هَذَا، وَذكرنَا اخْتِلَاف الْمُخْتَلِفين من أهل الْعَرَبيَّة فِيهِ، وَبينا الصَّوَاب - لدينا - من القَوْل فِيهِ.
وَأما الصَّلَاة: فَإِنَّهَا فِي كَلَام الْعَرَب: الدُّعَاء. يُقَال: صلى فلَان على فلَان: إِذا دَعَا لَهُ بِخَير. وَمن ذَلِك قَول أعشى بن ثَعْلَبَة فِي صفة خمر:

(1/260)


(لَهَا حارس لَا يبرح الدَّهْر بَيتهَا ... وَإِن ذبحت صلى عَلَيْهَا وزمزما)

يَعْنِي بقوله: صلى عَلَيْهَا: دَعَا لَهَا. وَمِنْه قَول الله - تَعَالَى ذكره - لنَبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: {وصل عَلَيْهِم، إِن صَلَاتك سكن لَهُم} . يَعْنِي بقوله: وصل عَلَيْهِم: ادْع لَهُم بِخَير.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَإِن كَانَت الصَّلَاة دُعَاء كَمَا قلت؛ فقد وَجب أَن يكون قَوْلنَا: اللَّهُمَّ {صل على مُحَمَّد مَسْأَلَة منا رَبنَا، أَن يَدْعُو لمُحَمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَذَلِكَ من الْمحَال؛ لِأَن الله - جلّ ذكره - هُوَ المرغوب إِلَيْهِ، والمدعو غير الرَّاغِب إِلَى أحد}
قيل: إِن ذَلِك بِخِلَاف مَا توهمت {وَإِنَّمَا معنى ذَلِك: من دُعَاء الدَّاعِي ربه مَسْأَلته إِيَّاه أَن يرحم مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويبارك عَلَيْهِ. وَذَلِكَ أَن صَلَاة الله على عَبده: رَحمته إِيَّاه. وَصَلَاة الْعباد بَعضهم لبَعض: دُعَاء بَعضهم لبَعض. فالعباد يرغبون إِلَى الله - جلّ ثَنَاؤُهُ - بقَوْلهمْ: " اللَّهُمَّ} صل على مُحَمَّد ". فِي أَن يرحمه، ويبارك عَلَيْهِ. وَالله - تَعَالَى ذكره - يُصَلِّي عَلَيْهِ برحمته إِيَّاه، وبركته عَلَيْهِ.
وَأما معنى قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " وَآل مُحَمَّد ": فَإِن أصل " آل " فِي كَلَام الْعَرَب: " أهل " أبدلت الْهَاء همزَة، كَمَا قَالُوا: مَاء. فأبدلوا الْهَاء همزَة.
يدل على أَن ذَلِك كَذَلِك: قَوْلهم فِي التصغير: " مويه " فيردون الْهَاء الَّتِي كَانُوا جعلوها همزَة فِيهِ. وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ فِي الْآل إِذا صغروه، قَالُوا: " أهيل ". فيردون الْهَاء الَّتِي كَانُوا جعلوها همزَة فِيهِ.
وَقد حُكيَ سَمَاعا من الْعَرَب فِي تَصْغِير آل: أويل. وَأكْثر

(1/261)


مَا يسْتَعْمل الْعَرَب " آل " مَعَ الْأَسْمَاء الْمَعْرُوفَة الْمَشْهُورَة. كَقَوْلِهِم: آل مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. وَآل عَبَّاس، وَآل عقيل. وَقل مَا يستعملونه مَعَ الْمَجْهُول من الْأَسْمَاء، لَا يكادون يَقُولُونَ: رَأَيْت آل الرجل، وَآل الْمَرْأَة. وَقد يُقَال للرجل الَّذِي يطْلب النِّسَاء، ويريدهن، ويهواهن: هُوَ من آل النِّسَاء. وَمن ذَلِك قَول الشَّاعِر:
(فَإنَّك من آل النِّسَاء وَإِنَّمَا ... يكن لأدنى لَا وصال لغَائِب)

وَقد قَالَ الله - تَعَالَى ذكره -: {كدأب آل فِرْعَوْن} ؛ يعْنى بآل فِرْعَوْن: قومه الَّذين كَانُوا على دينه، وَفِي طَاعَته.
وَأما قَول عَليّ - رَحْمَة الله عَلَيْهِ -: " اللَّهُمَّ! داحي المدحوات ". فَإِنَّهُ يَعْنِي بقوله: " داحي المدحوات ": باسط المبسوطات. وَيَعْنِي بباسط المبسوطات:
الْأَرْضين السَّبع. وَذهب فِي ذَلِك إِلَى قَول الله - تَعَالَى ذكره -: {وَالْأَرْض بعد ذَلِك دحاها} . يُقَال مِنْهُ: دحوت الثَّوْب، إِذا بسطته ومددته، أدحوه دحوا ودحا الصَّبِي الجوزة: إِذا دحرجها. وَمِنْه قيل لمداح الصّبيان: مداح. وفيهَا لُغَة أُخْرَى، وَهِي: دحيته أدحاه دحيا.
وَمن ذَلِك قَول أُميَّة بن أبي الصَّلْت:
(دَار دحاها ثمَّ أعمرنا بهَا ... وَأقَام بِالدَّار الَّتِي هِيَ أمجد)

وَأما قَوْله: " وباريء المسموكات ". فَإِنَّهُ يَعْنِي بالباريء: الْخَالِق: يُقَال مِنْهُ: برأَ الله الْخلق، فَهُوَ يبرؤهم برءا. وَمِنْه قَول الله - تَعَالَى ذكره - {مَا أصَاب من مُصِيبَة فِي الأَرْض، وَلَا فِي أَنفسكُم إِلَّا فِي كتاب من قبل أَن نبرأها} يَعْنِي من قبل أَن نخلقها.

(1/262)


وَأما المسموكات: فَإِنَّهَا المرفوعات بِنَاء. يُقَال مِنْهُ: سمك فلَان بناءه. فَهُوَ يسمكه سمكًا. وَمِنْه قَول الله - تَعَالَى ذكره -: {رفع سمكها} .
وَمِنْه قَول الفرزدق بن غَالب:
(إِن الَّذِي سمك السَّمَاء بنى لنا ... بَيْتا دعائمه أعز وأطول)

وَأما قَوْله: " وجبار الْقُلُوب على فطرتها ". فَإِنَّهُ يَعْنِي بقوله: وجبار الْقُلُوب على فطرتها: مهيئها ومنشئها. وَيَعْنِي بقوله: على فطرتها: على مَا هيأها عَلَيْهِ، وأنشأها من شقاء وسعادة. والفطرة: الْخلقَة. من قَول الله - تَعَالَى ذكره -: {الْحَمد لله فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض} بِمَعْنى خَالِقهَا.
وَأما قَوْله: " ورأفة تحننك "؛ فَإِن الرأفة: رقة الرَّحْمَة. يُقَال مِنْهُ: قد رأف فلَان بفلان، فَهُوَ يرأف بِهِ رأفة. وَمِنْه قَول الله - تَعَالَى ذكره - {وَلَا تأخذكم بهما رأفة فِي دين الله} . وَيُقَال لمن وصف بذلك: هُوَ رجل رؤوف، ورؤف.
وَمن الرؤف قَول الْوَلِيد بن عقبَة:
(وَشر الطالبين فَلَا تكنه ... تقَاتل عَمه الرؤف الرَّحِيم)

وَأما التحنن: فَإِنَّهُ التفعل من الحنان، وَهُوَ الرَّحْمَة. وَمِنْه قَول الله - تَعَالَى ذكره -: {وَحَنَانًا من لدنا وَزَكَاة} بِمَعْنى: وَرَحْمَة. وَمِنْه قَول طرفَة بن العَبْد:
(أَبَا مُنْذر أفنيت فَاسْتَبق بَعْضنَا ... حنانيك بعض الشَّرّ أَهْون من بعض)

وَأما قَوْله: " والدامغ جيشات الأباطيل ". فَإِن الجيشات: جمع جيشة. والجيشة: الفعلة. من قَول الْقَائِل: جَاشَتْ الْفتية: إِذا هَاجَتْ

(1/263)


واشتدت. وجاشت الْقدر: إِذا هِيَ فارت غليا، فَهِيَ تجيش جَيْشًا، وجيشة.
والجيشة: الْمرة الْوَاحِدَة. مثل الغلية. وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(تجيش علينا قدرهم فنديمها ... ونفثؤها عَنَّا إِذا حميها غلا)

وَأما قَوْله: " كَمَا حمل فاضطلع ". فَإِنَّهُ يَعْنِي بقوله: " فاضطلع ": فأطاق حمله، واستقل بِهِ، وَقَوي عَلَيْهِ. يُقَال مِنْهُ: إِن فلَانا مضطلع بِهَذَا الْأَمر: إِذا كَانَ قَوِيا عَلَيْهِ. وَمِنْه قَول الْأَعْشَى فِي مدح هَوْذَة بن عَليّ الْحَنَفِيّ:
(قد حملوه حَدِيث السن مَا حملت ... ساداتهم فأطاق الْحمل واضطلعا)

يَعْنِي بقوله: اضطلع: احْتمل، وَقَوي عَلَيْهِ.
وَأما قَوْله: " حَتَّى أورى قبسا لقابس ". فَإِنَّهُ يَعْنِي بقوله: أورى: أظهر، وأوضح، وأنار، وأضاء. من قَوْلهم: أورى فلَان من زنده النَّار: إِذا أظهرها، فَهُوَ يوريها إيراء. وَمِنْه قَول أعشى بني ثَعْلَبَة:
(وَلَو رمت فِي ظلمَة قادحا ... حَصَاة بنبع لأوريت نَارا)

يَعْنِي بقوله: لأوريت: لأظهرت. وَأما القبس: فَإِنَّهُ الشعلة من النَّار. وَأما القابس: فَإِنَّهُ المستشعل. وَمِنْه قَول الله - تَعَالَى ذكره - مخبرا عَن قَول مُوسَى صلوَات الله عَلَيْهِ لأَهله: {لعَلي آتيكم مِنْهَا بقبس} .
وَإِنَّمَا جعل عَليّ - رضوَان الله عَلَيْهِ - الْحق الَّذِي جَاءَ بِهِ نَبينَا مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْإِسْلَام وشرائعه، وَالْقُرْآن وَحكمه مثلا للقبس يقتبسه المقتبس. فَجعل ذَلِك فِي نوره، وبرهانه، وضيائه لمن

(1/264)


استنار بِهِ، واستضاء بضوئه، مثل القبس من النَّار لقابسه. وَمن القبس والقابس أَيْضا، قَول الْكُمَيْت بن زيد الْأَسدي:
(لما أجابت صفيرا كَانَ آيتها ... من قابس شيط الوجعاء بالنَّار)

وَأما قَوْله: " آلَاء الله تصل بأَهْله أَسبَابه ": فَإِن الآلاء هِيَ النعماء. وَمِنْه قَول الله - تَعَالَى ذكره -: {فَبِأَي آلَاء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ} . بِمَعْنى: فَبِأَي نعماء رَبكُمَا تُكَذِّبَانِ.
وَأما قَوْله: " من فوز ثوابك الْمَعْلُول ": فَإِنَّهُ يَعْنِي بالمعلول: المضاعف.
وَأَصله: من الْعِلَل فِي الشّرْب: وَهُوَ الشّرْب الثَّانِي. يُقَال مِنْهُ: شرب فلَان علا بعد نهل. فالنهل: الشّرْب الأول، والعلل: الشّرْب الثَّانِي. ثمَّ يسْتَعْمل الْعِلَل فِي كل شَيْء تكَرر مرّة بعد مرّة، فَيُقَال للثوب إِذا صبغ صبغا بعد صبغ، وأعيد عَلَيْهِ الصَّبْغ مرّة بعد مرّة: عل بالصبغ. وَمِنْه قَول أبي دَاوُد الْإِيَادِي فِي صفة لون فرس:
(خيفانة تهدي الخبار كَأَنَّهَا ... غب الوجيف تعل بالإجساد)

يَعْنِي بقوله: تعل بالأجساد: يُعَاد عَلَيْهِ الصَّبْغ بالإجساد. وَهِي جمع جساد. والجساد: الزَّعْفَرَان، وَدم الْأَخَوَيْنِ!
وَأما قَوْله: " وجزل عطائك المحلول ": فَإِنَّهُ يَعْنِي بالمحلول: المبذول. وَهُوَ مفعول من قَوْلهم: حللت العقد.
وَأما قَوْله: " عل على بِنَاء البنائين بناءه ": فَإِنَّهُ يَعْنِي بقوله؛ عل: ارْفَعْ.

(1/265)


من قَول الْقَائِل: على فلَان بناءه: إِذا رَفعه، فَهُوَ يعليه تعلية.
وَأما قَوْله: " وَأكْرم مثواه ": فَإِن المثوى: الْمنزل. وَهُوَ المفعل من قَوْلهم:
ثوى فلَان بِموضع كَذَا: إِذا أَقَامَ بِهِ. وَمِنْه قَول سحيم عبد بني الحسحاس:
(فَإِن تثو لَا تملل وَإِن تصح غاديا ... تزَود وَترجع عَن عميرَة رَاضِيا)

يَعْنِي بقوله: تثو: تقيم. وَمِنْه قَول الله - تَعَالَى ذكره {لنثوينهم من الْجنَّة غرفا} : يَعْنِي بقوله: لنثوينهم: لننزلنهم، ولنجعلن لَهُم مَوضِع مقَام.
وَأما قَول الْأَعرَابِي للنَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " وَلَا أَدْرِي مَا دندنتك وَلَا دندنة معَاذ "، وَقَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - للأعرابي: " حولهَا أدندن أَنا ومعاذ ": فَإِن الدندنة: هُوَ الْكَلَام الْخَفي الَّذِي يسمع من الْمُتَكَلّم بِهِ صَوته، وَلَا يفهم مَعْنَاهُ، مثل الهينمة.
وَأما قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي التَّشَهُّد: " قُولُوا: التَّحِيَّات لله ".
فَإِن التَّحِيَّات: جمع تَحِيَّة. والتحية فِي كَلَام الْعَرَب: الْملك. وَمِنْه قَول زُهَيْر بن جناب الْكَلْبِيّ:
(أبني إِنِّي فاعلموا ... أورثتكم مجدا بنيه)

(وتركتكم سَادَات أَقوام ... زنادكم وريه)

(من كل مَا نَالَ الْفَتى ... قد نلته إِلَّا التَّحِيَّة)

(1/266)


يَعْنِي بالتحية: الْملك. وَمِنْه قَول عَمْرو بن معد يكرب الزبيدِيّ:
(أَسِير إِلَى أبي قَابُوس حَتَّى ... أُنِيخ على تحيته بجندي)

يَعْنِي بقوله: على تحيته: على ملكه.
وَقد رُوِيَ عَن أنس بن مَالك أَنه سُئِلَ عَن ذَلِك، فَقَالَ: مَعْنَاهُ الْحَيَاة الدائمة لله! وَالَّذِي ذكرت أَن الْعَرَب تَقوله فِي معنى التَّحِيَّة، هُوَ الْمَعْرُوف عِنْد أهل الْعلم بِكَلَام الْعَرَب.
(" ذكر خبر آخر من أَخْبَار مُوسَى بن طَلْحَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ")

444 - حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء وَمُحَمّد بن عبيد الْمحَاربي وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم بن حبيب بن الشَّهِيد قَالُوا: حَدثنَا عمر بن عبيد الطنافسي، عَن سماك بن حَرْب، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه، قَالَ: " كُنَّا نصلي وَالدَّوَاب تمر بَين أَيْدِينَا، فسألنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَقَالَ: مثل مؤخرة الرحل " - وَقَالَ مُحَمَّد بن عبيد: " يكون بَين أَيْدِيكُم ". وَقَالَ أَبُو كريب فِي حَدِيثه: " مثل مؤخرة الرحل يكون بَين يَدي أحدكُم ". وَلم يقل شَيْئا من ذَلِك: إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَقَالُوا جَمِيعًا فِي حَدِيثهمْ: " ثمَّ لَا يضرّهُ مَا مر بَين يَدَيْهِ ".

(1/267)


445 - حَدثنِي مُحَمَّد بن عمَارَة الْأَسدي، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن حَمَّاد، قَالَ: حَدثنَا أَسْبَاط، عَن سماك، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه، قَالَ: " كُنَّا نصلي فيمر بَين أَيْدِينَا: الدَّوَابّ. فَذَكرنَا ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ [فَقَالَ] : " إِذا كَانَ بَين يَدي أحدكُم مثل مؤخرة الرحل، فَلَا يضرّهُ من مر بَين يَدَيْهِ ".
(" القَوْل فِي علل هَذَا الْخَبَر ")

وَهَذَا خبر - عندنَا - صَحِيح سَنَده. وَقد يجب أَن يكون على مَذْهَب الآخرين سقيما، غير صَحِيح لعلل:
إِحْدَاهَا: أَنه خبر لَا يعرف لَهُ عَن طَلْحَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مخرج يَصح إِلَّا من هَذَا الْوَجْه {وَالْخَبَر إِذا انْفَرد بِهِ - عِنْدهم - مُنْفَرد، وَجب التثبت فِيهِ}
وَالثَّانيَِة: أَنه خبر قد حدث بِهِ عَن سماك غير من ذكرنَا، فَأرْسلهُ عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يقل فِيهِ " عَن أَبِيه "!
وَالثَّالِثَة: أَن سماك بن حَرْب - عِنْدهم - مِمَّن لَا يعْتَمد على نَقله.

(1/268)


(" ذكر من روى هَذَا الحَدِيث فَأرْسلهُ عَن مُوسَى بن طَلْحَة عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يقل فِيهِ: عَن أَبِيه ")

446 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن سماك بن حَرْب، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يستر الرجل، قدر مؤخرة الرحل ".
وَقد وَافق طَلْحَة بن عبيد الله - فِي رِوَايَة معنى هَذَا الْخَبَر - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جمَاعَة من أَصْحَابه، نذْكر مَا صَحَّ - عندنَا - من ذَلِك بِسَنَدِهِ، ثمَّ نتبع جَمِيعه الْبَيَان، إِن شَاءَ الله.
(" ذكر ذَلِك ")

447 - حَدثنِي عبد الله بن أبي زِيَاد الْقَطوَانِي، قَالَ: حَدثنَا الْمُقْرِئ عبد الله، عَن سعيد بن أبي أَيُّوب، عَن الْأسود، عَن عُرْوَة، عَن عَائِشَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سُئِلَ فِي غَزْوَة تَبُوك، عَمَّا يستر الْمُصَلِّي؟ فَقَالَ: " مثل مؤخرة الرحل ". قَالَ سعيد: " فِي مثل دقة الْخَيط "!

(1/269)


448 - حَدثنَا يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، عَن يُونُس، عَن حميد بن هِلَال، عَن عبد الله بن صَامت، عَن أبي ذَر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا قَامَ أحدكُم يُصَلِّي، فَإِنَّمَا يستره إِذا كَانَ بَين يَدَيْهِ مثل آخِرَة الرحل ".
449 - وحَدثني إِسْحَاق بن شاهين الوَاسِطِيّ، قَالَ: حَدثنَا خَالِد بن عبد الله، عَن يُونُس، عَن حميد بن هِلَال، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا صلى أحدكُم؛ فَإِن سترته بَين يَدَيْهِ مثل آخِرَة الرحل ".
450 - وحَدثني مُحَمَّد بن خَالِد بن خِدَاش الْأَزْدِيّ، قَالَ: حَدثنِي سلم بن قُتَيْبَة، عَن عمر بن أبي زَائِدَة، عَن عون بن أبي جُحَيْفَة، عَن أَبِيه، قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْأَبْطح فِي قبَّة حَمْرَاء من أَدَم، فَأخْرج بِلَال عنزة، فركزها، ثمَّ خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حَتَّى صلى إِلَى العنزة، ومارة الطَّرِيق من وَرَائِهَا ".

(1/270)


451 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن عون بن أبي جُحَيْفَة، عَن أَبِيه، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - خرج فِي حلَّة حَمْرَاء، فَرَكزَ عنزة يُصَلِّي إِلَيْهَا، يمر من وَرَائِهَا: الْكَلْب، وَالْمَرْأَة، وَالْحمار ".
452 - وَحدثنَا الْحسن بن شَاذان الوَاسِطِيّ، قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق الْأَزْرَق، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن عون بن أبي جُحَيْفَة، عَن أَبِيه، قَالَ: " جَاءَ بِلَال فَرَكزَ بَين يَدي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عنزة، يمر وَرَاءَهَا: الْكَلْب، وَالْمَرْأَة، وَالْحمار، لَا تمنع. قَالَ: فصلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الظّهْر ".

(1/271)


453 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْوَلِيد، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن عون بن أبي جُحَيْفَة، قَالَ: سَمِعت أبي، يحدث أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بهم بالبطحاء وَبَين يَدَيْهِ عنزة: الظّهْر رَكْعَتَيْنِ، وَالْعصر رَكْعَتَيْنِ، وَبَين يَدَيْهِ: الْمَرْأَة، وَالْحمار ".
454 - وحَدثني مُوسَى بن عبد الرَّحْمَن الْمَسْرُوقي، قَالَ: حَدثنَا حُسَيْن الْجعْفِيّ، عَن زَائِدَة، قَالَ: حَدثنَا مَالك بن مغول، عَن عون بن أبي جُحَيْفَة، عَن أَبِيه، قَالَ: " دفعت إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ بِالْأَبْطح فِي قبَّة، فَلَمَّا كَانَ بالهاجرة، خرج بِلَال، فَنَادَى بِالصَّلَاةِ، ثمَّ دخل بِلَال، فَأخْرج العنزة، فَخرج النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَأَنِّي أنظر إِلَى وبيص سَاقيه، فَرَكزَ العنزة، وَأقَام الصَّلَاة، قَالَ: فصلى بِنَا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الظّهْر رَكْعَتَيْنِ، وَالْعصر رَكْعَتَيْنِ، ويمر بَين يَدَيْهِ: الْمَرْأَة، وَالْحمار ".
455 - وحَدثني الْقَاسِم بن بشر بن مَعْرُوف، قَالَ: حَدثنَا عُثْمَان بن عمر، قَالَ: حَدثنَا مَالك بن مغول، عَن عون بن أبي جُحَيْفَة، عَن أَبِيه، قَالَ: " دفعت إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فصلى بِنَا الظّهْر رَكْعَتَيْنِ، وَالْعصر رَكْعَتَيْنِ إِلَى عنزة - قَالَ الْقَاسِم: أَظُنهُ قَالَ: - يمر من وَرَائِهَا الْمَرْأَة، وَالْحمار ".
456 - حَدثنَا ابْن وَكِيع، قَالَ: حَدثنَا جَعْفَر بن عون، عَن أبي العميس، عَن عون بن أبي جُحَيْفَة، عَن أَبِيه، قَالَ: " كَانَ النَّبِي

(1/272)


- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْأَبْطح، فجَاء بِلَال، فأذنه بِالصَّلَاةِ. قَالَ: فَدَعَا بِوضُوء فَتَوَضَّأ، ثمَّ أَخذ بِلَال العنزة، فَمشى بهَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلَمَّا قَامَ للصَّلَاة ركزها بَين يَدَيْهِ، والظعن تمر بَين يَدَيْهِ، وَالْحمار، وَالْبَعِير، وَالْمَرْأَة ".
457 - وَحدثنَا ابْن وَكِيع، قَالَ: حَدثنَا أبي، عَن مسعر، عَن عون بن أبي جُحَيْفَة، عَن أَبِيه، قَالَ: " صلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَى عنزة أَو شبهها، وَالطَّرِيق من وَرَائِهَا ".
458 - وَحدثنَا مُجَاهِد بن مُوسَى، قَالَ: حَدثنَا يزِيد، قَالَ: أخبرنَا المَسْعُودِيّ، عَن عون بن أبي جُحَيْفَة، عَن أَبِيه: " أَنه رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِالْأَبْطح، قد ركز بَين يَدَيْهِ العنزة، يمر بَين يَدَيْهِ: الْحمار، وَالْمَرْأَة ".
459 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا ابْن نمير وَيزِيد بن هَارُون قَالَا: أخبرنَا الْحجَّاج، عَن عون بن أبي جُحَيْفَة، عَن أَبِيه، قَالَ:

(1/273)


صلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْأَبْطح، فَرَكزَ عنزة بَين يَدَيْهِ ".
460 - وَحدثنَا تَمِيم بن الْمُنْتَصر الوَاسِطِيّ، قَالَ: أخبرنَا إِسْحَاق، عَن شريك، عَن أبي إِسْحَاق، عَن وهب السوَائِي أبي جُحَيْفَة، قَالَ: " صليت مَعَ نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعَصْر بِالْأَبْطح رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَت مَعَه عنزة يركزها بَين يَدَيْهِ، يُصَلِّي ". قَالَ: قُلْنَا: مثل من كنت يَوْمئِذٍ؟ قَالَ: كنت أبري وأريش.
461 - حَدثنَا ابْن وَكِيع، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، عَن سُفْيَان بن حُسَيْن، عَن الحكم بن عتيبة، عَن أبي جُحَيْفَة قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قدم مَكَّة فَنزل الأبطح، فَلَمَّا زَالَت الشَّمْس خرج، فَرَكزَ عنزة، فصلى إِلَيْهَا رَكْعَتَيْنِ ".
462 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن الحكم، قَالَ: سَمِعت أَبَا جُحَيْفَة، قَالَ: " خرج رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالهاجرة إِلَى الْبَطْحَاء، فَتَوَضَّأ

(1/274)


فصلى الظّهْر رَكْعَتَيْنِ، وَالْعصر رَكْعَتَيْنِ، وَبَين يَدَيْهِ عنزة " قَالَ شُعْبَة: وَزَاد فِيهِ: عون بن أبي جُحَيْفَة، عَن أَبِيه: " وَكَانَ تمر من وَرَائِهَا: الْمَرْأَة، وَالْحمار ".
463 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي عدي، قَالَ: وَذكر شُعْبَة، عَن عَمْرو بن مرّة، عَن يحيى بن الجزار - مثل حَدِيث الحكم " فِي شَأْن الْحمار الَّذِي مر بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".
464 - وحَدثني أَبُو مَسْعُود الجحدري، قَالَ: حَدثنَا خَالِد بن الْحَارِث، عَن عبيد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَت تركز لَهُ الحربة، فَيصَلي إِلَيْهَا، فَسئلَ عبيد الله؟ فَقَالَ: فِي الْعِيدَيْنِ ".
465 - وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْمُعْتَمِر، قَالَ: سَمِعت عبيد الله، عَن نَافِع، عَن عبد الله، عَن النَّبِي

(1/275)


- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " أَنه كَانَ يعرض رَاحِلَته، فَيصَلي إِلَيْهَا، قَالَ: قلت: أَرَأَيْت إِذا هبت الرّحال؟ قَالَ: يَأْخُذ الرحل، فيعدله، فَيصَلي إِلَى آخرته، أَو مؤخرته ".
466 - وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، قَالَ: حَدثنَا مُعْتَمر، قَالَ: سَمِعت عبيد الله، عَن نَافِع، أَن عبد الله " كَانَ يفعل ذَلِك ".
467 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن نمير، قَالَ: أخبرنَا عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يَأْمر بالحربة، فَيخرج يَوْم الْعِيد، فَيصَلي إِلَيْهَا، وَالنَّاس وَرَاءه. وَكَانَ يفعل ذَلِك فِي السّفر، فَمن ثمَّ اتخذتها الْأُمَرَاء ".
468 - حَدثنَا تَمِيم بن الْمُنْتَصر، قَالَ: أخبرنَا ابْن نمير، قَالَ: أخبرنَا عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا خرج إِلَى الْعِيد أَمر بالحربة، فتوضع لَهُ " ثمَّ ذكر سَائِر الحَدِيث نَحْو حَدِيث ابْن الْمثنى ".
469 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه كَانَ يركز الحربة قدامه يَوْم الْفطر، والنحر، فَيصَلي إِلَيْهَا ".
470 - وَحدثنَا الْحسن بن عَرَفَة، قَالَ: حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس،

(1/276)


عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ إِذا خرج إِلَى الْمصلى، أخرج بالعنزة حَتَّى تركز بَين يَدَيْهِ، فَيصَلي إِلَيْهَا، وَذَاكَ أَن الْمصلى كَانَ فضاء لَيْسَ فِيهِ شَيْء يسْتَتر بِهِ ".
471 - وحَدثني مُحَمَّد بن سِنَان الْقَزاز وَسَعِيد بن عبد الله بن عبد الحكم الْمصْرِيّ، قَالَا: حَدثنَا حَفْص بن عمر الْعَدنِي، عَن الحكم، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " ركزت العنزة بَين يَدي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِعَرَفَات، فصلى إِلَيْهَا، وَالْحمار من وَرَاء العنزة ".
(" القَوْل فِي الْبَيَان عَمَّا فِي هَذِه الْأَخْبَار من الْفِقْه ")

وَالَّذِي فِيهَا من ذَلِك: الْإِبَانَة عَمَّا يُجزئ الْمُصَلِّي بفضاء من الأَرْض، أَن يسْتَتر بِهِ مِمَّا يمر بَين يَدَيْهِ، وَأَن ذَلِك قدر مؤخرة الرحل. فَإِن سَأَلنَا سَائل عَن قدر ذَلِك، وَكَيف وَجه الاستتار بِهِ، إِذا صلى إِلَيْهِ الْمُصَلِّي؟
قيل: قد اخْتلف السّلف من أهل الْعلم فِي قدر مبلغ ذَلِك من الذرع؛ فَنَذْكُر قَوْلهم، ثمَّ نبين عَن الصَّوَاب - لدينا - من أَقْوَالهم. فَقَالَ بَعضهم: قدر مبلغ ذَلِك من الذرع: ذِرَاع أَو نَحْوهَا.

(1/277)


(" ذكر من قَالَ ذَلِك ")

472 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن عمر، عَن نَافِع، عَن ابْن عمر: " أَنه كَانَ يُصَلِّي إِلَى مؤخرة رَحْله، وَهِي ذِرَاع أَو قدر ذِرَاع ".
473 - وَحدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، قَالَ: حَدثنَا الْأَشْجَعِيّ، عَن سُفْيَان، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء، قَالَ: " قدر مؤخرة الرحل ذِرَاع ".
474 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن ابْن جريج، عَن عَطاء: " قيد آخِرَة الرحل: ذِرَاع وَنَحْوه ".
475 - وَحدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن شُرَحْبِيل، عَن ابْن لَهِيعَة، عَن ابْن أنعم، عَن عتبَة بن حميد، عَن عبَادَة بن نسي، عَن رجل، قَالَ: سَأَلت معَاذ بن جبل، عَمَّا يسترني إِذا صليت؟ قَالَ: " قدر عظم الذِّرَاع، أجل أَو أدق ".
476 - وحَدثني عَليّ بن سهل الرَّمْلِيّ، قَالَ: حَدثنَا زيد بن أبي الزَّرْقَاء، قَالَ: " سُئِلَ سُفْيَان، عَن قدر مؤخرة الرحل؟ قَالَ: قدر ذِرَاع ".

(1/278)


477 - وحَدثني عَليّ، قَالَ: حَدثنَا زيد، قَالَ: " سُئِلَ سُفْيَان: هَل يُجزئ الْحَبل الْمَمْدُود الْمُعْتَرض؟ قَالَ: لَا ".
وَقَالَ آخَرُونَ: قدر مبلغ ذَلِك ثَلَاثَة أَسْتَار.
(" ذكر من قَالَ ذَلِك ")

478 - حَدثنِي ابْن عبد الرَّحِيم البرقي، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن أبي سَلمَة، قَالَ: سُئِلَ الْأَوْزَاعِيّ عَن الستْرَة، كم تَكْفِي؟ قَالَ: " قدر مؤخرة الرحل: ثَلَاثَة أَسْتَار ".
وَالصَّوَاب من القَوْل فِي ذَلِك - عندنَا - قَول من قَالَ: قدر ذَلِك: ذِرَاع وَنَحْوهَا؛ وَذَلِكَ أَن ذَلِك كَذَلِك يتَّخذ للرواحل. وَإِن زَاد على قدر ذَلِك لم نكرهه؛ وَذَلِكَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِنَّمَا أخبر السَّائِل عَن حد مَا يستره، وَلم يحظر عَلَيْهِ الزِّيَادَة على قدر مَا بَين لَهُ أَنه يُجزئهُ {
وَفِي الْأَخْبَار الْوَارِدَة عَنهُ أَنه كَانَ تحمل لَهُ الحربة، والعنزة، فتركزان لَهُ، فَيصَلي إِلَى هَذِه مرّة، وَإِلَى هَذِه أُخْرَى: أوضح الْبَيَان عَن أَن مَا كَانَ - أبدا - على قدر مؤخرة الرحل من الستْرَة للْمُصَلِّي - إِن لم يكن أحسن - لم يكن أقبح. وَقد رُوِيَ عَن جمَاعَة من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَغَيرهم من سلف الْعلمَاء، أَنهم كَانُوا يستترون فِي صلَاتهم بِمثل آخِرَة الرحل، وَعَن بَعضهم أَنه كَانَ يسْتَتر بأطول مِنْهَا، وَعَن بَعضهم بأصغر مِنْهَا} نذْكر مَا رُوِيَ عَنْهُم فِي ذَلِك، ثمَّ نتبعه الْبَيَان عَن سَبِيل الْعَمَل فِيهِ، إِن شَاءَ الله.

(1/279)


(" ذكر من رُوِيَ عَنهُ من السّلف أَنه كَانَ يُصَلِّي إِلَى مثل مؤخرة الرحل أَو كَانَ يَأْمر بذلك ")

479 - حَدثنَا الرِّفَاعِي أَبُو هِشَام، قَالَ: حَدثنَا حَفْص، عَن مسعر، عَن الْوَلِيد بن أبي مَالك، عَن أبي عبيد الله، عَن أبي هُرَيْرَة - رَفعه - قَالَ أَبُو هِشَام: هَذَا وهم من حَفْص! - قَالَ: " يُجزئ الْمُصَلِّي مثل مؤخرة الرحل " - قَالَ أَبُو جَعْفَر: أَحْسبهُ قَالَ: فِي مثل دقة السَّوْط.
480 - حَدثنَا أَبُو هِشَام، قَالَ: حَدثنَا وَكِيع، قَالَ: حَدثنَا مسعر، عَن الْوَلِيد بن أبي مَالك، عَن أبي عبيد الله، عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا مثله.
481 - وَحدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا هَارُون بن الْمُغيرَة، عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة، عَن أبي إِسْحَاق، قَالَ: حَدثنِي الْمُهلب بن أبي صفرَة، عَن بعض أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا صلى أحدكُم وَبَين يَدَيْهِ مثل آخِرَة الرحل، فَلَا يضرّهُ مَا مر بَين يَدَيْهِ ".
482 - وَحدثنَا الرّبيع بن سُلَيْمَان، قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب، قَالَ: أَخْبرنِي أُسَامَة بن زيد، عَن نَافِع قَالَ: " لم أر ابْن عمر يُصَلِّي إِلَى أقصر من مؤخرة الرحل ".

(1/280)


483 - وحَدثني ابْن البرقي، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو، قَالَ: " سُئِلَ الْأَوْزَاعِيّ عَن الستْرَة، كم يَكْفِي؟ قَالَ: قدر مؤخرة الرحل ".
وَعلة قائلي هَذِه الْمقَالة: الْأَخْبَار الَّتِي ذَكرنَاهَا - قبل - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " يُجزئ الْمُصَلِّي مثل آخِرَة الرحل ".
(" ذكر من كَانَ يُصَلِّي إِلَى أطول من ذَلِك ")

484 - حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْملك بن أبي الشَّوَارِب، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن زُرَيْع، قَالَ: حَدثنَا عبد الْمُؤمن، قَالَ: " مَرَرْنَا بأنس بن مَالك - وَهُوَ عِنْد قصره - وَهُوَ يُصَلِّي، وَبَين يَدَيْهِ زج مثل طول أنس ".
485 - وَحدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم الدِّمَشْقِي، قَالَ: حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ، قَالَ: حَدثنِي يحيى بن أبي كثير، قَالَ: " رَأَيْت أنس بن مَالك دخل الْمَسْجِد الْحَرَام، فَرَكزَ شَيْئا أَو هيأ شَيْئا، فصلى إِلَيْهِ ".
486 - وحَدثني عَليّ بن سعيد الْكِنْدِيّ، قَالَ: حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، قَالَ: " رَأَيْت أنس بن مَالك فِي الْمَسْجِد الْحَرَام، قد نصب عَصا يُصَلِّي إِلَيْهَا ".

(1/281)


487 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَامر، قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُصعب، عَن يحيى، قَالَ: " أَخْبرنِي مخبر أَنه رأى أنس بن مَالك يركز عَصَاهُ، يُصَلِّي إِلَيْهَا يسْتَتر بهَا بَينه وَبَين النَّاس عِنْد الْكَعْبَة ".
488 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن مَنْصُور وَالْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن الْأسود، قَالَ: " كَانَت تركز العنزة بَين يَدي عمر بن الْخطاب، والظعن تمر بَين يَدَيْهِ، فَلَا يقطع صلَاته ".
489 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، عَن لَيْث بن أبي سليم، عَن الْمُغيرَة، عَن أبي عُبَيْدَة بن عبد الله بن مَسْعُود، عَن أَبِيه، قَالَ: " لَا تصلين وَبَيْنك وَبَين الْقبْلَة فجوة! تقدم إِلَى الْقبْلَة أَو استتر بِسَارِيَة ".
وَعلة قائلي هَذِه الْمقَالة: الْأَخْبَار الَّتِي ذَكرنَاهَا - قبل - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ يَأْمر بالعنزة أَن تركز لَهُ، فَيصَلي إِلَيْهَا.
(" ذكر من قَالَ يجزيء الْمُصَلِّي من الستْرَة كل مَا استتر بِهِ ")

490 - حَدثنِي يَعْقُوب، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، قَالَ: حَدثنَا شُعَيْب بن الحبحاب، عَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي، قَالَ: " كَانَ يُقَال يستر

(1/282)


الْمُصَلِّي مَا وارى حرف الْقَلَم ".
491 - وَحدثنَا الْمقدمِي، قَالَ: حَدثنَا الْحجَّاج، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد، عَن شُعَيْب بن الحبحاب، عَن أبي الْعَالِيَة، أَنه قَالَ: " يستر الْمُصَلِّي مَا يواري حرف الْقَلَم ".
وَعلة قائلي هَذِه الْمقَالة مَا:
492 - حَدثنَا بِهِ: ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر الْحَنَفِيّ، قَالَ: حَدثنَا الضَّحَّاك بن عُثْمَان، قَالَ: حَدثنِي صَدَقَة بن يسَار، قَالَ: سَمِعت ابْن عمر يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تصلوا إِلَّا إِلَى ستْرَة، وَلَا يدع أحدكُم أحدا يمر بَين يَدَيْهِ، فَإِن أَبى، فليقاتله؛ فَإِن مَعَه القرين ".
493 - حَدثنِي أَحْمد بن الْفرج، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل بن أبي فديك، قَالَ: حَدثنَا الضَّحَّاك بن عُثْمَان، عَن صَدَقَة بن يسَار، عَن عبد الله بن عمر، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه كَانَ يَقُول: " إِذا كَانَ أحدكُم يُصَلِّي فَلَا يدع أحدا يمر بَين يَدَيْهِ، فَإِن أَبى فليقاتله؛ فَإِن مَعَه القرين ".

(1/283)


قَالُوا: وكل مَا استتر بِهِ الْمُصَلِّي، فَهُوَ ستْرَة: صغر ذَلِك أَو كبر، عظم أَو دق {فَإِن قَالَ لنا قَائِل: فَهَل يجزيء من الستْرَة فِي الصَّلَاة: الْخط؟
وَمَا أَنْت قَائِل فِي صَلَاة من صلى إِلَى غير ستْرَة: أتراها فَاسِدَة؟ أم هَل يقطعهَا عَلَيْهِ بعض من يمر بَين يَدَيْهِ؟ أم هِيَ عَنهُ مجزئة؟
فَإنَّك إِن قلت: هِيَ عَنهُ مجزئة، وَجعلت للْمُصَلِّي أَن يخط فِي الأَرْض، ثمَّ يُصَلِّي إِلَى الْخط؟ قيل لَك: فَهَذَا من قَوْلك خلاف الْخَبَر الَّذِي رويت عَن طَلْحَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -} وَغير مَا ذكرت لنا أَن الْأَخْبَار صحت بِهِ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أمره الْمُصَلِّي بالاستتار {وَأَنه صلى إِلَى العنزة، وَمَا أشبههَا}
وَإِن قلت: لَا تُجزئه صلَاته إِلَّا أَن يُصليهَا مستترا بسترة على مَا وَردت بِهِ الْأَخْبَار، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -! قيل لَك: فَمَا وَجه الْخَبَر الَّذِي:
494 - حدثكموه: أَبُو كريب وسُفْيَان بن وَكِيع قَالَا: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن حجاج، عَن الحكم، عَن يحيى بن الجزار، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " صلى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي فضاء لَيْسَ بَين يَدَيْهِ شَيْء ".

(1/284)


495 - وَحدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى وَأحمد بن حَمَّاد الدولابي قَالَا: حَدثنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " جِئْت أَنا وَالْفضل - وَنحن على أتان - وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فِي النَّاس بِعَرَفَة، فمررنا على بعض الصَّفّ، فنزلنا عَنْهَا، ودخلنا الصَّفّ، وتركناها ترتع، فَلم يقل لنا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا ".
496 - وحَدثني عبد الله بن أبي زِيَاد، قَالَ: حَدثنَا حجاج، قَالَ: قَالَ ابْن جريج، أَخْبرنِي مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ، عَن عَبَّاس بن عبيد الله بن عَبَّاس، عَن الْفضل بن عَبَّاس، قَالَ: " زار رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عباسا فِي بادية لنا، وَلنَا كليبة وحمارة ترعى، فصلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعَصْر، وهما بَين يَدَيْهِ، فَلم تؤخرا، وَلم تزجرا ".

(1/285)


497 - وَحدثنَا أَحْمد بن الْحسن التِّرْمِذِيّ، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم، عَن ابْن جريج، قَالَ: أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر، عَن الْعَبَّاس بن عبيد الله بن عَبَّاس، عَن الْفضل بن عَبَّاس، قَالَ: " زار النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعَبَّاس فِي بادية لنا، وَلنَا كليبة، وحمار فصلى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْعَصْر، وهما بَين يَدَيْهِ، لم يزجرا وَلم يؤخرنا ".
قيل: قد اخْتلف السّلف من أهل الْعلم - قبلنَا - فِي كل ذَلِك، فَنَذْكُر مَا قَالُوا فِيهِ، ثمَّ نتبع جَمِيعه - إِن شَاءَ الله - الْبَيَان.
وَكَانَ بَعضهم يَقُول: يُجزئ الْخط فِي الأَرْض، إِذا صلى إِلَيْهِ الْمُصَلِّي من الستْرَة {
(" ذكر من قَالَ ذَلِك ")

498 - حَدثنِي ابْن عبد الرَّحِيم البرقي، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم، قَالَ: أخبرنَا يحيى بن أَيُّوب، عَن حميد بن قيس، قَالَ: " سَأَلت عَطاء بن أبي رَبَاح عَن الْخط، يخط للسترة من الصَّلَاة؟ فَقَالَ: أدْركْت النَّاس يَفْعَلُونَ ذَلِك، وَلَا أَدْرِي عَمَّن ذَلِك} ".

(1/286)


499 - وحَدثني سعد بن عبد الله بن عبد الحكم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو زرْعَة، قَالَ: حَدثنَا حَيْوَة قَالَ: حَدثنَا أَبُو يُوسُف صَالح بن عَطاء الْمَكِّيّ " أَنه رأى عَطاء بن أبي رَبَاح خطّ بَين يَدَيْهِ خطا فِي الأَرْض، ثمَّ صلى، وَالنَّاس يَمرونَ بَين يَدَيْهِ ".
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يقطع صَلَاة الْمَرْء الْمُسلم شَيْء، صلى إِلَى ستْرَة أَو غير ستْرَة، وَلَكِن يَنْبَغِي لَهُ أَن يدْرَأ من مر بَين يَدَيْهِ مَا اسْتَطَاعَ {
(" ذكر من قَالَ ذَلِك ")

500 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا عمر بن عبيد، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، عَن عَليّ، قَالَ: " لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء، وادرأ عَن صَلَاتك مَا اسْتَطَعْت ".
501 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا هَارُون، عَن عَنْبَسَة، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْحَارِث، عَن عَليّ، قَالَ: " لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء، وَلَكِن ادرأ مَا اسْتَطَعْت "}
502 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنِي عبد الصَّمد، قَالَ: حَدثنَا همام، قَالَ: حَدثنَا قَتَادَة، عَن سُلَيْمَان بن يسَار، عَن عَليّ وَعُثْمَان قَالَا: " لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء وادرؤوا مَا اسْتَطَعْتُم "!

(1/287)


503 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا معَاذ بن هِشَام، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عَليّ وَعُثْمَان أَنَّهُمَا قَالَا: " لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء، وادرؤوا مَا اسْتَطَعْتُم " {
504 - حَدثنَا ابْن الْمثنى وَابْن بشار قَالَا: حَدثنَا ابْن أبي عدي:
505 - وحَدثني يَعْقُوب، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية - جَمِيعًا - عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عَليّ وَعُثْمَان بِمثلِهِ}
506 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن هِشَام وَشعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن الْمسيب بِمثلِهِ {
507 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن سعيد بن الْمسيب، أَن عليا وَعُثْمَان قَالَا: " لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء، وادرؤوا مَا اسْتَطَعْتُم "}
508 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن سعد بن إِبْرَاهِيم، عَن أَبِيه، قَالَ: " كنت أُصَلِّي فَمر إِنْسَان بَين يَدي، فمنعته {فَأبى، فَمر، قَالَ: فَأتيت عُثْمَان، فَسَأَلته؟ فَقَالَ: يَا ابْن أُخْت} لَا يَضرك ".
509 - وَحدثنَا حميد بن مسْعدَة، قَالَ: حَدثنَا بشر بن الْمفضل، قَالَ: حَدثنَا دَاوُد، قَالَ: " سَأَلت سعيد بن الْمسيب: مَا يقطع صَلَاة

(1/288)


الرجل الْمُسلم؟ قَالَ: يقطعهَا الْفُجُور، ويسترها التَّقْوَى ".
510 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب، قَالَ: حَدثنَا دَاوُد، عَن شُعْبَة بِنَحْوِهِ.
511 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنِي عبد الْأَعْلَى، قَالَ: حَدثنَا دَاوُد، عَن شُعْبَة بِمثلِهِ.
512 - وَحدثنَا عمرَان بن مُوسَى، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَارِث، قَالَ: حَدثنَا دَاوُد، قَالَ: " سُئِلَ سعيد بن الْمسيب: مَا يستر الْمُصَلِّي؟ قَالَ: التَّقْوَى {قَالَ: فَمَا يقطعهما؟ قَالَ: الْفُجُور ".
513 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، عَن شُعْبَة، عَن عبيد الله، عَن سَالم، عَن ابْن عمر، قَالَ: " لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء، وادرأ مَا اسْتَطَعْت ".
514 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن أبي عبد الله الْعَسْقَلَانِي، عَن يزِيد بن عبد الله بن قسيط: " أَنه رأى ابْن عمر يُصَلِّي على جَنَازَة، وحمار يمر بَين أَيْديهم، فناداه رجل: الْحمار} فَلَمَّا انْصَرف ابْن عمر، قَالَ: أَيهَا الصَّارِخ! إِن الصَّلَاة لَا يقطعهَا شَيْء، وَلكنه أَذَى، فادرؤوا الْأَذَى عَنْكُم مَا اسْتَطَعْتُم ".

(1/289)


515 - حَدثنَا يُونُس وَأحمد بن حَمَّاد الدولابي، قَالَا: حَدثنَا سُفْيَان، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سَالم، قَالَ: " قيل لِابْنِ عمر: إِن عبد الله بن عَيَّاش بن أبي ربيعَة يَقُول: يقطع الصَّلَاة الْكَلْب، وَالْحمار! ؟ فَقَالَ ابْن عمر: لَا يقطع صَلَاة الْمُسلم شَيْء ".
516 - وَحدثنَا سعيد بن يحيى الْأمَوِي، قَالَ: حَدثنِي أبي، قَالَ: حَدثنَا ابْن جريج، قَالَ: أَخْبرنِي عبد الرَّحْمَن بن عبد الله بن أبي عمار، قَالَ: " رَأَيْت ابْن الزبير يُصَلِّي، فمرت امْرَأَة بَين يَدَيْهِ تَطوف بِالْبَيْتِ، فَوضع جَبهته فِي مَوضِع قدمهَا ".
517 - وحَدثني يُونُس، قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب، قَالَ: حَدثنَا حَنْظَلَة، عَن سَالم، قَالَ: " صليت مَعَ عبد الله بن الزبير بِمَكَّة، فمرت بَين يَدي الصَّفّ: امْرَأَة، فَمَا بالوها ".
518 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن سماك، عَن عِكْرِمَة، قَالَ: " قَالُوا عِنْد ابْن عَبَّاس: يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب، وَالْمَرْأَة، وَالْحمار ". فَقَالَ: {إِلَيْهِ يصعد الْكَلم الطّيب، وَالْعَمَل الصَّالح يرفعهُ} : أَي شَيْء يقطع هَذَا؟ وَلكنه يكره ".

(1/290)


519 - وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْمُعْتَمِر، قَالَ: سَمِعت يُونُس، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، قَالَ: " قلت لعبيدة: مَا يستر الْمُصَلِّي، وَمَا يقطع صلَاته؟ قَالَ: يَسْتُرهَا الْإِيمَان، ويقطعها الْفُجُور ".
520 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا معَاذ بن هِشَام، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، قَالَ: " سَأَلت شريحا: مَا يقطع الصَّلَاة؟ قَالَ: تَمامهَا التَّقْوَى، ويقطعها الْفُجُور ". قَالَ: مُحَمَّد: " فَذكرت ذَلِك لعبيدة السَّلمَانِي، فَقَالَ: صدق شُرَيْح. كَانَ يُقَال: فِي آخِرَة الرحل ".
521 - وَحدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا ابْن إِدْرِيس، قَالَ: سَمِعت هشاما، عَن ابْن سِيرِين، عَن شُرَيْح، قَالَ: " سُئِلَ: مَا يستر الْمُصَلِّي؟ قَالَ: يستره التَّقْوَى، ويقطعها الْفُجُور، وَأَن يكون بَين يَديك شَيْء أطيب لنَفسك. وَقد ذكر آخِره الرحل ". وَعَن عُبَيْدَة: نَحوه.
522 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، عَن أَيُّوب، عَن مُحَمَّد، قَالَ: " قلت لعبيدة: مَا يستر الْمُصَلِّي، وَمَا يقطع الصَّلَاة؟ قَالَ: يستره التَّقْوَى، وَيقطع الصَّلَاة الْكفْر أَو قَالَ: الْفُجُور، وَقد ذكر قيد آخِرَة الرحل، قَالَ: وَقَالَ شُرَيْح: قد ذكر قيد آخِرَة الرحل، وَأَن يكون بَين يَديك مَا يسترك أطيب لنَفسك ".
523 - حَدثنَا أَحْمد بن عَبدة الضَّبِّيّ، قَالَ: أخبرنَا سليم بن أَخْضَر، قَالَ: أخبرنَا ابْن عون، عَن مُحَمَّد، قَالَ: " قلت لعبيدة: مَا يقطع الصَّلَاة، وَمَا يَسْتُرهَا؟ قَالَ: يَسْتُرهَا التَّقْوَى، ويقطعها

(1/291)


الْفُجُور ".
524 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن عمر، عَن نَافِع، قَالَ: قَالَ ابْن عمر: " لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء، وذبوا مَا اسْتَطَعْتُم ".
525 - وحَدثني ابْن عبد الرَّحِيم البرقي، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم، قَالَ: أخبرنَا يحيى بن أَيُّوب، قَالَ: أَخْبرنِي حميد، قَالَ: " رَأَيْت عَطاء بن أبي رَبَاح وَعبد الله بن عبيد بن عُمَيْر يصليان، وَالنَّاس يَمرونَ بَين أَيْدِيهِمَا ".
526 - وحَدثني مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، قَالَ: أخبرنَا خَالِد بن نزار، عَن نَافِع بن عمر، قَالَ: " رَأَيْت عَطاء بن أبي رَبَاح يُصَلِّي بِمَكَّة، وَالنَّاس يَمرونَ بَين يَدَيْهِ - يَعْنِي بِغَيْر ستْرَة - قَالَ: نَافِع: وَرَأَيْت ابْن أبي مليكَة، يفعل ذَلِك ".
527 - وَحدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا ابْن الْمُبَارك، عَن الْحجَّاج بن أَرْطَأَة، قَالَ: " سَأَلت عَطاء عَن الرجل يُصَلِّي، وَالنِّسَاء يطفن أَمَامه، فَقَالَ: لَا بَأْس ".
528 - وَحدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا جرير، عَن مُغيرَة، عَن مُجَاهِد وَإِبْرَاهِيم قَالَا: " لَا بَأْس أَن تمر الْمَرْأَة بحذائك، وَأَنت تصلي ".
529 - وَحدثنَا أَبُو كريب وَأَبُو السَّائِب قَالَا: حَدثنَا ابْن إِدْرِيس،

(1/292)


عَن هِشَام قَالَ: " كَانَ أبي يُصَلِّي فِي الصَّحرَاء، لَيْسَ بَين يَدَيْهِ شَيْء ".
530 - وحَدثني يُونُس، قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب، قَالَ: حَدثنَا حَنْظَلَة، قَالَ: " سُئِلَ الْقَاسِم بن مُحَمَّد: هَل يقطع الصَّلَاة شَيْء؟ قَالَ: لَا. الله دون كل شَيْء ".
531 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا هشيم، قَالَ: أخبرنَا أَبُو بشر، عَن سعيد بن جُبَير، قَالَ: " لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء، وادرأ عَن صَلَاتك مَا اسْتَطَعْت ".
532 - وَحدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا هشيم، قَالَ: أخبرنَا مُغيرَة، عَن إِبْرَاهِيم وزَكَرِيا، عَن الشّعبِيّ مثل ذَلِك.
533 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن حُذَيْفَة قَالَ: " سُئِلَ الشّعبِيّ: مَا يقطع الصَّلَاة؟ قَالَ: سوؤها ".
534 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن الْوَلِيد بن قيس، عَن سعيد بن جُبَير، قَالَ: " لَا يقطع الصَّلَاة إِلَّا السَّهْو والغفلة ".

(1/293)


535 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب، قَالَ: سَمِعت يحيى، قَالَ: " رَأَيْت أَبَا بكر بن مُحَمَّد قَائِما يُصَلِّي إِلَى الْكَعْبَة، وَالنَّاس يطوفون بَين يَدَيْهِ ".
536 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، قَالَ: أَخْبرنِي يحيى، قَالَ: رَأَيْت أَبَا بكر يُصَلِّي إِلَى الْكَعْبَة، وَالنَّاس يطوفون بَين يَدَيْهِ ".
537 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، عَن صَالح بن رستم، قَالَ: " رَأَيْت عَطاء بن أبي رَبَاح يُصَلِّي قَاعِدا بَين ساريتين، وَالنَّاس يَمرونَ بَين يَدَيْهِ ".
538 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا أَبُو بكر بن عَيَّاش، عَن هِشَام، عَن الْحسن قَالَ: " لَا بَأْس أَن يُصَلِّي الرجل، وَالنِّسَاء يطفن أَمَامه ".
539 - وَحدثنَا عمرَان بن مُوسَى الْقَزاز، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَارِث، قَالَ: حَدثنَا دَاوُد، قَالَ: " سُئِلَ سعيد بن الْمسيب: مَا يستر الْمُصَلِّي؟ قَالَ: التَّقْوَى. قيل: فَمَا يقطعهَا؟ قَالَ: الْفُجُور ".
وَعلة قائلي هَذِه الْمقَالة من الْأَثر مَا:
540 - حَدثنِي سُلَيْمَان بن عبيد الله الغيلاني، قَالَ: حَدثنَا أَبُو

(1/294)


قُتَيْبَة، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " مَرَرْت أَنا وَالْفضل بن عَبَّاس على حمَار بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي، فَمَا نَهَانَا، وَلَا ردنا ".
541 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن الحكم، عَن يحيى بن الجزار، عَن صُهَيْب، عَن ابْن عَبَّاس: " أَنه كَانَ على حمارة، هُوَ وَغُلَام من بني هَاشم، فَمر بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي فَلم ينْصَرف. وَجَاءَت جاريتان من بني عبد الْمطلب فأخذتا بركبتي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَفرج بَينهمَا أَو فَفرق بَينهمَا، وَلم ينْصَرف ".
542 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن

(1/295)


شُعْبَة، عَن الحكم، عَن يحيى بن الجزار، عَن صُهَيْب رجل من أهل الْبَصْرَة، عَن ابْن عَبَّاس: " عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَحْوِهِ.
543 - وَحدثنَا ابْن حميد وَابْن وَكِيع قَالَا: حَدثنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن الحكم، عَن يحيى بن الجزار، عَن أبي الصَّهْبَاء، قَالَ: " كنت عِنْد ابْن عَبَّاس، فَذَكرنَا مَا يقطع الصَّلَاة فَقَالُوا: الْحمار، وَالْمَرْأَة. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: لقد جِئْت أَنا وَغُلَام من بني عبد الْمطلب، مرتدفين على حمَار، وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي أَرض خلاء، فتركنا الْحمار بَين أَيْديهم، ثمَّ جِئْنَا حَتَّى دَخَلنَا مَعَهم، فَمَا بالى ذَلِك. وَلَقَد كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَجَاءَت جاريتان من بني عبد الْمطلب تشتدان اقتبلتا، فَأَخذهُمَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنزع إِحْدَاهمَا من الْأُخْرَى، فَمَا بالى ذَلِك ".
544 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا حُسَيْن الْجعْفِيّ، عَن زَائِدَة، عَن مَنْصُور، عَن الحكم، عَن يحيى بن الجزار، عَن أبي الصَّهْبَاء، عَن ابْن عَبَّاس: " عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَحوه.
545 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا وَكِيع، عَن شُعْبَة، عَن الحكم، عَن يحيى بن الجزار، عَن رجل يُقَال لَهُ صُهَيْب، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " خرجت أَنا وَرجل من بني هَاشم، وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(1/296)


فِي الصَّلَاة، وَنحن على حمَار لنا، فنزلنا، فَدَخَلْنَا مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الصَّلَاة، وَتَركنَا الْحمار، فَلم ينْصَرف النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَجَاءَت جاريتان من بني عبد الْمطلب، حَتَّى أخذتا بركبتيه، فَفرج بَينهمَا ".
546 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله، عَن شُعْبَة، عَن الحكم، عَن يحيى بن الجزار، عَن صُهَيْب، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " جِئْت أَنا وَغُلَام على حمَار وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي فمررنا بَين يَدَيْهِ، ثمَّ نزلنَا، فَدَخَلْنَا مَعَه الصَّلَاة، وَجَاءَت جاريتان تسعيان، حَتَّى أخذتا بركبتيه، وَهُوَ يُصَلِّي، فَفرق بَينهمَا، وَمضى فِي صلَاته ".
547 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله، عَن ابْن أبي ليلى، عَن الحكم، عَن يحيى بن الجزار، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " جَاءَت جاريتان تمشيان فِي الْقبْلَة وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي حَتَّى أخذتا فَخذيهِ، فَلَمَّا أَرَادَ أَن يرْكَع فرق بَينهمَا ثمَّ ركع ".
548 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا مُعَاوِيَة، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن شُعْبَة، قَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس، قَالَ: " مَرَرْت بَين يَدي النَّاس، وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بهم بِعَرَفَة، وَأَنا وَالْفضل على أتان مرتدفين، فَلم يُنكر علينا ذَلِك ".

(1/297)


549 - وَحدثنَا ابْن وَكِيع، قَالَ: حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " جِئْت أَنا وَالْفضل على أتان، وَالنَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِعَرَفَة، فمررنا بِبَعْض الصَّفّ، فنزلنا وتركناها ترتع، فَلم يبال النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَيْئا ".
550 - وَحدثنَا ابْن وَكِيع، قَالَ: حَدثنَا عبد الْأَعْلَى، عَن معمر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " كنت ردف الْفضل على أتان، فَجِئْنَا وَنَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ بمنى، فنزلنا فوصلنا الصَّفّ وَمَرَّتْ الأتان بَين يَدي النَّاس، فَلم تقطع عَلَيْهِم الصَّلَاة ".
551 - حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله بن بزيغ الْبَصْرِيّ، قَالَ: حَدثنَا بشر بن الْمفضل، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله بن عبيد، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " أَقبلت أَسِير على أتان، وَرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ بمنى، فمررت بهَا بَين يَدي بعض الصَّفّ، ثمَّ نزلت عَنْهَا، فتركتها ترعى، فَأَقْبَلت فَصليت مَعَ النَّاس، فَلم يعب ذَلِك عَليّ أحد ".

(1/298)


552 - حَدثنَا يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب، قَالَ: أَخْبرنِي يُونُس بن يزِيد، عَن ابْن شهَاب، عَن عبيد الله بن عبد الله، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " كنت رَاكِبًا على أتان، وَقد ناهزت الْحلم، فَإِذا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ بمنى، فسرت على الأتان بَين يَدي بعض الصَّفّ، ثمَّ نزلت فأرسلتها، وَدخلت فِي الصَّفّ مَعَ النَّاس، فَلم يُنكر ذَلِك عَليّ أحد ".
553 - وَحدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا سَلمَة بن الْفضل، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن دَاوُد بن الْحصين، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " مَرَرْت أَنا وَالْفضل بن عَبَّاس بن عبد الْمطلب بَين يَدي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ يُصَلِّي فِي حجَّة الْوَدَاع، فَمَا قَالَ لنا شَيْئا ".
554 - حَدثنِي مُحَمَّد بن معمر البحراني، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَامر، قَالَ: حَدثنَا عبد ربه بن عَطاء الله الْقرشِي، قَالَ: حَدثنِي أَبُو سُفْيَان بن عبد الرَّحْمَن بن الْمطلب بن أبي ودَاعَة، عَن أَبِيه، عَن جده: " أَنه رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي، وَلَيْسَ بَينه وَبَين الَّذين يطوفون بِالْبَيْتِ ستْرَة ".

(1/299)


555 - حَدثنِي عَليّ بن سعيد الْكِنْدِيّ، قَالَ: حَدثنَا عِيسَى بن يُونُس، عَن ابْن جريج، عَن كثير بن كثير، عَن أَبِيه، عَن الْمطلب بن أبي ودَاعَة، قَالَ: " طَاف رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْبَيْتِ، ثمَّ صلى فِي حَاشِيَة المطاف لَيْسَ بَينه وَبَين الطّواف أحد ".

(1/300)


556 - وحَدثني يُونُس وَأحمد بن حَمَّاد قَالَا: حَدثنَا سُفْيَان، عَن كثير بن كثير، عَن بعض أَهله، قَالَ: سَمِعت الْمطلب يَقُول: " رَأَيْت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي مِمَّا يَلِي بَاب بني سهم، وَالنَّاس يَمرونَ بَين يَدَيْهِ لَيْسَ بَينه وَبَين الْكَعْبَة ستْرَة ".
557 - وحَدثني ابْن البرقي، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن أبي سَلمَة، عَن زُهَيْر، عَن كثير بن كثير، عَن أَبِيه، قَالَ: حَدثنِي الْمطلب بن أبي ودَاعَة، قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي حذاء الرُّكْن الْأسود، وَالرِّجَال وَالنِّسَاء يطوفون بَين يَدَيْهِ، مَا بَينه وَبينهمْ ستْرَة ".
558 - وَحدثنَا سعيد بن يحيى الْأمَوِي، قَالَ: حَدثنِي أبي، قَالَ: حَدثنَا ابْن جريج، قَالَ: أَخْبرنِي كثير بن كثير بن الْمطلب بن أبي ودَاعَة السَّهْمِي، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا فرغ من طَوَافه السَّبْعَة، أَتَى مَوضِع الفسقينة، فصلى عِنْدهَا، عِنْد الرُّكْن فِي حَاشِيَة المطاف لَيْسَ بَينه وَبَين الطّواف أحد ". قَالَ أَبُو جَعْفَر: يَعْنِي بالفسقينة: البشكينة، والبشك، هُوَ البعر.
وَقَالَ آخَرُونَ: إِذا صلى مصل، وَلَيْسَ بَين يَدَيْهِ شَيْء يستره، فَإِنَّهُ يقطع صلَاته مَا مر بَين يَدَيْهِ: رجلا كَانَ الْمَار أَو امْرَأَة أَو غَيرهمَا.

(1/301)