تهذيب الآثار الجزء المفقود

 (" ذكر من قَالَ ذَلِك ")

559 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا قبيصَة، قَالَ: أخبرنَا يُوسُف بن صُهَيْب، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه أَو عَن عبد الله قَالَ: " إِذا مر الرجل بَين يَدي الرجل ليقطع صلَاته، فليوميء إِلَيْهِ بِيَدِهِ، فَإِن هُوَ رَجَعَ، وَإِلَّا فليلهز فِي صَدره، فَإِن رَجَعَ، وَإِلَّا فليأخذ بِيَدِهِ حَتَّى يرجع، فَإِنَّهُ قد قطع صلَاته ".
560 - حَدثنِي الْعَبَّاس بن الْوَلِيد، قَالَ: أَخْبرنِي أبي، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن عبد الْعَزِيز، قَالَ: أَخْبرنِي مولى ليزِيد، عَن يزِيد بن نمران، قَالَ: " رَأَيْت رجلا يتبول مقْعدا، فَسَأَلته عَن إقعاده؟ فَقَالَ: كَانَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يُصَلِّي، فمررت بَين يَدَيْهِ، وَكنت على أتان أَو حمَار، فَقَالَ: قطع صَلَاتنَا قطع الله أَثَره {قَالَ: فأقعدت ".
561 - حَدثنِي يُونُس، قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب، قَالَ: حَدثنِي مُعَاوِيَة، عَن سعيد بن غَزوَان، عَن أَبِيه: " أَنه نزل تَبُوك، وَهُوَ حَاج، فَإِذا هُوَ بِرَجُل مقْعد، فَسَأَلَهُ عَن أمره؟ فَقَالَ لَهُ: سأحدثك حَدِيثا فَلَا تحدث بِهِ مَا سَمِعت أَنِّي حَيّ} : - إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(1/302)


نزل تَبُوك إِلَى نَخْلَة، فَقَالَ: هَذِه قبلتنا. ثمَّ صلى إِلَيْهَا، فَأَقْبَلت أَنا وَغُلَام أسعى حَتَّى مَرَرْت بَينه وَبَينهَا، فَقَالَ: قطع صَلَاتنَا، قطع الله أَثَره! قَالَ: فَمَا قُمْت عَلَيْهَا إِلَى يومي هَذَا ".
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يقطع صَلَاة مصل إِلَى غير ستْرَة إِلَّا الْمَرْأَة، وَالْكَلب، وَالْحمار.
(" ذكر من قَالَ ذَلِك ")

562 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن مهْدي وَعبد الصَّمد قَالَا: حَدثنَا شُعْبَة، عَن عبيد الله بن أبي بكر، قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك يَقُول: " يقطع الصَّلَاة الْكَلْب، وَالْمَرْأَة، وَالْحمار ".
563 - وَحدثنَا الْمقدمِي، قَالَ: حَدثنَا الْحجَّاج، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة بن الْحجَّاج، عَن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مَالك، مثله.

(1/303)


564 - وَحدثنَا يحيى بن حبيب بن عَرَبِيّ، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَهَّاب، قَالَ: " سَأَلت يُونُس عَن الْقَوْم يصلونَ، فيمر بَين أَيْديهم الشَّيْء الَّذِي يقطع الصَّلَاة؟ فَزعم أَن رجلا صلى بهم فِي الْمَسْجِد الْجَامِع خَارِجا من السَّوَارِي، فَمر بَين أَيْديهم كلب؟ فَسئلَ الْحسن عَن ذَلِك؟ فَقَالَ: من كَانَ من الصَّفّ الْمُقدم لَيْسَ بَين يَدَيْهِ شَيْء يستره، فليعد {قلت: أَرَأَيْت إِن كَانَ الإِمَام لَيْسَ بَين يَدَيْهِ شَيْء يستره، فَمر الْكَلْب، وَقد صلى رَكْعَة أَو رَكْعَتَيْنِ: كَيفَ يصنعون؟ قَالَ: يعيدون جَمِيعًا: المستور، وَغير المستور ". " وَقد صلى الحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ بِأَصْحَابِهِ، فَمر بَين أَيْديهم حمَار، فَلَمَّا قضى صلَاته أعَاد بِمن لم يكن بَين يَدَيْهِ شَيْء يستره ".
565 - حَدثنَا الْمقدمِي، قَالَ: حَدثنَا الْحجَّاج، قَالَ: حَدثنَا مبارك بن فضَالة، قَالَ: حَدثنَا حميد بن هِلَال الْعَدوي، قَالَ: أَخْبرنِي عبد الله بن الصَّامِت، قَالَ: " كُنَّا مَعَ الحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ وَهُوَ يُصَلِّي بِنَا صَلَاة الصُّبْح، وَبَين يَدَيْهِ: عنزة. فَمر حماران بَين يَدي الصُّفُوف، يطرد أَحدهمَا الآخر. قَالَ: فَأَعَادَ بهم الصَّلَاة} قَالَ: فَقَالَ نَاس: صلى صَلَاة الصُّبْح أَربع رَكْعَات {هَذِه صَلَاة المعيطي} قَالَ: فَكثر ذَلِك، فَأَدْرَكته، قَالَ: قلت: ثكلتك أمك {شبهوك بِابْن أبي معيط، صلى صَلَاة الصُّبْح أَربع رَكْعَات} قَالَ: وَقد فعلوا؟ قَالَ: قلت: نعم، وَالله لقد فعلوا! قَالَ: ردوا عَليّ أَوَائِل النَّاس. قَالَ:

(1/304)


فردوهم عَلَيْهِ. فَقَالَ: " إِنَّا كُنَّا نؤمر إِذا كَانَ أَحَدنَا يُصَلِّي، وَلَيْسَ بَين يَدَيْهِ مَا يستره، فَمر بَين يَدَيْهِ الْكَلْب، أَو الْحمار، أَو الْمَرْأَة أَن نعيد الصَّلَاة ": فَمر بَين أَيْدِيكُم: حماران يطرد أَحدهمَا الآخر، وَقد كَانَ بَين يَدي مَا يسترني - يَعْنِي العنزة - وَلَكِنِّي إِنَّمَا أعدت الصَّلَاة بِمن لم يكن بَين يَدَيْهِ مَا يستره، لتكمل صَلَاتكُمْ، فشبهتموني بِابْن أبي معيط، فَإِنَّهُ صلى الصُّبْح أَربع رَكْعَات {
أحسن الله صحبتكم، وَأحسن عافيتكم، ونصركم على عَدوكُمْ، وَعجل الْفِرَاق بيني وَبَيْنكُم} قَالَ: فَأَصَابُوا ظفرا، كَمَا دَعَا لَهُم، ثمَّ هلك عِنْد ذَلِك ".
566 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا معَاذ بن هِشَام، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن أبي طَالب الضبعِي: " أَن الحكم الْغِفَارِيّ - وَكَانَت لَهُ صُحْبَة مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلى بِأَصْحَابِهِ، فَمر حمَار بَينه وَبَين الصَّفّ فَأَعَادَ الصَّلَاة، فَقَالُوا: أميرنا صلى الصُّبْح أَربع رَكْعَات {فَقَالَ: اللَّهُمَّ} أرحني مِنْهُم، وأرحهم مني فَمَا جمع الْجُمُعَة الثَّانِيَة حَتَّى مَاتَ ".
567 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن زِيَاد بن فياض، عَن أبي الْأَحْوَص، قَالَ: " يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب، وَالْحمار، وَالْمَرْأَة ".
568 - وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، قَالَ: حَدثنَا الْمُعْتَمِر، عَن

(1/305)


أَبِيه، عَن بكر: " أَن جروا مر بَين يَدي عبد الله بن عمر، وَهُوَ يُصَلِّي فَقطع صلَاته ".
569 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا معَاذ بن هِشَام، قَالَ: أَخْبرنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن بكر بن عبد الله الْمُزنِيّ، عَن أبي مرّة - رجل من أهل الْبَادِيَة -: " أَن ابْن عمر صلى مرّة، ثمَّ قَامَ فَأَعَادَهَا، فَقيل لَهُ: لم تعيد؟ قَالَ: إِنَّه مر بَين يَدي جرو كلب، فَأَعَدْت، وَلم يَأْمُرهُم أَن يُعِيدُوا، كَأَنَّهُ مر بَين يَدي ابْن عمر وَحده ".
570 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا معَاذ بن هِشَام، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، قَالَ: حَدثنَا بكر بن عبد الله، عَن أبي مرّة: " أَنه كَانَ بِجنب ابْن عمر يُصَلِّي، فَمر جرو كلب بَين يَدي ابْن عمر، وَهُوَ يُصَلِّي، ثمَّ أثلج بَين يَدي أبي مرّة وَابْن عمر، فَقَامَ ابْن عمر، فَأَعَادَهَا، فَقَالَ لَهُ أَبُو مرّة: لأي شَيْء أعدت؟ قَالَ: أما رَأَيْت جرو كلب مر بَين يَدي! ". قَالَ: قَتَادَة: " وأحسبهما كَانَا يصليان خلف مَرْوَان بن الحكم ".
571 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا سهل بن يُوسُف، قَالَ: حَدثنَا حميد، عَن بكر، قَالَ: " صلى ابْن عمر وَإِلَى جنبه رجل فَمر جرو كلب بَين ابْن عمر، وَبَين الرجل حَتَّى مر بَين يَدي ابْن عمر، فَلَمَّا سلم

(1/306)


الإِمَام، قَامَ ابْن عمر يقْضِي، وَقَامَ الرجل فَجَذَبَهُ ابْن عمر، وَقَالَ: إِنَّمَا مر بَين يَدي {".
572 - حَدثنَا الْمقدمِي، قَالَ: حَدثنَا حجاج، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد، عَن حميد، عَن بكر بن عبد الله، قَالَ: " كنت أُصَلِّي إِلَى جنب ابْن عمر، فَدخل جرو كلب بيني وَبَينه، فَمر بَين يَدي، فَقَالَ: أما أَنْت، فأعد الصَّلَاة، وَأما أَنا فَلَا أُعِيد؛ لِأَنَّهُ لم يمر بَين يَدي ".
573 - وَحدثنَا الْمقدمِي، قَالَ: حَدثنَا الْحجَّاج، قَالَ: حَدثنَا يزِيد بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا الْحسن، عَن الحكم بن عَمْرو الْغِفَارِيّ: " أَنه صلى بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الصُّبْح، قَالَ: فَمر حماران بَين أَيْديهم، يطرد أَحدهمَا الآخر، فَلَمَّا انْصَرف، أعَاد بهم الصَّلَاة، فَقَالَ نَاس: فعلت كَمَا فعل فلَان} قَالَ: فَخَطب فَقَالَ: يَا أَيهَا النَّاس {إِنِّي - وَالله - مَا فعلت كَمَا فعل فلَان} وَلَكِنِّي لما صليت الصُّبْح مر حماران بَين أَيْدِينَا، يطرد أَحدهمَا الآخر، وَإِنِّي إِنَّمَا أعدت بالصف الأول ".
574 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، قَالَ: أخبرنَا يُونُس، قَالَ: " كَانَ مُوسَى بن أنس يُصَلِّي بِالنَّاسِ فِي صحن الْمَسْجِد الْجَامِع، فَكَانَ كلب يمر بَين يَدي النَّاس، فَسئلَ الْحسن؟ فَقَالَ: أما من كَانَ خلف سَارِيَة أَو خلف الصَّفّ الْمُقدم، فَإِنَّهُ لَا يُعِيد. وَمن كَانَ بَين ذَلِك، فَإِنَّهُ يُعِيد ".
وَعلة قائلي هَذِه الْمقَالة مَا:

(1/307)


575 - حَدثنَا أَبُو كريب مُحَمَّد بن الْعَلَاء، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشر وَعَبدَة وجعفر بن عَوْف، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن عبد الله بن الْمُغَفَّل، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يقطع الصَّلَاة إِلَّا الْكَلْب، أَو الْحمار، أَو الْمَرْأَة "!
576 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا معَاذ بن معَاذ وَسَعِيد بن عَامر قَالَا: حَدثنَا سعيد، عَن قَتَادَة، عَن الْحسن، عَن عبد الله بن مُغفل: أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب، وَالْمَرْأَة، وَالْحمار ".
577 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا معَاذ بن هِشَام، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن زُرَارَة بن أوفى، عَن سعد بن هِشَام، عَن أبي هُرَيْرَة: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب وَالْحمار وَالْمَرْأَة ".
578 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن هِشَام، عَن قَتَادَة، عَن زُرَارَة بن أوفى، عَن سعد بن هِشَام، عَن أبي هُرَيْرَة: " عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثلِهِ ".
579 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ حَدثنَا معَاذ بن معَاذ وَابْن أبي

(1/308)


عدي، عَن سعيد، عَن قَتَادَة، عَن زُرَارَة بن أوفى، عَن أبي هُرَيْرَة: بِمثلِهِ، وَلم يرفعهُ سعيد بن أبي عرُوبَة.
580 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، قَالَ: حَدثنَا هِشَام الدستوَائي، عَن قَتَادَة، عَن زُرَارَة بن أوفى، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: " يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب، وَالْحمار، وَالْمَرْأَة ". قَالَ هِشَام: وَلَا أعلمهُ إِلَّا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
581 - حَدثنَا الْمقدمِي، قَالَ: حَدثنَا الْحجَّاج، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد، عَن أبي هَارُون الْعَبْدي، قَالَ: سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب، وَالْحمار وَالْمَرْأَة ". فَقُلْنَا: يَا أَبَا سعيد! مَا يستر الْمُصَلِّي؟ قَالَ: " السهْم، وَالْحجر، والرحل ".
582 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا حميد بن خوار، عَن ابْن جريج، عَن نَافِع وَعَمْرو بن شُعَيْب، عَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ: " بَيْنَمَا نَحن مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِبَعْض الْوَادي، نُرِيد أَن

(1/309)


نصلي، قَالَ: فَقَامَ، وقمنا إِذْ خرج حمَار من الشّعب، فَأمْسك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَلم يكبر، وَجرى إِلَيْهِ: يَعْقُوب بن زَمعَة - أَخُو بني أَسد - حَتَّى رده ".
وَقَالَ آخَرُونَ: يقطعهَا - إِذا صلى - كَذَلِك: الْكَلْب، وَالْحمار وَالْمَرْأَة، وَالْخِنْزِير، وَالْكَافِر {.
(" ذكر من قَالَ ذَلِك ")

583 - حَدثنَا عمرَان بن مُوسَى الْقَزاز، قَالَ: حَدثنَا عبد الْوَارِث بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا أَيُّوب، قَالَ: نبئت أَن عِكْرِمَة قَالَ: " يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب، وَالْحمار، وَالْمَرْأَة، وَالْخِنْزِير، واليهودي، وَالنَّصْرَانِيّ. فَإِن مروا بَين يَديك قذفة حجر أوكان فَوْقك أَو تَحْتك أَو بَين يَديك لم يقطع صَلَاتك ".
وَعلة قائلي هَذِه الْمقَالة مَا: -
584 - حَدثنِي مُحَمَّد بن عَوْف الطَّائِي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْمُغيرَة، قَالَ: حَدثنَا صَفْوَان بن عَمْرو، عَن رَاشد بن سعد، عَن عَائِشَة، قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يقطع صَلَاة الْمُسلم إِلَّا: الْحمار، وَالْكَافِر، وَالْكَلب، وَالْمَرْأَة. فَقَالَت عَائِشَة: يَا رَسُول الله} لقد قرنا بدواب سوء! ".

(1/310)


585 - حَدثنَا صَالح بن مِسْمَار الْمروزِي، قَالَ: حَدثنَا معَاذ بن هِشَام، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: - وَأَحْسبهُ ذكر ذَلِك عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " يقطع صَلَاة الرجل: الْكَلْب، وَالْحمار، وَالْمَرْأَة الْحَائِض، واليهودي، وَالنَّصْرَانِيّ، والمجوسي، وَالْخِنْزِير. قَالَ: وَيَكْفِيك مَا كَانُوا مِنْكُم: قدر رمية بِحجر، أَلا تقطع صَلَاتك ".
وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب، والسنور، دون غَيرهمَا {
(" ذكر من قَالَ ذَلِك ")

586 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن حميد، عَن طلق بن حبيب، عَن صَفِيَّة ابْنة شيبَة، قَالَت: " كنت أُصَلِّي فمرت عَائِشَة بَين يَدي، فمنعتها} فَقَالَت: ألم أقل لَك: إِنَّه لَا يقطع الصَّلَاة إِلَّا الْكَلْب، والسنور "! .
587 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ:

(1/311)


حَدثنَا شُعْبَة، قَالَ: سَمِعت عبد الرَّحْمَن بن سعيد، قَالَ: سَمِعت صَفِيَّة ابْنة شيبَة، قَالَت: " كَانَت امْرَأَة تصلي عِنْد الْبَيْت إِلَى مرفقة، فمرت عَائِشَة بَينهَا وَبَين المرفقة، وَقَالَت عَائِشَة: إِنَّمَا يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب، والهر الْأسود " {.
وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّمَا يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب الْأسود، وَالْمَرْأَة الْحَائِض}
(" ذكر من قَالَ ذَلِك ")

588 - حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان، عَن أَبِيه، عَن عِكْرِمَة وَجَابِر بن زيد، عَن ابْن عَبَّاس، أَنه قَالَ: " يقطع الصَّلَاة: الْمَرْأَة الْحَائِض، وَالْكَلب الْأسود " {.
589 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا بهز بن أَسد، قَالَ: حَدثنَا همام، عَن قَتَادَة، عَن صَالح أبي الْخَلِيل، عَن جَابر بن زيد، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب الْأسود، وَالْمَرْأَة} قلت: فَأَيْنَ الْحمار؟ قَالَ: إِن اسْتَطَعْت أَلا يمر بَين يَديك: مُسلم، وَلَا كَافِر فافعل ".

(1/312)


590 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا معَاذ بن هِشَام، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب الْأسود، وَالْحمار، وَالْمَرْأَة الْحَائِض ".
591 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن هِشَام، عَن قَتَادَة، قَالَ: قلت لجَابِر بن زيد: مَا يقطع الصَّلَاة؟ قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: " يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب، وَالْمَرْأَة. قلت: فَأَيْنَ الْحمار؟ قَالَ: زيد الْحمار؟ قلت: قد كَانَ يذكر رَابِع! قَالَ: مَا هُوَ؟ قلت: العلج الْكَافِر. قَالَ: إِن اسْتَطَعْت أَلا يمر بَين يَديك كَافِر وَلَا مُسلم، فافعل ".
592 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن سعيد، قَالَ: حَدثنَا سعيد وَشعْبَة، عَن قَتَادَة، قَالَ: سَمِعت جَابر بن زيد، يَقُول: قَالَ ابْن عَبَّاس: " يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب، وَالْحمار ".
593 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا مُوسَى بن أبي مَرْوَان أَبُو الْعُرْيَان، قَالَ: " سَأَلت عَطاء بن أبي رَبَاح، عَمَّا يقطع الصَّلَاة؟ فَقَالَ: " الْمَرْأَة الْحَائِض، وَالْكَلب الْأسود، وَالْحمار ".
594 - حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، قَالَ: أخبرنَا يُونُس، عَن الْحسن، أَنه كَانَ يَقُول: " الْجَارِيَة الَّتِي لم تَحض لَا تقطع الصَّلَاة ".

(1/313)


595 - حَدثنَا حميد بن مسْعدَة، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان بن حبيب، قَالَ: حَدثنَا يُونُس، أَن الْحسن قَالَ: " الْجَارِيَة الَّتِي لم تَحض لَا تقطع الصَّلَاة ".
وَعلة قائلي هَذِه الْمقَالة فِي قيلهم إِن الَّذِي يقطع الصَّلَاة من الْكلاب هِيَ السود، وَمن النِّسَاء الْحيض، مَا:
596 - حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل،
597 - وحَدثني إِسْحَاق بن شاهين الوَاسِطِيّ، قَالَ: حَدثنَا خَالِد بن عبد الله جَمِيعًا عَن يُونُس، عَن حميد بن هِلَال، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا صلى أحدكُم، فَإِن سترته بَين يَدَيْهِ مثل مؤخرة الرحل، فَإِن لم يكن بَين يَدَيْهِ مثل مؤخرة الرحل؛ فَإِنَّهُ يقطع الصَّلَاة: الْمَرْأَة، وَالْحمار، وَالْكَلب الْأسود ". قَالَ: قلت: يَا أَبَا ذَر {مَا بَال الْأسود، من الْأَحْمَر، من الْأَصْفَر؟} قَالَ: يَا ابْن أخي! سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا سَأَلتنِي؟ فَقَالَ: " الْكَلْب الْأسود شَيْطَان ".
598 - وَحدثنَا ابْن عبد الْأَعْلَى، قَالَ: حَدثنَا الْمُعْتَمِر، قَالَ: سَمِعت يُونُس، عَن حميد بن هِلَال، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي

(1/314)


ذَر، قَالَ: " يستر الرجل إِذا كَانَ يُصَلِّي مثل آخِرَة الرحل، فَإِذا لم يكن بَين يَدَيْهِ مثل آخِرَة الرحل؛ فَإِنَّهُ يقطع صلَاته الْمَرْأَة، وَالْحمار، وَالْكَلب الْأسود. قَالَ: قلت لَهُ: يَا أَبَا ذَر {مَا بَال الْكَلْب الْأَحْمَر، من الْكَلْب الْأسود، من الْكَلْب الْأَصْفَر؟ قَالَ: يَا ابْن أخي} سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا سَأَلتنِي؟ فَقَالَ: " الْكَلْب الْأسود شَيْطَان ".
599 - وحَدثني مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، قَالَ: أخبرنَا أَبُو زرْعَة وهب الله بن رَاشد، قَالَ: أخبرنَا حَيْوَة بن شُرَيْح، قَالَ: أخبرنَا حَمَّاد بن عُثْمَان، عَن يُونُس بن عبيد، عَن حميد بن هِلَال، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: يقطع الصَّلَاة: الْمَرْأَة، وَالْحمار، وَالْكَلب الْأسود ". فَقلت: يَا رَسُول الله {مَا بَال الْأسود، من الْأَحْمَر، والأبيض؟ فَقَالَ: " إِن الْأسود شَيْطَان ".
600 - حَدثنَا عَليّ بن سهل الرَّمْلِيّ، قَالَ: حَدثنَا مُؤَمل، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد، قَالَ: حَدثنَا أَيُّوب وحبِيب بن الشَّهِيد وَيُونُس، عَن حميد بن هِلَال، عَن عبد الله بن صَامت، عَن أبي ذَر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب الْأسود، وَالْمَرْأَة، وَالْحمار ". قَالَ: قلت: لأبي ذَر: مَا بَال الْأسود من الْأَحْمَر، من الْأَبْيَض، من الْأَصْفَر؟ قَالَ ابْن أخي} هَكَذَا سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِن الْكَلْب الْأسود شَيْطَان ".

(1/315)


601 - حَدثنَا الْمقدمِي، قَالَ: حَدثنَا الْحجَّاج، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد، عَن يُونُس بن عبيد وحبِيب بن الشَّهِيد وَأَيوب، عَن حميد بن هِلَال، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله.
602 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن حميد بن هِلَال، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " يقطع الصَّلَاة - إِذا لم يكن بَين يَدي الرجل مثل آخِرَة الرحل - الْمَرْأَة، وَالْحمار، وَالْكَلب الْأسود ". فَقلت: مَا بَال الْأسود من الْأَحْمَر؟ فَقَالَ: سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا سَأَلتنِي؟ فَقَالَ: " إِن الْأسود شَيْطَان ".
603 - وحَدثني الْعَبَّاس بن الْوَلِيد العذري، قَالَ: أَخْبرنِي أبي، قَالَ: حَدثنِي عبد الله بن شَوْذَب، قَالَ: حَدثنِي مطر، عَن حميد بن هِلَال الْعَدوي، عَن عبد الله بن صَامت، عَن أبي ذَر، قَالَ: " سَأَلته: مَا يقطع الصَّلَاة؟ قَالَ: يقطعهَا: الْمَرْأَة، وَالْحمار، وَالْكَلب الْأسود. قلت: مَا الْأسود من الْأَحْمَر من الْأَصْفَر؟ قَالَ: ابْن أخي! سَأَلت عَمَّا سَأَلت عَنهُ: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَقَالَ: " إِن الْكَلْب الْأسود البهيم شَيْطَان ".
604 - حَدثنِي إِسْمَاعِيل بن المتَوَكل الْأَشْجَعِيّ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن كثير، قَالَ: حَدثنَا ابْن شَوْذَب، عَن مطر، عَن حميد بن

(1/316)


هِلَال، عَن عبد الله بن الصَّامِت، عَن أبي ذَر، قَالَ: " يقطع الصَّلَاة: الْكَلْب الْأسود، وَالْمَرْأَة، وَالْحمار! قَالَ: فَقيل لَهُ: مَا بَال الْأسود من الْأَبْيَض، من الْأَصْفَر؟ قَالَ: سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَمَا سَأَلتنِي؟ فَقَالَ: " الْأسود شَيْطَان ". وَأما الْخَبَر فِي الْمَرْأَة الْحَائِض، فقد ذَكرْنَاهُ - قبل - وَذَلِكَ حَدِيث ابْن عَبَّاس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا يقطع صَلَاة الْمُصَلِّي إِلَّا الْكَلْب الْأسود دون سَائِر الْأَشْيَاء غَيره.
(" ذكر من قَالَ ذَلِك ")

605 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن الحكم، قَالَ: سَمِعت خَيْثَمَة يحدث عَن الْأسود، عَن عَائِشَة، أَنَّهَا قَالَت: " لَا يقطع الصَّلَاة شَيْء إِلَّا الْكَلْب الْأسود ".
606 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن وَاضح، قَالَ: حَدثنَا يُونُس، عَن مُجَاهِد، عَن عَائِشَة، قَالَت: " لَا يقطع إِلَّا الْكَلْب الْأسود البهيم ".
وَالصَّوَاب فِي ذَلِك - عندنَا - من القَوْل: أَن يُقَال:
كل الَّذِي ذكرنَا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من أمره الْمُصَلِّي فِي صلَاته أَن يسْتَتر بِمثل مؤخرة الرحل، وَصلَاته إِلَى عنزة، وَفِي فضاء من الأَرْض إِلَى غير ستْرَة، وَقَوله: " تقطع الْمَرْأَة، وَالْحمار، وَالْكَلب الْأسود ". وَصلَاته وَبَين يَدَيْهِ: الْحمار، وَالْكَلب:

(1/317)


صَحِيح غير مُفسد شَيْء من ذَلِك شَيْئا مِمَّا رُوِيَ عَنهُ مِمَّا ذكرنَا قبل {
فَإِن قَالَ قَائِل: وَكَيف يجوز أَن يكون كل ذَلِك صَحِيحا مَعَ اخْتِلَاف مَعَانِيه؟} .
قيل: لَيْسَ فِي شَيْء من ذَلِك - وَالْحَمْد لله - معنى يفْسد معنى شَيْء غَيره {.
فَإِن قَالَ: فَبين لنا ذَلِك، وَكَيف وُجُوه مصادره} .
قيل: أما أَمر النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُصَلِّي بالاستتار بِمثل مؤخرة الرحل، فَأمر ندب وَاخْتِيَار لَا إِيجَاب {وَذَلِكَ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد صلى إِلَى مَا هُوَ أطول من ذَلِك؛ وَلَا خلاف بَين جَمِيع عُلَمَاء الْأمة فِي أَن مُصَليا لَو صلى إِلَى ستْرَة هِيَ أطول أَو أقصر من مؤخرة الرحل، أَن صلَاته مَاضِيَة جَائِزَة، وَأَنه غير عَاص ربه بِفِعْلِهِ ذَلِك: فمعلوم بذلك أَن ذَلِك من أمره على وَجه النّدب وَالِاخْتِيَار} .
وَأما صلَاته - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي فضاء من الأَرْض لَيْسَ بَين يَدَيْهِ شَيْء، وَصلَاته وَبَين يَدَيْهِ حمارة، وكلبة لَا تزجران، وَلَا تؤخران؛ فَإِن ذَلِك من فعله عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ ليعلم أمته أَن الَّذِي أَمرهم بِهِ من الاستتار فِي الصَّلَاة كَانَ على النَّحْو الَّذِي ذكرت من الِاخْتِيَار والإرشاد، لَا على الْإِيجَاب {
فَالَّذِي يَنْبَغِي للْمُصَلِّي إِذا صلى أَن يُصَلِّي إِلَى ستْرَة أقلهَا قدر مؤخرة الرحل، وَإِن كَانَت أقل من ذَلِك لم يضرّهُ.
وَإِن لم يجد شَيْئا يسْتَتر بِهِ، فَخط فِي الأَرْض خطا، فصلى إِلَيْهِ أَجزَأَهُ، وَإِن لم يخط أَيْضا، وَصلى إِلَى غير ستْرَة، مَضَت صلَاته، وَلم تكن فَاسِدَة، يلْزمه قَضَاؤُهَا، وإعادتها} . وَقد رُوِيَ عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَحْوِ مَا قُلْنَا من الْأَمر بالخط فِي الأَرْض، إِذا لم يجد شَيْئا يسْتَتر بِهِ خبر فِي إِسْنَاده نظر؛ غير أَن ذَلِك وَإِن كَانَ كَذَلِك؛ فَإِن النّظر يدل على صِحَة مَعْنَاهُ، وَذَلِكَ مَا:

(1/318)


607 - حَدثنِي الْحُسَيْن بن مُحَمَّد الذِّرَاع، قَالَ: حَدثنَا حميد بن الْأسود وَالْفضل بن الْعَلَاء، قَالَا: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أُميَّة الْقرشِي، عَن أبي عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث، عَن جده، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صلى أحدكُم فليجعل تِلْقَاء وَجهه شَيْئا، فَإِن لم يجد فلينصب عَصا، فَإِن لم يجد عَصا فليخط خطا بَين يَدَيْهِ "! .
608 - وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، قَالَ: حَدثنَا بشر بن الْمفضل، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن أبي عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث، أَنه سمع جده، يحدث عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا صلى أحدكُم فليجعل تِلْقَاء وَجهه شَيْئا، فَإِن لم يجد فليجعل عَصَاهُ، فَإِن لم تكن مَعَه عَصا، فليخط خطا، ثمَّ لَا يضرّهُ مَا مر بَين يَدَيْهِ ".
609 - وحَدثني مُحَمَّد بن معمر البحراني، قَالَ: حَدثنَا يَعْقُوب، قَالَ: أَخْبرنِي وهيب، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن أبي عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث، عَن جده حُرَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " إِذا صلى أحدكُم فليجعل بَين يَدَيْهِ شَيْئا، فَإِن لم يجد فلينصب عودا، فَإِن لم يجد فليخط خطا، ثمَّ لَا يضيره مَا مر أَمَامه ".

(1/319)


610 - وحَدثني مُحَمَّد بن عمَارَة الْأَسدي، قَالَ: حَدثنَا شهَاب بن عباد، قَالَ: حَدثنَا ذواد بن علبة، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن أبي عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث بن سليم، عَن جده حُرَيْث بن سليم، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا صلى أحدكُم فليجعل تِلْقَاء وَجهه شَيْئا، فَإِن لم يجد شَيْئا فلينصب عَصَاهُ؛ فَإِن لم يكن لَهُ عَصا فليخط خطا، ثمَّ لَا يضرّهُ من مر من أَمَامه ".
611 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق بن سُلَيْمَان، عَن إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن أبي عَمْرو بن حُرَيْث، عَن جده، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صلى أحدكُم فليجعل تِلْقَاء وَجهه ستْرَة، فَإِن لم يجد فلينصب عودا؛ فَإِن لم يجد فليخط خطا، ثمَّ لَا يضرّهُ مَا مر أَمَامه ".
612 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، قَالَ: حَدثنِي عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث، عَن جده حُرَيْث، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: " إِذا صلى أحدكُم فليجعل تِلْقَاء وَجهه شَيْئا، فَإِن لم يجد فلينصب عَصَاهُ، فَإِن لم يجد وَلم يكن مَعَه، فليخط خطا، ثمَّ لَا يضرّهُ مَا مر أَمَامه ".
613 - وحَدثني أَحْمد بن حَمَّاد الدولابي، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان،

(1/320)


عَن إِسْمَاعِيل بن أُميَّة، عَن أبي عَمْرو بن مُحَمَّد بن حُرَيْث العذري، عَن جده سمع أَبَا هُرَيْرَة يَقُول: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صلى أحدكُم فليجعل تِلْقَاء وَجهه شَيْئا، فَإِن لم يكن مَعَه فلينصب عَصا؛ فَإِن لم يجد عَصا وَلم يكن فِي يَده عَصا فليخطط خطا، ثمَّ لَا يضرّهُ مَا مر بَين يَدَيْهِ ".
614 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا وَكِيع، عَن عبد الْملك بن حُسَيْن أبي مَالك النَّخعِيّ، عَن أَيُّوب بن مُوسَى، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صلى أحدكُم فَلم يجد مَا يسْتَتر بِهِ، فليخط خطا ".
فَإِن قَالَ: أوليس صَحِيحا - عنْدك - الْخَبَر الَّذِي رُوِيَ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " يقطع الصَّلَاة: الْمَرْأَة، وَالْحمار، وَالْكَلب الْأسود "؟ قيل: بلَى!
فَإِن قَالَ: فَكيف تجوز أَن يكون مُرُور هَؤُلَاءِ بَين يَدي الْمُصَلِّي إِلَى غير ستْرَة قَاطعا صلَاته، ثمَّ لَا تكون عَلَيْهِ الْإِعَادَة؟
قيل: إِن قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي هَذِه الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة أَنَّهَا تقطع صَلَاة الْمُصَلِّي، نَظِير قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا صلى أحدكُم إِلَى ستْرَة فليدن مِنْهَا، لَا يقطع الشَّيْطَان عَلَيْهِ صلَاته ":

(1/321)


615 - حَدثنَا بذلك: عَمْرو بن عبد الحميد الإملي، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن صَفْوَان بن سليم، عَن نَافِع بن جُبَير، عَن سهل بن أبي حثْمَة، يبلغ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
616 - وحَدثني مُحَمَّد بن مَنْصُور الطوسي، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن صَفْوَان، عَن نَافِع بن جُبَير، عَن سهل بن أبي حثْمَة يبلغ بِهِ قَالَ: " إِذا صلى أحدكُم إِلَى ستْرَة، فليدن مِنْهَا لَا يقطعهَا الشَّيْطَان ".
617 - وَحدثنَا ابْن وَكِيع، قَالَ: حَدثنَا ابْن عُيَيْنَة، عَن صَفْوَان بن سليم، عَن نَافِع بن جُبَير، عَن سهل بن أبي حثْمَة رِوَايَة: " إِذا صلى أحدكُم إِلَى ستْرَة فليدن مِنْهَا لَا يقطع الشَّيْطَان عَلَيْهِ صلَاته ".
وَمَعْلُوم أَن قطع الشَّيْطَان صَلَاة الْمُصَلِّي لَيْسَ بمروره بَين يَدَيْهِ وَحده دون إحداثه لَهُ من أَسبَاب الوسوسة وَالشَّكّ وشغل الْقلب بِغَيْر صلَاته مَا يفْسد بِهِ صلَاته ويقطعها عَلَيْهِ!

(1/322)


وَقد رُوِيَ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه عرض لَهُ، وَهُوَ فِي صلَاته شَيْطَان حَتَّى التبست عَلَيْهِ الْقِرَاءَة، فَلم يقطع لذَلِك صلَاته!
618 - حَدثنِي أَحْمد بن مُحَمَّد الطوسي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي، قَالَ: حَدثنَا مَسَرَّة بن معبد، قَالَ: حَدثنِي أَبُو عبيد حَاجِب سُلَيْمَان، قَالَ: رَأَيْت عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ قَائِما، يُصَلِّي فَذَهَبت لأمر بَين يَدَيْهِ، فردني، ثمَّ قَالَ: حَدثنِي أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَامَ فصلى صَلَاة الصُّبْح، وَهُوَ خَلفه فَقَرَأَ فالتبست عَلَيْهِ الْقِرَاءَة، ثمَّ انْفَتح، فَلَمَّا فرغ من صلَاته قَالَ: " لَو رَأَيْتُمُونِي وإبليس يلوي لي حنكه، فَأَهْوَيْت بيَدي فتناولته، فَلم أزل أخنقه حَتَّى وجدت برد لعابه بَين إصبعي هَاتين - الْإِبْهَام وَالَّتِي تَلِيهَا - وَلَوْلَا دَعْوَة سُلَيْمَان لأصبح مربوطا بِسَارِيَة من سواري الْمَسْجِد، يتلعب بِهِ صبيان الْمَدِينَة، فَمن اسْتَطَاعَ مِنْكُم أَلا يحول بَينه وَبَين قبلته فَلْيفْعَل ".

(1/323)


619 - وحَدثني مُحَمَّد وَعلي إبنا دَاوُد، قَالَا: حَدثنَا ابْن بكير وَابْن أبي مَرْيَم قَالَا: حَدثنَا ابْن لَهِيعَة، عَن مُوسَى بن وردان، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تقدمُوا إِلَى مصلاكم، فَإِن الشَّيْطَان حَال بيني وَبَين مصلاي فَجعل ينكه فِي وَجْهي كنكه القرد، فَوضعت يَدي فِي وذمته حَتَّى وجدت برد لِسَانه على يَدي، فلولا دَعْوَة أخينا سُلَيْمَان أصبح موثقًا يضْحك مِنْهُ من كَانَ يخافه ".
فَلم يسْتَقْبل النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صلَاته بِعرْض الشَّيْطَان لَهُ فِيهَا، وَلم يعدها، وَقد لبس عَلَيْهِ قِرَاءَته فِيهَا؛ إِذْ أَقَامَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حُدُودهَا، وَلكنه مضى فِيهَا وأتمها، وَكَذَلِكَ معنى قطع الْمَرْأَة، وَالْكَلب الْأسود، وَالْحمار: الصَّلَاة، إِنَّمَا هُوَ بشغل قلب من مر ذَلِك بِهِ فِي صلَاته بمروره بِهِ فِيهَا، وإحداثه لَهُ فِيهَا من الشَّك، وَحَدِيث النَّفس مَا يقطع بِهِ صلَاته ويفسدها عَلَيْهِ، فَأَما من أَقَامَ حُدُودهَا، وأداها على مَا وَجَبت عَلَيْهِ، فَلَنْ يُفْسِدهَا عَلَيْهِ إفسادا تجب عَلَيْهِ مَعَه إِعَادَتهَا شَيْء مر بَين يَدَيْهِ! وَقد: -
620 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا سَلمَة، قَالَ: حَدثنَا

(1/324)


مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن عبد الرَّحْمَن بن الْأسود، عَن أَبِيه، قَالَ: رَأَيْت ابْن مَسْعُود يُصَلِّي، فَإِذا مر بَين يَدَيْهِ الرجل الْتَزمهُ حَتَّى رده، ثمَّ قَالَ: " إِن مُرُور الرجل بَين يَدي الرجل، وَهُوَ يُصَلِّي يضع نصف صلَاته ".
فَإِن قَالَ قَائِل: فَإِن كَانَ الْأَمر كَمَا وصفت من أَن الْمَعْنى الَّذِي من أَجله قيل: يقطع الصَّلَاة: الْمَرْأَة، وَالْحمار، وَالْكَلب الْأسود هُوَ: مَا يحدث مُرُور ذَلِك بَين يَدي من مر بِهِ من الْمُصَلِّين من الْأَسْبَاب الَّتِي وصفت: فقد يجب أَن يكون كل مَا أحدث للْمُصَلِّي ذَلِك قَاطعا صلَاته: رجلا كَانَ أَو امْرَأَة، حمارا كَانَ أَو بغلا، كَلْبا كَانَ ذَلِك أَو هرا؟
قيل: ذَلِك كَذَلِك إِذا صَار الْمُصَلِّي بِالْحَال الَّتِي لَا يدْرِي مَعهَا مَا عمل، وَخرج من صلَاته الَّتِي هِيَ فِيهَا بِقطعِهِ إِيَّاهَا بشغله عَامِدًا بِعَمَلِهِ فِيهَا مَا لَيْسَ من عمل الصَّلَاة.
فَإِن قَالَ: فَمَا وَجه خُصُوص النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذا مَا خص من هَذِه الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة؟
قيل: إِنَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد بَين السَّبَب الَّذِي من أَجله خص ذَلِك، بِأَنَّهُ يقطع الصَّلَاة؛ إِذْ سُئِلَ عَن خُصُوصِيَّة الْكَلْب الْأسود

(1/325)


من بَين سَائِر الْكلاب الَّتِي يُخَالف ألوانها ألوان السود؛ بِأَن قَالَ: " إِن الْكَلْب الْأسود شَيْطَان ". فَكَذَلِك الْمَعْنى فِي سَائِر مَا أخبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه يقطع الصَّلَاة، إِنَّمَا قطعه إِيَّاهَا بِمَعْنى السَّبَب الَّذِي بَينه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْكَلْب، وَهُوَ أَنه شَيْطَان.
فَإِن قَالَ: أَو شَيْطَان: الْمَرْأَة وَالْحمار؟
قيل: إِنَّه لم يعن بِهِ، أَنه من شياطين الْجِنّ، وَإِنَّمَا عَنى بِهِ فِي الْحمار أَنه: من شياطين الْبَهَائِم، وَكَذَلِكَ عَنى فِي الْمَرْأَة أَنَّهَا من شياطين الْإِنْس، وَقد قَالَ جلّ ثَنَاؤُهُ: {وَكَذَلِكَ جعلنَا لكل نَبِي عدوا شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ} . فَجعل من الْإِنْس شياطين. وَالْعرب تسمي كل متمرد من كل شَيْء شَيْطَانا، فَذَلِك - إِن شَاءَ الله، وَجه خُصُوص النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا خص من هَذِه الْأَشْيَاء بِأَنَّهَا تقطع الصَّلَاة.
وَقد يتَوَجَّه ذَلِك إِلَى معنى آخر، وَهُوَ: أَن يكون معنى قَوْله فِي الْكَلْب الْأسود أَنه شَيْطَان؛ أَنه مثل الشَّيْطَان فِيمَا يحدث بمروره بَين يَدي الْمُصَلِّي لَهُ من الشّغل عَن صلَاته، فَيكون ذَلِك كَقَوْل الْعَرَب: عبد الله أَسد: يُرَاد بِهِ أَنه مثله فِي الْبَطْش والشدة، لَا أَنه هُوَ بِعَيْنِه!
(" القَوْل فِي الْبَيَان عَمَّا فِي هَذِه الْأَخْبَار من الْغَرِيب ")

فَمن ذَلِك: قَول أبي جُحَيْفَة: " ثمَّ دخل بِلَال، فَأخْرج العنزة ". والعنزة: قضيب فِي رَأسه حَدِيدَة كَهَيئَةِ سِنَان الرمْح، وَهِي الَّتِي تسميها الْعَامَّة العكازة.
وَأما قَوْله: " فركزها " فَإِنَّهُ يَعْنِي بِهِ: فغرزها فِي الأَرْض، كَمَا قَالَ الفرزدق:
(وصهب لحاهم راكزون رماحهم ... لَهُم درق تَحت العوالي مصفف)

(1/326)


وَأما قَوْله: " والظعن تمر بَين أَيْديهم ". فَإِن الظعن: هِيَ النِّسَاء فِي الهوادج واحدتهن ظَعِينَة تجمع ظعنا، وظعنا، وظعائن، وأظعانا.
وَمن الظعن - بتسكين الْعين - قَول لبيد بن ربيعَة العامري:
(شاقتك ظعن الْحَيّ حِين تحملوا ... فتكنسوا قطنا تصر خيامها)

وَمن الظعائن قَول الطرماح بن حَكِيم:
(ظعائن يستحدثن فِي كل موطن ... رهينا وَلَا يحسن فك الرهائن)

وَمن الظعائن قَول الْأَعْشَى:
(وشاقتك أظعان لِزَيْنَب غدْوَة ... تحملن حَتَّى كَادَت الشَّمْس تغرب)

وأحسب أَن الظعينة فعيلة من الظعن، وَهُوَ الشخوص. يُقَال للْقَوْم إِذا شخصوا من الْموضع الَّذِي يكونُونَ مقيمين بِهِ. قد ظعن الْقَوْم، فهم يظعنون ظعنا، وَمِنْه قَول الله - تَعَالَى ذكره - {يَوْم ظعنكم وَيَوْم إقامتكم} .
وَمِنْه قَول عنترة بن شَدَّاد:
(ظعن الَّذين فراقهم أتوقع ... وَجرى ببينهم الْغُرَاب الأبقع)

وَأما قَول عبد الله بن مَسْعُود: " لَا يصلين أحدكُم وَبَينه وَبَين الْقبْلَة فجوة ": فَإِنَّهُ يَعْنِي بالفجوة: الفضاء الفسيح، وكل فسحة بَين شَيْئَيْنِ

(1/327)


فارغة فَهُوَ فجوة. وَمِنْه قَول الله - عز وَجل -: {وهم فِي فجوة مِنْهُ} يَعْنِي فِي نَاحيَة فسيحة خَالِيَة.
وَأما قَول عَليّ وَعُثْمَان " وادرأ مَا اسْتَطَعْت ": فَإِن مَعْنَاهُ: وادفع مَا اسْتَطَعْت من أَرَادَ أَن يمر بَين يَديك. يُقَال مِنْهُ: درأت عَن فلَان كَذَا، أدرأه عَنهُ دَرأ: إِذا دَفعه عَنهُ. وَمِنْه قَول الله - تَعَالَى ذكره -: " ويدرأ عَنْهَا الْعَذَاب ": يَعْنِي بِهِ: وَيدْفَع عَنْهَا الْعَذَاب.
وَأما قَول ابْن عَبَّاس: " جِئْت رَاكِبًا على أتان، وَقد ناهزت الْحلم ". فَإِن معنى قَوْله: وَقد ناهزت الْحلم: دَنَوْت مِنْهُ وقاربته. وأصل النهز: التَّنَاوُل. وَمِنْه قيل للرجل يتَنَاوَل حَاجته عِنْد تمكنه مِنْهَا: انتهز فرصته. وَمِنْه قَول سُؤْر الذِّئْب: ناهزت سُؤْر الذِّئْب عَنهُ الذئبا.
يَعْنِي: تناولته مِنْهُ وغلبته عَلَيْهِ.
وَأما قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن الْكَلْب الْأسود البهيم شَيْطَان ". فَإِنَّهُ يَعْنِي بالبهيم: الَّذِي لَا يخالط لَونه شَيْء غير السوَاد. وكل شَيْء أسود لم يخالط لَونه غير السوَاد، فَهُوَ أسود بهيم. وَمن ذَلِك قَول الشَّاعِر فِي صفة ليل سَواد، لَا ضوء فِيهِ:
(تطاول ليلك الجون البهيم ... فَمَا ينجاب عَن صبح صريم)

وَأما قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَجعل ينكه فِي وَجْهي كنكه القرد ": فَإِن النكه: هُوَ مَا يظْهر من بدن الْإِنْسَان من رَائِحَة الطَّعَام أَو الشَّرَاب من قبل فِيهِ كَهَيئَةِ الجشاء. وَمِنْه قَول عبد الله بن مَسْعُود حِين أُتِي بشارب، فَقَالَ: " استنكهوه، ومزمزوه ": يَعْنِي بقوله:

(1/328)


استنكهوه: شموا نكهته ومروه، أَن ينكه. يُقَال مِنْهُ: نكه ينكه نكها.
وَأما قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَوضعت يَدي فِي وذمته ": فَإِن أصل الوذمة: الشَّيْء الْمُعَلق بِغَيْرِهِ: كرشا كَانَ أَو كبدا أَو قِطْعَة لحم. وَإِنَّمَا قيل للكرش: وَذمَّة؛ لِأَنَّهَا معلقَة.
وَكَذَلِكَ سيور الدَّلْو: يُقَال لَهَا: الوذم؛ لِأَنَّهَا معلقَة، وَهِي طوال مقدودة. وَأرى أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَرَادَ بقوله: " فَوضعت يَدي فِي وذمته ": وضعت يَدي فِي أصل أُذُنه؛ وَذَلِكَ شحمة الْأذن. وسمى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ذَلِك وَذمَّة، لِأَنَّهُ مُعَلّق بِهِ.
(" ذكر خبر آخر من أَخْبَار مُوسَى بن طَلْحَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ")

621 - حَدثنِي مُحَمَّد بن معمر البحراني، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَامر الْعَقدي، قَالَ: حَدثنَا إِسْرَائِيل، عَن سماك بن حَرْب، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه، قَالَ: " مَرَرْت مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي نخل الْمَدِينَة، فَرَأى نَاسا فِي رُؤُوس النّخل، يُلَقِّحُونَ {فَقَالَ: مَا يصنع هَؤُلَاءِ؟ قَالُوا: يَأْخُذُونَ من الذّكر فيجعلونه فِي الْأُنْثَى؛ يُلَقِّحُونَ} قَالَ: مَا أَظن ذَلِك يُغني شَيْئا! فَبَلغهُمْ فَتَرَكُوهُ، فأزلوا عَنْهَا، فَبلغ ذَلِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " إِنَّمَا هُوَ ظن ظننته؛ إِن كَانَ يُغني شَيْئا فليصنعوه، فَإِنَّمَا أَنا بشر مثلكُمْ، إِنَّمَا هُوَ ظن ظننته، وَالظَّن يخطيء ويصيب، وَلَكِن مَا قلت لكم: قَالَ الله، فَلَنْ أكذب على الله جلّ وَعز ".

(1/329)


(" القَوْل فِي علل هَذَا الْخَبَر ")

وَهَذَا خبر - عندنَا - صَحِيح سَنَده، وَقد يجب أَن يكون على مَذْهَب الآخرين سقيما، غير صَحِيح، لعلل: -
إِحْدَاهَا: أَنه خبر لَا يعرف لَهُ عَن طَلْحَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مخرج إِلَّا من هَذَا الْوَجْه. وَالْخَبَر انْفَرد بِهِ - عِنْدهم - مُنْفَرد، وَجب التثبت فِيهِ {
وَالثَّانيَِة: أَنه عَن سماك، عَن مُوسَى، وَمن رِوَايَة إِسْرَائِيل عَنهُ} وَسماك - عِنْدهم - وَإِسْرَائِيل: مِمَّن لَا يثبت بنقلهما فِي الدّين حجَّة!
وَالثَّالِثَة: أَنه غير جَائِز - عِنْد بَعضهم - أَن يَقُول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قولا على وَجه الظَّن؛ لِأَن الظَّن رُبمَا كَانَ غير حق، والأنبياء لَا تَقول إِلَّا حَقًا.
وَقد وَافق طَلْحَة فِي رِوَايَة هَذَا الْخَبَر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جمَاعَة من أَصْحَابه، نذْكر مَا صَحَّ - عندنَا - من ذَلِك بِسَنَدِهِ، ثمَّ نتبع جَمِيعه: الْبَيَان إِن شَاءَ الله.
(" ذكر ذَلِك ")

622 - حَدثنَا مُحَمَّد بن مَرْزُوق الْبَصْرِيّ، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن

(1/330)


كثير، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، قَالَ: أخبرنَا ثَابت، عَن أنس وَهِشَام بن عُرْوَة، عَن أَبِيه، عَن عَائِشَة، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - سمع أصواتا فِي النّخل، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: يؤبرون النّخل {قَالَ: لَو تَرَكُوهُ صلح} قَالَ: فَتَرَكُوهُ، فشيص {فَقَالَ: " أما مَا كَانَ [من أَمر دنياكم] ، فَأنْتم أعلم بدنياكم، وَأما مَا كَانَ من أَمر دينكُمْ، فَإِلَيَّ ".
(" القَوْل فِي الْبَيَان عَمَّا فِي هَذَا الْخَبَر من الْفِقْه ")

وَالَّذِي فِيهِ من ذَلِك: الدّلَالَة على أَلا حرج على الْمَرْء فِي القَوْل فِي أَمر دُنْيَاهُ، بِمَا هُوَ عِنْده حق - وَإِن كَانَ الْحق فِي الَّذِي قَالَ غَيره - وَألا تبعة عَلَيْهِ فِي الرَّأْي يرَاهُ فِي أَسبَاب المعاش، فيشير بِهِ على غَيره، وَهُوَ عِنْده صَوَاب، فَيعْمل بِهِ الَّذِي أَشَارَ بِهِ عَلَيْهِ، فيصادف ذَلِك خطأ؛ وَذَلِكَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ للْقَوْم الَّذين كَانُوا يُلَقِّحُونَ النّخل: مَا أَظن ذَلِك يُغني شَيْئا}
وَكَانَ ذَلِك من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَأيا رَآهُ فِي تَدْبِير أَمر الدُّنْيَا، وَأَسْبَاب المعاش.

(1/331)


وَفِي ذَلِك - أَيْضا - من قَوْله إبانة عَن خطأ قَول من قَالَ: إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا يعْمل شَيْئا، وَلَا يَقُوله إِلَّا عَن وَحي من الله بِهِ إِلَيْهِ، كَانَ عمله ذَلِك، وَقَوله فِي أَمر الدّين أَو الدُّنْيَا.
وَدلَالَة على صِحَة قَول من قَالَ: قد يجوز أَن يفعل رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أفعالا كَثِيرَة، وَيَقُول أقوالا فِي غير أَمر الدّين، وَلَكِن فِي تَدْبِير أُمُور الْحَرْب، وَأَسْبَاب المعاش بِمَا يحضرهُ من الرَّأْي، صَادف ذَلِك صَوَابا أَو غَيره {.
وَإِنَّمَا الَّذِي لَا يجوز أَن يكون مِنْهُ على وَجه الرَّأْي مَا كَانَ من أَمر الدّين الَّذِي يلْزم الْعباد الْعَمَل، أَو الدينونة بِهِ}
وَذَلِكَ أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِنَّمَا أَنا بشر مثلكُمْ، وَإِنَّمَا هُوَ ظن ظننته، وَالظَّن يخطيء ويصيب ". وَكَانَ قيله ذَلِك فِي أَمر من أَمر المعاش {
وَفِيه - أَيْضا - الْإِبَانَة عَن خطأ قَول من يَقُول: إِن الْأَنْبِيَاء، قد كَانَت علمت كل مَا بالخلق إِلَيْهِ الْحَاجة فِي أَمر الدّين وَالدُّنْيَا؛ وَذَلِكَ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِذْ أخبر بِأَمْر الْقَوْم الَّذين كَانُوا يُلَقِّحُونَ النّخل، قَالَ: مَا أَظن ذَلِك يُغني شَيْئا، فَلَمَّا تركُوا التلقيح، وَحَال نَخْلهمْ، فَبَلغهُ ذَلِك، قَالَ: إِنَّمَا هُوَ ظن ظننته، إِن كَانَ يُغني شَيْئا فليصنعوه، فَأخْبر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن قَوْله ذَلِك كَانَ ظنا ظَنّه، لَا يَقِين علم مِنْهُ بِهِ. وَأَن حكمه - فِيمَا لم يكن خَبرا مِنْهُ عَن الله تَعَالَى ذكره - حكم سَائِر الْبشر فِي أَنه لَا يعلم من الْأُمُور إِلَّا مَا علمه الله تبَارك وَتَعَالَى}
(" القَوْل فِي الْبَيَان عَمَّا فِي هَذَا الْخَبَر من الْغَرِيب ")

وَالَّذِي فِيهِ من ذَلِك قَول طَلْحَة: " فَتَرَكُوهُ فأزلوا عَنْهَا ": وَيَعْنِي بقوله: فأزلوا عَنْهَا: فأزلوا عَن تَركهَا من التلقيح: فَترك ذكر التّرْك

(1/332)


اسْتغْنَاء بِذكر النّخل، وَدلَالَة الْكَلَام على مُرَاده مِنْهُ. وَأما معنى قَوْله: فأزلوا عَنْهَا: فضاقوا بحيال نَخْلهمْ عَامهمْ ذَلِك، وَذَهَاب ثَمَرهَا. وأصل الْأَزَل: الضّيق والشدة.
وَمِنْه قَول رؤبة بن العجاج:
(وأهيج الخلصاء من ذَات الْبَرْق ... وشفها اللَّوْح بمأزول ضيق)

وَمِنْه - أَيْضا - قَول زُهَيْر بن أبي سلمى:
(قضاعية أَو أُخْتهَا مضرية ... يحرق فِي حافاتها الْحَطب الجزل)

(يَكُونُوا على مَا كَانَ فِيهَا إزاءها ... وَإِن أهلك المَال الْجَمَاعَة وَالْأَزَلُ)

(" ذكر خبر آخر من أَخْبَار مُوسَى بن طَلْحَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ")

623 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ حَدثنَا يُونُس بن بكير، قَالَ: حَدثنَا طَلْحَة بن يحيى، عَن مُوسَى وَعِيسَى ابْني طَلْحَة، عَن أَبِيهِمَا طَلْحَة: " أَن أَعْرَابِيًا أَتَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: وَكَانُوا لَا يجترئون على مَسْأَلته، فَقَالُوا للأعرابي: سل من قضى نحبه، من

(1/333)


هُوَ؟ فَسَأَلَهُ، فَأَعْرض عَنهُ، ثمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرض عَنهُ، ثمَّ دخلت من بَاب الْمَسْجِد، وَعلي ثِيَاب خضر، قَالَ الْأَعرَابِي: أَنا يَا رَسُول الله {؟ قَالَ: " هَذَا مِمَّن قضى نحبه ".
(" القَوْل فِي علل هَذَا الْخَبَر ")

وَهَذَا خبر - عندنَا - صَحِيح سَنَده، وَقد يجب أَن يكون على مَذْهَب الآخرين سقيما، غير صَحِيح، لعلل:
إِحْدَاهَا: أَنه خبر لَا يعرف لَهُ مخرج عَن طَلْحَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَالْخَبَر إِذا انْفَرد بِهِ - عِنْدهم - مُنْفَرد، وَجب التثبت فِيهِ}
وَالثَّانيَِة: أَنه من رِوَايَة طَلْحَة بن يحيى، وَطَلْحَة بن يحيى - عِنْدهم - مِمَّن لَا يثبت بنقله فِي الدّين حجَّة {
وَالثَّالِثَة: أَنه خبر قد حدث بِهِ عَن مُوسَى بن طَلْحَة، غير طَلْحَة بن يحيى، فَقَالَ فِيهِ: عَنهُ، عَن مُعَاوِيَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -}
وَالرَّابِعَة: أَنه قد حدث بِهِ عَن طَلْحَة بن يحيى، غير يُونُس بن

(1/334)


بكير، فَقَالَ فِيهِ: عَنهُ، عَن عِيسَى بن طَلْحَة، أَن أَعْرَابِيًا أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأرْسلهُ عَن عِيسَى، وَلم يرفعهُ إِلَى طَلْحَة، وَلم يذكر فِيهِ مُوسَى بن طَلْحَة.
(" ذكر من حدث هَذَا الحَدِيث عَن مُوسَى بن طَلْحَة فَقَالَ فِيهِ: عَن مُعَاوِيَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ")

624 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا عبد الحميد الْحمانِي، عَن إِسْحَاق بن يحيى الطلحي، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، قَالَ: قَامَ مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " طَلْحَة مِمَّن قضى نحبه ".
وَقد حدث هَذَا الحَدِيث - عَن إِسْحَاق بن يحيى - غير عبد الحميد الْحمانِي، فَوَافَقَ فِي رِوَايَته عَنهُ، طَلْحَة بن يحيى، فَقَالَ فِيهِ: عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
(" ذكر ذَلِك ")

625 - حَدثنِي مُحَمَّد بن عَمْرو بن تَمام الْكَلْبِيّ، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَيُّوب، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن إِسْحَاق بن يحيى بن طَلْحَة،

(1/335)


عَن عَمه مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه، قَالَ: " لما قدمنَا من أحد، وصرنا بِالْمَدِينَةِ، صعد النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمِنْبَر، فَخَطب النَّاس، وعزاهم، وَأخْبرهمْ بِمَا لَهُم فِيهِ من الْأجر، ثمَّ قَرَأَ: {رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} الْآيَة، قَالَ فَقَامَ إِلَيْهِ رجل فَقَالَ يَا رَسُول الله! من هَؤُلَاءِ؟ فَالْتَفت إِلَيّ وَعلي ثَوْبَان أخضران، فَقَالَ: " أَيهَا السَّائِل: هَذَا مِنْهُم ".
(" ذكر من حدث هَذَا الحَدِيث عَن طَلْحَة بن يحيى فَقَالَ فِيهِ: عَنهُ عَن عِيسَى بن طَلْحَة فَأرْسلهُ عَنهُ وَلم يَجْعَل بَينه وَبَين النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحدا وَلم يذكر مَعَه مُوسَى بن طَلْحَة ")

626 - حَدثنَا ابْن وَكِيع، قَالَ: حَدثنَا ابْن إِدْرِيس، عَن طَلْحَة بن يحيى، عَن عَمه عِيسَى بن طَلْحَة: " أَن أَعْرَابِيًا أَتَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَهُ: من الَّذين قضوا نحبهمْ؟ فَأَعْرض عَنهُ، ثمَّ سَأَلَهُ، فَأَعْرض عَنهُ، وَدخل طَلْحَة من بَاب الْمَسْجِد، وَعَلِيهِ ثَوْبَان أخضران، فَقَالَ: هَذَا من الَّذين قضوا نحبهمْ ".

(1/336)


(" القَوْل فِيمَا فِي هَذَا الْخَبَر من الْغَرِيب ")

وَالَّذِي فِيهِ من ذَلِك: قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي طَلْحَة: " هَذَا مِمَّن قضى نحبه " يَعْنِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالنحب: النّذر. تَقول: أَوْفوا الله - تَعَالَى ذكره - بنذورهم الَّتِي نذروها، وَله أوجبوها على أنفسهم.
وَذَلِكَ أَن قوما من أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يَكُونُوا شهدُوا قتال الْمُشْركين مَعَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم بدر، ببدر، فَقَالُوا: غبنا عَن أول مشْهد شهده رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من حَرْب الْمُشْركين: لَئِن أشهدنا الله قِتَالهمْ يَوْمًا لنرين الله مَا نصْنَع فِيهِ.
فعاهدوا الله أَن يبلوا من أنفسهم فِي جِهَاد عدوه إِن لقوهم يَوْمًا، فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد، وَلَقي الْمُسلمُونَ الْمُشْركين أوفى الله بعهده بَعضهم، ففرغ مِمَّا أوجب لَهُ على نَفسه، فقاتل حَتَّى قتل، فهم الَّذين قَالَ تَعَالَى ذكره: {فَمنهمْ من قضى نحبه} . لِأَنَّهُ فرغ مِمَّا أوجب على نَفسه لله تَعَالَى ذكره، مِمَّا كَانَ عاهده أَن يبلي فِي جهاده الْمُشْركين، وأبلى بَعضهم من

(1/337)


نَفسه، وعاش منتظرا نصر الله، وَالظفر، وهم الَّذين قَالَ فيهم - تَعَالَى ذكره -: {وَمِنْهُم من ينْتَظر} .
وَبِالَّذِي قُلْنَا من ذَلِك وَردت الْأَخْبَار، عَن أَصْحَاب رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -.
(" ذكر من وَردت عَنهُ الْأَخْبَار بذلك مِنْهُم ")

627 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن بكر، قَالَ: حَدثنَا حميد، قَالَ: زعم أنس بن مَالك، قَالَ: " غَابَ أنس بن النَّضر عَن قتال يَوْم بدر، فَقَالَ: غبت عَن قتال رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمُشْركين {لَئِن أشهدني الله قتالا ليرين مَا أصنع} فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد انْكَشَفَ الْمُسلمُونَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ {إِنِّي أَبْرَأ إِلَيْك مِمَّا جَاءَ بِهِ هَؤُلَاءِ - يَعْنِي الْمُشْركين - وأعتذر إِلَيْك مِمَّا صنع هَؤُلَاءِ - يَعْنِي الْمُسلمين - فَمشى بِسَيْفِهِ، فَلَقِيَهُ سعد بن معَاذ، فَقَالَ: أَي سعد} إِنِّي لأجد ريح الْجنَّة دون أحد، فَقَالَ سعد: يَا رَسُول الله! فَمَا اسْتَطَعْت أَن أصنع مَا صنع. قَالَ أنس: فوجدناه بَين الْقَتْلَى بِهِ بضع وَثَمَانُونَ جِرَاحَة: من ضَرْبَة بِسيف، وطعنة بِرُمْح، ورمية بِسَهْم، فَمَا عَرفْنَاهُ، حَتَّى عَرفته أُخْته ببنانه. قَالَ أنس: فَكُنَّا نتحدث أَن هَذِه الْآيَة {من الْمُؤمنِينَ

(1/338)


رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ} : نزلت فِيهِ، وَفِي أَصْحَابه.
628 - حَدثنَا سوار بن عبد الله، قَالَ: حَدثنَا الْمُعْتَمِر بن سُلَيْمَان، قَالَ: سَمِعت حميدا يحدث عَن أنس بن مَالك أَن أنس بن النَّضر تغيب عَن قتال بدر، فَقَالَ: " تغيبت عَن أول مشْهد شهده رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - {لَئِن رَأَيْت قتالا ليرين الله مَا أصنع. فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحد، وَهزمَ النَّاس، لَقِي سعد بن معَاذ، فَقَالَ: وَالله} إِنِّي لأجد ريح الْجنَّة! فَتقدم، فقاتل حَتَّى قتل ". فَنزلت فِيهِ هَذِه الْآيَة: {من الْمُؤمنِينَ رجال صدقُوا مَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ، فَمنهمْ من قضى نحبه، وَمِنْهُم من ينْتَظر} .

(1/339)


وَقد قيل: إِنَّه عَنى بالنحب فِي هَذَا الْموضع: الْمَوْت. وَكَأن من قَالَ ذَلِك وَجه معنى قَوْله: " فَمنهمْ من قضى نحبه " إِلَى فَمنهمْ من مَاتَ على التَّصْدِيق وَالْإِيمَان وَالْوَفَاء لله بِمَا عاهده عَلَيْهِ.
وَمن النحب بِمَعْنى الْمَوْت: قَول الشَّاعِر:
(قضى نحبه فِي ملتقى الْقَوْم هوبر ... )

يَعْنِي بقوله: قضى نحبه: فرغ من خُرُوج نَفسه.
وللنحب - أَيْضا - معنى غير ذَلِك: وَهُوَ الْخطر الْعَظِيم. وَمِنْه قَول: جرير بن عَطِيَّة:
(بطخفة جالدنا الْمُلُوك، وخيلنا ... عَشِيَّة بسطَام، جرين على نحب)

يَعْنِي بقوله: على نحب: على خطر عَظِيم. وَقد كَانَ بَعضهم يَقُول: مَعْنَاهُ على نذر. وَأما التنحيب: فَإِن لَهُ مَعْنيين: أَحدهمَا: الخطار، وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(وَإِذ نحبت كلب على النَّاس أَيهمْ ... أَحَق بتاج الْمَاجِد المتكرم)

وَالْآخر: الْمَدّ فِي السّير. يُقَال مِنْهُ: نحب فلَان فِي سيرة يَوْمه أجمع: إِذا مد فَلم ينزل يَوْمه وَلَيْلَته، فَهُوَ ينحب فِيهِ تنحيبا.
(" ذكر مَا صَحَّ عندنَا سَنَده من حَدِيث يحيى بن طَلْحَة بن عبيد الله عَن أَبِيه عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ")

629 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا يُونُس بن بكير، عَن

(1/340)


طَلْحَة بن يحيى، عَن يحيى وَعِيسَى ابْني طَلْحَة، عَن أَبِيهِمَا، قَالَ: " مر على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِبَعِير، قد وسم فِي وَجهه، فَقَالَ: " لَو أَن أهل هَذَا عدلوا النَّار عَن وَجه هَذِه الدَّابَّة. فَقلت: لأسمن فِي أبعد مَكَان من وَجههَا، فوسمت فِي عجب الذَّنب حَلقَة ".
(" القَوْل فِي علل هَذَا الْخَبَر ")

وَهَذَا خبر - عندنَا - صَحِيح سَنَده، وَقد يجب أَن يكون على مَذْهَب الآخرين، سقيما غير صَحِيح لعلتين:
إِحْدَاهمَا: أَنه خبر لَا يعرف لَهُ عَن طَلْحَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مخرج إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَالْخَبَر إِذا انْفَرد بِهِ - عِنْدهم - مُنْفَرد وَجب التثبت فِيهِ.
وَالثَّانيَِة: أَن رِوَايَة " طَلْحَة بن يحيى، وَفِي رِوَايَة طَلْحَة - عِنْدهم - نظر!
وَقد وَافق طَلْحَة بن يحيى فِي رِوَايَة هَذَا الْخَبَر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جمَاعَة من أَصْحَابه نذْكر مَا صَحَّ من ذَلِك - عندنَا - سَنَده، ثمَّ نتبع جَمِيعه الْبَيَان، إِن شَاءَ الله.
(" ذكر ذَلِك ")

630 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن سعيد، قَالَ:

(1/341)


حَدثنَا ابْن جريج، قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو الزبير، أَنه سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الوسم فِي الْوَجْه ".
631 - وحَدثني ابْن عبد الرَّحِيم البرقي، قَالَ: حَدثنَا عَمْرو بن أبي سَلمَة، عَن إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، قَالَ: حَدثنِي ابْن جريج، عَن أبي الزبير، عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الوسم فِي الْوَجْه، وَالضَّرْب فِي الْوَجْه ".
632 - وحَدثني مُحَمَّد بن معمر، قَالَ: حَدثنَا حميد بن حَمَّاد، قَالَ: حَدثنَا ابْن جريج، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن توسم الدَّابَّة فِي وَجههَا أَو تضرب على وَجههَا ".
633 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن،
634 - وَحدثنَا يُوسُف بن مُوسَى الْقطَّان، قَالَ: حَدثنَا وَكِيع،
635 - وحَدثني الْحسن بن الزبْرِقَان النَّخعِيّ، قَالَ: حَدثنَا أَبُو

(1/342)


أُسَامَة: جَمِيعًا، عَن سُفْيَان، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر بِحِمَار يدخن منخراه، قد وسم فِي وَجهه. فَقَالَ: لعن الله من فعل هَذَا، لَا يوسمن الْوَجْه، وَلَا يضربن الْوَجْه ".
636 - وَحدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، قَالَ: حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، قَالَ: حَدثنِي سُفْيَان، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا يسمن أحد فِي الْوَجْه ".
637 - وَحدثنَا إِسْحَاق بن زيد الْخطابِيّ، قَالَ: حَدثنَا الْفرْيَابِيّ، عَن سُفْيَان، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، قَالَ: " رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حمارا قد وسم وَجهه، يدخن منخراه، فَقَالَ: لعن الله من فعل هَذَا. ألم أَنه أَلا يسم أحد الْوَجْه، وَلَا يضْرب الْوَجْه ".
638 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم، قَالَ: أخبرنَا ابْن جريج، قَالَ: أخبرنَا عَمْرو بن دِينَار: " أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مر بِحِمَار يدخن أَنفه، قد وسم فِي أَنفه! قَالَ: فلعن من

(1/343)


وسم هَذَا ". قَالَ: قلت: عَن من؟ قَالَ: لَا أَدْرِي.
639 - وَحدثنَا مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيّ، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّزَّاق، قَالَ: أخبرنَا معمر، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن ثَوْبَان، عَن جَابر بن عبد الله. قَالَ: " رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حمارا قد وسم فِي وَجهه، فَقَالَ: لعن الله من فعل هَذَا ".
640 - وحَدثني سعيد بن عَمْرو الْحِمصِي، قَالَ: حَدثنَا بَقِيَّة بن الْوَلِيد، قَالَ: حَدثنِي صَفْوَان بن عَمْرو، قَالَ: حَدثنِي مَاعِز التَّمِيمِي، عَن جَابر بن عبد الله، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه رأى حمارا، قد وسم فِي وَجهه، فلعن من فعل ذَلِك ".
641 - حَدثنِي مُحَمَّد بن عَوْف، قَالَ: حَدثنَا حَيْوَة، قَالَ: حَدثنَا بَقِيَّة، قَالَ: حَدثنِي صَفْوَان، عَن مَاعِز التَّمِيمِي، عَن جَابر بن عبد الله، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه رأى حمارا، قد وسم فِي وَجهه، فلعن من فعل ذَلِك ".
642 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنِي عبيد الله بن مُوسَى، قَالَ: أخبرنَا ابْن أبي ليلى، عَن عَطِيَّة، عَن أبي سعيد، قَالَ: " رأى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حمارا موسوما فِي وَجهه، فسب وَلعن

(1/344)


من فعل ذَلِك بِهِ، وَنهى أَن يضْرب الْوَجْه أَو يوسم الْوَجْه ".
643 - وحَدثني سعيد بن عَمْرو السكونِي، قَالَ: حَدثنَا بَقِيَّة بن الْوَلِيد، قَالَ: حَدثنِي الْمعَافى بن عمرَان، عَن حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان، عَن سَالم وَنَافِع، عَن ابْن عمر، قَالَ: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يضْرب على الصُّور - وَقَالَ أَحدهمَا: وَنهى أَن يوسم على الصُّور ".
644 - وَحدثنَا أَحْمد بن عبد الرَّحْمَن بن وهب، قَالَ: حَدثنَا عمي عبد الله بن وهب، قَالَ: أَخْبرنِي عَمْرو بن الْحَارِث، عَن يزِيد بن أبي حبيب، أَن نَاعِمًا أَبَا عبد الله مولى أم سَلمَة، حَدثهُ، أَنه سمع ابْن عَبَّاس يَقُول: " رأى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حمارا مَوْسُوم الْوَجْه، فَأنْكر ذَلِك. قَالَ الرجل: وَالله لَا أُسَمِّهِ إِلَّا فِي أقْصَى شَيْء من الْوَجْه، فَأمر بِحِمَار لَهُ، فكوي فِي جَاعِرَتَيْهِ، فَهُوَ أول من كوى الْجَاعِرَتَيْنِ ".

(1/345)


645 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا رشدين بن سعد، عَن عَمْرو بن الْحَارِث وَالْحسن بن ثَوْبَان، عَن يزِيد بن أبي حبيب، أَن نَاعِمًا أَبَا عبد الله - مولى أم سَلمَة - حَدثهُ أَنه سمع ابْن عَبَّاس، يَقُول: " إِن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى حمارا مَوْسُوم الْوَجْه، فَأنْكر ذَلِك. فَقَالَ الْعَبَّاس: لَا أُسَمِّهِ إِلَّا فِي أقْصَى شَيْء من الْوَجْه، فَأتي بِحِمَار لَهُ فكوى جَاعِرَتَيْهِ، فَهُوَ أول من كوى الْجَاعِرَتَيْنِ ".
646 - حَدثنَا مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحسن بن شَقِيق الْمروزِي، قَالَ: سَمِعت أبي يَقُول: أخبرنَا أَبُو حَمْزَة، عَن عبد الْكَرِيم، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعن من يسم فِي الْوَجْه ".
647 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا عُثْمَان بن عمر، قَالَ: أخبرنَا عُثْمَان بن مرّة، عَن عِكْرِمَة، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " كَانَ الْعَبَّاس يسير مَعَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على بعير قد وسم خديه بحلقتين، فَقَالَ: " مَا هَذَا الميسم يَا عَبَّاس {" فَقَالَ: هَذَا ميسم كُنَّا نسمه فِي الْجَاهِلِيَّة} فَقَالَ: " لَا تسموا بالخدين ". فَقَالَ الْعَبَّاس: لَا جرم، لَا أسم إِلَّا بأقصى عظم مِنْهُ، فوسم بالجاعرتين ".
648 - حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، قَالَ:

(1/346)


أخبرنَا أَيُّوب، عَن عِكْرِمَة، قَالَ: " كَانَ الْعَبَّاس يسم فِي الْوَجْه، فَلَمَّا نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الوسم فِي الْوَجْه. قَالَ: لأسمن فِي أبعد مَكَان فِيهَا. قَالَ: فَكَانَ يسم فِي الْجَاعِرَتَيْنِ ".
649 - وحَدثني يَعْقُوب، قَالَ: حَدثنَا ابْن علية، قَالَ: أخبرنَا خَالِد، عَن عِكْرِمَة، قَالَ: " نهي عَن إخصاء الْبَهَائِم ووسمها فِي الْوَجْه ".
650 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا هَارُون بن الْمُغيرَة، عَن عَمْرو بن أبي قيس، عَن شُعَيْب بن خَالِد البَجلِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن عبيد الله بن عبد الله، عَن ابْن عَبَّاس: " أَن الْعَبَّاس وسم بَعِيرًا لَهُ فِي وَجهه، فَقَالَ لَهُ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تسم فِي الْوَجْه، وَأَنت عمي! " فَقَالَ الْعَبَّاس: لأسمنه فِي أبعد مَكَان من الْوَجْه، فوسم فِي الْجَاعِرَتَيْنِ ".
651 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد سُلَيْمَان بن دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب، قَالَ: أَخْبرنِي جَعْفَر بن تَمام بن الْعَبَّاس، عَن جده الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(1/347)


نهى عَن الوسم فِي الْوَجْه. فَقَالَ الْعَبَّاس: لَا أسم إِلَّا فِي آخر
عظم. قَالَ: فوسم فِي الْجَاعِرَتَيْنِ ".
652 - وَحدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق بن سُلَيْمَان، عَن ابْن أبي ذِئْب، عَن جَعْفَر بن تَمام، عَن الْعَبَّاس، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثلِهِ.
653 - وحَدثني مُحَمَّد بن مَرْزُوق الْبَصْرِيّ، قَالَ: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن الْحجَّاج، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن الْمثنى الْأنْصَارِيّ، قَالَ: حَدثنَا ثُمَامَة، عَن أنس: " أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رأى حمارا قد وسم فِي وَجهه، فَقَالَ: لعن الله من فعل هَذَا ".
(" القَوْل فِي الْبَيَان عَمَّا فِي هَذَا الْخَبَر من الْفِقْه ")

وَالَّذِي فِيهِ من ذَلِك: كَرَاهَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسم الْبَهَائِم فِي وجوهها من غير تَصْرِيح مِنْهُ بِالنَّهْي عَن ذَلِك.

(1/348)


وَذَلِكَ أَنه قَالَ فِيمَا رُوِيَ عَن طَلْحَة، عَنهُ: " لَو أَن أهل هَذَا عدلوا النَّار عَن وَجه هَذِه الْبَهَائِم ". وَلم يقل: اعدلوا {وَلَا قَالَ: لَا تسموها فِي الْوَجْه.
وَأما الْأَخْبَار الْأُخَر الَّتِي ذَكرنَاهَا عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأَنَّهُ نهى عَن الوسم فِي الْوَجْه، وَأَنه لعن من وسم فِي الْوَجْه، فقد بيّنت تَصْرِيح النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالنَّهْي عَن الوسم فِي الْوَجْه، فَغير جَائِز لأحد عرف نهي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الوسم فِي الْوَجْه، أَن يسم من بَهِيمَة من الْبَهَائِم وَجههَا.
فَإِن قَالَ لنا قَائِل: فَإِن كَانَ غير جَائِز وسمها فِي وجوهها، فَأَيْنَ الْموضع الْجَائِز وسمها مِنْهَا، إِن كَانَ ذَلِك جَائِزا؟ وَمَا الْبُرْهَان على أَن وسمها جَائِز؟ وَقد علمت أَن ذَلِك لَهَا تَعْذِيب؛ إِذْ كَانَ ذَلِك إحراقا لبَعض أَجْزَائِهَا بالنَّار؟
قيل: أما الدَّلِيل على أَن وسمها جَائِز، فالأخبار المتظاهرة عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه، وَالتَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَان، أَنهم وَسموا وأجازوا وسمها.
وَأما الْموضع الْجَائِز وسمها مِنْهَا، فَحَيْثُ شَاءَ مِنْهَا رَبهَا إِذا عدا بِهِ وَجههَا وَإِن كَانَ أحب الْأَمَاكِن إِلَيّ أَن يسم فِيهِ من الْإِبِل، والحمر، وَالْبِغَال، وَنَحْو ذَلِك: جاعرتاها، وَمن الْغنم آذانها.
فَإِن قَالَ: فاذكر لنا الْأَخْبَار الَّتِي ذكرت أَنَّهَا وَردت عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَن أَصْحَابه، وَغَيرهم بِأَنَّهُم وَسموا} قيل:
654 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن ابْن عون، عَن مُحَمَّد، عَن أنس، قَالَ: " لما ولدت أم سليم، قَالَت: يَا أنس! أنظر هَذَا الْغُلَام، فَلَا تصيبن شَيْئا حَتَّى تغدوا بِهِ إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحنكه، قَالَ: فَغَدَوْت، فَإِذا هُوَ فِي الْحَائِط،

(1/349)


وَعَلِيهِ خميصة حوتكية، وَهُوَ يسم الظّهْر الَّذِي قدم عَلَيْهِ ".
قَالَ أَبُو جَعْفَر: حوتك: قَبيلَة من قبائل الْيمن.
655 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن هِشَام بن زيد، قَالَ: سَمِعت أنس بن مَالك، يحدث: " أَن أمه حِين ولدت انْطَلقُوا بِالصَّبِيِّ إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يحنكه، فَإِذا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي مربد يسم غنما. قَالَ شُعْبَة: وأكبر علمي أَنه قَالَ: فِي آذانها ".
656 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا ابْن إِدْرِيس، قَالَ: أخبرنَا شُعْبَة، عَن هِشَام بن زيد، عَن جده أنس بن مَالك، قَالَ: " دخلت مربدا لنا فَإِذا رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يسم غنما فِي آذانها ".
657 - وحَدثني مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْأنمَاطِي، قَالَ: حَدثنِي عبد الْعَزِيز بن عمرَان ابْن ابْنة سعيد بن أبي أَيُّوب، قَالَ: حَدثنَا ابْن وهب، قَالَ: حَدثنِي زيد بن الْحباب، عَن سُلَيْمَان بن الْمُغيرَة، عَن ثَابت، عَن أنس بن مَالك، قَالَ: " رَأَيْت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي المربد، وَفِي يَده ميسم ".

(1/350)


658 - وَحدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا الْعَلَاء بن الْفضل بن عبد الْملك بن أبي السوية الْمنْقري، أَبُو الْهُذيْل، قَالَ: حَدثنِي عبيد الله بن عكراش، عَن أَبِيه عكراش بن ذُؤَيْب، قَالَ: " بَعَثَنِي بَنو مرّة بن عبيد بصدقات أَمْوَالهم إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقدمت عَلَيْهِ بِإِبِل كَأَنَّهَا عروق الأرطى فَأمر بهَا أَن توسم ميسم إبل الصَّدَقَة، فتضم إِلَيْهَا ".
(" ذكر من رُوِيَ عَنهُ من السّلف أَنه وسم أَو أذن فِي ذَلِك ")

659 - حَدثنَا الْحسن بن الصَّباح الْبَزَّار، قَالَ: حَدثنَا الحنيني إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا أُسَامَة بن زيد، عَن أَبِيه، عَن جده، قَالَ: " جَاءَ عمر بن الْخطاب إِلَى أبي بكر فِي خِلَافَته، فَقَالَ: تركت خَالِدا قد أكل الشَّام {لَا يأتينك مِنْهَا دِينَار، وَلَا دِرْهَم} فَقَالَ أَبُو بكر: إِن خَالِدا قد كفاني مَا هُنَاكَ! قَالَ: فَقَالَ لَهُ عمر: لَا تفعل. اكْتُبْ إِلَيْهِ: أَن يضع ميسم الْجِزْيَة على الْجِزْيَة، وميسم الصَّدَقَة على الصَّدَقَة، وَلَا ينْفق دِينَارا وَلَا درهما إِلَّا بإذنك. أَو قَالَ بعلمك. قَالَ: فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: أكتب على لساني، قَالَ: فَكتب إِلَيْهِ عمر:

(1/351)


بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
من عبد الله بن أبي بكر أَمِير الْمُؤمنِينَ إِلَى خَالِد بن الْوَلِيد:
سَلام عَلَيْك. أما بعد: فَإِذا جَاءَك كتابي هَذَا فضع ميسم الْجِزْيَة على الْجِزْيَة، وميسم الصَّدَقَة على الصَّدَقَة، وَلَا تنْفق دِينَارا وَلَا درهما إِلَّا بعلمي ".
فَإِن قَالَ: فَهَل من خبر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أوضح بِإِطْلَاقِهِ وسم الْبَهَائِم فِي غير وجوهها، أَنه حد للوسم من أعضائها؟
قيل: نعم {وَقد ذكرنَا الرِّوَايَة عَنهُ أَنه وسم الْغنم فِي آذانها.
فَإِن قَالَ: فَهَل من خبر عَنهُ أَنه وسم أَو أَنه أطلق وسم شَيْء من الْبَهَائِم فِي غير الآذان سوى الْغنم؟
قيل: نعم} وَلَكِن فِي أَسَانِيد بعضه نظرا؛ وَإِن كَانَ النّظر يُؤَيّدهُ ويصححه {} فَإِن قَالَ: فاذكر لنا لنعرفه على مَا فِيهِ. قيل: -
660 - حَدثنِي إِسْحَاق بن وهب الوَاسِطِيّ، قَالَ: حَدثنَا يَعْقُوب بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنِي عُيَيْنَة بن عَاصِم، عَن أَبِيه، عَن جده وعمومته، عَن نقادة، قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله {إِنِّي أسم} قَالَ: وَلم أرك تسم فِي الْوَجْه! لَا تحرق وُجُوه الْعَجم. قَالَ: قلت: فَأَيْنَ أسم؟

(1/352)


قَالَ: فِي مَوضِع الْجَرِير من السالفة ".
661 - حَدثنَا عَمْرو بن عَليّ الْبَاهِلِيّ، قَالَ: حَدثنَا عون بن الحكم الْبَاهِلِيّ، قَالَ: حَدثنِي زِيَاد بن قريع - أحد بني غيلَان بن جاوة - عَن أَبِيه، عَن جُنَادَة بن جَراد - أحد بني غيلَان بن جاوة - قَالَ: " أتيت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِإِبِل قد وسمتها فِي آنفها. فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: يَا جُنَادَة {أما وجدت فِيهَا عظما تسمه إِلَّا فِي الْوَجْه؟ أما إِن أمامك الْقصاص} قلت: أمرهَا إِلَيْك يَا رَسُول الله! قَالَ: إئتني مِنْهَا بِشَيْء لَيْسَ عَلَيْهِ وسم. فَأَتَيْته بِابْن لبون وحقة فَوضعت الميسم حِيَال الْعُنُق، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أخر

(1/353)


أخر. فَلم يزل يَقُول: أخر أخر، حَتَّى بلغ الْفَخْذ، فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " سم على بَركت الله، فوسمتها على أفخاذها، وَكَانَت صدقتها حقتين، وَكَانَت تسعين ".
قَالَ أَبُو جَعْفَر: هَذَا غلط؛ لِأَن الحقة إِنَّمَا تجب فِي إِحْدَى وَتِسْعين!
وَبِكُل الَّذِي قُلْنَا مِمَّا أطلقنا الوسم فِيهِ من أَعْضَاء الْبَهَائِم أَو نهينَا عَن الوسم فِيهِ مِنْهَا، قَالَ جمَاعَة السّلف من الصَّحَابَة، وَالتَّابِعِينَ، وَغَيرهم من عُلَمَاء الْأمة.
(" ذكر الرِّوَايَة بذلك عَمَّن حَضَرنَا ذكره مِنْهُم ")

662 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا مُصعب بن الْمِقْدَام، قَالَ: حَدثنَا دَاوُد بن نصير الطَّائِي، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عمر، أَنه قَالَ: " لَا توسم الدَّوَابّ على الْوُجُوه، وَلَا تضرب على الْوُجُوه ".

(1/354)


663 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا هشيم، قَالَ الْمُغيرَة: أخبرنَا عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: " كَانُوا يكْرهُونَ أَن توسم العجماء فِي وَجههَا أَو تلطم فِي وَجههَا ".
664 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي عدي وَسَهل، عَن حميد، عَن الْحسن: " أَنه كره أَن تضرب وُجُوه الدَّوَابّ أَو توسم فِي وجوهها ".
665 - حَدثنِي مُحَمَّد بن عَوْف الطَّائِي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْمُغيرَة، قَالَ: حَدثنَا صَفْوَان: " إِن الْخَيل الَّتِي حمل عَلَيْهَا عمر بن عبد الْعَزِيز فِي سَبِيل الله خرجت من عِنْده قد وسمت فِي أفخاذها عدَّة لله ".
(" القَوْل فِي الْبَيَان عَمَّا فِي هَذِه الْأَخْبَار من الْغَرِيب ")

فَمن ذَلِك قَول طَلْحَة بن عبيد الله: " فوسمت فِي عجب الذَّنب حَلقَة ": يَعْنِي بعجب الذَّنب: طرف الصلب، وَهُوَ من ابْن آدم: الْعظم الَّذِي يقْعد عَلَيْهِ: وَهُوَ العصعص يُقَال لباطنه: الفحفح، ولظاهره: الْعجب، وإياه عَنى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بقوله: " يبْلى من ابْن آدم كل شَيْء غير عجب الذَّنب، وَمِنْه يركب الْخلق ".

(1/355)


وَأما قَول ابْن عَبَّاس: " فَقَالَ الْعَبَّاس: لَا أُسَمِّهِ إِلَّا فِي أقْصَى شَيْء من الْوَجْه، فَأتي بِحِمَار لَهُ فكوى جَاعِرَتَيْهِ، فَهُوَ أول من كوى الْجَاعِرَتَيْنِ ". فَإِن الجاعرة من ابْن آدم عظم طرف الورك، وَهِي من كل دَابَّة وحمار حَيْثُ يرقمه البيطار. وَمِنْه قَول ابْن عَبَّاس لبَعض النَّاس وحسر عَن ذِرَاعَيْهِ: " ليبلغ ذَاك مِنْك جاعرتيك " يَعْنِي ذَلِك الْموضع مِنْهُ.
وَأما قَول عكراش بن ذُؤَيْب: " فَقدمت عَلَيْهِ بِإِبِل كَأَنَّهَا عروق الأرطى ". فَإِن الأرطى: جمع أَرْطَاة، وَهِي شَجَرَة تنْبت فِي الرمل لَا تكَاد تنْبت إِلَّا فِيهِ، وَهِي شَجَرَة مستطيلة الْوَرق، كالخلاف. وَإِيَّاهَا عَنى الطرماح بقوله:
(وآواه جنح اللَّيْل ذرو ألاءة ... وأرطاة حقف بَين كسري سنائن)

وَكَذَلِكَ الْأَعْشَى فِي قَوْله:
(يلوذ إِلَى أَرْطَأَة حقف يضمه ... خريق شمال تتْرك الْوَجْه أقتما)

وَأرى عكراشا إِنَّمَا شبه الْإِبِل بقوله: كَأَنَّهَا عروق الأرطى، بعروق الأرطى فِي ألوانها.
وَأما قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لنقادة: " لَا تحرق وُجُوه الْعَجم ". فَإِن الْعَجم: جمع عجماء، والعجماء: صفة لكل بَهِيمَة، وَإِنَّمَا قيل ذَلِك لَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تنطق، فتفصح: يُقَال للذّكر: أعجم، وللأنثى عجماء. وَمِنْه قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " العجماء جرحها جَبَّار ".

(1/356)


وَأما قَول النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لنقادة - إِذْ قَالَ لَهُ: فَأَيْنَ أسم -: " فِي مَوضِع الْجَرِير من السالفة ". فَإِن الْجَرِير: كل حَبل مضفور.
وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
(يجرره الصَّبِي بِكُل سهب ... ويحبسه على الْخَسْف الْجَرِير)

وَأما السالفة: فَإِن السالفة من ابْن آدم: هُوَ مَوضِع متذبذب القرط من الْمَرْأَة، وَهِي صفحة الْعُنُق. وَمن ذَلِك قَول الراجز:
(قبحت من سالفة وَمن قفا ... عبد إِذا مَا رسب الْقَوْم طفا)

(" ذكر خبر آخر من أَخْبَار يحيى بن طَلْحَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ")

666 - حَدثنِي سُلَيْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن حَمَّاد الطلحي، قَالَ: حَدثنِي أبي عبد الرَّحْمَن بن حَمَّاد، قَالَ: حَدثنِي طَلْحَة بن يحيى، عَن أَبِيه، عَن طَلْحَة بن عبيد الله، قَالَ: " دخلت على النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي يَده سفرجلة يقلبها، فَقَالَ لي النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " دونكها يَا أَبَا مُحَمَّد! فَإِنَّهَا تجم الْفُؤَاد ".

(1/357)


667 - وحَدثني عَليّ بن عِيسَى الْبَزَّار، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن حَمَّاد، قَالَ: حَدثنَا طَلْحَة بن يحيى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه، عَن طَلْحَة بن عبيد الله، قَالَ: " دخلت على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَفِي يَده سفرجلة، فألقاها إِلَيّ - أَو قَالَ - رمى بهَا إِلَيّ وَقَالَ: " دونكها يَا أَبَا مُحَمَّد! فَإِنَّهَا تجم الْفُؤَاد ".

(1/358)


(" القَوْل فِي علل هَذَا الْخَبَر ")

وَهَذَا خبر - عندنَا - صَحِيح سَنَده (!) وَقد يجب أَن يكون على مَذْهَب الآخرين سقيما غير صَحِيح، لعلتين:
إِحْدَاهمَا: أَنه خبر لَا يعرف لَهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مخرج يَصح إِلَّا من رِوَايَة ولد طَلْحَة، عَنهُ.
وَالثَّانيَِة: أَنه من رِوَايَة طَلْحَة بن يحيى، وَفِي نقل طَلْحَة بن يحيى - عِنْدهم - نظر.
وَقد رُوِيَ هَذَا الْخَبَر عَن طَلْحَة بن عبيد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من غير هَذَا الْوَجْه.
(" ذكر ذَلِك ")

668 - حَدثنِي مُحَمَّد بن عَمْرو بن تَمام الْكَلْبِيّ، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَيُّوب بن عِيسَى بن مُوسَى بن طَلْحَة بن عبيد الله، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن جدي، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه طَلْحَة بن عبيد الله، قَالَ: " أتيت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَهُوَ فِي نفر من أَصْحَابه، وَفِي يَده سفرجلة يقلبها، فَلَمَّا جَلَست إِلَيْهِ، دحا بهَا نحوي، ثمَّ قَالَ لي:

(1/359)


" دونكها أَبَا مُحَمَّد {فَإِنَّهَا تشد الْقلب، وتطيب النَّفس "}
(" ذكر خبر آخر من أَخْبَار يحيى بن طَلْحَة عَن أَبِيه عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ")

669 - حَدثنِي أَحْمد بن مَنْصُور، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن الْخَلِيل، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن مسْهر، قَالَ: حَدثنَا مطرف، عَن الشّعبِيّ، عَن يحيى بن طَلْحَة بن عبيد الله، عَن أَبِيه، أَن عمر رَآهُ كئيبا، فَقَالَ: مَالك يَا أَبَا مُحَمَّد؟ {لَعَلَّك ساءك أَمر ابْن عمك؟ - يَعْنِي أَبَا بكر - قَالَ: لَا - وَأثْنى على أبي بكر - وَلَكِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " كلمة لَا يَقُولهَا عبد عِنْد مَوته إِلَّا فرج الله عَنهُ كربته، وأشرق لَونه " فَمَا مَنَعَنِي أَن أسأله عَنْهَا إِلَّا الْقُدْرَة عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ. فَقَالَ عمر: إِنِّي لأعلمها} فَقَالَ لَهُ طَلْحَة: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: هَل تعلم كلمة أعظم من كلمة أَمر بهَا عَمه: لَا إِلَه إِلَّا الله؟ قَالَ: فَقَالَ طَلْحَة: هِيَ وَالله هِيَ ".

(1/360)


(" القَوْل فِي علل هَذَا الْخَبَر ")

وَهَذَا خبر - عندنَا - صَحِيح سَنَده، وَقد يجب أَن يكون على مَذْهَب الآخرين سقيما غير صَحِيح، لعلل:
إِحْدَاهَا: أَنه خبر لَا يعرف لَهُ مخرج عَن يحيى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَصح إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
وَالثَّانيَِة: أَنه خبر قد حدث بِهِ عَن الشّعبِيّ غير مطرف فَاخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ بَعضهم فِيهِ: عَنهُ، عَن يحيى بن طَلْحَة، عَن أمه سعدى المرية، عَن طَلْحَة. وَقَالَ بَعضهم فِيهِ: عَن رجل، عَن سعدى، عَن طَلْحَة.
وَالثَّالِثَة: أَن بعض من روى ذَلِك، قَالَ: الَّذِي مر بطلحة وَكَلمه هَذَا الْكَلَام الَّذِي ذكر فِي هَذَا الْخَبَر عَن عمر، إِنَّمَا كَانَ أَبَا بكر لَا عمر {قَالُوا: وَفِي ذَلِك دَلِيل من اضْطِرَاب الْأَمر فِيهِ، وعَلى وهائه.
وَالرَّابِعَة: أَن الْمَعْرُوف من هَذَا الْخَبَر من رِوَايَة الثِّقَات: إِنَّمَا هُوَ عَن عُثْمَان وَأبي بكر، لَا عَن طَلْحَة وَعمر - رَحْمَة الله عَلَيْهِم.
وَالْخَامِسَة: أَنه خبر لم يسمعهُ يحيى بن طَلْحَة من أَبِيه، وَإِنَّمَا رَوَاهُ عَن أمه، عَن أَبِيه}

(1/361)


(" ذكر من حدث هَذَا الحَدِيث عَن الشّعبِيّ فَقَالَ فِيهِ: عَنهُ عَن يحيى بن طَلْحَة عَن أمه سعدى المرية عَن طَلْحَة ")

670 - حَدثنَا هَارُون بن إِسْحَاق الْهَمدَانِي، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الْوَهَّاب القناد، عَن مسعر بن كدام، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، عَن الشّعبِيّ، عَن يحيى بن طَلْحَة، عَن أمه سعدى المرية قَالَت: " مر عمر بطلحة بعد وَفَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " مَالك مكتئبا؟ أساءك إمرة ابْن عمك؟ " قَالَ: لَا. وَلَكِن سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِنِّي لأعْلم كلمة لَا يَقُولهَا عبد عِنْد مَوته إِلَّا كَانَت نورا لصحيفته، وَإِن جسده وروحه ليجدان لَهَا روحا عِنْد الْمَوْت، فَقبض، وَلم أسأله؟ فَقَالَ: أَنا أعلمها! هِيَ الَّتِي أَرَادَ عَلَيْهَا عَمه، وَلَو علم أَن شَيْئا أنجا لَهُ مِنْهَا لأَمره ".
(" ذكر من حدث هَذَا الحَدِيث فَقَالَ فِيهِ: عَن الشّعبِيّ عَن رجل عَن سعدى امْرَأَة طَلْحَة ")

671 - حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن الرّبيع أَبُو زيد، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد، قَالَ: سَمِعت الشّعبِيّ، عَن رجل، عَن سعدى امْرَأَة طَلْحَة، أَن عمر مر حِين اسْتخْلف أَبُو بكر - بطلحة، فَقَالَ: مَالِي أَرَاك كئيبا لَعَلَّك كرهت إمرة ابْن عمك؟

(1/362)


قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي سَمِعت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ كلمة لم أسأله عَنْهَا حَتَّى مَاتَ وَقبض {قَالَ: إِنِّي لأعْلم كلمة لَا يَقُولهَا رجل عِنْد مَوته إِلَّا كَانَت لَهُ نورا فِي صَحِيفَته، وَإِن روحه وَجَسَده ليجدان لَهَا رَاحَة عِنْد مَوته} فَقَالَ عمر: إِنِّي لأعْلم مَا هِيَ: لَا إِلَه إِلَّا الله؛ هِيَ الْكَلِمَة الَّتِي أَرَادَ عَمه عَلَيْهَا. قَالَ: لَا أَرَاهَا إِلَّا إِيَّاهَا ".
(" ذكر من حدث هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: إِنَّمَا كَانَت هَذِه المحاورة بَين طَلْحَة وَأبي بكر ")

672 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن شَقِيق، قَالَ: حدثت أَن أَبَا بكر لَقِي طَلْحَة بن عبيد الله، فَقَالَ: مَالِي أَرَاك أَصبَحت واجما؟ فَقَالَ: كلمة سَمعتهَا من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يزْعم أَنَّهَا مُوجبَة! فَلم أسأله عَنْهَا. فَقَالَ أَبُو بكر: قد علمت مَا هِيَ، قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: لَا إِلَه إِلَّا الله ".
(" ذكر من حدث هَذَا الحَدِيث فَجعل هَذِه الْقِصَّة خَبرا عَن أبي بكر وَعُثْمَان رَحْمَة الله عَلَيْهِمَا ")

673 - حَدثنِي هِلَال بن الْعَلَاء الرقي، قَالَ: حَدثنَا سعيد بن عبد

(1/363)


الْملك الْحَرَّانِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سَلمَة، عَن أبي عبد الرَّحْمَن، عَن زيد بن أبي أنيسَة، عَن عبد الله بن مُحَمَّد بن عقيل، عَن أبان بن عُثْمَان، عَن عُثْمَان، قَالَ: " مر أَبُو بكر بعثمان، وَهُوَ فِي الْمَسْجِد، وَهُوَ يحدث نَفسه، فَسلم عَلَيْهِ، فَلم يرجع إِلَيْهِ السَّلَام {قَالَ: ثمَّ مر بِهِ عمر، فَسلم عَلَيْهِ، فَلم يرجع إِلَيْهِ السَّلَام} قَالَ: فَأتى عمر أَبَا بكر، فَقَالَ لَهُ: مَرَرْت قبيلا بعثمان، فَسلمت عَلَيْهِ، فَلم يرجع إِلَيّ سَلاما {قَالَ: وَبِي - وَالله} - فعل مثل ذَلِك {قَالَ: فَاذْهَبْ إِلَيْهِ، فَادعه. قَالَ: فَذهب إِلَيْهِ عمر، فَقَالَ: إِن أَخَاك يُرِيدُكَ. قَالَ: فَأَتَاهُ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بكر: سلمت عَلَيْك، فَلم ترجع إِلَيّ سَلاما، ثمَّ مر بك عمر قبيلا، فَسلم عَلَيْك، فَلم ترجع إِلَيْهِ سَلاما} ؟ قَالَ: إِنِّي كنت أحدث نَفسِي، وَقد رددت عَلَيْهِ فِي نَفسِي بِكَلِمَة سَمعتهَا من رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَقُول: " إِنِّي لأعرف كلمة لَا يَقُولهَا رجل إِلَّا دخل الْجنَّة " فَلم أسأله عَنْهَا، وَلم يسْأَله عَنْهَا أحد، فيخبرني {فَقَالَا: نَحن نعلمها} قَالَ: وَمن أَيْن؟ وَلم تَكُونَا فِي الْمجْلس حِين ذكرهَا؟ فَقَالَا: أجل، وَلَكنَّا قد علمناها {قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَا: الْكَلِمَة الَّتِي عرضهَا على عَمه، فَأبى} : لَا إِلَه إِلَّا الله ".

(1/364)


674 - حَدثنِي أَبُو صديف الإملي عبد الله بن كثير، قَالَ: حَدثنَا مَالك بن إِسْمَاعِيل أَبُو غَسَّان النَّهْدِيّ، قَالَ: حَدثنَا عبد السَّلَام بن حَرْب، عَن عبد الله بن بشر، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عُثْمَان بن عَفَّان، قَالَ: " لما قبض النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وسوس نَاس من أَصْحَابه {فَكنت فِيمَن وسوس، فَمر عَليّ عمر، فَسلم عَليّ فَلم أرد عَلَيْهِ، فَشَكَانِي إِلَى أبي بكر، فجاءنا، فَقَالَ: يسلم عَلَيْك أَخُوك، فَلم تسلم عَلَيْهِ؟} فَقلت: مَا علمت بِتَسْلِيمِهِ، وَإِنِّي عَن ذَلِك لفي شغل {فَقَالَ أَبُو بكر: وَلم؟ قَالَ: قلت: قبض النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم أسأله عَن نجاة هَذَا الْأَمر} قَالَ: فقد سَأَلت عَن ذَلِك، قَالَ: فَقُمْت إِلَيْهِ فأعتنقته، فَقلت: بِأبي أَنْت وَأمي! أَنْت أَحَق بذلك. قَالَ: سَأَلت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن نجاة هَذَا الْأَمر؟ فَقَالَ: من قبل الْكَلِمَة الَّتِي عرضتها على عمي فَردهَا عَليّ، فَهِيَ لَهُ نجاة ".

(1/365)


675 - وَحدثنَا جَعْفَر بن هَاشم، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن أبي سُلَيْمَان التَّمِيمِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عمر، قَالَ: حَدثنَا عبد الله بن أخي الزُّهْرِيّ، عَن الزُّهْرِيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ، عَن عُثْمَان بن عَفَّان، عَن أبي بكر الصّديق، قَالَ: " قلت: يَا رَسُول الله! مَا نجاة هَذَا الْأَمر؟ " قَالَ: " الْكَلِمَة الَّتِي أردْت عَلَيْهَا عمي: لَا إِلَه إِلَّا الله ".

(1/366)


(" ذكر خبر آخر من أَخْبَار طَلْحَة بن عبيد الله عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ")

676 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا عَبدة وَعبد الرَّحْمَن قَالَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن عَمْرو، قَالَ: حَدثنَا أَبُو سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: " جَاءَ رجلَانِ من بلي إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأَسْلمَا، فاستشهد أَحدهمَا، وَأخر الآخر بعده سنة، فَقَالَ طَلْحَة بن عبيد الله: أريت الْجنَّة، فَرَأَيْت الْمُؤخر مِنْهُمَا أَدخل الْجنَّة، قبل المستشهد! فعجبت لذَلِك، فَأَصْبَحت فَذكرت ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(1/367)


أَو ذكر ذَلِك لرَسُول الله؟ فَقَالَ: رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْمُؤخر قد صَامَ بعده رَمَضَان، وَصلى بعده سِتَّة آلَاف وَكَذَا وَكَذَا رَكْعَة، لصَلَاة السّنة ".
(" القَوْل فِي علل هَذَا الْخَبَر ")

وَهَذَا خبر - عندنَا - صَحِيح سَنَده، وَقد يجب أَن يكون على مَذْهَب الآخرين سقيما غير صَحِيح، لعلل: -
إِحْدَاهَا: أَنه خبر لَا يعرف لَهُ عَن طَلْحَة بن عبيد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مخرج يَصح إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَمن وَجه هُوَ دونه فِي الصِّحَّة غير مرتضى، وَذَلِكَ مَا:
677 - حَدثنِي بِهِ: مُحَمَّد بن عَمْرو بن تَمام الْكَلْبِيّ، قَالَ: حَدثنَا سُلَيْمَان بن أَيُّوب، قَالَ: حَدثنِي أبي، عَن جدي، عَن مُوسَى بن طَلْحَة، عَن أَبِيه، قَالَ: " قدم على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رجلَانِ من بلي، فأضافهما عَليّ، فاستشهد أَحدهمَا، وَبَقِي الآخر بعده سنة، ثمَّ مَاتَ، فَرَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن الْمُؤخر دخل الْجنَّة قبل الأول!

(1/368)


فَلَمَّا أَصبَحت ذكرت ذَلِك لرَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -؟ فَقَالَ: " أَبَا مُحَمَّد {أَلَيْسَ قد صَامَ بعده رَمَضَان، وَصلى بعده سنة: سِتَّة آلَاف رَكْعَة، وَكَذَا وَكَذَا رَكْعَة: صَلَاة السّنة} ".
وَالثَّانيَِة: أَنه خبر قد حدث بِهِ عَن أبي سَلمَة غير مُحَمَّد بن عَمْرو، فَقَالَ فِيهِ: عَنهُ، عَن طَلْحَة، وَلم يَجْعَل بَين أبي سَلمَة وَطَلْحَة: أَبَا هُرَيْرَة {
وَالثَّالِثَة: أَن رَاوِيه: مُحَمَّد بن عَمْرو، وَمُحَمّد بن عَمْرو فِي نَقله - عِنْدهم - نظر} .
(" ذكر من حدث هَذَا الحَدِيث عَن أبي سَلمَة فَجعله عَنهُ عَن طَلْحَة وَلم يدْخل بَينهمَا أَبَا هُرَيْرَة ")

678 - حَدثنِي مُحَمَّد بن معمر البحراني، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَامر، قَالَ: حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد، عَن يزِيد بن عبد الله، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة، عَن طَلْحَة بن عبيد الله: " أَن رجلَيْنِ من بلي قدما على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَ إسلامهما جَمِيعًا، وَكَانَ أَحدهمَا أَشد اجْتِهَادًا من الآخر، فغزا الْمُجْتَهد مِنْهُمَا، فاستشهد، ثمَّ مكث الآخر بعده سنة، ثمَّ توفّي. قَالَ طَلْحَة: بَينا أَنا عِنْد بَاب الْجنَّة إِذْ أُتِي بهما فَخرج خَارج، فَأذن للَّذي توفّي الآخر مِنْهُمَا، ثمَّ رَجَعَ فَأذن للَّذي اسْتشْهد، ثمَّ رَجَعَ إِلَيّ فَقَالَ: ارْجع، فَإِنَّهُ لم ينأ لَك بعد! وَأصْبح طَلْحَة يحدث النَّاس عجبا لذَلِك، فَبلغ ذَلِك رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(1/369)


وحدثه الحَدِيث، فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من أَي ذَلِك تعْجبُونَ؟ {". قَالُوا: يَا رَسُول الله} هَذَا كَانَ أَشد الرجلَيْن اجْتِهَادًا، ثمَّ اسْتشْهد فِي سَبِيل الله، فَدخل الآخر الْجنَّة قبله {فَقَالَ: " أَلَيْسَ قد مكث هَذَا بعده سنة؟ " قَالُوا: بلَى} قَالَ: " وَأدْركَ رَمَضَان وصامه، وَصلى كَذَا وَكَذَا سَجْدَة فِي السّنة؟ ". قَالُوا: بلَى! قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " فَلَمَّا بَينهمَا أبعد مِمَّا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ".

(1/370)


679 - وحَدثني ابْن عبد الرَّحِيم البرقي، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم، قَالَ: أخبرنَا يحيى بن أَيُّوب وَابْن لَهِيعَة قَالَا: حَدثنَا ابْن الْهَاد، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن طَلْحَة بن عبيد الله: " أَن رجلَيْنِ قدما على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثمَّ ذكر مثله، غير أَنه قَالَ فِي حَدِيثه: " ثمَّ رَجَعَ إِلَيّ، وَقَالَ: ارْجع؛ فَإِنَّهُ لم يَأن لَك بعد ".
وَقد وَافق طَلْحَة فِي رِوَايَة معنى هَذَا الْخَبَر: عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - جمَاعَة من أَصْحَابه، نذْكر مَا صَحَّ من ذَلِك - عندنَا - سَنَده، ثمَّ نتبع جَمِيعه الْبَيَان، إِن شَاءَ الله.
(" ذكر ذَلِك ")

680 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن عَمْرو بن مرّة الْجملِي، عَن عَمْرو بن مَيْمُون الأودي، قَالَ: كُنَّا عِنْد فلَان - وَعِنْدنَا عبد الله بن ربيعَة - فحدثنا عبد الله بن ربيعَة، عَن عبيد بن خَالِد - وَكَانَ من أَصْحَاب النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " آخى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَين رجلَيْنِ فاستشهد أَحدهمَا، وَبَقِي الآخر بعده عَاما، ثمَّ مَاتَ فاتبعنا جنَازَته، ومعنا نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَجعلنَا نَدْعُو الله ونرغب إِلَيْهِ أَن يلْحقهُ بِصَاحِبِهِ {فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أَيهمَا تَعدونَ أفضل؟ فَقُلْنَا: الله وَرَسُوله أعلم} ثمَّ قُلْنَا: الشَّهِيد أفضلهما {فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا تَعدونَ لهَذَا فضيلته: صلَاته، وَعَمله بعد عمله} لما بَينهمَا أبعد مِمَّا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض ".

(1/371)


(" القَوْل فِي الْبَيَان عَمَّا فِي هَذَا الْخَبَر من الْفِقْه ")

وَالَّذِي فِيهِ من ذَلِك: الْإِبَانَة عَن فضل صَالح الْأَعْمَال، وَأَن الْفَاضِل من النَّاس إِنَّمَا يفضل غَيره بِفضل زِيَادَة أَعماله الصَّالِحَة على عمل من فَضله. وَذَلِكَ أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لما ذكر لَهُ أَمر الرجلَيْن اللَّذين اسْتشْهد أَحدهمَا، وعاش الآخر بعده سنة، قَالَ فِي الَّذِي عَاشَ بعد صَاحبه: " أَلَيْسَ قد أدْرك رَمَضَان وصامه، وَصلى كَذَا وَكَذَا سَجْدَة " فَلَمَّا قَالُوا لَهُ: بلَى {قَالَ: " فَلَمَّا بَينهمَا أبعد مِمَّا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض "}

(1/372)


وَذَلِكَ من قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نَظِير الْأَخْبَار الْوَارِدَة عَنهُ: أَنه قَالَ: إِذْ قيل لَهُ: أَي النَّاس خير؟ قَالَ: " من طَال عمره وَحسن عمله ".
(" ذكر الْأَخْبَار الْوَارِدَة عَنهُ بذلك ")

681 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق، عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَلا أنبئكم بِخَيْرِكُمْ؟ " قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله {قَالَ: " خياركم: أطولكم أعمارا، وَأَحْسَنُكُمْ أعمالا ".
682 - وحَدثني عَمْرو بن مُحَمَّد بن يحيى العثماني، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن أبي أويس، قَالَ: حَدثنِي أخي، عَن سُلَيْمَان بن بِلَال، عَن ثَوْر بن زيد الديلِي، عَن ابْن عَامر، عَن ابْن الْمُنْكَدر، عَن جَابر بن عبد الله، أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " أَلا أخْبركُم بخياركم من شِرَاركُمْ؟ " قَالَ: قُلْنَا: بلَى يَا رَسُول الله} قَالَ: " خياركم أطولكم عمرا، وَأَحْسَنُكُمْ عملا ".

(1/373)


683 - حَدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا أَبُو أَحْمد وَأَبُو عَامر، قَالَا: حَدثنَا كثير بن زيد، عَن الْحَارِث، عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من سَعَادَة الْمَرْء أَن يطول عمره، وَيَرْزقهُ الله الْإِنَابَة ".

(1/374)


684 - وحَدثني مُحَمَّد بن مَرْزُوق الْبَصْرِيّ، قَالَ: حَدثنَا عبد الْملك بن عَمْرو، قَالَ: حَدثنَا كثير بن زيد، قَالَ: حَدثنِي الْحَارِث بن أبي يزِيد، قَالَ: سَمِعت جَابر بن عبد الله، يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِن من السَّعَادَة أَن يطول عمر العَبْد، وَيَرْزقهُ الله الْإِنَابَة ".
(" القَوْل فِي الْبَيَان عَمَّا فِي هَذِه الْأَخْبَار من الْغَرِيب ")

فَمن ذَلِك قَوْله: " فَإِنَّهُ لم ينأ لَك "؛ يَعْنِي بذلك: لم يَأن لَك: فَقدم النُّون قبل الْهمزَة، كَمَا يُقَال: جذب وجبذ. وصقع وصعق.
وَأما قَوْله: " وَيَرْزقهُ الله الْإِنَابَة "، فَإِن الْإِنَابَة: الرّجْعَة إِلَى الشَّيْء بعد الإدبار عَنهُ. يُقَال مِنْهُ: أناب فلَان من كَذَا إِلَى كَذَا، فَهُوَ ينيب إِلَيْهِ إنابة: إِذا رَجَعَ إِلَيْهِ.
وَمِنْه قَول الله - تَعَالَى ذكره -: {إِن إِبْرَاهِيم لحليم أَواه منيب} . يَعْنِي بقوله: منيب: رَاجع إِلَى الله، وَإِلَى مَا يُحِبهُ مِنْهُ من طَاعَته.
(ذكر خبر آخر من أَخْبَار طَلْحَة بن عبيد الله عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -)

685 - حَدثنِي أَبُو شُرَحْبِيل الْحِمصِي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، عَن عَمْرو بن دِينَار الْمَكِّيّ، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن طَلْحَة بن عبيد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(1/375)


أَنه كَانَ يَقُول: " سَتَكُون فتْنَة لَا يهدأ مِنْهَا جَانب إِلَّا جاش مِنْهَا جَانب حَتَّى يُنَادي مُنَاد من السَّمَاء: أَلا إِن أميركم فلَان " {وَكَانَ سعيد بن الْمسيب يَقُول: ذَلِك الْأَمِير حَقًا}
686 - وحَدثني أَبُو شُرَحْبِيل، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان، قَالَ: حَدثنَا إِسْمَاعِيل، عَن ابْن أبي حُسَيْن، عَن سعيد بن الْمسيب، عَن طَلْحَة بن عبيد الله، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثل ذَلِك!
(" القَوْل فِي علل هَذَا الْخَبَر ")

وَهَذَا خبر - عندنَا - صَحِيح سَنَده، وَقد يجب أَن يكون على مَذْهَب الآخرين سقيما غير صَحِيح، لعلتين:

(1/376)


إِحْدَاهمَا: أَنه خبر لَا يعرف لَهُ مخرج عَن طَلْحَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَصح إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
وَالثَّانيَِة: أَنه من نقل إِسْمَاعِيل بن عَيَّاش، وَفِي نقل إِسْمَاعِيل، عَن غير أهل بَلَده - عِنْدهم - نظر.
وَقد حدث نَحْو هَذَا الحَدِيث عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَعَن بعض السّلف بأسانيد فِيهَا - أَيْضا - نظر، نذْكر بَعْضهَا لتعرف:
(" ذكر ذَلِك ")

687 - حَدثنِي عِصَام بن رواد بن الْجراح الْعَسْقَلَانِي، قَالَ: حَدثنَا أبي، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان بن سعيد الثَّوْريّ، قَالَ: حَدثنَا مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، عَن ربعي بن خرَاش، قَالَ: سَمِعت حُذَيْفَة بن الْيَمَان يَقُول: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذا كَانَ رَأس الْخمس وَالْعِشْرين والمائتين، نَادَى مُنَاد من السَّمَاء: أَلا أَيهَا النَّاس {إِن الله قد قطع مُدَّة الجبارين وَالْمُنَافِقِينَ وأتباعهم، ووليكم الجابر جبر أمة مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الحقوه بِمَكَّة؛ فَإِنَّهُ الْمهْدي، واسْمه: أَحْمد بن عبد الله ". قَالَ عمرَان بن الْحصين: صف لنا يَا رَسُول الله} هَذَا الرجل، وَمَا حَاله؟ فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " هُوَ رجل من وَلَدي، كَأَنَّهُ من رجال بني إِسْرَائِيل، يخرج عِنْد جهد من أمتِي وبلاء، عَرَبِيّ اللَّوْن، ابْن أَرْبَعِينَ سنة، كَأَن وَجهه كَوْكَب دري، يمْلَأ الأَرْض عدلا، كَمَا ملئت ظلما وجورا، يملك عشْرين سنة، وَهُوَ صَاحب مَدَائِن الْكفْر كلهَا: الْقُسْطَنْطِينِيَّة، ورومية، وَيخرج إِلَيْهِ الأبدال من الشَّام وأشباههم، كَأَن قُلُوبهم زبر الْحَدِيد، رُهْبَان بِاللَّيْلِ، لُيُوث بِالنَّهَارِ، وَعصب أهل الْمشرق، كَأَن قُلُوبهم زبر الْحَدِيد، رُهْبَان بِاللَّيْلِ، لُيُوث بِالنَّهَارِ، والنجباء من مُضر، كَأَن قُلُوبهم زبر الْحَدِيد،

(1/377)


رُهْبَان بِاللَّيْلِ، لُيُوث بِالنَّهَارِ، وَأهل الْيمن: حَتَّى يأتوه، فيبايعوه بَين الرُّكْن وَالْمقَام، فَيخرج من مَكَّة مُتَوَجها إِلَى الشَّام، يفرح بِهِ أهل السَّمَاء، وَأهل الأَرْض، وَالطير، وَالْحِيتَان فِي الْبَحْر " {
688 - وحَدثني يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب، قَالَ: أَخْبرنِي إِسْحَاق بن يحيى، عَن الْمُغيرَة بن عبد الرَّحْمَن، عَن أمه - وَكَانَت إمرأة قديمَة} - قَالَ: " قلت لَهَا لما كَانَت فتْنَة ابْن الزبير -: وَالله إِن هَذِه لفتنة يهْلك فِيهَا النَّاس {قَالَت: كلا يَا بني} وَلَكِن تكون بعْدهَا فتْنَة يهْلك النَّاس فِيهَا، لَا يَسْتَقِيم أَمرهم على أحد، حَتَّى يُنَادي مُنَاد من السَّمَاء: عَلَيْكُم بفلان بن فلَان " {}

(1/378)


689 - وحَدثني مُحَمَّد بن عمَارَة الْأَسدي، قَالَ: حَدثنَا عبيد الله بن مُوسَى، قَالَ: أخبرنَا عَنْبَسَة بن سعيد، عَن شهر بن حَوْشَب، قَالَ: " يكون فِي رَمَضَان صَوت، وَفِي شَوَّال: همهمة أَو مهمهة، وَفِي ذِي الْقعدَة تحازب الْقَبَائِل، وَفِي ذِي الْحجَّة يسلب الْحَاج، وَفِي الْمحرم - وَلَو أخْبركُم بِمَا فِي الْمحرم {- قَالَ: قُلْنَا لَهُ: وَمَا فِي الْمحرم؟} قَالَ: يُنَادي مُنَاد من السَّمَاء: أَلا إِن فلَانا خيرة الله من خلقه، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطيعُوا " {}
(" ذكر خبر آخر من أَخْبَار طَلْحَة بن عبيد الله عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ")

690 - حَدثنِي مُحَمَّد بن خلف، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن الصَّلْت، قَالَ: حَدثنَا الرّبيع بن مُنْذر الثَّوْريّ، عَن أَبِيه، عَن مُحَمَّد بن

(1/379)


الْحَنَفِيَّة، قَالَ: " وَقع بَين عَليّ وَبَين طَلْحَة كَلَام، فَقَالَ لَهُ طَلْحَة: إِنَّك لجريء {جمعت بَين اسْم رَسُول الله، وكنيته} وَقد نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن ذَلِك {قَالَ: فَقَالَ عَليّ: إِن الجريء كل الجريء من قَالَ على رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَا لم يقل} قَالَ: ثمَّ اسْتشْهد عَليّ أُنَاسًا فَشَهِدُوا لَهُ أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رخص لَهُ فِي ذَلِك. قَالَ: إِن ولد لي ولد فأسميه بِاسْمِك وأكنيه بكنيتك؟ قَالَ: فَرخص لَهُ فِي ذَلِك ".
(" القَوْل فِي علل هَذَا الْخَبَر ")

وَهَذَا خبر - عندنَا - صَحِيح سَنَده، وَقد يجب، أَن يكون على مَذْهَب الآخرين سقيما، غير صَحِيح، لعلل:
إِحْدَاهَا: أَنه خبر لَا يعرف لَهُ مخرج يَصح عَن طَلْحَة، عَن رَسُول

(1/380)


الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِلَّا من هَذَا الْوَجْه، وَالْخَبَر إِذا انْفَرد بِهِ - عِنْدهم - مُنْفَرد، وَجب التثبت فِيهِ {
وَالثَّانيَِة: أَنه قد رَوَاهُ، عَن مُنْذر الثَّوْريّ، غير ابْنه، فَقَالَ فِيهِ: عَنهُ، عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، أَن عليا سَأَلَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَأرْسلهُ عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، وَلم يَجْعَل بَينه، وَبَين رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحدا}
وَالثَّالِثَة: أَن مُحَمَّد بن طَلْحَة بن عبيد الله - فِيمَا ذكر - كَانَ يكنى أَبَا الْقَاسِم، وَلَو كَانَ الْخَبَر عَن طَلْحَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالنَّهْي عَن أَن يجمع بَين اسْمه وكنيته صَحِيحا، لما كَانَ طَلْحَة بِالَّذِي يفعل ذَلِك بِابْنِهِ، إِن شَاءَ الله "!

(1/381)


وَالرَّابِعَة: أَن الْمَعْرُوف عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من قَوْله فِي ذَلِك، أَنه قَالَ: " تسموا باسمي، وَلَا تكنوا بكنيتي، فَإِنِّي إِنَّمَا أَنا قَاسم أقسم بَيْنكُم " فَنهى عَن التكني بكنيته {
(" ذكر من روى هَذَا الحَدِيث عَن مُنْذر الثَّوْريّ، عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة فَأرْسلهُ عَنهُ وَلم يَجْعَل بَينه وَبَين رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أحدا ")

691 - حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم الْمصْرِيّ، قَالَ: حَدثنَا حجاج بن رشدين، عَن عبد الله بن وهب، عَن حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، عَن فطر بن خَليفَة، عَن مُنْذر الثَّوْريّ، عَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة: " أَن عليا قَالَ: يَا رَسُول الله} أَرَأَيْت إِن ولد لي ولد بعْدك: أُسَمِّيهِ بِاسْمِك، وأكنيه بكنيتك؟ قَالَ: نعم. وَرخّص لَهُ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَكَانَت تِلْكَ رخصَة لَهُ دون النَّاس ".

(1/382)


قَالَ مُحَمَّد بن عبد الله، قَالَ حجاج، قَالَ ابْن وهب: وَبَلغنِي أَن مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة، كَانَ يكنى أَبَا الْقَاسِم.
وَقد وَافق طَلْحَة فِي رِوَايَة هَذَا الْخَبَر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(1/383)


جمَاعَة من أَصْحَابه نذْكر مَا صَحَّ - عندنَا - من ذَلِك بِسَنَدِهِ، ثمَّ نتبع جَمِيعه: الْبَيَان إِن شَاءَ الله.
(" ذكر من وَافق طَلْحَة فِي رِوَايَة هَذَا الْخَبَر عَن رَسُول الله ")

692 - حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم بن جُبَير الوَاسِطِيّ، قَالَ: حَدثنَا صَفْوَان، عَن ابْن عجلَان، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تجمعُوا بَين اسْمِي وكنيتي: أَنا أَبُو الْقَاسِم، الله يُعْطي، وَأَنا أقسم ".
693 - حَدثنِي مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم، قَالَ: حَدثنَا حجاج بن رشدين، قَالَ: حَدثنَا حَيْوَة بن شُرَيْح، عَن مُحَمَّد بن عجلَان، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " أَنه نهى أَن يكنى الرجل: أَبَا الْقَاسِم، واسْمه: مُحَمَّد ".

(1/384)


694 - حَدثنِي سعد بن عبد الله بن عبد الحكم، قَالَ: حَدثنَا طَارق بن عبد الْعَزِيز الْعَبْدي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن العجلان، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تجمعُوا بَين اسْمِي وَبَين كنيتي، أَنا أَبُو الْقَاسِم، الله يُعْطي، وَأَنا أقسم ".
695 - حَدثنِي ابْن عبد الرَّحِيم البرقي، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي مَرْيَم، قَالَ: أخبرنَا يحيى بن أَيُّوب، قَالَ: حَدثنِي مُحَمَّد بن عجلَان، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تجمعُوا اسْمِي وكنيتي ".
696 - حَدثنِي عَليّ بن الْحسن الْأَزْدِيّ، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن يمَان، عَن هِشَام بن حسان، عَن ابْن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تجمعُوا بَين اسْمِي وكنيتي ".
697 - حَدثنِي إِسْمَاعِيل بن مُوسَى السّديّ، قَالَ: أخبرنَا شريك، عَن سلم بن عبد الرَّحْمَن، عَن أبي زرْعَة، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من تسمى باسمي فَلَا يكتنين بكنيتي ".

(1/385)


698 - وَحدثنَا ابْن جبلة، قَالَ: حَدثنَا عُثْمَان بن الْهَيْثَم، قَالَ: حَدثنَا عَوْف، عَن ابْن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تسموا باسمي، وَلَا تكنوا بكنيتي. من تسمى باسمي فَلَا يكتنين بكنيتي ".

(1/386)


699 - وَحدثنَا يُوسُف بن مُوسَى الْقطَّان، قَالَ: حَدثنَا مُسلم بن إِبْرَاهِيم الْأَزْدِيّ، قَالَ: حَدثنَا هِشَام الدستوَائي، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الزبير، عَن جَابر، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " من تسمى باسمي فَلَا يكتنين بكنيتي، وَمن اكتنى بكنيتي فَلَا يتسمين باسمي ".
700 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا يحيى بن وَاضح، قَالَ: حَدثنَا الْحُسَيْن، عَن أبي الزبير، عَن جَابر، أَن نَبِي الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذا اكتنيتم بِي، فَلَا تسموا بِي، وَإِذا تسميتم بِي فَلَا تكتنوا بِي ".
(" القَوْل فِي الْبَيَان عَمَّا فِي هَذَا الْخَبَر - أَعنِي خبر طَلْحَة - الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من الْمعَانِي ")

إِن قَالَ لنا قَائِل: مَا أَنْت قَائِل فِي هَذَا الْخَبَر - يَعْنِي خبر طَلْحَة -: أصحيح هُوَ أم سقيم؟ فَإنَّك إِن قلت: هُوَ سقيم:
قيل لَك: مَا الَّذِي أسقمه؟ وَجَمِيع من بَيْنك وَبَين رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَعْرُوفَة حَالهم، غير متروكة روايتهم!

(1/387)


وَإِن قلت: هُوَ صَحِيح:
قيل لَك: فَبِأَي الرِّوَايَتَيْنِ أَنْت قَائِل: أبرواية طَلْحَة، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَرَاهَته الْجمع بَين اسْمه وكنيته؟
أم بِرِوَايَة عَليّ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إِجَازَته ذَلِك، وإباحته؟ فَإنَّك إِن قلت بِإِحْدَاهُمَا لزمك ترك القَوْل بِالْأُخْرَى مِنْهُمَا، وَفِي فعلك ذَلِك تَركك القَوْل بِأَن الْأَخْبَار عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا تتدافع وَلَا تتضاد إِذا صحت مخارجها {وَأَن ذَلِك: إِذا ورد باخْتلَاف الروَاة فِيهِ: فَإِنَّمَا هُوَ على وَجه الْعُمُوم وَالْخُصُوص، أَو الْمُجْمل والمفسر أَو النَّاسِخ والمنسوخ، وَأَن ذَلِك إِذا كَانَ على وَجه النَّاسِخ والمنسوخ كَانَ غير جَائِز أَن يكون النَّاسِخ مِنْهُمَا غير مَعْلُوم من الْمَنْسُوخ} فَإلَى أَي الْوُجُوه أَنْت موجه الْخَبَر الَّذِي ذكرت، والروايتين اللَّتَيْنِ رويتا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَا رويت؟ {قيل: قد اخْتلف السّلف من أهل الْعلم قبلنَا فِي ذَلِك، وَفِي وَجه الرِّوَايَتَيْنِ اللَّتَيْنِ رويتا عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَنَذْكُر مَا قَالُوا، وَمَا اعتل بِهِ كل قَائِل مِنْهُم لقَوْله فِي ذَلِك، ثمَّ نتبع جَمِيعه الْبَيَان إِن شَاءَ الله}
فَقَالَ بَعضهم: غير جَائِز لأحد أَن يجمع لِابْنِهِ فِي الِاسْم والكنية: اسْم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وكنيته؛ فَإِن سَمَّاهُ مُحَمَّدًا لم يكن لَهُ أَن يكنيه أَبَا الْقَاسِم. وَإِن كناه أَبَا الْقَاسِم لم يكن لَهُ أَن يُسَمِّيه مُحَمَّدًا وَلَا أَحْمد!
وَاعْتَلُّوا لكراهتهم ذَلِك بالأخبار الَّتِي ذَكرنَاهَا - قبل - عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأخبار أخر سنذكرها بعد إِن شَاءَ الله.
وَقَالُوا: خبر عَليّ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَرِوَايَته الَّتِي رَوَاهَا عَنهُ أَنه أذن فِي تَسْمِيَة ابْنه باسمه، وتكنيته بكنيته خَاص لعَلي دون غَيره من سَائِر الْأمة، وَقد ذكرت بعض من قَالَ ذَلِك فِيمَا مضى.

(1/388)


(" ذكر من لم نذْكر - قبل - مِمَّن قَالَ هَذَا القَوْل أَو رَوَاهُ عَن رَسُول الله ")

701 - حَدثنِي يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب، قَالَ: حَدثنِي أَبُو الطَّاهِر، أَن أَبَاهُ مُحَمَّد بن أبي بكر، حَدثهُ أَن جده عَمْرو بن حزم ولد لَهُ: مُحَمَّد بن عَمْرو بن حزم، فَسَماهُ مُحَمَّدًا، وكناه أَبَا الْقَاسِم: فَبلغ ذَلِك النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: " من تسمى باسمي فَلَا يتكن بكنيتي ". قَالَ: فكناه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِأبي عبد الْملك. قَالَ: فَلَا تكَاد تَجِد فِي آل حزم أحدا تسمى مُحَمَّدًا إِلَّا يكنى بِأبي عبد الْملك ".
702 - حَدثنِي الْعَبَّاس بن الْوَلِيد، قَالَ: أَخْبرنِي أبي، قَالَ: حَدثنَا الْأَوْزَاعِيّ، قَالَ: حَدثنِي عَبدة بن أبي لبَابَة، قَالَ: حَدثنِي من سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " نهى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يجمعا عَلَيْهِ: مُحَمَّد وَأَبُو الْقَاسِم ".
703 - حَدثنِي مطر بن مُحَمَّد الضَّبِّيّ، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَامر، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن عبد الْكَرِيم، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي عمْرَة، عَن عَمه، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا تجمعُوا

(1/389)


بَين اسْمِي وكنيتي ".
وَقَالَ آخَرُونَ: إِذن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعَلي أَن يُسَمِّي ابْنه مُحَمَّدًا ويكنيه أَبَا الْقَاسِم: إِطْلَاق مِنْهُ ذَلِك لجَمِيع أمته، إِذْ لم يخبر أَنه خص بذلك عليا دون سَائِر النَّاس غَيره {قَالُوا: وَقد سمى وَلَده باسم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وكناه بكنيته: جمَاعَة من أَئِمَّة السّلف بِمحضر من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، فَلم يُنكر ذَلِك عَلَيْهِم مِنْهُم مُنكر}
قَالُوا: وَلَو كَانَ ذَلِك مُنْكرا - عِنْدهم - لكانوا قد أنكروه، وأبوا أَن يسموه بِهِ، ويكنوه بِتِلْكَ الكنية، فيجمعوا لَهُ اسْم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(1/390)


وكنيته، وَلَكِن ذَلِك لما كَانَ جَائِزا - عِنْدهم - لجَمِيع الْأمة بِإِطْلَاق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَهَا ذَلِك: لم يمتنعوا من الْجمع لمن جمعُوا لَهُ بَين اسْم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وكنيته.
(" ذكر بعض من جمع لَهُ اسْم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وكنيته ")

704 - حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا هشيم، قَالَ: أخبرنَا مُغيرَة، عَن إِبْرَاهِيم: " أَن مُحَمَّد بن الْأَشْعَث كَانَ يكنى بِأبي الْقَاسِم، وَكَانَ يدْخل على عَائِشَة، فيكنونه بِأبي الْقَاسِم. قَالَ: وَكَانَ مُحَمَّد بن الْحَنَفِيَّة يكنى أَبَا الْقَاسِم ".
وَاعْتَلُّوا - أَيْضا - من الْخَبَر فِي ذَلِك مَعَ الْخَبَر الَّذِي ذَكرْنَاهُ عَن عَليّ، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَا:
705 - حَدثنَا خَلاد بن أسلم، قَالَ: حَدثنَا مَرْوَان بن مُعَاوِيَة، عَن مُحَمَّد بن عمرَان، قَالَ: سَمِعت صَفِيَّة ابْنة شيبَة، عَن عَائِشَة، قَالَت: " جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: يَا رَسُول الله {إِنَّه ولد لي غُلَام فسميته مُحَمَّدًا وكنيته بِأبي الْقَاسِم، فبلغني أَنَّك تكره ذَلِك} فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا حرم اسْمِي وَأحل كنيتي {أَو مَا حرم كنيتي وَأحل اسْمِي} ".

(1/391)


706 - حَدثنَا ابْن وَكِيع، قَالَ: حَدثنَا أبي، عَن مُحَمَّد بن عمرَان الحَجبي، عَن صَفِيَّة ابْنة شيبَة، عَن عَائِشَة، أَنَّهَا قَالَت: قَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " مَا أحل اسْمِي وَحرم كنيتي {أَو مَا حرم اسْمِي وَأحل كنيتي ".
707 - حَدثنِي أَحْمد بن الْوَلِيد الرَّمْلِيّ، قَالَ: حَدثنَا ابْن نفَيْل، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن عمرَان الحَجبي، عَن جدته صَفِيَّة ابْنة شيبَة، عَن عَائِشَة، قَالَت: " جَاءَت امْرَأَة إِلَى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَت: يَا رَسُول الله} إِنِّي ولدت غُلَاما وسميته مُحَمَّدًا وكنيته أَبَا

(1/392)


الْقَاسِم، فَذكر لي أَنَّك تكره ذَلِك؟ قَالَ: مَا الَّذِي أحل اسْمِي وَحرم كنيتي؟ أَو مَا الَّذِي أحل كنيتي وَحرم اسْمِي؟ ".
وَقَالَ آخَرُونَ: غير جَائِز لأحد أَن يكني نَفسه أَو وَلَده أَبَا الْقَاسِم أَو أَن يُسَمِّيه قاسما ليكنى الْأَب: أَبَا الْقَاسِم، فَأَما أَن يُسَمِّي ابْنه مُحَمَّدًا فَإِن ذَلِك لَهُ.
(" ذكر من قَالَ ذَلِك ")

708 - حَدثنِي يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا مُعْتَمر بن سُلَيْمَان، عَن عَاصِم، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن سِيرِين، قَالَ: " كَانَ مَرْوَان بن الحكم يُسَمِّي ابْنه: قاسما: وَكَانَ رجل من الْأَنْصَار قد سمى ابْنه الْقَاسِم: فَلَمَّا بلغهما هَذَا الحَدِيث الَّذِي فِيهِ النَّهْي عَن ذَلِك سمى مَرْوَان ابْنه: عبد الْملك، فَهُوَ عبد الْملك بن مَرْوَان. وَعمد الْأنْصَارِيّ فَغير اسْم ابْنه أَيْضا ".
709 - وَحدثنَا خَلاد بن أسلم، قَالَ: أخبرنَا النَّضر، قَالَ: أخبرنَا ابْن عون، قَالَ: " سَأَلت مُحَمَّدًا عَن الرجل يكتني بكنية النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلم يتسم باسمه؟ أيكره؟ قَالَ: " نعم ".
710 - حَدثنَا الْحسن بن الصَّباح الْبَزَّار، قَالَ: حَدثنَا هَاشم بن

(1/393)


الْقَاسِم، عَن مُحَمَّد بن طَلْحَة، عَن زبيد الأيامي، قَالَ: " كَانَ الرجل منا إِذا تكنى بِأبي الْقَاسِم، كنيناه بِأبي القاصم {".
وَعلة قائلي هَذِه الْمقَالة من الْأَثر مَا:
711 - حَدثنِي بِهِ: يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن ابْن الْمُنْكَدر، سمع جَابر بن عبد الله يَقُول: " ولد لرجل منا غُلَام فأسماه قاسما. فَقُلْنَا: لَا نكنيك أَبَا الْقَاسِم، وَلَا ننعمك عينا} فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر ذَلِك لَهُ، فَقَالَ: " أسم ابْنك: عبد الرَّحْمَن ".
712 - حَدثنَا هناد بن السّري، قَالَ: حَدثنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَن حُصَيْن، عَن سَالم، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: " ولد لرجل منا غُلَام فَسَماهُ مُحَمَّدًا. قَالَ: فَقُلْنَا: لَا نكنيك برَسُول الله حَتَّى تَأتيه فتستأمره! قَالَ: فَانْطَلق الرجل إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَذكر لَهُ الَّذِي قُلْنَا؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا

(1/394)


باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي؛ فَإِنِّي إِنَّمَا بعثت قاسما، أقسم بَيْنكُم ".
713 - حَدثنِي أَبُو حُصَيْن عبد الله بن أَحْمد بن يُونُس، قَالَ: حَدثنَا عَبْثَر أَبُو زبيد، قَالَ: حَدثنَا حُصَيْن، عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، عَن جَابر، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَحْوِهِ.
714 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا ابْن أبي عدي، عَن شُعْبَة، عَن حُصَيْن، عَن سَالم، عَن جَابر، قَالَ: " ولد لبَعض الْأَنْصَار غُلَام، فأرادوا أَن يسموه مُحَمَّدًا. فَأتوا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فأخبروه؟ فَقَالَ: " تسموا باسمي، وَلَا تكنوا بكنيتي: فَإِنِّي إِنَّمَا أَنا قَاسم بعثت أقسم بَيْنكُم ".
715 - حَدثنَا ابْن حميد، قَالَ: حَدثنَا جرير، عَن مَنْصُور، عَن سَالم، عَن جَابر بن عبد الله، قَالَ: " ولد لرجل منا غُلَام فَسَماهُ مُحَمَّدًا، فَقَالَ قومه: لَا نرضى أَن تسمي باسم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -

(1/395)


فَانْطَلق بِابْنِهِ حامله على ظَهره، فَأتى بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا نَبِي الله! ولد لي غُلَام فسميته مُحَمَّدًا، فَقَالَ قومِي: لَا نرضى أَن تسمي باسم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: " تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي، فَإِنَّمَا أَنا قَاسم أقسم بَيْنكُم ".
716 - حَدثنَا ابْن الْمثنى، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن مَنْصُور، عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، عَن جَابر بن عبد الله: " أَن رجلا من الْأَنْصَار ولد لَهُ غُلَام فَأَرَادَ أَن يُسَمِّيه مُحَمَّدًا، فأنكروا، وَقَالُوا: لَا نرضى أَن تسميه مُحَمَّدًا حَتَّى تَأتي رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. قَالَ: فَأتى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ رَسُول الله: " تسموا باسمي وَلَا تكنوا بكنيتي ".
717 - حَدثنَا ابْن الْمثنى وَابْن بشار، قَالَا: حَدثنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، عَن جَابر بن عبد الله: " أَن رجلا من الْأَنْصَار، ولد لَهُ ولد، فَأَرَادَ أَن يُسَمِّيه مُحَمَّدًا، فَأتى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَسَأَلَهُ؟ فَقَالَ: " أَحْسَنت الْأَنْصَار: تسموا باسمي، وَلَا تكنوا بكنيتي ".
718 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بكر، قَالَ: حَدثنَا سعيد، عَن قَتَادَة، عَن سُلَيْمَان الْيَشْكُرِي، عَن جَابر بن عبد الله

(1/396)


عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمثل ذَلِك.
719 - وحَدثني مطر بن مُحَمَّد الضَّبِّيّ، قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا باسمي، وَلَا تكنوا بكنيتي ".
720 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم، قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن قَتَادَة، قَالَ: سَمِعت سَالم بن الْجَعْد يحدث عَن جَابر بن عبد الله، عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مثله.
721 - وحَدثني سلم بن جُنَادَة السوَائِي وَسَعِيد بن يحيى الْأمَوِي قَالَا: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، قَالَ: حَدثنَا الْأَعْمَش، عَن سَالم، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا باسمي، وَلَا تكتنوا بكنيتي، فَإِنَّمَا جعلت قاسما أقسم بَيْنكُم ".
722 - وَحدثنَا عَليّ بن سعيد الْكِنْدِيّ، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن غراب، عَن الْأَعْمَش، عَن أبي سُفْيَان، عَن جَابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله

(1/397)


- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا باسمي، وَلَا تكنوا بكنيتي ".
723 - وحَدثني أَبُو الْخطاب: زِيَاد بن عبد الله الحساني، قَالَ: حَدثنَا أَبُو دَاوُد، عَن سليم بن حَيَّان، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا باسمي، وَلَا تكنوا بكنيتي ".
724 - وَحدثنَا ابْن بشار، قَالَ: حَدثنَا حَمَّاد بن مسْعدَة، قَالَ: حَدثنَا عَوْف، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تسموا باسمي، وَلَا تكتنوا بكنيتي ".
725 - وحَدثني مُحَمَّد بن عمَارَة الْأَسدي، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن عبد الحميد، قَالَ: حَدثنَا عمرَان بن خَالِد الْخُزَاعِيّ، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تسموا باسمي، وَلَا تكتنوا بكنيتي ".

(1/398)


726 - وَحدثنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء الْهَمدَانِي، قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن مَيْمُون، عَن هِشَام، عَن مُحَمَّد، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا باسمي، وَلَا تكتنوا بكنيتي ".
727 - وَحدثنَا الْحسن بن عَرَفَة، قَالَ: حَدثنِي عبد الْوَهَّاب بن عبد الحميد الثَّقَفِيّ، عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا باسمي وَلَا تكتنوا بكنيتي ".
728 - وحَدثني عُثْمَان بن يحيى بن عُثْمَان القرقساني، قَالَ: حَدثنَا سُفْيَان، عَن أَيُّوب، عَن مُحَمَّد بن سِيرِين، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا باسمي وَلَا تكتنوا بكنيتي ".

(1/399)


729 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا إِسْحَاق بن سُلَيْمَان ووكيع وَأَبُو أُسَامَة،
730 - وحَدثني الْحسن بن عَرَفَة، قَالَ: حَدثنِي حَمَّاد بن خَالِد، جَمِيعًا: عَن دَاوُد بن قيس،
731 - وحَدثني يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب، قَالَ: أَخْبرنِي دَاوُد بن قيس، عَن مُوسَى بن يسَار، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا باسمي، وَلَا تكتنوا بكنيتي، فَإِنِّي أَنا أَبُو الْقَاسِم ".
732 - وحَدثني ابْن سِنَان الْقَزاز، قَالَ: حَدثنَا أَبُو عَاصِم، عَن ابْن

(1/400)


عجلَان، عَن أَبِيه، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " تسموا باسمي، وَلَا تكتنوا بكنيتي، أَنا أَبُو الْقَاسِم: الله يُعْطي، وَأَنا أقسم ".
733 - حَدثنِي سعيد بن عبد الله بن عبد الحكم الْمصْرِيّ، قَالَ: حَدثنَا خَالِد بن عبد الرَّحْمَن، قَالَ: حَدثنَا شُعْبَة، عَن عبد الله بن يزِيد، قَالَ: سَمِعت أَبَا زرْعَة بن عَمْرو بن جرير، عَن أبي هُرَيْرَة، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ: " تسموا باسمي، وَلَا تكتنوا بكنيتي ".
734 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا أَبُو أُسَامَة، عَن عَوْف، عَن جلاس، عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا باسمي، وَلَا تكتنوا بكنيتي ".
735 - وحَدثني إِسْمَاعِيل بن مُوسَى السّديّ، قَالَ: أخبرنَا عَليّ بن مسْهر، عَن أَشْعَث، عَن أبي الزبير، عَن سعيد بن جُبَير، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا باسمي، وَلَا تكتنوا بكنيتي ".

(1/401)


736 - حَدثنَا أَبُو كريب، قَالَ: حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة، عَن إِسْمَاعِيل، عَن أبي رَجَاء العطاردي، عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: " نَادَى رجل رجلا -، فَقَالَ: يَا أَبَا الْقَاسِم {فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: مَا تشَاء؟ فَقَالَ: لَيْسَ إياك أردْت} فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا باسمي، وَلَا تكتنوا بكنيتي ".
737 - وحَدثني يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم الوَاسِطِيّ، قَالَ: أخبرنَا يزِيد، قَالَ: أخبرنَا حميد الطَّوِيل، عَن أنس، قَالَ: " نَادَى رجل: يَا أَبَا الْقَاسِم {فَالْتَفت النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ: يَا رَسُول الله} لم أعنك! فَقَالَ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا باسمي، وَلَا تكتنوا بكنيتي ".

(1/402)


738 - وحَدثني زَكَرِيَّا بن يحيى بن أبي زَائِدَة، قَالَ: حَدثنَا عمر بن حبيب، عَن حميد، عَن أنس، عَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِنَحْوِهِ.
739 - وحَدثني يُونُس بن عبد الْأَعْلَى، قَالَ: أخبرنَا ابْن وهب، قَالَ: أَخْبرنِي يحيى بن أَيُّوب، عَن حميد الطَّوِيل، عَن أنس بن مَالك، أَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ بِالبَقِيعِ، فَقَالَ رجل: يَا أَبَا الْقَاسِم {فَالْتَفت رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَالَ الرجل: إِنِّي لم أعنك، إِنَّمَا عنيت فلَانا} فَقَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " تسموا باسمي، وَلَا تكنوا بكنيتي ".
740 - وحَدثني عبد الله بن مُحَمَّد الْهِلَالِي وَإِسْحَاق بن زِيَاد الْعَطَّار، قَالَا: حَدثنَا يَعْقُوب بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا إِدْرِيس بن مُحَمَّد بن أنس بن فضَالة بن مُحَمَّد، قَالَ: حَدثنَا جدي، عَن أَبِيه، قَالَ: " قدم رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الْمَدِينَة، وَأَنا ابْن أسبوعين، فَأتي بِي إِلَيْهِ فَمسح على رَأْسِي، وَقَالَ: " سموهُ باسمي،

(1/403)


وَلَا تكنوه بكنيتي ".
قَالُوا: فَأذن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي التسمي باسمه، وَنهى عَن التكني بكنيته.
قَالُوا: فَغير جَائِز لأحد صَحَّ عِنْده الْخَبَر عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بذلك أَن يتكنى بكنيته أَو يكني ولدا بِأبي الْقَاسِم. فَأَما التسمي باسمه أَو تَسْمِيَة ابْنه باسمه فَجَائِز.
وَقَالَ آخَرُونَ: غير جَائِز لأحد أَن يتسمى باسم النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَو أَن يُسَمِّي ابْنا لَهُ باسمه!