عمدة الأحكام من كلام خير الأنام صلى الله عليه وسلم

كتابُ الزكاةِ

(1/125)


176 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ - حِينَ بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ -: ((إنَّك سَتَأْتِي قَوْماً أَهْلَ كِتَابٍ. فَإِذَا جِئْتَهُمْ: فَادْعُهُمْ إلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لا إلَهَ إلاَّ اللَّهُ , وَأَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ. فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَأَخْبِرْهُمْ: أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَك بِذَلِكَ , فَأَخْبِرْهُمْ: أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً , تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ. فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَك بِذَلِكَ , فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ. وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ. فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ)) .
صدقة: زكاة، وسميت الزكاة صدقة لأَنها دليل على الصدق في الإِيمان.
كرائم: جمع «كريمة» أَي نفيسة

177- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ [ص:126] رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ. وَلا فِيمَا دُونَ خَمْسِ ذَوْدٍ صَدَقَةٌ. وَلا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ)) .
أَواق: جمع «أُوقية» وهي تعادل أَربعين درهماً.
ذود: الذود يطلق على الثلاث من الإِبل إِلى العشرِ.
أَوسق: جمع «وَسق» وهو ستون صاعاً بالصاع النبوي.

(1/125)


178 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي عَبْدِهِ وَلا فَرَسِهِ صَدَقَةٌ)) . [ص:127]
وَفِي لَفْظٍ: ((إلاَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ فِي الرَّقِيقِ)) .

(1/126)


179 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ. وَالْبِئْرُ جُبَارٌ. وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ. وَفِي الرِّكَازِ الْخُمْسُ)) . [ص:128]
قال المصنف: الجبار: الهدر الذي لاشيء فيه. والعجماء: الدابة البهيم. أهـ
العجماء: البهيمة، وسميت عجماء لأَنها لاتتكلم.
جُبار: أَي هدر، لاضمان فيهِ.
الرِكاز: هو دِفْنُ الجاهليةِ.

(1/127)


180 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: ((بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ - رضي الله عنه - عَلَى الصَّدَقَةِ. فَقِيلَ: مَنَعَ ابْنُ جَمِيلٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ , وَالْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا يَنْقِمُ ابْنُ جَمِيلٍ , إلاَّ أَنْ كَانَ فَقِيراً: فَأَغْنَاهُ اللَّهُ؟ وَأَمَّا خَالِدٌ: فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِداً. وَقَدْ احْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَأَمَّا الْعَبَّاسُ: فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا. ثُمَّ قَالَ: يَا عُمَرُ , أَمَا شَعَرْتَ أَنَّ عَمَّ الرَّجُلِ صِنْوُ أَبِيهِ؟)) .
أَدراعه وأَعتاده: هي آلات الحرب من السلاح والدواب.
صِّنْو أَبيهِ: مثل أَبيه وشبيه به.

181 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ قَالَ: ((لَمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ يَوْمَ حُنَيْنٍ: قَسَمَ فِي النَّاسِ , وَفِي [ص:129] الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَلَمْ يُعْطِ الأَنْصَارَ شَيْئاً. فَكَأَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ , إذْ لَمْ يُصِبْهُمْ مَا أَصَابَ النَّاسَ. فَخَطَبَهُمْ , فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ , أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَّلاً فَهُدَاكُمْ اللَّهُ بِي؟ وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمْ اللَّهُ بِي؟ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بِي؟ . كُلَّمَا قَالَ شَيْئاً، قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ. قَالَ: مَا يَمْنَعُكُمْ أَنْ تُجِيبُوا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ. قَالَ: لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ: جِئْتَنَا كَذَا وَكَذَا. أَلا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالشَّاةِ وَالْبَعِيرِ , وَتَذْهَبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ إلَى رِحَالِكُمْ؟ لَوْلا الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنْ الأَنْصَارِ، وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِياً أَوْ شِعْباً لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا. الأَنْصَارُ شِعَارٌ , وَالنَّاسُ دِثَارٌ. إنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الْحَوْضِ)) .
حنين: واد بين مكة والطائف.
أَفاء: أَعطى.
المؤلفة قلوبهم: هم قوم يُتأَلفون على الإِسلام، بإِعطائهم من الغنائم أَو الصدقات.
وجدوا: غضبوا في أَنفسهم.
عالة: فقراء.
أَمنَّ: أَفعلُ تفضيل، معناه، أَكثر مِنَّة علينا وأَعظم.
شِعار: هو الثوب الذي يلي الجسد.
دِثار: هو الثوب الذي فوق الشعار.
أَثَرَة: الاستئثار بالشيْ المشترك.

(1/128)


بابُ صدقةِ الفِطرِ

(1/129)


182 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: ((فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَدَقَةَ الْفِطْرِ - أَوْ قَالَ رَمَضَانَ - عَلَى الذَّكَرِ وَالأُنْثَى [ص:130] وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ: صَاعاً مِنْ تَمْرٍ , أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ. قَالَ: فَعَدَلَ النَّاسُ بِهِ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ , عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ)) .
وَفِي لَفْظٍ: ((أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلاةِ)) .
بُر: قمح.

(1/129)


183 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: ((كُنَّا نُعْطِيهَا فِي زَمَنِ - صلى الله عليه وسلم - صَاعاً مِنْ طَعَامٍ , أَوْ صَاعاً مِنْ شَعِيرٍ , أَوْ صَاعاً مِنْ أَقِطٍ , أَوْ صَاعاً مِنْ زَبِيبٍ. فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَةُ , وَجَاءَتِ السَّمْرَاءُ , قَالَ: أَرَى مُدَّاً مِنْ هَذِهِ يَعْدِلُ مُدَّيْنِ. قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَمَّا أَنَا: فَلا أَزَالُ أُخْرِجُهُ كَمَا كُنْتُ أُخْرِجُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -)) . [ص:131]
أَقِط: لبن مجفف لم تنزع زبدته.
السَّمراء: القمح الشامي.
المُدُّ: حفنة بملء كفي الرَّجلِ المعتدل الكفين.

(1/130)