عمدة الأحكام من كلام خير الأنام صلى الله عليه وسلم

كِتَابُ الصِّيَامِ

(1/131)


184 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ , أَوْ يَوْمَيْنِ إلاَّ رَجُلاً كَانَ يَصُومُ صَوْماً فَلْيَصُمْهُ)) .
لاتَقَدَّموا: أَصله لاتتقدموا.

(1/131)


185 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ((إذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ)) . [ص:132]
غُمَّ: حال بينكم وبين رؤيته شيء كغيم وقَتَر. فاقدروا له: أَي أَكملوا عِدَّة شعبان ثلاثين يوماً.

(1/131)


186 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ((تَسَحَّرُوا فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً)) .
السَّحور: بفتحِ السين، مايُتسحرُ بهِ. وبضمها، الفعل. والبركة تشمل الوقت ومايتسحر به من مأْكول ومشروب.

(1/132)


187 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنهما قَالَ: ((تَسَحَّرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. ثُمَّ قَامَ إلَى الصَّلاةِ. قَالَ أَنَسٌ: قُلْت لِزَيْدٍ: كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ؟ قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً)) .

188 - عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنهما: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ وَيَصُومُ)) .

(1/132)


189 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ. فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ , فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ. فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ)) .

(1/133)


190 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: ((بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذْ جَاءَهُ رَجُلٌ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , هَلَكْتُ. قَالَ: مَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي , وَأَنَا صَائِمٌ - وَفِي رِوَايَةٍ: أَصَبْتُ أَهْلِي فِي رَمَضَانَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ إطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِيناً؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ - وَالْعَرَقُ: الْمِكْتَلُ - قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ؟ قَالَ: أَنَا. قَالَ: خُذْ هَذَا , فَتَصَدَّقَ بِهِ. فَقَالَ الرَّجُلُ: عَلَى أَفْقَرَ مِنِّي: يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاَللَّهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا - يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي. فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم [ص:134] حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ. ثُمَّ قَالَ: أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ)) .
وقعت على امرأَتي: أَي جامعتها.
عَرَق: هو المِكتل، ويصنع من سعف النخيل، ويسع (15) خمسة عشر صاعاً.
لابتيها: تثنية «لابة» وهي الأَرض التي تعلوها حجارة سود، والحرَّتان هما الجبلان، يريد أَن المدينة تقع بين حرتين شرقية وغربية.

(1/133)


بابُ الصومِ في السَّفرِ وغيرهِ

(1/134)


191 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: ((أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلَمِيَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أَأَصُومُ فِي السَّفَرِ؟ - وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ - فَقَالَ: إنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ)) . [ص:135]
192 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: ((كُنَّا نُسَافِرُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ. وَلا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ)) .

(1/134)


193 - عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ - رضي الله عنه - قَالَ: ((خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي شَهْرِ رَمَضَانَ. فِي حَرٍّ شَدِيدٍ , حَتَّى إنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ مِنْ شِدَّةِ الْحَرِّ. وَمَا فِينَا صَائِمٌ إلاَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ)) .

(1/135)


194 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ. فَرَأَى زِحَاماً وَرَجُلاً قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ , فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: صَائِمٌ. قَالَ: لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ)) .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: ((عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ)) .

(1/136)


195 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: ((كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي السَّفَرِ فَمِنَّا الصَّائِمُ , وَمِنَّا الْمُفْطِرُ قَالَ: فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً فِي يَوْمٍ حَارٍّ , وَأَكْثَرُنَا ظِلاً: صَاحِبُ الْكِسَاءِ. وَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ. قَالَ: فَسَقَطَ الصُّوَّامُ , وَقَامَ الْمُفْطِرُونَ فَضَرَبُوا الأَبْنِيَةَ. وَسَقَوْا الرِّكَابَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ذَهَبَ الْمُفْطِرُونَ الْيَوْمَ بِالأَجْرِ)) .
الرِّكاب: الإِبل.

(1/136)


196 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ((كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ [ص:137] مِنْ رَمَضَانَ , فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إلاَّ فِي شَعْبَانَ)) .

(1/136)


197 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ)) . وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ «هَذَا فِي النَّذْرِ , وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ» .

(1/137)


198 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ((جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ. أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ فَقَالَ: لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكَ دَيْنٌ أَكُنْتَ قَاضِيَهُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَدَيْنُ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى)) .
وَفِي رِوَايَةٍ: ((جَاءَتِ امْرَأَةٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ. أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ فَقَالَ: أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ , أَكَانَ ذَلِكَ يُؤَدِّي عَنْهَا؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: فَصُومِي عَنْ أُمِّكِ)) . [ص:138]

199 - عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْفِطْرَ)) .

(1/137)


200 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَهُنَا. وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَهُنَا: فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ)) .

(1/138)


201 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْوِصَالِ. قَالُوا: إنَّكَ تُوَاصِلُ. قَالَ: إنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ , إنِّي أُطْعَمَ وَأُسْقَى)) . وَرَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةُ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ.
الوِصال: هو وصل الصوم متابعة بعضه بعضاً دون فطر أَوسحور.

(1/139)


202 - وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه -: ((فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ إلَى السَّحَرِ)) .

(1/139)


بَابُ أَفْضَلِ الصِّيَامِ وَغَيْرِهِ

(1/139)


203 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قَالَ: ((أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِّي أَقُولُ: وَاَللَّهِ لأَصُومَنَّ النَّهَارَ , وَلأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَنْتَ الَّذِي قُلْتَ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ قُلْتُهُ , [ص:140] بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. فَقَالَ: فَإِنَّكَ لا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ. فَصُمْ وَأَفْطِرْ , وَقُمْ وَنَمْ. وَصُمْ مِنْ الشَّهْرِ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا. وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ. قُلْتُ: فَإِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَصُمْ يَوْماً وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ. قُلْتُ: أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: فَصُمْ يَوْماً وَأَفْطِرْ يَوْماً. فَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ دَاوُد. وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ. فَقُلْتُ: إنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: لا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ)) .
وَفِي رِوَايَةٍ: ((لا صَوْمَ فَوْقَ صَوْمِ أَخِي دَاوُد - شَطْرَ الدَّهْرِ - صُمْ يَوْماً وَأَفْطِرْ يَوْماً)) .
شطر الدهر: نصف الدَّهر.

(1/139)


204 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضيَ اللهُ عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ إلَى اللَّهِ صِيَامُ دَاوُد. وَأَحَبَّ الصَّلاةِ إلَى اللَّهِ صَلاةُ دَاوُد. كَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ , وَيَقُومُ ثُلُثَهُ. وَيَنَامُ سُدُسَهُ. وَكَانَ يَصُومُ يَوْماً وَيُفْطِرُ يَوْماً)) .

(1/140)


205 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: ((أَوْصَانِي خَلِيلِي - صلى الله عليه وسلم - بِثَلاثٍ صِيَامِ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ , وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى , وَأَنْ أُوتِرَ قَبْلَ أَنْ أَنَامَ)) .

(1/141)


206 - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: ((سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَنَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ)) وَزَادَ مُسْلِمٌ ((وَرَبِّ الْكَعْبَةِ)) .

207 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: ((لا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ , إلاَّ أَنْ يَصُومَ يَوْماً قَبْلَهُ , أَوْ يَوْماً بَعْدَهُ)) .

(1/141)


208 - عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ وَاسْمُهُ سَعْدُ بْنُ عُبَيْدٍ - قَالَ: ((شَهِدْت الْعِيدَ مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - فَقَالَ: هَذَانِ يَوْمَانِ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صِيَامِهِمَا: يَوْمُ فِطْرِكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ , وَالْيَوْمُ الآخَرُ: تَأْكُلُونَ فِيهِ مِنْ نُسُكِكُمْ)) .
نُسِككُمْ: أَضاحيكم.

(1/142)


209 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ: الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ. وَعَنْ الصَّمَّاءِ , وَأَنْ يَحْتَبِيَ الرَّجُلُ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ , وَعَنْ الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ)) . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِتَمَامِهِ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ الصَّوْمَ فَقَطْ [ص:143] اشتمال الصَّماء: هي عند العربِ أَن يلف جسده كله بالثوب ولايجعل منه جانباً لإِخراج يديه.
يحتبي الرجل في الثوب الواحدِ: يجلس على أَليَتيْهِ ويضمّ فخذيهِ وساقيه إِلى بطنِه ليستَنِدَ.

(1/142)


210 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفاً)) .

(1/143)


بابُ ليلةِ القَدرِ

(1/143)


211 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: ((أَنَّ رِجَالاً مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أُرُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْمَنَامِ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ. فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا فِي السَّبْعِ الأَوَاخِرِ)) . [ص:144]
تَواطأَتْ: توافقت.

(1/143)


212 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ)) .

(1/144)


213 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه -: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوْسَطِ مِنْ رَمَضَانَ. فَاعْتَكَفَ عَاماً , حَتَّى إذَا كَانَتْ لَيْلَةُ إحْدَى وَعِشْرِينَ - وَهِيَ اللَّيْلَةُ الَّتِي يَخْرُجُ مِنْ صَبِيحَتِهَا مِنْ اعْتِكَافِهِ - قَالَ: مَنْ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَعْتَكِفْ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ فَقَدْ أُرِيتُ هَذِهِ اللَّيْلَةَ. ثُمَّ أُنْسِيتُهَا , وَقَدْ رَأَيْتُنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ مِنْ صَبِيحَتِهَا. فَالْتَمِسُوهَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ. وَالْتَمِسُوهَا فِي كُلِّ وِتْرٍ. فَمَطَرَتِ السَّمَاءُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ. وَكَانَ الْمَسْجِدُ عَلَى عَرِيشٍ. فَوَكَفَ الْمَسْجِدُ , فَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعَلَى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الْمَاءِ وَالطِّينِ مِنْ صُبْحِ إحْدَى وَعِشْرِينَ)) .
وَكَفَ المسجدُ: أَي قَطَرَ من سقفه الماءُ.

(1/144)


بابُ الاعتكافِ

(1/144)


214 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَعْتَكِفُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ , حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ. ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ بَعْدَهُ)) . [ص:145]
وَفِي لَفْظٍ ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ فِي كُلِّ رَمَضَانَ. فَإِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ جَاءَ مَكَانَهُ الَّذِي اعْتَكَفَ فِيهِ)) .
الغداة: الصبح.

(1/144)


215 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: ((أَنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهِيَ حَائِضٌ , وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فِي الْمَسْجِدِ. وَهِيَ فِي حُجْرَتِهَا: يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ)) .
وَفِي رِوَايَةٍ: ((وَكَانَ لا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلاَّ لِحَاجَةِ الإِنْسَانِ)) .
وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ «إنْ كُنْتُ لأَدْخُلُ الْبَيْتَ لِلْحَاجَةِ وَالْمَرِيضُ فِيهِ. فَمَا أَسْأَلُ عَنْهُ إلاَّ وَأَنَا مَارَّةٌ» . [ص:146] الترجيل: تسريح الشعر. أهـ
حاجة الإِنسان: البول والغائط.

(1/145)


216 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً)) - وَفِي رِوَايَةٍ: ((يَوْماً - فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ. قَالَ فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ)) وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْضُ الرُّوَاةِ يَوْماً ولا لَيْلَةً.

(1/146)


217 - عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ رضي الله عنها قَالَتْ: ((كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مُعْتَكِفًا. فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلاً. فَحَدَّثْتُهُ , ثُمَّ قُمْتُ لأَنْقَلِبَ , فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي - وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ - فَمَرَّ رَجُلانِ مِنْ الأَنْصَارِ فَلَمَّا رَأَيَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَسْرَعَا. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: عَلَى رِسْلِكُمَا. إنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ. فَقَالا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ. وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَرّاً- أَوْ قَالَ شَيْئاً)) . [ص:147]
وَفِي رِوَايَةٍ ((أَنَّهَا جَاءَتْ تَزُورُهُ فِي اعْتِكَافِهِ فِي الْمَسْجِدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ. فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً. ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ. فَقَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَعَهَا يَقْلِبُهَا , حَتَّى إذَا بَلَغَتْ بَابَ الْمَسْجِدِ عِنْدَ بَابِ أُمِّ سَلَمَةَ)) . ثُمَّ ذَكَرَهُ بِمَعْنَاهُ. [ص:149]
ليَقْلِبَنِي: لِيَرُدَّني ويرجعني إِلى منزلي.
رِسْلِكُما: على مهل وتؤدةٍ.

(1/146)