عمدة
الأحكام من كلام خير الأنام صلى الله عليه وسلم كتابُ الحجِّ
(1/149)
بابُ المواقيتِ
(1/149)
218 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
رضي الله عنهما: ((أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ
لأَهْلِ الْمَدِينَةِ: ذَا الْحُلَيْفَةِ. وَلأَهْلِ الشَّامِ:
الْجُحْفَةَ. وَلأَهْلِ نَجْدٍ: قَرْنَ الْمَنَازِلِ. وَلأَهْلِ الْيَمَنِ:
يَلَمْلَمَ. [ص:150] هُنَّ لَهُمْ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِ
أَهْلِهِنَّ , مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ. وَمَنْ كَانَ
دُونَ ذَلِكَ: فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ , حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ
مَكَّةَ)) .
المواقيت: جمعُ «ميقات» والمقصود بها المواقيت المكانية التي يحرم منها
الحجيج.
بيان المواقيت:
أ: ذو الحليفة: ميقات أَهل المدينة، ويسمى الآن أبيار على تبعد عن مكة
(430كم2) .
ب: الجحفة ميقات أَهل مصر والشام والمغرب، ويحرم الناس بجوارها من رابغ
وتبعد عن مكة (201كم2) .
ت: يلملم ميقات أَهل اليمن وأَهل جاوة، وأَهل الهند والصين، وتبعد عن مكة
(80كم2) .
ث: قرن المنازل: ميقات أَهل الطائف ونجد، ونجد اليمن، ونجد الحجاز، وتبعد
عن مكة (80كم2) ويسمى الآن السيل الكبير.
ج: وهناك ميقات خامس يسمى (ذات عِرْق) ويسمى الآن الضريبة يحرم منه أَهل
العراق وإِيران ومن جاء من جهة الشرق ويبعد عن مكة (80كم2) .
(1/149)
219 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((يُهِلُّ
أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ , وَأَهْلُ الشَّامِ مِنْ
الْجُحْفَةِ , وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ)) . قَالَ: وَبَلَغَنِي أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((وَيُهِلُّ أَهْلُ
الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ)) .
(1/150)
باب ما يلبس المُحْرِمُ من الثيابِ
(1/150)
220 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما: ((أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَا يَلْبَسُ
الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم
-: لايَلْبَسُ الْقَمِيصَ , وَلا الْعَمَائِمَ , وَلا السَّرَاوِيلاتِ ,
وَلا الْبَرَانِسَ , وَلا الْخِفَافَ , إلاَّ أَحَدٌ لا يَجِدُ نَعْلَيْنِ
فَلْيَلْبَسْ خُفَّيْنِ وَلْيَقْطَعْهُمَا أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ ,
وَلا يَلْبَسْ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئاً مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ))
. [ص:151]
وَلِلْبُخَارِيِّ: ((وَلا تَنْتَقِبِ الْمَرْأَةُ. وَلا تَلْبَسِ
الْقُفَّازَيْنِ)) .
القميص: نوع من الثياب معروف، وقد أَمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أَن
لايتجاوز الكعبين.
السراويلات: جمع «سروال» ثوب خاص بالنصف الأَسفل من البدن.
البرانس: جمع «بُرْنس» : كلُّ ثوبٍ رأْسه منه ملتسق بهِ.
الخفاف: جمع «خُفٍّ» وهو مايلبس في الرِّجلِ ويكون إِلى نصف الساقِ.
الوَرْس: نبت أَصفر طيب الرائحة تصبغ به الثيابُ.
لاتنتقب المرأَة: لاتلبس النقاب: وهو مايستر الوجه ويبقى منه خرقان تنظر
منهما.
القفازين: هما ماتلبسه المرأَة في يديها.
(1/150)
221 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
رضي الله عنهما قَالَ: ((سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ: مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ
الْخُفَّيْنِ , وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزَاراً فَلْيَلْبَسْ السَّرَاوِيلَ
لِلْمُحْرِمِ)) .
(1/151)
222 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما: ((أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:
لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ , لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ ,
إنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ)) .
قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَزِيدُ فِيهَا «لَبَّيْكَ
لَبَّيْكَ , وَسَعْدَيْكَ , وَالْخَيْرُ بِيَدَيْكَ , وَالرَّغْبَاءُ
إلَيْكَ وَالْعَمَلُ» .
لَبَيْكَ: منقادٌ لك وخاضع بين يديك، وملازم لعبادتك وطاعتِكَ.
سعديْك: مساعدة في طاعتك بعد مساعدة
الرَّغباء: الطلب والمسأَلة مِمَّنْ بيده الخير.
(1/152)
223 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله
عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يَحِلُّ
لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ
مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلاَّ وَمَعَهَا حُرْمَةٌ)) .
وَفِي لَفْظِ الْبُخَارِيِّ: ((لا تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إلاَّ مَعَ
ذِي مَحْرَمٍ)) . [ص:153]
ذي مَحْرَم: مَحْرَمُ المرأَة مَنْ حَرُمَ عليه نكاحُها على التأْبيد.
(1/152)
بابُ الفِدْيَةِ
(1/153)
224 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْقِلٍ
قَالَ: ((جَلَسْتُ إلَى كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ. فَسَأَلَتْهُ عَنِ
الْفِدْيَةِ؟ فَقَالَ: نَزَلَتْ فِي خَاصَّةً. وَهِيَ لَكُمْ عَامَّةً.
حُمِلْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْقَمْلُ
يَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِي. فَقَالَ: مَا كُنْتُ أُرَى الْوَجَعَ بَلَغَ
بِكَ مَا أَرَى - أَوْ مَا كُنْتُ أُرَى الْجَهْدَ بَلَغَ بِكَ مَا أَرَى -
أَتَجِدُ شَاةً؟ فَقُلْتُ: لا. فَقَالَ: صُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ , أَوْ
أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ , لِكُلِّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ)) .
وَفِي رِوَايَةٍ: ((فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
أَنْ يُطْعِمَ فَرَقاً بَيْنَ سِتَّةٍ , أَوْ يُهْدِيَ شَاةً , أَوْ
يَصُومَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ)) .
ماكنتُ أَرى: ماكنتُ أَظنُّ.
الجَهْد: المشقة.
الفَرَق: مكيال يسع ثلاثة آصعٍ نبوية.
(1/153)
بابُ حرمة مكةَ
(1/153)
225 - عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ - خُوَيْلِدِ
بْنِ عَمْرٍو - الْخُزَاعِيِّ الْعَدَوِيِّ رضي الله عنه: أَنَّهُ قَالَ
لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ - وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ إلَى
مَكَّةَ - ائْذَنْ لِي أَيُّهَا الأَمِيرُ أَنْ أُحَدِّثَكَ قَوْلاً قَامَ
بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْغَدَ مِنْ يَوْمِ
الْفَتْحِ. فَسَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي، وَأَبْصَرَتْهُ
عَيْنَايَ , حِينَ تَكَلَّمَ بِهِ: ((أَنَّهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى
عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ: [ص:154] إنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى
, وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ. فَلا يَحِلُّ لامْرِئٍ يُؤْمِنُ
بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ: أَنْ يَسْفِكَ بِهَا دَماً , وَلا
يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً. فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُولُوا: إنَّ اللَّهَ قَدْ أَذِنَ
لِرَسُولِهِ , وَلَمْ يَأْذَنْ لَكُمْ. وَإِنَّمَا أُذِنَ لِي سَاعَةً مِنْ
نَهَارٍ. وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ.
فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ. فَقِيلَ لأَبِي شُرَيْحٍ: مَا قَالَ
لَكَ؟ قَالَ: أَنَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْكَ يَا أَبَا شُرَيْحٍ، إنَّ
الْحَرَمَ لا يُعِيذُ عَاصِياً , وَلا فَارَّاً بِدَمٍ وَلا فَارَّاً
بِخَرْبَةٍ)) . [ص:155]
الخَرَبَة: بالخاء المعجمة والراء المهملة. قيل: الخيانة، وقيل: البليَّة،
وقيل: التهمة.
(1/153)
226 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ - ((لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ , وَلَكِنْ جِهَادٌ
وَنِيَّةٌ. وَإِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا , وَقَالَ: يَوْمَ فَتْحِ
مَكَّةَ: إنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ. فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ اللَّهِ إلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ. وَإِنَّهُ لَمْ يَحِلَّ الْقِتَالُ فِيهِ لأَحَدٍ قَبْلِي ,
وَلَمْ يَحِلَّ لِي إلاَّ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ فَهُوَ حَرَامٌ بِحُرْمَةِ
اللَّهِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ , وَلا يُنَفَّرُ
صَيْدُهُ , وَلا يَلْتَقِطُ لُقْطَتَهُ إلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا. وَلا
يُخْتَلَى خَلاهُ. فَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إلاَّ
[ص:156] الإِذْخِرَ. فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ. فَقَالَ: إلاَّ
الإِذْخِرَ)) . القينُ: الحَدَّاد.
إِذَا اُسْتُنْفِرْتُمْ فَانْفِرُوا: «نَفَرَ» خرج بسرعة. يعني إِذا طلب
منكم الخروج بسرعة فاخرجوا كما طُلِبَ منكم
لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ: لايقطعُ شوكُهُ.
لا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ: لايُزْعجُ من مكانِهِ ويُذعَرُ.
لا يُخْتَلَى خَلاهُ: «الخلا» هو الرَّطْبُ منَ الكلأِ، واختلاؤُه قطعُهُ.
الإِذخَر: نبت طيب الرائحة.
لِقَيْنِهِمْ: هو الحَدَّاد، وحاجته إِليها ليوقد بها النار.
(1/155)
بابُ ما يجوزُ قتلُهُ
(1/156)
227 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ
كُلُّهُنَّ فَاسِقٌ , يُقْتَلْنَ فِي الْحَرَمِ: الْغُرَابُ ,
وَالْحِدَأَةُ , وَالْعَقْرَبُ , وَالْفَأْرَةُ , وَالْكَلْبُ الْعَقُورُ))
. [ص:157]
وَلِمُسْلِمٍ: ((يُقْتَلُ خَمْسٌ فَوَاسِقُ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ)) .
الحِدَأَةُ: بكسر الحاء وفتح الدالِ.
فاسق: الفِسقُ هو الخروج عن الشيء.
الكلب العقور: العقور كل ماعقر الناس وأَخافهم وعدا عليهم مثل الأَسد
والنمر والفهد والذئب.
(1/156)
بابُ دخولِ مكةَ وغيرِهِ
(1/157)
228 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله
عنه -: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ مَكَّةَ
عَامَ الْفَتْحِ , وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ
جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ
فَقَالَ: اُقْتُلُوهُ)) .
الْمِغْفَرُ: هو لباس من حديد يلبسه المقاتل على رأْسه وقاية له من السيف.
(1/157)
229 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما: ((أَنَّ [ص:158] رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
دَخَلَ مَكَّةَ مِنْ كَدَاءٍ , مِنْ الثَّنِيَّةِ الْعُلْيَا الَّتِي
بِالْبَطْحَاءِ , وَخَرَجَ مِنْ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى)) .
كداء: اسم مكان في أَعلى مكة، يقالُ لها الآن ريع الحجون.
الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى: الثنية هي الطريق بين جبلين.
والمراد بها الطريق الذي يخرج من المحلة المسماة (حارة الباب) وتسمى الثنية
الآن (ريع الرسام) .
230 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: ((دَخَلَ
رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْبَيْتَ , وَأُسَامَةُ بْنُ
زَيْدٍ وَبِلالٌ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ , فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ
الْبَابَ فَلَمَّا فَتَحُوا: كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ. فَلَقِيتُ
بِلالاً , فَسَأَلَتْهُ: هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله
عليه وسلم -؟ قَالَ: نَعَمْ , بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ)) .
وَلَجَ: دَخَلَ.
231 - عَنْ عُمَرَ - رضي الله عنه - ((أَنَّهُ جَاءَ إلَى الْحَجَرِ
الأَسْوَدِ , [ص:159] فَقَبَّلَهُ. وَقَالَ: إنِّي لأَعْلَمُ أَنَّك حَجَرٌ
, لا تَضُرُّ وَلا تَنْفَعُ , وَلَوْلا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ)) .
(1/157)
232 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
رضي الله عنهما قَالَ: ((لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه
وسلم - وَأَصْحَابُهُ مَكَّةَ. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إنَّهُ يَقْدَمُ
عَلَيْكُمْ قَوْمٌ وَهَنَتْهُمْ حُمَّى يَثْرِبَ. فَأَمَرَهُمْ النَّبِيُّ
- صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَرْمُلُوا الأَشْوَاطَ الثَّلاثَةَ , وَأَنْ
يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ , وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا
الأَشْوَاطَ كُلَّهَا: إلاَّ الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ)) .
وَهَنَتْهُمْ: أَضعفتهم.
يثرب: من أَسماء المدينة في الجاهليةِ.
أَنْ يَرْمُلُوا: الرَّمَلُ: هو الإِسراع في المشي مع تقارب الخُطا.
الرُّكْنَيْنِ: الركنانِ هما الركن اليماني والركن الذي فيه الحجر الأَسود.
الإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ: الرِّفقُ بهم والشَّفقة عليهم.
(1/159)
233 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما قَالَ: ((رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
حِينَ يَقْدَمُ مَكَّةَ إذَا اسْتَلَمَ الرُّكْنَ الأَسْوَدَ - أَوَّلَ مَا
يَطُوفُ - يَخُبُّ ثَلاثَةَ أَشْوَاطٍ)) . [ص:160]
يخب: يَرْمَلُ وهو الإِسراع في المشي مع تقارب الخُطا.
(1/159)
234 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
رضي الله عنهما قَالَ: ((طَافَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي
حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى بَعِيرٍ , يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ)) .
المِحْجَنُ: عصا مَحْنِيَّةُ الرَّأْسِ.
(1/160)
235 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما قَالَ: ((لَمْ أَرَ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -
يَسْتَلِمُ مِنْ الْبَيْتِ إلاَّ الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ)) .
الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ: الركن اليماني، والركن الشرقي الذي فيه
الحجر الأَسود.
(1/160)
بابُ التَّمتُّعِ
(1/160)
حجُّ التمتُّعِ: هو الإِحرام بالعمرة في
أَشهر الحج ثم الفراغ منها ثم الإِحرام بالحج يوم التروية وهو يوم الثامن
من ذي الحجة.
(1/160)
236 - عَنْ أَبِي جَمْرَةَ نَصْرِ بْنِ
عِمْرَانَ الضُّبَعِيِّ، قَالَ: ((سَأَلْتُ ابْنَ [ص:161] عَبَّاسٍ عَنْ
الْمُتْعَةِ؟ فَأَمَرَنِي بِهَا , وَسَأَلَتْهُ عَنْ الْهَدْيِ؟ فَقَالَ:
فِيهِ جَزُورٌ , أَوْ بَقَرَةٌ , أَوْ شَاةٌ , أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ قَالَ:
وَكَانَ نَاسٌ كَرِهُوهَا , فَنِمْتُ. فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ: كَأَنَّ
إنْسَاناً يُنَادِي: حَجٌّ مَبْرُورٌ , وَمُتْعَةٌ مُتَقَبَّلَةٌ.
فَأَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ فَحَدَّثَتْهُ. فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ
سُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -)) .
الهّدْي: هو مايهدى إِلى الحَرَمِ من حيوان وغيره.
الجزور: البعير ذكراً كان أَوأُنثى.
شِرْكٌ فِي دَمٍ: اشتراك سبعة أَشخاص أَوأَقل في ذبيحة من البقر
أَوالإِبلِ.
(1/160)
237 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما قَالَ: ((تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي
حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ وَأَهْدَى. فَسَاقَ مَعَهُ
الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ. وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله
عليه وسلم - وَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ , ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ ,
فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ , فَكَانَ مِنْ النَّاسِ مَنْ
أَهْدَى , فَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ الْحُلَيْفَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ [ص:162]
لَمْ يُهْدِ فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ
لِلنَّاسِ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى , فَإِنَّهُ لا يَحِلُّ مِنْ
شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ. وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْدَى
فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ , وَلْيُقَصِّرْ
وَلْيَحْلِلْ , ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ وَلْيُهْدِ , فَمَنْ لَمْ
يَجِدْ هَدْياً فَلْيَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إذَا
رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ فَطَافَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ. وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ , ثُمَّ خَبَّ
ثَلاثَةَ أَطْوَافٍ مِنْ السَّبْعِ , وَمَشَى أَرْبَعَةً , وَرَكَعَ حِينَ
قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ
انْصَرَفَ فَأَتَى الصَّفَا , وَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ
أَطْوَافٍ , ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى
حَجَّهُ , وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ. وَأَفَاضَ فَطَافَ
بِالْبَيْتِ , ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ , وَفَعَلَ
مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ أَهْدَى
وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ
النَّاسِ)) .
(1/161)
238 - عَنْ حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -
صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا قَالَتْ: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَا
شَأْنُ النَّاسِ حَلُّوا مِنْ الْعُمْرَةِ وَلَمْ تَحِلَّ أَنْتَ مِنْ
عُمْرَتِكَ فَقَالَ: إنِّي لَبَّدْتُ رَأْسِي , وَقَلَّدْتُ هَدْيِي , فَلا
أَحِلُّ حَتَّى أَنْحَرَ)) .
لَبَّدْتُ رَأْسِي: التلبيد: هو وضع شيء من الأَدهان على الشعر حتى يكون
هابطاً.
(1/163)
239 - عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ:
((أُنْزِلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى.
فَفَعَلْنَاهَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ
يَنْزِلْ قُرْآنٌ يُحَرِّمُهَا , وَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا حَتَّى مَاتَ.
قَالَ رَجُلٌ بِرَأْيِهِ مَا شَاءَ)) قَالَ الْبُخَارِيُّ " يُقَالُ:
«إنَّهُ عُمَرُ» .
وَلِمُسْلِمٍ ((نَزَلَتْ آيَةُ الْمُتْعَةِ - يَعْنِي مُتْعَةَ الْحَجِّ -
وَأَمَرَنَا بِهَا [ص:164] رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ
لَمْ تَنْزِلْ آيَةٌ تَنْسَخُ آيَةَ مُتْعَةِ الْحَجِّ وَلَمْ يَنْهَ
عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى مَاتَ)) وَلَهُمَا
بِمَعْنَاهُ.
(1/163)
بابُ الهَدْي
(1/164)
الهديُ: ماأُهدي إِلى البيت الحرام من
الإِبل والبقر والغنم وغيرها.
(1/164)
240 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها
قَالَتْ: ((فَتَلْتُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم
- ثُمَّ أَشْعَرْتُهَا وَقَلَّدَهَا - أَوْ قَلَّدْتُهَا - ثُمَّ بَعَثَ
بِهَا إلَى الْبَيْتِ. وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ , فَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ
شَيْءٌ كَانَ لَهُ حِلاًّ)) .
قلائد: جمع «قلادة» وهي مايحاط به العنق من خيوط أَوحديد أَوغير ذلك لتعلم
أَنها هَديٌ فتحترم.
أَشعرتها: الإِشعار: هو أَن يُشَقَّ أَحد جنبي سنام البَدَنَةِ أَوالبقرة
حتي يسيل دمها ليعلم الناس أَنها مهداة للحرم فلايعترضوها.
(1/164)
241 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها
قَالَتْ: ((أَهْدَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّةً
غَنَماً)) .
(1/164)
242 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله
عنه -: ((أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى رَجُلاً
يَسُوقُ بَدَنَةً , فَقَالَ: ارْكَبْهَا. قَالَ: إنَّهَا بَدَنَةٌ. قَالَ
ارْكَبْهَا. فَرَأَيْتُهُ رَاكِبَهَا , يُسَايِرُ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم -)) .
وَفِي لَفْظٍ قَالَ فِي الثَّانِيَةِ , أَوْ الثَّالِثَةِ: ((ارْكَبْهَا.
وَيْلَكَ , أَوْ وَيْحَكَ)) .
بَدَنَةٌ: تطلق على الإِبل والبقر، لِعِظَمِ أَبدانها وضخامتها.
(1/165)
243 - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ -
رضي الله عنه - قَالَ: ((أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ , وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلَحْمِهَا
وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا , وَأَنْ لا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا
شَيْئًا)) .
وَقَالَ: نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا.
أَجِلَّتِهَا: جمع «جُلٍّ» وهو مايطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه.
(1/165)
244 - عَنْ زِيَادِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ:
((رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ أَتَى عَلَى رَجُلٍ [ص:166] قَدْ أَنَاخَ
بَدَنَتَهُ , فَنَحَرَهَا. فَقَالَ ابْعَثْهَا قِيَاماً مُقَيَّدَةً
سُنَّةَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -)) .
نَحَرَهَا: ذبحها في لَبَّتِها.
قِيَاماً مُقَيَّدَةً: قائمة مقيدة الرِّجْل.
(1/165)
بابُ الغُسْلِ للمُحْرِمِ
(1/166)
245 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُنَيْنٍ:
((أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ
اخْتَلَفَا بِالأَبْوَاءِ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَغْسِلُ الْمُحْرِمُ
رَأْسَهُ. وَقَالَ الْمِسْوَرُ: لا يَغْسِلُ رَأْسَهُ. قَالَ:
فَأَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ - رضي
الله عنه -. فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ بَيْنَ الْقَرْنَيْنِ , وَهُوَ
يُسْتَرُ بِثَوْبٍ. فَسَلَّمْت عَلَيْهِ. فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْت:
أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُنَيْنٍ , أَرْسَلَنِي إلَيْكَ ابْنُ عَبَّاسٍ
, يَسْأَلُكَ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
يَغْسِلُ رَأْسَهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ؟ فَوَضَعَ أَبُو أَيُّوبَ يَدَهُ عَلَى
الثَّوْبِ , فَطَأْطَأَهُ , حَتَّى بَدَا لِي رَأْسُهُ. ثُمَّ قَالَ
لإِنْسَانٍ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ: اُصْبُبْ , فَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ.
ثُمَّ حَرَّكَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ , فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ. ثُمَّ
قَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُهُ - صلى الله عليه وسلم - يَغْتَسِلُ)) . [ص:167]
وَفِي رِوَايَةٍ " فَقَالَ الْمِسْوَرُ لابْنِ عَبَّاسٍ: لا أُمَارِيكَ
أَبَداً ".
القرنانِ: العمودان اللذان تُشَدُّ فيهما الخشبة التي تُعَلَّقُ عليها
بكرةُ البئرِ. أهـ
الأَبواء: موضع بين مكة والمدينة.
طأطأه: أَزالَهُ عن رأْسِهِ.
أُماريك: أُجادلك.
(1/166)
بابُ فَسْخِ الحجِّ إِلى العُمْرَةِ
(1/167)
246 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ
رضي الله عنهما قَالَ ((أَهَلَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
وَأَصْحَابُهُ بِالْحَجِّ وَلَيْسَ مَعَ أَحَدٍ مِنْهُمْ هَدْيٌ غَيْرَ
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَطَلْحَةَ , وَقَدِمَ عَلِيُّ - رضي
الله عنه - مِنْ الْيَمَنِ. فَقَالَ: أَهْلَلْتُ بِمَا أَهَلَّ بِهِ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه
وسلم - أَصْحَابَهُ: أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً , فَيَطُوفُوا ثُمَّ
يُقَصِّرُوا وَيَحِلُّوا , إلاَّ مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ فَقَالُوا:
نَنْطَلِقُ إلَى «مِنىً» وَذَكَرُ أَحَدِنَا يَقْطُرُ؟ فَبَلَغَ ذَلِكَ
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ
أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أَهْدَيْتُ , وَلَوْلا أَنَّ مَعِي
الْهَدْيَ لأَحْلَلْتُ. وَحَاضَتْ عَائِشَةُ. فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ
كُلَّهَا , غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ [ص:168] بِالْبَيْتِ. فَلَمَّا
طَهُرَتْ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ,
يَنْطَلِقُونَ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ , وَأَنْطَلِقُ بِحَجٍّ فَأَمَرَ عَبْدَ
الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ: أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إلَى التَّنْعِيمِ
فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ)) .
(1/167)
247 - عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه -
قَالَ: ((قَدِمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَحْنُ
نَقُولُ: لَبَّيْكَ بِالْحَجِّ. فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله
عليه وسلم - فَجَعَلْنَاهَا عُمْرَةً)) .
(1/168)
248 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ
رضي الله عنهما قَالَ: ((قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -
وَأَصْحَابُهُ صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ. فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوهَا
عُمْرَةً. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَيُّ الْحِلِّ؟ قَالَ:
الْحِلُّ كُلُّهُ)) .
صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ: صبيحة الرابع من ذي الحجة.
249 - عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: ((سُئِلَ أُسَامَةُ بْنُ
زَيْدٍ - وَأَنَا جَالِسٌ - كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه
وسلم - يَسِيرُ حِينَ دَفَعَ؟ قَالَ: كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ. فَإِذَا
وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ)) . [ص:170]
العَنَقُ: انبساطُ السَّيرِ، و «النَّصُّ» فوق ذلكَ. أهـ
فجوة: مكانٌ متسعٌ.
250 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: ((أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَفَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ. فَجَعَلُوا
يَسْأَلُونَهُ. فَقَالَ: رَجُلٌ لَمْ أَشْعُرْ , فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ
أَذْبَحَ؟ قَالَ. اذْبَحْ وَلا حَرَجَ. وَجَاءَ آخَرُ , فَقَالَ: لَمْ
أَشْعُرْ , فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قَالَ: ارْمِ وَلا حَرَجَ.
فَمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلا أُخِّرَ إلاَّ قَالَ:
افْعَلْ وَلا حَرَجَ)) .
(1/169)
251 - عنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ
النَّخَعِيِّ: ((أَنَّهُ حَجَّ مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ. فَرَآهُ رَمَى
الْجَمْرَةَ الْكُبْرَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ فَجَعَلَ الْبَيْتَ عَنْ
يَسَارِهِ , وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ. ثُمَّ قَالَ: هَذَا مَقَامُ الَّذِي
أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ - صلى الله عليه وسلم -)) .
(1/170)
252 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:
((اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ. قَالُوا: وَالْمُقَصِّرِينَ يَا
رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْ الْمُحَلِّقِينَ. قَالُوا
وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: وَالْمُقَصِّرِينَ)) .
(1/171)
253 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها
قَالَتْ: ((حَجَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَفَضْنَا
يَوْمَ النَّحْرِ. فَحَاضَتْ صَفِيَّةُ. فَأَرَادَ النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم - مِنْهَا مَا يُرِيدُ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِهِ. فَقُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللَّهِ , إنَّهَا حَائِضٌ. قَالَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ قَالُوا:
يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ يَوْمَ النَّحْرِ قَالَ:
اُخْرُجُوا)) . [ص:172]
وَفِي لَفْظٍ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((عَقْرَى ,
حَلْقَى. أَطَافَتْ يَوْمَ النَّحْرِ؟ قِيلَ: نَعَمْ. قَالَ: فَانْفِرِي))
.
أَفَاضَتْ: طافت طوافَ الإِفاضّةِ.
يوم النَّحْر: يوم العيد العاشر من ذي الحجة.
عَقْرَى , حَلْقَى: هو في الحقيقةِ دعاء بالإِصابة بالوجعِ وحلق الشعر،
ولكن ذلك غير مقصود فهو مما يجري على أَلسنة العرب من غير قصد ونظيره: تربت
يداه وثكلتك أُمُّكَ.
انْفِري: اخرجي.
254 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ((أُمِرَ
النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ , إلاَّ أَنَّهُ
خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ)) .
(1/171)
255 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي
الله عنهما قَالَ: ((اسْتَأْذَنَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ
رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ
مِنىً , مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ)) .
سِقَايَتِهِ: سقاية الحجيج بالماء.
(1/172)
256 - وَعَنْهُ - أَيْ عَنْ ابْنِ عُمَرَ -
قَالَ: ((جَمَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الْمَغْرِبِ
وَالْعِشَاءِ «بِجَمْعٍ» , لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إقَامَةٌ. وَلَمْ
يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا , وَلا عَلَى إثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا)) . [ص:173]
جَمْع: مُزْدَلِفَة.
وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا: لم يصلِّ صلاة النافلة.
(1/172)
بابُ المُحْرِمِ يأْكلُ من صيدِ الحلالِ
(1/173)
257 - عَنْ أَبِي قَتَادَةَ
الأَنْصَارِيِّ: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ
حَاجَّاً. فَخَرَجُوا مَعَهُ. فَصَرَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ - فِيهِمْ أَبُو
قَتَادَةَ - وَقَالَ: خُذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ , حَتَّى نَلْتَقِيَ.
فَأَخَذُوا سَاحِلَ الْبَحْرِ فَلَمَّا انْصَرَفُوا أَحْرَمُوا كُلُّهُمْ ,
إلاَّ أَبَا قَتَادَةَ , فَلَمْ يُحْرِمْ. فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إذْ
رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ. فَحَمَلَ أَبُو قَتَادَةَ عَلَى الْحُمُرِ.
فَعَقَرَ مِنْهَا أَتَانَاً. فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا.
ثُمَّ قُلْنَا: أَنَأْكُلُ لَحْمَ صَيْدٍ , وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ؟
فَحَمَلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا فَأَدْرَكْنَا رَسُولَ اللَّهِ -
صلى الله عليه وسلم -. فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: مِنْكُمْ
أَحَدٌ أَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا , أَوْ أَشَارَ إلَيْهَا؟
قَالُوا: لا. قَالَ: فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا)) .
وَفِي رِوَايَةٍ: ((قَالَ: هَلْ مَعَكُمْ مِنْهُ شَيْءٌ؟ فَقُلْت: نَعَمْ.
فَنَاوَلْتُهُ الْعَضُدَ , فَأَكَلَ مِنْهَا)) .
خَرَجَ حَاجَّاً: معتمراً عمرة الحديبية.
حُمُرَ وَحْشٍ: الحمير الوحشية.
الأَتان: أُنثى الحمارِ.
258 - عَنْ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ اللَّيْثِيِّ - رضي الله عنه -
((أَنَّهُ أَهْدَى إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حِمَاراً
وَحْشِيَّاً , وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ أَوْ بِوَدَّانَ - فَرَدَّهُ عَلَيْهِ.
[ص:174] فَلَمَّا رَأَى مَا فِي وَجْهِي , قَالَ: إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ
عَلَيْكَ إلاَّ أَنَّا حُرُمٌ)) .
وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ «رِجْلَ حِمَارٍ» وَفِي لَفْظٍ «شِقَّ حِمَارٍ»
وَفِي لَفْظٍ «عَجُزَ حِمَارٍ» .
(1/173)
|