عمدة الأحكام من كلام خير الأنام صلى الله عليه وسلم

كتابُ البيوعِ

(1/175)


259 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: ((إذَا تَبَايَعَ الرَّجُلانِ , فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَكَانَا جَمِيعاً , أَوْ يُخَيِّرُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ. فَتَبَايَعَا عَلَى ذَلِكَ. فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ)) . وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ

(1/175)


260 - حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا - أَوْ قَالَ: حَتَّى يَتَفَرَّقَا - فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا. وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)) . [ص:176]
الخِيَارُ: طلبُ خيرِ الأَمرين منْ إِمضاءِ البيعِ أَوردِّهِ.
الْبَيِّعَانِ: البائعُ والمشتري.
مُحِقَتْ: ذهبتْ وزالتْ.

(1/175)


بابُ مانُهِيَ عنْهُ منَ البيوعِ

(1/176)


261 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه -: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ الْمُنَابَذَةِ - وَهِيَ طَرْحُ الرَّجُلِ ثَوْبَهُ بِالْبَيْعِ إلَى الرَّجُلِ قَبْلَ أَنْ يُقَلِّبَهُ , أَوْ يَنْظُرَ إلَيْهِ - وَنَهَى عَنْ الْمُلامَسَةِ. وَالْمُلامَسَةُ: لَمْسُ الثَّوْبِ وَلا يُنْظَرُ إلَيْهِ)) .

(1/176)


262 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ , وَلا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ. وَلا تَنَاجَشُوا. وَلا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ. وَلا تُصَرُّوا الْغَنَمَ. وَمَنْ ابْتَاعَهَا فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ , بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا. وَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا , وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعاً مِنْ تَمْرٍ)) . [ص:177]
وَفِي لَفْظٍ: ((هُوَ بِالْخِيَارِ ثَلاثَاً)) .
لا تَلَقَّوْا الرُّكْبَانَ: لاتستقبلوا القادمين بسلعِهمْ قبل وصولها إِلى السوقِ.
وَلا تَنَاجَشُوا: النَّجَشُ: هو أَنْ يزيدَ الإِنسانُ في ثمن السلعة أَويمدحَها وليس لهُ رغبةٌ في شرائِها، ولكنْ يريد خِداعَ غيرِهِ.
وَلا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ: الحاضرُ: هو البلديُّ المقيمُ، والبادي: نسبةٌ إِلى الباديةِ، والمرادُ القادمُ لبيعِ سلعتِهِ
وَلا تُصَرُّوا الْغَنَمَ: التَصْرِيةُ: هي حبسُ اللبنِ في ضروعِ البهائمِ حتى تظهرَ ممتلئةً باللبنِ فيغتَرَّ بها المشتري

(1/176)


263 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ حَبَلِ الْحَبَلَةِ. وَكَانَ بَيْعاً يَتَبَايَعُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ الرَّجُلُ يَبْتَاعُ الْجَزُورَ إلَى أَنْ تُنْتَجَ النَّاقَةُ. ثُمَّ تُنْتَجَ الَّتِي فِي بَطْنِهَا. قِيلَ: إنَّهُ كَانَ يَبِيعُ الشَّارِفَ - وَهِيَ الْكَبِيرَةُ الْمُسِنَّةُ - بِنِتَاجِ الْجَنِينِ الَّذِي فِي بَطْنِ نَاقَتِهِ)) .
حَبَلُ الْحَبَلَةِ: جنينُ الحيوانِ في بطنِ أُمِّهِ.
الْجَزُور: البعيرُ ذكراً كانَ أَوأُنثى.
تُنْتَجُ: تَلِدُ.

(1/177)


264 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ [ص:178] الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا. نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ)) .
يَبْدُو: يَظْهرُ.

(1/177)


265 - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه -: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى تُزْهِيَ قِيلَ: وَمَا تُزْهِي؟ قَالَ: حَتَّى تَحْمَرَّ. قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ , بِمَ يَسْتَحِلُّ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟)) .

(1/178)


266 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُتَلَقَّى الرُّكْبَانُ , وَأَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، قَالَ: فَقُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: مَا قَوْلُهُ حَاضِرٌ لِبَادٍ؟ قَالَ: لا يَكُونُ لَهُ سِمْسَاراً)) . [ص:179]
سِمْسَاراً: السِّمسارُ هو متَوَلِّي البيعِ والشِّراءِ لِغيرِهِ.

267 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْمُزَابَنَةِ: أَنْ يَبِيعَ ثَمَرَ حَائِطِهِ , إنْ كَانَ نَخْلاً: بِتَمْرٍ كَيْلاً. وَإِنْ كَانَ كَرْماً: أَنْ يَبِيعَهُ بِزَبِيبٍ كَيْلاً , أَوْ كَانَ زَرْعاً: أَنْ يَبِيعَهُ بِكَيْلِ طَعَامٍ. نَهَى عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ)) .
الْمُزَابَنَةِ: هي بيعُ شيءٍ لايُعْلَمُ كَيلُهُ أَووزنُهُ أَوعددُهُ بشيءٍ منْ جنسِهِ.

(1/178)


268 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: ((نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْمُخَابَرَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ , وَعَنْ الْمُزَابَنَةِ وَعَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاحُهَا , وَأَنْ لا تُبَاعَ إلاَّ بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ , إلاَّ الْعَرَايَا)) [ص:180] الْمُحَاقَلَةِ: بيعُ الحِنْطَةِ في سُنْبُلِها بِحِنْطَةِ. أهـ
الْمُخَابَرَة: قالَ النوويُّ: هي المعاملةُ على الأَرضِ ببعضِ مايخرجُ منَ الأَرضِ منَ الزَّرْعِ كالثُلثِ أَوِ الرُّبعِ أَوغيرِ ذلكَ منَ الأَجزاءِ المعلومةِ لكنْ يكونُ البِذْرُ منَ العاملِ بخلافِ المُزارَعةِ التي يكونُ البِذْرُ فيها منْ صاحبِ الأَرضِ
الْمُحَاقَلَة: بيعُ الحِنْطَةِ في سُنْبُلِها بِحِنْطَةِ صافيةٍ منَ التِّبْنِ.
الْعَرَايَا: سيأْتي تفسيرُها في موضِعِها.

(1/179)


269 - عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ - رضي الله عنه - ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ , وَمَهْرِ الْبَغِيِّ , وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ)) .
مَهْر الْبَغِيِّ: هو ماتأْخُذُهُ المرأَةُ الزانِيَةُ في مقابِلِ الزِّنا.
حُلْوَان الْكَاهِنِ: الكاهنُ: هو الذي يدَّعي علمَ الأَشياءِ المُغَيَّبَةِ المستَقبَلَةِ، وحُلْوانُهُ: مايعطاه منَ المالِ مقابل دَجَلِهِ وكَذِبِهِ.

(1/180)


270 - عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ - رضي الله عنه - أَنْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((ثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ. وَمَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ , وَكَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ)) . [ص:181]
الْحَجَّام: هو منْ يمارسُ مَهْنَةَ الحِجامةِ، وهي امتصاصُ الدَّمِ منْ تحتِ الجلدِ.

(1/180)


بابُ العَرايا وغير ذلكَ

(1/181)


271 - عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضي الله عنه - ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ لِصَاحِبِ الْعَرِيَّةِ: أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا))
وَلِمُسْلِمٍ: ((بِخَرْصِهَا تَمْراً , يَأْكُلُونَهَا رُطَباً)) .
الْعَرِيَّة: هيَ بيعُ الرُّطَبِ على رؤُوسِ النخلِ، بِقَدْرِ كَيْلِهِ منَ التَّمْرِ.
بِخَرْصِهَا: الخَرْصُ: الظَّنُّ والتَّخمينُ.

(1/181)


272 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - رَخَّصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ)) .
أَوْسُق: جمعُ «وَسْق» ومِقدارُهُ ستونَ صاعاً نَبَوِيَّاً. والخمسةُ أَوسقٍ ثلاثُمائةِ صاعٍ.

(1/181)


273 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم [ص:182] قَالَ: ((مَنْ بَاعَ نَخْلاً قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرُهَا لِلْبَائِعِ , إلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ)) .
وَلِمُسْلِمٍ ((وَمَنْ ابْتَاعَ عَبْداً فَمَالُهُ لِلَّذِي بَاعَهُ إلاَّ أَنْ يُشْتَرَطَ الْمُبْتَاعُ)) .
أُبِّرَتْ: لُقِّحَتْ.
الْمُبْتَاعُ: المُشتَري.

(1/181)


274 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ)) وَفِي لَفْظٍ: ((حَتَّى يَقْبِضَهُ)) .

(1/182)


وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مِثْلُهُ.

(1/182)


275 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما أَنَّهُ سَمِعَ [ص:183] رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ: ((إنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالأَصْنَامِ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ؟ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ , وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ. وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ. فَقَالَ: لا، هُوَ حَرَامٌ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ: قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ. إنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا، جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ)) .
جَمَلُوهُ: أَذَابُوهُ.
يَسْتَصْبِحُ: يَسْتَضيءُ.

(1/182)


بابُ السَّلَمِ

(1/183)


السَّلَمِ لغةً: السَّلَفُ.
وشرعاً: هو بيعُ موصوفٍ في الذِّمَّةِ بثمنٍ عاجلٍ.

(1/183)


276 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ((قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ , وَهُمْ يُسْلِفُونَ فِي الثِّمَارِ: السَّنَةَ [ص:184] وَالسَّنَتَيْنِ وَالثَّلاثَ. فَقَالَ: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَلْيُسْلِفْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ , وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ , إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ)) .

(1/183)


بابُ الشُّروطِ في البيعِ

(1/184)


277 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ((جَاءَتْنِي بَرِيرَةُ: فَقَالَتْ: كَاتَبْتُ أَهْلِي عَلَى تِسْعِ أَوَاقٍ , فِي كُلِّ عَامٍ أُوقِيَّةٌ. فَأَعِينِينِي. فَقُلْتُ: إنْ أَحَبَّ أَهْلُكِ أَنْ أَعُدَّهَا لَهُمْ , وَوَلاؤُكِ لِي فَعَلْتُ. فَذَهَبَتْ بَرِيرَةُ إلَى أَهْلِهَا , فَقَالَتْ: لَهُمْ. فَأَبَوْا عَلَيْهَا. فَجَاءَتْ مِنْ عِنْدِهِمْ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسٌ. فَقَالَتْ: إنِّي عَرَضْتُ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِي , فَأَبَوْا إلاَّ أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْوَلاءُ. فَأَخْبَرَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ: خُذِيهَا وَاشْتَرِطِي لَهُمُ الْوَلاءَ. فَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ. فَفَعَلَتْ عَائِشَةُ. ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي النَّاسِ , فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ. فَمَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطاً لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ [ص:185] كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ. قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ. وَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ. وَإِنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ)) .
كَاتَبْتُ أَهْلِي: اشتريتُ نَفْسي منْ أَسْيادي.
وَوَلاؤُكِ لِي: الولاء هو النُّصرةُ لكن خُصَّ في الشَّرعِ بالعتقِ الذي هو تحريرُ الرَّقبة وتخليصُها منَ الرِّقِّ، ويحصل بالولاء التَّوارُثُ والتَّناصُرُ والتَّقارُبُ.

(1/184)


278 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما ((أَنَّهُ كَانَ يَسِيرُ عَلَى جَمَلٍ فَأَعْيَا , فَأَرَادَ أَنْ يُسَيِّبَهُ. فَلَحِقَنِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَعَا لِي , وَضَرَبَهُ. فَسَارَ سَيْراً لَمْ يَسِرْ مِثْلَهُ. ثُمَّ قَالَ: بِعْنِيهِ بِوُقِيَّةٍ. قُلْتُ: لا. ثُمَّ قَالَ: بِعْنِيهِ. فَبِعْتُهُ بِأُوقِيَّةٍ. وَاسْتَثْنَيْتُ حِمْلانَهُ إلَى أَهْلِي. فَلَمَّا بَلَغْتُ: أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ. فَنَقَدَنِي ثَمَنَهُ. ثُمَّ رَجَعْتُ. فَأَرْسَلَ فِي إثْرِي. فَقَالَ: أَتُرَانِي مَاكَسْتُكَ لآخُذَ جَمَلَكَ؟ خُذْ جَمَلَكَ وَدَرَاهِمَكَ. فَهُوَ لَكَ))
أَعْيَا: تَعِبَ.
يُسَيِّبَهُ: يُطْلِقَهُ على وجهِهِ.
حِمْلانَهُ إلَى أَهْلِي: أَي حملي إلَى أَهْلِي.
أَتُرَانِي: أَتظُنُّني.
مَاكَسْتُكَ: المُماكسةُ المكالمةُ لطلبِ النَّقْصِ في الثَّمَنِ.

279 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم [ص:186] أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ. وَلا تَنَاجَشُوا وَلا يَبِعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ. وَلا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَتِهِ. وَلا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلاقَ أُخْتِهَا لِتَكْفِئَ مَا فِي صَحْفَتِهَا))

(1/185)


بابُ الرِّبا والصَّرْفِ

(1/186)


280 - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا , إلاَّ هَاءَ وَهَاءَ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ رِباً , إلاَّ هَاءَ وَهَاءَ. وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ رِباً , إلاَّ هَاءَ وَهَاءَ)) .
الْوَرِقُ: الفِضَّةُ.
إلاَّ هَاءَ وَهَاءَ: معناهُ التَّقابُضُ.

(1/186)


281 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ. وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ. وَلا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ إلاَّ مِثْلاًّ بِمِثْلٍ. وَلا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ. وَلا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِباً بِنَاجِزٍ)) .
وَفِي لَفْظٍ ((إلاَّ يَداً بِيَدٍ)) .
وَفِي لَفْظٍ ((إلاَّ وَزْناً بِوَزْنٍ , مِثْلاً بِمِثْلٍ [ص:187] سَوَاءً بِسَوَاءٍ)) .
لا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ: لاتُفَضِّلوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ.

(1/186)


282 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: ((جَاءَ بِلالٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِتَمْرٍ بَرْنِيِّ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: مِنْ أَيْنَ لَكَ هَذَا؟ قَالَ بِلالٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيءٌ , فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِيَطْعَمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ: أَوَّهْ , أَوَّهْ , عَيْنُ الرِّبَا , عَيْنُ الرِّبَا , لا تَفْعَلْ. وَلَكِنْ إذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعْ التَّمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ. ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ)) .
بَرْنِيّ: نوعٌ جيدٌ منْ تمرِ المدينةِ.
أَوَّهْ , أَوَّهْ: كلمةٌ يؤتى بها للتَّوَجُّعِ.

(1/187)


283 - عَنْ أَبِي الْمِنْهَالِ قَالَ: ((سَأَلْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ , عَنْ الصَّرْفِ؟ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَقُولُ: هَذَا [ص:188] خَيْرٌ مِنِّي. وَكِلاهُمَا يَقُولُ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ دَيْناً)) .

(1/187)


284 - عَنْ أَبِي بَكْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ , وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ , إلاَّ سَوَاءً بِسَوَاءٍ , وَأَمَرَنَا: أَنْ نَشْتَرِيَ الْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ , كَيْفَ شِئْنَا. وَنَشْتَرِيَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْنَا. قَالَ: فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَدًا بِيَدٍ؟ فَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُ)) .

(1/188)


بابُ الرَّهْنِ وغيرِهِ

(1/188)


285 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - اشْتَرَى مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَاماً , وَرَهَنَهُ دِرْعاً مِنْ حَدِيدٍ)) .

(1/188)


286 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ. فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ)) .
مَطْلُ الْغَنِيِّ: المماطَلَةُ في آداءِ ماعليه منْ حقٍّ للغيرِ.
أُتْبِعَ: أُحيلَ.
مَلِيء: الغنيُّ المُقْتَدِرُ على الوفاءِ.

(1/189)


287 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوْ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ -: ((مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ - أَوْ إنْسَانٍ - قَدْ أَفْلَسَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ)) .

(1/189)


288 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ ((جَعَلَ - وَفِي لَفْظٍ: ((قَضَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ. فَإِذَا وَقَعَتِ [ص:190] الْحُدُودُ , وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ: فَلا شُفْعَةَ)) .
الشُّفْعَة: استحقاقُ الشَّريكِ انتزاع حُصَّةِ شريكِهِ مِمَّنِ انتقَلَتْ إِليهِ بِعِوَضٍ.
وَقَعَتِ الْحُدُودُ: عُيِّنَتْ وتَمَيَّزتْ.
وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ: بُنِيَتْ مصارِفُها وشوارعُها.

(1/189)


289 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: ((قَدْ أَصَابَ عُمَرُ أَرْضاً بِخَيْبَرَ. فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتَأْمِرُهُ فِيهَا. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إنِّي أَصَبْتُ أَرْضاً بِخَيْبَرَ , لَمْ أُصِبْ مَالاً قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ , فَمَا تَأْمُرُنِي بِهِ؟ فَقَالَ: إنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا , وَتَصَدَّقْتَ بِهَا. قَالَ: فَتَصَدَّقَ بِهَا. غَيْرَ أَنَّهُ لا يُبَاعُ أَصْلُهَا , وَلا يُوهَبُ , وَلا يُورَثُ. قَالَ: فَتَصَدَّقَ عُمَرُ فِي الْفُقَرَاءِ , وَفِي الْقُرْبَى , وَفِي الرِّقَابِ , وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ , وَابْنِ السَّبِيلِ , وَالضَّيْفِ. لا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهَا: [ص:191] أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ , أَوْ يُطْعِمَ صَدِيقاً , غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ فِيهِ)) .
وَفِي لَفْظٍ: ((غَيْرَ مُتَأَثِّلٍ)) .
يَسْتَأْمِرُهُ: يستشيرُهُ ويطلبُ أَمرَهُ.
أَنْفَسُ: أَجْوَدُ.
حَبَسْتَ أَصْلَهَا: وقَفْتَ أَصلَ الأَرضِ.
غَيْرَ مُتَمَوِّلٍ: غيرَ مُتَّخِذٍ منها مِلْكاً لِنَفْسِهِ.

(1/190)


290 - عَنْ عُمَرَ- رضي الله عنه - قَالَ: ((حَمَلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ , فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ , فَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ , فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ. فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَ: لا تَشْتَرِهِ. وَلا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ , وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ. فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ)) .

291 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: "العائد في هبته، كالعائد فيى قيئه" (4) .
وفي لفظ: "فإن الذى يعود في صدقته كالكلب [يقئ ثم] يعود في قيئه" (5) .

(1/191)


292 - عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: ((تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ. فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. فَانْطَلَقَ أَبِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِيُشْهِدَ عَلَى صَدَقَتِي فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِمْ؟ قَالَ: لا. قَالَ: اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلادِكُمْ، فَرَجَعَ أَبِي , فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ)) . وَفِي لَفْظٍ: ((فَلا تُشْهِدْنِي إذاً. فَإِنِّي لا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ))
وَفِي لَفْظٍ: ((فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي)) .
جَوْر: ظُلْمٌ.

(1/192)


293 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ((أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَرْعٍ)) .

(1/192)


294 - عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ: ((كُنَّا أَكْثَرَ الأنْصَارِ [ص:193] حَقْلاً. وَكُنَّا نُكْرِي الأرْضَ , عَلَى أَنَّ لَنَا هَذِهِ , وَلَهُمْ هَذِهِ فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ , وَلَمْ تُخْرِجْ هَذِهِ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ. فَأَمَّا بِالْوَرِقِ: فَلَمْ يَنْهَنَا)) .

(1/192)


295 - وَلِمُسْلِمٍ عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: ((سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالْوَرِقِ؟ فَقَالَ: لا بَأْسَ بِهِ. إنَّمَا كَانَ النَّاسُ يُؤَاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَا عَلَى الْمَاذِيَانَاتِ , وَأَقْبَالِ الْجَدَاوِلِ , وَأَشْيَاءَ مِنْ الزَّرْعِ فَيَهْلِكُ هَذَا , وَيَسْلَمُ هَذَا وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إلاَّ هَذَا. وَلِذَلِكَ زَجَرَ عَنْهُ. فَأَمَّا شَيْءٌ مَعْلُومٌ مَضْمُونٌ: فَلا بَأْسَ بِهِ)) .
الْمَاذِيَانَات: الأَنْهَارُ الْكِبَارُ وَالْجَدْوَلُ النَّهَرُ الصَّغِيرُ.

(1/193)


296 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ: ((قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالْعُمْرَى لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ)) .
الْعُمْرَى: مشتقةٌ منَ العُمرِ وهو الحياةِ. سميتْ بذلكَ لأَنَّهم كانوا في الجاهليةِ يُعطِي الرَّجلُ الرَّجلَ الدَّارَ أَوغيرَها ويقولُ: أَعْمَرْتُكَ إِياها، أَي أَبحْتُها لكَ مدَّةَ عُمرِكَ وحياتِكِ.
وَفِي لَفْظٍ: ((مَنْ أُعْمِرَ عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ. فَإِنَّهَا لِلَّذِي أُعْطِيَهَا. لا تَرْجِعُ إلَى الَّذِي أَعْطَاهَا ; لأَنَّهُ أَعْطَى عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ)) . [ص:194] وَقَالَ جَابِرٌ: ((إنَّمَا الْعُمْرَى الَّتِي أَجَازَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - , أَنْ يَقُولَ: هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ , فَأَمَّا إذَا قَالَ: هِيَ لَك مَا عِشْتَ: فَإِنَّهَا تَرْجِعُ إلَى صَاحِبِهَا)) .

(1/193)


وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: ((أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلا تُفْسِدُوهَا، فَإِنَّهُ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لِلَّذِي أُعْمِرَهَا: حَيّاً , وَمَيِّتاً , وَلِعَقِبِهِ)) .
لِعَقِبِهِ: لِذرِّيَّتِهِ.

(1/194)


297 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((لا يَمْنَعَنَّ جَارٌ جَارَهُ: أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَةً فِي جِدَارِهِ ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ: مَا لِي أَرَاكُمْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ؟ وَاَللَّهِ لأَرْمِيَنَّ بِها بَيْنَ أَكْتَافِكُمْ)) .

298 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنْ الأَرْضِ: طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ)) . [ص:195]
قِيدَ شِبْرٍ: أَي قَدْرَ شِبْرٍ.
طُوِّقَهُ: جُعِلَ طَوْقَاً في عُنُقِهِ.

(1/194)


بابُ اللُّقَطَةِ

(1/195)


299 - عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: ((سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ لُقَطَةِ الذَّهَبِ , أَوْ الْوَرِقِ؟ فَقَالَ: اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا , ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِقْهَا وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْماً مِنْ الدَّهْرِ: فَأَدِّهَا إلَيْهِ , وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ؟ فَقَالَ: مَا لَك وَلَهَا؟ دَعْهَا فَإِنَّ مَعَهَا حِذَاءَهَا وَسِقَاءَهَا , تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ , حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا. وَسَأَلَهُ عَنْ الشَّاةِ؟ فَقَالَ: خُذْهَا فَإِنَّمَا هِيَ لَكَ , أَوْ لأَخِيك , أَوْ لِلذِّئْبِ)) . [ص:197]
اللُقَطَةُ: المالُ الضائِعُ منْ صاحِبِهِ يلْتَقِطُهُ غيرُهُ.
وِكاءها: الوِكاءُ: مايربطُ بِهِ الشيءُ.
عِفَاصهَا: وِعاؤُها.
حِذَاءَها: خُفُّها.
سِقَاءهَا: جوفُها الذي حملَ كثيراً منَ الماءِ والطَّعامِ.

(1/195)


بابُ الوصايا

(1/197)


300 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ , لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ , يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلاَّ وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ)) .
زَادَ مُسْلِمٌ: قَالَ ابْنُ عُمَرَ: ((مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ ذَلِكَ , إلاَّ وَعِنْدِي وَصِيَّتِي)) .
الوصيَّةُ: عهدٌ خاصٌ بالتَّصَرُّفِ بالمالِ، أَوالتبرعِ بهِ بعدَ الموتِ.

(1/197)


301 - عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: ((جَاءَني رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُنِي عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنْ وَجَعٍ اشْتَدَّ بِي فَقُلْتُ: يَا [ص:198] رَسُولَ اللَّهِ , قَدْ بَلَغَ بِي مِنْ الْوَجَعِ مَا تَرَى، وَأَنَا ذُو مَالٍ , وَلا يَرِثُنِي إلاَّ ابْنَةٌ أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي؟ قَالَ: لا، قُلْتُ: فَالشَّطْرُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لا، قُلْت: فَالثُّلُثُ قَالَ: الثُّلُثُ , وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ ورَثَتَكَ أَغنياءَ خيرٌ منْ أَنْ تَذَرَهمْ عالَةً يَتَكَفَّفونَ النَّاسَ، وإنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلاَّ أُجِرْتَ بِهَا , حَتَّى مَا تَجْعَلُ فِي فِي امْرَأَتِكَ. قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي؟ قَالَ: إنَّكَ لَنْ تُخَلَّفَ فَتَعْمَلَ عَمَلاً تَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ إلاَّ ازْدَدْت بِهِ دَرَجَةً وَرِفْعَةً , وَلَعَلَّكَ أَنْ تُخَلَّفَ حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ , وَيُضَرُّ بِكَ آخَرُونَ. اللَّهُمَّ أَمْضِ لأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ , وَلا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، لَكِنِ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ يَرْثِي لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ مَاتَ بِمَكَّةَ)) . [ص:199]
يَعُودُنِي: يزورُني في مرضي.
تَذَرَهمْ: تترُكَهمْ.
عالَةً: فقراءَ.
يَتَكَفَّفونَ: يمدونَ أَيْديَهُمْ للسؤالِ.

(1/197)


302 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: ((لَوْ أَنَّ النَّاسَ غَضُّوا مِنْ الثُّلُثِ إلَى الرُّبْعِ؟ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: الثُّلُثُ , وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ)) . [ص:201]
غَضُّوا: أَنْقَصوا.

(1/199)


بابُ الفَرَائِضِ

(1/201)


303 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ)) .
وَفِي رِوَايَةٍ: ((اقْسِمُوا الْمَالَ بَيْنَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ فَمَا تَرَكَتْ: فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ)) .
الْفَرَائِض: النَّصيبُ المُقَّدَّرُ للوارِثِ.
لأَوْلَى رَجُلٍ: لأَقْربِ رَجُلٍ في النَّسَبِ.

(1/201)


304 - عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَالَ: ((قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَتَنْزِلُ غَداً فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ [ص:202] مِنْ رِبَاعٍ؟ ثُمَّ قَالَ: لا يَرِثُ الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ وَلا الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ)) .
الرِّبَاع: محلاتُ الإِقامةِ، أَي الدور.

(1/201)


305 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما ((أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ بَيْعِ الْوَلاءِ وَعَنْ هِبَتِهِ)) .

(1/202)


306 - عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ((كَانَتْ فِي بَرِيرَةَ ثَلاثُ سُنَنٍ: خُيِّرَتْ عَلَى زَوْجِهَا حِينَ عَتَقَتْ , وَأُهْدِيَ لَهَا لَحْمٌ , فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْبُرْمَةُ عَلَى النَّارِ , فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأُتِيَ بِخُبْزٍ وَأُدْمٍ [ص:203] مِنْ أُدْمِ الْبَيْتِ فَقَالَ: أَلَمْ أَرَ الْبُرْمَةَ عَلَى النَّارِ فِيهَا لَحْمٌ؟ قَالُوا: بَلَى , يَا رَسُولَ اللَّهِ. ذَلِكَ لَحْمٌ تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ فَكَرِهْنَا أَنْ نُطْعِمَكَ مِنْهُ فَقَالَ: هُوَ عَلَيْهَا صَدَقَةٌ , وَهُوَ مِنْهَا لَنَا هَدِيَّةٌ , وَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِيهَا: إنَّمَا الْوَلاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ)) . [ص:205]
الْبُرْمَةُ: قِدْرٌ منْ حجارَةٍ.

(1/202)