منهج السالكين وتوضيح الفقة في الدين

كتاب الطهارة
مدخل
...
كِتَابُ الطَّهَارَةِ 1
3- قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وإِقَامِ الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحِجِّ البَيتِ، وَصَومِ رَمَضَانَ" 2. متفق عليه.
4- فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اَللَّهُ: عِلْمُ اَلْعَبْدِ وَاعْتِقَادِهِ وَالْتِزَامِهِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ اَلْأُلُوهِيَّةَ وَالْعُبُودِيَّةَ إِلَّا اَللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.
فَيُوجِبُ ذَلِكَ عَلَى اَلْعَبْدِ: إِخْلَاصَ جَمِيعِ اَلدِّينِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَأَنْ تَكُونَ عِبَادَاتُهُ اَلظَّاهِرَةُ وَالْبَاطِنَةُ كلها لله وحده، وألا يُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا فِي جَمِيعِ أُمُورِ اَلدِّينِ.
وهذا أصل دين جميع المرسلين وأتباعهم، كمال قَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِْ} [الأنبياء: 25] .
5- وَشَهَادَةُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اَللَّهِ: أَنَّ يَعْتَقِدَ اَلْعَبْدُ أَنَّ اَللَّهَ أَرْسَلَ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- إِلَى جَمِيعِ اَلثَّقَلَيْنِ: اَلْإِنْسِ وَالْجِنِّ، بَشِيرًا وَنَذِيرًا، يَدْعُوهُمْ إِلَى تَوْحِيدِ اَللَّهِ وَطَاعَتِهِ، بتصديق خبره،
__________
1 في "ب": فصل.
2 أخرجه البخاري "49/1"، ومسلم "16".

(1/31)


وَامْتِثَالِ أَمْرِهِ، وَاجْتِنَابِ نَهْيِهِ، وَأَنَّهُ لَا سَعَادَةَ وَلَا صَلَاحَ فِي اَلدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا بِالْإِيمَانِ بِهِ وَطَاعَتِهِ، وَأَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُ مَحَبَّتِهِ عَلَى مَحَبَّةِ اَلنَّفْسِ وَالْوَلَدِ1 وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.
وَأَنَّ اَللَّهَ أَيَّدَهُ بِالْمُعْجِزَاتِ اَلدَّالَّةِ عَلَى رِسَالَتِهِ، وَبِمَا جَبَلَهُ اَللَّهُ عَلَيْهِ مِنْ اَلْعُلُومِ اَلْكَامِلَةِ، وَالْأَخْلَاقِ اَلْعَالِيَةِ، وَبِمَا اِشْتَمَلَ عَلَيْهِ دَيْنُهُ مِنْ اَلْهُدَى وَالرَّحْمَةِ وَالْحَقِّ2، وَالْمَصَالِحِ اَلدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ.
وَآيَتُهُ اَلْكُبْرَى: هَذَا اَلْقُرْآنُ اَلْعَظِيمُ، بِمَا فِيهِ مِنْ اَلْحَقِّ فِي الأخبار والأمر والنهي، والله أعلم.
__________
1 زيادة من: "ط".
2 زيادة من: "ب، ط".

(1/32)


فَصْلٌ [فِي الْمِيَاهِ]
6- وَأَمَّا اَلصَّلَاةُ: فَلَهَا شُرُوطٌ تتقدم عليها، فمنها:
7- اَلطَّهَارَةُ: كَمَا قَالَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً1 بِغَيرِ طُهُورٍ" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ 2، 3. فَمَنْ لَمْ يَتَطَهَّرْ مِنَ اَلْحَدَثِ الأكبر
__________
1 في "أ": "صلاة أحدكم"، ولم أجد هذا اللفظ.
2 في "ب، ط" رواه البخاري ومسلم.
3 أخرجه مسلم "224" عن ابن عمر، ولفظه: "لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بِغَيرِ =

(1/32)


والأصغر والنجاسة فلا صلاة له.
8- والطهارة نوعان:
9- أحدهما: الطهارة بالماء، وَهِيَ اَلْأَصْلُ1.
10- فَكُلُّ مَاءٍ نَزَلَ مِنَ اَلسَّمَاءِ، أَوْ نَبَعَ2 مِنْ اَلْأَرْضِ، فَهُوَ طَهُورٌ، يُطَهِّرُ مِنَ اَلْأَحْدَاثِ وَالْأَخْبَاثِ، وَلَوْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ أَوْ طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ بِشَيْءٍ طَاهِرٍ، كَمَا قَالَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيءٌ" رَوَاهُ أَهْلُ اَلسُّنَنِ3، وهو صحيح4.
11- فَإِنْ تَغَيَّرَ أَحَدُ أَوْصَافِهِ بِنَجَاسَةٍ فَهُوَ نَجِسٌ، يجب اجتنابه 5.
__________
= طهور"، أما البخاري فلم يخرِّجه وإنما وضعه ترجمة لباب. قال الحافظ "234/1": وله طرق كثيرة لكن ليس فيها شيء على شرط البخاري؛ فلهذا اقتصر على ذكره في الترجمة، وأورد في الباب ما يقوم مقامه يعني حديث: "لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ".
2 في "ب، ط": "خرج".
3 أخرجه أحمد "31/3- 86" وصححه، وأبو داود في السنن "66"، والترمذي "66" وحسنه، والنسائي "174/1"، والدارقطني "31/1".
4 زيادة من: "ب، ط".
5 قال الشيخ: "الصواب أن الماء نوعان: طهور مطهر، ونجس منجس، وأن الحد الفاصل بينهما: هو التغير لأحد أوصافه بالنجاسات =

(1/33)


12- والأصل في الأشياء: الطهارة والإباحة.
13- فَإِذَا شَكَّ اَلْمُسْلِمُ فِي نَجَاسَةِ مَاءٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ بُقْعَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا: فَهُوَ طَاهِرٌ،
أَوْ تَيَقَّنَ اَلطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي اَلْحَدَثِ: فَهُوَ طَاهِرٌ1؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم (فِي اَلرَّجُلِ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ اَلشَّيْءَ فِي اَلصَّلَاةِ) 2: "لَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا" متفق عليه3.
__________
= والأخباث، فما تغير لونه أو ريحه أو طعمه بنجاسة فهو نجس منجس، وسواء كان التغير كثيرا أو قليلا في محل التطهير أو في غيره، للون أو للريح أو الطعم، وسواء كان بممازجة أو بغير ممازجة، وأما الماء الذي أصابته نجاسة فلم تغير أحد أوصافه فهو طهور.." "المختارات الجلية، ص: 7".
1 قرر الشيخ: أن الصحيح في اشتباه الثياب الطاهرة بالنجسة، أو المحرمة بالمباحة: أنه يتحرى، ويصلي في ثوب واحد صلاة واحدة. "المختارات الجلية، ص: 10".
2 زيادة من: "ط".
3 رواه البخاري "237/1"، ومسلم "361".

(1/34)


[بَابُ الآنِيَةِ]
14- وجميع الأواني مباحة.
15- إِلَّا آنِيَةَ اَلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَمَا فِيهِ شَيْءٌ مِنْهُمَا، إِلَّا اَلْيَسِيرَ

(1/34)


مِنْ اَلْفِضَّةِ لِلْحَاجَةِ1؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ اَلذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا2، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدنيا، ولكم في الآخرة". متفق عليه3.
__________
1 قال الشيخ في "القواعد والفروق، ص: 155": ومن الفروق الصحيحة: استعمال الذهب والفضة، وله ثلاثة استعمالات.
أحدها: استعماله في الأواني ونحوها، فهذا لا يحل للذكور ولا للإناث.
والثاني: استعماله في اللباس، فهذا يحل للنساء دون الرجال.
والثالث: استعماله في لباس الحرب، وآلات الحرب، فهذا يجوز حتى للذكور.
2 وفي رواية النسائي: "صحافهما" والصَّحْفَة: إناء من آنية الطعام كالقصعة المبسوطة.
3 رواه البخاري "554/9"، ومسلم "2067".

(1/35)


باب آداب الاستنجاء وآداب قضاء الحاجة
...
بَابُ اَلِاسْتِنْجَاءِ وَآدَابِ قَضَاءِ اَلْحَاجَةِ
16- يُسْتَحَبُّ إِذَا دَخَلَ اَلْخَلَاءَ: أَنْ يَقْدَمَ رِجْلَهُ اَلْيُسْرَى، وَيَقُولَ: بسم الله1،
__________
1 لحديث علي -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم، إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: بسم الله" رواه الترمذي "606"، وابن ماجه في "السنن" "297"، وقال الترمذي: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وإسناده ليس بذاك القوي، وقد روي عن أنس عن النبى -صلى الله عليه وسلم- أشياء في هذا. أهـ. قال =

(1/35)


"اَللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ1 مِنْ اَلْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ" 2.
17- وإذا خرج منه:
1- قَدَّم اليمني.
2- وقال: غفرانك3،
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي اَلْأَذَى وَعَافَانِي4.
__________
= عبد القادر الأرناؤوط في "جامع الأصول" "316/4": وللحديث شواهد يقوى بها فيكون صحيحًا.
1 في "أ": أعوذ بالله.
2 رواه البخاري "242/1"، ومسلم "375"، و"الْخُبث" بضم الخاء والباء: ذكران الجن، وبإسكان الباء يراد به: الشر، فتكون أعم، والخبائث على الأول: إناث الجن، وعلى الثاني: الأفعال القبيحة.
3 رواه أحمد "155/6"، وأبو داود "30"، وابن ماجه "300"، وابن حبان "1431"، والدارمي " 174/1"، والترمذي "7"، وقال: حسن غريب، والحاكم "158/1"، وصححه، قال أبو حاتم في "العلل" "43/1": هو أصح حديث في هذا الباب، وقد صححه ابن خزيمة وابن الجارود والنووي والذهبي.
4 رواه ابن ماجه "301" من حديث أنس، وفي سنده إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف، قال البوصيري: "هو متفق على تضعيفه، والحديث بهذا اللفظ غير ثابت"، وقال أبو الحسن السندي في حاشيته على ابن ماجه: "ومثله نقل عن المصنف في بعض الأصول". ورواه ابن السني "21" من حديث أبي ذر، وللحافظ ابن حجر كلام طويل حول الحديث ذكره في تخريج الأذكار، يحسن الرجوع إليه.

(1/36)


18- وَيَعْتَمِدُ فِي جُلُوسِهُ عَلَى رِجْلِهِ اَلْيُسْرَى، وَيَنْصِبُ اليمني 1.
19- ويستتر بحائط أو غيره.
20- ويبعد إن كان في الفضاء.
21- ولا يحل له أن يقضي حاجته في:
1- طريق.
2- أو محل جلوس الناس.
3- أو تحت الأشجار المثمرة.
4- أو في محل يؤذي به الناس.
22- وَلَا يَسْتَقْبِلُ اَلْقِبْلَةَ أَوْ يَسْتَدْبِرُهَا حَالَ قَضَاءِ اَلْحَاجَةِ2؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَتَيتُمُ الغَائِطَ فَلا تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ بِغَائِطٍ وَلَا بَولٍ، وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا" متفق عليه3.
__________
1 فيه حديث رواه البيهقي في سننه "96/1" بسند ضعيف كما ذكره ابن حجر في "البلوغ، ص: 21"، وفي "التلخيص" "107/1" وضعفه النووي كما في "المجموع" "92/2". إلا أنه ثابت طبا، ينظر: "توضيح الأحكام على بلوغ المرام" للشيخ البسام "285/1".
2 في "ب، ط": "حاجته".
3 أخرجه البخاري "498/1"، ومسلم "264" قال الشيخ: "والصحيح أنه لا يكره استقبال النيرين: الشمسِ والقمرِ، وقت قضاء الحاجة؛ لهذا الحديث. "المختارات الجلية، ص: 11".

(1/37)


23- فَإِذَا قَضَى حَاجَتَهُ1:
1- اِسْتَجْمَرَ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ وَنَحْوِهَا، تنقي المحل.
2- ثم استنجى بالماء.
24- ويكفي الاقتصار على أحدهما.
25- ولا يُسْتَجْمَر:
1- بالروث والعظام، كما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم2.
2- وكذلك كل ما له حرمة.
__________
1 قال الشيخ في "المختارات الجلية، ص: 11": والصحيح أنه لا يستحب المسح ولا النتر؛ لعدم ثبوت الحديث في ذلك؛ لأن ذلك يحدث الوسواس.
2 في "ط": لنهي النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك، رواه البخاري "255/1" من حديث أبي هريرة، ومسلم "263" من حديث جابر.

(1/38)


فَصْلٌ1 [إزَالَةُ النَّجَاسَةِ والأَشْيَاءِ النَّجِسَةِ]
26- وَيَكْفِي فِي غَسْلِ جَمِيعِ2 اَلنَّجَاسَاتِ عَلَى اَلْبَدَنِ، أَوْ اَلثَّوْبِ، أَوْ اَلْبُقْعَةِ أَوْ غَيْرِهِا، أَنْ تَزُولَ عَيْنُهَا 3 عَنْ
__________
1 ليست في: "ب، ط".
2 ليست في: "ط".
3 زيادة من: "ط".

(1/38)


اَلْمَحَلِّ1؛ لِأَنَّ اَلشَّارِعَ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي جَمِيعِ2 غَسْلِ اَلنَّجَاسَاتِ عَدَدًا إِلَّا فِي نَجَاسَةِ اَلْكَلْبِ، فَاشْتَرَطَ فِيهَا سَبْعَ غَسْلَاتٍ، إِحْدَاهَا بِالتُّرَابِ فِي اَلْحَدِيثِ اَلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ3.
27- وَالْأَشْيَاءُ اَلنَّجِسَةُ:
1- بَوْلُ اَلْآدَمِيِّ.
2- وَعُذْرَتُهُ.
3- وَالدَّمُ، إِلَّا أَنَّهُ يُعْفَى عَنِ اَلدَّمِ اَلْيَسِيرِ، وَمِثْلُهُ: اَلدَّمُ اَلْمَسْفُوحُ مِنْ اَلْحَيَوَانِ اَلْمَأْكُولَ، دُونَ اَلَّذِي يَبْقَى فِي اَللَّحْمِ وَالْعُرُوقِ، فَإِنَّهُ طَاهِرٌ.
4- وَمِنَ اَلنَّجَاسَاتِ: بولُ ورَوَثُ كُلِّ حيوانٍ محرمٍ أكله4.
__________
1 قرر الشيخ: أن النجاسة إذا زالت بأي شيء يكون، بماء أو غيره، أنها تطهر، وكذلك لو انتقلت صفاتها الخبيثة وخَلَفَتْهَا صفاتها الطيبة فإنها تطهر، وعلى هذا القول يمكن تطهير الأدهان المتنجسة بمعالجتها حتى يزول الخبث الذي فيها. "المختارات الجلية، ص: 22".
2 ليست في: "ط".
3 رواه البخاري "274/1"، ومسلم "279".
4 قرر الشيخ: أن البغل والحمار طاهران في الحياة، كالهر، فيكون ريقهما وعرقهما وشعرهما طاهرا، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يركبهما كثيرا فلم يغسل ما أصابه منهما، ولا أمر بالتحرز منه، أما لحومها فخبيثة.
"المختارات الجلية، ص: 22".

(1/39)


5- وَالسِّبَاعُ كُلُّهَا نَجِسَةٌ.
6- وَكَذَلِكَ الْمَيْتَاتُ، إِلَّا مَيْتَةَ اَلْآدَمِيِّ، وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً1، وَالسَّمَكَ والجراد؛ لأنها طاهرة.
قَالَ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} إِلَى آخِرِهَا2 [اَلْمَائِدَةِ: 3] .
وَقَالَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "اَلْمُؤْمِنُ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا" 3.
وقال: "أحل لنا ميتتان ودمَان، فأما الْمَيْتَتَانِ: فَالْحُوتُ وَالْجَرَادُ، وَأَمَّا الدُّمَانِ: فَالْكَبِدُ والطِّحال" 4 رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ5.
28- وَأَمَّا أَرْوَاثُ اَلْحَيَوَانَاتِ المأكولة وأبوالها: فهي6 طاهرة.
__________
1 كالذباب والبعوض ونحوهما.
2 في "ب، ط": الآية.
3 "المؤمن لا ينجس" رواه البخاري "390/1"، ومسلم "371" من حديث أبي هريرة، وأما زيادة: "حيا ولا ميتا" فهي من حديث ابن عباس عند الحاكم "542/1".
4 الطِّحال: بزنة "كتاب"، وجمعه طُحُل وأَطْحِلَة، هو عضو يقع بين المعدة والحجاب الحاجز في يسار البطن، وظيفته تكوين الدم، وإتلاف القديم من كُرياته.
5 أخرجه أحمد "97/2"، وابن ماجه "3314"، والدارقطني "25"، والبيهقي "254/1"، وصححه الألباني "الصحيحة: 1118".
6 في "ب، ط": "فإنها".

(1/40)


29- ومني الآدمي طاهر،
كان النبي صلى الله عليه وسلم يَغْسِلُ رَطْبَهُ، وَيَفْرُكُ يَابِسَهُ1.
30- وبَوْلُ اَلْغُلَامِ اَلصَّغِيرِ، اَلَّذِي لَمْ يَأْكُلِ اَلطَّعَامَ لِشَهْوَةٍ، يَكْفِي فِيهِ النضح2،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يُغْسَلُ مِنْ بَولِ الْجَارِيَةِ، وَيُرَشُّ مِنْ بَولِ الْغُلامِ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ3.
31- وَإِذَا زَالَتْ عَيْنُ اَلنَّجَاسَةِ طَهُرَ اَلْمَحُلُّ4، وَلَمْ يَضُرَّ بَقَاءُ اَللَّوْنِ وَالرِّيحِ؛
لِقَوْلِهِ 5 -صلى الله عليه وسلم- لخولة6 في دم الحيض7: " يَكْفِيكِ الْمَاء،
__________
1 كما في حديث عائشة، رواه البخاري "332/1"، ومسلم "288، 289، 290".
2 النضح: الرَّشُّ، وهو دون الصَّبُّ.
3 رواه أبو داود "376"، والنسائي "158/1"، من حديث أبي السمح، ورواه من حديث علي: أحمد "76/1، 97، 137"، وأبو داود "377"، والترمذي "610" وصححه، والحاكم "165/1"، وقال: صحيح على شرطهما، وصححه الحافظ ابن حجر في "الفتح" "326/1".
4 في "ب، ط": "طهرت".
5 في "ب، ط": "كما قال النبي صلى الله عليه وسلم".
6 في "ط": "لخولة بنت يسار".
7 في "أ": "في الدم".

(1/41)


ولا يَضُرُّكِ أَثَرَه" 1.
__________
1 رواه أحمد "364/2، 380"، وأبو داود "365"، والبيهقي "408/2"، وضعفه، قال الحافظ ابن حجر في "البلوغ": وسنده ضعيف"، وصحح الألباني إسناده، كما في الإرواء "189/1".

(1/42)


بَابُ صِفَةِ الوُضُوءِ
32- وَهُوَ:
1- أَنْ يَنْوِيَ رَفْعَ اَلْحَدَثِ، أَوْ اَلْوُضُوءَ لِلصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا، وَالنِّيَّةُ شَرْطٌ لِجَمِيعِ اَلْأَعْمَالِ مِنْ طَهَارَةٍ وَغَيْرِهَا؛
لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ1.
2- ثُمَّ يَقُولَ: "بِسْمِ اَللَّهِ"،
3- وَيَغْسِلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا،
4- ثُمَّ يَتَمَضْمَضَ، وَيَسْتَنْشِقَ ثَلَاثًا، بِثَلَاثِ غَرْفَاتٍ،
5- ثُمَّ يَغْسِلَ وجهه ثلاثًا،
6- ويديه إلى2 المرفقين ثلاثًا3،
__________
1 أخرجه البخاري "9/1"، ومسلم "1907".
2 في "ب، ط": "مع".
3 قال الشيخ في "المختارات، ص: 14": "الصحيح أنه لا يستحب مجاوزة محل الفرض في طهارة الماء؛ لأن الله ذكر حد الوضوء إلى =

(1/42)


7- وَيَمْسَحَ رَأْسَهُ مِنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ1 إِلَى قَفَاهُ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُعِيدَهُمَا إِلَى اَلْمَحَلِّ اَلَّذِي بَدَأَ مِنْهُ مَرَّةً وَاحِدَةً،
8- ثُمَّ يَدْخُلَ سَبَّاحَتَيْهِ فِي صِمَاخَيْ2 أُذُنَيْهِ، وَيَمْسَحَ بِإِبْهَامَيْهِ ظَاهِرَهُمَا3،
9- ثُمَّ يَغْسِلَ رِجْلَيْهِ مَعَ اَلْكَعْبَيْنِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا4.
هَذَا أَكْمَلُ اَلْوُضُوءِ اَلَّذِي فَعَلَهُ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم.
33- وَالْفَرْضُ مِنْ ذَلِكَ:
1- أَنْ يَغْسِلَ مَرَّةً وَاحِدَةً.
2- وَأَنْ يُرَتِّبَهَا عَلَى مَا ذَكَرَهُ اَللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] .
__________
= المرفقين والكعبين، وكل الواصفين لوضوء النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يذكر أحد منهم أنه فعل ذلك، ولا رغّب فيه. ثم بيَّن أن ما ورد في حديث أبي هريرة: "فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله.." مدرج من كلام أبي هريرة.
1 في "ب، ط": "مقدمه".
2 في "ب، ط": "سبابتيه في أذنيه".
3 بيَّن الشيخ أنه لا يستحب أخذ ماء جديد للأذنين؛ لعدم صحة الحديث الوارد فيه "المختارات، ص: 15".
4 زيادة من: "ب، ط".

(1/43)


3- وألا يَفْصِلَ بَيْنَهَا بِفَاصِلٍ طَوِيلٍ1 عُرْفًا، بِحَيْثُ لَا يَنْبَنِي2 بَعْضُهُ عَلَى بَعْضِ، وَكَذَا كُلُّ مَا اشترطت له الموالاة.
__________
1 في "ب، ط": "كثير".
2 في "ط": "بحيث ينبني".

(1/44)


فَصْلٌ1 [فِي المَسْحِ عَلَى الخُفَّينِ والجَبِيرَةِ]
34- فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ خُفَّانِ وَنَحْوُهُمَا مَسْحَ عَلَيْهِمَا إِنْ شَاءَ 2:
1- يَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهنَّ لِلْمُسَافِرِ.
2- بِشَرْطِ أَنْ يَلْبَسَهُمَا 3 عَلَى طَهَارَةٍ،
3- وَلَا يمسحهما4 إلا في الحدث الأصغر.
__________
1 ليست في: "ب، ط".
2 بَيَّن الشيخ أنه إذا كان في الخف خرق أو فتق يصف البشرة، فالصحيح جواز المسح عليه؛ لأنه خف فيدخل في عموم النصوص، ولأن خفاف الصحابة الظاهر منها أنها لا تخلو من فتق أو شق، كما بيَّن أن ابتداء المدة على الصحيح من المسح لا من وقت الحدث، وأن الطهارة لا تنتقض بخلع الخف الممسوح ونحوه، كما لا تنتقض أيضًا بتمام المدة ما دامت الطهارة باقية. "المختارات الجلية: ص: 15، 16، 17".
3 في "أ": "يلبسها".
4 في "أ، ب": يمسحها.

(1/44)


عن أنس مرفوعًا: "إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ، وَلَبِسَ خُفَّيْهِ فَلْيَمْسَحْ عَلَيهِمَا، ولْيُصَلِّ فِيهِمَا، ولا يَخْلَعْهُمَا إِنْ شَاءَ إلا مِنْ جَنَابَةٍ". رَوَاهُ اَلْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ1.
35- فَإِنْ كَانَ عَلَى أَعْضَاءِ وَضُوئِهِ جَبِيرَةٌ عَلَى كَسْرٍ، أَوْ دَوَاءٌ عَلَى جُرْحٍ، وَيَضُرُّهُ اَلْغُسْلُ: مَسَحَه بِالْمَاءِ فِي اَلْحَدَثِ اَلْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ حَتَّى يَبْرَأَ2.
36- وَصِفَةُ مَسَحِ اَلْخُفَّيْنِ: أَنْ يَمْسَحَ أَكْثَرَ ظَاهِرِهِمَا.
37- وَأَمَّا اَلْجَبِيرَةُ: فَيَمْسَحُ على جميعها.
__________
1 رواه الحاكم "181/1" وقال: صحيح على شرط مسلم، والدارقطني "203/1"، والبيهقي "289/1"، ينظر: نصب الراية للزيلعي "179/1"، قال في سبل السلام "313/1": والحديث قد أفاد شرطية الطهارة، وأطلقه عن التوقيت فهو مقيد به، كما يفيد حديث صفوان بن عسال، وحديث عليّ، رضي الله عنهما.
2 بيَّن الشيخ: أن مسح الجبيرة لا يشترط له تقدم طهارة، وسواء كان الشد على محل الحاجة أو زائدا على ذلك، إلا أنه إذا أمكنه أن يختصر الشد وجب عليه. "المختارات، ص: 16".

(1/45)


بَابُ نَوَاقِضِ الوُضُوءِ
38-وَهِيَ:
1- اَلْخَارِجُ مِنْ اَلسَّبِيلَيْنِ مطلقًا،

(1/45)


2- وَالدَّمُ اَلْكَثِيرُ وَنَحْوُهُ 1،
3- وَزَوَالُ اَلْعَقْلِ بِنَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ،
4- وَأَكَلُ لَحْمِ اَلْجُزُورِ2،
5- وَمَسُّ اَلْمَرْأَةِ بِشَهْوَةٍ،
6- ومس الفرج،
7- وتغسيل الميت3،
__________
1 رجَّح الشيخ أن الدم والقيء ونحوهما لا ينقض الوضوء قليلها ولا كثيرها؛ لأنه لم يرد دليل بَيِّن على نقض الوضوء بها، والأصل بقاء الطهارة. "المختارات، ص: 17".
2- الجزور: الإبل. قال الشيخ: "والصحيح أن جميع أجزاء الإبل كالكرش والقلب والمصران ونحوها ناقض؛ لأنه داخل في حكمها ولفظها ومعناها، والتفريق بين أجزائها ليس له دليل ولا تعليل" "المختارات، ص: 17". وقال: إن الإبل اختصت عن بقية البهائم بثلاثة أشياء:
أحدها: أن لحمها ينقض الوضوء. الثاني: أنه لا تصح الصلاة بأعطانها، وهو ما تقيم فيه، وتأوي إليه. الثالث: أنها الأصل في الديات على الصحيح. "القواعد والفروق، ص: 168". قال الشيخ عبد الله بن عقيل: ويزاد رابع: لا تغليظ بغير الإبل، أي: في الدية.
3 قال الشيخ: ونقض الوضوء بتغسيل الميت فيه نظر؛ لأن الحديث الوارد فيه لم يثبت، وما روي عن ابن عمر وابن عباس في أمرهما من غسل الميت بالوضوء لا يتعين حمله على الوجوب، ولا يزيل الأصل الثابت في بقاء طهارة الغاسل، حيث لم يحصل له ناقض. "المختارات الجلية، ص: 17".

(1/46)


8- والرِّدَّة: وَهِيَ تُحْبِط اَلْأَعْمَالَ كُلَّهَا1.
لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} [اَلْمَائِدَةِ: 6] . وَسُئِلَ اَلنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَنَتَوَضَّأُ مِنْ لُحُومِ اَلْإِبِلِ؟ فَقَالَ: "نعم". رواه مسلم2.
وَقَالَ فِي اَلْخُفَّيْنِ: "وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وبَولٍ ونَومٍ". رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَاَلتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ3.
__________
1 ذكر الشيخ من نواقض الوضوء: موجبات الغسل. "نور البصائر، ص: 12".
2 رواه مسلم "360".
3 رواه أحمد "239/4"، والترمذي "96"، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي "84/1"، وابن ماجه "478"، والدارقطني "15"، وابن خزيمة "196".

(1/47)


بَابُ مَا يُوجِبُ الغُسْلَ وَصِفَتُهُ
39- وَيَجِبُ اَلْغُسْلُ مِنَ:
1- اَلْجَنَابَةِ: وَهِيَ:
أَ- إِنْزَالُ اَلْمَنِيِّ بِوَطْءٍ أو غيره،
ب- أو بالتقاء الختانين.

(1/47)


2- وخروج دم الحيض، والنفاس.
3- وموت غير الشهيد.
4- وإسلام الكافر.
قال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] .
وقال تعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ} الآية. [البقرة: 222] ، أي: إذا اغتسلن.
وقد أمر النبى -صلى الله عليه وسلم- بِالْغُسْلِ مِنْ تَغْسِيلِ اَلْمَيِّتِ1.
وَأَمَرَ مَنْ أَسْلَمَ أَنْ يَغْتَسِلَ2.
40- وَأَمَّا صِفَةُ غَسْلِ اَلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِنَ اَلْجَنَابَةِ:
1- فَكَانَ يَغْسِلُ فَرْجَهُ أَوَّلًا.
2- ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا كَامِلًا.
3- ثُمَّ يَحْثِي اَلْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا، يُرَوِّيه بِذَلِكَ3.
__________
1 كما في حديث أبي هريرة، رواه أحمد "280/2"، أبو داود "3161"، والترمذي "993" وحسّنه، وصححه الألباني كما في الإرواء "144".
2 كما في حديث قيس بن عاصم، رواه أبو داود "355"، والترمذي "605" وحسنه، والنسائي "109/1".
3 صحح الشيخ: أن التثليث لا يُشْرع في الغسل إلا في غسل الرأس. كما رجَّح الشيخ: أن من عليه حدثان -أكبر وأصغر- ونوى الأكبر، وعمّ بدنه بالغسل، أنه يكفي عن الأصغر، ولو لم ينوه بخصوصه. "المختارات، ص: 18". قال الشيخ ابن عقيل: وكذلك هو في المذهب.

(1/48)


4- ثم يفيض الماء على سائر جسده،
5- ثُمَّ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ بِمَحَلٍّ آخَرَ1.
41- وَالْفَرْضُ مِنْ هَذَا:
غَسْلُ جَمِيعِ اَلْبَدَنِ، وَمَا تَحْتَ اَلشُّعُورِ الخفيفة والكثيفة، والله أعلم.
__________
1 كما في حديث ميمونة، رواه البخاري "382/1"، ومسلم "317".

(1/49)


بَابُ التَيَمُّمِ
42- وَهُوَ اَلنَّوْعُ اَلثَّانِي1 مِنَ اَلطَّهَارَةِ.
43- وَهُوَ بَدَلٌ عَنِ اَلْمَاءِ2، إِذَا تَعْذَّرَ اِسْتِعْمَالُ اَلْمَاءِ لِأَعْضَاءِ اَلطَّهَارَةِ3، أَوْ بَعْضِهَا لِعَدَمِهِ، أَوْ خَوْفِ ضَرَرٍ بِاسْتِعْمَالِهِ.
44- فَيَقُومُ اَلتُّرَابُ مَقَامَ اَلْمَاءِ بِأَنْ:
1- ينويَ رَفْعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ اَلْأَحْدَاثِ،
__________
1 تقدم النوع الأول وهو الطهارة بالماء.
2 حكمه حكم الماء في كل أحواله، فلا يشترط له دخول الوقت، ولا يبطل بدخوله ولا بخروجه، وإذا تيمم للنفل استباح به الفرض وما دونه، كما قرره الشيخ في "المختارات الجلية، ص: 18".
3 رجَّح الشيخ: أنه لا يجب التيمم ولا يشرع من نجاسة البدن. "المختارات، ص: 20".

(1/49)


2- ثم يقول: {بِسْمِ اللَّهِ} ،
3- ثم يضرب التراب بيديه مَرَّةً وَاحِدَةً1،
4- يَمْسَحُ بِهِمَا جَمِيعَ وَجْهِهِ، وَجَمِيعَ كَفَّيْهِ.
45- فَإِنْ ضَرَبَ مَرَّتَيْنِ فَلَا بَأْسَ.
قَالَ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6] .
وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ اَلنَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيّمَا رَجُل أَدْرَكَتْهُ الصَّلاةَ فَلْيُصَلِّ، وأُحِلَّتْ لِيَ الغَنَائِمُ، وَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَومِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً" متفق عليه2.
__________
1 صحح الشيخ: أن التيمم يكون بكل ما تصاعد على الأرض، من تراب له غبار أو لا غبار له، أو رمل، أو حجر، أو غير ذلك؛ لأن الظاهر من حال النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه تيمم في كل موضع أدركته فيه الصلاة. "المختارات الجلية، ص: 19".
2 أخرجه البخاري "435/1"، ومسلم "521".

(1/50)


46- ومن عليه حدثٌ أصغر لم يحل له:
1- أن يصليَ،
2- ولا أن يطوفَ بالبيت،
3- ولا يمس المصحف.
47- ويزيد من عليه حدث أكبر:
1- أنه لا يقرأ شيئًا من القرآن،
2- ولا يلبث في المسجد بلا وضوء.
48- وتزيد الحائض والنفساء:
1- أنها لا تصوم،
2- ولا يحل وطؤها،
3- ولا طلاقها.

(1/51)


بَابُ الحَيضِ
49- وَالْأَصْلُ فِي اَلدَّمِ اَلَّذِي يُصِيبُ اَلْمَرْأَةَ: أَنَّهُ حَيْضٌ، بِلَا حدٍ لسنِّه، وَلَا قدره، ولا تكرره 1.
__________
1 بَيَّن الشيخ صحة ما اختاره، وأطال النفس في الاستدلال في "المختارات الجلية، ص: 34، 35"، ثم قال: ويترتب على مسألة الحيض مسألة النفاس: أن الصحيح أن لا حد لأقله ولا لأكثره، ويقال فيه ما قيل في الحيض. وقال الشيخ "في القواعد والفروق، ص: 125": "فحيث وجد الدم المعتاد تعلقت به الأحكام الشرعية، وحيث طهرت تطهرت =

(1/51)


50- إِلَّا إِنْ أَطْبَقَ اَلدَّمُ عَلَى اَلْمَرْأَةِ، أَوْ صَارَ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهَا إِلَّا يَسِيرًا فَإِنَّهَا تَصِيرُ مُسْتَحَاضَةً1.
51- فَقَدْ أَمَرَهَا اَلنَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ تَجْلِسَ عَادَتَهَا2.
52- فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَادَةٌ، فَإِلَى تَمْيِيزِهَا3.
53- فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا تَمْيِيزٌ، فَإِلَى عَادَةِ اَلنِّسَاءِ اَلْغَالِبَةِ: ستة أيام أو سبعة. والله أعلم.
__________
= وزالت أحكام الحيض، هذا الذي دلت عليه النصوص، وعليه العمل بين المسلمين، وأما تقييد أقل سن تحيض فيه وأكثر سن تنتهي إليه، وأقل الحيض وأكثره فليس على ذلك دليل شرعي، وهكذا مدة الحمل، الصحيح أنه ليس لأكثر مدته حد محدود. وقد ذكر الشيخ الفروق بين الدماء الخارجة من فرج الأنثي، فلينظر في "القواعد والفروق، ص: 169".
1 صحح الشيخ جواز وطء المستحاضة لمن لم يخف العنت؛ لعدم منع النبي -صلى الله عليه وسلم- أزواج المستحاضات من ذلك؛ ولأنها دم عرق، ولأنها حكمها حكم الطاهرات في كل شيء فكذلك الوطء. "المختارات الجلية، ص:26".
2 كما في قصة أم حبيبة بنت جحش عند البخاري "426/1"، ومسلم "334".
3 وهو أن تميز دم الحيض عن دم الاستحاضة.

(1/52)