موسوعة
الفقه الإسلامي الباب العاشر
العبادات
ويشتمل على ما يلي:
1 - كتاب الطهارة.
2 - كتاب الصلاة.
3 - كتاب الجنائز.
4 - كتاب الزكاة.
5 - كتاب الصيام.
6 - كتاب الحج والعمرة.
(2/317)
1 - كتاب الطهارة
ويشتمل على ما يلي:
1 - باب الطهارة.
2 - باب الوضوء.
3 - باب المسح على الخفين.
4 - باب الغسل.
5 - باب التيمم.
6 - باب الحيض والنفاس.
(2/319)
1 - باب الطهارة
- الطهارة: هي النظافة والنزاهة عن الأقذار الحسية والمعنوية.
- أقسام الطهارة:
تنقسم الطهارة إلى قسمين:
1 - طهارة الظاهر: وتكون بالوضوء أو الغسل بالماء، وطهارة الثوب والبدن
والمكان من النجاسة.
2 - طهارة الباطن: وتكون بطهارة القلب من الكفر والشرك، والكبر والعجب،
والكذب والحسد، والنفاق والرياء ونحو ذلك من الصفات السيئة، وامتلاؤه
بالصفات الحسنة كالإيمان والتوحيد، والصدق والإخلاص، واليقين والتوكل ونحو
ذلك.
- الطهارة من محاسن الإسلام، وتكون باستعمال الماء الطاهر على الصفة
المشروعة في رفع الحدث، وإزالة الخبث، وهي المقصودة في هذا الكتاب.
- عافية الروح والبدن:
خلق الله الإنسان من بدن وروح.
والبدن تتراكم عليه الأوساخ والأقذار من جهتين:
من الداخل كالعرق والغائط .. ومن الخارج كالغبار والأوساخ.
ولعافية البدن لا بد من الأغسال المتكررة.
والروح كذلك تتأثر من جهتين:
من الداخل بما في القلب من الأمراض كالحسد والكبر .. ومن الخارج بما
(2/321)
يقترفه الإنسان من الذنوب كالظلم والزنا.
ولعافية الروح لا بد من الإكثار من التوبة والاستغفار.
والله يحب من فعل هذا .. ويحب من فعل هذا .. كما قال سبحانه: {إِنَّ
اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222)}
[البقرة:222].
- حكمة الطهارة:
إذا طهر ظاهر الإنسان بالماء .. وطهر باطنه بالتوحيد والإيمان .. وكمّل ذلك
بالطيب والاستغفار .. صفت روحه .. وطابت نفسه .. واطمأن قلبه .. وصار
مهيئاً لمناجاة ربه في أحسن هيئة.
بدن طاهر، وقلب طاهر، ولباس طاهر، في مكان طاهر.
وهذا غاية الأدب، وأبلغ في التوقير والتعظيم والإجلال لرب العالمين.
ومن هنا صار الطهور شطر الإيمان، كما قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم -: «الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ، وَالحَمْدُ للهِ تَمْلأُ
المِيزَانَ».أخرجه مسلم (1).
- سنن الفطرة:
1 - السواك.
السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب.
ويكون التسوك بعود لين من أراك، أو عرجون، أو زيتون، أو نحوها.
- صفة التسوك:
يمسك الإنسان السواك بيده اليمنى أو اليسرى، ويبدأ من الجانب الأيمن
للفم، ويُمِرّه على لثته وأسنانه، وأحياناً يجعل السواك على طرف لسانه.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (223).
(2/322)
- حكم السواك:
السواك مسنون كل وقت، ويتأكد السواك فيما يلي:
عند الوضوء .. وعند الصلاة .. وعند دخول المنزل .. وعند قراءة القرآن ..
وعند القيام من الليل .. وعند تغير رائحة الفم.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قال: «لَوْلا أنْ أشُقَّ عَلَى أمَّتِي، أوْ عَلَى النَّاسِ،
لأمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ صَلاةٍ». متفق عليه (1).
- يجوز استخدام الفرشاة ومعجون الأسنان في تنظيف الفم والأسنان، واستخدام
عود الأراك أفضل؛ لأنه سواك النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولما فيه من
مواد طبيعية منظفة ومطهرة، ولأنه أيسر تناولاً، وأقل كلفة، وأقرب إلى اتباع
السنة.
2 - الختان:
وهو قطع الجلدة التي تغطي حشفة الذكر؛ لئلا يجتمع فيها الوسخ والبول.
- حكم الختان:
الختان واجب في حق الرجال .. سنة في حق النساء.
- حكمة الختان:
الختان علامة العهد بين إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - ونسله الحنفاء
الموحدين، فهو علامة الدخول في الملة الإبراهيمية للحنفاء.
وفي الختان من الطهارة والنظافة ما هو معلوم، وفيه تعديل للشهوة التي إذا
أفرطت ألحقت الإنسان بالحيوانات، وإذا عُدمت ألحقته بالجمادات،
والختان يعدلها، ولهذا نجد الأقلف من الرجال والنساء لا يشبع من الجماع.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (887) , واللفظ له، ومسلم برقم (252).
(2/323)
3، 4 - قص الشارب، وإعفاء اللحية:
الشارب: هو الشعر النابت فوق الشفة العليا.
اللحية: اسم لما نبت من الشعر على الذقن والخدين معاً.
- حكم حلق اللحية:
يحرم على الإنسان حلق اللحية أو تقصيرها.
وفي حلق اللحية عدة مخالفات منها:
تغيير خلق الله بدون إذنه .. وطاعة الشيطان .. والتشبه بالنساء وهو محرم ..
وموافقة المشركين والمجوس وهي محرمة .. ومعصية الله ورسوله.
1 - قال الله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ
أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)} ...
[النور:63].
2 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنهُمَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - قالَ: «خَالِفُوا المُشْرِكِينَ: وَفِّرُوا اللِّحَى،
وَأحْفُوا الشَّوَارِبَ». متفق عليه (1).
5، 6، 7 - حلق العانة، ونتف الإبط، وقص الأظفار:
- شعر الإنسان ثلاثة أقسام:
1 - قسم نص الشرع على تحريم إزالته كشعر اللحية، ونَمْص الحاجب.
2 - قسم نص الشرع على طلب إزالته كشعر العانة والإبط، أو تقصيره كشعر
الشارب.
3 - قسم سكت عنه الشرع، كشعر اليدين والساقين، والصدر والظهر، فيبقى على
الإباحة، والأولى تركه إلا ما خرج عن المعتاد.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5892) , واللفظ له، ومسلم برقم (259).
(2/324)
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «الفِطْرَةُ
خَمْسٌ، أوْ خَمْسٌ مِنَ الفِطْرَةِ: الخِتَانُ، وَالاسْتِحْدَادُ،
وَنَتْفُ الإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الأظْفَارِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ». متفق
عليه (1).
2 - وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: وُقِّتَ لَنَا
فِي قَصِّ الشَّارِبِ، وَتَقْلِيمِ الأَظْفَارِ، وَنَتْفِ الإِبِطِ،
وَحَلْقِ العَانَةِ، أنْ لا نَتْرُكَ أكْثَرَ مِنْ أرْبَعِينَ لَيْلَةً.
أخرجه مسلم (2).
8 - الطيب بالمسك أو غيره.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أطَيِّبُ النَّبِيَّ
- صلى الله عليه وسلم - بِأطْيَبِ مَا يَجِدُ، حَتَّى أجِدَ وَبِيصَ
الطِّيبِ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ. متفق عليه (3).
9 - إكرام شعر الرأس ودهنه وتسريحه.
10 - تغيير الشيب بالحناء والكتم.
وأما صبغ الشعر بالسواد فله ثلاث حالات:
إن كان للغش والمكر فهو محرم .. وإن كان في الحرب فهو جائز .. وإن كان
للزينة فقط فهو مباح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بصبغ الشعر ولم
يحدد لوناً.
1 - عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - قالَ: «إِنَّ اليَهُودَ
وَالنَّصَارَى لا يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ». متفق عليه (4).
2 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدالله رَضيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: أُتِيَ
بِأَبِي قُحَافَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكّةَ،
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5889) , واللفظ له، ومسلم برقم (259).
(2) أخرجه مسلم برقم (258).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5923) , واللفظ له، ومسلم برقم (1190).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3462) , واللفظ له، ومسلم برقم (2103).
(2/325)
وَرَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ كَالثّغَامَةِ
بَيَاضاً، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «غَيّرُوا هَذَا
بِشَيْءٍ». أخرجه مسلم (1).
- حكم استعمال أواني الكفار:
تباح آنية الكفار وثيابهم إن جهل حالها؛ لأن الأصل الطهارة.
فإن علم الإنسان نجاستها وجب غسلها بالماء، ثم يجوز له استعمالها في الوضوء
وغيره.
- حكم استعمال أواني الذهب والفضة:
يباح استعمال كل إناء طاهر للوضوء وغيره، ما لم يكن الإناء مغصوباً، أو كان
من الذهب أو الفضة، فيحرم اتخاذه واستعماله، فإن توضأ أحد منها فوضؤه صحيح،
لكنه آثم.
ويحرم على الرجال والنساء الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة، وجميع أنواع
الاستعمال، إلا الحلي للنساء، والخاتم من الفضة للرجال، وما له ضرورة كسن
وأنف.
عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لا تَلْبَسُوا الحَرِيرَ وَلا الدِّيبَاجَ،
وَلا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلا تَأْكُلُوا فِي
صِحَافِهَا، فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الآخِرَةِ».
متفق عليه (2).
- أقسام المياه:
تنقسم المياه إلى قسمين:
الأول: الماء الطاهر: وهو الماء الباقي على خلقته كماء المطر، وماء البحر،
وماء
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (2102).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5426) , واللفظ له، ومسلم برقم (2067).
(2/326)
النهر، وماء العيون، وما نبع بنفسه أو
بآلة، عذباً أو مالحاً، حاراً أو بارداً، وهذا هو الماء الطهور الذي يجوز
التطهر به.
الثاني: الماء النجس: وهو الماء الذي تغير لونه، أو طعمه، أو ريحه بنجاسة،
قليلاً كان أو كثيراً.
- حدّ النجاسة:
النجاسة: عين مستقذرة شرعاً، سواء كانت جامدة كالغائط، أو سائلة كالبول.
وحكم النجس أنه لا يجوز التطهر به.
- أقسام النجاسة:
النجاسة نوعان:
1 - النجاسة الذاتية: وهي أن يكون الشيء نجساً بذاته مثل بول الآدمي وغائطه
.. والدم المسفوح .. ودم الحيض والنفاس .. والودي والمذي .. والكلب
والخنزير .. والميتة ما عدا السمك والجراد .. ودم وبول وروث ما لا يؤكل
لحمه كالحمار.
وهذه الأشياء لا يمكن تطهيرها بالماء؛ لأن ذاتها نجسة.
2 - النجاسة الحكمية: وهي النجاسة الطارئة على محل طاهر مثل الثوب إذا
أصابه البول .. والنعل إذا وطئ بها الغائط .. والماء إذا وقعت فيه شاة
فغيرت رائحته .. ونحو ذلك.
وهذه الأشياء يمكن تطهيرها؛ لأن ذاتها طاهرة، والنجاسة طارئة عليها.
- درجات النجاسة:
النجاسة على ثلاث درجات:
الأولى: النجاسة الخفيفة: مثل بول الصبي الرضيع الذي لم يأكل الطعام، إذا
(2/327)
أصاب الثوب ونحوه.
وكيفية تطهيرها: أن يرش عليها الماء حتى يغمرها.
وينضح بول الغلام، ويغسل بول الجارية، وهذا إذا لم يطعما، فإذا طعما وجب
غسل بولهما.
الثانية: النجاسة المتوسطة: مثل بول الآدمي وغائطه، ودم الحيض والنفاس،
وغالب النجاسات من هذا النوع.
وكيفية تطهيرها: أن يغسلها بالماء حتى تزول، وإن كان لها جرم أزاله قبل
ذلك، ولا يضر بقاء اللون بعد الغسل.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم -: أَنَّهُ مَرَّ بِقَبْرَيْنِ يُعَذَّبَانِ، فَقَالَ:
«إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا
أَحَدُهُمَا فَكَانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ
فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ». ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً
فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ، ثُمَّ غَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً،
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ فَقَالَ: «لَعَلَّهُ
أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا». متفق عليه (1).
الثالثة: النجاسة الغليظة: وهي نجاسة ما ولغ فيه الكلب.
وكيفية تطهيرها: أن تغسل سبع مرات أولاهن بالتراب.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:
«طُهُورُ إِنَاءِ أَحَدِكُمْ إِذَا وَلَغَ فِيهِ
الْكَلْبُ أَنْ يَغْسِلَهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أُولاَهُنَّ بِالتُّرَابِ».
متفق عليه (2).
- كيفية تطهير النجاسات:
الأشياء التي تصيبها النجاسة أربعة أنواع:
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1361) , واللفظ له، ومسلم برقم (292).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (172)، ومسلم برقم (279)، واللفظ له.
(2/328)
1 - الأرض: فإذا وقعت النجاسة على التراب
أو البلاط فإن كان للنجاسة جرم كالغائط، فإنه يزال أولاً، ثم يصب على مكانه
ماء حتى يزول الأثر، أو يدفن بتراب طاهر إن عدم الماء.
وإن كان بولاً فإنه يصب الماء على موضع النجاسة حتى يزول أثر النجاسة.
عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أنَّ أعْرَابِيّاً بَالَ فِي المَسْجِدِ،
فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُ القَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم -: «دَعُوهُ وَلا تُزْرِمُوهُ». قالَ: فَلَمَّا فَرَغَ دَعَا بِدَلْوٍ
مِنْ مَاءٍ، فَصَبَّهُ عَلَيْهِ. متفق عليه (1).
2 - الماء: فإذا أصابت النجاسة الماء، فيطهر بتنقيته من النجاسة، بحيث لا
يبقى لها أثر في لونه، أو طعمه، أو ريحه، ويتم ذلك:
إما بنزحه .. أو تغيّره بنفسه .. أو إضافة ماء كثير إليه .. أو تنقيته
بوسائل التنقية الحديثة .. حتى يزول أثر النجاسة.
3 - الثياب والفرش: فإذا أصابت النجاسة الثياب أو الفرش، فإنها تغسل
بالماء، أو بالمنظفات الطاهرة، وتفرك وتعصر وتنشّف حتى يزول أثر النجاسة،
ويطهر النعل والخف المتنجس بالدلك بالأرض حتى يذهب أثر النجاسة.
4 - الأواني: فإذا أصابت النجاسة الآنية، فإنها تغسل بالماء أو بالمنظفات
الطاهرة، حتى يزول أثر النجاسة.
قال الله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ
وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)} [المائدة:6].
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6025) , ومسلم برقم (284)، واللفظ له.
(2/329)
- ما يجب على المسلم تطهيره:
يجب على المسلم أن يطهر قلبه من النفاق .. ويطهر لسانه من الكذب .. ويطهر
سمعه من الخنا .. ويطهر عينه من الخيانة .. ويطهر بطنه من أكل الحرام ..
ويطهر فرجه من الفواحش .. ويطهر جوارحه من المعاصي .. ويطهر أقواله من
اللغو .. ويطهر أعماله من الرياء .. ويطهر أمواله من المكاسب المحرمة ..
ويطهر بيته من المعاصي .. ويطهر نفسه من الشرك والظلم .. ويطهر ثيابه وبدنه
من النجاسة: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ
الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} [البقرة:222].
- حكم المشكوك فيه:
المشكوك فيه على ثلاثة أقسام:
الأول: ما أصله الإباحة: كالماء يجده متغيراً، ولا يعلم هل تغير بنجاسة أم
بغيرها، فهو طاهر؛ بناء على الأصل، وهو الطهارة.
الثاني: ما أصله الحظر: كالذبيحة في بلد أهلها مجوس وعبدة أوثان، فهذه لا
يجوز أكلها؛ لأن الأصل التحريم.
الثالث: ما لا يُعرف له أصل: كرجل في ماله حلال وحرام، فهذا مشتبه، الأولى
تركه.
عَنِ النّعْمَانِ بنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: -وَأَهْوَى النّعْمَانُ
بِإِصْبَعَيْهِ إلَىَ أُذُنَيْهِ- «إنّ الحَلاَلَ بَيّنٌ وَإنّ الحَرَامَ
بَيّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنّ كَثِيرٌ مِنَ
النّاسِ، فَمَنِ اتّقَى الشّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ،
وَمَنْ وَقَعَ فِي الشّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ، كَالرّاعِي يَرْعَى
حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلاَ وَإنّ لِكُلّ مَلِكٍ
حِمىً، أَلاَ وَإِنّ حِمَى الله
(2/330)
مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنّ فِي الجَسَدِ
مُضْغَةً، إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلّهُ وَإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ
الجَسَدُ كُلّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ». متفق عليه (1).
- إذا شك الإنسان في نجاسة ماء أو طهارته بنى على الأصل، وهو أن الأصل في
الطاهرات الطهارة.
- إذا اشتبه ماء طاهر بنجس، ولم يجد غيرهما، توضأ مما غلب على ظنه طهارته.
- إذا اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة أو محرمة، ولم يجد غيرها، اجتهد وصلى فيما
غلب على ظنه طهارته، وصلاته صحيحة إن شاء الله.
- حكم الصلاة بالنجاسة:
إذا صلى المسلم بالنجاسة في ثوبه أو بدنه متعمداً فصلاته باطلة.
وإن صلى بالنجاسة جاهلاً أو ناسياً فصلاته صحيحة، ولا إثم عليه.
وإذا علم المسلم بالنجاسة في أثناء الصلاة، فإن قدر على إزالتها فيجب عليه
إزالتها، أو إلقاء ما نجَّسته كنعل وسروال، فإن لم يقدر وأكمل صلاته،
فصلاته صحيحة؛ لأن المشقة تجلب التيسير.
- حكم ما يخرج من البهائم:
بول ما يؤكل لحمه من البهائم، وروثه ومنيه، ومني الآدمي، وسؤر الهرة، كل
ذلك طاهر.
وسباع البهائم، والجوارح من الطير، والحمار الأهلي والبغل، كلها طاهرة في
الحياة، وسؤرها طاهر، والنجس منها الروث والبول والدم.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2051) , ومسلم برقم (1599)، واللفظ له.
(2/331)
- أقسام الدم:
ينقسم الدم من حيث الطهارة والنجاسة إلى قسمين:
1 - الدم الطاهر، وهو أربعة أقسام:
دم حيوان البحر .. الدم الخارج من بدن الإنسان غير الفرجين .. دم ما لا نفس
له سائلة كالبعوض .. الدم الباقي في الحيوان بعد تذكيته.
2 - الدم النجس، وهو ثلاثة أقسام:
الدم الخارج من أحد الفرجين .. الدم المسفوح .. الدم الخارج من الحيوان غير
المأكول.
- صفة الاستنجاء والاستجمار:
1 - الاستنجاء: هو إزالة الخارج من السبيلين بالماء الطهور.
2 - الاستجمار: هو إزالة الخارج من السبيلين بحجر، أو ورق أو نحوهما.
- ما يفعله عند دخول الخلاء والخروج منه:
1 - يسن عند دخول الخلاء تقديم رجله اليسرى وقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي
أعُوذُ بِكَ مِنَ
الخُبْثِ وَالخَبَائِثِ». متفق عليه (1).
2 - يسن عند الخروج من الخلاء تقديم رجله اليمنى وقول: «غُفْرَانَكَ».
أخرجه أبو داود والترمذي (2).
- ما يستنجي به الإنسان:
يزال الخارج من السبيلين بكل ماء طاهر مباح.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (142) , ومسلم برقم (375).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (30)، وأخرجه الترمذي برقم (7).
(2/332)
ولا يجوز الاستنجاء بماء نجس أو مغصوب.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - دَخَلَ الخَلاءَ، فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءاً، قالَ: «مَنْ
وَضَعَ هَذَا». فَأُخْبِرَ، فَقَالَ: «الَّلهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ».
متفق عليه (1).
- ما يستجمر به الإنسان:
1 - يكون الاستجمار للخارج من السبيلين بأي شيء طاهر، مباح، منظف للمحل
كالأحجار، والمناديل، والورق، والقطن، والقماش ونحو ذلك.
2 - ويحرم الاستجمار بالعظم، والروث، والطعام، والشيء المحترم كورق كُتب
عليه اسم الله ونحوه.
عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قِيلَ لَهُ: قَدْ عَلَّمَكُمْ
نَبِيُّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - كُلَّ شَيْءٍ، حَتَّى الخِرَاءَةَ،
قال، فَقَالَ: أجَلْ لَقَدْ نَهَانَا أنْ نَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ
لِغَائِطٍ أوْ بَوْلٍ، أوْ أنْ نَسْتَنْجِيَ بِاليَمِينِ، أوْ أنْ
نَسْتَنْجِيَ بِأقَلَّ مِنْ ثَلاثَةِ أحْجَارٍ، أوْ أنْ نَسْتَنْجِيَ
بِرَجِيعٍ
أوْ بِعَظْمٍ. أخرجه مسلم (2).
- حكم الاستنجاء والاستجمار:
الاستنجاء والاستجمار كلاهما مشروع، والاستنجاء أفضل من الاستجمار؛ لأنه
أكمل وأبلغ في النظافة.
ويجوز الاكتفاء بالاستجمار بشرطين:
أحدهما: أن لا يتعدى البول أو الغائط الموضع المعتاد لخروجه.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (143) , واللفظ له، ومسلم برقم (2477).
(2) أخرجه مسلم برقم (262).
(2/333)
الثاني: أن يكون الاستجمار بثلاث مسحات
فصاعداً، حتى يتم تنظيف القبل والدبر من أثر النجاسة، ويسن أن يقطعه على
وتر.
- حكم الاستنجاء والاستجمار باليمين:
عَنْ أبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَ: «إذَا بَالَ أحَدُكُمْ فَلا يَأْخُذَنَّ ذَكَرَهُ
بِيَمِينِهِ، وَلا يَسْتَنْجِ بِيَمِينِهِ، وَلا يَتَنَفَّسْ فِي
الإنَاءِ». متفق عليه (1).
- حكم البول قائماً:
السنة أن يبول الرجل قاعداً، ويجوز بوله قائماً إن أَمِنَ من التلوث،
وأَمِنَ من الناظر إليه.
عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أتَى النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم - سُبَاطَةَ قَوْمٍ، فَبَالَ قَائِماً، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ،
فَجِئْتُهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأ. متفق عليه (2).
- آداب قضاء الحاجة:
إذا أراد الإنسان أن يقضي حاجته فلذلك أربعة أحكام:
منها ما يجب .. ومنها ما يسن .. ومنها ما يحرم .. ومنها ما يكره.
1 - فيجب عليه ستر العورة عن الناس، والتنزه عن إصابة النجاسة لبدنه أو
ثوبه، والاستنجاء أو الاستجمار.
2 - ويسن لمن أراد قضاء الحاجة في الصحراء الاستتار، وبعده عن الناس،
وارتياده مكاناً رخواً لبوله؛ لئلا يتنجس، والبول قاعداً.
ويسن له عند دخول الحمام تقديم رجله اليسرى وقول: اللهم إني أعوذ بك
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (154) , واللفظ له، ومسلم برقم (267).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (224) , واللفظ له، ومسلم برقم (273).
(2/334)
من الخبث والخبائث، والبول قاعداً.
ويسن له عند الخروج من الحمام تقديم رجله اليمنى وقول: غفرانك.
والسنة أن يكون الاستجمار بثلاثة أحجار منقية، فإلم تنق زاد، ويسن قطع
الاستجمار على وتر كثلاث أو خمس.
3 - ويحرم حال قضاء الحاجة استقبال القبلة أو استدبارها، في الفضاء أو
البنيان.
عَنْ أبِي أيُّوبَ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ -
صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إذَا أتَيْتُمُ الغَائِطَ، فَلا
تَسْتَقْبِلُوا القِبْلَةَ وَلا تَسْتَدْبِرُوهَا، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أوْ
غَرِّبُوا».
قال أبُو أيُّوبَ: فَقَدِمْنَا الشَّامَ، فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ
قِبَلَ القِبْلَةِ، فَنَنْحَرِفُ، وَنَسْتَغْفِرُ اللهَ تَعَالَى. متفق
عليه (1).
ويحرم البول والغائط في المسجد .. والظل النافع .. وطرق الناس .. وظلهم ..
وأماكن جلوسهم .. كالحدائق العامة .. والأسواق .. وما ينتفعون به كالموارد
وبرك الماء ونحو ذلك.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قالَ: «اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ». قَالُوا: وَمَا
اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قال: «الَّذِي يَتَخَلَّى فِي طَرِيقِ
النَّاسِ أوْ فِي ظِلِّهِمْ». أخرجه مسلم (2).
4 - ويكره البول في جُحر أو شق؛ لأنه قد يكون فيها دواب فتضره أو يضرها.
ويكره رفع ثوبه قبل دونه من الأرض في الفضاء.
ويكره لمن يبول أو يتغوط أن يرد السلام، فإذا قضى حاجته توضأ ثم رد.
ويكره لمن يقضي الحاجة أن يمس فرجه بيمينه، واستنجاؤه واستجماره بها.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (394) , واللفظ له، ومسلم برقم (264).
(2) أخرجه مسلم برقم (269).
(2/335)
2 - باب الوضوء
- الوضوء: هو التعبد لله باستعمال ماء طهور على صفة مخصوصة في الشرع. وأصل
الوضوء من الوَضاءة، وهي الحُسن والنظافة.
- أقسام الحدث:
ينقسم الحدث إلى قسمين:
الحدث الأصغر .. والحدث الأكبر.
فالحدث الأصغر يمنع من صحة الصلاة.
والحدث الأكبر وهو الجنابة، والحيض والنفاس للمرأة.
وحدث الجنابة يمنع من شيئين:
الصلاة .. والطواف بالبيت.
وحدث الحيض والنفاس يمنع من خمسة أشياء، وهي:
الصلاة .. والطواف بالبيت .. والصوم .. والطلاق .. والجماع.
- فضائل الوضوء:
1 - قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ
الْمُتَطَهِّرِينَ (222)} [البقرة:222].
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: إنِّي سَمِعْتُ
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إنَّ أمَّتِي يُدْعَوْنَ
يَوْمَ القِيَامَةِ غُرّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ، فَمَنِ
اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ». متفق عليه (1).
3 - وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَوَضَّأ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (136) , واللفظ له، ومسلم برقم (246).
(2/336)
فَأحْسَنَ الوُضُوءَ خَرَجَتْ خَطَايَاهُ
مِنْ جَسَدِهِ، حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أظْفَارِهِ». أخرجه مسلم (1).
4 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قالَ: «ألا أدُلُّكُمْ عَلَى مَا يَمْحُو اللهُ بِهِ
الخَطَايَا وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟». قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ
اللهِ! قال: «إِسْبَاغُ الوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخُطَا
إِلَى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ، فَذَلِكُمُ
الرِّبَاطُ». أخرجه مسلم (2).
5 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ خَلِيلِي -
صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «تَبْلُغُ الحِلْيَةُ مِنَ المُؤْمِنِ
حَيْثُ يَبْلُغُ الوَضُوءُ». أخرجه مسلم (3).
- حكم الوضوء:
1 - يجب الوضوء للصلاة فرضاً كانت أو نفلاً.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى
الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ
وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} ...
[المائدة:6].
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «لا تُقْبَلُ صَلاةُ مَنْ أحْدَثَ حَتَّى
يَتَوَضَّأ». قال رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ: مَا الحَدَثُ يَا أبَا
هُرَيْرَةَ؟ قال: فُسَاءٌ أوْ ضُرَاطٌ. متفق عليه (4).
2 - يسن الوضوء للطواف بالبيت .. ومس المصحف .. وتلاوة القرآن .. وذكر الله
.. وعند النوم.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (245).
(2) أخرجه مسلم برقم (251).
(3) أخرجه مسلم برقم (250).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (135) , واللفظ له، ومسلم برقم (225).
(2/337)
3 - يسن الوضوء على الدوام؛ لما فيه من
إجلال الله.
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ لِبِلاَلٍ عِنْدَ صَلاَةِ الفَجْرِ: «يَا بِلاَلُ،
حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ، فَإِنِّي
سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ». قَالَ: مَا
عَمِلْتُ عَمَلاً أَرْجَى عِنْدِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُوراً، فِي
سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلاَّ صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا
كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ. متفق عليه (1).
2 - وَعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ
وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ ... ». متفق عليه (2).
- صفات الوضوء الواردة في السنة:
ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ مرة مرة .. ومرتين مرتين ..
وثلاثاً ثلاثاً .. وأحياناً يخالف فيغسل وجهه ثلاثاً .. ويديه مرتين ..
ورجليه مرة .. والرأس يمسح مرة واحدة في جميع الحالات.
والأفضل للمسلم أن يفعل الأكمل .. وينوع .. فيأتي بهذا مرة .. وبهذا مرة ..
إحياءً للسنة.
1 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: تَوَضَّأ النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم - مَرَّةً مَرَّةً. أخرجه البخاري (3).
2 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ النَّبِيَّ
- صلى الله عليه وسلم - تَوَضَّأ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ. أخرجه البخاري
(4).
3 - وَعَنْ حُمْرَانَ، مَوْلَى عُثْمَانَ، أنَّهُ رَأى عُثْمَانَ بْنَ
عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ دَعَا بِإنَاءٍ،
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1149) , واللفظ له، ومسلم برقم (2458).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (247) , واللفظ له، ومسلم برقم (271).
(3) أخرجه البخاري برقم (157).
(4) أخرجه البخاري برقم (158).
(2/338)
فَأفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلاثَ مِرَارٍ
فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الإناءِ، فَمَضْمَضَ
وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثاً، وَيَدَيْهِ إلَى
المِرْفَقَيْنِ ثَلاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ
رِجْلَيْهِ ثَلاثَ مِرَارٍ إلَى الكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قال: قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَوَضَّأ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا،
ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ
مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه (1).
4 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الأَنْصَارِىِّ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ -وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ- قَالَ: قِيلَ لَهُ: تَوَضَّأْ
لَنَا وُضُوءَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَدَعَا بِإِنَاءٍ
فَأَكْفَأَ مِنْهَا عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلاَثًا ثُمَّ أَدْخَلَ
يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ
فَفَعَلَ ذَلِكَ ثَلاَثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا فَغَسَلَ
وَجْهَهُ ثَلاَثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا فَغَسَلَ
يَدَيْهِ إِلَى المِرْفَقَيْنِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ أَدْخَلَ
يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ
وَأَدْبَرَ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الكَعْبَيْنِ ثُمَّ قَالَ
هَكَذَا كَانَ وُضُوءُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. متفق عليه
(2).
- شروط الوضوء:
للوضوء شروط لا يصح إلا بها، وهي:
نية الوضوء ومحلها القلب .. وأن يكون الماء طهوراً مباحاً .. وأن يزال من
أعضاء الوضوء ما يمنع وصول الماء إلى البشرة كالصمغ، والأصباغ ونحوها ..
وطهارة السبيلين من الغائط والبول.
- مكان الوضوء:
يسن أن يتوضأ المسلم في بيته، ويجوز للمسلم أن يتوضأ في أي مكان فيه
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (159) , واللفظ له، ومسلم برقم (226).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (185) , ومسلم برقم (235) واللفظ له.
(2/339)
ماء طاهر مباح، ويجوز الوضوء في المسجد،
ولا يدخل في الوضوء قضاء الحاجة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ
مِنْ بُيُوتِ اللهِ، لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ
خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأخْرَى تَرْفَعُ
دَرَجَةً». أخرجه مسلم (1).
ويحرم الدخول بالمصحف إلى الحمام، ولا حرج على المسلم من دخول الحمام ومعه
شريط أو جوال فيه مصحف؛ لأنه بمنزلة الجوف إذا كان فيه شيء من القرآن.
- مقدار ماء الوضوء:
السنة في الوضوء أن لا يجاوز المسلم في غسل أعضائه أكثر من ثلاث مرات، ومن
زاد فقد أساء وتعدى وظلم.
ويسن أن يتوضأ بمد، ومن زاد على ذلك بلا إسراف فلا حرج.
عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه
وسلم - يَغْسِلُ، أوْ كَانَ يَغْتَسِلُ، بِالصَّاعِ إلَى خَمْسَةِ
أمْدَادٍ، وَيَتَوَضَّأ بِالمُدِّ. متفق عليه (2).
- ماذا يفعل من قام من النوم وأراد الوضوء:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه
وسلم - قالَ: «إِذَا اسْتَيْقَظَ أحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلا يَغْمِسْ
يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاثاً، فَإِنَّهُ لا يَدْرِي
أيْنَ بَاتَتْ
يَدُهُ». متفق عليه (3).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (666).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (201) , واللفظ له، ومسلم برقم (325).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (162) , ومسلم برقم (278)، واللفظ له.
(2/340)
- فروض الوضوء ستة وهي:
1 - غسل الوجه، ومنه المضمضة والاستنشاق.
2 - غسل اليدين مع المرفقين.
3 - غسل الرأس ومنه الأذنان.
4 - غسل الرجلين إلى الكعبين.
5 - الترتيب بين الأعضاء السابقة.
6 - الموالاة بين غسل الأعضاء السابقة.
- سنن الوضوء:
السواك ومحله عند البدء بالوضوء .. وغسل الكفين ثلاثاً قبل البدء في الوضوء
.. والبدء بالمضمضة ثم الاستنشاق قبل غسل الوجه .. وغسل الأعضاء ثلاثاً إلا
الرأس فيمسح مرة واحدة .. وتقديم غسل اليد اليمنى على اليسرى .. وتقديم غسل
الرجل اليمنى على اليسرى .. والدعاء بعد الوضوء بما ورد .. وصلاة ركعتين
بعد الوضوء.
- كيفية المضمضة والاستنشاق:
السنة تقديم المضمضة على الاستنشاق عند الوضوء .. وأن تكون بثلاث غرفات ..
كل غرفة نصفها للفم، ونصفها للأنف.
- كيفية مسح الرأس:
السنة في مسح الرأس في الوضوء أن يبدأ من مقدمة الرأس إلى مؤخرته .. ثم
يرجع ماسحاً بيديه من مؤخرته إلى مقدمته .. ولو عمم الرأس بالمسح جاز ..
والمرأة كالرجل في ذلك .. ولا تمسح على الضفائر.
(2/341)
- صفة الوضوء المجزئ:
أن ينوي الوضوء .. ثم يتمضمض ويستنشق .. ويغسل وجهه .. ويغسل يديه من أطراف
الأصابع إلى المرفقين .. ويمسح رأسه مع الأذنين .. ويغسل رجليه مع الكعبين،
يغسل كل عضو من أعضاء الوضوء مرة واحدة.
- صفة الوضوء الكامل:
1 - أن ينوي بقلبه الوضوء.
2 - ثم يغسل كفيه بالماء ثلاث مرات.
3 - ثم يتمضمض ويستنشق بغرفة واحدة، نصف الغرفة لفمه والنصف الآخر لأنفه،
يفعل ذلك ثلاث مرات.
4 - ثم يغسل وجهه من منابت شعر الرأس إلى ما انحدر من اللحيين طولاً، ومن
الأذن إلى الأذن عرضاً، يفعل ذلك ثلاث مرات.
5 - ثم يغسل يده اليمنى من أطراف الأصابع إلى المرفق ثلاث مرات، ثم اليسرى
كذلك.
6 - ثم يبلل يديه بالماء، ويمسح بهما رأسه، يبدأ من مُقَدَّمه إلى أن يصل
قفاه، ثم يعيدهما إلى مُقَدَّمه مرة أخرى، يفعل ذلك مرة واحدة.
7 - ثم يغسل رجله اليمنى مع الكعب ثلاث مرات، ثم الرجل اليسرى كذلك، ويسبغ
الوضوء في مواضعه.
8 - ثم يدعو بما ورد في السنة من الذكر بعد الفراغ من الوضوء.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ فِي تَنَعُّلِهِ
(2/342)
وَتَرَجُّلِهِ، وَطُهُورِهِ، وَفِي
شَأْنِهِ كُلِّهِ. متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ حُمْرَانَ، مَوْلَى عُثْمَانَ، أنَّهُ رَأى عُثْمَانَ بْنَ
عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ دَعَا بِإنَاءٍ، فَأفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ
ثَلاثَ مِرَارٍ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الإناءِ،
فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثاً، وَيَدَيْهِ إلَى
المِرْفَقَيْنِ ثَلاثَ مِرَارٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ
رِجْلَيْهِ ثَلاثَ مِرَارٍ إلَى الكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قال: قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَوَضَّأ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا،
ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ
مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه (2).
- صفة الدعاء بعد الوضوء:
عَنْ عُمَر بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله
عليه وسلم - قالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أحَدٍ يَتَوَضَّأ فَيُبْلِغُ (أوْ
فَيُسْبِغُ) الوَضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ
وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُاللهِ وَرَسُولُهُ، إِلا فُتِحَتْ لَهُ أبْوَابُ
الجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ، يَدْخُلُ مِنْ أيِّهَا شَاءَ». أخرجه مسلم (3).
- صفة الوضوء أثناء الغسل:
السنة أن يتوضأ مَنْ عليه حدث أكبر قبل الغسل.
ومن مس فرجه أثناء الغسل فغسله صحيح، لكن لا يصلي بهذا الغسل إلا إذا عمم
بدنه بعد هذا اللمس بالماء، حتى يندرج الوضوء تحت الغسل، أو
يتوضأ بعد غسله؛ لأنه بلمسه الفرج انتقض وضوءه السابق.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (168) , واللفظ له، ومسلم برقم (268).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (159) , واللفظ له، ومسلم برقم (226).
(3) أخرجه مسلم برقم (234).
(2/343)
- حكم الوضوء بماء زمزم:
ماء زمزم طعام طُعْم، وشفاء سُقْم، فيستحب للمسلم أن يشرب منه .. ويجوز له
أن يتوضأ منه .. ويجوز نقله إلى بلده للشرب منه .. ويكره استعماله في إزالة
النجاسة؛ تعظيماً له.
- حكم الوضوء لكل صلاة:
تجديد الوضوء لا يندب على الإطلاق .. ولا يشرع تكراره بدون سبب .. لكن
يستحب الوضوء عند كل حدث .. وعند كل صلاة .. ما لم يكن محدثاً فيجب ..
ويباح له بعد الفراغ من الوضوء أن يتنشف بمنديل ونحوه، وتركه أفضل.
عَنْ عَمْرو بْن عَامِرٍ عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَوَضَّأ عِنْدَ كُلِّ صَلاةٍ.
قُلْتُ: كَيْفَ كُنْتُمْ تَصْنَعُون؟ قال: يُجْزِئُ أحَدَنَا الوُضُوءُ مَا
لَمْ يُحْدِثْ. أخرجه البخاري (1).
- حكم ترك أحد أعضاء الوضوء:
من ترك غسل أحد أعضاء الوضوء أو بعضه لم يصح وضوءه.
فإن علم بتركه قبل أن يجف العضو الذي قبله غَسَله وما بعده .. وإن جف العضو
الذي قبله، أعاد الوضوء كاملاً من أوله.
عن عبدِاللهِ بنِ عَمرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: رَجَعْنَا مَعَ
رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَكَّةَ
إِلَى المَدِينَةِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ بِالطَّرِيقِ، تَعَجَّلَ
قَوْمٌ عِنْدَ العَصْرِ، فَتَوَضَّؤُوا وَهُمْ عِجَالٌ، فَانْتَهَيْنَا
إِلَيْهِمْ، وَأعْقَابُهُمْ تَلُوحُ لَمْ يَمَسَّهَا المَاءُ، فَقَالَ
رَسُولُ اللهِ
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (214).
(2/344)
- صلى الله عليه وسلم -: «وَيْلٌ
لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ، أسْبِغُوا الوُضُوءَ». متفق عليه (1).
ومن شك في ترك غسل أحد الأعضاء بعد انتهاء الوضوء لم يلتفت إلى هذا الشك.
ومن صلى بغير وضوء ناسياً أو جاهلاً فلا إثم عليه، لكن يجب عليه أن يتوضأ
ويعيد الصلاة.
- صفة وضوء من فقد عضواً:
إذا فقد الإنسان عضواً من أعضاء الوضوء توضأ كالمعتاد، وسقط عنه فرض العضو
المفقود إلى غير تيمم؛ لأنه فَقَد محل الفرض، فلم يجب عليه.
وإذا قُطع من المفصل، ورُكِّب له عضو صناعي كيد، أو رجل، فإنه يجب عليه غسل
رأس العضو إن لم يشق عليه نزعه.
فإذا قُطع من المرفق، وجب عليه غسل رأس العضد.
وإذا قُطعت رجله من الكعب، وجب عليه غسل طرف الساق.
- صفة وضوء من به باسور أو ناسور:
البواسير: جروح من الخارج على حلقة الدبر.
النواسير: جروح سيالة من داخل الدبر.
فالبواسير لا تنقض الوضوء؛ لأنها من الخارج.
والنواسير تنقض الوضوء، ومادتها نجسة؛ لأنها تخرج من الدبر.
والنواسير لها حالتان:
1 - إن كانت النواسير سيالة مسترسلة، أو معه سلس في خروجها، فالأفضل أن
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (60) , ومسلم برقم (241)، واللفظ له.
(2/345)
يتوضأ عند إرادة الصلاة، ويضع قطنة تمنع
نزول الدم كالمستحاضة، ولا يضره خروج الدم؛ لأنه معذور.
2 - وإن كان الدم يخرج قليلاً ثم يقف، فهذا ينتظر حتى يقف الدم، ثم يتوضأ
ويصلي بطهارة كاملة.
- الأفضل للمستحاضة ومَنْ به حدث دائم كسلس البول ونحوه أن يتوضأ لكل صلاة
في وقتها، فإن حصلت مشقة من الوضوء لكل صلاة كالبرد الشديد، أو كان الماء
قليلاً، فيؤخر الظهر إلى آخر وقتها، ثم يتوضأ ويصلي الظهر، ثم يؤذن فيصلي
العصر، ويفعل مثل ذلك في المغرب والعشاء.
قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا
وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ} [التغابن:16].
- نواقض الوضوء:
نواقض الوضوء ستة، وهي:
1 - الخارج من السبيلين كالبول والغائط، والدم والمني، والريح وغير ذلك.
2 - زوال العقل بنوم طويل، أو إغماء، أو سكر، أو جنون.
3 - مس الفرج باليد من غير حائل.
4 - كل ما أوجب غسلاً كالجنابة والحيض والنفاس.
5 - أكل لحم الجزور، وهو كل ما حمل خف البعير.
6 - الردة عن الإسلام.
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَجُلاً سَألَ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: أأتَوَضَّأ مِنْ لُحُومِ الغَنَمِ؟
قال: «إِنْ شِئْتَ، فَتَوَضَّأْ. وَإِنْ شِئْتَ، فَلا تَوَضَّأْ». قال:
أتَوَضَّأ
(2/346)
مِنْ لُحُومِ الإبِلِ؟ قال: «نَعَمْ
فَتَوَضَّأْ مِنْ لُحُومِ الإبِلِ». أخرجه مسلم (1).
- حكم ما يخرج من الإنسان:
ما يخرج من الإنسان نوعان:
1 - طاهر: وهو الريق والدمع، والعرق والمني، والمخاط والبصاق والقيء
ونحوها.
2 - نجس: وهو الغائط والبول، والودي والمذي، والدم الخارج من السبيلين.
- حكم الدم الخارج من السبيلين:
الدم الخارج من السبيلين ينقض الوضوء، ومنه دم الحيض والنفاس.
أما الدم الخارج من بقية البدن من الأنف، أو السن، أو الجرح ونحو ذلك فلا
ينقض الوضوء، قليلاً كان الدم أو كثيراً، لكن يحسن غسله من باب النظافة.
- حكم الماء الخارج من فرج الرجل أو المرأة:
الخارج من ذكر الرجل وقُبل المرأة أربعة أنواع:
1 - البول: وهو نجس، ويجب منه الوضوء.
2 - الوَدْي: ويخرج أحياناً بعد البول، وهو نجس، ويجب منه الوضوء.
3 - المني: وهو طاهر، ويخرج من الإنسان عند الجماع أو الاحتلام، أو
الاستمناء، ويجب منه الغسل إن خرج بشهوة.
4 - المذي: وهو ما يخرج من الرجل أو المرأة عند المداعبة، وهو نجس، ويجب
منه الوضوء لا الغسل.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (360).
(2/347)
- حكم الرطوبة التي تخرج من فرج المرأة:
الرطوبة التي تخرج من فرج المرأة لها حالتان:
1 - إن كانت الرطوبة تخرج من الرحم، فهي طاهرة لا تنقض الوضوء، وهذا هو
الغالب.
2 - وإن كانت تخرج من مخرج البول، فهي نجسة، ويجب منها الوضوء، فإن كانت
مستمرة فحكمها حكم مَنْ به سلس البول.
- هل لمس المرأة ينقض الوضوء؟:
لمس المرأة لا ينقض الوضوء مطلقاً، سواء كان مَحْرماً أو غير مَحْرم، بحائل
أو بغير حائل، بشهوة أو بغير شهوة، ما لم ينزل منياً فيغتسل، أو مذياً
فيغسل ذكره ويتوضأ.
ومن قبّل زوجته ولو بشهوة، لم ينتقض وضوءه، إلا أن يخرج منه شيء.
- هل يتوضأ من شك في الطهارة؟:
من تيقن الطهارة وشك في الحدث بنى على اليقين وهو الطهارة.
ومن تيقن الحدث وشك في الطهارة بنى على اليقين وهو الحدث فليتطهر.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «إِذَا وَجَدَ أحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئاً فَأشْكَلَ
عَلَيْهِ، أخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أمْ لا، فَلا يَخْرُجَنَّ مِنَ المَسْجِدِ
حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً أوْ يَجِدَ رِيحاً». متفق عليه (1).
- صفة طهارة المريض:
يجب على المسلم أن يتوضأ بالماء .. فإن عجز عن استعماله لمرض أو غيره
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (176) , ومسلم برقم (362)، واللفظ له.
(2/348)
تيمم بتراب طاهر .. فإن عجز عن ذلك سقطت
عنه الطهارة .. وصلى على حسب حاله .. والمشلول يطهِّره ويوضِّؤه ويُيمِّمه
أيّ مسلم .. فإن لم يجد سقطت عنه الطهارة .. وصلى حسب حاله .. ولا يترك أحد
الصلاة ما دام قادراً، وعقله حاضراً: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ
وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا
اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)} ...
[البقرة:185].
- حكم النوم اليسير:
النوم اليسير من قائم وجالس ومضطجع لا ينقض الوضوء.
1 - عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: أقِيمَتْ صَلاةُ
العِشَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ: لِي حَاجَةٌ، فَقَامَ النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم - يُنَاجِيهِ، حَتَّى نَامَ القَوْمُ، (أوْ بَعْضُ القَوْمِ)
ثُمَّ صَلَّوْا. متفق عليه (1).
2 - وَعَن ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أعْتَمَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً بِالعِشَاءِ، حَتَّى رَقَدَ النَّاسُ
وَاسْتَيْقَظُوا، وَرَقَدُوا وَاسْتَيْقَظُوا، فَقَامَ عُمَرُ بْنُ
الخَطَّابِ فَقَالَ: الصَّلاةَ. قال عَطَاءٌ: قال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَخَرَجَ
نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، كَأنِّي انظر إلَيْهِ الآنَ،
يَقْطُرُ رَأْسُهُ مَاءً، وَاضِعاً يَدَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَقَالَ: «لَوْلا
أنْ أشُقَّ عَلَى أمَّتِي لأمَرْتُهُمْ أنْ يُصَلُّوهَا هَكَذَا». متفق
عليه (2).
- حكم أداء الصلوات الخمس بوضوء واحد:
عَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم
- صَلَّى الصَّلَوَاتِ يَوْمَ الفَتْحِ بِوُضُوءٍ
وَاحِدٍ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَقَدْ صَنَعْتَ
اليَوْمَ شَيْئاً لَمْ تَكُنْ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (643)، ومسلم برقم (376)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (571) , واللفظ له، ومسلم برقم (642).
(2/349)
تَصْنَعُهُ، قالَ: «عَمْداً صَنَعْتُهُ يَا
عُمَرُ». أخرجه مسلم (1).
- حكم وضوء الرجل مع امرأته:
يجوز للمسلم أن يتوضأ مع امرأته، في مكان واحد، ومن إناء واحد.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّهُ قال: كَانَ
الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَتَوَضَّؤُونَ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - جَمِيعاً. أخرجه متفق عليه (2).
- حكم الوضوء في المسجد:
السنة أن يكون الوضوء والغسل خارج المسجد في المنزل أو غيره، ويجوز الوضوء
في المسجد إذا لم يحصل منه أذى للمسجد أو لمن فيه.
عَنْ نُعَيْمٍ المُجْمِرِ قالَ: رَقِيتُ مَعَ أبِي هُرَيْرَةَ عَلَى ظَهْرِ
المَسْجِدِ فَتَوَضَّأ، فَقَالَ: إنِّي سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - يَقُولُ: «إنَّ أمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرّاً
مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أنْ
يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ». متفق عليه (3).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (277).
(2) أخرجه البخاري برقم (193).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (136) , واللفظ له، ومسلم برقم (246).
(2/350)
3 - باب المسح على
الخفين
- الخف: اسم لكل ما يُلبس على الرجل ويغطي الكعبين من جلد ونحوه.
- الجورب: اسم لكل ما يُلبس على الرجل ويغطي الكعبين من قطن ونحوه.
- حكم المسح على الخفين:
يجوز للمسلم المسح على الخفين أو الجوربين عند الوضوء.
عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: بَيْنَا أنَا
مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ، إِذْ نَزَلَ
فَقَضَى حَاجَتَهُ، ثُمَّ جَاءَ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ مِنْ إِدَاوَةٍ
كَانَتْ مَعِي، فَتَوَضَّأ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ. متفق عليه (1).
- شروط المسح على الخفين:
يشترط لصحة المسح على الجوربين والخفين ما يلي:
أن يكون الملبوس مباحاً .. طاهراً .. ساتراً للكعبين .. ملبوساً على طهارة
.. وأن يكون المسح في الحدث الأصغر .. وفي المدة للمقيم والمسافر.
عَن المُغِيرَةِ بْن شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنْتُ مَعَ
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ، فَأهْوَيْتُ لأنْزِعَ
خُفَّيْهِ، فَقَالَ: «دَعْهُمَا، فَإنِّي أدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ».
فَمَسَحَ عَلَيْهِمَا. متفق عليه (2).
- صفة الخف والجورب الذي يمسح عليه:
المسح في الوضوء على الخفاف والجوارب السليمة أولى.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (203) , ومسلم برقم (274)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (206) , واللفظ له، ومسلم برقم (274).
(2/351)
ويجوز المسح على الخف ولو كان مخرقاً ..
وعلى الجورب ولو كان مفتوقاً، أو يصف البشرة، فكل خف وجورب يغطي الكعبين
فللإنسان أن يمسح عليه، ما تعلَّق بالقدم، وأمكن المشي به.
وهل كانت خفاف المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم إلا مخرقة مشققة مرقعة.
- صفة المسح على الخفين:
يبلل المسلم يديه بالماء .. ثم يمسح بيده اليمنى ظاهر خف أو جورب القدم
اليمنى .. من أصابعه إلى ساقه مرة واحدة .. دون أسفله وعقبه .. واليسرى
بيده اليسرى كذلك .. ويقدم اليمنى على اليسرى .. ولا حرج في مسحهما معاً.
- مدة المسح على الخفين:
1 - يجوز المسح على الخفين يوماً وليلة للمقيم .. وللمسافر ثلاثة أيام
بلياليهن وتبدأ مدة المسح من أول مسح بعد لبس.
عَنْ عَلي بْنِ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاثَةَ أيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ
لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْماً وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ. أخرجه مسلم (1).
2 - من مسح في السفر يوماً، ثم دخل بلده، أتم مسح مقيم يوماً وليلة .. وإن
سافر مقيم، وقد مسح على خفيه يوماً، أتم مسح مسافر ثلاثة أيام بلياليهن.
- حكم لبس الجورب على الجورب:
من لبس جورباً على جورب وهو على طهارة فالحكم للفوقاني، وإن مسح
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (276).
(2/352)
على الأسفل صح.
وإن لبس الفوقاني على حدث، فلا يمسح عليه؛ لأنه لبسه على غير طهارة.
ومن خلع خفيه وهو طاهر وقد مسح عليهما فليس له إعادتهما إلا إذا توضأ.
- متى يجوز المسح على الخفين:
يجوز المسح على الخفين والجوربين، والعمامة وخمار المرأة، في الحدث الأصغر
كالبول والغائط ونحوهما .. فإن أصابته جنابة في مدة المسح فلا يمسح ..
ويلزمه الغسل لكامل بدنه.
- يبطل المسح على الخفين بما يلي:
إذا نزع الملبوس من القدم .. وإذا لزمه غسل كالجنابة .. وإذا تمت مدة
المسح.
أما الطهارة فلا تنتقض بعد انتهاء مدة المسح إلا بأحد نواقض الوضوء.
- حكم الطهارة بعد نزع الملبوس:
من نزع خفيه أو جوربيه بعد المسح عليهما فطهارته باقية .. ولا تنتقض إلا
بأحد نواقض الوضوء.
فإن أحدث وأراد إدخالهما مرة أخرى توضأ، ثم لبسهما وابتدأ مدة المسح.
- صفة المسح على العمامة والخمار:
يجوز المسح على عمامة الرجل، وعلى خمار المرأة، عند الحاجة، بلا توقيت.
ويكون المسح على أكثر العمامة والخمار.
(2/353)
عَنْ عَمْرِو بن أُميَّة رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قالَ: رَأيْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْسَحُ عَلَى
عِمَامَتِهِ. أخرجه البخاري (1).
- حكم المسح على الجبيرة:
الجبيرة: هي ما يوضع على موضع الطهارة لحاجة، كالجبس الذي يوضع على الكسر،
أو القماش أو اللزقة التي يربط بها الجرح.
1 - من ربط جبيرة على أحد أعضاء الوضوء، أو على شيء من بدنه، غسلها، فإن لم
يتمكن مسح عليها، فإن لم يتمكن تيمم عنها.
ولا يجمع عليها بين المسح والتيمم؛ لأن إيجاب طهارتين لعضو واحد مخالف
للشرع، والله لا يكلف عبداً بعبادتين سببهما واحد.
2 - يجب المسح على الجبيرة من جميع الجهات إلى حَلِّها، ولو طال الزمن، أو
أصابته جنابة، أو لبسها على غير طهارة، فإن لم يقدر مسح على بعض الجبيرة.
3 - المسح على الجبيرة يجزئ عن الغسل في الحدث الأصغر والأكبر، وطهارته
كاملة، والمسح على الجبيرة يغني عن التيمم، ولا ينتقض الوضوء بنزعها إلا
بأحد نواقض الوضوء.
4 - يأخذ حكم المسح على الجبيرة عند الوضوء حكم غسل الأعضاء في الترتيب،
فلو كان في اليد اليسرى جرح، يغسل اليمنى، ثم يمسح على اليسرى، ثم يمسح
رأسه.
5 - يمسح على الجبيرة بقدر الحاجة، والحاجة تُقَدَّر بقدرها، فلو كان الكسر
في
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (205).
(2/354)
الأصبع، واحتاج لربطه راحة اليد معه، مسح
جميع راحته.
- صفة المسح على الجبيرة:
إذا كان الجرح في أحد أعضاء الطهارة فله مراتب:
الأولى: أن يكون مكشوفاً، ويضره الغسل والمسح، فهنا يتيمم له.
الثانية: أن يكون مكشوفاً، ويضره الغسل دون المسح، فهنا يجب المسح دون
الغسل.
الثالثة: أن يكون مشكوفاً، ولا يضره الغسل، فهنا يجب غسله.
الرابعة: أن يكون مستوراً بجبس، أو لفافة، أو لزقة ونحوها، فهنا يمسح على
هذا الساتر، ويغنيه عن غسل العضو، ولا يتيمم.
- مقدار المسح على الجبيرة:
المسح على الجبيرة يعمّها كلها من جميع الجهات؛ لأن الأصل أن البدل له حكم
المبدل منه، ما لم ترد السنة بخلافه، والمسح بدل الغسل، والغسل يجب أن يعم
العضو كله، فكذلك المسح.
وأما المسح على الخفين فهو رخصة، وقد وردت السنة بجواز الاكتفاء بمسح بعضه.
(2/355)
4 - باب الغسل
- الغسل: هو التعبد لله بغسل جميع البدن بالماء الطهور على وجه مخصوص.
- حكم الغسل:
الغسل ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الغسل الواجب .. الغسل المسنون .. الغسل المباح.
1 - فيجب الغسل على الإنسان فيما يلي:
خروج المني دفقاً بلذة من رجل أو امرأة، استمناء، أو جماعاً، أو احتلاماً
.. جماع الرجل زوجته ولو لم ينزل .. إذا مات المسلم إلا من قُتل في سبيل
الله .. إذا أسلم الكافر .. خروج دم الحيض أو النفاس من المرأة.
2 - ويسن الغسل للإنسان فيما يلي:
الغسل يوم الجمعة .. الغسل للإحرام بالحج أو العمرة .. الغسل عند دخول مكة
.. الغسل لكل جماع .. الغسل لمن غسّل الميت .. الغسل للنظافة .. الغسل في
عيد الفطر والأضحى .. الغسل لمن دفن قريبه المشرك .. الغسل لمن أفاق من
إغماء، أو جنون .. الغسل للوقوف بعرفة.
3 - والغسل المباح كالغسل للتبرد، والسباحة في الماء لمجرد الأنس والمرح.
- مقدار ماء الغسل:
السنة أن يغتسل الإنسان بالصاع إلى خمسة أمداد.
عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه
وسلم - يَغْسِلُ، أوْ كَانَ يَغْتَسِلُ، بِالصَّاعِ
(2/356)
إلَى خَمْسَةِ أمْدَادٍ، وَيَتَوَضَّأ
بِالمُدِّ. متفق عليه (1).
فإن دعت الحاجة إلى الزيادة على القدر السابق كثلاثة آصع ونحوها جاز، ولا
يجوز الإسراف في ماء الوضوء والغسل.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - يَغْتَسِلُ فِي القَدَحِ، (وَهُوَ الفَرَقُ)، وَكُنْتُ
أغْتَسِلُ أنَا وَهُوَ فِي الإنَاءِ الوَاحِدِ. متفق عليه (2).
الفَرَق ثلاثة آصع .. والصاع أربعة أمداد .. والمد نصف لتر تقريباً.
- مكان الغسل:
يجوز للإنسان أن يغتسل في مياه العيون والأنهار والبحار .. ويجوز له
الاغتسال والوضوء في الحمامات الموجودة الآن في المنازل والمباني.
ويكره له الاغتسال في المراحيض المعدة لقضاء الحاجة فقط؛ لأن أرضها طينية
لينة يستقر فيها البول، ولأنها محل النجاسات، والغسل فيها يؤدي إلى
الوسواس، فالأفضل والأحسن أن يغتسل ويتوضأ في غير المكان الذي يبول فيه.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لاَ يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي
مُسْتَحَمِّهِ ثمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ». أخرجه أبو داود والنسائي (3).
- حكم الغسل في الماء الراكد:
لا يجوز للإنسان أن يبول في الماء الراكد كمياه الخزانات، والمسابح،
والغدران ونحوها .. ولا يجوز له أن يغتسل من الجنابة في ماء راكد غير
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (201) , واللفظ له، ومسلم برقم (325).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (250)، ومسلم برقم (319)، واللفظ له.
(3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (27) , وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم
(36).
(2/357)
جار .. ولا يجوز له البول في الماء الدائم
الذي لا يجري ثم يغتسل منه.
فهذه ثلاث محرمات.
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «لا يَغْتَسِلْ أحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ
وَهُوَ جُنُبٌ». فَقَالَ: كَيْفَ يَفْعَلُ يَا أبَا هُرَيْرَةَ؟ قال:
يَتَنَاوَلُهُ تَنَاوُلاً. أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَن النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «لا تَبُلْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لا يَجْرِي،
ثُمَّ تَغْتَسِلُ مِنْهُ». متفق عليه (2).
- حكم التعري أثناء الغسل:
1 - إذا اغتسل الانسان وحده في الخلوة جاز له التعري، ولكن التستر أفضل ولو
كان وحده، فيغتسل وهو ساتر لعورته، فالله أحق أن يُستحيا منه من الناس.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم - قالَ: «بَيْنَا أيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَاناً، فَخَرَّ عَلَيْهِ
جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَجَعَلَ أيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ
رَبُّهُ: يَا أيُّوبُ، ألَمْ أكُنْ أغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قال: بَلَى
وَعِزَّتِكَ، وَلَكِنْ لا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ». أخرجه البخاري (3).
2 - ويجب على المسلم أن يغتسل في مكان لا يرى الناس فيه عورته، ويحرم عليه
التعري أمام الناس.
عَنْ يَعْلَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - رَأَى رَجُلاً يَغْتَسِلُ بالبَرَازِ بلاَ إِزَارٍ فَصَعَدَ
المِنْبَرَ فَحَمِدَ اللهَ وَأَثنَى عَلَيْهِ، ثمَّ قَالَ - صلى الله عليه
وسلم -: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (283).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (239)، ومسلم برقم (282) واللفظ له.
(3) أخرجه البخاري برقم (279).
(2/358)
يُحِبُّ الحَيَاءَ وَالسَّتْرَ فَإِذا
اغْتَسَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَتِر». أخرجه أبو داود والنسائي (1).
- سنن الغسل:
الوضوء قبله .. وإزالة الأذى .. وإفراغ الماء على الرأس ثلاثاً ..
والتيامن.
- صفة الغسل المجزئ:
للغسل صفتان:
صفة مجزئة .. وصفة كاملة مستحبة.
فالغسل المجزئ أن ينوي بقلبه الغسل، ثم يعم بدنه كله بالغسل مرة واحدة.
- صفة الغسل الكامل:
أن ينوي الغسل .. ثم يغسل يديه ثلاثاً .. ثم يغسل فرجه وما لوّثه .. يُفرغ
الماء بيمينه، ويغسل بشماله .. ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً .. ثم يفيض على رأسه
ثلاثاً .. ويخلل بأصابعه أصول شعر رأسه .. ثم يفيض الماء على جسده مرة
واحدة مبتدءاً بالأيمن .. ولا يسرف في الماء .. وإن كان المكان غير نظيف
تحوّل من مكانه وغسل قدميه.
- صفة غسل النبي - صلى الله عليه وسلم -:
1 - عَنْ مَيْمُونَة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: أدْنَيْتُ لِرَسُولِ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - غُسْلَهُ مِنَ الجَنَابَةِ، فَغَسَلَ
كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلاثاً، ثُمَّ أدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ،
ثُمَّ أفْرَغَ بِهِ عَلَى فَرْجِهِ، وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ
بِشِمَالِهِ الأَرْضَ، فَدَلَكَهَا دَلْكاً شَدِيداً، ثُمَّ تَوَضَّأ
وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ أفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ حَفَنَاتٍ
مِلْءَ كَفِّهِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ
مَقَامِهِ ذَلِكَ، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أتَيْتُهُ
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (4012) , واللفظ له، والنسائي برقم (406).
(2/359)
بِالمِنْدِيلِ فَرَدَّهُ. متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - كَانَ إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، بَدَأ فَغَسَلَ
يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ
أصَابِعَهُ فِي المَاءِ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أصُولَ شَعَرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ
عَلَى رَأْسِهِ ثَلاثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ المَاءَ عَلَى
جِلْدِهِ كُلِّهِ. متفق عليه (2).
- صفة غسل من كرر الجماع:
من كرر الجماع فله ثلاث حالات:
الأولى: يجوز للمسلم أن يأتي أهله مرات، أو يطوف على نسائه، ثم يغتسل غسلاً
واحداً بعد ذلك.
عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -
كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ. متفق عليه (3).
الثانية: أن يتوضأ قبل أن يعاود الجماع، وهي أفضل من الأولى.
عَنْ أبِي سَعِيد الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا أتَى أحَدُكُمْ أهْلَهُ، ثُمَّ
أرَادَ أنْ يَعُودَ، فَلْيَتَوَضَّأْ». أخرجه مسلم (4).
الثالثة: أن يغتسل بعد كل جماع، وهي أفضل مما سبق.
عَنْ أَبي رَافِعٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه
وسلم - طَافَ ذاتَ يَوْمٍ عَلَى نِسَائِهِ يَغْتَسِلُ عِنْدَ هَذِهِ
وَعِنْدَ هَذِهِ، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَلاَ تَجْعَلُهُ
غُسْلاً وَاحِداً؟
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (249) , ومسلم برقم (317)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (248) , واللفظ له، ومسلم برقم (316).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (268) , ومسلم برقم (309)، واللفظ له.
(4) أخرجه مسلم برقم (308).
(2/360)
قَالَ: «هَذا أَزْكَى وَأَطْيَبُ
وَأَطْهَرُ». أخرجه أبو داود (1).
وغسل المرأة كالرجل .. ويجزئ غسل واحد عن حيض وجنابة، أو عن جنابة وجمعة
ونحو ذلك .. ولا يجب على المرأة نقض شعرها في الغسل من الجنابة، ويستحب ذلك
في الغسل من الحيض والنفاس.
- حكم الوضوء قبل الغسل:
السنة أن يتوضأ المسلم وضوءه للصلاة قبل الغسل، فإن اغتسل ولم يتوضأ قبله،
أو أتى بالوضوء قبل الغسل، فإنه لا يشرع له الوضوء بعد الغسل، ويدخل الوضوء
في الغسل.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - إذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ، غَسَلَ يَدَيْهِ،
وَتَوَضَّأ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ. متفق عليه (2).
2 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ وَفْدَ
ثَقِيفٍ سَألُوا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا: إِنَّ
أرْضَنَا أرْضٌ بَارِدَةٌ، فَكَيْفَ بِالغُسْلِ؟ فَقَالَ: «أمَّا أنَا،
فَأفْرِغُ عَلَى رَأْسِي ثَلاثاً». أخرجه مسلم (3).
- حكم الوضوء بعد الغسل:
إذا اغتسل المسلم، فعم جميع بدنه بالماء، وتمضمض واستنشق، ولم يتوضأ، أو
أتى بالوضوء قبل الغسل، فلا يشرع له الوضوء بعد الغسل، إلا إذا أتى بناقض
من نواقض الوضوء.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - يَغْتَسِلُ وَيُصَلِّي الرَّكْعَتَيْنِ
_________
(1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (219).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (272) , واللفظ له، ومسلم برقم (316).
(3) أخرجه مسلم برقم (328).
(2/361)
وَصَلاَةَ الغَدَاةِ وَلاَ أَرَاهُ يُحْدِث
وُضُوءاً بَعْدَ الغُسْلِ. أخرجه أبو داود والترمذي (1).
- حكم غسل المحتلم:
إذا استيقظ النائم فوجد بللاً فله ثلاث حالات:
1 - أن يتيقن أنه مني، فيجب عليه الغسل.
2 - أن يتيقن أنه ليس بمني، فحكمه حكم البول، فيغسل ما أصابه منه.
3 - أن يجهل الحال، فإن ذكر أنه احتلم فعليه الغسل، وإن لم يذكر فهو مذي
حكمه حكم البول.
عَنْ أمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ أمُّ سُلَيْمٍ
إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ!
إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ فَهَلْ عَلَى المَرْأةِ مِنْ
غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:
«نَعَمْ، إِذَا رَأتِ المَاءَ». فَقَالَتْ أمُّ سَلَمَةَ: يَا رَسُولَ
اللهِ! وَتَحْتَلِمُ المَرْأةُ؟ فَقَالَ: «تَرِبَتْ يَدَاكِ، فَبِمَ
يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا». متفق عليه (2).
- حكم غسل الرجل مع زوجته:
يجوز للرجل أن يغتسل مع زوجته في مكان واحد، ولو رأى كل منهما عورة الآخر.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنْتُ أغْتَسِلُ أنَا
وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ، مِنْ قَدَحٍ
يُقَالُ لَهُ: الفَرَقُ. متفق عليه (3).
2 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - وَمَيْمُونَةَ، كَانَا يَغْتَسِلانِ مِنْ إنَاءٍ
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (250) , واللفظ له، والترمذي برقم (107).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (130) , ومسلم برقم (313)، واللفظ له.
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (250) , واللفظ له، ومسلم برقم (319).
(2/362)
وَاحِدٍ. متفق عليه (1).
- كيف ينام الجنب؟:
السنة أن يغتسل الإنسان بعد الجماع، ويجوز أن ينام الإنسان وهو جنب.
ومن أراد أن ينام وهو جنب فله ثلاث حالات:
الأولى: أن يغسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلاة قبل الأكل أو النوم، وهذه
أعلاها.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم - إذَا أرَادَ أنْ يَنَامَ، وَهُوَ جُنُبٌ، غَسَلَ
فَرْجَهُ، وَتَوَضَّأ لِلصَّلاةِ. متفق عليه (2).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -، إِذَا كَانَ جُنُباً، فَأرَادَ أنْ يَأْكُلَ أوْ
يَنَامَ، تَوَضَّأ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ. متفق عليه (3).
الثانية: أن يتوضأ إذا أراد النوم، ويغسل يديه بدون وضوء إذا أراد أن يأكل
أو يشرب.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - إِذا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ وَهُوَ جُنُبٌ تَوَضَّأَ،
وَإِذا أَرَادَ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ، قَالَتْ: غَسَلَ يَدَيْهِ.
أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي (4).
وفي لفظ: «وَإذا أرَادَ أنْ يَأكُل وَهُوَ جُنبٌ غَسلَ يَدَيْهِ». أخرجه
أبو داود (5).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (253) , واللفظ له، ومسلم برقم (322).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (288) , واللفظ له، ومسلم برقم (305).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (288) , ومسلم برقم (305)، واللفظ له.
(4) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (24874) وأخرجه أبو داود برقم (222) وأخرجه
النسائي برقم (257) وهذا لفظه.
(5) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (223).
(2/363)
الثالثة: أن ينام دون أن يمس ماء، وهذه
أدناها.
والأفضل للمسلم ألا ينام حتى يغتسل أو يتوضأ.
- حكم خروج الجنب إلى السوق وغيره:
يجوز للجنب أن يخرج إلى السوق، ويحلق رأسه، ويقلم أظفاره، وإن لم يتوضأ.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: لَقِيَنِي رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - وَأنَا جُنُبٌ، فَأخَذَ بِيَدِي، فَمَشَيْتُ مَعَهُ
حَتَّى قَعَدَ، فَانْسَلَلْتُ، فَأتَيْتُ الرَّحْلَ، فَاغْتَسَلْتُ ثُمَّ
جِئْتُ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَقَالَ: «أيْنَ كُنْتَ يَا أبَا هِرٍّ». فَقُلْتُ
لَهُ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ يَا أبَا هِرٍّ، إنَّ المُؤْمِنَ لا
يَنْجُسُ». متفق عليه (1).
- صفة غسل من به جراحة:
من كانت به جراحة وهو جنب، وخاف إن اغتسل أن يهلك، أو يزيد مرضه، أو يتأخر
برؤه فإنه يتيمم.
- حكم من اغتسل ثم خرج منه الماء:
من اغتسل ثم خرج منه المني بدون تدفق ولا شهوة، فلا يعيد الغسل، لكن يجب
عليه غسله، والوضوء إذا أراد الصلاة.
- حكم غسل يوم الجمعة:
غسل الجمعة سنة مؤكدة على كل مسلم تجب عليه صلاة الجمعة، ويجب على من به
رائحة كريهة تؤذي المصلين والملائكة، ومن ترك الغسل ممن به رائحة كريهة
فصلاته صحيحة، لكنه قصَّر في واجب الغسل.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (285) , واللفظ له، ومسلم برقم (371).
(2/364)
عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: «الغُسْلُ
يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». متفق عليه (1).
- وقت غسل الجمعة:
يبدأ وقت الغسل يوم الجمعة من طلوع فجر يوم الجمعة، ويمتد إلى قبيل أداء
صلاة الجمعة، ويستحب تأخير الغسل إلى قبيل الرواح إلى صلاة الجمعة.
عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِذَا أرَادَ أحَدُكُمْ أنْ
يَأْتِيَ الجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ». متفق عليه (2).
- صفة غسل الجمعة:
غسل الجمعة كغسل الجنابة .. لكن يحسن للمغتسل يوم الجمعة المبالغة في نظافة
جسده، ويسن للرجل استعمال الطيب بعد الغسل.
عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قال النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم -: «لا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ الجُمُعَةِ،
وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ دُهْنِهِ، أوْ
يَمَسُّ مِنْ طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلا يُفَرِّقُ بَيْنَ
اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إذَا تَكَلَّمَ
الإمَامُ، إلا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى».
أخرجه البخاري (3).
- غسل الحيض والنفاس:
يجب على المرأة إذا طهرت من الحيض أو النفاس أن تغتسل.
والنفاس: هو الدم الخارج من قُبُل المرأة بعد الولادة، وهو كالحيض في
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (858) , واللفظ له، ومسلم برقم (846).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (877) , ومسلم برقم (844)، واللفظ له.
(3) أخرجه البخاري برقم (883).
(2/365)
وجوب الغسل منه بعد انقطاعه.
ودم النفاس هو دم الحيض، لكنه في مدة الحمل يقلبه الله غذاءً للولد، فإذا
خرج الولد خرج الدم لعدم مصرفه، وسمي نفاساً.
1 - قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى
فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى
يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ
اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ
(222)} [البقرة: 222].
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ
بِنْتُ أبِي حُبَيْشٍ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ:
يَا رَسُولَ اللهِ إنِّي امْرَأةٌ أُسْتَحَاضُ فَلا أطْهُرُ، أفَأدَعُ
الصَّلاةَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لا، إنَّمَا
ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ، فَإذَا أقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ فَدَعِي
الصَّلاةَ، وَإذَا أدْبَرَتْ فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ ثُمَّ صَلِّي».
متفق عليه (1).
- حكم مَنْ تعذَّر عليه الغسل:
الجنب إذا تعذر عليه الغسل لفقد الماء، أو تضرر باستعماله تيمم، فإذا وجد
الماء اغتسل، ولا يعيد ما صلى بالتيمم.
والمرأة إذا عَدِمت الماء وهي جنب، أو خافت من استعماله مرضاً، أو تأخر
برء، غسلت موضع الدم، أو مسحته بشيء طاهر وتيممت.
فإذا زال موجب التيمم اغتسلت.
- صفة الغسل من الحيض والنفاس:
هو كغسل الجنابة في الصفة .. إلا أنه يستحب فيه ما يلي:
نقض الشعر عند الغسل .. الغسل بماء وسدر أو نحوهما .. دلك الرأس دلكاً
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (228) , واللفظ له، ومسلم برقم (333).
(2/366)
شديداً .. مسح الفرج بقطعة فيها مسك لإزالة
الرائحة الكريهة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ أسْمَاءَ سَألَتِ النَّبِيَّ -
صلى الله عليه وسلم - عَنْ غُسْلِ المَحِيضِ؟ فَقَالَ: «تَأْخُذُ
إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ، فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ،
ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ دَلْكاً شَدِيداً، حَتَّى
تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَيْهَا المَاءَ، ثُمَّ
تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ بِهَا». فَقَالَتْ أسْمَاءُ:
وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا؟ فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ! تَطَهَّرِينَ
بِهَا». فَقَالَتْ عَائِشَةُ (كَأنَّهَا تُخْفِي ذَلِكَ) تَتَبَّعِينَ
أثَرَ الدَّمِ، وَسَألَتْهُ عَنْ غُسْلِ الجَنَابَةِ؟ فَقَالَ: «تَأْخُذُ
مَاءً فَتَطَهَّرُ، فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، أوْ تُبْلِغُ الطُّهُورَ، ثُمَّ
تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ، حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا،
ثُمَّ تُفِيضُ عَلَيْهَا المَاءَ». متفق عليه (1).
- حكم الكلام أثناء الوضوء والغسل:
يجوز الكلام أثناء الوضوء والغسل.
عَنْ أُمِّ هَانِئٍ بِنْتَ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ:
ذَهَبْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الفَتْحِ،
فَوَجَدْتُهُ يَغْتَسِلُ، وَفَاطِمَةُ ابْنَتُهُ تَسْتُرُهُ، فَسَلَّمْتُ
عَلَيْهِ، فَقال: «مَنْ هَذِهِ». فَقُلْتُ: أنَا أُمُّ هَانِئٍ بِنْتُ أبِي
طَالِبٍ، فَقال: «مَرْحَباً بِأُمِّ هَانِئٍ». متفق عليه (2).
- طهارة المسلم:
المسلم طاهر .. والمشرك نجس .. والمؤمن لا ينجس مطلقاً .. لكن ينتقض وضوءه
الشرعي إذا أحدث .. أو أصابته الجنابة .. أو أصاب الحيض أو النفاس المرأة
.. فيلزمه إذا أراد الصلاة أن يتوضأ من الحدث .. ويغتسل من
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (314) , ومسلم برقم (332)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3171) , واللفظ له، ومسلم برقم (336).
(2/367)
الجنابة للصلاة والطواف .. وتغتسل المرأة
من الجنابة أو الحيض أو النفاس للصلاة والطواف .. وما سوى ذلك فالأصل في
المؤمن الطهارة .. فلا يُمنع من شيء إلا بدليل.
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طَرِيقِ المَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ،
فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ، فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ: «أيْنَ
كُنْتَ يَا أبَا هُرَيْرَةَ». قال: كُنْتُ جُنُباً، فَكَرِهْتُ أنْ
أجَالِسَكَ وَأنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، فَقَالَ: «سُبْحَانَ اللهِ إنَّ
المُسْلِمَ لا يَنْجُسُ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قال لِي رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «نَاوِلِينِي الخُمْرَةَ مِنَ المَسْجِدِ».
قَالَتْ فَقُلْتُ: إِنِّي حَائِضٌ، فَقَالَ: «إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ
فِي يَدِكِ». أخرجه مسلم (2).
- حكم مس المصحف للمحدث:
الأصل في المسلم الطهارة .. فيجوز له مس المصحف .. وقراءة القرآن .. وذكر
الله عز وجل .. واللبث في المسجد .. سواء كان متوضئاً، أو محدثاً، أو جنباً
.. وسواء كانت المرأة طاهراً أو حائضاً أو نفساء أو جنباً .. لكن الأفضل في
هذه الأحوال أن يكون متطهراً من الحدث الأصغر والأكبر.
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ!
نَاوِلِينِي الثَّوْبَ». فَقَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ، فَقَالَ: «إِنَّ
حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ» فَنَاوَلَتْهُ. أخرجه مسلم (3).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (283) , واللفظ له، ومسلم برقم (271).
(2) أخرجه مسلم برقم (298).
(3) أخرجه مسلم برقم (299).
(2/368)
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا
قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُ اللهَ عَلَى
كُلِّ أحْيَانِهِ. أخرجه مسلم (1).
3 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - خَرَجَ مِنَ الخَلاءِ، فَأتِيَ بِطَعَامٍ، فَذَكَرُوا
لَهُ الوُضُوءَ فَقَالَ: «أرِيدُ أنْ أصَلِّيَ فَأتَوَضَّأ». أخرجه مسلم
(2).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (373).
(2) أخرجه مسلم برقم (374).
(2/369)
5 - باب التيمم
- التيمم: هو التعبد لله بقصد الصعيد الطيب لمسح الوجه واليدين به.
- مشروعية التيمم:
التيمم من خصائص الأمة الإسلامية، وهو بدل طهارة الماء.
والتيمم وإن لم يكن فيه نظافة وطهارة تُدرك بالحس، فإن فيه طهارة معنوية
ناشئة عن امتثال أوامر الله عز وجل.
ويشرع التيمم للمحدث حدثاً أصغر أو أكبر إذا تعذر عليه استعمال الماء ..
إما لفقده .. أو التضرر باستعماله .. أو العجز عن استعماله.
قال الله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ
أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ
تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ
وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ
حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ
عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)} [المائدة:6].
- ما يجوز التيمم به:
يجوز التيمم بكل ما على الأرض من طاهر من تراب .. أو وحل .. أو طين .. أو
حجر .. أو جدار .. وكل ما صعد منه غبار.
- صفة التيمم:
أن ينوي المسلم التيمم .. ثم يضرب الأرض مرة بباطن يديه .. ثم ينفخهما
لتخفيف الغبار عنهما .. ثم يمسح بهما وجهه .. ثم كفيه .. يمسح ظهر اليد
اليمنى بباطن اليسرى .. ثم يمسح ظهر اليد اليسرى بباطن اليمنى .. وأحياناً
(2/370)
يقدم مسح اليدين على الوجه.
1 - عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ أبْزَى قالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى عُمَرَ
بْنِ الخَطَّابِ فَقَالَ: إنِّي أجْنَبْتُ فَلَمْ أصِبِ المَاءَ، فَقَالَ
عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ: أمَا تَذْكُرُ أنَّا
كُنَّا فِي سَفَرٍ أنَا وَأنْتَ، فَأمَّا أنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأمَّا
أنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم -، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّمَا كَانَ
يَكْفِيكَ هَكَذَا». فَضَرَبَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
بِكَفَّيْهِ الأرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ
وَكَفَّيْهِ. متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ عَمَّارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -في صفة التيمم- -وفيه- فَقَالَ
لَهُ ِالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أنْ
تَصْنَعَ هَكَذَا». فَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى الأرْضِ، ثُمَّ
نَفَضَهَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ، أوْ ظَهْرَ
شِمَالِهِ بِكَفِّهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ. متفق عليه (2).
- ماذا يرفع التيمم من الأحداث:
التيمم بدل الماء فيأخذ حكمه .. فيرفع كل حدث يزول بالماء .. ويباح للمتيمم
ما يباح للمتوضئ من الصلاة ونحوها.
وإذا نوى المسلم بتيممه أحداثاً متنوعة كما لو بال، وتغوط، واحتلم أجزأه
التيمم عن الكل، ويصلي به ما شاء من الصلوات ما لم ينتقض وضوءه.
عَنْ جَابِر بْن عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - قالَ: «أعْطِيتُ خَمْساً، لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ
قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ
مَسْجِداً وَطَهُوراً، فَأيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أمَّتِي أدْرَكَتْهُ
الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأحِلَّتْ لِيَ المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ
قَبْلِي، وَأعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى
قَوْمِهِ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (338) , واللفظ له، ومسلم برقم (368).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (347) , واللفظ له، ومسلم برقم (368).
(2/371)
خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إلَى النَّاسِ
عَامَّةً». متفق عليه (1).
- عن أي شيء يكون التيمم؟:
يشرع التيمم للطهارة من الحدث الأصغر والأكبر.
أما طهارة الخبث -سواء كانت على البدن أو الثوب- فليس لها تيمم، فيزيلها
ويغسلها، فإن لم يستطع صلى بحسب حاله.
- حكم مَنْ عَدِم الماء والتراب:
من عدم الماء والتراب بكل حال .. أو لم يقدر على استعمالهما صلى على حسب
حاله بلا وضوء ولا تيمم .. ولا إعادة عليه.
- صفة تيمم من به جرح:
1 - إذا كان في أحد أعضاء الوضوء جرح لا يستطيع غسله ولا مسحه، فإنه يتيمم
له بعد فراغه من وضوئه، لا في أثنائه.
2 - مَنْ جُرِح وخاف أن يضره الماء، مسح عليه وغسل الباقي، فإن تضرر بالمسح
تيمم له وغسل الباقي، فالمسح في رتبة العضو، والتيمم بعد الفراغ من الوضوء
أو الغسل.
- حكم التيمم من الجنابة:
عَنْ عِمْرَان بْن حُصَيْنٍ الخُزَاعِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأى رَجُلاً مُعْتَزِلاً، لَمْ يُصَلِّ فِي
القَوْمِ، فَقَالَ: «يَا فُلاَنُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُصَلِّيَ فِي
القَوْمِ؟» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أصَابَتْنِي جَنَابَةٌ وَلا مَاءَ،
قال: «عَلَيْكَ بِالصَّعِيدِ، فَإنَّهُ يَكْفِيكَ». متفق عليه (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (335) , واللفظ له، ومسلم برقم (521).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (348) , واللفظ له، ومسلم برقم (682).
(2/372)
- حكم من معه ماء لا يكفي:
من كان عليه حدث .. وفي ثوبه نجاسة .. ومعه ماء لا يكفي للجميع .. فيبدأ
بإزالة النجاسة .. فإن فضل شيء توضأ بالباقي .. فإن كفاه لبعض أعضائه غسل
ما يستطيع وتيمم للباقي .. وإن لم يبق شيء من الماء تيمم: {مَا يُرِيدُ
اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ
لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَشْكُرُونَ (6)} [المائدة:6].
- ماذا يفعل المتيمم إذا صلى ثم وجد الماء في الوقت:
عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ
رَجُلاَنِ فِي سَفَرٍ فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ
فَتَيَمَّمَا صَعِيداً طَيِّباً فَصَلَّيَا ثمَّ وَجَدَا المَاءَ فِي
الوَقْتِ فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلاَةَ وَالوُضُوءَ وَلَمْ يُعِدِ
الآخَرُ، ثمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذكَرَا
ذلِكَ لَهُ، فَقَالَ لِلَّذِي لَمْ يُعِدْ: «أَصَبْتَ السُّنَّةَ
وَأَجْزَأَتْكَ صَلاَتُكَ» وَقَالَ لِلَّذِي تَوَضَّأَ وَأَعَادَ: «لَكَ
الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ». أخرجه أبو داود والنسائي (1).
- مبطلات التيمم:
يبطل التيمم بما يلي:
1 - إذا وجد الماء .. أو قدر على استعماله.
2 - إذا حصل أي ناقض من نواقض الوضوء السابقة.
- حكم المتيمم إذا وجد الماء أثناء الصلاة:
إذا وجد المتيمم الماء وهو في أثناء الصلاة بطل التيمم .. فيقطعها ثم يتوضأ
ويصلي .. وإن وجد الماء بعد أن صلى فصلاته صحيحة، ولا إعادة عليه.
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (338) , وهذا لفظه، والنسائي برقم (433).
(2/373)
6 - باب الحيض
والنفاس
- الحيض: هو دم طبيعة وجبلَّة يرخيه الرحم، فيخرج من فرج المرأة في أوقات
معلومة.
- أصل دم الحيض:
خلق الله عز وجل دم الحيض لحكمة غذاء الولد في بطن أمه، لذلك قلّ أن تحيض
الحامل.
فإذا ولدت قلَبه الله لبناً يدرّ من ثدييها، لذلك قلّ أن تحيض المرضع.
فإذا خلت المرأة من حمل ورضاع بقي لا مصرف له، فيستقر في الرحم، ثم يخرج في
كل شهر ستة أو سبعة أيام.
- أنواع الدم الذي يخرج من المرأة:
الدم الخارج من فرج المرأة ثلاثة أنواع:
1 - دم الحيض، وهو الأصل.
2 - دم النفاس، وسببه الولادة، وحكمه حكم الحيض.
3 - دم الاستحاضة، وهو الدم الذي يعرض للمرأة بعارض من مرض ونحوه، ويستمر
معها، ولا ينقطع إلا مدة يسيرة.
- مدة الحيض:
لا حد لأقل الحيض ولا لأكثره .. ولا لبدايته ولا لنهايته .. وغالبه ستة أو
سبعة أيام .. ولا حد لأقل الطهر بين الحيضتين ولا لأكثره.
ولا حد للسن التي تحيض فيها المرأة .. فمتى رأت المرأة الحيض فهي
(2/374)
حائض وإن كانت دون تسع سنين .. أو فوق
خمسين سنة.
- حكم دم الحيض:
دم الحيض نجس يُغسل إذا أصاب الثوب.
عَنْ أسْمَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: جَاءَتِ امْرَأةٌ النَّبِيَّ
- صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: أرَأيْتَ إحْدَانَا تَحِيضُ فِي
الثَّوْبِ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ قال: «تَحُتُّهُ، ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالمَاءِ،
وَتَنْضَحُهُ، وَتُصَلِّي فِيهِ». متفق عليه (1).
- النفاس: هو الدم الخارج من قُبُل المرأة عند الولادة، أو معها، أو قبلها.
- مدة النفاس:
غالب مدة النفاس أربعون يوماً .. فإن طهرت قبله صلت وصامت بعد أن تغتسل ..
ولزوجها وطؤها .. وإن زاد إلى ستين فهو نفاس .. لكن إن استمر فهو دم فساد.
- حكم الدم الخارج من الحامل:
الحامل إذا خرج منها دم كثير ولم ينزل الولد، فهو دم فساد لا تترك من أجله
الصلاة، لكن تتوضأ لكل صلاة.
وإذا رأت دم الحيض المعتاد الذي يأتيها في وقته وشهره وحاله فهو حيض، تترك
من أجله الصلاة والصوم والطواف.
- حكم تناول ما يقطع الحيض:
1 - المرأة إذا كانت حائضاً فإنها لا تصلي ولا تصوم ولا تطوف بالبيت، سواء
كان
الحيض موافقاً للعادة، أو زائداً عنها، أو ناقصاً، فإذا طهرت اغتسلت وصلت.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (227) , واللفظ له، ومسلم برقم (291).
(2/375)
2 - يجوز للمرأة إن احتاجت تناول ما يقطع
الحيض ما لم تتضرر به، ويكون طهراً تصوم فيه وتصلي.
- علامة طهر الحائض:
تعرف الحائض الطهر بما يلي:
أن ترى سائلاً أبيضاً يخرج إذا توقف الحيض .. ومن لم تر هذا السائل تُدخل
قطنة بيضاء في محل الحيض .. فإن خرجت ولم تتغير فهو علامة طهرها.
وكلا الأمرين علامة على طهر المرأة من الحيض.
- حكم الصفرة والكدرة:
الصفرة والكدرة في زمن العادة حيض .. وإن رأت ذلك قبل العادة أو بعدها فليس
بحيض .. فتصلي وتصوم .. ولزوجها أن يجامعها .. وإن تجاوزت الصفرة والكدرة
العادة الغالبة للنساء .. فتغتسل وتصلي كالطاهرات.
عَنْ أمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كُنَّا لا نَعُدُّ
الكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ شَيْئاً. أخرجه البخاري (1).
- حكم الدم إذا زاد أو نقص عن العادة:
إذا زاد الدم على عادة المرأة فالزيادة اليسيرة حيض .. فإن استمر طويلاً
كشهر فهي مستحاضة .. وإذا طهرت المرأة قبل تمام عادتها فهي طاهرة يلزمها
ويحل لها ما يلزم الطاهرة ويحل لها.
- حكم من ولدت بعملية جراحية:
من ولدت بعملية جراحية فحكمها حكم النفساء .. إن رأت دماً جلست حتى
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (326).
(2/376)
تطهر .. وإن لم تر دماً فإنها تغتسل وتصلي
وتصوم كسائر الطاهرات .. وإن وضعت الحمل ولم يخرج منها دم اغتسلت، وصلت،
وصامت كالطاهرات، ولزوجها أن يجامعها بعد الغسل.
- حكم مباشرة الحائض:
يجوز للرجل مباشرة زوجته وهي حائض، ويجتنب محل الحيض.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَتْ إحْدَانَا إذَا
كَانَتْ حَائِضاً، فَأرَادَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنْ
يُبَاشِرَهَا، أمَرَهَا أنْ تَتَّزِرَ فِي فَوْرِ حَيْضَتِهَا، ثُمَّ
يُبَاشِرُهَا. قَالَتْ: وَأيُّكُمْ يَمْلِكُ إرْبَهُ، كَمَا كَانَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَمْلِكُ إرْبَهُ. متفق عليه (1).
- حكم وطء الحائض:
1 - يحرم وطء الحائض في الفرج .. ولا يجوز وطء الحائض حتى ينقطع دم حيضها
وتتطهر .. ومَنْ وطئها قبل الغسل فهو آثم.
قال الله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى
فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى
يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ
اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ
(222)} [البقرة:222].
2 - إذا وطئ الرجل زوجته مختاراً متعمداً عالماً أنها حائض فهو آثم، وعليه
التوبة والاستغفار من فعله المحرم .. والمرأة مثله.
- حكم النوم مع الحائض:
يجوز للرجل أن يضطجع مع زوجته الحائض في لحاف واحد.
عَنْ مَيْمُونَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم -، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (302) , واللفظ له، ومسلم برقم (293).
(2/377)
يَضْطَجِعُ مَعِي وَأنَا حَائِضٌ،
وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ ثَوْبٌ. أخرجه مسلم (1).
- حكم ما يخرج من رحم المرأة:
إذا وضعت المرأة نطفة فهذا ليس بحيض ولا نفاس .. وإن وضعت الجنين لأربعة
أشهر فهذا نفاس .. وإن وضعت علقة أو مضغة غير مخلَّقة فليس بنفاس ولو رأت
الدم .. وإن وضعت مضغة مخلَّقة وتبين أنه خَلْق إنسان فهو نفاس.
- حكم دخول الحائض المسجد:
يجوز دخول المرأة الحائض المسجد، وتضع على فرجها ما يمنع نزول الدم؛ لئلا
يتلوث المسجد.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ!
نَاوِلِينِي الثَّوْبَ». فَقَالَتْ: إِنِّي حَائِضٌ، فَقَالَ: «إِنَّ
حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ فِي يَدِكِ» فَنَاوَلَتْهُ. أخرجه مسلم (2).
- حكم حج الحائض وعمرتها:
الحائض تحرم بالحج، وتفعل المناسك كلها إلا الطواف بالبيت، فإذا طهرت
اغتسلت وطافت بالبيت.
وإذا أحرمت بالعمرة تبقى على إحرامها حتى تطهر ثم تغتسل، وتقضي عمرتها.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالتْ: خَرَجْنَا لا نَرَى إلا
الحَجَّ، فَلَمَّا كُنَّا بِسَرِفَ
حِضْتُ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأنَا
أبْكِي، قال: «مَا لَكِ أنُفِسْتِ». قُلْتُ:
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (295).
(2) أخرجه مسلم برقم (299).
(2/378)
نَعَمْ، قال: «إنَّ هَذَا أمْرٌ كَتَبَهُ
اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الحَاجُّ، غَيْرَ أنْ لا
تَطُوفِي بِالبَيْتِ». متفق عليه (1).
- الحائض تقضي الصوم لا الصلاة:
عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: سَألْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ الحَائِضِ
تَقْضِي الصَّوْمَ وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ؟ فَقَالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ
أنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أسْألُ، قَالَتْ: كَانَ
يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ
الصَّلاةِ. متفق عليه (2).
- ما يحرم على الحائض والنفساء:
يحرم على الحائض والنفساء ما يلي:
الصلاة .. والصوم .. والطواف بالبيت .. والوطء في الفرج.
ويحرم على زوجها أن يطلقها وهي حائض.
ويجوز لها دخول المسجد، ومس المصحف، وقراءة القرآن ونحو ذلك.
ولا تُمنع من أي شيء إلا بدليل، والأفضل أن يكون الإنسان على طهارة دائماً.
والمرأة إذا حاضت بعد دخول وقت الصلاة، أو طهرت قبل خروج وقت الصلاة، وجب
عليها أن تصلي تلك الصلاة.
- صفة غسل الحائض والنفساء:
يجب على الحائض والنفساء إذا انقطع عنها الدم أن تغتسل بتطهير جميع
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (294) , واللفظ له، ومسلم برقم (1211).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (321)، ومسلم برقم (335)، واللفظ له.
(2/379)
البدن بالماء .. وهو كغسل الجنابة .. لكن
يستحب لها في هذا الغسل نقض شعر رأسها .. والغسل بماء وسدر أو صابون ..
ودلك الرأس دلكاً شديداً .. ومسح الفرج بقطعة فيها مسك، أو طيب؛ لإزالة
الرائحة الكريهة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ أسْمَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا
سَألَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ غُسْلِ المَحِيضِ؟
فَقَالَ: «تَأْخُذُ إِحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وَسِدْرَتَهَا فَتَطَهَّرُ،
فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ، ثُمَّ تَصُبُّ عَلَى رَأْسِهَا فَتَدْلُكُهُ
دَلْكاً شَدِيداً، حَتَّى تَبْلُغَ شُؤُونَ رَأْسِهَا، ثُمَّ تَصُبُّ
عَلَيْهَا المَاءَ، ثُمَّ تَأْخُذُ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَطَهَّرُ
بِهَا». فَقَالَتْ أسْمَاءُ: وَكَيْفَ تَطَهَّرُ بِهَا؟ فَقَالَ:
«سُبْحَانَ اللهِ! تَطَهَّرِينَ بِهَا». فَقَالَتْ عَائِشَةُ (كَأنَّهَا
تُخْفِي ذَلِكَ) تَتَبَّعِينَ أثَرَ الدَّمِ. متفق عليه (1).
- المستحاضة: هي من استمر خروج الدم منها في غير أوانه.
- الفرق بين الحيض والاستحاضة:
1 - الحيض: سيلان دم عِرْق في قعر الرحم يسمى العاذر، ولون هذا الدم أسود،
ثخين، منتن، لا يتجمد إذا ظهر.
2 - أما الاستحاضة: فهي سيلان دم عرق في أدنى الرحم يسمى العاذل، ولون هذا
الدم أحمر، رقيق، غير منتن، يتجمد إذا خرج؛ لأنه دم عرق عادي.
3 - دم الحيض نجس يجب غسله، ودم الاستحاضة دم عادي يحسن غسله.
- أحوال المستحاضة:
المستحاضة لها أربع حالات وهي:
1 - أن تكون مدة الحيض معروفة لها، فتجلس تلك المدة، ثم تغتسل وتصلي.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (314) , ومسلم برقم (332)، واللفظ له.
(2/380)
2 - أن تكون مدة الحيض غير معروفة لها،
فتجلس ستة أو سبعة أيام؛ لأن ذلك غالب مدة الحيض، ثم تغتسل وتصلي.
3 - أن لا تكون لها عادة، ولكنها تستطيع تمييز دم الحيض الأسود من غيره،
فهذه إذا انقطع دم الحيض المميز اغتسلت وصلت.
4 - أن لا تكون لها عادة معلومة، ولا تستطيع أن تميز دم الحيض، فهذه تجلس
ستة أو سبعة أيام، ثم تغتسل وتصلي، وتسمى المبتدأة.
- صفة غسل المستحاضة:
المستحاضة تغتسل مرة واحدة عند إدبار الحيض .. ولا يلزمها الوضوء لكل صلاة
عن هذا الدم .. وتحشو فرجها عن التلوث بخرقة ونحوها.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أبِي حُبَيْشٍ
سَألَتِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَتْ: إنِّي أسْتَحَاضُ فَلا
أطْهُرُ، أفَأدَعُ الصَّلاةَ؟ فَقَالَ: «لا، إنَّ ذَلِكِ عِرْقٌ، وَلَكِنْ
دَعِي الصَّلاةَ قَدْرَ الأيَّامِ الَّتِي كُنْتِ تَحِيضِينَ فِيهَا، ثُمَّ
اغْتَسِلِي وَصَلِّي». متفق عليه (1).
- ما يجوز للمستحاضة:
يجوز للمستحاضة ما يجوز للطاهرة من الصلاة والصوم والاعتكاف والجماع ونحو
ذلك مما يجب ويستحب.
ودم الاستحاضة لا يجب بخروجه الوضوء، ومثله سلس البول، والخارج من السبيلين
بدون إرادة لا يلزم منه الوضوء، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها،
والوضوء لكل صلاة أفضل.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (325) , واللفظ له، ومسلم برقم (333).
(2/381)
قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا
لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ (16)} [التغابن:16].
- حكم اعتكاف المستحاضة:
يجوز للمستحاضة الاعتكاف في المسجد، لكن تتلَجَّم بخرقة؛ لئلا تلوِّث
المسجد.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالتِ: اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - امْرَأةٌ مِنْ أزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ،
فَكَانَتْ تَرَى الحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ
تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي. أخرجه البخاري (1).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (2037).
(2/382)
|