موسوعة
الفقه الإسلامي 2 - كتاب الصلاة
ويشتمل على ما يلي:
1 - باب الأذان والإقامة.
2 - باب الصلوات المفروضة.
1 - باب الصلوات الخمس
2 - باب صلاة الجمعة.
3 - باب قضاء الفوائت.
3 - باب صلاة التطوع.
(2/383)
1 - باب الأذان
والإقامة
ويشتمل على ما يلي:
1 - حكمة مشروعية الأذان.
2 - حكم الأذان والإقامة.
3 - فضل الأذان.
4 - أحكام الأذان.
5 - شروط صحة الأذان.
6 - سنن الأذان.
7 - أقسام الصلوات بالنسبة للأذان.
8 - صفات الأذان الثابتة في السنة.
9 - حكم متابعة المؤذن.
10 - صفات الإقامة الثابتة في السنة.
(2/385)
1 - باب الأذان والإقامة
- الأذان: هو التعبد لله بالإعلام بدخول وقت الصلاة بذكر مخصوص.
1 - حكمة مشروعية الأذان
للأذان حكم عظيمة أهمها:
1 - إعلان التوحيد، وتذكير الناس به ليلاً ونهاراً.
2 - إظهار الشعائر، والتعريف بأن الدار دار إسلام.
3 - الدعاء للصلاة التي هي الفلاح، وتنبيه الغافلين حتى لا يفوتهم هذا
الفلاح.
4 - الإعلام بدخول وقت الصلاة ومكان أدائها.
5 - الدعاء إلى صلاة الجماعة التي فيها خير كثير.
- الإقامة: هي التعبد لله بالإعلام بالقيام إلى الصلاة بذكر مخصوص.
2 - حكم الأذان والإقامة
يشرع الأذان والإقامة للصلوات الخمس وصلاة الجمعة فقط.
والأذان والإقامة فرض كفاية على الرجال دون النساء حضراً وسفراً، وهما في
حق المنفرد سنة.
1 - عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أتَى
رَجُلانِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدَانِ السَّفَرَ، فَقال
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أنْتُمَا خَرَجْتُمَا،
فَأذِّنَا، ثُمَّ أقِيمَا، ثُمَّ لِيَؤُمَّكُمَا
(2/387)
أكْبَرُكُمَا». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «يَعْجَبُ رَبُّكُمْ مِنْ
رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةٍ بجَبَلٍ يُؤَذِّنُ بالصَّلاَةِ
وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذا
يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاَةَ يَخَافُ مِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي
وَأَدْخَلْتُهُ الجَنَّةَ. أخرجه أبو داود والنسائي (2).
3 - فضل الأذان
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ
وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلا أنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ
لاسْتَهَمُوا». متفق عليه (3).
2 - وَعَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «المُؤَذِّنُونَ
أطْوَلُ النَّاسِ أعْنَاقاً يَوْمَ القِيَامَةِ». أخرجه مسلم (4).
3 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ أَنَّ أبَا سَعِيد
الخُدْرِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ لَهُ: إنِّي أرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ
وَالبَادِيَةَ، فَإذَا كُنْتَ فِي غَنَمِكَ، أوْ بَادِيَتِكَ، فَأذَّنْتَ
بِالصَّلاةِ فَارْفَعْ صَوْتَكَ بِالنِّدَاءِ، فَإنَّهُ لا يَسْمَعُ مَدَى
صَوْتِ المُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلا إنْسٌ وَلا شَيْءٌ، إلا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ
القِيَامَةِ». قال أبو سعيد: سمعته من رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.
أخرجه البخاري (5).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (630) , واللفظ له، ومسلم برقم (674).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1203) , واللفظ له، والنسائي برقم (666).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (615) , واللفظ له، ومسلم برقم (437).
(4) أخرجه مسلم برقم (387).
(5) أخرجه البخاري برقم (609).
(2/388)
- قوة الأذان:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قال: «إذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ، أدْبَرَ الشَّيْطَانُ وَلَهُ
ضُرَاطٌ، حَتَّى لا يَسْمَعَ التَّأْذِينَ، فَإذَا قَضَى النِّدَاءَ
أقْبَلَ، حَتَّى إذَا ثُوِّبَ بِالصَّلاةِ أدْبَرَ، حَتَّى إذَا قَضَى
التَّثْوِيبَ أقْبَلَ، حَتَّى يَخْطِرَ بَيْنَ المَرْءِ وَنَفْسِهِ،
يَقُولُ: اذْكُرْ كَذَا، اذْكُرْ كَذَا، لِمَا لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ،
حَتَّى يَظَلَّ الرَّجُلُ لا يَدْرِي كَمْ صَلَّى». متفق عليه (1).
4 - أحكام الأذان
- أمانة الأذان:
يجب على المؤذن الاهتمام بالأذان في أول الوقت .. فلا يجوز له أن يتقدم ولا
يتأخر في الأذان؛ لئلا يُفسد على المسلمين دينهم.
فالإمام ضامن، والمؤذن مؤتمن على ركنين من أركان الإسلام .. وهما الصلاة
والصيام.
فإذا أذن قبل الوقت أو بعد الوقت .. فقد عرّض صلاة المسلمين وصيامهم للخلل
.. فليتق الله كل مؤذن .. وليؤد الأمانة كما أُمر.
عَنْ أبِي أُمامةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «الإِِمَامُ ضَامِنٌ، وَالمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ». أخرجه
أحمد (2).
- وقت الأذان:
1 - يجب أن يؤذن المؤذن لجميع الصلوات الخمس إذا دخل الوقت، ولا يجزئ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (608) , واللفظ له، ومسلم برقم (389).
(2) حسن/ أخرجه أحمد برقم (22238) , انظر السلسلة الصحيحة رقم (1767).
(2/389)
الأذان قبل دخول الوقت لأي صلاة.
2 - يسن أن يؤذن قبل الفجر بقدر ما يتسحر الصائم؛ ليرجع القائم، ويستيقظ
النائم، ويختم من يتهجد صلاته بالوتر، فإذا طلع الفجر الصادق أذن لصلاة
الصبح.
3 - الأفضل أن يكون الأذان الأول للجمعة قبل النداء الثاني بوقت يتمكن فيه
الإنسان إذا سمعه من الاغتسال، والتطيب، والذهاب إلى المسجد كساعة مثلاً،
ثم يكون الأذان الثاني حين يجلس الإمام على المنبر للخطبة.
4 - الأذان في الحضر متعلق بالوقت، فمتى دخل الوقت وجب أن يؤذن.
والأذان في السفر متعلق بأداء الصلاة، فمتى أراد الصلاة أذن وأقام وصلى في
أول الوقت أو آخره.
5 - إذا أخر صلاة الظهر لشدة حر، وأخر العشاء إلى الوقت الأفضل .. فالسنة
أن يؤذن عند إرادة فعل الصلاة.
- مكان الأذان:
يسن للمؤذن أن يؤذن على مكان عال كالمنارة، أو سطح المسجد، أو أي مكان
مرتفع، أو بمكبر الصوت؛ ليسمعه الناس.
ويؤذن المسافر الذي جدَّ به السير على ظهر الراحلة، سواء كانت سيارة، أو
سفينة، أو طائرة.
أما الإقامة فيقيم من أذن في مكانه إن سهل، أو يقيم بمكبر الصوت، ليسمع
الناس الإقامة فيحضروا.
- حكم تعدد الأذان:
1 - جميع الصلوات الخمس يؤذَّن لكل صلاة أذان واحد .. ويستثنى من ذلك
(2/390)
الفجر والجمعة .. فيؤذَّن لكل واحدة
أذانين.
والسنة إيقاع الأذان الأول للفجر في السَّحَر، وهو سدس الليل الأخير.
وإيقاع النداء الأول للجمعة قبل النداء الثاني بوقت يتسع للغسل والمجيء
للمسجد.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم
- أنَّهُ قالَ: «إنَّ بِلالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا
حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أمِّ مَكْتُومٍ». متفق عليه (1).
2 - من جمع بين صلاتين أو قضى فوائت، أذن للأولى، ثم أقام لكل فريضة.
- حكم تعدد المؤذنين:
السنة أن يكون لكل مسجد مؤذن واحد، ويباح اتخاذ مؤذنين للمسجد الواحد، ولا
تستحب الزيادة على اثنين إلا عند الحاجة.
ويستحب جعل مؤذنين للمساجد الكبيرة العامرة بالدروس والتي يتوافد إليها
الناس لطلب العلم .. ويؤذن كل واحد في وقت.
وعند تعدد الأذان كما في الفجر والجمعة .. يؤذِّن أحدهما الأول .. ويؤذِّن
الآخَر الأذان الثاني، ليسهل على الناس معرفة الوقت.
والسنة أن يكون الأذان الأول للفجر في مسجد واحد على مستوى البلد .. لئلا
تلتبس العبادة على الناس .. فقد كان الأذان الأول في مسجده - صلى الله عليه
وسلم - .. وبقية مساجد المدينة ليس فيها إلا الأذان الثاني .. فإن كان
البلد كبيراً فيستحب تعدد الأذان بقدر الحاجة.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (623) , واللفظ له، ومسلم برقم (1092).
(2/391)
- مؤذنو النبي - صلى الله عليه وسلم -
أربعة:
بلال بن رباح، وابن أم مكتوم في مسجده - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة
وسعد القَرَظ في مسجد قباء.
وأبو محذورة في المسجد الحرام بمكة.
وبلال كان لا يرجِّع الأذان، ويفرد الإقامة .. وأبو محذورة كان يرجِّع
الأذان، ويثنِّي الإقامة.
5 - شروط صحة الأذان
يشترط لصحة الأذان ما يلي:
أن يكون الأذان بعد دخول الوقت .. وأن يكون باللغة العربية .. وأن يكون
مرتباً متوالياً .. وأن يكون المؤذن مسلماً .. ذكراً .. أميناً .. عاقلاً
.. عدلاً .. بالغاً أو مميزاً .. والإقامة كذلك.
6 - سنن الأذان
1 - يسن ترتيل الأذان .. ورفع الصوت به .. وأن يلتفت برأسه يميناً عند
قوله: (حي على الصلاة) وشمالاً عند قوله: (حي على الفلاح).
ويسن الالتفات في الأذان ولو مع وجود مكبر الصوت؛ لأن الأمر تعبدي.
2 - ويسن للمؤذن أن يكون صيتاً .. عالماً بالوقت .. مستقبل القبلة ..
متطهراً .. قائماً .. واضعاً أصبعيه في أذنيه حال الأذان .. وأن يؤذن على
مكان مرتفع .. أو بمكبر الصوت؛ ليسمعه الناس.
3 - ويسن إفراد كل جملة من جمل الأذان بنفس واحد إلا (الله أكبر) فيجمع
(2/392)
الجملتين بنفس واحد، وأحياناً يفرد كل
جملة، ويجيبه السامع كذلك.
- من يقدَّم في الأذان عند المشاحة:
السنة أن يكون لكل مسجد مؤذن معين .. وإذا تأخر المؤذن، أو كان الناس في
سفر، وتشاح الناس في الأذان فيقدم الأفضل صوتاً .. ثم الأفضل في دينه وعقله
.. ثم من يختاره أهل المسجد .. ثم قرعة .. ويجوز للمؤذن أن يوكل من يؤذن
عنه عند الحاجة.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ
الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلا أنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ
لاسْتَهَمُوا». متفق عليه (1).
7 - أقسام الصلوات بالنسبة للأذان
الصلوات بالنسبة لمشروعية الأذان والإقامة أربعة أقسام:
1 - صلوات لها أذان وإقامة، وهي الصلوات الخمس والجمعة.
2 - صلوات لها إقامة ولا أذان لها، وهي الصلوات المجموعة إلى ما قبلها،
والصلوات المقضية.
3 - صلوات لا أذان لها ولا إقامة، وهي صلوات النفل، وصلاة الجنازة، وصلاة
العيدين، وصلاة الاستسقاء ونحو ذلك.
4 - صلوات لها نداء بألفاظ مخصوصة، وهي صلاة الكسوف والخسوف، ينادى لها
بلفظ: (الصلاة جامعة).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (615) , ومسلم برقم (437).
(2/393)
- من يؤذن ويقيم:
السنة أن يتولى الأذان والإقامة رجل واحد .. ويجوز أن يؤذن واحد، ويقيم
آخر؛ لأن كل واحدة منهما عبادة مستقلة.
والمؤذن أملك بالأذان .. والإمام أملك بالإقامة .. فلا يقيم المؤذن إلا
بإشارة الإمام، أو رؤيته، أو قيامه، أو أمره.
- حكم الأذان والإقامة بمكبر الصوت:
1 - الأذان مشروع لإعلام المسلمين بدخول وقت الصلاة ومكانها .. والإقامة
مشروعة للإعلام بقيام الصلاة .. فيشرع رفع الصوت في الأذان والإقامة ليعلم
الناس ذلك .. فيحضروا ويقوموا لأداء الصلاة.
2 - يجوز استعمال مكبر الصوت في الأذان والإقامة والصلاة والخطبة إذا دعت
الحاجة لذلك، خاصة في الحرمين الشريفين، والمساجد الكبيرة.
(2/394)
8 - صفات الأذان
الثابتة في السنة
1 - الصفة الأولى: أذان بلال رضي الله عنه، الذي كان يؤذن به في عهد النبي
- صلى الله عليه وسلم -، وهو خمس عشرة جملة:
1 - اللهُ أَكْبَرُ
2 - اللهُ أَكْبَرُ
3 - اللهُ أَكْبَرُ
4 - اللهُ أَكْبَرُ
5 - أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله
6 - أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله
7 - أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله
8 - أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ الله
9 - حَيَّ عَلَى الصَّلاَة
10 - حَيَّ عَلَى الصَّلاَة
11 - حَيَّ عَلَى الفَلاَح
12 - حَيَّ عَلَى الفَلاَح
13 - اللهُ أَكْبَر
14 - اللهُ أَكْبَر
15 - لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله أخرجه أبو داود وابن ماجه (1).
وهذا أفضل صفات الأذان؛ لأنه هو الذي كان يسمعه النبي - صلى الله عليه وسلم
- من بلال حضراً وسفراً.
2 - الصفة الثانية: أذان أبي محذورة رضي الله عنه، وهو تسع عشرة جملة،
التكبير أربعاً في أوله مع الترجيع.
عَنْ أَبي مَحْذورَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَلْقَى عَلَيَّ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - التَّأْذِينَ هُوَ بنَفْسِهِ فَقَالَ: «قُلِ
اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ
أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ،
أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً
رَسُولُ اللهِ» مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ. قَالَ: «ثمَّ ارْجِعْ فَمُدَّ
مِنْ صَوْتِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله،
_________
(1) حسن صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (499) , واللفظ له، وابن ماجه برقم
(706).
(2/395)
أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله،
أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً
رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ، حَيَّ
عَلَى الفَلاَحِ حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ لاَ
إِلَهَ إِلاَّ الله». أخرجه أبو داود والترمذي (1).
· صفة الترجيع:
أن يقول المؤذن أولاً بصوت خافت (أشهد أن لا إله إلا الله) مرتين، ثم يرجع
ثانية ويرفع بها صوته مرتين، ويفعل كذلك في (أشهد أن محمداً رسول الله).
3 - الصفة الثالثة: مثل أذان أبي محذورة رضي الله عنه السابق إلا أن
التكبير في أوله مرتان فقط، فيكون سبع عشرة جملة.
عَنْ أبِي مَحْذُورَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّ نَبِيَّ اللهِ عَلَّمَهُ
هَذَا الأَذَانَ: «اللهُ أكْبَرُ اللهُ أكْبَرُ، أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ
إِلا اللهُ أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ، أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً
رَسُولُ اللهِ أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ». ثُمَّ يَعُودُ
فَيَقُولُ: «أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا
اللهُ، أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ أشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً
رَسُولُ اللهِ» حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ (مَرَّتَيْنِ) حَيَّ عَلَى الفَلاحِ
(مَرَّتَيْنِ) اللهُ أكْبَرُ اللهُ أكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلا الله». أخرجه
مسلم (2).
4 - الصفة الرابعة: أن يكون الأذان كله مثنى مثنى، وكلمة التوحيد في آخره
مفردة، فيكون ثلاث عشرة جملة.
1 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ الأَذانُ عَلَى
عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَثنَى مَثنَى، وَالإقَامَةُ
مَرَّةً مَرَّةً، إِلاَّ أَنَّكَ تَقُولُ قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ قَدْ
قَامَتِ الصَّلاَةُ.
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (503) , واللفظ له، والترمذي برقم (192).
(2) أخرجه مسلم برقم (379).
(2/396)
متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أُمِرَ بِلالٌ أنْ يَشْفَعَ
الأَذَانَ وَيُوتِرَ الإقَامَةَ. أخرجه أبو داود والنسائي (2).
· السنة أن يؤذن بهذه الصفات كلها .. بهذا مرة .. وبهذا مرة .. وهذا في
مكان .. وهذا في مكان .. حفظاً للسنة .. وإحياءً لها بوجوهها المشروعة
المتنوعة .. يفعل ذلك ما لم تُخش فتنة أو فرقة.
· يزيد المؤذن في أذان الفجر، في جميع صفات الأذان السابقة قول: (الصلاة
خير من النوم. الصلاة خير من النوم) بعد (حي على الفلاح).
9 - حكم متابعة المؤذن
متابعة المؤذن سنة مؤكدة.
ومن تابع مؤذناً فقال مثل ما يقول حصل له مثل أجر المؤذن، وهذا من فضل الله
على كافة المسلمين أنْ أَشْركهم جميعاً في ثواب الأذان.
ومن سمع مؤذناً آخر بعد الأول فتستحب متابعته؛ زيادة في الأجر.
ومن كان في صلاة، أو كان يقضي حاجته فإنه لا يجيب المؤذن حتى يتم صلاته، أو
يفرغ من حاجته.
ومن سمع بعض الأذان فالأَوْلى أن يبدأ بإجابته من أوله حتى يدركه.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (607) , ومسلم برقم (378)، واللفظ له.
(2) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (510) , والنسائي برقم (628)، واللفظ له.
(2/397)
· ما يقوله من سمع الأذان:
يسن لمن سمع الأذان من الرجال أو النساء أن يقول ما يلي:
1 - أن يقول مثل المؤذن إلا في الحيعلتين فيقول السامع: (لا حول ولا قوة
إلا بالله).
2 - أن يصلي سراً على النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد انتهاء الأذان.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا،
أنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِذَا
سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا
عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
بِهَا عَشْراً، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِي الوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ
فِي الجَنَّةِ لاتَنْبَغِي إِلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأرْجُو أنْ
أكُونَ أنَا هُوَ، فَمَنْ سَألَ لِي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ
الشَّفَاعَةُ». أخرجه مسلم (1).
3 - أن يقول بعد فراغ المؤذن من الشهادتين (رضيت بالله رباً، وبمحمد
رسولاً، وبالإسلام ديناً).
عَنْ سَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قَالَ: «مَنْ قالَ حِينَ يَسْمَعُ
المُؤَذِّنَ: أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ،
وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبّاً
وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولا وَبِالإِسْلامِ دِيناً، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ».
أخرجه مسلم (2).
4 - أن يدعو بعد فراغ المؤذن من الأذان بما ورد.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - قالَ: «مَنْ قالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ:
اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلاةِ
القَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّداً
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (384).
(2) أخرجه مسلم برقم (386).
(2/398)
الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ
مَقَاماً مَحْمُوداً الَّذِي وَعَدْتَهُ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ
القِيَامَةِ». أخرجه البخاري (1).
5 - أن يدعو لنفسه بما شاء من خيري الدنيا والآخرة.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «لاَ يُرَدُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ الأَذانِ
وَالإقَامَةِ». أخرجه أبو داود والترمذي (2).
· حكم أخذ الأجرة على الأذان:
الإمامة عبادة، والأذان عبادة، فلا يجوز لأحد أن يخذ على إمامة المصلين
أجراً، ولا يجوز للمؤذن أن يأخذ على أذانه أجراً.
ويجوز للإمام والمؤذن أخذ الجُعْل الذي يُصرف من بيت مال المسلمين لأئمة
المساجد ومؤذنيها، إذا قام بوظيفته لله عز وجل، لا من أجل الدنيا.
· حكم الأذان العام:
السنة أن يكون الأذان والإقامة لجماعة واحدة، بإمام واحد.
فإن كان المكان ضيقاً لا يسع الناس كلهم، أو تعذر اجتماعهم في مكان واحد،
فلا حرج في الأذان العام، وتقيم وتصلي كل جماعة على حدة، إذا كان المكان لا
يجمع الجميع، كما في المباني الكبيرة، والأدوار الكثيرة.
· حكم أذان المرأة:
النساء ليس عليهن أذان ولا إقامة، وجماعة النساء لا حرج أن يؤذن لهن رجل،
ويقيم لهن، وتصلي بهن واحدة منهن.
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (614).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (521) , واللفظ له، والترمذي برقم (212).
(2/399)
· صفة الأذان في الأحوال الشديدة:
يسن للمؤذن في البرد الشديد، أو الليلة المطيرة ونحو ذلك أن يقول بعد
الحيعلتين .. أو بعد الأذان .. ما ثبت في السنة:
(ألا صَلُّوا فِي الرِّحَالِ). متفق عليه (1).
أو يقول: (صَلُّوا فِي بُيُوتِكُمْ). متفق عليه (2).
ومن أحب الحضور شُرع له ولو تكلف.
يفعل هذا مرة .. وهذا مرة؛ إحياء للسنة المشروعة المتنوعة.
· حكم الأذان في السفر:
الأذان والإقامة عبادة مشروعة حضراً وسفراً، للجماعة والفرد.
عَنْ مَالِكِ بْنِ الحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أَتَيْتُ
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَا وَصَاحِبٌ لِى فَلَمَّا أَرَدْنَا
الإِقْفَالَ مِنْ عِنْدِهِ قَالَ لَنَا: «إِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ
فَأَذِّنَا ثُمَّ أَقِيمَا وَلْيَؤُمَّكُمَا أَكْبَرُكُمَا». متفق عليه
(3).
· حكم الأذان المسجَّل:
الأذان عبادة تتكرر كل يوم خمس مرات، ويحتاج إلى نية.
والأذان الذي يُنقل بواسطة الإذاعة، أو يبث بواسطة المسجِّل -وإن كان فيه
إعلام بدخول الوقت- إلا أنه لا يكفي ولا يجزئ عن أذان كل مؤذن في مسجده؛
لأن الأذان عبادة مستقلة تتكرر كل وقت وتحتاج إلى نية، فلا
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (666) , ومسلم برقم (697).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (901)، ومسلم برقم (699).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (630) , ومسلم برقم (674)، واللفظ له.
(2/400)
يجوز تعطيلها، وحرمان المؤذنين من أجرها من
أجل الأذان العام.
· حكم من دخل المسجد والمؤذن يؤذن:
من دخل المسجد والمؤذن يؤذن فيستحب له أن يتابع المؤذن، ولا يجلس حتى يصلي
تحية المسجد ركعتين.
ومن دخل يوم الجمعة والمؤذن يؤذن فإنه يصلي تحية المسجد، ويتجوَّز فيهما؛
ليتمكن من سماع خطبة الجمعة.
عَنْ أبِي قَتَادَةَ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - قالَ: «إذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ
فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يَجْلِسَ». متفق عليه (1).
· حكم الخروج من المسجد بعد الأذان:
إذا أذن المؤذن فلا يجوز لمن في المسجد الخروج منه إلا لعذر من مرض، أو
تجديد وضوء ونحو ذلك.
· حكم من لم يسمع الأذان:
يجب على المسلم إذا كان في البلد أداء الصلاة في المسجد، ولو لم يسمع
الأذان، أمّا من كان خارج البلد فلا يلزمه الحضور للصلاة في المسجد إلا إذا
سمع الأذان.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (444) , واللفظ له، ومسلم برقم (714).
(2/401)
10 - صفات الإقامة
الثابتة في السنة
السنة أن تكون الإقامة مرتبة ومتوالية بإحدى الصفات الآتية:
1 - الصفة الأولى: إحدى عشرة جملة، وهي إقامة بلال رضي الله عنه التي كان
يقيم بها بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - حضراً وسفراً -وهي أفضلها-،
وهي:
«1 - اللهُ أَكْبَرُ
2 - اللهُ أَكْبَرُ
3 - أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ
4 - أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ
5 - حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ
6 - حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ
7 - قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ
8 - قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ
9 - اللهُ أَكْبَرُ
10 - اللهُ أَكْبَرُ
11 - لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله». أخرجه أبو داود وابن ماجه (1).
2 - الصفة الثانية: سبع عشرة جملة، وهي إقامة أبي محذورة رضي الله عنه،
وهي:
«1 - اللهُ أَكْبَرُ
2 - اللهُ أَكْبَرُ
3 - اللهُ أَكْبَرُ
4 - اللهُ أَكْبَرُ
5 - أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ
6 - أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ
7 - أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ
8 - أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ
9 - حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ
10 - حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ
11 - حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ
12 - حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ
13 - قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ
14 - قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ
_________
(1) حسن صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (499) , واللفظ له، وابن ماجه برقم
(706).
(2/402)
15 - اللهُ أَكْبَرُ
16 - اللهُ أَكْبَرُ
17 - لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله». أخرجه أبو داود والترمذي (1).
3 - الصفة الثالثة: عشر جمل، وهي:
«1 - اللهُ أَكْبَرُ
2 - اللهُ أَكْبَرُ
3 - أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ
4 - أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللهِ
5 - حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ
6 - حَيَّ عَلَى الفَلاَحِ
7 - قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ
8 - قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ
9 - اللهُ أَكْبَرُ
10 - لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله» أخرجه أبو داود والنسائي (2).
· السنة أن يقيم بهذه مرة .. وبهذه مرة .. وبهذه في مكان .. وبهذه في مكان؛
إحياء للسنة، وحفظاً لها بوجوهها المشروعة المتنوعة .. ما لم تخش فتنة أو
فرقة.
· لا يشرع لمن سمع الإقامة أن يقول مثله، أو أي دعاء آخر؛ لأنه لم يرد.
· مقدار ما بين الأذان والإقامة:
لم يرد مقدار الانتظار بين الأذان والإقامة .. ولكن ينبغي الانتظار بمقدار
ما يتوضأ المسلم، ويأتي إلى المسجد، ويصلي تحية المسجد، أو الراتبة
القبلية، بمقدار ربع ساعة تقريباً، يتمكن من الإتيان فيها مَنْ هو خارج
المسجد، ويدعو ويصلي ويذكر الله ويتلو القرآن مَنْ هو داخل المسجد،
_________
(1) حسن صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (502) , واللفظ له، والترمذي برقم
(192).
(2) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (510)، والنسائي برقم (628)، واللفظ له.
(2/403)
ويجوز الأذان والإقامة مباشرة بعد الأذان.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صَلاةٌ،
بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صَلاةٌ». ثُمَّ قال فِي الثَّالِثَةِ: «لِمَنْ
شَاءَ». متفق عليه (1).
· حكم صلاة النافلة بعد الإقامة:
إذا أقيمت الصلاة فلا يجوز للمسلم الشروع في صلاة نافلة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم -، قالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلا صَلاةَ إِلا
المَكْتُوبَةُ». أخرجه مسلم (2).
· متى يقوم المصلون للصلاة:
السنة المبادرة للقيام للصلاة عند رؤية الإمام، وسماع الإقامة، حتى يتمكن
الناس من تسوية الصفوف، وسد الفرج، وإتمام الصفوف، الأَول فالأَول، قبل
تكبير الإمام.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ تُقَامُ
لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَيَأْخُذُ النَّاسُ مَصَافَّهُمْ
قَبْلَ أنْ يَقُومَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مَقَامَهُ. أخرجه
مسلم (3).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (627) , واللفظ له، ومسلم برقم (837).
(2) أخرجه مسلم برقم (710).
(3) أخرجه مسلم برقم (605).
(2/404)
2 - باب الصلوات
المفروضة
ويشتمل على ما يلي:
1 - باب الصلوات الخمس: ويشمل:
1 - حكم الصلوات الخمس.
2 - فضائل الصلوات الخمس.
3 - أوقات الصلوات الخمس.
4 - شروط الصلاة.
5 - أركان الصلاة.
6 - واجبات الصلاة.
7 - سنن الصلاة.
8 - ما يباح في الصلاة.
9 - ما يكره في الصلاة.
10 - ما يحرم في الصلاة.
11 - صفة الصلاة.
12 - أذكار أدبار الصلوات الخمس.
13 - أقسام السجود:
1 - سجود السهو.
2 - سجود التلاوة.
3 - سجود الشكر.
14 - أحكام المصلين:
1 - أحكام الإمام.
2 - أحكام المأموم.
3 - أحكام المنفرد.
15 - صلاة الجماعة.
16 - صلاة أهل الأعذار.
1 - صلاة المريض.
2 - صلاة المسافر.
3 - صلاة الخوف.
2 - باب صلاة الجمعة.
3 - باب قضاء الفوائت.
(2/405)
2 - باب الصلوات المفروضة
1 - باب الصلوات الخمس
- الصلاة: هي التعبد لله بأقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة
بالتسليم.
- بدء فرض الصلاة:
عَنْ أنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قالَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم -: «فَرَضَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى أمَّتِي خَمْسِينَ
صَلاةً، فَرَجَعْتُ بِذَلِكَ، حَتَّى مَرَرْتُ عَلَى مُوسَى، فَقَالَ مَا
فَرَضَ اللهُ لَكَ عَلَى أمَّتِكَ؟ قُلْتُ: فَرَضَ خَمْسِينَ صَلاةً، قال:
فَارْجِعْ إلَى رَبِّكَ، فَإنَّ أمَّتَكَ لا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعَنِي
فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إلَى مُوسَى، قُلْتُ: وَضَعَ شَطْرَهَا،
فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَإنَّ أمَّتَكَ لا تُطِيقُ، فَرَاجَعْتُ
فَوَضَعَ شَطْرَهَا، فَرَجَعْتُ إلَيْهِ فَقَالَ: ارْجِعْ إلَى رَبِّكَ،
فَإنَّ أمَّتَكَ لا تُطِيقُ ذَلِكَ، فَرَاجَعْتُهُ، فَقَالَ: هِيَ خَمْسٌ،
وَهِيَ خَمْسُونَ، لا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، فَرَجَعْتُ إلَى مُوسَى،
فَقَالَ: رَاجِعْ رَبَّكَ، فَقُلْتُ: اسْتَحْيَيْتُ مِنْ رَبِّي، ثُمَّ
انْطَلَقَ بِي حَتَّى انْتَهَى بِي إلَى سِدْرَةِ المُنْتَهَى، وَغَشِيَهَا
ألْوَانٌ لا أدْرِي مَا هِيَ، ثُمَّ أدْخِلْتُ الجَنَّةَ، فَإذَا فِيهَا
حَبَايِلُ اللُّؤْلُؤِ، وَإذَا تُرَابُهَا المِسْكُ». متفق عليه (1).
- مقدار ركعات الصلاة:
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: فَرَضَ اللهُ الصَّلاةَ
حِينَ فَرَضَهَا، رَكْعَتَيْنِ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (349) , واللفظ له، ومسلم برقم (163).
(2/407)
رَكْعَتَيْنِ، فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ،
فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلاةِ الحَضَرِ. متفق عليه
(1).
- أقسام الصلوات:
الصلوات التي أمر الله ورسوله بها نوعان:
الأول: الصلوات المفروضة، وهي الصلوات التي أوجب الله على العبد فعلها، وهي
الصلوات الخمس والجمعة.
الثاني: صلاة التطوع، وهي صلاة النفل التي وسَّع الله على العباد فيها،
وجعلها من باب الزيادة في الأجر والخير، سواء كانت مطلقة كالنوافل المطلقة،
أو مقيدة كصلاة العيدين، والاستسقاء ونحوهما.
- فقه أداء الأوامر الشرعية:
إذا أمر الله العبد بأمر وجب عليه فيه عشر مراتب:
الأولى: العلم به. ... السادسة: أن يكون خالصاً صواباً.
الثانية: تعظيم الأمر والآمر. السابعة: عدم فعل ما يحبطه.
الثالثة: محبة الأمر والآمر. الثامنة: الثبات عليه.
الرابعة: العزم على فعله. التاسعة: نشره والدعوة إليه.
الخامسة: العمل به. العاشرة: الصبر على فعله.
قال الله تعالى: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا
بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)} [العصر:1 - 3].
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (350) , واللفظ له، ومسلم برقم (685).
(2/408)
- حكمة مشروعية الصلاة:
1 - أمر الله كل مسلم بعد إقراره بالشهادتين بأربعة أشياء:
(الصلاة .. والزكاة .. والصيام .. والحج).
وهذه أركان الإسلام، وفي كل منها تمرين لتنيفذ أوامر الله على نفس الإنسان،
وماله، وشهوته، وطبيعته، ليقضي حياته حسب أمر الله لا حسب هواه، وحسب ما
يحبه الله لا حسب شهواته.
2 - المسلم في الصلاة ينفذ أوامر الله على كل عضو من أعضائه؛ ليتدرب على
تنفيذ أوامر الله خارج الصلاة، في شئون حياته كلها.
في أخلاقه .. ومعاملاته .. وطعامه .. ولباسه .. وسائر أحواله.
وبهذا يكون مطيعاً لربه داخل الصلاة، وخارج الصلاة.
3 - والصلاة نور، فكما أن النور يستضاء به، فكذلك الصلاة تهدي إلى الصواب،
وتمنع من المعاصي، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، كما قال سبحانه:
{اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ
الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ
أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)} [العنكبوت:45].
4 - والصلاة صلة بين العبد وربه الذي بيده الملك، وهو على كل شيء قدير، يجد
فيها المسلم لذة مناجاة ربه.
يكبره تارة .. ويحمده تارة .. ويسأله تارة .. ويستغفره تارة .. ويسبح بحمده
تارة.
وبهذا يطمئن قلبه، وينشرح صدره، وتقرّ عينه بربه.
(2/409)
5 - والصلاة زاجرة عن فعل المنكرات، وسبب
لتكفير السيئات.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قالَ: «أرَأيْتُمْ لَوْ أنَّ نَهْراً بِبَابِ أحَدِكُمْ
يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ
دَرَنِهِ شَيْءٌ؟». قَالُوا: لا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ. قال:
«فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ
الخَطَايَا». متفق عليه (1).
6 - والصلاة سبب لدخول الجنة.
عَنْ رَبِيعَة بْن كَعْبٍ الأسْلَمِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنْتُ
أبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأتَيْتُهُ
بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ. فَقَالَ لِي: «سَلْ». فَقُلْتُ: أسْألُكَ
مُرَافَقَتَكَ فِي الجَنَّةِ. قال: «أوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟». قُلْتُ: هُوَ
ذَاكَ. قال: «فَأعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ». أخرجه مسلم
(2).
7 - والصلاة أجلّ مقامات العابدين، وفيها أهم مطالب السائلين من رب
العالمين، لما تشتمل عليه من أعظم مقامات العبودية:
من إجلال الله وتعظيمه .. وحمده وتمجيده .. وتسبيحه وتقديسه .. وسؤاله
واستغفاره .. والتضرع إليه .. والانكسار بين يديه.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم - قالَ: «قال اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ
عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَألَ. فَإِذَا قال العَبْدُ:
{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)} قالَ اللهُ تَعَالَى:
حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)} قال اللهُ
تَعَالَى: أثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي. وَإِذَا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
(4)} ... قال مَجَّدَنِي عَبْدِي. (وَقَالَ مَرَّةً: فَوَّضَ إِلَيَّ
عَبْدِي) فَإِذَا قال:
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (528) , ومسلم برقم (667)، واللفظ له.
(2) أخرجه مسلم برقم (489).
(2/410)
{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
(5)} قال: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَألَ. فَإِذَا
قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ
أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ
(7)} قال: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَألَ». أخرجه مسلم (1).
- عدد الصلوات المفروضة:
الصلوات التي فرضها الله عز وجل في اليوم والليلة على كل مسلم ومسلمة خمس
صلوات، وهي:
الفجر .. والظهر .. والعصر .. والمغرب .. والعشاء.
- مكانة الصلاة في الإسلام:
1 - الصلوات الخمس آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين .. فرضها الله ليلة
الإسراء على رسوله وعلى أمته بدون واسطة قبل الهجرة بسنة.
2 - والصلوات الخمس واجبة على كل مسلم ومسلمة مهما كانت الأحوال.
في حال الحضر والسفر .. وفي حال الصحة والمرض .. وفي حال الأمن والخوف ..
ولكل حالة صلاة تناسبها في الهيئة والعدد.
3 - وقد فرضها الله خمسين صلاة في اليوم والليلة، على كل مسلم ومسلمة، وهذا
يدل على أهميتها، وعلى محبة الله لها، وشدة عنايته بالمسلمين بإكرامهم بها،
ثم خففت فجعلها الله خمساً في العمل، وخمسين في الأجر، فضلاً منه ورحمة.
4 - ولأهمية الصلاة ومكانتها عند الله، فهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم
القيامة.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (395).
(2/411)
عَنْ حُرَيْثِ بْنِ قَبِيصَةَ قَالَ:
قَدِمْتُ المَدِينَةَ فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيساً صَالِحاً.
قَالَ: فَجَلَسْتُ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ: إِنِّي سَأَلْتُ اللهَ
أَنْ يَرْزُقَنِي جَلِيساً صَالِحاً فَحَدِّثْنِي بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ
مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَعَلَّ اللهَ أَنْ يَنْفَعَنِي
بِهِ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:
«إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بهِ العَبْدُ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ
عَمَلِهِ صَلاَتُهُ فَإِنْ صَلَحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ
فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ
قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّع؟
فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنَ الفَرِيضَةِ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ
عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ. أخرجه الترمذي والنسائي (1).
- فقه الصلاة:
1 - الصلاة عبادة لها جسد وروح.
فجسدها: القيام، والركوع، والسجود، والقراءة.
وروحها: تعظيم الله .. وخشيته .. وحمده .. وسؤاله .. واستغفاره .. والثناء
عليه .. والصلاة والسلام على رسوله .. والسلام على عباد الله الصالحين.
2 - والصلاة لها ظاهر يتعلق بالبدن كالقيام والجلوس، والركوع والسجود،
وسائر الأقوال والأعمال.
ولها باطن يتعلق بالقلب، ويكون بتعظيم الله .. وتكبيره .. والخشوع له ..
ومحبته .. وطاعته .. وحمده .. والثناء عليه .. والذل والانكسار بين يديه.
فإذا استقام الباطن بالتوحيد والإيمان، استقام الظاهر بكمال الطاعة والعمل،
وإذا جاءت حقيقة الاستقامة داخل الصلاة، جاءت حقيقة الاستقامة خارج الصلاة.
_________
(1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (413)، وهذا لفظه, والنسائي برقم (465).
(2/412)
- لذة العبادة:
لا سعادة ولا طمأنينة ولا لذة للقلب إلا بالإيمان بالله وحده لا شريك له،
وعبادة الله وحده لا شريك له، ومحبته وطاعته، والذل له، والتوكل عليه وحده
لا شريك له.
وكل ملذوذ في الدنيا فإنما له لذة واحدة ثم تزول، إلا العبادة لله عز وجل،
فإن لها ثلاث لذات:
إذا كنت فيها .. وإذا تذكرت أنك أديتها .. وإذا أُعطيت ثوابها.
- حكمة تكرار الصلوات الخمس:
الصلاة غذاء للقلب .. كما أن الطعام غذاء للجسد.
فالجسد بحاجة إلى الغذاء مما تُخرج الأرض.
والقلب بحاجة إلى الغذاء بالعلم بالله وأسمائه وصفاته وأفعاله.
فالجسد يزكو على الطعام .. والقلب يزكو على الإيمان بالله .. وإذا قوي
الجسد أثمر الأعمال البدنية .. وإذا قوي الإيمان أثمر الأعمال الإيمانية.
ولما كان كل منهما يهضم غذاءه، فيحتاج إلى غذاء جديد، تفضَّل الكريم الرحيم
فجعل الصلوات خمساً، مقسمة على أجزاء اليوم والليلة، ليأخذ القلب والروح
وجبة الغذاء بعد اضطرابه في شئون الحياة وفتنها، التي هضمت غذاءه، كالجسم
الذي يستهلك الغذاء بالطاقة التي يبذلها سواء بسواء.
فسبحان العليم الخبير: {الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (6)} [الفرقان:6].
(2/413)
- كمال الأدب مع الله:
لا يستقيم لأحد الأدب مع الله إلا بستة أشياء:
معرفة الله بأسمائه وصفاته .. ومعرفته بنعمه وآلائه .. ومعرفته بدينه وشرعه
.. ومعرفته بما يحب وما يكره .. ومعرفته بما يستحق من التعظيم والحمد ..
ونفسٍ لينة متهيئة لقبول الحق علماً وعملاً وحالاً.
- أوقات عرض الأعمال على الله عز وجل:
1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ يَوْمَ
الاِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ
بِاللهِ شَيْئاً، إِلاَّ رَجُلاً كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ
شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا
هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا».
أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - قالَ: «يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ
بِاللَّيْلِ، وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ
الفَجْرِ وَصَلاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ،
فَيَسْألُهُمْ رَبُّهُمْ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ
عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ
وَهُمْ يُصَلُّونَ». متفق عليه (2).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (2565).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (555) , ومسلم برقم (632)، واللفظ له.
(2/414)
1 - حكم الصلوات
الخمس
تجب الصلوات الخمس في اليوم والليلة على كل مسلم مكلف، حضراً وسفراً، ذكراً
كان أو أنثى، إلا حائضاً ونفساء حتى تطهرا.
والصغير يؤمر بها إذا بلغ سبع سنين، ويُضرب عليها إذا تركها إذا بلغ عشر
سنين.
والصلاة آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين.
1 - قال الله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)} [النساء:103].
2 - وقال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ
الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} [البقرة:238].
3 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهما قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ، شَهَادَةِ أنْ لا
إِلَهَ إِلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ
الصَّلاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ
رَمَضَانَ».متفق عليه (1).
4 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا أنَّ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - بَعَثَ مُعَاذاً رَضيَ اللهُ عَنْهُ إِلَى اليَمَنِ،
فَقال: «ادْعُهُمْ إِلَى: شَهَادَةِ أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأنِّي
رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ
قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ».
متفق عليه (2).
5 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مُرُوا
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (8)، ومسلم برقم (16)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1395) , واللفظ له، ومسلم برقم (19).
(2/415)
أَوْلاَدَكُمْ بالصَّلاَةِ وَهُمْ
أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ
عَشْرٍ وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي المَضَاجِعِ». أخرجه أحمد وأبو داود
(1).
- علامات البلوغ:
المسلم المكلف: هو البالغ العاقل.
وعلامات البلوغ ست:
1 - منها ما هو مشترك بين الرجل والمرأة: وهو بلوغ خمس عشرة سنة، ونبات شعر
العانة، وإنزال المني.
2 - ومنها ما هو خاص بالرجال فقط: وهو نبات شعر اللحية والشارب.
3 - ومنها ما هو خاص بالنساء فقط: وهو الحيض والحمل.
- ما يُطلب من الصغار قبل البلوغ:
يطلب من الصغار قبل البلوغ ما يلي:
الصلاة، والصوم، ويفرق بينهم في المضاجع، فيؤمرون بالصلاة وهم أبناء سبع
سنين، ويُضربون عليها وهم أبناء عشر، ويدرَّبون على الطاعات ليعتادوها
ويحبوها ويألفوها منذ الصغر، ويفرَّق بين الذكور والإناث عند النوم.
- حكم من ترك الصلاة أو جحد وجوبها:
من جحد وجوب الصلاة كفر .. ومن تركها متعمداً كفر .. ومن تركها بالكلية
تهاوناً وكسلاً: إن كان جاهلاً يُعلَّم .. فإن أصر على تركها كفر.
فمن كان عالماً بوجوبها وتركها من غير عذر فأمره إلى الحاكم .. فإن تاب
وإلا
_________
(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (6756) , وأبو داود برقم (495)، واللفظ له.
(2/416)
قتل كافراً .. والجمعة كغيرها .. وليس شيء
من الأعمال تركه كفر غير الصلاة.
1 - قال الله تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا
الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة:11].
2 - وَعَنْ جَابِر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ
وَالكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ». أخرجه مسلم (1).
3 - وَعَنِ ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ». أخرجه البخاري
(2).
- الآثار المترتبة على جاحد الصلاة أو تاركها:
1 - في الحياة: لا يحل له الزواج بمسلمة .. وتسقط ولايته .. ويسقط حقه في
الحضانة .. ولا يرث من مسلم .. ولا يرثه مسلم .. ويحرم ما ذكاه من حيوان ..
ولا يحل له دخول مكة؛ لأنه كافر مرتد.
2 - إذا مات لا يُغسل .. ولا يكفن .. ولا يُصلى عليه .. ولا يدعى له .. ولا
يدفن في مقابر المسلمين؛ لأنه ليس منهم .. ولا يورث .. ويخلد في النار؛
لأنه كافر.
3 - من ترك الصلاة تركاً مطلقاً بالكلية، بحيث لا يصلي بالكلية، فهو كافر
مرتد عن دين الإسلام.
ومن يصلي أحياناً، ويتركها أحياناً، فليس بكافر .. لكنه فاسق ومرتكب إثماً
عظيماً .. وجان على نفسه جناية كبيرة .. وعاص لله ورسوله - صلى الله عليه
وسلم -.
{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ
نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ
عَذَابٌ مُهِينٌ (14)} [النساء:14].
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (82).
(2) أخرجه البخاري برقم (3017).
(2/417)
2 - فضائل الصلوات
الخمس
1 - عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: سَألْتُ
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلَى اللهِ؟ قال:
«الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا». قال: ثُمَّ أيٌّ؟ قال: «ثُمَّ بِرُّ
الوَالِدَيْنِ». قال: ثُمَّ أيٌّ؟ قال: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ».
متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «صَلاةُ الرَّجُلِ فِي الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ
عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَفِي سُوقِهِ، خَمْساً وَعِشْرِينَ ضِعْفاً،
وَذَلِكَ أنَّهُ إذَا تَوَضَّأ فَأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى
المَسْجِدِ، لا يُخْرِجُهُ إلا الصَّلاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً، إلا
رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإذَا
صَلَّى، لَمْ تَزَلِ المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ، مَا دَامَ فِي
مُصَلاَّهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلا
يَزَالُ أحَدُكُمْ فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاةَ». متفق عليه (2).
3 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاةَ
الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». متفق عليه (3).
4 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ غَدَا إِلَى المَسْجِدِ أَوْ رَاحَ، أعَدَّ
اللهُ لَهُ فِي الجَنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدَا أَوْ رَاحَ». متفق عليه
(4).
5 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «أرَأيْتُمْ لَوْ أنَّ نَهْراً بِبَابِ أحَدِكُمْ
يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، هَلْ يَبْقَى مِنْ
دَرَنِهِ شَيْءٌ؟». قَالُوا:
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (527) , واللفظ له، ومسلم برقم (85).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (647) , واللفظ له، ومسلم برقم (272).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (645) , واللفظ له، ومسلم برقم (650).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (662) , ومسلم برقم (669)، واللفظ له.
(2/418)
لا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ. قال:
«فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ، يَمْحُو اللهُ بِهِنَّ
الخَطَايَا». متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (528) , ومسلم برقم (667)، واللفظ له.
(2/419)
3 - أوقات الصلوات
الخمس
- مواقيت العبادات:
العبادات شرعها الله أربعة أقسام:
الأول: عبادات لها ميقات زماني كالصلوات الخمسوعرفة والمزدلفة .. والطواف
بالبيت .. والسعي بين الصفا والمروة.
الثالث: عبادات لها ميقات زماني ومكاني كالحج له ميقات مكاني -كما سبق-وله
ميقات زماني .. وهي أشهر الحج شوال، وذو القعدة، وذو الحجة.
الرابع: عبادات ليس لها ميقات مكاني ولا زماني كالنوافل المطلقة، والأذكار
المطلقة .. وصوم رمضان .. وحج بيت الله الحرام ونحو ذلك.
الثاني: عبادات لها ميقات مكاني كمواقيت الإحرام بالحج .. ومناسك الحج في
منى، وصوم التطوع المطلق، والصدقات، وتلاوة القرآن ونحو ذلك.
- أوقات الصلوات المفروضة خمسة، وهي:
1 - وقت الظهر: ويبدأ من زوال الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله .. وتقديم
الظهر أفضل .. إلا في شدة حر فيسن تأخيرها والإبراد بها، وهي أربع ركعات.
2 - وقت العصر: ويبدأ من صيرورة ظل كل شيء مثله إلى اصفرار الشمس، والضرورة
من الإصفرار إلى غروب الشمس لأهل الأعذار، ويسن تعجيلها، وهي أربع ركعات.
3 - وقت المغرب: ويبدأ من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر، ويسن
(2/420)
تعجيلها، وهي ثلاث ركعات.
4 - وقت العشاء: ويبدأ من مغيب الشفق الأحمر إلى نصف الليل، والضرورة من
نصف الليل إلى ما قبل طلوع الفجر الثاني لأهل الأعذار، وتأخيرها إلى ثلث
الليل أفضل إن تيسر، وهي أربع ركعات.
5 - وقت الفجر: ويبدأ من طلوع الفجر الثاني إلى الإسفار، والضرورة من
الإسفار إلى ما قبل طلوع الشمس لأهل الأعذار، وتعجيلها أفضل، وهي ركعتان.
1 - قال الله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ
تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)} [الروم:17، 18].
2 - وَعَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - أنَّ رَجُلا سَألَهُ عَنْ وَقْتِ الصَّلاةِ؟ فَقَالَ لَهُ:
«صَلِّ مَعَنَا هَذَيْنِ». (يَعْنِي اليَوْمَيْنِ) فَلَمَّا زَالَتِ
الشَّمْسُ أمَرَ بِلالاً فَأذَّنَ، ثُمَّ أمَرَهُ فَأقَامَ الظُّهْرَ،
ثُمَّ أمَرَهُ فَأقَامَ العَصْرَ، وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ بَيْضَاءُ
نَقِيَّةٌ، ثُمَّ أمَرَهُ فَأقَامَ المَغْرِبَ حِينَ غَابَتِ الشَّمْسُ،
ثُمَّ أمَرَهُ فَأقَامَ العِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ أمَرَهُ
فَأقَامَ الفَجْرَ حِينَ طَلَعَ الفَجْرُ، فَلَمَّا أنْ كَانَ اليَوْمُ
الثَّانِي أمَرَهُ فَأبْرَدَ بِالظُّهْرِ، فَأبْرَدَ بِهَا، فَأنْعَمَ أنْ
يُبْرِدَ بِهَا، وَصَلَّى العَصْرَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، أخَّرَهَا
فَوْقَ الَّذِي كَانَ، وَصَلَّى المَغْرِبَ قَبْلَ أنْ يَغِيبَ الشَّفَقُ،
وَصَلَّى العِشَاءَ بَعْدَمَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، وَصَلَّى الفَجْرَ
فَأسْفَرَ بِهَا، ثُمَّ قال: «أيْنَ السَّائِلُ عَنْ وَقْتِ الصَّلاةِ؟».
فَقَالَ الرَّجُلُ: أنَا، يَا رَسُولَ اللهِ! قال: «وَقْتُ صَلاتِكُمْ
بَيْنَ مَا رَأيْتُمْ». أخرجه مسلم (1).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (613).
(2/421)
- أول الوقت:
فضيلة أول الوقت: أن يتهيأ الإنسان لفعل الصلاة بعد دخول الوقت، وينتظرها
في المسجد حتى تقام.
وليس المراد أن يوقع الصلاة بعد دخول الوقت مباشرة؛ لأن هدي النبي - صلى
الله عليه وسلم - أنه يترك وقتاً بين الأذان والإقامة.
- وقت صلاة الظهر في شدة الحر:
إذا اشتد الحر فالسنة أن تؤخر صلاة الظهر إلى قرب العصر.
عَنْ أبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنَّا مَعَ
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَفَرٍ، فَأرَادَ المُؤَذِّنُ أنْ
يُؤَذِّنَ لِلظُّهْرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
«أبْرِدْ». ثُمَّ أرَادَ أنْ يُؤَذِّنَ، فَقَالَ لَهُ: «أبْرِدْ». حَتَّى
رَأيْنَا فَيْءَ التُّلُولِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
«إنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، فَإذَا اشْتَدَّ الحَرُّ
فَأبْرِدُوا بِالصَّلاةِ». متفق عليه (1).
- أوقات الصلاة إذا خفيت الأوقات:
من كان يقيم في بلاد لا تغيب الشمس عنها في الصيف إلا قليلاً .. ولا تطلع
فيها الشمس في الشتاء إلا قليلاً .. أو في بلاد يستمر نهارها ستة أشهر ..
وليلها ستة أشهر ونحو ذلك من البلاد التي تخفى فيها أوقات الصلوات الخمس:
فهؤلاء عليهم أن يصلوا الصلوات الخمس في كل أربع وعشرين ساعة .. ويقدِّرون
أوقاتها على أقرب بلد إليهم تتميز فيه أوقات الصلوات المفروضة بعضها عن بعض
.. ويصلون ويصومون حسب أوقات ذلك البلد.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (539) , واللفظ له، ومسلم برقم (616).
(2/422)
4 - شروط الصلاة
- شروط الصلاة:
الشروط التي لا تصح الصلاة إلا بها سبعة، وهي:
1 - الوضوء، بأن يكون المسلم طاهراً من الحدث الأصغر والأكبر.
2 - طهارة البدن، والثوب، ومكان الصلاة من النجاسات.
3 - دخول وقت الصلاة.
4 - اتخاذ الزينة بثياب ساترة للعورة والمنكبين.
5 - استقبال القبلة.
6 - النية، بأن ينوي بقلبه الصلاة لله قبل تكبيرة الإحرام، ولا يتلفظ بها
بلسانه.
7 - الموافقة، بأن يصلي كما صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الهيئة
والعدد.
- حكم النية:
كل عمل يُبتغى به وجه الله لا بد له من نية، فالأعمال لا تقبل إلا بنية.
والنية قسمان:
1 - نية العمل، بأن ينوي بقلبه الوضوء، أو الصلاة، أو الصوم ونحو ذلك.
2 - نية المعمول له، بأن ينوي بعمله وجه الله عز وجل، والتقرب إليه.
عَنْ عُمَرَ بن الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عَنهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ،
وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى». متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1) , واللفظ له، ومسلم برقم (1907).
(2/423)
- حكم تغيير النية أثناء الصلاة:
1 - كل عمل لا بد له من نية، ويجوز للمصلي أن يغير نيته وهو في الصلاة من
مأموم أو منفرد إلى إمام، أو من مأموم إلى منفرد، أو من نية فرض إلى نية
نفل لا العكس.
2 - لا يجوز للمصلي تغيير النية من معين لمعين كتغيير نية العصر إلى الظهر،
ولا يجوز أيضاً من مطلق لمعين كمن يصلي نافلة ثم ينوي بها الفجر، وتجوز من
معين لمطلق كمن يصلي فريضة منفرداً، ثم يحولها إلى نافلة لحضور جماعة
مثلاً.
3 - إذا قطع المصلي النية أثناء الصلاة انقطعت صلاته، ووجب عليه الابتداء
من أولها.
- صفة الصلاة المقبولة:
كل عمل لا يكون مقبولاً عند الله إلا بأمرين:
أن يكون خالصاً لله تعالى، وأن يكون مطابقاً لما جاء عن رسول الله - صلى
الله عليه وسلم -.
فإن فُقد أحد الشرطين أو كلاهما فهو عمل مردود غير مقبول.
1 - قال الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ
عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110)}
[الكهف:110].
2 - وَقَال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «صَلُّوا كَمَا
رَأيْتُمُونِي أصَلِّي». أخرجه البخاري (1).
3 - وَقَال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أحْدَثَ فِي أمْرِنَا
هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ». متفق عليه (2).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (631).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2697) , ومسلم برقم (1718).
(2/424)
- حكم استقبال القبلة:
يتجه المصلي ببدنه إلى معظَّم بأمر الله وهو الكعبة، ويتجه بقلبه إلى الله،
وأحكام استقبال القبلة كما يلي:
1 - يجب على من يصلي داخل المسجد الحرام أن يتوجه إلى ذات الكعبة.
2 - يجب على من يصلي بعيداً عن الكعبة في مكة أو خارجها أن يتوجه إلى
جهتها.
3 - يجب على المسافر إذا أراد أن يصلي الفريضة أن يستقبل القبلة، وإن أراد
أن يصلي نوافل على مركوبه من سيارة ونحوها صلى إلى القبلة إن تيسر، وإلا
صلى إلى جهته التي يقصدها، سواء كانت إلى القبلة أو غيرها.
1 - قال الله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ
فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ
الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ
شَطْرَهُ} [البقرة:144].
2 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ
تَوَجَّهَتْ بِهِ، يُومِئُ إِيمَاءً، صَلاَةَ اللَّيْلِ إِلاَّ
الفَرَائِضَ، وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ. متفق عليه (1).
- حكم من صلى لغير القبلة:
المصلي له أربع حالات:
1 - إن صلى في الحضر لغير القبلة جاهلاً أو ناسياً فهذا يعيد الصلاة.
2 - إن صلى في السفر لغير القبلة، وأمكنه السؤال فلم يسأل فهذا يعيد
الصلاة.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1000) , واللفظ له، ومسلم برقم (700).
(2/425)
3 - إن صلى بعد أن سأل ولم يهتد، أو لم يجد
من يسأله فهذا لا يعيد الصلاة.
4 - إن صلى لغير القبلة متأولاً جازماً بصحة جهته في السفر أو الحضر فهذا
لا يعيد مطلقاً.
- كيف يصلي من لم يعرف القبلة:
يجب على المسلم أن يصلي إلى جهة القبلة، فإن خفيت عليه، ولم يجد من يسأله
عنها، اجتهد وصلى إلى ما غلب على ظنه أنه قبلة، ولا إعادة عليه لو تبين أنه
صلى لغير القبلة.
- صفة اللباس في الصلاة:
يلبس المسلم من الملابس ما شاء كالثياب والإزار والرداء والسراويل ونحوها.
وتلبس المرأة ما شاءت من الثياب الساترة.
ولا يحرم من اللباس إلا ما كان محرماً لعينه كالحرير للرجال، أو فيه صور
ذوات الأرواح فيحرم على الذكور والإناث، أو كان محرماً لوصفه كصلاة الرجل
في ثوب المرأة، أو ثوب فيه إسبال، أو فيه تشبه بالكفار، أو كان محرماً
لكسبه كالثوب المغصوب أو المسروق ونحو ذلك، أو كان نجساً كالمتلوث بالغائط
أو البول حتى يطهر.
- حسن التجمل في الصلاة:
الله جميل يحب الجمال .. وأشرف أحوال الإنسان أن يقف بين يدي ربه للعبادة
.. فينبغي له أن يتجمل لهذا الموقف العظيم بأحسن ما يملك.
فيجمِّل ظاهره بأحسن اللباس كما قال سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ خُذُوا
زِينَتَكُمْ عِنْدَ
(2/426)
كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف:31].
ويجمِّل باطنه بأحسن الصفات، وهي التقوى كما قال سبحانه: {يَابَنِي آدَمَ
قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا
وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ
لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)} [الأعراف:26].
- حد عورة الرجل والمرأة:
يجب على الرجل والمرأة ستر العورة في الصلاة وخارجها.
وعورة الرجل من السرة إلى الركبة .. والمرأة كلها عورة في الصلاة إلا وجهها
وكفيها وقدميها ... فإن كانت بحضرة رجال أجانب وجب عليها ستر جميع بدنها.
- صفة صلاة العراة:
المصلي إذا لم يجد اللباس، أو لم يقدر عليه يصلي حسب حاله.
فالعراة يصلون قياماً إن كانوا في ظلمة، ولا يبصرهم أحد، ويتقدمهم إمامهم
.. فإن كان حولهم أحد، أو في النهار، أو في نور، صلوا قعوداً، وإمامهم
وسطهم .. وإن كانوا رجالاً ونساءاً صلى كل نوع على حدة.
- حكم الصلاة في ثوب محرم:
من صلى في ثوب محرم كالمغصوب أو المسروق، أو صلى رجل في ثوب حرير، أو صلى
في ثوب امرأة ونحو ذلك، فالصلاة صحيحة، لكنه آثم.
- أفضل أوقات الصلوات الخمس:
1 - يجب على المسلم أن يصلي كل صلاة من الصلوات الخمس في وقتها، ولا تصح
منه قبل الوقت، ويحرم عليه تأخيرها عن وقتها إلا لعذر.
(2/427)
2 - السنة أن يصلي كل صلاة في أول وقتها؛
لأنه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي واظب عليه، ويجوز تأخيرها إلى
آخر الوقت.
3 - والسنة في صلاة العشاء أن يصليها في ثلث الليل إن لم يشق على الناس،
فإن كان فيه مشقة صلاها في أول وقتها.
4 - والسنة في صلاة الفجر أن يصليها في أول وقتها بغلس، وينصرف منها بغلس،
وأحياناً ينصرف حين يسفر.
5 - والسنة في صلاة الظهر أن يصليها في أول وقتها، وفي شدة الحر يؤخرها إلى
قرب صلاة العصر.
- مكان الصلاة:
1 - الأرض كلها مسجد تصح الصلاة فيها إلا الحمام، والحش، والمكان النجس،
ومأوى الإبل، والمقبرة، إلا صلاة الجنازة فتصح في المقبرة لمن لم يصل
عليها.
2 - السنة أن يصلي المسلم على الأرض، أو الفُرُش، أو الحصير، أو الخُمْرة
وهي حصير أو نسيج بمقدار الوجه، وكل ذلك صلى عليه النبي - صلى الله عليه
وسلم -، والصلاة على الأرض هي الأكثر من فعله - صلى الله عليه وسلم -،
والمداومة على أحدهما فقط خلاف الهدي.
3 - تشرع الصلاة في المسجد في أي مكان، وأفضله ما كان أخشع لقلبه، وأفضله
في صلاة الجماعة الصف الأول عن يمين الإمام.
4 - يسن للرجل أن يصلي النوافل في بيته، فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا
المكتوبة، وما تشرع له الجماعة كالتراويح ونحوها فيصليها جماعة في
المسجد، والأَوْلى أن يصلي في المسجد الذي يليه ولا يتتبع المساجد.
(2/428)
5 - يسن للمرأة أن تصلي الفرائض والنوافل
في بيتها، ولا تُمنع من الذهاب للمسجد إن أرادت الصلاة فيه، حسب المأذون به
شرعاً.
- حكم الصلاة بغير طهارة:
لا تصح الصلاة إلا بالطهارة التامة من الحدث الأصغر والأكبر.
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «لا تُقْبَلُ صَلاةُ مَنْ أحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأ».
قال رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ: مَا الحَدَثُ يَا أبَا هُرَيْرَةَ؟ قال:
فُسَاءٌ أوْ ضُرَاطٌ. متفق عليه (1).
- حكم من اشتبه عليه الوقت:
من اشتبه عليه وقت الصلاة أو الصيام كالأسير، والنائي عن الأمصار، فلا يخلو
من ثلاث حالات:
1 - أن يوافق الوقت، فصومه صحيح، وصلاته صحيحة.
2 - أن يوافق ما بعد الوقت، فصومه صحيح، وصلاته صحيحة؛ لأن ما بعد الوقت
وقت للقضاء.
3 - أن يوافق ما قبل الوقت، فصومه غير صحيح، وصلاته غير صحيحة؛ لأنه أتى
بالعبادة قبل وقتها، وتنقلب نفلاً، ويعيد فرضه من صوم أو صلاة.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (135) , واللفظ له، ومسلم برقم (225).
(2/429)
5 - أركان الصلاة
- أركان الصلاة:
أركان الصلاة التي لا تصح صلاة الفريضة إلا بها أربعة عشر ركناً، وهي:
1 - القيام مع القدرة.
2 - تكبيرة الإحرام.
3 - قراءة الفاتحة في كل ركعة إلا فيما يجهر فيه الإمام.
4 - الركوع.
5 - الاعتدال من الركوع.
6 - السجود على الأعضاء السبعة.
7 - الجلوس بين السجدتين.
8 - السجود الثاني.
9 - الجلوس للتشهد الأخير.
10 - التشهد الأخير.
11 - الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
12 - الطمأنينة في الصلاة.
13 - الترتيب بين الأركان.
14 - التسليم.
- أفضل أركان الصلاة:
القيام في الصلاة أفضل بذكره وهو قراءة القرآن، والركوع والسجود أفضل
الهيئات والأفعال .. فهيئة الركوع والسجود أفضل من هيئة القيام .. وذكر
القيام أفضل من ذكر الركوع والسجود.
وكثرة الركوع والسجود وطول القيام سواء.
فالقيام فيه أفضل الأذكار وهو القرآن.
والركوع والسجود فيه أفضل الأعمال، وهو كمال الخضوع للرب.
والنبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل هذا تارة .. ويفعل ذاك تارة.
(2/430)
إنْ أطال القيام أطال معه الركوع والسجود
.. وإن اقتصد في القيام اقتصد في الركوع والسجود.
فينبغي للمسلم أن يفعل هذا وهذا؛ إحياء للسنة، وعملاً بها بوجوهها
المشروعة.
1 - عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم -: «أفْضَلُ الصَّلاةِ طُولُ القُنُوتِ». أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قالَ: «أقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ
سَاجِدٌ، فَأكْثِرُوا الدُّعَاءَ». أخرجه مسلم (2).
3 - وَعَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: رَمَقْتُ
الصَّلاةَ مَعَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ
فَرَكْعَتَهُ، فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ، فَسَجْدَتَهُ،
فَجَلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَسَجْدَتَهُ، فَجَلْسَتَهُ مَا
بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالانْصِرَافِ، قَرِيباً مِنَ السَّوَاءِ. متفق عليه
(3).
- وجوب تحسين الصلاة وإتمامها:
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ
اللهِ يَوْماً، ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ: «يَا فُلانُ! ألا تُحْسِنُ
صَلاتَكَ؟ ألا يَنْظُرُ المُصَلِّي إِذَا صَلَّى كَيْفَ يُصَلِّي؟
فَإِنَّمَا يُصَلِّي لِنَفْسِهِ، إِنِّي وَاللهِ لأبْصِرُ مِنْ وَرَائِي
كَمَا أبْصِرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ». أخرجه مسلم (4).
2 - وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - قالَ: «أقِيمُوا الرُّكُوعَ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (756).
(2) أخرجه مسلم برقم (482).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (801) , ومسلم برقم (471)، واللفظ له.
(4) أخرجه مسلم برقم (423).
(2/431)
وَالسُّجُودَ، فَوَاللهِ إنِّي لأرَاكُمْ
مِنْ بَعْدِي -وَرُبَّمَا قال مِنْ بَعْدِ ظَهْرِي- إذَا رَكَعْتُمْ
وَسَجَدْتُمْ». متفق عليه (1).
- حكم من ترك أحد أركان الصلاة:
1 - إذا ترك المصلي ركناً من أركان الصلاة عمداً بطلت صلاته .. وإن ترك
تكبيرة الإحرام جهلاً أو سهواً لم تنعقد صلاته أصلاً.
2 - الجاهل إذا ترك ركناً أو شرطاً إن كان في الوقت أعاد الصلاة، وإن خرج
الوقت فلا إعادة عليه.
3 - ما تركه المصلي من أركان الصلاة جاهلاً أو ناسياً وهو في الصلاة، فإنه
يعود إليه ويأتي به وبما بعده، ما لم يصل إلى مكانه من الركعة الثانية، فإن
وصل قامت الركعة الثانية مقام التي تركه منها، وبطلت الركعة السابقة، كمن
نسي الركوع ثم سجد، فيجب عليه أن يعود متى ذكر، إلا إذا وصل إلى الركوع من
الثانية، فتقوم الركعة الثانية مكان التي ترك، ويلزمه سجود السهو بعد
السلام.
- حكم قراءة الفاتحة في الصلاة:
1 - قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة.
وتجب قراءة الفاتحة على المصلي سواء كان إماماً، أو مأموماً، أو منفرداً،
وسواء كانت الصلاة سرية أو جهرية، وسواء كانت فرضاً أو نفلاً، وتجب قراءة
الفاتحة في كل ركعة، ولا يستثنى من ذلك إلا المأموم فيما يجهر فيه الإمام
من الركعات والصلوات، والمسبوق إذا أدرك الإمام راكعاً ولم يتمكن
من قراءة الفاتحة.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (742) , واللفظ له، ومسلم برقم (425).
(2/432)
2 - قراءة الفاتحة للإمام والمنفرد ركن من
كل ركعة، وتبطل الركعة بتركها، أما المأموم فيقرؤها سراً في كل ركعة إلا
فيما يجهر فيه الإمام من الركعات والصلوات فينصت لقراءة الإمام إذا قرأ.
1 - قال الله تعالى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ
وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204)} [الأعراف:204].
2 - وَعَنْ الزّهرِيّ عَنْ ابْنِ أكيْمَة عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - انْصَرَفَ مِنْ
صَلاَةٍ جَهَرَ فِيهَا بالقِرَاءَةِ فَقَالَ: «هَلْ قَرَأَ مَعِيَ أَحَدٌ
مِنْكُمْ آنِفاً؟» فَقَالَ رَجُلٌ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ. قَالَ:
«إِنِّي أَقُولُ مَالِي أُنَازَعُ القُرْآنَ». قَالَ الزّهريّ: فَانْتَهَى
النَّاسُ عَنِ القِرَاءَةِ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
فِيمَا جَهَرَ فِيهِ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالقِرَاءَةِ مِنَ
الصَّلَوَاتِ حِينَ سَمِعُوا ذلِكَ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم -. أخرجه أبو داود والترمذي (1).
3 - من لا يعرف الفاتحة كحديث عهد بالإسلام يقرأ في صلاته ما تيسر من
القرآن، فإن كان لا يعرف شيئاً من القرآن قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا
إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عَنْ ابْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - فَقَالَ: إِنِّي لاَ أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ القُرْآنِ
شَيْئاً فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي مِنْهُ فَقَالَ: «قُلْ سُبْحَانَ
اللهِ وَالحَمْدُ للهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ وَلاَ
حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ» قَالَ: يَا
رَسُولَ اللهِ هَذَا للهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَا لِي؟ قَالَ: «قُلِ
اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي وَاهْدِنِي» فَلَمَّا قَامَ
قَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -:
«أَمَّا هَذَا فَقَدْ
مَلأَ يَدَهُ مِنَ الخَيْرِ». رواه أبو داود والنسائي (2).
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (826) , وهذا لفظه، والترمذي برقم (312).
(2) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (832) , وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم
(924).
(2/433)
6 - واجبات الصلاة
- واجبات الصلاة ثمانية، وهي:
1 - جميع التكبيرات غير تكبيرة الإحرام فهي ركن.
2 - تعظيم الرب حال الركوع بما ورد.
3 - قول: (سمع الله لمن حمده) للإمام والمنفرد.
4 - قول: (ربنا ولك الحمد) للإمام والمأموم والمنفرد.
5 - الدعاء حال السجود بما ورد.
6 - الدعاء بين السجدتين بما ورد.
7 - الجلوس للتشهد الأول.
8 - قراءة التشهد الأول.
- حكم من ترك واجباً من واجبات الصلاة:
إذا ترك المصلي واجباً من هذه الواجبات عمداً بطلت صلاته.
وإن تركه ناسياً وذكره بعد مفارقة محله، وقبل أن يصل إلى الركن الذي يليه،
رجع فأتى به، ثم يكمل صلاته، ثم يسجد للسهو، ثم يسلم.
وإن ذكره بعد وصوله إلى الركن الذي يليه سقط ولا يرجع إليه، لكن يسجد
للسهو، ثم يسلم.
- الفرق بين الركن والواجب:
1 - الركن إذا تركه المصلي سهواً فإنه لا يسقط، بل يأتي به وبما بعده، ثم
يسجد
(2/434)
للسهو بعد السلام.
2 - الواجب إذا تركه المصلي سهواً فإنه لا يأتي به، وإنما يأتي بسجود السهو
قبل السلام بدلاً عنه.
- حكم من قام ناسياً للتشهد الأول:
إذا قام الإمام أو المنفرد من الركعتين ناسياً للتشهد الأول، فإن ذكر قبل
أن يستوي قائماً فليجلس، فإن استوى قائماً فلا يجلس، لكن عليه أن يسجد
سجدتي السهو قبل السلام.
وإذا قام ناسياً للتشهد الأخير رجع فوراً؛ لأنها ركعة زائدة، وعليه أن يسجد
للسهو بعد السلام.
- أقل ما يجزئ في الصلاة:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه
وسلم - دَخَلَ المَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ
فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَرَدَّ النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِ السَّلامَ، فَقال: «ارْجِعْ فَصَلِّ،
فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ». فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ
- صلى الله عليه وسلم -، فَقال: «ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ».
ثَلاثاً، فَقال: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ، فَمَا أحْسِنُ غَيْرَهُ،
فَعَلِّمْنِي، قال: «إذَا قُمْتَ إلَى الصَّلاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأ
مَا تَيَسَّرَ مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ
رَاكِعاً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِماً، ثُمَّ اسْجُدْ حَتَّى
تَطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِساً، ثُمَّ
اسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِداً، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلاتِكَ
كُلِّهَا». متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (793) , واللفظ له، ومسلم برقم (397).
(2/435)
7 - سنن الصلاة
- كل ما عدا الأركان والواجبات فهو سنة يثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها، وهي
سنن أقوال وأفعال:
فسنن الأقوال:
كدعاء الاستفتاح، والتعوذ، والبسملة، وقول آمين، وقراءة سورة بعد الفاتحة.
وسنن الأفعال:
كرفع اليدين عند التكبير، وعند الركوع، وبعد الرفع من الركوع، وعند القيام
من التشهد الأول، ووضع اليمين على الشمال حال القيام، والافتراش، والتورك
ونحو ذلك.
- آداب دخول المسجد والخروج منه:
1 - يسن للمسلم أن يخرج إلى المسجد بسكينة ووقار، ولا يشبك بين أصابعه؛
لأنه في صلاة.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا ثُوِّبَ لِلصَّلاةِ فَلا تَأْتُوهَا وَأنْتُمْ
تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أدْرَكْتُمْ
فَصَلَّوْا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأتِمُّوا، فَإِنَّ أحَدَكُمْ إِذَا كَانَ
يَعْمِدُ إِلَى الصَّلاةِ فَهُوَ فِي صَلاةٍ». متفق عليه (1).
2 - ويسن للمسلم إذا أتى المسجد أن يقدم رجله اليمنى في الدخول قائلاً:
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (908) , ومسلم برقم (602)، واللفظ له.
(2/436)
1 - «اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أبْوَابَ
رَحْمَتِكَ». أخرجه مسلم (1).
2 - «أَعُوذ باللهِالعَظِيمِ وَبوَجْهِهِ الكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ
القَدِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ». أخرجه أبو داود (2).
3 - وإذا خرج قدّم رجله اليسرى قائلاً: «اللَّهُمَّ إِنِّي أسْألُكَ مِنْ
فَضْلِكَ». أخرجه مسلم (3).
- فضل المشي إلى الصلاة في المسجد:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ
مِنْ بُيُوتِ اللهِ، لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ
خَطْوَتَاهُ إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأخْرَى تَرْفَعُ
دَرَجَةً». أخرجه مسلم (4).
- ماذا يفعل المسلم إذا دخل المسجد:
إذا دخل المسلم المسجد سلم على من فيه، ثم صلى ركعتين تحية المسجد، ويستحب
له التبكير إلى المسجد، والاشتغال بذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن،
والنوافل، حتى تقام الصلاة، ويجتهد أن يكون في الصف الأول، عن يمين الإمام.
- حكم دعاء الاستفتاح في الصلاة:
يسن للمصلي بعد تكبيرة الإحرام أن يدعو بدعاء الاستفتاح.
وأدعية الاستفتاح ثلاثة أنواع:
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (713).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (466).
(3) أخرجه مسلم برقم (713).
(4) أخرجه مسلم برقم (666).
(2/437)
1 - الأول: ما كان ثناءً من العبد على ربه،
وهو أعلاها كـ «سبحانك اللهم وبحمدك ... ».
2 - الثاني: ما كان خبراً من العبد عن عبادة الله كـ «وجهت وجهي ... ».
3 - الثالث: ما كان دعاء من العبد كـ «اللهم باعد .. ».
والسنة أن يدعو بهذا النوع مرة، وبهذا مرة؛ إحياء للسنة، وعملاً بها
بوجوهها المشروعة المتنوعة.
- ما يقرأ المسلم في الصلاة:
1 - السنة أن يقرأ المصلي بعد الفاتحة سورة كاملة في كل ركعة من الأوليين
في كل صلاة، وأن يقرأ السور على ترتيب المصحف.
2 - يجوز للمصلي أن يقسم السورة الواحدة على الركعتين، وأن يقرأ عدة سور في
ركعة واحدة، وأن يكرر السورة الواحدة في ركعتين، وأن يقدم سورة على سورة ..
لكن لا يكثر من ذلك، بل يفعله أحياناً.
3 - يجوز أن يقرأ المصلي في الفرض والنفل أوائل السور .. وأواسطها ..
وأواخرها.
- حكم الخشوع في الصلاة:
الخشوع في الصلاة سنة مؤكدة، وقد أثنى الله عز وجل على الخاشعين في صلاتهم
كما قال سبحانه: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي
صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} [المؤمنون:1،2].
ويحصل الخشوع في الصلاة بما يلي:
1 - حضور القلب.
(2/438)
2 - الفهم والإدراك لما يقرأ أو يسمع.
3 - التعظيم، ويتولد من معرفة أسماء الله وصفاته، ومعرفة جلاله وعظمته.
4 - التذلل لله، وينشأ من معرفة عظمة الله، ومعرفة حقارة النفس، ويتولد من
هاتين المعرفتين الانكسار لله، والخشوع له.
5 - الهيبة، وهي أسمى من التعظيم، وتتولد من معرفة العبد بقدرة الله
وعظمته، وتقصير العبد في حقه سبحانه.
6 - الرجاء، وهو أن يتوكل على الله وحده، ويرجو بصلاته ثواب الله.
7 - الحياء، ويتولد من أمرين:
معرفته بعظمة الله ومعصيته له .. ومعرفته بنعم الله وتقصيره في شكرها.
- أنواع البكاء:
البكاء عشرة أنواع، هي:
بكاء الرحمة والرقة، وبكاء الخوف والخشية، وبكاء المحبة والشوق، وبكاء
الفرح والسرور، وبكاء الخور والضعف، وبكاء الجزع من ورود مؤلم، وبكاء الحزن
ويكون على ما مضى، وبكاء الخوف ويكون على مَخُوف في المستقبل، وبكاء
النفاق، وبكاء المستأجر، وبكاء الموافقة.
- صفة البكاء المشروع:
بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن بشهيق ورفع صوت، بل كانت تدمع
عيناه، ويُسمع لصدره أزيز كأزيز المِرْجَل من البكاء.
وكان بكاؤه - صلى الله عليه وسلم - تارة من خشية الله، وتارة خوفاً على
أمته، وتارة شفقة عليها، وتارة رحمة للميت، وتارة عند سماع آيات الوعد
والوعيد، وتارة عند ذكر الله
(2/439)
وآلائه ونعمه، وتارة عند سماع أخبار
الأنبياء وأممهم ونحو ذلك.
فصلوات الله وسلامه على أنبياء الله ورسله: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ
رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ (49)}
[الأنبياء:49].
- حكم التأمين داخل الصلاة وخارجها:
يسن التأمين في موضعين:
الأول: داخل الصلاة: بأن يقول الإمام والمأموم والمنفرد آمين بعد قراءة
الفاتحة، يجهر بذلك الإمام والمأموم، ويؤمن المأموم مع الإمام لا قبله ولا
بعده، ويسر المنفرد بالتأمين.
ويشرع التأمين في دعاء القنوت في وتر، أو نازلة ونحوهما.
الثاني: خارج الصلاة: ويكون بعد قراءة الفاتحة من قارئ ومستمع، وعلى الدعاء
مطلقاً أو مقيداً كدعاء الخطيب في الجمعة، أو الاستسقاء ونحو ذلك.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه
وسلم - قالَ: «إذَا أمَّنَ الإمَامُ فَأمِّنُوا، فَإنَّهُ مَنْ وَافَقَ
تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبِهِ». متفق عليه (1).
- مواضع رفع اليدين في الصلاة:
ترفع اليدين مع التكبير في أربعة مواضع:
1 - عَنْ عَبْدَاللهِ بن عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: رَأيْتُ
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - افْتَتَحَ التَّكْبِيرَ فِي الصَّلاةِ،
فَرَفَعَ يَدَيْهِ حِينَ يُكَبِّرُ، حَتَّى يَجْعَلَهُمَا حَذْوَ
مَنْكِبَيْهِ، وَإذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ فَعَلَ مِثْلَهُ، وَإذَا قال:
«سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». فَعَلَ مِثْلَهُ، وَقال: «رَبَّنَا وَلَكَ
الحَمْدُ». وَلا يَفْعَلُ ذَلِكَ حِينَ يَسْجُدُ، وَلا حِينَ يَرْفَعُ
رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ. متفق
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (780) , واللفظ له، ومسلم برقم (410).
(2/440)
عليه (1).
2 - وَعَنْ نَافِعٍ أنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا دَخَلَ فِي الصَّلاةِ،
كَبَّرَ وَرَفَعَ يَدَيْهِ، وَإذَا رَكَعَ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإذَا قال:
«سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». رَفَعَ يَدَيْهِ، وَإذَا قَامَ مِنَ
الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَفَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ إلَى
نَبِيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه البخاري (2).
- حكم جلسة الاستراحة:
جلسة الاستراحة سنة من سنن الصلاة، وهي جلسة خفيفة، وليس فيها ذكر.
وموضعها: قبل القيام من الركعة الأولى للثانية، ومن الثالثة للرابعة.
والمرأة في ذلك كالرجل، والتكبير يكون حينما ينهض للركعة.
عَنْ مَالِك بن الحُوَيْرِثِ اللَّيْثِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّهُ رَأى
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي، فَإذَا كَانَ فِي وِتْرٍ مِنْ
صَلاتِهِ، لَمْ يَنْهَضْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِداً. أخرجه البخاري (3).
- السنن العارضة في الصلاة:
يسن في الصلاة حمد الله عند العطاس، وإذا تجددت له نعمة وهو في الصلاة رفع
يديه وحمد الله، والبكاء من خشية الله.
- من يُقدّم عند دخول المسجد:
إذا كانوا جماعة وأرادوا الدخول إلى المسجد، أو المنزل، أو المجلس، فالسنة
أن يقدَّم الأكبر فالأكبر، فيقال: كبِّر كبِّر، وقول بعض الناس: باليمين لا
أصل له.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (738) , واللفظ له، ومسلم برقم (390).
(2) أخرجه البخاري برقم (739).
(3) أخرجه البخاري برقم (823).
(2/441)
- حكم السلام على من يصلي:
يسن لمن مر بمن يصلي أن يسلم عليه، ويرد المصلي السلام عليه بالإشارة
بأصبعه، أو يده، أو رأسه، لا بالكلام.
عَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: مَرَرْتُ برَسُولِ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - وَهُوَ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَرَدَّ إِلَيَّ
إِشَارَةً. أخرجه أبو داود والترمذي (1).
- حكم الاستغفار بعد الفريضة:
الاستغفار بعد كل صلاة مفروضة مشروع؛ لثبوته عن النبي - صلى الله عليه وسلم
-، ولأن كثيراً من المصلين يقصر ويفرط في أداء الصلاة: إما بالمشروعات
الظاهرة كالقراءة والأذكار، والركوع، والسجود ونحوها، وإما بالمشروعات
الباطنة كالخشوع وحضور القلب، والإخلاص ونحوها، والاستغفار اعتذار يمحو أثر
الخلل والتقصير والذنب: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ
ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110)}
[النساء:110].
- حكم الجهر بالذكر بعد الصلاة:
1 - الإسرار بالذكر والدعاء هو الأفضل مطلقاً إلا فيما ورد فيه مشروعية
الجهر كأذكار أدبار الصلوات الخمس، والتلبية، أو لمصلحة كأن يُسمع جاهلاً
ونحو ذلك فالأفضل الجهر.
2 - ويسن الذكر والدعاء على طهارة، ويجوز الذكر والدعاء بالقلب واللسان
للمحدث والجنب والحائض والنفساء، وذلك كالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير
والدعاء والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان رسول الله -
صلى الله عليه وسلم - يذكر الله
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (925) , والترمذي برقم (367)، واللفظ له.
(2/442)
على كل أحيانه.
- حكم الدعاء بعد الصلاة:
1 - يسن للمصلي الجهر بالأذكار الواردة بعد السلام، وأما الدعاء بعد
الفريضة أو النافلة فغير مشروع، ومن أراد أن يدعو الله فليدع الله في
الفريضة والنافلة قبل السلام، وإن دعا بعد الصلاة أحياناً لعارض فلا بأس.
2 - كل ما ورد مقيداً (بدبر الصلاة) إن كان دعاءً فهو قبل السلام، وإن كان
ذكراً فهو بعد السلام.
- فضل القعود للذكر بعد صلاة الفجر:
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يجلسون يذكرون الله بعد صلاة
الفجر حتى تطلع الشمس حَسَناً .. ثم يقومون ولا يصلون.
وهذا لا ينفي أن الصلاة بعد ارتفاع الشمس مشهودة مشروعة.
1 - عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّ النَّبِيَّ -
صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى الفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلاهُ
حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَناً. أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم -: «لَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللهَ تَعَالَى
مِنْ صَلاَة الغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ
أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وَلَأَنْ أَقْعُدَ مَعَ
قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللهَ مِنْ صَلاَةِ العَصْرِ إِلَى أَنْ تَغْرُبَ
الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتِقَ أَرْبَعَةً» أخرجه أبو داود
(2).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (670).
(2) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (3667).
(2/443)
- حكم الصلاة بالنعال:
1 - السنة إذا صلى المسلم على الأرض أن يصلي بنعليه أو خفيه إذا كانتا
طاهرتين، ويصلي أحياناً حافياً.
2 - لم يُحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى بنعليه على فراش،
لذلك لا يشرع للمسلم أن يصلي بنعليه على الفراش، ولا على البلاط الذي ينظف؛
لما في ذلك من الأذى والقذر، وجلب الأوساخ التي بالنعال إلى المسجد.
3 - إذا نزع المسلم نعليه أو خفيه فلا يضعهما عن يمينه، وإنما يضعهما بين
رجليه، أو عن يساره إن لم يكن فيه أحد.
4 - السنة عند لبس النعل أو الخف أن يبدأ باليمنى، وعند الخلع أن يبدأ
باليسرى.
(2/444)
8 - ما يباح في
الصلاة
- يباح للمصلي أثناء الصلاة ما يلي:
التقدم والتأخر والمشي عند الحاجة .. الصعود على المنبر والنزول عند الحاجة
.. حمل الصغير عند الحاجة .. قتل الأسودين وهما الحية والعقرب .. البصق في
غير مسجد عن يساره عند الحاجة .. البصاق في ثوبه أو منديله عند الحاجة ..
الالتفات والإشارة المفهمة عند الحاجة .. غمز رجل النائم عند ضيق المكان
ونحوه .. الفتح على الإمام إذا أخطأ في القراءة .. السجود على ثياب المصلي
أو عمامته لعذر كشدة حر ونحوه .. كف العمامة والمشلح ولف الإزار عند
الحاجة.
- حكم الاستئذان على المصلي:
إذا استؤذن على الرجل وهو يصلي فإذنه التسبيح، وإذا استؤذن على المرأة وهي
تصلي فإذنها التصفيق.
- حكم الصلاة بالدراهم في الجيب:
دراهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضوان الله عليهم هي عملة فارس
والروم، وفيها صور منحوتة، وما كان الصحابة يتورعون من الصلاة بها، فالتورع
من عدم الصلاة بها غير مشروع، وكذا من إدخالها البيت، فتبقى على الأصل وهو
عدم التورع عنها؛ لشدة الحرج والحاجة.
(2/445)
9 - ما يكره في
الصلاة
- ما يكره في الصلاة:
يكره للمصلي أثناء الصلاة ما يلي:
التفات المصلي إلا لحاجة كخوف ونحوه.
العبث بالثوب أو البدن أو التراب من غير حاجة .. تغطية وجهه .. اللثام على
فمه وأنفه.
ويكره نقر الصلاة كنقرة الديك، وإقعاء كإقعاء الكلب، والتفات كالتفات
الثعلب.
ويكره التخصر، وهو أن يضع يده على خاصرته، والسدل، وهو إرسال الرجل ثوبه من
غير أن يضم جانبيه، وافتراش ذراعيه في السجود، وتشبيك الأصابع، وكف الشعر
والثوب من غير حاجة.
ويكره فعل ما ينافي الخشوع في الصلاة كالعبث باللحية، وفرقعة الأصابع،
والعبث بالساعة، أو الغترة، أو العمامة ونحو ذلك.
ويكره دخوله في الصلاة بما يشغله عن الخشوع كاحتباس البول، أو الغائط، أو
الريح، أو حال الجوع، أو العطش، أو بحضرة طعام يشتهيه وهو قادر على تناوله،
أو عنده أو أمامه أو معه ما يلهيه عن الخشوع في الصلاة.
- حكم صلاة محتبس البول أو الغائط أو الريح:
الأفضل للحاقن والحاقب ومحتبس الريح أن يحدث ثم يتوضأ، ليصلي مطمئناً، فإن
عدم الماء أحدث وتيمم وصلى، وذلك أخشع له، فإن صلى
(2/446)
بحاله فصلاته صحيحة مع الكراهة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لا صَلاةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ، وَلا هُوَ
يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ». أخرجه مسلم (1).
- حكم الصلاة بحضرة الطعام:
1 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «إذَا وُضِعَ عَشَاءُ أحَدِكُمْ، وَأقِيمَتِ
الصَّلاةُ، فَابْدَؤوا بِالعَشَاءِ، وَلا يَعْجَلْ حَتَّى يَفْرُغَ
مِنْهُ». متفق عليه (2).
2 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم -: «إذَا كَانَ أحَدُكُمْ عَلَى الطَّعَامِ فَلا
يَعْجَلْ، حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ، وَإنْ أقِيمَتِ الصَّلاةُ».
متفق عليه (3).
- حكم الصلاة في ثوب يشغل المصلي:
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - يُصَلِّي فِي خَمِيصَةٍ ذَاتِ أعْلامٍ، فَنَظَرَ إِلَى
عَلَمِهَا، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ قال: «اذْهَبُوا بِهَذِهِ الخَمِيصَةِ
إِلَى أبِي جَهْمِ ابْنِ حُذَيْفَةَ، وَائْتُونِي بِأنْبِجَانِيِّهِ،
فَإِنَّهَا ألْهَتْنِي آنِفاً فِي صَلاتِي». متفق عليه (4).
- حكم الالتفات في الصلاة:
الالتفات في الصلاة اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (560).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (673) , واللفظ له، ومسلم برقم (559).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (674) , واللفظ له، ومسلم برقم (559).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (373) , ومسلم برقم (556)، واللفظ له.
(2/447)
والالتفات نوعان:
التفات حسي بالبدن .. والتفات معنوي بالقلب.
ولمعالجة المعنوي: يتفل عن يساره ثلاثاً، ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم.
ولمعالجة الحسي: يتوجه مباشرة بكليته إلى القبلة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالتْ: سَألْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - عَنِ الالتِفَاتِ فِي الصَّلاةِ؟ فَقال: «هُوَ اخْتِلاسٌ
يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلاةِ العَبْدِ». أخرجه البخاري (1).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (751).
(2/448)
10 - ما يحرم في
الصلاة
- ما يحرم في الصلاة:
يحرم في أثناء الصلاة ما يلي:
الأكل والشرب عمداً .. الكلام والضحك عمداً .. كشف العورة عمداً .. الحركة
الكثيرة المتوالية لغير ضرورة .. زيادة ركعة أو سجدة أو ركن أو واجب عمداً
.. سلام المأموم عمداً قبل إمامه .. قراءة القرآن في الركوع والسجود ونحو
ذلك.
- مبطلات الصلاة:
تبطل الصلاة بما يلي:
1 - إذا ترك ركناً أو شرطاً عمداً أو سهواً.
2 - إذا ترك واجباً عمداً.
3 - الكلام والضحك عمداً.
4 - الأكل والشرب عمداً.
5 - الحركة الكثيرة لغير ضرورة.
6 - زيادة شيء في الصلاة كركعة أو سجدة عمداً.
7 - قطع نية الصلاة.
8 - حصول ما يبطل الطهارة.
9 - الانحراف عن القبلة.
(2/449)
10 - تعمد كشف العورة.
11 - مرور المرأة أو الحمار أو الكلب الأسود بين يدي المصلي.
- حكم تأخير الصلاة عن وقتها:
يحرم على الإنسان تأخير الصلاة عن وقتها إلا لناوي الجمع، أو في شدة خوف،
أو في شدة مرض ونحو ذلك.
1 - قال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ
صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)} [الماعون:4،5].
2 - وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - يَوْمَ الأَحْزَابِ: «شَغَلُونَا عَنِ الصَّلاةِ
الوُسْطَى صَلاةِ العَصْرِ، مَلأَ اللهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ
نَاراً». ثُمَّ صَلاهَا بَيْنَ العِشَاءَيْنِ، بَيْنَ المَغْرِبِ
وَالعِشَاءِ. متفق عليه (1).
- حكم التفل تجاه القبلة:
لا يجوز للإنسان التفل تجاه القبلة في الصلاة وخارجها.
ومن تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه، والبزاق في المسجد
خطيئة، وكفارتها دفنها.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما: أنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - رَأى بُصَاقاً فِي جِدَارِ القِبْلَةِ، فَحَكَّهُ،
ثُمَّ أقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: «إذَا كَانَ أحَدُكُمْ يُصَلِّي،
فَلا يَبْصُقُ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَإنَّ اللهَ قِبَلَ وَجْهِهِ إذَا
صَلَّى». متفق عليه (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2931) , ومسلم برقم (627)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (406) , واللفظ له، ومسلم برقم (547).
(2/450)
11 - صفة الصلاة
- فرض الله سبحانه على كل مسلم ومسلمة خمس صلوات في اليوم والليلة، وهي:
الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والفجر.
- ماذا يفعل من أراد الصلاة:
يتوضأ من أراد الصلاة، ثم يقف مستقبلاً القبلة، ويصلي إلى سترة، ويجعل بينه
وبين السترة قدر ثلاثة أذرع، وبين موضع سجوده والسترة قدر ممر شاة، ولا يدع
شيئاً يمر بينه ويبن السترة، ومن مر بين المصلي وسترته فهو آثم.
عَنْ أبِي جُهَيْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي
مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أنْ يَقِفَ أرْبَعِينَ خَيْراً لَهُ مِنْ أنْ
يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْه». متفق عليه (1).
- صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - من التكبير إلى التسليم:
ينوي من أراد الصلاة بقلبه فعل الصلاة، ويقف مستقبلاً القبلة، ثم يكبر
تكبيرة الإحرام قائلاً (الله أكبر).
ويرفع يديه تارة مع التكبير، وتارة بعد التكبير، وتارة قبله، ويرفعهما
ممدودتي الأصابع، بطونهما إلى القبلة .. يرفعهما إلى حذو منكبيه، وأحياناً
يحاذي بهما فروع أذنيه.
يفعل هذا مرة .. وهذا مرة؛ إحياءً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة.
ثم يضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، ويجعلهما على
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (510) , واللفظ له، ومسلم برقم (507).
(2/451)
صدره، وأحياناً يقبض باليمنى على اليسرى
ويجعلهما على صدره، وأحياناً يضع اليد اليمنى على الذراع اليسرى بلا قبض،
وينظر بخشوع إلى موضع سجوده.
وكلٌّ سنة .. يفعل هذا مرة، وهذا مرة؛ إحياءً للسنة.
قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا مِنَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ
تَحْضُرُهُ صَلاةٌ مَكْتُوبَةٌ، فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وَخُشُوعَهَا
وَرُكُوعَهَا، إِلا كَانَتْ كَفَّارَةً لِمَا قَبْلَهَا مِنَ الذُّنُوبِ،
مَا لَمْ يُؤْتِ كَبِيرَةً، وَذَلِكَ الدَّهْرَ كُلَّهُ». أخرجه مسلم (1).
- ثم يستفتح صلاته بما ورد من الأدعية والأذكار، ومنها:
1 - أن يقول: «اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا
بَاعَدْتَ بَيْنَ المَشْرِقِ وَالمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ
الخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ
اغْسِلْ خَطَايَايَ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ». متفق عليه (2).
2 - أو يقول: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ
وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلاَ إِلَهَ غَيْرَكَ». أخرجه أبو داود والترمذي (3).
3 - أو يقول: «اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ
وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ الغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ، أنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ
يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذْنِكَ
إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ». أخرجه مسلم (4).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (228).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (744) , واللفظ له، ومسلم برقم (598).
(3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (775) , والترمذي برقم (243).
(4) أخرجه مسلم برقم (770).
(2/452)
4 - أو يقول: «اللهُ أكْبَرُ كَبِيراً،
وَالحَمْدُ للهِ كَثِيراً، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً». أخرجه
مسلم (1).
5 - أو يقول: «الحَمْدُ للهِ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ».
أخرجه مسلم (2).
6 - أو يقول: «اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ، لَكَ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ مَلِكُ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ، أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ،
وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ
حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - حَقٌّ،
وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ،
وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ،
وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا
أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ المُقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ،
لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، أَوْ: لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ». متفق عليه (3).
7 - أو يقول: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ
حَنِيفاً وَمَا أنَا مِنَ المُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي
وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ العَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ
وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأنَا مِنَ المُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ أنْتَ المَلِكُ
لا إِلَهَ إِلا أنْتَ، أنْتَ رَبِّي وَأنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي
وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعاً، إِنَّهُ لا
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا أنْتَ، وَاهْدِنِي لأحْسَنِ الأخْلاقِ، لا
يَهْدِي لأحْسَنِهَا إِلا أنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا، لا يَصْرِفُ
عَنِّي سَيِّئَهَا إِلا أنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ
وَالخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أنَا بِكَ
وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ،
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (601).
(2) أخرجه مسلم برقم (600).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1120) , واللفظ له، ومسلم برقم (769).
(2/453)
أسْتَغْفِرُكَ وَأتُوبُ إِلَيْكَ». أخرجه
مسلم (1).
يقول هذا مرة .. وهذا مرة .. إحياءً للسنة .. وعملاً بها بوجوهها المتنوعة.
- ثم يقول سراً:
(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم).
أو يقول: «أَعُوذ باللهِ السَّمِيعِ العَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ
الرَّجِيمِ مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ». أخرجه أبو داود والترمذي
(2).
- ثم يقول سراً:
«بِسْم اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ». متفق عليه (3).
- ثم يقرأ الفاتحة:
ويقطعها آية آية .. فيقف على رأس كل آية، ولا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة
الكتاب.
وتجب قراءة الفاتحة على الإمام والمنفرد في جميع الصلوات والركعات السرية
والجهرية .. ويجب على المأموم قراءة الفاتحة سراً في جميع الصلوات والركعات
إلا فيما يجهر فيه الإمام من الصلوات والركعات فينصت لقراءة الإمام، وقراءة
الإمام له قراءة.
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - قال: «لا صَلاةَ لِمَنْ
لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الكِتَابِ». متفق عليه (4).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (771).
(2) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (775) , والترمذي برقم (242)، انظر إرواء
الغليل رقم (342).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (743) , ومسلم برقم (399).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (756) , واللفظ له، ومسلم برقم (394).
(2/454)
- فإذا انتهى من قراءة الفاتحة:
قال الإمام والمأموم والمنفرد (آمين).
يمد بها صوته .. ويجهر بها الإمام والمأموم معاً في الصلوات الجهرية.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - قال: «إذَا أمَّنَ الإمَامُ فَأمِّنُوا، فَإنَّهُ مَنْ وَافَقَ
تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبِهِ». وَقال ابْنُ شِهَابٍ: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - يَقُولُ: «آمِينَ». متفق عليه (1).
- ثم يقرأ بعد الفاتحة ما تيسر من القرآن:
فيقرأ سورة، أو بعض ما تيسر من القرآن .. في كل من الركعتين الأوليين ..
يطيل أحياناً، ويقصر أحياناً لعارض سفر، أو سعال، أو مرض، أو بكاء صبي.
يقرأ سورة كاملة في أغلب أحواله، وتارة يقسمها في ركعتين، وتارة يعيدها
كلها في الركعة الثانية، وأحياناً يجمع في الركعة الواحدة سورتين أو أكثر.
يرتل القرآن ترتيلاً، ويحسن صوته به، ويقف على رأس كل آية.
يجهر الإمام بالقراءة في صلاة الفجر، وفي الركعتين الأوليين من المغرب
والعشاء.
ويسر بالقراءة في صلاة الظهر والعصر، والثالثة من المغرب، والأخريين من
العشاء .. إماماً أو مأموماً أو منفرداً.
- ومن السنة أن يقرأ في الصلوات الخمس ما يلي:
1 - صلاة الفجر: يقرأ فيها بعد الفاتحة في الركعة الأولى بطوال المفصل
كالذاريات، والطور ونحوهما من السور.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (780) , واللفظ له، ومسلم برقم (410).
(2/455)
وأحياناً يقرأ بأوساط المفصل كالنازعات
والفجر ونحوهما، وأحياناً يقرأ بأطول من ذلك .. يطوِّل في الركعة الأولى،
ويقصر في الثانية.
وأحياناً يقرأ بقصار المفصل كالضحى والزلزلة ونحوهما.
ويسن أن يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة، في الركعة الأولى سورة السجدة، وفي
الركعة الثانية سورة الإنسان.
2 - صلاة الظهر: يقرأ في الركعتين الأوليين بعد الفاتحة سورة في كل ركعة ..
يطوِّل في الأولى ما لا يطول في الثانية، أحياناً يطيل القراءة، وأحياناً
يقرأ من قصار السور، ويسمعهم الآية أحياناً، يقرأ في كل ركعة منهما قدر
ثلاثين آية، ويقرأ في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب.
3 - صلاة العصر: يقرأ في الركعتين الأوليين بعد الفاتحة سورة في كل ركعة ..
يطوِّل في الأولى ما لا يطول في الثانية، ويُسمعهم الآية أحياناً.
يقرأ في كل ركعة منهما قدر خمس عشرة آية.
ويقتصر في الركعتين الأخيرتين من العصر على فاتحة الكتاب.
4 - صلاة المغرب: يقرأ فيها أحياناً بعد الفاتحة بقصار المفصل، وأحياناً
بأوساط المفصل، وأحياناً بطوال المفصل، وأحياناً يقرأ في الركعتين بـ
(الأعراف)، وتارة في الركعتين بـ (الأنفال).
ويقتصر في الثالثة على الفاتحة.
5 - صلاة العشاء: يقرأ في الركعتين الأوليين بعد الفاتحة من وسط المفصل،
ويقتصر في الأخيرتين على الفاتحة.
والمفصل: من (ق إلى آخر القرآن)، وهو أربعة أجزاء وشيء.
(2/456)
وطوال المفصل: من (ق إلى عم)، وأوساط
المفصل من (عم إلى الضحى)، وقصار المفصل: من (الضحى إلى الناس).
- ثم إذا فرغ من القراءة:
سكت سكتة لطيفة، ثم يرفع يديه حذو منكبيه، أو حذو أذنيه، ويقول: (الله
أكبر) ويركع واضعاً كفيه على ركبتيه .. كأنه قابض عليهما، ويفرج بين
أصابعه، ويجافي مرفقيه عن جنبيه، ويبسط ظهره، ويجعل رأسه حيال ظهره، ويطمئن
في ركوعه، ويعظم فيه ربه، ويجعل ركوعه وقيامه بعد الركوع وسجوده وجلسته بين
السجدتين قريباً من السواء.
- ثم يقول في ركوعه ما ورد من الأذكار والأدعية، ومنها:
1 - «سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ». أخرجه مسلم (1).
2 - أو يقول: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِي». متفق عليه (2).
3 - أو يقول: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ المَلائِكَةِ وَالرُّوحِ». أخرجه
مسلم (3).
4 - أو يقول: «اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ
أسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي، وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي».
أخرجه مسلم (4).
5 - أو يقول: «سُبْحَانَ ذِي الجَبَرُوتِ وَالمَلَكُوتِ وَالكِبْرِيَاءِ
وَالعَظَمَةِ». أخرجه أبو
داود والنسائي (5).
يقوله في ركوعه وسجوده.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (772).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (794) , ومسلم برقم (484).
(3) أخرجه مسلم برقم (487).
(4) أخرجه مسلم برقم (771).
(5) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (873) , والنسائي برقم (1049).
(2/457)
يقول هذا مرة .. وهذا مرة .. إحياءً للسنة
.. وعملاً بها بوجوهها المشروعة.
- ثم يرفع رأسه من الركوع حتى يعتدل قائماً.
ويقيم صلبه حتى يعود كل فقار مكانه .. ويرفع يديه إلى حذو منكبيه .. أو حذو
أذنيه كما سبق .. ثم يضع اليمنى على اليسرى على صدره كما سبق.
ويقول إن كان إماماً أو منفرداً: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». متفق
عليه (1).
- فإذا اعتدل قائماً قال: إماماً، أو مأموماً، أو منفرداً:
1 - «رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ». متفق عليه (2).
2 - أو يقول: «رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ». أخرجه البخاري (3).
3 - أو يقول: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ». متفق عليه (4).
4 - أو يقول: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ». أخرجه البخاري (5).
يقول هذا مرة .. وهذا مرة .. إحياءً للسنة .. وعملاً بها بوجوهها المتنوعة.
وتارة يزيد على ذلك: «حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ». أخرجه
البخاري (6).
وتارة يزيد: «مِلْءُ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءُ الأَرْضِ، وَمَا بَيْنَهُمَا،
وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ
شَيْءٍ بَعْدُ، أهْلَ الثَّنَاءِ وَالمَجْدِ، لا مَانِعَ لِمَا أعْطَيْتَ،
وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ».
أخرجه مسلم (7).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (732) , ومسلم برقم (411).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (732)، ومسلم برقم (411).
(3) أخرجه البخاري برقم (789).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (796) , ومسلم برقم (409).
(5) أخرجه البخاري برقم (795).
(6) أخرجه البخاري برقم (799).
(7) أخرجه مسلم برقم (478).
(2/458)
وتارة يزيد: «مِلْءُ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ، وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أهْلَ الثَّنَاءِ
وَالمَجْدِ، أحَقُّ مَا قال العَبْدُ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ، اللَّهُمَّ
لا مَانِعَ لِمَا أعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ
ذَا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ». أخرجه مسلم (1).
يزيد هذا مرة، وهذا مرة؛ عملاً بالسنة، وإحياءً لها بوجوهها المشروعة.
والسنة إطالة هذا القيام، والاطمئنان فيه.
- ثم يكبر ويهوي للسجود قائلاً (الله أكبر):
ويسجد على سبعة أعضاء:
الكفان .. والركبتان .. والقدمان .. والجبهة والأنف.
ويضع ركبتيه على الأرض .. ثم يديه .. ثم جبهته وأنفه.
ويعتمد على كفيه .. ويبسطهما .. ويضم أصابعهما .. ويوجههما نحو القبلة ..
ويجعلهما حذو منكبيه .. وأحياناً حذو أذنيه.
ويمكِّن أنفه وجبهته من الأرض .. ويجافي عضديه عن جنبيه .. وبطنه عن فخذيه
.. ويرفع مرفقيه وذراعيه عن الأرض.
ويمكِّن ركبتيه وأطراف قدميه من الأرض .. ويجعل رؤوس أصابع رجليه نحو
القبلة .. وينصب رجليه ويفرج بين قدميه .. وكذا بين فخذيه، ويرص عقبيه.
ويطمئن في سجوده .. ويكثر من الدعاء .. ولا يقرأ القرآن في الركوع ولا في
السجود.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (477).
(2/459)
- ثم يقول في سجوده ما ورد من الأدعية
والأذكار، ومنها:
1 - «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأَعْلَى». أخرجه مسلم (1).
2 - أو يقول: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لِي». متفق عليه (2).
3 - أو يقول: «سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ، رَبُّ المَلائِكَةِ وَالرُّوحِ». أخرجه
مسلم (3).
4 - أو يقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجِلَّهُ،
وَأوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلانِيَتَهُ وَسِرَّهُ». أخرجه مسلم (4).
5 - أو يقول: «اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ
أسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ
سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أحْسَنُ الخَالِقِينَ». أخرجه مسلم
(5).
6 - أو يقول: «سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، لا إِلَهَ إِلا أنْتَ». أخرجه
مسلم (6).
7 - أو يقول: «اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُوراً، وَفِي بَصَرِي
نُوراً، وَفِي سَمْعِي نُوراً، وَعَنْ يَمِينِي نُوراً، وَعَنْ يَسَارِي
نُوراً، وَفَوْقِي نُوراً، وَتَحْتِي نُوراً، وَأمَامِي
نُوراً، وَخَلْفِي نُوراً، وَعَظِّمْ لِي نُوراً». أخرجه مسلم (7).
8 - أو يقول: «اللَّهُمَّ أعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ،
وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لا أحْصِي
ثَنَاءً عَلَيْكَ، أنْتَ كَمَا أثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ». أخرجه مسلم (8).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (772).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (794) , ومسلم برقم (484).
(3) أخرجه مسلم برقم (487).
(4) أخرجه مسلم برقم (483).
(5) أخرجه مسلم برقم (771).
(6) أخرجه مسلم برقم (485).
(7) أخرجه مسلم برقم (763).
(8) أخرجه مسلم برقم (486).
(2/460)
يقول هذا مرة، وهذا مرة، إحياءً للسنة،
وعملاً بها بوجوهها المشروعة، ويطيل سجوده، ويطمئن فيه، ويكثر من الدعاء
بما ورد.
- ثم يرفع رأسه من السجود قائلاً: (الله أكبر).
ثم يجلس مفترشاً رجله اليسرى .. ناصباً رجله اليمنى، وأصابعها إلى القبلة،
ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، أو على الركبة، واليسرى كذلك، ويبسط
أصابع يديه على ركبتيه.
ويسن أحياناً أن يقعي في هذا الجلوس، فينتصب على عقبيه، وصدور قدميه.
ويطمئن في هذا الجلوس حتى يستوي قاعداً، ويرجع كل عظم إلى موضعه، ويطيل هذا
الجلوس حتى يكون قريباً من سجدته.
- ثم يقول في هذه الجلسة ما يلي:
«رَب اغْفِرْ لِي رَب اغْفِرْ لِي». أخرجه أبو داود والنسائي (1).
يكرره مدة جلوسه.
- ثم يكبر ويسجد السجدة الثانية قائلاً: (الله أكبر).
ويصنع في هذه السجدة مثل ما صنع في الأولى كما سبق.
- ثم يرفع حتى يستوي قاعداً على رجله اليسرى معتدلاً حتى يرجع كل عظم إلى
موضعه.
وهذا الجلوس يسمى جلسة الاستراحة، ولا ذكر فيها ولا دعاء، ثم ينهض مكبراً
معتمداً بيديه على الأرض إلى الركعة الثانية.
ويصنع في هذه الركعة مثل ما صنع في الأولى، إلا أنه يجعلها أقصر من
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (874) , وأخرجه النسائي برقم (1145).
(2/461)
الأولى ولا يستفتح.
- ثم يجلس للتشهد الأول.
ومكانه بعد الفراغ من الركعة الثانية من صلاة المغرب والعشاء والظهر
والعصر.
يجلس مفترشاً رجله اليسرى، ناصباً رجله اليمنى .. كما يجلس بين السجدتين،
ويفعل بيديه وأصابعه كما سبق في الجلسة بين السجدتين .. لكن هنا يقبض أصابع
كفه اليمنى كلها، ويشير بأصبعه التي تلي الإبهام إلى القبلة، ويرفعها،
ويحركها يدعو بها، أو يرفعها بلا تحريك، ويرمي ببصره إليها حتى يسلم.
وإذا أشار بأصبعه وضع إبهامه على أصبعه الوسطى، وتارة يحلق بهما حلقة، أما
اليد اليسرى فيبسط كفه اليسرى على ركبته اليسرى كما سبق.
- ثم يتشهد سراً بما ورد من الصيغ، ومنها:
1 - تشهد ابن مسعود رضي الله عنه الذي علمه إياه رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -، وهو:
«التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلامُ عَلَيْكَ
أيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْنَا
وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ،
وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ». متفق عليه (1).
2 - أو تشهد ابن عباس رضي الله عنهما الذي علمه إياه رسول الله - صلى الله
عليه وسلم -، وهو:
«التَّحِيَّاتُ المُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ للهِ، السَّلامُ
عَلَيْكَ أيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ
عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ، أشْهَدُ أنْ لا إِلَهَ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (831) , ومسلم برقم (402).
(2/462)
إِلا اللهُ وَأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّداً
رَسُولُ اللهِ». أخرجه مسلم (1).
يتشهد بهذا مرة، وبهذا مرة؛ حفظاً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة.
- ثم يصلي أحياناً سراً على النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ورد، ويتخير
من الدعاء أعجبه إليه.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إِذا قَعَدْتُمْ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ
فَقُولُوا التَّحِيَّاتُ للهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلاَمُ
عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ
عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ
إِلاَّ اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،
وَلْيَتَخَيَّرْ أَحَدُكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ أَعْجَبَهُ إِلَيْهِ
فَلْيَدْعُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ. أخرجه أحمد والنسائي (2).
- ثم إن كانت الصلاة ثلاثية كالمغرب، أو رباعية كالظهر والعصر والعشاء،
فإنه ينهض إلى الركعة الثالثة قائلاً: (الله أكبر).
يقوم معتمداً على يديه على الأرض، ويرفع يديه مع هذا التكبير إلى حذو
منكبيه، أو إلى حذو أذنيه، ويضع يده اليمنى على اليسرى على صدره كما سبق.
ثم يقرأ الفاتحة، ثم يركع ويسجد كما سبق، ثم يجلس بعد إتمام الركعة
الثالثة من المغرب للتشهد الأخير متوركاً.
- وإن كانت الصلاة رباعية: فإذا أراد القيام إلى الركعة الرابعة قال: (الله
أكبر).
ثم يستوي قاعداً لجلسة الاستراحة على رجله اليسرى معتدلاً حتى يرجع كل عظم
إلى موضعه، ثم يقوم معتمداً على الأرض بيديه حتى يستوي قائماً،
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (403).
(2) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (4160) , وأخرجه النسائي برقم (1163).
(2/463)
ويقرأ في كلٍ من الركعة الثالثة من المغرب،
والأخيرتين من الظهر والعصر والعشاء بفاتحة الكتاب.
- ثم يجلس للتشهد الأخير، وذلك بعد الثالثة من المغرب، والرابعة من الظهر
والعصر والعشاء متوركاً بإحدى الصفات التالية:
الأولى: أن ينصب الرجل اليمنى، ويفرش الرجل اليسرى، ويخرجها من تحت فخذه
اليمنى وساقه، ويقعد مقعدته على الأرض. أخرجه البخاري (1).
الثانية: أن يُفضي بوركه اليسرى إلى الأرض، ويخرج قدميه من ناحية واحدة.
أخرجه أبو داود (2).
الثالثة: أن يفرش اليمنى، ويدخل اليسرى بين فخذ وساق الرجل اليمنى. أخرجه
مسلم (3).
يفعل هذا مرة، ويفعل هذا مرة؛ إحياءً للسنة، وحفظاً لها بوجوهها المتنوعة.
- ثم يقرأ التشهد فيقول: «التحيات ... » كما سبق سراً.
- ثم يصلي سراً على النبي - صلى الله عليه وسلم - بما ورد من الصيغ، ومنها:
1 - «الَّلهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا
صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ
مَجِيدٌ، الَّلهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا
بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ
مَجِيدٌ». متفق عليه (4).
2 - أو يقول: «اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أزْوَاجِهِ
وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (828).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (731).
(3) أخرجه مسلم برقم (579).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3370) , واللفظ له، ومسلم برقم (406).
(2/464)
آلِ إِبْرَاهِيمَ. وَبَارِكْ عَلَى
مُحَمَّدٍ وَعَلَى أزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ
إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». متفق عليه (1).
يقول هذا مرة، وهذا مرة؛ إحياءً للسنة، وحفظاً لها بوجوهها المشروعة.
ثم يقول: «اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ، وَمِنْ
عَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ، وَمِنْ شَرِّ
فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ». أخرجه مسلم (2).
- ثم يتخير مما ورد من الأدعية في الصلاة أعجبه إليه فيدعو به سراً، ومنه:
1 - «اللَّهُمَّ إِنِّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الجُبْنِ، وَأعُوذُ بِكَ أنْ
أرَدَّ إِلَى أرْذَلِ العُمُرِ، وَأعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا،
وَأعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ». أخرجه البخاري (3).
2 - «اللَّهُمَّ بعِلْمِكَ الغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الخَلْقِ أَحْيِنِي
مَا عَلِمْتَ الحَيَاةَ خَيْراً لِي وَتَوَفَّنِي إِذا عَلِمْتَ الوَفَاةَ
خَيْراً لِي، اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الغَيْب
وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الحَقِّ فِي الرِّضَا وَالغَضَب،
وَأَسْأَلُكَ القَصْدَ فِي الفَقْرِ وَالغِنَى، وَأَسْأَلُكَ نَعِيماً لاَ
يَنْفَدُ، وَأَسْأَلُكَ قُرَّةَ عَيْنٍ لاَ تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ
الرِّضَى بَعْدَ القَضَاءِ، وَأَسْأَلُكَ بَرْدَ العَيْشِ بَعْدَ المَوْتِ،
وَأَسْأَلُكَ لَذةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ
فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلاَ فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ
زَيِّنَّا
بزِينَةِ الإيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ». أخرجه النسائي (4).
3 - «اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ
عِبَادَتِكَ». أخرجه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود (5).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6360) , ومسلم برقم (407)، واللفظ له.
(2) أخرجه مسلم برقم (588).
(3) أخرجه البخاري برقم (2822).
(4) صحيح/ أخرجه النسائي برقم (1305).
(5) صحيح/ أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (771) , وأبو داود برقم
(1522).
(2/465)
4 - «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ يَا
اللهُ الأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ
يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ، أَنْ تَغْفِرَ لِي ذنُوبي إِنَّكَ أَنْتَ
الغَفُورُ الرَّحِيمُ». أخرجه أبو داود والنسائي (1).
5 - «اللَّهُمَّ إنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْماً كَثِيراً، وَلا يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ إلا أنْتَ، فَاغْفِرْ لِي مَغْفِرَةً مِنْ عِنْدِكَ،
وَارْحَمْنِي، إنَّك أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ». متفق عليه (2).
يقول هذا مرة، وهذا مرة؛ إحياءً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المتنوعة.
- ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم:
«اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أخَّرْتُ، وَمَا أسْرَرْتُ
وَمَا أعْلَنْتُ، وَمَا أسْرَفْتُ، وَمَا أنْتَ أعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أنْتَ
المُقَدِّمُ وَأنْتَ المُؤَخِّرُ، لا إِلَهَ إِلا أنْتَ». أخرجه مسلم (3).
- ثم يسلم جهراً عن يمينه قائلاً: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله»
حتى يُرى بياض خده الأيمن .. وعن يساره «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ
الله» حتى يُرى بياض خده الأيسر. أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه (4).
وأحياناً إذا قال عن يمينه: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الله» اقتصر
على قوله عن يساره: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ» أخرجه النسائي (5).
- وإن كانت الصلاة ثنائية فرضاً كانت أو نفلاً جلس للتشهد بعد السجدة
الثانية من الركعة الأخيرة: «جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى، وَنَصَبَ
اليُمْنَى».
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (985) , واللفظ له، والنسائي برقم (1301).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (834) , واللفظ له، ومسلم برقم (2704).
(3) أخرجه مسلم برقم (771).
(4) أخرجه مسلم برقم (582)، وأبو داود برقم (996)، وابن ماجه برقم (914).
(5) صحيح/ أخرجه النسائي برقم (1321).
(2/466)
أخرجه البخاري (1).
- ثم يفعل كما سبق يقرأ التشهد، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -،
ثم يتعوذ، ثم يدعو، ثم يسلم.
والسنة أن يقارب بين الأركان في الطول والقِصَر.
عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: كَانَ رُكُوعُ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - وَسُجُودُهُ، وَبَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَإذَا رَفَعَ
مِنَ الرُّكُوعِ، مَا خَلا القِيَامَ وَالقُعُودَ، قَرِيباً مِنَ
السَّوَاءِ. متفق عليه (2).
- وصفة الصلاة يستوي فيها الرجال والنساء.
فتفعل المرأة في الصلاة كما يفعل الرجل؛ لعموم قوله - صلى الله عليه وسلم
-: «صَلُّوا كَمَا رَأيْتُمُونِي أصَلِّي». أخرجه البخاري (3).
- صفة انصراف الإمام إلى المأمومين:
ينصرف الإمام إلى المأمومين عن يمينه، وتارة عن شماله، وكل ذلك سنة.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم -، إِذَا سَلَّمَ، لَمْ يَقْعُدْ، إِلا مِقْدَارَ مَا
يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ، تَبَارَكْتَ ذَا
الجَلالِ
وَالإكْرَامِ». أخرجه مسلم (4).
2 - وَعَنْ هُلْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - يَؤُمُّنَا فَيَنْصَرِفُ عَلَى جَانِبَيْهِ جَمِيعاً
عَلَى يَمِينِهِ وَعَلَى شِمَالِهِ. أخرجه أبو داود والترمذي (5).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (828).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (792) , واللفظ له، ومسلم برقم (471).
(3) أخرجه البخاري برقم (631).
(4) أخرجه مسلم برقم (592).
(5) حسن صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1041) , والترمذي برقم (301)، وهذا
لفظه.
(2/467)
12 - أذكار أدبار
الصلوات الخمس
- إذا سلم المصلي من صلاة الفريضة يسن له أن يقول ما ثبت عن النبي - صلى
الله عليه وسلم - من الأذكار بعد الصلاة، يجهر بها كل مصل بمفرده، وهي:
- «أسْتَغْفِرُ اللهَ، أسْتَغْفِرُ اللهَ، أسْتَغْفِرُ اللهَ». أخرجه مسلم
(1).
- ثم يقول: «اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ، تَبَارَكْتَ
ذَا الجَلالِ وَالإكْرَامِ». أخرجه مسلم (2).
- «لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ
الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ لا مَانِعَ لِمَا
أعْطَيْتَ، وَلا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ، وَلا يَنْفَعُ ذَا الجَدِّ
مِنْكَ الجَدُّ». متفق عليه (3).
- «لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ
الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا
بِاللهِ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ، وَلا نَعْبُدُ إِلا إِيَّاهُ، لَهُ
النِّعْمَةُ وَلَهُ الفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الحَسَنُ، لا إِلَهَ إِلا
اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الكَافِرُونَ». أخرجه مسلم
(4).
- ثم يقول ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مَنْ سَبَّحَ
اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ
ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، فَتْلِكَ
تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ تَمَامَ المِائَةِ: لا إِلَهَ إِلا اللهُ
وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (591).
(2) أخرجه مسلم برقم (592).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (844) , ومسلم برقم (593).
(4) أخرجه مسلم برقم (594).
(2/468)
الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ، غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ».
أخرجه مسلم (1).
- أو يقول: «سُبْحانَ اللهِ (25) مَرَّة، وَالحَمْدُ للهِ (25) مَرَّة،
وَاللهُ أَكْبَرُ (25) مَرَّة، وَلا إِلَهَ إِلا اللهُ (25) مَرَّة». أخرجه
الترمذي والنسائي (2).
- أو يقول ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «مُعَقِّبَاتٌ
لا يَخِيبُ قَائِلُهُنَّ (أوْ فَاعِلُهُنَّ) دُبُرَ كُلِّ صَلاةٍ
مَكْتُوبَةٍ، ثَلاثٌ وَثَلاثُونَ تَسْبِيحَةً، وَثَلاثٌ وَثَلاثُونَ
تَحْمِيدَةً، وَأرْبَعٌ وَثَلاثُونَ تَكْبِيرَةً». أخرجه مسلم (3).
- أو يقول ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «الصَّلَوَاتُ
الخَمْسُ يُسَبحُ أَحَدُكُمْ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ عَشْراً وَيَحْمَدُ
عَشْراً وَيُكَبرُ عَشْراً فَهِيَ خَمْسُونَ وَمِائَةٌ فِي اللِّسَانِ
وَأَلْفٌ وَخَمْسُ مِائَةٍ فِي المِيزَانِ». أخرجه الترمذي والنسائي (4).
- والسنة أن يعقد التسبيح بأصابع يديه أو أناملهما.
عَن يُسَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَكَانَتْ مِنَ المُهَاجِرَاتِ،
قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «عَلَيْكُنَّ
بالتَّسْبيحِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّقْدِيسِ وَاعْقِدْنَ بالأَنَامِلِ
فَإِنَّهُنَّ مَسْئُولاَتٌ مُسْتَنْطَقَاتٌ وَلاَ تَغْفُلْنَ فَتَنْسَيْنَ
الرَّحْمَةَ». أخرجه أبو داود والترمذي (5).
- قراءة المعوذتين دبر كل صلاة: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} و {قُلْ
أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}. أخرجه أبو داود والترمذي (6).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (597).
(2) حسن صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (3413) , والنسائي برقم (1351).
(3) أخرجه مسلم برقم (596).
(4) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (481) , والنسائي برقم (1348)، وهذا لفظه.
(5) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (1501) , والترمذي برقم (3583)، وهذا لفظه.
(6) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1523) , والترمذي برقم (2903).
(2/469)
- قراءة آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ
إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ
مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ
عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا
خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا
وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255)} [البقرة:255].
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ قَرَأَ آيَةَ الكُرْسِيِّ فِي
دُبُرِ كلِّ صَلاةٍ مَكْتُوبَةٍ، لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ دُخُولِ الجَنَّةِ
إِلَّا أَنْ يَمُوتَ». أخرجه النسائي في «الكبرى» والطبراني (1).
- فضل القعود للذكر بعد الصبح والعصر:
1 - عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قالَ: قُلْتُ لِجَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ:
أكُنْتَ تُجَالِسُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: نَعَمْ،
كَثِيراً، كَانَ لا يَقُومُ مِنْ مُصَلاهُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ
الصُّبْحَ أوِ الغَدَاةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، فَإِذَا طَلَعَتِ
الشَّمْسُ قَامَ، وَكَانُوا يَتَحَدَّثُونَ، فَيَأْخُذُونَ فِي أمْرِ
الجَاهِلِيَّةِ، فَيَضْحَكُونَ وَيَتَبَسَّمُ. أخرجه مسلم (2).
2 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ -
صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى الفَجْرَ جَلَسَ فِي مُصَلاهُ
حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَسَناً. أخرجه مسلم (3).
3 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لأَنْ أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذكُرُونَ
اللهَ تَعَالَى مِنْ صَلاَةِ الغَدَاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَحَبُّ
إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَةً مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَلأَنْ
أَقْعُدَ مَعَ قَوْمٍ يَذكُرُونَ اللهَ مِنْ صَلاَةِ العَصْرِ إِلَى أَنْ
تَغْرُبَ الشَّمْسُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُعْتِقَ أَرْبَعَةً». أخرجه
أبو داود (4).
_________
(1) صحيح/ أخرجه النسائي في الكبرى برقم (9928)، وأخرجه الطبراني في الكبير
(8/ 114).
(2) أخرجه مسلم برقم (670).
(3) أخرجه مسلم برقم (670).
(4) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (3667) , انظر السلسلة الصحيحة رقم (2916).
(2/470)
13 - أقسام السجود
- جوابر الصلاة:
للصلاة ثلاثة جوابر:
1 - الذكر والاستغفار بعد السلام.
2 - السنن الراتبة والنوافل.
3 - سجود السهو.
- أقسام السجود المشروع:
ينقسم السجود المشروع إلى أربعة أقسام:
1 - سجود السهو.
2 - سجود التلاوة.
3 - سجود الشكر.
4 - السجود في الصلاة كما سبق.
1 - سجود السهو
- سجود السهو: هو سجدتان عند حدوث السهو في الفريضة أو النافلة، يؤتى بهما
من جلوس، يسلم بعدهما ولا يتشهد، وتسن إطالتهما.
- أسباب سجود السهو:
أسباب سجود السهو في الصلاة ثلاثة:
الزيادة .. أو النقص .. أو الشك.
(2/471)
- حكمة مشروعية سجود السهو:
خلق الله الإنسان عرضة للغفلة والنسيان، والصلاة أعظم مقامات العبد بين يدي
ربه، والشيطان حريص على إفساد هذه الصلاة التي يناجي فيها العبد ربه إما
بزيادة، أو نقص، أو شك، أو وسوسة.
وقد شرع الله عز وجل سجود السهو إرغاماً للشيطان، وجبراً للنقصان، وإرضاء
للرحمن.
- ما يقول في سجود السهو:
يقال في سجود السهو ما يقال في سجود الصلاة من الذكر والدعاء.
- حالات سجود السهو:
السهو في الصلاة وقع من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه مقتضى الطبيعة
البشرية، ويقع من كل إنسان في الفريضة والنافلة.
وسجود السهود في الصلاة له أربع حالات:
1 - الأولى: إذا زاد المصلي فعلاً من جنس الصلاة سهواً كقيام، أو ركوع، أو
سجود، كأن يركع مرتين، أو يقوم في محل القعود، أو يصلي الرباعية خمس ركعات
ونحو ذلك.
فيجب عليه هنا أن يسجد سجود السهو للزيادة بعد السلام، سواء ذكر ذلك قبل
السلام أو بعده.
عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ مسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: صَلَّى
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ خَمْساً، فَقَالُوا: أزِيدَ
فِي الصَّلاةِ؟ قال: «وَمَا ذَاكَ». قَالُوا: صَلَّيْتَ خَمْساً، فَثَنَى
(2/472)
رِجْلَيْهِ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ. متفق
عليه (1).
2 - الثانية: إذا نقص المصلي ركناً من أركان الصلاة.
فإن ذكره قبل أن يصل إلى محله من الركعة التي بعده وجب عليه الرجوع ليأتي
به وبما بعده، وإن ذكره بعد أن وصل إلى محله فإنه لا يرجع، وتبطل الركعة
هذه، وإن ذكره بعد السلام أتى به وبما بعده فقط ويسجد للسهو بعد السلام،
وإن سلم عن نقص كمن صلى ثلاثاً أو اثنتين من الرباعية ثم سلم، ثم نُبِّه،
فإنه يقوم بدون تكبير بنية الصلاة، ثم يأتي بالركعة الناقصة، ثم يتشهد
ويسلم، ثم يسجد للسهو.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: صَلَّى النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم - الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ، فَقِيلَ: صَلَّيْتَ
رَكْعَتَيْنِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، ثُمَّ سَجَدَ
سَجْدَتَيْنِ. متفق عليه (2).
3 - الثالثة: إذا نقص المصلي واجباً من واجبات الصلاة.
مثل أن ينسى التشهد الأول فيقوم، فحينئذٍ يسقط عنه التشهد، ويجب عليه سجود
السهو قبل السلام.
عَنْ عَبْدِاللهِ بن بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - صَلَّى بِهِمُ الظُّهْرَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ
الأُولَيَيْنِ، لَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، حَتَّى إذَا قَضَى
الصَّلاةَ، وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ، كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ،
فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ. متفق عليه
(3).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (404) , واللفظ له، ومسلم برقم (572).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (715) , واللفظ له، ومسلم برقم (573).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (829) , واللفظ له، ومسلم برقم (570).
(2/473)
4 - الرابعة: إذا شك المصلي في عدد
الركعات.
هل صلى ثلاثاً ... أم صلى أربعاً .. فيأخذ بالأقل، ويتم ما نقص، ويسجد
للسهو قبل السلام.
فإن غلب على ظنه الإتمام عمل به، وسجد للسهو بعد السلام.
عَنْ عَلْقَمَةَ قالَ: قَالَ عَبْدُاللهِ: صَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ إِبْرَاهِيمُ: لا أدْرِي - زَادَ أوْ نَقَصَ -، فَلَمَّا
سَلَّمَ قِيلَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أحَدَثَ فِي الصَّلاةِ شَيْءٌ؟
قال: «وَمَا ذَاكَ». قَالُوا: صَلَّيْتَ كَذَا وَكَذَا، فَثَنَى
رِجْلَيْهِ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ
سَلَّمَ، فَلَمَّا أقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ قال: «إنَّهُ لَوْ حَدَثَ
فِي الصَّلاةِ شَيْءٌ لَنَبَّأْتُكُمْ بِهِ، وَلَكِنْ إنَّمَا أنَا بَشَرٌ
مِثْلُكُمْ، أنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ، فَإذَا نَسِيتُ فَذَكِّرُونِي،
وَإذَا شَكَّ أحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ، فَلْيَتَحَرَّ الصَّوَابَ
فَلْيُتِمَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ، ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ».
متفق عليه (1).
- مواضع سجود السهو بعد السلام ثلاثة:
1 - إذا خرج من الصلاة قبل إتمامها، وإذا زاد ركعة ولم يعلم بها حتى سلم،
وإذا شك في صلاته أتم ثم سلم ثم سجد للسهو.
2 - إذا سلم سهواً قبل تمام الصلاة وذكر قريباً أتمها وسلم، ثم سجد للسهو،
وإن نسي سجود السهو ثم سلم وفعل ما ينافي الصلاة من كلام وغيره سجد للسهو
ثم سلم.
3 - إن لزمه سجودان قبل السلام وبعد السلام سجد لهما قبل السلام.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (401) , واللفظ له، ومسلم برقم (572).
(2/474)
- متى يسجد المسبوق للسهو:
المأموم يسجد للسهو تبعاً لإمامه.
فإن كان المأموم مسبوقاً، وسجد الإمام بعد السلام، فلا يسلم معه؛ لأنه لو
سلم لبطلت صلاته، ولكن إن كان سهو الإمام فيما أدرك معه من الصلاة وجب عليه
أن يسجد بعد السلام، وإن كان سهو الإمام قبل أن يدخل معه فلا سجود عليه
للسهو.
2 - سجود التلاوة
- سجود التلاوة سجدة واحدة في الصلاة وخارجها.
- حكم سجود التلاوة:
1 - سجود التلاوة سنة في الصلاة وخارجها، ويسن للقارئ والمستمع، فإن كان في
الصلاة كبر إذا سجد وإذا رفع، وإن كان خارج الصلاة سجد بلا قيام ولا تكبير،
ولا تشهد ولا تسليم.
2 - يسن سجود التلاوة على طهارة، ويجوز للمحدث والحائض والنفساء السجود
للتلاوة لمن مرّ بآية سجدة، أو استمع إليها.
3 - إذا سجد الإمام في الصلاة للتلاوة لزم المأموم متابعته، سواء كان
السجود في صلاة جهرية أو سرية، ويقول في سجود التلاوة ما يقال في سجود
الصلاة من الدعاء.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه
وسلم - كَانَ يَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَقْرَأُ سُورَةً فِيهَا سَجْدَةٌ،
فَيَسْجُدُ وَنَسْجُدُ مَعَهُ، حَتَّى مَا يَجِدُ بَعْضُنَا مَوْضِعاً
لِمَكَانِ جَبْهَتِهِ. متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1075) , ومسلم برقم (575)، واللفظ له.
(2/475)
- فضل سجود التلاوة:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «إذَا قَرَأ ابْنُ آدَمَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ،
اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي، يَقُولُ: يَا وَيْلَهُ، (وَفِي رِوَايَةِ
أبِي كُرَيْبٍ: يَا وَيْلِي)، أُمِرَ ابْنُ آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ
فَلَهُ الجَنَّةُ، وَأمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأبَيْتُ فَلِيَ النَّارُ».
أخرجه مسلم (1).
- عدد السجدات في القرآن:
في القرآن خمس عشرة سجدة، وهي:
في سورة الأعراف، والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم، وفي الحج سجدتان،
والفرقان، والنمل، والسجدة، وص، وفصلت، والنجم، والانشقاق، والعلق.
- آيات السجود في القرآن نوعان:
1 - إما خبر من الله عن سجود مخلوقاته العظيمة له عموماً وخصوصاً، فيسن
للتالي والمستمع أن يتشبه بهم.
2 - وإما آيات تأمر الإنسان بالسجود لله سبحانه، فيبادر لطاعة أمر ربه عز
وجل.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (81).
(2/476)
3 - سجود الشكر
سجود الشكر سجدة واحدة بلا تكبير ولا تسليم.
ومحل سجود الشكر خارج الصلاة، ويسجد حسب حاله قائماً، أو قاعداً، طاهراً أو
محدثاً، والطهارة أفضل.
- متى يشرع سجود الشكر:
1 - يسن سجود الشكر عند تجدد النعم كمن بُشِّر بهداية أحد، أو إسلامه، أو
بنصر المسلمين، أو بُشِّر بمولود ونحو ذلك.
2 - ويسن سجود الشكر عند اندفاع النقم كمن نجا من غرق، أو حرق، أو قتل، أو
مهلكة، أو لصوص ونحو ذلك.
عَنْ أَبي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه
وسلم - كَانَ إِذا أَتَاهُ أَمْرٌ يَسُرُّهُ أَوْ بُشِّرَ بهِ خَرَّ
سَاجِداً شُكْراً للهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. أخرجه أبو داود وابن ماجه
(1).
_________
(1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (2774) , وابن ماجه برقم (1394)، واللفظ له.
(2/477)
14 - أحكام المصلين
- أحكام الإمام .. أحكام المأموم .. أحكام المنفرد.
- صفة وضع اليدين حال القيام في الصلاة:
أحوال وضع اليدين حال القيام في الصلاة ثلاث:
1 - أن يقبض بيده اليمنى يده اليسرى من عند الكوع.
2 - أن يضع اليد اليمنى على الذراع اليسرى بلا قبض.
3 - أن يضع كف اليد اليمنى على كف اليسرى والرسغ والساعد بلا قبض.
يفعل هذا مرة، وهذا مرة، وكلٌّ سنة.
- مواضع السكوت في الصلاة:
المصلي له سكتتان في الصلاة:
الأولى: بعد تكبيرة الإحرام من أجل دعاء الاستفتاح.
الثانية: بعد الفراغ من القراءة كلها قبل الركوع بقدر ما يتراد إليه نفسه.
- أين يصلي المسلم؟:
يجب أن يصلي المسلم الصلوات الخمس في المسجد، ويسن أن يصلي النوافل في
البيت، ما عدا ما تشرع له الجماعة كالتراويح، والكسوف ونحوهما فيصليها
جماعة في المسجد.
وتجوز الصلاة في أي مكان طاهر من الأرض إلا المقبرة والحمام.
وتجوز الصلاة في البِيَع والكنائس إن لم يكن فيها صور ذي روح.
(2/478)
عَنْ جَابِر بن عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُمَا أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أعْطِيتُ
خَمْساً، لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ
شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً، فَأيُّمَا رَجُلٍ
مِنْ أمَّتِي أدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأحِلَّتْ لِيَ
المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وَأعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ،
وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إلَى
النَّاسِ عَامَّةً». متفق عليه (1).
- ما يفعله من يريد أن يصلي:
السنة أن يتوضأ المسلم إذا أراد الصلاة، ويلبس أحسن ثيابه، ويتطيب، وعليه
أن يجتنب الروائح التي تؤذي المصلين كالثوم، والبصل النيّئ ونحوهما
كالدخان.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ -
صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ أَكَلَ البَصَلَ وَالثُّومَ
وَالكُرَّاثَ فَلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ المَلائِكَةَ
تَتَأذَّى مِمَّا يَتَأذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ». متفق عليه (2).
- حكم تحية المسجد:
يجب على من دخل المسجد أن يصلي ركعتين قبل أن يجلس.
عَنْ أبِي قَتَادَةَ السّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ
فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يَجْلِسَ». متفق عليه (3).
- حكم اتخاذ السترة:
يسن للإمام والمنفرد أن يصلي إلى سترة قائمة كجدار، أو عامود، أو صخرة،
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (335) , واللفظ له، ومسلم برقم (521).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (854) , ومسلم برقم (564)، واللفظ له.
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (444) , واللفظ له، ومسلم برقم (714).
(2/479)
أو عصىً، أو حربة ونحو ذلك، رجلاً كان أو
امرأة، في الحضر والسفر، وفي الفريضة والنافلة، أما المأموم فالإمام سترة
له، وسترة الإمام سترة لمن خلفه.
والسنة أن يجعل المصلي بينه وبين السترة قدر ممر شاة، ويدنو من السترة؛
لئلا يمر الشيطان بينه وبينها.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - كَانَ إذَا خَرَجَ يَوْمَ العِيدِ، أمَرَ بِالحَرْبَةِ
فَتُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَيُصَلِّي إلَيْهَا وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ،
وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السَّفَرِ، فَمِنْ ثَمَّ اتَّخَذَهَا
الأُمَرَاءُ. متفق عليه (1).
- ما يُمنع من المرور بين يدي المصلي:
يَمنع المصلي المار بينه وبين السترة، سواء كان إنساناً، أو حيواناً،
صغيراً أو كبيراً، رجلاً أو امرأة.
- حكم المرور بين يدي المصلي:
1 - يحرم المرور بين المصلي وسترته، وعلى المصلي رد المار في مكة وغيرها،
فإن غلبه فالإثم على المارّ، وصلاته لا تنقص إن شاء الله.
1 - عن أَبِي جُهَيْمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ يَعْلَمُ المَارُّ بَيْنَ يَدَيِ المُصَلِّي
مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أنْ يَقِفَ أرْبَعِينَ خَيْراً لَهُ مِنْ أنْ
يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْه». قال أبُو النَّضْرِ: لا أدْرِي، أقَالَ
أرْبَعِينَ يَوْماً، أوْ شَهْراً، أوْ سَنَةً. متفق عليه (2).
2 - وَعَنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إذَا صَلَّى أحَدُكُمْ إلَى
شَيْءٍ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ، فَأرَادَ أحَدٌ أنْ يَجْتَازَ بَيْنَ
يَدَيْهِ،
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (494) , واللفظ له، ومسلم برقم (501).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (510) , واللفظ له، ومسلم برقم (507).
(2/480)
فَلْيَدْفَعْهُ، فَإنْ أبَى
فَلْيُقَاتِلْهُ، فَإنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ». متفق عليه (1).
2 - صلاة الإمام والمنفرد تبطل بمرور المرأة، والحمار، والكلب الأسود إن لم
يكن سترة.
فإن مر أحد هؤلاء أمام المأموم فلا تبطل صلاة الإمام ولا المأموم.
عَنْ أبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم -: «إِذَا قَامَ أحَدُكُمْ يُصَلِّي، فَإِنَّهُ يَسْتُرُهُ إِذَا
كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ
بَيْنَ يَدَيْهِ مِثْلُ آخِرَةِ الرَّحْلِ، فَإِنَّهُ يَقْطَعُ صَلاتَهُ
الحِمَارُ وَالمَرْأةُ وَالكَلْبُ الأَسْوَدُ». أخرجه مسلم (2).
- حالات المرور بين يدي المصلي أربع:
الأولى: إذا صلى الإنسان لغير سترة، أو صلى لسترة ولم يدفع المار، فهنا
يأثم المار والمصلي.
الثانية: إذا مر المار بين يدي المصلي فدفعه المصلي، ولكنه أبى ومر، فهنا
يأثم المار فقط.
الثالثة: إذا مر أعمى فتساهل معه، وجعله يمر، فهنا يأثم المصلي دون المار.
الرابعة: أن يصلي الإنسان ولا يعلم بمن مر بين يديه، ولا يعلم المار أنه
مر، فهنا لا يأثم المصلي ولا المار.
- فضل الصلاة في المسجد الحرام:
مضاعفة الأجر في المسجد الحرام خاص بالصلوات فقط، الفرائض
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (509) , واللفظ له، ومسلم برقم (505).
(2) أخرجه مسلم برقم (510).
(2/481)
والنوافل، والجنازة، وكل ما يسمى صلاة،
والمضاعفة شاملة لكل صلاة في الحرم، ومسجد الكعبة أفضل؛ لفضل البقعة
والجماعة، ولا تشمل المضاعفة الصدقة، ولا الزكاة، ولا الصيام، ولا غيرها.
عَنْ جَابرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم
- قَالَ: «صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا
سِوَاهُ إِلاَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ وَصَلاَةٌ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ
أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ». أخرجه أحمد وابن
ماجه (1).
- فضل الصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم -:
الصلاة في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بألف صلاة فيما سواه
إلا المسجد الحرام، وأما بقية مساجد المدينة فكغيرها من المساجد كل صلاة
بعشر.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ
صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلاَّ المَسْجِدَ الحَرَامَ». متفق عليه (2).
- حكم الجهر بالقراءة في الصلاة:
الصلوات بالنسبة للجهر والإسرار بالقراءة ثلاثة أنواع:
1 - صلوات تشرع فيها القراءة جهراً كلها كصلاة الفجر، والجمعة، والعيد،
والتراويح، والاستسقاء، والكسوف.
2 - صلوات تشرع فيها القراءة سراً كلها كصلاة الظهر، والعصر، والنوافل.
3 - صلوات تشرع فيها القراءة سراً وجهراً: على النصف كصلاة العشاء، أو
الثلث سراً والباقي جهراً كالمغرب.
_________
(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (14750) , وابن ماجه برقم (1406)، وهذا لفظه.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1190) , واللفظ له، ومسلم برقم (1394).
(2/482)
- حكم وصل الصلاة بالصلاة:
وصل الصلاة بالصلاة له ثلاث حالات:
1 - وصل الفريضة بالفريضة، والفاصل السلام والإقامة، فهذا مشروع فقط عند
الجمع بينهما في الحضر أو السفر.
2 - وصل الفريضة بالنافلة بعد السلام بلا فاصل من ذكر أو خروج أو انتقال،
فهذا منهي عنه.
3 - وصل النافلة بالنافلة، والفاصل السلام، فهذا مشروع كصلاة التراويح،
والتهجد، والنوافل المطلقة.
- حكم صلاة المسبل:
الإسبال: هو إطالة اللباس أسفل من الكعبين.
ويكون الإسبال في الثوب، والإزار، والسروال، والعباءة ونحو ذلك.
وصلاة المسبل صحيحة مع الإثم.
والإسبال له ثلاث حالات:
إن كان خيلاء فلا ينظر الله إليه .. أن لا يكون خيلاء فهذا في النار .. أن
يتعاهد إزاره، وإذا نزل بغير قصد فلا إثم عليه.
1 - عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلاَ يَنْظُرُ
إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ» قَالَ: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ
مِرَاراً قَالَ أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ
اللهِ؟ قَالَ: «المُسْبِلُ وَالمَنَّانُ وَالمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ
بِالحَلْفِ الكَاذِبِ». أخرجه مسلم (1).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (106).
(2/483)
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا أسْفَلَ مِنَ
الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ». أخرجه البخاري (1).
3 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: قالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاءَ،
لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ». فَقال أبُو بَكْرٍ:
إِنَّ أحَدَ شِقَّيْ ثَوْبِي يَسْتَرْخِي، إِلا أنْ أتَعَاهَدَ ذَلِكَ
مِنْهُ؟ فَقال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّكَ لَسْتَ
تَصْنَعُ ذَلِكَ خُيَلاءَ». متفق عليه (2).
- حكم تكليم من يصلي:
المصلي يناجي ربه، فلا يجوز تكليمه إلا لحاجة.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: بَيْنَا
النَّاسُ بِقُبَاءٍ فِي صَلاةِ الصُّبْحِ، إذْ جَاءَهُمْ آتٍ فَقَالَ: إنَّ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ اللَّيْلَةَ
قُرْآنٌ، وَقَدْ أُمِرَ أنْ يَسْتَقْبِلَ الكَعْبَةَ، فَاسْتَقْبِلُوهَا،
وَكَانَتْ وُجُوهُهُمْ إلَى الشَّامِ، فَاسْتَدَارُوا إلَى الكَعْبَةِ.
متفق عليه (3).
- حكم من غلب عليه الوسواس:
يجب على المصلي أن يُحضر فكره وعقله في صلاته، ومن غلب عليه الوسواس في
صلاته فلا إعادة عليه، وتبرأ ذمته بها، لكن لا أجر له إلا بقدر حضور قلبه،
ولهذا شُرعت السنن الرواتب جبراً لما يحصل من النقص في الفرائض.
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (5787).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3665) , واللفظ له، ومسلم برقم (2085).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (403) , واللفظ له، ومسلم برقم (526).
(2/484)
- حكم السجود على حائل:
السجود على حائل له ثلاث صفات:
1 - أن يسجد المصلي على منفصل كالفراش والخمرة، فهذا مباح.
2 - أن يسجد على متصل كالرداء والغترة، فهذا مكروه إلا عند الحاجة فيجوز.
3 - أن يسجد على أحد أعضائه كالكفين فلا يصح سجوده.
- حكم الاستلقاء في المسجد:
عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ عَمِّهِ، أنَّهُ رَأى
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسْتَلْقِياً فِي المَسْجِدِ،
وَاضِعاً إحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى. متفق عليه (1).
- حكم النوم في المسجد:
النوم في المسجد أحياناً للمحتاج كالغريب والفقير الذي لا سكن له جائز،
وأما اتخاذ المسجد مبيتاً ومقيلاً فهو منهي عنه، إلا لمعتكف ومستريح
ونحوهما.
عَنْ عَبْداللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّهُ كَانَ يَنَامُ،
وَهُوَ شَابٌّ أعْزَبُ لا أهْلَ لَهُ، فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم -. متفق عليه (2).
- حكم اتخاذ القبور مساجد:
يحرم اتخاذ القبور مساجد، ولا تصح الصلاة إليها ولا عندها.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قال رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: «لَعَنَ اللهُ
اليَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ».
قَالَتْ:
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (475) , واللفظ له، ومسلم برقم (2100).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (440) , واللفظ له، ومسلم برقم (2479).
(2/485)
فَلَوْلا ذَاكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ
أنَّهُ خُشِيَ أنْ يُتَّخَذَ مَسْجِداً. متفق عليه (1).
- حكم حجز مكان في المسجد:
السنة أن يسبق الرجل بنفسه إلى المسجد والصف الأول، فإذا قَدَّم المفروش من
سجادة ونحوها وتأخر هو فقد خالف الشريعة من جهتين:
من جهة تأخره، وهو مأمور بالتقدم، ومن جهة غصبه لطائفة من المسجد، ومنعه
غيره من السابقين أن يصلوا فيه، ومن فرش في المسجد وتأخر من غير عذر، فلمن
سبق إليه أن يرفع ذلك ويصلي في مكانه، ولا إثم عليه.
- حكم من خرج من المسجد لضرورة ثم عاد:
مَنْ خرج من المسجد لضرورة من وضوء، وقضاء حاجة ونحوهما فله أن يضع في
مكانه عصاً أو سجادة ونحوهما حتى يرجع، وإذا رجع فهو أحق بمكانه، وله أن
يقيم من قعد فيه، وعلى القاعد أن يطيعه.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمّ رَجَعَ إِلَيْهِ،
فَهُوَ أَحَقّ بِهِ». أخرجه مسلم (2).
- حكم الخروج من المسجد بعد الأذان:
عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ: كُنَّا قُعُوداً فِي المَسْجِدِ مَعَ أَبِي
هُرَيْرَةَ، فَأذَّنَ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ المَسْجِدِ
يَمْشِي، فَأتْبَعَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ بَصَرَهُ حَتَّى خَرَجَ مِنَ
المَسْجِدِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: أمَّا هَذَا فَقَدْ عَصَى أبَا
القَاسِمِ - صلى الله عليه وسلم -. أخرجه مسلم (3).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1330) , واللفظ له، ومسلم برقم (529)،
واللفظ له.
(2) أخرجه مسلم برقم (2179).
(3) أخرجه مسلم برقم (655).
(2/486)
- حكم إنشاد الضالة في المسجد:
لا يجوز إنشاد الضوال في المساجد؛ لأن المساجد لم تبن لهذا.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قال رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «مَنْ سَمِعَ رَجُلاً يَنْشُدُ ضَالَّةً فِي المَسْجِدِ،
فَلْيَقُلْ: لا رَدَّهَا اللهُ عَلَيْكَ، فَإِنَّ المَسَاجِدَ لَمْ تُبْنَ
لِهَذَا». أخرجه مسلم (1).
- حكم إقامة الإنسان من مكانه والجلوس فيه:
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النّبِيّ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَ: «لاَ يُقِيمُ الرّجُلُ الرّجُلَ مِنْ مَقْعَدِهِ ثُمّ
يَجْلِسُ فِيهِ، وَلََكِنْ تَفَسّحُوا وَتَوَسّعُوا». أخرجه مسلم (2).
- كيف ينصرف من أحدث في الصلاة:
إذا أحدث المصلي أثناء الصلاة، أو تذكر أنه على حدث، انصرف بقلبه وبدنه،
ولا حاجة أن يسلم عن يمينه وعن شماله.
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِذا
أَحْدَثَ أَحَدُكُمْ فِي صَلاَتِهِ فَلْيَأْخُذْ بِأَنْفِهِ ثمَّ
لِيَنْصَرِفْ». أخرجه أبو داود وابن ماجه (3).
- حكم السَّمر بعد صلاة العشاء:
السمر بعد صلاة العشاء مكروه، ويستثنى من ذلك:
من كان في صلاة، أو سفر .. تعلم وتعليم الفقه والخير .. ومن كان مع الضيف
والأهل .. ومن كان في حوائج المسلمين ومصالح الدين.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (568).
(2) أخرجه مسلم برقم (2177).
(3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1114) واللفظ له, وابن ماجه برقم (1222).
(2/487)
عَنْ أبِي بَرْزَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ
قَبْلَ العِشَاءِ، وَالحَدِيثَ بَعْدَهَا. متفق عليه (1).
- حكم من خرج فوجد الناس قد صلوا:
من حبسه عذر، وخرج إلى المسجد يريد الصلاة، فوجد الناس قد صلوا، فله مثل
أجر من صلاها وحضرها.
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ ثمَّ رَاحَ
فَوَجَدَ النَّاسَ قَدْ صَلَّوْا أَعْطَاهُ اللهُ جَلَّ وَعَزَّ مِثلَ
أَجْرِ مَنْ صَلاَّهَا وَحَضَرَهَا لاَ يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أَجْرِهِمْ
شَيْئاً». أخرجه أبو داود والنسائي (2).
- حكم الحدث في المسجد:
يباح الحدث في المسجد ما لم يؤذ أحداً، والحدث إخراج الريح من الدبر.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَى أحَدِكُمْ، مَا دَامَ فِي
مُصَلاهُ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ». متفق عليه (3).
- حكم رفع البصر إلى السماء في الصلاة:
عَنْ أنَس بن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم -: «مَا بَالُ أقْوَامٍ، يَرْفَعُونَ أبْصَارَهُمْ إلَى
السَّمَاءِ فِي صَلاتِهِمْ». فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ، حَتَّى قال:
«لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ، أوْ لَتُخْطَفَنَّ أبْصَارُهُمْ». أخرجه
البخاري (4).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (568) , واللفظ له، ومسلم برقم (461).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (564) , وهذا لفظه، والنسائي برقم (855).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (445) , واللفظ له، ومسلم برقم (272)
(649) كتاب المساجد.
(4) أخرجه البخاري برقم (750).
(2/488)
- عدم قراءة القرآن في الركوع والسجود:
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - السِّتَارَةَ، وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أبِي بَكْرٍ،
فَقَالَ: «أيُّهَا النَّاسُ إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ
النُّبُوَّةِ إِلا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا المُسْلِمُ، أوْ تُرَى
لَهُ، ألا وَإِنِّي نُهِيتُ أنْ أقْرَأ القُرْآنَ رَاكِعاً أوْ سَاجِداً،
فَأمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأمَّا
السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أنْ يُسْتَجَابَ
لَكُمْ». أخرجه مسلم (1).
- حكم جهر المصلين بالقراءة:
المصلون بالنسبة للجهر في القراءة في الصلاة ثلاثة:
1 - الإمام: السنة أن يجهر في مواضع الجهر، ويسر في مواضع الإسرار.
2 - المأموم: لا يجهر بشيء في صلاته.
3 - المنفرد: يسر في السرية، وهو مخير في الجهرية بين الجهر والإسرار.
والأفضل أن يفعل الأصلح لقلبه، بشرط أن لا يؤذي أحداً إذا جهر.
ولا بأس للإمام أن يجهر في الصلاة السرية أحياناً بالآية ونحوها.
ولا بأس للمأموم أن يجهر أحياناً بشيء من الذكر كدعاء الاستفتاح، وعند رفع
الرأس من الركوع ونحو ذلك.
ويستحب للمصلي أن يستعيذ سراً لكل قراءة في كل ركعة.
- حكم من طرأ عليه أحد الأخبثين في الصلاة:
إذا طرأ على المصلي أحد الأخبثين من بول أو غائط فله حالتان:
1 - أن يكون شديداً يشغله عن الخشوع في الصلاة، فيجب قطع الصلاة؛ لأن لب
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (479).
(2/489)
الصلاة الخشوع، وهو متعذر في هذه الحال،
ولو أتمها فصلاته غير صحيحة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لاَ صَلاَةَ بِحَضْرَةِ الطَّعَامِ وَلاَ
وَهُوَ يُدَافِعُهُ الأَخْبَثَانِ». أخرجه مسلم (1).
2 - أن يكون يسيراً لا يشغله عن الخشوع، فهذا يتم صلاته.
- وإليك أحكام الإمام .. والمأموم .. والمنفرد.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (560).
(2/490)
1 - أحكام الإمام
- فضل الإمامة:
الإمامة فضلها عظيم، ولأهميتها تولاها النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفسه،
وخلفاؤه الراشدون ... -رضي الله عنهم- من بعده.
والإمام عليه مسؤلية كبرى، وهو ضامن، وله أجر كبير إن أحسن، وله من الأجر
مثل أجر من صلى معه.
- الأحق بالإمامة:
1 - إذا أراد الجماعة اختيار إمام المسجد، أو كانت جماعة ليس لهم إمام
راتب، أو حضرت الصلاة وتخلّف الإمام فالأحق بالإمامة:
1 - الأقرأ: وهو الأكثر حفظاً للقرآن، العالم فقه صلاته.
2 - ثم الأعلم بالسنة.
3 - ثم أقدمهم هجرة.
4 - ثم الأكبر سناً.
5 - ثم قرعة.
2 - إذا كان للمسجد إمام راتب فهو مقدَّم على غيره، ولو كان هناك من هو
أفضل منه، وكذا مَنْ له الأمر، وصاحب البيت يُقدَّمون على غيرهم.
عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «يَؤُمُّ القَوْمَ أقْرَؤُهُمْ
لِكِتَابِ اللهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي القِرَاءَةِ سَوَاءً، فَأعْلَمُهُمْ
بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً، فَأقْدَمُهُمْ
هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الهِجْرَةِ سَوَاءً، فَأقْدَمُهُمْ
(2/491)
سِلْماً، وَلا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ
الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ
إِلا بِإِذْنِهِ». أخرجه مسلم (1).
3 - كل من صحت صلاته صحت إمامته -ولو كان عاجزاً عن القيام- إلا المرأة فلا
تؤم الرجال، لكن تؤم مثلها من النساء.
4 - تصح إمامة الصبي المميز في الفرض والنفل، وإن وُجد أولى منه وجب
تقديمه.
- كيفية تسوية الصفوف:
يجب على الإمام أن يأمر المأمومين بتسوية الصفوف.
والسنة أن يقبل الإمام على المأمومين بوجهه ويقول:
1 - «أقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، وَتَرَاصُّوا». أخرجه البخاري (2).
2 - أو يقول: «سَوُّوا صُفُوفَكُمْ، فَإنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ
إقَامَةِ الصَّلاةِ». متفق عليه (3).
3 - أو يقول: «اسْتَوُوا وَلا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ».
أخرجه مسلم (4).
4 - أو يقول: «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذوا بَيْنَ المَنَاكِب وَسُدُّوا
الخَلَلَ وَلِينُوا بأَيْدِي إِخْوَانِكُمْ وَلاَ تَذرُوا فُرُجَاتٍ
لِلشَّيْطَانِ، وَمَنْ وَصَلَ صَفّاً وَصَلَهُ اللهُ وَمَنْ قَطَعَ صَفّاً
قَطَعَهُ اللهُ». أخرجه أبو داود والنسائي (5).
5 - أو يقول: «اسْتَوُوا، اسْتَوُوا، اسْتَوُوا». أخرجه النسائي (6).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (673).
(2) أخرجه البخاري برقم (719).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (723) , واللفظ له، ومسلم برقم (433).
(4) أخرجه مسلم برقم (432).
(5) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (666) , وهذا لفظه، والنسائي برقم (819).
(6) صحيح/ أخرجه النسائي برقم (813).
(2/492)
يفعل هذا مرة، وهذا مرة؛ إحياء للسنة،
وعملاً بها بوجوهها المتنوعة.
- صفة إمامة المصلين:
1 - إذا أمّ الإمام رجلين فأكثر جعلهم خلفه، فإن كان واحداً جعله عن يمينه.
2 - إذا أمّ الإمام صبيين أو أكثر، وقد بلغا سبعاً، جعلهما خلفه، فإن كان
واحداً جعله عن يمينه.
3 - إذا أمّ امرأة أو أكثر من محارمه جعلهن خلفه.
4 - إذا اجتمع رجال وصبيان ونساء فالسنة عند الصلاة أن يصلوا جماعة، ويكون
الرجال والصبيان خلف الإمام، والنساء خلفهم.
وإن سبق الصبيان إلى مكان فهم أحق به من غيرهم.
1 - عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: صَلَّيْتُ أنَا
وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا، خَلْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،
وَأمِّي أمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا. متفق عليه (1).
2 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: قُمْتُ لَيْلَةً
أصَلِّي عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَأخَذَ بِيَدِي،
أوْ بِعَضُدِي، حَتَّى أقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ، وَقال بِيَدِهِ مِنْ
وَرَائِي. متفق عليه (2).
- حكم إمامة الرجل للنساء:
إمامة الرجل للنساء لها أربع حالات:
1 - أن تكون النساء خلف الرجال، فهذا هو السنة.
2 - أن تكون مع النساء أحد محارمه، أو يكون معه رجل آخر، فهذا جائز.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (727) , واللفظ له، ومسلم برقم (658).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (728) , واللفظ له، ومسلم برقم (763).
(2/493)
3 - أن يؤم امرأة أجنبية عنه، فهذا لا
يجوز؛ لأن فيه خلوة.
4 - أن يؤم نساءً أجانب عنه، ولا رجل معه، ولا أحد محارمه، فهذا مكروه؛ لما
فيه من مخالطة الوسواس.
- مقدار صلاة الإمام:
السنة للإمام إذا صلى بالناس أن يخفف، وإذا صلى وحده طوَّل ما شاء.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «إذَا صَلَّى أحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ،
فَإنَّ فِيهِم الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَالكَبِيرَ، وَإذَا صَلَّى
أحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ». متفق عليه (1).
- حكم تخفيف الصلاة:
السنة للإمام إذا صلى بالناس التخفيف مع الإتمام؛ لأنه قد يكون في
المأمومين الضعيف والصغير، والسقيم والكبير، وذو الحاجة ونحوهم.
والتخفيف المشروع نوعان:
أحدهما: تخفيف لازم حسب السنة.
عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ قَالَ: مَا صَلَّيْتُ
وَرَاءَ إِمَامٍ قَطُّ أخَفَّ صَلاةً، وَلا أتَمَّ صَلاةً مِنْ رَسُولِ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -. متفق عليه (2).
الثاني: تخفيف عارض عند حدوث طارئ.
عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «إِنِّي لأدْخُلُ الصَّلاةَ أُرِيدُ إِطَالَتَهَا،
فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ، فَأُخَفِّفُ مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ
بِهِ».
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (703) , واللفظ له، ومسلم برقم (467).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (708) , ومسلم برقم (469)، واللفظ له.
(2/494)
متفق عليه (1).
- صفة التخفيف المسنون:
التخفيف المسنون في الصلاة هو الذي يصحبه إتمام الصلاة بأداء أركانها
وواجباتها وسننها كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وواظب عليه، وأمر
به، لا إلى شهوة المأمومين.
فلا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، ولا يجوز الإسراع في الصلاة،
ولا نقرها كنقر الغراب، ولا هذّ القرآن كهذِّ الشعر.
- صفة إطالة الصلاة وتخفيفها:
يسن للإمام والمنفرد إذا أطال القراءة أطال بقية الأركان، وإذا خففها خفف
بقية الأركان.
عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: رَمَقْتُ
الصَّلاةَ مَعَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ
فَرَكْعَتَهُ، فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ، فَسَجْدَتَهُ،
فَجَلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، فَسَجْدَتَهُ، فَجَلْسَتَهُ مَا
بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالانْصِرَافِ، قَرِيباً مِنَ السَّوَاءِ. متفق عليه
(2).
- مواضع جهر الإمام في الصلاة:
يجهر الإمام في الصلاة بما يلي:
التكبير، والقراءة في الجهرية، والتأمين، والتسميع، والتسليم، ويجتنب
التمطيط في ذلك.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (709) , ومسلم برقم (470)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (801) , ومسلم برقم (471)، واللفظ له.
(2/495)
- حكم قنوت الإمام في الصلاة:
يسن للإمام عند النوازل أن يقنت في الصلوات الخمس في الركعة الأخيرة بعد
الرفع من الركوع، إذا قال سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، يرفع
يديه، ويجهر بالدعاء، ويؤمِّن مَنْ خلفه، ثم يكبر ويسجد.
- صفة دعاء القنوت:
كان - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد أن يدعو على أحد، أو يدعو لأحد قنت في
الصلوات الخمس كلها، أو بعضها.
فيشرع للإمام عند النوازل والمصائب العامة والخاصة أن يدعو للمؤمنين، ويخص
من أصابه البلاء، وأن يدعو على الكفار والظالمين، ويخص من اشتد أذاه
للمسلمين.
1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ
يَقُولُ: «اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ
أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ، اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ
الوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنِينَ،
اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا
سِنِينَ كَسِنِيّ يُوسُفَ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ عَبْداللهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ فِي بَعْضِ أَيَّامِهِ الَّتِي
لَقِيَ فِيهَا انْتَظَرَ حَتَّى مَالَتِ الشَّمْسُ ثُمَّ قَامَ فِي
النَّاسِ خَطِيباً قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ لاَ تَتَمَنُّوا لِقَاءَ
العَدُوِّ وَسَلُوا اللهَ العَافِيَةَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا
وَاعْلَمُوا أَنَّ الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ. ثُمَّ قَالَ:
اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ وَمُجْرِيَ السَّحَابِ وَهَازِمَ
الأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ». متفق عليه (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1006) , واللفظ له، ومسلم برقم (675).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2966) , ومسلم برقم (1742).
(2/496)
3 - وَعَنْ خُفَافِ بْنِ إِيْمَاءَ
الغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - فِي صَلاَةٍ: «اللَّهُمَّ العَنْ بَنِي لِحْيَانَ وَرِعْلاً
وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ عَصَوُا اللهَ وَرَسُولَهُ، غِفَارُ غَفَرَ اللهُ
لَهَا، وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ». أخرجه مسلم (1).
- حكم صلاة الإمام جالساً:
إذا صلى الإمام قاعداً لعذر صلى من خلفه قعوداً.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - أنَّهُ قال: «إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلا
تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإذَا قال سَمِعَ
اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، وَإذَا سَجَدَ
فَاسْجُدُوا، وَإذَا صَلَّى جَالِساً، فَصَلُّوا جُلُوساً أجْمَعُونَ».
متفق عليه (2).
- كيفية انصراف الإمام إلى المأمومين:
السنة أن ينصرف الإمام إلى المأمومين بعد السلام، فإن صلى معه نساء لبث
قليلاً لينصرفن.
وينصرف إلى المأمومين تارة عن يمينه .. وتارة عن شماله .. وكل ذلك سنة.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم - إِذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إِلا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ:
«اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الجَلالِ
وَالإكْرَامِ».
أخرجه مسلم (3).
2 - وَعَنْ هُلْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ أَبيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَؤُمُّنَا فَيَنْصَرِفُ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (679).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (722) , واللفظ له، ومسلم برقم (414).
(3) أخرجه مسلم برقم (592).
(2/497)
عَلَى جَانِبَيْهِ جَمِيعاً عَلَى
يَمِينِهِ وَعَلَى شِمَالِهِ. أخرجه أبو داود والترمذي (1).
- حكم صلاة الإمام بالنجاسة:
إذا صلى الإمام بالجماعة بنجاسة يجهلها وانقضت الصلاة، فصلاتهم جميعاً
صحيحة، وإن علم بالنجاسة أثناء الصلاة:
فإن أمكن إبعادها أو إزالتها فعل ذلك وأتم صلاته، وإن كان لا يمكنه انصرف
واستخلف من يتم بالمأموين صلاتهم.
- حكم الصلاة إذا صلى الإمام على غير طهارة:
إذا صلى الإمام بالناس فلا يخلو من أربعة أمور:
1 - أن يدخل في الصلاة على طهارة، فصلاته ومن خلفه صحيحة.
2 - أن لا يعلم الإمام أنه محدث إلا بعد نهاية الصلاة، فصلاة الإمام باطلة،
وصلاة المأمومين صحيحة.
3 - أن يعلم بالحدث أثناء الصلاة، فيقطع الصلاة، ويستخلف من يكمل
بالمأمومين صلاتهم، فإن تقدم أحد المأمومين، أو قدموه فأكمل الصلاة بهم، أو
أكملوا صلاتهم فرادى، فصلاتهم صحيحة إن شاء الله.
4 - أن يصلي بهم على طهارة، ويحدث في أثناء الصلاة، فصلاة الإمام باطلة
فيقطعها، ويستخلف من يتم بالمأمومين صلاتهم.
- حكم الصلاة خلف الفاسق:
الفاسق: من خرج عن طاعة الله تعالى بفعل كبيرة من كبائر الذنوب، ويجب تقديم
الأحق بالإمامة الأَولى فالأَوْلى، فإن لم يوجد إلا فاسق:
_________
(1) حسن صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1041) , والترمذي برقم (301)، وهذا
لفظه.
(2/498)
فالفاسق لا يخلو من حالين:
1 - أن يكون فسقه من جهة الاعتقاد كأن ينكر اليوم الآخر، فهذا كافر لا يصلى
خلفه، وإن كان فسقه لا يؤدي إلى الكفر فالصلاة خلفه صحيحة مع الكراهة.
2 - أن يكون فسقه من جهة الأعمال كمرتكب الكبائر كمن يشرب الخمر، أو يفعل
الفواحش، أو يحلق لحيته، أو يشرب الدخان ونحو ذلك.
فهذا تصح الصلاة خلفه مع الكراهة؛ لأن مَنْ صحت صلاته لنفسه صحت لغيره.
- حكم إمامة المرأة:
يحرم على المرأة أن تصلي بالرجال، فإن فعلت فصلاة الجميع باطلة.
والسنة أن تصلي المرأة في بيتها، ولها أن تصلي في المسجد.
وإذا اجتمع النساء في مكان فيسن لهن أن يصلين جماعة، وتقف إمامتهن وسطهن،
وأفضل صفوفهن هنا كالرجال الأول ثم الذي يليه.
- حكم إمامة الغلام قبل أن يحتلم:
عَنْ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ الجَرْمِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ
يَمُرُّ عَلَيْنَا الرُّكْبَانُ فَنَتَعَلَّمُ مِنْهُمُ القُرْآنَ، فَأَتَى
أَبي النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «لِيَؤُمَّكُمْ
أَكْثرُكُمْ قُرْآناً» فَجَاءَ أَبي فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «لِيَؤُمَّكُمْ أَكْثرُكُمْ قُرْآناً»، فَنَظَرُوا
فَكُنْتُ
أَكْثرَهُمْ قُرْآناً فَكُنْتُ أَؤُمُّهُمْ وَأَنَا ابْنُ ثمَانِ سِنِينَ.
أخرجه البخاري والنسائي (1).
_________
(1) صحيح/ أخرجه البخاري برقم (402) , والنسائي برقم (789)، وهذا لفظه.
(2/499)
2 - أحكام المأموم
- حكم متابعة الإمام:
يجب على المأموم متابعة الإمام في صلاته كلها.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - أنَّهُ قال: «إنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَلا
تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ، فَإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإذَا قال سَمِعَ
اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، وَإذَا سَجَدَ
فَاسْجُدُوا، وَإذَا صَلَّى جَالِساً، فَصَلُّوا جُلُوساً أجْمَعُونَ،
وَأقِيمُوا الصَّفَّ فِي الصَّلاةِ، فَإنَّ إقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ
الصَّلاةِ». متفق عليه (1).
- حكم مسابقة الإمام:
يحرم على المأموم مسابقة الإمام في الصلاة .. ومن سابقه عالماً ذاكراً بطلت
صلاته، ومن سابق الإمام في تكبيرة الإحرام فصلاته باطلة.
وإن سابقه إلى ركن من الأركان متعمداً فصلاته باطلة.
وإن سابقه ناسياً أو جاهلاً فصلاته صحيحة، لكن عليه أن يرجع ليأتي به بعد
الإمام ويلحقه؛ لأنه فعله في غير محله، فإن لم يرجع فلا يعتد بتلك الركعة.
1 - عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ يَوْمٍ، فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ أقْبَلَ
عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: «أيُّهَا النَّاسُ! إِنِّي إِمَامُكُمْ،
فَلا تَسْبِقُونِي بِالرُّكُوعِ وَلا بِالسُّجُودِ، وَلا بِالقِيَامِ وَلا
بِالانْصِرَافِ، فَإِنِّي أرَاكُمْ أمَامِي وَمِنْ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (722) , واللفظ له، ومسلم برقم (414).
(2/500)
خَلْفِي». أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ مُحَمَّدٌ - صلى
الله عليه وسلم -: «أمَا يَخْشَى الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ قَبْلَ
الإمَامِ أنْ يُحَوِّلَ اللهُ رَأْسَهُ رَأْسَ حِمَارٍ؟». متفق عليه (2).
- حالات المأموم مع الإمام:
للمأموم مع الإمام أربع حالات:
1 - المتابعة: وهي أن تحصل أفعال المأموم عقب أفعال الإمام، وهي الأمر
المطلوب من المأموم، وبها يحصل الاقتداء الشرعي.
2 - الموافقة: وهي أن تتوافق حركة المأموم والإمام في الانتقال من ركن إلى
ركن كالتكبير أو الركوع ونحوهما، وهذا الفعل لا يجوز.
3 - المخالفة: وهي أن يتخلف المأموم عن الإمام حتى يدخل الإمام في ركن آخر،
وهذه لا تجوز؛ لما فيها من ترك الاقتداء.
4 - المسابقة: وهي أن يسبق المأموم الإمام في التكبير، أو الركوع، أو
السجود والسلام أو غيرها، وهذا الفعل لا يجوز، ومن فعله جاهلاً أو ناسياً
فعليه أن يرجع ليأتي به بعد الإمام، فإن لم يفعل بطلت صلاته.
- متى يؤمِّن المأموم؟:
يؤمن المأموم مع الإمام لا قبله ولا بعده؛ وذلك لأن التأمين من الإمام
والمأموم إنما هو لقراءة الفاتحة، لا لأجل تأمين الإمام، ويجهر به الإمام
والمأموم في الصلوات الجهرية.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (426).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (691) , ومسلم برقم (427).
(2/501)
- فضل التأمين:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَ: «إذَا أمَّنَ الإمَامُ فَأمِّنُوا، فَإنَّهُ مَنْ وَافَقَ
تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ المَلائِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ
ذَنْبِهِ». متفق عليه (1).
- متى يسجد مَنْ خلف الإمام:
عَن البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - إذَا قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». لَمْ يَحْنِ
أحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
سَاجِداً، ثُمَّ نَقَعُ سُجُوداً بَعْدَهُ. متفق عليه (2).
- فضل وصل الصف:
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أَنَّ رَسُولَ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ وَصَلَ صَفّاً وَصَلَهُ اللهُ وََمَنْ
قَطَعَ صَفّاً قَطَعَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ». أخرجه أبو داود والنسائي
(3).
- حكم تسوية الصفوف:
يجب على المأمومين الذين يقفون بين يدي الله عز وجل أن يتموا صفوفهم الأول
فالأول، وأن يسووا صفوفهم في الصلاة، وأن يحاذوا بين المناكب والأكعب، وأن
يسدوا الخلل، ومن سد فرجة في الصف بنى الله له بيتاً في الجنة، ورفعه بها
درجة.
1 - عَنْ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ، أوْ
لَيُخَالِفَنَّ اللهُ بَيْنَ وُجُوهِكُمْ». متفق عليه (4).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (780) , واللفظ له، ومسلم برقم (410).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (690) , واللفظ له، ومسلم برقم (474).
(3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (666) , والنسائي برقم (819)، واللفظ له.
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (717) , واللفظ له، ومسلم برقم (436).
(2/502)
2 - وعَنْ أنَس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «أقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، فَإنِّي
أرَاكُمْ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِي». وَكَانَ أحَدُنَا يُلْزِقُ مَنْكِبَهُ
بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ، وَقَدَمَهُ بِقَدَمِهِ. متفق عليه (1).
- فضل الصف الأول:
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ
وَالصَّفِّ الأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلا أنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ
لاسْتَهَمُوا، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لاسْتَبَقُوا
إلَيْهِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي العَتَمَةِ وَالصُّبْحِ، لأَتَوْهُمَا
وَلَوْ حَبْواً». متفق عليه (2).
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «خَيْرُ صُفُوفِ الرِّجَالِ أوَّلُهَا، وَشَرُّهَا
آخِرُهَا، وَخَيْرُ صُفُوفِ النِّسَاءِ آخِرُهَا، وَشَرُّهَا أوَّلُهَا».
أخرجه مسلم (3).
- فضل يمين الصف:
عَنِ البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ
رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أحْبَبْنَا أنْ نَكُونَ عَنْ
يَمِينِهِ، يُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ. أخرجه مسلم (4).
- من يلي الإمام في الصف:
عَنْ أبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلاةِ وَيَقُولُ:
«اسْتَوُوا وَلا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي
مِنْكُمْ أولُو
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (725) , واللفظ له، ومسلم برقم (434).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (615) , واللفظ له، ومسلم برقم (437).
(3) أخرجه مسلم برقم (440).
(4) أخرجه مسلم برقم (709).
(2/503)
الأحْلامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ
يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». أخرجه مسلم (1).
- متى يقوم الناس للصلاة:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ تُقَامُ
لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَيَأْخُذُ النَّاسُ
مَصَافَّهُمْ، قَبْلَ أنْ يَقُومَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -
مَقَامَهُ. أخرجه مسلم (2).
- موقف المأموم في الصلاة:
إذا صلى الإمام بغيره فلذلك صور:
1 - إذا كان المأموم رجلاً واحداً فالسنة أن يقف عن يمين الإمام محاذياً
له.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال: صَلَّيْتُ مَعَ
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقُمْتُ عَنْ
يَسَارِهِ، فَأخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِرَأْسِي مِنْ
وَرَائِي، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى وَرَقَدَ، فَجَاءَهُ
المُؤَذِّنُ، فَقَامَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. متفق عليه (3).
2 - إذا كانت الجماعة اثنين فأكثر فالسنة أن يقف الإمام أمامهم متوسطاً
الصف.
عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: صَلَّيْتُ أنَا
وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا، خَلْفَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -،
وَأمِّي أمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا. متفق عليه (4).
3 - إذا صلى الرجل خلف الصف فإن صلاته لا تصح إلا في حال العجز عن المصافة.
4 - إذا صلت المرأة مع الرجل وقفت خلفه، وإذا صلت مع الرجال خلف الإمام تقف
خلف صف الرجال.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (432).
(2) أخرجه مسلم برقم (605).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (726) , واللفظ له، ومسلم برقم (763).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (727) , واللفظ له، ومسلم برقم (658).
(2/504)
5 - إذا صلى الإمام بالرجال والنساء فالسنة
أن يكون الرجال خلف الإمام، والنساء خلف الرجال، وتكون صفوفهن كصفوف
الرجال، وخير صفوفهن آخرها وأبعدها عن الرجال، فإن كان بينهن وبين الرجال
حاجز فخير صفوفهن أولها كالرجال.
6 - إذا صلت النساء جماعة وحدهن فالسنة أن تقف إمامتهن وسطهن, ولا تتقدم
عليهن، وخير صفوفهن هنا أولها، وشرها آخرها كالرجال، ويشرع فيها ما يشرع في
صفوف الرجال من تسوية الصفوف، وسد الفرج، وإكمال الصف الأول فالأول.
7 - يصح أن يقف المأمومون عند الضرورة خلف الإمام، ويمين الإمام، ويسار
الإمام وعن جانبيه، وقدامه.
- حكم الصلاة خلف الصف:
1 - صلاة الرجل الواحد خلف الصف لا تصح إلا لضرورة، كأن لم يجد مكاناً في
الصف فيصلي خلف الصف، ولا يجذب أحداً ممن في الصف.
2 - صلاة المرأة الواحدة خلف الصف صحيحة إذا كانت خلف الإمام، أو خلف
الرجال، وإن كانت مع جماعة نساء فقط فلا تصح صلاتها خلف الصف إلا لضرورة
كالرجل.
- تقديم أهل العلم والفضل إذا تأخر الإمام:
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذَهَبَ إلَى بَنِي عَمْرِو ابْنِ عَوْفٍ
لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمْ، فَحَانَتِ الصَّلاةُ، فَجَاءَ المُؤَذِّنُ إلَى
أبِي بَكْرٍ، فَقال: أتُصَلِّي لِلنَّاسِ فَأقِيمَ؟ قال: نَعَمْ، فَصَلَّى
أبُو بَكْرٍ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
وَالنَّاسُ فِي الصَّلاةِ، فَتَخَلَّصَ حَتَّى وَقَفَ فِي الصَّفِّ،
فَصَفَّقَ النَّاسُ، وَكَانَ
(2/505)
أبُو بَكْرٍ لا يَلْتَفِتُ فِي صَلاتِهِ،
فَلَمَّا أكْثَرَ النَّاسُ التَّصْفِيقَ التَفَتَ، فَرَأى رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -، فَأشَارَ إلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم -: أنِ امْكُثْ مَكَانَكَ. فَرَفَعَ أبُو بَكْرٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ
يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللهَ عَلَى مَا أمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ اسْتَأْخَرَ أبُو بَكْرٍ حَتَّى اسْتَوَى
فِي الصَّفِّ. متفق عليه (1).
- متى ينفرد المأموم عن الإمام:
للمأموم أن ينفرد عن الإمام فيما يلي:
إذا أطال الإمام إطالة خارجة عن السنة، أو إذا أسرع الإمام في صلاته، انفصل
عن الإمام وأتم صلاته.
وإذا طرأ على المأموم عذر من احتباس بول، أو غائط، أو ريح ونحو ذلك، فيقطع
صلاته، ثم يتوضأ ويستأنف صلاته.
- ماذا يفعل المصلون إذا قام الإمام إلى ركعة زائدة:
إذا قام الإمام إلى ركعة زائدة، فلا يتابعه من خلفه، بل يُسبِّحون
وينتظرونه جلوساً حتى يسلم بهم، ومن قام عالماً بطلت صلاته.
- ماذا يفعل المأموم إذا سها الإمام:
إذا سها الإمام في صلاته فأوقع شيئاً في غير محله سبَّح الرجال، وصفَّق
النساء.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَ: «التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ،
وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ». متفق عليه (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (684) , واللفظ له، ومسلم برقم (421).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1203) , واللفظ له، ومسلم برقم (422).
(2/506)
- مَنْ يردّ على الإمام إذا أخطأ في
القراءة:
يرد على الإمام إذا أخطأ أو نسي في القراءة في الصلاة الحافظ، ولا ينبغي
التشويش على الإمام بكثرة الأصوات.
- أحوال اقتداء المأموم بالإمام:
1 - يصح اقتداء المأموم بالإمام في المسجد وإن لم يره، أو لم ير مَنْ وراءه
إذا سمع التكبير، ويصح اقتداء من هو خارج المسجد إذا اتصلت الصفوف، وإن لم
تتصل الصفوف فلا بد أن يرى بعض المأمومين، أو يسمع صوت الإمام، ولا يمنع
الفاصل من طريق ونحوه إذا أمكن الاقتداء.
2 - يصح اقتداء من يؤدي صلاة الفريضة بمن يؤدي صلاة نفل، كمن يصلي العشاء
خلف من يصلي التراويح.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ مُعَاذَ بْنَ
جَبَلٍ كَانَ يُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
العِشَاءَ الآخِرَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى قَوْمِهِ فَيُصَلِّي بِهِمْ
تِلْكَ الصَّلاةَ. متفق عليه (1).
3 - يصح اقتداء من يصلي النافلة بمن يصلي الفريضة، كمن يصلي مع من فاتته
الفريضة ليحصل له أجر الجماعة.
- حكم اختلاف النية بين الإمام والمأموم:
يجوز اختلاف النية بين الإمام والمأموم في الصلاة، ولا يجوز الاختلاف في
الأفعال.
فيصح ائتمام مفترض بمتنفل، ومن يصلي الظهر بمن يصلي العصر، ومن
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (700) , ومسلم برقم (465)، واللفظ له.
(2/507)
يصلي العشاء، أو المغرب بمن يصلي التراويح،
فإذا سلم الإمام من الركعتين أكمل الصلاة، ويجوز أن يصلي العصر خلف من يصلي
المغرب، فإذا سلم الإمام قام وجاء بركعة، ثم تشهد وسلم.
ويجوز أن يصلي المغرب خلف من يصلي العشاء، فإذا قام الإمام إلى الرابعة جلس
وانتظر الإمام ليسلم معه، وإن شاء تشهد وسلم.
فاختلاف النية بين صلاة الإمام وصلاة المأموم لا يضر.
أما إذا اختلفت الأفعال فهذا ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 - أن تتفق الصلاتان في الأفعال كالظهر والعصر، فهنا لا يضر اختلاف النية،
ولا يضر اختلاف الاسم.
2 - أن تختلف الصلاتان في الأفعال اختلافاً يسيراً كمن يصلي المغرب خلف من
يصلي العشاء، فهذا لا يضر.
3 - أن تختلف الأفعال اختلافاً كثيراً كمن يصلي الفجر خلف من يصلي الكسوف،
فهذا لا يصح.
- متى يدخل المسبوق في الصلاة:
1 - السنة أن يدخل المسبوق في الصلاة مع الإمام على أي حال كان عليها من
القيام، أو الركوع، أو السجود أو غير ذلك.
2 - إذا دخل المسبوق والإمام راكع، كبّر واحدة للإحرام، وواحدة للركوع، فإن
لم يمكنه كبر واحدة للإحرام والركوع، أمّا إن دخل وهو ساجد فيكبر تكبيرة
الإحرام، ثم يستفتح، ثم يكبر ويسجد.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قال: «إِذَا ثُوِّبَ لِلصَّلاةِ فَلا
(2/508)
تَأْتُوهَا وَأنْتُمْ تَسْعَوْنَ،
وَأْتُوهَا وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أدْرَكْتُمْ فَصَلَّوْا،
وَمَا فَاتَكُمْ فَأتِمُّوا، فَإِنَّ أحَدَكُمْ إِذَا كَانَ يَعْمِدُ إِلَى
الصَّلاةِ فَهُوَ فِي صَلاةٍ». متفق عليه (1).
- أول صلاة المسبوق:
إذا فات المصلي أول الصلاة فما أدركه مع الإمام هو أول صلاته، وبعد السلام
يتم ما فاته من الصلاة.
- صفة قضاء المأموم ما فاته من الصلاة:
1 - من أدرك مع الإمام ركعة من الظهر، أو العصر، أو العشاء، وجب عليه بعد
سلام الإمام قضاء الثلاث ركعات، وما أدركه مع الإمام هو أول صلاته، فيأتي
بركعة يقرأ فيها الفاتحة وسورة، ثم يجلس للتشهد الأول، ثم يأتي بركعتين
يقرأ فيهما الفاتحة فقط، ثم يجلس للتشهد الأخير، ثم يسلم.
ومن أدرك معه ركعتين قام بعد السلام وجاء بركعتين يقرأ فيهما الفاتحة فقط،
وإن أدرك معه ثلاث ركعات قام بعد السلام وجاء بواحدة.
2 - من أدرك مع الإمام ركعة من المغرب قام بعد سلام الإمام وجاء بركعة يقرأ
فيها الفاتحة وسورة، ثم يجلس للتشهد الأول، ثم يقوم ويأتي بركعة يقرأ فيها
الفاتحة، ثم يجلس للتشهد الأخير، ثم يسلم.
وإن أدرك معه ركعتين قام بعد سلام الإمام وجاء بركعة يقرأ فيها الفاتحة
فقط، ثم يجلس للتشهد الأخير، ثم يسلم.
3 - من أدرك مع الإمام ركعة من الفجر أو الجمعة قام بعد سلام الإمام وجاء
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (636) , ومسلم برقم (602)، واللفظ له.
(2/509)
بركعة يقرأ فيها الفاتحة وسورة، ثم يجلس
للتشهد، ثم يسلم، وإن أدرك معه في الجمعة أقل من ركعة دخل معه وأتمها ظهراً
أربعاً.
4 - إذا أدرك مع الإمام أقل من ركعة كما لو جاء وهو في التشهد الأخير، فهنا
يدخل معه، ويتم صلاته إذا سلم الإمام كما سبق.
- ما يشرع للمأموم فعله:
1 - إذا سها الإمام في الصلاة وسبح الناس ولم يعرف، فيكلمه أحد المأمومين
بكلام يفهمه.
2 - يشرع للمأموم أن يأتي بالسنن التي يتركها الإمام.
3 - المأموم إذا لم يسمع قراءة الإمام في الجهرية يقرأ الفاتحة وغيرها ولا
يسكت.
4 - إذا كان الإمام لا يتم الصلاة، أو يُرمى ببدعة، أو يعلن بفجور، فلا بأس
بتخطِّيه إلى غيره إن لم يقبل النصيحة، والصلاة في مسجد آخر.
5 - إذا حضر اثنان في المسجد، وليس في الصف إلا فرجة تسع لواحد، فالواجب
إكمال الصف، ولو صلى أحدهما وحده خلف الصف.
- حكم الصلاة خلف من يستغيث بغير الله:
من يدعو غير الله، أو يستغيث بغير الله، أو يذبح لغير الله، أو يدعو أهل
القبور، فلا تجوز الصلاة خلفه؛ لأنه كافر، وصلاته باطلة.
{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ
فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ
الْكَافِرُونَ (117)} [المؤمنون:117].
(2/510)
3 - أحكام المنفرد
- حكم صلاة المنفرد:
الواجب على المسلم أن يصلي الصلوات الخمس والجمعة في المسجد جماعة.
فإن كان وحده، أو معذوراً بمرض أو سفر، ولم يجد من يصلي معه، فيصلي الصلوات
منفرداً.
1 - عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «يَعْجَبُ رَبُّكُمْ مِنْ
رَاعِي غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةٍ بجَبَلٍ يُؤَذِّنُ بالصَّلاَةِ
وَيُصَلِّي، فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي هَذا
يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ الصَّلاَةَ يَخَافُ مِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي
وَأَدْخَلْتُهُ الجَنَّةَ». أخرجه أبو داود والنسائي (1).
2 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلاةُ الجَمَاعَةِ أفْضَلُ مِنْ صَلاةِ الفَذِّ
بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». متفق عليه (2).
- أين يصلي المنفرد:
السنة أن يذهب الرجل إلى المسجد إن كان موجوداً وقدر، فيؤذن ويقيم ويصلي،
وذلك ليحصل له أجر الذهاب إلى المسجد.
فإن لم يقدر، أو لم يوجد مسجد، صلى حيث كان: في المنزل، أو السوق، أو
الصحراء أو غير ذلك.
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1203) , وهذا لفظه، والنسائي برقم (666).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (645) , ومسلم برقم (650)، واللفظ له.
(2/511)
1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ
تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ،
لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ، كَانَتْ خَطْوَتَاهُ
إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً، وَالأخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً». أخرجه
مسلم (1).
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ غَدَا إلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ، أعَدَّ
اللهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ، كُلَّمَا غَدَا أوْ رَاحَ». متفق عليه
(2).
- حكم تغيير المنفرد نيته إلى إمام:
إذا صلى المسلم منفرداً ثم جاء وصف معه أحد، فيجوز له تحويل نيته من منفرد
إلى إمام.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي،
فَقَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ،
فَقُمْتُ أصَلِّي مَعَهُ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَأخَذَ بِرَأْسِي،
فَأقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ. متفق عليه (3).
- حكم تغيير المنفرد نيته من فرض إلى نفل:
إذا كان المسلم يصلي الفريضة منفرداً، ثم قامت جماعة تصلي، فالأفضل أن يقلب
نيته من فرض إلى نفل، ويتمها خفيفة، ويدخل مع تلك الجماعة؛ لتحصل له فضيلة
الجماعة.
- حكم جهر المنفرد بالقراءة في الجهرية:
إذا صلى المنفرد وحده صلاة المغرب أو العشاء أو الفجر فَعَل الأصلح لقلبه،
وهو مخير: إن شاء جهر بالقراءة ما لم يؤذ أحداً كنائم ومريض، أو
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (666).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (662) , واللفظ له، ومسلم برقم (669).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (699) , واللفظ له، ومسلم برقم (763).
(2/512)
تكون المرأة بحضرة أجانب، وإن شاء لم يجهر،
وكذا من فاته أول الصلاة الجهرية، والأَوْلى عدم الجهر؛ لأن الجهر لإمام
الجماعة الذي يسمعه من خلفه.
(2/513)
15 - صلاة الجماعة
- أعظم اجتماعات المسلمين:
شرع الله عز وجل للمسلمين الاجتماع في أوقات معلومات:
منها ما يكون في اليوم والليلة خمس مرات كالصلوات الخمس.
ومنها ما يكون في الأسبوع مرة كالاجتماع لصلاة الجمعة.
ومنها ما يكون في السنة مرتين كالعيدين في كل بلد.
ومنها ما يكون في السنة مرة لعموم المسلمين كالحج.
ومنها ما يكون عند تغير الأحوال كصلاة الاستسقاء والكسوف.
- حكمة مشروعية صلاة الجماعة:
صلاة الجماعة مظهر عظيم من مظاهر الإسلام.
يشبه صفوف الملائكة في عبادتها، ومواكب الجيوش في قيادتها.
وصلاة الجماعة مظهر من مظاهر خضوع الخلق للرب، وهي سبب لتعارف المسلمين
وتراحمهم، وتوادهم، وتعاطفهم، ومظهر من مظاهر وحدتهم، وبها تظهر عزتهم،
وقوتهم، وكمال انقيادهم لربهم.
- آداب المشي إلى الصلاة:
الصلاة من أعظم مقامات العبد بين يدي ربه، وصلاة الجماعة أعظم مقامات
العباد بين يدي ربهم، وصلاة الجماعة لها آداب عند المشي إليها، وآداب عند
أدائها، وآداب بعد الفراغ منها.
(2/514)
فأما آداب المشي إلى الصلاة:
فهي أن يتطهر لها في بيته مع إحسان الوضوء وإسباغه، والدعاء بما ورد عند
الخروج من المنزل، والخروج إليها مبكراً لإدراك فضيلة انتظار الصلاة، والصف
الأول، وتكبيرة الإحرام، والمشي إلى المسجد بسكينة ووقار، وتقديم رجله
اليمنى عند دخول المسجد، والدعاء بما ورد من الدعاء عند دخول المسجد.
وإذا دخل المسجد يصلي ركعتين قبل أن يجلس، ويشتغل بالذكر والدعاء والنوافل
وتلاوة القرآن حتى تقام الصلاة، ولا يشبك بين أصابعه في الطريق والمسجد؛
لأنه في صلاة، ولا يتخطى رقاب الناس، ولا يؤذي أحداً بقول أو فعل، ويجتنب
الروائح الكريهة، وإذا أراد الخروج من المسجد قدم رجله اليسرى ودعا بما
ورد، والمرأة إذا أرادت الصلاة في المسجد تفعل كذلك، وتجتنب الطيب،
والزينة، والسفور.
وأما آداب وسنن الصلاة فكما سبق في صفة الصلاة.
وأما الآداب بعد الفراغ من الصلاة:
فأن يجلس في مكانه بعد السلام، ويستغفر الله، ويأتي بالأذكار الواردة بعد
السلام كما سبق.
- حكم خروج النساء إلى المساجد:
الأفضل للنساء الصلاة في بيوتهن، ويجوز للمرأة أن تخرج للصلاة في المسجد مع
الجماعة ليلاً أو نهاراً على الوجه المأذون به شرعاً، وعلى زوجها أن يأذن
لها ولا يمنعها.
(2/515)
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنهُمَا
عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إذَا اسْتَأْذَنَكُمْ
نِسَاؤُكُمْ بِاللَّيْلِ إلَى المَسْجِدِ فَأْذَنُوا لَهُنَّ». متفق عليه
(1).
- حكم صلاة الجماعة:
تجب صلاة الجماعة على كل مسلم مكلف قادر من الرجال، للصلوات الخمس، حضراً
وسفراً، في حال الأمن أو الخوف.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم -: «لَيْسَ صَلاةٌ أثْقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنَ
الفَجْرِ وَالعِشَاءِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأتَوْهُمَا وَلَوْ
حَبْواً، لَقَدْ هَمَمْتُ أنْ آمُرَ المُؤَذِّنَ فَيُقِيمَ، ثُمَّ آمُرَ
رَجُلاً يَؤُمُّ النَّاسَ، ثُمَّ آخُذَ شُعَلاً مِنْ نَارٍ، فَأحَرِّقَ
عَلَى مَنْ لا يَخْرُجُ إلَى الصَّلاةِ بَعْدُ». متفق عليه (2).
- أقل الجماعة:
أقل الجماعة اثنان، وإذا صلى الرجل بزوجته فهم جماعة، لكن تكون المرأة
خلفه.
وكلما كثرت الجماعة كان أزكى لصلاته، وأحب إلى الله عز وجل.
- فضل صلاة الجماعة في المسجد:
1 - عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاةَ
الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». متفق عليه (3).
2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ تَطَهَّرَ فِي بَيْتِهِ ثُمَّ مَشَى إِلَى
بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرَائِضِ اللهِ،
كَانَتْ خَطْوَتَاهُ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (865) , واللفظ له، ومسلم برقم (442).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (657) , واللفظ له، ومسلم برقم (651).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (645) , واللفظ له، ومسلم برقم (650).
(2/516)
إِحْدَاهُمَا تَحُطُّ خَطِيئَةً،
وَالأخْرَى تَرْفَعُ دَرَجَةً». أخرجه مسلم (1).
3 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «صَلاةُ الرَّجُلِ فِي الجَمَاعَةِ تُضَعَّفُ
عَلَى صَلاتِهِ فِي بَيْتِهِ، وَفِي سُوقِهِ، خَمْساً وَعِشْرِينَ ضِعْفاً،
وَذَلِكَ أنَّهُ: إذَا تَوَضَّأ فَأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى
المَسْجِدِ، لا يُخْرِجُهُ إلا الصَّلاةُ، لَمْ يَخْطُ خَطْوَةً، إلا
رُفِعَتْ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ، وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ، فَإذَا
صَلَّى، لَمْ تَزَلِ المَلائِكَةُ تُصَلِّي عَلَيْهِ، مَا دَامَ فِي
مُصَلاَّهُ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلا
يَزَالُ أحَدُكُمْ فِي صَلاةٍ مَا انْتَظَرَ الصَّلاةَ». متفق عليه (2).
4 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ غَدَا إلَى المَسْجِدِ وَرَاحَ، أعَدَّ
اللهُ لَهُ نُزُلَهُ مِنَ الجَنَّةِ، كُلَّمَا غَدَا أوْ رَاحَ». متفق عليه
(3).
- مكان صلاة الجماعة:
1 - أفضل أماكن صلاة الجماعة:
المسجد الحرام، ثم المسجد النبوي، ثم المسجد الأقصى، ثم بقية المساجد.
2 - الأفضل للمسلم أن يصلي الفرائض في مسجد الحي الذي يليه، ثم يليه الأكثر
جماعة، ثم يليه الأبعد.
3 - الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها، فإن صلت جماعة في بيتها فهو أفضل
وأزكى لصلاتها، ولا تُمنع من الصلاة جماعة في المسجد.
4 - يصلي المسافر والمريض جماعة حيثما تيسر له.
5 - صلاة الجماعة واجبة في الحضر والسفر، وصلاة الفرائض في المساجد
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (666).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (647) , واللفظ له، ومسلم برقم (272).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (662) , واللفظ له، ومسلم برقم (442).
(2/517)
جماعة واجبة في الحضر لا السفر.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: أرَادَ بَنُو
سَلِمَةَ أنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ المَسْجِدِ، قال وَالبِقَاعُ
خَالِيَةٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ:
«يَا بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ، تُكْتَبْ آثَارُكُمْ». فَقَالُوا: مَا
كَانَ يَسُرُّنَا أنَّا كُنَّا تَحَوَّلْنَا. أخرجه مسلم (1).
- حكم حضور الصبيان إلى المساجد:
يشرع إحضار الصبيان إلى المساجد؛ لتتعلق قلوبهم بحب المساجد، وينشؤا على حب
هذه العبادة العظيمة، مع حفظهم من العبث في المسجد وتلويثه، أو إشغال
المصلين عن الخشوع في الصلاة.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: أعْتَمَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً بِالعِشَاءِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أنْ يَفْشُوَ
الإسْلامُ، فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى قال عُمَرُ: نَامَ النِّسَاءُ
وَالصِّبْيَانُ، فَخَرَجَ فَقَالَ لأهْلِ المَسْجِدِ: «مَا يَنْتَظِرُهَا
أحَدٌ مِنْ أهْلِ الأرْضِ غَيْرَكُمْ». متفق عليه (2).
2 - وَعَنْ أبِي قَتَادَةَ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ
بِنْتَ زَيْنَبَ، بِنْتِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلأبِي
العَاصِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِشَمْسٍ، فَإذَا سَجَدَ وَضَعَهَا،
وَإذَا قَامَ حَمَلَهَا. متفق عليه (3).
- مواطن الفضيلة في الصف:
الصف الأول أفضل من الصف الثاني، ويمين الصف أفضل من يساره،
والدنو من الإمام أفضل من البعد عنه، والله عز وجل وملائكته يصلون على الصف
الأول، وكلما كثرت الجماعة كان أفضل.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (665).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (566) , واللفظ له، ومسلم برقم (638).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (516) , واللفظ له، ومسلم برقم (543).
(2/518)
عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ
يَسْتَغْفِرُ لِلصَّفِّ المُقَدَّمِ ثلاَثاً وَلِلثانِي مَرَّةً. أخرجه
النسائي وابن ماجه (1).
- الأحق بالصف الأول:
الأحق بالصف الأول والقرب من الإمام هم أولو الأحلام والنهى، أهل العلم
والتقى، وهم قدوة الناس، فليبادروا إلى ذلك.
عَنْ أبِي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلاةِ وَيَقُولُ:
«اسْتَوُوا وَلا تَخْتَلِفُوا، فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي
مِنْكُمْ أولُو الأحْلامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ
الَّذِينَ يَلُونَهُمْ». أخرجه مسلم (2).
- صفة صف الرجال والنساء خلف الإمام:
1 - السنة أن يلي الإمام الرجال في الصف الأول الكبار والصغار .. وتصلي
النساء جميعاً خلف الرجال .. ويشرع في صفوف النساء ما يشرع في صفوف الرجال
من إكمال الصف الأول فالأول، وسد الفرج، وتسوية الصفوف.
2 - إذا صلت النساء مع الرجال جماعة في المسجد، فإن كان بينهم حاجز، أو
صلين جماعة وحدهن، فخير صفوفهن أولها، وشرها آخرها.
وإن صلين مع الرجال وحدهن، ولم يكن بينهم حاجز، فخير صفوفهن آخرها، وشرها
أولها.
3 - لا يجوز أن تصف النساء أمام الرجال، أو يصف الرجال خلف النساء، إلا
لضرورة من زحام ونحوه كما يحصل في المسجد الحرام أحياناً.
_________
(1) صحيح/ أخرجه النسائي برقم (817) , وابن ماجه برقم (996)، وهذا لفظه.
(2) أخرجه مسلم برقم (432).
(2/519)
4 - يجب على المرأة أن تصلي خلف الرجال،
وإن وقفت في صف الرجال للضرورة من زحام ونحوه وصلت لم تبطل صلاتها ولا صلاة
من خلفها.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَ: «دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ
قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا
نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أمَرْتُكُمْ بِأمْرٍ
فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ». متفق عليه (1).
- حكم مصافة الصبي:
الصبي إذا كان يحسن الوضوء والصلاة فلا حرج في مصافته في الصلاة، وإن كان
لا يحسنهما فهذا يُنحّى عن الصف إلى مكان في المسجد لئلا يؤذي المصلين،
ويقطع الصفوف.
- فضل الجماعة الأولى:
الجماعة الأولى من حيث الأصل أفضل وأعظم وأزكى أجراً عند الله؛ لأنها قد
حصلت في أول الوقت، وهي في الغالب أكثر عدداً من الثانية.
فإذا جاء الإنسان وإمام الجماعة في التشهد الأخير فليدخل معهم؛ ليدرك فضيلة
الجماعة الأولى، ولا ينتظر الجماعة الثانية؛ لأنها أقل أجراً من الأولى.
- فضل صلاة العشاء والصبح في جماعة:
عَنْ عُثْمَان بن عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ
صَلَّى العِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ فَكَأنَّمَا قَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ،
وَمَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فِي
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7288) , واللفظ له، ومسلم برقم (1337).
(2/520)
جَمَاعَةٍ فَكَأنَّمَا صَلَّى اللَّيْلَ
كُلَّهُ». أخرجه مسلم (1).
- ما تُدْرَك به صلاة الجماعة:
تدرك صلاة الجماعة بإدراك ركعة من الصلاة مع الإمام.
فإن أدرك المأموم أقل من ركعة، كما لو جاء وهم في التشهد الأخير، فلا يعتبر
مدركاً للجماعة، ولكن يدخل مع الجماعة، وله أجر ما أدرك.
- ما تُدْرَك به الركعة:
تدرك الركعة بإدراك الركوع مع الإمام ما لم يرفع يديه عن ركبتيه.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - قال: «مَنْ أدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاةِ فَقَدْ أدْرَكَ
الصَّلاةَ». متفق عليه (2).
- حكم من صلى وحده ثم وجد جماعة:
عَنْ يَزِيدَ بْنِ الأَسْوَدِ العَامِرِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:
شَهِدْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَجَّتَهُ فَصَلَّيْتُ
مَعَهُ صَلاَةَ الصُّبْحِ فِي مَسْجِدِ الخَيْفِ قَالَ: فَلَمَّا قَضَى
صَلاَتَهُ وَانْحَرَفَ إِذَا هُوَ برَجُلَيْنِ فِي أُخْرَى القَوْمِ لَمْ
يُصَلِّيَا مَعَهُ فَقَالَ: عَلَيَّ بهِمَا، فَجِيءَ بهِمَا تَرْعَدُ
فَرَائِصُهُمَا فَقَالَ: «مَا مَنَعَكُمَا أَنْ تُصَلِّيَا مَعَنَا؟»
فَقَالاَ: يَا رَسُولَ اللهِ! إِنَّا قَدْ صَلَّيْنَا فِي رِحَالِنَا.
قَالَ: «فَلاَ تَفْعَلاَ إِذا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثمَّ
أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ فَإِنَّهَا لَكُمَا
نَافِلَةٌ». أخرجه أبو داود والترمذي (3).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (656).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (579) , ومسلم برقم (607)، واللفظ له.
(3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (575) , وأخرجه الترمذي برقم (219) وهذا
لفظه.
(2/521)
- ماذا يفعل من فاتته صلاة الجماعة:
من ذهب إلى المسجد فوجد الناس قد صلوا، وكان تأخره لعذر، فإنه يكتب له أجر
من صلاها وحضرها، فيبقى في المسجد، وينتظر من يصلي معه جماعة، أو يذهب إلى
مسجد آخر ليدرك فيه الجماعة، أو يرجع إلى بيته فيصلي بهم جماعة، فإن لم
يتيسر له ذلك صلاها منفرداً.
عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - أَبْصَرَ رَجُلاً يُصَلِّي وَحْدَهُ فَقَالَ: «أَلاَ
رَجُلٌ يَتَصَدَّقُ عَلَى هَذا فَيُصَلِّيَ مَعَهُ». أخرجه أبو داود
والترمذي (1).
- فضل انتظار صلاة الجماعة:
1 - عَنْ أبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم -: «أعْظَمُ النَّاسِ أجْراً فِي الصَّلاةِ أبْعَدُهُمْ
فَأبْعَدُهُمْ مَمْشىً، وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلاةَ حَتَّى
يُصَلِّيَهَا مَعَ الإمَامِ، أعْظَمُ أجْراً مِنِ الَّذِي يُصَلِّي ثُمَّ
يَنَامُ». متفق عليه (2).
2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قالَ: «لا يَزَالُ العَبْدُ فِي صَلاةٍ مَا كَانَ فِي
مُصَلاهُ يَنْتَظِرُ الصَّلاةَ، وَتَقُولُ المَلائِكَةُ، اللَّهُمَّ
اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ حَتَّى يَنْصَرِفَ أَوْ يُحْدِثَ».
قُلْتُ: مَا يُحْدِثُ؟ قال: يَفْسُو أَوْ يَضْرِطُ. متفق عليه (3).
- صفة قضاء الصلاة لمن نام عنها في السفر:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: عَرَّسْنَا مَعَ نَبِيِّ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (574) , واللفظ له، والترمذي برقم (220).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (651) , واللفظ له، ومسلم برقم (662).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (445) , ومسلم برقم (649)، واللفظ له.
(2/522)
طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم -: «لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ،
فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ». قال فَفَعَلْنَا،
ثُمَّ دَعَا بِالمَاءِ فَتَوَضَّأ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ
أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى الغَدَاةَ. أخرجه مسلم (1).
- حكم الشروع في نافلة بعد إقامة الصلاة:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - قالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلا صَلاةَ إِلا
المَكْتُوبَةُ». أخرجه مسلم (2).
- حكم صلاة النوافل المطلقة جماعة:
الأصل في النوافل المطلقة أن يصليها المسلم منفرداً، ويجوز أن تصلى النوافل
جماعة أحياناً في الليل أو النهار، في البيت أو المسجد أو غيرهما، ولا
يُدَاوَم على ذلك، ولا يُتَّخذ عادة.
عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ جَدَّتَهُ مُلَيْكَةَ
دَعَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ صَنَعَتْهُ لَهُ،
فَأكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قال: «قُومُوا فَلأُصَلِّ لَكُمْ». قال أنَسٌ:
فَقُمْتُ إلَى حَصِيرٍ لَنَا، قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا لُبِسَ،
فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،
وَصَفَفْتُ وَاليَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا، فَصَلَّى
لَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ
انْصَرَفَ. متفق عليه (3).
- حكم الصلاة في مسجد فيه قبر:
يحرم بناء المساجد على القبور، ويجب أن يُهدم المسجد الذي بني على
قبر، ويُنقل جثمان الميت إذا دفن في المسجد، وأيهما طرأ على الآخر مُنع
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (680).
(2) أخرجه مسلم برقم (710).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (380) , واللفظ له، ومسلم برقم (658).
(2/523)
منه، وكان الحكم للسابق.
ولا تصح الصلاة إلى القبور، ولا في المساجد المبنية على القبور، وبناء
المساجد على القبور أو اتخاذها مساجد سبب للعنة الله.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ: «لَعَنَ اللهُ
اليَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ».
قَالَتْ: فَلَوْلا ذَاكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أنَّهُ خُشِيَ أنْ
يُتَّخَذَ مَسْجِداً. متفق عليه (1).
- صفة الانصراف من المسجد:
يسن للإمام إذا صلى معه الرجال، وصلت معه النساء من دون حائل، أن ينتظر
قليلاً بعد السلام، حتى تنصرف النساء.
ويسن للرجال المكث في المسجد قليلاً حتى تنصرف النساء، ويدخلن بيوتهن، ثم
ينصرفون.
عَن أم سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا
سَلَّمَ يَمْكُثُ فِي مَكَانِهِ يَسِيراً. أخرجه البخاري (2).
- حكم التخلف عن صلاة الجماعة:
من تخلف عن صلاة الجماعة في المسجد فله حالتان:
الأولى: أن يتخلف بعذر من مرض أو حبس ونحوهما، فهذا يكتب له أجر من صلى في
جماعة.
عَنْ أبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم -: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1330) , ومسلم برقم (529)، واللفظ له.
(2) أخرجه البخاري برقم (850).
(2/524)
سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ
يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً». أخرجه البخاري (1).
الثانية: أن يتخلف عن صلاة الجماعة بغير عذر، فهذا صلاته صحيحة، لكنه يخسر
أجراً عظيماً، ويأثم إثماً كبيراً.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «إِنَّ أثْقَلَ صَلاةٍ عَلَى المُنَافِقِينَ صَلاةُ
العِشَاءِ وَصَلاةُ الفَجْرِ، وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأتَوْهُمَا
وَلَوْ حَبْواً، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ، ثُمَّ
آمُرَ رَجُلاً فَيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أنْطَلِقَ مَعِي بِرِجَالٍ
مَعَهُمْ حُزَمٌ مِنْ حَطَبٍ، إِلَى قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ،
فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ بِالنَّارِ». متفق عليه (2).
- أعذار ترك الجمعة والجماعة:
الصلوات الخمس والجمعة واجبة على كل مسلم مع جماعة المسلمين، وعند وجود
العذر الشرعي، أو حصول المشقة المعتبرة، فإنه يجوز التخلف عن الجمعة
والجماعة، والصلاة حسب الاستطاعة؛ لأن المشقة تجلب التيسير.
ومن أهم تلك الأعذار:
المرض الشديد .. مدافعة البول أو الغائط .. التأذي بالمطر، أو الوحل، أو
الثلج، أو البرد .. الرياح والعواصف الشديدة .. من خاف الضرر على نفسه، أو
ماله، أو أهله، أو رفيقه .. الخوف من فوات الرفقة في السفر .. الخوف من
فوات موعد الحافلة، أو القطار، أو الطائرة، أو السفينة .. من كان بحضرة
طعام محتاج إليه قُدِّم إليه .. من يعمل في مصالح المسلمين الضرورية
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (2996).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (657)، ومسلم برقم (651)، واللفظ له.
(2/525)
كالأطباء، والحراس، ورجال الأمن، والمطافئ
إذا تطلب العمل مناوبتهم يصلّون في أماكن عملهم، ولهم أن يصلوا بدل الجمعة
ظهراً عند الحاجة.
1 - قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا
وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)} [التغابن:16].
2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبيُّ -
صلى الله عليه وسلم -: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ
كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى
أنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا
اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ، عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ». أخرجه مسلم
(1).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1337).
(2/526)
16 - صلاة أهل
الأعذار
صلاة المريض .. صلاة المسافر .. صلاة الخوف
1 - صلاة المريض
- أهل الأعذار:
أهل الأعذار هم المرضى، والمسافرون، والخائفون ونحوهم ممن لا يستطيع أداء
الصلاة على صفتها التي يؤديها غير المعذور.
ومن رحمة الله أن يسر لهم، وخفف عنهم، ورفع عنهم الحرج، ولم يحرمهم كسب
الأجر، فأمرهم أن يصلوا حسب استطاعتهم، ولم ينقص أجورهم.
- صفة طهارة المريض:
يجب على المريض أن يتطهر ويتوضأ للصلاة، فإن لم يستطع غسل ما يقدر عليه من
الأعضاء، وتيمم للباقي، فإن لم يستطع تيمم، فإن لم يستطع سقطت الطهارة،
وصلى حسب حاله.
- حكم صلاة المريض:
يجب على المريض أن يصلي الصلوات الخمس في أوقاتها مع الجماعة في المسجد،
فإن لم يستطع صلاها في مكانه جماعة.
فإن لم يستطع صلاها في مكانه منفرداً.
فإن شق عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب
والعشاء، جمع تقديم أو تأخير حسب الأرفق به، ولا يقصر الصلاة،
(2/527)
ولا تسقط الصلاة عن المريض ما دام العقل
موجوداً.
قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى
وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} [البقرة:238].
- صفة صلاة المريض:
1 - تلزم المريض الصلاة المفروضة قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً متربعاً، أو
على هيئة جلوس التشهد، يحني ظهره راكعاً وساجداً، فإن لم يستطع أومأ برأسه،
فإن لم يستطع الجلوس فعلى جنبه الأيمن ووجهه إلى القبلة، فإن شق عليه فعلى
جنبه الأيسر، فإن لم يستطع صلى مستلقياً على ظهره، ورجلاه إلى القبلة إن
تيسر، ويومئ برأسه راكعاً وساجداً إلى الأرض، ويخفض السجود أكثر من الركوع،
فإن لم يستطع صلى حسب حاله، ولا تسقط الصلاة عن المريض أبداً ما دام عقله
معه، وهذا من رحمة الله أن أذن له بمناجاته وسؤاله في أشد أحواله.
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَتْ بِي
بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الصَّلاَةِ
فَقَالَ: «صَلِّ قَائِماً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِداً، فَإِنْ لَمْ
تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ». أخرجه البخاري (1).
2 - المريض كغيره يلزمه استقبال القبلة وما يلزم في الصلاة، فإن لم يستطع
صلى على حسب حاله إلى أي جهة تسهل عليه.
قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا
وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ
نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)} [التغابن:16].
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (1117).
(2/528)
- ما يجوز للمريض فعله:
1 - إذا صلى المريض قاعداً ثم قدر على القيام، أو صلى جالساً ثم قدر على
السجود، أو صلى على جنب ثم قدر على القعود، فإنه في جميع هذه الأحوال ينتقل
إلى ما قدر عليه؛ لأنه الواجب في حقه.
2 - إن قدر المريض على قيام وقعود، دون ركوع وسجود أومأ برأسه للركوع
قائماً، وأومأ برأسه للسجود قاعداً.
3 - من لم يستطع السجود على الأرض، يركع ويسجد وهو جالس، ويجعل ركوعه أخفض
من جلوسه، وسجوده أخفض من ركوعه، ويضع يديه على ركبتيه، ولا يرفع إلى جبهته
شيئاً كالوسادة ونحوها.
4 - يجوز للمريض أن يصلي مستلقياً مع القدرة على القيام لمداواة بقول طبيب
ثقة.
5 - المريض الذي ستجرى له عملية جراحية تحتاج إلى تخدير يجوز له أن يجمع
بين الصلاتين جمع تقديم أو تأخير حسب الأرفق بحاله.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -
صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي شَيْءٍ مِنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ
جَالِساً، حَتَّى إِذَا كَبِرَ قَرَأَ جَالِساً، فَإِذَا بَقِيَ عَلَيْهِ
مِنَ السُّورَةِ ثَلاَثُونَ أَوْ أَرْبَعُونَ آيَةً قَامَ، فَقَرَأَهُنَّ،
ثُمَّ رَكَعَ. متفق عليه (1).
- حكم صلاة المغمى عليه:
إذا كان المريض يغمى عليه أياماً ثم يفيق، فإنه يصلي حال إفاقته حسب
استطاعته، وليس عليه قضاء الصلوات التي مرت حال إغمائه؛ لأنه غير
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1148) , واللفظ له، ومسلم برقم (731).
(2/529)
مكلف حال إغمائه.
- ما يكتب للمريض والمسافر من العمل:
يكتب الله عز وجل للمريض والمسافر من الأعمال مثل ما كان يعمل المريض حال
الصحة، والمسافر حال الإقامة، وإن قَبض المريض غَفر له، وإن عافاه قعد ولا
ذنب له.
عَنْ أبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ
مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً». أخرجه البخاري (1).
- أحوال صلاة المريض:
عَنْ عِمْرَان بن حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَكَانَ مَبْسُوراً، قَالَ:
سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَةِ الرَّجُلِ
قَاعِداً، فَقَالَ: «إِنْ صَلَّى قَائِماً فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى
قَاعِداً فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِماً فَلَهُ
نِصْفُ أَجْرِ القَاعِدِ». أخرجه البخاري (2).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (2996).
(2) أخرجه البخاري برقم (1115).
(2/530)
2 - صلاة المسافر
- السفر: هو مفارقة محل الإقامة.
- أقسام السفر:
السفر أنواع كثيرة، ولكل سفر مقصد.
وأسفار الخلق يجمعها ثلاثة أنواع:
سفر الطاعة .. سفر المعصية .. السفر المباح.
1 - سفر الطاعة: وهو كل سفر يحبه الله ورسوله كالهجرة في سبيل الله، والسفر
من أجل الدعوة إلى الله، والسفر من أجل تعلم وتعليم أحكام الدين، والسفر من
أجل الجهاد في سبيل الله، والسفر من أجل الحج والعمرة، والسفر من أجل
الصلاة في المساجد الثلاثة، والسفر من أجل صلة الرحم وزيارة الإخوان ونحو
ذلك.
فهذه أعلى أنواع السفر في الإسلام.
2 - سفر المعصية: وهو كل سفر من أجل شهوات النفس المحرمة، تُرتكب فيه
الكبائر والفواحش، وتُضاع فيه الأوقات في نيل الشهوات المحرمة، وإهمال
فرائض الله الواجبة، فهذا السفر محرم.
3 - السفر المباح: كالسفر من أجل التجارة، والسفر من أجل إجمام النفس في
حدود المباح، والسفر من أجل العلاج، فهذا جائز.
- أحكام السفر:
1 - أحكام السفر خمسة، وهي:
(2/531)
القصر والجمع في الصلاة، والصوم والفطر في
الصيام، والمسح على الخفين في الوضوء.
2 - كل ما يسمى سفراً في العرف تعلقت به أحكام السفر، سواء كان سفر طاعة،
أو معصية، أو سفراً مباحاً.
عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قُلْتُ لِعُمَرَ
بْنِ الخَطَّابِ: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ
الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} فَقَدْ
أمِنَ النَّاسُ! فَقَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ، فَسَألْتُ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ ذَلِكَ. فَقَالَ: «صَدَقَةٌ
تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ». أخرجه مسلم
(1).
- متى تبدأ أحكام السفر:
يبدأ المسافر في أحكام السفر من القصر والجمع والفطر والمسح إذا فارق عامر
قريته، ولا حد للمسافة في السفر، وإنما يرجع ذلك إلى العرف، فما عده الناس
سفراً تعلقت به أحكام السفر، فمتى سافر الإنسان ولم ينو الإقامة المطلقة أو
الاستيطان فهو مسافر تنطبق عليه أحكام السفر حتى يعود إلى بلده.
2 - القصر في السفر هو السنة، ويقصر المسافر في كل ما يسمى سفراً، وإن أتم
فصلاته صحيحة، لكنه ترك الأفضل.
1 - عَنْ أنَسِ بن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - صَلَّى الظُّهْرَ بِالمَدِينَةِ أرْبَعاً، وَصَلَّى العَصْرَ
بِذِي الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ، قال: وَأحْسِبُهُ بَاتَ بِهَا حَتَّى
أصْبَحَ. متفق عليه (2).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (686).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1547) , واللفظ له، ومسلم برقم (690).
(2/532)
2 - وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
مِنَ المَدِينَةِ إِلَى مَكَّةَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ،
حَتَّى رَجَعَ. متفق عليه (1).
- وقت الأذان في السفر:
الأذان والإقامة فرض كفاية، إذا قام بهما من يكفي سقط الإثم عن الباقين.
والأذان في الحضر متعلق بأول الوقت، فلا يؤذن حتى يدخل الوقت.
والأذان في السفر متعلق بالصلاة، فلا يجب بدخول الوقت، وإنما عند إرادة
الصلاة.
- صفة الأذان والإقامة عند الجمع:
من أراد أن يجمع في الحضر أو السفر بين الظهر والعصر، أو بين المغرب
والعشاء، يؤذن ثم يقيم ويصلي الأولى، ثم يقيم ويصلي الثانية، يؤديها
المصلون جماعة كلهم، فإن كان هناك برد أو مطر أو ريح صلوا في رحالهم.
- حكم القصر في السفر:
1 - السنة قصر الصلاة في السفر، حال الأمن أو الخوف، وفِعْل كل صلاة في
وقتها في السفر هو الأفضل إن لم يكن هناك سبب يوجب الجمع كمواصلة السير
ونحوه.
2 - العبرة في القصر اعتبار المكان لا الزمان، فإذا نسي المسافر صلاة حضر
ثم ذكرها في سفر قصرها، وإن ذكر صلاة سفر في حضر أتمها.
3 - إذا دخل وقت الصلاة ثم سافر فله أن يقصر ويجمع، وإن دخل وقت الصلاة وهو
في السفر ثم دخل بلده فإنه يتم ولا يقصر ولا يجمع.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1081)، ومسلم برقم (693)، واللفظ له.
(2/533)
4 - إذا حُبس المسافر ولم ينو الإقامة، أو
أقام لقضاء حاجة بلا نية إقامة مطلقة ولو طالت قصر أبداً.
1 - قال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ
يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ
عَدُوًّا مُبِينًا (101)} [النساء:101].
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: فُرِضَتِ الصَّلاةُ
رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فِي الحَضَرِ وَالسَّفَرِ، فَأُقِرَّتْ صَلاةُ
السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلاةِ الحَضَرِ. متفق عليه (1).
- الصلوات التي تُقصر وتُجمع:
الصلوات التي تقصر في السفر هي: الظهر والعصر والعشاء.
أما المغرب والفجر فلا يدخلهما القصر.
والصلوات التي تجمع في السفر والحضر هي: الظهر والعصر معاً، والمغرب
والعشاء معاً، والجمعة مع العصر.
أما الفجر فتصلى سفراً وحضراً وحدها بلا جمع.
عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
صَلَّى الظُّهْرَ بِالمَدِينَةِ أرْبَعاً، وَصَلَّى العَصْرَ بِذِي
الحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ. متفق عليه (2).
- حكم الجمع في السفر:
1 - يسن الجمع في الحضر والسفر إذا وجد سببه؛ لأنه من رخص الله، والله يحب
أن تؤتى رخصه، وفيه اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
2 - من محاسن الإسلام القصر والجمع في السفر؛ لأنه غالباً توجد فيه المشقة،
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (350) , ومسلم برقم (685)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1547) , ومسلم برقم (690)، واللفظ له.
(2/534)
والإسلام دين رحمة وتيسير.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ إِذَا
كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ وَالعِشَاءِ.
متفق عليه (1).
- حكم الجماعة في السفر:
يجب على المسافرين أن يصلوا جماعة إن تيسر، فإن لم يتيسر صلوا فرادى حسب
الاستطاعة.
فيصلي المسلم في الطائرة، أو السفينة، أو القطار، أو الحافلة قائماً، فإن
لم يستطع صلى قاعداً، وأومأ برأسه بالركوع والسجود، ويصلي الفريضة مستقبل
القبلة.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلاةُ الجَمَاعَةِ تَفْضُلُ صَلاةَ الفَذِّ
بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَةً». متفق عليه (2).
- صفة القصر والجمع في السفر:
1 - المسافر إذا جدّ به السير فالسنة له القصر والجمع، وإذا نزل المسافر في
بلد أو مكان فيجمع على حسب الحاجة كما جمع النبي - صلى الله عليه وسلم - في
تبوك، ولا يجمع عند عدمها كما اقتصر النبي - صلى الله عليه وسلم - على
القصر دون الجمع في منى.
2 - السنة للمسافر عند الجمع أن يصلي الأولى، ثم يقيم مباشرة للأخرى، ويجوز
الفصل بينهما لعارض من وضوء ونحوه.
3 - يسن للمسافر الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، في وقت
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1107) , واللفظ له، ومسلم برقم (705).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (645) , واللفظ له، ومسلم برقم (650).
(2/535)
إحداهما مرتباً، أو في الوقت الذي بينهما.
فإن كان نازلاً فعل الأرفق به.
وإن جدَّ به السير فالسنة إذا غابت الشمس قبل أن يرتحل أن يجمع بين المغرب
والعشاء تقديماً، وإن ارتحل قبل أن تغيب الشمس أخر المغرب إلى العشاء، وجمع
بينهما تأخيراً.
وإن زالت الشمس قبل أن يركب فالسنة أن يجمع بين الظهر والعصر تقديماً، وإن
ركب قبل أن تزول الشمس أخّر الظهر إلى العصر، وجمع بينهما تأخيراً.
1 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - يَجْمَعُ بَيْنَ صَلاَةِ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ
إِذَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ سَيْرٍ، وَيَجْمَعُ بَيْنَ المَغْرِبِ
وَالعِشَاءِ. أخرجه البخاري (1).
2 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ
الشَّمْسُ، أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ العَصْرِ، ثُمَّ نَزَلَ
فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ،
صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ. متفق عليه (2).
- حكم من سفره مستمر طول العام:
من سفره مستمر طول الزمن كقائد الطائرة، أو السفينة، أو القطار، أو الحافلة
فهذا يجوز له أن يأخذ برخص السفر من القصر، والجمع، والفطر، والمسح.
- صفة الصلاة في الطائرة:
إذا ركب الإنسان الطائرة أو غيرها، ودخل وقت الصلاة، ولم يجد مكاناً
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (1107).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1112) , واللفظ له، ومسلم برقم (704).
(2/536)
للصلاة جماعة، فإنه يصلي في مكانه قائماً
مستقبلاً القبلة، ويومئ بالركوع قائماً حسب قدرته، ثم يجلس على الكرسي، ثم
يومئ بالسجود حسب قدرته.
وحبذا لو جعل أهل الطائرة مصلىً محدوداً؛ ليتمكن الناس من الصلاة بيسر،
خاصة في الرحلات الدولية الطويلة.
- حكم المسافر إذا وصل مكة:
من سافر إلى مكة أو غيرها، وسمع الأذان، فالأفضل له أن يصلي مع الإمام؛
ليحصل له ثواب فضل صلاة الجماعة في المسجد، وله أن يصلي جماعة في منزله.
فإن لم يدرك الصلاة مع الإمام فالسنة له قصر الرباعية إلى ركعتين.
ومن سافر ومر بقرية وسمع الأذان أو الإقامة ولم يكن صلى، فالأَوْلى له أن
ينزل ويصلي مع الجماعة، وله أن يواصل سيره إن شاء.
- حكم القصر والجمع في مشاعر الحج:
يسن لمن كان في الحج بعرفة أن يصلي بها الظهر والعصر قصراً، ويجمع بينهما
جمع تقديم؛ ليتفرغ للوقوف والدعاء.
وفي مزدلفة يقصر ويجمع بين المغرب والعشاء جمع تأخير، وفي منى أن يصلي فيها
الصلوات الخمس في أوقاتها قصراً بلا جمع.
- صفة صلاة المسافر خلف المقيم:
1 - يجوز للمسافر أن يصلي خلف المقيم، سواء اختلفت النية، أو اختلفت هيئة
الصلاة.
وللمسافر مع المقيم أربع حالات:
(2/537)
الأولى: أن يدرك المسافر مع المقيم الصلاة
كاملة فيلزمه الإتمام.
الثانية: أن يدرك مع الإمام دون الركعة فيصلي الرباعية قصراً ركعتين.
الثالثة: أن يدرك من صلاة الإمام ركعة من الرباعية فيأتي بأخرى ثم يسلم،
وإن أدرك ركعتين سلم معه.
الرابعة: إذا أدرك معه ثلاثاً، أو ابتدأ معه الصلاة أتم.
2 - إذا اختلفت هيئة الصلاة، كأن يصلي المسافر صلاة المغرب خلف مقيم يصلي
العشاء، فإنه حينئذ يجلس بعد الثالثة، وينتظر الإمام ليسلم معه، وله أن
يسلم قبله.
3 - إذا صلى المسافر صلاة العشاء خلف من يصلي المغرب فإنه يصلي معه ركعتين
ويجلس، وينتظر الإمام ليسلم معه، وله أن يسلم قبله.
4 - إذا صلى المسافر خلف مقيم يصلي المغرب أو الفجر، فإنه يتابعه ويصلي
مثله.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: فَرَضَ اللهُ الصَّلاةَ
عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - فِي الحَضَرِ أرْبَعاً،
وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الخَوْفِ رَكْعَةً. أخرجه مسلم (1).
- صفة صلاة المقيم خلف المسافر:
1 - إذا صلى مقيم خلف مسافر فالسنة أن يقصر المسافر ويتم المقيم صلاته بعد
سلام الإمام.
2 - إذا صلى المسافر بالمقيمين في بلدهم يصلي بهم الرباعية ركعتين، ويقول
لهم قبل تكبيرة الإحرام: أتموا صلاتكم فإنا قوم سَفْر.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (687).
(2/538)
3 - إذا صلى المقيم خلف مسافر يصلي المغرب
أو الفجر، فإنه يتابعه في جميع صلاته، ويصلي مثله.
4 - إذا صلى الإمام في السفر ركعتين في الرباعية، ثم قام للثالثة، فعلى
المأمومين التسبيح ليقعد.
- حكم صلاة النوافل في السفر:
السنة ترك السنن الرواتب في السفر ما عدا التهجد، والوتر، وسنة الفجر.
أما النوافل المطلقة فهي مشروعة في الحضر والسفر، وكذا ذوات الأسباب كسنة
الوضوء، وتحية المسجد، وصلاة الضحى، وركعتي الطواف، ونحو ذلك كصلاة
الاستسقاء والكسوف إذا وجد سببها.
عَنْ أُمِّ هَانِئٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَاغْتَسَلَ،
وَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، فَلَمْ أَرَ صَلاَةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْهَا،
غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. متفق عليه (1).
- حكم الصلاة على ظهر الراحلة:
1 - إذا كان المسافر لا يستطيع النزول إلى الأرض لأداء صلاة الفريضة كركاب
الطائرات والسفن والقطارات، فلا يخلو الأمر من حالين:
1 - أن يستطيع استقبال القبلة والركوع والسجود، فهذا تلزمه الصلاة بكيفيتها
المعتادة.
2 - أن يستطيع استقبال القبلة، لكن لا يستطيع الركوع أو السجود، فهذا يلزمه
استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام، ثم يكمل صلاته حسب ما يتوجه به
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1176) , واللفظ له، ومسلم برقم (336).
(2/539)
مركوبه، ويومئ برأسه في الركوع والسجود،
سواء كان على دابة، أو سيارة، أو طائرة.
2 - يسن للمسافر التنفل على ظهر الراحلة، ويسن أن يستقبل القبلة عند تكبيرة
الإحرام إن تيسر، وإلا صلى حيثما توجهت به الراحلة.
1 - عَنْ جَابِرِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -، يصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ، فَإذَا
أرَادَ الفَرِيضَةَ، نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ. متفق عليه (1).
2 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ
تَوَجَّهَتْ بِهِ، يُومِئُ إِيمَاءً، صَلاَةَ اللَّيْلِ إِلاَّ
الفَرَائِضَ، وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ. متفق عليه (2).
- حكم القصر والجمع قبيل الوصول إلى بلده:
يسن للمسافر أن يقصر ويجمع ولو كان قريباً من بلده؛ لأنه لا يزال مسافراً
حتى يدخل بلده.
- حكم الجمع في الحضر:
1 - يسن الجمع في الحضر بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء فيما يلي:
في المطر الشديد، والبرد الشديد، والرياح الشديدة، والوحل.
2 - ويسن الجمع كذلك لمريض يلحقه بتركه مشقة، وللمستحاضة، ومن به سلس
البول، ولمن خاف على نفسه أو أهله أو ماله ونحو ذلك.
3 - ويشرع الجمع كذلك من أجل مصالح المسلمين العامة، ولو لم يحصل برد ولا
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (400) , واللفظ له، ومسلم برقم (540).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1000) , واللفظ له، ومسلم برقم (700).
(2/540)
مطر ولا خوف ولا سفر.
1 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: صَلَّى رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الظُّهْرَ وَالعَصْرَ جَمِيعاً
بِالمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلا سَفَرٍ. أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: جَمَعَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ الظُّهْرِ وَالعَصْرِ، وَالمَغْرِبِ
وَالعِشَاءِ، بِالمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلا مَطَرٍ. أخرجه مسلم
(2).
- حكم من له منزلان في بلدين:
من كان له منزلان أحدهما في مكة، والآخر في الرياض مثلاً، ويسكن في هذا
حيناً، وفي هذا حيناً، فيتم في كلا المكانين؛ لأنه مستوطن.
وعليه القصر في السفر بينهما، أما الجمع فيسن في الحضر والسفر إذا وجد
سببه.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (705).
(2) أخرجه مسلم برقم (705).
(2/541)
3 - صلاة الخوف
- حكمة مشروعية صلاة الخوف:
الصلاة صلة بين العبد وربه، وعلاقة العبد بربه لا تنقطع أبداً ما دام حياً
عاقلاً، ولأهمية الصلاة ومنفعتها فإنها لا تسقط عن العبد بحال، فإذا كان
المسلمون في ساحة الجهاد في سبيل الله، وخافوا من عدوهم أن يأخذهم على
غرّة، جاز لهم أن يصلوا صلاة الخوف كما ثبت في السنة.
- حكم صلاة الخوف:
صلاة الخوف مشروعة بصورها المختلفة عند حصول الخوف.
1 - قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ
الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا
أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ
مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)} [البقرة:238، 239].
2 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: فَرَضَ اللهُ
الصَّلاةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ - صلى الله عليه وسلم - فِي الحَضَرِ
أرْبَعاً، وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وَفِي الخَوْفِ رَكْعَةً. أخرجه
مسلم (1).
- هيئة الصلاة في الحضر والسفر:
الصلوات الخمس فرض عين على كل مسلم ومسلمة حضراً وسفراً، وتختلف هيئتها
ومقادير ركعاتها ومكان أدائها حسب حال الإنسان في الحضر، أو السفر، أو
الصحة، أو المرض، أو الأمن، أو الخوف كما يلي:
1 - إذا كان المسلم مقيماً في بلده، فهذا يصلي صلاة كاملة الأركان والعدد.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (687).
(2/542)
2 - إذا كان في سفر لا خوف معه قَصَر عدد
الركعات فقط.
3 - إذا كان خوف لا سفر معه قَصَر الأركان وحدها دون العدد.
4 - إذا اجتمع الخوف والسفر قَصَر أركان الصلاة وعددها.
قال الله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ
جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ
الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا
(101)} [النساء:101].
- صفات صلاة الخوف:
صلاة الخوف أنواع، وقد صلاها النبي - صلى الله عليه وسلم - في أوقات
مختلفة، وصفات متباينة، يتحرى في كلها ما هو أحوط للصلاة، وأبلغ في
الحراسة، وهي في صورها المختلفة متفقة المعنى.
1 - إذا كان العدو في جهة القبلة فيصلون كما يلي:
يكبر الإمام، ويصف المسلمون خلفه صفين، ويركع ويرفع بهم جميعاً، ثم يسجد مع
الإمام الصف الذي يلي الإمام، فإذا قاموا سجد الصف الثاني ثم قاموا.
ثم يتأخر الصف الأول، ويتقدم الصف الثاني، ثم يصلي بهم الركعة الثانية
كالأولى، ثم يسلم بهم جميعاً.
عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِأصْحَابِهِ فِي الخَوْفِ، فَصَفَّهُمْ
خَلْفَهُ صَفَّيْنِ، فَصَلَّى بِالَّذِينَ يَلُونَهُ رَكْعَةً، ثُمَّ
قَامَ، فَلَمْ يَزَلْ قَائِماً حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ خَلْفَهُمْ
رَكْعَةً، ثُمَّ تَقَدَّمُوا وَتَأخَّرَ الَّذِينَ كَانُوا قُدَّامَهُمْ،
فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً، ثُمَّ قَعَدَ حَتَّى صَلَّى الَّذِينَ
تَخَلَّفُوا رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ. متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4131) , ومسلم برقم (841)، واللفظ له.
(2/543)
2 - إذا كان العدو في غير جهة القبلة
فيصلون بإحدى الصفات التالية:
الصفة الأولى: يكبر الإمام، وتصف معه طائفة، وتقف الطائفة الأخرى تجاه
العدو، فيصلي بالتي معه ركعة، ثم يثبت قائماً، ويتمون لأنفسهم، ثم ينصرفون
ويقفون تجاه العدو.
ثم تأتي الطائفة الأخرى، فيصلي بهم الإمام الركعة الباقية ثم يجلس، ويتمون
لأنفسهم وهو جالس، ثم يسلم بهم.
وعليهم حمل سلاح خفيف أثناء صلاتهم، مع الحذر من عدوهم.
1 - قال الله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ
فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ
فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ
أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ
وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ
أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً
وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ
أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ
إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)}
[النساء:102].
2 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: صَلَّى رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلاةَ الخَوْفِ بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ
رَكْعَةً، وَالطَّائِفَةُ الأخْرَى مُوَاجِهَةُ العَدُوِّ، ثُمَّ
انْصَرَفُوا وَقَامُوا فِي مَقَامِ أصْحَابِهِمْ، مُقْبِلِينَ عَلَى
العَدُوِّ، وَجَاءَ أولَئِكَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِمُ النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم - رَكْعَةً، ثُمَّ سَلَّمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -،
ثُمَّ قَضَى هَؤُلاءِ رَكْعَةً، وَهَؤُلاءِ رَكْعَةً. متفق عليه (1).
الصفة الثانية: أن يصلي الإمام بإحدى الطائفتين أول الصلاة، وبالأخرى آخر
الصلاة، فيصلي بالأولى ركعتين ثم يثبت قائماً، ويتمون لأنفسهم ويسلمون
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (942) , ومسلم برقم (839)، واللفظ له.
(2/544)
وينصرفون، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي
بهم الركعتين الأخيرتين، ثم يسلم بهم، فتكون له أربعاً ولكل طائفة ركعتان.
الصفة الثالثة: أن يصلي الإمام بالطائفة الأولى صلاة كاملة ركعتين ثم يسلم
بهم، ثم يصلي بالأخرى كذلك ثم يسلم.
وإذا كانت صلاة المغرب فلا يدخلها القصر، وللإمام أن يصلي بالطائفة الأولى
ركعتين، وبالطائفة الثانية ركعة أو العكس.
الصفة الرابعة: أن تصلي كل طائفة ركعة واحدة فقط مع الإمام ثم تسلم الأولى
وتنصرف، وتأتي الثانية فيصلي بهم الإمام الركعة الباقية ثم يسلم بهم، فيصلي
الإمام ركعتين، وتصلي كل طائفة ركعة من غير قضاء.
وكل هذه الصفات ثابتة في السنة، فتُفعل هذه مرة، وهذه مرة؛ إحياءً للسنة.
3 - إذا اشتد الخوف وتواصل الطعن والضرب والرمي، فهنا إذا دخل وقت الصلاة
يصلون رجالاً وركباناً ركعة واحدة، يومئون فرادى بالركوع والسجود، للقبلة
وغيرها، فإن لم يتمكنوا أخروا الصلاة حتى يقضي الله بينهم وبين عدوهم ثم
صلوا جماعة.
قال الله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى
وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ
رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا
لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (239)} [البقرة:238 - 239].
(2/545)
2 - باب صلاة الجمعة
- حكمة مشروعية صلاة الجمعة:
الإسلام يدعو إلى الاجتماع في النيات، والأقوال، والأعمال، والأخلاق،
والقلوب، والأبدان؛ لما في ذلك من القوة والمهابة، وتحقيق أواصر الألفة
والمحبة بين المسلمين.
وقد شرع الله لتحقيق ذلك اجتماعات متعددة:
اجتماعات حي: في الصلوات الخمس كل يوم وليلة.
اجتماعات بلد: في الجمعة والعيدين.
اجتماعات أقطار: في الحج والعمرة بمكة.
فهذه اجتماعات المسلمين صغرى .. ومتوسطة .. وكبرى.
- فضل يوم الجمعة:
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ
الجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ أدْخِلَ الجَنَّةَ، وَفِيهِ
أُخْرِجَ مِنْهَا، وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا فِي يَوْمِ الجُمُعَةِ».
أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قالَ: «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى
الجُمُعَةِ، كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، مَا لَمْ تُغْشَ الكَبَائِرُ».
أخرجه مسلم (2).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (854).
(2) أخرجه مسلم برقم (233).
(2/546)
- حكم صلاة الجمعة:
1 - صلاة الجمعة ركعتان، وتجب على كل مسلم، ذكر، بالغ، عاقل، مقيم ببناء
يشمله اسم واحد.
2 - صلاة الجمعة تكفي عن صلاة الظهر، فلا يجوز لمن صلاها أن يصلي بعدها
ظهراً.
3 - لا تجب صلاة الجمعة على أربعة:
المرأة، والمريض، والمسافر، والصبي، ومن في حكمهم، ومن حضرها منهم أجزأته.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ
لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ
وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)}
[الجمعة:9].
2 - وَعَنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَ: «رَوَاحُ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ». أخرجه
أبو داود والنسائي (1).
- شروط إقامة الجمعة:
يشترط أداء صلاة الجمعة في وقتها، وأن يحضرها جماعة لا يقلون عن ثلاثة من
الرجال، وأن يتقدمها خطبتان، وأن تكون في الحضر.
- حكم إقامة الجمعة في البلد:
إقامة الجمعة في البلد لا يشترط لها إذن الإمام.
أما تعدد صلاة الجمعة في أكثر من مكان في البلد فلا يجوز إلا لحاجة وضرورة
بإذن الإمام، وتقام في المدن والقرى لا في البادية والسفر.
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (342) , والنسائي برقم (137)، وهذا لفظه.
(2/547)
- وقت صلاة الجمعة:
وقت صلاة الجمعة الأفضل بعد زوال الشمس إلى آخر وقت الظهر، وتجوز قبل
الزوال.
1 - عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي الجُمُعَةَ حِينَ تَمِيلُ الشَّمْسُ. أخرجه
البخاري (1).
2 - وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا
نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الجُمُعَةَ،
فَنَرْجِعُ وَمَا نَجِدُ لِلْحِيطَانِ فَيْئاً نَسْتَظِلُّ بِهِ. متفق عليه
(2).
- وقت الأذان لصلاة الجمعة:
لصلاة الجمعة أذانان:
الأول قبل الزوال، والثاني إذا دخل الإمام قبيل الخطبة، والأَوْلى أن يكون
بين النداء الأول للجمعة والنداء الثاني فاصل زمني يتمكن فيه المسلم -خاصة
البعيد والنائم والغافل- من الاستعداد للصلاة، والأخذ بآدابها وسننها،
والسعي إليها كساعة مثلاً.
- ما يسن يوم الجمعة من الأفعال:
يسن للمسلم الذي تلزمه الجمعة ما يلي:
الاغتسال، والطيب، ولبس أحسن الثياب، والتبكير للجمعة، والمشي إلى المسجد،
والصلاة في الصف الأول، والاشتغال بالنوافل.
1 - عَنْ سَلْمَانَ الفَارِسِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قالَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَوْمَ
الجُمُعَةِ، وَيَتَطَهَّرُ مَا اسْتَطَاعَ مِنْ طُهْرٍ، وَيَدَّهِنُ مِنْ
دُهْنِهِ، أوْ يَمَسُّ مِنْ طِيبِ
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (904).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4168) , ومسلم برقم (860)، واللفظ له.
(2/548)
بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فَلا يُفَرِّقُ
بَيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي مَا كُتِبَ لَهُ، ثُمَّ يُنْصِتُ إذَا
تَكَلَّمَ الامَامُ، إلا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ
الأُخْرَى». أخرجه البخاري (1).
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ غُسْلَ
الجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي
السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي
السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ، فَكَأنَّمَا قَرَّبَ كَبْشاً أقْرَنَ، وَمَنْ
رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ فَكَأنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ
رَاحَ فِي السَّاعَةِ الخَامِسَةِ فَكَأنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإذَا
خَرَجَ الإمَامُ حَضَرَتِ المَلائِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ». متفق
عليه (2).
3 - وَعَنْ أَوْس بْن أَوْسٍ الثقَفِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَنْ غَسَّلَ
يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ ثمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ
يَرْكَبْ وَدَنَا مِنَ الإمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ كَانَ لَهُ
بكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا». أخرجه أبو
داود والترمذي (3).
- وقت غسل الجمعة:
يبدأ وقت الغسل يوم الجمعة من طلوع فجر يوم الجمعة، ويمتد إلى قبيل أداء
صلاة الجمعة، ويستحب تأخير الغسل إلى قبيل الرواح إلى صلاة الجمعة.
- حكم الغسل يوم الجمعة:
غسل الجمعة سنة مؤكدة، ويجب الغسل على من به رائحة كريهة تتأذى منها
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (883).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (881) , واللفظ له، ومسلم برقم (850).
(3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (345) , وهذا لفظه، والترمذي برقم (496).
(2/549)
الملائكة والناس.
عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «الغُسْلُ يَوْمَ الجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ
مُحْتَلِمٍ». متفق عليه (1).
- فضل صلاة الجمعة:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ، ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ فَصَلَّى مَا
قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، ثُمَّ
يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأخْرَى،
وَفَضْلُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ». أخرجه مسلم (2).
- وقت السعي للجمعة:
1 - وقت السعي المستحب إلى الجمعة يبدأ من طلوع الشمس يوم الجمعة.
أما وقت السعي الواجب إلى الجمعة فهو عند النداء الثاني إذا دخل الإمام
للخطبة.
2 - يعرف المسلم الساعات الخمس التي جاءت في فضل السعي المبكر يوم الجمعة
بأن يقسم ما بين طلوع الشمس إلى مجيء الإمام إلى خمسة أقسام، وبذلك يعرف
مقدار كل ساعة.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ
لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ
وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)}
[الجمعة:9].
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الجُمُعَةِ كَانَ عَلَى كُلِّ
باب مِنْ أبْوَابِ المَسْجِدِ مَلائِكَةٌ يَكْتُبُونَ الأوَّلَ فَالأوَّلَ،
فَإِذَا
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (858) , واللفظ له، ومسلم برقم (846).
(2) أخرجه مسلم برقم (857).
(2/550)
جَلَسَ الإمَامُ طَوَوُا الصُّحُفَ وَجَاؤا
يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ، وَمَثَلُ المُهَجِّرِ كَمَثَلِ الَّذِي يُهْدِي
البَدَنَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي بَقَرَةً، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي
الكَبْشَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي الدَّجَاجَةَ، ثُمَّ كَالَّذِي يُهْدِي
البَيْضَةَ». متفق عليه (1).
- ما يستحب من الأذكار والأدعية يوم الجمعة:
قراءة سورة الكهف ليلة الجمعة أو يومها .. الإكثار من الدعاء والذكر رجاء
موافقة ساعة الإجابة.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقال: «فِيهِ سَاعَةٌ، لا
يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْألُ اللهَ
تَعَالَى شَيْئاً، إلا أعْطَاهُ إيَّاهُ». وَأشَارَ بِيَدِهِ يُقَللهَا.
متفق عليه (2).
- ما يسن أن يقرأ الإمام في فجر الجمعة:
يسن أن يقرأ الإمام في الركعة الأولى من صلاة الفجر يوم الجمعة سورة السجدة
وفي الركعة الثانية سورة الإنسان.
وله أحياناً أن يقرأ بغيرهما بمقدارهما، أو أقصر منهما، من طوال المفصل،
وأوساطه، وقصاره، وأحياناً بأطول من ذلك.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم -، أنَّهُ كَانَ يَقْرَأ فِي الفَجْرِ، يَوْمَ الجُمُعَةِ: الم
تَنْزِيلُ، وَهَلْ أتَى. متفق عليه (3).
- مكانة يوم الجمعة:
1 - يوم الجمعة في الأيام كشهر رمضان في الشهور، وساعة الإجابة فيه كليلة
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (929) , ومسلم برقم (850)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (935) , واللفظ له، ومسلم برقم (852).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (891) , ومسلم برقم (880)، واللفظ له.
(2/551)
القدر في رمضان.
فيوم الجمعة ميزان الأسبوع، ورمضان ميزان العام، والحج ميزان العمر.
2 - يوم الجمعة يوم عظيم عند الله، فهو اليوم الذي تفزع فيه الدواب منه إلا
الإنس والجن، وفيه تقوم الساعة.
3 - يوم الجمعة سيد أيام الأسبوع، فيه صلاة الجمعة التي هي من آكد فروض
الإسلام، وأعظم مجامع المسلمين، وفيه خطبة الجمعة التي فيها الثناء على
الله وتمجيده، والشهادة له بالوحدانية.
4 - لشرف هذا اليوم العظيم فقد خصه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بعبادات تميز بها عن غيره: منها قراءة سورة السجدة والإنسان في فجره،
والتأكيد على الغسل فيه، ولبس أحسن الثياب، والتطيب، والتبكير للمسجد يوم
الجمعة، والاشتغال بالنوافل والذكر والقراءة حتى يخرج الإمام، والإنصات
للخطبة، وقراءة سورة الكهف في يومه أو ليلته، وقراءة سبح والغاشية في صلاة
الجمعة، أو الجمعة والمنافقون، أو الجمعة والغاشية، وللماشي إلى الجمعة بكل
خطوة أجر سنة صيامها وقيامها، وفيه ساعة الإجابة التي لا يسأل المسلم فيها
ربه شيئاً إلا أعطاه إياه، وهو يوم عيد يكره إفراده بالصوم.
- وقت مجيء الإمام للخطبة:
السنة أن يبكر المأموم للجمعة والعيدين والاستسقاء.
أما الإمام فيأتي في الجمعة والاستسقاء عند الخطبة، وفي العيدين يأتي عند
وقت الصلاة.
- حكم من دخل والمؤذن يؤذن:
من دخل المسجد يوم الجمعة والإمام على المنبر، والمؤذن يؤذن، صلى
(2/552)
ركعتين خفيفتين، ثم ينصت لسماع خطبة
الجمعة.
- بم تكون الخطبة:
السنة أن تكون خطبة الجمعة باللغة العربية لمن يحسنها، وإن ترجمت للحاضرين
بلغتهم لكونهم لا يفهمون العربية فهو أولى، فإن لم يمكن خطب بلغتهم؛ لأن
المقصود فهمها، والعمل بموجبها.
أما الصلاة فلا تصح فرضاً أو نفلاً إلا بالعربية.
- موضوع الخطبة:
خُطب النبي - صلى الله عليه وسلم - وخُطب أصحابه رضي الله عنهم كلها تشتمل
على بيان التوحيد والإيمان، وذكر صفات الرب جل جلاله، وأصول الإيمان، وذكر
أحوال اليوم الآخر، والجنة والنار.
كما تشتمل على ذكر آلاء الله التي تحببه إلى خلقه، وذكر أيامه التي تخوفهم
بأسه وبطشه.
كما تشتمل على ذم الاغترار بالدنيا، والترغيب في الآخرة، وذكر الموت، والحث
على طاعة الله ورسوله، والتحذير من الشرك والمعاصي.
فيذكر الخطيب من عظمة الله وعظمة أسمائه وصفاته، وعظمة خزائنه، وجميل
أفعاله، وجلاله وكبريائه، وعظيم آلائه ونعمه ما يحببه إلى خلقه، ويعظمه في
قلوبهم، ويأمر بطاعته وذكره وشكره والثناء عليه ما يحببهم إليه.
فينصرفون وقد أحبوه وأحبهم، وامتلأت قلوبهم بالإيمان واليقين والخشية
لربهم، وتحركت جوارحهم لطاعته وعبادته، ولهجت ألسنتهم بذكره وشكره وحمده،
وكثرة الاستغفار والتوبة.
(2/553)
- مقدار وقت الخطبة والصلاة:
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يطيل خطبته أحياناً، ويقصرها أحياناً،
بحسب حاجة الناس، وتغير الأحوال.
وكانت خطبته العارضة أطول من خطبته الراتبة، وصلاته أطول من خطبته.
ويسن للإمام أن يقصر الخطبة، ويطيل الصلاة، على ما ورد في السنة.
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أصَلِّي
مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَكَانَتْ صَلاتُهُ قَصْداً،
وَخُطْبَتُهُ قَصْداً. أخرجه مسلم (1).
- صفة الجلوس لسماع الخطبة:
يسن للمصلي أن يحضر للجمعة مبكراً، وأن يدنو من الإمام.
ويسن للمصلين أن يستقبلوا الإمام بوجوههم أثناء الخطبة؛ وذلك أحضر للقلب،
وأبلغ في السماع، وأوعى للكلام، وأبعد عن النوم، وأبلغ في الوعظ، وأشجع
للخطيب، وهو الذي يقتضيه الأدب.
وكان الصحابة رضي الله عنهم إذا جلس النبي - صلى الله عليه وسلم - يعظهم
ويعلمهم جلسوا حوله، واستقبلوه بوجوههم.
عَنْ أبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: إنَّ النَّبِيَّ
- صلى الله عليه وسلم - جَلَسَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى المِنْبَرِ، وَجَلَسْنَا
حَوْلَهُ. متفق عليه (2).
- صفة الخطيب:
السنة أن يلبس الإمام أحسن ثيابه، وأن يخطب على منبر له ثلاث درجات،
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (866).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (921) , واللفظ له، ومسلم برقم (1052).
(2/554)
فإذا دخل للخطبة صعد المنبر مباشرة، ثم
واجه المصلين وسلم عليهم.
ثم يجلس حتى يؤذن المؤذن، ثم يخطب الخطبة الأولى قائماً، ثم يجلس، ثم يخطب
الخطبة الثانية قائماً كذلك.
ويسن أن يخطب خطبة قصيرة حفظاً، فإن لم يقدر خطب بورقة، وله أن يقطع الخطبة
لعارض من أمر، أو تنبيه، أو توجيه، ثم يواصل.
1 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: كَانَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا خَطَبَ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ،
وَعَلا صَوْتُهُ، وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ، حَتَّى كَأنَّهُ مُنْذِرُ جَيْشٍ،
يَقُولُ: صَبَّحَكُمْ وَمَسَّاكُمْ. أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم - يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إذْ قَامَ رَجُلٌ فَقال: يَا
رَسُولَ اللهِ، هَلَكَ الكُرَاعُ، وَهَلَكَ الشَّاءُ، فَادْعُ اللهَ أنْ
يَسْقِيَنَا. فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعَا. متفق عليه (2).
- وجوب الإنصات أثناء الخطبة:
يجب على المصلين جميعاً الإنصات لسماع الخطبة، والكلام أثناء الخطبة يفسد
الأجر، ويُلحق الإثم، فلا يجوز الكلام والإمام يخطب إلا للإمام، ومَنْ
يكلمه الإمام لمصلحة.
ويجوز الكلام قبل الخطبة وبعدها لمصلحة، ويحرم تخطي رقاب الناس يوم الجمعة
والإمام يخطب.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قالَ: «إذَا قُلْتَ لِصَاحِبِكَ يَوْمَ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (867).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (932) , واللفظ له، ومسلم برقم (897).
(2/555)
الجُمُعَةِ أنْصِتْ، وَالإمَامُ يَخْطُبُ،
فَقَدْ لَغَوْتَ». متفق عليه (1).
- فضل سماع خطبة الجمعة:
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «مَنْ تَوَضَّأ فَأحْسَنَ الوُضُوءَ، ثُمَّ أتَى
الجُمُعَةَ فَاسْتَمَعَ وَأنْصَتَ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ
الجُمُعَةِ، وَزِيَادَةُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ، وَمَنْ مَسَّ الحَصَى فَقَدْ
لَغَا». أخرجه مسلم (2).
- حكم من دخل والإمام يخطب:
من دخل والإمام يخطب فالسنة أن يصلي ركعتين ويتجوّز فيهما، ثم ينصت لسماع
الخطبة، ومن نعس وهو في المسجد فالسنة أن يتحول من مجلسه ذلك إلى غيره.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: جَاءَ سُلَيْكٌ
الغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
يَخْطُبُ، فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ: «يَا سُلَيْكُ! قُمْ فَارْكَعْ
رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا». ثُمَّ قال: «إِذَا جَاءَ أحَدُكُمْ،
يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَالإمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ،
وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا». متفق عليه (3).
- صفة خطبة الجمعة:
1 - يسن للإمام أن يستفتح خطبته أحياناً بخطبة الحاجة، وأحياناً بغيرها،
وخطبة الحاجة هي:
«إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدهُ نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذ
باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، ومِنْ سَيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهْدِه
اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضْلِلْ فلا هاديَ له.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (934) , واللفظ له، ومسلم برقم (851).
(2) أخرجه مسلم برقم (857).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (161) , ومسلم برقم (875)، واللفظ له.
(2/556)
وأشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا
شَرِيكَ له، وأشْهَدُ أنّ محمداً عبدُه ورسولُهُ.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا
تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ
وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا
وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ
إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}.
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا
سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا
عَظِيمًا}.
«أما بعد» .. وأحياناً لا يذكر هذه الآيات.
وأحياناً يقول بعد قوله أما بعد: «فَإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كِتَابُ اللهِ،
وَخَيْرُ الهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ، وَشَرُّ الأمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،
وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ، وَكُلُّ ضَلالَةٍ فِي النَّارِ». أخرجه أبو
داود والنسائي وابن ماجه (1).
2 - السنة أن يتولى الخطبة والصلاة إمام واحد.
ويجوز أن يخطب رجل، ويصلي الجمعة بالناس آخر لعذر.
3 - يسن للخطيب أن يقرأ من القرآن في خطبته، وأن يخطب أحياناً بسورة (ق)،
وأن يستسقي في خطبته عند الحاجة، وأن تكون خطبته أقصر من صلاته.
1 - عَنْ عَمَّار بنِ ياسِر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِنَّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ،
وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ، مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فَأطِيلُوا الصَّلاةَ
وَاقْصُرُوا الخُطْبَةَ، وَإِنَّ مِنَ البَيَانِ سِحْراً». أخرجه مسلم (2).
2 - وَعَنْ أمِّ هِشَامٍ بِنْتِ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ رَضِيَ اللهُ
عَنْهَا قَالَتْ: لَقَدْ كَانَ تَنُّورُنَا
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (2118) , والنسائي برقم (1578)، وابن ماجه
برقم (1892)، وأصله في مسلم برقم (868).
(2) أخرجه مسلم برقم (869).
(2/557)
وَتَنُّورُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - وَاحِداً، سَنَتَيْنِ أوْ سَنَةً وَبَعْضَ سَنَةٍ، وَمَا أخَذْتُ (ق
وَالقُرْآنِ المَجِيدِ) إِلا عَنْ لِسَانِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم -، يَقْرَؤُهَا كُلَّ يَوْمِ جُمُعَةٍ. أخرجه مسلم (1).
- حكم التسمية في بدء الخطبة:
الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه إذا كتب كتاباً بسمل ولم
يحمدل، وإذا خطب حمد الله بدون بسملة.
- حكم الدعاء أثناء الخطبة:
1 - يسن للإمام أن يدعو في خطبته لما فيه صالح الإسلام والمسلمين، مما ورد
في القرآن والسنة.
2 - لا يشرع لا للإمام ولا للمأمومين رفع اليدين أثناء الدعاء في الخطبة
إلا إذا استسقى الإمام فيرفع يديه ويرفع الناس.
3 - يشير الإمام أثناء الدعاء بأصبعه السبابة ولا يرفع يديه.
أما التأمين على الدعاء فمشروع للمصلين مع خفض الصوت به.
- صفة صلاة الجمعة:
صلاة الجمعة ركعتان يصليهما الإمام بعد خطبة الجمعة.
ويسن للإمام أن يقرأ جهراً في الأولى بعد الفاتحة بسورة (الجمعة).
ويقرأ جهراً في الثانية بعد الفاتحة بسورة (المنافقون).
أو يقرأ في الأولى بـ (الجمعة)، وفي الثانية بـ (الغاشية).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (873).
(2/558)
أو يقرأ في الأولى بـ (الأعلى)، وفي
الثانية بـ (الغاشية).
يفعل هذا مرة، وهذا مرة؛ إحياءً للسنة بوجوهها المشروعة.
وله أن يقرأ فيهما بما تيسر من القرآن، فإذا صلى الركعتين سلم.
1 - عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: كَانَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأ فِي العِيدَيْنِ وَفِي
الجُمُعَةِ، بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى، وَهَلْ أتَاكَ حَدِيثُ
الغَاشِيَةِ. قال: وَإِذَا اجْتَمَعَ العِيدُ وَالجُمُعَةُ، فِي يَوْمٍ
وَاحِدٍ، يَقْرَأ بِهِمَا أيْضاً فِي الصَّلاتَيْنِ. أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأ فِي صَلاةِ الفَجْرِ، يَوْمَ الجُمُعَةِ:
الم تَنْزِيلُ السَّجْدَةِ، وَهَلْ أتَى عَلَى الإنْسَانِ حِينٌ مِنَ
الدَّهْرِ، وَأنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأ فِي
صَلاةِ الجُمُعَةِ سُورَةَ الجُمُعَةِ وَالمُنَافِقِينَ. أخرجه مسلم (2).
- صفة سنة الجمعة:
يسن للمسلم أن يصلي بعد الجمعة في بيته ركعتين، ويصلي في بعض الأحيان
أربعاً بسلامين.
أما إذا صلى في المسجد فيسن له أن يصلي أربعاً بسلامين.
ولا سنة للجمعة قبلها، بل يصلي ما شاء حتى يأتي الإمام.
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا صَلَّى أحَدُكُمُ الجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ
بَعْدَهَا أرْبَعاً». أخرجه مسلم (3).
2 - وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ كَانَ إِذَا صَلَّى
الجُمُعَةَ، انْصَرَفَ فَسَجَدَ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (878).
(2) أخرجه مسلم برقم (879).
(3) أخرجه مسلم برقم (881).
(2/559)
سَجْدَتَيْنِ فِي بَيْتِهِ، ثُمَّ قال:
كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَصْنَعُ ذَلِكَ. متفق عليه
(1).
- المسبوق متى يدرك الجمعة:
من أدرك مع الإمام الخطبة والصلاة فهو أفضل وأعظم أجراً، ومن أدرك مع
الإمام ركعة من الجمعة جاء بركعة أخرى وأتمها جمعة، وإن أدرك أقل من ركعة
فينويها ظهراً، ويصلي أربع ركعات.
- حكم ترك الجمعة:
من فاتته صلاة الجمعة قضاها ظهراً أربع ركعات، فإن كان معذوراً فلا إثم
عليه، وإن كان غير معذور فهو آثم إثماً كبيراً.
1 - عَنْ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه
وسلم - قالَ لِقَوْمٍ يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الجُمُعَةِ: «لَقَدْ هَمَمْتُ
أنْ آمُرَ رَجُلاً يُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ أُحَرِّقَ عَلَى رِجَالٍ
يَتَخَلَّفُونَ عَنِ الجُمُعَةِ بُيُوتَهُمْ». أخرجه مسلم (2).
2 - وَعَنْ ابْن عُمَرَ وَأبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
أنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ عَلَى
أعْوَادِ مِنْبَرِهِ: «لَيَنْتَهِيَنَّ أقْوَامٌ، عَنْ وَدْعِهِمُ
الجُمُعَاتِ، أوْ لَيَخْتِمَنَّ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ، ثُمَّ
لَيَكُونُنَّ مِنَ الغَافِلِينَ». أخرجه مسلم (3).
3 - وَعَنْ أَبي الجَعْدِ الضَّمْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ تَرَكَ ثلاَث جُمَعٍ تَهَاوُناً
بهَا طَبَعَ اللهُ عَلَى قَلْبهِ». أخرجه أبو داود والترمذي (4).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (937) , ومسلم برقم (882)، واللفظ له.
(2) أخرجه مسلم برقم (652).
(3) أخرجه مسلم برقم (865).
(4) حسن صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1052) , وهذا لفظه، والترمذي برقم
(500).
(2/560)
- حكم السفر يوم الجمعة:
يجوز للإنسان أن يسافر لحاجته كل وقت، وأفضل أوقات السفر المختار يوم
الخميس، ويجوز السفر يوم الجمعة صباحاً أو مساءً، ولا يجوز لمن تلزمه
الجمعة السفر في يومها بعد النداء الثاني إلا لضرورة، كخوف فوت رفقة، أو
حضور وقت الرحلة في طائرة، أو سيارة، أو سفينة ونحو ذلك.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ
مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا
الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9)}
[الجمعة:9].
- هل تجب الجمعة على المسافر:
1 - صلاة الجمعة لا تجب على المسافر، والمسافر لا يشرع له تقصُّد صلاة
الجمعة ما لم يستوطن، وإن صلاها صحت منه.
2 - إذا مر المسافر ببلد تقام فيه الجمعة، وسمع النداء، وأراد أن يستريح في
هذا البلد لزمته صلاة الجمعة، وإن خطب وصلى بهم الجمعة صحت صلاة الجميع.
ولا جمعة على المريض الذي لا يستطيع شهودها، ولا على السجين؛ لأنه معذور،
فإن أُذن له بشهودها لزمته.
- الحكم إذا وافق العيد يوم الجمعة:
إذا وافق العيد يوم الجمعة سقط حضور الجمعة عمن صلى العيد، ويصلون ظهراً،
إلا الإمام فإنها لا تسقط عنه، وكذا من لم يصل العيد، وإن صلاها من صلى
العيد أجزأته عن صلاة الظهر.
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «قَدِ اجْتَمَعَ فِي
(2/561)
يَوْمِكُمْ هَذا عِيدَانِ فَمَنْ شَاءَ
أَجْزَأَهُ مِنَ الجُمُعَةِ وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ». أخرجه أبو داود وابن
ماجه (1).
- وقت ساعة الإجابة:
أخفى الله عز وجل ليلة القدر في الليالي العشر الأواخر من رمضان، وأخفى
ساعة الإجابة في يوم الجمعة؛ ليجتهد العبد في تحريها، وينافس في الأعمال
الصالحة ليغنم وافر الأجر، وهي ساعة خفيفة.
وترجى ساعة الإجابة في آخر ساعة من نهار يوم الجمعة بعد العصر، وما بين أن
يجلس الإمام إلى نهاية الصلاة.
ويسن فيها الإكثار من الذكر والدعاء، وسؤال الله من خيري الدنيا والآخرة،
فالدعاء في هذا الوقت حريّ بالإجابة.
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - ذَكَرَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقال: «فِيهِ سَاعَةٌ، لا
يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْألُ اللهَ
تَعَالَى شَيْئاً، إلا أعْطَاهُ إيَّاهُ». وَأشَارَ بِيَدِهِ يُقَللهَا.
متفق عليه (2).
2 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَ: «يَوْمُ الجُمُعَةِ اثْنَتَا عَشْرَةَ سَاعَةً لاَ يُوجَدُ
فِيهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللهَ شَيْئاً إِلاَّ آتَاهُ إِيَّاهُ
فَالتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ العَصْرِ. أخرجه أبو داود والنسائي
(3).
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1073) , وهذا لفظه، وابن ماجه برقم (1311).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (935) , واللفظ له، ومسلم برقم (852).
(3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1048)، وأخرجه النسائي برقم (1389) وهذا
لفظه.
(2/562)
3 - باب قضاء
الفوائت
- الأداء: فعل العبادة في وقتها المقدر شرعاً.
- القضاء: فعل العبادة خارج وقتها المقدر شرعاً.
- الترتيب: وضع كل شيء في مرتبته، بأن تُفعل العبادة حسب مرتبتها في وقتها.
- الصلاة الفائتة: هي التي خرج وقتها قبل أدائها.
- أقسام الصلوات التي تقضى:
ينقسم قضاء الصلوات إلى ثلاثة أقسام:
1 - قضاء الصلوات المفروضة.
2 - قضاء صلاة التطوع.
3 - قضاء الركعات -كما سبق في أحكام المأموم-.
- صفة قضاء الفوائت:
الصلاة إذا فات وقتها قبل فعلها فهي على أقسام:
1 - قسم يقضى بحاله في كل وقت من حين زوال العذر كالصلوات الخمس.
2 - قسم لا يقضى بنفسه، وهو الجمعة إذا فاتت أو فات وقتها، فيصلي ظهراً
بدلاً عنها.
3 - قسم يقضى بنفسه في وقته، وهي صلاة العيد.
فإذا فات وقت صلاة العيد، قضى الناس صلاة العيد من الغد في وقتها من
(2/563)
طلوع الشمس إلى ما قبل الزوال.
وأما النوافل فهي قسمان:
1 - ما كان له سبب عارض إذا فات سببه لم يقض لفوات سببه كالكسوف،
والاستسقاء ونحوهما.
2 - ما كان يدور بدوران الوقت كالسنن الرواتب، والوتر، وقيام الليل ونحو
ذلك، فهذا يستحب قضاؤه إذا فات لعذر.
والقضاء يحكي الأداء إلا الجمعة إذا فاتته صلاها ظهراً، وإلا الوتر إذا
فاته قضاه في النهار شفعاً.
- أحكام قضاء فوائت الفرائض:
1 - يجب فوراً قضاء فوائت الفرائض مرتبة بمجرد زوال العذر، ويسقط الترتيب
بالنسيان، أو الجهل، أو خوف خروج وقت الحاضرة، أو خوف فوات الجمعة.
2 - من شرع في صلاة فرض ثم ذكر أنه لم يصل الصلاة التي قبلها، فهذا يتم ما
دخل فيه، ثم يقضي الفائتة.
فمن فاتته صلاة العصر مثلاً ونسيها، ثم دخل المسجد فوجد المغرب قد أقيمت،
ودخل معهم، ثم ذكر أنه لم يصل العصر، فهذا يكمل صلاة المغرب، ثم يصلي
العصر.
3 - السنة إذا كثرت فوائت الفرائض أن يقضيها بدون السنن الراتبة، كما قضى
النبي - صلى الله عليه وسلم - الصلوات في يوم الخندق بلا الرواتب.
وإذا قلّت الفوائت فالسنة أن يقضي معها السنة الراتبة.
(2/564)
1 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُما أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ جَاءَ يَوْمَ الخَنْدَقِ
بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ،
قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا كِدْتُ أصَلِّي العَصْرَ، حَتَّى كَادَتِ
الشَّمْسُ تَغْرُبُ، قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «وَاللهِ
مَا صَلَّيْتُهَا». فَقُمْنَا إلَى بُطْحَانَ، فَتَوَضَّأ لِلصَّلاةِ
وَتَوَضَّأْنَا لَهَا، فَصَلَّى العَصْرَ بَعْدَ مَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ،
ثُمَّ صَلَّى بَعْدَهَا المَغْرِبَ. متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: عَرَّسْنَا مَعَ
نَبِيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى
طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
«لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ
حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ». قال فَفَعَلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِالمَاءِ
فَتَوَضَّأ، ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ
فَصَلَّى الغَدَاةَ. أخرجه مسلم (2).
- صفة قضاء الفوائت المفروضة:
1 - من نام عن صلاة أو نسيها صلاها إذا ذكرها في أي وقت.
عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ نَبِيُّ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ نَسيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا،
فكَفَّارَتُهَا أنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا». متفق عليه (3).
2 - من زال عقله بنوم أو سكر لزمه قضاء الفوائت، وكذا لو زال عقله بفعل
مباح كالبنج والدواء فعليه القضاء.
3 - من زال عقله بغير اختياره كالإغماء فلا قضاء عليه لما فات.
4 - من نام عن صلاة العصر مثلاً، ولم يفق إلا والناس في صلاة المغرب فيدخل
معهم بنية العصر، فإذا سلم الإمام قام وأتى بالركعة الرابعة ثم سلم، ثم
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (596) , واللفظ له، ومسلم برقم (631).
(2) أخرجه مسلم برقم (680).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (597) , ومسلم برقم (684)، واللفظ له.
(2/565)
يصلي بعدها المغرب.
5 - المرتد إذا تاب لا يؤمر بقضاء ما ترك من الصلاة والصيام وغيرهما في حال
ردته؛ لأنه كفر ثم أسلم، والإسلام يجب ما قبله.
عَنْ عَمْرو بن العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - قالَ لهُ: «أمَا عَلِمْتَ أنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ
قَبْلَهُ؟ وَأنَّ الهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلِهَا؟ وَأنَّ الحَجَّ
يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ؟». أخرجه مسلم (1).
6 - إذا أفاق مجنون، أو أسلم كافر، أو طهرت حائض، بعد دخول الوقت، لزمهم أن
يصلوا صلاة ذلك الوقت.
7 - المريض إذا كان يغمى عليه قليلاً ثم يفيق فإنه يصلي حال إفاقته، وإن
كان يغمى عليه طويلاً كأيام أو شهور فإنه يصلي حال إفاقته، وليس عليه قضاء
الصلوات التي مرت حال إغمائه.
- صفة قضاء الحائض والنفساء للصلاة:
1 - الحائض والنفساء لا يصح منها الصوم ولا الصلاة ولا الطواف، فإذا طهرت
فعليها أن تقضي الصوم لا الصلاة.
2 - الحائض إذا انقطع دمها في الوقت، ولم يمكنها الاغتسال إلا بعد خروج
الوقت، فيلزمها أن تغتسل وتصلي ولو خرج الوقت؛ لأن الوقت في حقها من حين
طهرت من الدم.
عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: سَألْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ الحَائِضِ
تَقْضِي الصَّوْمَ وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ؟ فَقَالَتْ: أحَرُورِيَّةٌ
أنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (121).
(2/566)
أسْألُ، قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ
فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلا نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ. متفق
عليه (1).
- كيف يقضي الجنب الصلاة:
الإنسان إذا أصابته الجنابة عليه أن يغتسل ويصلي الصلاة في وقتها مع
الجماعة.
والجنب إذا غلبه النوم ثم استيقظ لصلاة الفجر قبل طلوع الشمس، فإن اغتسل
طلعت الشمس، فعليه أن يغتسل ويصلي ولو طلعت الشمس؛ لأن الوقت في حق النائم
من حين يستيقظ.
- صفة قضاء من نام عن الصلاة في السفر:
من كانوا في سفر ثم ناموا في الصحراء، ولم يستيقظوا إلا بعد طلوع الشمس،
فالسنة أن يتحولوا من مكانهم، ثم يتوضؤون، ثم يؤذن أحدهم، ثم يصلون ركعتي
الفجر، ثم يقيم، ثم يصلي بهم إمامهم الفجر.
- صفة الترتيب بين الفوائت:
1 - يجب الترتيب بين فوائت الفرائض أنفسها، وبين الفوائت والصلاة الوقتية،
وبين الصلاتين المجموعتين في وقت إحداهما.
2 - وجوب الترتيب يسقط بما يلي:
الجهل، والنسيان، وضيق وقت الحاضرة، وخشية فوات صلاة الجمعة.
- حكم من ذكر فائتة وهو يصلي:
1 - إذا ذكر الإمام فائتة في أثناء حاضرة أتم الحاضرة، ثم قضى الفائتة.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (321) , ومسلم برقم (335)، واللفظ له.
(2/567)
2 - إذا قطع الإمام صلاته الحاضرة بعد ذكره
الفائتة أثناء الصلاة فقد ترك الأَوْلى، لكن عليه أن يستخلف من يتم
بالمأمومين صلاتهم.
3 - إذا قلب الإمام نيته إلى نافلة بعد ذكره الفائتة فصلاة المأمومين خلفه
صحيحة، لصحة ائتمام المفترض بالمتنفل.
4 - إذا ذكر المأموم صلاة فائتة وهو يصلي الحاضرة أتم الحاضرة مع الإمام،
ثم يصلي بعدها الفائتة.
5 - المنفرد إذا ذكر فائتة أثناء صلاة حاضرة أتم الحاضرة، ثم يصلي بعدها
الفائتة.
- صفة قضاء الصلوات المنسية:
1 - إذا نسي المسلم صلاة معينة فأكثر وعلم يومها فإنه يجب عليه أن يعيد
جميع صلوات ذلك اليوم مرتبة بأعيانها، حتى يتحقق من قضاء تلك الفائتة.
2 - إذا علم عين الصلاة الفائتة كالظهر مثلاً، ونسي يومها، فيقضيها وينوي
بصلاته تلك الفائتة.
3 - إذا علم أعيان الفوائت كصلوات الظهر والعصر والمغرب مثلاً، ونسي
أيامها، قضاها مرتبة حسب ترتيب أيامها، إلا أن يشق عليه ذلك، فيصلي الظهر
ثم العصر ثم المغرب لليوم الأول .. وهكذا.
- حكم الترتيب بين الفوائت:
الصلوات بالنسبة للترتيب في الوقت والفعل أربعة أقسام هي:
1 - الصلوات الخمس: وهذه يجب أداؤها في أوقاتها مرتبة.
2 - الصلوات المجموعة: فإذا جمع في الحضر أو السفر بين الظهر والعصر، أو
(2/568)
بين المغرب والعشاء في وقت إحداهما،
فالترتيب واجب بالفعل وإن اتحد الوقت.
3 - فوائت الفرائض: وهذه يجب قضاؤها مرتبة؛ لأن القضاء مثل الأداء، فإذا
فات الوقت تعيّن الفعل.
4 - يجب الترتيب بين الفوائت والصلاة الوقتية إذا اتسع الوقت لفعلهما، فإذا
لم يتسع قدم الوقتية على غيرها؛ لأن الفائتة قد فات وقتها، فلا يجوز تفويت
وقت الأخرى بحجة الترتيب بينهما.
5 - حد الكثرة المسقط للترتيب يكون بحسب اتساع الوقت وضيقه لا بحسب عدد
معين من الصلوات، فإن اتسع الوقت لم يسقط الترتيب، وإن ضاق سقط.
- صفة الأذان للفوائت:
1 - يسن الأذان للفائتة، ثم يقيم ويصلي، وإذا كانت الفوائت أكثر من واحدة
فيكتفي بأذان واحد للجميع، ويقيم لكل واحدة من الفوائت.
2 - تصح الصلاة بدون أذان ولا إقامة، سواء كانت فائتة أو غير فائتة، وسواء
كان منفرداً أو في جماعة.
3 - الأذان ليس بواجب للصلاة الفائتة، وإن صلى وحده أداء أو قضاءً وأذن
وأقام فقد أحسن، وإن اكتفى بالإقامة أجزأه.
- الذين يجب عليهم قضاء الفوائت:
النائم، والناسي، والسكران، والمخدَّر، وما تركه المرتد حال إسلامه قبل
ردته.
(2/569)
قال الله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ
مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ
أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ
هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)} [البقرة:217].
- الذين لا يجب عليهم قضاء الفوائت:
الكافر، والمجنون، والحائض، والنفساء، وتارك الصلاة عمداً من غير عذر، وما
تركه المرتد حال ردته، ومن أغمي عليه بغير اختياره.
1 - قال الله تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ
لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ
الْأَوَّلِينَ (38)} [الأنفال:38].
2 - وَعَنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ سَمِعَ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إذَا أسْلَمَ العَبْدُ
فَحَسُنَ إسْلامُهُ، يُكَفِّرُ اللهُ عَنْهُ كُلَّ سَيِّئَةٍ كَانَ
زَلَفَهَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ القِصَاصُ: الحَسَنَةُ بِعَشْرِ
أمْثَالِهَا إلَى سَبْعِ مِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إلا
أنْ يَتَجَاوَزَ اللهُ عَنْهَا». أخرجه البخاري (1).
3 - وَعَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثلاَثةٍ عَنِ
المَجْنُونِ المَغْلُوب عَلَى عَقْلِهِ حَتَّى يفِيقَ وَعَنِ النَّائِمِ
حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّبيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ». أخرجه أبو داود
والترمذي (2).
4 - وَعَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ: سَألْتُ عَائِشَةَ فَقُلْتُ: مَا بَالُ
الحَائِضِ تَقْضِي الصَّوْمَ وَلا تَقْضِي الصَّلاةَ؟ فَقَالَتْ:
أحَرُورِيَّةٌ أنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أسْألُ،
قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلا
نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاةِ.
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (41).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (4401) , وهذا لفظه، والترمذي برقم (1423).
(2/570)
متفق عليه (1).
- ما يجب قضاؤه من الصلوات:
1 - من لزمه قضاء صلاة فريضة لا يلزمه قضاء ما بعدها مما يجمع إليها، فلو
فاتته الظهر مثلاً، ثم أغمي عليه طويلاً، فيقضي الظهر دون العصر؛ لأنه دخل
وقتها وخرج وهو من غير أهلها.
2 - من زال عذره في وقت صلاة يُجمع ما قبلها إليها فلا يلزمه قضاء ما
قبلها؛ لأنه دخل وقتها وخرج وهو من غير أهلها، كمن أفاق من جنون أو إغماء
وقت العشاء، فيقضي العشاء وحدها دون المغرب.
- وقت قضاء الفوائت:
من فاتته إحدى الصلوات الخمس، أو السنن الرواتب، أو الوتر فالسنة أن يقضيها
إذا ذكرها، إن تركها لعذر، ومن تركها لغير عذر فلا يقضيها.
عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا رَقَدَ أَحَدُكُمْ عَنِ الصَّلاَةِ أَوْ
غَفَلَ عَنْهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ
أَقِمِ الصَّلاَةَ لِذِكْرِى» متفق عليه (2).
- صفة قضاء صلاة السفر في الحضر والعكس:
1 - صفة قضاء صلاة السفر في الحضر:
إذا فاتت صلاة السفر، أو لم تُذكر، أو لم يزل السبب المانع منها إلا في
الحضر فإنها تقضى في الحضر أربع ركعات إذا كانت مما يقصر؛ لأن الأصل
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (321)، ومسلم برقم (335)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (597) , ومسلم برقم (684)، واللفظ له.
(2/571)
في الصلاة الاتمام وليس القصر، فإذا زال
السبب عمل بالأصل، ولأن العبرة في قضاء الصلاة وأدائها اعتبار المكان لا
الزمان.
2 - صفة قضاء صلاة الحضر في السفر:
إذا فاتت المسلم صلاة من الصلوات في الحضر لعذر ثم ذكرها في السفر فإنها
تقضى ركعتين؛ لأن العبرة في قضاء الصلاة اعتبار المكان لا الزمان.
2 - قضاء صلاة التطوع:
1 - قضاء السنن الرواتب.
- صفة قضاء السنن الرواتب:
يسن قضاء السنن الرواتب إذا فاتت لعذر، سواء فاتت مع فرائضها، أو لم تفت
معها.
1 - عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قال نَبِيُّ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ نَسيَ صَلاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا،
فكَفَّارَتُهَا أنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا». أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ أُمّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ لَها: «يَا بِنْتَ أَبِي أُمَيَّةَ، سَأَلْتِ عَنِ
الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ العَصْرِ، وَإِنَّهُ أَتَانِي نَاسٌ مِنْ
عَبْدِالقَيْسِ، فَشَغَلُونِي عَنِ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ
الظُّهْرِ فَهُمَا هَاتَانِ». متفق عليه (2).
3 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: عَرَّسْنَا مَعَ
نَبِيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ نَسْتَيْقِظْ حَتَّى
طَلَعَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:
«لِيَأْخُذْ كُلُّ رَجُلٍ بِرَأْسِ رَاحِلَتِهِ، فَإِنَّ هَذَا مَنْزِلٌ
حَضَرَنَا فِيهِ الشَّيْطَانُ». قال فَفَعَلْنَا، ثُمَّ دَعَا بِالمَاءِ
فَتَوَضَّأ، ثُمَّ سَجَدَ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (684).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1233) , واللفظ له، ومسلم برقم (834).
(2/572)
سَجْدَتَيْنِ،، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ
فَصَلَّى الغَدَاةَ. أخرجه مسلم (1).
2 - صفة قضاء قيام الليل والوتر:
يسن لمن فاتته صلاة الليل من تهجد ووتر أن يقضيهما إن تركهما لعذر.
1 - عَنْ عُمَر بن. الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ
شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأهُ فِيمَا بَيْنَ صَلاةِ الفَجْرِ وَصَلاةِ
الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأنَّمَا قَرَأهُ مِنَ اللَّيْلِ». أخرجه مسلم
(2).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلاةُ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ
أَوْ غَيْرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً. أخرجه
مسلم (3).
3 - وَعَنْ أَبي سَعِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ نَسِيَهُ
فَلْيُصَلِّهِ إِذا ذكَرَهُ». أخرجه أبو داود والترمذي (4).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (680).
(2) أخرجه مسلم برقم (747).
(3) أخرجه مسلم برقم (746).
(4) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1431) , وهذا لفظه، والترمذي برقم (465).
(2/573)
3 - باب صلاة التطوع
ويشتمل على ما يلي:
1 - السنن الراتبة.
2 - صلاة التهجد.
3 - صلاة الوتر.
4 - صلاة التراويح.
5 - صلاة العيدين.
6 - صلاة الكسوف.
7 - صلاة الاستسقاء.
8 - صلاة الضحى.
9 - صلاة ركعتي الوضوء.
10 - صلاة تحية المسجد.
11 - صلاة القدوم من السفر.
12 - صلاة التوبة.
13 - صلاة الاستخارة.
14 - صلاة التطوع المطلق.
(2/575)
صلاة التطوع
· التطوع: هو فعل الطاعة مطلقاً سواء كانت واجبة أو مسنونة.
· يطلق التطوع في الشرع على كل طاعة غير واجبة من صلاة، وصدقة، وصوم، وحج
ونحو ذلك.
· صلاة التطوع: هي جميع الصلوات المشروعة غير الواجبة.
ويطلق عليها لفظ: السنة، والمستحب، والرغيبة، والفضيلة.
· حكمة مشروعية التطوع:
الله تبارك وتعالى يحب المؤمنين، ويحب لهم الدرجات العلى في الجنة، ومن
رحمة الله بعباده أن شرع لكل فرض تطوعاً من جنسه؛ ليزداد المؤمن إيماناً
بفعل هذا التطوع، ويكسب به زيادة الأجر، وتعلو به درجته عند ربه، ويكمل به
ما نقص من الفرائض.
فشرع سبحانه الصلاة وجعل منها الواجب والتطوع، وشرع الزكاة وجعل منها
الواجب والتطوع، وشرع الصيام وجعل منه الواجب والتطوع، وشرع الحج وجعل منه
الواجب والتطوع، وهكذا في جميع الأعمال الصالحة.
وكلما أكثر العبد من التطوع والنوافل أحبه الله، وازداد منه قرباً، وأجاب
دعاءه.
· قيمة التطوع:
أوامر الله عز وجل نوعان:
فرائض .. ونوافل.
(2/577)
فالفرائض رأس المال، وهي أصل التجارة، وبها
يحصل دخول الجنة، والنجاة من النار.
والنوافل هي الربح، وبها تكثر الحسنات، وتُغفر السيئات، ويفوز العبد بأعلى
الدرجات في الجنة، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يواظبون على السنن
مواظبتهم على الفرائض، ولا يفرقون بينهما في اغتنام ثوابهما.
· أفضل التطوع:
التطوع أنواع كثيرة جداً، وآكده الجهاد، والعلم، والصلاة، والذكر،
والاستغفار.
وأفضل التطوع يختلف باختلاف الفاعل، وباختلاف الزمن، وباختلاف النوع.
فالشجاع الأفضل في حقه الجهاد؛ لأنه أليق به، والذكي الحافظ قوي الحجة
الأفضل له العلم؛ لأنه الأليق به، والغني ذو الثروة الأفضل له الإنفاق في
وجوه البر والإحسان، والقوي النشيط الأفضل له الصلاة والذكر، وصاحب الشهوات
الأفضل له الصيام وهكذا في باقي الأعمال الصالحة ينظر المسلم الأصلح لقلبه
فيلزمه.
وإذا كنا في زمن تفشى فيه الجهل والبدع، وكثر من يفتي بلا علم، فالعلم أفضل
من الجهاد، وإن كنا في زمن كثر فيه العلماء، واحتاجت الثغور إلى مرابطين
يدافعون عن الإسلام والمسلمين، فالأفضل الجهاد.
فإن لم يكن مرجح لهذا ولا لهذا فالأفضل العلم تعلمه وتعليمه؛ ليرفع الجهل
عن نفسه وغيره، فالعلم لا يعدله شيء لمن صحت نيته، ومبنى الشرع كله على
العلم: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا
نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي
الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ
يَحْذَرُونَ (122)} [التوبة:122].
(2/578)
· فضل التقرب إلى الله بالفرائض والنوافل:
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قال رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ قال: مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ
آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أحَبَّ
إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ
إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ
سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ،
وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا،
وَإِنْ سَألَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ،
وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ
المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وأنَا أكْرَهُ مَسَاءَتَهُ». أخرجه البخاري
(1).
2 - وَعَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ للهِ، فَإِنَّكَ لا
تَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً إِلا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ
عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً». أخرجه مسلم (2).
· أقسام صلاة التطوع:
صلاة التطوع أنواع كثيرة:
1 - منها ما تشرع له الجماعة كصلاة التراويح والعيدين، والكسوف والاستسقاء.
2 - ومنها ما لا تشرع له الجماعة كصلاة الاستخارة.
3 - ومنها ما هو تابع للفرائض كالسنن الرواتب.
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (6502).
(2) أخرجه مسلم برقم (488).
(2/579)
4 - ومنها ما ليس بتابع للفرائض كصلاة
الضحى.
5 - ومنها ما هو مؤقت كصلاة التهجد والتراويح.
6 - ومنها ما هو تطوع مطلق لا يتقيد بسبب ولا بوقت، ولا بفرض، ولا بعدد
كالنوافل المطلقة.
7 - ومنها ما هو مقيد بسبب كركعتي الوضوء، وتحية المسجد.
8 - ومنها ما هو مؤكد كصلاة العيدين، والكسوف، والاستسقاء، والوتر.
9 - ومنها ما ليس بمؤكد كالنوافل قبل العصر والمغرب ونحوهما.
وهذا من فضل الله الكريم على عباده .. حيث شرع لهم ما يتقربون به إليه،
ونوَّع لهم الطاعات والقربات ليرفع لهم بها الدرجات، ويكفر عنهم بها
السيئات، ويضاعف لهم الحسنات.
فلله الحمد على ما خلق وأمر، وله الشكر على ما سن وشرع، وله الحمد على ما
قضى وقدر، وله الشكر على جزيل العطاء.
{فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37)} [الجاثية:36، 37].
· فضائل صلاة التطوع:
1 - صلاة التطوع تجلب محبة الله للعبد.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قال رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ قال: مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً فَقَدْ
آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أحَبَّ
إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ
إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أحْبَبْتُهُ: كُنْتُ
سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ،
وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا،
(2/580)
وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ
سَألَنِي لأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ، وَمَا
تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ
المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وأنَا أكْرَهُ مَسَاءَتَهُ». أخرجه البخاري
(1).
2 - صلاة التطوع ترفع الدرجات وتحط الخطايا:
عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ سُئِلَ عَنْ أحَبِّ الأعْمَالِ
إِلَى اللهِ، فَقَالَ: سَألْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم -، فَقَالَ: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ للهِ، فَإِنَّكَ لا
تَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً إِلا رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ
عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً». أخرجه مسلم (2).
3 - كثرة النوافل من أعظم أسباب دخول الجنة.
عَنْ رَبِيعَة بن كَعْبٍ الأسْلَمِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كُنْتُ
أبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأتَيْتُهُ
بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ. فَقَالَ لِي: «سَلْ». فَقُلْتُ: أسْألُكَ
مُرَافَقَتَكَ فِي الجَنَّةِ. قال: «أوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟». قُلْتُ: هُوَ
ذَاكَ. قال: «فَأعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ». أخرجه مسلم
(3).
4 - صلاة التطوع تكمِّل الفرائض، وتجبر نقصها.
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بهِ العَبْدُ
المُسْلِمُ يَوْمَ القِيَامَةِ الصَّلاَةُ المَكْتُوبَةُ، فَإِنْ
أَتَمَّهَا وَإِلاَّ قِيلَ: انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ، فَإِنْ
كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتِ الفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثمَّ
يُفْعَلُ بسَائِرِ الأَعْمَالِ المَفْرُوضَةِ مِثلُ ذلِكَ». أخرجه أبو داود
وابن ماجه (4).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (6502).
(2) أخرجه مسلم برقم (488).
(3) أخرجه مسلم برقم (489).
(4) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (864) , وابن ماجه برقم (1425)، وهذا لفظه.
(2/581)
5 - كثرة التطوع ومحبته علامة شكر العبد
لربه.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللهُ عَنْهَا: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ،
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَقَدْ
غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ:
«أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْداً شَكُوراً». فَلَمَّا كَثُرَ
لَحْمُهُ صَلَّى جَالِساً فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، قَامَ فَقَرَأَ
ثُمَّ رَكَعَ. متفق عليه (1).
6 - صلاة التطوع أفضل أعمال نوافل البدن بعد الجهاد والعلم.
عَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم -: «اسْتَقِيمُوا تُفْلِحُوا، وَخَيْرُ أَعْمَالِكُمُ
الصَّلاَةُ، وَلَنْ يُحَافِظَ عَلَى الوُضُوءِ إِلاَّ مُؤْمِنٌ». أخرجه
أحمد (2).
7 - صلاة التطوع في البيت سبب لحصول البركة.
1 - عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ حُجْرَةً، قالَ: حَسِبْتُ أنَّهُ قال مِنْ
حَصِيرٍ، فِي رَمَضَانَ، فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ، فَصَلَّى بِصَلاتِهِ
نَاسٌ مِنْ أصْحَابِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ، فَخَرَجَ
إلَيْهِمْ فَقال: «قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ،
فَصَلُّوا أيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإنَّ أفْضَلَ الصَّلاةِ
صَلاةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلا المَكْتُوبَةَ». متفق عليه (3).
2 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «إِذَا قَضَى أحَدُكُمُ الصَّلاةَ فِي مَسْجِدِهِ،
فَلْيَجْعَلْ لِبَيْتِهِ نَصِيباً مِنْ صَلاتِهِ، فَإِنَّ اللهَ جَاعِلٌ
فِي بَيْتِهِ مِنْ
صَلاتِهِ خَيْراً». أخرجه مسلم (4).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4837) , واللفظ له، ومسلم برقم (731).
(2) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (22414) , انظر إرواء الغليل (412).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (731) , واللفظ له، ومسلم برقم (781).
(4) أخرجه مسلم برقم (778).
(2/582)
· أحب التطوع إلى الله:
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِي امْرَأةٌ، فَقَالَ: «مَنْ
هَذِهِ؟». فَقُلْتُ: امْرَأةٌ، لا تَنَامُ، تُصَلِّي. قال: «عَلَيْكُمْ
مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَوَاللهِ لا يَمَلُّ اللهُ حَتَّى
تَمَلُّوا». وَكَانَ أحَبَّ الدِّينِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ
صَاحِبُهُ. متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: دَخَلَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا حَبْلٌ مَمْدُودٌ بَيْنَ
السَّارِيَتَيْنِ، فَقَالَ: «مَا هَذَا الحَبْلُ». قَالُوا: هَذَا حَبْلٌ
لِزَيْنَبَ، فَإِذَا فَتَرَتْ تَعَلَّقَتْ. فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم -: «لاَ، حُلُّوهُ، لِيُصَلِّ أَحَدُكُمْ نَشَاطَهُ، فَإِذَا
فَتَرَ فَلْيَقْعُدْ». متفق عليه (2).
3 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ
أحَدٌ إلا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا
بِالغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ». متفق عليه (3).
4 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «خُذُوا مِنَ العَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ
اللهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا». وَأحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى النَّبِيِّ
- صلى الله عليه وسلم - مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ، وَكَانَ
إِذَا صَلَّى صَلاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا. متفق عليه (4).
· فضل النية والعمل الصالح:
من اعتاد فعل شيء من الطاعات، وحال بينه وبين فعلها العذر، كتب الله له
أجرها.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1151) , ومسلم برقم (785)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1150) , واللفظ له، ومسلم برقم (784).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (39) , واللفظ له، ومسلم برقم (2816).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1970) , واللفظ له، ومسلم برقم (782).
(2/583)
فمن كان يصوم الإثنين، ووافق صيام أيام
البيض، أو كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، ووافق يوم الإثنين، فإنه ينويهما
معاً، وله أجر اليومين، أحدهما بنيته، والآخر بعمله.
وهكذا تحية المسجد تجزئ عن السنة الراتبة وركعتي الوضوء.
1 - عَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عَنهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إنَّمَا الأعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ،
وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلَى
دُنْيَا يُصِيبُهَا أوْ إلَى امْرَأةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا
هَاجَرَ إلَيْهِ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ أبي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ
مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً». أخرجه البخاري (2).
· صفة أداء صلاة التطوع:
1 - يجوز للمسلم أن يصلي النوافل قائماً وقاعداً، والقيام أفضل عند القدرة،
ومن صلى قاعداً وهو قادر على القيام فله نصف أجر القائم ومن صلى قاعداً وهو
عاجز عن القيام فله مثل أجر القائم.
2 - يجوز أداء بعض التطوع من قيام، وبعضه من قعود.
3 - صلاة الفريضة القيام فيها ركن، من تركه مع القدرة عليه فصلاته باطلة.
4 - السنة لمن صلى قاعداً أن يتربع في حال مكان القيام.
1 - عَنْ عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَأَلْتُ
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَةِ الرَّجُلِ وَهُوَ قَاعِدٌ،
فَقَالَ: «مَنْ صَلَّى قَائِماً فَهُوَ أَفْضَلُ، وَمَنْ صَلَّى قَاعِداً
فَلَهُ نِصْفُ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1) , واللفظ له، ومسلم برقم (1907).
(2) أخرجه البخاري برقم (2996).
(2/584)
أَجْرِ القَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى نَائِماً
فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَاعِدِ». أخرجه البخاري (1).
2 - وَعَنْ عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَتْ بِي
بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الصَّلاَةِ
فَقَالَ: «صَلِّ قَائِماً، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِداً، فَإِنْ لَمْ
تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ». أخرجه البخاري (2).
3 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: رَأَيْتُ النَّبيَّ -
صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مُتَرَبعاً. أخرجه النسائي وابن خزيمة (3).
· حكم صلاة التطوع جماعة:
السنة أن يصلي المسلم صلاة التطوع والتهجد والنوافل في بيته منفرداً إلا ما
شُرع له الجماعة.
وصلاة التطوع في جماعة قسمان:
الأول: ما تسن له الجماعة الراتبة كصلاة العيدين، والكسوف، والتراويح،
والاستسقاء، فهذا يفعل جماعة دائماً.
الثاني: ما لا تسن له الجماعة الراتبة كقيام الليل، وصلاة الضحى، والنوافل
المطلقة، فهذا يصليه منفرداً في البيت؛ لأن ذلك هو السنة وأبعد عن الرياء،
وأصون عن المحبطات، وأقرب إلى الإخلاص، وعلامة الصدق والمحبة، وليتبرك
البيت بذلك، وتنزل فيه الرحمة والملائكة، وينفر منه الشيطان.
وإن صلى هذا التطوع جماعة أحياناً جاز إذا لم يُتخذ راتبة، وكذا إذا كان
لمصلحة، مثل ألا يحسن أن يصلي وحده، أو لا ينشط وحده، فالجماعة
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (1116).
(2) أخرجه البخاري برقم (1117).
(3) صحيح/ أخرجه النسائي برقم (1661) , وهذا لفظه، وابن خزيمة برقم (1238).
(2/585)
أفضل إذا لم يُتخذ هذا راتبة، والمداومة
على فعل هذا جماعة بدعة، وفعلها في البيت أفضل إلا لمصلحة راجحة.
1 - عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ جَدَّتَهُ
مُلَيْكَةَ، دَعَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِطَعَامٍ
صَنَعَتْهُ لَهُ، فَأكَلَ مِنْهُ، ثُمَّ قال: «قُومُوا فَلأصَلِّ لَكُمْ».
قال أنَسٌ: فَقُمْتُ إلَى حَصِيرٍ لَنَا، قَدِ اسْوَدَّ مِنْ طُولِ مَا
لُبِسَ، فَنَضَحْتُهُ بِمَاءٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم
-، وَصَفَفْتُ وَاليَتِيمَ وَرَاءَهُ، وَالعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا،
فَصَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ
انْصَرَفَ. متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ حُجْرَةً، قال: حَسِبْتُ أنَّهُ قال مِنْ
حَصِيرٍ، فِي رَمَضَانَ، فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ، فَصَلَّى بِصَلاتِهِ
نَاسٌ مِنْ أصْحَابِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ، فَخَرَجَ
إلَيْهِمْ فَقال: «قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي رَأيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ،
فَصَلُّوا أيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإنَّ أفْضَلَ الصَّلاةِ
صَلاةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلا المَكْتُوبَةَ». متفق عليه (2).
3 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: صَلَّيْتُ
مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةً، فَلَمْ يَزَلْ قَائِماً
حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ. قُلْنَا: وَمَا هَمَمْتَ؟ قَالَ:
هَمَمْتُ أَنْ أَقْعُدَ وَأَذَرَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -. متفق
عليه (3).
· حكم التطوع على الراحلة في السفر:
1 - يستحب للمسافر التطوع على ظهر الراحلة سواء كانت طائرة، أو سيارة، أو
قطار، أو سفينة، أو حيوان أو غير ذلك من وسائل النقل، وليس له فعل ذلك
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (380) , واللفظ له، ومسلم برقم (658).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (731) , واللفظ له، ومسلم برقم (781).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1135) , واللفظ له، ومسلم برقم (773).
(2/586)
في الحضر.
2 - يستحب استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام في التطوع في السفر، وإلا صلى
حيثما توجهت به راحلته.
3 - أما الفريضة فلا بد للمسافر أن يستقبل القبلة في جميع صلاته راكباً أو
نازلاً، مقيماً أو مسافراً.
1 - قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا
تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (115)}
[البقرة:115].
2 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ
تَوَجَّهَتْ بِهِ، يُومِئُ إِيمَاءً، صَلاَةَ اللَّيْلِ إِلاَّ
الفَرَائِضَ، وَيُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ. متفق عليه (1).
3 - وَعَنْ جَابِر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - يصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ، فَإذَا
أرَادَ الفَرِيضَةَ، نَزَلَ فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ. متفق عليه (2).
· الصلوات التي يجوز فعلها في أوقات النهي:
1 - قضاء الفرائض الفائتة بسبب نوم، أو نسيان أو غيرهما.
2 - صلوات ذوات الأسباب كصلاة الكسوف والجنازة، وتحية المسجد، وركعتي
الطواف ونحو ذلك.
3 - قضاء سنة الفجر بعد صلاة الفجر، وقضاء سنة الظهر بعد صلاة العصر.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1000) , واللفظ له، ومسلم برقم (700).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (400) , واللفظ له، ومسلم برقم (540).
(2/587)
· حكمة النهي عن صلاة التطوع في أوقات
النهي:
1 - عَنْ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ السُّلَمِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
... قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ! أخْبِرْنِي عَمَّا عَلَّمَكَ اللهُ
وَأجْهَلُهُ، أخْبِرْنِي عَنِ الصَّلاةِ؟ قال: «صَلِّ صَلاةَ الصُّبْحِ،
ثُمَّ أقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ
فَإِنَّهَا تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ،
وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا الكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَّلاةَ
مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ، حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ، ثُمَّ
أقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ، فَإِنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا
أقْبَلَ الفَيْءُ فَصَلِّ، فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ،
حَتَّى تُصَلِّيَ العَصْرَ، ثُمَّ أقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ، حَتَّى تَغْرُبَ
الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ
يَسْجُدُ لَهَا الكُفَّارُ». أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الجُهَنِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَانَا
أنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ
تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ
الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ
لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ. أخرجه مسلم (2).
· معرفة ذوات الأسباب:
ضابط ذوات الأسباب: هو كل صلاة متعلقة بسبب: فإن كانت تفوت إذا أُخرت عن
سببها فإنها تشرع في أوقات النهي كالكسوف، وتحية المسجد ونحوهما، وإن كانت
لا تفوت فإنها لا تشرع في أوقات النهي كصلاة
الاستسقاء.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (832).
(2) أخرجه مسلم برقم (831).
(2/588)
1 - السنن الراتبة
- السنن الرواتب: هي التي تصلى قبل الفريضة أو بعدها.
- أقسام صلاة النافلة:
صلاة النافلة قسمان:
نوافل مطلقة، ونوافل مقيدة.
فالنوافل المطلقة: هي التي يصليها العبد متى شاء في الليل أو النهار في غير
أوقات النهي.
والنوافل المقيدة أقسام، ومنها السنن الرواتب مع الفرائض، منها ما يُفعل
قبل الصلاة، ومنها ما يُفعل بعد الصلاة.
والسنن الرواتب قسمان:
رواتب مؤكدة .. ورواتب غير مؤكدة.
- حكمة مشروعية السنن الرواتب:
السنن الرواتب من فضل الله على عباده؛ لما فيها من الفوائد العظيمة، من
زيادة الحسنات، وتكفير السيئات، ورفعة الدرجات، وجبر نقص الفرائض.
لذا ينبغي للمسلم العناية بها، والمحافظة عليها.
وبعض هذه الرواتب تكون قبل الفريضة؛ لتهيئة نفس المصلي للعبادة قبل الدخول
في الفريضة لبعد العهد في الصلاة كما في الظهر والفجر.
وبعضها بعد الفريضة؛ لإشباع رغبة المصلي في التزود من العبادة بعد لذة
المناجاة التي وجدها في الفريضة كما في الظهر والمغرب والعشاء.
(2/589)
عَنْ رَبِيعَة بن كَعْبٍ الأسْلَمِيّ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنْتُ أبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم -، فَأتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ. فَقَالَ لِي: «سَلْ».
فَقُلْتُ: أسْألُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الجَنَّةِ. قال: «أوْ غَيْرَ
ذَلِكَ؟». قُلْتُ: هُوَ ذَاكَ. قال: «فَأعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ
السُّجُودِ». أخرجه مسلم (1).
- عدد السنن الرواتب:
مجموع السنن الرواتب مع الفرائض اثنتا عشرة ركعة، وهي:
أربع قبل الظهر، واثنتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء،
وركعتان قبل الصبح.
- أقسام السنن:
السنن مع الفرائض قسمان:
1 - السنن الرواتب المؤكدة وهي اثنتا عشرة ركعة:
أربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء،
وركعتان قبل الفجر.
وأحياناً يصليها عشر ركعات كما سبق إلا أنه يصلي قبل الظهر ركعتين، فإذا
نشط المسلم صلى اثنتي عشرة ركعة، وإذا كان هناك شاغل صلى عشر ركعات.
يفعل هذا مرة، وهذا مرة؛ إحياءً للسنة، وكلها رواتب، والكمال والتمام في
الأكثر.
1 - عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم -، أنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (489).
(2/590)
- صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَا مِنْ
عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي للهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً
تَطَوُّعاً، غَيْرَ فَرِيضَةٍ، إِلا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتاً فِي
الجَنَّةِ، أَوْ إِلا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ». أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ أُمِّ حَبيبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ صَلَّى فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ ثنْتَيْ
عَشْرَةَ رَكْعَةً بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الجَنَّةِ، أَرْبَعاً قَبْلَ
الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِب
وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الفَجْرِ».
أخرجه الترمذي وابن ماجه (2).
3 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: حَفِظْتُ مِنَ
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - عَشْرَ رَكَعَاتٍ: رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ
الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَهَا، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ المَغْرِبِ
فِي بَيْتِهِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ فِي بَيْتِهِ،
وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الصُّبْحِ. متفق عليه (3).
2 - السنن غير المؤكدة:
أربع قبل العصر، وركعتان قبل المغرب، وركعتان قبل العشاء.
فهذه سنن مطلقة لا راتبة، يفعلها غالباً، ويتركها أحياناً.
1 - عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ
صَلاةٌ -ثَلاثاً- لِمَنْ شَاءَ». متفق عليه (4).
2 - وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله
عليه وسلم - يُصَلِّي قَبْلَ العَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ يَفْصِلُ
بَيْنَهُنَّ بالتَّسْلِيمِ عَلَى المَلاَئِكَةِ المُقَرَّبينَ وَمَنْ
تَبعَهُمْ مِنَ المُسْلِمِينَ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (728).
(2) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (415) , وهذا لفظه، وابن ماجه برقم (1141).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1180) , واللفظ له، ومسلم برقم (729).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (624) , واللفظ له، ومسلم برقم (838).
(2/591)
وَالمُؤْمِنِينَ. أخرجه الترمذي (1).
3 - وَعَنْ عَبْدُاللهِ المُزَنِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ -
صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ المَغْرِبِ» قَالَ
فِي الثَّالِثَةِ: «لِمَنْ شَاءَ». كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ
سُنَّةً. أخرجه البخاري (2).
- هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في السنن مع الفرائض:
السنن المؤكدة وغير المؤكدة مع الفرائض عشرون ركعة، وهي كما يلي:
1 - صلاة الظهر:
يصلي قبلها أربعاً، وبعدها ركعتين، وهذا هو الأفضل. وأحياناً يصلي قبلها
ركعتين، وبعدها ركعتين.
1 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ قالَ: سَألْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلاةِ
رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ تَطَوُّعِهِ؟ فَقَالَتْ: كَانَ
يُصَلِّي فِي بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أرْبَعاً، ثُمَّ يَخْرُجُ
فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ
يُصَلِّي بِالنَّاسِ المَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ،
وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ العِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتِي فَيُصَلِّي
رَكْعَتَيْنِ. أخرجه مسلم (3).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - كَانَ لاَ يَدَعُ أَرْبَعاً قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ
قَبْلَ الغَدَاةِ. متفق عليه (4).
3 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي: قَبْلَ الظُّهْرِ
رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ المَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ
فِي بَيْتِهِ، وَبَعْدَ العِشَاءِ
_________
(1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (429).
(2) أخرجه البخاري برقم (1183).
(3) أخرجه مسلم برقم (730).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1182) , واللفظ له، ومسلم برقم (730).
(2/592)
رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لا يُصَلِّي بَعْدَ
الجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. متفق عليه (1).
- فضل الصلاة بعد الزوال:
انتصاف النهار مقابل لانتصاف الليل، وأبواب السماء تفتح بعد زوال الشمس،
ويحصل النزول الإلهي بعد انتصاف الليل، فهما وقت قرب ورحمة.
فينبغي للعبد أن يستفيد منهما، ويصعد له فيهما عمل صالح.
فهذا تُفتح فيه أبواب السماء، وهذا ينزل فيه الرب تبارك وتعالى إلى سماء
الدنيا.
1 - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِب رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعاً بَعْدَ أَنْ
تَزُولَ الشَّمْسُ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَقَالَ: «إِنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ
فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ
صَالِحٌ». أخرجه الترمذي وابن ماجه (2).
2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى
كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ
اللَّيْلِ الآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ
يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي، فَأَغْفِرَ لَهُ». متفق
عليه (3).
2 - صلاة العصر:
ليس للعصر سنة راتبة لا قبلها ولا بعدها.
1 - من السنة أن يصلي المسلم قبل العصر أربع ركعات.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (937) , واللفظ له، ومسلم برقم (729).
(2) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (478) , وهذا لفظه، وابن ماجه برقم (1157).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1145) , واللفظ له، ومسلم برقم (758).
(2/593)
1 - عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ
المُزَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم
- قَالَ: «بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ صَلاةٌ -ثَلاثاً- لِمَنْ شَاءَ». متفق
عليه (1).
2 - وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبيُّ - صلى الله
عليه وسلم - يُصَلِّي قَبْلَ العَصْرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، يَفْصِلُ
بَيْنَهُنَّ بالتَّسْلِيمِ عَلَى المَلاَئِكَةِ المُقَرَّبينَ وَمَنْ
تَبعَهُمْ مِنَ المُسْلِمِينَ وَالمُؤْمِنِينَ. أخرجه الترمذي والنسائي
(2).
2 - ويجوز التنفل بعد العصر مطلقاً ما لم يقصد الصلاة عند غروب الشمس.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: رَكْعَتَانِ، لَمْ
يَكُنْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَعُهُمَا سِراً وَلا
عَلانِيَةً، رَكْعَتَانِ قَبْلَ صَلاةِ الصُّبْحِ، وَرَكْعَتَانِ بَعْدَ
العَصْر. متفق عليه (3).
2 - وَعَنْ أَبي سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ سَألَ عَائِشَةَ عَنِ
السَّجْدَتَيْنِ اللَّتَيْنِ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
يُصَلِّيهِمَا بَعْدَ العَصْرِ؟ فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّيهِمَا قَبْلَ
العَصْرِ، ثُمَّ إِنَّهُ شُغِلَ عَنْهُمَا أَوْ نَسِيَهُمَا فَصَلاهُمَا
بَعْدَ العَصْرِ، ثُمَّ أثْبَتَهُمَا، وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلاةً
أثْبَتَهَا. متفق عليه (4).
3 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا طَلَعَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا
الصَّلاةَ حَتَّى تَبْرُزَ، وَإِذَا غَابَ حَاجِبُ الشَّمْسِ فَدَعُوا
الصَّلاةَ حَتَّى تَغِيبَ». متفق عليه (5).
3 - صلاة المغرب:
سنة المغرب الراتبة ركعتان بعدها، يقرأ فيهما ما شاء من القرآن، ولا راتبة
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (624) , واللفظ له، ومسلم برقم (838).
(2) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (429) وهذا لفظه، وأخرجه النسائي برقم (874).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (592) , واللفظ له، ومسلم برقم (835).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (590) , ومسلم برقم (835)، واللفظ له.
(5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3272) , واللفظ له، ومسلم برقم (829).
(2/594)
للمغرب قبلها.
ويسن للمسلم أن يصلي قبل المغرب ركعتين إن شاء.
1 - عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ
صَلاةٌ -ثَلاثاً- لِمَنْ شَاءَ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ
المُؤَذِّنُ إذَا أذَّنَ، قَامَ نَاسٌ مِنْ أصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - يَبْتَدِرُونَ السَّوَارِيَ، حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم - وَهُمْ كَذَلِكَ، يُصَلُّونَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ
المَغْرِبِ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الأَذَانِ وَالإقَامَةِ شَيْءٌ. متفق
عليه (2).
3 - وَعَنْ عَبْداللهِ المُزَنِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ -
صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ المَغْرِبِ» قَالَ
فِي الثَّالِثَةِ: «لِمَنْ شَاءَ». كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ
سُنَّةً. أخرجه البخاري (3).
4 - صلاة العشاء:
سنة العشاء الراتبة المؤكدة ركعتان بعدها، ولا راتبة للعشاء قبلها.
ويسن للمسلم أن يصلي قبل العشاء الآخرة ركعتين فصاعداً.
1 - عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ المُزَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «بَيْنَ كُلِّ أذَانَيْنِ
صَلاةٌ -ثَلاثاً- لِمَنْ شَاءَ». متفق عليه (4).
2 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ:
صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (624) , واللفظ له، ومسلم برقم (838).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (625) , واللفظ له، ومسلم برقم (837).
(3) أخرجه البخاري برقم (1183).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (624) , واللفظ له، ومسلم برقم (838).
(2/595)
قَبْلَ الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ
الظُّهْرِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الجُمُعَةِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ
المَغْرِبِ، وَرَكْعَتَيْنِ بَعْدَ العِشَاءِ. متفق عليه (1).
5 - صلاة الفجر:
سنة الفجر الراتبة المؤكدة ركعتان خفيفتان قبلها.
عَنْ حَفْصَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - كَانَ إِذَا سَكَتَ المُؤَذِّنُ مِنَ الأَذَانِ لِصَلاةِ الصُّبْحِ،
وَبَدَا الصُّبْحُ، رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ قَبْلَ أنْ تُقَامَ
الصَّلاةُ. متفق عليه (2).
- حكمة سنة الفجر:
سنة الفجر تجري مجرى بداية العمل، والوتر خاتمته، ولهذا كان النبي - صلى
الله عليه وسلم - يصلي سنة الفجر والوتر بسورتي (الكافرون والإخلاص)، وهما
الجامعتان لتوحيد العلم والعمل.
فسورة الإخلاص جامعة لتوحيد العلم والمعرفة.
وسورة الكافرون جامعة لتوحيد القصد والعمل.
ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفتتح بهما عمل النهار، ويختم بهما
عمل الليل في الوتر.
- آكد السنن الرواتب:
سنة الفجر آكد السنن الرواتب وأفضلها، وتصلى في الحضر والسفر.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم -، عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1165) , واللفظ له، ومسلم برقم (729).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (618) , ومسلم برقم (723)، واللفظ له.
(2/596)
أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُداً عَلَى
رَكْعَتَيِ الفَجْرِ. متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم -، قال: «رَكْعَتَا الفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا
فِيهَا». أخرجه مسلم (2).
- ماذا يقرأ في ركعتي الفجر:
1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَرَأ فِي رَكْعَتَيِ الفَجْرِ: {قُلْ يَاأَيُّهَا
الْكَافِرُونَ}، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}. أخرجه مسلم (3).
2 - وَعَنْ ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - كَانَ يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الفَجْرِ: فِي الأولَى
مِنْهُمَا: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا} الآيَةَ.
الَّتِي فِي البَقَرَةِ، وَفِي الآخِرَةِ مِنْهُمَا: {آمَنَّا بِاللَّهِ
وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}. أخرجه مسلم (4).
3 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي رَكْعَتَيِ الفَجْرِ: {قُولُوا
آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا}، وَالَّتِي فِي آلِ
عِمْرَانَ: {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ}.
أخرجه مسلم (5).
يقرأ بهذا مرة، وبهذا مرة؛ إحياءً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة
المتنوعة.
- قضاء سنة الفجر:
من فاتته راتبة الفجر صلاها بعد صلاة الفجر، أو بعدما تطلع الشمس بربع ساعة
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1169) , واللفظ له، ومسلم برقم (724).
(2) أخرجه مسلم برقم (725).
(3) أخرجه مسلم برقم (726).
(4) أخرجه مسلم برقم (727).
(5) أخرجه مسلم برقم (727).
(2/597)
تقريباً.
- السنة الراتبة للجمعة:
1 - راتبة الجمعة بعدها أقلها ركعتان، وأكثرها أربع ركعات.
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا صَلَّى أحَدُكُمُ الجُمُعَةَ فَلْيُصَلِّ
بَعْدَهَا أرْبَعاً». أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ
رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ، وَبَعْدَ المَغْرِبِ رَكْعَتَيْنِ
فِي بَيْتِهِ، وَبَعْدَ العِشَاءِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ لا يُصَلِّي
بَعْدَ الجُمُعَةِ حَتَّى يَنْصَرِفَ، فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ. متفق عليه
(2).
2 - ليس للجمعة راتبة قبلية، فيصلي المسلم صلاة مطلقة بدون تقدير، ويشتغل
بالتطوع المطلق، والذكر، وتلاوة القرآن حتى يدخل الإمام.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَ: «مَنِ اغْتَسَلَ، ثُمَّ أتَى الجُمُعَةَ فَصَلَّى مَا
قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، ثُمَّ
يُصَلِّي مَعَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجُمُعَةِ الأخْرَى،
وَفَضْلُ ثَلاثَةِ أيَّامٍ». أخرجه مسلم (3).
- أفضل أماكن صلاة التطوع:
هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل التطوع والسنن في البيت إلا لعارض ..
كما أن هديه كان فعل الفرائض في المسجد إلا لعارض من مرض، أو سفر أو غيرهما
مما يمنعه من المسجد.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (881).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (937) , واللفظ له، ومسلم برقم (882).
(3) أخرجه مسلم برقم (857).
(2/598)
1 - عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - اتَّخَذَ حُجْرَةً،
قَالَ: حَسِبْتُ أنَّهُ قال مِنْ حَصِيرٍ، فِي رَمَضَانَ، فَصَلَّى فِيهَا
لَيَالِيَ، فَصَلَّى بِصَلاتِهِ نَاسٌ مِنْ أصْحَابِهِ، فَلَمَّا عَلِمَ
بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ، فَخَرَجَ إلَيْهِمْ فَقال: «قَدْ عَرَفْتُ الَّذِي
رَأيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ، فَصَلُّوا أيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ،
فَإنَّ أفْضَلَ الصَّلاةِ صَلاةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلا
المَكْتُوبَةَ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ
رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ الظُّهْرِ سَجْدَتَيْنِ،
وَبَعْدَهَا سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَ المَغْرِبِ سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَ
العِشَاءِ سَجْدَتَيْنِ، وَبَعْدَ الجُمُعَةِ سَجْدَتَيْنِ، فَأمَّا
المَغْرِبُ وَالعِشَاءُ وَالجُمُعَةُ، فَصَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - فِي بَيْتِهِ. متفق عليه (2).
3 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: سَألْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلاةِ
رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، عَنْ تَطَوُّعِهِ؟ فَقَالَتْ: كَانَ
يُصَلِّي فِي بَيْتِي قَبْلَ الظُّهْرِ أرْبَعاً، ثُمَّ يَخْرُجُ
فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ
يُصَلِّي بِالنَّاسِ المَغْرِبَ، ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ،
وَيُصَلِّي بِالنَّاسِ العِشَاءَ، وَيَدْخُلُ بَيْتِي فَيُصَلِّي
رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ، فِيهِنَّ
الوِتْرُ، وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلاً طَوِيلاً قَائِماً، وَلَيْلاً طَوِيلاً
قَاعِداً، وَكَانَ إِذَا قَرَأ وَهُوَ قَائِمٌ، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ
قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأ قَاعِداً، رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَكَانَ
إِذَا طَلَعَ الفَجْرُ، صَلَّى رَكْعَتَيْنِ. متفق عليه (3).
- حكمة أداء النوافل في البيوت:
1 - أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة وما شرع له الجماعة؛ لأن ذلك
أخفى
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (731) , واللفظ له، ومسلم برقم (781).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (937) , ومسلم برقم (729)، واللفظ له.
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1182) , ومسلم برقم (730)، واللفظ له.
(2/599)
للعمل، وأقرب إلى الإخلاص، وأبعد من
الرياء، وأصون من المحبطات، وليتبرك البيت بذلك، وتنزل فيه الرحمة
والملائكة، وينفر منه الشيطان، وتكثر أماكن ذكر الله، وليقتدي أهل البيت
به.
فإخفاء العمل نجاة، وإخفاء العلم هلكة، والمأمور بستره من أعمال البر
النوافل دون المكتوبات.
2 - وإنما لم تستحب صلاة النافلة في المسجد لئلا يرى جاهل عالماً يصليها
فيه فيراها فريضة، أو خشية أن يخلي منزله من الصلاة فيه، أو حذراً على نفسه
من رياء أو عارض من خطرات الشيطان، فإذا سلم من ذلك فإن الصلاة في المسجد
حسنة.
3 - والأصل في الرواتب والنوافل أن يصليها في البيت لما سبق، وليقع الفصل
بين الفرض والنوافل بما ليس من جنسها، ليكون فصلاً معتداً به يُدْرَك ببادي
الرأي، يفصل بين الفرض والنفل.
1 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاتِكُمْ، وَلا
تَتَّخِذُوهَا قُبُوراً». متفق عليه (1).
2 - وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزيدَ َرَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ صَلَّى
الجُمُعَةَ مَعَ مُعَاوِيَةُ فِي المَقْصُورَةِ، قالَ: فَلَمَّا سَلَّمَ
الإمَامُ قُمْتُ فِي مَقَامِي، فَصَلَّيْتُ، فَلَمَّا دَخَلَ أرْسَلَ
إِلَيَّ فَقَالَ: لا تَعُدْ لِمَا فَعَلْتَ، إِذَا صَلَّيْتَ الجُمُعَةَ
فَلا تَصِلْهَا بِصَلاةٍ حَتَّى تَكَلَّمَ أوْ تَخْرُجَ، فَإِنَّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَنَا بِذَلِكَ، أنْ لا تُوصَلَ صَلاةٌ
بِصَلاةٍ حَتَّى نَتَكَلَّمَ أوْ نَخْرُجَ. أخرجه مسلم (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (432) , واللفظ له، ومسلم برقم (777).
(2) أخرجه مسلم برقم (883).
(2/600)
- آكد صلوات التطوع:
صلاة التطوع والنوافل على أربع درجات:
1 - سنة الفجر والوتر، فهاتان آكد صلاة التطوع، أمر بهما النبي - صلى الله
عليه وسلم -، ورغب فيهما، ولم يتركهما حضراً وسفراً.
وكان حرصه - صلى الله عليه وسلم - على سنة الفجر أشد من جميع النوافل، ولم
ينقل عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه صلى في السفر راتبة غيرهما.
2 - السنن الرواتب التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصليها في الحضر
مع المكتوبات، وصلاة التهجد في الليل.
3 - السنن ذوات الأسباب كتحية المسجد، وركعتي الوضوء، وصلاة الضحى، وركعتي
الطواف ونحوها.
4 - النوافل المطلقة التي يسن للمسلم الإكثار منها، ركعتين ركعتين، ليلاً
أو نهاراً، في كل وقت عدا أوقات النهي.
- أوقات النهي عن الصلاة:
1 - أوقات النهي عن صلاة النفل خمسة:
1 - عَنْ أبي سَعِيدٍ الخُدْرِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لا صَلاةَ بَعْدَ صَلاةِ العَصْرِ حَتَّى
تَغْرُبَ الشَّمْسُ، وَلا صَلاةَ بَعْدَ صَلاةِ الفَجْرِ حَتَّى تَطْلُعَ
الشَّمْسُ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الجُهَنِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:
ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَانَا
أنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ
تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (586) , ومسلم برقم (827)، واللفظ له.
(2/601)
حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ
قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ
الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ. أخرجه مسلم (1).
3 - وَعَنْ عَمْرُو بْن عَبَسَةَ السُّلَمِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
يَا نَبِيَّ اللهِ، أخْبِرْنِي عَمَّا عَلَّمَكَ اللهُ وَأجْهَلُهُ،
أخْبِرْنِي عَنِ الصَّلاةِ؟ قال: «صَلِّ صَلاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أقْصِرْ
عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ فَإِنَّهَا
تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ
لَهَا الكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ،
حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ، ثُمَّ أقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ،
فَإِنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أقْبَلَ الفَيْءُ فَصَلِّ،
فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ العَصْرَ،
ثُمَّ أقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ، حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا
تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا
الكُفَّارُ». أخرجه مسلم (2).
2 - تجوز صلاة النفل بعد العصر إذا كانت الشمس بيضاء نقية مرتفعة.
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -
نَهَى عَنِ الصَّلاَةِ بَعْدَ العَصْرِ إِلاَّ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ.
أخرجه أبو داود والنسائي (3).
3 - وتجوز الصلاة في المسجد الحرام في كل وقت.
عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ تَمْنَعُوا أَحَداً
طَافَ بهَذا البَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ مِنْ لَيْلٍ أَوْ
نَهَارٍ». أخرجه الترمذي والنسائي (4).
4 - يجوز قضاء الفوائت من الفرائض والسنن الرواتب في تلك الأوقات
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (831).
(2) أخرجه مسلم برقم (832).
(3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1274) , وهذا لفظه، والنسائي برقم (573).
(4) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (868) , وهذا لفظه، والنسائي برقم (585).
(2/602)
الخمسة، وكذا ما له سبب كتحية المسجد،
وركعتي الوضوء، وركعتي الطواف، وصلاة الكسوف ونحو ذلك.
ويجوز قضاء سنة الفجر بعد صلاة الفجر، وسنة الظهر بعد العصر كما سبق.
- حكم السنن الرواتب في الحضر والسفر:
السنة فعل السنن الرواتب مع الفرائض في الحضر.
أما في السفر فالسنة ترك السنن الرواتب إلا سنة الفجر والوتر.
وأما التطوع المطلق فمشروع في الحضر والسفر مطلقاً مثل: صلاة التهجد بالليل
.. صلاة الضحى .. جميع النوافل المطلقة .. الصلوات ذوات الأسباب كسنة
الوضوء، وركعتي الطواف، وصلاة الكسوف، وتحية المسجد ونحو ذلك.
- حكم ترك السنن الرواتب:
صلاة التطوع والنوافل والسنن الرواتب من فضل الله على عباده، حيث شرع لهم
ما يزيد في أجورهم، ويرفع درجاتهم، ويمحو سيئاتهم، وهي تكمل الفرائض، وتجبر
نقصها، فالفرائض تكمل بالنوافل، فمن لم يستكثر منها يوشك أن لا تسلم له
فريضة من غير جابر.
والعبد مهما أحسن أداء الفرائض فلا يمكنه اتقانها من جميع الوجوه، فلا بد
له من التطوعات لجبر نقص الفرائض.
ولا يحسن بالعبد أن يترك التطوعات اعتماداً منه على أداء الفرائض، وترك
المحرمات، ولَئِنْ أفلح بفعل الواجب فَلَأَن يفلح بالواجب والتطوع أولى
وأكمل، ويحرز من الخير والأجر ما لا يحصره حاصر.
(2/603)
ومن تهاون بالآداب تهاون بالنوافل، ومن
تهاون بالنوافل تهاون بالسنن، ومن تهاون بالسنن تهاون بالفرائض، وذلك هو
الخسران المبين، ولا يصر على تركها إلا مَنْ قلّ دينه.
1 - عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ
العَبْدُ صَلاَتُهُ، فَإِنْ كَانَ أَتَمَّهَا كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً،
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَتَمَّهَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: انظروا هَلْ
تَجِدُونَ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ، فَتُكْمِلُوا بِهَا فَرِيضَتَهُ؟
ثُمَّ الزَّكَاةُ كَذَلِكَ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الأَعْمَالُ عَلَى حَسَبِ
ذَلِكَ». أخرجه أحمد (1).
2 - وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِاللهِ َرَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ
أَعْرَابِيّاً جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَائِرَ
الرَّأْسِ، فَقال: يَا رَسُولَ اللهِ، أخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللهُ
عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ، فَقال: «الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ إِلا أنْ
تَطَّوَّعَ شَيْئاً». فَقال: أخْبِرْنِي مَا فَرَضَ اللهُ عَلَيَّ مِنَ
الصِّيَامِ، فَقال: «شَهْرَ رَمَضَانَ إِلا أنْ تَطَّوَّعَ شَيْئاً».
فَقال: أخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللهُ عَلَيَّ مِنَ الزَّكَاةِ، فَقال:
فَأخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شَرَائِعَ الإسْلامِ،
قال: وَالَّذِي أكْرَمَكَ، لا أتَطَوَّعُ شَيْئاً، وَلا أنْقُصُ مِمَّا
فَرَضَ اللهُ عَلَيَّ شَيْئاً. فَقال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم
-: «أفْلَحَ إِنْ صَدَقَ، أوْ: دَخَلَ الجَنَّةَ إِنْ صَدَقَ». متفق عليه
(2).
- حكم التحول للنافلة من موضع الفريضة:
يسن للمصلي التحول للنافلة من موضع الفريضة، أو يصلي في مكان الفريضة،
والأفضل أن يتحول إلى بيته؛ لأن النافلة في البيت أفضل.
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ
يَتَأَخَّرَ أَوْ عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ فِي الصَّلاَةِ»
يَعْنِي فِي السُّبْحَةِ.
_________
(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (16614).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1891) , واللفظ له، ومسلم برقم (11).
(2/604)
أخرجه أبو داود وابن ماجه (1).
- حكم فعل التطوع إذا أقيمت المكتوبة:
1 - إذا سمع المسلم الإقامة فلا يحل له أن يدخل في صلاة تطوع، سواء كانت
راتبة كسنة الفجر والظهر ونحوهما، وسواء كانت في المسجد أو خارجه، وسواء
خاف فوات الركعة الأولى أو لم يخف؛ وذلك ليتمكن من الدخول في الفريضة من
أولها، ولعدم الاختلاف على الإمام في صلاته.
1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَلا صَلاةَ إِلا
المَكْتُوبَةُ». أخرجه مسلم (2).
2 - وَعَنْ ابْنِ بُحَيْنَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - مَرَّ بِرَجُلٍ يُصَلِّي، وَقَدْ أُقِيمَتْ صَلاةُ
الصُّبْحِ، فَكَلَّمَهُ بِشَيْءٍ، لا نَدْرِي مَا هُوَ، فَلَمَّا
انْصَرَفْنَا أحَطْنَا نَقُولُ: مَاذَا قال لَكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم -؟ قال: قال لِي: «يُوشِكُ أنْ يُصَلِّيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ
أرْبَعاً». متفق عليه (3).
2 - إذا أقيمت الصلاة وهو في النافلة، أتمها خفيفة؛ ليدرك تكبيرة الإحرام.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (33)} [محمد:33].
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1006) وهذا لفظه، وأخرجه ابن ماجه برقم
(1427).
(2) أخرجه مسلم برقم (710).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (663) , ومسلم برقم (711)، واللفظ له.
(2/605)
2 - صلاة التهجد
- صلاة التهجد: هي صلاة التطوع بالليل.
- المتهجد: هو القائم إلى صلاة التطوع من النوم ليلاً.
- وقت صلاة التهجد:
يبدأ قيام الليل من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني من كل ليلة،
والتهجد لا يكون إلا بعد النوم، والناشئة لا تكون إلا بعد رقدة.
قال الله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى
أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)} [الإسراء:79].
- حكمة مشروعية قيام الليل:
1 - كلما زاد إيمان العبد زادت رغبته في مناجاة ربه، والوقوف بين يديه،
والتلذذ بعبادته.
ولتحقيق هذا شرع الله الصلوات الخمس، وجعلها من الفرائض التي تجب على كل
مسلم ومسلمة، وشرع صلاة التطوع، وجعلها من الشعائر والسنن الباطنة التي
يختص بها من يشاء من عباده ممن يصلح لمناجاته.
2 - صلاة الليل برهان صدق العبد، ودليل محبته لربه، يتلذذ بها، ويتذوق
حلاوتها، فهو يعظم ربه حيناً، ويحمده حيناً، ويسأله حيناً، ويستغفره حيناً.
3 - وعبادة الليل أشد نشاطاً، وأصفى ذهناً، وأتم إخلاصاً، وأكثر بركة،
وأبلغ في الثواب من عبادة النهار: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ
وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)} [المزَّمل:6].
4 - وقد أثبت الطب أن السهر المعتدل يساعد على الشفاء من كثير من الأمراض؛
(2/606)
لأن المخ يفرز مادة تسكن الآلام في وقت
السهر أكثر من غيره، فكيف إذا كان السهر في طاعة الله عز وجل صلاة وتهجداً،
وانكساراً وتضرعاً، وذكراً واستغفاراً، وتلاوة لكتاب الله.
وهؤلاء أصفياء الله، وخلاصة الخلق، وأعرفهم بالله وما يجب له: {أَمَّنْ
هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ
وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ
وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ
(9)} [الزُّمَر:9].
- حكم قيام الليل:
قيام الليل من النوافل المطلقة، وهو سنة مؤكدة في كل ليلة.
وقيام الليل نافلة للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه غُفر له ما تقدم من
ذنبه وما تأخر، فطاعاته كلها نافلة، وهو لغيره من أمته كفارة للذنوب، ورفعة
للدرجات، وهو أفضل الصلوات بعد الفريضة.
1 - قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا
قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ
عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4)} [المزَّمل:1 - 4].
2 - وقال الله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ
عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (79)} ...
[الإسراء:79].
3 - وقال الله تعالى: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25)
وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26)}
[الإنسان:25 - 26].
4 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: قال رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «أفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ
المُحَرَّمُ، وَأفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ».
أخرجه مسلم (1).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1163).
(2/607)
- فضائل قيام الليل:
1 - قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا
ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ
لَا يَسْتَكْبِرُونَ (15) تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ
يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
(16) فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ
جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)} [السجدة:15 - 17].
2 - وقال الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا
وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ
يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا
يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)} [الزُّمَر:9].
3 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِي اللهُ عَنْهَا: أَنَّ نَبِيَّ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ،
فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لِمَ تَصْنَعُ هَذَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَقَدْ
غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ:
«أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ عَبْداً شَكُوراً». فَلَمَّا كَثُرَ
لَحْمُهُ صَلَّى جَالِساً فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ، قَامَ فَقَرَأَ
ثُمَّ رَكَعَ. متفق عليه (1).
4 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ -
صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «لا حَسَدَ إِلا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ
آتَاهُ اللهُ القُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ
النَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالاً فَهُوَ يُنْفِقُهُ آنَاءَ
اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ». متفق عليه (2).
5 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أيُحِبُّ أحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى
أهْلِهِ أنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ؟». قُلْنَا:
نَعَمْ. قال: «فَثَلاثُ آيَاتٍ يَقْرَأُ بِهِنَّ أحَدُكُمْ فِي صَلاتِهِ،
خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ». أخرجه مسلم (3).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4837) , واللفظ له، ومسلم برقم (731).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (7529) , واللفظ له، ومسلم برقم (815).
(3) أخرجه مسلم برقم (802).
(2/608)
6 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ سَلاَمٍ
َرَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - المَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم
- , قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ
لأَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا اسْتَثبَتُّ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بوَجْهِ كَذابٍ، وَكَانَ
أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بهِ أَنْ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ: أَفْشُوا
السَّلاَمَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ
تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بسَلاَمٍ». أخرجه الترمذي وابن ماجه (1).
- أفضل أوقات قيام الليل:
وقت صلاة التطوع بالليل يبدأ من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني.
وصلاة الليل مشروعة في كل وقت:
في أول الليل، وفي وسطه، وفي آخره، حسب ما يتيسر للمسلم.
وقيام الليل على ثلاث درجات:
1 - أن يقوم الثلث الأول من الليل.
2 - أن يقوم الثلث الأوسط.
3 - أن يقوم الثلث الأخير.
والثلث الأخير من الليل هو أفضل أوقات قيام الليل؛ لأنه وقت النزول الإلهي
إلى السماء الدنيا.
1 - قال الله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ
(49)} [الطور:49].
2 - وعَنْ أَنَس بْن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ
يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يُفْطِرَ مِنْهُ
شَيْئاً، وَكَانَ لاَ
_________
(1) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (2485) , وهذا لفظه، وابن ماجه برقم (1334).
(2/609)
تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ
مُصَلِّياً إِلاَّ رَأَيْتَهُ، وَلاَ نَائِماً إِلاَّ رَأَيْتَهُ. أخرجه
البخاري (1).
3 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى
كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ
اللَّيْلِ الآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ
يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي، فَأَغْفِرَ لَهُ». متفق
عليه (2).
4 - وَعَنْ عَبْداللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا
أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُ: «أَحَبُّ
الصَّلاَةِ إِلَى اللهِ صَلاَةُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَم، وَأَحَبُّ
الصِّيَامِ إِلَى اللهِ صِيَامُ دَاوُدَ، وَكَانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْلِ
وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ، وَيَصُومُ يَوْماً وَيُفْطِرُ
يَوْماً». متفق عليه (3).
5 - وَعَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَيُّ
العَمَلِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَتِ:
الدَّائِمُ، قُلْتُ: مَتَى كَانَ يَقُومُ؟ قَالَتْ: كَانَ يَقُومُ إِذَا
سَمِعَ الصَّارِخَ. متفق عليه (4).
6 - وَعَنْ عَمْرُو بن عَبَسَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ
النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ
مِنَ العَبْدِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ
تَكُونَ مِمَّنْ يَذكُرُ اللهَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ». أخرجه أبو
داود والترمذي (5).
- كيفية معرفة وقت التهجد الأفضل:
1 - لمعرفة بداية ثلث الليل الآخر يقسم من غروب الشمس إلى طلوع الفجر
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (1141).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1145) , واللفظ له، ومسلم برقم (758).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1131) , واللفظ له، ومسلم برقم (1159).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1132) , واللفظ له، ومسلم برقم (741).
(5) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1277) , والترمذي برقم (3579)، وهذا لفظه.
(2/610)
الثاني من الساعات على ثلاثة، والناتج هو
الثلث.
2 - ولمعرفة بداية نصف الليل يقسم مجموع ساعات الليل على اثنين.
3 - ولمعرفة سدس الليل يقسم مجموع ساعات الليل على ستة.
فلو كان الليل (12) ساعة، يقسم على (6)، والناتج هو السدس ساعتان، فيكون
الليل ستة أجزاء.
وأفضل القيام في السدس الرابع والخامس، وهو وقت نزول الرب عز وجل، وهو
بداية ثلث الليل الآخر.
- الصلوات التي ينبغي أن يحافظ عليها المسلم في اليوم والليلة:
ينبغي للمسلم أن يحافظ في اليوم والليلة على أربعين ركعة.
الصلوات الخمس سبع عشرة ركعة، والسنن الرواتب اثنتا عشرة ركعة، وصلاة الليل
إحدى عشرة ركعة.
فتلك أربعون ركعة كان يحافظ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - في اليوم
والليلة في الحضر.
وكلما زاد العبد من النوافل المطلقة أحبه الله وأعظم أجره.
1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ اللهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً
فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ
أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي
يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ
كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ
وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ
سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ وَمَا
تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ
المُؤْمِنِ يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ». أخرجه
البخاري (1).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (6502).
(2/611)
2 - عَنْ مَعْدَان بن أَبِى طَلْحَةَ
اليَعْمَرِىّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَقِيتُ ثَوْبَانَ مَوْلَى
رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ أَخْبِرْنِى بِعَمَلٍ
أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِى اللهُ بِهِ الجَنَّةَ. أَوْ قَالَ: قُلْتُ
بِأَحَبِّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ. فَسَكَتَ ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَسَكَتَ
ثُمَّ سَأَلْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ للهِ
فَإِنَّكَ لاَ تَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً إِلاَّ رَفَعَكَ اللهُ بِهَا
دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً». أخرجه مسلم (1).
- الأسباب المعينة على قيام الليل:
1 - معرفة فضائل قيام الليل، ومنزلة أهله عند الله، وما لهم من السعادة في
الدنيا والآخرة، وأن قيام الليل من أسباب دخول الجنة، ورفع الدرجات، ومحو
السيئات كما تقدم.
2 - الخوف من الله، والطمع في رحمة الله كما قال سبحانه: {أَمَّنْ هُوَ
قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ
وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ
وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ
(9)} [الزُّمَر:9].
3 - معرفة قصر الأمل، وتذكر الموت، فذلك يُذهب الكسل، ويدفع إلى العمل،
ويُزهِّد في الدنيا، ويُرغِّب في الآخرة.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: أخَذَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِمَنْكِبِي فَقَالَ: «كُنْ فِي الدُّنْيَا
كَأنَّكَ غَرِيبٌ أوْ عَابِرُ سَبِيلٍ». وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ:
إِذَا أمْسَيْتَ فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أصْبَحْتَ فَلا
تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ
لِمَوْتِكَ. أخرجه البخاري (2).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (488).
(2) أخرجه البخاري برقم (6416).
(2/612)
4 - معرفة كيد الشيطان وتثبيطه عن قيام
الليل، ومعرفة عقوبة وحرمان من ترك قيام الليل.
1 - عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلٌ نَامَ لَيْلَهُ حَتَّى أصْبَحَ،
قال: «ذَاكَ رَجُلٌ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنَيْهِ، أوْ قال: فِي
أُذُنِهِ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ
أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ:
عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ، فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللهِ
انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى
انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَأَصْبَحَ نَشِيطاً طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلاَّ
أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ». متفق عليه (2).
3 - وَعَنْ عَبْدُاللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا
قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «يَا عَبْدَاللهِ،
لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ
اللَّيْلِ». متفق عليه (3).
5 - معرفة قيمة الوقت، واستغلال أوقات الصحة والفراغ بالعمل الصالح.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم -: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ:
الصِّحَّةُ وَالفَرَاغُ». أخرجه البخاري (4).
6 - الاجتهاد في حال الصحة والفراغ والإقامة في الأعمال الصالحة، ومعرفة
أنه يُكتب له الأجر إذا مرض، أو شُغِل، أو سافر.
عَنْ أبي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم -: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3270) , واللفظ له، ومسلم برقم (774).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1142) , واللفظ له، ومسلم برقم (776).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1152) , واللفظ له، ومسلم برقم (1159).
(4) أخرجه البخاري برقم (6412).
(2/613)
سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ
يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً». أخرجه البخاري (1).
7 - أن ينام مبكراً ليأخذ قوة ونشاطاً يستعين به على قيام الليل وصلاة
الفجر.
عَنْ أبِي بَرْزَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ العِشَاءِ، وَالحَدِيثَ
بَعْدَهَا. متفق عليه (2).
8 - الأخذ بالأسباب التي تعين على قيام الليل.
فلا يكثر الأكل، ولا يترك القيلولة بالنهار، ولا يُتعب نفسه بالنهار بما لا
فائدة منه، ويجتنب الذنوب والمعاصي، ويعرض عن فضول الدنيا.
9 - حب الله تعالى وقوة الإيمان به، وأن يكون سليم القلب للمسلمين، ويطهر
قلبه وجوارحه وأعماله من البدع، وأن يعلم أن الله يراه ويسمعه، ويقضي
حاجته.
عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - يَقُولُ: «إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً، لا يُوَافِقُهَا
رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْألُ اللهَ خَيْراً مِنْ أمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ
إِلا أعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ». أخرجه مسلم (3).
10 - الحرص على آداب النوم، بأن ينام على طهارة، ويدعو بما ثبت من أذكار
النوم.
- كيفية صلاة الليل:
صلاة الليل وردت على وجوه متنوعة:
1 - أن يصليها المسلم مثنى مثنى إلا ركعة الوتر.
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (2996).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (568) , واللفظ له، ومسلم برقم (647).
(3) أخرجه مسلم برقم (757).
(2/614)
1 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
أنَّ رَجُلاً جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ
يَخْطُبُ، فَقَالَ: كَيْفَ صَلاةُ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: «مَثْنَى مَثْنَى،
فَإذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ، تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ
صَلَّيْتَ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنِ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ
مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَهْيَ خَالَتُهُ،
قَالَ: فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - حَتَّى إِذَا انْتَصَفَ اللَّيْلُ، أَوْ قَبْلَهُ
بِقَلِيلٍ، أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ، اسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم -، فَجَلَسَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ بِيَدِهِ، ثُمَّ
قَرَأَ العَشْرَ الآيَاتِ الخَوَاتِمَ مِنْ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ
قَامَ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهَا، فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ،
ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَقُمْتُ فَصَنَعْتُ مِثْلَ
مَا صَنَعَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ، فَوَضَعَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَهُ اليُمْنَى عَلَى رَأْسِي، وَأَخَذَ
بِأُذُنِي اليُمْنَى يَفْتِلُهَا، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ
رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ
رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَوْتَرَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ حَتَّى
جَاءَهُ المُؤَذِّنُ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ
خَرَجَ فَصَلَّى الصُّبْحَ. متفق عليه (2).
3 - وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي
فِيمَا بَيْنَ أنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاةِ العِشَاءِ (وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو
النَّاسُ العَتَمَةَ) إِلَى الفَجْرِ، إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً،
يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ. متفق عليه
(3).
2 - أن يصلي أربع ركعات بسلام واحد، ثم أربعاً بسلام واحد، ثم ثلاثاً.
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنهَا، كَيْفَ كَانَتْ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (473) , واللفظ له، ومسلم برقم (749).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4572) , واللفظ له، ومسلم برقم (763).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (994) , ومسلم برقم (736)، واللفظ له.
(2/615)
صَلاَةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ
رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعاً، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ
وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعاً، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ
وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثاً. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ،
إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ، وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي». متفق عليه (1).
والأفضل أن يصلي التهجد ركعتين ركعتين؛ لأنه الأكثر من فعله - صلى الله
عليه وسلم -، وأحياناً يسلم من كل أربع ركعات؛ إحياءً للسنة بوجوهها
المشروعة المتنوعة.
- عدد ركعات قيام الليل:
1 - صلاة الليل ليس لها عدد مخصوص مقدر من الركعات لا تجوز الزيادة عليه،
بل يصلي العبد ما شاء من التطوع.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَةِ اللَّيْلِ، فَقَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى،
فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمُ الصُّبْحَ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً، تُوتِرُ
لَهُ مَا قَدْ صَلَّى». متفق عليه (2).
2 - والأفضل للمسلم أن يقتصر في صلاة الليل على ما ثبت عن النبي - صلى الله
عليه وسلم -، وهو إحدى عشرة ركعة مع الوتر، أو ثلاث عشرة ركعة مع الوتر،
والإحدى عشرة ركعة الأكثر من فعله - صلى الله عليه وسلم -.
يفعل هذا مرة، وهذا مرة؛ إحياءً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة
المتنوعة.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا قَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1147) , واللفظ له، ومسلم برقم (738).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (990) , واللفظ له، ومسلم برقم (749).
(2/616)
فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ
رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعاً، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ
وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعاً، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ
وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثاً. قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا
رَسُولَ اللهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ،
إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ، وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً،
يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ، لا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إِلا فِي آخِرِهَا.
أخرجه مسلم (2).
3 - وَعَنْ عَائِشَةَ َرَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -، إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ لِيُصَلِّيَ، افْتَتَحَ
صَلاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ. أخرجه مسلم (3).
4 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ
قَالَ: لأرْمُقَنَّ صَلاةَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
اللَّيْلَةَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، طَوِيلَتَيْنِ، طَوِيلَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ أوْتَرَ،
فَذَلِكَ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً. أخرجه مسلم (4).
- آداب قيام الليل:
1 - أن ينوي المسلم عند نومه قيام الليل، فإن غلبته عيناه ولم يقم كتب الله
له ما نوى، وكان نومه صدقة عليه من ربه.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1147) , واللفظ له، ومسلم برقم (738).
(2) أخرجه مسلم برقم (737).
(3) أخرجه مسلم برقم (767).
(4) أخرجه مسلم برقم (765).
(2/617)
وينوي بنومه التقوي على طاعة الله؛ ليحصل
له الأجر في جميع أحواله، في النوم واليقظة.
1 - عَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إنَّمَا الأعْمَالُ
بِالنِّيَّاتِ، وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ
هِجْرَتُهُ إلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أوْ إلَى امْرَأةٍ يَنْكِحُهَا،
فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنِ امْرِئٍ تَكُونُ لَهُ صَلاَةٌ بلَيْلٍ
يَغْلِبُهُ عَلَيْهَا نَوْمٌ إِلاَّ كُتِبَ لَهُ أَجْرُ صَلاَتِهِ وَكَانَ
نَوْمُهُ عَلَيْهِ صَدَقَةً». أخرجه أبو داود والنسائي (2).
2 - أن ينام على طهارة على شقه الأيمن، ويدعو بما ورد من الأذكار عند
النوم.
عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ
- صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ
لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأيْمَنِ، ثُمَّ قُلِ:
الَّلهُمَّ أسْلَمْتُ وَجْهِي إلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أمْرِي إلَيْكَ،
وَألْجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إلَيْكَ، لا مَلْجَأ
وَلا مَنْجَى مِنْكَ إلا إلَيْكَ، الَّلهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي
أنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أرْسَلْتَ. فَإنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ،
فَأنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ».
متفق عليه (3).
3 - إذا استيقظ وقام للتهجد مسح النوم عن وجهه، وذكر الله، واستاك وتوضأ،
وافتتح تهجده بركعتين خفيفتين.
1 - عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّهُ رَقَدَ
عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَيْقَظَ،
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1) , واللفظ له، ومسلم برقم (1907).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1314) , وهذا لفظه، والنسائي برقم (1784).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (247) , واللفظ له، ومسلم برقم (2710).
(2/618)
فَتَسَوَّكَ وَتَوَضَّأ وَهُوَ يَقُولُ:
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}. فَقَرَأ هَؤُلاءِ الآيَاتِ
حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، فَأطَالَ
فِيهِمَا القِيَامَ وَالرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم -، قَالَ: «إِذَا قَامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ،
فَلْيَفْتَتِحْ صَلاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ». أخرجه مسلم (2).
4 - يستحب أن يكون تهجده في بيته؛ لأنه أفضل وأخفى وأقرب إلى الإخلاص، يصلي
مثنى مثنى، ويسلم من كل ركعتين، وأحياناً يسلم من كل أربع ركعات.
1 - عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «صَلُّوا أيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ،
فَإنَّ أفْضَلَ الصَّلاةِ صَلاةُ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إلا
المَكْتُوبَةَ». متفق عليه (3).
2 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَجُلاً سَألَ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاةِ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا
خَشِيَ أحَدُكُمُ الصُّبْحَ، صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً، تُوتِرُ لَهُ مَا
قَدْ صَلَّى». متفق عليه (4).
5 - يستحب للمسلم أن يكون له ركعات معلومة يداوم عليها.
فإذا نشط طوَّلها، وإذا لم ينشط خففها، وإذا فاتته قضاها شفعاً.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلاةُ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ
أَوْ غَيْرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً. أخرجه
مسلم (5).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (763).
(2) أخرجه مسلم برقم (768).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (731) , واللفظ له، ومسلم برقم (781).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (473) , ومسلم برقم (749)، واللفظ له.
(5) أخرجه مسلم برقم (746).
(2/619)
2 - وَعَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ
نَامَ عَنْ حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ، فَقَرَأهُ فِيمَا بَيْنَ
صَلاةِ الفَجْرِ وَصَلاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأنَّمَا قَرَأهُ مِنَ
اللَّيْلِ». أخرجه مسلم (1).
3 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «أحَبُّ الأعْمَالِ إِلَى اللهِ تَعَالَى أدْوَمُهَا
وَإِنْ قَلَّ». متفق عليه (2).
6 - يستحب أن يستفتح صلاته بالليل بما ورد، ومنه:
1 - عَنْ ابن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ قَالَ:
«اللهمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ
فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ
فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ
فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ
الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ،
وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ
حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ - صلى الله عليه وسلم - حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ،
اللهمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ،
وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ
لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ،
أَنْتَ المُقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ،
أَوْ: لاَ إِلَهَ غَيْرُكَ». متفق عليه (3).
2 - وَعَنْ أَبي سَلَمَةَ بن عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: سَألْتُ
عَائِشَةَ أُمَّ المُؤْمِنِينَ: بِأيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - يَفْتَتِحُ صَلاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ؟
قَالَتْ: كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلاتَهُ: «اللهمَّ
رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ، فَاطِرَ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (747).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6462) , ومسلم برقم (783)، واللفظ له.
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1120) , واللفظ له، ومسلم برقم (769).
(2/620)
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، عَالِمَ
الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، أنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا
فِيهِ يَخْتَلِفُونَ، اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ
بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ».
أخرجه مسلم (1).
7 - السنة إذا قام لصلاة الليل، ثم غلبه النعاس أن ينام حتى يذهب عنه
النوم.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - قالَ: «إذَا نَعَسَ أحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ، حَتَّى
يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ، فَإنَّ أحَدَكُمْ إذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ،
لا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ». متفق عليه (2).
8 - يستحب للمسلم إذا قام للتهجد أن يوقظ أهله لصلاة الليل، لا سيما عند
آيةٍ تحدُث، ويصلي بهم أحياناً.
1 - قال الله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ
عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ
لِلتَّقْوَى (132)} [طه:132].
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم - يُصَلِّي صَلاتَهُ مِنَ اللَّيْلِ كُلَّهَا، وَأنَا
مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ القِبْلَةِ، فَإِذَا أرَادَ أنْ يُوتِرَ
أيْقَظَنِي فَأوْتَرْتُ. متفق عليه (3).
3 - وَعَنْ أمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتِ: اسْتَيْقَظَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ فَقَالَ:
«سُبْحَانَ اللهِ، مَاذَا أنْزِلَ اللَّيْلَةَ مِنَ الفِتَنِ، وَمَاذَا
فُتِحَ مِنَ الخَزَائِنِ، أيْقِظُوا صَوَاحِبَاتِ الحُجَرِ، فَرُبَّ
كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٍ فِي الآخِرَةِ». متفق عليه (4).
4 - وَعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «رَحِمَ اللهُ رَجُلاً قَامَ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (770).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (212) , واللفظ له، ومسلم برقم (786).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (997) , ومسلم برقم (512)، واللفظ له.
(4) أخرجه البخاري برقم (115).
(2/621)
مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ
امْرَأَتَهُ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا المَاءَ، رَحِمَ اللهُ
امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا،
فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ المَاءَ». أخرجه أبو داود والنسائي
(1).
9 - يسن أن يقرأ المسلم في تهجده ما تيسر من القرآن جزءاً أو أكثر، أو أقل،
مع التدبر لما يقرأ.
والمتهجد بالليل مخير بين الجهر بالقراءة والإسرار بها.
لكن إنْ كان الجهر بالقراءة أنشط له، أو كان بحضرته من يستمع لقراءته، أو
ينتفع بها فالجهر أفضل.
وإن كان قريباً منه من يتهجد، أو يتضرر برفع صوته من نائم، ومريض ونحوهما
فَيُسِرّ؛ لئلا يشوِّش على غيره.
وإن لم يكن لا هذا ولا هذا فليفعل ما فيه الأصلح لقلبه، والأنشط له،
والأيسر عليه.
1 - عَنْ عَبْداللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: صَلَّيْتُ
مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأطَالَ حَتَّى هَمَمْتُ
بِأمْرِ سَوْءٍ، قال قِيلَ: وَمَا هَمَمْتَ بِهِ؟ قال: هَمَمْتُ أنْ
أجْلِسَ وَأدَعَهُ. متفق عليه (2).
2 - وَعَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ
البَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ المِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ:
يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى. فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ
افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ
فَقَرَأهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلا، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ
سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَألَ، وَإِذَا
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1308) , وهذا لفظه، والنسائي برقم (1610).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1135) , ومسلم برقم (773)، واللفظ له.
(2/622)
مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ
فَجَعَلَ يَقُولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ العَظِيمِ». فَكَانَ رُكُوعُهُ
نَحْواً مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قال: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». ثُمَّ
قَامَ طَوِيلاً، قَرِيباً مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ: «سُبْحَانَ
رَبِّيَ الأَعْلَى». فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيباً مِنْ قِيَامِهِ. أخرجه
مسلم (1).
3 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ أَبي قَيْسٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ
وِتْرِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَتْ: رُبَّمَا أَوْتَرَ
أَوَّلَ اللَّيْلِ وَرُبَّمَا أَوْتَرَ مِنْ آخِرِهِ. قُلْتُ: كَيْفَ
كَانَتْ قِرَاءَتُهُ، أَكَانَ يُسِرُّ بالقِرَاءَةِ أَمْ يَجْهَرُ؟
قَالَتْ: كُلَّ ذلِكَ كَانَ يَفْعَلُ رُبَّمَا أَسَرَّ وَرُبَّمَا جَهَرَ
وَرُبَّمَا اغْتَسَلَ فَنَامَ وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ فَنَامَ. أخرجه أبو
داود والترمذي (2).
4 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه
وسلم - سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: «يَرْحَمُهُ
اللهُ، لَقَدْ أذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا، آيَةً كُنْتُ أسْقَطْتُهَا مِنْ
سُورَةِ كَذَا وَكَذَا». متفق عليه (3).
10 - والسنة أن يصلي التهجد وحده منفرداً، وهو الأفضل والأكثر من فعله -
صلى الله عليه وسلم -.
ويجوز التطوع جماعة أحياناً في الليل أو النهار، من غير أن يُتخذ سنة
راتبة.
1 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: بَعَثَنِي العَبَّاسُ
إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ فِي بَيْتِ
خَالَتِي مَيْمُونَةَ، فَبِتُّ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَقَامَ
يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَتَنَاوَلَنِي مِنْ
خَلْفِ ظَهْرِهِ، فَجَعَلَنِي عَلَى يَمِينِهِ. متفق عليه (4).
2 - وَعَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: دَخَلَ النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم - عَلَيْنَا، وَمَا هُوَ إِلا أنَا وَأُمِّي وَأُمُّ حَرَامٍ
خَالَتِي، فَقَالَ: «قُومُوا فَلأُصَلِّيَ بِكُمْ». (فِي غَيْرِ وَقْتِ
صَلاةٍ) فَصَلَّى
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (772).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1437) , وهذا لفظه، والترمذي برقم (2924).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2655) , ومسلم برقم (788).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (117) , ومسلم برقم (763)، واللفظ له.
(2/623)
بِنَا، فَقَالَ رَجُلٌ لِثَابِتٍ: أيْنَ
جَعَلَ أنَساً مِنْهُ؟ قال: جَعَلَهُ عَلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ دَعَا لَنَا،
أهْلَ البَيْتِ، بِكُلِّ خَيْرٍ مِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. أخرجه
مسلم (1).
11 - وصلاة الليل قائماً أفضل من صلاتها قاعداً بلا عذر، فإن كان القعود
لعذر فأجره كأجر القائم.
1 - عَنْ عِمْرَان بن حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَكَانَ مَبْسُوراً،
قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ صَلاَةِ
الرَّجُلِ قَاعِداً، فَقَالَ: «إِنْ صَلَّى قَائِماً فَهُوَ أَفْضَلُ،
وَمَنْ صَلَّى قَاعِداً فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَائِمِ، وَمَنْ صَلَّى
نَائِماً فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِ القَاعِدِ». أخرجه البخاري (2).
2 - وَعَنْ أبي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ
مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيماً صَحِيحاً». أخرجه البخاري (3).
12 - الأفضل في صلاة الليل طول القيام مع كثرة الركوع والسجود.
والأفضل للمسلم أن يصلي ما يستطيع حتى لا يمل، فإن ارتاحت نفسه للتطويل
أطال، وإن ارتاحت نفسه للتخفيف خفف، يفعل ما فيه الأخشع له، والأصلح لقلبه،
وما يجد فيه لذة العبادة، وكلما أكثر من السجود كان أفضل.
1 - قال الله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا
وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ
يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا
يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (9)} [الزُّمَر:9].
2 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «أفْضَلُ الصَّلاةِ طُولُ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (660).
(2) أخرجه البخاري برقم (1115).
(3) أخرجه البخاري برقم (2996).
(2/624)
القُنُوتِ». أخرجه مسلم (1).
3 - وَعَنْ رَبِيعَة بن كَعْبٍ الأسْلَمِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ:
كُنْتُ أبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأتَيْتُهُ
بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ. فَقَالَ لِي: «سَلْ». فَقُلْتُ: أسْألُكَ
مُرَافَقَتَكَ فِي الجَنَّةِ. قال: «أوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟». قُلْتُ: هُوَ
ذَاكَ. قال: «فَأعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ». أخرجه مسلم
(2).
13 - والسنة لمن قام يصلي بالليل أن يختم تهجده بالوتر.
عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ
وِتْراً». متفق عليه (3).
14 - أن يتفرغ وقت السحر للاستغفار.
قال الله تعالى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17)
وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18)} [الذاريات:17 - 18].
- صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بالليل:
1 - كانت صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في التهجد معتدلة.
إنْ أطال القيام أطال الركوع والسجود، وإن خفف القيام خفف الركوع
والسجود، وهذا أفضل ما يكون.
2 - وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحمل كثيراً في العبادة، ويتلذذ
بها، ويفرح بمناجاة ربه، ولا يمل من عبادة ربه، ويطيل الصلاة حتى تفطرت
قدماه، وكانت الصلاة فرضها ونفلها قرة عينه، وبها يرتاح.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (756).
(2) أخرجه مسلم برقم (489).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (998) , واللفظ له، ومسلم برقم (751).
(2/625)
1 - عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى حَتَّى
انْتَفَخَتْ قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَكَلَّفُ هَذَا؟ وَقَدْ غَفَرَ
اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ:
«أَفَلاَ أَكُونُ عَبْداً شَكُوراً». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَخْبَرَتْهُ
أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى
عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ صَلاَتَهُ، يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ
ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ
يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الفَجْرِ،
ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ الأَيْمَنِ، حَتَّى يَأْتِيَهُ المُنَادِي
لِلصَّلاَةِ. أخرجه البخاري (2).
3 - وَعَنْ أَنَسٍ َرَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَتْ
قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ». أخرجه أحمد والنسائي (3).
4 - وَعَنْ سَالِمِ بْنِ أَبي الجَعْدِ َرَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَجُلٌ قَالَ مِسْعَرٌ -أُرَاهُ مِنْ خُزَاعَةَ-: لَيْتَنِي صَلَّيْتُ
فَاسْتَرَحْتُ فَكَأَنَّهُمْ عَابُوا عَلَيْهِ ذلِكَ، فَقَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «يَا بلاَلُ أَقِمِ
الصَّلاَةَ أَرِحْنَا بهَا». أخرجه أحمد وأبو داود (4).
3 - أما أمته - صلى الله عليه وسلم - فالأفضل في حقهم القصد، وعدم التطويل
الذي يشق عليهم، حتى لا يملوا، أو يسأموا، أو يفتروا عن العبادة، حيث قال
لهم ما يلي:
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالتْ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -
صلى الله عليه وسلم - يَصُومُ شَهْراً أكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ
كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ يَقُولُ: «خُذُوا مِنَ العَمَلِ
مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللهَ لا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا». وَأحَبُّ
الصَّلاةِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مَا دُووِمَ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1130) , ومسلم برقم (2819)، واللفظ له.
(2) أخرجه البخاري برقم (1123).
(3) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (12293) , والنسائي برقم (3940)، وهذا لفظه.
(4) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (23088) , وأبو داود برقم (4985)، وهذا لفظه.
(2/626)
عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّتْ، وَكَانَ إِذَا
صَلَّى صَلاةً دَاوَمَ عَلَيْهَا. متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «إنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ
أحَدٌ إلا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا
بِالغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ». متفق عليه (2).
3 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أنْ لَنْ يُدْخِلَ
أحَدَكُمْ عَمَلُهُ الجَنَّةَ، وَأنَّ أحَبَّ الأعْمَالِ إِلَى اللهِ
أدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ». متفق عليه (3).
4 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «لَنْ يُنَجِّيَ أحَداً مِنْكُمْ عَمَلُهُ».
قَالُوا: وَلا أنْتَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قال: «وَلا أنَا، إِلا أنْ
يَتَغَمَّدَنِي اللهُ بِرَحْمَةٍ، سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاغْدُوا
وَرُوحُوا، وَشَيْءٌ مِنَ الدُّلْجَةِ، وَالقَصْدَ القَصْدَ تَبْلُغُوا».
متفق عليه (4).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1970) , واللفظ له، ومسلم برقم (782).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (39) , واللفظ له، ومسلم برقم (2816).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6464) , واللفظ له، ومسلم برقم (2818).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (6463) , واللفظ له، ومسلم برقم (2816).
(2/627)
3 - صلاة الوتر
- الوتر: هو الذي لا شفع له.
والوتر هو الركعة المنفصلة عما قبلها، ويطلق على الثلاث والخمس ونحوهما إذا
جُمعن بسلام واحد.
- حكمة مشروعية الوتر:
الله عز وجل وتر يحب الوتر، فكما أن صلاة المغرب وتر ختم بها صلوات النهار،
فكذلك صلاة الوتر جعلها الله خاتمة لصلوات الليل.
وسنة الفجر والوتر كلاهما مؤكد، فسنة الفجر تجري مجرى بداية العمل، والوتر
خاتمته، ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي سنة الفجر والوتر
بسورتي الإخلاص، وهما الجامعتان لتوحيد العلم والعمل، وتوحيد المعرفة
والإرادة.
- حكم صلاة الوتر:
صلاة الوتر سنة مؤكدة في الحضر والسفر.
1 - عَنْ أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ
مُسْلِمٍ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ
أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بثلاَثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ
بوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ». أخرجه أبو داود والنسائي (1).
2 - وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ
أَعْرَابِيّاً جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَائِرَ
الرَّأْسِ، فَقال: يَا رَسُولَ اللهِ، أخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللهُ
عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ، فَقال:
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1422) , وهذا لفظه، والنسائي برقم (1712).
(2/628)
«الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ إِلا أنْ
تَطَّوَّعَ شَيْئاً». متفق عليه (1).
- فضل الوتر:
1 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:
«إِنَّ لِلهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا مَنْ
أَحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَّةَ». متفق عليه (2).
2 - وَعَنْ أَبِي بَصْرَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ اللهَ زَادَكُمْ صَلَاةً وَهِيَ الوِتْرُ
فَصَلُّوهَا فِيمَا بَيْنَ صَلَاةِ العِشَاءِ إِلَى صَلَاةِ الفَجْرِ».
أخرجه أحمد (3).
- وقت صلاة الوتر:
وقت صلاة الوتر وقت طويل واسع .. ويمتد من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر
الثاني .. سواء صلى المسلم العشاء في وقتها، أو مجموعة مع المغرب جمع
تقديم.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي
فِيمَا بَيْنَ أنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاةِ العِشَاءِ (وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو
النَّاسُ العَتَمَةَ) إِلَى الفَجْرِ، إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً،
يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ. أخرجه مسلم
(4).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ
قَدْ أوْتَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَانْتَهَى وِتْرُهُ
إِلَى السَّحَرِ. متفق عليه (5).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1891) , واللفظ له، ومسلم برقم (11).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2736) , واللفظ له، ومسلم برقم (2677).
(3) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (23851).
(4) أخرجه مسلم برقم (736).
(5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (996) , ومسلم برقم (745)، واللفظ له.
(2/629)
3 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ أنَّ رَجُلاً جَاءَ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ
يَخْطُبُ، فَقَالَ: كَيْفَ صَلاةُ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: «مَثْنَى مَثْنَى،
فَإذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ فَأوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ، تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ
صَلَّيْتَ». متفق عليه (1).
- أفضل أوقات الوتر:
1 - الوتر آخر الليل أفضل لمن وثق بالاستيقاظ آخر الليل؛ لأنه وقت نزول
الرب إلى السماء الدنيا، ولأن صلاة آخر الليل مشهودة.
1 - عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ
لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ
الآخِرُ فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِى فَأَسْتَجِيبَ لَهُ وَمَنْ يَسْأَلُنِى
فَأُعْطِيَهُ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِى فَأَغْفِرَ لَهُ». متفق عليه (2).
2 - وعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «مَنْ خَافَ أَنْ لاَ يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ
فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ
آخِرَ اللَّيْلِ فَإِنَّ صَلاَةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ
أَفْضَلُ». أخرجه مسلم (3).
2 - والوتر أول الليل قبل النوم أفضل لمن ظن أنه لا يستيقظ آخر الليل لعذر
من مرض، أو سفر، أو تعب ونحو ذلك.
1 - عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «مَنْ خَافَ أنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ
فَلْيُوتِرْ أوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ
آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ
أفْضَلُ». أخرجه مسلم (4).
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أوْصَانِي خَلِيلِي
بِثَلاثٍ: «صِيَامِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (473) , واللفظ له، ومسلم برقم (749).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1145) , واللفظ له، ومسلم برقم (758).
(3) أخرجه مسلم برقم (755).
(4) أخرجه مسلم برقم (755).
(2/630)
مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى،
وَأنْ أوتِرَ قَبْلَ أنْ أنَامَ». متفق عليه (1).
3 - وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: «مَتَى تُوتِرُ؟» قَالَ: أَوَّلَ اللَّيْلِ
بَعْدَ العَتَمَةِ قَالَ: «فَأَنْتَ يَا عُمَرُ؟» قَالَ: آخِرَ اللَّيْلِ
قَالَ: «أَمَّا أَنْتَ يَا أَبَا بَكْرٍ فَأَخَذْتَ بِالثِّقَةِ وَأَمَّا
أَنْتَ يَا عُمَرُ فَأَخَذْتَ بِالقُوَّةِ» أخرجه أحمد وابن ماجه (2).
- أقل الوتر وأكثره:
أقل الوتر ركعة واحدة، وأكثره إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، وأدنى
الكمال ثلاث ركعات بسلامين، أو سلام واحد في آخرها.
- صفات الوتر الثابتة في السنة:
صلاة الوتر جاءت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بصفات متعددة، وركعات
مختلفة.
وصلاة الوتر تختلف في الهيئة والعدد بحسب اختلاف الأحوال والأشخاص كما يلي:
الأولى: أن يصليها ثلاث عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة.
1 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: كَانَتْ صَلاَةُ
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - ثَلاَثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يَعْنِي
بِاللَّيْلِ. متفق عليه (3).
2 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ
قَالَ: لأرْمُقَنَّ صَلاةَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
اللَّيْلَةَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، طَوِيلَتَيْنِ، طَوِيلَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ،
وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ،
وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1981) , واللفظ له، ومسلم برقم (721).
(2) حسن/ أخرجه أحمد برقم (14323) , وأخرجه ابن ماجه برقم (1202) وهذا
لفظه.
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1138) , واللفظ له، ومسلم برقم (764).
(2/631)
صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ
اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ أوْتَرَ، فَذَلِكَ ثَلاثَ عَشْرَةَ
رَكْعَةً. أخرجه مسلم (1).
الثانية: ثلاث عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر من ذلك بخمس سرداً.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً،
يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ، لا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إِلا فِي آخِرِهَا.
أخرجه مسلم (2).
الثالثة: إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه
وسلم - قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي
فِيمَا بَيْنَ أنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاةِ العِشَاءِ (وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو
النَّاسُ العَتَمَةَ) إِلَى الفَجْرِ، إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً،
يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ. متفق عليه
(3).
الرابعة: إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً ثم يسلم، ثم يصلي أربعاً ثم يسلم، ثم
يوتر بثلاث ركعات.
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنهَا كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ
رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعاً، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ
وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعاً، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ
وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ
يُصَلِّي ثَلاَثاً. متفق عليه (4).
الخامسة: تسع ركعات سرداً، يجلس في الثامنة للذكر والدعاء ولا يسلم، ثم
يقوم
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (765).
(2) أخرجه مسلم برقم (737).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (994) , ومسلم برقم (736)، واللفظ له.
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1147) , واللفظ له، ومسلم برقم (738).
(2/632)
للتاسعة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أنَّها سُئِلتْ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ: كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ
وَطَهُورَهُ فَيَبْعَثُهُ اللهُ مَا شَاءَ أنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ،
فَيَتَسَوَّكُ وَيَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ، لا يَجْلِسُ
فِيهَا إِلا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَذْكُرُ اللهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ،
ثُمَّ يَنْهَضُ وَلا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّ التَّاسِعَةَ،
ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ
يُسَلِّمُ تَسْلِيماً يُسْمِعُنَا. ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ مَا
يُسَلِّمُ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يَا
بُنَيَّ، فَلَمَّا سَنَّ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأخَذَهُ
اللَّحْمُ، أوْتَرَ بِسَبْعٍ، وَصَنَعَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ
صَنِيعِهِ الأوَّلِ، فَتِلْكَ تِسْعٌ يَا بُنيَّ. أخرجه مسلم (1).
السادسة: سبع ركعات لا يجلس إلا في آخرهن، وأحياناً يجلس في السادسة للذكر
والدعاء ولا يسلم، ثم يأتي بالسابعة ويسلم.
1 - عَنْ سَعْدَ بْنَ هِشَام رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ سَألَ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنْها عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،
فَقَالَتْ: ... يَا بُنَيَّ، فَلَمَّا سَنَّ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - وَأخَذَهُ اللَّحْمُ، أوْتَرَ بِسَبْعٍ. أخرجه مسلم (2).
2 - وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُوتِرُ بخَمْسٍ وَبسَبْعٍ لاَ يَفْصِلُ
بَيْنَهَا بسَلاَمٍ وَلاَ بكَلاَمٍ. أخرجه النسائي وابن ماجه (3).
السابعة: خمس ركعات لا يجلس إلا في آخرهن.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاثَ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (746).
(2) أخرجه مسلم برقم (746).
(3) صحيح/ أخرجه النسائي برقم (1714) , وهذا لفظه، وابن ماجه برقم (1192).
(2/633)
عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ
بِخَمْسٍ، لا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إِلا فِي آخِرِهَا. أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ
مُسْلِمٍ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ
أَنْ يُوتِرَ بثلاَثٍ فَلْيَفْعَلْ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بوَاحِدَةٍ
فَلْيَفْعَلْ». أخرجه أبو داود والنسائي (2).
الثامنة: ثلاث ركعات، يسلم من ركعتين، ثم يوتر بواحدة، وهذا هو الأفضل لمن
صلى ثلاثاً، وهي أدنى الكمال.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - يَفْصِلُ بَيْنَ الوَتْرِ وَالشَّفْعِ بِتَسْلِيمَةٍ
وَيُسْمِعُنَاهَا. أخرجه أحمد وابن حبان (3).
التاسعة: ثلاث ركعات سرداً، ولا يجلس إلا في آخرهن.
1 - عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الوِتْرِ بـ {سَبِّحِ اسْمَ
رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وَفِي الرَّكْعَةِ الثانِيَةِ بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا
الْكَافِرُونَ}، وَفِي الثالِثةِ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وَلاَ
يُسَلِّمُ إِلاَّ فِي آخِرِهِنَّ، وَيَقُولُ -يَعْنِي بَعْدَ
التَّسْلِيمِ-: «سُبْحَانَ المَلِكِ القُدُّوسِ». أخرجه النسائي (4).
2 - وَعَنْ أَبي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الوِتْرُ حَقٌّ
عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بخَمْسٍ فَلْيَفْعَلْ،
وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُوتِرَ بثلاَثٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ
يُوتِرَ بوَاحِدَةٍ فَلْيَفْعَلْ». أخرجه أبو داود والنسائي (5).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (737).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1422) , وهذا لفظه، والنسائي برقم (1712).
(3) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (5461) , وهذا لفظه، وابن حبان برقم (2435).
(4) صحيح/ أخرجه النسائي برقم (1701).
(5) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1422) , وهذا لفظه، والنسائي برقم (1712).
(2/634)
العاشرة: ركعة واحدة.
1 - عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «الوِتْرُ رَكْعَةٌ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ». أخرجه
مسلم (1).
2 - وَعَنْ أَبي أَيُّوبَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «الوِتْرُ حَقٌّ، فَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بسَبْعٍ وَمَنْ
شَاءَ أَوْتَرَ بخَمْسٍ وَمَنْ شَاءَ أَوْتَرَ بثلاَثٍ وَمَنْ شَاءَ
أَوْتَرَ بوَاحِدَةٍ». أخرجه النسائي وابن ماجه (2).
هذه صفات الوتر المشروعة.
يفعل هذا مرة، وهذا مرة؛ إحياءً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة،
ويداوم على الأفضل منها.
- أفضل صلاة الوتر:
أفضل صلاة الوتر أن يصلي المسلم إحدى عشرة ركعة، وهذا هو الهدي الراتب
للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي أصح الروايات وأقواها وأكثرها.
وأحياناً يصلي ثلاث عشرة ركعة، وأدنى الكمال ثلاث ركعات.
- ما يقرأ المسلم في صلاة الوتر:
السنة لمن أوتر بثلاث أن يقرأ بعد الفاتحة في الأولى بسورة (الأعلى)، وفي
الثانية بسورة (الكافرون)، وفي الثالثة بسورة (الإخلاص)، وله أحياناً أن
يقرأ
بغيرها مما تيسر من القرآن.
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأُ فِي الوِتْرِ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (752).
(2) صحيح/ أخرجه النسائي برقم (1710) , وهذا لفظه، وابن ماجه برقم (1190).
(2/635)
بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}،
وَفِي الرَّكْعَةِ الثانِيَةِ بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وَفِي
الثالِثةِ بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وَلاَ يُسَلِّمُ إِلاَّ فِي
آخِرِهِنَّ. أخرجه النسائي وابن ماجه (1).
- حكم القنوت في الوتر:
القنوت: هو الدعاء في الصلاة في محل مخصوص من القيام، قبل الركوع أو بعده.
والقنوت في صلاة الوتر مَنْ شاء فعله، ومن شاء تركه.
والقنوت في الوتر لم يثبت فيه حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا من
قوله ولا من فعله، لكن له أن يقنت أحياناً لفعل بعض الصحابة رضي الله عنهم،
وليكن الترك أكثر من الفعل.
- محل القنوت في الصلاة:
1 - القنوت قبل الركوع هو إطالة القيام في الصلاة للقراءة، وهو الذي قال
فيه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أفْضَلُ الصَّلاةِ طُولُ القُنُوتِ».
أخرجه مسلم (2).
2 - القنوت عند النوازل يكون بعد الركوع، وأحياناً قبل الركوع، وقد قنت
النبي - صلى الله عليه وسلم - شهراً، يقنت في الفرائض، يدعو على قوم، ويدعو
لقوم.
1 - عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُوتِرُ فَيَقْنُتُ قَبْلَ
الرُّكُوعِ. أخرجه النسائي وابن ماجه (3).
_________
(1) صحيح/ أخرجه النسائي برقم (1701) , وهذا لفظه، وابن ماجه برقم (1171).
(2) أخرجه مسلم برقم (756).
(3) حسن/ أخرجه النسائي برقم (1699) , وابن ماجه برقم (1182)، وهذا لفظه،
انظر الإرواء رقم (426).
(2/636)
2 - وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَنَتَ شَهْراً
بَعْدَ الرُّكُوعِ فِي صَلاةِ الفَجْرِ، يَدْعُو عَلَى بَنِي عُصَيَّةَ.
أخرجه مسلم (1).
3 - وَعَنْ مُحَمَّدِ قَالَ: سُئِلَ أَنَسُ: أَقَنَتَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم - فِي الصُّبْحِ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَقِيلَ لَهُ: أَوَقَنَتَ
قَبْلَ الرُّكُوعِ؟ قَالَ: بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيراً. متفق عليه (2).
3 - دعاء القنوت في الوتر يجوز قبل الركوع، ويجوز بعد الركوع، والقنوت بعد
الركوع أفضل وأقيس.
- ما يقال من الدعاء في قنوت الوتر:
1 - السنة أن يرفع الداعي يديه بعد الرفع من الركوع، وأحياناً قبله ثم يبدأ
بحمد الله والثناء عليه وتمجيده، ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم
-، ثم يختار من الأدعية المشروعة في الكتاب والسنة.
1 - عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ
يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ
يَرُدَّهُمَا صِفْراً». أخرجه أبو داود والترمذي (3).
2 - وَعَنْ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَجُلاً يَدْعُو فِي صَلاَتِهِ لَمْ
يُمَجِّدِ اللهَ تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبيِّ - صلى الله عليه
وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «عَجِلَ هَذا».
ثمَّ دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ: «إِذا صَلَّى أَحَدُكُمْ
فَلْيَبْدَأْ بتَمْجِيدِ
رَبهِ جَلَّ وَعَزَّ وَالثنَاءِ عَلَيْهِ ثمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبيِّ -
صلى الله عليه وسلم - ثمَّ يَدْعُو بَعْدُ بمَا شَاءَ».
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (677).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1001) , واللفظ له، ومسلم برقم (677).
(3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1488) , وهذا لفظه، والترمذي برقم (3556).
(2/637)
أخرجه أبو داود والترمذي (1).
2 - السنة أن يدعو بأي دعاء مشروع، ليس فيه تكلف ولا سجع، ولا تلحين ولا
اعتداء، ويدعو بما شاء مما ورد، ومنه:
«اللهمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ
وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِي
شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لاَ
يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا
وَتَعَالَيْتَ». أخرجه أبو داود والترمذي (2).
3 - ويستفتح أحياناً قنوته بما ثبت عن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وهو:
«اللهمَّ إِيَّاكَ نَعْبُدُ، وَلَكَ نُصَلِّى وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْكَ
نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَكَ وَنَخْشَى عَذَابَكَ، إِنَّ
عَذَابَكَ بِالكَافِرِينَ مُلْحَقٌ، اللهمَّ إِنَّا نَسْتَعِينُكَ
وَنَسْتَغْفِرُكَ، وَنُثْنِى عَلَيْكَ الخَيْرَ وَلاَ نَكْفُرُكَ،
وَنُؤْمِنُ بِكَ وَنَخْضَعُ لَكَ، وَنَخْلَعُ مَنْ يَكْفُرُكَ». أخرجه
البيهقي (3).
4 - وله أن يزيد من الأدعية مما ثبت ولا يطيل، ومنها:
«اللهمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي، وَأَصْلِحْ
لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي، وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي
فِيهَا مَعَادِي، وَاجْعَلِ الحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ،
وَاجْعَلِ المَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ». أخرجه مسلم (4).
«اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ وَالكَسَلِ، وَالجُبْنِ
وَالبُخْل، ِ وَالهَرَمِ وَعَذَابِ
القَبْرِ، اللهمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ
زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1481) , وهذا لفظه، والترمذي برقم (3477).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1425) , وهذا لفظه، والترمذي برقم (464).
(3) صحيح/ أخرجه البيهقي برقم (3144) , انظر الإرواء رقم (428).
(4) أخرجه مسلم برقم (2720).
(2/638)
وَمَوْلاَهَا اللهمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ
مِنْ عِلْمٍ لاَ يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لاَ يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لاَ
تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لاَ يُسْتَجَابُ لَهَا». أخرجه مسلم (1).
5 - ثم يقول في آخر وتره: «اللهمَّ إِنِّي أَعُوذ برِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ
وَبمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذ بكَ مِنْكَ لاَ أُحْصِي ثنَاءً
عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ». أخرجه أبو داود والترمذي
(2).
6 - ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر قنوت الوتر، ولا يمسح
وجهه بيديه بعد الفراغ من الدعاء؛ لأنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه
وسلم - ولا عن أصحابه رضي الله عنهم، لا في القنوت ولا في غيره، لا داخل
الصلاة ولا خارجها.
- حكم الجماعة للوتر:
الوتر لا تشرع له الجماعة إلا إذا كان بعد التراويح في رمضان، وإذا دعا
الإمام في قنوت الوتر فالسنة أن يؤمِّن مَنْ وراءه.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَنَتَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - شَهْراً مُتَتَابعاً فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ
وَالمَغْرِب وَالعِشَاءِ وَصَلاَةِ الصُّبْحِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ
إِذا قَالَ: سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ
يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ عَلَى رِعْلٍ وَذكْوَانَ
وَعُصَيَّةَ وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ. أخرجه أبو داود (3).
- ما يقوله بعد السلام من صلاة الوتر:
عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - كَانَ يُوتِرُ بثلاَثِ رَكَعَاتٍ
كَانَ يَقْرَأُ فِي الأُولَى بـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى}، وَفِي
الرَّكْعَةِ الثانِيَةِ بـ {قُلْ يَاأَيُّهَا
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (2722).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1427) , وهذا لفظه، والترمذي برقم (3566).
(3) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (1443).
(2/639)
الْكَافِرُونَ}، وَفِي الثالِثةِ بـ {قُلْ
هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، وَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ فَإِذا فَرَغَ قَالَ
عِنْدَ فَرَاغِهِ: «سُبْحَانَ المَلِكِ القُدُّوسِ ثلاَث مَرَّاتٍ يُطِيلُ
فِي آخِرِهِنَّ». أخرجه أبو داود والنسائي (1).
- حكم الصلاة بعد الوتر:
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ قالَ: سَألْتُ عَائِشَةَ عَنْ
صَلاةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَتْ: كَانَ يُصَلِّي
ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي ثَمَانَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ يُوتِرُ،
ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا أرَادَ أنْ يَرْكَعَ
قَامَ فَرَكَعَ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ النِّدَاءِ
وَالإقَامَةِ، مِنْ صَلاةِ الصُّبْحِ. أخرجه مسلم (2).
- حكم تكرار الوتر:
السنة أن يكون الوتر خاتمة صلاة الليل، والوتر حق على كل مسلم في كل ليلة،
ولا يجوز تكراره في الليلة الواحدة.
ومن أوتر أول الليل ثم قام في آخره فإنه لا يوتر مرة ثانية، بل يصلي شفعاً
مثنى مثنى ولا ينقض وتره، بل يكتفي بوتره السابق.
عَنْ طَلْق بن عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبيَّ -
صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «لاَ وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ». أخرجه أبو
داود والترمذي (3).
- أفضل ما تُختم به صلاة الليل:
صلاة الليل الأفضل أن تختم بالوتر، سواء صلى في أول الليل، أو وسطه، أو
آخره.
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1430) , والنسائي برقم (1699)، وهذا لفظه.
(2) أخرجه مسلم برقم (738).
(3) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1439) , وهذا لفظه، والترمذي برقم (470).
(2/640)
ويستحب جعل الوتر آخر الليل، سواء كان
للإنسان تهجد أم لا إذا وثق بالاستيقاظ آخر الليل.
فكما أن صلاة المغرب وتر، ويختم بها صلاة النهار، فكذلك الوتر حق يختم به
صلاة الليل كل ليلة.
عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ عُمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلاَتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْراً».
متفق عليه (1).
- حكم إيقاظ الأهل للوتر:
يستحب للمسلم إذا قام لصلاة الليل أن يوقظ أهله للوتر.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم - يُصَلِّي وَأَنَا رَاقِدَةٌ، مُعْتَرِضَةً عَلَى فِرَاشِهِ،
فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي فَأَوْتَرْتُ. متفق عليه (2).
- صفة قضاء الوتر:
1 - يسن لمن فاته الوتر لنوم، أو نسيان، أو مرض، أو عذر أن يقضيه في النهار
شفعاً حسب عادته، فإن كان يصلي إحدى عشرة صلى اثنتي عشرة ركعة، وإن كان
يصلي سبع ركعات قضاها في النهار ثمان ركعات وهكذا.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - إِذَا عَمِلَ عَمَلاً أثْبَتَهُ، وَكَانَ إِذَا نَامَ
مِنَ اللَّيْلِ أَوْ مَرِضَ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ
رَكْعَةً. أخرجه مسلم (3).
2 - وَعَنْ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ نَامَ عَنْ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (998) , واللفظ له، ومسلم برقم (751).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (997) , واللفظ له، ومسلم برقم (512).
(3) أخرجه مسلم برقم (746).
(2/641)
حِزْبِهِ، أَوْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ،
فَقَرَأهُ فِيمَا بَيْنَ صَلاةِ الفَجْرِ وَصَلاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ
كَأنَّمَا قَرَأهُ مِنَ اللَّيْلِ». أخرجه مسلم (1).
2 - من نام عن صلاة الوتر أو نسيها صلاها إذا استيقظ أو ذَكَر، ويقضيها بين
أذان الفجر والإقامة على صفتها، ويقضيها نهاراً شفعاً لا وتراً.
- حكم الوتر في السفر:
صلاة الوتر سنة مؤكدة في الحضر والسفر.
والمسافر إن كان نازلاً فيصلي الوتر كالمقيم، وإن كان سائراً راكباً على
ظهر سيارة أو قطار، أو طائرة، أو سفينة أو غيرها من وسائل المواصلات فالسنة
أن يصلي الوتر على راحلته مستقبلاً القبلة إن تيسر، فإن لم يتمكن استقبل
القبلة عند تكبيرة الإحرام إن تيسر.
فإن لم يستطع صلى حيثما توجهت به راحلته قائماً، فإن لم يستطع فقاعداً يومئ
برأسه، أما الفريضة فلا بد أن يستقبل القبلة في جميع صلاته.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم - يُصَلِّي فِي السَّفَرِ عَلَى رَاحِلَتِهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ
بِهِ، يُومِئُ إِيمَاءً، صَلاَةَ اللَّيْلِ إِلاَّ الفَرَائِضَ، وَيُوتِرُ
عَلَى رَاحِلَتِهِ. متفق عليه (2).
- حكم القنوت في الفرائض:
1 - القنوت عند النوازل سنة في جميع الصلوات الخمس وهو في صلاة المغرب
والفجر آكد.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (747).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1000) , واللفظ له، ومسلم برقم (700).
(2/642)
1 - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ
عَنْهُ قَالَ: قَنَتَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - شَهْراً
مُتَتَابعاً فِي الظُّهْرِ وَالعَصْرِ وَالمَغْرِب وَالعِشَاءِ وَصَلاَةِ
الصُّبْحِ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ، إِذا قَالَ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ
حَمِدَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الآخِرَةِ، يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِي
سُلَيْمٍ عَلَى رِعْلٍ وَذكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَيُؤَمِّنُ مَنْ خَلْفَهُ.
أخرجه أبو داود (1).
2 - وَعَنْ أَنَس رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ القُنُوتُ فِي
المَغْرِبِ وَالفَجْر. أخرجه البخاري (2).
2 - دعاء القنوت في النوازل يشرع في الفرائض عند وجود سببه، وليس بسنة
دائمة في الصلاة، فالقنوت في الفجر في غير النوازل بدعة؛ لأن النبي - صلى
الله عليه وسلم - ترك القنوت عند زوال سببه.
1 - عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - قَنَتَ شَهْراً، يَدْعُو عَلَى أحْيَاءٍ مِنْ أحْيَاءِ العَرَبِ،
ثُمَّ تَرَكَهُ. أخرجه مسلم (3).
2 - وَعَنْ أَبي مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ َرَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ
لأَِبي: يَا أَبَةِ إِنَّكَ قَدْ صَلَّيْتَ خَلْفَ رَسُولِ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - وَأَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثمَانَ وَعَلِيِّ بْنِ أَبي
طَالِبٍ هَا هُنَا بالكُوفَةِ نَحْواً مِنْ خَمْسِ سِنِينَ، أَكَانُوا
يَقْنُتُونَ؟ قَالَ: أَيْ بُنَيَّ مُحْدَث. أخرجه الترمذي والنسائي (4).
3 - يجوز أن يقنت في الفرائض قبل الركوع، والأفضل أن يكون القنوت بعد
الركوع، وأن يرفع يديه، ويجهر الإمام بالدعاء، ويؤمِّن من خلفه، ويدعو
مباشرة بما ورد بعد قوله (ربنا ولك الحمد) بعد الركوع.
_________
(1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (1443) , انظر الإرواء رقم (424).
(2) أخرجه البخاري برقم (1004).
(3) أخرجه مسلم برقم (677).
(4) صحيح/ أخرجه الترمذي برقم (402) , وهذا لفظه، والنسائي برقم (1080).
(2/643)
- صفة دعاء القنوت في الفرائض:
السنة لمن قنت في الفرائض أن يدعو في كل وقت ونازلة بما يناسب الوقت
والنازلة من الدعاء للمسلمين المستضعفين، أو الدعاء على الكفار الظالمين،
أو بهما معاً، أو بما يناسب النازلة، ويسمي مَنْ يدعو له أو عليه.
1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ، أَوْ
يَدْعُوَ لأَحَدٍ، قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ، فَرُبَّمَا قَالَ، إِذَا
قَالَ سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ: «اللهمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ،
اللهمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ،
وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللهمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى
مُضَرَ، وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ». يَجْهَرُ بِذَلِكَ،
وَكَانَ يَقُولُ فِي بَعْضِ صَلاَتِهِ فِي صَلاَةِ الفَجْرِ: «اللهمَّ
العَنْ فُلاَناً وَفُلاَناً». لأَحْيَاءٍ مِنَ العَرَبِ، حَتَّى أَنْزَلَ
اللهُ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} الآيَةَ. متفق عليه (1).
2 - وعَنْ خُفَافِ بْنِ إِيمَاءٍ الغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي صَلاةٍ: «اللهمَّ العَنْ
بَنِي لِحْيَانَ وَرِعْلاً وَذَكْوَانَ، وَعُصَيَّةَ عَصَوُا اللهَ
وَرَسُولَهُ، غِفَارُ غَفَرَ اللهُ لَهَا، وَأسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ».
أخرجه مسلم (2).
3 - وَعَنْ خُفَاف بن إِيمَاءٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: رَكَعَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: «غِفَارُ
غَفَرَ اللهُ لَهَا، وَأسْلَمُ سَالَمَهَا اللهُ، وَعُصَيَّةُ عَصَتِ اللهَ
وَرَسُولَهُ، اللهمَّ! العَنْ بَنِي لِحْيَانَ، وَالعَنْ رِعْلاً
وَذَكْوَانَ». ثُمَّ وَقَعَ سَاجِداً، قال خُفَافٌ:
فَجُعِلَتْ لَعْنَةُ الكَفَرَةِ مِنْ أجْلِ ذَلِكَ. أخرجه مسلم (3).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4560) , واللفظ له، ومسلم برقم (975).
(2) أخرجه مسلم برقم (679).
(3) أخرجه مسلم برقم (679).
(2/644)
4 - وَعَنْ عَبْدَاللهِ بْنَ أبِي أوْفَى
رضيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: دَعَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
يَوْمَ الأحْزَابِ عَلَى المُشْرِكِينَ، فَقال: «اللهمَّ مُنْزِلَ
الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اللهمَّ اهْزِمِ الأحْزَابَ، اللهمَّ
اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ». متفق عليه (1).
5 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بنِ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الكَعْبَةِ،
وَجَمْعُ قُرَيْشٍ فِي مَجَالِسِهِمْ، إذْ قال قَائِلٌ مِنْهُمْ: ألا
تَنْظُرُونَ إلَى هَذَا المُرَائِي، أيُّكُمْ يَقُومُ إلَى جَزُورِ آلِ
فُلانٍ، فَيَعْمِدُ إلَى فَرْثِهَا وَدَمِهَا وَسَلاهَا، فَيَجِيءُ بِهِ،
ثُمَّ يُمْهِلُهُ، حَتَّى إذَا سَجَدَ، وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ؟
فَانْبَعَثَ أشْقَاهُمْ، فَلَمَّا سَجَدَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَثَبَتَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه
وسلم - سَاجِداً، فَضَحِكُوا حَتَّى مَالَ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ مِنَ
الضَّحِكِ، فَانْطَلَقَ مُنْطَلِقٌ إلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلام،
وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ، فَأقْبَلَتْ تَسْعَى، وَثَبَتَ النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم - سَاجِداً، حَتَّى ألْقَتْهُ عَنْهُ، وَأقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ
تَسُبُّهُمْ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
الصَّلاةَ، قال: «اللهمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ، اللهمَّ عَلَيْكَ
بِقُرَيْشٍ، اللهمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ». ثُمَّ سَمَّى: «اللهمَّ
عَلَيْكَ بِعَمْرِو بْنِ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ
بْنِ رَبِيعَةَ، وَالوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ،
وَعُقْبَةَ بْنِ أبِي مُعَيْطٍ، وَعُمَارَةَ بْنِ الوَلِيدِ». قال
عَبْدُاللهِ: فَوَاللهِ، لَقَدْ رَأيْتُهُمْ صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ، ثُمَّ
سُحِبُوا إلَى القَلِيبِ، قَلِيبِ بَدْرٍ، ثُمَّ قال رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «وَأُتْبِعَ أصْحَابُ القَلِيبِ لَعْنَةً». متفق عليه
(2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2933) , واللفظ له، ومسلم برقم (1742).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (520) , واللفظ له، ومسلم برقم (1794).
(2/645)
4 - صلاة التراويح
- صلاة التراويح: هي قيام رمضان أول الليل.
وسميت بذلك: لأن الناس كانوا يجلسون للاستراحة بين كل أربع ركعات؛ لأنهم
كانوا يطيلون القراءة.
- حكمة مشروعية صلاة التراويح:
خص الله عز وجل شهر رمضان بالصيام والقيام؛ لما فيهما من عافية الروح
والبدن، فإذا خف البدن من الطعام نشط القلب للعبادة، ورغب في محبوبات الرب
عن محبوبات النفس.
وفي التراويح إشباع لهذه الرغبة، وملء القلب بالإيمان، والتلذذ بسماع
القرآن، وتمرين للجوارح على دوام الطاعة.
- فضل صلاة التراويح:
1 - قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)
وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ
مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا
بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ
الْفَجْرِ (5)} [القدْر:1 - 5].
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً
غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه (1).
3 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ
لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ
إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2009) , واللفظ له، ومسلم برقم (759).
(2/646)
مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه
(1).
- حكم صلاة التراويح:
صلاة التراويح في رمضان سنة مؤكدة للرجال والنساء.
وقد سنها رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله.
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ، إيمَاناً وَاحْتِسَاباً،
غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». متفق عليه (2).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي
المَسْجِدِ، فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ،
فَكَثُرَ النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ
الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم -، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: «قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ،
وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلاَّ أَنِّي خَشِيتُ أَنْ
تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ». وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. متفق عليه (3).
3 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قالتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم - إِذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأحْيَا
لَيْلَهُ، وَأيْقَظَ أهْلَهُ. متفق عليه (4).
- وقت صلاة التراويح:
صلاة التراويح تسن في شهر رمضان فقط.
ووقت صلاة التراويح يمتد من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الثاني من كل
ليلة من ليالي شهر رمضان.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2014) , واللفظ له، ومسلم برقم (759).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (37) , واللفظ له، ومسلم برقم (759).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1129) , واللفظ له، ومسلم برقم (761).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2024) , واللفظ له، ومسلم برقم (1174).
(2/647)
وصلاة التراويح في آخر الليل أفضل؛ لأنه
وقت نزول الرب عز وجل إلى السماء الدنيا، وصلاة آخر الليل مشهودة، ولأنه
أنشط للبدن، وأطيب للقلب، وأدعى للتعقل والتدبر.
1 - قال الله تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا
وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)} [المزَّمل:6].
2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ
لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ
الآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي
فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي، فَأَغْفِرَ لَهُ». متفق عليه (1).
3 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - يَقُولُ: «أيُّكُمْ خَافَ أنْ لا يَقُومَ مِنْ آخِرِ
اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ، ثُمَّ لِيَرْقُدْ، وَمَنْ وَثِقَ بِقِيَامٍ مِنَ
اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ مِنْ آخِرِهِ، فَإِنَّ قِرَاءَةَ آخِرِ اللَّيْلِ
مَحْضُورَةٌ، وَذَلِكَ أفْضَلُ». أخرجه مسلم (2).
- حكم الجماعة في التراويح:
1 - السنة أن يصلي المسلم صلاة التراويح جماعة في المسجد، ويجوز أن يصليها
المسلم منفرداً أو جماعة في بيته، ولكنها جماعة في المسجد أفضل.
1 - عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي المَسْجِدِ،
فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ، ثُمَّ صَلَّى مِنَ القَابِلَةِ، فَكَثُرَ
النَّاسُ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوِ
الرَّابِعَةِ، فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم -، فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: «قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ،
وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنَ الخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلاَّ أَنِّي خَشِيتُ أَنْ
تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ». وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. متفق عليه (3).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1145) , واللفظ له، ومسلم برقم (758).
(2) أخرجه مسلم برقم (755).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1129) , واللفظ له، ومسلم برقم (761).
(2/648)
2 - وَعَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ
عَبْدٍالقَارِيِّ أنَّهُ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ
رَضيَ اللهُ عَنهُ لَيْلَةً فِي رَمَضَانَ إِلَى المَسْجِدِ، فَإِذَا
النَّاسُ أوْزَاعٌ مُتَفَرِّقُونَ، يُصَلِّي الرَّجُلُ لِنَفْسِهِ،
وَيُصَلِّي الرَّجُلُ فَيُصَلِّي بِصَلاتِهِ الرَّهْطُ، فَقال عُمَرُ:
إِنِّي أرَى لَوْ جَمَعْتُ هَؤُلاءِ عَلَى قَارِئٍ وَاحِدٍ لَكَانَ
أمْثَلَ، ثُمَّ عَزَمَ فَجَمَعَهُمْ عَلَى أبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ
خَرَجْتُ مَعَهُ لَيْلَةً أخْرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاةِ
قَارِئِهِمْ، قال عُمَرُ: نِعْمَ البِدْعَةُ هَذِهِ، وَالَّتِي يَنَامُونَ
عَنْهَا أفْضَلُ مِنِ الَّتِي يَقُومُونَ، يُرِيدُ آخِرَ اللَّيْلِ،
وَكَانَ النَّاسُ يَقُومُونَ أوَّلَهُ. أخرجه البخاري (1).
2 - النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى التراويح ليالي عديدة، ثم تركها خشية
أن يظن أحد أنها فريضة، وخشية أن تُفرض على الأمة فيعجزوا عنها.
3 - عمر رضي الله عنه لم يبتدع شيئاً في صلاة التراويح، وإنما أحيا سنة
الاجتماع لها، وحافَظَ على عدد المسنون فيها، وهو إحدى عشرة ركعة.
- صفة صلاة التراويح:
1 - السنة أن يصلي الإمام بالمسلمين صلاة التراويح في رمضان إحدى عشرة
ركعة، وهذا هو الأفضل.
يصلي كل ركعتين بسلام، وهذا هو الأفضل، وأحياناً كل أربع بسلام؛ إحياءً
للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة.
1 - عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ
رَضِيَ اللهُ عَنهَا كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ
رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعاً، فَلاَ تَسَلْ عَنْ
حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعاً، فَلاَ تَسَلْ عَنْ
حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (2010).
(2/649)
يُصَلِّي ثَلاَثاً. قَالَتْ عَائِشَةُ:
فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَتَنَامُ قَبْلَ أَنْ تُوتِرَ؟ فَقَالَ:
«يَا عَائِشَةُ، إِنَّ عَيْنَيَّ تَنَامَانِ، وَلاَ يَنَامُ قَلْبِي». متفق
عليه (1).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي
فِيمَا بَيْنَ أنْ يَفْرُغَ مِنْ صَلاةِ العِشَاءِ (وَهِيَ الَّتِي يَدْعُو
النَّاسُ العَتَمَةَ) إِلَى الفَجْرِ، إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً،
يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ، وَيُوتِرُ بِوَاحِدَةٍ. أخرجه مسلم
(2).
2 - أحياناً يصلي ثلاث عشرة ركعة.
يصلي كل ركعتين بسلام، وهذا هو الأفضل، وأحياناً كل أربع بسلام، وأحياناً
يصلي ثمانياً ويسلم من كل ركعتين، ثم يوتر بخمس لا يجلس إلا في آخرهن.
يفعل هذا مرة، وهذا مرة؛ إحياءً للسنة المتنوعة.
1 - عَنِ ابْن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً.
متفق عليه (3).
2 - وَعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ
قَالَ: لأرْمُقَنَّ صَلاةَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
اللَّيْلَةَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ طَوِيلتَيْنِ، طَوِيلتَيْنِ، طَوِيلتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ
اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَهُمَا دُونَ
اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ أوْتَرَ،
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1147) , واللفظ له، ومسلم برقم (738).
(2) أخرجه مسلم برقم (736).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1138) , ومسلم برقم (764)، واللفظ له.
(2/650)
فَذَلِكَ ثَلاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً. أخرجه
مسلم (1).
3 - الأفضل للمسلم أن يقتصر في قيام الليل والوتر والتراويح على ما فعله
النبي - صلى الله عليه وسلم -.
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ أنَّهُ سَألَ عَائِشَةَ،
كَيْفَ كَانَتْ صَلاةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي
رَمَضَانَ؟ قَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلا فِي غَيْرِهِ، عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ
رَكْعَةً، يُصَلِّي أرْبَعاً فَلا تَسْألْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ،
ثُمَّ يُصَلِّي أرْبَعاً فَلا تَسْألْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ،
ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاثاً. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ
اللهِ! أتَنَامُ قَبْلَ أنْ تُوتِرَ؟ فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ! إِنَّ
عَيْنَيَّ تَنَامَانِ وَلا يَنَامُ قَلْبِي». متفق عليه (2).
4 - وله أن يصلي ويوتر بأقل من ذلك كما سبق:
1 - تسع ركعات لا يجلس إلا في الثامنة للذكر والدعاء، ثم ينهض ولا يسلم، ثم
يصلي التاسعة ويسلم.
2 - سبع ركعات لا يجلس إلا في آخرهن، وأحياناً يجلس في السادسة للذكر
والدعاء ولا يسلم، ثم يأتي بالسابعة ويسلم.
3 - خمس ركعات لا يجلس إلا في آخرهن.
4 - ثلاث ركعات، يسلم من ركعتين، ثم يوتر بواحدة، أو يصلي الثلاث سرداً،
ويتشهد في آخرهن ويسلم.
5 - ركعة واحدة، وكلما زاد فهو أفضل إلى أن يصل إلى أفضل المشروع، وهو
إحدى عشرة ركعة.
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (765).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1147) , ومسلم برقم (738)، واللفظ له.
(2/651)
- من يؤم المصلين في التراويح:
يؤم المصلين في صلاة التراويح في رمضان أحسنهم قراءة، وأجودهم حفظاً
للقرآن، وهذا هو الأفضل.
ويجوز للإمام إذا لم يكن حافظاً أن يقرأ من المصحف.
ويقرأ الإمام بالناس في رمضان بما لا يشق عليهم، والأحسن أن يقرأ بهم
القرآن كله في رمضان إن تيسر.
وقراءة القرآن في صلاة التراويح سنة؛ ليسمع الناس كلام الله، ويستفيدوا من
مواعظه وأحكامه.
وينبغي للإمام أن يحسِّن صوته بالقرآن من غير تكلف؛ لما يحصل به من حسن
الفهم والتدبر، وذوق حلاوة الإيمان والقرآن، والتأثر من كلام الله؛ فينشط
القلب، وتنقاد الجوارح لحسن العبادة.
1 - قال الله تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ
لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)}
[ص:29].
2 - وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - لأَبِي مُوسَى: «لَوْ رَأيْتَنِي وَأنَا أسْتَمِعُ
لِقِرَاءَتِكَ البَارِحَةَ! لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَاراً مِنْ مَزَامِيرِ
آلِ دَاوُدَ». متفق عليه (1).
3 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ
بِالقُرْآنِ». أخرجه البخاري (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (5048) , ومسلم برقم (793)، واللفظ له.
(2) أخرجه البخاري برقم (7527).
(2/652)
- مقدار القيام في التراويح:
1 - السنة أن يصلي الإمام صلاة التراويح بأفضل ما جاء عن النبي - صلى الله
عليه وسلم -، وهو إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، في أول رمضان وآخره.
لكن يختص آخره وهو العشر الأواخر بإطالة القيام والركوع والسجود؛ لأن النبي
- صلى الله عليه وسلم - كان يحيي فيها الليل.
2 - وليس من السنة تخفيف صلاة التراويح وفعلها بسرعة تمنع المصلين من فعل
ما يسن، بل ربما تمنعهم من فعل ما يجب.
وليس من السنة كذلك إطالة التراويح إطالة تشق عليهم، وربما تنفرهم من
العبادة.
بل الواجب التزام هدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأداء الصلاة على
الوجه المشروع، فلا يخفف بما يخل بواجب أو مسنون، ولا يطيل بما يشق على
المأمومين وينفرهم.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - كَانَ يُصَلِّي إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، كَانَتْ تِلْكَ
صَلاَتَهُ، يَسْجُدُ السَّجْدَةَ مِنْ ذَلِكَ قَدْرَ مَا يَقْرَأُ
أَحَدُكُمْ خَمْسِينَ آيَةً قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، وَيَرْكَعُ
رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلاَةِ الفَجْرِ، ثُمَّ يَضْطَجِعُ عَلَى شِقِّهِ
الأَيْمَنِ، حَتَّى يَأْتِيَهُ المُنَادِي لِلصَّلاَةِ. متفق عليه (1).
- حكم الوتر والقنوت في التراويح:
الوتر سنة مؤكدة في الحضر والسفر.
وإذا أوتر المسلم مع الإمام في التراويح ثم قام للتهجد فيصلي شفعاً بلا
وتر؛
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1123) , واللفظ له، ومسلم برقم (736).
(2/653)
لأنه لا يجوز للمسلم أن يوتر في الليلة
الواحدة إلا مرة واحدة.
- حكم الدعاء عند ختم القرآن:
الدعاء عند ختم القرآن له حالتان:
الأولى: الدعاء عند ختم القرآن خارج الصلاة لمن شاء.
الثانية: الدعاء عند ختم القرآن داخل الصلاة كالتراويح والتهجد، فهذا بدعة؛
لأنه لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا أحد من أصحابه رضي الله
عنهم، وقد كانوا يختمون القرآن في رمضان وغيره أكثر من مرة.
وليس لأحد أن يعبد الله إلا بما شرعه الله، أو سَنَّه رسول اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -، ولا يصح جعله في الوتر، ولا أصل له.
وكل ما وُجِد سببه، وقام مقتضاه في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -
وأصحابه ولم يقع منهم فِعْله، مع عدم المانع من الفعل فإنه بدعة كالأذان
للعيد والاستسقاء، ودعاء الختمة في الصلاة ونحو ذلك.
1 - قال الله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ
أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)}
[النور:63].
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قالتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «مَنْ أحْدَثَ فِي أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ
فَهُوَ رَدٌّ». متفق عليه (1).
- متى يُكتب للمأموم قيام ليلة:
1 - الأفضل للمأموم أن يقوم مع الإمام في التراويح حتى ينصرف، سواء صلى
إحدى عشرة ركعة، أو ثلاث عشرة ركعة، أو أقل أو أكثر؛ وذلك حتى يكتب
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2697) , واللفظ له، ومسلم برقم (1718).
(2/654)
له أجر قيام ليلة.
2 - إذا صلى التراويح بالناس إمامان فيُكتب أجر قيام ليلة لمن أكمل الصلاة
معهما معاً؛ لأن الثاني نائب عن الأول في إكمال الصلاة.
عَنْ أَبي ذرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُصَلِّ بنَا حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ
الشَّهْرِ فَقَامَ بنَا حَتَّى ذهَبَ ثلُث اللَّيْلِ ثمَّ لَمْ يَقُمْ بنَا
فِي السَّادِسَةِ وَقَامَ بنَا فِي الخَامِسَةِ حَتَّى ذهَبَ شَطْرُ
اللَّيْلِ فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ! لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ
لَيْلَتِنَا هَذِهِ. فَقَالَ: «إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإمَامِ حَتَّى
يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ»، ثمَّ لَمْ يُصَلِّ بنَا حَتَّى
بَقِيَ ثلاَث مِنَ الشَّهْرِ وَصَلَّى بنَا فِي الثالِثةِ وَدَعَا أَهْلَهُ
وَنِسَاءَهُ فَقَامَ بنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الفَلاَحَ. قُلْتُ لَهُ:
وَمَا الفَلاَحُ؟ قَالَ: السُّحُورُ. أخرجه أبو داود والترمذي (1).
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1375) , والترمذي برقم (806)، وهذا لفظه.
(2/655)
5 - صلاة العيدين
- العيد: هو كل ما يعود ويتكرر من الأيام التي جعلها الشرع عيداً.
- عدد الأعياد في الإسلام:
الأعياد في الإسلام ثلاثة:
1 - عيد الفطر: يوم (1) شوال من كل عام.
2 - عيد الأضحى: يوم (10) من ذي الحجة من كل عام.
3 - عيد الأسبوع: وهو يوم الجمعة من كل أسبوع، وقد سبق الحديث عنه.
وكل ما سوى ذلك من الأعياد فهو محدث لا أصل له.
1 - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - المَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا،
فَقَالَ: «مَا هَذانِ اليَوْمَانِ؟» قَالُوا: كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي
الجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ
اللهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بهِمَا خَيْراً مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى
وَيَوْمَ الفِطْرِ». أخرجه أبو داود والنسائي (1).
2 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «إِنَّ يَوْمَ الجُمُعَةِ يَوْمُ
عِيدٍ، فَلاَ تَجْعَلُوا يَوْمَ عِيدِكُمْ يَوْمَ صِيَامِكُمْ، إِلاَّ أَنْ
تَصُومُوا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ». أخرجه أحمد وابن خزيمة (2).
- حكمة مشروعية صلاة العيدين:
يوم عيد الفطر والأضحى يعقبان أداء ركنين عظيمين من أركان الإسلام،
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1134) , وهذا لفظه، والنسائي برقم (1556).
(2) حسن/ أخرجه أحمد برقم (8025) , وهذا لفظه، وابن خزيمة برقم (2161).
(2/656)
وهما الصيام والحج.
فصلاة عيد الفطر بعد إتمام صيام شهر رمضان، وصلاة عيد الأضحى بعد فريضة
الحج واختتام عشر ذي الحجة، يؤديهما المسلمون بعد أداء تلك العبادتين
العظيمتين شكراً لله تبارك وتعالى.
وفي هذين اليومين يظهر المسلمون الفرح والسرور، ويتمتعون بالمباحات
والطيبات، ويتبادلون التهاني والزيارات، ويشكرون الله تعالى على نعمه
الغزار، وصحة الأجسام، وأداء الشعائر العظام من الصيام والقيام والحج،
بصدقة الفطر، وذبح الهدي والأضاحي، والتكبير والصلاة.
فهما يوم عبادة وشكر، ويوم فرح وسرور، وتبسُّط في المباحات، وبهذا اجتمع
فيهما خير الدنيا والآخرة.
- حكم صلاة العيدين:
صلاة العيدين سنة مؤكدة على كل مسلم ومسلمة.
1 - قال الله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} [الكوثر:2].
2 - وَعَنْ أمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: أمَرَنَا رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، أنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الفِطْرِ وَالأضْحَى،
العَوَاتِقَ وَالحُيَّضَ وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فَأمَّا الحُيَّضُ
فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاةَ وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ،
قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ! إِحْدَانَا لا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ، قال:
«لِتُلْبِسْهَا أخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا». متفق عليه (1).
3 - وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ
أَعْرَابِيّاً جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ثَائِرَ
الرَّأْسِ، فَقال: يَا رَسُولَ اللهِ، أخْبِرْنِي مَاذَا فَرَضَ اللهُ
عَلَيَّ مِنَ الصَّلاةِ، فَقال:
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (324) , ومسلم برقم (890)، واللفظ له.
(2/657)
«الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ إِلا أنْ
تَطَّوَّعَ شَيْئاً». متفق عليه (1).
- وقت صلاة العيدين:
1 - وقت صلاة العيدين يبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال، أي بعد ربع
ساعة من طلوع الشمس تقريباً.
2 - إذا لم يعلم الناس بالعيد إلا بعد الزوال صلوا من الغد في وقتها، ثم
ذبحوا الأضاحي، أمّا في عيد الفطر فيفطرون إذا علموا، ويصلون في وقتها من
الغد.
3 - السنة تقديم صلاة عيد الأضحى في أول الوقت؛ ليتسع وقت ذبح الأضاحي،
والمبادرة إلى ذبح الأضاحي التي هي من شعائر الإسلام كما قال سبحانه:
{فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2)} [الكوثر:2].
4 - السنة تأخير صلاة عيد الفطر؛ ليتسع الوقت لإخراج زكاة الفطر، لأن أفضل
وقت تُخرج فيه صباح يوم العيد قبل الصلاة.
5 - يجوز التطوع قبل صلاة العيد وبعدها، ما لم يكن وقت نهي فلا يشرع إلا
تحية المسجد.
- مكان صلاة العيدين:
السنة أن تصلى صلاة العيد في صحراء قريبة من البلد، ولا تصلى صلاة العيد في
المساجد إلا لعذر من مطر، أو برد ونحوهما، إلا في مكة فتصلى في المسجد
الحرام، ولا سنة لها لا قبلها ولا بعدها.
1 - عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ يَوْمَ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1891) , واللفظ له، ومسلم برقم (11).
(2/658)
الفِطْرِ وَالأَضْحَى إِلَى المُصَلَّى،
فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ، فَيَقُومُ
مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ، فَيَعِظُهُمْ
وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ: فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثاً
قَطَعَهُ، أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ. متفق
عليه (1).
2 - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - خَرَجَ يَوْمَ الفِطْرِ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لَمْ
يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلاَ بَعْدَهَا. متفق عليه (2).
- ما يسن فعله يوم العيد:
1 - يسن أن يغتسل الذاهب لصلاة العيد، ويلبس أحسن ثيابه؛ إظهاراً للفرح
والسرور بهذا اليوم.
2 - يسن للنساء أن يخرجن لصلاة العيد، ولا يتبرجن بزينة ولا يتطيبن،
والحُيَّض من النساء يشهدن الخطبة، ويعتزلن المصلى.
3 - يسن أن يخرج لمصلى العيد الرجال والنساء والأطفال.
4 - يسن أن يخرج المصلي لصلاة العيد ماشياً، ويبكر المأموم، أما الإمام
فيتأخر إلى وقت الصلاة، والسنة أن يذهب من طريق، ويعود من طريق آخر؛
إظهاراً لهذه الشعيرة، واتباعاً للسنة.
5 - يسن أن يأكل قبل الخروج لصلاة عيد الفطر تمرات وتراً، وأن يمسك عن
الأكل في عيد الأضحى حتى يأكل من أضحيته إن ضحى.
6 - يسن أن يخرج إلى المصلى وهو يكبر، فإذا وصل المصلى صلى تحية المسجد ثم
اشتغل بعبادة الوقت وهي التكبير إلى أن يدخل الإمام.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (956) , واللفظ له، ومسلم برقم (889).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (989) , واللفظ له، ومسلم برقم (884).
(2/659)
7 - يسن للمسلم بعد صلاة العيد أن يجلس
لاستماع خطبة العيد.
8 - يسن للمسلم أن يُخرج زكاة الفطر قبل صلاة العيد، وأن يذبح أضحيته في
عيد الأضحى بعد الفراغ من الصلاة وسماع الخطبة.
- حكمة مخالفة الطريق في العيدين:
يسن لمن خرج لصلاة عيد الفطر والأضحى مخالفة الطريق، بأن يذهب إلى المصلى
من طريق، ويرجع من طريق آخر؛ ليُظهر شعائر الإسلام في كل الفجاج والطرق،
وليشهد له الطريقان، وليسلِّم على أهل الطريقين، ويواسي من فيهما، وينال
خيره وإحسانه أهل الطريقين.
عَنْ جَابِرِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه
وسلم -، إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ، خَالَفَ الطَّرِيقَ. أخرجه البخاري (1).
- صفة صلاة العيدين:
صلاة العيد ركعتان.
1 - فإذا حان وقت صلاة العيد دخل الإمام وصلى بالناس ركعتين بلا أذان ولا
إقامة.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: شَهِدْتُ مَعَ
رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلاةَ يَوْمَ العِيدِ، فَبَدَأ
بِالصَّلاةِ قَبْلَ الخُطْبَةِ، بِغَيْرِ أذَانٍ وَلا إِقَامَةٍ. أخرجه
مسلم (2).
2 - السنة أن يكبر في الركعة الأولى سبعاً مع تكبيرة الإحرام، يرفع يديه مع
كل تكبيرة، ثم يستفتح ويقرأ، ويكبر في الثانية خمساً بدون تكبيرة القيام،
يرفع
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (986).
(2) أخرجه مسلم برقم (885).
(2/660)
يديه مع كل تكبيرة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - كَانَ يُكَبرُ فِي الفِطْرِ وَالأَضْحَى فِي الأُولَى سَبْعَ
تَكْبيرَاتٍ، وَفِي الثانِيَةِ خَمْساً. أخرجه أبو داود وابن ماجه (1).
3 - لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر أو دعاء بين التكبيرات
الزوائد.
4 - ثم يسن أن يقرأ جهراً بعد الفاتحة بـ (الأعلى) في الركعة الأولى، وفي
الثانية بعد الفاتحة بـ (الغاشية).
أو يقرأ في الأولى بـ (ق)، وفي الثانية بـ (اقتربت الساعة).
يقرأ مرة بهذا، ومرة بهذا؛ إحياءً للسنة، وعملاً بها بوجوهها المشروعة.
1 - عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: كَانَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقْرَأ فِي العِيدَيْنِ وَفِي
الجُمُعَةِ، بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى، وَهَلْ أتَاكَ حَدِيثُ
الغَاشِيَةِ. أخرجه مسلم (2).
2 - وَعَنْ عُبَيْدِاللهِ بْنِ عَبْدِاللهِ أنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ
سَألَ أبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ: مَا كَانَ يَقْرَأ بِهِ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - فِي الأضْحَى وَالفِطْرِ؟ فَقَالَ: كَانَ يَقْرَأ
فِيهِمَا بِـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ}، وَ {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ
وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}. أخرجه مسلم (3).
- حكم التكبيرات الزوائد:
1 - التكبيرات الزوائد في صلاة العيدين سنة، فإذا نسي الإمام إحدى
التكبيرات الزوائد أو كلها، وشَرع في القراءة سقطت؛ لأنها سنة فات محلها.
2 - يرفع المصلي يديه مع تكبيرة الإحرام كما ورد في صلاة الفرض والنفل،
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1149) , وهذا لفظه، وابن ماجه برقم (1280).
(2) أخرجه مسلم برقم (878).
(3) أخرجه مسلم برقم (891).
(2/661)
وكذلك يرفع يديه مع التكبيرات الزوائد في
الركعتين في العيدين.
- وقت خطبة العيد:
الخطبة يوم الجمعة قبل الصلاة، والخطبة يوم العيد بعد الصلاة.
عَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أَنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُصَلِّي فِي الأَضْحَى وَالفِطْرِ، ثُمَّ
يَخْطُبُ بَعْدَ الصَّلاَةِ. متفق عليه (1).
- صفة خطبة العيد:
1 - إذا سلم الإمام من صلاة العيد استقبل الناس وخطبهم قائماً خطبة واحدة
يفتتحها بالحمد، وشكر الله على ما يسّره من النعم والطاعات، وإكمال عدة
الصيام في الفطر، ويرغبهم في عيد الأضحى في الأضحية، ويبين لهم أحكامها.
2 - يسن للإمام وعظ النساء في خطبته، وتذكيرهن بما يجب عليهن، ويرغِّب
الجميع في الطاعات والصدقات.
3 - خطبة العيد سنة، واستماعها سنة، فإذا سلم الإمام فمن أحب أن ينصرف
فلينصرف، ومن أحب أن يجلس ويسمع الخطبة -وهو الأفضل- فليجلس.
1 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: قَامَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ الفِطْرِ فَصَلَّى، فَبَدَأَ
بِالصَّلاَةِ، ثُمَّ خَطَبَ، فَلَمَّا فَرَغَ نَزَلَ فَأَتَى النِّسَاءَ،
فَذَكَّرَهُنَّ، وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِ بِلاَلٍ، وَبِلاَلٌ بَاسِطٌ
ثَوْبَهُ، يُلْقِي فِيهِ النِّسَاءُ الصَّدَقَةَ. متفق عليه (2).
2 - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ
وَالأَضْحَى إِلَى المُصَلَّى، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلاَةُ،
ثُمَّ يَنْصَرِفُ،
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (957) , واللفظ له، ومسلم برقم (888).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (978) , واللفظ له، ومسلم برقم (885).
(2/662)
فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ، وَالنَّاسُ
جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ، فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ:
فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثاً قَطَعَهُ، أَوْ يَأْمُرَ
بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ. متفق عليه (1).
- حكم التكبير يوم العيد:
يسن التكبير في العيدين جهراً لعموم المسلمين من الرجال والنساء والأطفال،
ويسن الجهر بالتكبير في جميع الأحوال، وفي البيوت والأسواق والطرق والمساجد
وغيرها، يكبر كل إنسان بمفرده، أما التكبير الجماعي فهو بدعة، والنساء لا
تجهر بالتكبير بحضرة الأجانب.
- أوقات التكبير في العيدين:
المسلم يذكر الله في جميع الأوقات على كل أحيانه.
وأوقات التكبير في العيدين كما يلي:
1 - يبدأ وقت التكبير في عيد الفطر من أول ليلة العيد حتى يصلي صلاة العيد.
قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ
هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ
مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ
فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا
يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا
اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)}
[البقرة:185].
2 - يبدأ وقت التكبير في عيد الأضحى من دخول عشر ذي الحجة إلى غروب الشمس
من اليوم الثالث عشر.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (956) , واللفظ له، ومسلم برقم (889).
(2/663)
قال الله تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي
أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ
عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى
وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (203)}
[البقرة:203].
- حكمة التكبير:
1 - المقصود من ذكر الله وتكبيره وحمده هو إحياء عظمة الله وكبريائه في
القلوب .. لتتوجه إليه وحده في جميع الأحوال .. وتقبل النفوس على طاعته ..
وتحبه وتتوكل عليه وحده لا شريك له .. لأنه الكبير الذي لا أكبر منه ..
والرازق الذي كل النعم منه .. والملك الذي كل ما سواه عبد له .. والخالق
الذي خلق كل شيء: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ
خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ
(102)} [الأنعام:102].
2 - إذا عرف القلب ذلك أقبل على طاعة الله، وامتثل أوامره، واجتنب نواهيه
.. ولهج لسان العبد بذكر الله وحمده وشكره .. وتحركت جوارحه لعبادة الله
بالمحبة والتعظيم والانكسار.
عَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ
رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: (وَأَهْوَى النّعْمَانُ
بِإِصْبَعَيْهِ إلَىَ أُذُنَيْهِ) «إنّ الحَلاَلَ بَيّنٌ وَإنّ الحَرَامَ
بَيّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنّ كَثِيرٌ مِنَ
النّاسِ، فَمَنِ اتّقَى الشّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ،
وَمَنْ وَقَعَ فِي الشّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ، كَالرّاعِي يَرْعَى
حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلاَ وَإنّ لِكُلّ مَلِكٍ
حِمىً، أَلاَ وَإِنّ حِمَى الله مَحَارِمُهُ، أَلاَ وَإِنّ فِي الجَسَدِ
مُضْغَةً، إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلّهُ وَإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ
الجَسَدُ كُلّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ». متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (52) , ومسلم برقم (1599)، واللفظ له.
(2/664)
- صفة التكبير في العيدين:
يسن للمسلم أن يكبر ربه في تلك الأوقات الشريفة بما شاء.
1 - إما أن يكبر شفعاً فيقول: (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله،
الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد).
2 - أو يكبر وتراً فيقول: (الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا
الله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد).
3 - أو يكبر وتراً في الأولى، وشفعاً في الثانية فيقول: (الله أكبر، الله
أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد).
4 - أو يكبر شفعاً في الأولى، ووتراً في الثانية فيقول: (الله أكبر، الله
أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد).
يفعل هذا مرة، وهذا مرة، والأمر في ذلك واسع.
- الحكم إذا وافق العيد يوم الجمعة:
1 - إذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد: فمن صلى العيد سقط عنه حضور
الجمعة، وصلى بدلها ظهراً، والأَوْلى أن يصلي العيد والجمعة معاً؛ طلباً
للفضيلة.
2 - ينبغي للإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها، ومن لم يصل العيد
من المسلمين.
- حكم قضاء صلاة العيد:
1 - من أدرك الإمام قبل سلامه من صلاة العيد قضاها على صفتها بعد سلام
الإمام، ومن فاتته كلها قضاها على صفتها جماعة.
(2/665)
2 - إذا لم يعلم المسلمون بعيد الفطر إلا
بعد الزوال أفطروا ثم صلوا العيد من الغد في وقتها جماعة، وفي عيد الأضحى
إن لم يعلموا به إلا بعد الزوال صلوا من الغد في وقتها جماعة، ثم يذبحون
الأضاحي بعد الصلاة.
عَنْ أَبي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ أَصْحَاب رَسُولِ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَكْباً جَاؤُوا إِلَى النَّبيِّ - صلى
الله عليه وسلم - يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوُا الهِلاَلَ بالأَمْسِ
فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا، وَإِذا أَصْبَحُوا أَنْ يَغْدُوا إِلَى
مُصَلاَّهُمْ. أخرجه أبو داود والنسائي (1).
- حكمة الأكل قبل صلاة عيد الفطر:
يسن للمسلم أن يأكل تمرات وتراً قبل أن يخرج لصلاة عيد الفطر؛ مبادرة إلى
فطر هذا اليوم الذي أوجب الله فطره، وتمييزاً لهذا اليوم بالأكل عن الأيام
التي قبله، وإكمالاً لفضيلة الفطر على تمر.
فإن ما قبله فيه فطر من كل يوم على تمر، وفي يوم العيد فطر من جميع الصيام
على تمر، فإن لم يجد أكل ما تيسر.
عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - لاَ يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمرَاتٍ. أخرجه
البخاري (2).
- حكم التهنئة بالعيد:
تبادل التهاني يوم العيد من مكارم الأخلاق التي تجلب المودة والمحبة كأن
يقول لأخيه المسلم (تقبل الله منا ومنك) ونحو ذلك.
فهذا ليس مأموراً به، ولا منهياً عنه، مَنْ فعله فله قدوة، ومَنْ تركه فله
قدوة.
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1157) , وهذا لفظه، والنسائي برقم (1557).
(2) أخرجه البخاري برقم (953).
(2/666)
- ما يباح من اللعب في العيد:
يباح في العيد كل لعب لا معصية فيه.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أنَّ أبَا بَكْرٍ دَخَلَ
عَلَيْهَا، وَعِنْدَهَا جَارِيَتَانِ فِي أيَّامِ مِنى، تُغَنِّيَانِ
وَتَضْرِبَانِ، وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُسَجّىً
بِثَوْبِهِ، فَانْتَهَرَهُمَا أبُو بَكْرٍ، فَكَشَفَ رَسُولُ اللهِ عَنْهُ،
وَقَالَ: «دَعْهُمَا يَا أبَا بَكْرٍ! فَإِنَّهَا أيَّامُ عِيدٍ».
وَقَالَتْ: رَأيْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَسْتُرُنِي
بِرِدَائِهِ وَأنَا أنْظُرُ إِلَى الحَبَشَةِ، وَهُمْ يَلْعَبُونَ، وَأنَا
جَارِيَةٌ، فَاقْدِرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ العَرِبَةِ الحَدِيثَةِ
السِّنِّ. متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: جَاءَ حَبَشٌ
يَزْفِنُونَ فِي يَوْمِ عِيدٍ فِي المَسْجِدِ، فَدَعَانِي النَّبِيُّ - صلى
الله عليه وسلم -، فَوَضَعْتُ رَأْسِي، عَلَى مَنْكِبِهِ، فَجَعَلْتُ
أنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ، حَتَّى كُنْتُ أنَا الَّتِي أنْصَرِفُ، عَنِ
النَّظَرِ إِلَيْهِمْ. أخرجه مسلم (2).
3 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا
الحَبَشَةُ يَلْعَبُونَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
بِحِرَابِهِمْ، إِذْ دَخَلَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَأهْوَى إِلَى
الحَصْبَاءِ يَحْصِبُهُمْ بِهَا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم -: «دَعْهُمْ، يَا عُمَرُ!». متفق عليه (3).
4 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ
بُعَاثٍ، فَاضْطَجَعَ عَلَى الفِرَاشِ، وَحَوَّلَ وَجْهَهُ، فَدَخَلَ أبُو
بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي، وَقَالَ: مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَأقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «دَعْهُمَا». فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا
فَخَرَجَتَا، وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ
وَالحِرَابِ، فَإِمَّا سَألْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،
وَإِمَّا قال: «تَشْتَهِينَ
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (987) , ومسلم برقم (892)، واللفظ له.
(2) أخرجه مسلم برقم (892).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2901) , ومسلم برقم (893)، واللفظ له.
(2/667)
تَنْظُرِينَ؟». فَقُلْتُ: نَعَمْ،
فَأقَامَنِي وَرَاءَهُ، خَدِّي عَلَى خَدِّهِ، وَهُوَ يَقُولُ: «دُونَكُمْ
يَا بَنِي أرْفِدَةَ». حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قال: «حَسْبُكِ؟». قُلْتُ:
نَعَمْ. قال: «فَاذْهَبِي». متفق عليه (1).
- حكم الأعياد المحدثة:
ليس في الإسلام عيد إلا يوم الفطر، ويوم الأضحى، ويوم الجمعة.
وكل ما سوى ذلك محدث لا أصل له.
1 - فلا يجوز لأحد تعظيم زمان ولا مكان لم يأت تعظيمه في الشرع كالاحتفال
بمولد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أو بذكرى الإسراء والمعراج، أو بذكرى
يوم بدر، أو غزوة فتح مكة، أو الهجرة النبوية، أو غير ذلك مما زينه الشيطان
للناس، وكل ذلك من البدع المحدثة في الدين، واعتقاد ذلك قربة من أعظم
البدع، وأقبح السيئات.
2 - لا يجوز لأحد كذلك أن يتجاوز الحد المشروع في العيد، وذلك بتحويل العيد
إلى منكرات تنافي تعاليم الإسلام وآدابه من لهو محرم، وغناء ورقص، وسكر،
واختلاط، وركوب للمحرمات، وإضاعة للصلوات والأوقات، وإسراف وتبذير.
1 - قال الله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ
أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (63)}
[النور:63].
2 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ
مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ». متفق عليه (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (949 و950)، ومسلم برقم (892)، واللفظ
له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2697) , ومسلم برقم (1718)، واللفظ له.
(2/668)
6 - صلاة الكسوف
- الكسوف: هو انحجاب ضوء أحد النيرين الشمس والقمر أو بعضه، والخسوف مرادف
له، ويطلق أحدهما على الآخر إذا افترقا، وإن اجتمعا:
فالكسوف: انحجاب ضوء الشمس أو بعضه نهاراً.
والخسوف: ذهاب ضوء القمر أو بعضه ليلاً.
- حكمة حدوث الكسوف:
بكسوف الشمس والقمر يخوّف الله عباده، ويوقظهم من الغفلة؛ ليعلم العباد أن
وراء هذا الكون العظيم خالقاً مدبراً قديراً بيده كل شيء، وأنه ليس بغافل
عن ملكه وخلقه، وأنه قادر على أن يعاقبهم بآية من آياته الكونية العظام،
بأن يسلبهم نور الشمس والقمر فيظلون في أرضهم يعمهون.
وفي حصول الكسوف من الحكم:
ظهور قدرة تصرف الرب في مخلوقاته العظيمة، والإعلام بأنه قد يؤخذ من لا ذنب
له ليحذر من له ذنب، وإعلام الناس ببعض ما سيجري يوم القيامة، وتنبيه
القلوب الغافلة وإيقاظها لتعود إلى الله، وتخويف العباد من إقامتهم على
معاصي الله، وأن يتبين بتغيرهما تغير ما بعدهما وما سواهما.
1 - قال الله تعالى: {وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59)}
[الإسراء:59].
2 - وقال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ
وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا
لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (37)}
[فُصِّلَت:37].
(2/669)
- أسباب الكسوف والخسوف:
الله جل جلاله يفعل في ملكه ما يشاء، وقد جعل الله لكل شيء سبباً.
1 - فسبب كسوف الشمس هو توسط القمر بين الشمس والأرض.
2 - وسبب خسوف القمر هو توسط الأرض بين الشمس والقمر.
وقد أجرى الله العادة أن كسوف الشمس لا يحصل إلا في الإسرار آخر الشهر إذا
اقترن النيِّران.
ولا يحصل خسوف القمر إلا في الإبدار في الليالي البيض في نصف الشهر إذا
تقابل النيِّران.
فإذا اتفق مرور القمر بين الشمس والأرض حصل كسوف كلي للشمس، فإن لم تكن
مقابلة القمر للشمس كاملة صار كسوف الشمس جزئياً، ولا يمكن أن يحجب القمر
الشمس عن جميع الأرض؛ لأنه أصغر منها، فلا يكون كسوف الشمس كلياً في جميع
أقطار الدنيا أبداً، إنما يكون في موضع معين، مساحته بقدر مساحة القمر.
- معرفة وقت الكسوف:
1 - الكسوف والخسوف لهما أوقات مقدرة تُعلم بالحساب، كما لطلوع الهلال وقت
مقدر يُعلم بالحساب.
فالشمس لا تكسف إلا في نهاية الشهر وقت اختفاء القمر واستسراره، والقمر لا
يخسف إلا في وقت الإبدار في منتصف الشهر في الليالي البيض.
2 - لا يُكَذُّب المخبر بالكسوف والخسوف ولا يُصَدَّق، ولكن إذا تواطأ خبر
أهل الحساب مع ذلك فلا يكادون يخطئون، لكننا لا نصلي حتى نرى ذلك.
(2/670)
عَنْ أبي مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قالَُ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الشَّمْسَ
وَالقَمَرَ لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ،
وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا
فَقُومُوا فَصَلُّوا». متفق عليه (1).
- حكمة مشروعية صلاة الكسوف:
الشمس والقمر آيتان من آيات الله الكبرى، ومن نعمه العظام التي تتوقف عليها
حياة الكائنات.
وكسوف الشمس والقمر فيه إشعار بأنها قابلة للزوال، بل فيه إشعار بأن الكون
كله في قبضة إله قدير يفعل في ملكه ما يشاء.
وذلك ينشأ عنه خوف العباد، وتوقع نزول عذاب، فتضطرب القلوب، وتستوحش مما في
الغيب.
فأمرنا الله عز وجل عند ذلك بما يزيل هذا الخوف والوحشة بالصلاة، والدعاء،
والاستغفار، والصدقة، والعتق وغير ذلك مما يدفعه ويرفعه من القُرَب
والأعمال الصالحة.
عَنْ أبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي زَمَنِ
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ فَزِعاً يَخْشَى أنْ تَكُونَ
السَّاعَةُ، حَتَّى أتَى المَسْجِدَ، فَقَامَ يُصَلِّي بِأطْوَلِ قِيَامٍ
وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ، مَا رَأيْتُهُ يَفْعَلُهُ فِي صَلاةٍ قَطُّ، ثُمَّ
قال: «إِنَّ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي يُرْسِلُ اللهُ، لا تَكُونُ لِمَوْتِ
أحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ اللهَ يُرْسِلُهَا يُخَوِّفُ بِهَا
عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأيْتُمْ مِنْهَا شَيْئاً فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ
وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ». متفق عليه (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1041) , واللفظ له، ومسلم برقم (911).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1059) , ومسلم برقم (912)، واللفظ له.
(2/671)
- حكم صلاة الكسوف:
صلاة الكسوف والخسوف سنة مؤكدة على كل مسلم ومسلمة في الحضر والسفر.
1 - عَنِ المُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: انْكَسَفَتِ
الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، يَوْمَ
مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ
الشَّمْسَ وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، لا يَنْكَسِفَانِ
لِمَوْتِ أحَدٍ وَلا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللهَ
وَصَلُّوا حَتَّى تَنْكَشِفَ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ َرَضِيَ اللهُ عَنْها أنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى
عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَعَثَ مُنَادِياً:
«الصَّلاةُ جَامِعَةٌ». فَاجْتَمَعُوا، وَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ، وَصَلَّى
أرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأرْبَعَ سَجَدَاتٍ. أخرجه مسلم (2).
- وقت صلاة الكسوف:
1 - الكسوف الذي وقع للشمس في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وقع مرة
واحدة في أول النهار، على مقدار رمح أو رمحين من طلوع الشمس. وذلك في
الساعة الثامنة صباحاً في الصيف، في يوم الإثنين، في آخر شهر شوال، من
السنة العاشرة للهجرة، ووافق ذلك موت ابن النبي - صلى الله عليه وسلم -
إبراهيم، فخرج - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد مسرعاً فزعاً يجر رداءه
فصلى بالناس صلاة الكسوف.
2 - وقت صلاة الكسوف والخسوف يبدأ من ظهور الكسوف أو الخسوف إلى زواله.
وتصلى صلاة الكسوف والخسوف متى حدث الكسوف في أي وقت من
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1060) , ومسلم برقم (915)، واللفظ له.
(2) أخرجه مسلم برقم (901).
(2/672)
ليل أو نهار حتى ينجلي.
وينتهي وقت صلاة كسوف الشمس بانجلاء الكسوف، أو غروبها كاسفة.
وينتهي وقت صلاة خسوف القمر بانجلاء الخسوف، أو غياب القمر وهو خاسف، أو
طلوع الشمس.
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَانْكَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَقَامَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ
المَسْجِدَ، فَدَخَلْنَا، فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْجَلَتِ
الشَّمْسُ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ
لاَ يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا
وَادْعُوا، حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ». أخرجه البخاري (1).
- صفة صلاة الكسوف:
1 - صلاة الكسوف والخسوف ليس لها أذان ولا إقامة، لكن ينادى لها ليلاً أو
نهاراً بلفظ (الصلاة جامعة) مرة أو أكثر.
2 - صلاة الكسوف السنة أن تصلَّى في المسجد جماعة، ويجوز أن تصلَّى فرادى؛
لأنها نافلة، ولكنها جماعة أفضل.
3 - صلاة الكسوف ركعتان يجهر فيهما الإمام بالقراءة، وفي كل ركعة قيامان،
وقراءتان، وركوعان، وسجودان.
4 - يكبر الإمام، ثم يستفتح، ثم يتعوذ، ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة جهراً،
ثم يركع ركوعاً طويلاً، ثم يرفع من الركوع قائلاً: (سمع الله لمن حمده،
ربنا ولك الحمد).
ثم يقرأ جهراً الفاتحة وسورة أقصر من الأولى، ثم يركع أقل من الركوع
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (1040).
(2/673)
الأول، ثم يرفع من الركوع قائلاً: (سمع
الله لمن حمده ربنا ولك الحمد).
ثم يسجد سجدتين طويلتين الأولى أطول من الثانية، بينهما جلوس، الأول أطول
من الثاني.
ثم يقوم ويأتي بركعة ثانية على هيئة الأولى لكنها أخف، ثم يتشهد ويسلم.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أَنَّهَا قَالَتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ
فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - بِالنَّاسِ، فَقَامَ فَأَطَالَ القِيَامَ، ثُمَّ
رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ القِيَامَ، وَهُوَ
دُونَ القِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، وَهُوَ
دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ
فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِي الأُولَى،
ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ
اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ
آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ
لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللهَ، وَكَبِّرُوا
وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا». ثُمَّ قَالَ: «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللهِ
مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ
أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ
لَضَحِكْتُمْ قَلِيلاً وَلبَكَيْتُمْ كَثِيراً». متفق عليه (1).
- ما يسن أن يفعل عند الكسوف:
1 - يسن للإمام أن يخطب بعد صلاة الكسوف خطبة واحدة، يعظ فيها الناس،
ويذكرهم بالله، وبأمر هذا الحدث العظيم لترق قلوبهم.
ويأمرهم بالإكثار من الدعاء والاستغفار والصدقة والعتق وسائر القُرَب.
2 - يسن للمسلمين الإكثار من الدعاء والاستغفار والصدقات حتى ينجلي الكسوف.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1044) , واللفظ له، ومسلم برقم (901).
(2/674)
1 - عَنْ أسْمَاءَ رَضِيَ اللهُ عَنْها
قَالَتْ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم -، فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي، فَقُلْتُ: مَا شَأْنُ
النَّاسِ يُصَلُّونَ؟ فَأشَارَتْ بِرَأْسِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَقُلْتُ:
آيَةٌ؟ قَالَتْ: نَعَمْ، فَأطَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
القِيَامَ جِدّاً، حَتَّى تَجَلانِي الغَشْيُ، فَأخَذْتُ قِرْبَةً مِنْ
مَاءٍ إِلَى جَنْبِي، فَجَعَلْتُ أصُبُّ عَلَى رَأْسِي أوْ عَلَى وَجْهِي
مِنَ المَاءِ، قَالَتْ: فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
وَقَدْ تَجَلَّتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم
- النَّاسَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قال: «أمَّا بَعْدُ،
مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أكُنْ رَأيْتُهُ إِلا قَدْ رَأيْتُهُ فِي مَقَامِي
هَذَا، حَتَّى الجَنَّةَ وَالنَّارَ، وَإِنَّهُ قَدْ أوحِيَ إِلَيَّ
أنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي القُبُورِ قَرِيباً أوْ مِثْلَ فِتْنَةِ
المَسِيحِ الدَّجَّالِ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ،
فَقَامَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَزِعاً، يَخْشَى أَنْ تَكُونَ
السَّاعَةُ، فَأَتَى المَسْجِدَ، فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ
وَسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ، وَقَالَ: «هَذِهِ الآيَاتُ الَّتِي
يُرْسِلُ اللهُ، لاَ تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلاَ لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنْ
يُخَوِّفُ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ،
فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ». متفق عليه (2).
3 - وَعَنْ أبِي مَسْعُودٍ الأنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الشَّمْسَ وَالقَمَرَ
آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، يُخَوِّفُ اللهُ بِهِمَا عِبَادَهُ،
وَإِنَّهُمَا لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ مِنَ النَّاسِ، فَإِذَا
رَأيْتُمْ مِنْهَا شَيْئاً فَصَلُّوا وَادْعُوا اللهَ، حَتَّى يُكْشَفَ مَا
بِكُمْ». متفق عليه (3).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (86) , ومسلم برقم (905)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1059) , واللفظ له، ومسلم برقم (912).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1041) , ومسلم برقم (911)، واللفظ له.
(2/675)
- حكم المسبوق في صلاة الكسوف:
1 - المسبوق إذا أدرك الإمام في الركوع الأول من الركعة الأولى فقد أدرك
الركعة.
2 - إن أدركه في الركوع الأول من الركعة الثانية فقد أدرك الركعة، فإذا سلم
الإمام قام فصلى ركعة بركوعين وسجودين.
3 - إن أدرك الإمام في الركوع الثاني من إحدى الركعتين فقد فاتته الركعة
فيقضيها كما سبق.
- حكم قضاء صلاة الكسوف:
صلاة الكسوف من ذوات الأسباب، فإذا انجلى الكسوف من فاتته فإنه لا يقضيها
لزوال سببها وهو الكسوف.
- ما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الكسوف:
خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - لصلاة الكسوف فزعاً يخشى أن تكون الساعة،
فصلى بالناس في المسجد، ورأى في صلاته ما لم يره من قبل.
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -: «رَأيْتُ فِي مَقَامِي هَذَا كُلَّ شَيْءٍ وُعِدْتُمْ،
حَتَّى لَقَدْ رَأيْتُنِي أرِيدُ أنْ آخُذَ قِطْفاً مِنَ الجَنَّةِ حِينَ
رَأيْتُمُونِي جَعَلْتُ أقَدِّمُ، (وَقَالَ المُرَادِيُّ: أتَقَدَّمُ)
وَلَقَدْ رَأيْتُ جَهَنَّمَ يَحْطِمُ بَعْضُهَا بَعْضاً، حِينَ
رَأيْتُمُونِي تَأخَّرْتُ، وَرَأيْتُ فِيهَا ابْنَ لُحَيٍّ، وَهُوَ الَّذِي
سَيَّبَ السَّوَائِبَ». أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ: «يَا أيُّهَا النَّاسُ! إِنَّمَا الشَّمْسُ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (901).
(2/676)
وَالقَمَرُ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ،
وَإِنَّهُمَا لا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ مِنَ النَّاسِ فَإِذَا
رَأيْتُمْ شَيْئاً مِنْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ، مَا مِنْ
شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلا قَدْ رَأيْتُهُ فِي صَلاتِي هَذِهِ، لَقَدْ جِيءَ
بِالنَّارِ، وَذَلِكُمْ حِينَ رَأيْتُمُونِي تَأخَّرْتُ مَخَافَةَ أنْ
يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا، وَحَتَّى رَأيْتُ فِيهَا صَاحِبَ المِحْجَنِ
يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ، كَانَ يَسْرِقُ الحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ،
فَإِنْ فُطِنَ لَهُ قال: إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي، وَإِنْ غُفِلَ
عَنْهُ ذَهَبَ بِهِ، وَحَتَّى رَأيْتُ فِيهَا صَاحِبَةَ الهِرَّةِ الَّتِي
رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ
الأرْضِ، حَتَّى مَاتَتْ جُوعاً، ثُمَّ جِيءَ بِالجَنَّةِ، وَذَلِكُمْ
حِينَ رَأيْتُمُونِي تَقَدَّمْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي مَقَامِي، وَلَقَدْ
مَدَدْتُ يَدِي وَأنَا أرِيدُ أنْ أتَنَاوَلَ مِنْ ثَمَرِهَا لِتَنْظُرُوا
إِلَيْهِ، ثُمَّ بَدَا لِي أنْ لا أفْعَلَ، فَمَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ
إِلا قَدْ رَأيْتُهُ فِي صَلاتِي هَذِهِ». أخرجه مسلم (1).
3 - وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا مِنْ شَيْءٍ كُنْتُ لَمْ
أَرَهُ إِلاَّ قَدْ رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي هَذَا، حَتَّى الجَنَّةَ
وَالنَّارَ، وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي القُبُورِ
مِثْلَ أَوْ قَرِيباً مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ -لاَ أَدْرِي أَيَّتَهُمَا
قَالَتْ أَسْمَاءُ- يُؤْتَى أَحَدُكُمْ فَيُقَالُ لَهُ: مَا عِلْمُكَ
بِهَذَا الرَّجُلِ؟ فَأَمَّا المُؤْمِنُ، أَوِ المُوقِنُ -لاَ أَدْرِي
أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ- فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم -، جَاءَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَالهُدَى، فَأَجَبْنَا
وَآمَنَّا وَاتَّبَعْنَا، فَيُقَالُ: لَهُ نَمْ صَالِحاً، فَقَدْ عَلِمْنَا
إِنْ كُنْتَ لَمُوقِناً، وَأَمَّا المُنَافِقُ، أَوِ المُرْتَابُ -لاَ
أَدْرِي أَيَّتَهُمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ- فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي، سَمِعْتُ
النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئاً فَقُلْتُهُ». متفق عليه (2).
4 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إِنَّ الشَّمْسَ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (904).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1053) , واللفظ له، ومسلم برقم (905).
(2/677)
وَالقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ،
لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ
ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللهَ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، رَأَيْنَاكَ
تَنَاوَلْتَ شَيْئاً فِي مَقَامِكَ، ثُمَّ رَأَيْنَاكَ كَعْكَعْتَ؟ قَالَ -
صلى الله عليه وسلم -: «إِنِّي رَأَيْتُ الجَنَّةَ، فَتَنَاوَلْتُ
عُنْقُوداً، وَلَوْ أَصَبْتُهُ لأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتِ
الدُّنْيَا، وَأُرِيتُ النَّارَ، فَلَمْ أَرَ مَنْظَراً كَاليَوْمِ قَطُّ
أَفْظَعَ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ». قَالُوا: بِمَ يَا
رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «بِكُفْرِهِنَّ». قِيلَ: يَكْفُرْنَ بِاللهِ؟ قَالَ:
«يَكْفُرْنَ العَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإِحْسَانَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى
إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ، ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئاً، قَالَتْ:
مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْراً قَطُّ». متفق عليه (1).
فعلى العبد أن يستحضر في قلبه هذه الأمور العظيمة، وهيبة الوقوف بين يدي
الله، فإن ذلك يثمر الخوف من الله عز وجل.
- حكم صلاة الآيات:
تسن صلاة الكسوف عند خسوف الشمس أو القمر ركعتان كما سبق.
1 - تشرع صلاة الآيات عند حدوث الآيات التي يخوف الله بها عباده كالزلازل
المدمرة .. والصواعق المحرقة .. والبراكين المخيفة .. والرياح الشديدة ..
والطوفان العارم .. والكوارث المهلكة .. وغيرها من الآيات التي يخوف الله
بها عباده لعلهم يرجعون إليه.
2 - صفتها كصلاة الكسوف.
1 - عَنْ أبِي مُوسَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِي
زَمَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَامَ فَزِعاً يَخْشَى أنْ
تَكُونَ السَّاعَةُ، حَتَّى أتَى المَسْجِدَ، فَقَامَ يُصَلِّي بِأطْوَلِ
قِيَامٍ
وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ، مَا رَأيْتُهُ يَفْعَلُهُ فِي صَلاةٍ قَطُّ، ثُمَّ
قال: «إِنَّ هَذِهِ الآيَاتِ الَّتِي
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1052) , واللفظ له، ومسلم برقم (907).
(2/678)
يُرْسِلُ اللهُ، لا تَكُونُ لِمَوْتِ أحَدٍ
وَلا لِحَيَاتِهِ، وَلَكِنَّ اللهَ يُرْسِلُهَا يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ،
فَإِذَا رَأيْتُمْ مِنْهَا شَيْئاً فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ
وَاسْتِغْفَارِهِ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: قِيلَ لاِبْنِ عَبَّاسٍ: مَاتَتْ فُلاَنَةُ
بَعْضُ أَزْوَاجِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَخَرَّ سَاجِداً،
فَقِيلَ لَهُ: أَتَسْجُدُ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم -: «إِذا رَأَيْتُمْ آيَةً فَاسْجُدُوا» وَأَيُّ
آيَةٍ أَعْظَمُ مِنْ ذهَاب أَزْوَاجِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
أخرجه أبو داود (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1059) , ومسلم برقم (912)، واللفظ له.
(2) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (1197).
(2/679)
7 - صلاة الاستسقاء
- الاستسقاء: هو الدعاء بطلب السقيا من الله عند الجدب على صفة مخصوصة.
- متى يشرع الاستسقاء:
يشرع الاستسقاء إذا أجدبت الأرض، وانقطع المطر، أو غارت مياه العيون
والآبار، أو جفت الأنهار، أو نقص ماؤها، أو تغير بملوحة، وقحط الناس من قلة
الماء ونحو ذلك.
- أنواع الاستسقاء:
الدعاء بطلب السقيا من الله عز وجل له ثلاث كيفيات:
الأولى: صلاة الاستسقاء جماعة مع الخطبة والدعاء، وهذه أكملها وأفضلها.
الثانية: الدعاء بطلب الغيث في خطبة الجمعة كما فعل النبي - صلى الله عليه
وسلم -.
الثالثة: الدعاء بطلب السقيا من الله في أي وقت من غير صلاة ولا خطبة.
- حكمة مشروعية الاستسقاء:
نعمة الماء فيض من أكبر نعم الله على عباده، وهي تستلزم دوام شكر العباد
لربهم، وتأخر نزول المطر إنما هو ابتلاء من الله لعباده؛ ليرجعوا من الذنوب
والمعاصي إلى الطاعات والتوبة والاستغفار.
وفي حبس الماء عن الخلق تذكير لهم بحاجتهم الماسة على الدوام لربهم في
خلقهم وبقائهم، وفي حفظهم وإمدادهم.
ومن رحمة الله أن شرع لهم من الصلاة والدعاء ما يستجلبون به الغيث ممن
(2/680)
يملكه، ويملك التصرف فيه، بإقرارهم بكمال
غناه، وشدة حاجتهم إليه.
- حكم صلاة الاستسقاء:
صلاة الاستسقاء سنة مؤكدة على الرجال والنساء عند الحاجة للماء، ويسن
الاستسقاء جماعة، ويصح منفرداً، ويسن بصلاة، ويصح بدون صلاة، ويسن في
الصحراء، ويصح في المسجد، ويسن في خطبة الجمعة، ويصح في غيرها.
وصلاة الاستسقاء جماعة في الصحراء أفضل وأبلغ في الخشوع، وأقرب إلى
التواضع.
عَنْ عَبْداللهِ بن زَيْدٍ المَازِنِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى المُصَلَّى يَسْتَسْقِي،
وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ.
متفق عليه (1).
- حكم الاجتماع على العبادات والطاعات:
الاجتماع على العبادات والطاعات نوعان:
أحدهما: سنة راتبة، إما واجب كالصلوات الخمس والجمعة، أو مسنون كالعيدين،
والتراويح، والكسوف، والاستسقاء، فهذا سنة راتبة ينبغي المحافظة والمداومة
عليه.
الثاني: ما ليس بسنة راتبة، كالاجتماع لصلاة تطوع كقيام الليل، أو تطوع
بالنهار، فهذا يجوز فعله أحياناً، ولا يُتخذ عادة راتبة.
- وقت صلاة الاستسقاء:
صلاة الاستسقاء تصلى في كل وقت إلا في أوقات النهي.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1027) , واللفظ له، ومسلم برقم (894).
(2/681)
والأفضل أن تصلى بعد طلوع الشمس وارتفاعها
قيد رمح، وذلك بعد طلوع الشمس بربع ساعة تقريباً إلى الزوال.
- مكان صلاة الاستسقاء:
السنة أن تصلى صلاة الاستسقاء في الصحراء خارج عمران البلد كالعيد، إلا
لعذر من مطر، أو ريح، أو برد، أو خوف ونحو ذلك، فتصلى في المساجد.
- متى يخرج الناس إلى المصلى:
يسن الاستسقاء جماعة، أو منفرداً، أو في خطبة الجمعة بدون إذن الإمام، أما
الخروج إلى المصلى للاستسقاء فلا يجوز إلا بإذن الإمام الأعظم، فيختار لهم
يوماً يحصل به اجتماعهم بلا مشقة، وتراعى فيه مصالح الناس.
والأَوْلى تنويع الأيام التي يخرجون فيها لصلاة الاستسقاء فمرة يوم
الإثنين، ومرة يوم السبت؛ لئلا يظن الناس أن للاستسقاء يوماً بعينه، وتُتخذ
العادة عبادة، فتكون حينئذ بدعة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قَالَتْ: شَكَا النَّاسُ إِلَى رَسُولِ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قُحُوطَ المَطَرِ، فَأَمَرَ بمِنْبَرٍ
فَوُضِعَ لَهُ فِي المُصَلَّى وَوَعَدَ النَّاسَ يَوْماً يَخْرُجُونَ
فِيهِ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ. أخرجه أبو داود (1).
- صفة الخروج لصلاة الاستسقاء:
يسن أن يخرج المسلمون لصلاة الاستسقاء رجالاً ونساءً وأطفالاً متبذِّلين،
متواضعين، متضرعين، متذللين، بخضوع وخشوع، مع إظهار الافتقار التام لله عز
وجل حالاً ومقالاً.
ولهذا لا يشرع لصلاة الاستسقاء التجمل والزينة.
_________
(1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (1173).
(2/682)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ مُتَبَذِّلاً
مُتَوَاضِعاً مُتَضَرِّعاً حَتَّى أَتَى المُصَلَّى فَلَمْ يَخْطُبْ
خُطْبَتَكُمْ هَذِهِ وَلَكِنْ لَمْ يَزَلْ فِي الدُّعَاءِ وَالتَّضَرُّعِ
وَالتَّكْبيرِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَمَا كَانَ يُصَلِّي فِي العِيدِ.
أخرجه أبو داود والترمذي (1).
- وقت خطبة الاستسقاء:
السنة أن يخطب الإمام قبل صلاة الاستسقاء لما يلي:
1 - عَنْ عَبْدِاللهِ بن زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: رَأَيْتُ
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي، قَالَ:
فَحَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ يَدْعُو،
ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ
فِيهِمَا بِالقِرَاءَةِ. متفق عليه (2).
2 - وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ زَيْدٍ الأنْصَاري رَضِيَ اللهُ عَنْهُما
أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ إِلَى المُصَلَّى،
فَاسْتَسْقَى، فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ، وَصَلَّى
رَكْعَتَيْنِ. متفق عليه (3).
3 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ فَقَعَدَ عَلَى
المِنْبَرِ فَكَبَّرَ - صلى الله عليه وسلم - وَحَمِدَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ
ثمَّ قَالَ: «إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ وَاسْتِئْخَارَ
المَطَرِ عَنْ إِبَّانِ زَمَانِهِ عَنْكُمْ وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ عَزَّ
وَجَلَّ أَنْ تَدْعُوهُ وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ» ثمَّ قَالَ:
? «الحَمْدُ للهِ رَب العَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَلِكِ يَوْمِ
الدِّينِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ اللهمَّ
أَنْتَ اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَرَاءُ
أَنْزِلْ عَلَيْنَا الغَيْث وَاجْعَلْ مَا
_________
(1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (1165) , والترمذي برقم (558)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1025) , واللفظ له، ومسلم برقم (894).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1012) , واللفظ له، ومسلم برقم (894).
(2/683)
أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلاَغاً إِلَى
حِينٍ» ثمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَزَلْ فِي الرَّفْعِ حَتَّى بَدَا
بَيَاضُ إِبطَيْهِ ثمَّ حَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ وَقَلَبَ أَوْ
حَوَّلَ رِدَاءَهُ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ ثمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ
وَنَزَلَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَأَنْشَأَ اللهُ سَحَابَةً فَرَعَدَتْ
وَبَرَقَتْ ثمَّ أَمْطَرَتْ بإِذنِ اللهِ فَلَمْ يَأْتِ مَسْجِدَهُ حَتَّى
سَالَتِ السُّيُولُ فَلَمَّا رَأَى سُرْعَتَهُمْ إِلَى الكِنِّ ضَحِكَ -
صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذهُ، فَقَالَ: «أَشْهَدُ أَنَّ
اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ».
أخرجه أبو داود (1).
- صفة خطبة الاستسقاء:
السنة أن تشتمل خطبة الاستسقاء على ذكر الله عز وجل، وعلى حمده وشكره، وعلى
الدعاء بطلب السقيا منه، وعلى الاستغفار والتوبة.
ويخطب الإمام خطبة واحدة قبل الصلاة قائماً، فيحمد الله تبارك وتعالى
ويكبره ويستغفره، ثم يدعو بما ثبت في السنة، ومنه:
«الحَمْدُ للهِ رَب العَالَمِينَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مَلِكِ يَوْمِ
الدِّينِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ اللهمَّ أَنْتَ
اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَنِيُّ وَنَحْنُ الفُقَرَاءُ أَنْزِلْ
عَلَيْنَا الغَيْث وَاجْعَلْ مَا أَنْزَلْتَ لَنَا قُوَّةً وَبَلاَغاً
إِلَى حِينٍ». أخرجه أبو داود (2).
«اللهمَّ أَغِثْنَا، اللهمَّ أَغِثْنَا، اللهمَّ أَغِثْنَا». متفق عليه
(3).
«اللهمَّ اسْقِنَا، اللهمَّ اسْقِنَا، اللهمَّ اسْقِنَا». أخرجه البخاري
(4).
«اللهمَّ اسْقِنَا غَيْثاً مُغِيثاً مَرِيئاً مَرِيعاً نَافِعاً غَيْرَ
ضَارٍّ عَاجِلاً غَيْرَ آجِلٍ». أخرجه أبو
داود (5).
_________
(1) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (1173) , انظر الإرواء رقم (668).
(2) حسن/ أخرجه أبو داود برقم (1173) , انظر الإرواء رقم (668).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1014) , ومسلم برقم (897).
(4) أخرجه البخاري برقم (1013).
(5) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1169).
(2/684)
«اللهمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وَبَهَائِمَكَ
وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ وَأَحْيِ بَلَدَكَ المَيِّتَ». أخرجه مالك وأبو داود
(1).
- صفة رفع اليدين عند الاستسقاء:
السنة في كل دعاء لرفع البلاء أن يرفع يديه جداً حتى كأن ظهور كفيه إلى
السماء، وإذا دعا بسؤال شيء أن يرفع يديه حذو منكبيه أو نحوهما ويجعل بطن
كفيه إلى السماء.
والسنة أن يرفع الإمام والمأمومون أيديهم في دعاء الاستسقاء.
1 - عَنْ أَنَس بن مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَتَى رَجُلٌ
أَعْرَابِيٌّ مِنْ أَهْلِ البَدْوِ، إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه
وسلم - يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَلَكَتِ
المَاشِيَةُ، هَلَكَ العِيَالُ، هَلَكَ النَّاسُ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ يَدْعُو، وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ
مَعَهُ يَدْعُونَ. قَالَ: فَمَا خَرَجْنَا مِنَ المَسْجِدِ حَتَّى
مُطِرْنَا. متفق عليه (2).
2 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ
النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لاَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي شَيْءٍ مِنْ
دُعَائِهِ إِلاَّ فِي الاِسْتِسْقَاءِ، وَإِنَّهُ يَرْفَعُ حَتَّى يُرَى
بَيَاضُ إِبْطَيْهِ. متفق عليه (3).
3 - وَعَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ - صلى
الله عليه وسلم - اسْتَسْقَى، فَأشَارَ بِظَهْرِ كَفَّيْهِ إِلَى
السَّمَاءِ. أخرجه مسلم (4).
- حكم قلب الرداء في الاستسقاء:
1 - يسن للإمام بعد الفراغ من الخطبة أن يحول رداءه، فيجعل اليمين على
_________
(1) حسن/ أخرجه مالك برقم (449) , وأبو داود برقم (1176)، وهذا لفظه.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1029) , واللفظ له، ومسلم برقم (897).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1031) , واللفظ له، ومسلم برقم (895).
(4) أخرجه مسلم برقم (896).
(2/685)
الشمال، ثم يدعو مستقبلاً القبلة، ثم ينزل
ويصلي بالناس صلاة الاستسقاء.
2 - أما المأمومين فلا يشرع لهم قلب أرديتهم؛ لأنه لم يثبت عن الصحابة رضي
الله عنهم أنهم كانوا يقلبون أرديتهم في تلك الحال.
3 - وإذا استسقى الإمام في خطبة الجمعة، أو في الصلاة، أو في غيرها، فإنه
لا يقلب رداءه إلا في صلاة الاستسقاء.
1 - عَنْ عَبْدالله بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: رَأَيْتُ
النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ خَرَجَ يَسْتَسْقِي، قَالَ:
فَحَوَّلَ إِلَى النَّاسِ ظَهْرَهُ، وَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ يَدْعُو،
ثُمَّ حَوَّلَ رِدَاءَهُ، ثُمَّ صَلَّى لَنَا رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ
فِيهِمَا بِالقِرَاءَةِ. متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلاً شَكَا
إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - هَلاَكَ المَالِ، وَجَهْدَ
العِيَالِ، فَدَعَا اللهَ يَسْتَسْقِي. وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ حَوَّلَ
رِدَاءَهُ، وَلاَ اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ. متفق عليه (2).
- صفة صلاة الاستسقاء:
السنة أن تكون صلاة الاستسقاء بعد الخطبة والدعاء.
فيصلي الإمام بالمسلمين صلاة الاستسقاء ركعتين بلا أذان ولا إقامة كالعيد
.. يكبر في الأولى سبعاً بتكبيرة الإحرام .. ثم يقرأ الفاتحة وسورة من
القرآن جهراً .. ثم يركع ويسجد .. ثم يقوم فيكبر في الركعة الثانية خمساً
سوى تكبيرة القيام .. ثم يقرأ الفاتحة وسورة من القرآن جهراً .. فإذا صلى
الركعتين تشهد ثم سلم.
عَنْ عَبْداللهِ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ
- صلى الله عليه وسلم - يَسْتَسْقِي، فَتَوَجَّهَ إِلَى
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1025) , واللفظ له، ومسلم برقم (894).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1018) , واللفظ له، ومسلم برقم (897).
(2/686)
القِبْلَةِ يَدْعُو، وَحَوَّلَ رِدَاءَهُ،
ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، جَهَرَ فِيهِمَا بِالقِرَاءَةِ. متفق عليه (1).
- ما يقوله إذا نزل المطر:
1 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَأَى المَطَرَ قَالَ: «اللَّهُمَّ صَيِّباً
نَافِعاً». أخرجه البخاري (2).
2 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم - كَانَ إِذَا رَأى المَطَرَ يَقُولُ: «رَحْمَةٌ». أخرجه مسلم
(3).
يقول هذا مرة، وهذا مرة؛ إحياءً للسنة.
- ما يقوله بعد نزول المطر:
«مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ». متفق عليه (4).
- ما يفعله بعد نزول المطر:
من السنة إذا نزل المطر أن يحسر الإنسان ثوبه ليصيب بعض بدنه المطر.
عَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أصَابَنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَطَرٌ، قال: فَحَسَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - ثَوْبَهُ، حَتَّى أصَابَهُ مِنَ المَطَرِ، فَقُلْنَا: يَا
رَسُولَ اللهِ! لِمَ صَنَعْتَ هَذَا؟ قال: «لأنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ
بِرَبِّهِ تَعَالَى». أخرجه مسلم (5).
- حكم الاستسقاء في خطبة الجمعة:
يسن للإمام أن يستسقي في خطبة الجمعة إذا تأخر نزول المطر، كما يسن له
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1024) , واللفظ له، ومسلم برقم (894).
(2) أخرجه البخاري برقم (1032).
(3) أخرجه مسلم برقم (899).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1038) ومسلم برقم (71).
(5) أخرجه مسلم برقم (898).
(2/687)
طلب الاستصحاء إذا كثر المطر، وخيف الضرر،
وتعطلت المصالح.
عَنْ أنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَجُلاً دَخَلَ
المَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، مِنْ باب كَانَ نَحْوَ دَارِ القَضَاءِ،
وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِماً، ثُمَّ قال: يَا رَسُولَ
اللهِ! هَلَكَتِ الأمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللهَ
يُغِثْنَا، قال: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ،
ثُمَّ قال: «اللهمَّ أغِثْنَا. اللهمَّ أغِثْنَا. اللهمَّ أغِثْنَا». قال
أنَسٌ: وَلا وَاللهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلا قَزَعَةٍ،
وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلا دَارٍ، قال: فَطَلَعَتْ
مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتِ
السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ، ثُمَّ أمْطَرَتْ، قال: فَلا وَاللهِ! مَا رَأيْنَا
الشَّمْسَ سَبْتاً، قال: ثُمَّ دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ ذَلِكَ البَابِ فِي
الجُمُعَةِ المُقْبِلَةِ، وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِمٌ
يَخْطُبُ، فَاسْتَقْبَلَهُ قَائِماً، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! هَلَكَتِ
الأمْوَالُ وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ، فَادْعُ اللهَ يُمْسِكْهَا عَنَّا.
قال: فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ، ثُمَّ قال:
«اللهمَّ حَوْلَنَا وَلا عَلَيْنَا، اللهمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ،
وَبُطُونِ الأوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ». فَانْقَلَعَتْ،
وَخَرَجْنَا نَمْشِي فِي الشَّمْسِ. متفق عليه (1).
- حكم تكرار الاستسقاء:
1 - إذا سقى الله المسلمين بعد الاستسقاء حمدوا الله وشكروه، وإن لم يُسقوا
أعادوا الاستسقاء ثانياً وثالثاً؛ لبقاء علته، والحاجة الداعية إليه،
ويكثرون من الاستغفار والتوبة والصدقة.
2 - وإذا تأهبوا للخروج للاستسقاء ثم سُقوا قبل خروجهم لم يخرجوا، وشكروا
الله على نعمته، وسألوه المزيد من فضله.
3 - وإذا خرجوا فسُقُوا قبل أن يُصلوا، صلوا شكراً لله تبارك وتعالى
وحمدوه.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1014) ومسلم برقم (897)، واللفظ له.
(2/688)
8 - صلاة الضحى
- صلاة الضحى: هي التي يصليها المسلم تطوعاً في الضحى.
- فضل صلاة الضحى:
1 - عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أوْصَانِي خَلِيلِي
بِثَلاثٍ: «صِيَامِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ
الضُّحَى، وَأنْ أوتِرَ قَبْلَ أنْ أنَامَ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله
عليه وسلم -، أنَّهُ قَالَ: «يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلامَى مِنْ أحَدِكُمْ
صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ،
وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأمْرٌ
بِالمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ
مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى». أخرجه مسلم (2).
3 - وَعَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ
- صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «فِي الإنْسَانِ ثلاَث مِائَةٍ وَسِتُّونَ
مَفْصِلاً فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَنْ كُلِّ مَفْصِلٍ مِنْهُ
بصَدَقَةٍ» قَالُوا: وَمَنْ يُطِيقُ ذلِكَ يَا نَبيَّ اللهِ؟ قَالَ:
«النُّخَاعَةُ فِي المَسْجِدِ تَدْفِنُهَا وَالشَّيْءُ تُنَحِّيهِ عَنْ
الطَّرِيقِ فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَرَكْعَتَا الضُّحَى تُجْزِئُكَ». أخرجه
أحمد وأبو داود (3).
4 - وَعَنْ زَيْد بن أرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى أهْلِ قُبَاءَ وَهُمْ يُصَلُّونَ،
فَقَالَ: «صَلاةُ الأوَّابِينَ إِذَا رَمِضَتِ الفِصَالُ». أخرجه مسلم (4).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1981) , واللفظ له، ومسلم برقم (721).
(2) أخرجه مسلم برقم (720).
(3) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (22998) , وأبو داود برقم (5242)، وهذا لفظه.
(4) أخرجه مسلم برقم (748).
(2/689)
- حكم صلاة الضحى:
صلاة الضحى سنة مؤكدة، صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأوصى بها،
ورغَّب فيها، ولم يداوم عليها خشية أن تُفرض.
1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَوْصَانِي خَلِيلِي
بِثَلاَثٍ، لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ: صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ
مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاَةِ الضُّحَى، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ. متفق عليه
(1).
2 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أوْصَانِي
حَبِيبِي - صلى الله عليه وسلم - بِثَلاثٍ، لَنْ أدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ:
بِصِيَامِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاةِ الضُّحَى، وَبِأنْ
لا أنَامَ حَتَّى أُوتِرَ. أخرجه مسلم (2).
3 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي الضُّحَى أرْبَعاً، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ
اللهُ. أخرجه مسلم (3).
4 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها أنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأيْتُ
رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي سُبْحَةَ الضُّحَى قَطُّ،
وَإِنِّي لأسَبِّحُهَا، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
لَيَدَعُ العَمَلَ، وَهُوَ يُحِبُّ أنْ يَعْمَلَ بِهِ، خَشْيَةَ أنْ
يَعْمَلَ بِهِ النَّاسُ، فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ. متفق عليه (4).
- وقت صلاة الضحى:
وقت صلاة الضحى يبدأ من طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح، أي بعد ربع ساعة من
طلوعها إلى قبيل الزوال.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1178) , واللفظ له، ومسلم برقم (721).
(2) أخرجه مسلم برقم (722).
(3) أخرجه مسلم برقم (719).
(4) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1128) , ومسلم برقم (718).
(2/690)
1 - عَنْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ
الجُهَنِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ قالَ: ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ
رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَنْهَانَا أنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ،
أَوْ أنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ
بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى
تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى
تَغْرُبَ. أخرجه مسلم (1).
2 - وَعَنْ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ السُّلَمِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ
قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، أخْبِرْنِي عَمَّا عَلَّمَكَ اللهُ وَأجْهَلُهُ،
أخْبِرْنِي عَنِ الصَّلاةِ؟ قال: «صَلِّ صَلاةَ الصُّبْحِ، ثُمَّ أقْصِرْ
عَنِ الصَّلاةِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ حَتَّى تَرْتَفِعَ فَإِنَّهَا
تَطْلُعُ حِينَ تَطْلُعُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ
لَهَا الكُفَّارُ، ثُمَّ صَلِّ فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ،
حَتَّى يَسْتَقِلَّ الظِّلُّ بِالرُّمْحِ، ثُمَّ أقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ،
فَإِنَّ حِينَئِذٍ تُسْجَرُ جَهَنَّمُ، فَإِذَا أقْبَلَ الفَيْءُ فَصَلِّ،
فَإِنَّ الصَّلاةَ مَشْهُودَةٌ مَحْضُورَةٌ، حَتَّى تُصَلِّيَ العَصْرَ،
ثُمَّ أقْصِرْ عَنِ الصَّلاةِ، حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ، فَإِنَّهَا
تَغْرُبُ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ، وَحِينَئِذٍ يَسْجُدُ لَهَا
الكُفَّارُ». أخرجه مسلم (2).
- أفضل أوقات صلاة الضحى:
أفضل أوقات صلاة الضحى إذا مضى ربع النهار، وارتفعت الشمس، واشتدت حرارتها.
فمن صلاها بعد ارتفاع الشمس قدر رمح أصاب السنة، ومن أخرها إلى اشتداد الحر
فهو أفضل.
عَنْ زَيْد بن أرْقَمَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ رَأى قَوْماً يُصَلُّونَ
مِنَ الضُّحَى، فَقَالَ: أمَا لَقَدْ عَلِمُوا أنَّ الصَّلاةَ فِي غَيْرِ
هَذِهِ السَّاعَةِ أفْضَلُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
قال:
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (831).
(2) أخرجه مسلم برقم (832).
(2/691)
«صَلاةُ الأوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ
الفِصَالُ». أخرجه مسلم (1).
- صفة صلاة الضحى:
صلاة الضحى أقلها ركعتان، ولا حد لأكثرها، يصلي كل ركعتين بسلام، وأحياناً
يسردهن بسلام واحد.
1 - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أوْصَانِي خَلِيلِي -
صلى الله عليه وسلم - بِثَلاثٍ: بِصِيَامِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ
شَهْرٍ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى، وَأنْ أُوتِرَ قَبْلَ أنْ أرْقُدَ. متفق
عليه (2).
2 - وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أوْصَانِي
حَبِيبِي - صلى الله عليه وسلم - بِثَلاثٍ، لَنْ أدَعَهُنَّ مَا عِشْتُ:
بِصِيَامِ ثَلاثَةِ أيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَصَلاةِ الضُّحَى، وَبِأنْ
لا أنَامَ حَتَّى أُوتِرَ. أخرجه مسلم (3).
3 - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي الضُّحَى أرْبَعاً، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ
اللهُ. أخرجه مسلم (4).
4 - وَعَنْ أُمِّ هَانِئٍ رَضِيَ اللهُ عَنْها قَالَتْ: إِنَّ النَّبِيَّ -
صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ بَيْتَهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ،
فَاغْتَسَلَ، وَصَلَّى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ، فَلَمْ أَرَ صَلاَةً قَطُّ
أَخَفَّ مِنْهَا، غَيْرَ أَنَّهُ يُتِمُّ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ. متفق
عليه (5).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (748).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1178) , ومسلم برقم (721)، واللفظ له.
(3) أخرجه مسلم برقم (722).
(4) أخرجه مسلم برقم (719).
(5) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1176) , واللفظ له، ومسلم برقم (336).
(2/692)
9 - صلاة ركعتي
الوضوء
- ركعتي الوضوء سنة مؤكدة في أي وقت من ليل أو نهار، حتى في أوقات النهي؛
لأنها من ذوات الأسباب.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله
عليه وسلم - قَالَ لِبِلاَلٍ عِنْدَ صَلاَةِ الفَجْرِ: «يَا بِلاَلُ،
حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلاَمِ، فَإِنِّي
سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ». قَالَ: مَا
عَمِلْتُ عَمَلاً أَرْجَى عِنْدِي: أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ طَهُوراً، فِي
سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ، إِلاَّ صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا
كُتِبَ لِي أَنْ أُصَلِّيَ. متفق عليه (1).
- فضل ركعتي الوضوء:
1 - عَنْ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ تَوضَأ
وُضُوءاً كَامِلاً ثُمَّ قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم
-: «مَنْ تَوَضَّأ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لا
يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».
متفق عليه (2).
2 - وَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَتْ
عَلَيْنَا رِعَايَةُ الإِبِلِ، فَجَاءَتْ نَوْبَتِي، فَرَوَّحْتُهَا
بِعَشِيٍّ، فَأدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَائِماً
يُحَدِّثُ النَّاسَ، فَأدْرَكْتُ مِنْ قَوْلِهِ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ
يَتَوَضَّأ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ،
مُقْبِلٌ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ، إِلا وَجَبَتْ لَهُ
الجَنَّةُ». أخرجه مسلم (3).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1149) , واللفظ له، ومسلم برقم (2458).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (159) , واللفظ له، ومسلم برقم (226).
(3) أخرجه مسلم برقم (234).
(2/693)
- فضل المداومة على الصلاة بعد الوضوء:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - لِبِلاَلٍ، عِنْدَ صَلاَةِ الغَدَاةِ «يَا بِلاَلُ!
حَدِّثْنِي بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ عِنْدَكَ فِي الإِسْلاَمِ
مَنْفَعَةً، فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّيْلَةَ خَشْفَ نَعْلَيْكَ بَيْنَ
يَدَيَّ فِي الجَنَّةِ». قَالَ بِلاَلٌ: مَا عَمِلْتُ عَمَلاً فِي
الإِسْلاَمِ أَرْجَى عِنْدِي مَنْفَعَةً مِنْ أَنِّي لاَ أَتَطَهَّرُ
طُهُوراً تَامّاً فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ وَلاَ نَهَارٍ، إِلاَّ صَلَّيْتُ
بِذَلِكَ الطُّهُورِ، مَا كَتَبَ اللهُ لِي أَنْ أُصَلِّيَ. متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1149) , ومسلم برقم (2458)، واللفظ له.
(2/694)
10 - صلاة تحية
المسجد
- حكم تحية المسجد:
صلاة تحية المسجد ركعتان، وهي واجبة على من دخل المسجد في أي وقت من ليل أو
نهار.
1 - عَنْ أبِي قَتَادَةَ السَّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «إذَا دَخَلَ أحَدُكُمُ المَسْجِدَ
فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ أنْ يَجْلِسَ». متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ أبِي قَتَادَةَ بْنَ رِبْعِيٍّ الأنْصَارِيَّ رَضِيَ اللهُ
عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِذَا دَخَلَ
أَحَدُكُمُ المَسْجِدَ، فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ».
متفق عليه (2).
- حكم تحية المسجد وقت خطبة الجمعة:
السنة لمن دخل المسجد والإمام يخطب خطبة الجمعة أن يصلي ركعتين خفيفتين قبل
أن يجلس.
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: جَاءَ سُلَيْكٌ
الغَطَفَانِيُّ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَرَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
يَخْطُبُ، فَجَلَسَ فَقَالَ لَهُ: «يَا سُلَيْكُ! قُمْ فَارْكَعْ
رَكْعَتَيْنِ، وَتَجَوَّزْ فِيهِمَا». ثُمَّ قال: «إِذَا جَاءَ أحَدُكُمْ،
يَوْمَ الجُمُعَةِ، وَالإمَامُ يَخْطُبُ، فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ،
وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا». متفق عليه (3).
- يجوز للمسلم إذا دخل المسجد أن يصلي ركعتين وينوي بهما السنة الراتبة،
وركعتي الوضوء، وتحية المسجد.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (444) , واللفظ له، ومسلم برقم (714).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1163) , واللفظ له، ومسلم برقم (714).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (930)، ومسلم برقم (875).
(2/695)
11 - صلاة القدوم من
السفر
- حكم صلاة القدوم من السفر:
يسن للمسلم عند القدوم من السفر أن يذهب إلى المسجد ويصلي فيه ركعتين.
ويسن للرجل الكبير في المرتبة، ومن يقصده الناس، أن يقعد أول قدومه في مكان
بارز إما المسجد أو غيره.
1 - عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ -
صلى الله عليه وسلم - كَانَ لا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ إِلا نَهَاراً، فِي
الضُّحَى، فَإِذَا قَدِمَ، بَدَأ بِالمَسْجِدِ، فَصَلَّى فِيهِ
رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ جَلَسَ فِيهِ. متفق عليه (1).
2 - وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: خَرَجْتُ
مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي غَزَاةٍ، فَأبْطَأ بِي
جَمَلِي وَأعْيَا، ثُمَّ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -
قَبْلِي، وَقَدِمْتُ بِالغَدَاةِ، فَجِئْتُ المَسْجِدَ فَوَجَدْتُهُ عَلَى
باب المَسْجِدِ، قال: «الآنَ حِينَ قَدِمْتَ؟». قُلْتُ: نَعَمْ. قال:
«فَدَعْ جَمَلَكَ، وَادْخُلْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ». قال فَدَخَلْتُ
فَصَلَّيْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ. متفق عليه (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (3088) , ومسلم برقم (716)، واللفظ له.
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (2097) , ومسلم برقم (715)، واللفظ له.
(2/696)
12 - صلاة التوبة
- حكم صلاة التوبة:
صلاة التوبة ركعتان، وهي سنة.
وتصلى في كل وقت؛ لأن التوبة من الذنب واجبة على الفور.
عَنْ أَبي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يُذنِبُ ذنْباً فَيُحْسِنُ
الطُّهُورَ ثمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ ثمَّ يَسْتَغْفِرُ اللهَ
إِلاَّ غَفَرَ اللهُ لَهُ». ثمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {وَالَّذِينَ
إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ}
إِلَى آخِرِ الآيَةِ. أخرجه أبو داود والترمذي (1).
_________
(1) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1521) , وهذا لفظه، والترمذي برقم (406).
(2/697)
13 - صلاة الاستخارة
- الاستخارة: هي طلب الخِيَرة من الله تعالى في أمر من الأمور المشروعة أو
المباحة.
- الفرق بين الاستخارة والاستشارة:
1 - الاستخارة: أن يستخير العبد ربه فيما يفعل من الأمور المباحة، أو
المسنونة، أو الواجبة إذا التبس عليه وجه الخير والصلاح فيها.
2 - الاستشارة: أن يستشير العبد غيره ممن يثق بدينه، وعلمه، ونصحه فيما سبق
من الأمور.
وكلاهما مسنون، فما ندم من استخار الخالق، واستشار المخلوق، وكان النبي -
صلى الله عليه وسلم - يشاور أصحابه كما أمره ربه.
قال الله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ
كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ
عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا
عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
الْمُتَوَكِّلِينَ (159)} [آل عمران:159].
- أحوال الاستخارة:
الأمور تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 - المشروعات من الواجبات والمستحبات.
فهذه لا يستخار فيها، لكن يستخير في أنواع الواجب والمستحب عند التزاحم؛
لأنها مطلوبة الفعل.
2 - المنهيات من المحرمات والمكروهات، فهذه كلها لا يستخار فيها، بل
(2/698)
يحذرها مطلقاً؛ لأنها مطلوبة الترك.
3 - المباحات كشراء الأرض، أو السيارة، أو المنزل، أو السفر ونحو ذلك.
فهذه يستخير الإنسان فيها إذا تردد في الأمر، أما إذا ظهرت له المصلحة فإنه
يُقْدِم عليها ولا يستخير.
- حكم صلاة الاستخارة:
صلاة الاستخارة سنة في الأمور المباحة، ولمن تعارضت عنده أمور مسنونة أو
واجبة، فيستخير ربه فيما يفعل.
- صفة صلاة الاستخارة:
1 - صلاة الاستخارة ركعتان من غير الفريضة.
ودعاء الاستخارة يكون قبل السلام أو بعده، والدعاء قبل السلام أفضل.
2 - يجوز للمسلم أن يكرر هذه الصلاة أكثر من مرة، في أوقات مختلفة، إذا لم
ينشرح صدره لما استخار فيه.
3 - يفعل العبد بعد صلاة الاستخارة ما ينشرح له صدره، بعد أن يتبرأ من حوله
وقوته، ومن اختياره لنفسه، ويسلِّم أمره لربه، ولو كان خلاف ما يهوى ويحب.
1 - قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ
وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ
تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا
تَعْلَمُونَ (216)} [البقرة:216].
2 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ قالَ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله
عليه وسلم - يُعَلِّمُنَا الاسْتِخَارَةَ فِي الأمُورِ كُلِّهَا،
كَالسُّورَةِ مِنَ القُرْآنِ: «إِذَا هَمَّ بِالأمْرِ فَلْيَرْكَعْ
رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللهمَّ
(2/699)
إِنِّي أسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ،
وَأسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأسْألُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ،
فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلا أعْلَمُ، وَأنْتَ عَلامُ
الغُيُوبِ، اللهمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هَذَا الأمْرَ خَيْرٌ لِي
فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أمْرِي -أوْ قال: فِي عَاجِلِ أمْرِي
وَآجِلِهِ- فَاقْدُرْهُ لِي، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ هَذَا الأمْرَ
شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أمْرِي -أوْ قال: فِي عَاجِلِ
أمْرِي وَآجِلِهِ- فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِيَ
الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ، وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ». أخرجه
البخاري (1).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (6382).
(2/700)
14 - صلاة التطوع
المطلق
- صلاة التطوع المطلق: هي كل صلاة لم تقيد بزمن ولا سبب.
- أقسام صلاة التطوع:
صلاة التطوع قسمان:
تطوع مطلق، وتطوع مقيد.
فالتطوع المقيد أفضل في الوقت الذي قُيِّد به، أو في الحال التي قُيِّد
بها.
فصلاة تحية المسجد، وركعتي الوضوء، وكل صلاة من ذوات الأسباب أفضل من
التطوع بالليل، ولو كانت بالنهار.
أما التطوع المطلق ففي الليل أفضل منه في النهار.
فالصلاة مثلاً بين المغرب والعشاء أفضل من الصلاة بين الظهر والعصر؛ لأنها
صلاة ليل.
والتطوع المطلق يسن الإكثار منه كل وقت إلا أوقات النهي.
- حكم صلاة التطوع المطلق:
تسن صلاة التطوع المطلق كل وقت عدا أوقات النهي، وصلاة الليل أفضل من صلاة
النهار، والثلث الأخير من الليل أفضل؛ لأنه وقت نزول الرب عز وجل إلى
السماء الدنيا.
فيصلي المسلم من الصلوات المطلقة ما شاء، ركعتين ركعتين، في غير أوقات
النهي، وله أن يصلي نهاراً أربعاً بسلام واحد.
(2/701)
1 - قال الله تعالى: {تَتَجَافَى
جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (16)} [السجدة:16].
2 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أفْضَلُ الصِّيَامِ، بَعْدَ رَمَضَانَ،
شَهْرُ اللهِ المُحَرَّمُ، وَأفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الفَرِيضَةِ صَلاةُ
اللَّيْلِ». أخرجه مسلم (1).
3 - وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى
الله عليه وسلم - قَالَ: «أفْضَلُ الصَّلاةِ بَعْدَ الصَّلاةِ
المَكْتُوبَةِ الصَّلاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأفْضَلُ الصِّيَامِ
بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ». أخرجه مسلم
(2).
4 - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَجُلاً جَاءَ إلَى
النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَخْطُبُ، فَقَالَ: كَيْفَ
صَلاةُ اللَّيْلِ؟ فَقَالَ: «مَثْنَى مَثْنَى، فَإذَا خَشِيتَ الصُّبْحَ
فَأوْتِرْ بِوَاحِدَةٍ، تُوتِرُ لَكَ مَا قَدْ صَلَّيْتَ». متفق عليه (3).
- فضل التطوع المطلق:
1 - عَنْ رَبِيعَة بن كَعْبٍ الأسْلَمِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
كُنْتُ أبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأتَيْتُهُ
بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ. فَقَالَ لِي: «سَلْ». فَقُلْتُ: أسْألُكَ
مُرَافَقَتَكَ فِي الجَنَّةِ. قال: «أوْ غَيْرَ ذَلِكَ؟». قُلْتُ: هُوَ
ذَاكَ. قال: «فَأعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ». أخرجه مسلم
(4).
2 - وَعَنْ مَعْدَان بن أبِي طَلْحَةَ اليَعْمَرِيّ قَالَ: لَقِيتُ
ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،
فَقُلْتُ: أخْبِرْنِي بِعَمَلٍ أعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللهُ بِهِ
الجَنَّةَ، أوْ قال قُلْتُ: بِأحَبِّ
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (1163).
(2) أخرجه مسلم برقم (1163).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (473) , واللفظ له، ومسلم برقم (749).
(4) أخرجه مسلم برقم (489).
(2/702)
الأعْمَالِ إِلَى اللهِ، فَسَكَتَ، ثُمَّ
سَألْتُهُ فَسَكَتَ، ثُمَّ سَألْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: سَألْتُ عَنْ
ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «عَلَيْكَ
بِكَثْرَةِ السُّجُودِ للهِ، فَإِنَّكَ لا تَسْجُدُ للهِ سَجْدَةً إِلا
رَفَعَكَ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً». أخرجه
مسلم (1).
_________
(1) أخرجه مسلم برقم (488).
(2/703)
|