الموسوعة
الفقهية الدرر السنية 1 - معنى الزكاة
وحكمها وفضلها
* شرع الله لعباده عبادات متنوعة، منها ما يتعلق بالبدن كالصلاة، ومنها ما
يتعلق ببذل المال المحبوب إلى النفس كالزكاة، والصدقة، ومنها ما يتعلق
بالبدن وبذل المال كالحج والجهاد، ومنها ما يتعلق بكف النفس عن محبوباتها
وما تشتهيه، كالصيام، ونوع الله العبادات ليختبر العباد، من يقدم طاعة ربه
على هوى نفسه، وليقوم كل واحد بما يسهل عليه ويناسبه منها.
* المال لا ينفع صاحبه إلا إذا توفرت فيه ثلاثة شروط: أن يكون حلالاً، وأن
لا يشغل صاحبه عن طاعة الله ورسوله، وأن يؤدي حق الله فيه.
* الزكاة:
هي النماء والزيادة، وهي حق واجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في وقت خاص.
* فرضت الزكاة في مكة، أما تقدير نصابها، وبيان الأموال التي تزكى، وبيان
مصارفها فكان في المدينة في السنة الثانية من الهجرة.
* حكم الزكاة:
الزكاة أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين والصلاة، وهي الركن الثالث من
أركان الإسلام.
قال الله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ
وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ
وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (التوبة/103).
* حكمة مشروعية
الزكاة:
ليس الهدف من أخذ الزكاة جمع المال وإنفاقه على الفقراء والمحتاجين فحسب،
بل الهدف الأول أن يعلو بالإنسان عن المال، ليكون سيداً له لا عبداً له،
ومن هنا جاءت الزكاة لتزكي المعطي والآخذ وتطهرهما.
* الزكاة وإن كانت في ظاهرها نقص من كمية المال لكن آثارها زيادة المال
بركة، وزيادة المال كمية، وزيادة الإيمان في قلب صاحبها، وزيادة في خلقه
الكريم، فهي بذل وعطاء، وبذل محبوب إلى النفس من أجل محبوب أعلى منه، وهو
إرضاء ربه سبحانه، والفوز بجنته.
* نظام المال في الإسلام يقوم على أساس الاعتراف بأن الله وحده هو المالك
الأصيل للمال، وله سبحانه وحده الحق في تنظيم قضية التملك، وإيجاب الحقوق
في المال، وتحديدها وتقديرها، وبيان مصارفها، وطرق اكتسابها، وطرق إنفاقها.
* الزكاة تكفر الخطايا، وهي سبب لدخول الجنة، والنجاة من النار.
* شرع الله الزكاة وحث على أدائها لما فيها من تطهير النفس من رذيلة الشح
والبخل، وهي جسر قوي يربط بين الأغنياء والفقراء، فتصفو النفوس، وتطيب
القلوب، وتنشرح الصدور، وينعم الجميع بالأمن والمحبة والأخوة.
* والزكاة تزيد في حسنات مؤديها، وتقي المال من الآفات، وتثمره، وتنميه
وتزيده، وتسد حاجة الفقراء والمساكين، وتمنع الجراثيم المالية كالسرقات،
والنهب، والسطو.
* مقادير الزكاة:
جعل الله قدر الزكاة على حسب التعب في المال الذي تخرج منه:
فأوجب في الركاز وهو ما وجد من دفن الجاهلية بلا تعب (الخمس) = 20%.
2 - وما فيه التعب من طرف واحد وهو ما سقي بلا مؤنة (نصف الخمس) أي
العشر=10%.
3 - وما فيه التعب من طرفين (البذر والسقي) وهو ما سقي بمؤنة (ربع الخمس)
أي نصف العشر= 5%.
4 - وفيما يكثر فيه التعب والتقلب طول العام، كالنقود، وعروض التجارة (ثمن
الخمس) أي ربع العشر= 2.5%.
* فضل أداء الزكاة:
قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوْا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ
رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة/277).
* تجب الزكاة في مال الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والمعتوه والمجنون
إذا كان المال مستقراً، وبلغ نصاباً، وحال عليه الحول، وكان المالك مسلماً
حراً.
* الكافر لا تجب عليه الزكاة وكذا سائر العبادات، لكنه يحاسب عليها يوم
القيامة، أما في الدنيا فلا يُلزم بها، ولا تُقبل منه حتى يسلم.
* الخارج من الأرض، ونتاج السائمة، وربح التجارة تجب فيها الزكاة إذا بلغت
النصاب ولا يشترط لها تمام الحول، أما الركاز فتجب الزكاة في قليله وكثيره،
ولا يشترط له نصاب ولا حول.
* نتاج السائمة، وربح التجارة حولهما حول أصلهما إن كان نصاباً.
* من كان له دين على مليء فيخرج زكاته إذا قبضه لما مضى، والأفضل أن يزكيه
قبل قبضه، وإن كان الدَّين على معسر أو مماطل فيزكيه إذا قبضه لسنة واحدة.
* زكاة الوقف:
الأوقاف التي على جهات خيرية عامة كالمساجد، والمدارس، والربط ونحوها ليس
فيها زكاة، وكل ما أُعد للإنفاق في وجوه البر العامة فهو كالوقف، لا زكاة
فيه، وتجب الزكاة في الوقف على معين كأولاده مثلاً.
* الزكاة واجبة مطلقاً ولو كان المزكِّي عليه دين ينقص النصاب إلا ديناً
وجب قبل حلول الزكاة فيجب أداؤه ثم يزكي ما بقي بعده، وبذلك تبرأ الذمة.
* تجب الزكاة في عين المال، الحب من الحب، والشاة من الغنم، والنقود من
النقود وهكذا، ولا يعدل عن ذلك إلا لحاجة ومصلحة.
* لا يجوز لمن له مال على أحد لا يستطيع سداده أن يسقطه عنه بنية الزكاة.
* ما أُعد من الأموال للقنية والاستعمال فلا زكاة فيه كدور السكنى،
والثياب، وأثاث المنزل، والدواب، والسيارات ونحوها.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس على
المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)). متفق عليه (1).
* إذا اجتمع عند الإنسان نقود تبلغ النصاب، وحال عليها الحول، ففيها الزكاة
سواء أعدها للنافقة، أو الزواج، أو شراء عقار، أو لقضاء دين، أو غير ذلك.
* إذا مات من عليه الزكاة ولم يخرجها أخرجها الوارث من التركة قبل الوصية
وقسمة التركة.
* إذا نقص النصاب في بعض الحول، أو باعه لا فراراً من الزكاة انقطع الحول،
وإن أبدله بجنسه بنى على حوله.
* إذا مات المسلم وعليه زكاة ودين وخلف مالاً لا يفي بهما قسم المال بينهما
حسب النسبة.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1463)، ومسلم برقم (982) واللفظ له.
* الأموال التي تجب
فيها الزكاة أربعة، وهي:
1 - الأثمان: وهي الذهب والفضة، والأوراق المالية.
2 - السائمة من بهيمة الأنعام: وهي الإبل والبقر والغنم.
3 - الخارج من الأرض: كالحبوب، والثمار، والمعادن ونحوها.
4 - عروض التجارة: وهي كل ما أعد للتجارة.
2 - زكاة النقدين
* يجب في الذهب إذا بلغ عشرين ديناراً فأكثر ربع العشر.
* الدينار يزن من الذهب مثقالاً، والمثقال يزن بالميزان المعاصر (4.25)
غرام.
* عشرون ديناراً تساوي بالوزن (85) جراماً من الذهب، 20×4.25= 85 جراماً من
الذهب.
* يجب في الفضة إذا بلغت بالعدد (مائتي درهماً فأكثر) أو بالوزن (خمس أواق
فأكثر) ربع العشر.
* مائتي درهم تساوي بالوزن (595) جراماً، وهي قدر (56) ريالاً سعودياً
فضياً، وقيمة ريال الفضة السعودي تساوي الآن سبعة ريالات سعودية ورقية،
فيكون حاصل ضرب 56×7= 392 هو أقل نصاب العملة الورقية السعودية، وفيها ربع
العشر (9.8) ريالات يعادل (2.5%) وهكذا.
* تصنيع الذهب
والفضة له ثلاث حالات:
1 - إن كان القصد من التصنيع التجارة ففيه زكاة عروض التجارة ربع العشر؛
لأنه صار سلعة تجارية فيقوم بنقد بلده ثم يزكى.
2 - وإن كان القصد من التصنيع اتخاذه تحفاً كالأواني من سكاكين وملاعق
وأباريق ونحوها فهذا محرم، لكن تجب فيه الزكاة إذا بلغ نصاباً ربع العشر.
3 - وإن كان القصد من التصنيع الاستعمال المباح أو الإعارة ففيه ربع العشر
إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول.
* الأوراق المالية الحالية كالريال والدولار ونحوها حكمها حكم الذهب
والفضة، فتقوّم على أساس القيمة، فإذا بلغت نصاب أحد النقدين وجبت فيها
الزكاة، ومقدارها ربع العشر إذا حال عليها الحول.
* كيفية إخراج زكاة
الأوراق المالية:
تُقوَّم بنصاب أحد النقدين، فإذا كان أقل نصاب الذهب (85) جراماً، وقيمة
الجرام (40) ريالاً سعودياً مثلاً، فنضرب نصاب الذهب بقيمة الجرام (85 ×40=
3400) ريال هي أقل نصاب الأوراق المالية، وفيها ربع العشر، (85) ريالاً
سعودياً، وهو يعادل (2.5%) وهكذا.
* لإخراج مقدار زكاة الأوراق المالية يقسم المال على (40) فيخرج ربع العشر،
وهو الواجب في زكاة النقدين وما يلحق بهما، فمثلاً: لو كان عنده ثمانون ألف
ريال (80000÷40= 2000) ريال هي مقدار زكاة ذلك المبلغ، وهي ربع العشر
وهكذا.
* حكم زكاة الحلي
المعد للاستعمال:
يباح للنساء لبس ما جرت عادتهن بلبسه من غير إسراف ذهباً كان أو فضة،
وعليهن زكاته كل عام إذا بلغ نصاباً وحال عليه الحول، ومن جهل الحكم يلزمه
إخراج الزكاة من حين عَلِم، وما مضى من الأعوام قبل العلم فليس فيه زكاة؛
لأن الأحكام الشرعية إنما تلزم بعد العلم بها.
* الألماس واللؤلؤ والأحجار الثمينة ونحوها إذا كانت للبس لا زكاة فيها،
أما إذا كانت للتجارة فتقوَّم قيمتها بنصاب أحد النقدين، فإن بلغت نصاباً
وحال عليه الحول ففيها ربع العشر.
* لا يضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب، وتضم قيمة العروض إلى كل منهما.
3 - زكاة بهيمة
الأنعام
* بهيمة الأنعام هي (الإبل، والبقر، والغنم).
* زكاة بهيمة
الأنعام لها حالتان:
1 - تجب الزكاة في الإبل والبقر والغنم إذا كانت سائمة ترعى الحول أو أكثره
في الصحاري والقفار المباحة.
فإذا بلغت النصاب وحال عليها الحول وجبت فيها الزكاة سواء كانت للدر، أو
النسل، أو التسمين، ويخرج من كل جنس بحسبه.
ولا يؤخذ في الزكاة خيار أموال الناس ولا شرارها، بل يؤخذ أوسطها.
2 - وإذا كانت الإبل، أو البقر، أو الغنم، أو غيرها من الحيوانات والطيور
يعلفها أو يطعمها صاحبها من بستانه، أو يشتري لها، أو يجمع لها ما تأكله
فهذه إن كانت للتجارة وحال عليها الحول تُقوَّم قيمتها، فإن بلغت نصاباً
ففيها ربع العشر، وإن لم تكن للتجارة كما لو اتخذها للدر والنسل وعلفها فلا
زكاة فيها.
* أقل نصاب الغنم (40) شاة، وأقل نصاب البقر (30) بقرة، وأقل نصاب الإبل
(5) من الإبل.
1 - أنصبة الغنم
40 - 120 شاة
121 - 200 شاتان
201 - 399 ثلاث شياه
ثم في كل مائة: شاة، ففي (399) ثلاث شياه، وفي (400) أربع شياه، وفي (499)
أربع شياه، وهكذا.
2 - أنصبة البقر
30 - 39 تبيع أو تبيعة، وهو ما له سنة
40 - 59 مسنة من البقر، وهي ما لها سنتان
60 - 69 تبيعان أو تبيعتان
* ثم في كل (30): تبيع أو تبيعة، وفي كل (40): مسنة، ففي (50): مسنة، وفي
(70): تبيع ومسنة وفي (100): تبيعان ومسنة، وفي (120): أربع تبيعات، أو
ثلاث مسنات وهكذا.
3 - أنصبة الإبل
5 - 9 شاة
10 - 14 شاتان
15 - 19 ثلاث شياه
20 - 24 أربع شياه
25 - 35 بنت مخاض من الإبل، وهي ما له سنة
36 - 45 بنت لبون، وهي ما له سنتان
46 - 60 حقة، وهي ما لها ثلاث سنين
61 - 75 جذعة، وهي ما لها أربع سنين
76 - 90 بنتا لبون
91 - 120 حقتان
* فإذا زادت عن (120) فالواجب في كل (40): بنت لبون، وفي كل (50): حقة، ففي
(121) ثلاث بنات لبون، وفي (130): حقة وبنتا لبون، وفي (150): ثلاث حقائق،
وفي (160): أربع بنات لبون، وفي (180): حقتان وبنتا لبون، وفي (200): خمس
بنات لبون، أو أربع حقائق وهكذا.
* من وجبت عليه بنت لبون وعدمها فله أن يخرج بنت مخاض ويدفع جبراناً،
والجبران: (شاتان أو عشرون درهما)، أو يدفع حقة ويأخذ الجبران، والجبران
خاص في الإبل فقط.
* يؤخذ في زكاة الغنم الجذع من الضأن، وهو ما له ستة أشهر، أو الثنية من
المعز، وهي ما لها سنة.
* لا يؤخذ في الزكاة إلا الأنثى، ولا يجزئ الذكر إلا في زكاة البقر، وابن
اللبون أو الحق أو الجذع مكان بنت مخاض من الإبل، أو إذا كان النصاب كله
ذكوراً.
* لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة في بهيمة الأنعام، فمن
كان عنده أربعون شاة لا يجوز له أن يفرقها في مكانين فإذا جاء العامل لم
يجد النصاب، أو يكون عنده أربعون شاة، وعند الآخر مثلها، وعند الثالث
مثلها، يجمعونها حتى لا يؤخذ منهم إلا شاة، ولو فرَّقوها لوجب عليهم ثلاث
شياه، فهذا كله من الحيلة التي لا تجوز.
* لا يأخذ الساعي كرائم الأموال، فلا يأخذ الحامل ولا الفحل ولا التي تربي
ولدها ولا السمينة المعدة للأكل، وإنما يأخذ من الوسط وهكذا في بقية
الأصناف.
4 - زكاة الخارج من
الأرض
* الخارج من الأرض: الحبوب، والثمار، والمعادن، والركاز ونحوها.
* تجب الزكاة في الحبوب كلها، وفي كل ثمر يكال ويدخر كتمر وزبيب، ويشترط أن
يكون مملوكاً له وقت وجوب الزكاة، وبلوغ النصاب ومقداره (خمسة أوسق)، وهي
ثلاثمائة صاع نبوي، أي ما يعادل (612) كيلو جراماً من البر تقريباً.
* الصاع النبوي بالوزن يساوي (2.40) كيلو جراماً من البر تقريباً، فالإناء
الذي يتسع لهذا يعادل الصاع النبوي، وهو ما يعادل أربعة أمداد متوسطة.
* تضم ثمرة العام الواحد في تكميل النصاب إذا كانت جنساً واحدا كأنواع
التمر مثلاً.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ليس فيما دون خمس أواقٍ صدقة، وليس فيما دون خمس ذودٍ صدقة، وليس فيما
دون خمس أوسقٍ صدقة)). متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1405)، واللفظ له، ومسلم برقم (979).
* الواجب في زكاة
الحبوب والثمار
1 - العشر، فيما سقي بلا مؤنة كالذي يشرب من مياه الأمطار، أو العيون
ونحوها.
2 - نصف العشر، فيما سقي بمؤنة كمياه الآبار التي تخرج بالآلات أو غيرها.
عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((فيما
سقت السماء والعيون أو كان عثرياً العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر)). متفق
عليه (1).
* وقت وجوب الزكاة في الحبوب والثمار إذا اشتد الحب، وبدأ صلاح الثمرة،
وصلاح الثمر: أن يحمر أو يصفر، فإذا باعه صاحبه بعد ذلك فزكاته عليه لا على
المشتري.
* إذا تلفت الحبوب والثمار بغير تعد ولا تفريط من المالك سقطت الزكاة
الواجبة فيها.
* لا زكاة في الخضروات والفواكه إلا إذا أعدت للتجارة، فيخرج من قيمتها ربع
العشر إذا حال عليها الحول، وبلغت النصاب.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1483)، واللفظ له، ومسلم برقم (981).
* زكاة العسل:
إذا جنى العسل من مُلكه، أو من موات من الأشجار والجبال ففيه العشر، ونصابه
(160) رطلاً عراقياً، وهو ما يساوي (62) كيلو جراماً، وإن اتَّجر في العسل
زكاهُ زكاة عروض التجارة: ربع العشر.
* تجب الزكاة العشر أو نصف العشر على مستأجر الأرض أو البستان دون مالكها
في جميع ما يخرج منها من مكيل ومدخر من الحبوب والثمار، أو غيرها، وعلى
المؤجر زكاة ما أخذ من أجرتها من النقود إذا كان نصاباً، وحال عليه الحول
من تاريخ عقد الإجارة.
* كل ما يخرج من البحر كاللؤلؤ، والمرجان، والأسماك ونحو ذلك لا زكاة فيه،
فإن كان للتجارة فيخرج من قيمته: ربع العشر، إذا بلغ نصاباً، وحال عليه
الحول.
* كل خارج من الأرض غير النبات من المعادن ونحوها فزكاته إذا بلغ نصاب أحد
النقدين ربع عشر قيمته، أو ربع عشر عينه إن كان أثماناً كالنقدين.
* زكاة الركاز:
هو ما وجد من دفن الجاهلية، والواجب فيه الخمس، قل أو كثر، ولا يشترط له
نصاب ولا حول كما تقدم، ويصرف مصرف الفيء، والباقي أربعة أخماس لواجده.
5 - زكاة عروض
التجارة
* عروض التجارة: هي ما أعد لبيع وشراء لأجل الربح من عقار، وحيوان، وطعام،
وشراب، وآلات ونحوها.
* عروض التجارة إذا كانت للتجارة، وبلغت نصاباً، وحال عليها الحول وجبت
فيها الزكاة، وتقوم عند الحول بالأحظ لأهل الزكاة ذهباً أو فضة، ويخرج ربع
العشر من كامل القيمة، أو من العروض نفسها.
* البيوت، والعقارات، والسيارات، والآلات ونحوها إذا كانت معدة للسكنى أو
الاستعمال لا للتجارة فلا زكاة فيها، وإن كانت معدة للآجار فالزكاة على
الأجرة من حين العقد إذا بلغت نصاباً، وحال عليها الحول قبل أن ينفقها، وإن
كانت معدة للتجارة وجبت الزكاة في قيمتها ربع العشر إذا بلغت نصاباً، وحال
عليها الحول.
* آلات المزارع والمصانع والمتاجر ونحوها لا زكاة في قيمتها؛ لأنها لم تعد
للبيع، بل أعدت للاستعمال.
* إخراج زكاة الأسهم
في الشركات:
1 - الشركات الزراعية: إن كان استثمارها في الحبوب والثمار ونحوهما مما
يكال ويُدَّخر ففيها زكاة الحبوب والثمار بشروطها، وإن كان في بهيمة
الأنعام ففيها زكاة بهيمة الأنعام بشروطها، وإن كان لها مال سائل ففيه زكاة
النقود ربع العشر بشروطها.
2 - الشركات الصناعية: مثل شركات الأدوية والكهرباء والإسمنت والحديد
ونحوها فهذه تجب الزكاة في صافي أرباحها ربع العشر إذا بلغت نصاباً وحال
عليها الحول قياساً على العقارات المعدة للكراء.
3 - الشركات التجارية: كالاستيراد والتصدير والبيع والشراء والمضاربات
والتحويلات المالية ونحو ذلك مما يجوز التعامل به شرعاً، فهذه تجب فيها
زكاة عروض التجارة في رأس المال وصافي الأرباح ربع العشر إذا بلغت النصاب،
وحال عليها الحول.
* زكاة الأسهم لها
حالتان:
1 - إن كان صاحبها قصده الاستمرار في التملك وأخذ عائدها السنوي ففيها
الزكاة كما سبق.
2 - وإن كان قصده المتاجرة فيها بيعاً وشراء يبيع هذا ويشتري هذا طلباً
للربح فالزكاة واجبة في جميع ما يملك من أسهم، وزكاتها زكاة عروض التجارة
ربع العشر، والمعتبر عند إخراج الزكاة قيمتها وقت وجوبها كالسندات.
* زكاة الأموال المحرمة:
الأموال المحرمة قسمان:
1 - إن كان المال حراماً بأصله كالخمر والخنزير ونحوهما فهذا لا يجوز
تملّكه، وليس مالاً زكوياً، فيجب إتلافه والتخلص منه.
2 - وإن كان المال حراماً بوصفه لا بذاته لكنه مأخوذ بغير حق ولا عقد
كالمغصوب والمسروق، أو مقبوض بعقد فاسد كالربا والقمار فهذا النوع له
حالتان:
1 - إن عَرف أهله رده عليهم، وهم يُخرجون زكاته بعد قبضه لعام واحد.
2 - وإن جهل أهله تصدق به عنهم، فإن ظهروا وأجازوا، وإلا ضمنه لهم، وإن
أبقاه في يده فهو آثم، وعليه زكاته.
6 - زكاة الفطر
* حكمة مشروعية زكاة الفطر:
شرع الله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين ليستغنوا
بها عن السؤال يوم العيد، ويشتركوا مع الأغنياء في فرحة العيد.
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة
الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة
فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات. أخرجه أبو
داود وابن ماجه (1).
_________
(1) حسن / أخرجه أبو داود برقم (1609)، وهذا لفظه، صحيح سنن أبي داود رقم
(1420). وأخرجه ابن ماجه برقم (1827)، صحيح سنن ابن ماجه رقم (1480).
* حكم زكاة الفطر:
زكاة الفطر واجبة على كل مسلم ذكراً كان أو أنثى، حراً أو عبداً، صغيراً أو
كبيراً ملك صاعاً من طعام، فاضلاً عن قوته وقوت من تلزمه نفقته من
المسلمين، وتستحب إخراجها عن الجنين.
* تجب زكاة الفطر بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان على كل شخص بنفسه، وإذا
أخرجها الأب عن أسرته أو غيرهم بإذنهم ورضاهم جاز، وهو مأجور.
* وقت إخراج زكاة
الفطر:
يبدأ الوقت من غروب الشمس ليلة عيد الفطر إلى ما قبل صلاة العيد، والأفضل:
إخراجها يوم العيد قبل صلاة العيد.
ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين.
ومن أداها بعد صلاة العيد فهي صدقة من الصدقات ويأثم إلا إن كان معذوراً،
وإن أخرها عن يوم العيد من غير عذر فهو آثم، وإن كان معذوراً قضاها ولا إثم
عليه.
* مقدار زكاة الفطر:
يجوز إخراج زكاة الفطر من كل ما كان قوتاً لأهل البلد كالبر، والشعير،
والتمر، والزبيب، والأقط، والأرز، والذرة وغيرهما، وأفضلها ما كان أنفع
للفقير.
ومقدارها عن كل شخص صاع يساوي بالوزن (2.40) كيلو جراماً، يعطيه فقراء
البلد الذي وجبت عليه فيه، ولا يجوز إخراج القيمة بدل الطعام، والفقراء
والمساكين أخص بها من غيرهم.
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة
الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى،
والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة.
متفق عليه (1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1503)، واللفظ له، ومسلم برقم (984)
(986).
7 - إخراج الزكاة
* آداب إخراج الزكاة:
إخراجها وقت وجوبها، وأن يخرجها طيبة بها نفسه، وأن يتصدق من أطيب ماله
وأجوده، وأحبه إليه، وأقربه من الحلال، وأن يرضي المُصَدِّق، وأن يستصغر
عطيته ليسلم من العجب، وأن يخفيها ليسلم من الرياء، ويظهرها أحياناً إحياء
لهذا الواجب، وترغيباً للأغنياء للاقتداء به، وأن لا يبطلها بالمن والأذى.
* الأفضل أن يبتغي المزكي لصدقته الأتقى، والأقرب، والأحوج، ويطلب لصدقته
من تزكو به الصدقة من الأقارب، والأتقياء، وطلبة العلم، والفقراء
المتعففين، والأسر الكبيرة المحتاجة ونحوهم، وإخراج ما عنده من زكاة أو
صدقة ونحوهما قبل حصول الموانع.
قال الله تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ
يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى
أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ) (المنافقون/10).
* يجب إخراج الزكاة على الفور إذا حل وقت وجوبها إلا لضرورة.
* يجوز تعجيل الزكاة قبل وجوبها بعد سبب الوجوب، فيجوز تعجيل زكاة الماشية
والنقدين وعروض التجارة إذا ملك النصاب.
* يجوز إخراج الزكاة قبل سنة أو سنتين، وصرفها للفقراء على شكل رواتب شهرية
إذا اقتضت المصلحة ذلك.
* من ملك أموالاً متفاوتة في الزمن كالرواتب، وأجور العقارات، والإرث، أخرج
زكاة كل مال بعد تمام حوله، وإن طابت نفسه وآثر جانب الفقراء وغيرهم جعل
لإخراج زكاته شهراً واحداً من شهور السنة كرمضان فهذا أعظم لأجره.
* من منع الزكاة جاحداً لوجوبها وهو عارف بالحكم كفر، وأُخذت منه، وقُتل إن
لم يتب؛ لأنه مرتد، وإن منعها بخلاً لم يكفر، وأخذت منه، وعُزر بأخذ شطر
ماله.
* يجوز أن يُعطى الجماعة من الزكاة ما يلزم الواحد، وعكسه، والأفضل أن يفرق
الزكاة بنفسه سراً وعلانية حسب المصلحة، والإسرار هو الأصل إلا لمصلحة.
* يجوز للحاكم إذا كان عادلاً أميناً على مصالح المسلمين أن يأخذ الزكاة من
الأغنياء ويصرفها في مصارفها الشرعية، ويجب عليه بعث السعاة لقبض زكاة
الأموال الظاهرة كسائمة بهيمة الأنعام، والزروع، والثمار ونحوها؛ لأن من
الناس من يجهل وجوب الزكاة، ومنهم من يتكاسل أو ينسى.
* إذا طلب ولي الأمر الزكاة من الأغنياء وجب دفعها إليه، وتبرأ الذمة بذلك،
ولهم أجرها، والإثم على من بدَّلها.
* الزكاة بعد وجوبها أمانة في يد المزكي، فإذا تلفت: فإن تعدى أو فرّط ضمن،
وإن لم يتعد ولم يفرط لم يضمن.
* الأفضل إخراج زكاة كل مال في فقراء بلده، ويجوز نقلها إلى بلد آخر
لمصلحة، أو قرابة، أو شدة حاجة، والأفضل أن يخرجها بنفسه، ويجوز أن يوكل من
يخرجها عنه.
* المال غير المقدور عليه لا زكاة فيه حتى يقبضه، فمن له مال لم يتمكن من
قبضه بسبب غير عائدٍ إليه كنصيبه من عقار أو إرث فلا زكاة فيه حتى يقبضه.
* زكاة المال تتعلق بالمال، فيخرجها في بلده، وزكاة الفطر تتعلق بالبدن
فيخرجها المسلم حيثما وجد.
* عقوبة مانع
الزكاة:
يجب على من ملك نصاباً إخراج زكاته، وقد توعد الله عز وجل بالعذاب الأليم
كل من منع إخراجها.
1 - قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا
يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34)
يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ
وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا
مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ) (التوبة/34 - 35).
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مُثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له
زبيبتان، يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه- يعني بشدقيه-، ثم يقول: أنا
مالك، أنا كنزك))، ثم تلا (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ ... ).
أخرجه البخاري (1)
3 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أُحمي عليه في نار جهنم، فيجعل صفائح،
فيكوى بها جنباه وجبينه، حتى يحكم الله بين عباده، في يوم كان مقداره خمسين
ألف سنة)). أخرجه مسلم (2).
4 - عن أبي ذر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي
بيده، أو: والذي لا إله غيره- أو كما حلف- ما من رجل تكون له إبل، أو بقر،
أو غنم، لا يؤدي حقها، إلا أُتي بها يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمنه، تطؤه
بأخفافها، وتنطحه بقرونها، كلما جازت أخراها ردت عليه أولاها، حتى يقضى بين
الناس)). متفق عليه (3).
_________
(1) أخرجه البخاري برقم (1403).
(2) أخرجه مسلم برقم (987).
(3) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1460)، واللفظ له، ومسلم برقم (987).
8 - مصارف الزكاة
* أهل الزكاة:
أهل الزكاة الذين يجوز صرفها لهم ثمانية وهم المذكورون في قول الله سبحانه:
(إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ
عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ
وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (التوبة/60).
* الله عز وجل بحكمته قد يعين المستحق وقدر ما يستحقه، كالفرائض وأهلها،
وقد يعين ما يستحق دون من يستحقه كالكفارات، مثل كفارة الظهار، واليمين
ونحوهما، وقد يعين المستحق دون قدر ما يستحقه كأهل الزكاة، وهم ثمانية:
1 - الفقراء:
وهم الذين لا يجدون شيئاً، أو يجدون بعض الكفاية.
2 - المساكين:
وهم الذين يجدون أكثر الكفاية، أو نصافها.
3 - العاملون عليها:
وهم جباتها، وحفاظها، والقاسمون لها.
4 - المؤلفة قلوبهم:
مسلمون أو كفار، وهم رؤساء قومهم، ممن يرجى إسلامه، أو كف شره، أو يرجى
بعطيته قوة إيمانه، أو إسلامه، أو إسلام نظيره، يعطون من الزكاة بقدر ما
يتحقق به المقصود.
5 - في الرقاب:
وهم الأرقاء والمكاتبون، الذين اشتروا أنفسهم من أسيادهم، فيعتقون ويعانون
من الزكاة.
6 - الغارمون: وهم نوعان:
1 - غارم لإصلاح ذات البين، فيعطى بقدر ما غرم.
2 - غارم لنفسه، بأن تحمل ديوناً، ولم يكن عنده وفاء.
7 - في سبيل الله:
وهم الغزاة المجاهدون في سبيل الله لإعلاء كلمة الله تعالى ونحوهم كالدعاة
إلى الله.
8 - ابن السبيل:
وهو المسافر المنقطع به سفره وليس معه ما يوصله إلى بلده، فيعطى ما يسد
حاجته في سفره ولو كان غنياً.
* لا يجوز صرف الزكاة لغير هؤلاء الأصناف الثمانية، ويبدأ بمن حاجته أشد.
* يجوز صرف الزكاة إلى صنف واحد من أهل الزكاة، ويجوز دفعها إلى شخص واحد
من أهل الزكاة في حدود حاجته، وإن كانت كثيرة فيستحب تفريقها على تلك
الأصناف.
* من راتبه الشهري ألفي ريال لكنه يحتاج إلى ثلاثة آلاف ريال شهرياً لتغطية
نفقاته ونفقات من يعول فإنه يعطى من الزكاة بقدر حاجته.
* إذا دفع الزكاة إلى من يظنه أهلاً مع الاجتهاد والتحري، فبان أنه غير أهل
للزكاة فزكاته مجزئة.
* ما وجب من الزكاة يصرف فوراً لأهل الزكاة، ولا يجوز تأخيره من أجل تنميته
والتجارة فيه لصالح فرد، أو جمعية ونحوهما، وإن كان المال من غير الزكاة
فلا مانع من التجارة فيه وصرفه في أبواب البر.
* يجوز صرف الزكاة لمن أراد أن يؤدي فريضة الحج وليس عنده ما يكفيه، ويجوز
صرفها لفك الأسير المسلم، وصرفها لمسلم أراد الزواج وهو فقير يريد إعفاف
نفسه، ويجوز سداد دين الميت من الزكاة.
* يجوز لمن له دين على فقير أن يعطي الفقير من زكاته إذا لم يكن عن تواطؤ
بينهما بأن يعطيه ليسدد له، ولا يجوز إسقاط الدين واعتباره من الزكاة.
* الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم صدقة وصلة.
* إذا تفرغ قادر على التكسب لطلب العلم فإنه يُعطى من الزكاة؛ لأن طلب
العلم نوع من الجهاد في سبيل الله، ونفعه متعد.
* يُسن دفع الزكاة إلى الفقراء الأقارب الذين لا تلزمه نفقتهم كالإخوة
والأخوات، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات ونحوهم.
* يجوز صرف الزكاة إلى الوالدين وإن علوا، وإلى الأولاد وإن سفلوا إذا
كانوا فقراء وهو عاجز عن نفقتهم ما لم يدفع بذلك واجباً عليه، وكذا لو
تحملوا ديناً أو دية فيجوز أن يقضي عنهم ذلك، وهم أحق به.
* لا يجوز للزوج دفع زكاته إلى زوجته إذا تحملت ديناً، أو كفارة، أما
الزوجة فيجوز أن تدفع زكاتها لزوجها إن كان من أهل الزكاة.
* لا يجوز دفع الزكاة لبني هاشم ومواليهم إكراماً لهم؛ لأنها أوساخ الناس.
* لا يجوز أن تدفع الزكاة لكافر إلا إن كان مؤلفاً، ولا إلى عبد إلا إن كان
مكاتباً.
* لا يجوز أن تدفع الزكاة إلى غني إلا إذا كان من العاملين عليها، أو من
المؤلفة قلوبهم، أو من المجاهدين في سبيل الله، أو ابن سبيل منقطع.
* الغني: من يجد كفاف عيشه وعيش من يعولهم طول العام إما من مال موجود، أو
تجارة، أو صنعة ونحو ذلك.
* ما يقوله من أخذ
الزكاة:
يسن لمن أعطي الزكاة أن يدعو لمن أعطاه قائلاً: ((اللهم صل عليهم)). متفق
عليه (1).
أو يقول: ((اللهم صل على آل فلان)). متفق عليه (2).
أو يقول ((اللهم بارك فيه وفي إبله)). أخرجه النسائي (3).
* من يخرج الزكاة إذا كان يعلم أن فلاناً من أهل الزكاة وأنه يقبل الزكاة
فيعطيه ولا يخبره أنها زكاة، وإن كان لا يدري عنه، أو كان لا يقبل الزكاة
فهنا يخبره أنها زكاة.
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (4166)، ومسلم برقم (1078).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1497)، ومسلم برقم (1078).
(3) صحيح/ أخرجه النسائي برقم (2458)، صحيح سنن النسائي رقم (2306).
9 - صدقة التطوع
* حكمة مشروعية الصدقة:
دعا الإسلام إلى البذل وحض عليه رحمة بالضعفاء، ومواساة للفقراء، إلى جانب
ما فيه من كسب الأجر، ومضاعفته، والتخلق بأخلاق الأنبياء، من البذل
والإحسان.
* حكم الصدقة:
الصدقة سنة مستحبة كل وقت، وتتأكد في زمان وأحوال:
1 - فالزمان: كرمضان، وعشر ذي الحجة.
2 - والحالات: أوقات الحاجة أفضل: دائمة كفصل الشتاء، أو طارئة كان تحدث
مجاعة، أو جدب ونحو ذلك، وأفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح، والكاشح: من
يضمر العداوة.
* فضل الصدقة:
1 - قال الله تعالى: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ
وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ
وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة/274).
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، وإن الله
يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل
الجبل)). متفق عليه (1).
* تسن صدقة التطوع بالفاضل عن كفايته وكفاية من يمونه، والصدقة تطفئ
الخطيئة كما يطفئ الماء النار.
* أولى الناس بالصدقة أولاد المتصدق، وأهله، وأقاربه، وجيرانه، وخير صدقة
تصدق بها المرء على نفسه وأهله، ويثبت أجر الصدقة وإن وقعت في يد غير
أهلها.
* خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وجهد المقل أفضل صدقة، وهو ما زاد عن
كفايته وكفاية من يمونه.
* يجوز للمرأة أن تتصدق من بيت زوجها إذا علمت رضاه، ولها نصف الأجر، ويحرم
إذا علمت أنه لا يرضى، فإن أذن لها فلها مثل أجره.
* الصدقة في حال الصحة أفضل منها في حال المرض، وفي حال الشدة أفضل منها في
حال الرخاء إذا قصد بها وجه الله عز وجل.
قال الله تعالى: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً
وَيَتِيماً وَأَسِيراً (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا
نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً) (الإنسان/8 - 9).
* النبي صلى الله عليه وسلم لا تحل له الزكاة الواجبة ولا صدقة التطوع،
وبنو هاشم لا تحل لهم الزكاة الواجبة، وتحل لهم صدقة التطوع.
* تجوز صدقة التطوع على الكافر تأليفاً لقلبه، وسداً لجوعته، ويثاب عليها
المسلم، وفي كل كبد رطبة أجر.
* يسن إعطاء السائل وإن صغرت العطية، لقول أم بجيد رضي الله عنها: يا رسول
الله، صلى الله عليك، إن المسكين ليقوم على بابي، فما أجد له شيئاً أعطيه
إياه، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن لم تجدي له شيئاً
تعطينه إياه إلا ظلفاً محرقاً، فادفعيه إليه في يده)). أخرجه أبو داود
والترمذي (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1410)، واللفظ له، ومسلم برقم (1014).
(2) صحيح/ أخرجه أبو داود برقم (1667)، وهذا لفظه، صحيح سنن أبي داود رقم
(1466). وأخرجه الترمذي برقم (665)، صحيح سنن الترمذي رقم (533).
* خطر وعقوبة السؤال
من غير حاجة:
1 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم)).
متفق عليه (1).
2 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((من سأل الناس أموالهم تكثّراً، فإنما يسأل جمراً، فليستقل أو ليستكثر)).
أخرجه مسلم (2).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1474)، ومسلم برقم (1040) واللفظ له.
(2) أخرجه مسلم برقم (1041).
* من تحل له
المسألة؟:
تحرم المسألة إلا من سلطان، أو في أمر لا بد منه كأن يتحمل حمالة، أو تصيبه
جائحة، أو أصابته فاقة وليس عنده ما يكفي لذلك، وما سوى ذلك فهو سحت.
عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((المسائل كُدُوحٌ
يَكدحُ بها الرجل وجهه، فمن شاء أبقى على وجهه، ومن شاء ترك، إلا أن يسأل
الرجل ذا سلطان، أو في أمر لا يجد منه بداً)). أخرجه أحمد وأبو داود (1).
* يسن الإكثار من الإنفاق في وجوه البر، وذلك سبب لحفظ ماله وكثرته فـ ((ما
من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً
خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً)). متفق عليه (2).
_________
(1) صحيح/ أخرجه أحمد برقم (20529). وأخرجه أبو داود برقم (1639)، وهذا
لفظه، صحيح سنن أبي داود رقم (1443).
(2) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1442)، ومسلم برقم (1010).
* إذا أسلم المشرك
فله أجر صدقته قبل الإسلام:
عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! أرأيت أشياء كنت
أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة، أو صلة رحم، فهل فيها من أجر؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أسلمت على ما سلف من خير)). متفق عليه
(1).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1436)، واللفظ له، ومسلم برقم (123).
* آداب الصدقة:
الصدقة عبادة من العبادات، ولها آداب وشروط أهمها:
1 - أن تكون الصدقة خالصة لوجه الله عز وجل لا يعتريها ولا يشوبها رياء ولا
سمعة.
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)). متفق عليه (1).
2 - أن تكون الصدقة من الكسب الحلال الطيب، فالله طيب لا يقبل إلا طيباً.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ
طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَلا
تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ
أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)
(البقرة/267).
3 - أن تكون الصدقة من جيد ماله، وأحبه إليه.
قال الله تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا
تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)
(آل عمران/92).
4 - أن لا يستكثر ما تصدق به، ويتجنب الزهو والإعجاب.
قال الله تعالى: (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) (المدثر/6).
5 - أن يحذر مما يبطل الصدقة كالمن والأذى.
قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا
صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ
النَّاسِ) (البقرة/264).
6 - الإسرار بالصدقة، وعدم الجهر بها إلا لمصلحة.
قال الله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ
تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ
عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)
(البقرة/271).
7 - أن يعطي الصدقة مبتسماً بوجه بشوش ونفس طيبة.
8 - أن يسارع بصدقته في حال حياته، وأن يدفعها للأحوج، والقريب المحتاج
أولى من غيره، وهي عليه صدقة وصلة.
1 - قال الله تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ
أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي
إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّالِحِينَ)
(المنافقون/10).
2 - قال الله تعالى: (وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ
فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (الأنفال/75).
_________
(1) متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1)، واللفظ له، ومسلم برقم (1907).
|