الموسوعة
الفقهية الدرر السنية الفصل الأول: تعريف
الأضحية ومشروعيتها وفضلها وحكمتها
المبحث الأول: تعريف الأضحية
الأضحية لغةً: اسمٌ لما يضحَّى بها أي: يذبح أيام عيد الأضحى، وجمعها:
الأضاحي (1).
الأضحية اصطلاحاً: ما يذبح من بهيمة الأنعام في يوم الأضحى إلى آخر أيام
التشريق تقربا إلى الله تعالى (2).
المبحث الثاني: مشروعية الأضحية
أجمع أهل العلم على مشروعيتها، ونقل ذلك: ابن قدامة (3)، وابن دقيق العيد
(4)، وابن حجر (5)، والشوكاني (6)، والشنقيطي (7)، وابن عثيمين (8).
المبحث الثالث: فضل الأضحية
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ
تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32].
وجه الدلالة:
_________
(1) أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء (ص: 103). قال
ابن فارس: (الضاد والحاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ واحدٌ يدلُّ على بُروز
الشيء. فالضَّحَاء: امتداد النَّهار، وذلك هو الوقت البارز المنكشف. ثمَّ
يقال للطعام الذي يُؤكل في ذلك الوقت ضَحاء ... ويقال ضحِي الرَّجلُ
يَضْحَى، إذا تعرَّضَ للشَّمْس، وضَحَى مثلُهُ. ويقال اضْحَ يا زيد، أي
ابرُزْ للشَّمْس ... وإِنما سُمِّيت بذلك لأنَّ الذّبيحة في ذلك اليوم لا
تكون إلاَّ في وقت إشراق الشَّمس. ويقال ليلَةٌ إِضحيَانةٌ وضَحْيَاءُ، أي
مضيئةٌ لا غيمَ فيها) ((معجم مقاييس اللغة)) لابن فارس (مادة: ضحي). وقال
الخطيب الشربيني: (مشتقةٌ من الضحوة؛ وسميت بأول زمان فعلها، وهو الضحى)
((مغني المحتاج)) (4/ 282).
(2) ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام (9/ 505)، ((مغني المحتاج)) (4/
282)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 530).
(3) قال ابن قدامة: (أجمع المسلمون على مشروعية الأضحية). ((المغني)) لابن
قدامة (9/ 435).
(4) قال ابن دقيق العيد: (لا خلاف أن الأضحية من شعائر الدين)). ((إحكام
الأحكام)) (ص: 482).
(5) قال ابن حجر: (ولا خلاف في كونها من شرائع الدين)). ((فتح الباري لابن
حجر)) (10/ 3).
(6) قال الشوكاني: (لا خلاف في مشروعية الأضحية وأنها قربة عظيمة وسنة
مؤكدة). ((السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار)) (ص: 715).
(7) قال الشنقيطي: (أجمع جميع المسلمين على مشروعية الأضحية). ((أضواء
البيان)) (5/ 198).
(8) ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (25/ 194).
أن الأضحية من شعائر الله تعالى ومعالمه
(1).
ثانياً: من السنة:
عن البراء رضي الله عنه: قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من ذبح قبل
الصلاة فإنما يذبح لنفسه، ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة
المسلمين)) (2).
ثالثاً: أن الذبح لله تعالى والتقرب إليه بالقرابين من أعظم العبادات، وأجل
الطاعات، وقد قرن الله عز وجل الذبح بالصلاة في عدة مواضع من كتابه العظيم
لبيان عظمه وكبير شأنه وعلو منزلته (3).
المبحث الرابع: حكمة مشروعيتها
شكر لله تعالى على نعمة الحياة.
إحياء سنة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حين أمره الله عز اسمه بذبح
الفداء عن ولده إسماعيل عليه الصلاة والسلام في يوم النحر، وأن يتذكر
المؤمن أن صبر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وإيثارهما طاعة الله ومحبته
على محبة النفس والولد كانا سبب الفداء ورفع البلاء، فإذا تذكر المؤمن ذلك
اقتدى بهما في الصبر على طاعة الله وتقديم محبته عز وجل على هوى النفس
وشهوتها.
أن في ذلك وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت، وإكرام الجار والضيف،
والتصدق على الفقير، وهذه كلها مظاهر للفرح والسرور بما أنعم الله به على
الإنسان، وهذا تحدث بنعمة الله تعالى كما قال عز اسمه: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ
رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى: 11].
أن في الإراقة مبالغة في تصديق ما أخبر به الله عز وجل من أنه خلق الأنعام
لنفع الإنسان، وأذن في ذبحها ونحرها لتكون طعاما له (4).
_________
(1) قال ابن تيمية: إنها من أعظم شعائر الإسلام وهي النسك العام في جميع
الأمصار والنسك مقرون بالصلاة في قوله: إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي
وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *الأنعام: 162* وقد قال
تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ *الكوثر: 2*. فأمر بالنحر كما أمر
بالصلاة. وقد قال تعالى: وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا
لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ
الأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ
الْمُخْبِتِينَ *الحج: 34* وقال: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن
شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ
عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا
وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ *الحج: 36* لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا
دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا
لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ
الْمُحْسِنِينَ *الحج: 37* وهي من ملة إبراهيم الذي أمرنا باتباع ملته وبها
يذكر قصة الذبيح فكيف يجوز أن المسلمين كلهم يتركون هذا لا يفعله أحد منهم
وترك المسلمين كلهم هذا أعظم من ترك الحج في بعض السنين. وقد قالوا إن الحج
كل عام فرض على الكفاية؛ لأنه من شعائر الإسلام والضحايا في عيد النحر كذلك
بل هذه تفعل في كل بلد هي والصلاة فيظهر بها عبادة الله وذكره والذبح له
والنسك له ما لا يظهر بالحج كما يظهر ذكر الله بالتكبير في الأعياد.
((مجموع الفتاوى)) (23/ 162، 163).
(2) رواه البخاري (5556)، ومسلم (1961).
(3) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (69/ 211).
(4) ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (5/ 76).
الفصل الثاني: حكم
الأضحية، وطريقة تعيينها
المبحث الأول: حكم الأضحية
اختلف أهل العلم في حكم الأضحية على قولين:
القول الأول: الأضحية سنة مؤكدة، وهذا مذهب جمهور الفقهاء: المالكية في
المشهور (1)، والشافعية (2)، والحنابلة (3)، والظاهرية (4)، وهو إحدى
الروايتين عن أبي يوسف (5)، واختارهابن المنذر (6)، والصنعاني (7)، وابن
باز (8)، واللجنة الدائمة (9)، وبه قال أكثر أهل العلم (10).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1 - عن أم سلمة رضي الله عنها قالت قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إذا دخل العشر، وأراد أحدكم أن يضحي فلا يمس من شعره ولا من بشره شيئا))
(11).
وجه الدلالة:
أنه علق الأضحية بالإرادة، والواجب لا يعلق بالإرادة (12).
_________
(1) ((الكافي)) لابن عبدالبر (1/ 418)، ((أحكام القرآن)) لابن العربي (4/
459)، ((مواهب الجليل)) (4/ 362).
(2) ((الحاوي الكبير)) (15/ 161)، ((المجموع)) للنووي (8/ 382).
(3) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 435)، ((كشاف القناع)) (3/ 21).
(4) ((المحلى)) (7/ 355، 358 رقم 973)، ((شرح النووي على مسلم)) (13/ 110).
(5) ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (6/ 2)، ((فتح القدير)) للكمال
ابن الهمام (9/ 506).
(6) ((شرح النووي على مسلم)) (13/ 110)، ((المغني)) لابن قدامة (9/ 435).
(7) قال الصنعاني: ( ... الروايات عن الصحابة في هذا المعنى كثيرة دالة على
أنها سنة) ((سبل السلام)) (4/ 92).
(8) قال ابن باز: (الأضحية سنة مؤكدة إلا إذا كانت وصية، فإنه يجب تنفيذها)
((مجموع فتاوى ابن باز)) (18/ 41).
(9) قالت اللجنة الدائمة: (تسن الأضحية بالنسبة للمكلف المستطيع) ((فتاوى
اللجنة الدائمة- المجموعة الأولى)) (11/ 394).
(10) قال الترمذي: (العمل على هذا عند أهل العلم أن الأضحية ليست بواجبة
ولكنها سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحب أن يعمل بها، وهو
قول سفيان الثوري، وابن المبارك). ((سنن الترمذي)) (4/ 92) وقال ابن حزم:
(صح أن الأضحية ليست واجبة عن سعيد بن المسيب والشعبي وأنه قال: (لأن أتصدق
بثلاثة دراهم أحب إلي من أن أضحي)، وعن سعيد بن جبير, وعن عطاء, وعن الحسن,
وعن طاووس, وعن أبي الشعثاء جابر بن زيد وروي أيضا، عن علقمة, ومحمد بن علي
بن الحسين، وهو قول سفيان, وعبيد الله بن الحسن, والشافعي, وأحمد بن حنبل,
وإسحاق, وأبي سليمان، وهذا مما خالف فيه الحنفيون جمهور العلماء.
((المحلى)) (7/ 358 رقم 973). وقال ابن قدامة: (روي ذلك عن أبي بكر وعمر
وبلال وأبي مسعود البدري رضي الله عنهم، وبه قال سويد بن غفلة وسعيد بن
المسيب وعلقمة والأسود وعطاء والشافعي وإسحاق وأبو ثور وابن المنذر)
((المغني)) لابن قدامة (9/ 435). وقال النووي: (فقال جمهورهم: هي سنة فى
حقه إن تركها بلا عذر لم يأثم ولم يلزمه القضاء وممن قال بهذا أبو بكر
الصديق وعمر بن الخطاب وبلال وأبو مسعود البدرى وسعيد بن المسيب وعلقمة
والأسود وعطاء ومالك وأحمد وأبو يوسف واسحاق وأبو ثور والمزنى وابن المنذر
وداود وغيرهم). ((شرح النووي على مسلم)) (13/ 110).
(11) رواه مسلم (1977).
(12) قال الشافعي: في هذا الحديث دلالة على أن الضحية ليست بواجبة لقول
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فأراد أحدكم أن يضحي)) ولو كانت الضحية
واجبة أشبه أن يقول: فلا يمس من شعره حتى يضحي. ((معرفة السنن والآثار))
(14/ 15)، وينظر: ((الحاوي الكبير)) (15/ 72)، ((المحلى)) (7/ 355 رقم
973)، ((المغني)) لابن قدامة (9/ 436).
2 - عن عائشة رضي الله عنها: ((أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن، يطأ في سواد، ويبرك في سواد، وينظر
في سواد فأتي به ليضحي به. فقال لها: يا عائشة هلمي المدية. ثم قال:
اشحذيها بحجر. ففعلت: ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه، ثم ذبحه، ثم قال: باسم
الله. اللهم تقبل من محمد وآل محمد، ومن أمة محمد. ثم ضحى به)) (1).
وجه الدلالة:
أن تضحيته صلى الله عليه وسلم عن أمته وعن أهله تجزئ عن كل من لم يضح، سواء
كان متمكنا من الأضحية أو غير متمكن (2).
ثانياً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم:
عن حذيفة بن أسيد قال: ((لقد رأيت أبا بكر وعمر رضى الله عنهما وما يضحيان
عن أهلهما خشية أن يستن بهما فلما جئت بلدكم هذا حملني أهلي على الجفاء بعد
ما علمت السنة)) (3) (4).
قال عكرمة: ((كان ابن عباس يبعثني يوم الأضحى بدرهمين أشتري له لحما،
ويقول: من لقيت فقل هذه أضحية ابن عباس)) (5).
عن تميم بن حويص يعنى المصري قال: (اشتريت شاة بمنى أضحية فضلت فسألت ابن
عباس رضى الله عنهما عن ذلك فقال: لا يضرك) (6)
عن أبى مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: (إني لأدع الأضحى وإني لموسر
مخافة أن يرى جيراني أنه حتم علي) (7) وفي رواية: ((لقد هممت أن أدع
الأضحية وإني لمن أيسركم مخافة أن يحسب الناس أنها حتم واجب)) (8).
عن سويد بن غفلة قال: ((قال لي بلال: ما كنت أبالي لو ضحيت بديك, ولأنْ آخذ
ثمن الأضحية فأتصدق به على مسكين مقتر فهو أحب إلي من أن أضحي)) (9).
ثالثاً: أنها أضحية لا تجب على المسافر فلم تجب على الحاضر (10).
رابعاً: أنها ذبيحة لم يجب تفريق لحمها، فلم تكن واجبة، كالعقيقة (11).
_________
(1) رواه مسلم (1967).
(2) ((الدراري المضية شرح الدرر البهية)) (2/ 344)،أضواء البيان (5/ 204).
(3) قال ابن عبدالبر: (وهذا أيضا محمله عند أهل العلم لئلا يعتقد فيها
للمواظبة عليها أنها واجبة فرضا وكانوا أئمة يقتدى بهم من بعدهم ممن ينظر
في دينه إليهم لأنهم الواسطة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أمته فساغ
لهم من الاجتهاد في ذلك ما لا يسوغ اليوم لغيرهم)). ((التمهيد)) (23/ 194،
195)، ((تفسير القرطبي)) (15/ 108).
(4) رواه الطبراني (3/ 182) (3058)، والبيهقي (9/ 265) (19508) واللفظ له.
وجوّد إسناده ابن كثير في ((إرشاد الفقيه)) (1/ 352)، وقال الهيثمي في
((مجمع الزوائد)) (4/ 21): رجاله رجال الصحيح، وصحح إسناده الألباني في
((إرواء الغليل)) (4/ 355).
(5) رواه البيهقي في ((معرفة السنن والآثار)) (14/ 15)، وقال: قال الشافعي:
(وقد كان قلما يمر به يوم إلا نحر فيه أو ذبح بمكة، وإنما أراد بذلك مثل
الذي روي عن أبي بكر وعمر، ولا يعدو القول في الضحايا هذا، أو أن تكون
واجبة فهي على كل أحد لا تجزئ غير شاة عن كل أحد).
(6) رواه البيهقي (9/ 289) (19670)
(7) رواه البيهقي (9/ 265) (19511)، وصحح إسناده الألباني في ((إرواء
الغليل)) (4/ 355).
(8) رواه البيهقي (9/ 265) (19512).
(9) رواه عبدالرزاق (4/ 385)
(10) ((الحاوي الكبير)) (15/ 72).
(11) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 436).
القول الثاني: أن الأضحية واجبة على الموسر
وهذا مذهب الحنفية (1)، وهو قول للمالكية (2)،وقول مخرج في مذهب الحنابلة
(3)،وبه قال طائفة من السلف (4) واختاره ابن تيمية (5) والشوكاني (6)،
واستظهره ابن عثيمين (7)
الأدلة:
أولاً: من القرآن:
قوله عز وجل فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر: 2].
وجه الدلالة:
أن المراد بالنحر ذبح الأضحية (8)، والأصل في الأمر الوجوب، ومتى وجب على
النبي عليه الصلاة والسلام يجب على الأمة لأنه قدوة للأمة (9).
أحكام القرآن لابن العربي (ص120).
ثانياً: من السنة:
1 - عن جندب بن سفيان البجلي قال: ((ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
أضحية ذات يوم فإذا أناس قد ذبحوا ضحاياهم قبل الصلاة فلما انصرف رآهم
النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد ذبحوا قبل الصلاة فقال من ذبح قبل الصلاة
فليذبح مكانها أخرى، ومن كان لم يذبح حتى صلينا فليذبح على اسم الله))
(10).
وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإعادة الذبح، ولولا أنه واجبٌ لما أمر
بذلك (11).
2 - عن البراء بن عازب، قال: ((خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
النحر بعد الصلاة، فقال: من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب سنة
المسلمين، ومن نسك قبل الصلاة، فتلك شاة لحم، فقام أبو بردة بن نيار، فقال:
يا رسول الله، والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم
أكل وشرب، فتعجلت، وأكلت، وأطعمت أهلي، وجيراني فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: تلك شاة لحم قال: فإن عندي عناق جذعة هي خير من شاتي لحم، فهل
تجزي عني؟ قال: نعم، ولن تجزي عن أحد بعدك)) (12).
وجه الدلالة:
أن قوله: ((ولن تجزي عن أحد بعدك)) أي لن تقضي، والقضاء لا يكون إلا عن
واجب فقد اقتضى ذلك الوجوب (13).
المبحث الثاني: حكم الأضحية المنذورة
_________
(1) ((العناية شرح الهداية)) (9/ 506)، ((فتح القدير)) للكمال ابن الهمام
(9/ 506).
(2) ((أحكام القرآن)) لابن العربي (4/ 459)، ((تفسير القرطبي)) (15/ 109).
(3) ((مجموع الفتاوى)) (23/ 163).
(4) قال ابن حزم: ((وممن روينا عنه إيجاب الأضحية: مجاهد, ومكحول. وعن
الشعبي: لم يكونوا يرخصون في ترك الأضحية إلا لحاج, أو مسافر)). ((المحلى))
(7/ 358). وقال ابن قدامة: (وقال ربيعة ... والثوري والأوزاعي والليث ...
هي واجبة) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 435).
(5) قال ابن تيمية: (وأما الأضحية فالأظهر وجوبها أيضا فإنها من أعظم شعائر
الإسلام وهي النسك العام في جميع الأمصار والنسك مقرون بالصلاة) ((مجموع
الفتاوى)) لابن تيمية (23/ 162).
(6) قال الشوكاني: (ويعرف أن الحق ما قاله الأقلون من كونها واجبة ولكن هذا
الوجوب مقيد بالسعة فمن لا سعة له لا أضحية عليه). ((السيل الجرار)) للنووي
(8/ 383).
(7) قال ابن عثيمين: (فالقول بالوجوب أظهر من القول بعدم الوجوب، لكن بشرط
القدرة) ((الشرح الممتع)) (7/ 422).
(8) فهو تفسير ابن عباس رضي الله عنهما، وعطاء، ومجاهد، قال ابن كثير:
(المراد بالنحر ذبح المناسك؛ ولهذا كانرسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي
العيد ثم ينحر نسكه، ويقول: «من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن
نسك قبل الصلاة فلا نسك له»).تفسير ابن كثير (8/ 503)، ((مجلة البحوث
الإسلامية)) (69/ 218).
(9) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/ 62).
(10) رواه البخاري (5500)، ومسلم (1960).
(11) ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (6/ 3)، ((السيل الجرار المتدفق
على حدائق الأزهار)) (ص: 715) ..
(12) رواه البخاري (5556)، ومسلم (1961).
(13) ((أحكام القرآن)) للجصاص (5/ 87).
من نذر أن يضحي، فإنه يجب عليه الوفاء
بنذره سواء كان النذر لأضحية معينة أو غير معينة، وهذا باتفاق المذاهب
الفقهية الأربعة: الحنفية (1)، والمالكية (2)، والشافعية (3)، والحنابلة
(4).
الدليل:
عن عائشة، رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من نذر أن
يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه)) (5).
وجه الدلالة:
أن التضحية قربة لله تعالى فتلزم بالنذر كسائر القرب.
هل تتعين الأضحية بالنية مع الشراء أو بالقول أو بالذبح؟
المبحث الثالث: بم يحصل تعيين الأضحية؟
اختلف الفقهاء في السبب الذي يحصل به تعيين الأضحية على ثلاثة أقوال:
القول الأول: تتعين الأضحية بالقول كأن يقول هذه أضحية، وهذا مذهب الشافعية
(6)، والحنابلة (7)، واختاره ابن عثيمين (8).
الأدلة:
أولاً: أنه إزالة ملك على وجه القربة فلا تؤثر فيه النية المقارنة للشراء
كالعتق والوقف (9).
ثانياً: أن الشراء موجب للملك وكونها أضحية مزيل للملك، ولا يصح أن يكون
الشيء الواحد في حالة واحدة موجبا لثبوت الملك وإزالته، فلما أفاد الشراء
ثبوت الملك امتنع أن يزول به الملك (10).
القول الثاني: تتعين الأضحية بشراء الأضحية مع أالنية، وهو مذهب الحنفية
(11)،وقول للحنابلة (12)، وبه قال ابن القاسم من للمالكية (13)، واختاره
ابن تيمية (14)، واللجنة الدائمة (15).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
1 - عن عمر بن الخطاب رضي الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرىء ما نوى)) (16).
_________
(1) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/ 199).
(2) ((حاشية الدسوقي)) (2/ 125)، ((الذخيرة)) للقرافي (3/ 354).
(3) ((المجموع)) للنووي (8/ 423)، ((روضة الطالبين)) (3/ 208)، ((مغني
المحتاج)) للشربيني (4/ 283).
(4) (مطالب أولي النهى)) (2/ 480)، ((المغني)) لابن قدامة (9/ 444).
(5) رواه البخاري (6696).
(6) ((الأم)) للشافعي (2/ 223)، ((الحاوي الكبير)) للماوردي (15/ 99)،
((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 283).
(7) ((المغني)) لابن قدامة (3/ 10)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 64)،
(8) يفرق الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بين الهدي والأضحية: فالهدي عنده
يتعين بالقول وبالفعل مع النية، أما الأضحية فتتعين بالقول فقط؛ لأنه لا
فعل خاص بها من الإشعار والتقليد. ((الشرح الممتع)) (7/ 467،468).
(9) فلو اشترى إنسان عبدا ليعتقه في كفارة أو غيرها فإنه لا يعتق بمجرد
الشراء، وكذا لو اشترى بيتا ليوقفه فإنه لا يكون وقفا بمجرد الشراء حتى
يفعل ما يختص بهذا الشيء. ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) (5/ 117)،
((الشرح الممتع)) (7/ 468).
(10) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (15/ 100).
(11) من الحنفية من من يخص الفقير بحصول التعيين بالشراء مع النية؛ لأنها
لا تجب عليه شرعا فتعينت بالشراء مع النية، فهو كالنذر بالتضحية، ومنهم من
يسوي في ذلك بين الغني والفقير. ((المبسوط)) للسرخسي (12/ 12)، ((بدائع
الصنائع)) للكاساني (5/ 68)، الهداية شرح البداية (4/ 74)، ((تبيين
الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (6/ 6).
(12) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 559)، ((الإنصاف))
للمرداوي (4/ 65).
(13) ((أحكام القرآن)) لابن العربي (4/ 459).
(14) ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 65).
(15) نص فتوى اللجنة الدائمة: (الأضحية تتعين بشرائها بنية الأضحية أو
بتعيينها، فإذا تعينت فولدت قبل وقت ذبحها فاذبح ولدها تبعا لها). ((فتاوى
اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (11/ 402).
(16) رواه البخاري (1)، ومسلم (1907) بلفظ: (إنما الأعمال بالنية).
2 - عن أبي حصين أن ابن الزبير رأى هدياً
له فيه ناقة عوراء فقال: إن كان أصابها بعدما اشتريتموها فأمضوها، وإن كان
أصابها قبل أن تشتروها فأبدلوها.
ثانياً: أن الفعل مع النية يقوم مقام اللفظ إذا كان الفعل يدل على المقصود
كمن بنى مسجدا، وأذن في الصلاة (1).
ثالثاً: أنه مأمور بشراء أضحية، فإذا اشتراها بالنية وقعت عنه كالوكيل (2).
القول الثالث: لا تتعين الأضحية إلا بالذبح، وهذا مذهب المالكية في المشهور
(3)، واختاره الشوكاني (4).
دليل ذلك:
أنه ليس في اعتبار تعيين الأضحية بمجرد الشراء بالنية دليل يقوم به الحجة،
والظاهر أنه إذا ذبحه بنية الأضحية وفى بما عليه وصار فاعلاً لما شرعه الله
تعالى لعباده من الضحايا (5).
_________
(1) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 559).
(2) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 559).
(3) ((القوانين الفقهية)) (ص: 127)، ((حاشية العدوي على كفاية الطالب
الرباني)) (1/ 574)
(4) قال الشوكاني: (ليس في مصير الأضحية أضحية بمجرد الشراء بالنية دليل
يقوم به الحجة، ويجب المصير إليه والعمل به، قال: والظاهر أنه إذا ذبحه
بنية الأضحية وفى بما عليه وصار فاعلاً لما شرعه الله تعالى لعباده من
الضحايا). ((السيل الجرار المتدفق)) (ص: 719، 720) , ((مرعاة المفاتيح شرح
مشكاة المصابيح)) (5/ 117).
(5) ((السيل الجرار المتدفق)) (ص: 719، 720) , ((مرعاة المفاتيح شرح مشكاة
المصابيح)) (5/ 117).
الفصل الثالث: شروط
صحة الأضحية
المبحث الأول: الشرط الأول: أن تكون من الأنعام؛ وهي الإبل والبقر والغنم
يشترط أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام؛ وهي الإبل والبقر والغنم.
الأدلة:
أولاً: من القرآن:
قال تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي
أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ
[الحج: 28]
ثانياً: من السنة:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه سلم كان يضحي
بكبشين أملحين أقرنين ويسمي ويكبر ويضع رجله على صفاحهما)) (1).
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تذبحوا إلا مسنة (2)
إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)) (3) ..
ثالثاً: الإجماع:
حكى الإجماع على ذلك ابن عبدالبر (4)، وابن رشد (5)، والنووي (6)،والصنعاني
(7).
المبحث الثاني: الشرط الثاني: أن تكون قد بلغت السن المعتبرة شرعا
يشترط في الأضحية أن تكون قد بلغت السن المعتبرة شرعا، فلا تجزئ التضحية
بما دون الثنية من غير الضأن، ولا بما دون الجذعة من الضأن.
الأدلة:
عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تذبحوا إلا مسنة إلا
أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)) (8).
ثانياً: الإجماع:
حكى الإجماع على ذلك: ابن عبدالبر (9)،والنووي (10)، والشنقيطي (11)، وحكاه
ابن حزم في إجزاء الثني من المعز (12)، والترمذي في إجزاء الضأن من الجذع
(13).
مطلب: معنى الثني من الإبل والبقر والغنم، والجذع من الضأن
_________
(1) رواه البخاري (5565)، ومسلم (1966).
(2) المسنة: هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها. ((شرح
النووي على مسلم)) (13/ 114)، ((نيل الأوطار)) للشوكاني (5/ 113).
(3) رواه مسلم (1963).
(4) قال ابن عبدالبر: (والذي يضحى به بإجماع من المسلمين الأزواج الثمانية
وهي الضأن والمعز والإبل والبقر) ((التمهيد)) (23/ 188).
(5) قال ابن رشد: (أجمع العلماء على جواز الضحايا من جميع بهيمة الأنعام،
واختلفوا في الأفضل من ذلك) ((بداية المجتهد)) (1/ 430).
(6) قال النووي: (فشرط المجزئ في الأاضحية أن يكون من الانعام وهي الإبل
والبقر والغنم سواء في ذلك جميع أنواع الإبل من البخاتي والعراب وجميع
أنواع البقر من الجواميس والعراب والدربانية وجميع أنواع الغنم من الضأن
والمعز وأنواعهما) ((المجموع)) للنووي (8/ 393).
(7) قال الصنعاني: (أجمع العلماء على جواز التضحية من جميع بهيمة الأنعام)
((سبل السلام)) (4/ 95).
(8) رواه مسلم (1963).
(9) قال ابن عبدالبر: (لا أعلم خلافا أن الجذع من المعز ومن كل شيء يضحى به
غير الضأن لا يجوز وإنما يجوز من ذلك كله الثني فصاعدا ويجوز الجذع من
الضأن بالسنة المسنونة) ((التمهيد)) (23/ 188). وقال: (وأما الأضحية بالجذع
من الضأن فمجتمع عليها عند جماعة الفقهاء) ((التمهيد)) (23/ 188).
(10) قال النووي: (أجمعت الأمة على أنه لا يجزئ من الإبل والبقر والمعز الا
الثني ولا من الضأن الا الجذع) ((المجموع)) (8/ 394).
(11) قال الشنقيطي: (الأضحية لا تكون إلا بمسنة، وأنها إن تعسرت فجذعة من
الضأن، فمن ضحى بمسنة، أو بجذعة من الضأن عند تعسرها فضحيته مجزئة إجماعا)
((أضواء البيان)) (5/ 209).
(12) قال ابن حزم: (اتفقوا أن الثني من الضأن فصاعداً إذا كان سليما من كل
عيب ونقص مذ سمي للتضحية إلى أن يتم موته بالذبح أنه يجزىء في الأضحية)
((مراتب الإجماع)) (ص 153).
(13) قال أبو عيسى الترمذي: (العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي
صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن الجذع من الضأن يجزي في الأضحية) (سنن
الترمذي) (4/ 87).
الثني من الإبل ما أتم خمس سنين، ومن البقر
ما أتم سنتين، ومن المعز ما أتم سنة، والجذع من الضأن ما أتم ستة أشهر، نص
على هذا التفصيل: فقهاء الحنفية (1) والحنابلة (2)، واختاره ابن عثيمين
(3)، وأفتت به اللجنة الدائمة (4).
المبحث الثالث: الشرط الثالث: السلامة من العيوب المانعة من الإجزاء
يشترط في الأضحية السلامة من العيوب المانعة من الإجزاء، فلا تجزئ التضحية
بالعوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ضلعها،
والعجفاء التي لا تنقي (5).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
_________
(1) ((بدائع الصنائع)) (5/ 70)، ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (6/
7).
(2) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 440).
(3) ((الشرح الممتع)) (7/ 425).
(4) قالت اللجنة الدائمة: (لا يجزئ من الضأن في الأضحية إلا ماكان سنه ستة
أشهر ... ولا يجزئ من المعز والبقر والإبل إلا ما كان مسنة، سواء كان ذكرا
أم أنثى، وهي من المعز ما بلغت سنة، ودخلت في الثانية، ومن البقر ما أتمت
سنتين ودخلت في الثالثة، ومن الإبل ما أتمت خمس سنين ودخلت في السادسة)
((فتاوى اللجنة الدائمة – المجموعة الأولى)) (11/ 414 - 415).
(5) فائدة: قال ابن عثيمين: (تقسم العيوب إلى ثلاثة أقسام: الأول: ما دلت
السنة على عدم إجزائه، وهي أربع: العوراء البين عورها، والمريضة البين
مرضها، والعرجاء البين ضلعها، والعجفاء التي لا تنقي، فهذه منصوص على عدم
إجزائها، ويقاس عليها ما كان مثلها أو أولى منها، أما ما كان مثلها فإنه
يقاس عليها قياس مساواة، وأما ما كان أولى منها فيقاس عليها قياس أولوية.
الثاني: ما ورد النهي عنه دون عدم الإجزاء، وهو ما في أذنه أو قرنه عيب من
خرق، أو شق طولا أو شق عرضا، أو قطع يسير دون النصف، فهذه ورد النهي عنها
في حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولكن هذا النهي يحمل على الكراهة؛
لوجود الحديث الحاصر لعدم المجزئ بأربعة أصناف. الثالث: عيوب لم يرد النهي
عنها، ولكنها تنافي كمال السلامة، فهذه لا أثر لها، ولا تكره التضحية بها
ولا تحرم، وإن كانت قد تعد عند الناس عيبا، مثل العوراء التي عورها غير
بين، ومثل مكسورة السن في غير الثنايا وما أشبه ذلك، ومثل العرجاء عرجا
يسيرا، فهذه عيوب لكنها لا تمنع الإجزاء، ولا توجب الكراهة لعدم وجود
الدليل، والأصل البراءة). ((الشرح الممتع)) (7/ 440).
عن البراء بن عازب قال: ((سمعت رسول الله
صلى الله عليه وسلم وأشار بأصابعه وأصابعي أقصر من أصابع رسول الله صلى
الله عليه وسلم يشير بأصبعه يقول: لا يجوز من الضحايا العوراء البين عورها
والعرجاء البين عرجها والمريضة البين مرضها والعجفاء (1) التي لا تُنْقي
(2))) (3).
ثانياً: الإجماع:
حكى الإجماع على ذلك ابن عبدالبر (4)، وابن رشد (5)،وابن قدامة (6)،
والنووي (7) وابن حزم (8).
المبحث الرابع: الشرط الرابع: أن تكون التضحية في وقت الذبح
(ينظر أول وقت التضحية وآخر وقتها)
المبحث الخامس: الشرط الخامس: نية التضحية
يشترط على المضحي أن ينوي بها التضحية، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية
الأربعة: الحنفية (9)، والمالكية (10)، والشافعية (11) والحنابلة (12).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما
الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)) (13).
ثانياً: أن الذبح قد يكون للحم وقد يكون للقربة والفعل لا يقع قربه بدون
النية (14).
_________
(1) العجفاء: المهزولة لسان العرب (مادة: حدبر، صفر)، ((مرعاة المفاتيح شرح
مشكاة المصابيح)) (5/ 98).
(2) لا تُنْقي: أي لا نقي لعظامها، وهو المخ من الضعف والهزال. ((شرح
السنة)) للبغوي (4/ 340)، مشكلات موطأ مالك بن أنس (ص: 148)، النهاية في
غريب الحديث والأثر (مادة: نقا)، ((فتح الباري لابن حجر)) (1/ 198).
(3) رواه أبو داود (2802)، والترمذي بعد حديث (1497)، والنسائي (7/ 215)،
وأحمد (4/ 301) (18697)، ومالك (3/ 687)، والدارمي (2/ 105) (1949)، وابن
خزيمة (4/ 292) (2912)، وابن حبان (13/ 240) (5919)،. قال الإمام أحمد كما
في ((خلاصة البدر المنير)) لابن الملقن (2/ 379): ما أحسنه من حديث، وصححه
الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (4/ 168)، وابن حبان في ((بلوغ المرام))
(405)، ابن دقيق العيد في ((الاقتراح)) (121)، وابن الملقن في ((البدر
المنير)) (9/ 285)، والألباني في ((صحيح سنن أبي داود)) (2802)، وحسنه ابن
عبدالبر في ((التمهيد)) (20/ 164)، وقال البغوي ((شرح السنة)) (2/ 621):
حسن صحيح، لا يعرف إلا من حديث عبيد بن فيروز، عن البراء ..
(4) قال ابن عبدالبر: (أما العيوب الأربعة المذكورة في هذا الحديث فمجتمع
عليها لا أعلم خلافا بين العلماء فيها ومعلوم أن ما كان في معناها داخل
فيها ولا سيما إذا كانت العلة فيها أبين) ((التمهيد)) (20/ 168).
(5) قال ابن رشد: (أجمع العلماء على اجتناب العرجاء البين عرجها في الضحايا
والمريضة البين مرضها والعجفاء التي لا تنقي) ((بداية المجتهد)) (1/ 430).
(6) قال ابن قدامة: (أما العيوب الأربعة الأول، فلا نعلم بين أهل العلم
خلافا في أنها تمنع الإجزاء) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 441).
(7) قال النووي: (أجمعوا على ان العمياء لا تجزئ وكذا العوراء البين عورها
والعرجاء البين عرجها والمريض البين مرضها والعجفاء) ((المجموع)) (8/ 404).
(8) قال ابن حزم: (اتفقوا أن العوراء البين عورها والعمياء البينة العمى
والعرجاء البينة العرج التي لا تدرك السرح والمريضة البينة المرض والعجفاء
التي لا مخ لها أنها لا تجزىء في الأضاحي) ((مراتب الإجماع)) (ص 153).
(9) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/ 71).
(10) ((التاج والإكليل)) (3/ 252).
(11) ((المجموع)) للنووي (8/ 405)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 200).
(12) ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 61).
(13) رواه البخاري (1)، ومسلم (1907) بلفظ: (إنما الأعمال بالنية).
(14) ((بدائع الصنائع)) (5/ 71).
الفصل الرابع: وقت
الأضحية
المبحث الأول: أول وقت التضحية
المطلب الأول: ذبح الأضحية قبل طلوع الفجر يوم النحر
لا يجوز ذبح الأضحية قبل طلوع الفجر في يوم النحر.
الأدلة:
عن البراء بن عازب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: ((إن أول
ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل هذا فقد أصاب
سنتنا، ومن نحر فإنما هو لحم يقدمه لأهله، ليس من النسك في شيء)) (1).
ثانياً: الإجماع:
حكى الإجماع على ذلك ابن المنذر (2)، وابن عبدالبر (3)، والقرطبي (4).
المطلب الثاني: ذبح الأضحية قبل الصلاة
لا يجوز ذبح الأضحية قبل صلاة العيد.
الأدلة:
أولاً: من السنة:
- عن البراء بن عازب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: ((إن
أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل هذا فقد أصاب
سنتنا، ومن نحر فإنما هو لحم يقدمه لأهله، ليس من النسك في شيء)) (5).
2 - عن جندب بن سفيان البجلي قال: ((ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
أضحية ذات يوم فإذا أناس قد ذبحوا ضحاياهم قبل الصلاة فلما انصرف رآهم
النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد ذبحوا قبل الصلاة فقال من ذبح قبل الصلاة
فليذبح مكانها أخرى، ومن كان لم يذبح حتى صلينا فليذبح على اسم الله)) (6).
ثانياً: الإجماع:
حكى الإجماع على ذلك ابن عبدالبر (7) والنووي (8)، وابن رشد (9).
المطلب الثالث: أول وقت الأضحية
يبدأ وقت الأضحية بعد صلاة العيد، وهذا مذهب الحنفية (10)، والحنابلة (11)،
واختاره الطحاوي (12)، والشوكاني (13)، وابن عثيمين (14).
الأدلة:
1 - عن البراء بن عازب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال: ((إن
أول ما نبدأ به من يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر، فمن فعل هذا فقد أصاب
سنتنا، ومن نحر فإنما هو لحم يقدمه لأهله، ليس من النسك في شيء)) (15).
_________
(1) رواه البخاري (965)، ومسلم (1961).
(2) قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن الضحايا لا يجوز ذبحها قبل طلوع الفجر
من يوم النحر) ((الإجماع)) (1/ 60).
(3) قال ابن عبدالبر: (أجمعوا على أنه لا يكون أضحى قبل طلوع الفجر من يوم
النحر لا لحضري ولا لبدوي) ((التمهيد)) (23/ 196).
(4) قال القرطبي: (لا خلاف أنه لا يجزي ذبح الأضحية قبل طلوع الفجر من يوم
النحر) ((الجامع لأحكام القرآن)) (12/ 43).
(5) رواه البخاري (965)، ومسلم (1961).
(6) رواه البخاري (5500)، ومسلم (1960).
(7) قال ابن عبدالبر: (أجمعوا على أن الذبح لأهل الحضر لا يجوز قبل الصلاة)
((الاستذكار)) (5/ 224).
(8) قال النووي: (وأما وقت الأضحية فينبغى أن يذبحها بعد صلاته مع الامام
وحينئذ تجزيه بالاجماع) ((شرح النووي على مسلم)) (13/ 110).
(9) قال ابن رشد: (اتفقوا على أن الذبح قبل الصلاة لا يجوز لثبوت قوله عليه
الصلاة والسلام: من ذبح قبل الصلاة فإنما هي شاة لحم) ((بداية المجتهد))
(1/ 435).
(10) شرح معاني الآثار (4/ 174)، ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (6/
4).
(11) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 452) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن
قدامة (3/ 552،554).
(12) شرح معاني الآثار (4/ 174).
(13) قال الشوكاني: (ووقتها بعد صلاة النحر إلى آخر أيام التشريق)
((الدراري المضية)) (2/ 343).
(14) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 459).
(15) رواه البخاري (965)، ومسلم (1961).
2 - عن جندب بن سفيان البجلي قال: ((ضحينا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أضحية ذات يوم فإذا أناس قد ذبحوا ضحاياهم
قبل الصلاة فلما انصرف رآهم النبي صلى الله عليه وسلم أنهم قد ذبحوا قبل
الصلاة فقال من ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى، ومن كان لم يذبح حتى
صلينا فليذبح على اسم الله)) (1).
وجه الدلالة:
أن الحديث يدل على أن من ذبح بعد الصلاة فله نسك، سواء انتهت الخطبة أو لم
تنته، وسواء ذبح الإمام أم لم يذبح، وأن من ذبح قبل الصلاة فعليه أن يذبح
أخرى مكانها (2).
عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ ذَبَحَ
قبل الصلاة فليعد)) (3) ..
المطلب الرابع: وقت الأضحية في غير أهل الأمصار
يبدأ وقت الأضحية لمن كان بمحل لا تصلى فيها صلاة العيد كأهل البوادي: بعد
قدر فعل صلاة العيد بعد طلوع الشمس قيد رمح، وهذا مذهب الحنابلة (4)،
واختاره ابن عثيمين (5)؛ وذلك لأنه لا صلاة في حقهم تعتبر، فوجب الاعتبار
بقدرها (6).
زمن التضحية:
المبحث الثاني: آخر وقت التضحية
اختلف الفقهاء في زمن التضحية على قولين:
القول الأول: أيام التضحية ثلاثة: يوم العيد واليومان الأولان من أيام
التشريق، وهذا مذهب جمهور الفقهاء: الحنفية (7)، والمالكية (8)، والحنابلة
(9).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن ابن عمر رضي الله عنهما، ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تؤكل
لحوم الأضاحي بعد ثلاث)) (10) ..
وجه الدلالة:
أنه نهى عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام، ولو كان اليوم الرابع يوم
ذبح، لكان الذبح مشروعا في وقت يحرم فيه الأكل، ثم نسخ بعد ذلك تحريم
الأكل، وبقي وقت الذبح بحاله (11).
ثانياً: أنه وَرَدَ عن الصحابة رضي الله عنهم تخصيصه بالعيد ويومين بعده،
منهم عمر، وعلي، وابن عمر، وابن عباس، وأبو هريرة، وأنس، رضي الله عنهم،
ولا يعرف لهم من الصحابة مخالف, ومثل هذا لا يقال بالرأي (12).
ثالثاً: أنه قد ثبت الفرق بين أيام النحر وأيام التشريق؛ ولو كانت أيام
النحر أيام التشريق لما كان بينهما فرق، وكان ذكر أحد العددين ينوب عن
الآخر (13).
_________
(1) رواه البخاري (5500)، ومسلم (1960).
(2) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 459).
(3) رواه البخاري (5549)، ومسلم (1962).
(4) ((شرح منتهى الإرادات)) (1/ 605)، ((كشاف القناع)) (3/ 9).
(5) ((الشرح الممتع)) (7/ 459).
(6) ((كشاف القناع)) (3/ 9).
(7) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/ 65)، ((المبسوط)) للسرخسي (8/ 200).
(8) ((مواهب الجليل)) لحطاب (4/ 273)، ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 86).
(9) ((المغني)) لابن قدامة (3/ 384)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (2/ 530).
(10)
(11) ينظر: ((المغني)) لابن قدامة (3/ 385)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/
201).
(12) قال ابن قدامة: (وهذ قول عمر وعلي وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأنس
رضي الله عنهم) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 453)، وينظر: ((المحلى)) (7/
377، 378 رقم 982)، ((الاستذكار)) (5/ 243).
(13) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 202).
القول الثاني: يبقى وقت التضحية إلى آخر
أيام التشريق وهو مذهب الشافعية (1)، وقول للحنابلة (2)، وهو قول طائفة من
السلف (3)، واختاره ابن تيمية (4)، وابن القيم (5) والشوكاني (6)، وابن باز
(7)، وابن عثيمين (8).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن جبير بن مطعم رضي الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كل
منى منحر، وكل أيام التشريق ذبح) (9) (10).
وجه الدلالة:
أن الحديث نص في الدلالة على أن كل أيام منى أيام نحر (11).
عن نبيشة الهذلي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيام التشريق
أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل)) (12).
ثانياً: أن الثلاثة أيام تختص بكونها أيام منى، وأيام الرمى، وأيام
التشريق، وأيام تكبير وإفطار، ويحرم صيامها، فهى إخوة فى هذه الأحكام، فكيف
تفترق فى جواز الذبح بغير نص ولا إجماع؟ (13).
المبحث الثالث: التضحية في ليالي أيام النحر (ليلتا يومي التشريق)
اختلف الفقهاء في حكم التضحية في الليل إلى ثلاثة أقوال:
القول الأول: لا تجزئ التضحية في الليل، وهذا مذهب المالكية (14)،وقول
للحنابلة (15).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قول الله تعالى: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ
عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28]
وجه الدلالة:
أن الله خصصه بلفظ الأيام في قوله: فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ، وذكر اليوم
يدل على أن الليل ليس كذلك (16).
ثانياً: من السنة:
_________
(1) ((المجموع)) للنووي (8/ 387)، ((روضة الطالبين)) (3/ 200).
(2) ((الفتاوى الكبرى)) لابن تيمية (5/ 385).
(3) قال ابن قدامة: (ويروى عن علي رضي الله عنه أنه قال: أيام النحر يوم
الضحى، وثلاثة أيام بعده. وبه قال الحسن، وعطاء، والأوزاعي ... وابن
المنذر) ((المغني)) لابن قدامة (3/ 385).
(4) قال ابن تيمية: (وآخر وقت ذبح الأضحية آخر أيام التشريق) ((الفتاوى
الكبرى)) لابن تيمية (5/ 385).
(5) ((زاد المعاد)) لابن القيم (2/ 319).
(6) قال الشوكاني: (ووقتها بعد صلاة النحر إلى آخر أيام التشريق) (الدراري
المضية)) (2/ 343).
(7) قال ابن باز: (ووقتها يوم النحر وأيام التشريق) ((مجموع فتاوى ابن
باز)) (18/ 38).
(8) قال ابن عثيمين: (أصح الأقوال: أن أيام الذبح أربعة، يوم العيد، وثلاثة
أيام بعده) ((الشرح الممتع)) (7/ 460).
(9) رواه أحمد (4/ 82) (16797)، وابن حبان (9/ 166) (3854)، والطبراني (2/
138) (1583)، والبيهقي (5/ 239) (10525). قال البيهقي: مرسل، وقال ابن
القيم في ((زاد المعاد)) (2/ 291): روي من وجهين مختلفين يشد أحدهما الآخر
وروي من حديث جبير بن مطعم وفيه انقطاع، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد))
(4/ 27): رجاله ثقات، وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (3/ 211):
له شاهد، وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (6331)، والألباني في ((صحيح
الجامع)) (4537).
(10) رواه مسلم (1141).
(11) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 203).
(12) رواه مسلم (1141).
(13) قال الشافعي: (فلما لم يحظر على الناس أن ينحروا بعد يوم النحر بيوم
أو يومين لم نجد اليوم الثالث مفارقا لليومين قبله؛ لأنه ينسك فيه ويرمى
كما ينسك ويرمى فيهما). ((الأم)) للشافعي (دار المعرفة 2/ 248). وينظر:
((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 555)، ((زاد المعاد)) لابن
القيم (2/ 319)، ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 204)، ((الشرح الممتع))
لابن عثيمين (7/ 461).
(14) قال خليل: والنهار شرط. ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 121)، ((الفواكه
الدواني)) (2/ 849 - 850).
(15) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 454).
(16) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 120).
عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه
وآله وسلم قال ((كل أيام التشريق ذبح)) (1).
ثالثاً: أن الشرع ورد بالذبح في زمن مخصوص وطريق تعلق النحر والذبح
بالأوقات الشرع لا طريق له غير ذلك فإذا ورد الشرع بتعلقه بوقت مخصوص، وقد
ذبح النبي صلى الله عليه وسلم أضحيته نهارا علمنا جواز ذلك نهارا ولم يجز
أن نعديه إلى الليل إلا بدليل (2).
رابعاً: أنه ليل يوم يجوز الذبح فيه، فأشبه ليلة يوم النحر (3).
خامساً: أن الليل يتعذر فيه تفرقة اللحم في الغالب ولا يفرق طريا فيفوت بعض
المقصود (4).
القول الثاني: إن التضحية في الليل تجزئ مع الكراهة، وهو مذهب الحنفية (5)
والشافعية (6)، وقول للحنابلة (7).
الأدلة:
أدلة إجزاء التضحية ليلاً
أولاً: من القرآن:
قول الله تعالى وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ
عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28].
وجه الدلالة:
أن الأيام تطلق لغة على ما يشمل الليالي (8).
ثانياً: من السنة:
1 - عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ((كل أيام
التشريق ذبح)) (9).
وجه الدلالة:
ذكر الأيام في الحديث وإن دل على إخراج الليالي بمفهوم اللقب لكن التعبير
بالأيام عن مجموع الأيام والليالي والعكس مشهور متداول بين أهل اللغة لا
يكاد يتبادر غيره عن الإطلاق (10).
ثالثاً: أن الليل زمن يصح فيه الرمي، وداخل في مدة الذبح، فجاز فيه كالأيام
(11).
أدلة كراهة التضحية ليلاً:
أولاً: أن الليل تتعذر فيه تفرقة اللحم في الغالب، فلا يفرق طريا، فيفوت
بعض المقصود (12).
_________
(1) رواه أحمد (4/ 82) (16797)، وابن حبان (9/ 166) (3854)، والطبراني (2/
138) (1583)، والبيهقي (5/ 239) (10525). قال البيهقي: مرسل، وقال ابن
القيم في ((زاد المعاد)) (2/ 291): روي من وجهين مختلفين يشد أحدهما الآخر
وروي من حديث جبير بن مطعم وفيه انقطاع، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد))
(4/ 27): رجاله ثقات، وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (3/ 211):
له شاهد، وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (6331)، والألباني في ((صحيح
الجامع)) (4537).
(2) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 205).
(3) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 556).
(4) ((مجلة البحوث الإسلامية)) (4/ 206).
(5) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/ 174 - 175)، ((فتح القدير)) للكمال ابن
الهمام (9/ 513) ..
(6) قال الشافعي: ويذبح في الليل والنهار وإنما أكره ذبح الليل لئلا يخطئ
رجل في الذبح أو لا يوجد مساكين حاضرون فأما إذا أصاب الذبح ووجد مساكين
فسواء. ((الأم)) للشافعي (2/ 239). وينظر: ((المجموع)) (8/ 388)، ((روضة
الطالبين)) (3/ 200).
(7) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 454)، ((كشاف القناع)) (3/ 10).
(8) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 120).
(9) رواه أحمد (4/ 82) (16797)، وابن حبان (9/ 166) (3854)، والطبراني (2/
138) (1583)، والبيهقي (5/ 239) (10525). قال البيهقي: مرسل، وقال ابن
القيم في ((زاد المعاد)) (2/ 291): روي من وجهين مختلفين يشد أحدهما الآخر
وروي من حديث جبير بن مطعم وفيه انقطاع، وقال الهيثمي في ((مجمع الزوائد))
(4/ 27): رجاله ثقات، وقال البوصيري في ((إتحاف الخيرة المهرة)) (3/ 211):
له شاهد، وصححه السيوطي في ((الجامع الصغير)) (6331)، والألباني في ((صحيح
الجامع)) (4537).
(10) ((نيل الأوطار)) للشوكاني (5/ 126).
(11) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 454)، ((كشاف القناع)) (3/ 10).
(12) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 454).
ثانياً: احتمال الغلط في ظلمة الليل (1).
ثالثا: الخروج من الخلاف (2).
رابعاً: أن في الذبح نهارا مطابقة للفظ القرآن وذبح النبي صلى الله عليه
وسلم بخلاف الذبح ليلاً (3).
القول الثالث: جواز الذبح ليلا من غير كراهة، وهذا قول للحنابلة (4)، وهو
اختار ابن حزم (5) والصنعاني (6)، والشوكاني (7)،وابن عثيمين (8).
أدلة الجواز:
سبق ذكرها في أدلة القول السابق.
أدلة عدم الكراهة:
أولاً: أن الله قد أباح ذبح الحيوان في أي وقت (9).
ثانياً: أن القول بالكراهية يحتاج إلى دليل (10).
المبحث الرابع: المبادرة إلى التضحية
يستحب المبادرة في ذبح الأضحية بعد دخول وقتها، وهذا باتفاق المذاهب
الفقهية الأربعة: الحنفية (11)، والمالكية (12)، والشافعية (13)، والحنابلة
(14).
الأدلة:
أولاً: ما فيه من المبادرة إلى الخير، والخروج من الخلاف (15).
ثانياً: أن الله جل شأنه أضاف عباده في هذه الأيام بلحوم القرابين فكانت
التضحية في أول الوقت من باب سرعة الإجابة إلى ضيافة الله جل شأنه (16).
_________
(1) قال شيخي زاده: (في المنح الظاهر أن هذه الكراهة للتنزيه ومرجعها إلى
خلاف الأولى إذ احتمال الغلط لا يصلح دليلا على كراهة التحريم التي نسبتها
إلى الحرام). ((مجمع الأنهر)) (4/ 170)، وينظر: ((فتح القدير)) للكمال ابن
الهمام (9/ 513).
(2) ((كشاف القناع)) (3/ 10).
(3) قال الشنقيطي: (وتخصيصه بالأيام أحوط، لمطابقة لفظ القرآن والعلم عند
الله تعالى) ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 120).
(4) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 454)، ((كشاف القناع)) (3/ 10).
(5) قال ابن حزم: (والتضحية ليلا ونهارا جائز) ((المحلى)) لابن حزم (7/
377). وقال أيضاً: ما نعلم أحدا من السلف قبل مالك منع من التضحية ليلا.
((المحلى)) (7/ 379).
(6) قال الصنعاني: (لا حظر في الذبح بل قد أباح الله ذبح الحيوان في أي
وقت) ((سبل السلام)) للصنعاني (4/ 93).
(7) قال الشوكاني: (لا يخفى أن القول بعدم الاجزاء وبالكراهية يحتاج إلى
دليل ومجرد ذكر الأيام في حديث الباب وان دل على إخراج الليالي بمفهوم
اللقب لكن التعبير بالأيام عن مجموع الأيام والليالي والعكس مشهور متداول
بين أهل اللغة لا يكاد يتبادر غيره عن الإطلاق) ((نيل الأوطار)) (5/ 126).
(8) قال ابن عثيمين: (الصواب أن الذبح في ليلتهما لا يكره إلا أن يخل ذلك
بما ينبغي في الأضحية فيكره من هذه الناحية، لا من كونه ذبحا في الليل)
((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 464).
(9) ((سبل السلام)) للصنعاني (4/ 93).
(10) ((نيل الأوطار)) (5/ 126).
(11) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/ 80).
(12) ((الذخيرة)) للقرافي (4/ 150) ((الفواكه الدواني)) (2/ 850).
(13) ((مغني المحتاج)) (4/ 288).
(14) ((كشاف القناع)) (3/ 9).
(15) ((كشاف القناع)) (3/ 9).
(16) ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/ 80).
الفصل الخامس: من
آداب التضحية وسننها
المبحث الأول: حكم حلق الشعر وتقليم الأظفار لمن أراد أن يضحي
اختلف الفقهاء في حكم حلق الشعر وتقليم الأظفار لمن أراد أن يضحي على
قولين:
القول الأول: الجواز، وهذا مذهب الحنفية (1)، وقول للمالكية (2)، وبه قال
الليث بن سعد (3)، واختاره ابن عبدالبر (4)، وحكاه عن سائر فقهاء المدينة
والكوفة (5).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن عائشة قالت: ((أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم
قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم بعث بها مع أبي فلم يحرم على
رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء مما أحله الله حتى نحر الهدي)) (6).
وجه الدلالة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحرم عليه شيء يبعثه بهديه، والبعث بالهدي
أكثر من إرادة التضحية، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليفعل ما نهى عنه
(7).
ثانياً: أن إرادة التضحية إذا كانت لا تمنع من الجماع، وهو أغلظ ما يحرم
بالإحرام, كانت أحرى أن لا تمنع مما دون ذلك (8).
ثالثاً: أنه لا يصح قياسه على المحرم، فإنه لا يحرم عليه الوطء واللباس
والطيب، فلا يكره له حلق الشعر، وتقليم الأظفار (9).
_________
(1) شرح معاني الآثار (4/ 182)، وينظر: ((المغني)) لابن قدامة (9/ 437).
(2) عن عمران بن أنس: (أنه سأل مالكا عن حديث أم سلمة هذا، فقال: ليس من
حديثي، قال: فقلت لجلسائه: قد رواه عنه شعبة وحدث به عنه وهو يقول ليس من
حديثي، فقالوا لي: إنه إذا لم يأخذ بالحديث قال فيه: ليس من حديثي).
((التمهيد)) (17/ 237).
(3) قال الليث بن سعد وقد ذكر له حديث سعيد بن المسيب عن أم سلمة أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: ((من أهل عليه منكم هلال ذي الحجة وأراد أن يضحي
فلا يأخذ من شعره وأظفاره حتى يضحي))، فقال الليث: (قد روي هذا والناس على
غير هذا). ((التمهيد)) (17/ 235).
(4) ((التمهيد)) (17/ 235).
(5) ((التمهيد)) (17/ 235).
(6) رواه البخاري (1700)، ومسلم (1321).
(7) ((المجموع)) للنووي (8/ 392)، ((المغني)) لابن قدامة (9/ 437).
(8) عن سعيد بن المسيب قال: ((من أراد أن يضحي فدخلت أيام العشر، فلا يأخذ
من شعره ولا أظفاره))، فذكرته لعكرمة فقال: ((ألا يعتزل النساء، والطيب))
سنن النسائي (/)، وينظر: ((شرح معاني الآثار)) (4/ 182)، وينظر: ((سبل
السلام)) (4/ 96).
(9) ((شرح معاني الآثار)) (4/ 182)، ((المغني)) لابن قدامة (9/ 437).
القول الثاني: يحرم لمن أراد أن يضحي أن
يحلق شعره ويقلم أظفاره حتى يضحي، وهو مذهب الحنابلة (1)، ووجهٌ للشافعية
(2)، وهو قول طائفة من السلف (3)، واختاره ابن حزم (4)، وابن القيم (5)،
وابن باز (6)، وابن عثيمين (7).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان عنده
ذبح يريد أن يذبحه فرأى هلال ذي الحجة فلا يمس من شعره ولا من أظفاره حتى
يضحي)) (8).
وجه الدلالة:
أن مقتضى النهي التحريم، وهو خاص يجب تقديمه على عموم غيره (9).
القول الثالث: يكره لمن أراد أن يضحي أن يحلق شعره ويقلم أظفاره حتى يضحي،
وهذامذهب المالكية (10)، والشافعية (11) وهو قولٌ للحنابلة (12).
دليل الكراهة:
الجمع بين نصوص الباب، بحمل نصوص النهي على الكراهة، ونصوص الإباحة على عدم
التحريم (13).
مطلب: حكم الفدية لمن أراد أن يضحي فأخذ من شعره أو قلم أظفاره
لا فدية على من حلق شعره أو قلم أظفاره لمن أراد أن يضحي بالإجماع، نقله
ابن قدامة (14)، والمرداوي (15).
المبحث الثاني: استقبال القبلة عند الذبح
_________
(1) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 436)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 79)، ((كشاف
القناع)) للبهوتي (3/ 23)،
(2) ((المجموع)) للنووي (8/ 391 - 392).
(3) قال البغوي: (وإليه ذهب سعيد بن المسيب، وبه قال ربيعة، وأحمد، وإسحاق)
((شرح السنة)) (4/ 348).
(4) قال ابن حزم: (من أراد أن يضحي ففرض عليه إذا أهل هلال ذي الحجة أن لا
يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئا حتى يضحي, لا بحلق, ولا بقص، ولا بنورة،
ولا بغير ذلك, ومن لم يرد أن يضحي لم يلزمه ذلك). ((المحلى)) (7/ 355 رقم
973).
(5) قال ابن القيم في معرض رده على من استدل بحديث عائشة وقال بعدم
التحريم: (وأسعد الناس بهذاالحديث - يعني حديث أم سلمة - من قال بظاهره
لصحته وعدم ما يعارضه) ((عون المعبود – مع حاشية ابن القيم)) (7/ 491).
(6) قال ابن باز: (لا يجوز لمن أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره
ولا من بشرته شيئا، بعد دخول شهر ذي الحجة حتى يضحي) ((مجموع فتاوى ابن
باز)) (18/ 39).
(7) قال ابن عثيمين: (الذي يظهر أن التحريم أقرب؛ لأنه الأصل في النهي لا
سيما فيما يظهر فيه التعبد، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أكد النهي
بقوله: «فلا يأخذن»، والنون هذه للتوكيد) ((الشرح الممتع)) (7/ 486).
(8) رواه مسلم (1977).
(9) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 437).
(10) ((الذخيرة)) للقرافي (4/ 141)، ((التاج والإكليل)) (4/ 380).
(11) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (15/ 74). ((المجموع)) للنووي (8/ 391).
(12) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 436)، ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 79).
(13) ((مواهب الجليل)) (4/ 372).
(14) قال ابن قدامة: (فإن فعل استغفر الله تعالى. ولا فدية فيه إجماعا،
سواء فعله عمدا أو نسيانا). ((المغني)) لابن قدامة (9/ 437).
(15) قال المرداوي: (لو خالف وفعل فليس عليه إلا التوبة ولا فدية عليه
إجماعا). ((الإنصاف)) (4/ 80).
يستحب أن يكون الذابح مستقبل القبلة،
وهذاباتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (1) والمالكية (2) والشافعية
(3) والحنابلة (4) (5)، وحُكِي فيه الإجماع (6).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ((من صلى صلاتنا واستقبل
قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا
الله في ذمته)) (7).
وجه الدلالة:
أنه أفرد ذكر استقبال القبلة بعد قوله: ((من صلى صلاتنا)) مع كونه داخلا
فيها، لأنه من شرائطها، وذلك للتنبيه على تعظيم شأن القبلة وعظم فضل
استقبالها، وهو غير مقتصر على حالة الصلاة، بل أعم من ذلك، ويدخل في ذلك
الذبيحة (8).
ثانياً: عن نافع: ((أن ابن عمر كان يكره أن يأكل ذبيحة ذبحه لغير القبلة))
(9).
وجه الدلالة:
أنه قول صحابي ولا مخالف له منهم (10).
ثالثاً: أنه لابد للذبح من جهة فكانت جهة القبلة أولى؛ لأنها أفضل الجهات،
وهو مستحب في القربات التي يراد بها الله عز وجل تبركا بذلك (11).
رابعاً: أن أهل الجاهلية ربما كانوا يستقبلون بذبائحهم الأصنام فأمرنا
باستقبال القبلة لتعظيم جهة القبلة (12).
المبحث الثالث: إحداد الشفرة قبل إضجاع الشاة
يستحب إحداد الشفرة قبل إضجاع الشاة، وهذاباتفاق المذاهب الفقهية الأربعة:
الحنفية (13) والمالكية (14) والشافعية (15)، والحنابلة (16).
دليل ذلك من السنة:
عن شداد بن أوس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن
الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم
فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته)) (17).
نحر البعير وذبح الشاة والبقر
يسن أن تنحر الإبل وتذبح الشاةويخير بين الذبح والنحر في البقر.
الأدلة:
أولاً: من القرآن:
قوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر: 2]
وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً
[البقرة: 67].
ثانياً: من السنة:
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أنه قال: ((نحرنا مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم يوم الحديبية البدنة عن سبعة, والبقرة عن سبعة)) (18).
_________
(1) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/ 194) ((الهداية شرح البداية)) (4/ 66).
(2) ((المدونة الكبرى)) (1/ 543، 544)، ((التاج والإكليل)) (3/ 220).
(3) ((المجموع)) للنووي (9/ 83)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 204).
(4) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (11/ 60)، ((كشاف القناع))
للبهوتي (6/ 210).
(5) (روي ذلك عن ابن عمر وابن سيرين وعطاء والثوري) ((الشرح الكبير)) لشمس
الدين ابن قدامة (11/ 60).
(6) نقله صاحب كفاية الطالب الرباني عن ابن المنذر. ((حاشية العدوي على
كفاية الطالب الرباني)) (1/ 574).
(7) رواه البخاري (391).
(8) ((الاستذكار)) (4/ 246)، ((عمدة القاري شرح صحيح البخاري)) (4/ 124،
125).
(9) مصنف عبدالرزاق (4/ 489).
(10) وصح ذلك من التابعين: عن ابن سيرين وجابر بن زيد. ينظر: ((الاستذكار))
(4/ 246)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (11/ 60).
(11) ((الاستذكار)) (4/ 246)، ((مواهب الجليل)) (4/ 331)، ((المجموع))
للنووي (9/ 83، 86).
(12) ((المبسوط)) للسرخسي (12/ 4).
(13) ((الهداية شرح البداية)) (4/ 66)، ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/
194)
(14) ((التاج والإكليل)) (3/ 220)، ((الشرح الكبير)) للشيخ الدردير و
((حاشية الدسوقي)) (2/ 107).
(15) ((المجموع)) للنووي (9/ 80)، ((روضة الطالبين)) للنووي (3/ 204).
(16) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (11/ 60)، ((كشاف القناع))
للبهوتي (6/ 210).
(17) رواه مسلم (1955).
(18) رواه مسلم (1318).
عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال:
((فنحر عليه السلام ثلاثا وستين, فأعطى عليا فنحر ما غبر, وأشركه في هديه))
(1).
وجه الدلالة:
أنه ثبت في هذه النصوص وغيره أن هدي النبي صلى الله عليه كان نحر الإبل،
وذبح الغنم.
ثالثاً: الإجماع:
حكى الإجماععلى النحر في الإبل، والذبح في الغنم: ابن حزم (2)، وابن رشد
(3)، والقرطبي (4)،وابن قدامة (5)، والنووي (6)،وحكى الإجماع على التخيير
في البقر: ابن رشد (7)، والقرطبي (8).
المبحث الرابع: التكبير عند الذبح
يستحب عند الذبح أن يكبر بعد التسمية.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قال الله تعالى: وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ
لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ [الحج:
36].
وقال تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ
يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا
اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [الحج: 37].
ثانياً: من السنة:
عن أنس رضي الله عنه، قال: ((ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين
أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما)) (9).
ثالثاً: الإجماع:
أجمع أهل العلم على استحباب التكبير بعد التسمية، حكاه ابن قدامة (10)،
والقاري (11)، وحكى عمل الناس عليه: الترمذي (12)، وجماعة من المالكية
(13).
رابعاً: الآثار عن الصحابة رضي الله عنهم:
_________
(1) جزء من حديث رواه مسلم (1218).
(2) قال ابن حزم: (واتفقوا أنه إن ذبحت الغنم كما قدمنا حل أكلها، واتفقوا
أنه إن نحرت الإبل كما ذكرنا في اللبة أنها تؤكل) ((مراتب الإجماع)) لابن
حزم (ص 147).
(3) قال ابن رشد: (واتفقوا على أن الذكاة في بهيمة الأنعام نحر وذبح وأن من
سنة الغنم والطير الذبح وأن من سنة الإبل النحر) ((بداية المجتهد)) (1/
444).
(4) قال القرطبي: (لا خلاف بين العلماء أن الذبح أولى في الغنم، والنحر
أولى في الإبل) ((الجامع لأحكام القرآن)) (1/ 445).
(5) قال ابن قدامة: (لا خلاف بين أهل العلم، في أن المستحب نحر الإبل، وذبح
ما سواها) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 397).
(6) قال النووي: (وأجمعوا أن السنة في الإبل النحر وفي الغنم الذبح) ((شرح
النووي على مسلم)) (13/ 124).
(7) قال ابن رشد: (واتفقوا على أن الذكاة في بهيمة الأنعام نحر وذبح ...
وأن البقرة يجوز فيها الذبح والنحر) ((بداية المجتهد)) (1/ 444).
(8) قال القرطبي: (لا خلاف بين العلماء أن الذبح أولى في الغنم، والنحر
أولى في الإبل، والتخير في البقر) ((الجامع لأحكام القرآن)) (1/ 445).
(9) رواه البخاري (5565)، ومسلم (1966).
(10) قال ابن قدامة: (يقول عند الذبح: بسم الله، والله أكبر ... ولا نعلم
في استحباب هذا خلافا، ولا في أن التسمية مجزئة). ((المغني)) لابن قدامة
(9/ 456).
(11) وقال القاري: (اعلم أن التسمية شرط عندنا، والتكبير مستحب عند الكل).
((مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح)) (3/ 1078).
(12) قال الترمذي: (العمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم وغيرهم: أن يقول الرجل إذا ذبح: بسم الله والله أكبر). ((سنن
الترمذي)) (4/ 100).
(13) قال خليل: ((ما مضى عليه الناس أحسن وهو بسم الله والله أكبر)).
((مواهب الجليل)) (4/ 328). وقال أبو الحسن علي المنوفي: (الجمع بين
التسمية والتكبير هو الذي مضى عليه عمل الناس). ((حاشية العدوي على كفاية
الطالب الرباني)) (1/ 574).
عن حنش بن المعتمر، قال: ((صلى علي رضي
الله عنه العيد في الجبانة ثم استقبل القبلة بكبشين ثم قال: وجهت وجهي للذي
فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين، بسم الله، والله أكبر، ثم
ذبحهما وقال: اللهم منك ولك اللهم تقبل)).
عن نافع: ((أن عبدالله بن عمر كان إذا طعن في سنام هديه وهو يشعره قال بسم
الله والله أكبر)).
عن عبدالله بن عباس، رضي الله عنهما أنه قال: ((يقول الله تبارك وتعالى:
فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ [الحج: 36] قال: «قياما على
ثلاث قوائم معقولة بسم الله والله أكبر اللهم منك وإليك)) (1).
المبحث الخامس: أن يذبح بنفسه إذا استطاع
يستحب أن يذبح بنفسه إذا استطاع.
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن أنس رضي الله عنه، قال: ((ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين
أقرنين، ذبحهما بيده، وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما)) (2).
ثانياً: الإجماع:
حكى الإجماع على ذلك النووي (3).
ثالثاً: أنها قربة، وفعل القربة أولى من استنابته فيها (4).
المبحث السادس: الأكل والإطعام والإدخار من الأضحية
يجوز للمضحي أن يأكل من أضحيته ويطعم ويدخر، وهذاباتفاق المذاهب الفقهية:
الحنفية (5)، والمالكية (6)، والشافعية (7)، والحنابلة (8).
الأدلة:
أولاً: من القرآن:
قوله تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:
27].
ثانياً: من السنة:
عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنه نهى عن أكل لحوم
الضحايا بعد ثلاث، ثم قال بعد: كلوا، وتزودوا، وادخروا)) (9).
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا ضحى
أحدكم فليأكل من أضحيته)) (10).
المبحث السابع: الاستنابة في ذبح الأضحية
_________
(1) رواه الحاكم (4/ 260)، والبيهقي (5/ 237) (10515)، قال ابن حجر في
((الدراية)) (2/ 206): رجاله ثقات.
(2) رواه البخاري (5565)، ومسلم (1966).
(3) ((شرح النووي على مسلم)) (13/ 116).
(4) قال ابن عبدالبر: (من الفقه أن يتولى الرجل نحر هديه بيده وذلك عند أهل
العلم مستحب مستحسن لفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك بيده ولأنها
قربة إلى الله عز وجل فمباشرتها أولى وجائز أن ينحر الهدى [غير] صاحبها ألا
ترى أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه نحر بعض هدي رسول الله صلى الله عليه
وسلم وهو أمر لا خلاف بين العلماء في إجازته) ((التمهيد)) (2/ 107)
((الاستذكار)) (4/ 308).
(5) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/ 203)، ((بدائع الصنائع)) للكاساني (5/
79).
(6) ((الذخيرة)) للقرافي (8/ 203)، الفواكه الدواني (1/ 53)،
(7) ((الحاوي الكبير)) للماوردي (15/ 75)، ((المجموع)) للنووي (8/ 419).
(8) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 448)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (3/ 22).
(9) رواه النسائي (7/ 170)، وابن ماجه (2575)، وأحمد (5/ 76) (20748).
وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (7/ 170)، وصحح إسناده على شرط
مسلم شعيب الأرناؤوط في ((تحقيق المسند)) (5/ 76).
(10) رواه أحمد (2/ 391) (9067). من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال
الهيثمي في ((مجمع الزوائد)) (4/ 28): رجاله رجال الصحيح، وقال ابن حجر في
((فتح الباري)) (10/ 29): رجاله ثقات، وأورده الألباني في ((سلسلة الأحاديث
الصحيحة)) (3563).
يجوز للمضحي أن يستنيب في ذبح أضحيته إذا
كان النائب مسلما، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة: الحنفية (1).
والمالكية (2)، والشافعية (3). والحنابلة (4)، وحُكِيَ فيه الإجماع (5).
دليل ذلك من السنة:
عن جابر رضي الله عنه: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثاً وستين
بدنة ثم أعطى عليًّا فنحر ما غبر منها)) (6).
المبحث الثامن: أيهما أفضل ذبح الأضحية أو التصدق بثمنها؟
ذبح الأضحية أفضل من التصدق بثمنها، نص على هذا فقهاء الحنفية (7)،
والمالكية (8)، والحنابلة (9)، واختاره ابن باز (10)، وابن عثيمين (11).
الأدلة:
أولاً: أن إيثار الصدقة على الأضحية يفضي إلى ترك سنة سنها رسول الله صلى
الله عليه وسلم (12).
ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى والخلفاء بعده، ولو علموا أن
الصدقة أفضل لعدلوا إليها (13).
ثالثاً: أن الأضاحبي واجبة عند طائفة من الفقهاء، أما التصدق بثمنها فهو
تطوع محض (14).
رابعاً: أن الأضاحي تفوت بفوات وقتها خلاف الصدقة بثمنها فإنه لا يفوت،
نظير الطواف للآفاقي فإنه أفضل له من الصلاة لأن الطواف في حقه يفوت بخلاف
المكي (15).
خامساً: أن فيها جمعاً بين التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدم والتصدق، ولا
شك أن الجمع بين القريتين أفضل (16).
المبحث التاسع: إعطاء الجزار من الأضحية ثمناً لذبحه
لا يجوز إعطاء الذابح من الأضحية ثمنا لذبحه، وهذا باتفاق المذاهب الفقهية
الأربعة: الحنفية (17)، والمالكية (18)، والشافعية (19)، والحنابلة (20).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
_________
(1) ((بدائع الصنائع)) (5/ 79)، ((البحر الرائق)) (8/ 203).
(2) إلا أن المالكية يرون الكراهة. ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 121)،
((مواهب الجليل)) (4/ 373).
(3) ((المجموع)) للنووي (8/ 405).
(4) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 455)، (كشاف القناع) للبهوتي (3/ 8).
(5) قال ابن عبدالبر: (جائز أن ينحر الهدى [غير] صاحبها ألا ترى أن علي بن
أبي طالب رضي الله عنه نحر بعض هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أمر
لا خلاف بين العلماء في إجازته) ((التمهيد)) (2/ 107)، ((الاستذكار)) (4/
308).
(6) جزء من حديث رواه مسلم (1218).
(7) ((البحر الرائق)) لابن نجيم (8/ 200).
(8) ((حاشية الدسوقي)) (2/ 121)، ((التاج والإكليل)) (3/ 244).
(9) ((الإنصاف)) للمرداوي (4/ 77)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة
(3/ 582).
(10) قال ابن باز: (ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها). ((مجموع فتاوى ابن باز))
(18/ 41).
(11) قال ابن عثيمين: (ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها حتى إنك لو ملأت
جلدها بالدراهم وتصدقت بهذه الدراهم لكان ذبحها أفضل من ذلك، وليس الحكمة
من الأضحية حصول اللحم وأكل اللحم، ولكن الحكمة التقرب إلى الله تعالى
بذبحها، قال تعالى: لَنْ يَنَالَ الله لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ
يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا
الله عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ *الحج: 37*، فظن بعض
الناس أنه المقصود من ذلك الآكل، والانتفاع باللحم، وهذا فهم قاصر، فالأهم
أن تتعبد لله عز وجل بذبحها). ((مجموع فتاوى ورسائل العثيمين)) (25/ 194،
195).
(12) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 582).
(13) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (3/ 582).
(14) ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (6/ 5).
(15) ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (6/ 5).
(16) ((العناية شرح الهداية)) (9/ 513).
(17) ((البحر الرائق)) (8/ 203)، ((بدائع الصنائع)) (5/ 79).
(18) ((الشرح الكبير)) للدردير (2/ 124).
(19) ((الحاوي الكبير)) (15/ 120).
(20) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 450).
عن علي رضي الله عنه قال: ((أمرني رسول
الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه، وأن أتصدق بلحمها وجلودها
وأجلتها، وأن لا أعطي الجزار منها، قال: نحن نعطيه من عندنا)) (1).
ثانياً: أن ما يدفعه إلى الجزار أجرة عوض عن عمله وجزارته، ولا تجوز
المعاوضة بشيء منها (2).
المبحث العاشر: الأضحية عن الميت استقلالاً
لا تشرع الأضحية عن الميت استقلالاً، وهو مذهب الشافعية (3)، واختاره ابن
عثيمين (4)، وكرهها المالكية (5).
الأدلة:
أولاً: من القرآن:
قوله تعالى: وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى [النجم: 39].
ثانياً: لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة ولا عن أحد من
السلف أنهم ضحوا عن الأموات استقلالا (6).
ثالثاً: أنها عبادة، والأصل أن لا تفعل عن الغير إلا ما خرج بدليل لا سيما
مع عدم الإذن (7).
رابعاً: أن المقصود بذلك غالبا المباهاة والمفاخرة (8).
_________
(1) رواه مسلم (1317).
(2) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 450).
(3) إلا أن تكون بإذنه كوصية. ((مغني المحتاج)) للشربيني (4/ 292)، ((نهاية
المحتاج)) للرملي (8/ 144).
(4) قال ابن عثيمين: (لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة
فيما أعلم أنهم ضحوا عن الأموات استقلالا، فإن رسول الله صلى الله عليه
وسلم مات له أولاد من بنين أو بنات في حياته، ومات له زوجات وأقارب يحبهم،
ولم يضح عن واحد منهم، فلم يضح عن عمه حمزة ولا عن زوجته خديجة، ولا عن
زوجته زينب بنت خزيمة، ولا عن بناته الثلاث، ولا عن أولاده ـ رضي الله عنهم
ـ، ولو كان هذا من الأمور المشروعة لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم في
سنته قولا أو فعلا، وإنما يضحي الإنسان عنه وعن أهل بيته) ((الشرح الممتع))
(7/ 423). ((مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين)) (17/ 171).
(5) ((مواهب الجليل)) لحطاب (4/ 377)، ((حاشية الدسوقي)) (2/ 122 - 123).
(6) ((مواهب الجليل)) (4/ 377)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (7/ 423).
(7) ((مغني المحتاج)) (4/ 292).
(8) ((مواهب الجليل)) (4/ 377).
الفصل السادس: من
شروط الذكاة
المبحث الأول: التسمية
اختلف أهل العلم في اشتراط التسمية في الذكاة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن التسمية شرط، لا تحل الذكاة بدونه، عمدا كان أو نسياناً،
وهذا مذهب الظاهرية (1)،، وهو رواية عن أحمد (2)، وبه قال طائفة من السلف
(3)، واختاره ابن تيمية (4)، وابن عثيمين (5)
الأدلة:
أولاً من الكتاب:
قال الله تعاالى: وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ
عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ [الأنعام: 121].
وجه الدلالة:
أن النهي يقتضي التحريم لاسيما مع وصف الفسق؛ فإن الذي يسمى فسقا في الشرع
لابد أن يكون حراما.
ثانياً: من السنة:
عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما
أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه، فكل)) (6).
وجه الدلالة:
أنه علق الحل فيه بشرطين: بإنهار الدم، وذكر اسم الله على المذكى.
عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((وما صدتَ من كلبك المعلم فذكرتَ اسم الله عليه فكل)) (7).
وجه الدلالة:
أنه وقف الإذن بالأكل على التسمية.
عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا أرسلت كلبك
المعلم، وذكرت اسم الله عليه، فكل)) (8).
ثالثاً: أنا أمرنا بالتسمية عند الذبح مخالفة للمشركين؛ لأنهم كانوا يسمون
آلهتهم عند الذبح، ومخالفتهم واجبة علينا، فالتسمية عند الذبح تكون واجبة
أيضا (9).
القول الثاني: أنها واجبة مع الذكر وتسقط بالنسيان، وهذا مذهب الجمهور من
الحنفية (10)، والمالكية (11)، والحنابلة (12)، واختارته اللجنة الدائمة
(13).
الأدلة:
أولاً: أدلة الوجوب:
سبق في أدلة القول السابق.
ثانياً: أدلة سقوط الوجوب بالنسيان:
أولاً: من الكتاب:
قال الله تعالى: ((ولا تأكلوا مما لم يُذكر اسم الله عليه وإنه لفسق)).
وجه الدلاالة:
أن الناسي لا يسمى فاسقاً.
2 - قوله تعالى: رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا
[البقرة: 286].
_________
(1) ((المحلى)) (7/ 412 رقم 1003)، ((بداية المجتهد)) (1/ 448)،
((المجموع)) للنووي (8/ 411).
(2) ((الإنصاف)) (10/ 302).
(3) منهم: ابن عمر والشعبي وابن سيرين. ((بداية المجتهد)) (1/ 448).
(4) قال ابن تيمية: هذا أظهر الأقوال فإن الكتاب والسنة قد علق الحل بذكر
اسم الله في غير موضع كقوله: فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ
وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ *المائدة: 4*، وقوله: فَكُلُواْ
مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ *الأنعام: 118*، وقوله: وَمَا لَكُمْ
أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ *الأنعام: 119*،
وقوله: وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ
*الأنعام: 121*، وفي الصحيحين أنه قال: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه
فكلوا)). ((مجموع الفتاوى)) (35/ 239).
(5) قال ابن عثيمين: (الحاصل أنك كلما تأملت هذه المسألة وجدت أن الصواب ما
اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ، وأن التسمية لا تسقط لا سهوا،
ولا جهلا، كما لا تسقط عمدا). ((الشرح الممتع)) (15/ 86).
(6) رواه البخاري (3075)، ومسلم (1968)
(7) رواه البخاري (5478)، ومسلم (1930).
(8) رواه البخاري (175)، ومسلم (1929).
(9) ((المبسوط)) للسرخسي (11/ 202).
(10) ((المبسوط)) للسرخسي (11/ 202).
(11) ((الاستذكار)) (5/ 250)، ((بداية المجتهد)) (1/ 448).
(12) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 389)، ((الإنصاف)) (10/ 302).
(13) ((فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى)) (22/ 363).
ثانياً: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
((إذا نسي أحدكم أن يُسمي على الذبيحة فليُسم وليأكل)) (1).
ثالثاً: أن النسيان يسقط المؤاخذة، والجاهل مؤاخذ، ولذلك يفطر الجاهل
بالأكل في الصوم دون الناسي (2).
رابعاً: أن إسقاط التسيمة في حال النسيان عليه إجماع السلف (3).
القول الثالث: أنها سنة مؤكدة، وهذا مذهب الشافعية (4)،وهو رواية عن أحمد
(5)،وبه قال طائفة من السلف (6)، واختاره ابن عبدالبر (7).
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قال الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ
الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ
وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ
السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ [المائدة: 3].
وجه الدلالة:
أنه أباح المذكَّى ولم يذكر التسمية (8).
الآية الثانية: قال الله تعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ
حِلٌّ لَكُمْ [المائدة: 5].
وجه الدلالة:
أن الله تعالى أباح ذبائحهم ولم يشترط التسمية (9).
ثانياً: من السنة:
عن عائشة رضي الله عنها: ((أن قوما قالوا: يا رسول الله، إن قوما يأتوننا
باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: سموا الله عليه وكلوه)) (10).
وجه الدلالة:
أنه لو كان وجود التسمية شرطا لما رخص لهم بالأكل عند وقوع الشك فيها، كما
في شرط حصول الذكاة، وكأنه قيل لهم: لا تهتموا بذلك بل الذي يهمكم أنتم أن
تذكروا اسم الله وتأكلوا (11).
2 - عن ابن عباس رضي الله عنهما, عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن
الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)) (12).
ثالثاً: أن التسمية لو كانت فرضا ما سقطت بالنسيان لأن النسيان لا يسقط ما
وجب عمله من الفرائض (13).
رابعاً: إجماعهم في ذبيحة الكتابي أنها تؤكل وإن لم يسم الله عليها إذا لم
يسم عليها غير الله، وإجماعهم كذلك: أن المجوسي والوثني لو سمى الله لم
تؤكل ذبيحته، وفي ذلك بيان أن ذبيحة المسلم حلال على كل حال لأنه ذبح بدينه
(14).
المبحث الثاني: إنهار الدم
_________
(1) رواه عبدالرزاق في ((المصنف)) (4/ 479).
(2) ((المغني)) لابن قدامة (9/ 389).
(3) ذكره بن جرير إجماعا في سقوطها سهوا، ولم يلتفت إلى خلاف الظاهرية ومن
وافقهم. ينظر: ((الإنصاف)) (10/ 301).
(4) ((المجموع)) للنووي (8/ 410)، ((مغني المحتاج)) (4/ 272).
(5) ((الإنصاف)) (10/ 302).
(6) قال ابن عبدالبر: وهو قول بن عباس وأبي هريرة وعطاء وسعيد بن المسيب
والحسن وجابر بن زيد وعكرمة وعطاء وابي رافع وطاوس وإبراهيم النخعي
وعبدالرحمن بن أبي ليلى وقتادة. ((الاستذكار)) (5/ 250).
(7) قال ابن عبدالبر: التسمية على الذبيحة سنة مسنونة لا فريضة ولو كانت
فرضا ما سقطت بالنسيان لأن النسيان لا يسقط ما وجب عمله من الفرائض إلا
أنها عندي من مؤكدات السنن وهي آكد من التسمية على الوضوء وعلى الأكل.
((الاستذكار)) (5/ 249).
(8) ((المجموع)) للنووي (8/ 411).
(9) ((المجموع)) (8/ 388).
(10) رواه البخاري (2057).
(11) ((فتح الباري لابن حجر)) (9/ 636).
(12) رواه ابن ماجه (2045)، والحاكم (2/ 198)، والبيهقي (7/ 356). قال
الحاكم: هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وحسنه النووي في
((الأربعين النووية)) (39)، وقال ابن كثير في ((تحفة الطالب)) (232):
إسناده جيد، وحسنه ابن حجر في ((التلخيص الحبير)) (1/ 281)، وقال الشوكاني
في ((فتح القدير)) (1/ 461): لا تقصر عن رتبة الحسن لغيره، وصححه الألباني
في ((صحيح سنن ابن ماجه)) (2045) ..
(13) ((الاستذكار)) (5/ 249).
(14) ((الاستذكار)) (5/ 250، 251).
أجمع أهل العلم على أن إنهار الدم يحصل
بقطع أربعة أشياء: المرئ (1)، والحلقوم (2)، والودجين (3)، نقل الإجماع على
ذلك: ابن المنذر (4)، وابن قدامة (5)، وابن باز (6)، وابن عثيمين (7).
المبحث الثالث: ما هو القدر الواجب الذي يكتفى به في حصول التذكية؟
اختلف الفقهاء في القدر الذي يشترط في حصول الذكاة به على أقوال كثيرة نذكر
منها ما يلي:
القول الأول: يشترط قطع الجميع: الحلقوم والمرئ والودجين، وهذا قول
للمالكية (8)، ورواية عن أحمد (9)، وبه قال الليث بن سعد (10)،واختاره ابن
ابن المنذر (11)، وذلك لأنه لولا اشتراط قطع الأربع لما جاز له قطعها إذ
كان فيه زيادة ألم بما ليس هو شرطا في صحة الذكاة، فثبت بذلك أن عليه قطع
هذه الأربع (12).
القول الثاني: يشترط الودجين والحلقوم، وهو مذهب المالكية (13)، ورواية عن
أحمد (14)، وذلك لأنه بالودجين يحصل إنهار الدم، ولا يوصل إلى قطع الودجين
في الغالب إلا بعد قطعه الحلقوم لأنه قبلهما، أما المري فهو مجرى الطعام
والشراب وهو وراء ذلك ملتصق بعظم القفا (15).
_________
(1) المريء: وهو مجرى الطعام والشراب، وفي قطعه منع وصول الغذاء إلى
الحيوان من طريقه المعتاد. ((المجموع)) للنووي (9/ 86)، ((أحكام الأضحية
والذكاة)) (2/ 272).
(2) الحلقوم: مجرى النفس خروجا ودخولا. ((المجموع)) للنووي (9/ 86).
(3) الودجان: عرقان غليظان محيطان بالحلقوم والمريء، وفي قطعهما تفريغ الدم
الذي به بقاء الحيوان حيا وتنقية الحيوان من انحباس الدم الضار فيه بعد
الموت. ((المجموع)) للنووي (9/ 86)، ((أحكام الأضحية والذكاة)) (2/ 272).
(4) قال ابن المنذر: (أجمع أهل العلم على أنه إذا قطع بما يجوز الذبج به
وسمى وقطع الحلقوم والمرئ والودجين وأسال الدم حصلت الذكاة وحلت الذبيحة).
((المجموع)) للنووي (9/ 90).
(5) قال ابن قدامة: (لا خلاف في أن الأكمل قطع الاربعة الحلقوم والمرئ
والودجين فالحلقوم مجرى النفس والمرئ مجرى الطعام والشراب والودجان هما
عرقان محيطان بالحلقوم لأنه أسرع لخروج روح الحيوان فيخف عليه ويخرج من
الخلاف فيكون أولى). ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (11/ 51).
(6) قال ابن باز: (التذكية الشرعية للإبل والغنم والبقر أن يقطع الذابح
الحلقوم والمريء والودجين وهما العرقان المحيطان بالعنق، وهذا هو أكمل
الذبح وأحسنه، فالحلقوم مجرى النفس، والمريء مجرى الطعام والشراب، والودجان
عرقان يحيطان بالعنق إذا قطعهما الذابح صار الدم أكثر خروجا، فإذا قطعت هذه
الأربعة فالذبح حلال عند جميع العلماء). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (18/ 26).
(7) قال ابن عثيمين: (متى قطعت هذه الأشياء الأربعة؛ حلت المذكاة بإجماع
أهل العلم). ((أحكام الأضحية والذكاة)) (2/ 272).
(8) ((القوانين الفقهية)) (ص: 123).
(9) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (11/ 51)، ((الإنصاف)) (10/
295).
(10) ((المجموع)) للنووي (9/ 90).
(11) ((المجموع)) للنووي (9/ 90).
(12) ((أحكام القرآن)) للجصاص (3/ 301).
(13) ((بداية المجتهد)) (1/ 445) ((حاشية العدوي على كفاية الطالب
الرباني)) (1/ 577).
(14) ((الإنصاف)) (10/ 295)
(15) ((القوانين الفقهية)) (ص: 123).
القول الثالث: الواجب قطع الحلقوم والمرئ،
وهذا مذهب الشافعية (1)، والحنابلة (2)، واختاره ابن باز (3).
الأدلة:
أولاً: أن مقصود الذكاة الإزهاق بما يوحى ولا يعذب، والغالب أن الودجين
يقطعان بقطع الحلقوم والمرئ (4).
ثانياً: أنه قطع في محل الذبح ما لا تبقى الحياة مع قطعه فأشبه ما لو قطع
الأربعة (5).
القول الرابع: يجب قطع ثلاثة من أربعة بدون تعيين، وهذا المشهور من مذهب
الحنفية (6)، ووجه للحنابلة (7)، واختاره ابن تيمية (8).
الأدلة:
أولاً: أن ما هو المقصود منه يحصل به وهو إنهار الدم المسفوح، والتوحية في
إخراج الروح لأنه لا يحيا بعد قطع المريء والحلقوم ويخرج الدم بقطع أحد
الودجين (9).
ثانياً: أن الأكثر يقوم مقام الكل وأي ثلاث منها قطع فقد قطع الأكثر، ولا
معنى لاشتراط الكل (10).
القول الخامس: الواجب قطع الودجين، وهذا وجه للحنابلة (11)، واختاره ابن
عثيمين (12).
الأدلة:
أولاً: من السنة:
عن رافع بن خديج رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما أنهر
الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا، ليس السن والظفر وسأحدثكم عن ذلك، أما السن
فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة)) (13)
وجه الدلالة:
أنه علق الحكم على إنهار الدم، ومن المعلوم أن أبلغ ما يكون به الإنهار قطع
الودجين، فبقطعهما يخرج الدم.
ثانياً: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((كل ما أفرى الأوداج غير مترد))
(14).
ثالثاً: أنه لو قطع الحلقوم والمريء ولم يقطع الودجين، فإن الدم سوف يكون
باقيا لا يخرج؛ لأن الدم الذي يخرج من الحلقوم والمريء سيكون ضعيفا، ولا
يخرج إلا كما يخرج من أي عرق يكون في اليد أو في الرجل، أو ما أشبه ذلك
(15).
_________
(1) ((المجموع)) للنووي (9/ 86).
(2) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (11/ 51)، الإنصاف (10/ 295).
(3) قال ابن باز: (الحالة الثالثة: أن يقطع الحلقوم والمريء فقط دون
الودجين وهو أيضا صحيح، وقال به جمع من أهل العلم، ودليلهم قوله عليه
الصلاة والسلام: ((ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ليس السن
والظفر))، وهذا هو المختار في هذه المسألة). ((مجموع فتاوى ابن باز)) (18/
26).
(4) ((المجموع)) للنووي (9/ 86).
(5) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (11/ 51).
(6) ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (5/ 290).
(7) ((الإنصاف)) (10/ 295):
(8) قال ابن تيمية: (إن قطع الودجين أبلغ من قطع الحلقوم وأبلغ في إنهار
الدم، وسئل عمن ذبح شاة فقطع الحلقوم والودجين لكن فوق الجوزة فأجاب هذه
المسألة فيها نزاع والصحيح أنها تحل). ((الإنصاف)) (10/ 295).
(9) ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (5/ 291).
(10) ((تبيين الحقائق)) و ((حاشية الشلبي)) (5/ 291).
(11) قال في الرعاية والكافي: (يكفي قطع الأوداج فقطع أحدهما مع الحلقوم أو
المريء أولى بالحل، قاله الشيخ تقي الدين رحمه الله). ((الإنصاف)) (10/
295):
(12) قال ابن عثيمين: (وعلى هذا فيشترط لحل الذبيحة بالزكاة قطع الودجين،
فلو ذبحها ولم يقطعهما لم تحل، ولو قطعهما حلت وإن لم يقطع الحلقوم أو
المريء). ((أحكام الأضحية والذكاة)) (2/ 274).
(13) رواه البخاري (2507)، ومسلم (1968)
(14) رواه عبدالرزاق (4/ 497)، والبيهقي (9/ 282) (19625).
(15) ((الشرح الممتع)) (7/ 448).
|