فقه
المعاملات موضوع الصلح
التعريف
الصلح عقد وضع لرفع المنازعة بين المتخاصمين بالتراضي.
الصلح: معاقدة يرتفع بها النزاع بين الخصوم
, ويتوصل بها إلى الموافقة بين المختلفين. وهو خير كما سماه الله تعالى
بقوله {والصلح خير} (النساء 128) حيث إنه يزيل الخصومة بين المتنازعين
بالتراضي دون حاجة إلى حكم قضائي , وبذلك تأتلف القلوب وتصفو النفوس وتطيب
المشاعر. فالفصل بطريق الصلح أقرب إلى بقاء المودة والتحرز من النفرة بين
المسلمين , وبه يحصل المقصود من غير ضغينة.
ويطلق الفقهاء (المصالح) على المباشر لعقد الصلح ,
و (المصالح عنه) على الشيء المتنازع فيه , إذا قطع النزاع فيه بالصلح ,
و (المصالح عليه) أو المصالح به على بدل الصلح.
مجلة الأحكام العدلية (ص 297)
الصلح هو عقد يرفع النزاع بالتراضي , وينعقد بالإيجاب والقبول.
(م 1531) مرشد الحيران (ص 279)
الصلح عقد وضع لرفع النزاع وقطع الخصومة بين المتصالحين بتراضيهما.
(م 1026) مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 494)
الصلح: معاقدة يتوصل بها إلى موافقة بين مختلفين (م 1616) .
روضة الطالبين (4 / 193)
الصلح فسره الأئمة بالعقد الذي تنقطع به خصومة المتخاصمين. وليس هذا على
سبيل الحد , بل أرادوا ضربا من التعريف , إشارة إلى أن هذه اللفظة تستعمل
عند سبق المخاصمة غالبا.
مواهب الجليل (5 / 79)
قال النووي الصلح والإصلاح والمصالحة: قطع المنازعة. وهو مأخوذ من صلح
الشيء بفتح اللام وضمها إذا كمل. وهو خلاف الفساد , يقال: صالحته مصالحة
وصلاحا بكسر الصاد. وذكره الجوهري والصلح يذكر ويؤنث.
وقال ابن عرفة الصلح انتقال عن حق أو دعوى بعوض , لرفع نزاع , أو خوف
وقوعه.
محاسن الإسلام للزاهد البخاري (ص 86)
الصلح كاسمه إصلاح , وكل إصلاح حسن , لكن اختصاصه باسم الصلح يدل على فساد
يحدث لولا هذا الصلح , أو فساد توجه فدفع بالصلح. قال تعالى {وإن طائفتان
من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} وأكثر ما يكون الصلح عند النزاع ,
والنزاع سبب الفساد , والصلح يرفعه ويهدمه , فكان الصلح من أجل المحاسن.
شرح منتهى الإرادات (2 / 260)
(وهو) أي الصلح (فيه) أي المال (معاقدة يتوصل بها إلى موافقة بين مختلفين)
فيه. وهذا النوع هو المبوب له.
الدر المختار (4 / 472)
الصلح (هو) لغة اسم من المصالحة , وشرعا (عقد يرفع النزاع) ويقطع الخصومة.
المغني (7 / 5)
الصلح معاقدة يتوصل بها إلى الإصلاح بين المختلفين. ويتنوع أنواعا , صلح
بين المسلمين وأهل الحرب , وصلح بين أهل العدل البغي , وصلح بين الزوجين
إذا خيف الشقاق بينهما. . ولكل واحد منهما باب يفرد له , ويذكر فيه أحكامه.
وهذا الباب للصلح بين المتخاصمين في الأموال وهو نوعان: صلح على إقرار ,
وصلح على إنكار.
الخرشي (6 / 2)
وحقيقته الشرعية - أي الصلح - كما قال ابن عرفة انتقال عن حق أو دعوى بعوض
لرفع نزاع أو خوف وقوعه. فقوله انتقال عن حق يدخل فيه الإقرار , والثاني
صلح الإنكار. وبعوض متعلق بانتقال يخرج به الانتقال بغير عوض , وقوله لرفع
نزاع يخرج به بيع الدين ونحوه. وقوله أو خوف وقوعه يدخل فيه الصلح يكون عن
إقرار وإنكار , لصدق الحد على كل منهما. فإن قلت: السكوت إذا وقع فيه الصلح
أيكون الرسم فيه غير منعكس , لأنه صلح أم لا؟ قلت: قالوا حكمه حكم الإقرار.
دليل المشروعية
أجمع العلماء على مشروعية عقد الصلح , ومستندهم القرآن الكريم والسنة
النبوية.
لقد ثبتت مشروعية الصلح بالكتاب والسنة
والإجماع والمعقول:
الدليل من الكتاب
قوله تعالى {لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح
بين الناس} (النساء 114) حيث دل على جواز وفضل الصلح في كل شيء يقع التداعي
والاختلاف فيه بين المسلمين.
وقوله تعالى {والصلح خير} حيث إنه سبحانه وصف الصلح بأنه خير , ولا يوصف
بالخيرية إلا ما كان مشروعا مأذونا فيه.
الدليل من السنة
ما روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: الصلح جائز بين المسلمين وفي رواية إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا.
وما روى البخاري من حديث كعب بن مالك لما تنازع مع ابن أبي حدرد في دين على
ابن أبي حدرد أن النبي صلى الله عليه وسلم أصلح بينهما بأن استوضع من دين
كعب الشطر , وأمر غريمه بأداء الشطر
وما روى الترمذي وابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قتل
متعمدا دفع إلى أولياء المقتول , فإن شاءوا قتلوا , وإن شاءوا أخذوا الدية
, وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة , وذلك عقل العمد , وما صالحوا
عليه فهو لهم , وذلك تشديد العقل. فقد دل الحديث على جواز الصلح في الدماء
بأكثر من الدية.
الدليل من الإجماع
فقد أجمع الفقهاء على مشروعية الصلح في الجملة.
الدليل من المعقول
فهو أن النزاع سبب الفساد والفشل , ورفعه وقطعه بين المسلمين مطلوب شرعا ,
والصلح وسيلة لذلك , والوسائل تأخذ حكم المقاصد.
شرح منتهى الإرادات (2 / 260)
(الصلح) وهو لغة (التوفيق والسلم) بفتح السين وكسرها , وهو ثابت بالإجماع
لقوله تعالى {والصلح خير} . وحديث أبي هريرة مرفوعا الصلح جائز بين
المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما رواة أبو داود والترمذي. وقال:
حسن صحيح. وصححه الحاكم.
مغني المحتاج (2 / 177)
وصلح في المعاملة وهو مقصود الباب , والأصل فيه قبل الإجماع قوله تعالى
{والصلح خير} وخبر الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم
حلالا رواه ابن حبان وصححه. والكفار كالمسلمين في ذلك , وإنما خصهم بالذكر
لانقيادهم إلى الأحكام غالبا.
تبيين الحقائق (5 / 29)
(الصلح: هو عقد يرفع النزاع) هذا في الشرع , وفي اللغة هو اسم بمعنى
المصالحة وهو المسالمة , خلاف المخاصمة.
وأصله من الصلاح , وهو ضد الفساد , ومعناه دال على حسنة الذاتي , وكم من
فساد انقلب به إلى الصلاح بحسنه.
ولهذا أمر الله تعالى به عند حصول الفساد والفتن بقوله تعالى {وإن طائفتان
من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما} وقال تعالى {وإن امرأة خافت من بعلها
نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير} قالوا:
معناه جنس الصلح خير ولا يعود إلى الصلح المذكور لأنه خرج مخرج التعليل ,
والعلة لا تتقيد بمحل الحكم.
فيعلم بهذا أن جميع أنواعه حسن , لأن فيه إطفاء الثائرة بين الناس ورفع
المنازعات الموبقات عنهم وهي ضد المصالحة , وهي منهي عنها بقوله تعالى {ولا
تنازعوا} وفي ترك الصلح ذلك , لأن طلب جميع ما يستحقه ربما يؤدي إلى
الإنكار , لا سيما عند الإعسار وفيه فساد عظيم بعد الإنكار , فإن المدعي
إذا أقام البينة تكثر العداوة وتهيج الفتن بين المدعي والمدعى عليه والشهود
والقاضي , وإلى هذا أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ردوا الخصوم حتى
يصطلحوا.
ميارة على التحفة (1 / 143)
الصلح جائز بالاتفاق , ولكنه ليس على الإطلاق والمراد بالجائز الأعم الشامل
للواجب والمندوب والمباح والمكروه.
وقوله (لكنه ليس على الإطلاق) أي لكن الجملة , ومنه ما هو جائز. ثم بين وجه
ذلك , وهو أن الصلح كالبيع , والبيع منه ما هو جائز , ومنه ما هو ممنوع ,
وكذلك الصلح.
مراجع إضافية /50 انظر المغني (7 / 5) البحر الرائق (7 / 255) فتح العزيز
(10 / 294) بداية المجتهد (2 / 293) .
الوصف الفقهي
عقد الصلح ليس عقد مستقلا بذاته في شروطه وأحكامه , بل هو متفرع عن غيره في
ذلك , وتجري عليه أحكام العقد الذي اعتبر به , وتراعى فيه شروطه وأركانه
يرى جماهير الفقهاء أن عقد الصلح ليس عقدا
مستقلا قائما بذاته في شروطه وأحكامه , بل هو متفرع عن غيره في ذلك. بمعنى
أنه تسري عليه أحكام أقرب العقود إليه شبها بحسب مضمونه. فالصلح عن مال
بمال يعتبر في حكم البيع , والصلح عن مال بمنفعة يعد في حكم الإجارة ,
والصلح عن بعض العين المدعاة هبة لبعض المدعي لمن هو في يده , والصلح عن
نقد بنقد له حكم الصرف , والصلح عن مال معين بموصوف في الذمة له حكم السلم.
. . إلخ.
وثمرة ذلك أن تجري على الصلح أحكام العقد الذي اعتبر به , وتراعي فيه شروطه
وأركانه.
الفروق للقرافي (4 / 2) /50 اعلم أن الصلح
في الأموال دائر بين خمسة أمور ,
البيع: إن كانت المعاوضة عن أعيان.
والصرف: إن كان فيه أحد النقدين عن الآخر.
والإجارة: إن كان عن منافع.
دفع الخصومة: إن لم يتعين شيء من ذلك.
والإحسان: وهو ما يعطاه المصالح من غير الجاني. فمتى تعين أحد هذه الأبواب
روعيت فيه شروط ذلك الباب.
تبين الحقائق (5 / 31) /50 الأصل في الصلح أن يحمل على أشبه العقود به
فتجرى عليه أحكامه , لأن العبرة للمعاني دون الصورة - ولهذا جعلت الهبة
بشرط العوض بيعا , والكفالة بشرط براءة الأصيل حوالة , والحوالة بشرط أن لا
يبرأ الأصيل كفالة - ثم إذا وقع عن مال بمال ينظر: فإن وقع على خلاف جنس
المدعى , فهو بيع وشراء. وإن وقع على جنسه , فإن كان أقل من المدعى , فهو
حط , إبراء , وإن كان بمثله فهو قبض واستيفاء. وإن كان بأكثر منه , فهو فضل
وربا.
كشاف القناع (3 / 379 - 382) /50 (الصلح على جنس الحق) المقر به (مثل أن
يقر) رشيد (له بدين , فيضع) أي يسقط (عنه بعضه) ويأخذ الباقي (أو) يقر رشيد
لآخر (يعين فيهب) المقر (له) أي للمقر (بعضها , ويأخذ الباقي , فيصح) الصلح
(إن كان) ما صدر من إبراء أو هبة (بغير لفظ الصلح) , لأن الأول إبراء
والثاني هبة , يعتبر له شروط الهبة. . .
(أن يصالح عن الحق المقر به بغير جنسه , فهو معاوضه , فإن كان بأثمان عن
أثمان فصرف , له حكمه , وإن كان بعرض عن نقد أو عن العرض بنقد أو عن العرض
بعرض فبيع)
(وان كان) الصلح عن نقد أو عرض (بمنفعة , كسكنى دار وخدمة عبد) مدة معلومة
(أو صالحة عن ذلك (على أن يعمل له عملا معلوما) كخياطة ثوب وبناء حائط (ف)
فهو (إجارة) لأنها بيع المنافع.
(وإن صالح عما في الذمة) من نحو قرض وقيمة متلف (بشيء في الذمة , لم يجز
التفرق قبل القبض , لأنه بيع دين بدين) فلا يصح كما تقدم.
روضة الطالبين (4 / 193) /50 الصلح عن العين , وهو صنفان أحدهما: صلح
المعاوضة. وهو الذي يجري على غير العين المدعاة , بأن ادعى عليه دارا ,
فأقر له بها , وصالحه منها على عبد أو ثوب. فهذا الصنف حكمه حكم البيع ,
وإن عقد بلفظ الصلح , وتتعلق به جميع أحكام البيع , كالرد بالعيب والشفعة
والمنع من التصرف قبل القبض , واشتراط القبض في المجلس إن كان المصالح عليه
والمصالح عنه متفقين في علة الربا , واشتراط التساوي في معيار الشرع إن كان
جنسا ربويا , وجريان التحالف عند التحالف عند الاختلاف , ويفسد بالغرر
والجهل والشروط الفاسدة كفساد البيع. ولو صالحه منها على منفعة دار أو خدمة
عبد مدة معلومة جاز , ويكون هذا الصلح إجارة فتثبت فيه أحكام الإجارة.
فرع: صالحه عن الدار المدعاة على أن يسكنها سنة , فهو إعارة للدار يرجع
فيها متى شاء.
وإذا رجع لم يستحق أجرة للمدة الماضية على الصحيح , لأنها عارية.
الحكم التكليفي
الأصل في عقد الصلح من حيث ذاته الندب , وقد يكون واجبا أو حراما أو مكروها
أو مباحا بحسب ما يلابسه أو يقترن به من الأسباب والدواعي التي تصرفه إلى
ذلك.
الصلح من حيث ذاته مندوب إليه عند الفقهاء
, ولكن قد يعرض وجوبه عند تعين المصلحة المترتبة عليه , وحرمته لاستلزامه
مفسدة واجبة الدرء , وكراهته لاستلزامه مفسدة راجحة الدرء وإباحته عند
استواء الطرفين.
المقدمات الممهدات لابن رشد (2 / 516) /50
الإصلاح بين الناس فيما يقع بينهم من الخلاف والتداعي في الأموال وغيرها من
نوافل الخير المرغب فيها المندوب إليها.
البهجة شرح التحفة (1 / 219) /50 (والصلح جائز بالاتفاق , لكنه ليس على
الإطلاق) المراد بالجواز الإذن , فيشمل المستوى الطرفين والمندوب والواجب ,
أي فيجوز للخصمين فعله , وقد يندب لهما أو يجب وكذا يندب للقاضي أن يأمر به
أو يجب.
الدر المنتقى شرح الملتقى (2 / 307) /50 (كتاب الصلح) . . وندبه بالكتاب
السنة والإجماع.
مواهب الجليل (5 / 80) /50 ابن رشد لا بأس بندب القاضي الخصمين إليه ما لم
يتبين له الحق لأحدهما , لقول عمر لأبي موسى احرص على الصلح ما لم يتبين لك
فصل القضاء. وقيل في بعض المذكرات: لا بأس به بعد البينتين إن كان أرفق
بالضعيف منهما , كالندب لصدقة عليه. ورد: بأنه يوهم ثبوت الحق على من له
الحق أو سقوطه له بخلاف الصدقة.
المبسوط (20 / 136) /50 لا ينبغي للقاضي أن يعجل بالحكم , وأنه مندوب إليه
أن يرد الخصوم ليصطلحوا على شيء ويدعوهم إلى ذلك , فالفصل بطريق الصلح يكون
أقرب إلى بقاء المودة والتحرز من النفرة بين المسلمين , ولكن هذا قبل أن
يستبين له وجه القضاء.
أما بعد استبانته , فلا يفعله إلا برضا الخصمين , ولا يفعله إلا مرة أو
مرتين , لما في الإطالة من الإضرار بمن ثبت له الحق في تأخير حقه ولأن ذلك
يجر إلى تهمة الميل إلى أحد الخصمين.
حاشية العدوي على الخرشي (6 / 2) /50 (وهو من حيث ذاته مندوب) قال ابن عرفة
وهو أي الصلح من حيث ذاته مندوب إليه , وقد يعرض وجوبه عند تعين مصلحته ,
وحرمته أو كراهته لاستلزامه مفسدة واجبة الدرء أو راجحة كما في النكاح.
انتهى.
وقوله (لاستلزامه مفسدة واجبة الدرء) راجع لقوله (حرمته) وقوله (أو راجحة)
راجع لقوله (أو كراهته) . والمراد بالمكروه المختلف فيه كما يأتي.
بدائع الصنائع (7 / 13) /50 لا بأس بالقاضي أن يرد الخصوم إلى الصلح إن طمع
منهم ذلك. قال الله تعالى {والصلح خير} فكان الرد للصلح ردا للخير.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (ردوا الخصوم حتى يصطلحوا , فإن فصل
القضاء يورث بينهم الضغائن) . فندب رضي الله عنه القضاء إلى الصلح , ونبه
على المعنى , وهو حصول المقصود من غير ضغينة. وان لم يطمع منهم فلا يردهم
إليه , بل ينفذ القضاء فيهم , لأنه لا فائدة في الرد.
القوانين الفقهية (ص 342) /50 الإصلاح بين الناس مندوب , ولا بأس أن يشير
الحاكم بالصلح على الخصوم , ولا يجبرهم عليه , ولا يلح فيه إلحاحا يشبه
الإلزام , وإنما يندبهم إلى الصلح ما لم يتبين له أن الحق لأحدهما , فإن
تبين له أنفذ الحكم لصاحب الحق.
أقسام الصلح
يتنوع الصلح بحسب أساسه ومبناه إلى نوعين:
عادل جائز , وجائز مردود.
ويتنوع بحسب موضوعه إلى خمسة أنواع:
ما يكون بين المسلمين والكفار ,
وما يكون بين أهل العدل وأهل البغي ,
وما يكون بين الزوجين عند خوف الشقاق ,
وما يكون بين المتخاصمين في غير مال ,
ثم ما يكون بين المتخاصمين في الأموال.
كما ينقسم الصلح بين المدعي والمدعى عليه إلى ثلاثة أنواع:
صلح عن الإقرار , وصلح عن الإنكار , وصلح عن السكوت.
يتنوع الصلح بحسب مبناه وما يقوم عليه إلى
نوعين
(أحدهما) صلح عادل جائز: وهو ما كان مبناه رضا الله سبحانه ورضي الخصمين
وأساسه العلم والعدل.
(والثاني) صلح جائز مردود: وهو الذي يحل الحرام أو يحرم الحلال , كالصلح
الذي يتضمن أكل الحرام أو إسقاط الواجب أو ظلم ثالث أو الحيف على الطرف
الضعيف فيه.
ويتنوع الصلح بحسب موضوعه أنواعا خمسة
(أحداهما) الصلح بين المسلمين والكفار.
(والثاني) الصلح بين أهل العدل وأهل البغي.
(والثالث) الصلح بين الزوجين عند خوف الشقاق.
(والرابع) الصلح بين المتخاصمين في غير مال.
(والخامس) الصلح بين المتخاصمين في الأموال.
وهذا النوع هو المبوب له في كتب الفقه , وهو محل هذا البرنامج.
كما ينقسم الصلح بين المدعي والمدعى عليه في الأصل إلى ثلاثة أنواع
الأول: الصلح عن الإقرار , وهو الصلح الواقع على إقرار المدعي عليه.
الثاني: الصلح عن الإنكار , وهو الصلح الواقع على إنكار المدعي عليه.
الثالث:
الصلح عن السكوت , وهو الصلح الواقع على سكوت المدعى عليه , بأن لا يقر ولا
ينكر.
وسيأتي تعريفهم في الأحكام.
إعلام الموقعين (1 / 109)
فصل: والصلح الذي يحل الحرام ويحرم الحلال كالصلح الذي يتضمن تحريم بضع
حلال , أو إحلال بضع حرام , أو إرقاق حر , أو نقل نسب أو ولاء عن محل إلى
محل , أو أكل ربا , أو إسقاط واجب أو تعطيل حد , أو ظلم ثالث , وما أشبه
ذلك , فكل هذا صلح جائر مردود.
فالصلح الجائز بين المسلمين هو الذي يعتمد فيه رضا الله سبحانه , ورضا
الخصمين , فهذا أعدل الصلح وأحقه , وهو يعتمد على العلم والعدل , فيكون
المصلح عالما بالوقائع , عارفا بالواجب , قاصدا للعدل , فدرجة هذا أفضل من
درجة الصائم القائم , كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأفضل
من درجة الصائم القائم؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين ,
فإن فساد ذات البين الحالقة. أما إني لا أقول تحلق الشعر , ولكن تحلق
الدين.
وقد جاء في أثر: أصلحوا بين الناس , فإن الله يصلح بين المؤمنين يوم
القيامة.
وقد قال تعالى {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم
ترحمون} .
مغني المحتاج (2 / 177) /50 والصلح الذي يحل الحرام أن يصالح على خمر ونحوه
أو من دارهم على أكثر منها والصلح الذي والصلح الذي يحرم الحلال أن يصالح
زوجته على أن لا يطلقها ونحو ذلك.
وهو أي الصلح - أنواع: صلح بين المسلمين والكفار , وبين الإمام والبغاة ,
وبين الزوجين عند الشقاق , وصلح في المعاملة , وهو مقصود الباب.
المغني (7 / 5) /50 الصلح معاقدة يتوصل بها إلى الإصلاح بين المختلفين ,
ويتنوع أنواعا
صلح بين المسلمين وأهل الحرب , وصلح بين أهل العدل وأهل البغي , وصلح بين
الزوجين إذا خيف الشقاق بينهما. .
وأجمعت الأمة على جواز الصلح في هذه الأنواع التي ذكرناها ولكل واحد منها
باب يفرد له , ويذكر فيه أحكامه. وهذا الباب للصلح بين المتخاصمين في
الأموال , وهو نوعان: صلح على إقرار , وصلح على إنكار.
فتح الباري (5 / 298) /50 والصلح أقسام: صلح المسلم مع الكافر , والصلح بين
الزوجين , والصلح بين الفئة الباغية والعادلة , والصلح بين المتغاضبين
كالزوجين , والصلح في الجراح كالعفو على مال , والصلح لقطع الخصومة إذا
وقعت المزاحمة إما في الأملاك أو في المشتركات كالشوارع وهذا الأخير هو
الذي يتكلم فيه أصحاب الفروع.
كشاف القناع (3 / 378) /50 (وهو) أي أصل الصلح (أنواع , ومن أنواعه: الصلح)
بين متخاصمين (في الأموال , وهو المراد) بالترجمة (هنا) في هذا الباب (ولا
يقع) الصلح (في الغالب إلا عن انحطاط من رتبة إلى ما دونها , على سبيل
المداراة لبلوغ بعض الغرض) أي للوصول إلى بعض الحق.
(وهو) أي الصلح (من أكبر العقود فائدة) لما فيه من قطع النزاع والشقاق
(ولذلك حسن) أي أبيح (فيه الكذب) .
(ويكون) الصلح (بين المسلمين وأهل حرب) بعقد الذمة أو الهدنة أو الأمان ,
وتقدم
(و) يكون أيضا (بين أهل بغي , و) أهل (عدل (ويأتي في الحدود
(و) يكون أيضا (بين زوجين إذا خيف الشقاق بينهما , أو خافته امرأة أعرض
عنها زوجها) ويأتي في النشوز
(و) يكون أيضا (بين متخاصمين في غير مال) غير من سبق ذكرهم , وليس له باب
يخصه , ويكون أيضا بين متخاصمين في المال , وهو المقصود بالباب.
بدائع الصنائع (6 / 40) /50 الصلح في الأصل أنواع ثلاثة: صلح عن إقرار
المدعي عليه , وصلح عن إنكاره , وصلح عن سكوته من غير إقرار ولا إنكار.
مرشد الحيران (ص 279) /50 يصح الصلح عن الحقوق المقر بها المدعى عليه ,
والمنكر لها , والتي لم يبد فيها إقرار ولا إنكارا (م 1027) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 297) /50 الصلح ثلاثة أقسام ;
القسم الأول: الصلح عن الإقرار , وهو الصلح الواقع على إقرار المدعي عليه.
القسم الثاني: الصلح عن الإنكار , وهو الصلح الواقع على إنكار المدعي عليه.
القسم الثالث: الصلح عن السكوت , وهو الصلح الواقع على سكوت المدعى عليه ,
بأن لا يقر ولا ينكر.
الكفاية على الهداية (7 / 377) /50 وهو - أي الصلح - على ثلاثة أضرب , لأن
المدعى عليه عند دعوى المدعى أجاب أولا. فإن أجاب , فلا يخلو: إما أن يقر
أو لا يقر , وهو الإنكار. فإن لم يجب فهو السكوت , وإنما لم يتنوع السكوت ,
لأن السكوت عبارة عن عدم الجواب , والعدم لا يتنوع.
صيغة عقد الصلح
ينعقد الصلح بكل صيغة تدل على تراضيهما على المقصود به وتنبئ عنه , وإن
شروطها وتفصيلاتها لتختلف بحسب العقد الذي اعتبر به الصلح. كذلك ينعقد
الصلح - عند الحنفية - بالتعاطي إذا كانت قرائن الأحوال دالة على تراضيهما
به.
ويشترط التراضي بين العاقدين لصحة الصلح , وعلى ذلك لا يصح صلح المكره.
المراد بالصيغة: الإيجاب والقبول الدالين
على التراضي. مثل أن يقول المدعى عليه: صالحتك من كذا على كذا , أو من
دعواك كذا على كذا. ويقول الآخر: قبلت , أو رضيت , أو ما يدل على قبوله
ورضاه.
فإذا تم ذلك انعقد الصلح.
أما ما يتعلق بشروط صيغته , فذلك يختلف بحسب نوع الصلح , لأن هذا العقد في
النظر الفقهي غير قائم بذاته , بل هو تابع لأقرب العقود به في الشروط
والأحكام , بحيث يعد بيعا إذا كان مبادلة مال بمال , وهبة إذا كان على بعض
العين المدعاة , وإبراء إذا كان على بعض الدين المدعي. . . . إلخ. وتفصيلات
الكلام على صيغة كل نوع محلها العقد الذي اعتبر به.
وفي هذا المقام نص الحنفية على انعقاد الصلح بالتعاطي كما ينعقد بالإيجاب
والقبول إذا كانت قرائن الأحوال دالة على تراضيهما به.
هذا ولا خلاف بين الفقهاء في اشتراط التراضي بين العاقدين لصحة الصلح , لأن
المقصود من هذه المعاقدة إنهاء الخصومة وقطع دابر النزاع , فإذا انعدم
التراضي فيه فات الغرض الأصلي من عقد الصلح بالكلية , وظل النزاع قائما.
وعلى ذلك لم يجيزوا صلح المكره , لانتفاء الأساس الذي يقوم عليه وانعدامه
بالإكراه.
مغني المحتاج (2 / 178) /50 (أو) جرى الصلح
(على بعض العين المدعاة) كربعها (فهبة لبعضها) الباقي (لصاحب اليد) عليها
(فتثبت أحكامها) أي الهبة المقررة في بابها من اشتراط القبول وغيره لصدق
حدها على ذلك , فتصح في البعض المتروك بلفظ الهبة والتمليك ونحوهما (ولا
يصح بلفظ البيع) له لعدم الثمن (والأصح صحته بلفظ الصلح) كصالحتك من الدار
على ربعها. . .
(وإن صالح من دين على بعضه) كربعه (فهو إبراء عن باقيه , ويصح بلفظ الإبراء
والحط ونحوهما) كالوضع والإسقاط. . .
وإذا جرى ذلك بصيغة الإبراء كأبرأتك من خمسمائة من الألف الذي لي عليك أو
نحوهما مما تقدم , كوضعتها أو أسقطتها عنك لا يشترط القبول على المذهب ,
سواء أقلنا الإبراء إسقاط أم تمليك (و) يصح (بلفظ الصلح في الأصح) كصالحتك
عن الألف الذي لي عليك على خمسمائة , والخلاف فيه كالخلاف في الصلح من
العين على بعضها بلفظ الصلح , فيؤخذ توجيهه ما تقدم.
وهل يشترط القبول في هذه الحالة؟ فيه خلاف مدركه مراعاة اللفظ أو المعنى ,
والأصح على ما دل عليه كلام الشيخين هنا اشتراطه , ولا يصح هذا الصلح بلفظ
البيع كنظيره في الصلح عن العين.
مجموع فتاوى ابن تيمية (20 / 533) /50 والتحقيق أن المتعاقدين إن عرفا
المقصود انعقدت , فأي لفظ من الألفاظ عرف به المتعاقدان مقصودهما انعقد به
العقد. وهذا عام في جميع العقود , فإن الشارع لم يحد ألفاظ العقود حدا , بل
ذكرها مطلقة , فكما تنعقد العقود بما يدل عليها من الألفاظ الفارسية
والرومية وغيرهما من الألسن العجمية , فهي تنعقد بما يدل عليها من الألفاظ
العربية , ولهذا وقع الطلاق والعتاق بكل لفظ يدل عليه , وكذلك البيع وغيره.
بدائع الصنائع (6 / 40) /50 وأما ركن الصلح فالإيجاب والقبول وهو أن يقول
المدعى عليه: صالحتك من كذا على كذا. أو من دعواك كذا على كذا. ويقول
الآخر: قبلت , أو رضيت , أو ما يدل على قبوله ورضاه.
فإذا وجد الإيجاب والقبول فقد تم عقد الصلح.
مجلة الأحكام العدلية (ص 297) /50 الصلح هو عقد يرفع النزاع بالتراضي ,
وينعقد بالإيجاب والقبول (م 1531) .
درر الحكام (4 / 4 ; 5) /50 لو قال المدعي للمدعى عليه: أنني صالحتك على
الخمسين دينارا التي أدعي بها عليك بمائة ريال , وقبل المدعى عليه ينعقد
الصلح , لأنه في هاتين المسألتين كان الصلح مبادلة , وفي المبادلة يجب
القبول. وبما أنه لا تصح المبادلة بدون القبول , فلا يصح أيضا الصلح.
الصلح الذي ينعقد بالإيجاب فقط الصلح الذي يتضمن إسقاط بعض الحقوق , يكفي
فيه الإيجاب , ولا يلزم القبول. . . لأن هذا الصلح هو عبارة عن إسقاط بعض
الحقوق , ولما كان الإسقاط , أي الإبراء , غير متوقف على القبول , ويتم
بمجرد المسقط , فلا يشترط قبول المدين. .
انعقاد الصلح بالتعاطي: وكما أن الصلح ينعقد بالإيجاب والقبول كما ذكرنا
آنفا , ينعقد أيضا بالتعاطي , ويحصل ذلك بإعطاء المدعى عليه مالا للمدعي لا
يحق له أخذه , وقبض المدعي لذلك المال.
الدر المنتقى (2 / 308 - 309) /50 الصلح بإقرار حكمه (كالبيع إن وقع عن مال
بمال) فتجري فيه أحكامه. . (و) حكمه (إن وقع) الصلح (عن مال بمنفعة اعتبر
إجارة) كخدمة عبد وسكنى دار فتجرى فيه أحكامها.
الفتاوى الهندية (4 / 244) /50 صلح المكره لا يجوز. كذا في السراجية. إذا
كان المدعي رجلين , فأكره السلطان المدعي عليه على صلح أحدهما , فصالحهما
جميعا , لم يجز صلحه مع من أكره على الصلح معه , وجاز مع الآخر. كذا في
المبسوط.
قوم دخلوا على رجل بيتا ليلا أو نهارا , وشهروا عليه سلاحا وهددوه حتى صالح
رجلا عن دعواه على شيء. . . . قالوا: في قياس قول أبي حنيفة يجوز الصلح. .
. لأن عنده الإكراه لا يكون إلا من السلطان. وعندهما: يتحقق الإكراه من كل
متغلب يقدر على تحقيق ما أوعده. والفتوى على قولهما.
مراجع إضافية /50 انظر البحر الرائق (7 / 255) مجمع الأنهر (2 / 308) درر
الحكام (4 / 3 - 5) قرة عيون الأخيار (2 / 153 , 156) الفتاوى الهندية (4 /
288 , 229) .
صفات العاقدين في
الصلح
يشترط في كل واحد من العاقدين في الصلح أن يكون جائز التصرف , في كل نوع من
أنواع الصلح بحسبه.
ويشترط في المصالح أن تكون له عليه ولاية , سواء أكانت تلك الولاية ثابتة
بتولية صاحب الحق أم بتوليه الشارع.
يشترط في المصالح أن يكون أهلا للتصرف وهو
البالغ العاقل الرشيد غير المحجور عليه في الصلح المتضمن تبرعا , الذي يكون
في معنى الهبة أو الإبراء.
وأن يكون بالغا عاقلا , أو صبيا مميزا مأذونا في الصلح الذي يكون في معنى
البيع والإجارة ونحوها من المعاوضات.
كما يشترط في المصالح أن تكون له عليه ولاية وهي تثبت بطريقتين:
إما بتوليه صاحب الحق: وذلك بتوكيل غيره فيه لأن الصلح مما يقبل التفويض
والإنابة. ولكن لو وكله بالخصومة فقط , فإنه لا يلي الصلح ولا يصح صدوره
منه , لأن الوكالة بالخصومة لا تستلزم الوكالة بالصلح.
وإما بتوليه الشارع: كما في صلح الأب والجد في مال الصغير ومن في حكمه.
فيجوز ذلك بشرط أن يكون في مصلحة المحجور.
فإن كان فيه غبن ونقص من حقه , أو عليه فيه ضرر ظاهر , لم يجز. وعلى ذلك نص
الحنفية والمالكية.
مرشد الحيران (ص 283 - 284) /50 إذا كان
للصبي المميز دين , وكان مأذونا له بالتجارة , وليس له بينة على الدين ,
جاز له أن يصالح غريمه على بعضه أو على شيء آخر قيمته أقل من الدين , وإن
كان له بينه على الدين لا يجوز له ذلك (م 1038) .
إذا كان للصبي المأذون له التجارة دين على آخر جاز له أن يصالح بنفسه
مديونه على تأجيل الدين إلى أجل معلوم (م 1041) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 298) /50 يشترط أن يكون المصالح عاقلا , ولا يشترط
أن يكون بالغا , فلا يصح صلح المجنون والمعتوه والصبي غير المميز أصلا.
ويصح صلح الصبي المأذون إن لم يكن فيه ضرر بين , كما إذا ادعى أحد على
الصبي المأذون شيئا , وأقر به , فيصح صلحه عن إقرار.
وللصبي المأذون أن يعقد الصلح على تأجيل وإمهال طلبه , وإذا صالح على مقدار
من طلبه , وكانت له بينه بتمامه , فلا يصح صلحه. وإن لم تكن له بينه ,
وتحقق أن خصمه سيحلف فيصح. وإن ادعى على آخر مالا , فصالح على مقدار قيمته
يصح , ولكن إذا صالح على نقصان فاحش عن قيمة ذلك المال فلا يصح. (م 1539) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 501) /50 لا يصح الصلح الذي يتضمن
هبة أو إبراء ممن لا يصح تبرعه. فلا يصح من القن المأذون له في التجارة ولا
من المكاتب ولا من ناظر الوقف ولا من ولي المحجور عليه إلا إذا كان فيه
مصلحة , كما لو أنكر من عليه الحق ولا بينة , أو ادعى على المحجور بحق به
بينة , فيصح الصلح عنه. أما الصلح الذي بمعنى البيع أو الإجارة فله حكمها.
. .
مجمع الأنهر (2 / 308) /50 وشرطه - أي الصلح - العقل , لا البلوغ والحرية ,
وصح من صبي مأذون إن عري عن ضرر بين , ومن عبد مأذون ومكاتب.
بدائع الصنائع (6 / 40) /50 أما الذي يرجع إلى المصالح فأنواع ,
منها: أن يكون عاقلا. وهذا شرط عام في جميع التصرفات كلها , فلا يصح صلح
المجنون والصبي الذي لا يعقل لانعدام أهليه التصرف بانعدام العقل. فأما
البلوغ فليس بشرط , حتى يصح صلح الصبي في الجملة , وهو الصبي المأذون إذا
كان له فيه نفع , أو لا يكون له فيه ضرر ظاهر.
مجلة الأحكام العدلية (ص299)
إذا صالح ولي الصبي عن دعواه يصح إن لم يكن فيه ضرر بين. فإن كان فيه ضرر
بين لا يصح. فلذلك لو ادعى أحد على صبي كذا دراهم , وصالح أبوه على أن يعطي
كذا دراهم من مال الصبي , يصح إن كان للمدعي بينه. وإن لم تكن لديه بينة لا
يصح. , إذا كان للصبي دين في ذمة آخر , وصالحه أبوه بحط مقدار منه لا يصح
صلحه إن كانت له بينة. أما إذا لم تكن له بينة , وتحقق أن المدين سيحلف
اليمين , فيصح الصلح حينئذ. ويصح صلح ولي الصبي على مال تساوي قيمته مقدار
مطلوبه , ولكن إذا وجد غبن فاحش فلا يصح. (م 1540) .
الوكالة بالخصومة لا تستلزم الوكالة بالصلح. بناء عليه: إذا وكل أحد آخر
بدعواه وصالح على تلك الدعوى بلا إذن فلا يصح صلحه. (م 1542) .
إذا وكل أحد آخر على أن يصالح عن دعواه , وصالح ذلك بالوكالة , فيلزم
المصالح عليه الموكل , ولا يؤاخذ الوكيل بذلك , ولا يطالب به إلا أن يكون
الوكيل قد ضمن المصالح عليه. (م 1543) .
بدائع الصنائع (6 / 41) /50 وأما شرائط الركن فأنواع ; بعضها يرجع إلى
المصالح. . . وأما الذي يرجع إلى المصالح فأنواع:. . .
(منها) أن لا يكون المصالح بالصلح عن الصغير مضرا به مضرة ظاهرة. حتى إن من
ادعي على صبي دينا , فصالح أب الوصي من دعواه على مال الصبي الصغير , فإن
كان للمدعى بينة , وما أعطى من المال مثل الحق المدعى أو زيادة يتغابن في
مثلها فالصلح جائز , لأن الصلح في هذه الصورة بمعنى المعاوضة , لإمكان
الوصول إلى كل الحق بالبينة والأب يملك المعاوضة من مال الصغير بالغبن
اليسير. وإن لم تكن له بينة لا يجوز , لأن عند انعدام البينة يقع الصلح
تبرعا بمال الصغير , وإنه ضرر محض , فلا يملكه الأب.
ولو صالح من مال نفسه جاز , لأنه ما أضر بالصغير , بل نفعه , حيث قطع
الخصومة عنه. ولو ادعى أب الصغير على إنسان دينا للصغير , فصالح على أن حط
بعضه وأخذ الباقي فإن كان له عليه بينة لا يجوز , لأن الحط منه تبرع من
ماله , وهو لا يملك ذلك. وإن صالحه على مثل قيمة ذلك الشيء أو أنقص منه
شيئا يسيرا جاز , لأن الصلح في هذه الصورة بمعنى البيع , وهو يملك البيع
فيملك الصلح.
البهجة شرح التحفة (1 / 223) /50 إن الأب يجوز له الصلح عن محجوره الصغير
أو السفيه , ذكرا أو أنثى , حيث سلم من الموانع المتقدمة , ولو كان الصلح
بأقل من حقه إن خشي أي الأب فوات جميع الحق الذي الأب يطلب به من خصمه , لو
كان منكرا ولا بينة أصلا , أو يخشى تجريحها وسقوطها , وصلحه محمول في ذلك
على النظر , وهو مصدق فيما يذكر.
ولا فرق في ذلك بين أن يصالح عنه فيما طلب له من حقه أو فيما طلب به إذا
خشي أيضا أن يثبت عليه جميع الحق , فيعطي بعض ما يطلب به , كما في البرزلي
أوائل البيوع.
ومفهوم الشرط أنه إن كان الحق لا خصام فيه أو فيه خصام , لكن ببينة لا يخشى
عليها لا يجوز صلحه بأقل لأنه ليس بنظر. فإن فعل كان للمحجور القيام ببقية
حقه على الغريم , ثم لا رجوع للغريم على الأب , إلا أن يكون ضمن له الدرك ,
فيرجع عليه حينئذ.
مرشد الحيران (ص 284 - 285) /50 إذا كان للصبي دين على آخر , وكان له بينة
عادلة , وكان المديون مقرا بالدين أو مقضيا عليه به , فلا يجوز لوصيه أو
لوليه أن يصالح على بعض الدين إلا إذا كان الدين وجب بعقده , فإنه يجوز
صلحه على نفسه , ويضمن قدر الدين للصبي. وإن صالح عن الدين على مال آخر ,
إن كانت قيمته قدر الدين أو أقل بغبن يسير , يجوز الصلح , وإن بغبن فاحش لا
يجوز.
وإن خشي الوصي أو الولي أن لا يثبت كل الدين , بأن لم تكن له بينة ,
والمديون منكر , ويقدم على اليمين , جاز للولي أو الوصي أن يصالح على بعضه
ويأخذ الباقي (م 1039) .
فإذا ادعى على الصبي المميز بدين , وكان للمدعي بينة تثبت بها دعواه ,
فللوصي أو الولي أن يصالح على شيء , ويدفع الباقي , وإن لم تكن للمدعي بينة
, فلا يجوز للولي أو الوصي أن يصالح على شيء ما (م1040) .
الوكيل بالخصومة لا يملك الصلح , فإن صالح عن الدعوى الموكل بالخصومة فيها
بلا إذن موكله فلا يصح صلحه. (م1042) .
إذا كان المديون وكيلا بالصلح , وكان مقرا بالدين , فإن إضافة الوكيل الصلح
إلى الموكل نفذ الصلح على الموكل , ووجب بدل الصلح عليه. وإن أضاف الصلح
إلى نفسه نفذ الصلح على الموكل أيضا , ويطالب الوكيل ببدل الصلح , ثم يرجع
به على الموكل.
وان كان المديون منكرا , فوكل وكيلا بالصلح , فإن أضاف الوكيل الصلح إلى
الموكل نفذ الصلح على الموكل , ووجب بدل الصلح عليه. وان أضاف الصلح إلى
نفسه نفذ الصلح على الموكل , ووجب بدل الصلح على الوكيل , ثم يرجع به على
الموكل. (م 1043) .
مراجع إضافية /50 انظر التاودي على التحفة (1 / 223) ميارة على التحفة (1 /
146) المعيار للونشريسي (6 / 543) الفتاوي الهندية (4 / 229) جامع أحكام
الصغار (3 / 139 - 147 , 4 / 61 , 62) درر الحكام (4 / 15) شرح المجلة
للأتاسي (4 / 537 - 539) رد المحتار (4 / 412) قرة عيون الأخيار (1 / 257 -
2 / 153) . الفتاوى الهندية (4 / 229) درر الحكام (4 / 13 - 14) كشاف
القناع (3 / 379) شرح منتهى الإرادات (2 / 260) .
المصالح عنه
المصالح عنه هو الشيء المتنازع فيه , وهو نوعان:
حق الله وحق العبد.
فأما حق الله فلا يجوز الصلح عنه.
وأما حق العبد فهو الذي يجوز الصلح عنه بشروط ثلاثة:
أن يكون حقا ثابتا للمصالح في المحل , وأن يكون مما يصح الاعتياض عنه , وأن
يكون معلوما وفي مدى معلوميته خلاف بين الفقهاء.
المصالح عنه: هو الشيء المتنازع فيه. وهو
نوعان:
حق الله , وحق العبد.
فأما حق الله: فلا خلاف بين الفقهاء في عدم صحة الصلح عنه. وعلى ذلك , فلا
يصح الصلح عن حد الزنا والسرقة وشرب الخمر , بأن أخذ زانيا أو سارقا من
غيره أو شارب خمر , فصالحه على مال على أن لا يرفعه إلى ولي الأمر , لأنه
حق الله تعالى , فلا يجوز , ويقع باطلا.
وأما حق العبد: فهو الذي يصح الصلح عنه عند تحقق شروطه الشرعية , وهي
ثلاثة:
الأول: أن يكون المصالح عنه حقا ثابتا للمصالح في المحل.
والثاني: أن يكون مما يصح الاعتياض عنه , سواء أكان مما يجوز بيعه أولا ,
وسواء أكان مالا أو غير مال.
والثالث: أن يكون معلوما , وفي تفصيلاته خلاف بين الفقهاء:
فقال الشافعية والظاهرية: لا يصح الصلح عن المجهول مطلقا.
واشترط الحنفية كونه معلوما إن كان مما يحتاج إلى التسليم , لئلا تفضي
جهالته للنزاع. أما إذا كان مما لا يحتاج إلى تسليم. . كترك الدعوى مثلا
فلا يشترط معلوميته.
وفرق المالكية والحنابلة بين ما يتعذر علمه وبين ما لا يتعذر فإن كان مما
يتعذر علمه فقد نصوا على صحة الصلح عنه. وإن كان مما لا يتعذر علمه , فقال
الحنابلة: يصح من غير علم به لقطع النزاع وقال المالكية: لا يجوز الصلح إلا
بعد معرفته.
إعلام الموقعين (1 / 108) /50 الحقوق
نوعان: حق الله وحق الآدمي. فحق الله لا مدخل للصلح فيه , كالحدود والزكوات
والكفارات ونحوها , وإنما الصلح بين العبد وبين ربه في إقامتها لا في
إهمالها , ولهذا لا يقبل بالحدود , وإذا بلغت السلطان فلعن الله الشافع
والمشفع. وأما حقوق الآدميين فهي التي تقبل الصلح والأسقاط والمعارضة
عليها.
شرح منتهى الإرادات (2 / 266) /50 (ولا) يصح صلح (بعوض عن خيار أو شفعة أو
حد قذف) لأنها لم تشرع لاستفادة مال , بل الخيار للنظر في الأحظ , والشفعة
لإزالة ضرر الشركة , وحد القذف للزجر عن الوقوع في أعراض الناس. . .
(ولا) يصح أن يصالح (سارقا أو شاربا ليطلقه) ولا يرفعه للسلطان , لأنه لا
يصح أخذ العوض في مقابلته (أو) يصالح (شاهدا ليتكم شهادته) لتحريم كتمانها
إن صالحه على أن لا يشهد عليه بحق لله أو لآدمي.
بدائع الصنائع (6 / 48 - 49) /50 وأما الذي يرجع إلى المصالح عنه فأنواع
(أحدها) أن يكون حق العبد لا حق الله عز وجل , سواء كان مالا عينا أو دينا
أو حقا ليس بمال عين ولا دين. .
(والثاني) أن يكون حق المصالح.
(والثالث) أن يكون حقا ثابتا له في المحل. فما لا يكون حقا له , أولا يكون
حقا ثابتا له في المحل لا يجوز الصلح عنه , حتى لو أن امرأة طلقها زوجها
ادعت عليه صبيا في يده أنه ابنه منها وجحد الرجل , فصالحت عن النسب على شيء
, فالصلح باطل , لأن النسب حق الصبي لا حقها , فلا تملك الاعتياض عن حق
غيرها.
الدر المختار (4 / 473) وحاشية ابن عابدين
(و) شرطه أيضا (كون المصالح عليه معلوما إن كان يحتاج إلى قبضه و) كون
المصالح عنه حقا بجوز الاعتياض عنه ولو) كان (غير مال كالقصاص والتعزيز
معلوما كان) المصالح عنه (أو مجهولا) .
قال ابن عابدين (قوله أو مجهولا) أي بشرط أن يكون مما لا يحتاج إلى التسليم
كترك الدعوى مثلا , بخلاف ما لو كان عن تسليم المدعى.
مرشد الحيران (ص 279) /50 يشترط أن يكون المصالح عنه حقا للمصالح , ثابتا
في المحل يجوز أخذ البدل في مقابلته , سواء كان مالا كالعين والدين أو غير
مال كالمنفعة وحق القصاص والتعزيز , ويشترط أن يكون معلوما إن كان مما
يحتاج إلى التسليم (م 1028)
مجلة الأحكام العدلية (ص 301) /50 يلزم أن يكون المصالح عليه والمصالح عنه
معلومين إن كانا محتاجين إلى القبض والتسليم وإلا فلا. مثلا: لو ادعى أحد
من الدار التي هي في يد الآخر حقا , وادعى هذا من الروضة التي هي في يد ذاك
حقا , وتصالحا على أن يترك كلاهما دعواهما من دون أن يعينا مدعاهما يصح.
كذلك لو ادعى أحد من الدار التي هي في يد الآخر حقا وصالحه على بدل معلوم
ليترك الدعوى يصح , ولكن لو تصالحا على أن يعطي المدعي للمدعى عليه بدلا ,
وأن يسلم هذا حقه إلى ذاك لا يصح. (م 1547) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (495 - 499)
يصح الصلح عن دية خطأ وقيمة متلف وعن مثلي بعوض من غير جنسه وإن كانت قيمة
العوض أكثر. (م 1622) .
لا يصح الصلح عن حق , كدية خطأ أو شبه عمد أو عمد لا قود فيه أو قيمة متلف
غير مثلى بأكثر من حقه من جنسه. (م 1623) .
يصح الصلح عن كل ما يجوز أخذ العوض عنه سواء كان مما يجوز بيعه أم لا.
(م1635)
يصح الصلح عن قود مع الإقرار أو الإنكار بنقد أو عرض قليل أو كثير حال أو
مؤجل. لكن لو كان العرض المسمى مجهولا بطلت التسمية ووجبت الدية. أما لو
كان المسمي مطلقا كعبد أو بعير صح وله الوسط. (م 1636) .
لا يصح الصلح بعوض عن خيار في بيع أو إجارة , ولا عن شفعة ولا عن حد قذف
ولا يلزم العوض , ولكن تسقط هذه الحقوق به. (م 1637) .
يصح الصلح عن عيب في عوض أو معوض , كما يصح عن سكني الدار ونحوها مما يستحق
بإجارة أو وصية (م 1640) .
الصلح عن المجهول بمعلوم صحيح. فلو كان له على آخر دين أو عين مجهولا له ,
سواء تعذر علمهما أو لم يتعذر , فصالحه بمال معلوم نقدا أو مؤجلا صح. (م
1649)
المحلى (8 / 165)
ولا يجوز الصلح عن مال مجهول القدر , لقوله تعالى {لا تأكلوا أموالكم بينكم
بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم} والرضا لا يكون في مجهول أصلا ,
إذ قد يظن المرء أن حقه قليل فتطيب نفسه به , فإذا علم أنه كثير لم تطب
نفسه به , ولكن ما عرف قدره جاز الصلح فيه , وما جهل فهو مؤخر إلى يوم
الحساب.
الأم (3 / 221) /50 أصل الصلح أنه بمنزلة البيع , فما جاز في البيع جاز في
الصلح , وما لم يجز في البيع لم يجز في الصلح ثم يتشعب. . ولا يجوز الصلح
عندي إلا على أمر معروف , كما لا يجوز البيع إلا على أمر معروف , وقد روي
عن عمر رضي الله عنه: الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم
حلالا. ومن الحرام الذي يقع في الصلح أن يقع عندي على المجهول , الذي لو
كان بيعا كان حراما.
فتاوى قاضي خان (3 / 104)
إذا ادعى حقا في دار رجل ولم يسم , فاصطلحا على مال معلوم يعطيه المدعي
ليسلم المدعي عليه ما ادعاه المدعي , لا يصح هذا الصلح , لأن المدعي عليه
يحتاج إلى تسليم ما ادعاه المدعي , فإذا لم يعلم مقدار ذلك لا يدري ماذا
يسلم إليه فلا يجوز.
مواهب الجليل (5 / 80) /50 تنبيه: يجوز الصلح على المجهول إذا جهل القدر
المصالح عليه , ولم يقدرا على الوصول إلى معرفته. وأما إذا قدرا على الوصول
المعرفة , فلا يجوز الصلح إلا بعد المعرفة بذلك. . .
روضة الطالبين (4 / 203) /50 أن الصلح على المجهول لا يصح قال الشافعي لو
ادعى عليه شيئا مجملا , فأقر له به وصالحه عنه على عوض , صح الصلح. قال
الشيخ أبو حامد وغيره: هذا إذا كان المعقود عليه معلوما لهما , فيصح وإن لم
يسمياه , كما لو قال: بعتك الشيء الذي نعرفه أنا وأنت بكذا وأنت بكذا. فقال
اشتريت. صح.
مراجع إضافية /50 انظر أسنى المطالب (2 \ 218) المبدع (4 / 289) التاج
والإكليل (5 / 85) تبيين الحقائق (6 / 113) قرة عيون الأخيار (2 / 155) درر
الحكام (4 / 24) شرح المجلة للأتاسي (4 / 547) كشاف القناع (3 / 384 - 388)
حاشية البناني على الزرقاني (6 / 3) المغني (7 / 22 - 23 - 24) شرح منتهى
الإرادات (2 / 261 - 263 - 265) .
الشروط
يشترط لصحة عقد الصلح أن يكون بدله مملوكا للمصالح , وأن يكون مالا متقوما
, وأن يكون معلوما إن كان مما يحتاج إلى التسليم عند الحنفية , ومطلقا عند
الشافعية والحنابلة.
بدل الصلح هو الشيء المصالح به أو المصالح
عليه , وشروطه ثلاثة:
أحداهما: أن يكون مالا متقوما , فلا يصح الصلح على الخمر والخنزير والميتة
والدم. . . إلخ.
والثاني: أن يكون مملوكا للمصالح.
والثالث: أن يكون معلوما , فإن وقع الصلح بمجهول لم يصح. وعلى ذلك نص
الشافعية والحنابلة.
وقال الحنفية: يشترط كونه معلوما إن كان مما يحتاج إلى التسليم , لأن جهالة
البدل تفضي إلى المنازعة , فتوجب فساد العقد. أما إذا كان شيئا لا يفتقر
إلى القبض والتسليم , فلا يشترط معلوميته , مثل أن يدعي حقا في دار جل ,
ويدعي المدعى عليه حقا في أرض بيد المدعي , فاصطلحا على ترك الدعوى , جاز ,
وإن لم يتبين كل منهما مقدار حقه , لأن جهالة الساقط لا تفضي إلى المنازعة.
مرشد الحيران (ص 279) /50 يصح أن يكون بدل
الصلح مالا أو منفعة , ويشترط أن يكون ملكا للمصالح , وأن يكون معلوما إن
كان مما يحتاج إلى القبض والتسليم , وأن يكون مقبوضا وقت الصلح إن كان
الصلح عن دين بدين من جنس آخر (م 1029) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 300 - 301) /50 إن كان المصالح عليه عينا , فهو في
حكم المبيع , وإن كان دينا , فهو , في حكم الثمن. فالشيء الذي يصلح لأن
يكون مبيعا أو ثمنا في البيع , يصلح لأن يكون بدلا في الصلح أيضا (م 1545)
.
يشترط أن يكون المصالح عليه مال المصالح وملكه. بناء عليه: لو أعطى المصالح
مال غيره ليكون بدل الصلح , لا يصح صلحه. (م 1546) .
يلزم أن يكون المصالح عليه والمصالح عنه معلومين إن كان محتاجين إلى القبض
والتسليم وإلا فلا (م 1547) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 501 - 502) /50 جهالة المصالح به
تمنع صحة الصلح. (م 1650) .
إذا صالح عن مال بعوض صلحا عن إقرار , فبان العوض مستحقا , رجع المصالح
بالمال المصالح عنه إن كان باقيا , وقيمته إن كان متقوما تالفا.
وإن كان مثليا تالفا فبمثله (م 1651) .
من صالح عن مال بعوض صلحا عن إنكار , فبان العوض مستحقا , بطل الصلح , ورجع
المدعي بدعواه (م 1654) .
بدائع الصنائع (6 / 42 - 47 - 48) /50 وأما الشرائط التي ترجع إلى المصالح
عليه فأنواع:
(منها) أن يكون مالا. فلا يصح الصلح على الخمر والميتة والدم وصيد الإحرام
والحرم , وكل ما ليس بمال. لأن في الصلح معنى المعاوضة , فما لا يصح عوضا
في البيعات لا يصلح بدل الصلح.
(ومنها) أن يكون متقوما. فلا يصح الصلح على الخمر والخنزير من المسلم لأنه
ليس بمال متقوم في حقه. وكذا إذا صالح على دن من خل , فإذا هو خمر , لم يصح
, لأنه تبين أنه لم يصادف محله.
(ومنها) أن يكون مملوكا للمصالح حتى إنه إذا صالح على مال ثم استحق من يد
المدعي لم يصح الصلح لأنه تبين أنه ليس مملوكا للمصالح فتبين أن الصلح لم
يصح.
(ومنها) أن يكون معلوما. لأن جهالة البدل تؤدي إلى المنازعة فتوجب فساد
العقد , إلا إذا كان شيئا لا يفتقر إلى القبض والتسليم. والأصل أن كل ما
يجوز بيعه وشراءه يجوز الصلح عليه وما لا فلا.
شرح منتهى الإرادات (2 / 263 - 266) /50 فإن وقع الصلح بمجهول لم يصح , لأن
تسليمه واجب , والجهل به يمنعه.
(و) يصح الصلح عما تقدم (بما يثبت مهرا) في نكاح من نقد أو عرض قليل أو
كثير (حلا ومؤجلا) لأنه يصح إسقاطه.
(ومن صالح) آخر (عن دار ونحوها) ككتاب وحيوان بعوض (فبان العوض مستحقا)
لغير المصالح , أو بان القن حرا (رجع بها) أي الدار ونحوها المصالح عنها إن
بقيت , وببدلها إن تلفت إن كان الصلح (مع إقرار) المدعي عليه , لأنه بيع
حقيقة , وقد تبين فساده لفساد عوضه , فرجع فيما كان له (و) رجع (بالدعوى)
إلى دعواه قبل الصلح (وفي الرعاية: أو قيمة المستحق) المصالح به (مع إنكار)
لتبين فساد الصلح بخروج المصالح به غير مال. أشبه ما لو صالح بعصير فبان
حمراء , فيعود الأمر إلى ما كان عليه قبله. ووجه ما في الرعاية أن المدعي
رضي بالعوض , وانقطعت الخصومة , ولم يسلم له , فكان له قيمته.
المحلى (8 / 168)
مسألة: ومن صالح عن دم أو كسر سن أو جراحة أو عن شيء معين بشيء معين , فذلك
جائز. فإن استحق بعضه أو كله بطلت المصالحة , وعاد على حقه في القود وغيره
, لأنه إنما ترك حقه بشيء لم يصح له , وإلا فهو على حقه فإذا لم يصح له ذلك
الشيء فلم يترك حقه.
وكذلك لو صالح من سلعة بعينها بسكنى دار أو خدمة عبد , فمات العبد أو
انهدمت الدار أو استحقا , بطل الصلح , وعاد على حقه.
الأم (3 / 221) /50 أصل الصلح أنه بمنزلة البيع , فما جاز في البيع جاز في
الصلح , وما لم يجز في البيع لم يجز في الصلح , ثم يتشعب. ولا يجوز الصلح
عندي إلا على أمر معروف , كما لا يجوز البيع إلا على أمر معروف , وقد روي
عن عمر رضي الله عنه: الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم
حلالا.
ومن الحرام الذي يقع في الصلح أن يقع عندي على المجهول , الذي لو كان بيعا
كان حراما.
مراجع إضافية /50 انظر قرة عيون الأخيار (2 / 154) كشاف القناع (3 / 384 -
388) المبدع (4 / 284) جامع الفصولين (2 / 71) المغني (7 / 25) .
آثار عقد الصلح
الصلح من العقود اللازمة في حق العاقدين , وإنه ليعتبر بأقرب العقود إليه ,
وإذا تم على الوجه المطلوب , حصلت البراءة من الدعوى , ودخل بدل الصلح في
ملك المدعي , ولزم في حق طرفيه.
إذا تم الصلح على الوجه المطلوب شرعا حصلت
البراءة من الدعوى , ودخل بدل الصلح في ملك المدعي , وسقطت دعواه المصالح
عنها , فلا يقبل منه الادعاء بها ثانية , ولا يملك المدعي عليه استراد بدل
الصلح الذي دفعه للمدعي.
وأساس ذلك أمران:
أحدهما: أن الصلح يعتبر بأقرب العقود إليه , إذ العبرة في العقود للمقاصد
والمعاني لا للألفاظ والمباني. فما كان في معنى البيع أو الإجارة أو الهبة
أو الصرف أو السلم أو الإبراء أخذ حكمه بحبسه.
والثاني: أن الصلح من العقود اللازمة. فلذلك لا يملك أحد العاقدين فسخه أو
الرجوع عنه بعد تمامه. أما إذا لم يتم , فلا حكم له , ولا أثر يترتب عليه.
مرشد الحيران (ص 285) /50 إذا تم الصلح على
الوجه المطلوب دخل بدل الصلح في ملك المدعي , وسقطت دعواه المصالح عنها ,
فلا يقبل منه الادعاء بها ثانيا , ولا يملك المدعي عليه استرداد بدل الصلح
الذي دفعه للمدعي (م 1045) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 303 - 304) /50 إذا تم الصلح فليس لواحد من
الطرفين فقط الرجوع , ويملك المدعي بالصلح بدله , ولا يبقي له حق في الدعوى
, وليس للمدعي عليه أيضا استرداد بدل الصلح منه (م 1556) .
إذا مات أحد الطرفين فليس لورثته فسخ صلحه. (م 1557) .
إذا عقد الصلح من اليمين على إعطاء بدل , فيكون المدعي قد أسقط حق خصومته ,
ولا يحلف المدعي عليه بعد. (م 1559) .
قرة عيون الأخيار (2 / 157) /50 (وحكمه) أي أثره الثابت له. قال في البحر:
وحكمه في جانب المصالح عليه وقوع الملك فيه للمدعي , سواء كان مما يحتمل
التمليك كالمال , وكان المدعي عليه مقرا به , وإن كان مما لا يحتمل التمليك
كالقصاص , ووقوع البراءة كما إذا كان منكرا مطلقا (وقوع البراءة عن الدعوة)
لما مر أنه عقد يرفع النزاع , أي ما لم يعرض له مبطل , كاستحقاق البدل. .
(ووقوع الملك في مصالح عليه وعنه لو مقرا) .
درر الحكام (4 / 47) /50 الصلح من العقود اللازمة , فلذلك إذا تم الصلح عن
إقرار أو عن إنكار أو عن سكوت فليس لواحد من الطرفين فقط الرجوع عنه. حتى
أنه لو ادعى عليه بالمدعي به , فلا يلزم المدعي عليه ما أقر به. إلا أنه
للطرفين أن يفسخا ويقيلا بعد الصلح بالاتفاق , وليس للطرفين في بعض الصلح
أقاله الصلح.
(إذا تم الصلح فليس لواحد من الطرفين فقط الرجوع عنه) قيل إذا تم , لأنه لا
حكم للصلح الذي لم يتم. مثلا: لو ادعي أحد من آخر حقا , وتصالح مع المدعى
عليه على شيء ظهر بأن ذلك الحق أو ذلك المال لا يلزم ذلك الشخص , فحيث لا
حكم لذلك الصلح , فللشخص المذكور استرداد بدل الصلح.
كذلك لو تصالح البائع مع المشتري عن خيار العيب , ثم ظهر عدم وجود العيب ,
أو زال العيب من نفسه وبدون معالجة بطل الصلح , وفي هذه الحال يجب على
المشتري رد بدل الصلح الذي أخذه للبائع.
ويملك المدعي بالصلح بدله , سواء أكان المدعي عليه مقرا أو منكرا , إلا أنه
إذا كان المدعي مبطلا وغير محق في دعواه فلا يحل له ديانة بدل الصلح في
جميع أنواع الصلح , ولا يطيب له ما لم يسلم المدعى عليه للمدعي بدل الصلح
عن طيب نفس , وفي تلك الحالة يصبح التمليك بطريق الهبة.
مراجع إضافية /50 انظر بدائع الصنائع (6 / 53) شرح المجلة للأتاسي (4 /
570) مجمع الأنهر (2 / 312) .
الصلح عن الأعيان مع
الإقرار
الصلح عن الإقرار جائز في الجملة باتفاق الفقهاء , وهو نوعان: صلح عن
الأعيان , وصلح عن الديون.
والصلح عن الأعيان ضربان: صلح معاوضة , وصلح حطيطة.
فأما صلح المعاوضة فهو جائز باتفاق الفقهاء.
وأما صلح الحطيطة فإنه جائز عند جمهور الفقهاء سواء وقع بلفظ الهبة أو
الصلح. ووافقهم على ذلك الحنابلة إذا وقع بلفظ الهبة دون الصلح أو
المعاوضة.
الأصل في الصلح عن الإقرار الجواز باتفاق
الفقهاء , وهو ضربان: صلح عن الأعيان , وصلح عن الديون.
والصلح عن الأعيان هو مثل أن يدعى شخص على آخر دارا في يده , فيقر المدعي
عليه له بها , ثم يصالحه منها على بعضها كالنصف أو الثلث أو الربع , أو على
عين أخرى كثوب أو سيارة ونحو ذلك.
وهذا الضرب نوعان:
صلح الحطيطة , وصلح المعاوضة.
أما صلح الحطيطة فهو الذي يجري على بعض العين المدعاة , كمن صالح من الدار
المدعاة على نصفها أو ثلثها. وقد اختلف الفقهاء في حكمه على ثلاثة أقوال:
أحدها: أن هذا الصلح باطل , وبه قال بعض الحنفية.
والثاني: أن هذا الصلح صحيح سواء وقع بلفظ الهبة أو بلفظ الصلح. وهو قول
الشافعية والمالكية والحنفية في ظاهر الرواية.
والثالث: أنه صحيح إن وقع بلفظ الهبة , وتسري عليه أحكامها. أما إذا وقع
بلفظ الصلح , فإنه لا يصح , وهو قول الحنابلة.
أما صلح المعاوضة فهو الذي يجري على غير العين المدعاة , كأن ادعى عليه
دارا , فأقر له بها , ثم صالحه منها على سيارة أو أرض أو دار أخرى. وهو
جائز باتفاق الفقهاء , ويعد بيعا , وتسري عليه أحكامه , وإن عقد بلفظ الصلح
, لأنه مبادلة مال بمال.
مرشد الحيران (ص 280) /50 إذا كان المدعى
به عينا معينة , دارا أو أرضا أو عرضا , وأقر المدعي عليه بها للمدعي ,
وصالحه عنها بنقود معلومة أو بعقار معلوم أو عرض معلوم , صح الصلح , ويكون
حكمه حكم البيع , فيثبت فيه خيار العيب والرؤية والشرط للمصالح وحق الشفعة
لجار العقار المصالح عنه أو المصالح عليه (م 1030) .
إذا كان المدعي به عينا معينة , دارا أو أرضا أو عرضا , وأقر المدعى عليه
بها , وصالحه عنها بمنفعة كسكنى دار أو زراعة أرض مدة معلومة صح الصلح ,
ويعتبر إجارة , فيبطل الصلح بموت أحدهما إن عقده لنفسه أو بهلاك المحل في
المدة (م 1031) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 301 - 302) /50 إن وقع الصلح عن الإقرار على مال
معين عن دعوى مال معين , فهو في حكم البيع , فكما يجري فيه خيار العيب
والرؤية والشرط , كذلك تجري دعوى الشفعة أيضا إن كان المصالح عليه أو
المصالح عنه عقارا. (م 1548) .
إن وقع الصلح عن الإقرار على المنفعة في دعوى المال فهو في حكم الإجارة ,
ويجري فيه أحكام الإجارة. لو صالح أحد آخر عن دعوى روضة على أن يسكن مدة
كذا في داره , يكون قد استأجر تلك الدار في مقابلة الروضة تلك المدة. (م
1549) .
لو ادعى أحد مالا معينا كالروضة مثلا , وصالح على مقدار منها , وأبرأ
المدعي عليه عن دعوى باقيها , يكون قد أخذ مقدار من حقه وترك دعوى باقيها.
أي أسقط حق دعواه في باقيها (م 1551) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 495 - 496) /50 الصلح عن الحق المقر
به ببعض من جنسه صحيح , وهو استيفاء لبعض الحق وإبراء أو هبة في الباقي.
لكن لو جرى ذلك بشرط إعطاء الباقي أو بلفظ الصلح أو بلفظ آخر مما يدل على
المعاوضة لم يصح. مثلا: لو أقر له بعين أو دين , فوضع عنه بعضه مفرزا أو
مشعا وأخذ الباقي جاز. لكن لو قال: وضعت عنك النصف على أن تعطيني النصف ,
أو صالحتك عن الحق بنصفه لم يصح (م 1620) .
الصلح عن الحق المقر به على غير جنسه معاوضة , يصح بلفظ الصلح , فالصلح عن
نقد بنقد صرف , وعن نقد بعرض أو عن عرض بنقد أو عن عرض بعرض بيع أو عن عرض
أو نقد بمنفعة إجارة فيشترط لصحته ما يشترط لصحة هذه العقود , وتجرى فيه
أحكامها المفصلة في محلها.
المبدع (4 / 279) /50 منع الخرقي وابن أبي موسى الصلح عن الإقرار , وأباه
الأكثرون , فعلى الأول: إن وفاه من جنس حقه فهو وفاء , ومن غير جنسه معاوضة
, وإن أبرأه من بعضه فهو إبراء , وإن وهبه بعض العين فهو هبة , ولا يسمى
صلحا , فالخلاف إذا في التسمية - قاله في المغني والشرح - وأما المعنى
فمتفق عليه.
روضة الطالبين (4 / 193) /50 أحكام الصلح. وقد يجرى بين المتداعبين , وبين
المدعي وأجنبي.
والقسم الأول نوعان: أحدهما ما يجري على الإقرار , وهو ضربان. أحدهما:
الصلح عن العين. وهو صنفان:
أحدهما صلح المعاوضة وهو الذي يجري على غير العين المدعاة بأن ادعى عليه
دارا فأقر له بها , وصالحه منها على عبد أو ثوب , فهذا الصنف حكمه حكم
البيع , وإن عقد بلفظ الصلح , وتتعلق به جميع أحكام البيع , كالرد بالعيب ,
والشفعة , والمنع من التصرف قبل القبض , واشتراط القبض في المجلس إن كان
المصلح عليه والمصالح عنه متفقين في علة الربا , واشتراط التساوي في معيار
الشرع إن كان جنسا ربويا , وجريان التحالف عند الاختلاف , ويفسد بالغرر
والجهل والشروط الفاسدة كفساد البيع. ولو صالحه منها على منفعة دار أو خدمة
عبد مدة معلومة جاز , ويكون هذا الصلح إجارة , فيثبت فيه أحكام الإجارة.
والصنف الثاني: صلح الحطيطة. وهو الجاري على بعض العين المدعاة. كمن صالح
من الدار المدعاة على نصفها أو ثلثها , أو العبدين على أحدهما , فهذا هبة
بعض المدعى لمن في يده فيشترط لصحته القبول , ومضي مدة إمكان القبض.
الخرشي (6 / 2 - 3) /50 (الصلح على غير المدعى به بيع أو إجارة , وعلى بعضه
هبة) يعني أن الصلح على غير المدعي فيه إما بيع , فيشترط فيه شروط أو إجارة
فيشترط فيه شروطها , لأن المصالح به إما منافع أو ذوات. فالذوات كما إذا
ادعى عليه بعرض أو بحيوان أو بطعام مخالف للمصالح عنه وهذا معاوضة اتفاقا ,
إذ هو كبيع عرض بنقد أو بعرض مخالف , فلو اختل شرط البيع كمن صالح سلعته
بثوب بشرط أن لا يهبها ولا يبيعها وكمصالحته على مجهول أو لأجل مجهول فإنه
غير جائز , والمنافع كما إذا صالحه على سكنى دار أو على خدمة عبد مدة
معلومة. وبعبارة الصلح أي على إقرار بدليل قوله أو السكوت أو الإنكار.
(كمائة دينار ودرهم عن مائتيهما) هذا مثال لقوله وعن بعضه هبة. والمعنى أنه
إذا ادعى عليه بمائة دينار ومائة درهم حالة , فأقر بذلك , فصالحه بمائة
دينار ودرهم واحد , فإن ذلك جائز , لأنه أخذ بعض حقه وترك بعضه. .
وكلام المؤلف ظاهر حيث صالح بمعجل مطلقا أو بمؤجل , والصلح على الإقرار.
فإن صالح على الإنكار امتنع.
شرح منتهى الإرادات (2 / 260 - 262) /50 الصلح على إقرار (نوعان: نوع) يقع
(على جنس الحق , مثل أن يقر) جائز التصرف (له) أي لمن يصح تبرعه (بدين)
معلوم (أو) يقر له (بعين) بيده (فيضع) المقر له عن المقر بعض الدين كنصفه
أو ثلثه أو ربعه (أو يهب) له (البعض) من العين المقر بها (ويأخذ) المقر له
(الباقي) من الدين أو العين (فيصح) ذلك لأن جائز التصرف لا يمنع من إسقاط
بعض حقه أو هبته كما لا يمنع من استيفائه , وقد كلم عليه الصلاة والسلام
غرماء جابر ليضعوا عنه (لا) يصح (بلفظ الصلح) لأنه هضم الحق.
(النوع الثاني) من قسمي الصلح على إقرار أن يصالح (على غير جنسه) بأن أقر
له بعين أو دين ثم صالحه عنه بغير جنسه فهو معاوضة (ويصح بلفظ الصلح) كسائر
المعاوضات بخلاف ما قبله , لأن المعاوضة عن الشيء ببيعه محظورة.
مراجع إضافية /50 انظر نهاية المحتاج (4 / 371 - 372) المهذب (1 / 340)
الزرقاني على خليل (6 / 2 - 3) كشاف القناع (3 / 379) أسنى المطالب (2 /
215) مجمع الأنهر والدر المنتقي (2 / 308) المبدع (4 / 279 - 280 - 282)
شرح المجلة للأتاسي (4 / 558) درر الحكام (4 / 39) تبيين الحقائق (5 / 31)
البحر الرائق (7 / 256) العدوي على كفاية الطالب الرباني (2 / 324) الأم (3
/ 221) .
الصلح عن الديون مع
الإقرار
الصلح عن الإقرار جائز في الجملة باتفاق الفقهاء , وهو نوعان: صلح عن
الأعيان , وصلح عن الديون.
والصلح عن الديون ضربان: صلح معاوضة , وصلح إسقاط (حطيطة) . فأما صلح
المعاوضة فهو جائز عند جمهور الفقهاء وتسري عليه أحكام بيع الدين.
وأما صلح الإسقاط فهو جائز عند جمهور الفقهاء سواء وقع بلفظ الصلح أو الهبة
أو الإبراء أو نحوها , ووافقهم على ذلك الحنابلة إذا وقع بلفظ الإبراء دون
الصلح أو المعاوضة.
الأصل في الصلح عن الإقرار الجواز باتفاق
الفقهاء , وهو ضربان: صلح عن الأعيان , وصلح عن الديون.
والصلح عن الديون هو مثل أن يدعي شخص على آخر دينا , فيقر المدعي عليه له
به , ثم يصالحه على بعضه أو على مال غيره. وهو نوعان: صلح إسقاط وإبراء ,
وصلح معاوضة.
أما صلح الإسقاط والإبراء (الحطيطة) فهو الذي يجري على بعض الدين المدعي ,
مثل أن يقول المقر له: صالحتك على الألف الحال الذي لي عليك على خمسمائة.
وقد اختلف الفقهاء في حكمه على قولين:
أحدهما: أن هذا الصلح جائز سواء وقع بلفظ الصلح أو الإبراء أو الهبة أو
نحوها من الألفاظ , وهو قول الحنفية والشافعية والمالكية.
والثاني: أنه يصح بلفظ الإبراء , أما بلفظ الصلح فلا يصح. وهو قول قول
الحنابلة.
وأما صلح المعاوضة , فهو الذي يجري على غير الدين المدعي , بأن يقر له بدين
في ذمته , ثم يصالحه على تعويضه عنه. وهو جائز عند الفقهاء وإن وقع بلفظ
الصلح , وحكمه حكم بيع الدين. فإن أقر له بأحد النقدين فصالحه على النقد
الآخر , كان صرفا , وسرت عليه شروطه وأحكامه , وإن أقر له بعرض ثم صالحه
عنه بنقد , كان بيعا , وثبتت فيه أحكامه. . إلخ.
مرشد الحيران (ص 279 - 285) /50 يصح أن
يكون بدل الصلح مالا أو منفعة , ويشترط أن يكون ملكا للمصالح , وأن يكون
معلوما إن كان مما يحتاج إلى القبض والتسلم وأن يكون مقبوضا وقت الصلح إن
كان الصلح عن دين بدين من جنس آخر. (م 1029) .
لرب الدين أن يصالح مديونه على بعض الدين , ويكون أخذا لبعض حقه وإبراء عن
باقيه. (م 1044) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 303) /50 إذا صالح أحد عن طلبه الذي هو في ذمة
الآخر على مقدار منه , فيكون قد استوفي بعض طلبه وأسقط الباقي. يعنى أبرأ
ذمة المديون من الباقي (م 1552) .
إذا صالح أحد على تأجيل وإمهال كل نوع طلبه الذي هو معجل , فيكون قد أسقط
حق تعجيله. (م 1553) .
إذا صالح أحد عن طلبه الذي هو سكة خالصة على أن يأخذ في بدله سكة مغشوشة
فيكون قد أسقط حق طلبه سكة خالصة (م 1554) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 495) /50 الصلح عن الحق المقر به
ببعض من جنسه صحيح , وهو استيفاء لبعض الحق وإبراء أو هبة في الباقي. . لكن
لو جرى ذلك بشرط إعطاء الباقي أو بلفظ الصلح أو بلفظ آخر مما يدل على
المعاوضة لم يصح. مثلا: لو أقر له بعين أو دين فوضع منه بعضه مفرزا أو
مشاعا وأخذ الباقي جاز. لكن لو قال: وضعت عنك النصف على أن تعطيني النصف أو
صالحتك عن الحق بنصفه لم يصح (1620) .
الصلح عن الحق المقر به على غير جنسه معاوضة يصح بلفظ الصلح. فالصلح عن نقد
بنقد صرف , وعن نقد بعرض أو عن عرض بنقد أو عن عرض بعرض بيع , أو عن عرض أو
نقد بمنفعة إجارة , فيشترط لصحته ما يشترط لصحة هذه العقود , وتجرى فيه
أحكامها المفصلة في محلها. (م1626) .
يصح الصلح عن الدين بغير جنسه مطلقا وبشيء في الذمة أيضا , كأن يصالحه عن
دينار في ذمته بأردب من قمح أو نحوه في الذمة , لكن يشترط القبض قبل
التفرق. (م 1628) .
التاج والإكليل (5 / 82) /50 ابن الحاجب يجوز الصلح على ذهب من ورق وبالعكس
إذا كانا حالين وعجل.
ومن المدونة: قال مالك من لك عليه مائة درهم حالة , وهو مقر بها , جاز أن
تصالحه على خمسين منها إلى أجل , لأنك حططته وأخرته. ولا بأس أن تصالحه على
دنانير أو عرض نقدا , ولا يجوز فيها تأخير , لأنه فسخ دين في دين وصرف
مستأخر.
في المدونة: من لك عليه مائة دينار ومائة درهم , فصالحته على مائة دينار
ودرهم , فذلك جائز , لأنك أخذت الدنانير قضاء عن دنانيرك , وأخذت درهما من
دراهمك وهضمت بقيتها , بخلاف التبادل بها نقدا , وذلك صرف , فلا يجوز ذهب
وفضة بمثلها يدا بيد عددا ولا مراطلة , إذ لكل صنف حصة من الصنفين. ابن
يونس وسواء أخذ منه الدرهم نقدا أو أخره به أو أخذ منه المائة دينار نقدا
أو أخره بها , لأنه مبايعة هنا , وإنما هو قضاء وحطيطة , فلا تهمة في ذلك.
مجمع الأنهر (2 / 315) /50 (الصلح عما استحق بعقد المداينة) مثل البيع
نسيئة ومثل الإقراض (على بعض جنسه) كمن له على آخر ألف درهم فصالحه على
خمسمائة (أخذ) خبر المبتدأ (لبعض حقه وإسقاط لباقيه) لأن تصحيح تصرف العاقل
واجب ما أمكن , وقد أمكن ذلك فيحمل عليه (لا معاوضة) لإفضائه إلى الربا.
روضة الطالبين (4 / 195) /50 الصلح عن الدين وهو صنفان:
أحدهما: صلح المعاوضة. وهو الجاري على غير الدين المدعي. فينظر: إن صالح عن
بعض أموال الربا على ما يوافقه في العلة , فلا بد من قبض العوض في المجلس ,
ولا يشترط تعيينه في نفس الصلح على الأصح. فإن لم يكن العوضان ربويين , فإن
كان العوض عينا صح الصلح , ولا يشترط قبضه في المجلس على الأصح. وإن كان
دينا صح على الأصح , ولكن يشترط التعيين في المجلس , ولا يشترط القبض بعد
التعيين على الأصح.
والصنف الثاني: صلح الحطيطة. وهو الجاري على بعض الدين المدعى. فهو إبراء
عن بعض الدين. فإن استعمل لفظ الإبراء أو ما في معناه , بأن قال: أبرأتك من
خمسمائة من الألف الذي عليك , أو صالحتك على الباقي , بريء مما أبرأه , ولا
يشترط القبول على الصحيح. وفي وجه بعيد: يشترط فيه وفي كل إبراء , ولا
يشترط قبض الباقي في المجلس. وإن اقتصر على لفظ الصلح فقال: صالحتك على
الألف الذي لي عليك عن خمسمائة , فوجهان , كنظيره في صلح الحطيطة عن العين
, والأصح الصحة. وفي اشتراط القبول وجهان , كالوجهين فيما لو قال لمن عليه
الدين: وهبته لك , والأصح الاشتراط , لأن اللفظ بوضعه يقتضيه.
شرح منتهى الإرادات (2 / 262) /50 (النوع الثاني) من قسمي الصلح على إقرار
أن يصالح (على غير جنسه) بأن أقر له بعين أو بدين , ثم صالحه عنه بغير جنسه
, فهو معاوضة (ويصلح بلفظ الصلح ف) الصلح (بنقد عن نقد) بأن أقر له بدينار
, فصالحه عنه بعشرة دراهم أو عكسه فهو (صرف) يعتبر فيه التقابض قبل التفرق
(و) الصلح عن نقد بأن أقر له بدينار فصالحه عنه (بعرض) كثوب بيع. . . .
(و) الصلح (عن دين) ونحوه غير دين سلم (يصح بغير جنسه مطلقا) أي بأقل منه
أو أكثر أو مساويه و (لا) يصح صلح عن حق (بجنسه) كعن بر ببر (أقل) منه (أو
أكثر) منه (على سبيل المعاوضة) لإفضائه إلى ربا الفضل , فإن كل بأقل على
وجه الإبراء والهبة صح , لا بلفظ الصلح لما تقدم (و) الصلح عن دين (بشيء في
الذمة) بأن صالحه عن دينار في ذمته بأردب قمح أو نحوه في الذمة يصح و (يحرم
التفرق قبل القبض) لأنه يصير بيع دين بدين.
مراجع إضافية
انظر نهاية المحتاج (4 / 374) أسنى المطالب (2 / 215) تبيين الحقائق (5 /
41 - 42) البدائع (6 / 34 - 46 - 47) التاج الإكليل (5 / 81) المبدع (4 /
279 - 283 - 284) كشاف القناع (3 / 379 - 382) المهذب (1 / 340) القوانين
الفقهية (ص 343) البحر الرائق (7 / 259) البهجة (1 / 221) الأم (3 / 227)
الصلح على الوضع من
الدين لتعجيله
اختلف الفقهاء فيما لو صالح الدائن مدينه عن ألف مؤجل على خمسمائة معجلة ,
وهو ما يسمى ب (ضع وتعجل) فمنعه أكثر الفقهاء , وأجازه بعض محققيهم.
اختلف الفقهاء فيما إذا كان لرجل دين مؤجل
على آخر , فأراد أن يضع عن المدين بعضه على أن يعجل له الباقي , وهو ما
يسمى بمسألة (ضع وتعجل) . فهل يجوز لهما الصلح على ذلك؟ على ثلاثة أقوال:
(أحدها) للشافعية والمالكية: وهو عدم جواز الصلح على ذلك مطلقا , لأنه ربا.
(والثاني) للحنفية والحنابلة: وهو عدم جوازه إلا في دين الكتابة , لأن
الربا لا يجري بين المكاتب ومولاه في ذلك.
(والثالث) لأحمد في رواية عنه اختارها ابن تيمية وابن القيم وهو قول ابن
عباس والنخعي ورجحه الشوكاني وهو جواز ذلك.
وحجتهم على ذلك بأنه ضد الربا صورة ومعنى , فإن ذاك يتضمن الزيادة في الأجل
والدين , وذلك إضرار محض بالغريم , وهذا الصلح يتضمن براءة ذمة الغريم من
الدين وانتفاع صاحبه بما يتعجله , فكلاهما حصل له الانتفاع من غير ضرر
بالآخر , بخلاف الربا فإن ضرره لاحق بالمدين , ونفعه مختص برب الدين.
هذا وقد قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي (بمنظمة المؤتمر الإسلامي) في دورته
السابعة المنعقدة بجدة في الفترة من 7 - 12 ذو القعدة 1412 هـ الموافق 9 -
14 مايو 1992م بخصوص موضوع البيع بالتقسيط ما يلي:
الحطيطة من الدين المؤجل لأجل تعجيله , سواء كانت بطلب الدائن أو المدين
(ضع وتعجل) جائزة شرعا , لا تدخل في الربا المحرم إذا لم تكن بناء على
اتفاق مسبق , وما دامت العلاقة بين الدائن والمدين ثنائية , فإذا دخل
بينهما طرف ثالث لم تجز , لأنها حينئذ تأخذ حكم حسم الأوراق التجارية.
السيل الجرار للشوكاني (3 / 149) /50 (ويصح
التعجيل بشرط حط البعض) أقول: إذا حصل التراضي على هذا , فليس في ذلك مانع
من شرع ولا عقل , لأن صاحب الدين قد رضي ببعض ماله وطابت نفسه عن باقية وهو
يجوز أن تطيب نفسه عن جميع ذلك المال وتبرأ ذمة من هو عليه , فالبعض
بالأولى , وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلين
يتخاصمان في المسجد وقد ارتفعت أصواتهما , وكانت تلك الخصومة في دين
لأحدهما على الآخر , فأشرف عليهما النبي صلى الله عليه وسلم وأشار بيده من
له الدين أن يضع الشطر فكان هذا دليلا على جواز التعجيل بشرط حط البعض.
إعلام الموقعين (3 / 371)
وإن كان الدين مؤجلا , فتارة يصالحه على بعضه مؤجلا مع الإقرار والإنكار ,
فحكمه ما تقدم. وتارة يصالحه ببعضه حالا مع الإقرار والإنكار , فهذا للناس
فيه ثلاثة أقوال أيضا.
أحدها: أنه لا يصح مطلقا , وهو المشهور عن مالك لأنه يتضمن بيع المؤجل
ببعضه حالا , وهو عين الربا. وفي الإنكار المدعي يقول: هذه المائة الحالة
عوض عن مائتين مؤجلة , وذلك لا يجوز , وهذا قول ابن عمر.
والقول الثاني: أنه يجوز , وهو قول ابن عباس وإحدى الروايتين عن الإمام
أحمد حكاها ابن أبي موسى وغيره , واختاره شيخنا ; لأن هذا عكس الربا , فإن
الربا يتضمن الزيادة في أحد العوضين في مقابلة الأجل , وهذا يتضمن براءة
ذمته من بعض العوض في مقابلة سقوط الأجل , فسقط بعض العوض في مقابلة سقوط
بعض الأجل , فانتفع به كل واحد منهما , ولم يكن هنا ربا لا حقيقة ولا لغة
ولا عرفا , فإن الربا الزيادة , وهي منتفية ههنا , والذين حرموا ذلك إنما
قاسوه على الربا , ولا يخفى الفرق الواضح بين قوله: إما أن تربي وإما أن
تقضي , وبين قوله: عجل لي وأهب لك مائة , فأين أحدهما من الآخر! فلا نص في
تحريم ذلك ولا إجماع ولا قياس صحيح.
والقول الثالث: يجوز ذلك في دين الكتابة , ولا يجوز في غيره , وهو قول
الشافعي وأبي حنيفة. قالوا: لأن ذلك يتضمن تعجيل العتق المحبوب إلى الله ,
والمكاتب عبد ما بقي عليه درهم , ولا ربا بين العبد وبين سيده , فالمكاتب
وكسبه للسيد , فكأنه أخذ بعض كسبه وترك له بعضه.
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 496) /50 لا يصح الصلح عن دين مؤجل
ببعضه حالا إلا في دين الكتابة (م 1621) .
أسنى المطالب (2 / 216) /50 صالح عن ألف مؤجل بخمسمائة حالة (يبطل) لأنه
ترك بعض المقدار ليحصل الحلول في الباقي , والصفة بانفرادها لا تقابل بعوض
, ولأن صفة الحلول لا يصح إلحاقها بالمؤجل , وإذا لم يحصل ما ترك من القدر
لأجله لم يصح الترك.
التاودي على التحفة (1 / 221) /50 وفي الرسالة: ولا تجوز الوضعية من الدين
على تعجيله ولا التأخير به على الزيادة فيه.
البهجة (1 / 221) /50 كأن يدعي عليه بعشرة دنانير أو عشرة أثواب , فأقر
بذلك أو أنكره , وصالحه على ثمانية معجلة , لما فيه من وضع وتعجل , وهو
ممتنع في العين وغيرها. . .
ووجه المنع أن من عجل ما أجل يعد مسلفا , فقد أسلف الآن ثمانية ليقتضي عند
الأجل عشرة من نفسه.
الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية (ص 134) /50 ويصح الصلح عن المؤجل
ببعضه حالا. وهو رواية عن أحمد وحكي قولا للشافعي.
الهداية (7 / 396) /50 (ولو كانت له ألف مؤجلة , فصالحه على خمسمائة حالة
لم يجز) لأن المعجل خير من المؤجل , وهو حرام.
تبيين الحقائق (5 / 43) /50 وإنما كان تعجيل المؤجل كالوصف , لأن المعجل
خير من المؤجل , ولهذا ينقص الثمن لأجله , فيكون الحط بمقابلة الأجل ,
فيكون ربا , فلا يجوز إلا إذا صالح المولي مكاتبه عن ألف مؤجلة على خمسمائة
حالة , فإنه يجوز , لأن معنى الإرفاق فيما بينهما أظهر من معنى المعاوضة ,
فلا يكون هذا من مقابلة الأجل ببعض المال , ولكنه إرفاق من المولي بحط بعض
البدل , وهو مندوب إليه في الشرع , ومساهلة من المكاتب فيما بقي قبل حلول
الأجل ليتوصل به إلى شرف الحرية , وهو أيضا مندوب في الشرع.
شرح منتهى الإرادات (2 / 260) /50 (ولا يصح) الصلح (عن) دين (مؤجل ببعضه)
أي المؤجل (حالا) نصا , لأن المحطوط عوض عن التعجيل ولا يجوز بيع الحلول
والأجل (إلا في) مال (كتابة) إذا عجل مكاتب لسيده بعض كتابته عنها , لأن
الربا لا يجري بينهما في ذلك.
مراجع إضافية /50 انظر روضة الطالبين (4 / 196) نهاية المحتاج (4 / 374)
الخرشي (6 / 3) الزرقاني على خليل (6 / 3) البحر الرائق (7 / 259) البدائع
(6 / 45) المبدع (4 / 279) كشاف القناع (3 / 280) العناية على الهداية (7 /
396) تبيين الحقائق وحاشية الشلبي (5 / 42) شرح المجلة للأتاسي (4 / 564) .
الصلح مع إنكار
المدعى عليه
الصلح عن الإنكار جائز مشروع عند جمهور الفقهاء إذا كان المدعي معتقدا أن
ما ادعاه حق , والمدعى عليه يعتقد أنه لا حق عليه , فيتصالحان قطعا
للمنازعة.
وخالفهم في ذلك الشافعية وابن حزم وقالوا: هو باطل.
الصلح مع إنكار المدعى عليه هو كما إذا
ادعى شخص على آخر شيئا , فأنكره المدعى عليه , ثم صالح عنه. وقد اختلف
الفقهاء في حكمه على قولين:
أحدهما: للشافعية وابن حزم وابن أبي ليلى وهو أن الصلح على الإنكار باطل.
الثاني: لجمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة: وهو جواز الصلح
على الإنكار بشرط أن يكون المدعي معتقدا أن ما ادعاه حق , والمدعى عليه
يعتقد أنه لا حق عليه , فيتصالحان قطعا للخصومة والنزاع.
أما إذا كان أحدهما عالما بكذب نفسه , فالصلح باطل في حقه , وما أخذه
العالم بكذب نفسه حرام عليه , لأنه من أكل المال بالباطل.
مرشد الحيران (ص 282) /50 إذا كان المدعى
به عينا معينة دارا أو أرضا أو عرضا وأنكر المدعى عليه دعوى المدعي أو سكت
ولم يبد إقرار ولا إنكارا , ثم اصطلحا على شيء معين دارا أو عقارا أو عرضا
أو نقدا يعتبر ذلك الصلح فداء من اليمين وقطعا للمنازعة في حق المدعى عليه
وبيعا في حق المدعي , فتجرى فيه أحكامه. (م 1037)
مجلة الأحكام العدلية (ص 302)
الصلح عن الإنكار أو السكوت هو في حق المدعي معاوضة , وفي حق المدعي عليه
خلاص من اليمين وقطع للمنازعة , فتجري الشفعة في العقار المصالح عليه , ولا
تجري في العقار المصالح عنه. (م 1550) .
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 497) /50 الصلح عن الإنكار مال صحيح
, وهو إبراء في حق المدعى عليه , بيع في حق المدعى ما لم يكن الصلح على بعض
المدعى. لو ادعى على آخر عينا أو دينا , فأنكر المدعى عليه , ثم صالحه على
نقد أو عين جاز , ولا شفعة في المصالح عنه لو كان شقصا من عقار , ولا يستحق
المدعي عليه شيئا لو وجد بالمصالح عنه عيبا.
أما المصالح به فتثبت فيه الشفعة , وإذا وجد المدعي به عيبا رده وفسخ الصلح
إن وقع الصلح على عينه , وإلا طالب ببدله. لكن لو وقع الصلح على بعض المدعى
به , فلا يؤخذ ولا يستحق المدعي لعينه شيئا (م1629) .
المغني (7 / 6) /50 إن الصلح على الإنكار صحيح. وبه قال مالك وأبو حنيفة.
وقال الشافعي لا يصح. لأنه عاوض على ما لم يثبت له , فلم تصح المعاوضة ,
كما لو باع مال غيره , ولأنه عقد معاوضة خلا عن العوض في أحد جانبيه فبطل ,
كالصلح على حد القذف.
ولنا: عموم قوله صلى الله عليه وسلم الصلح بين المسلمين جائز فيدخل هذا في
عموم قوله. فإن قالوا: فقد قال: إلا صلحا أحل حراما , وهذا داخل فيه , لأنه
لم يكن له أن يأخذ من مال المدعى عليه , فحل بالصلح قلنا: لا نسلم دخوله
فيه , ولا يصح حمل الحديث على ما ذكروه.
مجمع الأنهر (2 / 308) /50 (ويجوز) الصلح (مع إقرار) من المدعي عليه
(وسكوت) منه بأن لا يقر ولا ينكر (وإنكار) وكل ذلك جائز عندنا لقوله تعالى
{والصلح خير} عرفه باللام , فالظاهر العموم ولقوله عليه الصلاة والسلام
الصلح جائز فيما بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا وقال
الشافعي لا يجوز مع الإنكار والسكوت , لأنهما صلح أحل حراما , لأنه أخذ
المال بغير حق في زعم المدعي فكان رشوة.
أسنى المطالب وحاشية الرملي (2 / 215) /50 (فلا يصح مع الإنكار) أو السكوت
من المدعى عليه (ولو في صلح الحطيطة) إذا لا يمكن تصحيح التمليك مع ذلك ,
لاستلزامه أن يملك المدعي مالا يملكه , ويتملك المدعى عليه ما لا يملكه.
قال الرملي لأن المدعي إن كان كاذبا فقد استحل مال المدعى عليه , وهو حرام.
أو صادقا , فقد حرم عليه ماله الحلال , فدخل في قوله صلى الله عليه وسلم
إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا.
الإشراف للقاضي عبد الوهاب (2 / 17) /50 الصلح جائز على الإنكار خلافا
للشافعي لقوله صلى الله عليه وسلم الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل
حراما أو حرم حلالا فعم. ولأنها دعوى , فجاز الصلح معها ما لم يحكم ببطلانه
, أصله الإقرار. ولأن كل صلح جائز مع الإقرار جاز مع الإنكار , أصله إذا
قامت به البينة. ولأن افتداء اليمين جائز لما روي عن عثمان وابن مسعود
أنهما بذلا مالا في دفع اليمين عنهما.
ولأن اليمين الثابتة للمدعي حق ثابت , لسقوطه تأثير في إسقاط المال , فجاز
أن يؤخذ عنه المال على وجه الصلح , أصلح القود في دم العمد.
المحلى (8 / 160) /50 مسألة: لا يحل الصلح البتة على الإنكار ولا على
السكوت الذي لا إنكار معه , ولا على إسقاط يمين قد وجبت , ولا على أن يصالح
مقر على غيره , وذلك الذي صولح عنه منكر , وإنما يجوز الصلح مع الإقرار
بالحق فقط , وهو قول ابن أبي ليلى إلا أنه جوز الصلح على السكوت الذي لا
إقرار معه ولا إنكار , وهو قول الشافعي إلا أنه جوز الصلح على إسقاط اليمين
, وأن يقر إنسان عن غيره ويصالح عنه بغير أمره , وهذا نقض لأصله.
القوانين الفقهية (343) /50 ويجوز الصلح على الإقرار اتفاقا وعلى الإنكار
خلافا للشافعي وهو أن يصالح من وجبت عليه اليمين على أن يفتدي منها , ويحل
لمن بذل له شيء في الصلح أن يأخذه إن علم أنه مطالب بالحق , فإن علم أنه
مطالب بالباطل لم يجز له أخذه.
مراجع إضافية /50 انظر الأم (3 / 221) نهاية المحتاج (4 / 375) روضة
الطالبين (4 / 198) بدائع الصنائع (6 / 40) كشاف القناع (3 / 385) شرح
منتهى الإرادات (2 / 263) المبدع (4 / 285) عارضة الأحوذي (6 / 104) البحر
الرائق (7 / 256) تبيين الحقائق (5 / 31) إعلام الموقعين (3 / 370) درر
الحكام (4 / 35) .
الصلح مع سكوت
المدعي عليه
اختلف الفقهاء في حكم الصلح مع السكوت تبعا لاختلافهم في حكم الصلح مع
الإنكار , وذلك على قولين:
أحدهما لجمهور الفقهاء وهو الجواز والمشروعية
والثاني للشافعية وابن حزم وهو عدم الجواز والبطلان.
الصلح مع سكوت المدعى عليه هو كما إذا ادعى
شخص على آخر شيئا , فسكت المدعي عليه دون أن يقر أو ينكر , ثم صالح عنه.
وقد اعتبر سائر الفقهاء - عدا ابن أبي ليلى - هذا الصلح في حكم الصلح عن
الإنكار , لأن الساكت منكر حكما , صحيح أن السكوت يمكن أن يحمل على الإقرار
وعلى الإنكار معا. إلا أنه نظرا لكون الأصل براءة الذمة وفراغها , فقد
ترجحت جهة الإنكار. ومن هنا كان اختلافهم في جوازه تباعا لاختلافهم في جواز
الصلح عن الإنكار.
وعلى هذا , فللفقهاء في الصلح عن السكوت قولان:
أحدهما: للشافعية وابن حزم وهو عدم جوازه , وأنه باطل.
والثاني: للحنفية والمالكية والحنابلة وابن أبي ليلى وهو جوازه ومشروعيته.
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص497)
/50 الصلح عن السكوت مع الجهل بالمدعي به في حكم الصلح عن إنكار. فلو ادعى
عليه بحق فسكت , أي لم يقر ولم ينكر جاهلا صدق المدعي في دعواه , ثم صالحه
عنه صح. (م 1630) .
مرشد الحيران (ص 282) /50 إذا كان المدعي به عينا معينة دارا أو أرضا ,
وأنكر المدعي عليه دعوى المدعي أو سكت ولم يبد إقرارا ولا إنكار , ثم
اصطلحا على شيء معين دارا أو عقارا أو عرضا أو نقدا يعتبر ذلك الصلح فداء
من اليمين وقطعا للمنازعة في حق المدعي عليه , وبيعا في حق المدعي , فتجرى
فيه أحكامه (م 1027) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 302) /50 الصلح عن الإنكار أو السكوت هو في حق
المدعي معاوضة , وفي حق المدعي عليه خلاص من اليمين وقطع للمنازعة (م 1550)
.
المحلى (8 / 160) /50 مسألة: لا يصح الصلح البتة على الإنكار ولا على
السكوت الذي لا إنكار معه ولا إقرار.
تبيين الحقائق (5 / 30) /50 (وهو جائز بإقرار وسكوت وإنكار) لإطلاق ما
تلونا وما روينا وما بينا من المعنى , لقوله عليه الصلاة والسلام كل صلح
جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا وقال الشافعي لا يجوز
مع الإنكار والسكوت.
شرح الخرشي (6 / 4) /50 أن الصلح على السكوت جائز , مثل أن يدعى على شخص
بشيء , فيسكت , فيصالحه على شيء , لأنه حكم الإقرار. وكذا يجوز الصلح على
الإنكار باعتبار عقده.
وأما في باطن الأمر , فإن كان الصادق المنكر فالمأخوذ منه حرام , وإلا
فحلال. لكن يشترط في جواز الصلح على السكوت أو الإنكار.
شرح منتهى الإرادات (2 / 263) /50 (القسم الثاني) من قسمي الصلح في المال:
الصلح (على إنكار. بأن يدعي) شخص على آخر (عينا أو دينا فينكر) المدعى عليه
(أو يسكت , وهو) أي المدعي عليه (يجهله) أي المدعي به (ثم يصالحه على نقد
أو نسيئة) لأن المدعي ملجأ إلى التأخير بتأخير خصمه (فيصح) الصلح للخبر. لا
يقال هذا يحل حراما , لأنه لم يكن له أخذ شيء من مال المدعي عليه , فحل
بالصلح , لأن هذا يوجد في الصلح بمعنى البيع , فإنه يحل لكل منهما ما كان
محرما عليه قبله , وكذا الصلح بمعنى الهبة أو الإبراء , بل معنى يحل حراما
ما يتوصل به إلى تنازل المحرم مع بقاء تحريمه , كاسترقاق حر , أو إحلال بضع
محرم , أو الصلح بخمر ونحوه.
مغني المحتاج (2 / 179 - 180) /50 (النوع الثاني: الصلح على الإنكار) أو
السكوت من المدعي عليه , كما قاله في المطلب عن سليم الرازي وغيره , كأن
ادعي عليه شيئا فأنكره أو سكت ثم صالح عنه (فيبطل إن جرى على نفس المدعى)
كأن يدعي عليه دارا فيصالحه عليها , بأن يجعلها للمدعي أو للمدعي عليه كما
يصدق بذلك عبارة المصنف , وكلا الصورتين باطل. وفي الروضة وأصلها: على غير
المدعي , كأن يصالحه عن الدار بثوب أو دين. . . (وكذا) يبطل الصلح (إن جرى
على بعضه في الأصح) أي المدعي , كما لو كان على غير المدعي.
مراجع إضافية /50 انظر أسنى المطالب (2 / 215) نهاية المحتاج (4 / 375)
المبدع (4 / 285) كفاية الطالب الرباني والعدوي عليه (2 / 324) كشاف القناع
(3 / 385) تكملة فتح القدير مع العناية والكفاية (7 / 379) .
فسخ الصلح
المراد بانحلال عقد الصلح: انتهاؤه بعد وجوده بطريق الفسخ أو الإفساخ.
والفرق بينهما أن الفسخ عبارة عن نقض الصلح بفعل من العاقدين أو أحدهما ,
بينما الانفساخ عبارة عن انتهاء الصلح بسبب خارج عن إرادتهما.
الفسخ هو عبارة عن نقض الصلح بفعل من
العاقدين أو أحدهما.
وذهب الحنفية إلى أن موجبات فسخ الصلح أربعة:
(أحدهما) الإقالة فيما سوى القصاص. لأن الصلح فيما سوى القصاص لا يخلو عن
معنى المعاوضة , فكان محتمل للفسخ بها , كالبيع ونحوه. أما الصلح في القصاص
فهو إسقاط محض , فلا يحتمل الفسخ , كالطلاق ونحوه.
(والثاني) لحاق المصالح المرتد بدار الحرب أو موته على الرده عند أبي
حنيفة.
(والثالث) رد بدل الصلح بخيار العيب أو الرؤية , لأنه يفسخ العقد.
(والرابع) استهلاك ما وقع الصلح على منفعته , بأن كان بدل الصلح خدمة عبد
أو ركوب دابة أو منفعة بيت أو دكان ونحو ذلك.
ونص المالكية على أن للطرف المظلوم في عقد الصلح نقض الصلح في ست حالات هي:
(الأولى) أن يقر الظالم ببطلان دعواه بعد وقوع الصلح , فإن للمظلوم نقضه ,
لأنه كالمغلوب على الصلح.
(والثانية) أن تشهد بينة للمظلوم على الظالم لم يعملها المظلوم حين الصلح.
(والثالثة) أن يصالح من له بينة غائبة يعلمها , وهي بعيدة جدا , وأشهد أنه
يقوم بها.
(والرابعة) أن يصالح لعدم وثيقة , ثم يجدها بعد الصلح على الإنكار , وقد
أشهد أن يقوم بها إن وجدها.
(والخامسة) أن يدعي على شخص بشيء معلوم , فينكره , فيشهد سرا أن بينته
غائبة بعيدة الغيبة , وأنه إنما يصالح لأجل بعد غيبتها , وأنه إن قدمت قام
بها , ثم حضرت بينته.
(والسادسة) أن يقر المدعي عليه سرا بالحق , ويجحده علانية , فيشهد المدعي
بينة على جحده علانية , ثم يصالحه على التأخير , ويشهد بينة لم يعلم بها
المدعى عليه على أنه غير ملتزم للتأخير , وأنه إنما فعل ذلك الصلح ليقر له
المدعى عليه علانية.
بدائع الصنائع (6 / 54 - 55) /50 ما يبطل
به الصلح أشياء: (منها) الإقالة فيما سوى القصاص. لأن ما سوى القصاص لا
يخلو عن معنى معاوضة المال بالمال , فكان محتملا للفسخ , كالبيع ونحوه.
فأما في القصاص , فالصلح فيه إسقاط محض , لأنه عفو , والعفو إسقاط , فلا
يحتمل الفسخ كالطلاق ونحوه.
(ومنها) لحاق المرتد بدار الحرب أو موته على الردة عند أبي حنيفة بناء على
أن تصرفات المرتد موقوفة عنده على الإسلام أو اللحاق بدار الحرب والموت ,
فإن أسلم نفذ , وإن لحق بدار الحرب وقضى القاضي به , أو قتل أو مات على
الردة تبطل. وعندهما نافذة , والمرتدة إذا لحقت بدار الحرب يبطل من صلحها
ما يبطل من صلح الحربية , لأن حكمها حكم الحربية.
(ومنها) الرد بخيار العيب والرؤية , لأنه يفسخ العقد لما علم.
(ومنها) الاستحقاق. وأنه ليس إبطالا حقيقة , بل هو بيان أن الصلح لم يصح
أصلا , لا أنه بطل بعد الصحة , إلا أنه إبطال من حيث الظاهر , لنفاذ الصلح
ظاهرا , فيجوز إلحاقه بهذا القسم , لكنه ليس بإبطال حقيقة , فكان إلحاقه
بأقسام الشرائط على ما ذكرنا أولي وأقرب إلى الصناعة والفقه , فكان أولي.
(ومنها) هلاك أحد المتعاقدين في الصلح على المنافع قبل انقضاء المدة , لأنه
بمعنى الإجارة , وأنها تبطل بموت أحد المتعاقدين.
وأما هلاك ما وقع الصلح على منفعته , هل يوجب بطلان الصلح , فلا يخلو: إما
إن كان حيوانا كالعبد والدابة أو غير حيوان كالدار والبيت. فإن كان حيوانا
لا يخلو إما أن يهلك بنفسه أو باستهلاك. فإن هلك بنفسه يبطل الصلح إجماعا ,
وإن هلك باستهلاك , فلا يخلو من ثلاثة أوجه: أما أن استهلكه أجنبي وأما أن
استهلكه المدعى عليه وأما أن استهلكه المدعي. فإن استهلكه أجنبي بطل الصلح
عند محمد وقال أبو يوسف لا يبطل. ولكن للمدعي الخيار إن شاء نقض الصلح ,
وإن شاء اشترى له بقيمته عبدا يخدمه إلى المدة المضروبة. . وإن استهلكه
المدعى عليه بأن قتله أو كان عبدا فأعتقه يبطل الصلح أيضا. وقيل هذا قول
محمد فأما على أصل أبي يوسف فلا يبطل , وتلزمه القيمة ليشترى له بها عبدا
آخر يخدمه إلى المدة المشروطة. كذا لو استهلكه المدعي بطل الصلح عند محمد
وعند أبي يوسف لا يبطل , وتؤخذ من المدعي قيمة العبد ويشتري عبدا آخر يخدمه
, وهل يثبت الخيار للمدعي في نقض الصلح على مذهبه , فيه نظر.
هذا إذا كان الصلح على منافع الحيوان , فأما إذا كان على سكنى بين فهلك
بنفسه بأن انهدم , أو باستهلاك بأن هدمه غيره لا يبطل الصلح , ولكن لصاحب
السكنى وهو المدعي الخيار: إن شاء بنى له صاحب البيت بيتا آخر يسكنه إلى
المدة المضروبة , وإن شاء نقض الصلح.
شرح الخرشي (6 / 5 - 6)
إن الظالم إذا أقر ببطلان دعواه بعد وقوع الصلح , فإن للمظلوم نقضه بلا
خلاف لأنه كالمغلوب على الصلح بإنكار المدعى عليه , وإن شاء أمضاه , وضمان
ما قبضه كل منهما من قابضه.
الثانية: أن تشهد بينة للمظلوم على الظالم , لم يعلمها المظلوم حين الصلح ,
فله نقضه على المشهور , وهو مذهب المدونة , ولا بد من حلفه على عدم العلم.
الثالثة: من صالح وله بينة غائبة لا يعلمها , وهي بعيدة جدا , وأشهد أنه
يقوم بها , سواء أعلن بالإشهاد , بأن يكون عند الحاكم أو لم يعلن به كما
يأتي في قوله بعد كمن لم يعلن. وما ذكرناه من التقييد بكونها بعيدة جدا
نحوه في المواق , ومقتضاه أن البعيدة لا جدا كالقريبة في أن حكمها كالحاضرة
, فلا يقوم بها ولو أشهد أنه يقوم بها , والبعد جدا كأفريقية أي من المدينة
أو من مكة أو الأندلس من خراسان.
الرابعة: من صالح لعدم وثيقته , ثم وجدها بعد الصلح على الإنكار , وقد أشهد
أنه يقوم بها إن وجدها , فله نقض الصلح حينئذ , كالبينة التي علمها , وأما
إن نسيها حال الصلح ثم وجدها , فإنه يحلف ويقوم بها , كالبينة التي يعلمها.
والضمير في قوله فله للمظلوم , أي فللمظلوم نقض الصلح , وله إمضاؤه.
الخامسة: من ادعى على شخص بشيء معلوم فأنكره , فأشهد سرا أن بينته غائبة
بعيدة الغيبة , وأنه إنما يصالح لأجل بعد غيبة بينته , وأنه إن قدمت قام
بها , والحال أنه لم يعلن بالإشهاد عند الحاكم , ثم صالحه , ثم قدمت بينته
, فله القيام بها , وينقض الصلح , كمن أعلن وأشهد.
السادسة: أن يكون المدعي عليه يقر بالحق سرا , ويجحده علانية , فأشهد
المدعي بينة على جحده علانية , ثم صالحه على التأخير , وأشهد بينة لم يعلم
بها المدي عليه على أنه غير ملتزم للتأخير , وأنه إنما فعل ذلك الصلح ليقر
له علانية , فإنه يعمل بذلك. فالضمير في يقر للمدعى عليه. واتفق الناصر
اللقاني وشيخه برهان الدين اللقاني على أن له نقض الصلح في هذه المسائل.
انفساخ الصلح
أسباب انفساخ عقد الصلح خمسة:
موت أحد العاقدين قبل انتهاء المدة المضروبة إذا وقع الصلح على المنافع ,
وهلاك بدل الصلح إذا كان منفعة قبل استيفائها ,
واستحقاق المصالح عنه أو عليه إذا كان معينا ,
وطروء تغير في المصالح عنه تختل معه المعاوضة ,
وهلاك العين المجعولة بدل صلح قبل قبضها.
موجبات انفساخ الصلح عند الفقهاء خمسة:
(أحدها) موت أحد العاقدين قبل انتهاء المدة المضروبة إذا وقع الصلح على
المنافع , لأنه في حكم الإجارة , وهي تبطل بذلك. وهذا قول الحنفية خلافا
لسائر الفقهاء.
(الثاني) هلاك بدل الصلح إذا كان منفعة قبل استيفائها. نص على ذلك الشافعي
وابن حزم والحنابلة , ووافقهم على ذلك الحنفية إذا كان محل المنفعة حيوانا.
(والثالث) الاستحقاق. كما إذا استحق المصالح عنه المعين بالبينة أو استحق
بدل الصلح المعين بعد الافتراق. وعلى ذلك نص الشافعي والحنفية والظاهرية.
(والرابع) طروء تغير في المصالح عنه تختل معه المعاوضة في الصلح.
وذلك كما إذا جرح رجلا عمدا , فصالحه عن هذا الجرح , ثم بريء الجرح من غير
أن يترك أثرا , أو مات الجريح من سراية جرحه. وعلى ذلك نص الحنفية.
(والخامس) هلاك العين المجعولة بدل صلح قبل قبضها. عند الحنفية والشافعية
والظاهرية.
مرشد الحيران (ص 281) /50 إذا وقع الصلح عن
إقرار على مال معين عن دعوى مال معين , واستحق المصالح عنه كله أو بعضه
يسترد من بدل الصلح الذي قبضه المدعي مقدار ما أخذ بالاستحقاق من المدعى
عليه إن كلا فكلا , وإن بعضا فبعضا (م 1033) .
إذا وقع الصلح عن إقرار على مال معين عن دعوى مال معين , ثم استحق بدل
الصلح كله أو بعضه , هو مما يتعين بالتعيين , يرجع المدعي على المدعى عليه
بكل المصالح عنه أو بقدر المستحق إذا استحق بعضه , وإن كان مما لا يتعين
بالعين , وهو من جنس المدعي به أو من غير جنسه ولكن استحق قبل الافتراق عن
المجلس , يرجع المدعي بمثل ما استحق , وإن كان بعد الافتراق يبطل الصلح (م
1034) .
إذا وقع الصلح عن إنكار على شيء معين من دعوى عين معينة , ثم استحق المدعى
به كله أو بعضه يرجع المدعى عليه بمقابله من العوض على المدعي , ويرجع
المدعي بالخصومة فيه والدعوى على المستحق , وإن استحق بدل الصلح كله أو
بعضه يرجع بالدعوى كلا أو بعضا على حسب القدر المستحق إذا كان بدل الصلح
مما يتعين بالتعيين , وإن كان مما لا يتعين بالتعيين وهو من جنس المدعى به
أو من غير جنسه , لكن استحق قبل الافتراق عن المجلس يرجع المدعي بمثل ما
استحق , وإن كان بعد الافتراق يبطل الصلح كما تقدم (م 1035) .
مجلة الأحكام العدلية (ص 302 - 304) /50 الصلح عن الإنكار أو السكوت هو في
حق المدعي معاوضة , وفي حق المدعي عليه خلاص من اليمين وقطع للمنازعة ,
فتجرى الشفعة في العقر المصالح عليه ولا تجري في العقار المصالح عنه , ولو
استحق كل المصالح عنه أو بعضه يرد المدعي إلى المدعي عليه هذا المقدار من
بدل الصلح كلا أو بعضا , ويباشر المخاصمة بالمستحق , ولو استحق بدل الصلح
كلا أو بعضا يرجع المدعي بذلك المقدار إلى دعواه (م 1550) .
إذا تلف كل بدل الصلح أو بعضه قبل أن يسلم إلى المدعي , فإن كان مما يتعين
بالتعيين فهو في حكم المضبوط بالاستحقاق , فيطلب المدعي كل المصالح أو بعضه
من المدعي عليه في الصلح الواقع على إقرار , ويرجع المدعي إلى دعواه في
الصلح الواقع عن إنكار أو سكوت.
وإن كان بدل الصلح دينا , أي مما لا يتعين بالتعيين كذا قرشا لا يتأتى على
الصلح خلل , ويلزم المدعى عليه إعطاء مثل المقدار الذي تلف للمدعي (م 1560)
.
شرح منتهى الإرادات (2 / 262) /50 (و) الصلح عن نقد أو عرض مقر به (بمنفعة
كسكنى) دار (وخدمة) قن (معينين: إجارة) فيعتبر له شروطها , وتبطل بتلف
الدار وموت القن كباقي الإجارات , بخلاف ما لو باعهما أو أعتق العبد ,
فللمصالح نفعه إلى انقضاء المدة , وللمشتري الخيار إن لم يعلم. ولا يرجع
العبد على سيده بشيء , لأنه اعتقه مسلوب المنفعة.
وإن تلفا قبل استيفاء شيء من المنفعة , رجع بما صولح عنه , وانفسخت
الإجارة. وفي أثنائها تنفسخ فيما بقي , فيرجع بقسطه.
وإن ظهرت الدار مستحقة أو القن حرا أو مستحقا , فالصلح باطل لفساد العوض ,
ورجع مدع فيما أقر له به.
وإن ظهر معيبين بما تنقص به المنفعة , فله الرد وفسخ الصلح.
وإن صالحه بتزويج أمته صح بشرطه , والمصالح به صداقها , فإن فسخ نكاح قبل
دخول بما يسقطه , رجع زوج بما صالح عنه , وإن طلقها ونحوه قبل دخول رجع
بنصفه.
الأم (3 / 222 - 223) /50 وإن ادعى رجل حقا في دار أو أرض فأقر له المدعى
عليه , وصالحه من دعواه على خدمة عبد أو ركوب دابة أو زراعة أرض أو سكنى
دار أو شيء مما يكون فيه الإجارات , ثم مات المدعي والمدعي عليه أو أحدهما
, فالصلح جائز , ولورثة المدعي السكنى والركوب والزارعة والخدمة وما صالحهم
عليه المصالح.
قال الشافعي ولو كان الذي تلف الدابة التي صالح على ركوبها أو المسكن الذي
صالح على سكنه أو الأرض التي صولح على زراعتها. فإن كان ذلك قبل أن يأخذ
منه شيئا , تم من الصلح بقدر ما أخذ إن كان نصفا أو ثلثا أو ربعا , وانتقض
من الصلح بقدر ما بقي , يرجع به في أصل السكن الذي صولح عليه.
قال وهكذا لو صالحه على عبد بعينه أو ثوب بعينه أو دار بعينها فلم يقبضه
حتى هلك انتقض الصلح , ورجع على أصل ما أقر له به. . .
قال: لو ادعى رجل على رجل حقا في دار , فصالحه على بيت معروف سنين معلوما
يسكنه كان جائزا , أو على سطح معروف يبيت عليه كان جائزا , فإن انهدم البيت
أو السطح قبل السكنى رجع على أصل حقه , وإن انهدم بعد السكنى تم من الصلح
بقدر ما سكن وبات , وانتقض منه بقدر ما بقي.
وقال الربيع أصل قوله أنه إذا استحق بعض المصالح به أو المبيع به بطل الصلح
والبيع جميعا , لأن الصفقة جمعت شيئين حلالا وحراما فبطل ذلك كله.
روضة الطالبين (4 / 202) /50 ادعى دارا , فأقر , فصالحه على عبد , فخرج
مستحقا , أو رده بعيب أو هلك قبل القبض رجعت الدار إلى الأول.
المحلى (8 / 168) /50 ومن صالح عن الدم أو كسر سن أو جراحة أو عن شيء معين
بشيء معين , فذلك جائز. فإن استحق بعضه أو كله بطلت المصالحة وعاد على حقه
في القود وغيره , لأنه إنما ترك حقه بشيء لم يصح له , وإلا فهو على حقه ,
فإذا لم يصح له ذلك الشيء فلم يترك حقه , وكذلك لو صالح عن سلعة بعينها
بسكنى دار أو خدمة عبد , فمات العبد أو انهدمت الدار أو استحقا بطل الصلح ,
وعاد على حقه.
قرة عيون الأخيار (2 / 158 - 159 - 160) /50 (وما استحق من المدعي , أي
المصالح عنه , يرد المدعي حصته من العوض , أي البدل , إن كلا فكلا , أو
بعضا فبعضا , وما استحق من البدل يرجع المدعي بحصته من المدعى) أي المصالح
عنه , هذا إذا كان البدل مما يتعين بالتعيين , فإن كان مما لا يتعين
بالتعيين , وهو من جنس المدعى به , فحينئذ يرجع بمثل ما استحق ولا يبطل
الصلح.
(وحكمه كإجارة إن وقع الصلح عن مال بمنفعة , كخدمة عبد وسكنى دار فشرط
التوقيت فيه إن احتيج إليه وإلا لا كصبغ الثوب) فيشترط فيه العلم بالمدة
كخدمة العبد وسكنى الدار والمسافة كركوب الدابة , بخلاف صبغ الثوب وحمل
الطعام , فالشرط بيان تلك المنفعة , ويبطل الصلح بموت أحدهما في المدة إن
عقده لنفسه , وكذا بفوات المحل قبل الاستيفاء , ولو كان بعد استيفاء البعض
بطل فيما بقي , ويرجع المدعي بقدر ما لم يستوف من المنفعة (ويبطل بموت
أحدهما وبهلاك المحل في المدة , وكذا لو وقع عن منفعة بمال أو بمنفعة من
جنس آخر) . . .
(وما استحق من المدعي رد للمدعي حصته من العوض ورجع بالخصومة فيه , فيخاصم
المستحق لخلو العوض عن الغرض , وما استحق من البدل رجع إلى الدعوى في كله
أو بعضه) . . .
(وهلاك البدل كلا أو بعضا قبل التسليم له , أي للمدعي كاستحقاقه) أي
كاستحقاق بدل الصلح كذلك , أي كلا أو بعضا.
مراجع إضافية /50 انظر بدائع الصنائع (6 / 54 - 55) المبدع (4 / 283) درر
الحكام (4 / 51) شرح المجلة للأتاسي (4 / 573) الفتاوى الأنقروية (2 / 330)
.
|