فقه المعاملات

الوكالة


تعريف الوكالة
الوكالة هي إقامة الغير مقام النفس في تصرف معلوم تدخله النيابة ليفعله في حياته. وهي تختلف عن الرسالة التي هي تبليغ أحد كلام الآخر لغيره من دون أن يكون له دخل في التصرف.


الوكالة عبارة عن تفويض شخص غيره في حياته في تصرف معلوم له فعله , ويقبل النيابة , سواء أكان قوليا كعقد وفسخ , أو فعليا كقبض وإقباض , وسواء أكان من حقوق الله تعالى أو من حقوق الآدميين.
ومن حقوق الله التي تدخلها النيابة الحج , ومن حقوق العباد التي تدخلها النيابة البيع والشراء وقضاء الديون ورد الودائع والمطالبة بالحقوق والمخاصمة فيها والصلح عنها والإبراء منها والزواج والطلاق والخلع. إلخ.

ويقال للمستناب في التصرف: وكيل.
وللمستنيب: موكل.
وللتصرف المستناب فيه: الموكل به , والموكل فيه.

والوكالة تختلف عن الرسالة التي تعني تبليغ أحد كلام الآخر لغيره من دون أن يكون له دخل في التصرف. فالرسالة موضوعة لمجرد نقل العبارة وإيصال الكلام المرسل إلى المرسل إليه. وعلى ذلك فالرسالة ليست من قبيل الوكالة.

ولعل أهم الفروق بين الرسالة والوكالة أنه يلزم في الرسالة أن يضيف الرسول العقد إلى مرسله , بأن يقول: إني مرسل , وأني بعتك هذا المال بكذا. أما في الوكالة فالوكيل مخير: إن شاء أضافه إلى نفسه , وإن شاء أضافه إلى موكله. وأن حقوق العقد تعود في الوكالة للوكيل , لأنه مباشر العقد , أما في الرسالة فلا تعود حقوق العقد للرسول , لأنه مبلغ لمباشرة العقد , بل تعود جميعها للمرسل , لأنه هو المباشر له.


مرشد الحيران (ص 244)
التوكيل هو إقامة الغير مقام نفسه في تصرف جائز معلوم. (م 915) .

مجلة الأحكام العدلية (ص 280)
الوكالة تفويض أحد أمره إلى آخر وإقامته مقامه. ويقال لذلك الشخص: موكل ولمن أقامه: وكيل ولذلك الأمر: موكل به. (م 1449) .

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 382)
الوكالة والتوكيل: استنابة جائز التصرف لمثله فيما تدخله النيابة. فإن قيدت بقيد فمقيدة , أو علقت على شرط فمعلقة , أو أقتت بزمن فمؤقته , وإلا فهي مطلقة. (م 1186) .
الوكيل هو من استنابه غيره. ويقال للمستنيب موكل. (م 1187)
الموكل به والموكل فيه: هو التصرف المستناب فيه , سواء كان خاصا أو عاما (م1188)

شرح منتهى الإرادات (2 / 299)
(الوكالة) شرعا (استنابة جائز التصرف) فيما وكل فيه (مثله) أي جائز التصرف (فيما تدخله النيابة) من قول كعقد وفسخ أو فعل كقبض وإقباض.

الدر المنتقى 2 / 221
(الوكالة هي) لغة الحفظ , وشرعا (إقامة الغير مقام نفسه) ترفها أو عجزا (في التصرف) الشرعي المعلوم. فأل للعهد فلا حاجة إلى زيادة أمر شرعي كما ظن , نعم يخرج عنه أنت وكيلي في كل شيء فإنه يصير وكيلا بالحفظ استحسانا. فينبغي أن يزاد الحفظ , كما في التحفة.

مغني المنتقى (2 / 217)
الوكالة شرعا: تفويض شخص ماله فعله مما يقبل النيابة إلى غيره ليفعله في حياته.

ميارة على التحفة (1 / 129)
ابن عرفة الوكالة نيابة ذي حق غير ذي إمرة ولا عبادة لغيره فيه غير مشروطة بموته. (قوله ذي حق) أخرج به من لاحق له , فإنه لا نيابة له (وقوله غير ذي إمرة) أخرج به الولاية العامة والخاصة (وقوله ولا عبادة لغيره فيه) أخرج به إمامة الصلاة (قوله لغيره) متعلق بنيابة , والضمير عائد على المضاف إليه الذي هو صاحب الحق (وقوله غير مشروطة بموته) أخرج به الموصي , لأنه لا يقال فيه عرفا وكيل , ولذا فرقوا بين فلان وكيلي ووصي.

بدائع الصنائع (6 / 19)
وفي الشريعة يستعمل في هذين المعنيين أيضا على تقرير الوضع اللغوي , وهو تفويض التصرف والحفظ إلى الوكيل. ولهذا قال أصحابنا إن من قال لآخر: وكلتك في كذا أنه يكون وكيلا في الحفظ , لأنه أدى ما يحتمله للحفظ , فيحمل عليه.

الدر المختار (4 / 400)
(التوكيل صحيح وهو إقامة الغير مقام نفسه) ترفها أو عجزا (في تصرف جائز معلوم) فلو جهل ثبت الأدنى , وهو الحفظ (ممن يملكه) أي التصرف , نظرا إلى أصل التصرف , وإن امتنع في بعض الأشياء بعارض النهي.

الفرق بين الوكالة والرسالة
رد المحتار (4 / 399)
وفي المعراج قيل الفرق بين الرسول والوكيل أن الوكيل لا يضيف العقد إلى الموكل والرسول لا يستغني عن إضافته إلى المرسل. وما في الفوائد بيان لما يصير به الوكيل وكيلا والرسول رسولا , وحاصله أنه يصير وكيلا بألفاظ الوكالة , ويصير رسولا بألفاظ الرسالة وبالأمر.

مرشد الحيران (ص 248)
تتعلق حقوق العقد في الرسالة بالمرسل لا بالرسول. (م 930) .

مجلة الأحكام العدلية (ص 280 , 281 , 282)
الرسالة: هي تبليغ أحد كلام الآخر إلى غيره من دون أن يكون له دخل في التصرف. ويقال للمبلغ رسول , ولصاحب الكلام مرسل وللآخر مرسل إليه (م 1450) .
الرسالة ليست من قبيل الوكالة. مثلا: لو أراد الصيرفي إقراض أحد دراهم وأرسل خادمه للإتيان بها , يكون الخادم رسول ذلك المستقرض , لا يكون وكيله بالاستقراض (م 1454) .

تعود حقوق العقد في الرسالة إلى المرسل , ولا تتعلق بالرسول أصلا (م 1462)
يكون الأمر مرة من قبيل الوكالة ومرة من قبيل الرسالة مثلا: لو اشترى خادم من تاجر مالا بأمر سيده يكون وكيله بالشراء. وأما لو اشترى المولى المال من التاجر وأرسل خادمه ليأتيه به , فيكون رسول سيده ولا يكون وكيله (م 1455) .

درر الحكام (3 / 526)
والحاصل أن الوكيل هو من باشر العقد , والرسول هو مبلغ مباشرة العقد , وشرط الرسالة أن يضاف العقد إلى المرسل , يعني أن يقول الرسول: إني مرسل , وإني بعتك هذا المال بكذا.

مثلا: لو قال أحد لآخر: اذهب إلى فلان , وأخبره أني بعت منه مالي هذا بكذا درهما وذهب ذلك الشخص وقال له: قال فلان إنه باع منك ماله الفلاني بكذا درهما. يعني أنه قال بعت. فيقال لذلك الشخص رسول , يعني مبلغ قول المرسل هذا إلى المرسل إليه , وليس وكيلا بالبيع.

والوكيل لا يجبر على إضافة العقد , فإن شاء أضاف العقد إلى نفسه , ويجرى حكم الوكالة في هذا الحال , وإن شاء أضافه إلى موكله , وعلى هذه الصورة يراعى حكم الرسالة. وأما الرسول فيجبر على إضافة العقد إلى مرسله. وإليه الإشارة بقوله تعالى: {يا أيها الرسول بلغ} وقوله {وما أنت عليهم بوكيل} حيث نفى الوكالة وأثبت الرسالة.

الفرق بين الرسالة والوكالة: يوجد بين الوكالة وبينها فرق على خمسة وجوه:
أ - الفرق من حيث الماهية. وقد ذكر في المادتين 1449 - 1450 من المجلة.
ب - تعود حقوق العقد في الوكالة للوكيل. أما في الرسالة فلا تعود للرسول حقوق العقد , بل تعود جميعها للمرسل.
ج - قد يتم عزل الوكيل بلحوق علم الوكيل بعزله , ولا يشترط في عزل الرسول لحوق علمه.
د - يلزم في الرسالة أن يضيف الرسول العقد إلى موكله الذي هو مرسله. أما في الوكالة فالوكيل مخير إن شاء أضافه إلى نفسه , وإن شاء أضافه إلى موكله.
هـ - تنعقد الوكالة على الأكثر بألفاظ الوكالة , أما الرسالة فتنعقد على الأكثر بألفاظ الرسالة.


دليل المشروعية
لقد ثبتت مشروعية الوكالة بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول.


دليل المشروعية من الكتاب
قوله تعالى: {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا} (الكهف: 19)
ووجه الاستدلال أن أهل الكهف وكلوا أحدهم في شراء الطعام لهم ومن المعلوم أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد في شرعنا ما ينسخه.
وقوله تعالى مخبرا عن سيدنا يوسف عليه السلام {اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين} (يوسف 93)
فقد أناب سيدنا يوسف عليه السلام إخوته عنه في إلقاء قميصه على وجه أبيه عليه السلام , وهذا توكيل لهم منه ليقوموا نيابة عنه بما يريده.

دليل المشروعية من السنة
توكيل الرسول صلى الله عليه وسلم عروة البارقي بشراء شاة , فقد روى أبو داود والترمذي من حديث عروة البارقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا ليشتري به شاة , فاشترى له به شاتين , فباع إحداهما بدينار , وجاءه بدينار وشاة , فدعا له بالبركة في بيعه.

وما روى أحمد والنسائي وابن حبان من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث إليها يخطبها , فأرسلت إليه أني امرأة مصبية , وإني غيرى , وأنه ليس أحد من أوليائي شاهدا. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما أنك غيرى فسأدعو الله فتذهب غيرتك , وأما أنك مصبية فإن الله سيكفيك صبيانك , وأما أن أحدا من أوليائك ليس شاهدا فليس أحد من أوليائك لا شاهد ولا غائب إلا سيرضي بي. فقالت أم سلمة قم يا عمر فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم , فزوجه إياها.
ودلالة الحديث واضحة , لأن عمر زوجها بطريق الوكالة بمحضر من الرسول وإقرار.

كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكل في القيام بأعمال الدولة كجباية الزكاة وإدارة الجيوش وولاية الأقاليم.
دليل المشروعية من الإجماع
وقد أجمع الفقهاء في كل العصور على جواز عقد الوكالة.
دليل المشروعية من المعقول
فهو أن الحاجة داعية إليه , والمصلحة قائمة به , إذ يعجز كل أحد عن تناول أموره إلا بمعونة من غيره , فكان من رفع الحرج عن الأمة جواز هذا المعاقدة.


تبيين الحقائق (4 / 254)
وهو أي التوكيل مشروع بإجماع الإمة. وقد وكل رسول الله صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام بشراء ضيحة وقال الله تعالى حكاية عن أصحاب الكهف {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة} وكان البعث منهم بطريق الوكالة , وشريعة من قبلنا شريعة لنا ما لم يظهر نسخه ولأن الإنسان قد يعجز عن مباشرة التصرفات وعن حفظ ماله , فيحتاج إلى الاستعانة بغيره أشد الاحتياج , فيكون مشروعا دفعا للحرج.

المغني (7 / 196)
كتاب الوكالة: وهي جائزة بالكتاب والسنة والإجماع.

أما الكتاب فقول الله تعالى: {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها} فجوز العمل عليه , وذلك بحكم النيابة عن المستحقين. وأيضا قوله تعالى {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه} وهذه وكالة.

وأما السنة فروى أبو داود والأثرم وابن ماجة عن الزبير بن الخريت عن أبي لبيد لمازة بن زبار عن عروة بن الجعد قال: عرض للنبي صلى الله عليه وسلم جلب , فأعطاني دينارا , فقال: يا عروة ائت الجلب , فاشتر لنا شاة. قال: فأتيت الجلب فساومت صاحبه , فاشتريت شاتين بدينار , فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالدينار وبالشاة. فقلت: يا رسول الله , هذا ديناركم , وهذه شاتكم. قال: وصنعت كيف؟ قال: فحدثته الحديث. قال: اللهم بارك له في صفقة يمينه. هذا لفظ رواية الأثرم. وروى أبو داود بإسناده عن جابر بن عبد الله. قال: أردت الخروج إلى خيبر فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إني أردت الخروج إلى خيبر فقال: ائت وكيلي , فخذ منه خمسة عشر وسقا , فإن ابتغى منك آية , فضع يدك على ترقوته. وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه وكل عمرو بن أمية الضمري في قبول نكاح أم حبيبة وأبا رافع في قبول نكاح ميمونة.

وأجمعت الأمة على جواز الوكالة في الجملة. ولأن الحاجة داعية إلى ذلك , فإنه لا يمكن كل واحد فعل ما يحتاج إليه , فدعت الحاجة إليها.

أحكام القرآن لابن العربي (3 / 1216)
الوكالة عقد نيابة أذن الله فيه للحاجة إليه وقيام المصلحة به , إذ يعجز كل أحد عن تناول أموره إلا بمعونة من غيره , أو يترفه فيستنيب من يريحه , حتى جاز ذلك في العبادات لطفا منه سبحانه وتعالى ورفقا بضعفة الخليقة.

مراجع إضافية
انظر مغني المحتاج (2 / 217) , شرح منتهى الإرادات (2 / 300) , تكملة فتح القدير (7 / 4) , المهذب (1 / 355) .


الوصف الفقهي
الأصل في الوكالة أنها من عقود التبرعات التي لا تستوجب بدلا عن المنفعة المبذولة من جانب الوكيل للموكل , لكن لو اشترط فيها للوكيل أجر صح ذلك الشرط ولزم.

والوكالة من عقود الأمانة , ومال الموكل في يد الوكيل أمانة , فلا يضمنه إن هلك بدون تعديه أو تفريطه في المحافظة عليه


الأصل في الوكالة أنها من عقود التبرعات التي تقوم على أساس الرفق والمعونة وقضاء الحاجة مجانا فلا تستوجب من الموكل بدلا عن القيام بأعمالها أو حفظ متاعه فيها. لكن لو اشترط فيها عوض للوكيل فإن هذا الشرط صحيح ملزم باتفاق الفقهاء.

والوكالة هي من عقود الأمانات التي يكون المال المقبوض في تنفيذها أمانة في يد قابضه لحساب صاحبه فلا يكون القابض مسئولا عما يصيبه من تلف فما دونه إلا إذا تعدى أو فرط في الحفظ , كالشركة والوديعة والوكالة. إلخ.

وإنما كانت الوكالة كذلك , لأن الأصل في عقدها أنه معروف وإحسان من الوكيل , حيث يبذل منافع بدنه وحرزه للقيام بأعمالها وحفظ مال الموكل فلو ضمن من غير عدوان أو تفريط لامتنع الناس من قبول الوكالات , وذلك مضر بمصالحهم , إذ كثيرا ما يحتاجون إليها أو يضطرون.


مجلة الأحكام الشرعية مذهب أحمد (ص 386)
يصح التوكيل بلا جعل , وبجعل معلوم , أياما معلومة , ولو بجزء شائع من الثمن أو الأجرة أو المقبوض.
مثلا: لو وكله في بيع أمواله أو تأجير أملاكه أو قبض حقوقه على أن يكون له عشرة في كل مائة من الحاصل صح , واستحق الوكيل ذلك. أما إذا جهل الجعل لزم أجر المثل. (م 1201) .

مجلة الأحكام العدلية (ص 285)
إذا اشترطت الأجرة في الوكالة وأوفاها الوكيل فيستحقها , وإن لم تشترط ولم يكن الوكيل ممن يخدم بالأجرة فيكون متبرعا , وليس له المطالبة بالأجرة (م 1467)

الأشباه والنظائر لابن نجيم (ص 295)
لا يجبر الوكيل إذا امتنع عن فعل ما وكل فيه لكونه متبرعا , إلا في مسائل.

القوانين الفقهية (ص 334)
تجوز الوكالة بأجرة وبغير أجرة , فإن كانت بأجرة فحكمها حكم الإجارات , وإن كانت بغير أجرة فهي معروف من الوكيل.

المغني (7 / 204)
ويجوز التوكيل بجعل وبغير جعل , فإن النبي صلى الله عليه وسلم وكل أنيسا في إقامة الحد وعروة في شراء شاة , وعمرا وأبا رافع في قبول النكاح بغير جعل , وكان يبعث عماله بقبض الصدقات ويجعل له عمالة.

فتح العزيز (11 / 70)
اعلم أن قولنا أن الجواز من أحكام الوكالة يراد به الوكالة الخالية عن الجعل , فأما إذا شرط فيها جعلا معلوما , واجتمعت شرائط الإجارة , وعقد العقد بصيغة الإجارة فهو لازم , وإن عقد بصيغة الوكالة فيمكن تخريجه على أن الاعتبار بصيغ العقود أو بمعانيها؟

المقدمات الممهدات (3 / 58)
والوكالة جائزة بعوض وعلى غير عوض , فإن كانت بعوض فهي إجارة تلزمهما جميعا , ولا تجوز إلا بأجرة مسماة وأجل مضروب وعمل معروف. وإن كانت بغير عوض فهي معروف من الوكيل يلزمه إذا قبل الوكالة ما التزمه.

الوكالة من عقود الأمانة
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 387 , 401)
الوكيل أمين , لا يضمن ما تلف بيده من غير تعد ولا تفريط , سواء كان متبرعا أو بجعل , أما إذا تعدى أو فرط فيضمنه. (م 1265) لا يصح اشتراط ضمان الوكيل بلا تفريط , والوكالة صحيحة. (م 1028)

مجلة الأحكام العدلية (ص 284 , 290)
المال الذي قبضه الوكيل بالبيع والشراء وإيفاء الدين واستيفائه وقبض العين من جهة الوكالة هو في حكم الوديعة في يده , فإذا تلف بلا تعد ولا تقصير فلا يلزم الضمان , والمال الذي في يد الرسول من جهة الرسالة هو أيضا في حكم الوديعة (م 1463) إذا تلف المال المشترى في يد الوكيل بالشراء أو ضاع قضاء , فيتلف من مال الموكل ولا يسقط من الثمن شيء. (م 1492) .

مرشد الحيران (ص 252 , 256)
المبيع في يد الوكيل بالشراء أمانة , فإذا هلك أو ضاع بدون تعديه هلك على الموكل , ولا يسقط من الثمن شيء (م 942) .
إذا قبض الوكيل بالبيع الثمن كان في يده أمانة , فلا يضمنه إلا إذا تعدى عليه أو قصر في حفظه (م 957) .

بدائع الصنائع (6 / 34)
المقبوض في يد الوكيل بجهة التوكيل بالبيع والشراء وقبض الدين والعين وقضاء الدين أمانة بمنزلة الوديعة , لأن يده يد نيابة عن الموكل بمنزلة يد المودع , فيضمن بما يضمن في الودائع , ويبرأ بما يبرأ فيها.

التفريع لابن الجلاب (2 / 316)
والوكيل مؤتمن , لا يضمن إلا أن يتعدى.

الكافي لابن عبد البر (ص 395)
الوكيل أمين لا ضمان عليه فيما دفع إليه إلا ما جنت يداه أو أتي به من قبل نفسه بتضييع أو تعمد فساد. وكذلك هو أمين لا ضمان عليه في رد ما دفع إليه ولا في ثمن ما أمر ببيعه إذا ادعى رد ذلك إلى من دفعه إليه وثمنه إلى من أمر ببيعه.

شرح منتهى الإرادات (2 / 315)
(والوكيل أمين لا يضمن ما تلف بيده بلا تفريط) لأنه نائب المالك في اليد والتصرف , فالهلاك في يده كالهلاك في يد المالك , كالمودع والوصي ونحوه وسواء أكان متبرعا أو بجعل فإن فرط أو تعدى ضمن.

المهذب (1 / 364)
والوكيل أمين فيما في يده من مال الموكل , فإن تلف في يده من غير تفريط لم يضمن , لأنه نائب عن الموكل في اليد والتصرف , فكان الهلاك في يده كالهلاك في يد الموكل فلم يضمن.

روضة الطالبين (4 / 325)
للوكالة حكم الأمانة , فيد الوكيل يد أمانة , فلا يضمن ما تلف في يده بلا تفريط , سواء كان بجعل أو متبرعا. فإن تعدى بأن ركب الدابة أو لبس الثوب ضمن قطعا.


الحكم التكليفي
الأصل في الوكالة الإباحة في حق الموجب (الموكل) غير أنه قد يعرض لها الوجوب أو الندب أو الحرمة أو الكراهة بحسب متعلقها , وكذا في حق القابل (الوكيل) عند المالكية.

وقال الشافعية: الأصل في قبولها الندب ما لم يلابسها عارض يصرف حكمه إلى الحرمة أو الكراهة أو الوجوب أو الإباحة , وفي إيجابها الندب كذلك إن لم يرد الموكل غرض نفسه.


نص المالكية على أن حكم الوكالة من حيث ذاتها الإباحة في حق الموكل والوكيل على السواء غير أنه قد يعرض وجوبها كقضاء دين لا يوصل إليه إلا بها , وحرمتها إن تعلق بفعلها شيء محرم , وكراهتها إن كانت بفعل مكروه.

وقال الشافعية: الأصل في قبول الوكالة الندب لأنها قيام بمصلحة الغير , وإسداء نفع إليه , وذلك لقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} (المائدة: 2) , وقول النبي عليه الصلاة والسلام والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه أخرجه مسلم. غير أنه قد يعرض له:
الحرمة , إذا كان فيها إعانة على معصية ,
والكراهة , إذا كان فيها إعانة على مكروه ,
والوجوب , إن توقف عليها دفع ضرورة الموكل , كتوكيل المضطر لدفع الهلاك عن نفسه غيره في شراء طعام قد عجز عن شرائه
والإباحة , كما إذا لم يكن للموكل حاجة للتوكيل وسأله الوكيل لا لغرض.

وكذلك الأصل في إيجابها الندب إن لم يرد به الموكل حظ نفسه.


مواهب الجليل (5 / 181)
قال ابن عرفة وحكمها لذاتها الجواز.

مغني المحتاج (2 / 217)
قال القاضي حسين وغيره: إن قبولها - أي الوكالة - مندوب إليه , لقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} ولخبر: والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.

الزرقاني على خليل (6 / 72)
(صحت الوكالة في قابل النيابة من عقد) وما عطف عليه , أي يجوز أن يوكل من يعقد عنه عقدا , معاملة أو بيعا أو نكاحا أو غير ذلك من العقود. قال التتائي ولعله إنما عبر بالصحة دون الجواز لعروض سائر الأحكام للصحة بحسب متعلقها , كقضاء دين لا يوصل إليه إلا بها والصدقة والبيع المكروه والحرام ونحو ذلك. وبهذا يندفع قول من قال: كان ينبغي له أن يأتي مكان (صحت) ب جازت , لأنه كلما جاز الشيء صح , ولا عكس. أه وفيه نظر: لأن جوازها من حيث ذاتها كغيرها من العقود الجائزة لا ينافي عروض غيره من الوجوب والمنع والكراهة ألا ترى أن ابن عرفة يقول في غير موضع: وحكمها الجواز , وقد يعرض وجوبها. إلخ. وقال الطخيخي عبر بالصحة دون الجواز ليكون مفهومه عدم الصحة صريحا فيما لم يستوف الشروط. أي لأنه يلزم من عدم الصحة البطلان , ولا يلزم من عدم الجواز البطلان.

تحفة المحتاج وحاشية الشرواني (5 / 294)
(والحاجة ماسة إليها , ومن ثم ندب قبولها , لأنها قيام بمصلحة الغير وإيجابها إن لم يرد به حظ نفسه , لتوقف القبول المندوب عليه , ولقوله تعالى {وتعاونوا على البر والتقوى} وفي الخبر والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه) .

قال الشرواني (قوله: ومن ثم ندب قبولها) أي الأصل فيها الندب وقد تحرم إن كان فيها إعانة على حرام , وتكره إن كان فيها إعانة على مكروه , وتجب إن توقف عليها دفع ضرورة الموكل كتوكيل المضطر غيره في شراء طعام قد عجز عن شرائه , وقد تتصور فيها الإباحة أيضا , بأن لم يكن للموكل حاجة في الوكالة , وسأله والوكيل لا لغرض.

(قوله: وإيجابها) عطف على قبولها (قوله: لتوقف القبول المندوب عليه) إنما يظهر هذه التوجيه لو ندب القبول لنفسه لا لمصلحة الموجب. (قوله: ولقوله تعالى. إلخ) عطف على قوله ومن ثم إلخ , فإن المعاونة والعون ظاهران في القبول دون الإيجاب , فالآية والخبر المذكوران دليلان لندب القبول فقط , كما هو صريح (المغني) فكان الأولى تقديم ذلك على قوله وإيجابها.

حاشية القليوبي (2 / 336)
وقبولها مندوب , وكذا إيجابها إن لم يرد الموكل غرض نفسه. كذا قاله شيخنا الرملي. وقال بعضهم ينبغي ندبه مطلقا لأنه إعانة على مندوب. وفيه نظر بقولهم لا ثواب في عبادة فيها تشريك.


الوكالة العامة
تنقسم الوكالة إلى عامة وخاصة.

الوكالة العامة هي تفويض عام لا يخص بشيء دون شيء , وقد أجازها الحنفية والمالكية ومنعها الشافعية والحنابلة.


الوكالة العامة: هي تفويض عام لا يخص , بشيء دون شيء مثل أن يقول شخص لآخر: أنت وكيلي في كل شيء , أو في أموري كلها التي يجوز فيها التوكيل.
فيدخل تحته جميع ما يقبل النيابة من الأمور المالية النكاح والطلاق والمخاصمة وغير ذلك , إلا ما يستثنيه المفوض من الأشياء.
ويسمى الوكيل فيها (الوكيل العام) و (الوكيل المفوض إليه) .

وهي جائزة مشروعة عند الحنفية والمالكية.
ومنعها الشافعية والحنابلة لما فيها من كثير الغرر وعظيم الضرر , ولم يقولوا بجوازها إلا إذا لحقها من التخصيص ما ينفي ذلك , كأن يقول شخص لآخر: وكلتك في كل شيء في بيع أموالي أو إدارة مزارعي أو قبض ديوني أو المخاصمة في حقوقي.


الوكالة العامة والخاصة
مرشد الحيران (ص 245 , 246)
يصح تخصيص الوكالة بتخصيص الموكل به وتعميمها بتعميمه , فمن وكل غيره توكيلا مطلقا مفوضا بكل حق هو له وبالخصومة في كل حق له صحت الوكالة , ولو لم يعين المخاصم به والمخاصم (م 922) .

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 386 , 387)
لا تصح الوكالة فيما يعظم فيه الغرر والضرر , كما لو وكله وكالة عامة في كل قليل وكثير , أو وكله في كل تصرف يجوز له. لكن إذا قل الغرر صحت. مثلا: لو وكله في بيع ماله كله أو في بيع ما شاء منه , أو في المطالبة بحقوقه كلها أو بما شاء منها ونحو ذلك , صح (م 1200) .

البحر الرائق (7 / 141)
وهو أي التوكيل - عام وخاص. فالثاني ظاهر. والأول: نحو أن يقول: ما صنعت من شيء فهو جائز , أنت وكيلي في كل شيء جائز أمرك علي , ملك جميع أنواع التصرفات من البيع والشراء والهبة والصدقة والتقاضي وغير ذلك. ولو طلق امرأته جاز. قال الصدر الشهيد وبه يفتى حتى يتبين خلافه. واختار أبو الليث أنه لو طلق أو وقف لم يجز.

القوانين الفقهية (ص 333)
أنواع الوكالة , وهي نوعان
(الأول) : تفويض عام. فيدخل تحته جميع ما تصح فيه النيابة من الأمور المالية والنكاح والطلاق وغير ذلك إلا ما يستثنيه المفوض من الأشياء. وقال الشافعي لا يصح التفويض العام.
(الثاني) : توكيل خاص. فيختص بما جعل الموكل للوكيل من قبض أو بيع أو خصام أو غير ذلك.

بداية المجتهد (2 / 302)
وهي ضربان عند مالك عامة , وخاصة. فالعامة: هي التي تقع عنده بالتوكيل العام الذي لا يسمى فيه شيء دون شيء. وذلك أنه إن سمى عنده لم ينتفع بالتعميم والتفويض. وقال الشافعي لا تجوز الوكالة بالتعميم , وهي غرر , وإنما يجوز منها ما سمى وحدد ونص عليه. وهو الأقيس إذا كان الأصل فيها المنع إلا ما وقع عليه الإجماع.

شرح منتهى الإرادات (2 / 303)
ولا يصح التوكيل (في كل قليل وكثير) ذكره الأزجي اتفاق الأصحاب , لأنه يدخل فيه كل شيء من هبة ماله وطلاق نسائه وإعتاق رقيقه فيعظم الغرر والضرر , ولأن التوكيل شرطه أن يكون في تصرف معلوم.

المهذب (1 / 357)
ولا يجوز التوكيل إلا في تصرف معلوم. فإن قال: وكلتك في كل قليل وكثير لم يصح , لأنه يدخل فيه ما يطيق وما لا يطيق , فيعظم الغرر ويكثر الضرر. وإن قال: وكلتك في بيع جميع مالي أو قبض جميع ديوني صح , لأنه يعرف ماله ودينه.

المغني (7 / 205)
ولا تصح الوكالة إلا في تصرف معلوم , فإن قال: وكلتك في كل شيء , أو في كل قليل وكثير , أو في كل تصرف يجوز لي , أو في كل مالي التصرف فيه , لم يصح , وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي. وقال ابن أبي ليلى يصح , ويملك به كل ما تناوله لفظه , لأنه لفظ عام , فصح فيما يتناوله , كما لو قال: بع مالي كله.
ولنا: أن في هذا غررا عظيما وخطر كبيرا , لأنه تدخل فيه هبة ماله وطلاق نسائه وإعتاق رقيقه وتزوج نساء كثير , ويلزمه المهور الكثيرة والأثمان العظيمة فيعظم الضرر.


الوكالة الخاصة
تنقسم الوكالة إلى عامة وخاصة.

الوكالة الخاصة هي توكيل خاص ببعض ما تصح فيه النيابة , وقد ذهب جماهير الفقهاء إلى صحة الوكالة الخاصة.


الوكالة الخاصة: هي توكيل خاص ببعض ما تصح فيه الإنابة فيختص بما جعل الموكل للوكيل فيها من قبض أو بيع أو خصومة أو غير ذلك. ويسمى الوكيل فيها (الوكيل الخاص) و (الوكيل المخصوص) .
وقد اتفقت كلمة الفقهاء على جوازها.


الوكالة العامة والخاصة
مرشد الحيران (ص 245 , 246)
يصح تخصيص الوكالة بتخصيص الموكل به وتعميمها بتعميمه , فمن وكل غيره توكيلا مطلقا مفوضا بكل حق هو له وبالخصومة في كل حق له صحت الوكالة , ولو لم يعين المخاصم به والمخاصم (م 922) .

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 386 , 387)
لا تصح الوكالة فيما يعظم فيه الغرر والضرر , كما لو وكله وكالة عامة في كل قليل وكثير , أو وكله في كل تصرف يجوز له. لكن إذا قل الغرر صحت. مثلا: لو وكله في بيع ماله كله أو في بيع ما شاء منه , أو في المطالبة بحقوقه كلها أو بما شاء منها ونحو ذلك , صح (م 1200) .

البحر الرائق (7 / 141)
وهو أي التوكيل - عام وخاص. فالثاني ظاهر. والأول: نحو أن يقول: ما صنعت من شيء فهو جائز , أنت وكيلي في كل شيء جائز أمرك علي , ملك جميع أنواع التصرفات من البيع والشراء والهبة والصدقة والتقاضي وغير ذلك. ولو طلق امرأته جاز. قال الصدر الشهيد وبه يفتى حتى يتبين خلافه. واختار أبو الليث أنه لو طلق أو وقف لم يجز.

القوانين الفقهية (ص 333)
أنواع الوكالة , وهي نوعان
(الأول) : تفويض عام. فيدخل تحته جميع ما تصح فيه النيابة من الأمور المالية والنكاح والطلاق وغير ذلك إلا ما يستثنيه المفوض من الأشياء. وقال الشافعي لا يصح التفويض العام.
(الثاني) : توكيل خاص. فيختص بما جعل الموكل للوكيل من قبض أو بيع أو خصام أو غير ذلك.

بداية المجتهد (2 / 302)
وهي ضربان عند مالك عامة , وخاصة. فالعامة: هي التي تقع عنده بالتوكيل العام الذي لا يسمى فيه شيء دون شيء. وذلك أنه إن سمى عنده لم ينتفع بالتعميم والتفويض. وقال الشافعي لا تجوز الوكالة بالتعميم , وهي غرر , وإنما يجوز منها ما سمى وحدد ونص عليه. وهو الأقيس إذا كان الأصل فيها المنع إلا ما وقع عليه الإجماع.

شرح منتهى الإرادات (2 / 303)
ولا يصح التوكيل (في كل قليل وكثير) ذكره الأزجي اتفاق الأصحاب , لأنه يدخل فيه كل شيء من هبة ماله وطلاق نسائه وإعتاق رقيقه فيعظم الغرر والضرر , ولأن التوكيل شرطه أن يكون في تصرف معلوم.

المهذب (1 / 357)
ولا يجوز التوكيل إلا في تصرف معلوم. فإن قال: وكلتك في كل قليل وكثير لم يصح , لأنه يدخل فيه ما يطيق وما لا يطيق , فيعظم الغرر ويكثر الضرر. وإن قال: وكلتك في بيع جميع مالي أو قبض جميع ديوني صح , لأنه يعرف ماله ودينه.

مغني (7 / 205)
ولا تصح الوكالة إلا في تصرف معلوم , فإن قال: وكلتك في كل شيء , أو في كل قليل وكثير , أو في كل تصرف يجوز لي , أو في كل مالي التصرف فيه , لم يصح , وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي. وقال ابن أبي ليلى يصح , ويملك به كل ما تناوله لفظه , لأنه لفظ عام , فصح فيما يتناوله , كما لو قال: بع مالي كله.
ولنا: أن في هذا غررا عظيما وخطر كبيرا , لأنه تدخل فيه هبة ماله وطلاق نسائه وإعتاق رقيقه وتزوج نساء كثير , ويلزمه المهور الكثيرة والأثمان العظيمة فيعظم الضرر.


الوكالة المطلقة
تنقسم الوكالة إلى مطلقة ومقيدة.

الوكالة المطلقة هي التي لم تقيد بزمان ولا مكان ولا غيرهما مما لا يتوقف عليه أصل صحة الوكالة , وقد ذهب جماهير الفقهاء إلى صحة الوكالة المطلقة.


يقسم الفقهاء الوكالة باعتبار إطلاقها وتقييدها إلى قسمين: مطلقة , ومقيدة. الوكالة المطلقة هي التي لم تقيد بزمان ولا مكان ولا غيرهما مما لا يتوقف عليه أصل صحة الوكالة كتحديد ثمن البيع أو الشراء أو زمانهما أو مكانهما. إلخ. مثل ما إذا قال شخص وكلتك في بيع أرضي الفلانية أو شراء سيارة لي. ونحو ذلك.

ولا خلاف بين الفقهاء في مشروعية الوكالة المطلقة.


الوكالة المطلقة والمقيدة
مرشد الحيران ص 245 , 246
يصح أن يكون ركن التوكيل مطلقا , وأن يكون مقيدا بقيد أو معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت مستقبل (م 919) .
يصح تفويض الرأي للوكيل , فيتصرف فيما وكل به كيف شاء , ويصح تقييده بتصرف مخصوص (م 923) .

مجلة الأحكام العدلية (ص 282)
يكون ركن التوكيل مرة مطلقا. يعني لا يكون معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت أو مقيدا بقيد. ومرة يكون معلقا بشرط. مثلا لو قال وكلتك على أن تبيع فرسي هذه إذا أتى فلان التاجر إلى هنا , وقبل الوكيل ذلك , تنعقد الوكالة معلقة بمجيء التاجر , وللوكيل أن يبيع الفرس إذا أتى التاجر , وإلا فلا. ومرة يكون مضافا إلى وقت. مثلا: لو قال وكلتك على أن تبيع دوابي في شهر نيسان , وقبل الوكيل ذلك , يكون وكيلا بحلول الشهر المذكور , وله أن يبيع الدواب في الشهر المذكور , وأما قبل حلوله فليس له أن يبيع. ومرة يكون مقيدا بقيد. مثلا لو قال: وكلتك على أن تبيع ساعتي هذه بألف قرش , تكون وكالة الوكيل مقيدة بعدم البيع بأقل من ألف قرش (م 1456) .

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 386 , 387)
يصح توقيت الوكالة , كأن يقول: وكلتك شهرا أو سنة , أو أنت وكيلي إلى الوقت الفلاني. (م 1204) .

المقدمات الممهدات (3 / 52)
إذا وكل الرجل الرجل وكالة مطلقة , لم يخصه بشيء دون شيء , فهو وكيل له على جميع الأشياء , وإن سمى بيعا أو ابتياعا أو خصاما أو شيئا من الأشياء فلا يكون وكيلا له إلا فيما سمى.


الوكالة المقيدة
تنقسم الوكالة إلى مطلقة ومقيدة.

الوكالة المقيدة هي التي قيدت بشيء بزمان أو مكان أو غيرهما مما لا يتوقف عليه صحة الوكالة , وقد ذهب جماهير الفقهاء إلى صحة الوكالة المقيدة.


يقسم الفقهاء الوكالة باعتبار إطلاقها وتقييدها إلى قسمين: مطلقة , ومقيدة.

الوكالة المقيدة: هي التي قيدت بزمان أو مكان أو مقدار ثمن ونحو ذلك مما لا يتوقف عليه أصل صحة الوكالة. كما لو قال شخص لآخر: وكلتك في بيع هذه السيارة غدا , أو في الشهر القادم , أو في القاهرة , أو بثمن كذا , أو نقدا.

وهي جائزة في قول سائر الفقهاء.


الوكالة المطلقة والمقيدة
مرشد الحيران (ص 245 , 246)
يصح أن يكون ركن التوكيل مطلقا , وأن يكون مقيدا بقيد أو معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت مستقبل (م 919) .
يصح تفويض الرأي للوكيل , فيتصرف فيما وكل به كيف شاء , ويصح تقييده بتصرف مخصوص (م 923) .

مجلة الأحكام العدلية (ص 282)
يكون ركن التوكيل مرة مطلقا. يعني لا يكون معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت أو مقيدا بقيد. ومرة يكون معلقا بشرط. مثلا لو قال وكلتك على أن تبيع فرسي هذه إذا أتى فلان التاجر إلى هنا , وقبل الوكيل ذلك , تنعقد الوكالة معلقة بمجيء التاجر , وللوكيل أن يبيع الفرس إذا أتى التاجر , وإلا فلا. ومرة يكون مضافا إلى وقت. مثلا: لو قال وكلتك على أن تبيع دوابي في شهر نيسان , وقبل الوكيل ذلك , يكون وكيلا بحلول الشهر المذكور , وله أن يبيع الدواب في الشهر المذكور , وأما قبل حلوله فليس له أن يبيع. ومرة يكون مقيدا بقيد. مثلا لو قال: وكلتك على أن تبيع ساعتي هذه بألف قرش , تكون وكالة الوكيل مقيدة بعدم البيع بأقل من ألف قرش (م 1456) .

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 386 , 387)
يصح توقيت الوكالة , كأن يقول: وكلتك شهرا أو سنة , أو أنت وكيلي إلى الوقت الفلاني. (م 1204) .

المقدمات الممهدات (3 / 52)
إذا وكل الرجل الرجل وكالة مطلقة , لم يخصه بشيء دون شيء , فهو وكيل له على جميع الأشياء , وإن سمى بيعا أو ابتياعا أو خصاما أو شيئا من الأشياء فلا يكون وكيلا له إلا فيما سمى.


الوكالة بأجر وبدون أجر
كما تصح الوكالة بدون أجر , وهذا هو الأصل لأنها معروف وإحسان من الوكيل. كذلك يصح اشتراط الأجر للوكيل في الوكالة فتنقلب إلى إجارة وتسرى عليها أحكامها.


إذا اشترط في عقد الوكالة أجرة للوكيل مقابل قيامه بأعمالها وحفظ متاع الموكل فيها , صح الشرط ولزم , لأن الوكيل إنما يتصرف للغير , ولا يلزمه ذلك , فجاز أخذ الجعل عليه , وينقلب بذلك عقد الوكالة إلى إجارة , وتسري عليه أحكامها , لأن العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني.

وعلى ذلك يصير العقد لازما في حق طرفيه , ويجب فيه معلومية البدل والأجل والعمل , ويجبر الوكيل على القيام بما وكل به , ويستحق أجره على عمله كسائر الأجراء.


الوكالة بأجر وبدون أجر
مجلة الأحكام العدلية (ص 285 , 292)
إذا اشترطت الأجرة في الوكالة , وأوفاها الوكيل فيستحقها. وإن لم تشترط , ولم يكن الوكيل ممن يخدم بالأجرة , فيكون متبرعا , وليس له المطالبة بالأجرة (م 1467)
إذا كان الوكيل بغير أجرة فلا يكون مجبورا على استيفاء ثمن المال الذي باعه ولا على تحصيله , ولكن يلزم أن يوكل موكله بقبض وتحصيل الثمن إذا لم يحصله برضائه. وأما الوكيل بالبيع بأجرة - كالدلال والسمسار - فهو مجبور على تحصيل الثمن واستيفائه. (م 1504)

مرشد الحيران (ص 247 , 255)
إذا اشترطت الأجرة في الوكالة , وأوفي الوكيل العمل فقد استحق الأجرة المسماة إن وقت وقتا أو ذكر عملا معينا يمكن أن يأخذ في العمل فيه في الحال , وإن لم تشترط , وكان الوكيل فمن يعمل بأجر , فله أجر المثل , وإلا فلا. (م 926) .
الوكيل بالبيع المجعول له أجر على البيع كالدلال والسمسار يجبر على تقاضي الثمن من المشتري وتحصيله منه. (م9533) .

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 386) :
يصح التوكيل بلا جعل , وبجعل معلوم , أياما معلومة , ولو بجزء شائع من الثمن أو الأجر أو المقبوض. مثلا: لو وكله في بيع أمواله أو تأجير أملاكه أو قبض حقوقه على أن يكون له عشرة في كل مائة من الحاصل صح , واستحق الوكيل ذلك. أما إذا جهل الجعل لزم أجر المثل. (م 1201) .

مواهب الجليل (5 / 188)
قال ابن فرحون وإن كانت - أي الوكالة - بعوض , فهي إجارة تلزمهما بالعقد , ولا يكون لواحد التخلي , وتكون بعوض مسمى وإلى أجل مضروب وفي عمل معروف.

روضة الطالبين (4 / 332)
متى قلنا الوكالة جائزة , أردنا الخالية عن الجعل. فأما إذا شرط فيها جعل معلوم اجتمعت شرائط الإجارة , وعقد بلفظ الإجارة فهي لازمة , وإن عقد بلفظ الوكالة أمكن تخريجه على أن الاعتبار بصيغ العقود أم بمعانيها؟ د العقود الدرية (1 / 347)
سئل: فيما إذا وكل زيد عمرا في تقاضي دينه الذي بذمة فلان وقبضه وشرط له على ذلك أجرا معلوما في مدة معلومة وتقاضاه , فهل يستحق الأجر بالشرط؟
الجواب: حيث شرط له ذلك ووقت له وقتا , وباشر ذلك , يستحق ما ذكر.

شرح منتهى الإرادات (2 / 317)
(و) يصح التوكيل (ب) جعل (معلوم) كدرهم أو دينار أو ثوب صفته كذا (أياما معلومة) بأن يوكله عشرة أيام , كل يوم بدرهم (أو يعطيه من الألف) مثلا (شيئا معلوما) كعشرة , لأنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث عماله لقبض الصدقات ويعطيهم عليها ولأن التوكيل تصرف للغير , ولا يلزمه فعله , فجاز أخذ الجعل عليه , كرد الآبق و (لا) يصح أن يجعل له (من كل ثوب كذا , لم يصفه) أي الثوب (ولم يقدر ثمنه) لجهالة المسمى , وكذا لو سمى له جعلا مجهولا , ويصح تصرفه بعموم الإذن , وله أجرة مثله (وإن عين الثياب المعينة في بيع أو شراء من) شخص (معين) بأن قال: كل ثوب بعته من هذه الثياب لزيد , فلك على بيعه كذا , أو كل ثوب اشتريته لي من فلان من هذه الثياب , فلك على شرائه كذا وعينه (صح) ما سماه لزوال الجهالة , وكذا لو لم يعين البائع على ما يظهر.

المقدمات الممهدات (3 / 58)
الوكالة جائزة بعوض وعلى غير عوض , فإن كانت بعوض فهي إجارة تلزمهما جميعا , ولا تجوز إلا بأجرة مسماة وأجل مضروب وعمل معروف.

المغني (7 / 204)
ويجوز التوكيل بجعل وبغير جعل. فإن كانت بجعل , استحق الوكيل الجعل بتسليم ما وكل فيه إلى الموكل إن كان مما يمكن تسليمه , كثوب ينسجه أو يقصره أو يخيطه , فمتى سلمه إلى الموكل معمولا , فله الأجر. وإن كان الخياط في دار الموكل , فكلما عمل شيئا وقع مقبوضا , فيستحق الوكيل الجعل إذا فرغ من الخياطة. وإن وكل في بيع أو شراء أو حج استحق الأجر إذا عمله , وإن لم يقبض الثمن في البيع. وإن قال: إذا بعت الثوب وقبضت ثمنه وسلمته إلي فلك الأجر , لم يستحق منها شيئا حتى يسلمه إليه. فإن فاته التسليم لم يستحق شيئا لفوات الشرط.

القوانين الفقهية (ص 334)
تجوز الوكالة بأجرة وبغير أجرة , فإن كانت بأجرة فحكمها حكم الإجارات.

مراجع إضافية
انظر أسنى المطالب (2 / 278) , قليوبي (2 / 347) , المبدع (4 / 385) , كشاف القناع (3 / 478) , العقود الدرية (1 / 343) , فتح العزيز (11 / 70) , الزرقاني على خليل (6 / 91) , الخرشي (6 / 86) .


الصيغة
تنعقد الوكالة بالإيجاب والقبول بكل لفظ يدل على المقصود بها وينبئ عنه , وينوب مناب القبول باللفظ كل فعل - أو سكوت - يفهم منه ذلك ولو بقرائن الأحوال.


لا خلاف بين الفقهاء في أن الأصل في صحة العقود هو التراضي وطيب النفس , وأن الوكالة لا تصح إلا بذلك.
وقد ذكروا أن الوكالة لما كانت عقدا يتم بين طرفين , فإن وجوده يتوقف على صيغة تفصح عن رغبة العاقدين في إنشائه وتعبر بجلاء عن اتفاقهما على تكونيه , وهي الإيجاب والقبول باللفظ الدال عليه , كأن يقول شخص لآخر: وكلتك بهذا الأمر. أو أنت وكيلي بكذا. أو أن يستعمل أي لفظ يدل على الإنابة أو التفويض أو الإذن أو الأمر بالتصرف. ويقول الآخر: قبلت. أو نحو ذلك من الألفاظ التي تنبئ عن موافقته.

بل إن الفقهاء توسعوا في مفهوم القبول فجعلوه شاملا - بالإضافة إلى اللفظ المعبر عنه - لكل فعل أو سكوت يدل عليه , سواء وقع على الفور أو على التراخي.

وحيث انعقدت الوكالة بصيغة ما , فإن الحكم المترتب عليها يكون بحسب الصيغة , إطلاقا وتقييدا أو عموما وخصوصا.


مرشد الحيران (ص 245)
تنعقد الوكالة بإيجاب وقبول. ويشترط علم الوكيل بالوكالة , فإن ردها الوكيل بعد علمه بها ارتدت , ولا يصح تصرفه بعد رده. (م 918) .

مجلة الأحكام العدلية (ص 281)
ركن التوكيل الإيجاب والقبول. وذلك بأن يقول الموكل: وكلتك بهذا الخصوص. فإذا قال الوكيل: قبلت. أو قال كلاما آخر يشعر بالقبول فتنعقد الوكالة. كذلك لو لم يقل شيئا , وتشبث بإجراء ذلك الخصوص يصح تصرفه , لأنه يكون قد قبل الوكالة دلالة (م 1451) .

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 383)
تنعقد الوكالة بإيجاب الموكل وقبول الوكيل. (م 119) . تنعقد الوكالة بكل قول دال على الاستنابة. كأنه يأمره بفعل شيء أو يقول له: فوضت إليك أو أذنتك أو أنبتك أو أقمتك مقامي في كذا ونحو ذلك (م 1191) .
يصح قبول الوكالة بكل قول أو فعل دال عليه. (م 1192) .
يصح تراخي القبول في الوكالة. مثلا: لو وكله في بيع شيء فباعة بعد سنة , أو بلغه أن زيدا وكله في شراء شيء بعد سنة فقبلها بقول أو فعل صح. (1193) .

مجموع فتاوى ابن تيمية (20 / 533)
والتحقيق أن المتعاقدين إن عرفا المقصود انعقدت , فأي لفظ من الألفاظ عرف به المتعاقدان مقصودهما انعقد به العقد. وهذا عام في جميع العقود , فإن الشارع لم يحد ألفاظ العقود حدا , بل ذكرها مطلقة , فكما تنعقد العقود بما يدل عليها من الألفاظ الفارسية والرومية وغيرهما من الألسن العجمية , فهي تنعقد بما يدل عليها من الألفاظ العربية , ولهذا وقع الطلاق والعتاق بكل لفظ يدل عليه , وكذا البيع وغيره.

المهذب (1 / 357)
ولا تصح الوكالة إلا بالإيجاب والقبول , لأنه عقد تعلق به حق كل واحد منهما , فافتقر إلى الإيجاب والقبول كالبيع والإجارة ويجوز القبول على الفور وعلى التراخي. وقال القاضي أبو حامد المروروذي لا يجوز إلا على الفور. لأنه عقد في حال الحياة , فكان القبول فيه على الفور كالبيع. والمذهب الأول , لأنه إذن في التصرف , والإذن قائم ما لم يرجع فيه , فجاز القبول. ويجوز القبول بالفعل , لأنه إذن في التصرف , فجاز القبول فيه بالفعل كالإذن في أكل الطعام.

مواهب الجليل (5 / 190 , 191)
إن الوكالة تصح وتنعقد بكل ما دل عليها في العرف , ولا يشترط لانعقادها لفظ مخصوص. قال في اللباب: من أركان الوكالة الصيغة أو ما يقوم مقامها مما يدل على معنى التوكيل. انتهى.

وقال ابن الحاجب المعتبر الصيغة أو ما يقوم مقامها. قال في التوضيح: أن المعتبر في صحة الوكالة الصيغة , كقوله: وكلتك , أو أنت وكيلي , أو ما يقوم مقامه من قول أو فعل , كقوله: تصرف عني في هذا , أو كإشارة الأخرس ونحوه. انتهى

(قلت) وهذا من جانب الموكل. ولا بد أن يقترن به من جانب الوكيل ما يدل على القبول , ويطلب فيه أن يكون على الفور. قال في اللباب إثر كلامه المتقدم: ولا بد من قبول التوكيل. فإن تراخي قبوله بالتوكيل الطويل فيخرج فيه قولان من الروايتين في المملكة والمخيرة في المجلس قبل الاختيار. انتهى.

وأصله للمازري ونقله في الجواهر ونقله في الذخيرة وزاد فيه عن الجواهر عن المازري قال: والتحقيق في هذا يرجع إلى العادة , هل المقصود من هذا اللفظ جوابه على الفور أم لا.

قال البساطي في شرح كلام المصنف: يعني ليس للوكالة صيغة خاصة , بل كل ما دل لغة أو عرفا , فإنها تنعقد به. فإن خالف العرف اللغة , فالمعتبر العرف.

شرح منتهى الإرادات (2 / 300)
(و) تصح وكالة (بكل قول دل على الإذن) نصا , كبع عبدي فلانا أو أعتقه ونحوه أو فوضت إليك أمره , أو جعلتك نائبا عني في كذا , أو أقمتك مقامي لأنه لفظ دل على الإذن , فصح كلفظها الصريح. قال في الفروع: ودل كلام القاضي على انعقادها بفعل دال كبيع. وهو ظاهر كلام الشيخ فيمن دفع ثوبه إلى قصار أو خياط. وهو أظهر , كالقبول (و) يصح (قبول) الوكالة (بكل قول أو فعل دل عليه) لأن وكلائه صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنهم سوى امتثال أمره ولأنه إذن في التصرف , فجاز قبوله بالفعل كأكل الطعام (ولو) كان القبول (متراخيا) عن الإذن. فلو بلغه أن زيدا وكله في بيع عبده منذ سنة فقبل , أو باعه من غير قبول صح , لأن قبول وكلائه صلى الله عليه وسلم كان بفعلهم , وكان متراخيا. قاله في شرحه. ولأن الإذن قائم ما لم يرجع عنه.

قرة عيون الأخيار (1 / 186)
الثالث: في ركنها - أي الوكالة - , وهو ما دل عليها من الإيجاب والقبول ولو حكما كالسكوت.

روضة القضاة (2 / 639)
ولا تصح الوكالة بغير قبول , لأنها عقد فافتقر إلى قبول. ويجوز عندنا القبول بالقول والفعل. ويكون التصرف فيما وكل به قبولا.

الفتاوى الهندية (3 / 560)
ولو قال - أي الموكل للوكيل -: شئت , تبيع كذا. فسكت وباع , جاز. ولو قال: لا أقبل بطل. كذا في محيط السرخسي في باب ما تقع به الوكالة.

مراجع إضافية
انظر درر الحكام (3 / 527) , المغني (7 / 203) , روضة الطالبين (4 / 300) , بدائع الصنائع (6 / 20) , فتح العزيز (11 / 19) , المبدع (4 / 355) , قليوبي على شرح المنهاج (2 / 340) .


صفات العاقدين
يشترط في الموكل لصحة صدور الوكالة عنه: الأهلية , والولاية , والإذن صراحة أو دلالة إن كانت طبيعة ولايته على التصرف تأبى إنابة الغير فيه بدون إذن صاحب الحق فيه.

ويشترط في الوكيل أن يكون جائز التصرف , معينا , متمكنا من مباشرة التصرف الموكل فيه لنفسه.


ما يشترط في الموكل
يشترط في الموكل - ثلاثة شروط:

(أحدها) الأهلية: وذلك بأن يكون جائز التصرف. وهو العاقل المميز عند الحنفية. والبالغ العاقل الرشيد عند سائر الفقهاء.
وعلى ذلك فلا يصح التوكيل من مجنون أو صبي غير مميز باتفاق الفقهاء , لانتفاء أهليتهما للتصرف. أما الصبي المميز , ففي صحة توكيله عند الحنفية تفصيل , وبيانه:
أن التصرف الذي وكل فيه إن كان ضارا به ضررا محضا كطلاق وهبة ووقف , فلا يصح توكيله فيه , وإن كان نافعا له نفعا محضا كقبول الهبة والصدقة فيصح توكيله فيه بدون توقف على إذن وليه. وإن كان مترددا بين النفع والضرر كالبيع والإجارة , فيصح توكيله فيه بإذن وليه.

(الثاني) الولاية: وذلك بأن يكون متمكنا من مباشرة التصرف الذي يوكل فيه إما بحق الملك لنفسه أو بحق الولاية على غيره , وإلا فلا. لأن التوكيل تفويض ما يملكه الشخص من التصرف إلى غيره , فما لا يملكه بنفسه لا يحتمل أن يفوضه إلى غيره , لأن النائب فرع عن المستنيب.
(الثالث) أن لا تكون طبيعة ولايته على التصرف تأبى تفويضه إلى الغير بدون إذن. فالوكيل لا يصح أن يوكل غيره فيما وكل فيه إلا بإذن موكله أو ما هو في معنى الإذن , كأن تكون الوكالة عامة أو فوض الرأي , إلى الوكيل فيها , أو دلت على إذنه قرائن أخرى.

ما يشترط في الوكيل
يشترط في الوكيل - لصحة الوكالة - ثلاثة شروط:

(أحدها) الأهلية: وذلك بأن يكون الوكيل جائز التصرف. وهو العاقل المميز عند الحنفية , والبالغ الرشيد عند الشافعية والمالكية والحنابلة.
وعلى ذلك , فلا يصح توكيل المجنون والصبي الذي لا يعقل. أما الصبي المميز , فقد اختلف الفقهاء في شأنه , فذهب الحنفية وابن رشد المالكي إلى أنه يصح جعله وكيلا. وذهب الشافعية والمالكية والحنابلة إلى عدم صحة توكيله في الجملة , لأنه لا يملك التصرف لنفسه , فلا يملكه لغيره.

(والثاني) أن يكون ممن يصح منه مباشرة ما وكل فيه لنفسه. وعلى ذلك قال الشافعية والمالكية والحنابلة: لا يصح للمرأة أن تتوكل في تزويج غيرها , لأنها لا تملك أصلا مباشرته في حق نفسها.

(والثالث) أن يكون الوكيل معلوما (معينا) . فلو قال شخص: وكلت أحد هذين , لم تصح وكالته للجهالة. نص على ذلك الحنفية والحنابلة.


مرشد الحيران (ص 244 - 246)
يشترط لصحة الوكالة أن يكون الموكل ممن يملك التصرف بنفسه فيما وكل به , بأن يعقل معنى العقد , وأن يكون الوكيل ممن يعقله أيضا. (م 916) .

لا يصح توكيل مجنون ولا صبي لا يعقل مطلقا , ولا توكيل صبي يعقل بتصرف ضار ضررا محضا , ولو أذن به الولي أو الوصي , ويصح توكيله بالذي ينفعه بلا إذن وليه أو وصيه وبالتصرف الدائر بين الضرر والنفع إن كان مأذونا بالتجارة , فإن كان محجورا ينعقد توكيله موقوفا على إذن وليه أو وصيه. (م 917) .

كل عقد جاز للموكل أن يعقده بنفسه جاز أن يوكل به غيره. (921) .

إذا كان الآمر مفوضا لرأي الوكيل جاز له أن يوكل به غيره , ويعتبر الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل , فلا ينعزل الوكيل الثاني بعزل الوكيل الأول ولا بوفاته. (924) .

مجلة الأحكام العدلية (ص 282 , 285)
يشترط أن يكون الموكل مقتدرا على إيفاء الموكل به.
بناء عليه: لا يصح توكيل الصبي غير المميز والمجنون.
وأما في الأمور التي هي ضرر محض في حق الصبي المميز فلا يصح توكيله وإن أذنه الولي كالهبة والصدقة , وفي الأمور التي هي نفع محض يصح توكيله وإن لم يأذنه الولي كقبول الهبة والصدقة , وأما في التصرفات المتعلقة بالبيع والشراء المترددة بين النفع والضرر , فإن كان الصبي مأذونا بها , فله أن يوكل وإلا فالتوكيل ينعقد موقوفا على أجازة وليه. (م 1457) .

ليس للوكيل أن يوكل غيره في الخصوص الذي وكل به إلا أن يكون قد أذنه الموكل بذلك أو قال له اعمل برأيك , ففي هذه الحال للوكيل أن يوكل غيره , ويصير الشخص الذي وكله الوكيل بهذا الوجه وكيلا للموكل (م 1466) .

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 385 - 393)
يشترط لصحة الوكالة كون الوكيل والموكل جائزي التصرف بالنسبة للفعل الموكل فيه , فلا يصح توكيل العبد والصبي المميز إلا فيما لا يتعلق بالمال مقصوده (1194) .

للوكيل أن يوكل غيره فيما يعجز عنه لكثرته , وبما لا يتولاه مثله بنفسه عرفا دون إذن موكله صراحة أما إذا أذن له الموكل في التوكيل , فله أن يوكل فيما عدا ذلك أيضا. (1225)

يشترط أن يكون الموكل ممن يملك التصرف الموكل فيه بنفسه حين التوكيل , فلا يصح توكيل الشخص في بيع ما سيمتلكه أو طلاق من سيتزوجها , ولا توكيل المحجور عليه لفلس في التصرف في ماله , كما لا يصح توكيل الوصي والناظر على الوقف في التبرعات ونحوها , لكن توكيل الأعمي ونحوه في عقد لا يحتاج إلى رؤية صحيح. (1196) .

الفتاوى الهندية (3 / 561)
وأما شرطها فأنواع , منها ما يرجع إلى الموكل: وهو أن يكون ممن يملك فعل ما وكل به بنفسه , فلا يصح التوكيل من المجنون والصبي الذي لا يعقل أصلا , وكذا من الصبي العاقل بما لا يملكه بنفسه كالطلاق والعتاق والهبة والصدقة ونحوها من التصرفات الضارة المحضة. ويصح بالتصرفات النافعة كقبول الهبة والصدقة من غير إذن الولي.
وأما التصرفات الدائرة بين الضرر والنفع , كالبيع والإجارة , فإن كان مأذونا في التجارة يصح منه التوكيل , وإن كان محجورا ينعقد موقوفا على إجازة وليه أو على إذن وليه بالتجارة كما إذا فعله بنفسه.

مواهب الجليل (5 / 191)
وشرط الموكل جواز تصرفه فيما وكل عليه , فيصح من الرشيد مطلقا ومن المحجور في الخصومة.

التاج الإكليل (5 / 181)
ابن شاس الوكالة نيابة عن الموكل , فهي لا تكون إلا فيما تصح فيه النيابة مما يلزم الرجل القيام به لغيره أو يحتاجه لمنفعة نفسه. فأما الوكالة فيما يلزم الرجل القيام به لغيره فكتوكيل الأوصياء والوكلاء المفوض اليهم من ينوب عنهم , وكاستخلاف الإمام على ما يلزم القيام به من أمور المسلمين. وأما الوكالة فيما يحتاج إليه الرجل لمنفعة نفسه فكتوكيله على البيع والشراء والنكاح والحدود والخصام وما أشبه ذلك من كل أمر مباح أو مندوب إليه أو واجب تعبد الإنسان في غير عينه.

درر الحكام (3 / 543)
يشترط لجواز الوكالة أن يكون الموكل مقتدرا على عمل الموكل به بالنسبة إلى أصل التصرف , لأن الوكيل يستفيد ويأخذ ولاية التصرف من الموكل , ويملك التصرف من طرف الموكل وعليه فالذي لا يقتدر على التصرف لا يستطيع تمليك ذلك التصرف لغيره.

شرح منتهى الإرادات (2 / 299 , 301 , 304)
(الوكالة) شرعا (استنابة جائز التصرف) فيما وكل فيه (مثله) أي جائز التصرف (فيما تدخله النيابة) .
(ولا يصح توكيل في شيء إلا ممن يصح تصرفه) أي الموكل (فيه) أي في ذلك الشيء , لأن النائب فرع عن المستنيب.
(ولوكيل توكيل فيما يعجزه) فعله (لكثرته ولو في جميعه) لدلالة الحال على الإذن فيه , وحيث اقتضت الوكالة جواز التوكيل جاز في جميعه , كما لو أذن فيه لفظا (وفيما لا يتولى مثله بنفسه) كالأعمال البدنية في حق أشراف الناس المترفعين عنها عادة , لأن الإذن إنما ينصرف لما جرت به العادة و (لا) يصح أن يوكل وكيل (فيما يتولى مثله بنفسه) ويقدر عليه , لأنه لم يؤذن له في التوكيل , ولا تضمنه الإذن , فلم يجز , كما لو نهاه , لأنه استؤمن فيما يمكنه النهوض فيه , فلا يوليه غيره كالوديعة (إلا بإذن) موكله.

كشاف القناع (3 / 451)
(وتصح وكالة المميز بإذن وليه) في كل تصرف لا يعتبر له البلوغ (كتصرفه) أي المميز (بإذنه) أي الولي , فإنه صحيح , وتقدم.

المهذب (1 / 356)
ولا يصح التوكيل إلا ممن يملك التصرف الذي يوكل فيه بملك أو ولاية. فأما من لا يملك التصرف في الذي يوكل فيه كالصبي والمجنون والمحجور عليه في المال والمرأة في النكاح والفاسق في تزويج ابنته فلا يملك التوكيل فيه , لأنه لا يملكه , فلا يملك أن يملك ذلك غيره. وأما من لا يملك التصرف إلا بالإذن كالوكيل والعبد المأذون , فإنه لا يملك التوكيل إلا بالإذن , لأنه يملك التصرف بالإذن , فكان توكيله بالإذن.

فتح العزيز 11 / 15
يشترط في الموكل أن يتمكن من مباشرة ما يوكل فيه , إما بحق الملك لنفسه أو بحق الولاية على غيره. وفي هذا الضابط قيدان:
(أحدهما) التمكن من مباشرة ذلك التصرف. فمن لا يتمكن من مباشرة ذلك التصرف كالصبي والمجنون والنائم والمغمى عليه لا يصح منه التوكيل , والمرأة لا يصح منها التوكيل في النكاح , وكذا توكيل الفاسق في تزويج ابنته إذا قلنا لا يليه , وتوكيل السكران حكمه حكم سائر التصرفات.
(والثاني) كون التمكن بحق الملك أو الولاية , فيدخل فيه توكيل الأب والجد في النكاح والمال , ويخرج عنه توكيل الوكيل , فإنه ليس بمالك ولا ولي. نعم لو مكنه الموكل من التوكيل لفظا أو دلت عليه قرينة نفذ.

مجلة الأحكام العدلية ص 283
يشترط أن يكون الوكيل عاقلا ومميزا , ولا يشترط أن يكون بالغا , فيصح أن يكون الصبي المميز وكيلا وإن لم يكن مأذونا , ولكن حقوق العقد عائدة إلى موكله , وليست بعائدة إليه. (م 1458) .

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد ص 385
جائز التصرف: هو الحر المكلف الرشيد (م 2039) .
يشترط لصحة الوكالة تعيين الوكيل , فلا يصح توكيل المبهم كأحد هذين الشخصين (م 1195) .
يشترط أن يكون الوكيل ممن يصح منه التصرف الموكل فيه لنفسه , لكن يصح أن يتوكل في قبول نكاح من تحرم عليه لأجنبي , وأن يتوكل واجد الطول نكاح أمة لمن تباح له , وأن يتوكل الغني في قبض زكاة الفقير , وأن تتوكل المرأة في طلاق نفسها أو غيرها (م 1197) .

المغني 7 / 198
ومن لا يملك التصرف في شيء لنفسه لا يصح أن يتوكل فيه , كالمرأة في عقد النكاح وقبوله , والكافر في تزويج مسلمة , والطفل والمجنون في الحقوق كلها.

شرح منتهى الإرادات 2 / 300 , 301
(وشرط) الوكالة (تعيين وكيل) كأن يقول: وكلت فلانا في كذا , فلا يصح: وكلت أحد هذين.
(ومثله) أي التوكيل فيما تقدم (توكل) فلا يصح أن يتوكل في شيء إلا من يصح منه لنفسه (فلا يصح أن يوجب نكاحا) عن غيره (من لا يصح منه) إيجابه (لموليته) لنحو فسق , لأنه إذا لم يجز أن يتولاه أصالة لم يجز بالنيابة , كالمرأة (ولا) يصح أن (يقبله) أي النكاح لغيره (من لا يصح منه) قبوله (لنفسه) ككافر يتوكل في قبول نكاح مسلمة لمسلم.

الفتاوى الهندية 3 / 562
وأما شرطها فأنواع. (منها) ما يرجع إلى الوكيل: هو أن يكون عاقلا. فلا تصح وكالة المجنون والصبي الذي لا يعقل. وأما البلوغ والحرية فليس بشرط لصحة الوكالة , فتصح وكالة الصبي العاقل والعبد مأذونين كانا أو محجورين.

درر الحكام 3 / 546
كون الوكيل معلوما شرط. يعني أنه يشترط أن لا يكون الوكيل مجهولا جهالة فاحشة. فإذا كان الوكيل مجهولا فلا تصح الوكالة.

المهذب 1 / 356
ومن لا يملك التصرف في نفسه لنقص فيه , كالمرأة في النكاح والصبي والمجنون في جميع العقود , لم يملك أن يتوكل فيه لغيره , لأنه إذا لم يملك ذلك في حق نفسه بحق الملك لم يملكه في حق غيره بالتوكيل , ومن ملك التصرف فيما تدخله النيابة في حق نفسه جاز أن يتوكل فيه لغيره , لأنه يملك في حق نفسه بحق الملك فملك حق غيره بالإذن.

فتح العزيز 11 / 16
كما يشترط في الموكل التمكن من مباشرة التصرف الموكل فيه لنفسه يشترط في الوكيل التمكن من مباشرته لنفسه , وذلك بأن يكون صحيح العبارة فيه , فلا يصح توكيل المجنون والصبي في التصرفات. والمرأة والمحرم , مسلوبا العبارة في النكاح , فلا يتوكلان فيه كما يوكلان خلافا لأبي حنيفة.

البهجة 1 / 200
يشترط في الوكيل أيضا أن يكون ممن يصح تصرفه , فلا يجوز أن يكون الوكيل محجورا عليه , لأنه تضييع للمال , وقد نهي عنه. قاله اللخمي وابن شاس ومن تبعهما. ابن عرفة وعليه عمل بلدنا.
وظاهر كتاب المديان من المدونة وصرح به في العتبية أن المحجور يجوز كونه وكيلا عن غيره. ابن رشد وذلك مما لا خلاف فيه , لأن للرجل أن يوكل من رضي بتوكيله من رشيد أو سفيه , ويلزمه من فعل السفيه ما يلزمه من فعل الرشيد.

القوانين الفقهية ص 333
أما الوكيل , فكل من جاز له التصرف لنفسه في شيء جاز له أن ينوب فيه عن غيره , إلا أنه لا يجوز توكيل العدو على عدوه , ولا يجوز توكيل الكافر على بيع أو شراء أو سلم لئلا يفعل الحرام.

مراجع إضافية
انظر ميارة على التحفة (1 / 130) , مجمع الأنهر (2 / 222) , مغني المحتاج (2 \ 218) , تحفة المحتاج (5 / 295) , درر الحكام (3 / 545) , المقدمات الممهدات (3 / 52) , المبدع (4 / 356 , 360 , 361) الفتاوى الهندية (3 / 561) , البهجة (2 / 200) , قليوبي وعميرة (2 / 337) , كشاف القناع (3 / 450 , 454) , بدائع الصنائع (6 / 20) , مجمع الأنهر (2 / 221) , المغني (7 / 197 , 207) , تحفة المحتاج (5 / 301)


الموكل به
يشترط في الموكل به - لصحة الوكالة - أن يكون إتيانه سائغا شرعا , وأن يكون مما يقبل النيابة , كسائر حقوق الآدميين المتعلقة بالمال أو ما يجرى مجراه وحقوق الله تعالى التي تدخلها النيابة , أن يكون معلوما.


يشترط في الموكل به - لصحة الوكالة - ثلاثة شروط:

(أحدها) أن يكون إتيانه سائغا شرعا.
وعلى ذلك فلا يصح التوكيل بالعقود المحرمة والفاسدة والتصرفات المحظورة شرعا , لأن الموكل لا يملكه , فلا يصح أن يفوضه إلى غيره , ولأن التوكيل نوع من التعاون , والتعاون إنما يجوز على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان.

(والثاني) أن يكون مما يقبل النيابة.
وذلك كسائر حقوق الآدميين المتعلقة بالمال أو ما يجرى مجراه , فتصح الوكالة في جميع العقود والفسوخ من البيع والشراء والإجارة والشركة والهبة والرهن والمزارعة والمساقاة والمضاربة والإيداع والإعارة وقبض الديون وتسلم الودائع والنكاح والطلاق والخلع والحوالة والكفالة والإبراء والصلح والخصومة. إلخ
وكذا في حقوق الله التي تدخلها النيابة كالعبادات المالية أو المتعلقة بالمال كالتوكيل في إخراج الزكاة وإعطاء الصدقات وإخراج الكفارات , وكإثبات الحدود واستيفائها. . أما ما يتعلق بشخص الموكل ويختص به فلا تصح الوكالة فيه , مثل العبادات البدنية المحضة كالطهارة والصلاة والصوم وحج الفريضة لمن كان قادرا عليه , لأن المقصود منها ابتلاء المكلف بعينه , وذلك لا يتحقق بالتوكيل فيها.

(والثالث) أن يكون معلوما.
فلا يصح التوكيل إلا في تصرف معلوم. واستثني الحنفية والمالكية من ذلك الوكالة العامة التي لا تختص , بشيء دون شيء , ويفوض الأمر لرأي الوكيل فيها , فلم يشترطوا معلومية الموكل به أو صفاته فيها.


مجلة الأحكام العدلية (ص 283 - 285)
يصح أن يوكل أحد غيره في الخصومات التي يقدر على أجرائها بالذات , وبإيفاء واستيفاء كل حق متعلق بالمعاملات. مثلا: لو وكل أحد غيره بالبيع والشراء والإيجار والاستئجار والرهن والارتهان والإيداع والاستيداع والهبة والاتهاب والصلح والإبراء والإقرار والدعوى وطلب الشفعة والقسمة وإيفاء الديون واستيفائها وقبض المال يجوز , ولكن يلزم أن يكون الموكل به معلوما. (م 1459) .

يلزم أن يكون الموكل به معلوما , بحيث يكون إيفاء الوكالة قابلا على حكم الفقرة الأخيرة من (م 1459) , وهو أن يبين الموكل جنس الشيء الذي يريد شراءه , وإن لم يكن بيان جنسه كافيا , بأن كانت له أنواع متفاوته , يلزم أن يبين نوعه أو ثمنه , وإن لم يبين جنس الشيء أو بين , ولكن كانت له أنواع متفاوتة , ولم يعين النوع أو ثمنه لا تصح الوكالة إلا أن يكون قد وكله بوكالة عامة (م 1468) .

المهذب (1 / 357)
فصل: ولا يجوز التوكيل إلا في تصرف معلوم. فإن قال: وكلتك في كل قليل وكثير لم يصح , لأنه يدخل فيه ما يطيق وما لا يطيق , فيعظم الضرر ويكثر الغرر. وإن قال: وكلتك في بيع جميع مالي أو قبض جميع ديوني صح , لأنه يعرف ماله ودينه. وإن قال: بع ما شئت من مالي أو أقبض ما شئت من ديوني , جاز , لأنه إذا عرف ماله ودينه عرف أقصى ما يبيع ويقبض فيقل الغرر. وإن قال: اشتر لي عبدا لم يصح , لأن فيه ما يكون بمائة , وفيه ما يكون بألف فيكثر الغرر.

مرشد الحيران (ص 245 , 249)
كل عقد جاز للموكل أن يعقده بنفسه جاز أن يوكل فيه غيره. فيجوز لمن توفرت فيه شروط الأهلية أن يوكل غيره بإيفاء واستيفاء كل حق متعلق بالمعاملات وبالبيع والشراء والإيجار والاستئجار والرهن والارتهان والإيداع والاستيداع والهبة والاتهاب والصلح والإبراء والإقرار والدعوى وطلب الشفعة والقسمة ونحو ذلك من الحقوق ما عدا التوكيل باستيفاء القصاص حال غيبة الموكل , فإنه لا يجوز. (م 921) .

يشترط لصحة التوكيل بالشراء أن يكون الشيء الموكل بشرائه معلوما عينا أو جنسا مع بيان قدره أيضا إن كان المقدرات كالمكيلات والموزونات , ويكفي عن بيان قدره بيان قدر الثمن. (م 931) .

إذا لم يكن الشيء الموكل بشرائه مجهولا , وفوض الأمر في شرائه لرأي الوكيل صحت الوكالة , وله أن يشتري من أي جنس , ومن أي نوع أراد. (م 932) .

إذا لم يكن الأمر مفوضا لرأي الوكيل فيما يشتريه , وكان الشيء الموكل بشرائه مجهولا جهالة فاحشة كجهالة الجنس , فلا تصح الوكالة , وإن بين الثمن. وإن كانت الجهالة يسيرة , بأن بين الجنس المراد شراؤه ولم يبين نوعه , صحت الوكالة وإن لم يبين الثمن. وإن كانت الجهالة متوسطة بأن كان بين الجنس والنوع , فإن بين الثمن أو النوع صحت الوكالة وإلا فلا.

تحفة المحتاج (5 / 303)
وبما تقرر علم أن شرط الموكل فيه أن يملك الموكل التصرف فيه حين التوكيل أو يذكره تبعا لذلك أو يملك أصله (وأن يكون قابلا للنيابة) لأن التوكيل استنابة (فلا يصح) التوكيل (في عبادة) وإن لم تحتج لنية , لأن القصد منها امتحان عين المكلف , وليس منها نحو إزالة النجاسة , لأن القصد منها الترك (إلا الحج) والعمرة. ويندرج فيهما توابعهما كركعتي الطواف (وتفرقة زكاة) ونذر وكفارة (وذبح أضحية) وهدي وعقيقة.

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 386)
يشترط ألا يكون الموكل فيه مما يتعلق بشخص الموكل ويختص به , فلا تصح الوكالة بالعبادات البدنية المحضة , والأيمان والشهادات والالتقاط والرضاع ونحوها. وأما العبادات التي تتعلق بالمال , كالتوكيل في إخراج الزكاة وإعطاء الصدقات وإخراج الكفارات وفعل الحج والعمرة , فتصح. (م1198) .

يشترط ألا يكون الموكل فيه من المعاصي وشبهها , فلا يصح التوكيل في العقود الفاسدة ولا في الظهار. (م 1199) .

يشترط أن يكون الموكل فيه تصرفا معلوما , فلا تصح التوكيل في شراء شيء مجهول حتى يبين نوعه وقدر الثمن.

ولا تصح الوكالة فيما يعظم فيه الغرر والضرر , كما لو وكله وكالة عامة في كل قليل وكثير , أو وكله في كل تصرف يجوز له , لكن إذا قل الغرر صحت. مثلا: لو وكله في بيع ماله كله , أو بيع ما شاء منه , أو في المطالبة بحقوقه كلها أو بما شاء منها ونحو ذلك صح. (م 1200) .

يصح التوكيل في كافة حقوق الآدميين المتعلقة بالمال أو ما يجرى مجراه , فتصح في جميع العقود والفسوخ من البيوع والإجارة والقرض والرهن والكفالة والحوالة والوديعة والهبة والإعارة والصلح والوقف والوصاية والجعالة والمساقاة والمزارعة والنكاح والخلع وغيرها , وفي العتق والتدبير والكتابة والطلاق والرجعة والإبراء والإقرار والإنفاق وقبض الحقوق , وفي تملك المباحات من الموات والاصطياد والاحتطاب والاحتشاش , وفي الدعاوي والخصومات وإثبات الحقوق , وفي سماع الدعاوي والإجابة عنها , وفي طلب الأيمان الواجبة , وفي طلب القود وحد القذف واستيفائهما (1202) .

يصح التوكيل في حقوق الله التي تدخلها النيابة , كالعبادات المتعلقة بالمال وكإثبات الحدود واستيفائها. (م 1203) .

روضة القضاة للسمناني (2 / 634 - 639)
وتجوز الوكالة بالبيع والشراء والحوالة والكفالة والشركة والمضاربة والوديعة والإعارة والإجارة والمزارعة والمساقاة والقرض والهبة والوقف والصدقة , لأن الحاجة داعية إلى ذلك كله.
واختلف في الوكالة في تملك المباحات كالاصطياد والاحتشاش واستقاء الماء. فقال أصحابنا: لا تصح لأنه تملك مباح , كالاغتنام. وهو أحد قولي الشافعي. وقال: يصح في قول آخر. لأنه لا يتعين عليه كالبيع والهبة. ويجوز التوكيل بالنكاح والطلاق والخلع والعتاق والمكاتبة والتدبير. ولا يجوز في الإيلاء والظهار واللعان , لأنها أيمان فلا تحتمل التوكيل.
واختلف في الرجعة: فمنهم من قال: يجوز التوكيل بها كما يجوز بالنكاح.

وهذا قولنا. ومن أصحاب الشافعي من قال لا يجوز , كما لا يجوز في الإيلاء والظهار. وضعفوا هذا الوجه. وقال أبو حنيفة ومحمد تجوز الوكالة بإثبات سائر الحقوق كائنا ما كانت.
وتجوز الوكالة في فسخ العقود , لأنه إذا جاز في العقد فالفسخ مثله ويجوز أن يوكل في الإبراء من الديون كما يجوز في إثباتها واستيفائها.

الإشراف للقاضي عبد الوهاب (2 / 29)
مسألة: إذا وكله أن يبيع له سلعة بيعا فاسدا كالربا والغرر والخمر والخنزير لم يصح , ولم يملك الوكيل بذلك أن يبيعها بيعا صحيحا , كذلك يجيء على المذهب. وهو قول الشافعي. وقال أبو حنيفة يجوز ذلك. فدليلنا أنه توكيل لا يتضمن بيعا شرعيا , فوجب أن لا يملك به الوكيل البيع. أصله , إذا وكله في إجارة شيء فباعه , فإنه لا يملك بيعه , ولأن كل من لم يملك التصرف على الوجه الذي أذن له فيه لم يملكه على غيره. أصله إذا وكله في أن يزوجه ذات محرم , ولأن الوكيل نائب عن الموكل فيما كان له أن يفعله , وقد ثبت أن الموكل لم يكن له بيع سلعته بما وكله فيه , فكان الوكيل بأن لا يجوز له ذلك أولى.

ميارة على التحفة (1 / 131)
ابن عرفة شرط صحتها علم متعلقها خاصا أو عاما بلفظ أو قرينة أو عرف خاص أو عام. فلو أتي بلفظ التوكيل مطلقا , كأنت وكيلي , أو وكلتك , فطريقان ; فقال ابن بشير وابن شاس لغو. وهو قول ابن الحاجب لم يفد. وقال ابن رشد إنما تكون الوكالة مفوضة في كل شيء إذا لم يسم فيها شيء.
ولهذا قالوا في الوكالة: إذا طالت قصرت , وإذا قصرت طالت. وكذلك الوصية إذا قال الرجل: فلان وصيي. ولم يزد على ذلك , كان وصيا له في كل شيء , في ماله وبضع بناته وإنكاح بنيه الصغار. وهذا قوله في المدونة.

المقدمات والممهدات (3 / 49 - 52)
الوكالة نيابة عن الموكل , فهي لا تكون إلا فيما تصح فيه النيابة مما يلزم الرجل القيام به لغيره أو يحتاج إليه لمنفعة نفسه.
فأما الوكالة فيما يلزم الرجل القيام به لغيره , فكتوكيل الأوصياء والوكلاء المفوض إليهم من ينوب عنهم فيما يلزمهم لمن وكلهم أو لمن فوض إلى نظرهم , وكاستخلاف الإمام على ما يلزمه القيام به من أمر المسلمين.
وأما الوكالة فيما يحتاج إليه الرجل لمنفعة نفسه فذلك كتوكيله على البيع والشراء والنكاح والحدود والخصام وما أشبه ذلك من أمر مباح أو مندوب إليه أو واجب تعبد به الإنسان في غير عينه , لأن ما تعبد به في عينه كالوضوء والصلاة والصيام لا يصح أن ينيب عنه في ذلك غيره. فإذا وكل الرجل , الرجل وكالة مطلقة لم يخصه بشيء دون شيء , فهو وكيل له على جميع الأشياء. وإن سمى بيعا أو ابتياعا أو خصاما أو شيئا من الأشياء فلا يكون وكيلا له إلا فيما سمى. وإن قال في آخر الكلام: وكالة مفوضة تامة , أو لم يقل , فذلك سواء , لأنه إنما يرجع على ما سمي خاصة. وهذا معنى قولهم في الوكالة: إذا طالت قصرت , وإذا قصرت طالت.

الخرشي (6 / 68)
إن الوكالة تصح فيما يقبل النيابة. بمعنى أن ما يجوز النيابة فيه تصح فيه الوكالة , وما لا تجوز فيها النيابة لا تصح فيه الوكالة , بناء على مساواة النيابة للوكالة , لا على أن النيابة أعم. من عقد وفسخ وقبض حق وعقوبة وحوالة , وإبراء وإن جهله الثلاثة , وحج. .

مراجع إضافية
انظر بدائع الصنائع (6 / 21 - 24) , الفتاوى الهندية (3 / 563) , درر الحكام (3 / 547 , 595) , المبدع (4 / 357) , المغني (7 / 198 , 244) , كشاف القناع (3 / 451 - 454) شرح منتهى الإرادات (2 / 302 وما بعدها) , فتح العزيز (11 / 11) , مغني المحتاج (2 / 219 - 222) , تحفة المحتاج (5 / 304 , 305) , المحلى (8 / 244) , الخرشي (6 / 69) , الزرقاني على خليل (6 / 73) , المهذب (1 / 359) , مواهب الجليل (5 / 190) .


حق الموكل في فرض شروطه وقيوده
الأصل في الوكيل أنه يتصرف بولاية مستفادة من قبل الموكل , فيلي من التصرف بقدر ما ولاه , ولا يملك منه ما لا يقتضيه إذنه من جهة النطق أو العرف , فيحق للموكل أن يجعل توكيله مطلقا أو معلقا بشرط أو مضافا إلى زمن مستقبل أو مقيدا بقيد أو مؤقتا بوقت عند جمهور الفقهاء.


الأصل في الوكيل أنه يتصرف بولاية مستفادة من قبل الموكل فيلي من التصرف بقدر ما ولاه , ولا يملك منه إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف , لأن تصرف الوكيل بالإذن , فاختص بما أذن له فيه.
ومن حق الموكل - إذن - أن يجعل توكيله منجزا أو معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت مستقبل أو مقيد بقيد أو مؤقت بوقت.

الوكالة المنجزة
أي الخالية من كل تعليق أو إضافة إلى زمن في المستقبل أو تقييد.
ومثال ذلك قوله: وكلتك ببيع داري هذه بمليون ريال فيقول الآخر قبلت.
فإن الوكالة المنعقدة بهذه الصيغة وكالة منجزة تترتب عليها آثارها الشرعية حالا.

الوكالة المعلقة بشرط
أي التي يكون الإيجاب فيها معلقا على أمر لا وجود له في الحال ولكن ممكن الوجود في المستقبل.
ومثال ذلك أن يقول: إن قدم زيد فأنت وكيلي في بيع داري هذه , فيقول الآخر قبلت.
وهذه الوكالة المعلقة لا تنعقد في الحال ولا يثبت حكمها إلا بوجود ذلك الشرط وتحققه , فهي متوقفة على حصول ما علق به الإيجاب.

الوكالة المضافة إلى المستقبل
أي التي يكون الإيجاب فيها مضافا إلى وقت في المستقبل.
ومثال ذلك أن يقول: وكلتك في شراء كذا في أول رمضان القادم أو ابتداء من أول الشهر القادم.
وهذه الوكالة المضافة تنعقد في الحال ولا يثبت حكمها إلا بحلول الوقت المحدد.

الوكالة المقيدة بقيد أو بوقت
أي التي يكون الإيجاب فيها مقيدا بقيد أو شرط محدد.
ومثال ذلك أن يقول: وكلتك في بيع داري هذه بثمن حال قدره كذا ريالا. أو أن يقول: وكلتك في بيع بضاعتي شهرا واحدا , أو إلى الوقت الفلاني.
وخلافا لجمهور الفقهاء , منع الشافعية تعليق الوكالة بالشرط وإضافتها للمستقبل , وأجازوا عقدها في الحال مع تعليق التصرف على شرط , نحو: وكلتك في بيع متاعي بعد شهر.


(حق الموكل في فرض شروطه وقيوده)
مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 387)
يصح توقيت الوكالة بأن يقول: وكلتك شهرا أو سنة. أو: أنت وكيلي إلى الوقت الفلاني. (م 1204) .
يصح تعليق الوكالة على شرط. مثلا إذا قدم الحاج فافعل كذا. أو: إذا جاء الشتاء فاشتر لي كذا. أو: إذا طلب أهلي منك نفقة فادفع لهم كذا. أو وكلتك في الدعوى على غريمي إذا امتنع عن دفع الدين. أو: وكلتك في بيع الرهن إذا حل الأجل. صح التوكيل واعتبر الشرط. (م 1205) .
الوكالة المعلقة على الموت أو المضافة إلى ما بعده وصاية. وإذا شرط استمرارها إلى ما بعد الموت كانت وكالة في الحياة ووصاية بعدها. (م 1207) .

مرشد الحيران (ص 245)
يصح أن يكون ركن التوكيل مطلقا , وأن يكون مقيدا بقيد , أو معلقا بشرط , أو مضافا إلى وقت مستقبل (919) .

مجلة الأحكام العدلية (ص 282)
يكون ركن التوكيل مرة مطلقا. ومرة يكون معلقا بشرط. ومرة يكون مضافا إلى وقت. ومرة يكون مقيد بقيد. (م 1356) .

بدائع الصنائع (6 / 20)
ركن التوكيل قد يكون مطلقا وقد يكون معلقا بشرط نحو أن يقول: إن قدم زيد فأنت وكيلي في بيع هذا العبد , وقد يكون مضافا إلى وقت بأن يقول وكلتك في بيع هذا العبد غدا. ويصير وكيلا في الغد فما بعده , ولا يكون وكيلا قبل الغد , لأن التوكيل إطلاق التصرف , والإطلاقات مما يحتمل التعليق بالشرط والإضافة إلى الوقت , كالطلاق والعتاق وإذن العبد في التجارة.

المهذب (1 / 357)
فصل: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن الموكل من جهة النطق أو من جهة العرف , لأن تصرفه بالإذن , فلا يملك إلا ما يقتضيه الإذن , والإذن يعرف بالعرف. فإن تناول الإذن تصرفين , وفي أحدهما إضرار بالموكل , لم يجز إضرار , لقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. فإن تناول تصرفين , وفي أحدهما نظر للموكل , لزمه ما فيه النظر للموكل , لما روى ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة. قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وللمسلمين عامة. وليس من النصح أن يترك ما فيه الحظ والنظر للموكل.

المغني (7 / 243)
فصل: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف , لأن تصرفه بالإذن , فاختص بما أذن فيه , والإذن يعرف بالنطق تارة وبالعرف أخرى.

التاج والإكليل (5 / 194)
ابن شاس أما إن قيدت الوكالة بالتصرف في بعض الأشياء دون بعض , فالرجوع في ذلك التقييد إلى مقتضى اللفظ والعادة.

المحلي على المنهاج (2 / 340)
(ولا يصح تعليقها بشرط في الأصح) نحو إذا قدم زيد أو إذا جاء رأس الشهر فقد وكلتك في كذا (فإن نجزها وشرط للتصرف شرطا جاز) قطعا , نحو: وكلتك الآن في بيع هذا العبد ولكن لا تبعه حتى يجيء رأس الشهر. فليس له أن يبيعه قبل مجيئه. وتصح الوكالة المؤقتة , كقوله: وكلتك إلى شهر رمضان.
(الوكيل بالبيع مطلقا) أي توكيلا لم يقيد (ليس له) نظرا للعرف (البيع بغير نقد البلد ولا بنسيئة ولا بغبن فاحش , وهو ما لا يحتمل غالبا) بخلاف اليسير , وهو ما يحتمل غالبا , فيغتفر فيه. فبيع ما يساوي عشرة بتسعة محتمل , وبثمانية غير محتمل.

التاج والإكليل (5 / 196)
ابن شاس مخصصات الموكل معتبرة. لو قال: بع من زيد لم يبع من غيره. ولو خصص سوقا تتفاوت فيها الأغراض تخصص.

مواهب الجليل (5 / 194)
أن الوكالة إما على سبيل التفويض في جميع الأمور , أو يعين الموكل فيه فيتعين , فليس له حينئذ أن يتعداه.

القوانين الفقهية (ص 333)
فإذا وكله على البيع وعين له ثمنا , لم يجز أن يبيع بأقل منه.

مراجع إضافية
انظر مغني المحتاج (2 / 223) , فتح العزيز (11 / 45 - 47) , المهذب (1 / 357) , شرح منتهى الإرادات (2 / 300 , 310 - 311) , كشاف القناع (3 / 450 , 465 , 469) .


وجوب التزام الوكيل بقيود وشروط الموكل
يجب على الوكيل مراعاة شرط الموكل , وما حد له من حدود ووضع له من قيود , فإن لم يفعل , لم يلزم تصرفه الموكل.


يجب على الوكيل مراعاة شرط الموكل , وما حد له من حدود ووضع له من قيود , فإذا وكل في شيء بعينه لم يجز أن يتعداه إلى غيره , ولا أن يتعدى ما حد له الموكل فيه.
فمن وكل رجلا في تصرف ما في زمن مقيد لم يملك التصرف قبله ولا بعده , لأنه لم يتناوله إذنه نطقا ولا عرفا , لأنه قد يؤثر التصرف في زمن الحاجة إليه دون غيره.

فلو قال: بع ثوبي غدا لم يجز أن يبيعه اليوم ولا بعد غد ,
وإن عين المكان وكان يتعلق به غرض مثل أن يأمره ببيع بضاعته في سوق أفضل من غيره تقيد الإذن به.
وإن عين له المشتري فقال: بعها فلانا , لم يملك بيعها لغيره , لأنه قد يكون له غرض في تمليكه إياها دون غيره.
ومن وكل ببيع سلعته إذا قدم الحجاج أو بشراء أضحية إذا جاء عيد الأضحى أو بدفع نفقة الأهل إذا طلبوا منه شيئا , لزمه مراعاة ذلك الشرط.

فإن تعدى الوكيل حدود ما وكل به شروطه أو قيوده , لم يلزم تصرفه الموكل.


(وجوب التزام الوكيل بشروط الوكالة وقيودها)
مجلة الأحكام العدلية (ص 282)
يكون ركن التوكيل مرة مطلقا , يعني لا يكون معلقا بشرط أو مضافا إلى وقت أو مقيدا بقيد , ومرة يكون معلقا بشرط. مثلا لو قال: وكلتك على أن تبيع فرسي هذه إذا أتى فلان التاجر إلى هنا , وقبل الوكيل ذلك , تنعقد الوكالة معلقة بمجيء التاجر , وللوكيل أن يبيع الفرس إذا أتى التاجر وإلا فلا. ومرة يكون مضافا إلى وقت. مثلا لو قال: وكلتك على أن تبيع دوابي هذه في شهر نيسان , وقبل الوكيل ذلك يكون وكيلا بحلول الشهر المذكور , وله أن يبيع الدواب في الشهر المذكور , وأما قبل حلوله فليس له أن يبيع. ومرة يكون مقيدا بقيد. مثلا لو قال: وكلتك على أن تبيع ساعتي هذه بألف قرش , تكون وكالة الوكيل مقيدة بعدم البيع بأقل من ألف قرش. (م 1456)

مرشد الحيران (ص 250)
إذا عين الموكل نوع الشيء الموكل بشرائه , فاشترى الوكيل خلافه , فلا ينفذ شراؤه إلا على الوكيل. فلو أمر بشراء جوخ , فاشترى حريرا نفذ على الوكيل , ولا يتوقف على إجازة الموكل إلا إذا لم يجد نفاذا على الوكيل بأن يكون الوكيل صبيا أو محجورا (م 934) .

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 387)
الوكيل بالتصرف في زمن مقيد لا يملكه قبله ولا بعده. (م 1263) .
يصح تعليق الوكالة على شرط. مثلا إذا قال: إذا قدم الحاج فافعل كذا. أو إذا جاء الشتاء فاشترى لي كذا. صح التوكيل واعتبر الشرط. (م 1205) .
الوكيل في البيع لشخص معين لا يصح بيعه لغيره إلا إذا علم الوكيل ولو بقرينة أن لا غرض للموكل في المعين. (1241) .
الوكيل في البيع بقدر معين في سوق معينة يصح بيعه بالقدر المعين في سوق أخرى. لكن لو نهاه أو كان للموكل غرض صحيح في تعيين السوق لم يصح البيع في غيرها. (1242) .
كل تصرف خالف فيه الوكيل فهو كتصرف الفضولي فاسد. وله حكم صحيحه في الضمان وعدمه. (م 1274) .

الكافي لابن عبد البر (ص 394)
فمن وكل في شيء بعينه لم يجز له أن يتعداه إلى غيره , ولا يتعدى ما حد له فيه.

التاج والإكليل (5 / 196)
وفي الموازية: من أمر بشراء جارية موصوفة ببلد , فاشتراها ببلد دونه , خير الآمر في أخذها وضمانها من المأمور.

المغني (7 / 243)
ولو وكل رجلا في التصرف في زمن مقيد لم يملك التصرف قبله ولا بعده , لأنه لم يتناوله إذنه نطقا ولا عرفا , لأنه قد يؤثر التصرف في زمن الحاجة إليه دون غيره. ولهذا لما عين الله تعالى لعبادته وقتا , لم يجز تقديمها عليه ولا تأخيرها عنه. فلو قال له: بع ثوبي غدا. لم يجز بيعه اليوم ولا بعد غد. وإن عين له المكان , وكان يتعلق به غرض , مثل أن يأمره ببيع ثوبه في سوق , وكان ذلك السوق معروفا بجودة النقد أو كثرة الثمن أو حله أو بصلاح أهله أو بمودة بين الموكل وبينهم تقيد الإذن به , لأنه قد نص على أمر له فيه غرض , فلم يجز تفويته. وإن كان هو وغيره سواء في الغرض لم يتقيد الإذن , وجاز له البيع في غيره , لمساواته المنصوص عليه في الغرض , فكان تنصيصه على أحدهما إذنا في الآخر.

فتح العزيز (11 / 46)
يجب النظر بتقييدات الموكل في الوكالة ويشترط على الوكيل رعاية المفهوم منها بحسب العرف. وفي هذا الفصل صور إحداها: إذا عين الموكل شخصا بأن قال: بع من زيد , أو وقتا بأن قال: بع في يوم كذا , لم يجز أن يبيع من غيره ولا قبل ذلك الزمان ولا بعده. أما الأول فلأن ذلك الشخص المعين قد يكون أقرب إلى الحل وأبعد عن الشبهة , وربما يريد تخصيصه بذلك المبيع وأما الثاني فلأنه ربما يحتاج إلى البيع في ذلك الوقت. ولو عين مكانا من سوق ونحوها , نظر: إن كان له في المكان المعين غرض بأن كان الراغبون فيه أكثر أو النقد فيه أجود لم يجز أن يبيع في غيره. وإن لم يكن له غرض ظاهر فوجهان.

مغني المحتاج (2 / 223)
ويصح تأقيتها , كوكلتك شهرا , فإذا مضى الشهر امتنع على الوكيل التصرف.

بدائع الصنائع (6 / 29)
وأما الوكيل بالشراء , فالوكيل بالشراء لا يخلو إما أن يكون مطلقا أو مقيدا , فإن كان مقيدا يراعي فيه القيد إجماعا لما ذكرنا , سواء كان القيد راجعا إلى المشترى أو إلى الثمن حتى أنه إذا خالف يلزم الشراء الوكيل إلا إذا كان خلافا إلى خير فيلزم الموكل.


ثبوت ولاية التصرف الذي تناوله التوكيل
يترتب على الوكالة الصحيحة ثبوت ولاية التصرف الذي تناوله التوكيل لفظا أو عرفا للوكيل.

وعلى ذلك ذهب أبو حنيفة وصاحباه أبو يوسف ومحمد إلى أن الوكيل بالخصومة يلي قبض الحق بعد إثباته.

وخالفهم في ذلك أكثر الفقهاء , فلم يثبتوا للوكيل بالخصومة ولاية قبض الحق , لعدم تناول التوكيل بالخصومة لذلك.


تثبت للوكيل ولاية التصرف المفوض إليه بحسب ما يتناول إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف بمقتضى صحة عقد الوكالة.

وعلى ذلك قال أبو حنيفة وصاحباه أبو يوسف ومحمد للوكيل بالخصومة في مال أن يقبضه بعد إثباته , لأن الموكل لما وكله بالخصومة في مال , فقد ائتمنه على قبضه , لأن الخصومة فيه لا تنتهي إلا بالقبض , فكان التوكيل بها توكيلا بالقبض.

وخالفهم في ذلك جمهور الفقهاء من الشافعية والحنابلة وزفر من الحنفية (وقوله هو المفتى به في المذهب , وبه أخذت مجلة الأحكام العدلية) , فقالوا: لا يكون الوكيل بالخصومة وكيلا بقبض المال , ولا تثبت له ولايته , لأن المطلوب منه تثبيت الحق للموكل , وليس كل من يرتضى لتثبيت حق يؤتمن عليه , فقد يوثق على الخصومة من لا يوثق على المال.


مجلة الأحكام العدلية (ص 295)
الوكالة بالخصومة لا تستلزم الوكالة بالقبض. بناء عليه: ليس للوكيل بالدعوى صلاحية قبض المال المحكوم به ما لم يكن وكيلا بالقبض أيضا (م 1519) .
الوكالة بالقبض لا تستلزم الوكالة بالخصومة. (م 1520) .

مرشد الحيران (ص 257)
يصح التوكيل بالخصومة في إثبات الديون والأعيان وسائر حقوق العباد , ورضا الخصم ليس بشرط في صحته , وإنما هو شرط لزومه. ولا يملك وكيل الخصومة وتقاضي الدين قبض الدين إلا إذا كان العرف بين التجار أن المتقاضي هو الذي يقبض , فله قبضه. (م 958) .
وكيل قبض الدين من قبل الدائن يملك الخصومة مع المديون. (م 959) .

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 3990 - 400)
الوكيل في قبض دين أو عين وكيل في الخصومة في ذلك , فله إقامة الدعوى وتثبيت الحق إذا أنكر من عنده الحق , كما أن الوكيل في قسمة شيء أو بيعه أو طلب شفعة يملك تثبيت ما وكل فيه. (م 1255) .
لا يملك الوكيل في الخصومة القبض ولا الإقرار على موكله بقبض الحق ولا غيره , كإقراره عليه بقود أو قذف , لا في مجلس الحكم ولا في غيره. (م 1256) .
الوكيل في الشراء يملك الخصومة في مطالبة البائع بالثمن عند ظهوره مستحقا إن دلت قرينة على الإذن في ذلك , كبعده عن الموكل ونحوه (م 1262) .

فتح العزيز (11 / 26)
للوكالة الصحيحة أحكام , منها: صحة تصرف الوكيل إذا وافق إذن الموكل. والموافقة والمخالفة تعرفان بالنظر إلى اللفظ تارة , وبالقرائن التي تنضم إليه أخرى. فإن القرينة قد تقوى فيكون لها إطلاق اللفظ.

المغني (7 / 211) , 243
فصل: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن موكله من جهة النطق أو من جهة العرف , لأن تصرفه بالإذن , فاختص بما أذن فيه , والإذن يعرف بالنطق تارة وبالعرف أخرى.
. وإن أذن له في تثبيت حق , لم يملك قبضه. وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة يملك قبضه , لأن المقصود من التثبيت قبضه وتحصيله. ولنا: أن القبض لا يتناوله الإذن نطقا ولا عرفا , إذ ليس كل من يرضاه لتثبيت الحق يرضاه لقبضه.

بدائع الصنائع (6 / 24)
وللوكالة أحكام: (منها) ثبوت ولاية التصرف الذي تناوله التوكيل. فيحتاج إلى بيان ما يملكه الوكيل من التصرف بموجب التوكيل بعد صحته وما لا يملكه , فنقول وبالله التوفيق: الوكيل بالخصومة يملك الإقرار على موكله في الجملة عند أصحابنا الثلاثة. وقال زفر والشافعي لا يملك. والوكيل بالخصومة في مال إذا قضى القاضي به يملك قبضه عند أصحابنا الثلاثة. وعند زفر لا يملك. وجه قوله: إن المطلوب من الوكيل بالخصومة الاهتداء , ومن الوكيل بالقبض الأمانة وليس كل من يهتدي إلى شيء يؤتمن عليه , فلا يكون التوكيل بالخصومة توكيلا بالقبض. ولنا: أنه لما وكله بالخصومة في مال فقد ائتمنه على قبضه , لأن الخصومة فيه لا تنتهي إلا بالقبض , فكان التوكيل فيها توكيلا بالقبض.

المهذب (1 / 357 , 358)
فصل: ولا يملك الوكيل من التصرف إلا ما يقتضيه إذن الموكل من جهة النطق أو من جهة العرف , لأن تصرفه بالإذن , فلا يملك إلا ما يقتضيه الإذن , والإذن يعرف بالنطق وبالعرف. وإن وكله في تثبيت حق فثبته لم يملك قبضه , لأن الإذن في التثبيت ليس بإذن في القبض من جهة النطق ولا من جهة العرف , لأنه ليس في العرف أن من يرضاه للتثبيت يرضاه للقبض.


وجوب إضافة ما سوى عقود المعاوضات إلى الموكل
يجب على الوكيل - بمقتضى عقد الوكالة الصحيح - أن يضيف التصرف المفوض به إلى موكله فيما سوى عقود المعاوضات المالية , كما في الاستقراض والاتهاب والاستعارة والاستيداع والإبراء والطلاق والنكاح ونحوها. فإن لم يفعل فلا يصح ذلك التصرف للموكل.


يجب على الوكيل إضافة العقد إلى موكله الذي سيثبت الملك فيما سوى عقود المعاوضات المالية كما في الاتهاب وقبول الصدقة والاستعارة والارتهان والإبراء والاستيداع والاستقراض والشركة والمضاربة والصلح عن إنكار وسكوت , وفي النكاح والطلاق والخلع وقبض المهر للزوجة. إلخ وذلك لأن حقوق العقد فيها عائدة لا محالة إلى الموكل , فيلزم إضافة العقد إليه , والوكيل سفير محض. فإن لم يضف الوكيل العقد إلى الموكل فلا يصح ذلك العقد لموكله بوجه. وعلى ذلك نص الحنفية.

وأساس ذلك: أن بعض هذه التصرفات من قبيل التبرعات , فإن لم يضف الوكيل العقد لموكله وقع التبرع له لا لموكله , وبعضها الآخر من قبيل الإسقاطات كالإبراء والطلاق والصلح عن إنكار والصلح عن دم العمد ونحوها. وبما أن الوكيل فيها أجنبي عن حكم تلك التصرفات , والحكم لا يقبل الفصل عن السبب , فلا بد من إضافة العقد إلى الموكل , ليكون العقد مقارنا للسبب.

وإنما لا يشترط إضافة عقود المعاوضات إلى الموكل لأن الحكم فيها يقبل الانفصال عن السبب ألا ترى أن البيع بالخيار صحيح مع أن الحكم وهو دخول المبيع في ملك المشتري لم يحصل , فحيث انفصل الحكم عن السبب فلا مانع من أن يصدر السبب من الوكيل مضافا إلى نفسه ويقع الحكم وهو الملك للموكل.


مجلة الأحكام العدلية (ص 283)
يلزم أن يضيف الوكيل العقد إلى موكله في الهبة والإعارة والرهن والإيداع والإقراض والشركة والمضاربة والصلح عن إنكار , وإن لم يضفه إلى موكله لا يصح (م 1460) .

البحر الرائق وحاشية منحة الخالق (7 / 151 , 152)
(والملك يثبت للموكل ابتداء , حتى لا يعتق قريب الوكيل بشرائه , وفيما يضيفه إلى الموكل كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد أو عن إنكار يتعلق بالموكل) أي والحقوق في كل عقد لا يستغني الوكيل عن إضافته إلى موكله , لأن الوكيل فيها سفير محض , ألا ترى أنه لا يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل , ولو أضافه إلى نفسه كان النكاح له , فصار كالرسول. وهذا لأن الحكم فيها لا يقبل الفصل عن السبب , لأنه إسقاط , فيتلاشى , فلا يتصور صدوره من شخص وثبوت حكمه لغيره , فكان سفيرا.

وأشار بالكاف في قوله كالنكاح إلى بقية أفراد هذا النوع ولذا قال في الهداية: من أخواته العتق على مال والكتابة والصلح على إنكار والهبة والتصدق والإعارة والإيداع والرهن والإقراض , لأن الحكم فيها يثبت بالقبض وانه يلاقي محلا مملوكا للغير , فلا يجعل أصيلا , وكذا إذا كان الوكيل من جانب الملتمس , وكذا الشركة والمضاربة , إلا أن التوكيل بالاستقراض باطل , حتى لا يثبت الملك للموكل بخلاف الرسالة فيه. ومن هذا النوع الوكيل بالقبض , وقدمنا أحكامه.

وفي المجتبى: وكله أن يرتهن عبد فلان بدينه , أو يستعيره له أو يستقرض له ألفا , فإنه يضيف العقد إلى موكله دون نفسه , فيقول: إن زيدا يستقرض منك كذا , أو يسترهن عبدك , أو يستعير منك. ولو قال: هب لي أو أعرني أو أقرضني أو تصدق علي , فهو للوكيل.

قال ابن عابدين نقلا عن الدرر: وسره أن الحكم فيها لا يقبل الفصل عن السبب , لأنها من قبيل الإسقاطات , والوكيل أجنبي عن الحكم , فلا بد من إضافة العقد إلى الموكل , ليكون الحكم مقارنا للسبب. أما النكاح , فلأن الأصل في البضع الحرمة , فكان النكاح إسقاطا لها والساقط يتلاشى فلا يتصور صدور السبب عن الشخص على سبيل الأصالة ووقوع الحكم لغيره , فجعل سفيرا ليقارن الحكم السبب , حتى لو أضاف النكاح إلى نفسه وقع له بخلاف البيع , فإن حكمه يقبل الفصل عن السبب , كما في البيع بخيار , فجاز صدور السبب عن شخص أصالة ووقوع الحكم لغيره خلافه.

وأما الخلع , فلأنه إسقاط للنكاح , والناكح المرء , والمنكوحة المرأة , والوكيل إما منه أو منها , وعلى التقديرين يكون سفير محضا , فلا بد من الإضافة إلى الموكل. وأما الصلح عن إنكار , فإنه أيضا إسقاط لا يشوبه معاوضة , فلا بد من الإضافة إلى الموكل , وكذا الصلح عن دم العمد فإنه إسقاط محض , والوكيل أجنبي سفير , فلا بد من الإضافة إلى الموكل , وكذا الحال في البواقي. هذا ملخص ما ذكره القوم في هذا المقام.

ثم اعلم أن هذه المذكورات يفترق بعضها عن بعض من حيث أن ما كان منها إسقاطا يضيفه الوكيل إلى نفسه مع التصريح بالموكل , فيقول: زوجتك فلانة , وصالحته عما تدعيه على فلان من المال أو الدم. أما ما كان منها تمليكا لعين أو منفعة أو حفظ فلا يضيفه إلى نفسه بل إلى الموكل فقط , كقوله: هب لفلان كذا أو أودعه كذا أو أقرضه كذا , فلا بد في هذا من إخراج كلامه مخرج الرسالة , فلا يصح أن يقول: هبني كذا كما مر ولا هبني لفلان أو أودعني لفلان.

وعلى هذا فقولهم التوكيل بالاستقراض باطل معناه أنه في الحقيقة رسالة لا وكالة , فلو أخرج الكلام مخرج الوكالة لم يصح , بل لا بد من إخراجه مخرج الرسالة كما قلنا. وبه علم أن ذلك غير خاص بالاستقراض , بل كل ما كان تمليكا إذا كان الوكيل من جهة طالب التملك لا من جهة المملك , فإن التوكيل بالإقراض والإعارة صحيح , لا بالاستقراض والاستعارة , بل هو رسالة. هذا ما ظهر لي فتأمله.

مراجع إضافية
انظر درر الحكام (3 / 571) شرح المجلة للأتاسي (4 / 423 - 427) , تبيين الحقائق (4 / 257) , تكملة فتح القدير مع العناية والكفاية (7 / 15) .


رجوع حقوق العقد إلى الموكل
اختلف الفقهاء في رجوع حقوق العقد إلى الوكيل أو الموكل ,
فذهب الشافعية إلى أنها ترجع للوكيل.
وذهب المالكية والحنابلة إلى أنها ترجع للموكل.
وذهب الحنفية إلى أنها ترجع للموكل إن أضيف العقد إليه , وإلى الوكيل إن أضافه إلى نفسه تبعا لثبوت حكم العقد له.

وحقوق العقد هي: ما يترتب عليه لطرفيه من حقوق والتزامات ومطالبات يقتضيها تنفيذ حكمه الأصلي.


المراد بحقوق العقد: ما يترتب عليه لطرفيه من حقوق والتزامات ومطالبات يقتضيها تنفيذه , الغرض منها تأكيد حكمه وتقريره وتثبيته , مثل تسليم المبيع إلى المشتري في البيع , وضمان سلامته من العيوب أو من أن يكون لغير المشتري فيه حق , وكتسليم الزوج المهر في عقد النكاح وتسليم المرأة نفسها فيه. . . إلخ.

وقد اختلف الفقهاء فيمن تتعلق به حقوق العقد في تصرفات الوكيل على ثلاثة أقوال:
حقوق العقد تتعلق بالموكل:
(الرأي الأول) للحنابلة والمالكية: وهو أن حقوق العقد تتعلق بالموكل , لأن حكم العقد يثبت له ابتداء , فما يقتضيه تنفيذه من حقوق يرجع إليه أيضا.
قال المالكية: إلا أن يكون العرف رجوعها للوكيل.
حقوق العقد تتعلق بالوكيل
(الرأي الثاني) للشافعية: وهو أن حقوق العقد تتعلق بالوكيل , لأنه هو العاقد حقيقة.

حقوق العقد تتعلق بالوكيل أو الموكل بحسب كيفية إضافته
(الرأي الثالث) للحنفية: وهو أن الوكيل إذا أضاف العقد لموكله سواء أكان مما يحتاج إلى إضافته للموكل كالنكاح والإبراء والاستقراض أو مما لا يحتاج إلى ذلك كالمعاوضات المالية - فإن حقوق العقد ترجع إلى الموكل , لأن الوكيل حينئذ سفير محض.
وإن لم يضفه إلى الموكل - بل إلى نفسه - فإن حقوق العقد ترجع إليه تبعا لثبوت حكم العقد له.


مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 391)
حقوق العقد تتعلق بالموكل مطلقا , سواء كان العقد مما يصح إضافته إلى الوكيل كالبيع أو لا يصح إضافته إلا إلى الموكل كالنكاح , فيطالب الموكل بثمن ما اشتراه له وكيله , وبصداق امرأة زوجها به وكيله , وعليه ضمان الدرك , وله حق الرد بخيار عيب ونحوه , ويرد إليه ما باعه عنه وكيله بعيب ونحوه. (م 1221) .

مجلة الأحكام العدلية (ص 284)
لا تشترط إضافة العقد إلى الموكل في البيع والشراء والإجارة والصلح عن إقرار , فإن لم يضفه إلى موكله , واكتفى بإضافته إلى نفسه صح أيضا. وعلى كلتا الصورتين لا تثبت الملكية إلا لموكله. ولكن إن لم يضف العقد إلى الموكل تعود حقوق العقد إلى العاقد , يعني الوكيل , وإن أضيف إلى الموكل تعود حقوق العقد إلى الموكل , ويكون الوكيل بهذه الصورة كالرسول.

مثلا: لو باع الوكيل بالبيع مال الموكل , واكتفى بإضافة العقد إلى نفسه ولم يضفه إلى موكله , يكون مجبورا على تسليم المبيع إلى المشتري , وله أن يطلب ويقبض الثمن من المشتري , وإذا خرج للمال المشترى مستحق وضبطه بعد الحكم , فيرجع المشتري على الوكيل بالبيع. يعني يطلب الثمن الذي أعطاه إياه منه. والوكيل بالشراء إذا لم يضف العقد إلى موكله على هذا الوجه يقبض المال الذي اشتراه , ويجبر على إعطاء ثمنه للبائع من ماله , وإن لم يتسلم الثمن من موكله.

وإن ظهر عيب قديم في المال المشترى , فللوكيل حق المخاصمة لأجل رده. ولكن إن كان الوكيل قد أضاف العقد إلى موكله بأن عقد البيع بقوله: بعت بالوكالة عن فلان أو اشتريت لفلان. فعلى هذا الحال تعود الحقوق المبينة آنفا كلها إلى الموكل , ويبقى الوكيل في حكم الرسول بهذه الصورة (م 1461) .

مرشد الحيران (ص 247)
كل عقد من عقود الهبة والإعارة والرهن والإيداع والقرض إذا عقده الوكيل من جهة مريد التمليك يصح العقد على الموكل مطلقا وتتعلق به حقوقه , سواء أضاف الوكيل العقد إلى نفسه أو إلى الموكل. وإن كان وكيلا في هذه القعود عن طالب التملك وأضاف العقد إلى نفسه يقع العقد له لا للموكل , وإن أضاف العقد إلى الموكل يقع للموكل وتتعلق به حقوقه. (927) .

كل عقد لا يحتاج الوكيل إلى إضافته للموكل , ويكتفى فيه بإضافته إلى نفسه كالبيع والشراء والإجارة والصلح عن إقرار يقع للموكل , سواء أضافه الوكيل إلى نفسه أو إلى الموكل. إنما إذا أضافه الوكيل إلى نفسه تعود كل حقوقه إليه ما لم يكن محجورا عليه , ولا تنتقل هذه الحقوق إلى الموكل ما دام الوكيل حيا , وإن كان غائبا وبعد موته تنتقل الحقوق إلى وصيه لا إلى الموكل. فإن أضاف العقد إلى موكله عادت كل حقوقه على الموكل , فلا يلزم الوكيل شيء مما يترتب على العقد من الحقوق والواجبات. (م 928) .

البحر الرائق (7 / 147 , 151)
(والحقوق فيما يضيفه الوكيل إلى نفسه كالبيع والإجارة والصلح عن إقرار تتعلق بالوكيل إن لم يكن محجورا) لأن الوكيل هو العاقد حقيقة لأن العقد يقوم بالكلام وصحة عبارته لكونه آدميا وكذا حكما , لأنه يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل , ولو كان سفيرا عنه ما استغنى عن ذلك كالرسول , وإذا كان كذلك كان أصيلا في الحقوق فتتعلق به.

وفي النهاية: حتى لو حلف المشتري ما للموكل عليه شيء , كان بارا في يمينه. ولو حلف ما للوكيل عليه شيء كان حانثا. والمراد بقوله (فيما يضيفه الوكيل) في كل عقد لا بد من إضافته إليه لينفذ على الموكل , وليس المراد ظاهر العبارة من أنه قد يضيفه وقد لا يضيفه. فإن أضافه إلى نفسه تتعلق بالوكيل , وإن أضافه إلى موكله تتعلق بالموكل كما فهمه ابن الملك في شرح المجمع.

(وفيما يضيفه إلى الموكل كالنكاح والخلع والصلح عن دم العمد أو عن إنكار يتعلق بالموكل , فلا يطالب وكيله بالمهر ووكيلها بتسليمها) أي والحقوق في كل عقد لا يستغني الوكيل عن إضافته إلى موكله , لأن الوكيل فيها سفير محض , ألا ترى أنه لا يستغني عن إضافة العقد إلى الموكل ولو أضافه إلى نفسه , كان النكاح له.

البهجة (1 / 213)
أن من وكل على النكاح ليس له قبض الصداق , لأنه لا يسلم (المحل) , أي البضع. ولا يبرأ الزوج بالدفع إليه.

الكافي لابن عبد البر (ص 397)
ومن وكل بشراء سلعة بعينها , فوجد الموكل عيبا بها , فالقيام فيه إلى ربها , وليس على الوكيل القيام بردها. ولو باع الوكيل سلعة واستحقت , رجع المبتاع على الموكل دون الوكيل.

التاودي على التحفة (1 / 213)
(وكل من له على مبيع وكلا) أي كل من وكل على بيع شيء (كان له القبض) أي قبض ثمنه (إذا ما) زائدة (أغفلا) أي سكت عن قبض الثمن , كما له ذلك إذا نص عليه , لأنه العرف. وكذلك من وكل على الشراء له قبض المبيع , فإن لم يفعل حتى تعذر القبض ضمن فيهما. ومفهوم أغفل أنه إذا نص على عدم القبض لم يكن للوكيل أن يقبض الثمن ولا المبيع , ومثله ما جرت العادة فيه بأن الوكيل يعقد البيع فقط , والموكل هو الذي يقبض ثمنه , كما في بيع الأصول والأشياء الرفيعة الثمن , لم يكن للوكيل قبض.

حاشية المعداني على ميارة (1 / 138)
قال ابن فرحون في تبصرته: الوكيل على بيع العقار لا يقبض لأن العادة جارية بعدم قبضه للثمن إلا بتوكيل خاص على قبضه , إلا أن يكون أهل بلد جرت عادتهم بأن متولي البيع يتولى القبض. وهذا بخلاف الوكيل على بيع السلع , فإن له قبض الثمن. إلخ.

شرح منتهى الإرادات (2 / 308)
(وحقوق العقد) كتسليم الثمن وقبض المبيع وضمان الدرك والرد بالعيب ونحوه , سواء كان العقد مما تجوز إضافته إلى الوكيل كالبيع والإجارة أو لا كالنكاح (متعلقة بموكل) لوقوع العقد له.

المحلي على المنهاج (2 / 346)
(وأحكام العقد تتعلق بالوكيل دون الموكل , فيعتبر في الرؤية ولزوم العقد بمفارقة المجلس والتقابض في المجلس - حيث يشترط - الوكيل دون الموكل) لأنه العاقد حقيقة وله الفسخ بخيار المجلس , وإن أراد الموكل الإجازة قاله في التتمة.

(وإذا اشترى الوكيل طالبه البائع بالثمن إن كان دفعه إليه الموكل وإلا فلا) يطالبه (إن كان الثمن معينا) لأنه ليس في يده (وإن كان) الثمن (في الذمة) طالبه به (إن أنكر وكالته أو قال لا أعلمها , وإن اعترف بها طالبه أيضا في الأصح كما يطالب الموكل , ويكون الوكيل كضامن , والموكل كأصيل) والثاني: يطالب الموكل فقط , لأن العقد له. وفي ثالث: يطالب الوكيل فقط , لأن العقد معه. والأول لاحظ الأمرين.
مراجع إضافية
انظر بدائع الصنائع (6 / 33) , تبيين الحقائق (4 / 256) , 257 , ميارة (1 / 138) , كشاف القناع (3 / 460) , درر الحكام (3 / 574) , شرح المجلة للأتاسي (4 / 427) , مغني المحتاج (2 / 230) , 231 , فتح العزيز (11 / 33) , مواهب الجليل (5 / 194)


مخالفة الوكيل أمر موكله
يستثنى من أصل وجوب التزام الوكيل بقيود وشروط الموكل أمران
أحدهما: ما إذا كان خلافه إلى خير كما إذا وكله بشراء شيء بألف فاشتراه له بخمسمائة , لأنه وإن كان خلافا صورة , فهو وفاق معنى , حيث إنه مأذون به دلالة.

والثاني: ما إذا كان شرط الموكل منافيا لمقتضى عقد الوكالة , مثل اشتراط كون الوكيل ضامنا ولو لم يتعد أو يفرط حيث إن هذا الشرط باطل والعقد صحيح.


استثنى الفقهاء من أصل وجوب التزام الوكيل بالشروط والقيود والحدود التي رسمها له الموكل ما لو كانت مخالفته إلى خير.
كما إذا وكله ببيع سيارته بألف ريال فباعها بألفين , أو بشراء دكان بألف ريال فاشترى له دكانا بتسعمائة. فإن بيعه وشراءه صحيح نافذ في حق الموكل , لأنه وإن كان خلافا صورة , فهو وفاق معنى , لأنه مأذون به دلالة.
أما إذا باع سيارته بثمانمائة , فالبيع موقوف على إجازة الموكل عند الحنفية والمالكية , فإن أجازه نفذ , وإن رده بطل. وقال الحنابلة: هو صحيح نافذ , ويضمن الوكيل للموكل النقص عما قدره له من الثمن , وهو مائتين.

ولو اشترى له الدكان بألف وخمسمائة , فالشراء صحيح نافذ في حق الموكل عند الحنابلة , ويضمن الوكيل الزائد من الثمن عما قدر له الموكل , وهو خمسمائة.
وقال الحنفية والشافعية: هو صحيح نافذ في حق الوكيل دون الموكل , لأنه خالف أمر الموكل فصار مشتريا لنفسه.
وقال المالكية: الموكل بالخيار إن شاء أخذ الدكان بالثمن الزائد وإن شاء ردها , وفي حال ردها فإنها تلزم الوكيل.

ولو خالف الوكيل في الجنس , بأن وكله الرجل بشراء طن من القمح فاشترى له طنا من شعير , فالشراء باطل عند الحنابلة.
وقال الحنفية والشافعية: هو صحيح نافذ في حق الوكيل.

أما اشتراط الموكل ما ينافي مقتضى عقد الوكالة , كما إذا اشترط على الوكيل الضمان مطلقا , ولو لم يبدر منه تعد أو تفريط , فالشرط باطل والعقد صحيح.


مجلة الأحكام العدلية (ص 286 - 287 - 291)
إذا خالف الوكيل في الجنس. يعني لو قال الموكل: اشتر لي من الجنس الفلاني , فاشترى الوكيل من غيره , فلا يكون نافذا في حق الموكل , وإن كانت فائدة الشيء الذي اشتراه أزيد , يعنى: يبقى المال الذي اشتراه الوكيل عليه , ولا يكون مشترى للموكل (1470) .

إذا قيدت الوكالة بقيد , فليس للوكيل مخالفته. فإن خالف لا يكون شراؤه نافذا في حق الموكل , ويبقى المال الذي اشتري عليه. ولكن إذا خالف بصورة فائدتها أزيد في حق الموكل فلا تعد مخالفة معنى. مثلا لو قال أحد: اشتر لي الدار الفلانية بعشرة آلاف , فاشتراها الوكيل بأزيد فلا يكون شراؤه نافذا في حق الموكل , وتبقى الدار عليه. وأما إذا اشتراها بأنقص فيكون قد اشتراها للموكل. كذلك لو قال: اشتر نسيئة. واشترى الوكيل نقدا , يبقى المال على الوكيل. وأما لو قال الموكل: اشتر نقدا , واشترى الوكيل نسيئة يكون قد اشتراه للموكل. (1479) .

ليس للوكيل أن يبيع بأنقص مما عينه الموكل. يعني: إذا كان الموكل قد عين ثمنا فليس للوكيل أن يبيع بأنقص من ذلك. وإذا باع فينعقد البيع موقوفا على إجازة موكله , ولو باعه بنقصان الثمن بلا إذن الموكل وسلم المال إلى المشترى فللموكل أن يضمنه ذلك المال. (م 1495) .

مرشد الحيران (ص 250 - 252)
إذا قيدت الوكالة بقيد فليس للوكيل بالشراء مخالفته إلا إذا كان خلافا إلى خير. فإن عين الموكل الثمن واشترى الوكيل بأكثر منه , فلا ينفذ على موكله مطلقا , سواء كان وكيلا بشراء معين أو غير معين. وإن اشترى بأقل منه , فإن كان وكيلا بشراء معين نفذ على الموكل , وإن كان وكيلا بشراء غير معين فلا ينفذ على الموكل ما لم تكن قيمة ما اشتراه قدر الثمن المعين , أو يكون قد وصفه له بصفة فاشترى بتلك الصفة بأقل من ذلك الثمن المعين , فإنه ينفذ على الموكل. (م 935) .

إذا عين الموكل قدر الثمن لوكيله بشراء معين , وأمره أن يشتريه به حالا , فاشتراه به نسيئة , لزم الموكل. ولو أمره أن يشتريه به نسيئة فاشتراه به حالا لزم الوكيل. (م 936)

يصح للوكيل بالبيع عند الإطلاق أن يبيع الموكل ببيعه بنقصان لا يتغابن الناس فيه , لا بفاحش الغبن , ولا يجوز إلا بالدراهم والدنانير حالة أو إلى أجل متعارف (943) .

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 387 , 395 , 398)
لا يصح اشتراط ضمان الوكيل بلا تفريط , والوكالة صحيحة. (م 1208) .

بيع الوكيل بأقل مما قدره له الموكل صحيح , ويضمن كل النقص عما قدره له. مثلا: لو أمره ببيعه بمائه , فباعه بتسعة وتسعين ضمن الواحد الناقص (م 1234) .

بيع الوكيل بثمن زائد عن ثمن المثل أو عما قدره له الموكل صحيح والزائد للموكل (م 1233) .

كل تصرف خالف الوكيل موكله فيه فهو كتصرف الفضولي لا ينعقد إلا إذا كانت المخالفة إلى ما هو مأذون فيه عرفا فيصح. مثلا: لو وكله في البيع بمائة درهم فباعه بمائة دينار أو بثمانين درهما وعشرين دينارا صح البيع (م 1253) .

البحر الرائق (7 / 273)
وعلم من كلامه أن اشتراط الضمان على الأمين باطل.

المهذب (1 / 366)
. لأنه أمانة , فلا يصير مضمونا بالشرط , كالمضمون لا يصير أمانة بالشرط.

المحلي على المنهاج (2 / 341 - 344 - 345)
(فإن وكله ليبيع مؤجلا , وقدر الأجل فذاك) أي التوكيل صحيح جزما , ويتبع ما قدره , فإن نقص عنه كأن باع إلى شهر بما قال الموكل بع به إلى شهرين صح البيع في الأصح.
(قال: بع لشخص معين أو في زمن) معين (أو مكان معين) يعني بتعيينه في الجميع , نحو: لزيد في يوم الجمعة في سوق كذا (تعين) ذلك (وفي المكان وجه إذا لم يتعلق به غرض) أنه لا يتعين.
والغرض كأن يكون الراغبون فيه أكثر أو النقد فيه أجود.
(وإن قال بع بمائة , لم يبع بأقل) منها (وله أن يزيد) عليها (إلا أن يصرح بالنهي) عن الزيادة فلا يزيد.

(ومتى خالف) الوكيل (الموكل في بيع ماله أو الشراء بعينه) كأن أمره ببيع عبد فباع آخر , أو بشراء ثوب بهذا الدينار , فاشترى به آخر (فتصرفه باطل) لأن الموكل لم يأذن به (ولو اشترى) غير المأذون فيه (في الذمة , ولم يسم الموكل وقع) الشراء (للوكيل) ولغت نيته للموكل (وإن سماه فقال البائع: بعتك. فقال: اشتريت لفلان) يعني موكله (فكذا) يقع الشراء للوكيل (في الأصح) تلغو تسمية الموكل. والثاني: يبطل العقد.

بدائع الصنائع (6 / 27 , 29)
التوكيل بالبيع لا يخلو إما أن يكون مطلقا وإما أن يكون مقيدا. فإن كان مقيدا يراعى فيه القيد بالإجماع حتى إنه إذا خالف قيده لا ينفذ على الموكل ولكن يتوقف على إجازته إلا أن يكون خلافه إلى خير لما مر أن الوكيل يتصرف بولاية مستفادة من قبل الموكل , فيلي من التصرف بقدر ما ولاه. وإن كان الخلاف إلى خير , فإنما ينفذ لأنه إن كان خلافا صورة فهو وفاق معنى. لأنه آمر به دلالة فكان متصرفا بتولية الموكل فنفذ.

بيان هذه الجملة: إذا قال بع عبدي هذا بألف درهم , فباعه بأقل من الألف لا ينفذ , وكذا إذا باعه بغير الدرهم لا ينفذ وإن كانت قيمته أكثر من ألف درهم , لأنه خلاف إلى شر , لأن أغراض الناس تختلف باختلاف الأجناس فكان في معنى الخلاف إلى شر. وإن باعه بأكثر من ألف درهم نفذ , لأنه خلاف إلى خير , فلم يكن خلافا أصلا.

وأما الوكيل بالشراء , فالتوكيل بالشراء لا يخلو إما أن يكون مطلقا أو مقيدا. فإن كان مقيدا يراعى فيه القيد إجماعا لما ذكرنا , سواء كان القيد راجعا إلى المشترى أو الثمن , حتى إنه إذا خالف يلزم الشراء الوكيل إلا إذا كان خلافا إلى خير فيلزم الموكل.

مواهب الجليل (5 / 196 - 198)
(أو بيعه بأقل أو اشتراؤه بأكثر كثيرا) أي وكذا يخير الموكل إذا باع الوكيل الشيء الموكل على بيعه بأقل مما سمى له , أو اشترى ما وكل على شرائه بأكثر مما سمى له بشيء كثير. وظاهر كلامه هنا أنه يخير مطلقا , وليس كذلك , بل ذلك مقيد بأن لا يؤدي إلى فسخ الدين في الدين وإلى بيع الطعام قبل قبضه. ويقيد كلامه هنا بما إذا لم يلتزم الوكيل الزائد. (إلا كدينارين في أربعين) يعني أن الوكيل إذا خالف في الاشتراء , فإنه يخير الموكل إلا أن تكون المخالفة بزيادة في الثمن زيادة يسيرة كالدينارين في الأربعين , فإنه يلزمه ذلك. وتخصيصه اغتفار المخالفة باليسير بالاشتراء هو الذي مشى عليه عبد الحق وابن يونس واللخمي والمتيطي وصاحب الجواهر , وذكر صاحب النظائر اغتفار المخالفة باليسير في البيع أيضا. وهو ظاهر إطلاق ابن الحاجب.

(وحيث خالف في اشترائه لزمه إن لم يرضه موكله) تضمن هذا الكلام مسألتين
(إحداهما) أن الموكل مخير في الرضا بالشيء المشترى وعدم الرضا به. وهذه تقدمت.
(والثانية) أنه إذا لم يرض به الموكل , فإنه يلزم الوكيل. وهذه من هنا استفيدت , وأتى المؤلف بهذا الكلام لأجلها.
والمعنى: وحيث خالف في بيع فيخير موكله في إجازة البيع وأخذ الثمن الذي بيعت به ورده وأخذ سلعته إن كانت قائمة.
تنبيه: ولا يعد الوكيل بتعديه ملتزما لما سمى له الموكل من ثمن السلعة على المشهور.

شرح منتهى الإرادات (2 / 310)
(وكذا) يصح البيع (إن باعا) أي الوكيل والمضارب (بأنقص) عن مقدر أو ثمن (مثل , أو اشتريا بأزيد) عن مقدر أو ثمن مثل نصا. لأن من صح بيعه وشراؤه بثمن صح بأنقص منه وأزيد كالمريض (ويضمنان) أي الوكيل والمضارب (في شراء) بأزيد من مقدر أو ثمن مثل (الزائد) عنهما (و) يضمنان (في بيع) بأنقص عن مقدر (كل النقص عن مقدر , و) يضمنان في بيع إن لم يقدر لهما ثمن كل (ما لا يتغابن بمثله عادة) كعشرين من مائة , بخلاف ما يتغابن به كالدرهم من عشرة , لعسر التحرز منه , وحيث نقص ما لا يتغابن به ضمنا جميع ما نقص (عن ثمن مثل) لأنه تفريط بترك الاحتياط وطلب الحظ لإذنه وفي بقاء العقد وتضمين المفرط جمع بين المصالح.
مراجع إضافية
انظر كشاف القناع (3 / 464 - 469) , المغني (7 / 241) , فتح العزيز (11 / 45 - 52) , مغني المحتاج (2 / 227 - 229) , درر الحكام (3 / 599 , 604 , 626) , البحر الرائق (7 / 159) .


تولي الوكيل طرفي العقد
يجوز للوكيل تولي طرفي العقد بالنيابة عن جهتيه في مذهب الحنابلة. وخالفهم الشافعية في ذلك وقالوا بعدم صحته.


اختلف الفقهاء في حكم تولي الشخص طرفي العقد وكيلا عن جهتيه , كما إذا وكله رجل في بيع سيارته , ووكله آخر في شرائها , وذلك على قولين:

جواز تولي الوكيل طرفي العقد عند الحنابلة
ذهب الحنابلة إلى جواز تولي الوكيل طرفي العقد نائبا عن الجهتين. ومثله عقد النكاح إذا وكل الولي الزوج بعقده أو العكس أو إذا وكلا شخصا غيرهما بعقده. وذلك لأنه أذن له في طرفي العقد , فجاز أن يليهما , كالأب يشتري من مال ولده لنفسه.

عدم جواز تولي الوكيل طرفي العقد عند الشافعية
ذهب الشافعية إلى أنه لا يصح تولي الوكيل العقد عن الطرفين.
لأنه عقد واحد يجتمع فيه غرضان متضادان , الاسترخاص للموكل بالشراء والاستقصاء للموكل بالبيع , فلم يصح التوكيل فيه , كالبيع من نفسه.
ولأن اتحاد القابض والمقبض ممنوع , إذ لا يعقل كون المرء طالبا ومطلوبا في نفس الوقت , ومن جهة أخرى فإنه إذا كان قابضا لجهة احتاط لها , وإذا كان مقبضا وجب عليه وفاء الحق من غير زيادة , فلما تخالف الغرضان , والطباع لا تضبط , امتنع الجمع.


مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 396)
يصح أن يكون الشخص الواحد وكيلا عن البائع والمشتري ويتولى طرفي العقد حينئذ (م 1238) .

المغني (7 / 230)
وإن وكله شخص في بيع عبده , ووكله آخر في شراء عبد , فقياس المذهب أنه يجوز أن يشتريه له من نفسه , لأنه أذن له في طرفي العقد , فجاز أن يليهما إذا كان غير متهم , كالأب يشتري من مال ولده لنفسه. ولو وكله المتداعيان في الدعوى عنهما , فالقياس جوازه , لأنه يمكنه الدعوى عن أحدهما والجواب , عن الآخر , وإقامة , حجة كل واحد منهما ولأصحاب الشافعي في المسألة وجهان.

المجموع للنووي (9 / 280)
لا يكون القابض والمقبض واحدا , فلا يجوز أن يوكل البائع رجلا في الإقباض ويوكله المشتري في القبض , كما لا يجوز أن يوكله هذا في البيع وذاك في الشراء.

منتهى الإرادات (2 / 309)
(ولا يصح بيع وكيل لنفسه) بأن يشترى ما وكل في بيعه من نفسه لنفسه (ولا) يصح (شراؤه منها) أي نفسه (لموكله) بأن وكل في شراء شيء فاشتراه من نفسه لموكله , لأنه خلاف العرف في ذلك وكما لو صرح فقال له: بعه أو اشتره من غيرك , وللحوق التهمة له في ذلك (إلا إن أذن) موكل لوكيله في بيعه لنفسه أو شرائه منها (فيصح) للوكيل إذا (تولي طرفي العقد فيهما كأب الصغير) ونحوه إذا باع من ماله لولد أو اشترى منه له (و) ك (توكيله) أي جائز التصرف (في بيعه و) توكيل (آخر) لذلك (في شرائه) فيتولى طرفي عقده (ومثله) أي عقد البيع (نكاح) بأن يوكل الولي الزوج أو عكسه أو يوكلا واحدا , أو يزوج عبده الصغير بأمته ونحوه , فيتولى طرفي العقد.

المهذب (1 / 359)
وإن وكل رجلا في بيع عبده , ووكله آخر في شرائه لم يصح , لأنه عقد واحد يجتمع فيه غرضان متضادان , فلم يصح التوكيل فيه كالبيع من نفسه. وإن وكله في خصومة رجل ووكله الرجل في خصومته , ففيه وجهان ,
أحدهما: لا يصح لأنه توكيل في أمر يجتمع فيه غرضان متضادان , فلم يصح , كما لو وكله أحدهما في بيع عبده , ووكله آخر في شرائه.
والثاني: يصح. لأنه لا يتهم في إقامة الحجة لكل واحد منهما مع حضور الحاكم.

الأشباه والنظائر للسيوطي (ص 281)
ضابط: اتحاد القابض والمقبض ممنوع , لأنه إذا كان قابضا لنفسه احتاط لها , وإذا كان مقبضا وجب عليه وفاء الحق من غير زيادة , فلما تخالف الغرضان , والطباع لا تنضبط , امتنع الجمع.
مراجع إضافية
انظر كشاف القناع (3 / 462) , فتح العزيز (11 / 31) , مغني المحتاج (2 / 224) , الأشباه والنظائر لابن السبكي (1 / 259) .


ولاية الوكيل على توكيل غيره
يلي الوكيل توكيل غيره من الأمناء فيما وكل فيه إذا كانت الوكالة مفوضة إلى رأيه , وكذا إذا أذن له الموكل بذلك صراحة أو ضمنا , أو كان التصرف مأذونا له بالتوكيل فيه بدلالة العرف , أو وكل في حقوق العقد التي ترجع إليه , لأنه أصيل فيها.


الأصل فيمن وكل بتصرف أن لا يلي توكيل غيره بالقيام به , لأن الموكل إنما رضي برأي وتصرف من وكله دون غيره.

واستثنى الفقهاء من هذا الأصل أربع حالات:
(الأولى) ما إذا أذن الموكل بتوكيل غيره صراحة أو دلالة كما إذا كان الشيء الموكل فيه لا يليق بالوكيل تعاطيه. وذلك لأن الوكيل لما كان لا يتصرف في ذلك لنفسه , كان ذلك قرينة على إجازة توكيله غيره فيه.
(والثانية) أن تكون الوكالة مطلقة مفوضة إلى رأي الوكيل كما إذا قال له: اعمل برأيك. أو اعمل ما شئت. أو ما صنعت من شيء فهو جائز. فعند ذلك يكون للوكيل أن يوكل غيره.

(والثالثة) أن الوكيل مأذون بذلك بدلالة العرف. كما إذا كان الشيء الموكل فيه كثيرا يعلم , بقرينة العادة أن الوكيل لا يستطيع الاستقلال بالتصرف فيه لكثرته وانتشاره. ومثل الوكيل بتفريق الزكاة له أن يوكل غيره بإعطائها إلى مستحقيها. وكذا الوكيل بقبض الدين له أن يوكل بقبضه من يأتمنه من عياله , لأن يده كيده عرفا.

(والرابعة) أن يقع التوكيل في حقوق العقد التي ترجع للوكيل لأنه عائدة إليه لا للموكل.

وحيث جاز للوكيل التوكيل عن نفسه أو عن موكله فيشترط أن يوكل أمينا , رعاية لمصلحة الموكل , إلا أن يعين الموكل غيره , فيتبع تعيينه.


مرشد الحيران (ص 246)
إذا كان الآمر مفوضا لرأي الوكيل جاز له أن يوكل به غيره , ويعتبر الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل , فلا ينعزل الوكيل الثاني بعزل الوكيل الأول ولا بوفاته. (م 924) .

مجلة الأحكام العدلية (ص 285)
ليس للوكيل أن يوكل غيره في الخصوص الذي وكل به إلا أن يكون قد أذنه الموكل بذلك أو قال له: اعمل برأيك. ففي هذه الحال للوكيل أن يوكل غيره , ويصير الشخص الذي وكله الوكيل بهذا الوجه وكيلا للموكل , ولا يكون وكيلا لذلك الوكيل , حتى لا ينعزل الوكيل الثاني بعزل الوكيل الأول أو بوفاته. (م 1466) .

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 393)
للوكيل أن يوكل غيره فيما يعجز عنه لكثرته وفيما لا يتولاه مثله بنفسه عرفا دون إذن موكله صراحة , أما إذا أذن له الموكل في التوكيل , فله أن يوكل فيما عدا ذلك أيضا. (م 1225) .

ليس للوكيل أن يوكل غير أمين , فإذا وكل أمينا فخان فعليه عزله وإلا كان مفرطا , لكن إذا عين له الموكل شخصا فيجوز توكيله مطلقا , أمينا كان أو خائنا. (م 1226) .

إذا قال الموكل لوكيله: وكل عنك. أو أذن له أن يوكل لنفسه نصا أو دلالة , ككون التصرف الموكل فيه مما يعجز عنه الوكيل لكثرته أو مما لا يتولاه بنفسه عادة ففعل , فالثاني وكيل الوكيل. أما لو قال: وكل عني. أو أطلق. فهو وكيل آخر عن الموكل. (م 1228) .

بدائع الصنائع (6 / 34)
وللوكيل أن يوكل غيره في الحقوق , لأنه أصيل في الحقوق , والمالك أجنبي عنه فملك توكيل غيره فيها.

البحر الرائق (7 / 175 , 176)
(ولا يوكل إلا بإذن أو: اعمل برأيك) لأنه فوض إليه التصرف دون التوكيل. وهذا لأنه رضي برأيه , والناس مختلفون في الآراء , إلا أن يأذن له الموكل , لوجود الرضا , أو يقول له: اعمل برأيك لإطلاق التفويض إلى رأيه. وإذا وكل الوكيل بالقبض بلا إذن , فدفع له المديون , فإن وصل إلى الوكيل الأول برئ وإلا فإن كان من في عياله برئ وإلا لا. فإن هلك المال في يد الثاني كان للغريم تضمينه , والثاني الرجوع , على الوكيل الأول. وتمامه في الذخيرة من الفصل الثاني. وإذا وكل بإذن أو تفويض كان الثاني وكيلا عن الموكل , حتى لا يملك الأول عزله ولا ينعزل بموته.

والمراد لا يوكل فيما وكل فيه , فيخرج التوكيل بحقوق العقد فيما ترجع الحقوق فيه إلى الوكيل , فله التوكيل بلا إذن لكونه أصيلا فيها.

وخرج عن قوله لا يوكل إلا بإذن أو اعمل برأيك: ما لو وكل الوكيل بقبض الدين من في عياله , فدفع المديون إليه , فإنه يبرأ , لأن يده كيده.

ميارة على التحفة (1 / 132)
إن الوكيل المفوض إليه له أن يوكل على مثل ما وكل عليه أو على بعضه. وأما الوكيل المخصوص فليس له أن يوكل إلا إن جعل ذلك له.

تنبيه: استثنى ابن الحاجب من الوكيل المخصوص مسألتين:
(الأولى) أن يكون الوكيل لا يليق به تولي الموكل فيه. كمن وكل رجلا شريفا معروفا بالجلالة على بيع ثوب أو دابة , لأن الوكيل لما كان لا يتصرف في هذا لنفسه كان ذلك قرينة في إجازة توكيله غيره , فكان ذلك كالتصريح بإجازة التوكيل.
(والثانية) أن يوكله على أمور كثيرة لا يمكن الوكيل أن يستقل بها , لأنه بالعادة قد أذن له في التوكيل.

فتح العزيز (11 / 43)
الوكيل هل يوكل؟ لا يخلو: إما أن يأذن له الموكل في التوكيل صريحا أو يسكت عنه. فإن سكت فينظر: إن كان أمرا يتأتى له الإتيان به لم يوكل فيه , لأنه لم يرض بتصرف غيره. وإن لم يتأت ذلك منه إما لأنه لا يحسن أو لأن الإتيان به لا يليق بمنصبه , فله التوكيل فيه , لأن الشخص لا يقصد منه إلا الاستنابة فيه.

وفيه وجه: أنه لا يوكل لقصور قضية اللفظ. ولو كثرت التصرفات التي وكل بها , ولم يمكنه الإتيان بالكل لكثرتها , ففيه ثلاثة طرق أصحها أنه يوكل فيما يزيد على قدر الإمكان.

المحلي على المنهاج (2 / 343)
(ولو أذن في التوكيل , وقال: وكل عن نفسك ففعل , فالثاني وكيل الوكيل , والأصح أنه ينعزل بعزله) إياه (وانعزاله) بموته أو جنونه أو عزل موكله له. والثاني: لا ينعزل بذلك. بناء على أنه وكيل عن الموكل. (وإن قال) وكل (عني) ففعل (فالثاني وكيل الموكل , وكذا لو أطلق) أي قال: وكل. ففعل. فالثاني وكيل الموكل (في الأصح) .

(وحيث جوزنا للوكيل التوكيل) فيما ذكر من المسائل (يشترط أن يوكل أمينا إلا أن يعين الموكل غيره) أي من ليس بأمين في إذنه بالتوكيل , فيتبع تعيينه.

المغني (7 / 207 , 208 , 209)
(وليس للوكيل أن يوكل فيما وكل فيه إلا أن يجعل ذلك إليه) لا يخلو التوكيل من ثلاثة أحوال
أحدها: أن ينهى الموكل وكيله عن التوكيل. فلا يجوز له ذلك بغير خلاف , لأن ما نهاه عنه غير داخل في إذنه , فلم يجز له , كما لو لم يوكله.
الثاني: أذن له في التوكيل , فيجوز له ذلك , لأنه عقد أذن له فيه , فكان له فعله , كالتصرف المأذون له فيه. ولا نعلم في هذين خلافا. وإن قال له: وكلتك فاصنع ما شئت. فله أن يوكل. وقال أصحاب الشافعي ليس له التوكيل في أحد الوجهين , لأن التوكيل يقتضي تصرفا يتولاه بنفسه وقوله: اصنع ما شئت. يرجع إلى ما يقتضيه التوكيل من تصرفه بنفسه.

ولنا: أن لفظه عام فيما شاء , فيدخل في عمومه التوكيل.
الثالث: أطلق الوكالة. فلا يخلو من أقسام ثلاثة.

القسم الأول: أن يكون العمل مما يترفع الوكيل عن مثله , كالأعمال الدنية في حق أشراف الناس المترفعين عن فعلها في العادة , أو يعجز عن عمله لكونه لا يحسنه , أو غير ذلك , فإنه يجوز له التوكيل فيه. لأنه إذا كان مما لا يعمله الوكيل عادة , انصرف الإذن إلى ما جرت به العادة من الاستنابة فيه.

القسم الثاني: أن يكون مما يعمله بنفسه , إلا أنه يعجز عن عمله كله , لكثرته وانتشاره , فيجوز له التوكيل في عمله أيضا , لأن الوكالة اقتضت جواز التوكيل , فجاز التوكيل في فعل جميعه , كما لو أذن في التوكيل بلفظه. وقال القاضي عندي أنه إنما جاز له التوكيل فيما زاد على ما يتمكن من عمله بنفسه , لأن التوكيل إنما جاز للحاجة , فاختص بما دعت إليه الحاجة بخلاف وجود إذنه , فإنه مطلق. ولأصحاب الشافعي وجهان كهذين.

القسم الثالث: ما عدا هذين القسمين , وهو ما يمكنه عمله بنفسه ولا يترفع عنه , فهل يجوز له التوكيل فيه؟ على روايتين ,
إحداهما: لا يجوز. نقلها ابن منصور. وهو مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف والشافعي لأنه لم يأذن له في التوكيل , ولا تضمنه إذنه , فلم يجز , كما لو نهاه , ولأنه استئمان فيما يمكنه النهوض فيه , فلم يكن له أن يوليه من لم يأمنه عليه كالوديعة.
والأخرى: يجوز. نقلها حنبل. وبه قال ابن أبي ليلى إذا مرض أو غاب , لأن الوكيل له أن يتصرف بنفسه , فملكه , نيابة كالمالك. والأول أولى. ولا يشبه الوكيل المالك , فإن المالك يتصرف بنفسه في ملكه كيف شاء , بخلاف الوكيل.

فصل: وكل وكيل جاز له التوكيل , فليس له أن يوكل إلا أمينا , لأنه لا نظر للموكل في توكيل من ليس بأمين , فيقيد جواز التوكيل بما فيه الحظ والنظر , كما أن الإذن في البيع يتقيد بالبيع بثمن المثل , إلا أن يعين له الموكل من يوكله , فيجوز توكيله وإن لم يكن أمينا , لأنه قطع نظره , بتعيينه.

مراجع إضافية
انظر مواهب الجليل (5 / 201) , البهجة (1 / 206) , مغني المحتاج (2 / 226 , 227) , المقدمات الممهدات (3 / 52) , شرح المجلة للأتاسي (4 / 440 - 445) , درر الحكام (3 / 592) , 593 , التاودي على التحفة (1 / 205) , التاج والإكليل (5 / 201 , 202) .


الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة
إجازة العقد هي إظهار صاحب الحق موافقته على إمضاء العقد بكل قول أو فعل ينبئ عن ذلك.

والإجارة اللاحقة كالوكالة السابقة من حيث استنادها إلى وقت انعقاد العقد لا إلى وقت صدورها , وهي تلحق العقد الموقوف دون الباطل.


الإجازة: هي إظهار صاحب الحق موافقته على إمضاء العقد بكل قول أو فعل ينبئ عن ذلك.
وقد جاء في القواعد الفقهية (الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة) وذلك يعني أن أثر الإجازة ممن يملكها - وهو من توقف العقد مراعاة لحقه ودفعا للضرر عنه - يظهر من حين إنشاء التصرف لا من وقت إصدارها.

ومحل تطبيق هذا الأصل الفقهي العقود الموقوفة لا الباطلة وعلى ذلك جاء في القواعد الفقهية (الإجازة إنما تلحق الموقوف لا الباطل) .
والعقد الموقوف: هو الذي يتراخى حكمه إلى وقت إجازته ممن يملكها فإن أجازه إجازة معتبرة نفذ وترتبت عليه آثاره من وقت انعقاده , وإن رده بطل. وإنما يكون العقد موقوفا عند جمهور الفقهاء إذا صدر من مالك غير أهل للاستقلال بصدوره عنه , كالصبي المميز في عقود المعاوضات المالية , أو كان صادرا عن غير ذي ولاية شرعية , كالفضولي , وفي مال تعلق به حق الغير , كبيع المرهون.


القواعد الفقهية للمجددي (ص 53)
قاعدة: الإجازة إنما تصح ثم تستند إلى وقت العقد.
قاعدة: الإجازة إنما تلحق الموقوف لا الباطل.
قاعدة: الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة.

مجلة الأحكام العدلية (ص 281)
الإجارة اللاحقة في حكم الوكالة السابقة. مثلا: لو باع أحد مال الآخر فضولا ثم أخبر صاحبه فأجازه يكون كما لو وكله أولا. (م 1453) .

مرشد الحيران (ص 79)
إذا انعقد العقد موقوفا غير نافذ , بأن كان العاقد فضوليا تصرف في ملك غيره بلا إذنه , أو كان العاقد صبيا مميزا , فلا يظهر أثره ولا يفيد ثبوت الملك إلا إذا أجازه المالك في الصورة الأولى والولي أو الوصي في الصورة الثانية , ووقعت الإجازة مستوفية شرائط الصحة (م 310) .

تبيين الحقائق (4 / 104)
وإذا أجازه المالك - أي بيع الفضولي - كان الثمن مملوكا له , أمانة في يد الفضولي بمنزلة الوكيل , حتى لا يضمن بالهلاك في يده , سواء هلك بعد الإجازة أو قبلها , لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة.

شرح السير الكبير للسرخسي (5 / 2048)
ولو كان أوصى له وهو حربي , ثم أسلم قبل موت الموصي أو بعده , فوصيته باطلة , لأنها وقعت لإنسان بعينه , فإنه يعتبر حاله يوم أوصى له , وقد كان ميتا عند ذلك حكما , فبطلت الوصية , والوصية الباطلة لا تنقلب صحيحة بإسلامه , وكذلك إن أجازت الورثة وصيته , لأن الإجازة إنما تلحق الموقوف لا الباطل.

التحرير شرح الجامع الكبير (2 / 360 , 4 / 907)
أصل الباب: أن الإجازة إذا لحقت العقد الموقوف كان لحالة الإجازة حكم الإنشاء , لأن العقد لم يتم قبل الإجازة , وإنما تم ونفذ بالإجازة , فكان لها حكم الإنشاء , فيكون الطارئ على العقد الموقوف يجعل كالمقارن للعقد , لأنه سبق النفاذ الذي هو المقصود بالعقد , فجعل في التقدير سابقا على ما هو وسيلة لاستتباع المقاصد.

عبد بين رجلين , باعه أحدهما , جاز بيعه في نصيبه , لأنه باع ملكه وملك شريكه فنفذ في نصيبه لمكان الولاية , وتوقف في نصيب صاحبه , لأن الإجازة اللاحقة في نفاذ التصرف كالوكالة السابقة.

المبسوط (12 / 80 , 25 / 26)
رجل وهب لرجل ثوبا لغيره , وسلمه إليه , فأجاز رب الهبة , جازت الهبة , لأن الإجازة في الانتهاء بمنزلة الإذن في الابتداء من حيث إنه يتم رضا المالك بها.
إن كل شيء لا يجوز للأب والوصي أن يفعلاه في مال الصبي , فإذا فعله أجنبي , فأجازه الصبي بعد ما كبر , فهو جائز , لأن الإجازة في الانتهاء كالإذن في الابتداء.

التيسير بمعاني الجامع الكبير (94 / أ)
الأصل أن الإجازة اللاحقة في نفاذ التصرف بمنزلة الوكالة السابقة , لكن لا يتوقف إلا إذا كان له مجيز حال وجوده. أما إذا لم يكن فلا , لأن فائدة التوقف النفاذ عند الإجازة فإذا لم يكن فلا فائدة.


الوكالة عقد جائز من الجانبين
الأصل في الوكالة أنه عقد جائز - غير لازم - من الجانبين , فلكل واحد منهما حق فسخه متى شاء دون توقف على رضا الطرف الآخر أو موافقته.


لا خلاف بين الفقهاء في أن الأصل في الوكالة أنه عقد غير لازم في حق العاقدين فلكل واحد منهما أن يفسخه ويتحلل منه متى شاء , دون توقف على رضا الطرف الآخر أو موافقته.

واستثنى الشافعية من هذا الأصل حالة لحوق الضرر بأحد الطرفين نتيجة فسخ الآخر عقد الوكالة بدون رضاه وقالوا: العقود الجائزة إذا اقتضى فسخها ضررا على الآخر , امتنع وصارت لازمة.

واستثنى الحنفية والمالكية منه حالة تعلق حق الغير بالوكالة وقالوا بعدم صحة عزل الموكل لوكيله فيها بدون رضا صاحب الحق.


مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 389)
الوكالة من العقود الجائزة , فلكل من الوكيل والموكل فسخها متى شاء (م 1209) .

شرح منتهى الإرادات (2 / 305)
(الوكالة والشركة والمضاربة والمساقاة والمزارعة والوديعة والجعالة) والمسابقة والعارية (عقود جائزة من الجانبين) لأن غايتها إذن وبذل نفع وكلاهما جائز (لكل) من المتعاقدين (فسخها) أي هذه العقود كفسخ الإذن في أكل طعامه.

المهذب (1 / 363)
ويجوز للموكل أن يعزل الوكيل إذا شاء , ويجوز للوكيل أن يعزل نفسه متى شاء , لأنه إذن في التصرف في ماله , فجاز لكل واحد منهما إبطاله , كالإذن في طعامه.

مواهب الجليل (5 / 187)
إذا وكلت وكيلا في بيع رهن ليس لك عزل الوكيل إلا برضا المرتهن , لأن القاعدة أن الوكالة عقد جائز من الجانبين ما لم يتعلق بها حق للغير.

حاشية الرملي على أسنى المطالب (3 / 76)
العقود الجائزة إذا اقتضى فسخها ضررا على الآخر امتنع , وصارت لازمة.

روضة الطالبين (4 / 330 , 332)
الحكم الرابع (للوكالة) : الجواز من الجانبين , فلكل واحد منهما العزل.
. متى قلنا: الوكالة الجائزة , أردنا الخالية عن الجعل , فأما إذا شرط فيها جعل معلوم واجتمعت شرائط الإجارة , وعقد بلفظ الإجارة فهي لازمة , وإن عقد بلفظ الوكالة أمكن تخريجه على أن الاعتبار بصيغ العقود أم بمعانيها.

بدائع الصنائع (6 / 37 , 38)
الوكيل يخرج عن الوكالة بأشياء (منها) عزل الموكل إياه ونهيه , لأن الوكالة عقد غير لازم , فكان محتملا للفسخ بالعزل والنهي. ولصحة العزل شرطان ,
أحدهما: علم الوكيل به. لأن العزل فسخ للعقد , فلا يلزم حكمه إلا بعد العلم به كالفسخ. .
والثاني: أن لا يتعلق بالوكالة حق للغير. فأما إذا تعلق بها حق الغير , فلا يصح العزل بغير رضا صاحب الحق , لأن في العزل إبطال حقه من غير رضاه ولا سبيل إليه.

مجمع الأنهر (2 / 246)
(للموكل عزل وكيله) عن الوكالة , لأنها حقه , فله أن يبطله (إلا إذا تعلق به) أي بالتوكيل (حق الغير كوكيل الخصومة بطلب الخصم) فلا يملك عزله , فيصير كالوكالة المشروطة في عقد الرهن ومال الوقف.

بداية المجهد (2 / 302)
وليست هي - أي الوكالة - من العقود اللازمة , بل الجائزة على ما نقوله في أحكام هذا العقد.
فأما هذا العقد فهو كما قلنا عقد غير لازم: للوكيل أن يدع الوكالة متى شاء عند الجميع. لكن أبو حنيفة يشترط في ذلك حضور الموكل. وللموكل أن يعزله متى شاء. قالوا: إلا أن تكون وكالة في خصومة. قال أصبغ له ذلك ما لم يشرف على تمام الحكم. وليس للوكيل أن يعزل نفسه في هذا الوضع الذي لا يجوز أن يعزله الموكل.

مواهب الجليل (5 / 188)
قال ابن فرحون وأن كانت الوكالة بغير عوض , فهي معروف من الوكيل يلزمه إذا قبل , وللموكل عزله متى شاء إلا أن تكون الوكالة في الخصام , ويجوز للوكيل في غير الخصام أن يعزل نفسه متى شاء من غير اعتبار رضا موكله إلا أن يتعلق به حق لأحد , ويكون في عزله نفسه إبطال لذلك الحق , فلا يكون له ذلك , لأنه قد تبرع بمنافعه.
. وإن كانت بعوض فهي إجارة تلزمهما بالعقد , ولا يكون لواحد التخلي.

المقدمات الممهدات (3 / 59)
وإن كانت بغير عوض معروف من الوكيل , يلزمه إذا قبل الوكالة ما التزمه , وللموكل أن يعزله من الوكالة متى شاء إلا أن تكون الوكالة في الخصام , فليس له أن يعزله عن الوكالة ويوكل غيره , ولا يخاصم عن نفسه إذا كان قد قاعد خصمه المرتين والثلاث إلا من عذر. هذا هو المشهور في المذهب. ووقع لأصبغ في الواضحة ما يدل على أن له أن يعزله عن الخصام ما لم يشرف على تمام الحكم. وفي المكان الذي لا يكون للموكل أن يعزله عن الخصام لا يكون له هو أن يتخلى عنه إذا قبل الوكالة.


فسخ الوكالة
تنتهى الوكالة بفسخها من قبل الوكيل أو الموكل.


لقد عرفنا أن الوكالة عقد جائز من الجانبين , أي غير لازم في حق الوكيل والموكل , فلكل واحد منهما أن يبادر لفسخه متى شاء بالقول أو بالفعل الدال على الرجوع عن الوكالة دون توفق على رضا الطرف الآخر أو قبوله.


مجلة الأحكام العدلية (ص 295 , 296)
للموكل أن يعزل وكيله من الوكالة , ولكن إن تعلق به حق الغير فليس له عزله , كما إذا رهن مديون ماله , وحين عقد الرهن أو بعده وكل آخر ببيع الرهن عند حلول أجل الدين , فليس للراهن الموكل عزل ذلك الوكيل بدون رضا المرتهن , كذلك لو وكل أحد آخر بالخصومة بطلب المدعي ليس له عزله في غياب المدعي. (م 1521) .

للوكيل أن يعزل نفسه من الوكالة , ولكن لو تعلق به حق الغير كما ذكر آنفا يكون مجبورا على إيفاء الوكالة. (1522) .

إذا عزل الموكل الوكيل , فيبقى على وكالته إلى أن يصل إليه خبر العزل , ويكون تصرفه صحيحا إلى ذلك الوقت. (م 1523) .

إذا عزل الوكيل نفسه فيلزمه أن يعلم الموكل بعزله وتبقى الوكالة في عهدته إلى أن يعلم الموكل عزله. (م 1524) .

للموكل أن يعزل وكيله بقبض الدين في غياب المديون , ولكن إن كان الدائن قد وكله في حضور المديون فلا يصح عزله بدون علم المديون. وعلى هذه الصورة: إذا أعطاه المديون الدين من دون أن يعلم عزله فيبرأ. (م 1525) .

تنتهي الوكالة بختام الموكل به , وينعزل الوكيل من الوكالة بالطبع. (م 1526) .

ينعزل الوكيل بوفاة الموكل. ولكن إذا تعلق به حق الغير فلا ينعزل. (م 1527) . ينعزل وكيل الوكيل أيضا بموت الموكل (م 1528) .

الوكالة لا تورث. يعني إذا مات الوكيل فيزول حكم الوكالة. وبهذا لا يقوم وارث الوكيل مقامه. (م 1529) .

تبطل الوكالة بجنون الموكل أو الوكيل. (م 1530) .

مرشد الحيران (ص 260 , 261)
للموكل أن يعزل وكيله عن الوكالة متى شاء شفاها وتحريرا , بشرط علم الوكيل , ما لم يتعلق به حق الغير. فإن تعلق به حق الغير , كما إذا رهن المديون ماله , وعند حلول الأجل وكل آخر ببيع الرهن فلا يعزل ولا تبطل وكالته بالعزل. (م 970) .

ينعزل الوكيل بخروجه أو بخروج الموكل عن الأهلية , وبوفاة الموكل وإن تعلق به حق الغير , إلا في الوكالة ببيع الرهن إذا وكل الراهن العدل أو المرتهن ببيع الرهن عند حلول الأجل فلا ينعزل بموت الموكل ولا بخروجه عن الأهلية. (م 971) .

للوكيل بالخصومة وشراء معين أن يعزل نفسه من الوكالة ما لم يتعلق به حق الغير , فيجبر على إبقاء الوكالة. ويشترط علم الموكل بالعزل , فيكون تصرف الوكيل جائزا إلى أن يعلم الموكل. (م 972) .

للموكل عزل وكيله بقبض الدين إن وكله بغير حضرة مديونه , وإن وكل بحضرته لا يملك عزله بدون علم المديون. فإن دفع إليه الدين من دون أن يعلم بعزله يبرأ من الدين. (م 973) .

تنتهي الوكالة بنهاية الشيء الموكل فيه. كما لو وكله بقبض دينه وقبضه بنفسه. (م 974) .

مجلة الأحكام الشرعية على مذهب أحمد (ص 389 - 390)
الوكالة من العقود الجائزة , فلكل من الوكيل والموكل فسخها متى شاء. (م 1209) .

تبطل الوكالة بفسخ أحدهما بالقول أو الفعل الدال على الرجوع عن الوكالة. مثلا: لو وكل في بيع ماله أو رهنه أو وقف داره , ثم تصرف الموكل تصرفا ينقل الملك قبل تصرف الوكيل بطلت الوكالة , وكذا لو وكل في عتق عبده ثم دبره السيد أو كاتبه , قبل عقد الوكيل بطلت الوكالة. (م 1210) .

تبطل الوكالة بموت الوكيل أو الموكل , وكذا بجنون أحدهما جنونا مطبقا , ولكن توكيل من يتصرف لغيره كالوصي والناظر لا يبطل بموته أو جنونه (م 1211) .

تبطل الوكالة بالحجر على المتعاقدين لسفه فيما لا يصح تصرف السفيه فيه , أما ما يصح تصرفه فيه كالطلاق والرجعة فلا تبطلا الوكالة فيه (م 1212) .

تبطل الوكالة بالحجر لفلس فيما لا يصح تصرف المفلس فيه , أما ما يصح تصرف المفلس فيه كالتصرف في ذمته والطلاق ونحوه , فلا تبطل الوكالة فيه. (م 1213) .

تبطل الوكالة بفعل أحد المتعاقدين ما يخرجه عن أهلية التصرف الموكل فيه. مثلا: لو فسق أحدهما بسكر أو غيره بطلت الوكالة في إيجاب النكاح وإثبات الحد واستيفائه , وفيما تشترط فيه الأمانة كوكيل ولي اليتيم وناظر وقف على المساكين ونحوه. (م 1214) .

تبطل الوكالة بذهاب محلها. مثلا: لو تلفت العين الموكل ببيعها أو رهنها أو إجارتها أو نحو ذلك فخرجت عن ملك الموكل , أو أقر الوكيل في الخصومة أو القبض بقبض الموكل بطلب الوكالة. (م 1215) .

لا تبطل الوكالة بتعدي الوكيل في العين الموكل بالتصرف فيها. مثلا: لو وكله في بيع ثوب أو دابة فلبس الثوب أو ركب الدابة لم تبطل الوكالة , وإنما يصير ضامنا بذلك (م 1216) .

لا تبطل الوكالة بإغماء أحد المتعاقدين ولا بجحود أحدهما للوكالة (م 1217) .

لا يفتقر انعزال الوكيل بموت الموكل أو عزله إلى علمه بذلك , بل ينعزل من حينه , ولو لم يعلم الوكيل بذلك , فلا تصح تصرفاته , ويضمن إن تصرف بعده. (م 1218) .

ينعزل وكيل الوكيل بموت الموكل الأول أو الثاني أو بجنون أحدهما أو عزله (م 1220) .

ميارة على التحفة (1 / 136 , 137)
من وكل وكيلا , فمات الموكل أو الوكيل , فإن التوكيل يبطل بموت الموكل , لأن الحق انتقل لغيره من الورثة ولا إشكال في بطلانه بموت الوكيل , إذ ليست الوكالة حقا للوكيل فتورث عنه.

قال المتيطي وللوكيل عزل الوكيل ما لم يناشب الخصومة. فإن كان الوكيل قد نازع خصمه وجالسه عند الحاكم ثلاث مرات فأكثر , لم يكن له عزله. قال: وفي المكان الذي لا يكون للموكل أن يعزله عن الخصام لا يكون له هو أن ينحل عنه إذا قبل الوكالة.

القوانين الفقهية ص 334
ما يبطل الوكالة وهو شيئان: موت الموكل بخلاف في المذهب , وعزل الوكيل. واختلف هل تبطل الوكالة بنفس العزل أو الموت قبل أن يعلم الوكيل بذلك , أو لا تبطل حتى يعلم الوكيل بذلك؟ وإذا ابتدأ الوكيل الخصام في مجلس أو مجلسين لم يكن لموكله أن يعزله إلا بإذن خصمه. وتبطل الوكالة إذا طالت مدتها نحو ستة أشهر , إلا أن يجعلها على الدوام , أو تكون على أمر معين , فلا تبطل حتى ينقضي.

المحلي على المنهاج 2 / 346 , 347 , 348
(ويد الوكيل يد أمانة وان كان بجعل) فلا يضمن ما تلف في يده بلا تعد (فإن تعدى) كأن ركب الدابة أو لبس الثوب (ضمن ولا ينعزل) بالتعدي (في الأصح) والثاني: ينعزل كالمودع.

فصل: (الوكالة جائزة من الجانبين) أي غير لازمة من جانب الموكل وجانب الوكيل (فإذا عزله الموكل في حضوره) بقوله عزلتك (أو قال) في حضوره (رفعت الوكالة أو أبطلتها أو أخرجتك منها انعزل) منها (فإن عزله وهو غائب انعزل في الحال وفي قول لا) ينعزل (حتى يبلغه الخبر) بالعزل. . (ولو قال) الوكيل (عزلت نفسي أو رددت الوكالة) أو أخرجت نفسي منها (انعزل) ولا يشترط في انعزاله بذلك حصول علم الموكل (وينعزل) أيضا (بخروج أحدهما) أي الوكيل والموكل (عن أهلية التصرف بموت أو جنون) وإن زال عن قرب (وكذا إغماء في الأصح) إلحاقا له بالجنون. والثاني: لا يلحقه به (وبخروج محل التصرف عن ملك الموكل) كأن باع أو أعتق ما وكل في بيعه.

القواعد لابن رجب ص 64
الوكيل إذا تعدى فالمشهور أن وكالته لا تنفسخ بل تزول أمانته ويصير ضامنا. . وحكى ابن عقيل في نظرياته وصاحب المحرر وجها آخر , وبه جزم القاضي في خلافه أن الوكالة تبطل كالوديعة لزوال الائتمان , والإذن في التصرف كان منوطا به.

المغني (7 / 234 , 238 , 240)
(وما فعل الوكيل بعد فسخ الموكل أو موته فباطل) وجملته أن الوكالة عقد جائز من الطرفين , فللموكل عزل وكيله متى شاء , وللوكيل عزل نفسه , لأنه إذن في التصرف , فكان لكل واحد منهما إبطاله , كما لو أذن في أكل طعامه. وتبطل أيضا بموت أحدهما , أيهما كان , وجنونه المطبق. ولا خلاف في هذا كله فيما نعلم. فمتى تصرف الوكيل بعد فسخ الموكل أو موته فهو باطل إذا علم ذلك. فإن لم يعلم الوكيل بالعزل ولا موت الموكل فعن أحمد فيه روايتان , وللشافعي فيه قولان. وظاهر كلام الخرقي هذا أنه ينعزل علم أو لم يعلم.

ومتى خرج أحدهما عن كونه من أهل التصرف , مثل أن يجن أو يحجر عليه لسفه فحكمه حكم الموت , لأنه لا يملك التصرف , فلا يملكه غيره من جهته.
وإن تلفت العين التي وكل في التصرف فيها بطلت الوكالة , لأن محلها ذهب , فذهبت الوكالة.
أن الوكالة إذا وقعت مطلقة غير مؤقتة , ملك التصرف أبدا , ما لم تنفسخ الوكالة. وفسخ الوكالة أن يقول: فسخت , الوكالة أو أبطلتها أو نقضتها أو عزلتك أو صرفتك عنها أو أزلتك عنها , أو ينهاه عن فعل ما أمره به أو وكله فيه , وما أشبه ذلك من الألفاظ المقتضية عزله أو المؤدية معناه , أو يعزل الوكيل نفسه , أو يوجد ما يقتضي فسخها حكما على ما قد ذكرنا , أو يزول ملكه عما قد وكله في التصرف فيه , أو يوجد ما يدل على الرجوع عن الوكالة , فإذا وكله في طلاق امرأته ثم وطئها , انفسخت الوكالة , لأن ذلك يدل على رغبته فيها واختياره إمساكها.

بدائع الصنائع (6 / 37 - 39)
الوكيل يخرج عن الوكالة بأشياء:
(منها) عزل الموكل إياه ونهيه , لأن الوكالة عقد غير لازم , فكان محتملا للفسخ بالعزل والنهي. ولصحة العزل شرطان ;
أحدهما: علم الوكيل به.
والثاني: أن لا يتعلق بالوكالة حق الغير.
فأما إذا تعلق بها حق الغير , فلا يصح العزل بغير رضا صاحب الحق , لأن في العزل إبطال حقه من غير رضاه. ولا سبيل إليه.
(ومنها) موت الموكل.
(ومنها) جنونه جنونا مطبقا.
(ومنها) لحاقه بدار الحرب مرتدا عند أبي حنيفة.
(ومنها) عجز الموكل والحجر عليه.
(ومنها) موت الوكيل. لأن الموت مبطل لأهلية التصرف (ومنها) جنونه المطبق.
(ومنها) أن يتصرف الموكل بنفسه فيما وكل به قبل تصرف الوكيل.
(ومنها) هلاك العبد الذي وكل ببيعه أو بإعتاقه أو بهبته أو بتدبيره أو نحو ذلك , لأن التصرف في المحل لا يتصور بعد هلاكه.