فقه المعاملات

تطبيقات الإجارة


إيجار الأراضي الزراعية
الأراضي الزراعية هي عبارة عن بيع منفعتها للزراعة فيها مع شمول البيع كل ما يتصل بالأرض اتصال قرار كالبئر وأدوات الزراعة وجميع حقوق الأرض.


تختلف إجارة الأراضي الزراعية عن المزارعة في الوصف الفقهي , فالمزارعة مشاركة وإجارة الأرض الزراعية معاوضة بين منفعة الأرض وبين الأجرة المحددة.
ويصح إيجار الأراضي الزراعية بشرط تعيين المدة , وبيان ما يزرع فيها أو تخيير المستأجر بأن يزرع ما شاء.
إذا كان المستأجر حرا في زراعة ما شاء فله أن يزرع الزراعة الصيفية والشتوية. ولكن عليه استغلال الأراضي الزراعية بحسب المعتد أو المألوفي , وعليه أيضا إبقاء الأرض صالحة للإنتاج , وليس له إحداث تغيير في طريقة الانتفاع بها , يبقى أثره إلى ما بعد انقضاء الإيجارة.
وإذا انقضت مدة إيجار الأرض والزرع لم يدرك بعد , فإن كان السبب هو تقصير المستأجر بأن زرع زرعا لم تجر العادة بكامله في حدود المدة المتفق عليها , كان غاضبا لأرض غيره , لأنه أبقى على زرعه فيها بعد انقضاء المدة , ويكون للمالك الخيار بين أن يأخذ الزرع بقيمته ويسن أن يتركه للمستأجر , مع دفع الأجرة عن المدة التي يبقى فيها الزرع في الأرض. أما إذا كان بقاء الزرع بالأرض , بعد انتهاء المدة , قد حدث بغير تفريط من المستأجر كبرد أو قلة ماء مثلا , كان له الحق ي إبقاء زرعه بالأرض , حتى ينتهي نضجه , ويقدم للمالك اجر المثل عن المدة الزائدة.

وتطبق على هذه الإجارة أحكام الصيانة بنوعيها: ما تتوقف عليه المنفعة فهو على المؤجر. وعلى المستأجر إجراء الإصلاحات التي يقتضيها الانتفاع المعتاد بالأرض وصيانة آلات السقي والمصارف والطرق والقناطر والآبار , ما لم يوجد اتفاق أو عرف بغير ذلك.

ولا يصح إجارة منجزة (فورية) لأرض مشغولة بزرع آخر غير مدرك وكان مزروعا بحق. ويصح إجارة الأرض المشغولة بالزرع إجارة مضافة إلى وقت في المستقبل , وتكون الأرض فيه خالية من الزرع.
وتجوز إجارة الأرض المشغولة بالزرع , بشرط قلعة أو قطعة , وتختلف كيفية إزالة شغل الأرض حسب الوصف الفقهي للشغل:
(1) إذا كانت الأرض مزروعة بحق: بأن كان الزارع مالكا , والزرع مدركا حين الإيجار , بأن أصبح ناضجا قابلا للحصاد فإنه يقطع , فإذا لم يكن مدركا لم تصح الإجارة.
(2) إذا كانت الأرض مزروعة بغير حق: بأن كان الزارع غاضبا , فإنه يقطع الزرع سواء أدرك أو لم يدرك , وتكون الأولوية لصحة الإجارة.

وعلى المستأجر دفع الأجرة إذا هلك الزرع قبل حصاده بسبب لا يد له فيه كحرق وغرق ولفحة حرا وبرد شديد , وذلك بقدر ما مضى من المدة قبل هلاك الزرع , وسقط عنه الباقي. تعذر الاستفادة من الأرض للمستأجر فسخ العقد , ولا تجب عليه الأجرة , إذا غلب الماء على الأرض المؤجر , حتى تعذر زرعها , أو انقطع الماء عنها واستحال ربها , أو أصبح ذا كلفة باهظة , أو حالت قوة قاهرة دون زراعتها لأن "الغرم بالغنم" , "الضرر يدفع بقدر الإمكان".


الأراضي الزراعية نص عليه القانون الأردني (م 711 - 277) والقانون الإماراتي (م 797 - 808)

وجاء في المذكرتين الإيضاحيتين لهما أن أحكام إيجار الأراضي الزراعية مستقاة من المذهب الحنفي.


إيجار الوقف
: هو حبس المال على حكم ملك الله تعالى , بقطع التصرف في عينه , والتصدق بمنفعته على أعمال البر والإحسان وهو من أعمال الخير التي اختص بها الشرع الإسلامي.


على إجارة الوقف صفة المشاركة مع ما يترتب عليها من أولوية في التملك , وهذه الصفة أحيانا تراعي جهة المستأجر وأحيانا تراعي جهة الوقف:
فيكون للمستأجر حق الأولوية إذا قام بإذن متولي الوقف بالبناء أو الغرس في العين الموقوفة , ثم انقضت مدة الإجارة يكون أولى من غيره بالإجارة لمدة مستقبلية بأجر المثل.
فإن أبى القبول بأجر المثل , وكان هدم البناء أو قلع الشجر مضرا بالشيء المؤجر , حق لجهة الوقف تملك ما أقيم عليه بقيمته مستحق القلع. ويجوز لمتولي الوقف إجارة الموقوف مع البناء والغرس بإذن مالكها على أن يعطيه مقدار ما يصب ملكه من الأجرة.

ويكون للوقف حق الأولوية إذا كان البناء أو الغرس بغير إذن المتولي , فيؤمر المستأجر بعد انتهاء مدة الإجارة بهدم ما بناه , وقلع ما غرسه إن لم يكن في ذلك ضرر على الوقف. فإن حصل من ذلك ضرر على الوقف , يجبر المستأجر على التريث , حتى يسقط البناء أو الشجر , فيأخذ أنقاضه.
وفي كلتا الحالتين يحق لجهة الوقف تمللك ما شيد أو غرس بثمن لا يتجاوز أقل القيمتين , مهدوما في البناء , ومقلوعا في الغراس , أو قائما في أي منهما. وكلما استؤذن القاضي , يؤخذ رأي ناظر الوقف (وزارة الأوقاف) قبل صدور الإذن.

ونظرا لطبيعة الوقف الخيرية , ورعاية شؤون الموقوف عليهم , لا يجوز إجارة الأوقاف بأقل من أجر المثل عملا برأي الحنفية والمالكية , ويفسخ ما كان بأقل منه عند العقد , ما لم يقبل المستأجر دفع أجر المثل , وروعيت مصلحة الوقف.
ويقدر الخبراء أجر المثل وقت إبرام العقد , ولا عبرة بالتغير الطارئ أثناء المدة المعقود عليها.
ولكن إذا طرأ على موقع عقار الوقف تحسن في ذاته , وأدى ذلك إلى زيادة في أجر المثل زيادة فاحشة , يخير المستأجر بين الفسخ (إنهاء العقد) أو قبول أجر المثل الجديد من وقت التحسن.

وأما مدة إيجار الوقف: فإذا لم يحدد الواقف مدة الإجارة فتؤجر العقارات لمدة سنة والأراضي لمدة ثلاث سنين على الأكثر , إلا إذا اقتضت مصلحة الوقف غير ذلك , وصدر به إذن من القاضي , فيجوز حينئذ للضرورة إجارة الوقف لمدة أطول.
كذلك يجوز إجارة الوقف لمدة سنة والأراضي لمدة ثلاث سنين على الأكثر , إلا إذا اقتضت مصلحة الوقف غير ذلك , غير ذلك , وصدر به إذن من القاضي , فيجوز للضرورة إجارة الوقف لمدة أطول.
كذلك يجوز إجارة الوقف لمدة أطول إذا كان بحاجة إلى التعمير , وليس له ريع يعمر به فللقاضي أن يأذن بإيجارة مدة تكفي لتعميره.
فإن لم توجد ضرورة أو حاجة , لا يجوز لمتولي الوقف أن يؤجر الوقف مدة تزيد على ثلاث سنوات , ولو كان ذلك بعقود مترادفة , سواء كان الوقف من المباني أو الأراضي الزراعية.


القانون الأردني (م 749 - 759) والإماراتي (م 838 - 848) على أحكام إجارة الموقوف , وجاء في مذكرتيهما الإيضاحيتين:
أن تلك الأحكام مأخوذة من فقه المذهب الحنفي.


الإيجار المنتهي بالتمليك
المنتهي بالتمليك هو إجارة المصانع أو العقارات المبنية أو الآلات والمعدات على أساس انتهاء عقد الإجارة بتمليك الأشياء المأجورة بناء على وعد بالبيع في نهاية المدة.


تطبق على الإيجار المنتهي بالتمليك أحكام الإجارة طيلة مدة الإيجار إلى أن يحصل التمليك سواء حصل بهبة أو بيع , وسواء وقع التمليك خلال مدة الإجارة أو في آخرها.

ومقتضى الوصف الفقهي بأنها إجارة ثبوت التزام المالك (المؤجر) بالصيانة الأساسية اللازمة لبقاء المنفعة صالحة , وكذلك تحمله ما يقع من تلف بدون تعد أو تقصير من المستأجر , وتحمله أقساط التأمين إن وجد.

وفي حالة التمليك بالبيع لا يجوز إبرامه عند عقد الإجارة لأن البيع لا يضاف إلى المستقبل , ولكنه جائز فقها على أساس إبرام عقد بيع جديد في حيته بسعر السوق للأدوات والأشياء التي كان المستأجر قد استأجرها ودفع جميع أجرتها طيلة مدة الإيجار.


مجمع الفقه الإسلامي في جدة قراره رقم (6) في دورته الخامسة المنعقدة في الكويت عام 1409 هـ - 1988 م , ونص القرار ما يلي:
أولا- الأولي الاكتفاء عن صور الإيجار المنتهي بالتمليك ببدائل أخرى , منها البديلان التاليان:
(الأول) : البيع بالأقساط مع الحصول على الضمانات الكافية.
(الثاني) : عقد إجارة , مع إعطاء المالك الخيار للمستأجر , بعد الانتهاء من وفاء جميع الأقساط الإيجارية المستحقة خلال المدة في واحد من الأمور التالية:
- مد مدة الإجارة.
- إنهاء عقد الإجارة ورد العين المأجور على صاحبها.
- شراء العين المأجورة بسعر السوق عند انتهاء مدة الإجارة.

ثانيا: هناك صور مختلفة للإيجار المنتهي بالتمليك تقرر تأجيل النظر فيها إلى دورة قادمة بعد تقديم نماذج لعقودها وبيان ما يحيط بها من ملابسات وقيود بالتعاون مع المصارف الإسلامية لدراستها , وإصدار القرار في شأنها. والله أعلم.