طلبة الطلبة في الاصطلاحات الفقهية ط دار القلم

ص -111-     كتاب الطّلاق:
الطّلاق: رفع القيد والتّطليق كذلك يقال طلّق تطليقا وطلاقا كما يقال سلّم تسليما وسلاما وكلّم تكليما وكلاما وسرح تسريحا وسراحا.
والطّلاق ارتفاع القيد، يقال: طلقت المرأة طلاقا من حدّ دخل، والفقهاء يقولون طلقت بضمّ اللّام من حدّ شرف والقتبيّ ذكر في غريب الحديث كذلك قال يقال أطلقت النّاقة أي أرسلتها من عقال فطلقت بالفتح وطلّقت المرأة فطلقت بالضّمّ والصّحيح الفصيح ما أعلمتك وعلى هذا قولهم حدث حدوثا وصلح صلاحا وخلص خلوصا وكمل كمالا هذه كلّها من باب دخل ويقال أخذني منه ما قدم وما حدث بضمّ الدّال في هذا للازدواج بقوله قدم وكمل بالضّمّ لغة أيضا والفتح أفصح وأقيس.
والإطلاق رفع القيد أيضا في كلّ شيء.
والتّطليق في النّساء خاصّة لرفع القيد الحكميّ وامرأة طالق بغير هاء التّأنيث لاختصاصها بهذا الوصف كما يقال حامل وحائض ولو بني الاسم على الفعل قيل طالقة أي قد طلقت قال قائلهم وهو امرؤ القيس:

أيا جارتي بيني فإنّك طالقه                   كذاك أمور النّاس غاد وطارقه

عنى بالجارة الزّوجة ويقال أيضا هي طالق أي طلّقها زوجها وهي طالقة غدا أي يطلّقها غدا ذكر هذا في مجمل اللّغة.

 

ص -112-     وجاء في قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}1 أي لقبل عدّتهنّ بضمّ القاف وتسكين الباء: أي وقت أوّل طهرهنّ قبل الوطء، واللّام للوقت كقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ}2 أي لوقت دلوك الشّمس، وقبل الشّيء بالضّمّ أوّله، يقال: كان ذلك في قبل الصّيف، وقبل الشّتاء، ووقع السّهم بقبل الهدف: أي بقربه وقبالته.
{وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ}3 أي عدّوها
وقوله تعالى:
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}4 الآية والتّربّص التّلبّث والانتظار وهذا صيغته صيغة الخبر ومعناه الأمر.
والقروء على وزن الفعول جمع قرء وهو في اللّغة اسم للطّهر والحيض جميعا وقد ورد في الشّرع في مواضع لهذا ولهذا.
أمّا للطّهر فقوله عليه السلام لعبد اللّه بن عمر رضي اللّه عنهما:
"إنّ من السّنّة أن تطلّقها لكلّ قرء تطليقة" أي لكلّ طهر وأمّا الحيض ففي قوله عليه السلام لتلك المستحاضة: "دعي الصّلاة أيّام أقرائك" وهي جمع قرء أيضا والمراد منها الحيض وإنّما صلح هذا الاسم لهما جميعا لأنّ القرء في الأصل هو الوقت والقارئ كذلك قال الهذليّ:

كرهت العقر عقر بني شليل                           إذا هبّت لقارئها الرّياح

العقر بالفتح أصل الدّار وشليل بضمّ الشّين وفتح اللّام قبيلة وقوله هبّت لقارئها أي لوقتها وذلك في الشّتاء وقال آخر:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الطلاق: 1.
2 سورة الاسراء: 78.
3 سورة الطلاق: 1.
4 سورة البقرة: 228.

 

ص -113-                                            يا ربّ ذي ضغن عليّ فارض          له قروء كقروء الحائض

أي ربّ صاحب حقد قديم عليّ له وقت معهود لهيجان العداوة كأوقات الحيض للحائض ويروى يا ربّ ذي ضغن وضبّ فارض والضّغن الحقد والضّبّ الحقد الكامن في الصّدر والحيض يأتي لوقت معهود والطّهر كذلك فسمّي كلّ واحد منهما به وقال الأعشى في القرء بمعنى الطّهر:

أفي كلّ عام أنت جاشم غزوة                  تشدّ لأقصاها عزيم عزائكا

مورّثة مالا وفي الحيّ رفعة                      لما ضاع فيها من قروء نسائكا

الألف في أوّل البيت للاستفهام.
والجاشم المتكلّف على مشقّة وصرفه من حدّ علم والأقصى الأبعد.
والعزيم هو العزيمة وهما اسمان من العزم على الأمر.
والعزاء الصّبر.
وقوله: مورّثة نعت قوله غزوة على الخفض ومالا مفعول بالتّوريث ورفعة عطف على قوله مالا والقروء الأطهار والألف في آخر قوله عزائكا وفي آخر قوله نسائكا إشباع للفتحة وإتمام للقافية.
ومعنى البيتين: أنت في كلّ عام متكلّف على مشقّة غزوة تورّثك مالا وهو الغنيمة وتورثك رفعة في الحيّ وهو القبيلة تشدّ أنت عزيمة صبرك لنهاية تلك الغزوة وإنّما تنال المال والرّفعة لتضييعك أطهار نسائك في هذه المدّة أي لامتناعك عن استيفاء حظّك منهنّ مع القدرة فثبت أنّ الاسم واقع على كلّ واحد منهما في اللّغة.
ثمّ اختلف أهل العلم في آية العدّة وهي قوله تعالى:
{يَتَرَبَّصْنَ

ص -114-     بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}1 فحمله أصحابنا رحمهم اللّه على الحيض والشّافعيّ رحمه اللّه على الأطهار مع صلاحيّة الاسم لكلّ واحد منهما لدلائل أخر مرجّحة تعرف في بيان دلائل المسائل وليس ذلك من شرط كتابنا هذا.
وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم للّذي طلّق امرأته ثلاثا:
"أتلعبون بكتاب اللّه تعالى وأنا بين أظهركم" أشار بذلك إلى قوله تعالى: {وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً}2 بعد قوله تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا}3.
والإمساك بالمعروف هو إبقاؤها على النّكاح بالخير والطّريق المرضيّ في الشّرع وذلك بالرّجعة.
والتّسريح التّخلية والإرسال.
وإمساكها ضرارا مراجعتها وتركها مدّة على التّعطيل ثمّ التّطليق وتركها مدّة ليقرب انقضاء عدّتها ثمّ مراجعتها وفي ذلك تطويل العدّة عليها وهو إضرار بها.
ثمّ قال:
{وَلا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُواً}4 وهو جعل الرّجعة لا لما وضعت له والتّطليق لا لما شرع له فإنّ المراجعة لإبقائها على النّكاح والطّلاق للتّخلّص عنها وهو يجعلهما للإضرار بها.
وقوله عليه السلام:
"وأنا بين أظهركم" أي فيما بينكم يقال هو نازل بين أظهرهم وبين ظهريهم على صيغة التّثنية وبين ظهرانيهم على هذه الصّيغة أيضا أي فيما بينهم وكأنّه أريد بالظّهر كلّ البدن وصار كأنّه قال بين أنفسهم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورةالبقرة: 228.
2 سورة البقرة: 231.
3 سورة البقرة: 231.
4 سورة البقرة: 231.

 

ص -115-     وفي حديث المطلّقة ثلاثا، وتزوّجها بزوج آخر ذكر عبد اللّه بن الزّبير هو بفتح الزّاي، وكسر الباء في هذا الاسم.
وقال فيه:
"لا، حتّى تذوقي من عسيلته ويذوق من عسيلتك" هي تصغير العسل وإدخال الهاء في تصغيرها لأجل أنّها مؤنّثة سماعيّة وهي تؤنّث وتذكّر والأغلب عليها التّأنيث وقال الشّمّاخ:

بها عسل طابت يدا من يشورها

أي: يجتنيها فالهاء في يشورها دليل تأنيثها.
وبعض النّاس قالوا أراد بالعسيلة النّطفة فالتّأنيث لذلك قال القتبيّ وليس كذلك بل هي كناية عن حلاوة الجماع.
قال نجم الدّين: وهو كما قال فإنّ الإنزال ليس بشرط بل التقاء الختانين كاف للحلّ.
وقوله تعالى:
{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ}1 أي أزواجهنّ أولى برجعتهنّ والبعولة جمع بعل وهو الزّوج ونظيره من العربيّة الفحل وجمعه الفحولة.
قوله تعالى:
{وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً}2 وهو ملء مسك الثّور ذهبا أو فضّة.
والمسك بفتح الميم الجلد وقيل هو سبعون ألف دينار وقيل هو ألف مثقال وقيل هو ألف ومائتا أوقيّة والأوقيّة أربعون درهما وقيل القنطار جلّة من المال.
{وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ}3 أي وصل وقيل أي خلا قاله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورةالبقرة: 228.
2 سورة النساء: 20.
3 سورة النساء: 21.

 

ص -116-     الفرّاء وهو من الفضاء وهو المفازة الخالية عن الأبنية والأشجار.
{وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً}1 أي شديدا وثيقا.
وهو قوله تعالى:
{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}2.
الرّجعة: بفتح الرّاء وبالكسر لغتان وقال في ديوان الأدب يقال له على امرأته رجعة ورجعة بمعنى والكلام الفتح أي المستعمل المشهور بالفتح.
نفست المرأة على ما لم يسمّ فاعله أي صارت نفساء ونفست نفاسا من حدّ علم لغة أيضا.
والمطلّقة طلاقا رجعيّا تتشوّف لزوجها أي تتزيّن وتتصفّى وقيل تتطلّع.
وقال في ديوان الأدب يقال رأيت نساء يتشوّفن في السّطوح أي ينظرن ويتطاولن.
وشاف السّيف إذا جلاه وأشاف على الشّيء أي أشرف عليه.
وقال اللّه تعالى:
{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ}3 أي يموتون وهو على ما لم يسمّ فاعله لأنّه متعدّ يقال توفّاه اللّه أي أماته قال اللّه تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا}4 وأصله استيفاء العدد أي يستوفي عدد أيّامه وأنفاسه وأرزاقه ونحو ذلك. {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً}5 أي يتركون وهذا فعل يستعمل مستقبله ولا يستعمل ماضيه.
{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ}6 أي ينتظرن ويتلبّثن وهو خبر بمعنى الأمر.
{أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}7 فإن قالوا لم لم يقل وعشرة وقد أراد به عشرة أيّام وعدّد الذّكور بالهاء يقال عشرة رجال وعشر نسوة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة النساء: 21.
2 سورة البقرة: 229.
3 سورة البقرة: 234.
4 سورة الزمر: 42.
5 سورة البقرة: 234.
6 سورة البقرة: 228.
7 سورة البقرة: 234.

 

ص -117-     فجوابه أنّه أراد به عشر ليال وذكر اللّيالي ذكر لما بإزائها من الأيّام وكذا ذكر الأيّام ذكر لما بإزائها من اللّيالي والإزاء الحذاء وهو ممدود قال اللّه تعالى: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً}1 ثمّ قال في آية أخرى: {ثَلاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً}2 والقصّة واحدة فدلّ أنّ ذكر أحدهما ذكر للآخر.
قال ابن عبّاس رضي اللّه عنهما: من شاء باهلته أنّ سورة النّساء القصرى:
{وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}3 نزلت بعد: {أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}4 الّتي في سورة البقرة.
المباهلة الملاعنة والبهلة اللّعنة بفتح الباء وضمّها يقال عليه بهلة اللّه وبهلته أي لعنته.
والمباهلة أن يجتمع المختلفان فيقولان لعنة اللّه على المبطل منّا.
وسورة النّساء القصرى:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}5 وسورة النّساء الطّولى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}6 أراد به أنّ قوله: {يتربّصن بأنفسهنّ أربعة أشهر وعشرا} عامّ في كلّ متوفّى عنها زوجها يتناول الحامل والحائل وقوله: {وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}7 عامّ يتناول المطلّقة والمتوفّى عنها زوجها ونزول هذا بعد نزول الأول فنسخ الأوّل.
وقوله:
{لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة آل عمران: 41.
2 سورة مريم: 10.
3 سورة الطلاق: 4.
4 سورة البقرة: 234.
5 سورة الطلاق: 1.
6 سورة النساء: 1.
7 سورة الطلاق: 4.

 

ص -118-     يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}1 قرئ بفتح الياء وكسرها فبالفتح المظهرة وهي المفعولة بالتّبيين وبالكسر الظّاهرة ويكون فاعلة بالتّبيين أيضا ويكون فعلا لازما يقال بيّن الشّيء وتبيّن بمعنى واختلفوا في المراد بهذه الفاحشة قال إبراهيم النّخعيّ هي خروجها من بيتها وعلى هذا التّأويل لا يكون معناه إلّا للاستثناء حقيقة فإنّ المستثنى من المحرّم محلّل والخروج حرام أيضا بل يكون إلّا بمعنى لكن ويكون معناه لا ينبغي لها أن تخرج لكن إذا خرجت فقد أتت بفاحشة أي فعلة قبيحة في الشّرع.
وقال ابن مسعود رضي اللّه عنه: الفاحشة أن تزني فتخرج للحدّ ويكون هذا لحقيقة الاستثناء أي إذا زنت ووجب عليها الحدّ حلّ إخراجها لإقامة الحدّ عليها.
قيل: معناه إلّا أن تبذو على أحمائها أي تشتم وتسبّ وتسيء القول في أقارب زوجها فيجوز إخراجها ونقلها إلى مكان آخر لقطع إيذائها عنهم وقد بذا يبذو بذاء من حدّ دخل أي أفحش وهو معتلّ بالواو في ديوان الأدب ومهموز من باب صنع في مجمل اللّغة.
والأحماء جمع الحمو والحما والحماة.
أمّا الحمو والحما فأبو الزّوج وأبو المرأة وأمّا الحماة فأمّ الزّوج وأمّ المرأة يقال هو حموه على وزن أبوه وحماه على وزن قفاه وقال الأصمعيّ حمؤها بالهمزة.
وتخرج المرأة إلى السّواد أي القرى. وإنشاء السّفر ابتداؤه.
وسعها أن تخرج من حدّ علم أي جاز لها وهي في سعة من ذلك هي مصدر هذا الفعل وهو من قولك وسعه الشّيء أي اتّسع له وذاك مجاز عن الإطلاق والإباحة لأنّ التّحريم كالمنع والإضافة.
لها الإرث أي الميراث وأصله الورث بالواو فأبدلت بالهمزة كالإشاح

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1سورة الطلاق: 6.

 

ص -119-     والوشاح والإجاح والوجاح أي السّتر الإكاف والوكاف والإسادة والوسادة.
"الولد للفراش وللعاهر الحجر" أي ثبات النّسب من صاحب الفراش وهو الزّوج والفراش هي المرأة الّتي ثبت للزّوج حقّ استفراشها للاستمتاع والاستيلاد والعاهر الزّاني والحجر أراد به أنّه يرجم به.
ولدت غلاما قد طلعت ثنيتاه أي خرجت سنّاه اللّتان في مقدّم الفم.
علقت المرأة علوقا من حدّ علم أي حبلت وهو تعلّق مائه برحمها وأعلقها زوجها أي أحبلها، ثبت النّسب بالدّعوة بالكسر وقال في مجمل اللّغة الدّعوة: بالفتح المرّة من الدّعاء وهي أيضا الدّعوة إلى الطّعام والدّعوة في النّسب بالكسر وهي الادّعاء وقال أبو عبيد: هذا أكثر كلام العرب إلّا عديّ الرّباب فإنّهم ينصبون الدّال في النّسب ويكسرونها في الطّعام.
على المرأة الحداد في الطّلاق البائن بكسر الحاء هو الامتناع عن الزّينة والخضاب وصرفه من حدّ دخل وضرب جميعا وأحدّت إحدادا لغة فيه وأصل الحدّ المنع.
ولا تلبس الثّوب المصبوغ بورس هو صبغ أحمر وقيل أصفر وقيل نبت وقيل هو الّذي يقال له بالفارسيّة سبزك.
ولا تلبس ثوب عصب بفتح العين وتسكين الصّاد وهو ضرب من برود اليمن يصبغ غزله.
إذا كان المهر عرضا أي مالا سوى النّقود. إذا كان في حال رفاهية بالتّخفيف ورفاهة بدون الياء أي سعة وراحة ورجل رافه أي وادع من الدّعة أي السّعة وقد ودع من حدّ شرف ورفه من حدّ صنع ورفّهه اللّه بالتّشديد فترفّه. والنّصف الشّائع من قولك شاع يشيع شيوعا وشيوعة إذا انتشر.

 

ص -120-     {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}1 التّحلّة التّحليل كالتّقدمة والتّقديم والتّكرمة والتّكريم أي أوجب عليكم تكفيرها.
أنت بائن نعت للمرأة من البين والبينونة وهما الفرقة.
وبتّة من البتّ وهو القطع من حدّ دخل.
وخليّة من الخلوّ بضمّ الخاء من حدّ دخل.
وبريّة من البراءة من حدّ علم.
وحرام أصله المصدر كالحرمة يراد به النّعت.
واعتدّي أمر بالاعتداد وهو في الأصل افتعال من العدّ من حدّ دخل واستبرئي رحمك أمر بتعرّف براءة الرّحم وهي طهارتها من الماء وهو كناية عن الاعتداد الّذي شرع لهذا.
واختاري أمر بالاختيار.
وحبلك على غاربك استعارة عن التّخلية والغارب ما تقدّم من الظّهر وارتفع عن العنق والبعير إذا ألقي حبله على غاربه فقد خلّي سبيله يذهب حيث يشاء فهذا من ذلك وخلّيت سبيلك قريب من هذا.
والحقي بأهلك هو أمر من حدّ علم وفتح الألف وكسر الحاء خطأ فإنّه يصير من الإلحاق وهو فعل متعدّ والصّحيح أن يجعل من اللّحوق بضمّ اللّام.
تقنّعي أمر بأخذ القناع والمقنعة بكسر الميم وهي ما تستر به المرأة رأسها.
واعزبي أي تباعدي من حدّ دخل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة التحريم: 2.

 

ص -121-     وكنايات الطّلاق صرفها من حدّ ضرب والكناية هي غير الصّريح ومدلولات الطّلاق من الدّلالة بفتح الدّال وكسرها من حدّ دخل ويقول في ديوان الأدب الدّلالة بالفتح لغة في الدّلالة بالكسر وفي بعض أصول الأدب أنّ الفتح أصحّ وأفصح هذه معاني هذه الكلمات لغة وكتابنا هذا لذلك فأمّا وقوع الطّلاق بها في بعض الأحوال دون بعض وتفاوت أحكامها وانقسام الأحوال إلى الرّضا والسّخط ومذاكرة الطّلاق وحالة المطلّقة فإنّ ذلك يعرف في بيان دلائل المسائل.
وقول الفقهاء: إنّ الكنايات بوائن عندنا رواجع عند الشّافعيّ فتلقيب المسألة بهذا غير منقول عن المتقدّمين وهو غير مستقيم في اللّغة والصّحيح أن يقال الكنايات مبينات عندنا رجعيّات عنده.
وأمّا البوائن: فهي جمع بائن وهي صفة الطّالق أي المرأة لا صفة الطّلاق وهو فعل الرّجل.
والرّواجع: جمع راجعة والرّاجع صفة الرّجل إذا رجع فيها فأمسكها وراجعها لا صفة الطّلاق فإنّه يوصف بالرّجعيّ لا بالرّاجع وكذلك قولهم طلاق بائن غير مستقيم لغة إذا عمل بحقيقته وحمل ظاهره إلّا أن يراد بالبائن ذو البينونة وبالرّاجع ذو الرّجعة وهذا وجه حسن كما قالوا في قوله تعالى:
{خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ}1 أي ذي دفق وهو الصّبّ {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ}2 أي ذات رضى وفي قولهم سرّ كاتم أي ذو كتمان فلا وجه لجعل الماء فاعلا للصّبّ ولا لجعل السّرّ فاعلا للكتمان وهذا كذلك.
وقوله أنت واحدة إذا نصب آخر الكلمة فوجهه أنت طالق طلقة واحدة نصبا على المصدر.
وإذا قيل أنت واحدة برفع آخره مع إرادة الطّلاق فوجهه أنت واحدة الطّلاق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الطارق:6
2 سورة الحاقة:21.

 

ص -122-     وحذف المضاف إليه واكتفى بالمضاف اختصارا كما في قوله تعالى: {فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ}1 أي في يوم عاصف الرّيح.
وقولهم على حسب ما يوجبه اللّفظ وهو بفتح السّين أي على قدره.
وسئل عبد اللّه بن عبّاس رضي اللّه عنهما عمّن قال لامرأته طلّقي نفسك فقالت طلّقت زوجي فقال خطّ اللّه نوءها والفقهاء يقولون خطّأ اللّه نوءها بزيادة همزة في آخرها وذلك خطأ والصّحيح خطّ من المضاعف من باب دخل من الخطيطة وهي أرض لم تمطر بين أرضين ممطورتين فعيلة بمعنى مفعولة أي جعلت كالمخطوطة بخطّ ظاهر بينهما.
والنّوء واحد الأنواء وهي ثمانية وعشرون نجما ليسقط منها في كلّ ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب عند الفجر ويطلع آخر يقابله فينقضي بانقضاء السّنة وكانت العرب ترى المطر بذلك.
وأصل النّوء النّهوض وطلوع ذلك هو النّوء وإذا سقط هذا طلع ذلك فسمّي السّقوط نوءا لذلك وكانوا يقولون مطرنا بنوء كذا وكانوا يقولون أصدق النّوء نوء الثّريّا فقول ابن عبّاس هاهنا خطّ اللّه نوءها أي جعل هذا النّوء لا يصيب أرضها شبّه تفويض الرّجل الأمر إليها بالنّوء الّذي يرجى به المطر وشبّه بطلان ذلك بتطليقها زوجها وإعراضها عن تطليق نفسها بالمطر الّذي ينزل ولا يصيب أرضها بل يتعدّى عنها إلى أرض غيرها.
وعن عليّ رضي اللّه عنه أنّه كان يقول في الكنايات يقع بها طلاق الحرج هو أشدّ الضّيق من حدّ علم يعني به وقوع الثّلاث.
الطّلاق يعقب العدّة بضمّ الياء وكسر القاف أي يثبتها عقبه والعدّة تعقب الطّلاق
من حدّ دخل أي تخلفه وتجيء بعده.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1سورة ابراهيم: 18.

 

ص -123-     ولو عنى بقوله أنت طالق من الوثاق أو من الكبل لم يديّن في القضاء.
فالوثاق بكسر الواو وفتحها ما يوثق به أي يشدّ والكبل القيد ولم يديّن أي لم يصدّق وقد ديّنه تديينا أي صدّقه وحقيقته وكله إلى دينه بالتّخفيف أي تركه.
وإذا قال لها: أنت طالق ثلاثا إلّا واحدة طلقت ثنتين لأنّ الاستثناء تكلّم بالحاصل بعد الثّنيا هي الاسم من الاستثناء أي صار كأنّه يقول لها أنت طالق اثنتين لأنّه هو الحاصل بعد استثنائه.
التّنجيز يبطل التّعليق عند أصحابنا الثّلاثة هو تفعيل من قولهم ناجز بناجز أي نقد بنقد خلاف الكالئ بالكالئ أي النّسيئة بالنّسيئة وأصله التّعجيل يقال نجز الوعد من حدّ دخل وأنجزه الواعد ونجز المال أي صار نقدا والمناجزة في الحرب المبارزة والمعاجلة إلى العدوّ من ذلك.
الزّوج الثّاني يهدم الطّلقة والطّلقتين أي ينقضها ويبطلها مأخوذ من هدم الدّار من حدّ ضرب.
وإذا وقع الشّكّ بين الطّلقة والطّلقتين فالأولى أن يأخذ بالثّقة والتّنزّه أي التّباعد عن الرّيبة وقد نزّه الرّجل نفسه تنزيها أي بعدها عن السّوء.
وقوله عليه السلام:
"الشّهر هكذا وهكذا وهكذا" وقد خنّس إبهامه في المرّة الثّالثة بتشديد النّون أي قبضها وأصله التّأخير وقد خنس خنوسا من حدّ دخل أي تأخّر ومنه الخنّاس والجواري الخنّس.
ويروون في مسألة إذا لم أطلّقك: أنّ إذا للشّرط عند أبي حنيفة رحمه اللّه قول الشّاعر:

استغن ما أغناك ربّك بالغنى                      وإذا تصبك خصاصة فتجمّل

يقول: استغن بغناك عن سؤال سواك ما أغناك مولاك، وإذا أصابك فقر فتصبّر،

 

ص -124-     فإنّ الخصاصة هي الفقر قال اللّه تعالى: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}1 والتّجمّل: التّصبّر فإنّ حقيقته إظهار الجمال، وبالصّبر جمال، ويقال: تجمّل إذا أرى من نفسه أنّه حسن الحال وإن كان مجهودا.
وأبو يوسف ومحمّد رحمهما اللّه تعالى جعلا "إذا" للوقت، واستشهدا بقول الشّاعر:

وإذا تكون كريهة أدعى لها                 وإذا يحاس الحيس يدعى جندب

الكريهة: الحرب الشّديدة، وتكون: أي تقع ، وهي تامّة غير مفتقرة إلى الخبر، والحيس طعام يصنع من تمر وزبد، ويحاس: أي يتّخذ ذلك، وجندب رجل يقول: أدعى أنا للحرب وآخر للأكل والشّرب.
ووجه الاستشهاد بالبيت أنّه لم يجزم بإذا فلم تكن للشّرط.
ويستشهدون في مسألة يوم يقدم فلان فأنت طالق أنّه إذا قدم ليلا طلقت ويكون اليوم عبارة عن مطلق الوقت بقوله تعالى:
{وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ}2 وأوّل الآية: {إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ}3 أي إذا لقيتم الكفّار زاحفين إليكم أي ماشين قليلا قليلا فلا تجعلوا إليهم الظّهور ومن فعل ذلك فقد باء بغضب من اللّه أي احتمله وقيل أي رجع به وقد لزمه إلّا أن يكون متحرّفا لقتال أي مائلا إلى جانب القتال أو متحيّزا إلى فئة أي صائرا إلى حيّز فئة أي طائفة يمنعونه من العدوّ والحيّز النّاحية.
استمرّ بها الدّم أي دام، واستحكم من بشّرني بقدوم فلان فهو كذا البشارة بفتح الباء وضمّها وكسرها البشرى وهي اسم من بشره بشرا من حدّ دخل وبشّره تبشيرا كذلك وبشر من حدّ علم أي استبشر بشرا بالفتح فهو بشر بالكسر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الحشر: 9.
2 سورةالأنفال: 16.
3 سورة الأنفال: 15.

 

ص -125-     والبشارة كلّ خبر سارّ ليس ذلك عند المخبر فإنّ حقيقته هي الخبر الّذي يؤثّر في بشرة المخبر وهي ظاهر جلده بالسّرور وذلك يحصل بإخبار الأوّل دون الثّاني وقد يقع البشارة على الخبر المحزن لما أنّه يؤثّر في البشرة أيضا بالحزن قال اللّه تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}1.
إذا ذكر اسمان وأقحم بينهما حرف صلة أي ألقي وأدخل من قولك أقحم فرسه في النّهر فاقتحمت وفارسيّته اندرجهانيد واندرجست.
وإذا اعتقل لسانه على ما لم يسمّ فاعله أي سدّ فلم يقدر على التّكلّم وقد عقل لسانه كذا من حدّ ضرب.
إلّا أن ينسبه إلى فخذه أي قبيلته الأخصّ به فإنّ الفخذ دون البطن والبطن دون القبيلة.
والجعل من باب الخلع بضمّ الجيم ما جعل بدلا فيه وجعل الآبق وجعل الأجير من ذلك.
كان مهرها على شرف السّقوط هو الاسم من قولك أشرف على كذا أي علاه ودنا منه.
إذا زكّيت بيّنة أي عدّلت بإثبات الياء بعد الكاف ويجري على ألسنة كثير من طلبة العلم زكت بفتح الكاف محذوفة الياء وهو جهل محض لا وجه له.
الفارّ ترث امرأته هو الّذي يطلّقها ثلاثا في مرض موته فرارا عن وراثتها ماله.
حنث في يمينه أي نقضها وأثم فيها من حدّ علم والحنث الذّنب العظيم وبلغ الغلام الحنث أي الزّمان الّذي يأثم بمخالفة الأمر والنّهي.
الزّوج ألجأه إلى هذا أي اضطرّه. وإذا مات فجأة بضمّ الفاء على وزن فعلة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1سورة آل عمران: 21.

 

ص -126-     أي: بغتة وفجئه الموت من حدّ علم أي أتاه بغتة وقد يجيء فجاءة على وزن فعالة ذكره في تصريف أبي حاتم.
وصاحب الفراش هو الّذي أضناه المرض أي أثقله وقد ضني يضنى من حدّ علم أي مرض فثقل مرضه.
فإن كان يشتكي أو يحمّ لم يكن كذلك الشّكاة بالقصر والشّكاية والشّكوة والشّكيّة على وزن الفعيلة أن يشتكي الإنسان عضوا من أعضائه أي توجّعا به ويحمّ على ما لم يسمّ فاعله أي يصير محموما وهو الّذي أصابته الحمّى والفعل من حدّ دخل وحمّ الألية إذا أذابها وحمّ الماء إذا سخّنه.
خلع الرّجل امرأته خلعا بضمّ الخاء أي نزعها من قولهم خلع ثوبه عن نفسه خلعا بفتح الخاء أي نزعه وخلع الوالي العامل إذا عزله واختلعت المرأة منه أي قبلت خلعه إيّاها ببدل وتخالع الزّوجان وخالعها وخالعته.
وقول امرأة ثابت بن قيس بن شمّاس لا أنا ولا ثابت أي لا أنا راضية بالمقام معه ولا هو راض بذلك.
والمبارأة مهموزة وهي مفاعلة من البراءة.
وروي أنّ امرأة وضعت سكّينا على صدر زوجها وقالت لتطلّقنّي ثلاثا بفتح اللّام الأولى وتشديد النّون وإلّا لأقتلنّك فناشدها اللّه تعالى أي سألها بحقّ اللّه تعالى أن لا تفعل ذلك وكذلك قولهم نشده باللّه نشدة من حدّ دخل فأبت فطلّقها ثلاثا ثمّ سأل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال:
"لا قيلولة في الطّلاق" أي لا رجوع ولا فسخ وقد قال البيع يقيله قيلولة لغة قليلة في أقاله يقيله إقالة.
وقوله عليه السلام:
"لا طلاق في إغلاق" تأويله الصّحيح في جنون لأنّه يغلق عليه أموره.
وقيل في إكراه ولم يأخذ بهذا التّفسير أصحابنا.

 

ص -127-     وقيل معناه: لا يحلّ إيقاع الطّلقات الثّلاث جملة فإنّه يغلق عليه باب المراجعة والمناكحة.
وقع الطّلاق مجّانا أي بلا بدل.
طلّقي نفسك إن شئت أو هويت هو بكسر الواو أي أحببت وقد هوي يهوى هوى من حدّ علم أي أحبّ قال اللّه تعالى:
{بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ}1 وهوى يهوي هويّا بضمّ الهاء وكسر الواو وتشديد الياء على وزن فعول من حدّ ضرب إذا سقط وإذا أسرع وإذا مال وإذا هلك وإذا ثكل قال اللّه تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}2 أي سقط وقال اللّه تعالى: {تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ}3 أي تمرّ به في سرعة وقال: {فَقَدْ هَوَى}4 أي هلك وقال: {فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي}5 أي تميل وهوت أمّه أي ثكلت قال اللّه تعالى: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ}6
ولو قال لها أحبّي الطّلاق أو أريدي الطّلاق أو شائي الطّلاق هذا بالمدّ وإثبات الياء ويقال للرّجل شأ بحرفين ويقال للمرأة شائي بالمدّ وإثبات الياء كما يقال خف للرّجل وخافي للمرأة.
ولو قال لها: اهوي الطّلاق، بكسر الألف وفتح الواو وكسر الياء لملاقاة اللّام السّاكنة في الطّلاق.
ولو فصل فقال: اهوي طلاقك، بياء ساكنة مظهرة ولا تجعل ألفا في اللّفظ وإنّما أعلمتك هذه الكلمات بهذه العلامات وبالغت فيها لمّا رأيت كثيرا من الطّلبة يؤدّون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة البقرة: 87.
2 سورةالنجم:1.
3 سورة الحج: 31.
4 سورة طـه: 81.
5 سورة ابراهيم: 37.
6 سورة القارعة:9.

 

ص -128-     هذه الكلمات على وجوه كلّها خطأ فاحش.
وينشدون في مسألة أنت طالق كيف شئت. قول الشّاعر:

يقول حبيبي كيف صبرك بعدنا               فقلت وهل صبر فتسأل عن كيف

اللّام في فتسأل منصوب بالفاء في جواب الاستفهام وهو قوله وهل صبر قال اللّه تعالى: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوا لَنَا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي}1 وقوله: عن كيف مخفوض بعن لأنّه جعل اسما هاهنا وإن كان مبنيّا على الفتحة.
في مبتذل الكلام أي عن هذه اللّفظة والظّهار فسّرناه في كتاب الصّوم. وقوله تعالى:
{مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}2 أي يمسّ كلّ واحد من الزّوجين صاحبه وقد ماسّ الرّجل المرأة وماسّت المرأة الرّجل وتماسّ الرّجل والمرأة فإذا أخرجت الفعل من باب المفاعلة وهي للفعل بين اثنين فاجعل أيّهما شئت فاعلا والآخر مفعولا وإذا أخرجته من باب التّفاعل فاجعلهما جميعا فاعلين واعطف الثّاني على الأوّل بالواو، ولا يجوز في كفّارة الظّهار المقعد أي الزّمن الّذي لا يمشي على رجليه وقال في ديوان الأدب المقعد الأعرج لكنّ ذاك يجوز في الكفّارة إذا مشى على رجل صحيحة وأخرى معلولة لأنّ فوات إحداهما غير مانع.
قال: إذا كان مقطوع يد ورجل من خلاف جاز أي على خلاف الجهة بأن كانت إحداهما عن يمين والأخرى عن يسار لا كلتاهما عن يمين أو عن يسار.
والأشلّ والخصيّ والمجبوب قد فسّرناها فيما مرّ.
ومقطوع المذاكير والأنثيين جميعا المذاكير جمع ذكر على خلاف القياس.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة الأعراف: 53.
2 سورة القصص: 3.

 

ص -129-     المفلوج: اليابس الشّقّ أي نصف البدن طولا.
ولفظة الإدراج في مسألة أعتق عبدك عنّي بألف درهم يراد بها إثبات الشّيء تقديرا اقتضاء مع أنّه غير مذكور لفظا من إدراج الكتاب وهو طيّه يقال جعل ذلك في درج كتابه أي طيّه.
والإيلاء الحلف وقد آلى يؤلي إيلاء فهو مؤل على وزن أفعل يفعل إفعالا فهو مفعل أي حلف والأليّة اليمين وجمعه الألايا على وزن البليّة والبلايا.

قليل الألايا حافظ ليمينه                         وإن بدرت منه الأليّة برّت

يعني قلّما يحلف فإن حلف حفظ يمينه وإن بدرت أي وقعت على سرعة من غير قصد منه يمين برّت أي صارت صادقة يعني لا يحنث هو فيها وقد بدر بدورا من حدّ دخل وبرّت اليمين تبرّ برّا من حدّ علم بكسر باء المصدر.
{فَإِنْ فَاءُوا}1 أي رجعوا من حدّ ضرب.
{وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ}2 أي قصدوه هذه حقائق هذه الألفاظ لغة.
وفي الشّرع الإيلاء اسم ليمين يمنع بها المرء نفسه عن وطء منكوحته.
والفيء هو تحنيث نفسه بالوطء في المدّة.
وعزيمة الطّلاق الثّبات على البرّ بترك الوطء حتّى تمضي أربعة أشهر فتطلق وما روي أنّ الفيء الجماع وعزيمة الطّلاق انقضاء الأربعة الأشهر فكشفه على وفق اللّغة ما قلنا.
وإذا قال واللّه لا أقرب فلانة فهو مؤل لأنّ القربان بكسر القاف من حدّ علم صار اسما للمجامعة لغلبة الاستعمال فيها عرفا وشرعا قال اللّه تعالى:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة البقرة: 226.
2 سورة البقرة: 227.

 

ص -130-     {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ}1 وأصله مقاربة الشّيء قال اللّه تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى}2 وقال: {وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ}3 وقال: {وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}4 فأمّا القرب فهو نقيض البعد وقد قرب قربا فهو قريب أي صار كذلك من حدّ شرف.
ولو قال: واللّه لأسوءنّها لم يكن موليا إلّا بنيّة ترك الجماع يقال ساءه يسوءه مساءة وهو نقيض سرّ يسرّه مسرّة والسّوء بالضّمّ اسم منه والسّوء بالفتح يذكر على طريق النّعت لكن بالإضافة يقال هو رجل سوء قال اللّه تعالى:
{دَائِرَةُ السَّوْءِ}5 على قراءة الفتح والإساءة نقيض الإحسان ويوصل بكلمة إلى يقال أساء إليه كما يقال أحسن إليه والأوّل وهو ساءه يتعدّى من غير صلة قال اللّه تعالى: {لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ}6 وقال اللّه تعالى: {سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا}7 وهو على ما لم يسمّ فاعله.
ولو حلف لا يغشاها فكذلك لأنّ الغشيان من حدّ علم يستعمل للمجامعة وأصله للمجيء يقال من يغش سدد السّلطان يقم ويقعد أي من يجئ أبواب السّلاطين فقد يقوم على الباب وقد يقعد على البساط ويقال أيضا بضمّ الياء في يقم ويقعد وفتح القاف في يقم وفتح العين في يقعد على ما لم يسمّ فاعله أي قد يقيمه غيره عن مجلسه وقد يقعده على مرتبته والسّدد جمع سدّة وهي الباب وفي القرآن:
{فَلَمَّا تَغَشَّاهَا}8 أي وطئها وفيه: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة البقرة: 222.
2 سورة الاسراء: 32.
3 سورة الأنعام: 151.
4 سورة الأنعام: 152.
5 سورة التوبة: 98.
6 سورة الاسراء: 7.
7 سورة الملك: 27.
8 سورة لأعراف: 189.

 

ص -131-     تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ}1 قيل معناه يأتيهم وقيل يغطّيهم.
ولو قال: وايم اللّه لا أقرب فلانة كان موليا هذا يستعمل برفع آخر الكلمة وإن كان القسم بالخفض لأنّ قولهم وايم اللّه أصله وأيمن اللّه بإثبات نون بعد الميم والنّون مخفوضة على القسم وهي جمع يمين كأنّه يقول أقسم بأيمان اللّه أي بالأيمان باللّه فحذفت النّون تخفيفا لكثرة الاستعمال وبقي الميم مضموما لأنّه وسط الكلمة وليس بحرف إعراب وكانت قبل حذف آخره كذلك فبقي على ذلك.
وكذلك قوله لعمر اللّه بفتح اللّام ورفع الرّاء هو قسم ولم يخفض كسائر الألفاظ لأنّ طريقة هذا أنّ اللّام لام تأكيد يفتتح بها الاسم وعمر رفع بالابتداء والمراد به البقاء كأنّه يقول لبقاء اللّه هو الّذي أقسم به على إضمار خبر المبتدأ لدلالة الحال عليه.
وإيلاء المريض الّذي يهذي باطل الهذيان من حدّ ضرب هو الهذر وهو ترديد الكلام في النّوم وفي المرض على غير استقامة.
واللّعان والملاعنة: مصدران لقولك لاعن الرّجل امرأته ولاعنت هي زوجها وتلاعنا تفاعل منه وهو إذا رماها بالزّنا أي قذفها فرافعته إلى القاضي فكلّف الزّوج أن يقول أشهد باللّه أنّي لصادق فيما رميتها به من الزّنا أربعا ويقول في الخامسة لعنة اللّه عليّ إن كنت كاذبا في هذا وكلّف المرأة أن تقول أشهد باللّه إنّه كاذب فيما رماني به من الزّنا أربعا وتقول في الخامسة غضب اللّه عليّ إن كان صادقا في هذا يسمّى لعانا لما في آخر كلام الرّجل من ذكر اللّعنة ولاعن القاضي بينهما أي كلّفهما ذلك والتعن الزّوجان أيضا كذلك.
وقوله عليه السلام:
"المتلاعنان لا يجتمعان أبدا" أي: لا يجوز بينهما عقد النّكاح.
وقوله وجد مع امرأته رجلا يخبث بها أي يزني.
وفي حديث الملاعنة:
"لو وجدت لكاعا قد تفخّذها رجل ما قدرت على أربعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة العنكبوت: 55.

 

ص -132-     آتي بهم حتّى يفرغ من حاجته" اللّكاع المرأة الحمقاء واللّكع الرّجل الأحمق بضمّ اللّام وفتح الكاف وتفخّذها أي ركب فخذها.
وفيه أيضا:
"فتلكّت المرأة ساعة" أصله تلكّأت بالهمزة أي نكلت والتّليين جائز للتّخفيف ثمّ يسقط الحرف المليّن لاجتماع السّاكنين.
وفيه:
"إن جاءت به أصيهب أريسح حمش السّاقين فهو لهلال بن أميّة الأصيهب" تصغير الأصهب وهو الّذي في رأسه حمرة والأريسح تصغير الأرسح وهو قليل لحم الفخذين وصرفه من حدّ علم وحمش السّاقين دقيقهما.
قال:
"وإن جاءت به خدلّج السّاقين سابغ الأليتين جعدا أورق جماليّا فهو لصاحبه" خدلّج السّاقين بتشديد اللّام ممتلئهما وسابغ الأليتين أي تامّهما ويقال سبغ سبوغا من حدّ دخل والجعد جعد الشّعر وهو نقيض السّبط وقد جعد جعودة فهو جعد من حدّ شرف والأورق هو الّذي لونه لون الرّماد والجماليّ ضخم الأعضاء.
وعن إبراهيم النّخعيّ أنه قال: إذا كذب الملاعن نفسه أي جلعها كاذبة أي أقرّ بكذب نفسه يقال كذّب فلانا وأكذبه أي نسبه إلى الكذب وأكذبه أيضا أي وجده كاذبا.
وقوله: وكان خاطبا من الخطّاب أي له أن يخطبها كما يخطبها غيره.
وعن إبراهيم قال: إذا قال لامرأته يا روسبيج وجب اللّعان وهي معرّبة وأصله روسبيّ وهي بالفارسيّة اسم للزّانية.