طلبة
الطلبة في الاصطلاحات الفقهية ط دار القلم ص -253-
كتاب الإجارات:
المؤاجرة: تمليك منافع مقدّرة بمال والاستئجار
تملّك ذلك وقد آجرته الدّار شهرا بكذا
واستأجرها هو منّي بكذا وأجرته إجارة من حدّ
دخل أي جعلت له أجرا ويقال في الدّعاء أجرك
اللّه على مصيبتك بغير مدّ.
وروي عن النّبيّ عليه السلام أنّه قال:
"لا يستام الرّجل على سوم أخيه"
أي لا يطلب الرّجل شراء شيء قد طلب أخوه شراءه
من صاحبه وهذا إذا تراضيا به على ثمن أمّا قبل
ذلك فهو جائز وهو بيع فيمن يزيد.
وروي أنّ النّبيّ عليه السلام: باع قصعة وحلسا
ببيع من يزيد والقصعة بفتح القاف هي الّتي
تشبع العشرة والصّحفة على نصفها والحلس بساط
يبسط تحت الثّياب في البيوت.
ثمّ قال: "لا ينكح على
خطبة أخيه" بكسر الخاء
أي لا يسأل تزوّج امرأة قد سألها غيره وهذا
إذا تراضيا أيضا على ذلك وقد خطب من حدّ دخل
ثمّ قال ولا تناجشوا هو من النّجش من حدّ دخل
وهو الإثارة وأراد به مدح السّلعة والزّيادة
في ثمنها وهو لا يريد شراءها ليرغّب في
الزّيادة غيره.
ثمّ قال ولا تبايعوا بإلقاء الحجر وكان ذلك من
بيوع أهل الجاهليّة كان البائع والمشتري إذا
تراضيا السّلع أي تداريا فيها ليدخلا في بيعها
وضع المشتري على السّلعة حجرا فكان بيعا
بينهما.
ثمّ قال:
"ومن استأجر
أجيرا فليعلمه أجره" أورد
الحديث هاهنا لأجله
ص -254-
إنّي
رجل أكري إبلي الإكراء الإجارة والاكتراء
الاستئجار والاستكراء والتّكاري كذلك والمكري
المؤاجر والمستأجر أيضا والكراء الأجر.
وروي أنّ رجلا أتى ابن عبّاس فقال: إنّي آجرت
نفسي من قوم وحططت لهم من أجري أفيجزئ عنّي من
حجّتي؟ فقال ابن عبّاس: هذا من الّذين قال
اللّه تعالى:
{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا
فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ}1 يعني أسقطت بعض أجري الّذي وجب عليهم لاشتغالي بأداء أفعال الحجّ
أفيجوز حجّي؟ قال: نعم وهو طلب الفضل في طريق
الحجّ واللّه تعالى نفى الجناح عن ذلك.
وقال شريح رحمه اللّه: إذا استأجر بيتا ثمّ
ألقى مفتاحه في وسط الشّهر فهو بريء من البيت
أي من ضمان البيت يعني له أن يفسخ الإجارة متى
شاء وهذا عنده بعذر وبغير عذر وعندنا إنّما
يجوز عند العذر ومن الأعذار أن يلحقه دين فادح
يقال فدحه الدّين من حدّ صنع أي أثقله.
الأجير المشترك أن يشترك جماعة في أمر رجل بأن
يعمل لكلّ واحد منهم عملا معلوما مقدّرا بأجر
معلوم ويذكر المشترك بطريق النّعت للأجير لا
على وجه الإضافة وأجير الوحد يذكر على وجه
الإضافة وهو من التّوحيد وهو الّذي يتفرّد
بالعمل الواحد والوحد مصدر وأكثر ما يستعمل
فيه أن يقال فعل كذا وحده وهو نصب على المصدر
ويذكر على وجه الإضافة والهاء في ثلاثة مواضع
يقال فلان نسيج وحده وهو مدح بأنّه لا نظير له
وأصله في الثّوب النّفيس الّذي لا ينسج على
منواله غيره وجحيش وحده وعيير وحده تصغير جحش
وهو ولد الأتان وعيير تصغير عير وهو الحمار
الوحشيّ وهما ذمّ أي يهتمّ بأمر نفسه دون غيره
فقولهم أجير الوحد أي عامل التّوحّد يضاف إلى
فعله على معنى أنّه متوحّد في العمل لإنسان.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة البقرة: 198.
ص -255-
وعن
أبي الهيثم قال: ابتعت كاذيا من السّفن فحملت
خابية منها على حمّال فانكسرت الخابية فخاصمته
إلى شريح، فقال الحمّال: زحمنا النّاس في
السّوق فانكسرت فقال شريح: إنّما استأجركم
لتبلّغوها أهلها، فضمّنه إيّاها.
قوله: ابتعت أي اشتريت والكاذي شيء لم يذكر في
شيء من أصول الأدب المشهورة والمشايخ رحمهم
اللّه يفسّرونها على وجوه.
قال شيخنا القاضي الإمام صدر الإسلام أبو
اليسر محمّد بن محمّد بن الحسن البزدويّ رحمه
اللّه: الكاذي السّفينة الصّغيرة، وقال القاضي
الإمام الإسبيجابيّ رحمه اللّه: الكاذي اسم
دهن يحمل من فارس قال ويقال هو الوعاء الّذي
يجعل فيه الدّهن قال ويقال هو اسم السّفن
الّتي يوضع الدّهن فيها.
وقال القاضي الشّهيد السّمرقنديّ رحمه اللّه:
الكاذي رفوف السّفينة وقيل قماشات السّفينة
وقيل القرطالة الّتي يحمل فيها الخزف
وفارسيّتها كواره وقيل الدّهن الّذي يحمل من
ناحية البحر وقيل الوعاء الّذي يحمل فيه
الدّهن وقال الشّيخ أبو محمّد عبد العزيز بن
عليّ البارع الفرغانيّ في كتاب الجامع الكبير
في اللّغة سألني بعض الفقهاء بفرغانة عن
الكاذي فطلبته في عامّة الكتب المصنّفة على
الحروف المقطّعة والدّواوين والنّوادر
المجموعة فوجدت الكاذي على وزن الفاعل لأشياء
وهو من قولهم أكذى الشّيء أي احمرّ والكاذي
البقّم وهو أيضا ضرب من الأدهان معروف وقيل
الكاذي كالجبّ في السّفينة يجعل فيها ما
يحتاجون إليه وقيل الكاذي شبه الأواري في
السّفن ويكون فيها الرّفوف يوضع فيها أمتعة
الخزف والكاذي شجرة بهرمز من عمل كرمان شبه
نخلة ورقها يشبه ورق الصّنوبر ولها طلع كطلع
النّخل إذا طلعت قطعت وألقي في الدّهن وترك
فيه حتّى يختمر فإذا اختمر سمّي دهن الكاذي
ويكون ذلك الدّهن في وعاء لا يقدر أن يشمّه من
ص -256-
غلبة
الحرارة وإذا وضع في بيت عبّق أرجاء البيت وما
في البيت من رائحته والخرّاطون يملّسون ما
يخرطون بخوص نخلة الكاذي لأنّه خوص صلب فيه
متانة ولين بشرة وقال أبو نواس:
أشرب على الورد في نيسان مصطبحا
من خمر
قطريل حمراء كالكاذي
وسئل جماعة من الأدباء
بفارس عن الكاذي فقالوا: نبت من أزاهير
الرّبيع ناصع الحمرة ويكون بشيراز وبتلك
النّواحي وقيل هو اسم يجمع نوعي كرمان وفارس.
ثمّ في الحديث ضمّن الحمّال وعند أبي حنيفة
رحمه اللّه إن انكسر ذلك بمشيه وسقوطه ضمن
لأنّه الأجير المشترك وإن زحمه النّاس فانكسر
من ذلك لم يضمن لأنّه أمانة هلكت عنده بغير
صنعه وعن شريح أنّه كان إذا أتاه حائك بثوب قد
أفسده قال: ردّ عليه مثل غزله وخذ الثّوب وإن
لم ير فسادا قال: شاهدي عدل على شرط لم يوفّك
به، أمّا إذا كان الفساد ظاهرا ضمّنه والثّوب
له.
وبه نقول: إنّ الأجير المشترك يضمن ما جنت يده
وأمّا إذا لم يكن الفساد ظاهرا واختلفا في
الشّرط الّذي شرطا فالقول قول صاحب الثّوب
بغير بيّنة لأنّ الشّرط يستفاد من جهته عندنا
والقول قول العامل عند ابن أبي ليلى رحمه
اللّه لأنّه ينكر الضّمان ، فقول شريح شاهدي
عدل، أي: أقم شاهدي عدل على أنّك شرطت كذا ولم
يوفّك هذا به، خرج على هذا القول ولا نقول به.
وقال عليه السلام: "ثلاثة
أنا خصمهم ومن كنت خصمه خصمته أي غلبته في
الخصومة رجل باع حرّا وأكل ثمنه ورجل استأجر
أجيرا فاستوفى عمله ومنعه أجره ورجل أعطى بي
ثمّ غدر أي أعطى الأمان بي ثمّ غدر فأبطل
الأمان".
وعن النّبيّ عليه السلام: أنّه نهى عن عسب
التّيس، هو إكراؤه من حدّ ضرب وقيل هو ضرابه،
قال زهير:
ص -257-
ولولا عسبه لتركتموه
وشرّ منيحة أير معار
فعلى التّفسير الأوّل هو
استهلاك العين لأنّ ماء الفحل عين والاستئجار
على استهلاك العين باطل وهو أخذ الأجر على
العلوق وهو مجهول وعلى التّفسير الثّاني هو
نهي عن نفس الضّراب وتركه قطع النّسل وهو غير
سديد فلا ينبغي أن يكون النّهي عنه فعلى هذا
فيه إضمار وهو أخذ أجر ضراب الفحل ونهى عن مهر
البغيّ هو أجر الزّانية على الزّنا وقد بغت
المرأة بغاء بكسر الباء ومدّ الآخر إذا زنت
فهي بغيّ بغير الهاء قال اللّه تعالى:
{وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً}1 ونهى عن كسب الحجّام وهو نهي كراهية للدّناءة.
وقال عليه السلام: "من
السّحت" أي الحرام المستأصل
"عسب التّيس وكسب الحجّام"
فأتاه رجل من الأنصار وقال: إنّ لي حجّاما
وناضحا أي بعيرا استقي عليه فأعلف ناضحي من
كسبه قال:
"نعم".
ونهى عن قفيز الطّحّان هو أن يستأجر طحّانا
ليطحن له هذه الحنطة بقفيز من دقيق هذه الحنطة
فلا يجوز لأنّه استأجره على عمل هو فيه شريك.
الثّوب السّفيق والصّفيق خلاف السّخيف من حدّ
شرف وفارسيّته كرباس بخته والسّخيف سست بافته
من حدّ شرف أيضا.
الرّطل بفتح الرّاء والكسر لغة فيه.
وخرز الخفّ هو من حدّ دخل وضرب جميعا وإنعاله
إلصاق النّعل به وخرزه وتبطينه وصل البطانة
به.
والأدم جمع أديم.
البقّم مفتوح الباء مشدّد القاف دار برنيّان
قال في ديوان الأدب هو معرّب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 سورة مريم: 28.
ص -258-
المشورة على وزن المعونة هي الفصيحة والمشورة
بتسكين الشّين وفتح الواو لغة فيها.
والزّاملة البعير الّذي يحمل عليه الطّعام
والمتاع والحمولة بفتح الحاء الإبل والحمر
تحمل عليها الأثقال كانت عليها الأحمال أو لم
تكن والحمولة أيضا الإبل بأثقالها والحمولة
بضمّ الحاء الأحمال بأعيانها والحملان بضمّ
الحاء هو اسم المركب المحمول عليه يقال حمله
الأمير على فرس أي وهبه له واسم الموهوب
حملان.
الدّاعر الخبيث المفسد وصفته الدّعّارة من
قولك دعر العود دعرا فهو دعر من حدّ علم أي
كثر دخانه والدّعّار جمع داعر.
الميزاب بالهمزة والياء لغة.
وكوّارات النّحل بفتح الكاف وتشديد الواو
وبكسر الكاف وتخفيف الواو المواضع الّتي تعسل
فيها.
والبئر المطويّة هي المتمّمة بالحجارة أو
الآجرّات والنّقض بضمّ النّون ما انتقض من
البناء من الخشب والآجرّ وسائر الآلات
والمصراعان شقّا باب ويسمّى أحدهما في الكتاب
أخا الآخر.
وكتب ابن سماعة إلى محمّد بن الحسن لم لا يجوز
سكنى دار بسكنى دار؟ فكتب في جوابه أنّك أطلت
الفكرة، ولحقتك الحيرة، وجالست الحنّائيّ
فكانت منك زلّة أما علمت أنّ إجارة سكنى دار
بسكنى دار كبيع قوهيّ بقوهيّ نساء.
الحنّائيّ بكسر الحاء، وتشديد النّون رجل من
أهل الحديث كان يجالسه ابن سماعة فكان ربّما
ينكر عليه خوضه في هذه المسائل الّتي وضعها
أصحابنا رحمهم اللّه، ويقول لم تكن هذه
المسائل في السّلف ، ولا برهان لكم عليها
فيقول محمّد بن الحسن رحمه اللّه: زللت في
مجالستك إيّاه، وتشكيكك نفسك في صحّة مسائلنا
هذه. |