المتواري على
أبواب البخاري (20 -] كتاب الصَّوْم [)
(74 - (1) بَاب اغتسال الصَّائِم)
وبلّ ابْن عمر ثوبا، فَأَلْقَاهُ عَلَيْهِ وَهُوَ صَائِم.
وَدخل الشّعبِيّ الْحمام وَهُوَ صَائِم.
(1/130)
وَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَا بَأْس أَن يتطعم
الْقدر، أَو الشَّيْء. وَقَالَ الْحسن: لَا بَأْس بالمضمضة
والتبرد للصَّائِم. وَقَالَ ابْن مَسْعُود: إِذا كَانَ
يَوْم صَوْم أحدكُم، فليصبح دهيناً مترجلاً. وَقَالَ أنس:
إِن لي أبزن أتقحم فِيهِ، وَأَنا صَائِم. وَقَالَ ابْن
عمر: يستاك أول النَّهَار وَآخره. وَقَالَ ابْن سِيرِين:
لَا بَأْس بِالسِّوَاكِ الرطب. قيل لَهُ: لَهُ طعم. قَالَ:
وَالْمَاء لَهُ طعم، وَأَنت تتمضمض بِهِ. وَلم ير أنس
وَالْحسن وَإِبْرَاهِيم بالكحل بَأْسا.
فِيهِ عَائِشَة وَأم سَلمَة: كَانَ النَّبِي [صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم] يُدْرِكهُ الْفجْر فِي رَمَضَان جنبا من
غير حلم فيغتسل ويصوم.
قلت: رَضِي الله عَنْك! ردّ على من كره اغتسال الصَّائِم،
لِأَنَّهُ إِن كرهه خشيَة وُصُول المَاء حلقه، فالعلة
بَاطِلَة بالمضمضة، وبالسواك، وبذوق الْقدر، وَنَحْو
ذَلِك. وَإِن كرهه للرفاهية، اسْتحبَّ السّلف للصَّائِم
الترفه، والتجمل، وبالترجل والادهان. وأجازوا الْكحل،
وَغير ذَلِك.
فَلذَلِك سَاق هَذِه الْأَفْعَال تَحت تَرْجَمَة
الِاغْتِسَال.
(1/131)
(75 - (2) بَاب الصَّائِم إِذا أكل وَشرب
نَاسِيا)
وَقَالَ عَطاء: إِن استنثر فَدخل المَاء حلقه، فَلَا
بَأْس. وَقَالَ الْحسن: إِن دخل حلقه الذُّبَاب، فَلَا
شَيْء عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحسن وَمُجاهد: إِن جَامع
نَاسِيا، فَلَا شَيْء عَلَيْهِ.
فِيهِ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم] : إِذا نسي فَأكل وَشرب، فليتّم صَوْمه، فَإِنَّمَا
أطْعمهُ الله وسقاه.
قلت: رَضِي الله عَنْك! إِدْخَال المغلوب تَحت تَرْجَمَة
النَّاسِي، لاجتماعهما فِي سُقُوط الِاخْتِيَار وَرفع
الْإِثْم.
(76 - (3) بَاب السِّوَاك الرطب واليابس للصَّائِم)
وَيذكر عَن عَامر بن ربيعَة: رَأَيْت النَّبِي [صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم] يستاك وَهُوَ صَائِم مَا لَا أحصي.
وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: عَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم] لَوْلَا أَن أشق على أمتِي، لأمرتهم
(1/132)
بِالسِّوَاكِ عِنْد كل وضوء. ويروي نَحوه
عَن جَابر، وَزيد بن خَالِد، عَن النَّبِي [صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم] ، وَلم يخص صَائِما من غَيره. وَقَالَت
عَائِشَة: عَن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
السِّوَاك مطهرة للفم، مرضاة للرب.
وَقَالَ، عَطاء وَقَتَادَة: لَا يبتلع رِيقه.
وَفِيه عُثْمَان: إِنَّه تَوَضَّأ فأفرغ على يَدَيْهِ
ثَلَاثًا، ثمَّ تمضمض واستنثر. الحَدِيث.
قلت: رَضِي الله عَنْك! أَخذ البُخَارِيّ شَرْعِيَّة
السِّوَاك للصَّائِم، بِالدَّلِيلِ الْخَاص، وَهُوَ حَدِيث
عَامر. ثمَّ انتزعه من الْأَدِلَّة الْعَامَّة الَّتِي
تتَنَاوَل أَحْوَال متناول السِّوَاك مُطلقًا: صَائِما
ومفطراً، وأحوال عود السِّوَاك من رُطُوبَة ويبس ثمَّ
انتزع ذَلِك من أَعم من السِّوَاك، وَهِي الْمَضْمَضَة،
إِذْ هِيَ أبلغ من السِّوَاك الرطب. وأصل هَذَا الانتزاع
لِابْنِ سِيرِين. قَالَ محتجاً على السِّوَاك: وَالْمَاء
لَهُ طعم.
(77 - (4) بَاب صِيَام الْأَيَّام الْبيض: ثَلَاث عشرَة
وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة.)
فِيهِ أَبُو هُرَيْرَة: أَوْصَانِي رَسُول الله [صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم] بِثَلَاث: صِيَام ثَلَاثَة أَيَّام من كل
شهر، وركعتي الضُّحَى، وَأَن أوتر قبل أَن أَنَام.
(1/133)
قلت: رَضِي الله عَنْك {ترْجم على
الْأَيَّام الْبيض، وَذكر حَدِيثا فِي صَوْم ثَلَاثَة من
كل شهر مُطلقًا. وَقد وَردت أَحَادِيث فِي تَخْصِيص
الْأَيَّام الْبيض، فنبّه بالترجمة على أَن الْأَحْوَط
للمتطوع أَن يخص الثَّلَاث بِهَذِهِ الْأَيَّام الْبيض،
ليجمع بَين مَا صحّ وَمَا نقل فِي الْجُمْلَة، وَإِن لم
يبلغ مرتبَة هَذَا فِي الصِّحَّة.
(78 - (5) بَاب من أَرَادَ أَن يعْتَكف، ثمَّ بدا لَهُ أَن
يخرج)
فِيهِ عَائِشَة: إِن النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
ذكر أَن يعْتَكف الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان،
فاستأذنته عَائِشَة فَأذن لَهَا. وَسَأَلت حَفْصَة
عَائِشَة أَن تستأذن لَهَا. فَفعلت. فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِك
زَيْنَب، أمرت بِبِنَاء فَبنى لَهَا. وَكَانَ رَسُول الله
[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِذا صلى انْصَرف إِلَى
بنائِهِ، فأبصر الْأَبْنِيَة. فَقَالَ: مَا هَذَا؟
فَقَالُوا: بِنَاء عَائِشَة وَحَفْصَة وَزَيْنَب. فَقَالَ
النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] آلبر أردن بِهَذَا؟
مَا أَنا بمعتكف. فَرجع فَلَمَّا أفطر اعْتكف عشرا من
شَوَّال.
قلت: رَضِي الله عَنْك} رفع البُخَارِيّ إِشْكَال الحَدِيث
فِي التَّرْجَمَة، وَنبهَ على أَن النَّبِي [صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم] لم يتْرك الِاعْتِكَاف بعد أَن دخل فِيهِ.
وَإِنَّمَا هّم بِهِ ثمَّ عَارضه معَارض فَتَركه.
وَقَوْلها: " وَكَانَ رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم] إِذا صلى انْصَرف إِلَى الْبناء "، أوّل مَا بنى
لَهُ قبل الِاعْتِكَاف، وَالأَصَح - وَالله أعلم - أَنه
كَانَ يبْنى لَهُ فِي كل عَام خباء، فَيَنْصَرِف من
الصَّلَاة، فيدخله. فقولها: " كَانَ " إِشَارَة إِلَى
عَادَته قبل هَذَا الْعَام. وَالله أعلم.
(1/134)
|