المتواري على
أبواب البخاري (44 - كتاب الْهِبَة)
(228 - (1) بَاب الْهِبَة للْوَلَد)
وَإِذا أعْطى بعض وَلَده شَيْئا لم يجز حَتَّى يعدل
بَينهم، وَيُعْطى الآخرين مِنْهُم مثله. وَلَا يشْهد
عَلَيْهِ. وَقَالَ النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]-
اعدلوا بَين أَوْلَادكُم فِي الْعَطِيَّة. وَهل للوالد أَن
يرجع فِي عطيته؟ وَمَا يَأْكُل من مَال وَلَده
بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يتَعَدَّى؟ وَاشْترى النَّبِي -[صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم]- من عمر بَعِيرًا ثمَّ أعطَاهُ ابْن
عمر. وَقَالَ اصْنَع بِهِ مَا شِئْت.
فِيهِ النُّعْمَان: إِن أَبَاهُ أَتَى النَّبِي -[صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم]- فَقَالَ: إِنِّي نحلت ابْني هَذَا
غُلَاما.
(1/276)
فَقَالَ: أكلّ ولدك نحلت مثله؟ قَالَ: لَا.
[قَالَ:] فأرجعه.
وَقد ذكره البُخَارِيّ فِي كتاب الشَّهَادَات، وَقَالَ
فِيهِ: لَا أشهد على جور.
قلت: رَضِي الله عَنْك {جَمِيع مَا فِي التَّرْجَمَة يظْهر
استخراجه من حَدِيث النُّعْمَان. إِلَّا قَوْله: " وَمَا
يَأْكُل من مَال وَلَده بِالْمَعْرُوفِ وَلَا يتَعَدَّى "
وَوجه مُنَاسبَة هَذِه الزِّيَادَة للْحَدِيث، أَن
الاعتصار انتزاع من ملك الْوَلَد بعد تحَققه،
كأكله من مَاله بِالْمَعْرُوفِ، فَإِنَّهُ انتزاع.
وَكَأَنَّهُ حقق معنى الاعتصار من الحَدِيث وتمكّن الْأَب
مِنْهُ بالوفاق على أَن لَهُ أَن يَأْكُل من مَاله. فَإِذا
انتزع مَا يَأْكُلهُ من مَاله الْأَصْلِيّ، وَلم يتَقَدَّم
لَهُ فِيهِ ملك، فَلِأَن ينتزع مَا وهبه لحقه السَّابِق
فِيهِ أولى.
(229 - (3) بَاب هبة الْمَرْأَة لغير زَوجهَا، وعتقها إِذا
كَانَ لَهَا زوج، فَهُوَ جَائِز إِن لم تكن سَفِيهَة
فَإِذا كَانَت سَفِيهَة فَلم يجز)
قَالَ تَعَالَى: {وَلَا تُؤْتوا السُّفَهَاء أَمْوَالكُم}
[النِّسَاء: 15] .
فِيهِ أَسمَاء: قَالَت يَا رَسُول الله} مَالِي مالّ
إِلَّا مَا أَدخل عَليّ الزبير فأتصدق؟ قَالَ: تصدقي وَلَا
توعى فيوعى الله عَلَيْك وَقَالَ مرّة: انفقي وَلَا تحصي،
فيحصى الله عَلَيْك.
(1/277)
وَفِيه مَيْمُونَة: زوج النَّبِي -[صلى
الله عَلَيْهِ وَسلم]- إِنَّهَا أعتقت وَلم تستأذن
النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- فَلَمَّا كَانَ
يَوْمهَا الَّذِي يَدُور عَلَيْهَا فِيهِ قَالَت: أشعرت
يَا رَسُول الله إِنِّي أعتقت وليدتي. قَالَ: أَو فعلت؟
قَالَت: نعم. قَالَ: أما إِنَّهَا لَو أعطيتهَا أخوالك
كَانَ أعظم لأجرك.
وَفِيه عَائِشَة: أَن سَوْدَة بنت زَمعَة وهبت يَوْمهَا
وليلتها لعَائِشَة زوج النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
تبتغي بذلك رضى النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]-.
قلت: رَضِي الله عَنْك {إِذا وهبت الْمَرْأَة يَوْمهَا
لضّرتها فَقيل: الْهِبَة للزَّوْج وَقيل: للضرّة وَترْجم
البُخَارِيّ على القَوْل الثَّانِي.
(230 - (3) بَاب إِذا وهب جمَاعَة لقوم أَو رجل لجَماعَة
مقسوماً أَو غير مقسوم)
فِيهِ مَرْوَان، والمسور: إِن النَّبِي -[صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم]- حِين جَاءَهُ وَفد هوَازن مُسلمين
فَسَأَلُوهُ أَن يردّ إِلَيْهِم [أَمْوَالهم وسبيتهم
فَقَالَ لَهُم:] إمّا السبى وإمّا المَال. فَاخْتَارُوا
السبى. الحَدِيث.
قلت: رَضِي الله عَنْك} احْتمل عِنْد البُخَارِيّ أَن يكون
الصَّحَابَة وهبوا
(1/278)
الْوَفْد مُبَاشرَة وَالنَّبِيّ -[صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم]- شَفِيع.
وَاحْتمل أَن يَكُونُوا وهبوا النَّبِي -[صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم]- وَهُوَ وهب الْوَفْد. فترجم على
الِاحْتِمَال.
(231 - (4) بَاب من اهدى لَهُ هَدِيَّة وَعِنْده
جُلَسَاؤُهُ فَهُوَ أَحَق. وَيذكر عَن ابْن عَبَّاس أَن
جلساءه شركاؤه وَلم يَصح)
فِيهِ أَبُو هُرَيْرَة أَن النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ
وَسلم]- قَالَ للَّذي جَاءَهُ يتقاضاه: أَعْطوهُ أفضل من
سنّه الحَدِيث.
وَفِيه ابْن عمر: أَنه كَانَ مَعَ النَّبِي -[صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم]- فِي سفر على بكر صَعب لعمر، وَكَانَ
يتَقَدَّم النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- فَقَالَ
أَبوهُ: لَا يتقدّم النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]-
أحد. فَقَالَ لَهُ النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]-
بِعَيْنِه. قَالَ عمر: هُوَ لَك يَا رَسُول الله
{فَاشْتَرَاهُ، فَقَالَ: هُوَ لَك يَا عبد الله: فَاصْنَعْ
بِمَا شِئْت.
قلت: رَضِي الله عَنْك} وَجه مُطَابقَة التَّرْجَمَة
لحَدِيث التقاضي أَنه وهبه
(1/279)
الْفضل بَين السنين، فامتاز بِهِ بَين الْحَاضِرين. |