المتواري على
أبواب البخاري (55 -[كتاب الْفَرَائِض] )
(284 - (1) بَاب تَعْلِيم الْفَرَائِض)
قَالَ عقبَة: تعلمُوا قبل الظانين، يعْنى الَّذين
يَتَكَلَّمُونَ بِالظَّنِّ.
فِيهِ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ النَّبِي -[صلى الله
عَلَيْهِ وَسلم]- إيَّاكُمْ وَالظَّن فَإِن الظَّن أكذب
الحَدِيث.
(1/333)
قلت: رَضِي الله عَنْك {إِنَّمَا خصّ
البُخَارِيّ تَعْلِيم الْفَرَائِض بِأَن أَدخل فِي
تَرْجَمَة بَابه قَوْله: " إيَّاكُمْ وَالظَّن فَإِن
الظَّن أكذب الحَدِيث ". وَإِن كَانَ كل بَاب من الْعلم
يَلِيق إِدْخَال هَذَا الحَدِيث فِي الْحَث على تعلّمه
وَلَكِن بخصوصية الْفَرَائِض أَن الْغَالِب عَلَيْهَا
التعبّد، وإنحسام وُجُوه الرَّأْي والمناسبات فَإِن لم
يفْرض الفارض بنصّ وَقع فِي مختبط الظنون الَّتِي لَا
تنضبط، وَهُوَ الظَّن المنهى عَنهُ، وَلَيْسَ كَذَلِك
غَيره من أَبْوَاب الْعلم، لِأَن للرأى فِيهَا مجالاً،
وللظنّ ضابطاً واستناداً.
(285 - (2) بَاب لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر، وَلَا
الْكَافِر الْمُسلم وَإِذا أسلم قبل أَن يقسم الْمِيرَاث
فَلَا مِيرَاث لَهُ.)
فِيهِ أُسَامَة: إِن النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]-
قَالَ: لَا يَرث الْمُسلم الْكَافِر وَلَا الْكَافِر
الْمُسلم.
قلت: رَضِي الله عَنْك} قَوْله: " إِذا أسلم قبل أَن يقسم
فَلَا مِيرَاث لَهُ "، بِمَعْنى إِذا مَاتَ مُسلم، وَله
أَوْلَاد مُسلمُونَ، وَولد كَافِر فَلم يقسم مِيرَاثه
حَتَّى أسلم الْكَافِر.
وَوجه إِدْخَاله فِي التَّرْجَمَة أَن عُمُوم قَوْله: "
لَا يَرث الْكَافِر الْمُسلم " يتَنَاوَلهُ. وَالَّذِي
يَقُول: يَرث إِذا أسلم قبل الْقِسْمَة، ورّثه فَهُوَ
كَافِر إِذْ الْمِيرَاث إِنَّمَا ينْتَقل حَالَة الْمَوْت،
وَقد كَانَ كَافِرًا.
(1/334)
(286 - (3) بَاب مِيرَاث العَبْد النَّصْرَانِي
وَالْمكَاتب النَّصْرَانِي)
قلت: رَضِي الله عَنْك! أَدخل البُخَارِيّ هَذِه
التَّرْجَمَة، وَلم يدْخل فِيهَا حَدِيثا، وَكَأَنَّهُ
أدرجها تَحت الحَدِيث الْمُتَقَدّم، ليفهم أَن النّظر
فِيهَا مُحْتَمل أَن يُقَال: لَا يَرِثهُ، عملا بِعُمُوم
الحَدِيث. وَأَن يُقَال: يَأْخُذ المَال لِأَن العَبْد
مَال، وَله انتزاع مَاله حيّاً، فَكيف لَا يَأْخُذهُ
ميّتاً؟ .
هَذَا إِن قُلْنَا: إِن يملك. وَإِن قُلْنَا: لَا يملك
العَبْد البتّة فَأولى. |