المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

5 - كِتَابُ التَّيَمُّمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
التَّيَمُّمِ, وَقَوْلُه عَزَّ وَجَلَّ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} الآية.

[180]- (5164) خ نَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا أَبُوأُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا اسْتَعَارَتْ مِنْ أَسْمَاءَ قِلاَدَةً فَهَلَكَتْ.
حَ، (336) نَا زَكَرِيَّاءُ بْنُ يَحْيَى، نَا عَبْدُ الله بْنُ نُمَيْرٍ، نَا هِشَامُ، وَ (4608) نَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ: أَنَّ عَبْدَالرَّحْمَنِ.
حَ، وَ (334) نَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ، وَ (4607) إِسْمَاعِيلُ، وَ (3672) قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، نَا مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي.
- قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَنَحْنُ دَاخِلُونَ الْمَدِينَةَ، فَأَنَاخَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَزَلَ فَثَنَى (1) رَأْسَهُ فِي حَجْرِي رَاقِدًا -.
فَأَقَامَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ.
فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أبِي بَكْرٍ، فَقَالَوا: أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ بنَا عَائِشَةُ، أَقَامَتْ بِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ،
_________
(1) هذا الحرف في الأصل مهمل غير واضح، صورته أقرب إلى: بينَا.

(1/292)


فَجَاءَ أَبُوبَكْرٍ وَرَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي، قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ, - قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: فِي قِلاَدَةٍ - , قَالَ مَالِكٌ: وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُوبَكْرٍ، وَقَالَ مَا شَاءَ الله أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: ولَكَزَنِي لَكْزَةً شَدِيدَةً, فَبِي الْمَوْتُ.
قَالَ مَالِكٌ: فَما يَمْنَعُنِي مِنْ التَّحَرُّكِ إِلاَ مَكَانُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَقَدْ أَوْجَعَنِي.
قَالَ مَالِكٌ: فَنامَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِتى أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ (1).
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وقد حَضَرَتْ الصُّبْحُ والْتُمِسَ الْمَاءُ فَلَمْ يُوجَدْ.
قَالَ هِشَامٌ: فَأَرْسَلَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي طَلَبِهَا، فَأَدْرَكَتْهُمْ الصَّلاَةُ، فَصَلَّوْا بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَلَمَّا أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ.
قَالَ مَالِكٌ: فَتَيَمَّمُوا.
فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أبِي بَكْرٍ.
زَادَ هِشَامٌ: جَزَاكِ الله خَيْرًا، فَوَالله مَا نَزَلَ بِكِ أَمْرٌ قَطُّ - زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ: تَكْرَهِينَهُ - إِلاَ جَعَلَ الله عز وجل لَكِ مِنْهُ مَخْرَجًا، وَجَعَلَ لِلْمُسْلِمِينَ فِيهِ بَرَكَةً، وقَالَ ابْنُ نُمَيْرٍ: خَيْرًا.
_________
(1) كذا في الأصل، وفي الصحيح: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح .. ، والمثبت من الأصل موافق لما في الموطأ ح110.

(1/293)


وقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: لَقَدْ بَارَكَ الله لِلنَّاسِ فِيكُمْ, مَا أَنْتُمْ إِلاَ بَرَكَةٌ لَهُمْ.
فقَالَتْ عائشة: فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ فوجدنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ.
وَخَرَّجَهُ في: النّكَاحِ باب طَعْنِ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ في الخَاصِرَةِ عِندَ العِتَابِ (5250)، وفي الحدُودِ باب مَنْ أدَّبَ أهْلَهُ أوْ غَيْرَهُمْ دُونَ السُّلطَانِ (6844)، وفي تفسيرِ سُورةِ النِّساءِ باب قَوْلِهِ {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ} الآية (4583)، وفي سورةِ المائِدَةِ {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} (4607)، وفِي بَابِ استعارَةِ الثّيابِ لِلعَروسِ وَغَيْرِهَا (5164)، وفي مَناقِبِ أَبِي بَكْرٍ (3672)، وَخَرَّجَهُ في: بابِ إذَا لَم يَجِد مَاءً وَلا تُرَابًا (336)، واسْتِعَارَةِ القَلائِدِ (5882)، وفي فَضْلِ عَائِشَة (3773).

بَاب التَّيَمُّمِ فِي الْحَضَرِ إِذَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَخَافَ فَوْتَ الصَّلاَةِ
قَالَ البُخَارِيُّ: وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَقَالَ الْحَسَنُ فِي الْمَرِيضِ عِنْدَهُ الْمَاءُ فلاَ يَجِدُ مَنْ يُنَاوِلُهُ: تَيَمَّمْ، وَأَقْبَلَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ أَرْضِهِ بِالْجُرُفِ فَحَضَرَتْ الْعَصْرُ بِمَرْبَدِ النَّعَمِ، فَصَلَّى ثُمَّ دَخَلَ الْمَدِينَةَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ فَلَمْ يُعِد.

[181]- (337) قَالَ البُخَارِيُّ: نَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: نَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ الأَعْرَجِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَيْرًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَقْبَلْتُ أَنَا وَعَبْدُ الله بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أبِي جُهَيْمِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِيِّ، فَقَالَ أَبُوالْجُهَيْمِ: أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ، فَلَقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلاَمُ.

(1/294)


بَاب التَّيَمُّمُ لِلْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ
[182]- (339) خ نَا حَجَّاجٌ، و (339) آدَمُ - لَفْظُهُ - نَا شُعْبَةُ، خَ: وقَالَ النَّضْرُ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ الْحَكَمِ، سَمِعْتُ ذَرًّا، عَنْ سعيد بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ.
قَالَ آدَمُ فِيهِ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبْ الْمَاءَ، فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: أَمَا تَذْكُرُ أَنَا كُنَا فِي سَفَرٍ أَنَا وَأَنْتَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا»، وَضَرَبَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأَرْضَ.
قَالَ حَجَّاجٌ: وَضَرَبَ شُعْبَةُ بِيَدَيْهِ الأَرْضَ.
قَالَ آدَمُ: وَنَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ.
تَابَعَهُ ابْنُ بَشَّارٍ (343) , وَابْنُ كَثِيرٍ (341) فِي: الْكَفَّيْنِ.
وَخَرَّجَهُ في: باب هَلْ يَنْفُخُ فِيهِمَا (338)، وفِي بَابِ إذَا خَافَ الجنُبُ عَلَى نَفْسِه الموْتَ أوْ المرَض (346)، وفِي بَابِ التَّيمُم ضَربة (347).

بَاب إِذَا خَافَ الْجُنُبُ عَلَى نَفْسِهِ الْمَرَضَ أَوْ الْمَوْتَ
أَوْ خَافَ الْعَطَشَ فتَيَمَّمَ.

(1/295)


قَالَ البُخَارِيُّ: وَيُذْكَرُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ (1) أَجْنَبَ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ (2) فَتَيَمَّمَ، وَتَلاَ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} , فَذَكَرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْ.

[183]- (347) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ، قَالَ: نَا أَبُومُعَاوِيَةَ، عَنْ الأَعْمَشِ، ونَا (346) عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: نَا الأَعْمَشُ، سَمِعْتُ شَقِيقَ بْنَ سَلَمَةَ، قَالَ: كُنْتُ عند عَبْدِ الله وَأَبِي مُوسَى، فَقَالَ لَهُ أَبُومُوسَى: أَرَأَيْتَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِذَا أَجْنَبَ فَلَمْ يَجِدْ المَاء، قَالَ أَبُومُعَاوِيَةَ: شَهْرًا، (قَالَ حَفْصٌ) (3): كَيْفَ يَصْنَعُ؟، فَقَالَ عَبْدُ الله: لاَ يُصَلِّي حَتَّى يَجِدَ الْمَاءَ.
فَقَالَ أَبُومُوسَى: أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَ عَمَّارٍ لِعُمَرَ: بَعَثَنِي رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَاجَةٍ، فَلَمْ أَجِد الْمَاءَ، فَأَجْنَبْتُ، فَتَمَرَّغْتُ فِي الصَّعِيدِ كَمَا تَمَرَّغُ الدَّابَّةُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ أَنْ تَصْنَعَ هَكَذَا»، وضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهِا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ, وَظَهْرَ شِمَالِهِ بِكَفِّهِ، ثُمَّ مَسَحَ بِهَا وَجْهَهُ.
قَالَ يَعْلَى عَنْ الأَعْمَشِ: وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ وَاحِدَةً.
فَقَالَ عَبْدُ الله: أَفَلَمْ تَرَ عُمَرَ لَمْ يَقْنَعْ بِقَوْلِ عَمَّارٍ.
فَقَالَ أَبُومُوسَى: فَدَعْنَا مِنْ قَوْلِ عَمَّارٍ، كَيْفَ تَصْنَعُ بِهَذِهِ الْآيَةِ - قَالَ ابنُ سَلاَمٍ: فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ - {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}.
_________
(1) في الأصل: ابن الخطاب أو ابن العاص إلا أنه ضرب على الخطاب.
(2) هكذا في الأصل، وفي الصحيح: باردة.
(3) في الأصل: قَالَ أَبُومعاوية، وهو سبق قلم من الناسخ، فإنه من كلام حفص، ولو كان لأبي معاوية ما احتاج أن يعيد قَالَ أَبُومعاوية.

(1/296)


قَالَ حَفْصٌ: فَمَا دَرَى عَبْدُ الله مَا يَقُولُ.
فَقَالَ عَبْدُ الله: لَوْ أرْخصَ لَهُمْ فِي هَذَا لأَوْشَكُوا إِذَا بَرَدَ عَلَيْهِمْ الْمَاءُ أَنْ يَتَيَمَّمُوا بالصَّعِيدَ.
قُلْتُ (1): وَإِنَّمَا كَرِهْتُمْ هَذَا لِهذَا، قَالَ: نَعَمْ.
خرجه فِي بَابِ التّيمُم ضَرْبة (347).
تَمَّ كِتَابُ الوُضُوءِ وَالتَّيَمُّم.
_________
(1) القائل هو الأَعْمَش لشقيق.

(1/297)