المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

19 - كِتَاب فَرْضِ الْخُمُسِ
[1113]- (3091) نَا عَبْدَانُ, نَا عَبْدُ الله, نَا يُونُسُ, عَنْ الزُّهْرِيِّ، حَ وَ (2375) نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى, نَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ, أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ, حَ, (4003) نَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ, نَا عَنْبَسَةُ, نَا يُونُسُ, عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ: أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عَلِيًّا قَالَ: كَانَتْ لِي شَارِفٌ مِنْ نَصِيبِي مِنْ الْمَغْنَمِ يَوْمَ بَدْرٍ, وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْطَانِي, زَادَ عبد الله: شَارِفًا, مِمَّا أَفَاءَ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ مِنْ الْخُمُسِ يَوْمَئِذٍ, فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَبْتَنِيَ بِفَاطِمَةَ بِنْتِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعَدْتُ رَجُلًا صَوَّاغًا من بَنِي قَيْنُقَاعَ أَنْ يَرْتَحِلَ مَعِي فَيَأْتِيَ بِإِذْخِرٍ فَأَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَهُ مِنْ الصَّوَّاغِينَ فَنَسْتَعِينَ بِهِ فِي وَلِيمَةِ عُرْسِي, فَبَيْنَا أَنَا أَجْمَعُ لِشَارِفَيَّ مِنْ الأَقْتَابِ وَالْغَرَائِرِ وَالْحِبَالِ وَشَارِفَايَ مُنَاخَانِ إِلَى جَنْبِ حُجْرَةِ رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ, زَادَ عَبْدُاللهِ: رَجَعْتُ حِينَ جَمَعْتُ مَا جَمَعْتُ, فَإِذَا أَنَا بِشَارِفَيَّ قَدْ أُجِبَّتْ أَسْنِمَتُهُمَا وَبُقِرَتْ خَوَاصِرُهُمَا وَأُخِذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا, فَلَمْ أَمْلِكْ عَيْنَيَّ حِينَ رَأَيْتُ الْمَنْظَرَ, قُلْتُ: مَنْ فَعَلَ هَذَا؟ قَالَوا: فَعَلَهُ حَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ, وَهُوَ فِي هَذَا الْبَيْتِ فِي شَرْبٍ مِنْ الأَنْصَارِ, عِنْدَهُ قَيْنَةٌ وَأَصْحَابُهُ, فَقَالَتْ فِي غِنَائِهَا: أَلاَ يَا حَمْزُ لِلشُّرُفِ النِّوَاءِ، فَوَثَبَ حَمْزَةُ إِلَى السَّيْفِ فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا, وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا, وَأَخَذَ مِنْ أَكْبَادِهِمَا, قَالَ عَلِيٌّ: فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ, فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي لَقِيتُ, زَادَ عَبْدُاللهِ: فِي وَجْهِي, قَالَ عَنْبَسَةُ: فَقَالَ: «مَا لَكَ؟» قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله, مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ, عَدَا حَمْزَةُ عَلَى نَاقَتَيَّ فَاجْتَبَّ أَسْنِمَتَهُمَا, وَبَقَرَ خَوَاصِرَهُمَا, وَهَا هُوَ ذَا فِي بَيْتٍ مَعَهُ شَرْبٌ, فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرِدَائِهِ فَارْتَدَى, ثُمَّ انْطَلَقَ

(2/336)


يَمْشِي, وَاتَّبَعْتُهُ أَنَا وَزَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ, حَتَّى جَاءَ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ حَمْزَةُ, فَاسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ فَأُذِنَ لَهُ, فَطَفِقَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلُومُ حَمْزَةَ فِيمَا فَعَلَ, فَإِذَا حَمْزَةُ ثَمِلٌ مُحْمَرَّةٌ عَيْنَاهُ, فَنَظَرَ حَمْزَةُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ, فَنَظَرَ إِلَى رُكْبَتِهِ, ثُمَّ صَعَّدَ النَّظَرَ فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِهِ, ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: وَهَلْ أَنْتُمْ إِلاَ عَبِيدٌ لِأَبِي, فَعَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ثَمِلٌ, فَنَكَصَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عَقِبَيْهِ الْقَهْقَرَى, فَخَرَجَ وَخَرَجْنَا مَعَهُ.
زَادَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَذَلِكَ قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ.
وَخَرّجَهُ فِي: بَاب الأردية من كتاب اللباس (5793) , وفِي بَابِ غزوة بدر (4003) وفِي بَابِ مَا قِيلَ فِي الصَّوَّاغِ (2089) , وفِي بَابِ بيع الحطب والكلأ (2375).

[1114]- (3092) خ وَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الله, نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ, عَنْ صَالِحِ بنِ كَيْسَانَ, ح, وَ (6726) نَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ, نَا هِشَامٌ, أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, عَنْ عُرْوَةَ, عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ فَاطِمَةَ وَالْعَبَّاسَ أَتَيَا أَبَا بَكْرٍ يَلْتَمِسَانِ مِيرَاثَهُمَا مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَهُمَا حِينَئِذٍ يَطْلُبَانِ أَرْضَيْهِمَا مِنْ فَدَكَ وخَيْبَرَ.
زَادَ صَالِحٌ: وَصَدَقَتَهُ بِالْمَدِينَةِ فَأَبَى أَبُوبَكْرٍ ذَلِكَ.
قَالَ مَعْمَرٌ: وَقَالَ لَهُمَا: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ, إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْمَالِ».
وَالله لاَ أَدَعُ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ فِيهِ إِلاَ صَنَعْتُهُ.
زَادَ صَالِحٌ: فَإِنِّي أَخْشَى إِنْ تَرَكْتُ شَيْئًا مِنْ أَمْرِهِ أَنْ أَزِيغَ.
قَالَ: فَغَضِبَتْ فَاطِمَةُ فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَةً لَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ.

(2/337)


زَادَ مَعْمَرٌ: فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى مَاتَتْ.

[1115]- (4241) زَادَ عُقَيْلٌ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: وَعَاشَتْ بَعْدَ النبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ، قَالَ عُقَيْلٌ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ: فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلًا, وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ, وَصَلَّى عَلَيْهَا, وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنْ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ, فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ, فَالْتَمَسَ مَصْلَحَةَ أبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ, وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ, فَأَرْسَلَ إِلَى أبِي بَكْرٍ: أَنْ ائْتِنَا وَلاَ يَأْتِينَا (1) أَحَدٌ مَعَكَ, كَرَاهِيَةً أنْ يَحْضُرَ عُمَرُ، فَقَالَ عُمَرُ: لاَ وَالله لاَ تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ, فَقَالَ أَبُوبَكْرٍ: وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي, وَالله لآتِيَنَّهُمْ, فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُوبَكْرٍ, فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَقَالَ: إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ وَمَا أَعْطَاكَ الله, وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْكَ, وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ, وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصِيبًا, حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أبِي بَكْرٍ, فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُوبَكْرٍ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, لَقَرَابَةُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي, وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ, فَإني لَمْ آلُ فِيهَا عَنْ الْخَيْرِ, وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلاَ صَنَعْتُهُ, فَقَالَ عَلِيٌّ لِأَبِي بَكْرٍ: مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةَ لِلْبَيْعَةِ, فَلَمَّا صَلَّى أَبُوبَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ وَتَخَلُّفَهُ عَنْ الْبَيْعَةِ وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ, ثُمَّ اسْتَغْفَرَ, وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ حَقَّ أبِي بَكْرٍ وَحَدَّثَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أبِي بَكْرٍ وَلاَ إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ الله بِهِ, وَلَكِنَّا كنا نَرَى فِي هَذَا الأَمْرِ نَصِيبًا فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا فَوَجَدْنَا فِي
_________
(1) هكذا فِي الأَصْلِ، وفي الصحيح: يَأْتِنَا.

(2/338)


أَنْفُسِنَا, فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ, فَقَالَ: أَصَبْتَ, وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ الْمَعْرُوفَ.
وَخَرّجَهُ فِي: باب قول النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا نُورث مَا تَرَكْنَا صَدَقة (6726) , وباب غزوة بني النضير (4035) , وباب غزوة خيبر (4241).

[1116]- (4033) خ نَا أَبُوالْيَمَانِ, نَا شُعَيْبٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ.
وَ (6728) نَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، وَ (5358) ابْنُ عُفَيْرٍ، وَ (7305) عَبْدُاللهِ بْنُ يُوسُفَ, عَنْ اللَّيْثِ, عَنْ عُقَيْلٍ, حَ, و (2904) نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, عن سُفْيَانَ, عَنْ عَمْرٍو, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, وَ (3094) نَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ, نَا مَالِكٌ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ, قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ فِي أَهْلِي حِينَ مَتَعَ النَّهَارُ إِذَا رَسُولُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يَأْتِينِي, فَقَالَ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ, فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ, فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى رِمَالِ سَرِيرٍ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِرَاشٌ, مُتَّكِئٌ عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ, فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسْتُ, فَقَالَ: يَا مَالِ, إِنَّهُ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ قَوْمِكَ أَبْيَاتٌ، وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ, فَاقْبِضْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ, فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ أَمَرْتَ بِهِ غَيْرِي, قَالَ: اقْبِضْهُ أَيُّهَا الْمَرْءُ, فَبَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَهُ إذْ جَاءَهُ حَاجِبُهُ يَرْفَأُ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ بنِ عفَّانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ, قَالَ: نَعَمْ فَأَذِنَ لَهُمْ, فَدَخَلُوا وَسَلَّمُوا وَجَلَسُوا, ثُمَّ جَلَسَ يَرْفَأُ يَسِيرًا, ثُمَّ قَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ, قَالَ: نَعَمْ, فَأَذِنَ لَهُمَا, فَدَخَلاَ فَسَلَّمَا فَجَلَسَا.

(2/339)


قَالَ ابْنُ يُوسُفَ: قَالَ الْعَبَّاسُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هذا الظَّالِمِ، قَالَ شُعَيْبٌ: وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ فِي الَّتي أَفَاءَ الله عَلَى رَسُولِهِ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ, فَاسْتَبَّ عَلِيٌّ وَعَبَّاسٌ.
فَقَالَ الرَّهْطُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنَهُمَا وَأَرِحْ أَحَدَهُمَا مِنْ الْآخَرِ, فقَالَ عُمَرُ: اتَّئِدُوا, آلله (1) الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ, هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» يُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْسَهُ؟ قَالَوا: قَدْ قَالَ ذَلِكَ, فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِالله هَلْ تَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ, قَالاَ: نَعَمْ.
قَالَ مَالِكٌ بن أوس: قَالَ عُمَرُ: فَإِنِّي أُحَدِّثُكُمْ عَنْ هَذَا الأَمْرِ, إِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ قد خَصَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ لَمْ يُعْطِهِ أَحَدًا غَيْرَهُ, ثم قَرَأَ: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ} إلَى قَوْلِهِ {قَدِيرٌ} فَكَانَتْ هَذِهِ خَالِصَةً لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَوَالله مَا احْتَازَهَا دُونَكُمْ, وَلاَ اسْتَأْثَرَ بِهَا عَلَيْكُمْ, قَدْ أَعْطَاكُمُوهَا وَبَثَّهَا فِيكُمْ حَتَّى بَقِيَ مِنْهَا (2) الْمَالُ, فَكَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةَ سَنَتِهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ, ثُمَّ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ فَيَجْعَلُهُ مَجْعَلَ مَالِ الله عَزَّ وَجَلَّ.
زَادَ سُفْيَانُ عَنْهُ: فِي السِّلاَحِ وَالْكُرَاعِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ الله.
_________
(1) كذا في النسخة، وفي الصحيح من الطرق المذكورة: أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ.
(2) في الصحيح زيادة: هَذَا.

(2/340)


قَالَ مَالِكٌ: فَعَمِلَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ حَيَاتَهُ, أَنْشُدُكُمْ بِالله هَلْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ؟ قَالَوا: نَعَمْ, ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ: أَنْشُدُكُمَا بِالله هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟ قَالَ الليث: قَالاَ: نَعَمْ.
قَالَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ: قَالَ عُمَرُ: ثُمَّ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ أَبُوبَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَبَضَهَا أَبُوبَكْرٍ, فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ ابْنُ يُوسُفَ عَنْ اللَّيْثِ: وَأَنْتُمَا حِينَئِذٍ, وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ, تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ فِيهَا كَذَا, وَالله يَعْلَمُ أَنَّهُ فِيهَا صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ.
ثُمَّ تَوَفَّى الله عَزَّ وَجَلَّ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبِي بَكْرٍ, فَقَبَضْتُهَا سَنَتَيْنِ.
قَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ: مِنْ إِمَارَتِي, أَعْمَلُ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُوبَكْرٍ, فَالله يَعْلَمُ إِنِّي فِيهَا لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ, ثُمَّ جِئْتُمَانِي تُكَلِّمَانِي وَكَلِمَتُكُمَا وَاحِدَةٌ, وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ, جِئْتَنِي يَا عَبَّاسُ تَسْأَلُنِي نَصِيبَكَ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ, وَجَاءَنِي هَذَا - يُرِيدُ عَلِيًّا - يُرِيدُ نَصِيبَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا, فَقُلْتُ لَكُمَا: إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ»، فَلَمَّا بَدَا لِي أَنْ أَدْفَعَهُ إِلَيْكُمَا, قُلْتُ: إِنْ شِئْتُمَا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ الله وَمِيثَاقَهُ لَتَعْمَلاَنِ فِيهَا بِمَا عَمِلَ فِيهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا عَمِلَ فِيهَا أَبُوبَكْرٍ وَبِمَا عَمِلْتُ فِيهَا مُنْذُ وَلِيتُهَا, فَقُلْتُمَا: ادْفَعْهَا إِلَيْنَا بِذَلِكَ, قَالَ ابْنُ يُوسُفَ: فَدَفَعْتُهَا بِذَلِكَ, أَنْشُدُكُمْ بِالله, هَلْ دَفَعْتُهَا إِلَيْهِمَا بِذَلِكَ؟ قَالَ الرَّهْطُ: نَعَمْ, فَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ, فَقَالَ: أَنْشُدُكُمَا بِالله, هَلْ دَفَعْتُهَا, قَالَ مَالِكٌ: إِلَيْكُمَا بِذَلِكَ؟ قَالاَ: نَعَمْ,

(2/341)


قَالَ: فَتَلْتَمِسَانِ قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ, فَوَالله الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ لاَ أَقْضِي فِيهَا قَضَاءً غَيْرَ ذَلِكَ.
زَادَ ابنُ بُكَيْرٍ: حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ.
فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَادْفَعَاهَا إِلَيَّ أَكْفِيكُمَاهَا.

[1117]- (6730) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ عُرْوَةَ, عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرَدْنَ أَنْ يَبْعَثْنَ عُثْمَانَ إِلَى أبِي بَكْرٍ يَسْأَلْنَهُ مِيرَاثَهُنَّ, فَقَالَتْ عَائِشَةُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ».
فَانْتَهَى أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا أَخْبَرَتْهُنَّ.

[1118]- (4033) قَالَ: وكَانَتْ هَذِهِ الصَّدَقَةُ بِيَدِ عَلِيٍّ, مَنَعَهَا عَلِيٌّ عَبَّاسًا فَغَلَبَهُ عَلَيْهَا, ثُمَّ كَانَ بِيَدِ حَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ, ثُمَّ بِيَدِ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ, ثُمَّ بِيَدِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ وَحُسَينِ بْنِ حَسَنٍ (1) , كِلاَهُمَا كَانَا يَتَدَاوَلاَنِهَا, ثُمَّ بِيَدِ زَيْدِ بْنِ حُسَيْنٍ (2) , وَهِيَ صَدَقَةُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا.
وَخَرّجَهُ فِي: بَاب بَنِي النَّضِيرِ (4033) , وبَاب قَوْلِه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ» (6728) , وبَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ التَّعَمُّقِ وَالتَّنَازُعِ وَالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ (7305) , وفِي بَابِ حَبْسِ الرَّجُلِ قُوتَ سَنَتِهِ عَلَى أَهْلِهِ وَكَيْفَ نَفَقَاتُ الْعِيَالِ (5358) , وفِي بَابِ قَوْله عَزَّ وَجَلَّ {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ}
_________
(1) كذا، وفي الصحيح: وَحَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، وهو الصحيح.
(2) كذا، وفي الصحيح: زَيْدِ بْنِ حَسَنٍ، وهو الصحيح، ولا أدري أهو تصحيف من الناسخ في الموضعين، أم أنه هكذا في رواية أبِي زيد، ولم يذكر القاضي ولا الجياني ولا ابن حجر في هذين الحرفين شيئا.

(2/342)


(4885) , وبَاب الْمِجَنِّ (2904) , وباب غزوة خيبر (4240) , وباب مناقب قرابة رسول صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3711).

بَاب نَفَقَةِ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ وَفَاتِهِ
[1119]- (3098) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ أبِي شَيْبَةَ, نَا أَبُوأُسَامَةَ, نَا هِشَامٌ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا فِي بَيْتِي مِنْ شَيْءٍ يَأْكُلُهُ ذُو كَبِدٍ إِلاَ شَطْرُ شَعِيرٍ فِي رَفٍّ لِي, فَأَكَلْتُ مِنْهُ حَتَّى طَالَ عَلَيَّ, فَكِلْتُهُ فَفَنِيَ.
وَخَرّجَهُ فِي: الرّقَائِقِ، بابِ فَضْلَ الفَقْرِ (6451).
بَاب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمَسَاكِينِ
وَإِيثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الصُّفَّةِ وَالأَرَامِلَ حِينَ سَأَلَتْهُ فَاطِمَةُ وَشَكَتْ إِلَيْهِ الطَّحْنَ وَالرَّحَى أَنْ يُخْدِمَهَا مِنْ السَّبْيِ فَوَكَلَهَا إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ

[1120]- (5362) نَا الْحُمَيْدِيُّ, نَا سُفْيَانُ, نَا عُبَيْدُ الله بْنُ أبِي يَزِيدَ, سَمِعَ مُجَاهِدًا, سَمِعْتُ ابْنَ أبِي لَيْلَى.
وَ (3113) نَا بَدَلُ بْنُ الْمُحَبَّرِ, نَا شُعْبَةُ، و (5361) نَا مُسَدَّدٌ, نَا يَحْيَى, عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَكَمُ, عَنْ ابْنِ أبِي لَيْلَى قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيٌّ: أَنَّ فَاطِمَةَ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشْكُو إِلَيْهِ مَا تَلْقَى فِي يَدِهَا مِنْ ألم الرَّحَى.
زَادَ بَدَلٌ: مِمَّا تَطْحَنُ.
وَبَلَغَهَا أَنَّهُ جَاءَهُ رَقِيقٌ, زَادَ بَدَلٌ: فَأَتَتْهُ تَسْأَلُهُ خَادِمًا, فَلَمْ تُصَادِفْهُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ, فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ عَائِشَةُ.

(2/343)


قَالَ: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا, فَذَهَبْنَا نَقُومُ فَقَالَ: «عَلَى مَكَانِكُمَا» , فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى بَطْنِي, فَقَالَ: «أَلاَ أَدُلُّكُمَا عَلَى خَيْرٍ مِمَّا سَأَلْتُمَا, إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا أَوْ أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا فَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ, وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ, وَكَبِّرَا أَرْبَعًا وَثَلاَثِينَ, فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ».
قَالَ سُفْيَانُ عَنْ عَلِيٍّ: فَمَا تَرَكْتُهَا بَعْدُ, قِيلَ: وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ؟ قَالَ: وَلاَ لَيْلَةَ صِفِّينَ.
وَخَرّجَهُ فِي: بَاب عَمَلِ الْمَرْأَةِ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا (5361) , وفِي بَابِ التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ الْمَنَامِ (6318) , وفِي بَابِ مَنَاقِبِ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ (3705) وبَاب خَادِمِ الْمَرْأَةِ (5362).

بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ»
وقولِ الله عَزَّ وَجَلَّ {وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَذِهِ} فَهِيَ لِلْعَامَّةِ حَتَّى يُبَيِّنَهُ الرَّسُولُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[1121]- (3120) خ نَا أَبُوالْيَمَانِ, أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ, نَا أَبُوالزِّنَادِ, عَنْ الأَعْرَجِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلاَ كِسْرَى بَعْدَهُ, وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلاَ قَيْصَرَ بَعْدَهُ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ الله».
وَخَرّجَهُ فِي: باب الحربِ خُدَعة (3027) , وفِي بَابِ عَلامَات النُّبوّة (3618) , وفِي بَابِ كَيفَ كَانَتْ يَمِينُ النَّبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (6630).

[1122]- (3124) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ, نَا ابْنُ الْمُبَارَكِ, عَنْ مَعْمَرٍ, عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «غَزَا نَبِيٌّ مِنْ الأَنْبِيَاءِ

(2/344)


فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لاَ يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا, وَلاَ أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا لَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا, وَلاَ أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلاَدَهَا, فَغَزَا فَدَنَا مِنْ الْقَرْيَةِ صَلاَةَ الْعَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ, فَقَالَ لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ, اللهمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا, فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ الله عَلَيْهِمْ, فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ, فَجَاءَتْ يَعْنِي نَارًا لِتَأْكُلَهَا فَلَمْ تَطْعَمْهَا, فَقَالَ: إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا, فَلْيُبَايِعْنِي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ, فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ, فَقَالَ: فِيكُمْ الْغُلُولُ, فَلْتُبَايِعْنِي قَبِيلَتُكَ, فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ بِيَدِهِ, فَقَالَ: فِيكُمْ الْغُلُولُ, فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنْ الذَّهَبِ, فَوَضَعُوهَا فَجَاءَتْ النَّارُ فَأَكَلَتْهَا, ثُمَّ أَحَلَّ الله لَنَا الْغَنَائِمَ, رَأَى ضَعْفَنَا وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا».
وَخَرّجَهُ فِي: النكاح باب من أحب البناء قبل الغزو (5157).

بابُ القِسْمَة (لِ) ـمَنْ شَهِدَ الْوَقِيعَةَ (1)
[1123]- (3125) خ نَا صَدَقَةُ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ, (4235) ح نَا سَعِيدُ بْنُ أبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ بن أبِي كثير قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدُ بنُ أسلم, عَنْ أَبِيهِ, أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, لَوْلاَ أَنْ أَتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَيَّانًا (2) لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ
_________
(1) كَذَا في الأَصْلِ، وفي الصحيح: بَاب الْغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ.

قَالَ الحافظُ: هو لَفْظُ أَثَرٍ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ: أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى عَمَّارٍ أَنَّ الْغَنِيمَةَ لِمَنْ شَهِدَ الْوَقْعَةَ أهـ.
(2) كذا ثبت في الرواية، وفي عامة نسخ الصحيح: بَبَّانَا، بموحدتين.
قَالَ الْحَافِظُ: كَذَا لِلأَكْثَرِ بِمُوَحَّدَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ، الثَّانِيَة ثَقِيلَة، وَبَعْد الأَلْف نُون.
قَالَ أَبُوعُبَيْدَة بَعْد أَنْ أَخْرَجَهُ عَنْ اِبْن مَهْدِيٍّ: قَالَ اِبْن مَهْدِيٍّ: يَعْنِي شَيْئًا وَاحِدًا.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَلاَ أَحْسِب هَذِهِ اللَّفْظَةَ عَرَبِيَّة وَلَمْ أَسْمَعهَا فِي غَيْر هَذَا الْحَدِيث.
وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: بَلْ هِيَ لُغَة صَحِيحَة، لَكِنْهَا غَيْر فَاشِيَة فِي لُغَةِ مَعْدٍ، وَقَدْ صَحَّحَهَا صَاحِب الْعَيْن وَقَالَ: ضُوعِفَتْ حُرُوفه، وَقَالَ: الْبَبَّانُ الْمُعْدَمُ الَّذِي لاَ شَيْءَ لَهُ، وَيُقَالَ هُمْ عَلَى بَبَّانٍ وَاحِدٍ أَيْ عَلَى طَرِيقَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَقَالَ اِبْن فَارِس: يُقَالَ هُمْ بَبَّانٌ وَاحِد أَيْ شَيْء وَاحِد، قَالَ الطَّبَرِيُّ: الْبَبَّانُ فِي الْمُعْدِمِ الَّذِي لاَ شَيْءَ لَهُ، فَالْمَعْنَى لَوْلاَ أَنْ أَتْرُكَهُمْ فُقَرَاءَ مُعْدَمِينَ لاَ شَيْءَ لَهُمْ أَيْ مُتَسَاوِينَ فِي الْفَقْرِ.
وَقَالَ أَبُوسَعِيد الضَّرِير فِيمَا تَعَقَّبَهُ عَلَى أبِي عُبَيْد: صَوَابه بَيَانًا بِالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ تَحْتَانِيَّة بَدَل الْمُوَحَّدَة الثَّانِيَة، أَيْ شَيْئًا وَاحِدًا، فَإِنَّهُمْ قَالَوا لِمَنْ لاَ يُعْرَف: هُوَ هِيَان بْن بَيَّان أهـ، وَهَكَذا ثَبتَ في نُسْخَتِنَا، وَاللهُ أَعْلَمُ بالصوابِ.

(2/345)


قَرْيَةٌ إِلاَ قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ, وَلَكِنِّي أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا.
وقَالَ مَالِكٌ: إِلاَ قَسَمْتُهَا بَيْنَ أَهْلِيهَا.
وَخَرّجَهُ فِي: باب غزوة خيبر (4235) (4236) , وفِي بَابِ أوقاف النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأرض الخراج ومزارعتهم ومعاملتهم (2334).

بَاب قِسْمَةِ الْإِمَامِ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ وَيَخْبَأُ لِمَنْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَوْ غَابَ عَنْهُ
[1124]- (2599) خ نَا قُتَيْبَةُ, نَا اللَّيْثُ, عَنْ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ, (حَ, و (3127) نَا عَبْدُ الله بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ, نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أبِي مُلَيْكَةَ) (1): أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُهْدِيَتْ لَهُ أَقْبِيَةٌ مِنْ دِيبَاجٍ مُزَرَّرَةٌ بِالذَّهَبِ فَقَسَمَهَا فِي نَاسٍ مِنْ أَصْحَابِهِ وَعَزَلَ مِنْهَا وَاحِدًا لِمَخْرَمَةَ بْنِ نَوْفَلٍ.
قَالَ قُتَيْبَةُ عَنْ اللَّيْثِ: فَقَالَ مَخْرَمَةُ: يَا بُنَيَّ, انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ, وَقَالَ: ادْخُلْ فَادْعُهُ لِي.
_________
(1) سقط ما بين القوسين على الناسخ من انتقَالَ النظر، وأكملته بما علمت من عادة المهلب من سوق الأسانيد وذكر لفظ الإسناد الآخر.

(2/346)


(5862) قَالَ البُخَارِيُّ: وَقَالَ اللَّيْثُ (1) قَالَ: فَأَعْظَمْتُ ذَلِكَ, وَقُلْتُ: أَدْعُو لَكَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ: يَا بُنَيِّ إِنَّهُ لَيْسَ بِجَبَّارٍ, فَدَعَوْتُهُ.
قَالَ أَيُّوبُ: فَسَمِعَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَهُ فَأَخَذَ قَبَاءً فَتَلَقَّاهُ بِهِ, وَاسْتَقْبَلَهُ بِأَزْرَارِهِ, فَقَالَ: يَا أَبَا الْمِسْوَرِ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ, يَا أَبَا الْمِسْوَرِ خَبَأْتُ هَذَا لَكَ, وَكَانَ فِي خُلُقِهِ شيءٌ.
قَالَ قُتَيْبَةُ: قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ, قَالَ: «رَضِيَ مَخْرَمَةُ».
وَخَرّجَهُ فِي: بَاب الْقَبَاءِ وَفَرُّوجِ حَرِيرٍ (5800) , وبَاب الْمُدَارَاةِ مَعَ النَّاسِ (6132) , وباب شهادة الأعمى (2657) وباب المزرر بالذهب (5862) وبَاب كَيْفَ يُقْبَضُ الْعَبْدُ وَالْمَتَاعُ (2599).

بَاب كَيْفَ قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ وَمَا أَعْطَى مِنْ ذَلِكَ فِي نَوَائِبِهِ
[1125]- (2630) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ, نَا ابْنُ وَهْبٍ, حَدَّثَنِي يُونُسُ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ أَنَسٍ.
حَ (3128) نَا عَبْدُ الله بْنُ أبِي الأَسْوَدِ, نَا مُعْتَمِرٌ, عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ الرَّجُلُ يَجْعَلُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّخَلاَتِ, حَتَّى افْتَتَحَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرَ فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ, وَإِنَّ أَهْلِي أَمَرُونِي أَنْ آتِيَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْأَلَهُ الَّذِي كَانُوا أَعْطَوْهُ أَوْ بَعْضَهُ, وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (قَدْ أَعْطَاهُ) أُمَّ أَيْمَنَ، زَادَ ابْنُ شِهَابٍ: مَوْلاَتَهُ أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ،
_________
(1) هكذا هو في الصحيح معلق، وقد وصله البيهقي في السنن 3/ 273 وأشار إلى رواية البخاري على التعليق، فقَالَ: اخرجه البخاري في الصحيح فقَالَ وقَالَ الليث بن سعد أهـ.

(2/347)


فَجَاءَتْ أُمُّ أَيْمَنَ فَجَعَلَتْ الثَّوْبَ فِي عُنُقِي تَقُولُ: كَلاَ وَالَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَ هُوَ لاَ يُعْطِيكَهُمْ وَقَدْ أَعْطَانِيهَا, أَوْ كَمَا قَالَتْ, وَالنَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَكِ كَذَا وَكذا» , وَتَقُولُ: كَلاَ وَالله, حَتَّى أَعْطَاهَا حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: عَشَرَةَ أَمْثَالِهِ, أَوْ كَمَا قَالَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: مَكَانَهُنَّ مِنْ حَائِطِهِ.
وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ عن أبيه عَنْ يُونُسَ بِهَذَا: مِنْ خَالِصِهِ.
وَخَرّجَهُ فِي: بَاب مَرْجِعِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الأَحْزَابِ وَمَخْرَجِهِ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ (4120) , وفِي بَابِ حَدِيثِ بَني النَّضِيرِ (4030) , وفِي بَابِ فَضْلِ الْمَنِيحَةِ (2630).

بَاب بَرَكَةِ الْغَازِي فِي مَالِهِ حَيًّا وَمَيِّتًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوُلاَةِ الأَمْرِ
[1126]- (3129) خ نَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي أُسَامَةَ: أَحَدَّثَكُمْ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: لَمَّا وَقَفَ الزُّبَيْرُ يَوْمَ الْجَمَلِ دَعَانِي, فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ, فَقَالَ: يَا بُنَيِّ إِنَّهُ لاَ يُقْتَلُ الْيَوْمَ إِلاَ ظَالِمٌ أَوْ مَظْلُومٌ, وَإِنِّي لاَ أُرَانِي إِلاَ سَأُقْتَلُ الْيَوْمَ مَظْلُومًا, وَإِنَّ مِنْ أَكْبَرِ هَمِّي لَدَيْنِي, أَفَتُرَى يُبْقِي مِنْ مَالِنَا شَيْئًا؟ فَقَالَ: يَا بُنَيِّ بِعْ مَالَنَا فَاقْضِ دَيْنِي, وَأَوْصَى بِالثُّلُثِ, وَثُلُثِهِ لِبَنِيهِ يَعْنِي بَنِي عَبْدِ الله بْنِ الزُّبَيْرِ, يَقُولُ: ثُلُثُ الثُّلُثِ, فَإِنْ فَضَلَ مِنْ مَالِنَا شيء بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فَثُلُثُهُ لِوَلَدِكَ.
قَالَ هِشَامٌ: وَكَانَ بَعْضُ وَلَدِ عَبْدِ الله قَدْ وَازَى بَعْضَ بَنِي الزُّبَيْرِ, خُبَيْبٌ وَعَبَّادٌ, وَلَهُ يَوْمَئِذٍ تِسْعَةُ بَنِينَ وَتِسْعُ بَنَاتٍ.

(2/348)


قَالَ عَبْدُ الله: فَجَعَلَ يُوصِينِي بِدَيْنِهِ, وَيَقُولُ: يَا بُنَيِّ, إِنْ عَجَزْتَ عَنْ شَيْءٍ منهُ فَاسْتَعِنْ عَلَيْهِ مَوْلاَيَ, قَالَ: فَوَالله مَا دَرَيْتُ مَا أَرَادَ, حَتَّى قُلْتُ: يَا أَبَةِ مَنْ مَوْلاَكَ؟ قَالَ: الله عَزَّ وَجَلَّ, قَالَ: فَوَالله مَا وَقَعْتُ فِي كُرْبَةٍ مِنْ دَيْنِهِ إِلاَ قُلْتُ: يَا مَوْلَى الزُّبَيْرِ اقْضِ عَنْهُ دَيْنَهُ فَيَقْضِيهِ, فَقُتِلَ الزُّبَيْرُ وَلَمْ يَدَعْ دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا, إِلاَ أَرَضِينَ مِنْهَا الْغَابَةُ, وَأَحَدَ عَشَرَ (1) دَارًا بِالْمَدِينَةِ، وَدَارَيْنِ بِالْبَصْرَةِ, وَدَارًا بِالْكُوفَةِ, وَدَارًا بِمِصْرَ.
قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ دَيْنُهُ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَنَّ الرَّجُلَ يَأْتِيهِ بِالْمَالِ فَيَسْتَوْدِعُهُ إِيَّاهُ, فَيَقُولُ الزُّبَيْرُ: لاَ وَلَكِنَّهُ سَلَفٌ، فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْهِ الضَّيْعَةَ، وَمَا وَلِيَ إِمَارَةً قَطُّ وَلاَ جِبَايَةَ خَرَاجٍ وَلاَ شَيْئًا, إِلاَ أَنْ يَكُونَ فِي غَزْوَةٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ مَعَ أبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ.
قَالَ عَبْدُ الله بْنُ الزُّبَيْرِ: فَحَسَبْتُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَوَجَدْتُهُ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ, قَالَ: فَلَقِيَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ عَبْدَ الله بْنَ الزُّبَيْرِ, فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي, كَمْ عَلَى أَخِي مِنْ الدَّيْنِ؟ فَكَتَمَهُ, وَقَالَ: مِائَةُ أَلْفٍ، فَقَالَ حَكِيمٌ: وَالله مَا أُرَى أَمْوَالَكُمْ تَسَعُ لِهَذِهِ, فَقَالَ عَبْدُ الله: أَفَرَأَيْتَكَ إِنْ كَانَتْ أَلْفَيْ أَلْفٍ وَمِائَتَيْ أَلْفٍ, فقَالَ: مَا أُرَاكُمْ تُطِيقُونَ هَذَا, فَإِنْ عَجَزْتُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ فَاسْتَعِينُوا بِي.
قَالَ: وَكَانَ الزُّبَيْرُ اشْتَرَى الْغَابَةَ بِسَبْعِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ, فَبَاعَهَا عَبْدُ الله بِأَلْفِ أَلْفٍ وَسِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ, ثُمَّ قَامَ فَقَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ حَقٌّ فَلْيُوَافِنَا بِالْغَابَةِ, فَأَتَاهُ عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ, وَكَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ أَرْبَعُ مِائَةِ أَلْفٍ, فَقَالَ لِعَبْدِ الله: إِنْ شِئْتُمْ تَرَكْتُهَا لَكُمْ, قَالَ عَبْدُ الله: لاَ, قَالَ: إِنْ شِئْتُمْ جَعَلْتُمُوهَا فِيمَا تُؤَخِّرُونَ إِنْ
_________
(1) كذا فِي الأَصْلِ، وفي الصحيح: وَإِحْدَى عَشْرَةَ.

(2/349)


أَخَّرْتُمْ, فَقَالَ عَبْدُ الله: لاَ, فَقَالَ: فَاقْطَعُوا لِي قِطْعَةً, فَقَالَ عَبْدُ الله: لَكَ مِنْ هَاهُنَا إِلَى هُنَا, قَالَ: فَبَاعَ مِنْهَا فَقَضَى دَيْنَهُ, فَأَوْفَى, وَبَقِيَ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ, فَقَدِمَ عَلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ وَالْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَعبد الله بْنُ زَمْعَةَ, فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: كَمْ قُوِّمَتْ الْغَابَةُ؟ قَالَ: كُلُّ سَهْمٍ بِمِائَةِ أَلْفٍ, قَالَ: كَمْ بَقِيَ؟ قَالَ: أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ وَنِصْفٌ, قَالَ الْمُنْذِرُ بْنُ الزُّبَيْرِ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ, وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ, وَقَالَ ابْنُ زَمْعَةَ: قَدْ أَخَذْتُ سَهْمًا بِمِائَةِ أَلْفٍ, فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: كَمْ بَقِيَ؟ قَالَ: سَهْمٌ وَنِصْفٌ, قَالَ: أَخَذْتُهُ بِخَمْسِينَ وَمِائَةِ أَلْفٍ.
قَالَ: فَبَاعَ عَبْدُ الله بْنُ جَعْفَرٍ نَصِيبَهُ مِنْ مُعَاوِيَةَ بِسِتِّ مِائَةِ أَلْفٍ, فَلَمَّا فَرَغَ ابْنُ الزُّبَيْرِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ, قَالَ بَنُو الزُّبَيْرِ: اقْسِمْ بَيْنَنَا مِيرَاثَنَا, قَالَ: لاَ وَالله لاَ أَقْسِمُ بَيْنَكُمْ حَتَّى أُنَادِيَ بِالْمَوْسِمِ أَرْبَعَ سِنِينَ, أَلاَ مَنْ كَانَ لَهُ عَلَى الزُّبَيْرِ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا فَلْنَقْضِهِ, قَالَ: فَجَعَلَ كُلَّ سَنَةٍ يُنَادِي بِالْمَوْسِمِ, فَلَمَّا مَضَى أَرْبَعُ سِنِينَ قَسَمَ بَيْنَهُمْ.
قَالَ: وَكَانَ لِلزُّبَيْرِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ, وَرَفَعَ الثُّلُثَ, فَأَصَابَ كُلَّ امْرَأَةٍ أَلْفُ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ, فَجَمِيعُ مَالِهِ خَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفٍ وَمِائَتَا أَلْفٍ.
قَالَ الْمُهَلَّبُ:
هَذَا وَهْمٌ في الْحِسَابِ، وَجَمِيعُ الْمَالِ سَبْعَةٌ وَخَمْسُونَ أَلْفَ أَلْفِ وَسِتُّ مِائَةِ أَلْفٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ (1).
_________
(1) وهو بلغة الأرقام المعاصرة هكذا: (57600000)، (سبعة وخمسون مليوَنَا وستمائة ألف)، وهذه والله هي البركة.

وقد نقل ابن بطال هذا التصحيح، ولم ينسبه لشيخه المهلب، وتصحف عنده (وست مائة ألف) فقَالَ (وتسعمائة ألف) ونقله عن ابن بطال الحافظ ابن حجر، فكأنه لم يطلع على كتاب المهلب، وشرحه فقَالَ: فِي رِوَايَة أبِي نُعَيْم مِنْ طَرِيق أبِي مَسْعُود الرَّاوِي عَنْ أبِي أُسَامَة: أَنَّ مِيرَاث الزُّبَيْر قُسِمَ عَلَى خَمْسِينَ أَلْفِ أَلْفِ وَمِائَتَيْ أَلْفِ وَنَيِّف، زَادَ عَلَى رِوَايَة إِسْحَاق وَنَيِّف، وَفِيهِ نَظَر لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ لِكُلِّ زَوْجَة أَلْف أَلْف وَمِائَتَا أَلْف فَنَصِيب الأَرْبَع أَرْبَعَة آلاَف أَلْف وَثَمَانمِائَةِ أَلْف (1200000×4 = 4800000)، وَهَذَا هُوَ الثَّمَن، وَيَرْتَفِع مَنْ ضَرَبَهُ فِي ثَمَانِيَة (4800000× 8= 38400000)، ثَلاَثُونَ أَلْف أَلْف وَأَرْبَعمِائَةِ أَلْف (بل يرتفع إلى: ثمانية وثَلاَثِينَ أَلْف أَلْف وأربعمائة ألف) وَهَذَا الْقَدْر هُوَ الثُّلُثَانِ، فَإِذَا ضُمَّ إِلَيْهِ الثُّلُث الْمُوصَى بِهِ وَهُوَ قَدْر نِصْف الثُّلُثَيْنِ، وَجُمْلَته تِسْعَة عَشَرَ أَلْف أَلْف وَمِائَتَا أَلْف (19200000) كَانَ جُمْلَة مَالِهِ عَلَى هَذَا: سَبْعَة وَخَمْسِينَ أَلْف أَلْف وَسِتّمِائَةِ أَلْف.
وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ قَدِيمًا اِبْنِ بَطَّال وَلَمْ يُجِبْ عَنْهُ، لَكِنَّهُ وَهَمَ فَقَالَ: وَتِسْعمِائَةِ أَلْف أهـ.
قلت: بل السابق إلى التنبيه على هذا الوهم هو المهلب رحمه الله، ولم يهم فيه، والله أعلم.

(2/350)


بَاب إِذَا بَعَثَ الْإِمَامُ رَسُولًا فِي حَاجَةٍ أَوْ أَمَرَهُ بِالْمُقَامِ عَلَيْهَا هَلْ يُسْهَمُ لَهُ
[1127]- (3698) خ نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نَا أَبُوعَوَانَةَ, نَا عُثْمَانُ هُوَ ابْنُ مَوْهَبٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ حَجَّ الْبَيْتَ, فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا, فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاَءِ الْقَوْمُ؟ فَقَالَوا: هَؤُلاَءِ قُرَيْشٌ, قَالَ: فَمَنْ الشَّيْخُ فِيهِمْ؟ قَالَوا: عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ, قَالَ: يَا ابْنَ عُمَرَ, إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَيْءٍ فَحَدَّثَنِي, هَلْ تَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ, قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ, قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: تَعْلَمُ أَنَّهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا, قَالَ: نَعَمْ, قَالَ: الله أَكْبَرُ, قَالَ ابْنُ عُمَرَ: تَعَالَ أُبَيِّنْ لَكَ, أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ الله تبارك وتعالى عَفَا عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ, وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَكَانَتْ مَرِيضَةً, فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ»، وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ فَلَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ, فَبَعَثَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ, وَكَانَتْ بَيْعَةُ الرِّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ, فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ

(2/351)


الْيُمْنَى: «هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ»، فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ, فَقَالَ: «هَذِهِ لِعُثْمَانَ»، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: اذْهَبْ بِهَا الْآنَ مَعَكَ.
وَخَرّجَهُ فِي: بَاب مَنَاقِبِ عُثْمَانَ (3698) , وفِي بَابِ قوله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} (4066)، وَخَرّجَهُ فِي: مناقب عليٍّ رضي الله عنه مختصرا (3704).

بَابٌ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِنَوَائِبِ الْمُسْلِمِينَ
مَا سَأَلَ هَوَازِنُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَضَاعِهِ فِيهِمْ, فَتَحَلَّلَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ, وَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعِدُ النَّاسَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مِنْ الْفَيْءِ وَالأَنْفَالِ مِنْ الْخُمُسِ, وَمَا أَعْطَى الأَنْصَارَ, وَمَا أَعْطَى جَابِرَ بْنَ عَبْدِ الله من خَيْبَرَ.

[1128]- (4318) خ نَا إِسْحَاقُ, أخبرنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, نَا ابْنُ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ, قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ شِهَابٍ: زَعَمَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ مَرْوَانَ وَالْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَاهُ: أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ حِينَ جَاءَهُ وَفْدُ هَوَازِنَ مُسْلِمِينَ فَسَأَلُوهُ أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَسَبْيَهُمْ, فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَعِي مَنْ تَرَوْنَ, وَأَحَبُّ الْحَدِيثِ إِلَيَّ أَصْدَقُهُ, فَاخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ, إِمَّا السَّبْيَ وَإِمَّا الْمَالَ, وَقَدْ كُنْتُ اسْتَأْنَيْتُ بِكُمْ»، وَكَانَ أَنْظَرَهُمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حِينَ قَفَلَ مِنْ الطَّائِفِ, فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ رَادٍّ إِلَيْهِمْ إِلاَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ, قَالَوا: فَإِنَّا نَخْتَارُ سَبْيَنَا, فَقَامَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُسْلِمِينَ, فَأَثْنَى عَلَى الله بِمَا هُوَ أَهْلُهُ, ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ, فَإِنَّ إِخْوَانَكُمْ قَدْ جَاءُوَنَا تَائِبِينَ, وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنْ أَرُدَّ إِلَيْهِمْ سَبْيَهُمْ, فَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُطَيِّبَ ذَلِكَ فَلْيَفْعَلْ, (وَمَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ عَلَى

(2/352)


حَظِّهِ حَتَّى نُعْطِيَهُ إِيَّاهُ مِنْ أَوَّلِ مَا يُفِيءُ الله عَلَيْنَا فَلْيَفْعَلْ) (1)» , فَقَالَ النَّاسُ: قَدْ طَيَّبْنَا ذَلِكَ يَا رَسُولَ الله, فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا لاَ نَدْرِي مَنْ أَذِنَ مِنْكُمْ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ لَمْ يَأْذَنْ, فَارْجِعُوا حَتَّى يَرْفَعَ إِلَيْنَا عُرَفَاؤُكُمْ أَمْرَكُمْ» , فَرَجَعَ النَّاسُ فَكَلَّمَهُمْ عُرَفَاؤُهُمْ, ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُ قَدْ طَيَّبُوا وَأَذِنُوا.
هَذَا الَّذِي بَلَغَنِي عَنْ سَبْيِ هَوَازِنَ.
قَالَ البُخَارِيُّ: هُوَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ.
وَخَرّجَهُ فِي: بَاب قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ} الباب (4318) , وفِي بَابِ مَنْ مَلَكَ مِنْ الْعَرَبِ رَقِيقًا فَوَهَبَ وَبَاعَ وَجَامَعَ وَفَدَى الباب (2539) , وفِي بَابِ من رأى الهبة الغائبة جائزة (2583) , وفِي بَابِ العرفاء للناس مختصرا (7176) , بَاب إِذَا وَهَبَ جَمَاعَةٌ لِقَوْمٍ جاز مقسوما أو غير مقسوم (2607) , وفِي بَابِ إِذَا وَهَبَ شَيْئًا لِوَكِيلٍ أَوْ شَفِيعِ قَوْمٍ جَازَ (2307).

[1129]- (4338) خ نَا أَبُوالنُّعْمَانِ, نَا حَمَّادٌ, عن أَيُّوب, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ عبد الله بْنِ عُمَرَ.
و (3135) حدثنا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ, نَا اللَّيْثُ, عَنْ عُقَيْلٍ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ سَالِمٍ, عَنْ عبد الله بْنِ عُمَرَ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنْ السَّرَايَا لِأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً, سِوَى قِسْمِ عَامَّةِ الْجَيْشِ.
قَالَ نَافِعٌ: قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ فَكُنْتُ فِيهَا, فَبَلَغَتْ سُهْمَانُنا اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا, وَنُفِّلْنَا بَعِيرًا, فَرَجَعْنَا بِثَلاَثَةَ عَشَرَ بَعِيرًا.
_________
(1) سقط على الناسخ من انتقَالَ النظر.

(2/353)


وَخَرّجَهُ فِي: بَاب السَّرِيَّةِ الَّتِي قِبَلَ نَجْدٍ (4338).

[1130]- (3136, 4230) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ, نَا أَبُوأُسَامَةَ, نَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ الله, عَنْ أبِي بُرْدَةَ, عَنْ أبِي مُوسَى قَالَ: بَلَغَنَا مَخْرَجُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ بِالْيَمَنِ, فَخَرَجْنَا مُهَاجِرِينَ إِلَيْهِ, أَنَا وَأَخَوَانِ لِي, أَنَا أَصْغَرُهُمْ أَحَدُهُمَا أَبُوبُرْدَةَ, وَالْآخَرُ أَبُورُهْمٍ, إِمَّا قَالَ: فِي بِضْعٍ, وَإِمَّا قَالَ: فِي ثَلاَثَةٍ وَخَمْسِينَ أَوْ اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِي, فَرَكِبْنَا سَفِينَةً, فَأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنَا إِلَى النَّجَاشِيِّ بِالْحَبَشَةِ, وَوَافَقْنَا جَعْفَرَ بْنَ أبِي طَالِبٍ وَأَصْحَابَهُ عِنْدَهُ, فَقَالَ جَعْفَرٌ: إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنَا هَاهُنَا وَأَمَرَنَا بِالْإِقَامَةِ فَأَقِيمُوا مَعَنَا, فَأَقَمْنَا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا جَمِيعًا, فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ, فَأَسْهَمَ لَنَا، أَوْ قَالَ: فَأَعْطَانَا مِنْهَا، وَمَا قَسَمَ لِأَحَدٍ غَابَ عَنْ فَتْحِ خَيْبَرَ مِنْهَا شَيْئًا إِلاَ لِمَنْ شَهِدَ مَعَهُ إِلاَ أَصْحَابَ سَفِينَتِنَا مَعَ جَعْفَرٍ وَأَصْحَابِهِ قَسَمَ لَهُمْ مَعَهُمْ.
فَكَانَ أُنَاسٌ مِنْ النَّاسِ يَقُولُونَ لَنَا يَعْنِي لِأَهْلِ السَّفِينَةِ: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ, وَدَخَلَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ وَهِيَ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَنَا عَلَى حَفْصَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَائِرَةً, وَقَدْ كَانَتْ هَاجَرَتْ إِلَى النَّجَاشِيِّ فِيمَنْ هَاجَرَ, فَدَخَلَ عُمَرُ عَلَى حَفْصَةَ وَأَسْمَاءُ عِنْدَهَا, فَقَالَ عُمَرُ حِينَ رَأَى أَسْمَاءَ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالَتْ: أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ, قَالَ عُمَرُ: الْحَبَشِيَّةُ هَذِهِ, الْبَحْرِيَّةُ هَذِهِ, قَالَتْ أَسْمَاءُ: نَعَمْ, قَالَ: سَبَقْنَاكُمْ بِالْهِجْرَةِ فَنَحْنُ أَحَقُّ بِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْكُمْ, فَغَضِبَتْ, وَقَالَتْ: كَلاَ وَالله, كُنْتُمْ مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُطْعِمُ جَائِعَكُمْ, وَيَعِظُ جَاهِلَكُمْ, وَكُنَّا فِي دَارِ أَوْ فِي أَرْضِ الْبُعَدَاءِ الْبُغَضَاءِ بِالْحَبَشَةِ, وَذَلِكَ فِي الله وَفِي رَسُولِهِ, وَايْمُ الله لاَ أَطْعَمُ طَعَامًا وَلاَ أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ للنبيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ,

(2/354)


وَنَحْنُ كُنَّا نُؤْذَى وَنُخَافُ, وَسَأَذْكُرُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْأَلُهُ, وَالله لاَ أَكْذِبُ وَلاَ أَزِيغُ وَلاَ أَزِيدُ عَلَيْهِ, فَلَمَّا جَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا نَبِيَّ الله, إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا, قَالَ: «فَمَا قُلْتِ لَهُ»، قَالَتْ: قُلْتُ لَهُ كَذَا وَكَذَا, قَالَ: «لَيْسَ بِأَحَقَّ بِي مِنْكُمْ, وَلَهُ وَلِأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ, وَلَكُمْ أَنْتُمْ أَهْلَ السَّفِينَةِ هِجْرَتَانِ».
قَالَتْ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأْتُونِي أَرْسَالًا يَسْأَلُونِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ, مَا مِنْ الدُّنْيَا شَيْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلاَ أَعْظَمُ فِي أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ أَبُوبُرْدَةَ: قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ.

[1131]- (4232) وقَالَ أَبُوبُرْدَةَ, عَنْ أبِي مُوسَى: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لأَعْرِفُ أَصْوَاتَ رُفْقَةِ الأَشْعَرِيِّينَ بِالْقُرْآنِ حِينَ يَدْخُلُونَ بِاللَّيْلِ, وَأَعْرِفُ مَنَازِلَهُمْ بِاللَّيْلِ مِنْ أَصْوَاتِهِمْ بِالْقُرْآنِ بِاللَّيْلِ, وَإِنْ كُنْتُ لَمْ أَرَ مَنَازِلَهُمْ حِينَ نَزَلُوا بِالنَّهَارِ, وَمِنْهُمْ حَكِيمٌ إِذَا لَقِيَ الْخَيْلَ، أَوْ قَالَ: الْعَدُوَّ, قَالَ لَهُمْ: إِنَّ أَصْحَابِي يَأْمُرُونَكُمْ أَنْ تَنْظُرُوهُمْ».
وَخَرّجَهُ فِي: باب غزوة خيبر (4230) , وفِي بَابِ هجرة الحبشة (3876).

[1132]- (3164) خ نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ.
ح, وَ (3137) نَا عَلِيٌّ, نَا سُفْيَانُ, نَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ, سَمِعَ جَابِرَ بنَ عبد الله قَالَ: قَالَ النَّبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ قَدْ جَاءَنِي (مَالُ الْبَحْرَيْنِ لَقَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» فَلَمْ يَجِئْ حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَلَمَّا جَاءَ مَالُ

(2/355)


الْبَحْرَيْنِ) (1) أَمَرَ أَبُوبَكْرٍ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِدَةٌ أَوْ دَيْنٌ فَلْيَأْتِنَا, فَأَتَيْتُهُ, فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا, فَحَثَا لِي ثَلاَثًا, وَجَعَلَ سُفْيَانُ يَحْثُو بِكَفَّيْهِ جَمِيعًا, ثُمَّ قَالَ لَنَا: هَكَذَا قَالَ لَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ.
وَقَالَ مَرَّةً: فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَسَأَلْتُ فَلَمْ يُعْطِنِي, ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَلَمْ يُعْطِنِي, ثُمَّ أَتَيْتُهُ الثَّالِثَةَ فَقُلْتُ: سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي, ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي, ثُمَّ سَأَلْتُكَ فَلَمْ تُعْطِنِي, فَإِمَّا أَنْ تُعْطِيَنِي وَإِمَّا أَنْ تَبْخَلَ عَنِّي, قَالَ: قُلْتَ تَبْخَلُ عَنِّي, مَا مَنَعْتُكَ مِنْ مَرَّةٍ إِلاَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُعْطِيَكَ، وَأَيُّ دَاءٍ أَدْوَأُ مِنْ الْبُخْلِ.
وقَالَ رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ: فَقَالَ لِي: احْثُهُ, فَحَثَوْتُ حَثْيَةً, فَقَالَ: عُدَّهَا, فَعَدَدْتُهَا فَإِذَا هِيَ خَمْسُ مِائَةٍ, فَأَعْطَانِي أَلْفًا وَخَمْسَ مِائَةٍ.
وَ (2) نَا عَمْرٌو عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ جَابِرٍ فَحَثَا حَثْيَةً, وَقَالَ: عُدَّهَا فَوَجَدْتُهَا خَمْسَ مِائَةٍ, قَالَ: فَخُذْ مِثْلَهَا مَرَّتَيْنِ.
وَخَرّجَهُ فِي: بَاب مَا أَقْطَعَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْبَحْرَيْنِ وَمَا وَعَدَ مِنْ مَالِ الْبَحْرَيْنِ وَالْجِزْيَةِ وَلِمَنْ يُقْسَمُ الْفَيْءُ وَالْجِزْيَةُ (3164) , وفِي بَابِ إِذَا وَهَبَ هِبَةً أَوْ وَعَدَ عِدَةً ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَصِلَ إِلَيْهِ (2598) , وفِي بَابِ مَنْ أَمَرَ بِإنْجَازِ الْوَعْدِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ (2683) , وفِي بَابِ مَنْ تَكَفَّلَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وَبِهِ قَالَ الْحَسَنُ (2296) , وبَاب قِصَّةُ عُمَانَ وَالْبَحْرَيْنِ (4838).
_________
(1) سقط على الناسخ من انتقَالَ النظر.
(2) قائل ذلك هو سفيان.

(2/356)


بَاب قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ
{فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} يَعْنِي لِلرَّسُولِ قَسْمَ ذَلِكَ
[1133]- (3117) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ, نَا فُلَيْحٌ, نَا هِلاَلٌ, عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أبِي عَمْرَةَ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا أُعْطِيكُمْ وَلاَ أَمْنَعُكُمْ, أَنَا قَاسِمٌ أَضَعُ حَيْثُ أُمِرْتُ».

[1134]- (3118) خ وَنَا عَبْدُ الله بْنُ يَزِيدَ, نَا سَعِيدُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوالأَسْوَدِ, عَنْ ابْنِ أبِي عَيَّاشٍ نُعْمَان, عَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ الله بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَهُمْ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».

بَاب مَا مَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأُسَارَى مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخَمِّسَ
[1135]- (3139) خ إِسْحَاقُ, نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ, عَنْ أَبِيهِ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: «لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ بن خيارٍ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلاَءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ».
وَخَرّجَهُ فِي: باب من شهد بدرًا (4024).

بَاب وَمِنْ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْخُمُسَ لِلْإِمَامِ
وَأَنَّهُ يُعْطِي بَعْضَ قَرَابَتِهِ دُونَ بَعْضٍ, مَا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي الْمُطَّلِبِ وَبَنِي هَاشِمٍ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ.

(2/357)


وقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: لَمْ يَعُمَّهُمْ بِذَلِكَ, وَلَمْ يَخُصَّ قَرِيبًا دُونَ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ إِلَيْهِ, وكَانَ الَّذِي أَعْطَى لِمَا شَكَوْا إِلَيْهِ مِنْ الْحَاجَةِ وَلِمَا مَسَّهُمْ فِي جَنْبِهِ مِنْ قَوْمِهِمْ وَحُلَفَائِهِمْ.

[1136]- (3140) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ قَالَ: نَا اللَّيْثُ, عَنْ عُقَيْلٍ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ ابْنِ الْمُسَيَّبِ, عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: مَشَيْتُ أَنَا وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ الله, أَعْطَيْتَ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَتَرَكْتَنَا, وَنَحْنُ وَهُمْ مِنْكَ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ, فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا بَنُو الْمُطَّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ».
وقَالَ اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ وَزَادَ: قَالَ جُبَيْرٌ: وَلَمْ يَقْسِمْ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَلاَ لِبَنِي نَوْفَلٍ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَبْدُ شَمْسٍ وَهَاشِمٌ وَالْمُطَّلِبُ إِخْوَةٌ لِأُمٍّ, وَأُمُّهُمْ عَاتِكَةُ بِنْتُ مُرَّةَ, وَكَانَ نَوْفَلٌ أَخَاهُمْ لِأَبِيهِمْ.
وَخَرّجَهُ فِي: مناقب قريش (3502).

بَاب مَنْ لَمْ يُخَمِّسْ الأَسْلاَبَ
[1137]- (3988) خ نَا يَعْقُوبُ, نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ.
وَ (3141) نَا مُسَدَّدٌ, نَا يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ, عَنْ صَالِحِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ قَالَ: بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ, نَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي, فَإِذَا أَنَا بِغُلاَمَيْنِ مِنْ الأَنْصَارِ حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا, تَمَنَّيْتُ

(2/358)


أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا, زَادَ ابراهيم (1): فَكَأَنِّي لَمْ آمَنْ بِمَكَانِهِمَا, إِذْ قَالَ أَحَدُهُمَا سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ: يَا عَمِّ, أَرِنِي أَبَا جَهْلٍ, فَقُلْتُ: يَا ابْنَ أَخِي وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: عَاهَدْتُ الله إِنْ رَأَيْتُهُ أَنْ أَقْتُلَهُ أَوْ أَمُوتَ دُونَهُ, فَقَالَ لِي الْآخَرُ سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ مِثْلَهُ, فَمَا سَرَّنِي أَنِّي بَيْنَ رَجُلَيْنِ بمَكَانِهِمَا.
وقَالَ صَالِحٌ: فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا, فَقَالَ: يَا عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ, مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ, لَئِنْ رَأَيْتُهُ لاَ يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا, فَتَعَجَّبْتُ من ذَلِكَ, فَغَمَزَنِي الْآخَرُ, فَقَالَ مِثْلَهَا, فَلَمْ أَنْشَبْ أَنْ نَظَرْتُ إِلَى أبِي جَهْلٍ يَجُولُ فِي النَّاسِ, فَقُلْتُ: أَلاَ إِنَّ هَذَا صَاحِبُكُمَا الَّذِي سَأَلْتُمَانِي, فَابْتَدَرَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا فَضَرَبَاهُ حَتَّى قَتَلاَهُ.
وقَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَأَشَرْتُ لَهُمَا إِلَيْهِ, فَشَدَّا عَلَيْهِ مِثْلَ الصَّقْرَيْنِ حَتَّى ضَرَبَاهُ, وَهُمَا ابْنَا عَفْرَاءَ.
قَالَ صَالِحٌ: ثُمَّ انْصَرَفَا إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَاهُ, فَقَالَ: «أَيُّكُمَا قَتَلَهُ» , قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: أَنَا قَتَلْتُهُ, فَقَالَ: «هَلْ مَسَحْتُمَا سَيْفَيْكُمَا» , قَالاَ: لاَ, فَنَظَرَ فِي السَّيْفَيْنِ, فَقَالَ: «كِلاَكُمَا قَتَلَهُ, سَلَبُهُ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ»، وَكَانَا مُعَاذَ بْنَ عَفْرَاءَ وَمُعَاذَ بْنَ عَمْرِو بْنِ الجَمُوحِ.
وَخَرّجَهُ فِي: باب غزوة بدر (3988).

[1138]- (3142) وَنَا عَبْدُ الله بْنُ مَسْلَمَةَ، وَ (4321) عَبْدُ الله بْنُ يوسف, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ يَحْيَى, حَ, وَ (4322, 7170) نَا قُتَيْبَةُ, نَا اللَّيْثُ, عَنْ يَحْيَى بنِ سعيدٍ,
_________
(1) فِي الأَصْلِ زَادَ صالح، وليس كذلك فهذه الزيادة لإبراهيم دون صالح.

(2/359)


عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِير بن أفلح, عَنْ أبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أبِي قَتَادَةَ, أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ حُنَيْنٍ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُ رَجُلًا مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَآخَرُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ يَخْتِلُهُ مِنْ وَرَائِهِ لِيَقْتُلَهُ فَأَسْرَعْتُ إِلَى الَّذِي يَخْتِلُهُ.
قَالَ ابْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ: فَاسْتَدَرْتُ حَتَّى أَتَيْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ، قَالَ اللَّيْثُ: فَرَفَعَ يَدَهُ لِيَضْرِبَنِي، قَالَ ابنُ يُوسُفَ: فَضَرَبْتُهُ مِنْ وَرَائِهِ عَلَى حَبْلِ عَاتِقِهِ بِالسَّيْفِ فَقَطَعْتُ الذِّرَاعَ, فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَضَمَّنِي ضَمَّةً وَجَدْتُ مِنْهَا رِيحَ الْمَوْتِ, ثُمَّ أَدْرَكَهُ الْمَوْتُ فَأَرْسَلَنِي.
قَالَ اللَّيْثُ: ثُمَّ قَتَلْتُهُ, وَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ فَانْهَزَمْتُ مَعَهُمْ, فَإِذَا بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي النَّاسِ, فَقُلْتُ لَهُ: مَا شَأْنُ النَّاسِ؟ قَالَ: أَمْرُ الله, ثُمَّ تَرَاجَعَ النَّاسُ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ قَتَلَهُ فَلَهُ سَلَبُهُ».
قَالَ مَالِكٌ فِيهِ: قَالَ: فَقُمْتُ فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي, ثُمَّ جَلَسْتُ, ثُمَّ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» فَقُمْتُ فَقُلْتُ: مَنْ يَشْهَدُ لِي ثُمَّ جَلَسْتُ, ثُمَّ قَالَ الثَّالِثَةَ مِثْلَهُ, فَقُمْتُ فَقَالَ: «مَا لَكَ يَا أَبَا قَتَادَةَ» فأخبرتهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: صَدَقَ, وَسَلَبُهُ عِنْدِي فَأَرْضِهِ. قَالَ اللَّيْثُ: فَقَالَ أَبُوبَكْرٍ: كَلاَ, لاَ يُعْطِيهِ أُصَيْبِغَ مِنْ قُرَيْشٍ (1) , وَيَدَعَ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ الله يُقَاتِلُ عَنْ الله وَعنْ رَسُولِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: فَقَالَ: «صَدَقَ فَأَعْطِهِ» , فَأَعْطَاهُ فَبِعْتُ الدِّرْعَ فَابْتَعْتُ بِهِ مَخْرَفًا فِي بَنِي سَلِمَةَ, فَإِنَّهُ لأَوَّلُ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ فِي الْإِسْلاَمِ.
_________
(1) هكذا وردت الرواية، وقال القاضي في المشارق 2/ 68: فتعطيه لأصيبغ قريش، كذا للاصيلي والنسفي وابي زيد والسمرقندي، وللباقين لأضيبع، قال: والأول أصح أهـ.

(2/360)


قَالَ عُمَرُ بْنُ كَثِيرٍ: قَالَ لِي عَبْدُ الله: فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَدَّاهُ إِلَى مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ.
وَخَرّجَهُ فِي: باب غزوة حنين (4321) , وفِي بَابِ الشَّهَادَةِ تَكُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ (7170) , وفِي بَابِ بيع السلاح في الفتنة وغيرها (2100).
بَاب مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُمْ وَغَيْرَهُمْ مِنْ الْخُمُسِ وَنَحْوِهِ

[1139]- (3144) خ نَا أَبُوالنُّعْمَانِ, نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ نَافِعٍ, عن ابنِ عُمَرَ قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ جَارِيَتَيْنِ مِنْ سَبْيِ حُنَيْنٍ فَوَضَعَهُمَا فِي بَعْضِ بُيُوتِ مَكَّةَ, قَالَ: فَمَنَّ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَبْيِ حُنَيْنٍ فَجَعَلُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ, فَقَالَ عُمَرُ: يَا عَبْدَ الله انْظُرْ مَا هَذَا: فَقَالَ: مَنَّ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّبْيِ, قَالَ: اذْهَبْ فَأَرْسِلْ الْجَارِيَتَيْنِ. قَالَ نَافِعٌ: وَلَمْ يَعْتَمِرْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ وَلَوْ اعْتَمَرَ لَمْ يَخْفَ عَلَى عَبْدِ الله.
وَزَادَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مِنْ الْخُمُسِ.

[1140]- (923) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ, نَا أَبُوعَاصِمٍ, عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِمَالٍ أَوْ سَبْيٍ, فَقَسَمَهُ, فَأَعْطَى رِجَالًا وَتَرَكَ رِجَالًا, فَبَلَغَهُ أَنَّ الَّذِينَ تَرَكَ عَتَبُوا, فَحَمِدَ الله ثُمَّ أَثْنَى عَلَيْهِ, ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ, فَوَالله إِنِّي لاَعْطِي الرَّجُلَ وَأَدَعُ الرَّجُلَ, وَالَّذِي أَدَعُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الَّذِي أُعْطِي, وَلَكِنْ أُعْطِي أَقْوَامًا لِمَا أَرَى فِي

(2/361)


قُلُوبِهِمْ مِنْ الْجَزَعِ (1) وَأَكِلُ أَقْوَامًا إِلَى مَا جَعَلَ الله فِي قُلُوبِهِمْ مِنْ الْغِنَى وَالْخَيْرِ, فِيهِمْ عَمْرُو بْنُ تَغْلِبَ».
فَوَالله مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِكَلِمَةِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُمْرَ النَّعَمِ.
وَخَرّجَهُ فِي: بَاب مَنْ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ بَعْدَ الثَّنَاءِ أَمَّا بَعْدُ (923) , وفِي بَابِ قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا} ضَجُورًا (7535).

[1141]- (4330) خ نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نَا وُهَيْبٌ, نَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى, عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ.

[1142]- ح و (4334) نَا ابْنُ بَشَّارٍ, نَا غُنْدَرٌ, نَا شُعْبَةُ، ح وَ (3146) نَا أَبُوالْوَلِيدِ, نَا شُعْبَةُ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أُعْطِي قُرَيْشًا أَتَأَلَّفُهُمْ لِأَنَّهُمْ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ».
زَادَ غُنْدَرٌ: «وَمُصِيبَةٍ وَإِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أَخْبُرَهُمْ (2)»

[1143]- حَ وَ (3147) نَا أَبُوالْيَمَانِ, أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ, نَا الزُّهْرِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَّ نَاسًا مِنْ الأَنْصَارِ قَالَوا لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَفَاءَ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ مَا أَفَاءَ, فَطَفِقَ يُعْطِي رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ الْمِائَةَ مِنْ الْإِبِلِ, فَقَالَوا: يَغْفِرُ الله لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَدَعُنَا, وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ.
_________
(1) زَادَ في الصحيح: وَالْهَلَعِ.
(2) هكذا ثبتت هذه اللفظة فِي الأَصْلِ، والأكثر رواها أَنْ أَجْبُرهُمْ بِفَتْحِ أَوَّله وَسُكُون الْجِيم بَعْدهَا مُوَحَّدَة ثُمَّ رَاء مُهْمَلَة، وَلِلسَّرَخْسِيِّ وَالْمُسْتَمْلِيّ بِضَمِّ أَوَّله وَكَسْر الْجِيم بَعْدهَا تَحْتَانِيَّة سَاكِنَة ثُمَّ زَاي مِنْ الْجَائِزَة، وَاللهُ أَعْلَمُ.

(2/362)


قَالَ أَنَسٌ: فَحُدِّثَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَقَالَتِهِمْ, فَأَرْسَلَ إِلَى الأَنْصَارِ فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ, وَلَمْ يَدْعُ مَعَهُمْ أَحَدًا غَيْرَهُمْ, فَلَمَّا اجْتَمَعُوا جَاءَهُمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا كَانَ حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ».
قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: فَخَطَبَهُمْ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ, أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلاَلًا فَهَدَاكُمْ الله بِي, وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمْ الله عَزَّ وَجَلَّ بِي, وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ الله عَزَّ وَجَلَّ بِي» , كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالَوا: الله وَرَسُولُهُ أَمَنُّ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالَ لَهُ فُقَهَاؤُهُمْ: أَمَّا ذَوُو آرَائِنَا يَا رَسُولَ الله فَلَمْ يَقُولُوا شَيْئًا, وَأَمَّا أُنَاسٌ مِنَّا حَدِيثَةٌ أَسْنَانُهُمْ فَقَالَوا: يَغْفِرُ الله لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي قُرَيْشًا وَيَتْرُكُ الأَنْصَارَ وَسُيُوفُنَا تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِهِمْ, زَادَ شُعْبَةُ: وكانوا لا يكذبون.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي أُعْطِي رِجَالًا حَدِيثي عَهْدٍ بِكُفْرٍ, أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ وَتَرْجِعُوا إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ الله, فَوَالله مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ» , قَالَوا: بَلَى يَا رَسُولَ الله قَدْ رَضِينَا.
زَادَ ابنُ زَيْدٍ: «لَوْلاَ الْهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرًا مِنْ الأَنْصَارِ, وَلَوْ سَلَكَ النَّاسُ وَادِيًا وَشِعْبًا لَسَلَكْتُ وَادِيَ الأَنْصَارِ وَشِعْبَهَا, الأَنْصَارُ شِعَارٌ وَالنَّاسُ دِثَارٌ».
قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً شَدِيدَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْا الله وَرَسُولَهُ عَلَى الْحَوْضِ».
قَالَ أَنَسٌ: فَلَمْ نَصْبِرْ.
وَخَرّجَهُ فِي: المغازي غزوة الطائف (4330 - 4334) (4337) , وباب {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} (7441) , وفِي بَابِ القبة الحمراء من أدم في اللباس (5860).

(2/363)


[1144]- (3149) خ وَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ, نَا مَالِكٌ, عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ الله بن أبِي طلحة, عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ, فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً, حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهِ حَاشِيَةُ البُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَذْبَتِهِ, ثُمَّ قَالَ: مُرْ لِي مِنْ مَالِ الله الَّذِي عِنْدَكَ, فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ فَضَحِكَ, ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ.
وَخَرّجَهُ فِي: باب الضحك والتبسم (6088).

[1145]- (4335) خ وَنَا قَبِيصَةُ, وَ (6059) مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ, نَا سُفْيَانُ, عَنْ الأَعْمَشِ.
ح, و (6100) نَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ, نَا أَبِي, نَا الأَعْمَشُ, عن أبِي وَائِلٍ.
ح, وَ (3150) نَا عُثْمَانُ بْنُ أبِي شَيْبَةَ, نَا جَرِيرٌ, عَنْ مَنْصُورٍ, عَنْ أبِي وَائِلٍ, عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثَرَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُنَاسًا فِي الْقِسْمَةِ.
قَالَ حَفْصٌ عَنْ الأَعْمَشِ: كَبَعْضِ مَا كَانَ يَقْسِمُ.
قَالَ عثمان: فَأَعْطَى الأَقْرَعَ مِائَةً مِنْ الإِبِلِ, وَأَعْطَى عُيَيْنَةَ مِثْلَ ذَلِكَ, وَأَعْطَى نَاسًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ وَآثَرَهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْقِسْمَةِ, فقَالَ رَجُلٌ - زَادَ قَبِيصَةُ: مِنْ الأَنْصَارِ- قَالَ عثمان: فقَالَ: وَالله إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا عُدِلَ فِيهَا.
وقَالَ ابْنُ يُوسُفَ, عن سُفْيَانَ: وَالله مَا أَرَادَ مُحَمَّدٌ بِهَذَا وَجْهَ الله.
قَالَ عُثْمَانُ: فَقُلْتُ: وَالله لأُخْبِرَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَأَتَيْتُ, زَادَ أَبُوحَمْزَةَ وَحَفْصٌ: وَهُوَ فِي مَلاَ من أصحابه فَسَارَرْتُهُ, فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَغَيَّرَ وَجْهُهُ حَتَّى وَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَخْبَرْتُهُ.

(2/364)


قَالَ عُثْمَانُ: فَقَالَ: «فَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يَعْدِلْ الله وَرَسُولُهُ, رَحِمَ الله مُوسَى قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ».
وَخَرّجَهُ فِي: باب ذكر موسى فِي كِتَابِ الأنبياء (3405) , وفِي بَابِ مَنْ أَخْبَرَ صَاحِبَهُ بِمَا يُقَالَ فِيهِ (6059) , وفِي بَابِ الصَّبْر عَلَى الأَذَى وَقَوله تَعَالى {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (6100) , وفِي بَابِ إِذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثَةٍ فَلاَ بَأْسَ بِالْمُسَارَّةِ وَالْمُنَاجَاةِ (6291) , وفي حَدِيثِ مُوسَى والْخَضِرِ (3405) , وفِي بَابِ قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} وَمَنْ خَصَّ أَخَاهُ بِالدُّعَاءِ دُونَ نَفْسِهِ (6336).

[1146]- (3151) خ وَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ, نَا أَبُوأُسَامَةَ, نَا هِشَامٌ, أَخْبَرَنِي أَبِي, عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أبِي بَكْرٍ قَالَتْ: كُنْتُ أَنْقُلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي, وَهِيَ مِنِّي عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ.
خ: وَقَالَ أَبُوضَمْرَةَ, عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ الزُّبَيْرَ أَرْضًا مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ.
وَخَرّجَهُ فِي: باب الغيرة من كتاب النكاح (5224).

[1147]- (3152) خ وَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمِقْدَامِ, نَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ, نَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ, أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ أَجْلَى الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ, وَكَانَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا ظَهَرَ عَلَى أَهْلِ خَيْبَرَ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ الْيَهُودَ, وَكَانَتْ الأَرْضُ لَمَّا ظَهَرَ عَلَيْهَا لله وَلِلرَّسُولِ وَلِلْمُسْلِمِينَ, فَسَأَلَ الْيَهُودُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَتْرُكَهُمْ عَلَى أَنْ يَكْفُوا الْعَمَلَ وَلَهُمْ نِصْفُ الثَّمَرِ, فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُقِرُّكُمْ عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا» , فَأُقِرُّوا حَتَّى أَجْلاَهُمْ عُمَرُ فِي إِمَارَتِهِ إِلَى تَيْمَاءَ وَأَرِيحَا.

(2/365)


وَخَرّجَهُ فِي: باب إذا قَالَ رَبُّ الأَرْضِ أُقِركَ مَا أَقَرَّكَ اللهُ وَلم يَذْكُر أَجَلا مَعْلُومًا فَهُمَا عَلى تَراضِيهِما (2338).

بَاب مَا يُصِيبُ مِنْ الطَّعَامِ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ
[1148]- (3153) خ نَا أَبُوالْوَلِيدِ, نَا شُعْبَةُ, عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلاَلٍ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: كُنَّا مُحَاصِرِينَ قَصْرَ خَيْبَرَ, فَرَمَى إِنْسَانٌ بِجِرَابٍ فِيهِ شَحْمٌ, فَنَزَوْتُ لآخُذَهُ, فَالْتَفَتُّ فَإِذَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ.
وَخَرّجَهُ فِي: بَابِ ذَبَائِح أَهْلِ الْكِتَابِ (5508) , وَفِي بَابِ غَزْوَةِ خَيْبَرَ (4314).

(2/366)