المختصر النصيح في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح

25 - كِتَابُ الدِّيَاتِ
وقَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} الآية.

[1319]- (6861) خ نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ, نَا جَرِيرٌ, عَنْ الأَعْمَشِ, عَنْ أبِي وَائِلٍ, عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله, أَيُّ الذَّنْبِ أَكْبَرُ عِنْدَ الله؟ قَالَ: «أَنْ تَدْعُوَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ»، قُلتُ: إِنَّ ذَا لَعَظِيمٌ, قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ».
(4477) زَادَ عُثْمَانُ بْنُ أبِي شَيْبَةَ, عَنْ جَرِيرٍ: «تَخَافُ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ»، قَالَ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ»، فَأَنْزَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ تَصْدِيقَهَا:
{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا}.
وَخَرَّجَهُ في: باب إثْم الزُّنَاةِ وَقولِ الله {وَلَا يَزْنُونَ} وقوله عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} (6811) , وفِي بَابِ رَحْمةِ الوَلَدِ وَتقْبيلِهِ (؟) , وفِي بَابِ ذِكْرِ اللهِ بِالأمْرِ وَذِكْرُ العِبادِ بِالدُّعَاءِ وَالتَّضَرّعِ (7520) , وباب قوله {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (7532) , وفِي بَابِ قوله {فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (4477) (7520)، وفي التفسير في البقرة, فِي بَابِ قوله {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} الآية (4761).

(3/5)


[1320]- (6862) خ وَنَا عَلِيٌّ, قَالَ: حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا».

[1321]- (6863) خ وَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ, نَا إِسْحَاقُ، سَمِعْتُ أبِي يُحَدِّثُ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَرَ قَالَ: إِنَّ مِنْ وَرَطَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لاَ مَخْرَجَ لِمَنْ أَوْقَعَ نَفْسَهُ (1) سَفْكَ الدَّمِ الْحَرَامِ بِغَيْرِ حِلِّهِ.

[1322]- (6864) خ نَا عُبَيْدُ الله بْنُ مُوسَى, عَنْ الأَعْمَشِ, عَنْ أبِي وَائِلٍ, عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدِّمَاءِ».
وَخَرَّجَهُ في: باب القَصَاصِ يَوْم القِيَامَةِ (6533).

[1323]- (6865) خ نا عَبْدَانُ, أخبرنا عَبْدُ الله بنِ المُبارَكِ, أخبرنا يُونُسُ, عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ أَنَّ عُبَيْدَ الله بْنَ عَدِيٍّ, حَدَّثَهُ أَنَّ الْمِقْدَادَ بْنَ عَمْرٍو الْكِنْدِيَّ, حَلِيفَ بَنِي زُهْرَةَ, حَدَّثَهُ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ الله, إِنِّي لَقِيتُ كَافِرًا فَاقْتَتَلْنَا, فَضَرَبَ يَدِي بِالسَّيْفِ فَقَطَعَهَا, ثُمَّ لاَذَ (2) بِشَجَرَةٍ, وَقَالَ: أَسْلَمْتُ لِلَّهِ, آقْتُلُهُ بَعْدَ أَنْ قَالَهَا؟ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَقْتُلْهُ» , قَالَ: يَا رَسُولَ الله, فَإِنَّهُ طَرَحَ إِحْدَى يَدَيَّ ثُمَّ قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا قَطَعَهَا, آقْتُلُهُ؟ قَالَ: «لاَ تَقْتُلْهُ, فَإِنْ قَتَلْتَهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَتِكَ قَبْلَ أَنْ تَقْتُلَهُ وَأَنْتَ بِمَنْزِلَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ كَلِمَتَهُ الَّتِي قَالَ».
_________
(1) في الصحيح زيادة: فِيهَا.
(2) زَادَ في الصحيح: مِنِّي.

(3/6)


[1324]- (6866) قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ حَبِيبُ بْنُ أبِي عَمْرَةَ, عَنْ سَعِيدٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمِقْدَادِ: «إِذَا كَانَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ يُخْفِي إِيمَانَهُ مَعَ قَوْمٍ كُفَّارٍ فَأَظْهَرَ إِيمَانَهُ فَقَتَلْتَهُ فَكَذَلِكَ كُنْتَ أَنْتَ تُخْفِي إِيمَانَكَ بِمَكَّةَ قَبْلُ».
وَخَرَّجَهُ في: باب مَنْ شَهدَ بَدْرًا (4019).

بَاب
قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ {وَمَنْ أَحْيَاهَا}
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ حَرَّمَ قَتْلَهَا إِلاَ بِحَقٍّ فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا.

[1325]- (7321) خ نَا الْحُمَيْدِيُّ, نَا سُفْيَانُ, نَا الأَعْمَشُ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُرَّةَ, عَنْ مَسْرُوقٍ, عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلاَ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا لِأَنَّهُ سَنَّ الْقَتْلَ أَوَّلًا».
وَخَرَّجَهُ في: بَاب إِثْمِ مَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ أَوْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً, لِقَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} الْآيَةَ (7321)، وفِي بَابِ خَلْقِ آدَمَ وَذُرِّيَّتِهِ (3335).

[1326]- (6872) خ نَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ, أخبرنا هُشَيْمٌ, أنا حُصَيْنٌ, أنا أَبُوظَبْيَانَ قَالَ: سَمِعْتُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ يُحَدِّثُ قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُرَقَةِ مِنْ جُهَيْنَةَ, فَصَبَّحْنَا الْقَوْمَ فَهَزَمْنَاهُمْ, قَالَ: وَلَحِقْتُ أَنَا وَرَجُلٌ مِنْ الأَنْصَارِ رَجُلًا مِنْهُمْ, قَالَ: فَلَمَّا غَشِينَاهُ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَ الله, قَالَ: فَكَفَّ عَنْهُ الأَنْصَارِيُّ وَطَعَنْتُهُ بِرُمْحِي حَتَّى قَتَلْتُهُ, قَالَ: فَلَمَّا قَدِمْنَا بَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ: فَقَالَ لِي: «يَا أُسَامَةُ أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَ الله»، قَالَ: قُلْتُ:

(3/7)


يَا رَسُولَ الله إِنَّمَا كَانَ مُتَعَوِّذًا, قَالَ: «أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ مَا قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَ الله»، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَكُنْ أَسْلَمْتُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
وَخَرَّجَهُ في: بَاب بَعْثِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى الْحُرُقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ (4269).

بَاب سُؤَالِ الْقَاتِلِ حَتَّى يُقِرَّ
[1327]- (6884) خ نَا إِسْحَاقُ, نَا حَبَّانُ, نَا هَمَّامٌ, نَا قَتَادَةُ, نَا أَنَسٌ.
(5295) خ: وَقَالَ الْأُوَيْسِيُّ: نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ, عَنْ شُعْبَةَ.
خ (6877) نَا مُحَمَّدُ بنُ سَلامٍ, أَخْبَرَنَا عَبْدُ الله بْنُ إِدْرِيسَ, عَنْ شُعْبَةَ, عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسِ بنِ مالكٍ, عَنْ جَدِّهِ أَنَسِ قَالَ: خَرَجَتْ جَارِيَةٌ عَلَيْهَا أَوْضَاحٌ بِالْمَدِينَةِ, فَرَمَاهَا يَهُودِيٌّ بِحَجَرٍ.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: وَرَضَخَ رَأْسَهَا, فَأَتَى بِهَا أَهْلُهَا النبيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ فِي آخِرِ رَمَقٍ، وَقَدْ أُصْمِتَتْ, فَقَالَ لَهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَكِ فُلاَنٌ؟» , لِغَيْرِ الَّذِي قَتَلَهَا فَأَشَارَتْ (1) أَنْ لاَ.
وقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا.
فَقَالَ: «فَفُلاَنٌ» , لِرَجُلٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي قَتَلَهَا, فَأَشَارَتْ أَنْ لاَ، وقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا, فَقَالَ: «فَفُلاَنٌ» لِقَاتِلِهَا, فَأَشَارَتْ أَنْ نَعَمْ، وقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: فَخَفَضَتْ رَأْسَهَا, فَدَعَا بِهِ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
زَادَ قَتَادَةُ: فَاعْتَرَفَ, قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: فَقَتَلَهُ بَيْنَ الْحَجَرَيْنِ.
وقَالَ إِبْرَاهِيمُ: فَأَمَرَ بِهِ فَرُضِخَ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ.
_________
(1) في الصحيح زيادة: بِرَأْسِهَا.

(3/8)


وَخَرَّجَهُ في: بَاب الْإِشَارَةِ بالطَّلاَقِ (5295) , وفِي بَابِ إِذَا أَقَرَّ مَرَّةً بِالْقَتْلِ قُتِلَ بِهِ (6884) , وفِي بَابِ قتل الرجل بالمرأة (6885)، وفِي بَابِ مَا يُذْكَرُ عن الْإِشْخَاصِ والملازمة وَالْخُصُومَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِي (2413) , وفِي بَابِ إذا أومئ المريض برأسه (2746).

بَاب
قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} إلَى قَوْلِهِ {فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.
[1328]- (6878) خ نَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ, نَا أَبِي, نَا الأَعْمَشُ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ مُرَّةَ, عَنْ مَسْرُوقٍ, عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَ الله وَأَنِّي رَسُولُ الله إِلاَ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ؛ النَّفْسُ بِالنَّفْسِ, وَالثَّيِّبُ الزَّانِي, وَالْمَارِقُ لدِّينِهِ (1) التَّارِكُ لِلْجَمَاعَةِ».

بَاب مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ
[1329]- (2434) خ نَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى, نَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ, حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أبِي كَثِيرٍ.
ح, و (112) نَا أَبُونُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ, نَا شَيْبَانُ, عَنْ يَحْيَى، وَ (6880) قَالَ عَبْدُ الله بْنُ رَجَاءٍ: نَا حَرْبٌ, عَنْ يَحْيَى, نَا أَبُوسَلَمَةَ, نَا أَبُوهُرَيْرَةَ: أَنَّهُ عَامَ فَتْحِ
_________
(1) كذا وقع عِنْد النَّسَفِيّ وَالسَّرَخْسِيّ وَالْمُسْتَمْلِي، وللكشميهني " وَالْمُفَارِق لِدِينِهِ " وللباقين " وَالْمَارِق مِنْ الدِّين ".
ولم يذكر الحافظ روايتنا هذه.

(3/9)


مَكَّةَ قَتَلَتْ خُزَاعَةُ رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ بِقَتِيلٍ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ, فَقَامَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
زَادَ شَيْبَانُ: فَرَكِبَ رَاحِلَته فَخَطَبَ.
وقَالَ الأَوْزَاعِيُّ: فَحَمِدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ.
قَالَ حَرْبٌ: فَقَالَ: «إِنَّ الله حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ, وَسَلَّطَ عَلَيْهِمْ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ, أَلاَ وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي, وَلاَ تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي, أَلاَ وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ, أَلاَ وَإِنَّهَا سَاعَتِي هَذِهِ حَرَامٌ لاَ يُخْتَلَى شَوْكُهَا ولا شَجَرُهَا (1) وَلاَ يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَهَا إِلاَ مُنْشِدٌ (2) , وَمَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ, إِمَّا أن يُودَى وَإِمَّا أن يُقَادَ».
فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالَ لَهُ أَبُوشَاهٍ, فَقَالَ: اكْتُبْ لِي يَا رَسُولَ الله, فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اكْتُبُوا لِأَبِي شَاهٍ».
قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: ثُمَّ قَامَ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله إِلاَ الْإِذْخِرَ, فَإِنَّمَا نَجْعَلُهُ فِي بُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا, فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلاَ الْإِذْخِرَ».
قَالَ مُسْلِمٌ: قُلْتُ لِلأَوْزَاعِيِّ: مَا قَوْلُهُ: «اكْتُبُوا لأبي شاهٍ» , قَالَ: هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي سَمِعَهَا مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
خ: تَابَعَهُ عُبَيْدُ الله عَنْ شَيْبَانَ فِي الْفِيلِ, وَقَالَ: إِمَّا أَنْ يُقَادَ أَهْلُ الْقَتِيلِ.
وَخَرَّجَهُ في: باب كتابة العلم (112) , وفِي بَابِ كم تعرف لقطة مكة (2434).
_________
(1) في الصحيح زيادة: وَلاَ يُعْضَدُ.
(2) هكذا وَقَعَ أيضا عند الْكُشْمِيهَنِيّ، ولغيرهما " وَلاَ يُلْتَقَط إِلاَ لِمُنْشِدٍ ".

(3/10)


[1330]- (6881) خ نَا قُتَيْبَةُ, نَا سُفْيَانُ, عَنْ عَمْرٍو, عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ قِصَاصٌ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِمْ الدِّيَةُ, فَقَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} إلَى قَوْلِهِ {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَالْعَفْوُ أَنْ تُقْبَلَ الدِّيَةُ فِي الْعَمْدِ, قَالَ {فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} أَنْ يَطْلُبَ بِالمَعْرُوفِ وَيُؤَدِّيَ بِإِحْسَانٍ.

بَاب مَنْ طَلَبَ دَمَ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ
[1331]- (6882) خ نَا أَبُو الْيَمَانِ, نَا شُعَيْبٌ, عَنْ عَبْدِ الله بْنِ أبِي حُسَيْنٍ, نَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ ثَلاَثَةٌ؛ مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ, وَمُبْتَغٍ فِي الْإِسْلاَمِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ, وَمُطَّلِبٌ دَمَ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ».

بَاب الْعَفْوِ فِي الْخَطَإِ بَعْدَ الْمَوْتِ
[1332]- (6883) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ, نَا أَبُومَرْوَانَ يَحْيَى بْنُ أبِي زَكَرِيَّاءَ الْوَاسِطِيُّ, عَنْ هِشَامٍ.
وَ (4065) حَدَّثَنَا عُبَيْدُ الله بْنُ سَعِيدٍ, نَا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمَ أُحُدٍ انهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، فَصَرَخَ إِبْلِيسُ أَيْ عِبَادَ الله أُخْرَاكُمْ, فَرَجَعَتْ أُولاَهُمْ فَاجْتَلَدَتْ هِيَ وَأُخْرَاهُمْ.
زَادَ يَحْيَى: حَتَّى قَتَلُوا الْيَمَانِ، قَالَ أَبُوأُسَامَةَ: فَبَصُرَ حُذَيْفَةُ فَإِذَا هُوَ بِأَبِيهِ الْيَمَانِ, فَقَالَ: أَيْ عِبَادَ الله أبِي أَبِي, قَالَتْ: فَوَالله مَا احْتَجَزُوا حَتَّى قَتَلُوهُ, فَقَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ الله لَكُمْ.

(3/11)


قَالَ عُرْوَةُ: فَوَالله مَا زَالَتْ فِي حُذَيْفَةَ بَقِيَّةُ خَيْرٍ حَتَّى لَحِقَ بِالله، وزَادَ يَحْيَى: وكَانَ انْهَزَمَ مِنْهُمْ قَوْمٌ حَتَّى لَحِقُوا بِالطَّائِفِ.
وَخَرَّجَهُ في: باب صفة إبليس وجنوده (3290) , وفِي بَابِ ذكر حذيفة بن اليمان العَبْسِي (3824) , وفي غزوة أُحدٍ باب قوله {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا} الآية (4065) , وفِي بَابِ إِذَا حَنِثَ نَاسِيًا (6668)، وفِي بَابِ إذا مات في الزحام أو قتل (6890).

بَاب
قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} إلَى قَوْلِهِ {حَكِيمًا}.
لَيْسَ فِيهِ حَدِيثٌ.

بَاب الْقِصَاصِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الْجِرَاحَاتِ
وَقَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: يُقْتَلُ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ, وَيُذْكَرُ عَنْ عُمَرَ تُقَادُ الْمَرْأَةُ مِنْ الرَّجُلِ فِي كُلِّ عَمْدٍ يَبْلُغُ نَفْسَهُ فَمَا دُونَهَا مِنْ الْجِرَاحِ, وَبِهِ قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِبْرَاهِيمُ، وَأَبُو الزِّنَادِ عَنْ أَصْحَابِهِ.

[1333] [1334]- (5712) خ نَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ, نَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ أبِي عَائِشَةَ, عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ عَبْدِ الله, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, وَعَائِشَةَ: أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَيِّتٌ.

(3/12)


قَالَ: وَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَدَدْنَاهُ فِي مَرَضِهِ فَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ لاَ تَلُدُّونِي, فقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ, فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: «أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي» , قُلْنَا: كَرَاهِيَةَ الْمَرِيضِ لِلدَّوَاءِ, فَقَالَ: «لاَ يَبْقَى فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلاَ لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلاَ الْعَبَّاسَ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ».
وَخَرَّجَهُ في: بَاب إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ هَلْ يُعَاقِبُ أَوْ يَقْتَصُّ مِنْهُمْ (6897) , وفِي بَابِ مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4458) , وفِي بَابِ اللَّدُودِ من كتاب الطب (5712).

بَاب دِيَةِ الأَصَابِعِ
[1335]- (6895) خ نَا آدَمُ, نَا شُعْبَةُ, عَنْ قَتَادَةَ, عَنْ عِكْرِمَةَ, عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «هَذِهِ وَهَذِهِ سَوَاءٌ» يَعْنِي الْخِنْصَرَ وَالْإِبْهَامَ.

بَاب إِذَا أَصَابَ قَوْمٌ مِنْ رَجُلٍ هَلْ يُعَاقِبُ أَوْ يَقْتَصُّ مِنْهُمْ كُلِّهِمْ
وَقَالَ مُطَرِّفٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ فِي رَجُلَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ سَرَقَ فَقَطَعَهُ عَلِيٌّ, ثُمَّ جَاءَا بِآخَرَ وَقَالاَ: أَخْطَأْنَا, فَأَبْطَلَ شَهَادَتَهُمَا, وَأُخِذَا بِدِيَةِ الأَوَّلِ, وَقَالَ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمَا تَعَمَّدْتُمَا لَقَطَعْتُكُمَا.
وَأَقَادَ أَبُوبَكْرٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَعَلِيٌّ وَسُوَيْدُ بْنُ مُقَرِّنٍ مِنْ لَطْمَةٍ، وَأَقَادَ عُمَرُ مِنْ ضَرْبَةٍ بِالدِّرَّةِ, وَأَقَادَ عَلِيُّ بْنُ أبِي طالبٍ مِنْ ثَلاَثَةِ أَسْوَاطٍ، وَاقْتَصَّ شُرَيْحٌ مِنْ سَوْطٍ وَخُمُوشٍ.

(3/13)


[1336]- (6896) خ: وَقَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نَا يَحْيَى, عَنْ عُبَيْدِ الله, عَنْ نَافِعٍ, عَنْ ابْنِ عُمَرَ, أَنَّ غُلاَمًا قُتِلَ غِيلَةً, فَقَالَ عُمَرُ: لَوْ اشْتَرَكَ فِيهِ أَهْلُ صَنْعَاءَ لَقَتَلْتُهُمْ.
خ: وَقَالَ المُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ, عَنْ أَبِيهِ, إِنَّ أَرْبَعَةً قَتَلُوا صَبِيًّا, فَقَالَ عُمَرُ مِثْلَهُ.

بَاب الْقَسَامَةِ
خ: وَقَالَ ابْنُ أبِي مُلَيْكَةَ: لَمْ يُقِدْ بِهَا مُعَاوِيَةُ, وَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ وَكَانَ أَمَّرَهُ عَلَى الْبَصْرَةِ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ عِنْدَ بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ السَّمَّانِينَ: إِنْ وَجَدَ أَصْحَابُهُ بَيِّنَةً وَإِلاَ فَلاَ تَظْلِمْ النَّاسَ فَإِنَّ هَذَا لاَ يُقْضَى فِيهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.

[1337]- (6898) خ نَا أَبُونُعَيْمٍ, نَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ, عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ, أَخْبَرَهُ سَهْلٌ، ح، و (3173) نَا مُسَدَّدٌ, نَا بِشْرُ بنُ الْمُفَضَّل, نَا يَحْيَى, عَنْ بُشَيْرِ, عَنْ سَهْلِ.

[1338]- خ، و (6142) نَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ, عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ, عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ, وَسَهْلٍ.
و (7192) نَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ, وإِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ, عَنْ أبِي لَيْلَى بْنِ عَبْدِ الله بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَهْلٍ, عَنْ سَهْلِ, أَنَّهُ أَخْبَرَهُ وَرِجَالٌ مِنْ كُبَرَاءِ قَوْمِهِ: أَنَّ عَبْدَ الله بْنَ سَهْلٍ, وَمُحَيِّصَةَ بن مسعود خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ مِنْ جَهْدٍ أَصَابَهُمْ.
قَالَ يَحْيَى: وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ فَتَفَرَّقَا في النَّخْلِ، قَالَ مَالِكٌ: فَأُخْبِرَ مُحَيِّصَةُ أَنَّ عَبْدَ الله قُتِلَ وَطُرِحَ فِي فَقِيرٍ أَوْ عَيْنٍ.
قَالَ بِشْرٌ عَنْ يَحْيَى: فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِ الله بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَمَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا فَدَفَنَهُ.

(3/14)


قَالَ مَالِكٌ: فَأَتَى يَهُودَ فَقَالَ: أَنْتُمْ وَالله قَتَلْتُمُوهُ, قَالَوا: مَا قَتَلْنَاهُ وَالله, ثُمَّ أَقْبَلَ حَتَّى قَدِمَ عَلَى قَوْمِهِ فَذَكَرَ لَهُمْ, وَأَقْبَلَ هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ وَهُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ.
قَالَ يَحْيَى: فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ, فَقَالَ: «كَبِّرْ كَبِّرْ» , وَهُوَ أَحْدَثُ الْقَوْمِ فَسَكَتَ.
وقَالَ مَالِكٌ: فَقَالَ لِمُحَيِّصَةَ: «كَبِّرْ كَبِّرْ» , وَهُوَ الَّذِي كَانَ بِخَيْبَرَ, يُرِيدُ السِّنَّ, فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ, ثُمَّ تَكَلَّمَ مُحَيِّصَةُ, فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِمَّا أَنْ يَدُوا صَاحِبَكُمْ وَإِمَّا أَنْ يُؤْذِنُوا بِحَرْبٍ» , فَكَتَبَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ, فَكُتِبَ: مَا قَتَلْنَا، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ: «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ».
زَادَ يَحْيَى: «قَاتِلَكُمْ أَوْ صَاحِبَكُمْ» (1).
وزَادَ حَمَّادٌ عَنْ يَحْيَى: «بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ» , قَالَوا: كَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ, قَالَ: «فَتُبْرِيكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ»، فَقَالَوا: كَيْفَ نَأْخُذُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ.
قَالَ ابنُ عُبَيْدٍ: فَكَرِهَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْطِلَ دَمَهُ فَوَدَاهُ.
وَقَالَ ابنُ المُفَضَّلِ عَنْ يَحْيَى: فَعَقَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ.
وَقَالَ حَمَّادٌ: فَفَدَاهُمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قِبَلِهِ.
وَقَالَ (2): فَوَدَاهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عِنْدِهِ مِائَةَ نَاقَةٍ.
_________
(1) في الأصلين: وصاحبكم، وقد أقمته من الصحيح.
(2) يَعْنِي مَالِكًا.

(3/15)


زَادَ ابْنُ عُبَيْدٍ: مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ.
قَالَ مَالِكٌ: حَتَّى أُدْخِلَتْ الدَّارَ، قَالَ حَمَّادٌ: قَالَ سَهْلٌ: فَأَدْرَكْتُ نَاقَةً مِنْ تِلْكَ الْإِبِلِ فَدَخَلَتْ مِرْبَدًا لَهُمْ فَرَكَضَتْنِي بِرِجْلِهَا.
وَخَرَّجَهُ في: بَاب إِكْرَامِ الْكَبِيرِ وَيَبْدَأُ الأَكْبَرُ بِالْكَلاَمِ في السُّؤَالِ (6142) , وفِي بَابِ كِتَابِ الْحَاكِمِ إِلَى عُمَّالِهِ وَالْقَاضِي إِلَى أُمَنَائِهِ (7192) , بَاب الْمُوَادَعَةِ وَالْمُصَالَحَةِ مَعَ الْمُشْرِكِينَ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ وَفَضْلِ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ (3173).
قَالَ الْمُهَلَّبُ:
حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ بَيِّنُ الْوَهْمِ، لِأَنَّهُ انْفَرَدَ فِيهِ بِثَلاَثٍ لَمْ يُتَابَعْ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا:
قَوْلِهِ: مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ (1).
وَقَوْلِهِ: «تَأْتُونِي بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ».
لَمْ يَقُلْهُمَا أَحَدُ غَيْرُهُ، وَخَالَفَهُ الأَئِمَّةُ الأَثْبَاتُ كَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَضْبَطُ مِنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ فَكَيْفَ بِإِجْمَاعِهِمْ؟.
_________
(1) قَدْ تَأَوَّلَهُ بَعْضُ العُلَماءِ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ يَلْتَئِمُ مَعَ رِوَايةِ الْبَاقِينَ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ غَلَطٌ مِنْ سَعِيد بْن عُبَيْد، لِتَصْرِيحِ يَحْيَى بْن سَعِيد بِقَوْلِهِ: مِنْ عِنْده، وَجَمَعَ بَعْضهمْ بَيْن الرِّوَايَتَيْنِ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُون اِشْتَرَاهَا مِنْ إِبِل الصَّدَقَة بِمَالٍ دَفَعَهُ مِنْ عِنْده، أَوْ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ (مِنْ عِنْده) أَيْ بَيْت الْمَال الْمُرْصَد لِلْمَصَالِحِ، وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ صَدَقَة بِاعْتِبَارِ الِانْتِفَاع بِهِ مَجَّانًا لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ قَطْع الْمُنَازَعَة وَإِصْلاَح ذَات الْبَيْن أهـ.
لَكِنَّ النَّظَرَ الْحَدِيثِيَّ يُصَيِّرُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مِنْ قَبِيلِ الشَّاذِ، وَالله أَعْلَم.

(3/16)


وَالثَّالِثَةِ: قَوْلِهِ «فَيَحْلِفُونَ» قَالَوا: لاَ نَرْضَى بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ، فَوَهِمَ وَأَسْقَطَ بَعْضَ الْحَدِيثِ الَّذِي حَفِظَهُ الأَئِمَّةُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: «فَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ قَاتِلِكُم» قَالَوا: لَمْ نَشْهَدْ، قَالَ: «فَيَحْلِفُونَ» (1).
_________
(1) قَدْ سَلَكَ الْحَافِظُ مَسْلِكًا آخَرَ، وَجَنَحَ إِلَى الْجَمْعِ الَّذِي ارْتَضَاهُ فَقَالَ مُعَقِّبًا عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عُبَيْدٍ:
كَذَا فِي رِوَايَة سَعِيد بْن عُبَيْد لَمْ يَذْكُر عَرْض الأَيْمَان عَلَى الْمُدَّعِينَ، كَمَا لَمْ يَقَع فِي رِوَايَة يَحْيَى بْن سَعِيد طَلَب الْبَيِّنَة أَوَّلًا، وَطَرِيق الْجَمْع أَنْ يُقَالَ: حَفِظَ أَحَدُهُمْ مَا لَمْ يَحْفَظ الْآخَر، فَيُحْمَل عَلَى أَنَّهُ طَلَبَ الْبَيِّنَة أَوَّلًا فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ بَيِّنَة، فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ الأَيْمَان فَامْتَنَعُوا، فَعَرَضَ عَلَيْهِمْ تَحْلِيف الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَأَبَوْا.
وَأَمَّا قَوْل بَعْضهمْ: إِنَّ ذِكْر الْبَيِّنَة وَهْمٌ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ خَيْبَر حِينَئِذٍ لَمْ يَكُنْ بِهَا أَحَد مِنْ الْمُسْلِمِينَ، فَدَعْوَى نَفْي الْعِلْم مَرْدُودَة، فَإِنَّهُ وَإِنْ سُلِّمَ أَنَّهُ لَمْ يَسْكُن مَعَ الْيَهُود فِيهَا أَحَد مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَكِنْ فِي نَفْس الْقِصَّة أَنَّ جَمَاعَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ خَرَجُوا يَمْتَارُونَ تَمْرًا، فَيَجُوز أَنْ تَكُون طَائِفَة أُخْرَى خَرَجُوا لِمِثْلِ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْس الأَمْر كَذَلِكَ؟!.
وَقَدْ وَجَدْنَا لِطَلَبِ الْبَيِّنَة فِي هَذِهِ الْقِصَّة شَاهِدًا مِنْ وَجْه آخَر: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن الأَخْنَس عَنْ عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّه: أَنَّ اِبْن مُحَيِّصَة الأَصْغَر أَصْبَحَ قَتِيلًا عَلَى أَبْوَاب خَيْبَر، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَقِمْ شَاهِدَيْنِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ أَدْفَعْهُ إِلَيْك بِرُمَّتِهِ" قَالَ: يَا رَسُول اللَّه أَنَّى أُصِيبُ شَاهِدَيْنِ وَإِنَّمَا أَصْبَحَ قَتِيلًا عَلَى أَبْوَابهمْ؟ قَالَ: " فَتَحْلِف خَمْسِينَ قَسَامَة" قَالَ: فَكَيْف أَحْلِف عَلَى مَا لاَ أَعْلَم، قَالَ: " تَسْتَحْلِفُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ" قَالَ: كَيْف وَهُمْ يَهُود، وَهَذَا السَّنَد صَحِيح حَسَن، وَهُوَ نَصٌّ فِي الْحَمْل الَّذِي ذَكَرْته فَتَعَيَّنَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُودَاوُدَ أَيْضًا مِنْ طَرِيق عَبَايَة بْن رِفَاعَة عَنْ جَدّه رَافِع بْن خَدِيج قَالَ: أَصْبَحَ رَجُل مِنْ الأَنْصَار بِخَيْبَر مَقْتُولًا، فَانْطَلَقَ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " شَاهِدَانِ يَشْهَدَانِ عَلَى قَتْل صَاحِبكُمْ " قَالَ: لَمْ يَكُنْ ثَمَّ أَحَد مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا هُمْ الْيَهُود وَقَدْ يَجْتَرِئُونَ عَلَى أَعْظَمَ مِنْ هَذَا أهـ
قلتُ: وَلَمْ يَذْكُر كَلامَ الْمُهَلَّب وَلاَ حُجَّتَهُ، وَالّذي يَظْهَرُ أنَّ ابْنَ عُبَيدٍ اخْتَصَرَ الْحَديثَ فَلَمْ يُحْسِن الاخْتِصَارَ، وَوَقَعَ في هَذَا الَّلبْس، وَالله أَعْلَم.

إلاَّ أنَّ البُخَارِيّ لَهُ في الْقَسَامَةِ رَأْيٌ يُوَافِقهُ حَديثُ ابنُ عُبيدٍ وَلِذَلِكَ سَاقَهُ فِي بَابِ الْقَسَامَةِ، ولَمْ يُورِد فِيه الطَّرِيق الدَّالَّة عَلَى تَحْلِيف الْمُدَّعِي، وَهِيَ المسألة التي خَالَفَتْ فِيهِ الْقَسَامَة بَقِيَّة الْحُقُوق، نَبَّهَ على ذلك اِبْنُ الْمُنِير فَقَالَ: مَذْهَب الْبُخَارِيّ تَضْعِيف الْقَسَامَة، فَلِهَذَا صَدَّرَ الْبَاب بِالأَحَادِيثِ الدَّالَّة عَلَى أَنَّ الْيَمِين فِي جَانِب الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَوْرَدَ طَرِيق سَعِيد بْن عُبَيْد وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْقَوَاعِد، وَإِلْزَام الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ لَيْسَ مِنْ خُصُوصِيَّة الْقَسَامَة فِي شَيْء.
ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيث الْقَسَامَة الدَّالّ عَلَى خُرُوجهَا عَنْ الْقَوَاعِد بِطَرِيقِ الْعَرْض فِي كِتَابِ الْمُوَادَعَة وَالْجِزْيَة فِرَارًا مِنْ أَنْ يَذْكُرهَا هُنَا فَيَغْلَط الْمُسْتَدِلّ بِهَا عَلَى اِعْتِقَاد الْبُخَارِيّ.
قَالَ: وَهَذَا الْإِخْفَاء مَعَ صِحَّة الْقَصْد لَيْسَ مِنْ قَبِيل كِتْمَان الْعِلْم.
قَالَ الْحَافِظُ: الَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ الْبُخَارِيّ لاَ يُضَعِّف الْقَسَامَة مِنْ حَيْثُ هِيَ، بَلْ يُوَافِق الشَّافِعِيّ فِي أَنَّهُ لاَ قَوَد فِيهَا، وَيُخَالِفهُ فِي أَنَّ الَّذِي يَحْلِف فِيهَا هُوَ الْمُدَّعِي، بَلْ يَرَى أَنَّ الرِّوَايَات اِخْتَلَفَتْ فِي ذَلِكَ فِي قِصَّة الأَنْصَار وَيَهُود خَيْبَر فَيُرَدّ الْمُخْتَلَف إِلَى الْمُتَّفَق عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْيَمِين عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَمِنْ ثَمَّ أَوْرَدَ رِوَايَة سَعِيد بْن عُبَيْد فِي بَابِ الْقَسَامَة وَطَرِيق يَحْيَى بْن سَعِيد فِي بَابِ آخَر، وَلَيْسَ فِي شَيْء مِنْ ذَلِكَ تَضْعِيف أَصْل الْقَسَامَة وَاَللَّه أَعْلَمُ.

(3/17)


قَالَ الْمُهَلَّبُ:
وَعَلَى وَهْمِهِ يَظُنَّ القَارِئُ لَهُ أَنَّهُ عَليهِ السَّلاَمُ بَدَأَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِم بِالْيَمِينِ, عَلَى حُكْمِ سَائِرِ الْحُقُوقَ (1)، وَقَدْ أَبَى الله عَزَّ وَجَلَّ ذَلِكَ في الدِّمَاءِ، وَجَعَلَ قَوْلَ صَاحِبِ الدَّمِ مُبَدأً فِي كِتَابِهِ، بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا} إِلى {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ} فَلَّمَا أَحْيَا اللهُ تَعَالَى الْقَتِيلَ وَقَالَ: فُلاَنٌ قَتَلَنِي، وَأَخَذَ الله بَنِي إِسْرَائِيلَ بِقَوْلِهِ، وَهُو صَاحِبُ الدَّمِ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ بَعْدَهُ إِلى مَنْ دَرَأَ عَنْ نَفْسِهِ الدَّعْوَى بِالْإِنْكَارِ (2)، وَلِذَلِكَ فَهِمَهَا رَسُولُ الله صَلَّى الله
_________
(1) لاَ يَعْزُبَنَّ عَنْكَ أَنَّ الأَصْلَ فِي الدَّعَاوَى هُوَ: أَنَّ الْيَمِين عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، إلا أن مسألة الباب أعني الْقَسَامَة أَصْل بِنَفْسِهِ، خَالَفَ سَائِرَ الدَّعَاوَى، بَيَّنَ بَعْضُهُم عِلَّةَ هَذِهِ الْمُخَالَفَة فَقَالَ: ذَلِكَ لِتَعَذُّرِ إِقَامَة الْبَيِّنَة عَلَى الْقَتْل فِيهَا غَالِبًا، فَإِنَّ الْقَاصِد لِلْقَتْلِ يَقْصِد الْخَلْوَة وَيَتَرَصَّد الْغَفْلَة، وَتَأَيَّدَتْ بِذَلِكَ الرِّوَايَة الصَّحِيحَة الْمُتَّفَق عَلَيْهَا وَبَقِيَ مَا عَدَا الْقَسَامَة عَلَى الأَصْل.
قَالَ: ولَيْسَ ذَلِكَ خُرُوجًا عَنْ الأَصْل بِالْكُلِّيَّةِ، بَلْ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِنَّمَا كَانَ الْقَوْل قَوْله لِقُوَّةِ جَانِبه بِشَهَادَةِ الأَصْل لَهُ بِالْبَرَاءَةِ مِمَّا ادُّعِيَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَوْجُود فِي الْقَسَامَة فِي جَانِب الْمُدَّعِي لِقُوَّةِ جَانِبه بِاللَّوْثِ الَّذِي يُقَوِّي دَعْوَاهُ.
(2) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مُفْرَدَاتِ مَذْهَبِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ وَوَافَقَهُ الَّليْثُ، فَإذَا قَالَ الْمَرِيضُ: دَمِي عِنْد فُلاَن أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَثَر أَوْ جُرْح أوجب قوله الْقَسَامَة عِنْدهما، وَاشْتَرَطَ بَعْض الْمَالِكِيَّة الأَثَر أَوْ الْجُرْح، وَقد احْتُجَّ المهلب وغيره بِقِصَّةِ بَقَرَة بَنِي إِسْرَائِيل.
وَمَعْ خَفَاءِ الدَّلاَلَةِ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ - وكَوْنِهَا مِنْ غَامِضِ اخْتِرَاعِهِمْ كَمَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فقَدْ تَوَلَّى أَبُومحمد بْنُ حَزْم مُنَاقَشَةَ ذَلِكَ في الْمُحَلَّى، فَانْظُرْهُ: في المجلد11، ص80، وَالله الْمُوَفِّقُ.

(3/18)


عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ كِتَابِ رَبِّهِ، فَبَدَأَ الْمُدَّعِينَ كَمَا ضَبَطَتْهُ الأَئِمَّةُ الأَثْبَاتُ الْمَأْمُونُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُم، فَرَدَّ بِذَلِكَ رِوايةَ ابْنِ عُبَيدٍ وَلَمْ يُتَابِعهُ عَلَى وَهْمِهِ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ، إِلاَ أَبُوقِلاَبَةَ في حَدِيثِهِ الْمُرْسَلِ، الْغَيْرِ مُسْنَدٍ في احْتِجَاجِهِ عَلَى إِبْطَالِ الْحُكْمِ بِالْقَسَامَةِ, وَحَدِيثُهُ هَذَا خَطَأٌ مُنْقَلِبٌ عَلَيهِ مِنْ قِصَّةِ الَّذِينَ ذَكَرَ أَنَّهُمْ تَحَدَّثُوا عِنْدَ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ خَرَجُوا فَوَجَدُوا أَحَدَهُمْ قَتِيلًا، إِلى قِصَّةِ خَيْبَرَ فَرَكَّبَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى, لِقِلَّةِ حِفْظِهِ!.
وَلَقْدَ أَخْبَرَني بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ القَابِسِيّ رَضِي الله عَنْهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا قُرِئَ عَلَيهِ قَوْلُ أبِي قِلاَبَةَ هَذَا لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِالعَزِيزِ: عَجَبًا لِعُمَرَ كَيْفَ جَازَ عَلَيهِ قَوْلُ أبِي قِلاَبَةَ، وَهْوَ مِنْ بُلْهِ التَّابِعِينَ (1)، فِي إِبْطَالِ مَا ثَبَتَ مِنْ حُكْم الْقَسَامَةِ.
وَلَعَمْرِي إِنَّهُ لَعَجَبٌ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا فِي كِتَابِ اللهِ وَصَحِيحًا مِنْ حُكْمِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَمَلِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ، وَيَسْمَعُ في ذَلِكَ مِنْ أبِي قِلاَبَةَ قَوْلا مُرْسلا غَيْرَ مُسْنَدٍ كَمَا في الْبَابِ بَعْدِ هَذَا.

[1339]- (5685) خ نَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, نَا سَلاَمُ بْنُ مِسْكِينٍ, نَا ثَابِتٌ, عَنْ أَنَسٍ.
_________
(1) نَقَلَهُ ابْنُ بَطَّالٍ بِلَفْظِ: وَلَيْسَ أَبُوقِلاَبَةَ مِنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ أهـ.
وَأَيًّا كَانَ قَالَ ذَلِكَ أَبُوالْحَسَنِ القَابِسِيُّ فَإِنَّهُ مَا أَنْصَفَ، وَلَيْسَ أَبُوقِلاَبَةَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ، بَلَ كَانَ رَحِمَهُ الله فَقِيهًا نَبِيهًا، وَهذِهِ الْمُحاوَرَة الَّتي سَاَقَهَا البُخَارِيُّ في الحْدِيثِ الَّلاحِق دَلِيلٌ عَلى فِقْهِه وَمَعْرفَتِهِ وِثِقةِ النَّاسِ بِهِ، خَاصَّتِهِم وَعَامَّتِهِم، فَأَينَ هَذَا مِنْ قَوْلِ أبِي الْحَسَنِ عَفَا الله عَنْهُ؟.
وَمَنْ رَاجَع تَرجُمَة أبِي قِلاَبَةَ الجرْمِيّ عَرَف حَقِيقَة ذَلكَ، وأنه كان من سادات التابعين وفقهائهم، فَرَحِمَ الله سَلَفَنَا وَعَفَا عَنَّا وعَنْهُم.

(3/19)


و (1501) نَا مُسَدَّدٌ, نَا يَحْيَى, عَنْ شُعْبَة (1) , عن قَتَادَةَ.
ح, و (4192) (5727) نَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ, نَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ, نَا سَعِيدٌ, عَنْ قَتَادَةَ, أَنَّ أَنَسًا حدَّثَهُم.
و (3018) نَا مُعَلَّى وَ (6804) مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلِ, نَا وُهَيْبٌ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ أبِي قِلاَبَةَ, عَنْ أَنَسٍ.
و (6899) نَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ, نَا أَبُو بِشْرٍ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الأَسَدِيُّ, نَا الْحَجَّاجُ بْنُ أبِي عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَجَاءٍ مِنْ آلِ أبِي قِلاَبَةَ قَالَ: نَا أَبُوقِلاَبَةَ, أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبْرَزَ يَوْمًا سَرِيرَهُ لِلنَّاسِ, ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا, فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي الْقَسَامَةِ؟ قَالَوا: نَقُولُ الْقَسَامَةُ الْقَوَلُ (2) بِهَا حَقٌّ, وَقَدْ أَقَادَ بِهَا الْخُلَفَاءُ، فقَالَ لِي: مَا تَقُولُ يَا أَبَا قِلاَبَةَ وَنَصَبَنِي لِلنَّاسِ, فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ, عِنْدَكَ رُءُوسُ الأَجْنَادِ وَأَشْرَافُ الْعَرَبِ, أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ مُحْصَنٍ بِدِمَشْقَ أَنَّهُ قَدْ زَنَى لَمْ يَرَوْهُ أَكُنْتَ تَرْجُمُهُ؟ قَالَ: لاَ, قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ بِحِمْصَ أَنَّهُ قدْ سَرَقَ أَكُنْتَ تَقْطَعُهُ وَلَمْ يَرَوْهُ؟ قَالَ: لاَ, قُلْتُ: فَوَالله مَا قَتَلَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا قَطُّ إِلاَ فِي إِحْدَى ثَلاَثِ خِصَالٍ: رَجُلٌ قَتَلَ بِجَرِيرَةِ نَفْسِهِ فَقُتِلَ, أَوْ رَجُلٌ زَنَى بَعْدَ إِحْصَانٍ, أَوْ رَجُلٌ حَارَبَ الله وَرَسُولَهُ وَارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلاَمِ.
فَقَالَ الْقَوْمُ: أَوَلَيْسَ قَدْ حَدَّثَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ, أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَطَعَ فِي السَّرَقِ وَسَمَرَ الأَعْيُنَ ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ؟.
_________
(1) في الًاصلين: سعيد، وهو تصحيف، وسيذكره في الحديث على الصواب.
(2) في الصحيح: القودُ.

(3/20)


فَقُلْتُ: أَنَا أُحَدِّثُكُمْ, حَدَّثَنِي أَنَسُ بن مَالكٍ, أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً.
وقَالَ مُوسَى, عَنْ وُهَيْبٌ: كَانُوا فِي الصُّفَّةِ.
قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعُوهُ عَلَى الْإِسْلاَمِ, فَاسْتَوْخَمُوا الأَرْضَ, فَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ, فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ سَعِيدٌ: فَقَالَوا: يَا رسولَ الله, إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ضَرْعٍ وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ.
قَالَ أَبُو رَجَاءٍ: قَالَ: «أَفَلاَ تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِي إِبِلِهِ فَتُصِيبُونَ مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا (1)»، قَالَوا: بَلَى, فَخَرَجُوا فَشَرِبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا فَصَحُّوا, فَقَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاطَّرَدُوا النَّعَمَ, فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَرْسَلَ فِي آثَارِهِمْ, فَأُدْرِكُوا, فَجِيءَ بِهِمْ, فَأَمَرَ بِهِمْ فَقُطِّعَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ وَسَمَرَ أَعْيُنَهُمْ, ثُمَّ نَبَذَهُمْ فِي الشَّمْسِ حَتَّى مَاتُوا.
وَقَالَ أَيُّوبُ عَنْهُ, عَنْ أَنَسٍ: أُتيَ بِمَسَامِيرَ فَأُحْمِيَتْ فَكَحَلَهُمْ بِهَا.
زَادَ ثَابِتٌ: فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ مِنْهُمْ يَكْدِمُ الْأَرْضَ بِلِسَانِهِ حَتَّى يَمُوتَ.
وَقَالَ شُعْبَةُ, عَنْ قَتَادَةَ: يَعَضُّونَ الْحِجَارَةَ.
وَقَالَ أَيُّوبُ, عَنْ أبِي قِلاَبَةَ: وَمَا حَسَمَهُمْ ثُمَّ أُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَمَا سُقُوا حَتَّى مَاتُوا.
قال: فَمَا يُسْتَبْطَأُ مِنْ هَؤُلَاءِ, قَتَلُوا النَّفْسَ, وَسَرَقُوا, وَحَارَبُوا الله وَرَسُولَهُ, وَخَوَّفُوا رَسُولَ الله، وَسَعَوْا فِي الْأَرْضِ فَسَادًا.
_________
(1) قدم في نسخة وأخر في أخرى: أبوالها وألبانها.

(3/21)


قَالَ قَتَادَةُ: فَبَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ يَحُثُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُثْلَةِ.
خ: وَقَالَ هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: أَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْحُدُودُ.
وقَالَ سَلَّامُ بنُ مِسْكِينَ: فَبَلَغَنِي أَنَّ الْحَجَّاجَ قَالَ لِأَنَسٍ: حَدَّثَنِي بِأَشَدِّ عُقُوبَةٍ عَاقَبَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, فَحَدَّثَهُ بِهَذَا, فَبَلَغَ الْحَسَنَ فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنَّهُ لَمْ يُحَدِّثْهُ.
قَالَ أَبُوقِلاَبَةَ: قَالَ عَنْبَسَةُ بْنُ سَعِيدٍ: وَالله مَا سَمِعْتُ كَالْيَوْمِ قَطُّ.
قُلْتُ: أَتَرُدُّ عَلَيَّ حَدِيثِي يَا عَنْبَسَةُ, فَقَالَ: لاَ, وَلَكِنْ جِئْتَ بِالْحَدِيثِ عَلَى وَجْهِهِ, وَالله لاَ يَزَالُ هَذَا الْجُنْدُ بِخَيْرٍ مَا عَاشَ هَذَا الشَّيْخُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ.

[1340]- قَالَ أَبُوقِلاَبَةَ: قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ فِي هَذَا سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, دَخَلَ عَلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ الأَنْصَارِ, فَتَحَدَّثُوا عِنْدَهُ، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنْهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَقُتِلَ, فَخَرَجُوا بَعْدَهُ, فَإِذَا هُمْ بِصَاحِبِهِمْ يَتَشَحَّطُ فِي الدَّمِ, (فَرَجَعُوا إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَوا: يَا رَسُولَ الله صَاحِبُنَا كَانَ تَحَدَّثَ مَعَنَا فَخَرَجَ بَيْنَ أَيْدِينَا فَإِذَا نَحْنُ بِهِ يَتَشَحَّطُ فِي الدَّمِ) (1) , فَخَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «بِمَنْ تَظُنُّونَ, أَوْ مَنْ تَرَوْنَ قَتَلَهُ» , قَالَوا: نَرَى أَنَّ الْيَهُودَ قَتَلَتْهُ, فَأَرْسَلَ إِلَى الْيَهُودِ فَدَعَاهُمْ, فَقَالَ: «آنْتُمْ قَتَلْتُمْ هَذَا» , قَالَوا: لاَ, قَالَ: «أَتَرْضَوْنَ نَفَلَ خَمْسِينَ مِنْ الْيَهُودِ مَا قَتَلُوهُ»، فَقَالَوا: مَا يُبَالُونَ أَنْ يَقْتُلُوَنَا أَجْمَعِينَ, ثُمَّ يَنْفِلُونَ أَجْمَعِينَ، قَالَ: «أَفَتَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْكُمْ» , فَقَالَوا: مَا كُنَّا لِنَحْلِفَ, فَوَدَاهُ مِنْ عِنْدِهِ.
_________
(1) سقط من الأَصل، واستدركته من النسخة الثانية.

(3/22)


[1341]- قَالَ أَبُوقِلاَبَةَ: قُلْتُ: وَقَدْ كَانَتْ هُذَيْلٌ خَلَعُوا خَلِيعًا لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَطَرَقَ أَهْلَ بَيْتٍ مِنْ الْيَمَنِ بِالْبَطْحَاءِ, فَانْتَبَهَ لَهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ, فَحَذَفَهُ بِالسَّيْفِ, فَقَتَلَهُ, فَجَاءَتْ هُذَيْلٌ فَأَخَذُوا الْيَمَانِيَّ فَرَفَعُوهُ إِلَى عُمَرَ بِالْمَوْسِمِ, وَقَالَوا: قَتَلَ صَاحِبَنَا, فَقَالَ: إِنَّهُمْ قَدْ خَلَعُوهُ, فَقَالَ: يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْ هُذَيْلٍ مَا خَلَعُوهُ, قَالَ: فَأَقْسَمَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ رَجُلًا وَقَدِمَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنْ الشَّامِ, فَسَأَلُوهُ أَنْ يُقْسِمَ, فَافْتَدَى يَمِينَهُ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ, فَأَدْخَلُوا مَكَانَهُ رَجُلًا آخَرَ, فَدَفَعَهُ إِلَى أَخِي الْمَقْتُولِ, فَقُرِنَتْ يَدُهُ بِيَدِهِ, قَالَوا: فَانْطَلَقَا وَالْخَمْسُونَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِنَخْلَةَ أَخَذَتْهُمْ السَّمَاءُ فَدَخَلُوا فِي غَارٍ فِي الْجَبَلِ فَانْهَجَمَ الْغَارُ عَلَى الْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا فَمَاتُوا جَمِيعًا, وَأَفْلَتَ الْقَرِينَانِ, وَاتَّبَعَهُمَا حَجَرٌ, فَكَسَرَ رِجْلَ أَخِي الْمَقْتُولِ, فَعَاشَ حَوْلًا ثُمَّ مَاتَ.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ أَقَادَ رَجُلًا بِالْقَسَامَةِ ثُمَّ نَدِمَ بَعْدَ مَا صَنَعَ فَأَمَرَ بِالْخَمْسِينَ الَّذِينَ أَقْسَمُوا فَمُحُوا مِنْ الدِّيوَانِ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الشَّامِ (1).
_________
(1) نَقَلَ ابْنُ بَطَّالٍ عَن الْمُهَلَّبِ تَعْلِيلَ حَدِيثِ أبِي قِلاَبَةَ، فَقَالَ: وَمَا اعْتَرضَ بِه أَبُوقِلابَةَ مِن حَدِيثِ العُرَنِيِّينَ، لا اعْتِراضَ فِيه عَلَى القَسَامَةِ بِوجْهٍ مِن الوُجُوهِ؛ لِجَوازِ قِيامِ البَيّنةِ والدَّلاَئِلِ الَّتِى لاَ دَافعَ لَهَا عَلَى تَحْقِيقِ الْجِنَايةِ عَلَى العُرَنِيينَ، وَلَيس هَذَا مِنْ طَرِيقِ القَسَامَةِ فِى شَيْءٍ؛ لِأنَّ القَسَامَةَ إِنَّمَا تَكُون فى الدَّعَاوَى، وَالاخْتِفَاء بِالقَتْلِ حَيثُ لاَ بَيّنةَ وَلاَ دَلِيلٌ، وَأمْرُ العُرَنِيينَ كَانَ بَيْن ظَهْرَانى النَّاس وَمُمْكِنٌ فِيهِ الشَّهَادةُ؛ لِأنَّ العُرَنيينَ كَشَفُوا وُجُوهَهَمْ لِقَطْعِ السَّبيلِ، وَالخُروجِ عَلَى الْمُسلِمينَ بِالْقَتْلِ وَاسْتِياقِ الإبِلِ، فَقَامَتْ عَلْيهِم الشَّوَاهِدُ البَيّنةُ فَأَمْرُهُم غَيْر أَمْرِ مَن ادَّعَى عَلَيهِ بِالْقَتلِ، وَلاَ شَاهِدٌ يَقُومُ عَلَيهِ، وَمَا ذَكَرَ مِنْ الَّذينَ انْهَدَم عَليهِم الغَارُ لاَ يُعارَضُ بِهِ مَا تَقَدَّمَ مِن السُّنَّةِ فى الْقَسَامَةِ، وَليسَ رَأيُ أبِي قِلاَبةَ حُجَّةً عَلى جَمَاعَة التَّابِعينَ وَلاَ تُرَدُّ بِمِثلِهِ السُّنَنُ، وَكَذَلكَ مَحْوُ عَبْدِالملكِ مِن الدِّيوَانِ لِأسْمَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا لاَ حُجَّةَ فِيه عَلى إِبْطَالِ القَسَامةِ؛ وَإِنَّمَا ذَكَرَ البُخَاريُ هَذَا كَلَّهُ بِلا إِسْنادٍ، وَصَدَّرَ بِهِ كِتَابِ الْقَسَامَةِ؛ لِأَنَّ مَذْهبَهُ تَضْعيفُ الْقَسَامةِ، وَيَدُلُّ عَلى ذَلِكَ أَنَّهُ أَتَى بِحَديثِ القَسَامَةِ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْجِزْيةِ وَالمُوَادَعَةِ.
ثُمَّ ذَكَرَ اخْتِلاَفَ الْفُقَهَاءِ فِي الْقَولِ بِهَا ..

(3/23)


قَالَ الْمُهَلَّبُ:
انْظُرْ جَعَلَ يَمِينَهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ مَا خَلَعُوهُ مَكَانَ الْقَسَامَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُمْ أَقْسَمُوا عَلَى الْدَّمِ، فَجَعَلَ انْهِدَامَ الْغَارِ عَلَيْهِمْ عُقُوبَةً عَلَى الْقَسَامَةِ فِي الدِّيَةِ، وَقَطَعَ بِذَلِكَ، وَقَدْ قَالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا خَلَعُوهُ، فَقَسَمُهُمْ غَمُوسٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَهِي قِصَّةٌ غَيْرُ مَرْوِيَّةٍ, وَلاَ يُعَارَضُ بِمِثْلِهَا مَا ثَبَتَ بِالأَئِمَّةِ مِنْ حُكْمِ الرَّسُولِ بِالْقَسَامَةِ وَالْخُلَفَاءِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، وَهَذِهِ حِكَايَةٌ مِنْهُ مُرْسَلَةٌ غَيْرُ مُسْنَدَةٍ.
وخرجه في بَاب أَبْوَالِ الْإِبِلِ وألبانها (233)، وفي بَاب إِذَا حَرَّقَ الْمُشْرِكُ الْمُسْلِمَ هَلْ يُحَرَّقُ (3018)، وفي بَاب قِصَّةِ عُكْلٍ (1) وَعُرَيْنَةَ (4192)، وبَاب الدَّوَاءِ بِأَلْبَانِ الْإِبِلِ وأبوالها (5685) (5686)، وفي بَاب مَنْ خَرَجَ مِنْ أَرْضٍ لَا تُلَايِمُهُ (5727)، وفي بَاب اسْتِعْمَالِ إِبِلِ الصَّدَقَةِ وَأَلْبَانِهَا لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ (1501)، وفي باب تفسير قوله عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} الآية (4610) , وفي بَاب الْمُحَارِبِينَ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالرِّدَّةِ (6802)، وبَاب لَمْ يَحْسِمْ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَارِبِينَ مِنْ أَهْلِ الرِّدَّةِ حَتَّى هَلَكُوا (6803)، وفي بَاب لَمْ يُسْقَ الْمُرْتَدُّونَ الْمُحَارِبُونَ حَتَّى مَاتُوا (6804) , وبابُ الْقَسَامَةِ (6899)، وبَاب سَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْيُنَ الْمُحَارِبِينَ (6805).
وفي بَاب غَزْوَةِ ذِي قَرَدَ (؟)، لاِخْتِلاَفِهِمْ فِي مَنْ كَانُوا.
_________
(1) هكذا ثبت في الأصل، مع أن الأصيلي قال في الترجمة في المغازي: عضل، لا عكل.

(3/24)


بَاب مَنْ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ قَوْمٍ فَفَقَئُوا عَيْنَهُ فَلَا دِيَةَ لَهُ
[1342]- (6900) خ نَا أَبُو النُّعْمَانِ (1) , نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ عُبَيْدِ الله بْنِ أبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ, عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ مِنْ حُجْرٍ فِي حُجَرِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَامَ إِلَيْهِ بِمِشْقَصٍ أَوْ بِمَشَاقِصَ وَجَعَلَ يَخْتِلُهُ لِيَطْعُنَهُ.

[1343]- (6901) خ وَنَا قُتَيْبَةُ, نَا اللَّيْثُ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, أَنَّ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَجُلًا اطَّلَعَ فِي جُحْرٍ فِي بَابِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَمَعَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِدْرًى يَحُكُّ بِهِ رَأْسَهُ، فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْتَظِرُنِي لَطَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنَيْكَ».
قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِذْنُ مِنْ قِبَلِ الْبَصَرِ».
وخرجهما في بَاب الِاسْتِئْذَانُ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ (6241) (6242)، وفي بَاب الِامْتِشَاطِ (5924).

[1344]- (6902) خ وَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الله, نَا سُفْيَانُ, نَا أَبُو الزِّنَادِ, عَنْ الْأَعْرَجِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ أَنَّ امْرَءًا اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ فَخَذَفْتَهُ بِعَصَاةٍ فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ».

بَاب الْعَاقِلَةِ
[1345]- (111) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ, نَا وَكِيعٌ عنْ سُفْيانَ.
ح, و (6902) نَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ - لَفْظُهُ - عنْ سُفْيَانَ, عَنْ مُطَرِّفٍ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ: سَأَلْتُ عَلِيًّا: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ لَيْسَ فِي
_________
(1) تصحف في بعض النسخ المطبوعة إلى: نَا أَبُواليمان.

(3/25)


الْقُرْآنِ؟ ومَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ؟ , فَقَالَ: وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ, وَبَرَأَ النَّسَمَةَ, مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآنِ, إِلَّا فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِي كِتَابِهِ, وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ.

[1346]- و (3179) نَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ, نَا سُفْيَانُ, عَنْ الأَعْمَشِ, ح، وَ (1870) نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ, نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ, نَا سُفْيَانُ, عَنْ الْأَعْمَشِ.
و (7300) نَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ (بْنِ غِيَاثٍ) , أخبرني أَبِي, نَا الأَعْمَشُ, عن إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ قال: حَدَّثَنِي أبِي قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيُّ (بنُ أبي طَالِبٍ) عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ, وَعَلَيْهِ سَيْفٌ فِيهِ صَحِيفَةٌ مُعَلَّقَةٌ, فَقَالَ: وَالله مَا عِنْدَنَا مِنْ كِتَابٍ يُقْرَأُ إِلاَ كِتَابُ الله عَزَّ وَجَلَّ.
وقَالَ أَبُوجُحَيْفَة: أَوْ فَهْمٌ أُعْطِيَهُ رَجُلٌ مُسْلِمٌ.
قَالَ التَّيْمِيُّ: وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ, قَالَ: قُلْتُ: وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: الْعَقْلُ وَفَكَاكُ الأَسِيرِ وَلاَ يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ.
قَالَ وَكِيعٌ: الْجِرَاحَاتُ وَأَسْنَانُ الْإِبِلِ.
قَالَ حَفْصٌ: فَنَشَرَهَا فَإِذَا فِيهَا الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مِنْ عَيْرٍ إِلَى كَذَا, قَالَ ابن كثير: إلى ثورٍ.
قَالَ حَفْصٌ: فَمَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أو آوى محدثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ الله مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلًا.
(وَإِذَا فِيهِ: ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ الله مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلًا) (1).
_________
(1) سقط من الأصلين وهو في الصحيح.

(3/26)


وَإِذَا فِيهَا: مَنْ وَالَى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يَقْبَلُ الله مِنْهُ صَرْفًا وَلاَ عَدْلًا.
وقَالَ وَكِيعٌ: مَنْ وَالَى غَيْرَ مَوَالِيهِ.
وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَا يُكْرَهُ مِنْ التَّعَمُّقِ وَالتَّنَازُعِ فِي الْعِلْمِ وَالْغُلُوِّ فِي الدِّينِ (7300) , وفِي بَابِ كِتَابَةِ الْعِلْمِ (111) , وبَاب إِثْمِ مَنْ عَاهَدَ ثُمَّ غَدَرَ (3179) , وبَاب حَرَمِ الْمَدِينَةِ (1870)، وفِي بَابِ لاَ يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ (6915) , وبَاب فَكَاكِ الأَسِيرِ (3047) , وبَاب إِثْمِ مَنْ تَبَرَّأَ مِنْ مَوَالِيهِ (6755).

بَاب جَنِينِ الْمَرْأَةِ
[1347]- (6909) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ, نا اللَّيْثُ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ، ح, و (5759) نَا قُتَيْبَةُ, عَنْ مَالِكٍ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, ح, و (6910) نَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ, نَا ابْنُ وَهْبٍ, أخبرني يُونُسُ, عَنْ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ سعيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ, وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عن أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: اقْتَتَلَتْ امْرَأَتَانِ مِنْ هُذَيْلٍ فَرَمَتْ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِحَجَرٍ فَقَتَلَتْهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا، فَاخْتَصَمُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَضَى أَنَّ دِيَةَ جَنِينِهَا غُرَّةٌ عَبْدٌ أَوْ وَلِيدَةٌ.
زَادَ مَالِكٌ: فَقَالَ الَّذِي قُضِيَ عَلَيْهِ: كَيْفَ أَغْرَمُ مَا لاَ أَكَلَ وَلاَ شَرِبَ، وَلاَ نَطَقَ وَلاَ اسْتَهَلَّ، وَمِثْلُ ذَلِكَ بَطَل (1)، فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا هَذَا مِنْ إِخْوَانِ الْكُهَّانِ».
وزَادَ الْلَّيْثُ: ثُمَّ إِنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا بِالْغُرَّةِ تُوُفِّيَتْ, فَقَضَى رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِيرَاثَهَا لِبَنِيهَا وَزَوْجِهَا, وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى عَصَبَتِهَا.
_________
(1) في غالب روايات الصحيح: فَمِثْل ذَلِكَ يُطَلّ، ووافق ما في روايتنا الكشميهني.

(3/27)


وقَالَ ابنُ وَهْبٍ: على عَاقِلَتِهَا.
وَخَرَّجَهُ في: بَاب جَنِينِ الْمَرْأَةِ وَأَنَّ الْعَقْلَ عَلَى الْوَالِدِ وَعَصَبَةِ الْوَالِدِ لاَ عَلَى الْوَلَدِ (6910) , وفِي بَابِ الْكِهَانَةِ (5758 - 5760) , وفي الفرائِضِ باب مِيراثِ المرْأةِ والزَّوجِ مَع الوَلَدِ وَغَيْرِه (6740).

بَاب مَنْ اسْتَعَانَ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا
خ: وَيُذْكَرُ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ بَعَثَتْ إِلَى مُعَلِّمِ الْكُتَّابِ: ابْعَثْ إِلَيَّ غِلْمَانًا يَنْفُشُونَ صُوفًا وَلاَ تَبْعَثْ إِلَيَّ حُرًّا.

[1348]- (6911) خ نَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ, أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ, عَنْ أَنَسِ بنِ مالكٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أَخَذَ أَبُوطَلْحَةَ بِيَدِي فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله إِنَّ أَنَسًا غُلاَمٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ, قَالَ: فَخَدَمْتُهُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ, فَوَالله مَا قَالَ لِي النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشَيْءٍ صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا، وَلاَ لِشَيْءٍ لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا.
وَخَرَّجَهُ في: باب حسن الخلق وما يكره من البخل (6038).

بَاب الْعَجْمَاءُ جُبَارٌ
وَقَالَ محمدُ بْنُ سِيرِينَ: كَانُوا لاَ يُضَمِّنُونَ مِنْ النَّفْحَةِ وَيُضَمِّنُونَ مِنْ أدار (1) الْعِنَانِ.
_________
(1) في الصحيح: رد العنان.

(3/28)


وَقَالَ حَمَّادٌ لاَ تُضْمَنُ النَّفْحَةُ إِلاَ أَنْ يَنْخُسَ إِنْسَانٌ الدَّابَّةَ وَقَالَ شُرَيْحٌ لاَ تُضْمَنُ مَا عَاقَتْ (1) أَنْ يَضْرِبَهَا فَتَضْرِبَ بِرِجْلِهَا، وَقَالَ حَمَّادٌ (2): إِذَا سَاقَ الْمُكَارِي حِمَارًا عَلَيْهِ امْرَأَةٌ فَتَخِرُّ لاَ شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا سَاقَ دَابَّةً فَأَتْعَبَهَا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَتْ وَإِنْ كَانَ خَلْفَهَا مُتَرَسِّلًا لَمْ يَضْمَنْ.

بَاب إِذَا عَرَّضَ الذِّمِّيُّ وَغَيْرُهُ بِسَبِّ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُصَرِّحْ
[1349]- (6962) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ, أنا عَبْدُ الله, أنا شُعْبَةُ, عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: مَرَّ يَهُودِيٌّ.

[1350]- و (6024) نَا الأُوَيْسِيُّ, نَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ, عَنْ صَالِحٍ, عَنْ الزُّهْرِيِّ, عَنْ عُرْوَةَ, عن عَائِشَةَ.
ح, وَ (6401) نَا قُتَيْبَةُ, و (6030) مُحَمَّدُ بْنُ سَلاَمٍ, نَا عَبْدُ الْوَهَّابِ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ, عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ يَهُودَ أَتَوْا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَوا: السَّامُ عَلَيْكُمْ, قَالَ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: قَالتْ: فَفَهِمْتُهَا, فَقُلْتُ: السَّامُ عَلَيْكُمْ وَلَعَنَكُمْ الله وَغَضِبَ عَلَيْكُمْ.
فقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَهْلًا يَا عَائِشَةُ, عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ وَإِيَّاكِ وَالْعُنْفَ وَالْفُحْشَ».
زَادَ الزُّهْرِيُّ: «إِنَّ الله يُحِبُّ الرِّفْقَ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ».
_________
(1) كذا في النسخة، وفي الصحيح: عَاقَبَتْ.
(2) في الصحيح زيادة: وَقَالَ الْحَكَم و ..

(3/29)


قَالاَ: فقَالَتْ: يَا نَبِيَّ اللهِ, أَوَلَمْ تَسْمَعْ مَا يقولون؟، قَالَ: «أَوَلَمْ تَسْمَعِي مَا رَدَدْتُ عَلَيْهِمْ، أَقُولُ وَعَلَيْكُمْ»، قالَ: أَيُّوبُ: «فَيُسْتَجَابُ لِي فِيهِمْ وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِيَّ».
زَادَ أَنَسٌ: فقَالَوا: يَا رَسُولَ الله أَلاَ نَقْتُلُهُ؟ قَالَ: «لاَ، إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ».

وَخَرَّجَهُ في: بَاب الرِّفْقِ فِي الأَمْرِ كُلِّهِ (6024) , وفِي بَابِ يُسْتَجَابُ لَنَا فِي الْيَهُودِ وَلاَ يُسْتَجَابُ لَهُمْ فِينَا (6401) , وفِي بَابِ لَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا الباب (6030) , وفِي بَابِ كيف الرد على أهل الذمة (6256) (6258).
بَاب

[1351]- (6929) خ نَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ, نَا أَبِي, نَا الأَعْمَشُ, نَا شَقِيقٌ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الله: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنْ الأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ فَأَدْمَوْهُ، فَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ: «اللهم اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ».

(3/30)


باب اسْتِتَابَةِ الْمُرْتَدِّينَ وَالْمُعَانِدِينَ وَقِتَالِهِمْ (1)
وإِثْمِ مَنْ أَشْرَكَ بِالله وَعُقُوبَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، وقَالَ {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.

[1352]- (6918) خ نَا قُتَيْبَةُ, نَا جَرِيرٌ, عَنْ الأَعْمَشِ, عَنْ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ عَلْقَمَةَ, عَنْ عَبْدِ الله قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} شَقَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَقَالَوا: أَيُّنَا لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ لَيْسَ بِذَلكَ, أَلاَ تَسْمَعُ إِلَى قَوْلِ لُقْمَانَ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}».
وَخَرَّجَهُ في: باب مَا جَاءِ في المتَأوِّلينَ (6937).

[1353]- (6912) نَا خَلاَدُ بْنُ يَحْيَى, نَا سُفْيَانُ, عَنْ مَنْصُورٍ, وَالأَعْمَشِ, عَنْ أبِي وَائِلٍ, عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله أَنُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالَ: «مَنْ أَحْسَنَ فِي الْإِسْلاَمِ لَمْ يُؤَاخَذْ بِمَا عَمِلَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَسَاءَ فِي الْإِسْلاَمِ أُخِذَ بِالأَوَّلِ وَالْآخِرِ».

باب حُكْمِ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ وَاسْتِتَابَتِهمَ
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ وَالزُّهْرِىُّ وَإِبْرَاهِيمُ: تُقْتَلُ الْمُرْتَدَّةُ.
وَقَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} إلَى قَوْلِهِ {لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ
_________
(1) هذا الباب في هذه الرواية عند الأصيلي والقابسي ووافقهما المستملي هو كتاب عند سواهم، ولذلك ينقص عدد كتب الصحيح في هذه الروايات، والأمر في ذلك هين.

(3/31)


وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ}، وَقَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)} وَقَالَ {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا} وقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} وقوله عَزَّ وَجَلَّ {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106) ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} إلَى قَوْلِهِ {مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} وقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} الآية.

[1354]- (4341) خ نَا مُوسَى بنُ إسْماعِيل, نَا أَبُوعَوَانَةَ, نَا عَبْدُ الْمَلِكِ, عَنْ أبِي بُرْدَةَ.
و (4344) نَا مُسْلِمٌ, نَا شُعْبَةُ, نَا سَعِيدُ بْنُ أبِي بُرْدَةَ, عَنْ أَبِيهِ.
ح، (7149) نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ, نَا أَبُوأُسَامَةَ, عَنْ بُرَيْدٍ, عَنْ أبِي بُرْدَةَ, عَنْ أبِي مُوسَى.
و (6923) نَا مُسَدَّدٌ, نَا يَحْيَى, عَنْ قُرَّةَ بْنِ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ هِلاَلٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُوبُرْدَةَ, عَنْ أبِي مُوسَى قَالَ: أَقْبَلْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعِي رَجُلاَنِ مِنْ الأَشْعَرِيِّينَ، أَحَدُهُمَا عَنْ يَمِينِي وَالْآخَرُ عَنْ يَسَارِي، وَرَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ، وَكِلاَهُمَا.
قَالَ أَبُوأُسَامَةَ: فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ: أَمِّرْنَا يَا رَسُولَ الله, وَقَالَ الْآخَرُ مِثْلَهُ.

(3/32)


قَالَ حُمَيْدٌ: فَقَالَ: «يَا أَبَا مُوسَى, أَوْ يَا عَبْدَ الله بْنَ قَيْسٍ» , قَالَ: قُلْتُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَطْلَعَانِي عَلَى مَا فِي أَنْفُسِهِمَا, وَمَا شَعَرْتُ أَنَّهُمَا يَطْلُبَانِ الْعَمَلَ, فَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى سِوَاكِهِ تَحْتَ شَفَتِهِ قَلَصَتْ, فَقَالَ: «لَنْ أَوْ لاَ نَسْتَعْمِلُ عَلَى عَمَلِنَا مَنْ أَرَادَهُ»، زَادَ أَبُوأُسَامَةَ: «وَلاَ مَنْ حَرَصَ عَلَيْهِ» , زَادَ حُمَيْدٌ: «وَلَكِنْ اذْهَبْ أَنْتَ يَا أَبَا مُوسَى أَوْ يَا عَبْدَ الله بْنَ قَيْسٍ إِلَى الْيَمَنِ».
ثُمَّ اتَّبَعَهُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ, زَادَ عَبْدُالْمَلِكِ: قَالَ: وَبَعَثَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِخْلاَفٍ, قَالَ: وَالْيَمَنُ مِخْلاَفَانِ, ثُمَّ قَالَ: «يَسِّرَا وَلاَ تُعَسِّرَا وَبَشِّرَا وَلاَ تُنَفِّرَا».
زَادَ سَعِيدٌ: «وَتَطَاوَعَا».
قَالَ عَبْدُالْمَلِكِ: فَانْطَلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عَمَلِهِ, وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا سَارَ فِي أَرْضِهِ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ, فَسَارَ مُعَاذٌ فِي أَرْضِهِ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أبِي مُوسَى, فَجَاءَ يَسِيرُ عَلَى بَغْلَتِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ, فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ وَقَدْ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ, وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ قَدْ جُمِعَتْ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ, فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: يَا عَبْدَ الله بْنَ قَيْسٍ، أَيُّمَ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلاَمِهِ.
زَادَ حُمَيْدٌ: قَالَ: كَانَ يَهُودِيًّا فَأَسْلَمَ ثُمَّ تَهَوَّدَ, وأَلْقَى لَهُ وِسَادَةً, قَالَ: انْزِلْ, قَالَ: لاَ أَجْلِسُ حَتَّى يُقْتَلَ قَضَاءُ الله وَرَسُولِهِ، ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
قَالَ عَبْدُالْمَلِكِ: قَالَ: إِنَّمَا جِيءَ بِهِ لِذَلِكَ فَانْزِلْ, قَالَ: مَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ, فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ ثُمَّ نَزَلَ.
قَالَ حُمَيْدٌ: ثُمَّ تَذَاكَرَا قِيَامَ اللَّيْلِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا، وقَالَ عَبْدُالْمَلِكِ: قَالَ: يَا عَبْدَ الله, كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قَالَ سعيدٌ: قَالَ: قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى رَاحِلَتِي وَأَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا،

(3/33)


قَالَ عَبْدُالْمَلِكِ: فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟ قَالَ: أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي مِنْ النَّوْمِ, فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ الله لِي, فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي.
وَخَرَّجَهُ في: بَاب بَعْثُ أبِي مُوسَى وَمُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ (قَبْلَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ) (4341 - 4345) , وفِي بَابِ مَا يُكْرَهُ مِنْ الْحِرْصِ عَلَى الْإِمَارَةِ (7149) , وفِي بَابِ الْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِالْقَتْلِ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ دُونَ الْإِمَامِ (7156) , وفِي بَابِ اسْتِئْجَارُ الرَّجُلِ الصَّالِحِ، الباب, وَمَنْ لَمْ يَسْتَعْمِلْ مَنْ أَرَادَ العملَ (2261) , وفِي بَابِ أَمْرِ الْوَالِي إِذَا وَجَّهَ أَمِيرَيْنِ (7172) , وفِي بَابِ قَوْلِه «يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا» (6124).

[1355]- (6922) خ نَا أَبُوالنُّعْمَانِ, نَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: أُتِيَ عَلِيٌّ رَضِيَ الله عَنْهُ بِزَنَادِقَةٍ فَأَحْرَقَهُمْ, فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحْرِقْهُمْ لِنَهْيِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ الله» وَلَقَتَلْتُهُمْ, لِقَوْلِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ».
وَخَرَّجَهُ في: باب لا يعذب بعذاب الله (3017).

بَاب قِتالِ الْخَوَارِجِ وَالْمُلْحِدِينَ بَعْدَ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ
ومَنْ تَرَكَ قِتَالَهم لِلتَّأَلُّفِ وَأَنْ لاَ يَنْفِرَ النَّاسُ عَنْهُ, وَقَوْلِ الله جل ثناؤه {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} , وَكَانَ (عَبدُاللهِ) بْنُ عُمَرَ يَرَاهُمْ شِرَارَ خَلْقِ الله عَزَّ وَجَلَّ، وَقَالَ: إِنَّهُمْ انْطَلَقُوا إِلَى آيَاتٍ (1) نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ فَجَعَلُوهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ.
_________
(1) في الأصل الثاني: آية.

(3/34)


[1356]- (6934) خ نَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ, نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ, نَا الشَّيْبَانِيُّ, نَا يُسَيْرُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: قُلْتُ لِسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ: هَلْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي الْخَوَارِجِ شَيْئًا؟.

[1357]- (6930) ح نَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ, نَا أَبِي, نَا الأَعْمَشُ, نَا خَيْثَمَةُ, نَا سُوَيْدُ بْنُ غَفَلَةَ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَوَالله لأَنْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خِدْعَةٌ, وَإِنِّي سَمِعْتُ النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ حِدَاثُ الأَسْنَانِ, سُفَهَاءُ الأَحْلاَمِ, يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ».

[1358]- و (7562) نَا أَبُوالنُّعْمَانِ, نَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ, يُحَدِّثُ عَنْ مَعْبَدِ (1) بْنِ سِيرِينَ, عَنْ أبِي سَعِيدٍ, عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَخْرُجُ قومٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ».
خ: وقَالَ سَهْلُ بْنُ حَنِيفٍ: وَأَهْوَى بِيَدِهِ قِبَلَ الْعِرَاقِ: «يَخْرُجُ مِنْهُ قَوْمٌ».

[1359]- وَ (6931) نَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى, نَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, عَنْ أبِي سَلَمَةَ, وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ, أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ, فَسَأَلاَهُ عَنْ الْحَرُورِيَّةِ: أَسَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي مَا الْحَرُورِيَّةُ, سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلاَتَكُمْ مَعَ صَلاَتِهِمْ».
_________
(1) في الأصل: سعيد بن سيرين، وهو تصحيف، والله أعلم.

(3/35)


[1360]- خ و (3138) نَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, نَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ, نَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ, عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ الله قَالَ: بَيْنَمَا رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ غَنِيمَةً بِالْجِعْرَانَةِ, إِذْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ: اعْدِلْ, فَقَالَ: «لَقَدْ شَقِيتَ (1) إِنْ لَمْ أَعْدِلْ».

[1361]- و (3610) نَا أَبُوالْيَمَانِ, أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ، و (6933) نَا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ, نَا هِشَامٌ, أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ, عَنْ الزُّهْرِيِّ.
ح و (4351) نَا قُتَيْبَةُ, نَا عَبْدُ الْوَاحِدِ, عَنْ عُمَارَةَ, حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أبِي نُعْمٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ.
حَ، و (7432) نَا إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ, نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ, أَخْبَرَنَا, سُفْيَانُ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ ابْنِ أبِي نُعْمٍ, عَنْ أبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: بَعَثَ عَلِيٌّ وَهُوَ بِالْيَمَنِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذُهَيْبَةٍ فِي تُرْبَتِهَا, فَقَسَمَهَا بَيْنَ أربعة: الأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ الْحَنْظَلِيِّ, ثُمَّ أَحَدِ بَنِي مُجَاشِعٍ, وَبَيْنَ عُيَيْنَةَ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيِّ, وَبَيْنَ عَلْقَمَةَ بْنِ عُلاَثَةَ الْعَامِرِيِّ, ثُمَّ أَحَدِ بَنِي كِلاَبٍ, وَبَيْنَ زَيْدِ الْخَيْلِ الطَّائِيِّ ثُمَّ أَحَدِ بَنِي نَبْهَانَ, فَتَغَضَّبَتْ (2) قُرَيْشٌ وَالأَنْصَارُ, فَقَالَوا: يُعْطِيهِ صَنَادِيدَ أَهْلِ نَجْدٍ وَيَدَعُنَا.
_________
(1) هكذا ضبطها في الأصل، وهو الصحيح عن قرة فقد ضبطها قرة في رواية حجاج عنه، أخرج حديثه المستغفري في الفضائل (52)، وقَالَ قرة: لقد شقيتَ لقد شقيتَ، كرره بالفتح لينبه المستمع.
قَالَ الْحَافِظُ: بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ لِلأَكْثَرِ، وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ وَلاَ مَحْذُورَ فِيهِ، وَالشَّرْطُ لاَ يَسْتَلْزِمُ الْوُقُوعَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ لاَ يَعْدِلُ حَتَّى يَحْصُلَ لَهُ الشَّقَاءُ، بَلْ هُوَ عَادِلٌ فَلاَ يَشْقَى.
وَحَكَى عِيَاضٌ فَتْحَهَا وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ، وَحَكَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنْ رِوَايَةِ شَيْخِهِ الْمَنِيعِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ عَنْ قُرَّةَ، وَالْمَعْنَى لَقَدْ شَقِيت أَيْ ضَلَلْت أَنْتَ أَيّهَا التَّابِعُ حَيْثُ تَقْتَدِي بِمَنْ لاَ يَعْدِلُ، أَوْ حَيْثُ تَعْتَقِدُ فِي نَبِيِّك هَذَا الْقَوْلَ الَّذِي لاَ يَصْدُرُ عَنْ مُؤْمِنٍ أهـ
قلت: رواية عثمان بن عمر مع رواية حجاج توجب المصير إلى الفتح في حديث قرة، ومن رواه بالضم أخطأ على قرة، والله أعلم.
(2) في الصحيح: فَتَغَيَّظَتْ.

(3/36)


زَادَ عُمَارَةُ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: كُنَّا نَحْنُ أَحَقَّ بِهَذَا مِنْ هَؤُلاَءِ, فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَلاَ تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً».
زَادَ سُفْيَانُ: «إِنَّمَا أَتَأَلَّفُهُمْ».
فَأَقْبَلَ رَجُلٌ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ، نَاتِئُ الْجَبِينِ، كَثُّ اللِّحْيَةِ، مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ, مَحْلُوقُ الرَّأْسِ.
زَادَ عُمَارَةُ: مُشَمَّرُ الْإِزَارِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله, اتَّقِ الله, قَالَ: «وَيْلَكَ أَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ الله».
وقَالَ سُفْيَانُ: فَقَالَ: «فَمَنْ يُطِيعُ الله إِذَا عَصَيْتُهُ, فَيَأْمَنُنِي عَلَى أَهْلِ الأَرْضِ وَلاَ تَأْمَنُونِي».
قَالَ عُمَارَةُ: ثُمَّ وَلَّى, فقَالَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ: يَا رَسُولَ الله, أَلاَ أَضْرِبُ عُنُقَهُ, قَالَ: «لاَ، لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي»، فَقَالَ خَالِدٌ: وَكَمْ مَنْ يُصَلِّي يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ, قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أَنْقُبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ وَلاَ أَشُقَّ بُطُونَهُمْ».
قَالَ: ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْهِ وَهُوَ مُقَفٍّ فَقَالَ: «إِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ ضِئْضِئِ هَذَا قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ الله رَطْبًا لاَ يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ».
قَالَ مَعْمَرٌ: وقَالَ الزُّهْرِيُّ، عَنْ أبِي سَلَمَةَ، عَنْ أبِي سَعِيدٍ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ إذْ جَاءَ عَبْدُ الله بْنُ ذِي الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِيُّ.
وَقَالَ شُعَيْبٌ: أَتَاهُ ذُو الْخُوَيْصِرَةِ وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله اعْدِلْ, فَقَالَ: «وَيْلَكَ وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ, قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ

(3/37)


أَعْدِلُ»، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ الله, ائْذَنْ لِي أَضْرِبُ عُنُقَهُ, فَقَالَ: «دَعْهُ, فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ, وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ, يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ, يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ, يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ, (ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ, ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ وَهُوَ قِدْحُهُ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ) (1) ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ, قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ».
(5058) زَادَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أبِي سَلَمَةَ: «فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقِ، هَلْ عَلَقَ بِهَا مِنْ الدَّمِ شَيْءٌ».
قَالَ مَعْمَرٌ (2) عَنْ الزُّهْرِيِّ: «آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنْ النَّاسِ».
زَادَ عُمَارَة: فَأَظُنُّهُ قَالَ: «لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ ثَمُودَ».
زَادَ مَعْبَدُ بْنُ سِيرِينَ: قِيلَ: مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: «سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ والتَّسْبِيدُ».
وزَادَ سُفْيَانُ: «يَقْتُلُونَ أَهْلَ الْإِسْلاَمِ وَيَدَعُونَ أَهْلَ الأَوْثَانِ، لَئِنْ أَدْرَكْتُهُمْ لأَقْتُلَنَّهُمْ قَتْلَ عَادٍ».
زَادَ عَلِيٌّ: قَالَ: «فَأَيْنَمَا ثَقِفْتُمُوهُم (3) فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ قَتْلَهُمْ أَجْرٌ لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
قَالَ أَبُوسَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ, فَأَمَرَ بِذَلِكَ
_________
(1) سقط ما بين القوسين على الناسخ من انتقَالَ النظر.
(2) هكذا في الأصل، وهذا اللفظ ليس لمعمر بل لشعيب عن الزهري.
(3) في الصحيح: لَقِيتُمُوهُمْ.

(3/38)


الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ, فَأُتِيَ بِهِ, حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ.
زَادَ مَعْمَرٌ: قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيهِ {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ}.
وَخَرَّجَهُ في: بَاب بِعْثة عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ إِلَى الْيَمَنِ (4351) , وفِي بَابِ {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ} (7432) , وفِي بَابِ قَوْلِهِ {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} (3344)، وَخَرَّجَهُ في: بَاب عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ (3610 - 3611) وفِي بَابِ قَوْلِ الرَّجُلِ وَيْلَكَ (6163) , وفِي بَابِ المؤَلَّفَةِ قُلوبُهم سُورَة بَراءَة، التفسير (4667).

بَاب قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
«لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ»
[1362]- (6935) خ نَا عَلِيٌّ, نَا سُفْيَانُ, نَا أَبُوالزِّنَادِ, عَنْ الأَعْرَجِ, عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ دَعْوَاهُمَا وَاحِدَ (1)».
وَخَرَّجَهُ في: عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ (3608)، وفِي بَابِ مَنْ رَاءَى بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ تَأَكَّلَ بِهِ أَوْ فَخَرَ بِهِ (5057) (5058).
_________
(1) في الصحيح: واحدة.

(3/39)