المختصر النصيح
في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
26 - كِتَاب الْإِكْرَاهِ
وَقَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ
وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ
شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ
اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} وَقَالَ {إِلَّا أَنْ
تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً} وَهِيَ تَقِيَّةٌ.
وَقَالَ {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ
ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [إلَى قَوْلِهِ {إِنَّ الَّذِينَ
تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ}.
وقَالَ] {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ
وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ
رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ
أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا
وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا}.
فَعَذَرَ الله عَزَّ وَجَلَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ الَّذِينَ
لاَ يَمْتَنِعُونَ مِنْ تَرْكِ مَا أَمَرَ الله بِهِ,
وَالْمُكْرَهُ لاَ يَكُونُ إِلاَ مُسْتَضْعَفًا غَيْرَ
مُمْتَنِعٍ مِنْ فِعْلِ مَا أُمِرَ بِهِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: التَّقِيَّةُ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ, وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَنْ يُكْرِهُهُ
اللُّصُوصُ فَيُطَلِّقُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ, وَبِهِ قَالَ
ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَالشَّعْبِيُّ
وَالْحَسَنُ, وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «الأَعْمَالُ بِالنِّيَّات».
وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُهُ.
(3/40)
بَاب مَنْ اخْتَارَ الضَّرْبَ وَالْقَتْلَ
وَالْهَوَانَ عَلَى الْكُفْرِ
[1363]- (3862) خ نَا قُتَيْبَةُ, نَا سُفْيَانُ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ، ح، و (6942) نَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ,
نَا عَبَّادٌ, عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسًا
قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ يَقُولُ: لَقَدْ
رَأَيْتُنِي وَإِنَّ عُمَرَ مُوثِقِي عَلَى الْإِسْلاَمِ,
زَادَ سُفْيَانُ: قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عُمَرُ, وَلَوْ
أَنَّ أُحُدًا ارْفَضَّ.
قَالَ عَبَّادٌ: وَلَوْ انْقَضَّ أُحُدٌ مِمَّا فَعَلْتُمْ
بِعُثْمَانَ كَانَ مَحْقُوقًا أَنْ يَنْقَضَّ.
وَخَرَّجَهُ في: بَاب إِسْلاَمُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ
(3862).
[1364]- (6943) خ ونَا مُسَدَّدٌ, و (3612) ابنُ
الْمُثَنَّى, نَا يَحْيَى, عَنْ إِسْمَاعِيلَ.
ح و (3852) نَا الْحُمَيْدِيُّ, نَا سُفْيَانُ, نَا
بَيَانٌ, وَإِسْمَاعِيلُ قَالاَ: سَمِعْنَا قَيْسًا
يَقُولُ: سَمِعْتُ خَبَّابًا يَقُولُ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ
بُرْدَةً وَهُوَ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ, وَقَدْ لَقِينَا
مِنْ الْمُشْرِكِينَ شِدَّةً, فَقُلْتُ: أَلاَ تَدْعُو
الله.
زَادَ يَحْيَى: لَنَا أَلاَ تَسْتَنْصِرُ لَنَا، قَالَ
سُفْيَانُ: فَقَعَدَ وَهُوَ مُحْمَرٌّ وَجْهُهُ، فَقَالَ:
«قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُمْشَطُ بِأمْشَاطِ
الْحَدِيدِ مَا دُونَ عِظَامِهِ مِنْ لَحْمٍ أَوْ عَصَبٍ
مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُوضَعُ
الْمِنْشَارُ عَلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ فَيُشَقُّ
بِاثْنَيْنِ مَا يَصْرِفُهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ»، زَادَ
يَحْيَى: «وَالله لَيَتِمَّنَّ»، قَالَ بَيَانٌ:
«وَلَيُتِمَّنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّى
يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لاَ
يَخَافُ إِلاَ الله عَزَّ وَجَلَّ وَالذِّئْبَ عَلَى
غَنَمِهِ»، زَادَ يَحْيَى: «وَلَكِنَّكُمْ
تَسْتَعْجِلُونَ».
وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَا لَقِيَ النَّبِيُّ صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ مِنْ الْمُشْرِكِينَ
بِمكَّةَ (3852) , وبَاب عَلاَمَاتِ النُّبُوَّةِ فِي
الْإِسْلاَمِ (3612).
(3/41)
بَاب إِذَا أُكْرِهَ حَتَّى وَهَبَ عَبْدًا
أَوْ بَاعَهُ لَمْ يَجُزْ
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: فَإِنْ نَذَرَ فِيهِ
الْمُشْتَرِي نَذْرًا فَهُوَ جَائِزٌ بِزَعْمِهِ
وَكَذَلِكَ إِنْ دَبَّرَهُ.
[1365]- (2403) خ نَا مُسَدَّدٌ, نَا يَزِيدُ بْنُ
زُرَيْعٍ, نَا حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ, نَا عَطَاءٌ, عَنْ
جَابِرِ.
ح و (6947) نَا أَبُوالنُّعْمَانِ, نَا حَمَّادُ بْنُ
زَيْدٍ, عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ, عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ
رَجُلًا مِنْ الأَنْصَارِ دَبَّرَ مَمْلُوكًا وَلَمْ
يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ, فَبَلَغَ النبي صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟»،
فَاشْتَرَاهُ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ بِثَمَانِ مِائَةِ
دِرْهَمٍ.
زَادَ عَطَاءٌ: فَأَخَذَ ثَمَنَهُ وَدَفَعَهُ إِلَيْهِ.
قَالَ عَمْروٌ: فَسَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: عَبْدًا
قِبْطِيًّا مَاتَ عَامَ أَوَّلَ.
وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَنْ بَاعَ مَالَ الْمُفْلِسِ
وَالْمُعْدمِ فَقَسَمَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ أَوْ
أَعْطَاهُ حَتَّى يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ (2403) , بَاب
مَنْ رَدَّ أَمْرَ السَّفِيهِ وَالضَّعِيفِ الْعَقْلِ
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ، وبَاب
عِتْقِ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُكَاتَبِ فِي
الْكَفَّارَةِ وَعِتْقِ وَلَدِ الزِّنَا, وَقَالَ طَاوُسٌ
يُجْزِئُ الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ (6716).
بَاب إِذَا اسْتُكْرِهَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى الزِّنَا
فَلاَ حَدَّ عَلَيْهَا
لقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ
فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ
رَحِيمٌ}
[1366]- (6949) وَقَالَ اللَّيْثُ: نَا نَافِعٌ, أَنَّ
صَفِيَّةَ بِنْتَ أبِي عُبَيْدٍ أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ
عَبْدًا مِنْ رَقِيقِ الْإِمَارَةِ وَقَعَ عَلَى وَلِيدَةٍ
مِنْ الْخُمُسِ فَاسْتَكْرَهَهَا حَتَّى اقْتَضَّهَا,
فَجَلَدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْحَدَّ, وَنَفَاهُ,
وَلَمْ يَجْلِدْ الْوَلِيدَةَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ
اسْتَكْرَهَهَا.
(3/42)
وقَالَ الزُّهْرِيُّ: فِي الأَمَةِ
الْبِكْرِ يَفْتَرِعُهَا الْحُرُّ يُقِيمُ ذَلِكَ
الْحَكَمُ مِنْ الأَمَةِ الْعَذْرَاءِ بِقَدْرِ ثمنها،
وَيُجْلَدُ, وَلَيْسَ فِي الأَمَةِ الثَّيِّبِ فِي قَضَاءِ
الأَئِمَّةِ غُرْمٌ, وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْحَدُّ.
بَاب يَمِينِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ إِنَّهُ أَخُوهُ إِذَا
خَافَ عَلَيْهِ الْقَتْلَ أَوْ نَحْوَهُ
وَكَذَلِكَ كُلُّ مُكْرَهٍ يَخَافُ فَإِنَّهُ يَذُبُّ
عَنْهُ الْمَظَالِمَ وَيُقَاتِلُ دُونَهُ وَلاَ
يَخْذُلُهُ, فَإِنْ قَاتَلَ دُونَ الْمَظْلُومِ فَلاَ
قَوَدَ عَلَيْهِ وَلاَ قِصَاصَ.
وَإِنْ قِيلَ لَهُ لَتَشْرَبَنَّ الْخَمْرَ أَوْ
لَتَأْكُلَنَّ الْمَيْتَةَ أَوْ لَتَبِيعَنَّ (1) عَبْدَكَ
أَوْ لتُقِرَّنَّ بِدَيْنٍ أَوْ تَهَبَ هِبَةً وَتَحُلَّ
عُقْدَةً أَوْ لَتَقْتُلَنَّ (2) ولدكَ أَوْ أَخَاكَ فِي
الْإِسْلاَمِ وَسِعَهُ ذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى
الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُ أَخُو
الْمُسْلِمِ».
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَوْ قِيلَ لَهُ لَتَشْرَبَنَّ
الْخَمْرَ أَوْ لَتَأْكُلَنَّ الْمَيْتَةَ أَوْ
لَتَقْتُلَنَّ ابْنَكَ أَوْ أَبَاكَ أَوْ ذَا رَحِمٍ
مُحَرَّمٍ لَمْ يَسَعْهُ (3)، لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ
بِمُضْطَرٍّ, ثُمَّ نَاقَضَ فَقَالَ: إِنْ قِيلَ لَهُ
لَتَقْتُلَنَّ ابْنَكَ أو أَبَاكَ أَوْ لَتَبِيعَنَّ هَذَا
الْعَبْدَ أَوْ تُقِرَّنَّ بِدَيْنٍ أَوْ بِهِبَةٍ
يَلْزَمُهُ فِي الْقِيَاسِ, وَلَكِنَّا نَسْتَحْسِنُ,
وَنَقُولُ: الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَكُلُّ عُقْدَةٍ فِي
ذَلِكَ بَاطِلٌ, فَرَّقُوا بَيْنَ كُلِّ ذِي رَحِمٍ
وَغَيْرِهِ بِغَيْرِ كِتَابٍ وَلاَ سُنَّةٍ.
_________
(1) في الصحيح: لنبيعن.
(2) في الصحيح: لنقتلن.
(3) هكذا وقعت الرواية، ولم يعرفها الحافظ، وقَالَ في
الفتح: وَنَبَّهَ اِبْن التِّين عَلَى وَهْمٍ وَقَعَ
لِلدَّاوُدِيّ الشَّارِح، حَاصِلهُ أَنَّ الدَّاوُدِيّ
وَهِمَ فِي إِيرَاد كَلاَم الْبُخَارِيّ فَجَعَلَ قَوْله
"لَتَقْتُلَنَّ" بِالتَّاءِ، وَجَعَلَ قَوْل الْبُخَارِيّ
وَسِعَهُ ذَلِكَ "لَمْ يَسَعْهُ ذَلِكَ".
قلت: هكذا هي رواية الأصيلي والقابسي.
قَالَ الْحَافِظُ: ثُمَّ تَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ إِنْ
أَرَادَ لاَ يَسَعهُ فِي قَتْل أَبِيهِ أَوْ أَخِيهِ
فَصَوَاب، وَأَمَّا الْإِقْرَار بِالدَّيْنِ وَالْهِبَة
وَالْبَيْع فَلاَ يَلْزَم أهـ.
(3/43)
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِامْرَأَتِهِ: هَذِهِ
أُخْتِي وَذَلِكَ فِي الله».
وَقَالَ النَّخَعِيُّ: إِذَا كَانَ الْمُسْتَحْلِفُ
ظَالِمًا فَنِيَّةُ الْحَالِفِ, وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا
فَنِيَّةُ الْمُسْتَحْلِفِ.
[1367]- (6952) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ,
نَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ, نَا هُشَيْمٌ, نَا عُبَيْدُ
الله بْنُ أبِي بَكْرِ بْنِ أَنَسٍ, عَنْ أَنَسِ بنِ مالكٍ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا»،
فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ الله, أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ
مَظْلُومًا, أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ
أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: «تَحْجُزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ مِنْ
الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ».
وَخَرَّجَهُ في: باب أَعِنْ أَخَاكَ ظَالِما أَوْ
مَظْلُومًا (2443).
(3/44)
|