المختصر النصيح
في تهذيب الكتاب الجامع الصحيح 52 - كِتَاب الْوَصَايَا
وَقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«وَصِيَّةُ الرَّجُلِ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ» وَقَوْلِ الله
عَزَّ وَجَلَّ {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ
الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ
لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا
عَلَى الْمُتَّقِينَ} إلَى قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ}
{جَنَفًا} مَيْلًا, مُتَجَانِفٌ مَائِلٌ.
[1802] (2738) خ نَا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ قَالَ:
أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ
عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ
يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ
مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ».
[1803] (2739) خ ونَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَارِثِ، نا
يَحْيَى بْنُ أبِي بُكَيْرٍ، نا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ
الْجُعْفِيُّ، نا أَبُوإِسْحَاقَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ
الْحَارِثِ، خَتَنِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَخِي جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ قَالَ:
مَا تَرَكَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا وَلَا عَبْدًا
وَلَا أَمَةً وَلَا شَيْئًا إِلَّا بَغْلَتَهُ
الْبَيْضَاءَ.
(4461) زَادَ قُتَيْبَةُ، عن أبِي الْأَحْوَصِ، عَنْ أبِي
إِسْحَاقَ: الَّتِي كَانَ يَرْكَبُهَا، وَسِلَاحَهُ
وَأَرْضًا جَعَلَهَا لِابْنِ السَّبِيلِ صَدَقَةً.
وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4461) , وفِي بَابِ نفقة النَّبِيِّ
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (3098) , وباب بغلة
النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (2873).
(3/307)
[1804] (2740) خ نَا خَلَّادُ بْنُ
يَحْيَى، نا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، نا طَلْحَةُ قَالَ:
سَأَلْتُ عَبْدَ الله بْنَ أبِي أَوْفَى: هَلْ كَانَ
النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى؟
فَقَالَ: لَا، فَقُلْتُ: كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ
الْوَصِيَّةُ أَوْ أُمِرُوا بِالْوَصِيَّةِ؟ قَالَ:
أَوْصَى بِكِتَابِ الله.
وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4460) , وباب الوصية بكتاب الله في
فضائل القرآن (5022).
[1805] (4459) خ ونا عَبْدُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ، نا
أَزْهَرُ، نا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ
الْأَسْوَدِ قَالَ: ذُكِرَ عِنْدَ عَائِشَةَ النَّبِيّ
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ،
فَقَالَتْ: مَنْ قَالَهُ، لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنِّي لَمُسْنِدَتُهُ
إِلَى صَدْرِي فَدَعَا بِالطَّسْتِ فَانْخَنَثَ فَمَاتَ
وَمَا شَعَرْتُ كَيْفَ أَوْصَى إِلَى عَلِيٍّ!.
وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَرَضِ النَّبِيِّ صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (4459).
بَاب مَنْ قَالَ لَمْ يَتْرُكْ النَّبِيُّ صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ
[1806] (5019) خ نَا قُتَيْبَةُ, نا سُفْيَانُ، عَنْ
عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا
وَشَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ
لَهُ شَدَّادُ بْنُ مَعْقِلٍ: أَتَرَكَ النَّبِيُّ صَلَّى
الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَيْءٍ؟ قَالَ: مَا تَرَكَ
إِلَّا مَا بَيْنَ الدَّفَّتَيْنِ.
قَالَ: وَدَخَلْنَا عَلَى ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ
فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: مَا تَرَكَ إِلَّا مَا بَيْنَ
الدَّفَّتَيْنِ.
خرج هذا فِي باب (1) فضائل القرآن (5019).
_________
(1) هكذا في الأصل: باب، وهكذا سيسميه في موضعه، وبعض
الروايات: كتاب فضائل القرآن.
(3/308)
بَاب الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ
[1807] (5354) خ نا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، نا سُفْيَانُ،
عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ،
و (2742) نا أَبُونُعَيْمٍ، نا سُفْيَانُ، عَنْ سَعْدٍ،
عَنْ عَامِرٍ.
و (3936) نا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، و (6373) مُوسَى بْنُ
إِسْمَاعِيلَ، نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ.
و (1295) نا عَبْدُ الله بْنُ يُوسُفَ، نا مَالِكٌ، نا
الزهريُّ, و (6733) نا الْحُمَيْدِيُّ، نا سُفْيَانُ، نا
الزُّهْرِيُّ، عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِيهِ سَعْدِ بْنِ
أبِي وَقَّاصٍ قَالَ: مَرِضْتُ بِمَكَّةَ مَرَضًا
أَشْفَيْتُ مِنْهُ عَلَى الْمَوْتِ, فَأَتَانِي النَّبِيُّ
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعُودُنِي.
زَادَ إِبْرَاهِيمُ: عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
قَالَ الْحُمَيْدِيُّ، عن سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: يَا
رَسُولَ الله إِنَّ لِي مَالًا كَثِيرًا وَلَيْسَ
يَرِثُنِي إِلَّا ابْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ أَفَأُوصِي
بِثُلُثَيْ مَالِي.
[1808] (5659) نا الْمَكِّيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ،
أَخْبَرَنَا الْجُعَيْدُ، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ،
أَنَّ أَبَاهَا قَالَ: يَا نَبِيَّ الله إِنِّي لا
أَتْرُكْ إِلَّا ابْنَةً وَاحِدَةً أفَأُوصِي بِثُلُثَيْ
مَالِي وَأَتْرُكُ الثُّلُثَ؟ فَقَالَ: «لَا» , قُلْتُ:
فَأُوصِي بِالنِّصْفِ وَأَتْرُكُ النِّصْفَ؟ قَالَ: «لَا»
, قُلْتُ: فَأُوصِي بِالثُّلُثِ وَأَتْرُكُ لَهَا
الثُّلُثَيْنِ؟ قَالَ: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ».
«إنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ
تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ فِي
أَيْدِيهِمْ, ومَهْمَا أَنْفَقْتَ فهو لك صَدَقَةٌ حَتَّى
اللُّقْمَةُ تَرْفَعُهَا في فِي امْرَأَتِكَ».
وقَالَ مَالِكٌ: «وَإِنَّكَ إنْ (1) تُنْفِقَ نَفَقَةً
تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ الله إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا».
_________
(1) في الصحيح: لن، وهو أليق.
(3/309)
قَالَ الْجُعَيْدُ: ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ
عَلَى جَبْهَتِهِ ثُمَّ مَسَحَ وَجْهِي وَبَطْنِي ثُمَّ
قَالَ: «اللهمَّ اشْفِ سَعْدًا وَأَتْمِمْ لَهُ
هِجْرَتَهُ» , فَمَا زِلْتُ أَجِدُ بَرْدَهُ عَلَى كَبِدِي
فِيمَا يُخَالُ إِلَيَّ حَتَّى السَّاعَةِ.
قَالَ أَبُونُعَيْمٍ فِي حَدِيثِهِ عَنْ سَعْدٍ: وَهُوَ
يَكْرَهُ أَنْ يَمُوتَ في الْأَرْضِ الَّتِي هَاجَرَ
مِنْهَا.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ الزُّهْرِيِّ: قَالَ: قُلْتُ: يَا
رَسُولَ الله أُخَلَّفُ بَعْدَ أَصْحَابِي.
وقَالَ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ: عَنْ هِجْرَتِي.
(2744) قَالَ هَاشِمٌ (1): فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله
ادْعُ الله أَنْ لَا يَرُدَّنِي عَلَى عَقِبِي.
قَالَ الْحُمَيْدِيُّ: فَقَالَ: «لَنْ تُخَلَّفَ بَعْدِي
فَتَعْمَلَ عَمَلًا تُرِيدُ بِهِ وَجْهَ الله إِلَّا
ازْدَدْتَ بِهِ رِفْعَةً وَدَرَجَةً، وَلَعَلَّكَ أَنْ
تُخَلَّفَ بَعْدِي حَتَّى يَنْتَفِعَ بِكَ أَقْوَامٌ
وَيُضَرَّ بِكَ أقوامٌ آخَرُونَ».
قَالَ مُوسَى عَنْ إِبْرَاهِيمَ: «اللهمَّ أَمْضِ
لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى
أَعْقَابِهِمْ، لَكِنْ الْبَائِسُ سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ» ,
قَالَ سَعْدٌ: يَرْثِي لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنْ تُوُفِّيَ بِمَكَّةَ.
قَالَ الْحُمَيْدِيُّ عن سُفْيَانَ: وَسَعْدُ بْنُ
خَوْلَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ.
وَخَرَّجَهُ في: بَاب قَوْلِه: «اللهمَّ أَمْضِ
لِأَصْحَابِي هِجْرَتَهُمْ» (3936) , وفِي بَابِ
الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الْوَبَاءِ وَالْوَجَعِ (6373) , وفِي
بَابِ رِثَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
سَعْدَ بْنَ خَوْلَةَ (1295) , وفِي بَابِ مِيرَاثِ
الْبَنَاتِ (6733)، وفِي بَابِ قَوْلِ الْمَرِيضِ إِنِّي
_________
(1) لم يسق إسناد هاشم أول الحديث، وقَالَ الْبُخَارِيُّ:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا
زَكَرِيَّاءُ بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ
هَاشِمِ بْنِ هَاشِمٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ
أَبِيهِ.
(3/310)
وَجِعٌ أَوْ وَا رَأْسَاهْ (5668) , وفِي
بَابِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الْمَرِيضِ (5659) , وفِي
بَابِ النفقات وفَضْلِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَهْلِ (5354)
, وفِي بَابِ حَجَّةِ الْوَدَاعِ (4409).
بَاب
قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي
بِهَا أَوْ دَيْنٍ}
خ: وَيُذْكَرُ أَنَّ شُرَيْحًا وَعُمَرَ بْنَ عَبْدِ
الْعَزِيزِ وَطَاوُسًا وَعَطَاءً وَابْنَ أُذَيْنَةَ
أَجَازُوا إِقْرَارَ الْمَرِيضِ بِالدَّيْنِ، وَقَالَ
الْحَسَنُ: أَحَقُّ مَا يُصَدَّقُ بِهِ الرَّجُلُ آخِرَ
يَوْمٍ مِنْ الدُّنْيَا وَأَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ الْآخِرَة.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ وَالْحَكَمُ: إِذَا أَبْرَأَ
الْوَارِثَ مِنْ الدَّيْنِ بَرِئَ، وَأَوْصَى رَافِعُ بْنُ
خَدِيجٍ أَنْ لَا تَكْشِفَ امْرَأَتُهُ الْفَزَارِيَّةُ
عَمَّا أَغْلَقَتْ عَلَيْهِ بَابَهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ:
إِذَا قَالَ لِمَمْلُوكِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ كُنْتُ
أَعْتَقْتُكَ جَازَ, وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا قَالَتْ
الْمَرْأَةُ عِنْدَ مَوْتِهَا إِنَّ زَوْجِي قَضَانِي
وَقَضَيْتُ مِنْهُ جَازَ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا يَجُوزُ إِقْرَارُهُ لِسُوءِ
الظَّنِّ بِهِ لِلْوَرَثَةِ، ثُمَّ اسْتَحْسَنَ فَقَالَ:
يَجُوزُ إِقْرَارُهُ بِالْوَدِيعَةِ وَالْبِضَاعَةِ
وَالْمُضَارَبَةِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ
الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» , وَلَا يَحِلُّ مَالُ
الْمُسْلِمِينَ, لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» ,
وَقَالَ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا
الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (1) فَلَمْ يَخُصَّ
وَارِثًا وَلَا غَيْرَهُ. قَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُهُ.
_________
(1) أقحم هنا: فَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ أَحَقُّ مِنْ
تَطَوُّعِ الْوَصِيَّةِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم انتبه فوضعها ين حاصرتين، وهذه مما
صدر به البخاري الباب التالي.
(3/311)
بَاب
قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ
بِهَا أَوْ دَيْنٍ}.
خ: وَيُذْكَرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَضَى بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ،
وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ
أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} فَأَدَاءُ
الْأَمَانَةِ أَحَقُّ مِنْ تَطَوُّعِ الْوَصِيَّةِ,
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا
صَدَقَةَ إِلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» , وَقَالَ ابْنُ
عَبَّاسٍ: لَا يُوصِي الْعَبْدُ إِلَّا بِإِذْنِ أَهْلِهِ,
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«الْعَبْدُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِه».
تَقَدَّمَ مَا فِيهِ.
بَاب هَلْ يَنْتَفِعُ الْوَاقِفُ بِوَقْفِهِ
وَقَدْ اشْتَرَطَ عُمَرُ: لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ وَلِيَهُ
أَنْ يَأْكُلَ, وَقَدْ يَلِي الْوَاقِفُ وَغَيْرُهُ,
وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ جَعَلَ بَدَنَةً أَوْ شَيْئًا
لِلَّهِ فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا كَمَا يَنْتَفِعُ
غَيْرُهُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ.
تَقَدَّمَ مَا فِيهِ.
بَاب إِذَا وَقَفَ شَيْئًا فلم يَدْفَعْهُ إِلَى غَيْرِهِ
فَهُوَ جَائِزٌ
لِأَنَّ عُمَرَ وَقَفَ وَقَالَ: لَا جُنَاحَ عَلَى مَنْ
وَلِيَهُ أَنْ يَأْكُلَ وَلَمْ يَخُصَّ إِنْ وَلِيَهُ
عُمَرُ أَوْ غَيْرُهُ.
بَاب إِذَا قَالَ دَارِي صَدَقَةٌ لِلَّهِ وَلَمْ
يُبَيِّنْ لِلْفُقَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ فَهُوَ جَائِزٌ
وَيَضَعُهَا فِي الْأَقْرَبِينَ وَحَيْثُ أَرَادَ، قَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي
طَلْحَةَ حِينَ قَالَ: أَحَبُّ أَمْوَالِي إِلَيَّ
بَيْرُحَاءَ وَإِنَّهَا صَدَقَةٌ لِلَّهِ، فَأَجَازَ
النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ.
(3/312)
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ حَتَّى
يُبَيِّنَ لِمَنْ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
قَدْ خُرِّجَ مَا فِيهِ.
بَاب إِذَا قَالَ أَرْضِي أَوْ بُسْتَانِي صَدَقَةٌ عَنْ
أُمِّي فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ لِمَنْ
ذَلِكَ
[1809] (2756) خ نَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَامٍ (1) , نا
مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، نا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ:
أَخْبَرَنِي يَعْلَى أَنَّهُ سَمِعَ عِكْرِمَةَ يَقُولُ:
أَنْبَأَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ
تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهُوَ غَائِبٌ عَنْهَا، فَقَالَ: يَا
رَسُولَ الله، إِنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ
عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شَيْءٌ إِنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ
عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ» , قَالَ: فَإِنِّي أُشْهِدُكَ
أَنَّ حَائِطِيَ الْمِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا.
وَخَرَّجَهُ في: بَاب الْإِشْهَادِ فِي الْوَقْفِ
وَالصَّدَقَةِ (2762) , وبَاب مَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ
تُوُفِّيَ فُجَاءَةً أَنْ يَتَصَدَّقُوا عَنْها (2760) ,
وبَاب إِذَا وَقَفَ أَرْضًا وَلَمْ يُبَيِّنْ الْحُدُودَ
وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ فَهُوَ جَائِزٌ (2770) , وفي
مَوْتِ الْفَجْأَةِ بَغْتَة (1388) (2).
بَاب
قَوْلِه {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}
[1810] (2759) خ نا أَبُوالنُّعْمَانِ مُحَمَّدُ بْنُ
الْفَضْلِ، نا أَبُوعَوَانَةَ، عَنْ أبِي بِشْرٍ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إِنَّ
نَاسًا يَزْعُمُونَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نُسِخَتْ، وَلَا
وَالله مَا نُسِخَتْ، وَلَكِنَّهَا مِمَّا تَهَاوَنَ
النَّاسُ، هُمَا وَلِيَّانِ وَالٍ يَرِثُ وَذَلكَ
_________
(1) في بعض نسخ البخاري: محمد مهمل بدون نسب، وقد نسبه في
نسختنا كما رأيت.
(2) وهو وقبل سابقه من حديث عائشة رضي الله عنها.
(3/313)
الَّذِي يَرْزُقُ، وَوَالٍ لَا يَرِثُ
فَذَاكَ الَّذِي يَقُولُ بِالْمَعْرُوفِ, يَقُولُ: لَا
أَمْلِكُ لَكَ أَنْ أُعْطِيَكَ.
وَخَرَّجَهُ في: التفسير بهذا التبويب (4576).
بَاب
قَوْلِه عَزَّ وَجَلَّ {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى
قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ
فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ
الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ} الآية
لَأَحْرَجَكُمْ وَضَيَّقَ، {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ}
خَضَعَتْ.
[1811] (2767) خ: وَقَالَ لَنَا سُلَيْمَانُ (1): نا
حَمَّادٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: مَا رَدَّ
ابْنُ عُمَرَ عَلَى أَحَدٍ وَصِيَّةً.
وَكَانَ طَاوُسٌ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ
الْيَتَامَى قَرَأَ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ
الْمُصْلِحِ}.
وَقَالَ عَطَاءٌ فِي اليَتَامَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ:
يُنْفِقُ الْوَلِيُّ عَلَى كُلِّ إِنْسَانٍ بِقَدْرِهِ (2)
مِنْ حِصَّتِهِ.
وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ أَحَبَّ الْأَشْيَاءِ إِلَيْهِ فِي
مَالِ الْيَتِيمِ أَنْ يَجْتَمِعَ نُصَحَاؤُهُ
وَأَوْلِيَاؤُهُ فَيَنْظُرُوا الَّذِي هُوَ خَيْرٌ لَهُ.
_________
(1) وقع في الأصل تصحيف لنا إلى انا، حيث فصل بين أول
الحروف والنون، فصارت قريبة من أنا.
قَالَ الحافظ: هُوَ مَوْصُول، وَسُلَيْمَان مِنْ شُيُوخ
الْبُخَارِيّ، وَجَرَتْ عَادَة الْبُخَارِيّ الْإِتْيَان
بِهَذِهِ الصِّيغَة فِي الْمَوْقُوفَات غَالِبًا وَفِي
الْمُتَابَعَات نَادِرًا، وَلَمْ يُصِبْ مَنْ قَالَ
إِنَّهُ لَا يَأْتِي بِهَا إِلَّا فِي الْمُذَاكَرَة،
وَأَبْعَدَ مَنْ قَالَ إِنَّ ذَلِكَ لِلْإِجَازَةِ أهـ.
(2) سقطت الراء من الأصل فصارت: بقده.
(3/314)
بَاب اسْتِخْدَامِ الْيَتِيمِ فِي
السَّفَرِ وَالْحَضَرِ إِذَا كَانَ صَلَاحًا لَهُ وَنَظَرِ
الْأُمِّ وَزَوْجِهَا لِلْيَتِيمِ
[1812] (6911) خ نا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، نا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ, و (2768) نَا يَعْقُوبُ
بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَثِيرٍ، نا ابْنُ عُلَيَّةَ، نا
عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسِ بنِ مالكٍ قَالَ: قَدِمَ
رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ
لَيْسَ لَهُ خَادِمٌ، فَأَخَذَ أَبُوطَلْحَةَ بِيَدِي
فَانْطَلَقَ بِي إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنَّ أَنَسًا
غُلَامٌ كَيِّسٌ فَلْيَخْدُمْكَ، قَالَ: فَخَدَمْتُهُ فِي
السَّفَرِ وَالْحَضَرِ.
قَالَ عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ: فَوَالله مَا قَالَ لِي
النبيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِشَيْءٍ
صَنَعْتُهُ لِمَ صَنَعْتَ هَذَا هَكَذَا، وَلَا لِشَيْءٍ
لَمْ أَصْنَعْهُ لِمَ لَمْ تَصْنَعْ هَذَا هَكَذَا.
وَخَرَّجَهُ في: بَاب مَنْ اسْتَعَانَ عَبْدًا أَوْ
صَبِيًّا من القسامة (6911).
بَاب وَقْفِ الدَّوَابِّ وَالْكُرَاعِ وَالْعُرُوضِ
وَالصَّامِتِ
خ: وَقَالَ الزُّهْرِيُّ مَنْ جَعَلَ أَلْفَ دِينَارٍ فِي
سَبِيلِ الله وَدَفَعَهَا إِلَى غُلَامٍ لَهُ تَاجِرٍ
يَتْجِرُ بِهَا وَجَعَلَ رِبْحَهُ صَدَقَةً لِلْمَسَاكِينِ
وَالْأَقْرَبِينَ هَلْ لِلرَّجُلِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ
رِبْحِ ذَلِكَ الْأَلْفِ شَيْئًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ
جَعَلَ رِبْحَهَا صَدَقَةً فِي الْمَسَاكِينِ؟ قَالَ:
لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا.
قَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ عُمَرَ فِي الْفَرَسِ.
(3/315)
بَاب إِذَا وَقَفَ أَرْضًا أَوْ بِئْرًا
وَاشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ مِثْلَ دِلَاءِ الْمُسْلِمِينَ
وَأَوْقَفَ أَنَسٌ دَارًا فَكَانَ إِذَا قَدِمَهَا
نَزَلَهَا (1)، وَتَصَدَّقَ الزُّبَيْرُ بِدُورِهِ،
وَقَالَ: لِلْمَرْدُودَةِ مِنْ بَنَاتِهِ أَنْ تَسْكُنَ
غَيْرَ مُضِرَّةٍ وَلَا مُضَرٍّ بِهَا، فَإِنْ اسْتَغْنَتْ
بِزَوْجٍ فَلَيْسَ لَهَا حَقٌّ.
وَجَعَلَ ابْنُ عُمَرَ نَصِيبَهُ مِنْ دَارِ عُمَرَ
سُكْنَى لِذَوِي الْحَاجَةِ مِنْ آلِ عَبْدِ الله.
[1813] (2778) خ: وَقَالَ عَبْدَانُ أَخْبَرَنِي أَبِي،
عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ أبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أبِي عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، أَنَّ عُثْمَانَ حِينَ حُوصِرَ أَشْرَفَ
عَلَيْهِمْ وَقَالَ: أَنْشُدُكُمْ وَلَا أَنْشُدُ إِلَّا
أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَفَرَ رُومَةَ فَلَهُ
الْجَنَّةُ» فَحَفَرْتُهَا, أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ
أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ جَهَّزَ جَيْشَ الْعُسْرَةِ فَلَهُ
الْجَنَّةُ» فَجَهَّزْتُهُمْ, قَالَ: فَصَدَّقُوهُ بِمَا
قَالَ.
بَاب إِذَا قَالَ الْوَاقِفُ لَا نَطْلُبُ ثَمَنَهُ إِلَّا
إِلَى الله فَهُوَ جَائِزٌ
خَرَّجَهُ فِي مَقْدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
بَاب
قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ
حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} إلَى
قَوْلِهِ {لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}.
_________
(1) هكذا ثبت في الأصل، وقَالَ عياض: كذا لكافتهم، وصوابه
ما للأصيلي وابن السكن: إذا قدم نزلها أهـ (المشارق 2/
293).
(3/316)
[1814] (2780) خ وقَالَ لِي عَلِيُّ بْنُ
عَبْدِ الله (1): نا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، نا ابْنُ أبِي
زَائِدَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أبِي الْقَاسِمِ، عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ
أَبِيهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ
بَنِي سَهْمٍ مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ وَعَدِيِّ بْنِ
بَدَّاءٍ فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا
مُسْلِمٌ، فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامًا
مِنْ فِضَّةٍ مُخَوَّصًا مِنْ ذَهَبٍ، فَأَحْلَفَهُمَا
رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ
وُجِدَ الْجَامُ بِمَكَّةَ، فَقَالَوا: ابْتَعْنَاهُ مِنْ
تَمِيمٍ وَعَدِيِّ بنِ بَدَّاءٍ، فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ
أَوْلِيَائِهِ فَحَلَفَا {لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ
شَهَادَتِهِمَا} وَإِنَّ الْجَامَ لِصَاحِبِهِمْ.
قَالَ: وَفِيهِمْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ}.
_________
(1) هكذا ثبت في الصحيح، وقَالَ البيهقي بعد أن رواه 10/
165: اخرجه البخاري في الصحيح، فقَالَ: قَالَ لى على بن
عبد الله هو ابن المدينى أهـ.
(3/317)
|