شرح ابن ماجه
لمغلطاي 44- باب مقدار الماء الذي لا ينجس من سبع
كان أو حدث
حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي ثنا يزيد بن هارون نا محمد
بن إسحاق
عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله عن
أبيه قال: سمعت
رسول الله سئل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض وما يتربه
من الدواب
والسباع، فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ "إذا بلغ الماء قلتين لم ينجسه شيء " (1) . ثنا
محمد بن رافع ثنا عبد الله بن المبارك عن محمد بن إسحاق عن
محمد بن
جعفر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحوه. ثنا
علي ابن محمد، ثنا وكيع نا حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر
عن عبيد الله
بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إذا كان الماء قلتين أو ثلاثا
لم ينجسه شيء " (2) . هذا حديث اختلف في إسناده ومتنه
اختلافا كثيرا
ملحقه إن أشهر رواياته من ثلاثة أوجه:
أحدها: رواية ابن إسحاق والمبدأ بذكرها، وقد أخرجها أبو
عيسى أيضا،
ولم يحكم عليها بشيء، وخرجها أبو جعفر ابن منيع في مسنده
عن أبي
__________
(1) صحيح. رواه أبو داود (63- 65) والترمذي (67) والنسائي
في (الطهارة، باب " 43 "
والمياه 1/175) والدارمي (731) وأحمد (1/314، 2/12- 12)
والدارقطني (1/21،
2/503) وتلخيص (1/16) والإِرواء (1/191) .
وصححه الشيخ الألباني: (صحيح الجامع: 1/173) .
قال الخطابي في المعالم (1/35) : " قد تكون القلة الإناء
الصغير الذي تقله الأيدي ويتعاطى فيه الشرب، كالكيزان
ونحوها. وقد تكون القلة الجرة الكبيرة التي ينقلها القوي
من الرجال، إلا أن مخرج الخبر قد دل على أن المراد به ليس
النوع الأول؛ لأنه إنما سئل عن الماء الذي يكون بالفلاة من
الأرض، في المصانع والوهاد
والغدران ونحوها، ومثل هذه المياه لا تحمل بالكوز والكوزين
في العرف والعادة؛ لأن أدنى النجس إذا أصابه نجس، فعلم أنه
ليس معنى الحديث.
قلت: وللحديث أسانيد في التلخيص والسنن والكبرى للبيهقي
(1/261- 262) وعون المعبود (1/
23-243) وشرح المباركفوري على الترمذي (1/70- 71)
والمستدرك للحاكم (1/132) .
(2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/518) . في الزوائد: رجال
إسناده ثقات. وقد رواه أبو داود والترمذي، ما خلا قوله: "
أو ثلاث ". والنسائي في (المياه باب " 3 ") وأبو داود
(ح/65) .
وصححه الشيخ الألباني.
(1/539)
معاوية: ثنا ابن إسحاق عن رجل أخبره عن
عبيد الله بلفظ: " إنهم قالوا: يا
رسول الله إن بئر بضاعة يلقى فيها الحيض والجيف ... "
الحديث.
/ورواه عبيد الله بن محمد بن عائشة عن حماد بن سلمة عن ابن
إسحاق، وقال: إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ سئل عن الماء يكون بالفلاة وترده السباع
والكلاب قال البيهقي: كذا قال: " والكلاب"، وهو غريب،
وكذلك قاله
موسى بن إسماعيل عن حماد، وقال إسماعيل بن عياش. " الكلاب
والدواب "
إلا أن ابن عياش اختلف عليه في إسناده يعنى بذلك ما ذكره
الدارقطني من
أن المحفوظ عنه عن ابن إسحاق عن محمد بن جعفر عن عبيد الله
بن عبد الله
عن أبيه، ورواه محمد بن وهب السلمي عن ابن عباس عن ابن
إسحاق عن
الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه سئل عن
القليب يلقى فيه الحيض وتشرب منه الكلاب والدواب قال: " ما
بلغ الماء
قلتين فما فوق ذلك فلم ينجسه شيء " (1) . ورواه أيضا عن
محمد بن عبد الله
بن إبراهيم عن عبد الله بن أحمد بن خزيمة عن علي بن سلمة
اللبقى عن
عبد الوهاب بن عطاء عن ابن إسحاق عن الزهري عن سالم عن
أبيه قال:
رواه المغيرة بن سقلاب عن ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر.
الثاني: رواية حماد عن عاصم بن المنذر القائل فيه أبو بكر
البزار: ليس فيه بأس،
قال: ولا روى عنه غير الحمادي، ولا يعلمه حديث بغير هذا
الحديث. انتهى كلامه.
وفيه نظر؛ لما نذكره بعد من رواية ابن علية عنه أيضا، وروى
عنه أيضا هشام بن عروة،
ووثقه أبو زرعة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن
حبان في كتاب الثقات،
وقال ابن مندة: يعتبر بحديثه، وقد اختلف في إسنادها
بلفظها، أما لفظها، فرواية وكيع
المذكورة في الباب تقدمت، ورواها موسى بن إسماعيل عد أبي
داود عنه: " إذا كان
الماء قلتين فإنه لا ينجس " (2) .
واختلف على يزيد بن هارون عن حماد فقال/الحسن بن الصباح
عنه: عن
__________
(1) صحيح. رواه الدارقطني في " سننه " (1/21) ونصب الراية
للزيلعي (1/108) .
(2) صحيح. رواه للزيلعي في " نصب الراية ": (1/109) .
(1/540)
حماد عن عاصم قال: قال دخلت مع عبيد الله
بن عبد الله بستانا فيه مقرى
ما فيه جلد، بعيد ميت، ويقال / الزبير أنّ عبد الله بن عبد
الله بن عمر
حدّثهم أنّ أباه عبد الله بن عمر حدّثهم: أن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن الماء
وما ينوبه من الدواب والسباع فقال عليه الصلاة والسلام: "
إذا كان الماء قلتين
لم ينجسه شي ". رواه الحافظ البستي في صحيحه (1) عن الحسن
بن سفيان،
ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو أسامة ثنا الوليد به،
ورواه أبو بكر بن خزيمة
في صحيحه أيضا عن محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي
وموسى بن
عبد الرحمن المسروقي وأبي الأزهر جويرة بن محمد البصري
قالوا: ثنا أبو
أسامة ولفظه: " لم يحمل الخبث " (2) . وقال: هذا حديث
جويرة، وقال موسى
ابن عبد الرحمن: عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه،
وقال أيضا: " لم
ينجسه شيء " (3) . وأما المخرمي فإنه قال بها مختصرا،
وقال: قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا كان الماء قلتين
لم يحمل الخبث " (4) . ولم يذكر مسألة النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عن الماء وما ينوبه من السباع والدواب، وقال أبو الحسن
الدارقطني: ورواه
أيضا عن أبي أسامة عن الوليد عن محمد بن جعفر عن عبد الله
بن عبد الله
جماعة؛ منهم: إسحاق بن راهويه وأحمد بن جعفر الوكيعي وأبو
عبيدة بن
أبي السعد ومحمد بن عبادة وحاجب بن سليمان وهناد بن السرى
والحسين
بن حريث، وروى عن أبي أسامة عن الوليد عن محمد بن عبّاد بن
جعفر.
قاله أبو مسعود الرازي الحافظ وعثمان بن أبي شيبة من رواية
أبي داود
وعبد الله بن الزبير الحميدي ومحمد بن حسان الأودي ويعيش
بن الجهم
وغيرهم، وتابعهم الشّافعي عن الثقة عنده عن الوليد عن محمد
بن عباد،
وذكر ابن مندة أنّ أبا ثور رواه عن الشّافعي عن عبد الله
بن الحرث المخزومي
__________
(1) ضعيف. رواه ابن حبان: (2/274- 275) من حديث عبد الله
بن عمر.
(2) ضعيف. (شرح السنة: (2/58) . وضعفه الشيخ الألباني
(ضعيف الجامع: ص 6، ح/ 419-145)
(3) صحيح، وإسناده ضعيف. رواه الحاكم (1/132) وعبد الرزاق
(266) والعلل (96) وابن حبان
(117) والميزان (8711) ولسان (6/282) وابن عدي في " الكامل
" (6/2358) .
(4) انظر، الهامش رقم " 2 ".
(1/541)
عن الوليد بن كثير قال: ويرويه موسى بن أبي
الجارود عن البويطي عن
الشافعي عن أبي أسامة وغيره عن الوليد، فدلت روايته على أن
/ الشافعي سمع
هذا الحديث من عبد الله بن الحارث- وهو من الحجازيين- ومن
أبي
أسامة- وهو من الكوفيين- جميعا عن الوليد بن كثير، وذكر
أبو داود أن
حديث محمد بن جعفر هو الصواب، وفى كتاب العلل لعبد الرحمن
بن أبي
حاتم: محمد بن عباد ومحمد بن جعفر يقعان، وحديث محمد بن
جعفر
أسنده، وقال ابن مندة: واختلف على أبي أسامة، ومحمد بن
جعفر هو
الصواب؛ لأن عيسى بن يونس رواه عن الوليد عن محمد بن عباد،
وقال
مرة: عن محمد بن جعفر قال: ورواية عيسى أشبه؛ لأن هذا
الحديث رواه بن
المبارك وغيره عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر عن عبيد
الله عن
أبيه مثل رواية عيسى بن يونس عن الوليد، قال: فهذا إسناد
صحيح على شرط
مسلم في عبيد الله بن عبد الله ومحمد بن جعفر ومحمد بن
إسحاق والوليد
بن كثير، قال: ورواه عماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر عن
عبيد الله بن
عبد الله عن أبيه، ورواه ابن علية عن عاصم بن المنذر عن
رجل عن ابن عمر،
فهذا ابن إسحاق وافق عيسى بن يونس عن الوليد بن كثير في
ذكر محمد بن
جعفر وعبيد الله بن عبد الله، وروايتهما توافق رواية حماد
بن سلمة وغيره عن
عاصم في ذكر عبيد الله بن عبد الله يثبت هذا الحديث باتفاق
أهل المدينة
والكوفة والبصرة على حديث عبيد الله ابن عبد الله، وباتفاق
ابن إسحاق
والوليد على روايتهما عن محمد بن جعفر وعبيد الله وعبد
الله مقبولان
بإجماع من الجماعة في كتبهم، وكذلك محمد بن جعفر ومحمد بن
عباد
بن جعفر، والوليد بن كثير في كتاب مسلم، وأبي داود
والنسائي وعاصم بن
المنذر يعتبر بحديثه، ومحمد بن إسحاق أخرج عنه مسلم وأبو
داود والنسائي
وعاصم بن المنذر، واستشهد به البخاري في مواضع، وقال شعبة:
محمد بن
إسحاق أمير المؤمنين في الحديث /، وقال ابن المبارك: محمد
بن إسحاق ثقة
ثقة، وقال الحافظ أبو الحسن الدارقطني: لما اختلف على أبي
أسامة اجتنبنا أن
يعلم من له بالصواب في ذلك فوجدنا شعيب بن أيوب قد رواه عن
أبي
أسامة عن الوليد على الوجهين جمعيا عن محمد بن جعفر، وعن
محمد بن
(1/542)
عباد فصح القولان جميعا عن أبي أسامة، وصح
أن الوليد رواه عن محمد بن
جعفر وعن محمد بن عباد جميعا، فكان أبو أسامة يحدّث به عن
الوليد عن
محمد بن جعفر، ومرّة يحدث به عن الوليد عن محمد بن عباد،
وحكى
البيهقي في المعرفة عن إسناد أبي عبد الله أنه كان يقول:
الحديث محفْوظ
عنهما جميعا- أعني: عن عبيد الله وعبد الله وكلاهما عن
أبيه- قال: وإليه
ذهب كثير من أهل الرواية، وهو خلاف ما يقتضيه لكلام أبي
زرعة فيما
حكاه عنه عبد الرحمن حين قال في العلل: سألت أبا زرعة عن
حديث ابن
إسحاق عن أبي جعفر قلت: إنه يقول: عبيد الله بن عبد الله،
ورواه الوليد بن
كثير عن محمد بن جعفر عن عبد الله ابن عبد الله قال ابن
إسحاق: ليس
يمكن أن يقضى له فكتب: ما حال محمد ابن جعفر؟ قال: صدوق،
وإلى
هذا يذكره في ترجمته فقط، وخالف ذلك إسحاق بن إبراهيم فيما
حكاه أبوه
في المعرفة فيه غلط أبو أسامة في عبد الله إنّما هو عبيد
الله بن عبد الله، ولما
خرجه الحاكم في مستدركه من حديث أبي أسامة عن الوليد عن
محمد بن
جعفر قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، فقد احتجا جميعا
بجميع رواته، ولم يخرجاه، وأظنهما- والله أعلم- لم يخرجاه
بخلاف فيه
عن أبي أسامة، فذكر حديثه عن الوليد عن محمد بن عباد قال:
وهكذا رواه
الشّافعي في المبسوط عن الثقة، وهو أبو أسامة بلا شك فيه،
وهذا خلاف لا
يوهن هذا الحديث، وإنِّما قرنه أبو أسامة إلى محمد بن جعفر
ثم حدّث به مرة
عن هذا ومرّة عن هذا، والدّليل عليه حديث شعيب بن أيوب:
ثنا أبو أسامة
عن/محمد بن جعفر ومحمد بن عباد به فقد صح، ويثبت بهذه
الرواية صحة
الحديث، وظهر أنّ أبا أسامة ساق الحديث عنهما جميعا فإنّ
شعيب بن أيوب
ثقة مأمون، وكذلك الطريق إليه، وقد تابع الوليد على روايته
عن محمد بن
جعفر محمد بن إسحاق قال: وهكذا رواه الثوري، وزائدة بن
قدامة وحماد
بن سلمة وإبراهيم بن سعد وابن المبارك ويزيد بن زريع وسعيد
بن زيد- أخي
حماد بن زيد- وأبو معاوية وعنده مما ذكر ما قاله البيهقي
عنه، وقال
البيهقي: هذا إسناد صحيح موصول، وصححه أيضا الحافظ
الفارسي، وخرجه
ابن الجارود في منتقاه من حديث محمد بن عباد ومحمد بن جعفر
وعبد الله
(1/543)
بن عبد الله وعبيد الله بن عبد الله، وقال
أبو سليمان الخطابي- رحمه الله
تعالى-: وطعن بعض أهل العلم في إسناده من قبل أن بعض رواته
قال: عن
عبد الله بن عبد الله، وقال: عبيد الله، وليس هذا مما
يوهنه؛ لأنّ الحديث قد
روياه معا، وكفى شاهدا على حجته أنّ نجوم أهل الحديث صححوه
وقالوا به،
وهم القدوة، وعليهم المعول في هذا الباب، ولما ذكره أبو
محمد الإشبيلي قال
فيه: صحيح، وقال الجوزجاني: حسن، وأبي ذلك الإمام أبو عمر؛
فذكر في
كتاب التمهيد ما ذهب إليه الشافعي من حديث القلتين فمذهب
ضعيف من
جهة النظر غير ثابت في الأثر؛ لأنه قد تكلّم فيه جماعة من
أهل العلم بالنقل،
وقال في الاستذكار: هو حديث معلول، وقال الدبوسي: هو خبر
ضعيف
ومغرٍ بمن لم يقبله؛ لأنّ الصحابة والتابعين لم يعملوا به
ولم يضيفا أشياء-
رحمهما الله- لما أسلفناه من بيان صحته وزوال نقله والله
تعالى أعلم.
وقال صاحب الهداية: هذا حديث ضعفه أبو داود. انتهى. لم أر
ما قاله
في كتابه نظر، وأمّا ما ورد من الاختلاف في عدد القلال
ومقدارها/فلا يؤثر
في ضعفه إذا صحت طريقه، وروى الحافظ أبو الحسن الدارقطني
في سننه من
حديث القاسم بن عبد الله العمري المتهم بالوضع عند أحمد
وغيره عن محمد
بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا بلغ الماء أربعين قلة
لا تحمل الخبث " (1) . قال: كذا رواه القاسم عن ابن
المنكدر عن جابر، ووهم
في إسناده، وقال الجوزجاني نحوه وقال ابن الجوزي: لا يتفرد
به مرفوعا
غيره، قال الدارقطني: وخالفه روح بن القاسم والثوري ومعمر
بن راشد فرووه
عن ابن المنكدر عن عبد الله بن عمرو موقوفا، ورواه أيوب
السختياني عن ابن
المنكدر من قوله: " لم يجاوز " به ثنا أحمد بن محمد بن
زياد نا إبراهيم
الحربي، ثنا هارون بن معروف ثنا بشر بن السرى عن ابن لهيعة
عن يزيد بن
أبي حبيب عن سليمان بن سنان عن عبد الرحمن بن أبي هريرة عن
أبيه قال:
__________
(1) موضوع. رواه الدارقطني (1/26) ونصب الراية (1/110)
والميزان (6812) وتذكرة
(33) وتجريد (240) وفوائد (7) وتنزيه (2/69) وعقيلي
(3/474) وابن عدي في
" الكامل " (6/2058) . وقال الشيخ الألباني في (ضعيف
الجامع: ص 60 ح/418-
114) : " موضوع ": انظر: الضعيفة (ح/1622) .
(1/544)
" إذا كان الماء قدر أربعين قلة لم يحمل
خبثا " (1) . لذا قال: وخالفه غير واحد
فقالوا عن أبي هريرة: " أربعين "، ومنهم من قال: " أربعين
دلوا ".
ثنا أبو بكر النيسابوري ثنا أبو أحمد المصيح ثنا حجاج قال
ابن جريج:
أخبرني محمد أنّ يحيى بن عقيل أخبره أنّ يحيى بن معمر
أخبره أنّ النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا كان الماء
قلتين لم يحمل نجسا ولا بأسا" (2) فقلت ليحيى بن
عقيل: فقلال هجر قال: فقلال هجر، فأظنّ أن كل قلة تأخذ
فرمنى، قال ابن
جريج: وأخبرني لوط عن أبي إسحاق عن مجاهد أن ابن عباس قال:
" إذا
كان الماء قلتين فصاعدا لم ينجسه شيء ". وفى كتاب المعرفة
لأبي بكر الحافظ
قال ابن جريج: قد رأيت قلال هجر بقلالة تسع قرب أو قربتين
وشيئا قال
الشّافعي: قرب الحجاز قديما، وحدثنا كبار العلماء بها فإذا
كان الماء خمس
قرب كبار لم يحمل الخبث، وذلك قلتان بقلال هجر، وقال
الإمام أحمد:
وقلال هجر كانت مشهورة/عند أهل الحجاز، ولشهرتها شبه- عليه
الصلاة
والسلام- بنبق السدرة بقلالها، قال أبو بكر بن المنذر: قال
أحمد مرة: القلة:
تسع قرب، وقال مرة: القلتين خمس قرب، ولم يقل بأي قرب،
وقال
إسحاق: نحو ست قرب، وقال أبو ثور: خمس قرب ليس بأكبر القرب
ولا
بأصغرها، قال أبو بكر: وقد يقال لذكور قلة ذكر بتبييضه أن
الثوري صلى
خلفه في رمضان ثم أخذ نعله وقلّة معه ثم خرج، وقيل: إن
القلة مأخوذة من
استقل فلان يحمله إذا طافه وحمله، قال: وإنما سميت الكران
قلالا؛ لأنها
تنقل بالأيدي وتحمل ويشرب فيها. قال هذا بعض أهل اللغة،
وفى كتاب
الأسرار لأبي زيد: القلتان أعلى الشيء فمعنى القلتين هنا
القامتان، وقيل: أعلى
الجبل، وفى المحلى وقال وكيع ويحيى بن آدم: القلة: الجرة،
وهو قول الحسن
البصري أي جرة كانت وهو قول مجاهد وأبي عبيد- رحمهم الله
تعالى-
والله أعلم.
__________
(1) السابق بنحوه، وانظر: (العقيلي: 3 / 473) .
(2) راجع الحاشيتين السابقتين.
(1/545)
45- باب الحياض
حدثنا أبو مصعب المديني، ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن
أبيه عن
عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن الحياض التي بين
مكة والمدينة تردها السباِع والكلاب والحمر، وعن الطهارة
منها فقال: " لها ما
حملت في بطونها ما غير طهور " (1) . هذا حديث ذكره
الدارقطني من مسند
أبي هريرة في كتاب السنن، وقال فيه الحافظ أبو جعفر
الطحاوي في كتاب
المشكل: ليس من الأحاديث التي يحتج بها؛ لأنه إنما دار على
عبد الرحمن
ابن زيد، وحديثه عند أهل العلم بالحديث في النهاية من
الضعف. كذا قاله،
وقد أبي ذلك عليه الحافظ ابن البيع فصحح في/مستدركه إسناد
حديث من
روايته في فضل المصطفى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وقال الحافظ أبو أحمد الجرجاني: له أحاديث
حسان، وهو ممن احتمله الناس وصدقه بعضهم، وهو ممن يكتب
حديثه، ولكنه
معارض بحديث غسل الإناء من ولوغ الكلب، وإن كان قد روى
حديث أبي
سعيد من غير وجه ليس لها حديث ابن زيد؛ من ذلك ما ذكره أبو
عيسى
الترمذي عن هناد بن السرى والحسن بن علي وغير واحد قالوا:
ثنا أسامة عن
الوليد بن كثير عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن حديج
عن أبي سعيد،
قيل: يا رسول الله، أيتوضأ من بئر بضاعة؟ - وهى بئر يلقى
فيها الحيض ولحوم
الكلاب والنتن- فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إن الماء طهور لا ينجسه شيء " (2) .
وقال: هذا حديث حسن، وقد جود أبو أسامة هذا الحديث، ولم
يرو أحد
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (519) . في الزوائد: في إسناده
عبد الرحمن. قال فيه الحاكم:
روى عن أبيه أحاديث موضوعة، وقال ابن الجوزي: أجمعوا على
ضعفه. وعبد الرزاق
(253) والقرطبي (3/45، 15/231) والمشكل (3/267) .
وضعفه الشيخ الألباني: (ضعيف الجامع. ص 691 ح/4789- 847) .
انظر: (الضعيفة: ح/1609) .
قوله: " ما غير " أي: ما بقي.
(2) حسن. رواه أبو داود (ح/67) والترمذي (66) وقال: هذا
حديث حسن. وأحمد (3/
86) والمنثور (5/73) وتلخيص (1/13) ومعاني (1/11) وابن أبي
شيبة (1/142) =
(1/546)
حديث أبي سعيد في بئر بضاعة أحسن مما روى
أبو أسامة، وقد روي هذا
الحديث من غير وجهه عن أبي سعيد، وقال أبو داود: قال
بعضهم:
عبد الرحمن بن رافع ثنا أحمد بن أبي شعيب وعبد العزيز بن
يحيى
الخراساني، ثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن سليط
بن أيوب،
عن عبد الله بن عبد الرحمن بن رافع الأنصاري ثم العدوي عن
أبي سعيد:
سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو
يقال له: أنه يستقى لك من بئر بضاعة، وهى
تلقى فيها لحوم الكلاب والمحايض وعذر الناس، فقال عليه
الصلاة والسلام: إن
الماء طهور لا ينجسه شيء ". قال أبو داود: سمعت قتيبة بن
سعيد قال:
فسألت نمير عن بئر بضاعة عن عمقها قال: أكثر ما يكون الماء
فيها قال: إلى
العانة، قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة، قال أبو داود:
وقدرت أنا بئر
بضاعة بردائي مددته عليها ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع،
وسألت الذي
فتح لي باب البستان فأدخلني/إليه: هل غيّر بناؤها عما كانت
عليه؟ قال.
لا، ورأيت فيها ماء متغيّر اللون، وفى علل الخلال: ثنا أبو
الحارث أنه سأل أبا
عبد الله عن هذا الحديث فقال: حديث بئر بضاعة صحيح، وحديث
أبي
هريرة: " لا يُبال في الماء الدائم " أثبت وأصح إسنادا
قال: وبئر بضاعة عند
سقيفة بني ساعدة، وقال أبو عمر في الاستذكار: بئر بضاعة
محفوظ من
__________
والمشكاة (478) والدارقطني (1/30، 31) .
قوله: " بضاعة " بضم الباء، وقد كسرها بعضهم، والأوْل
أكثر، وهي دار بني ساعدة
بالمدينة، وبئرها معروفة.
وقال أبو داود في سننه: " سمعت قتيبة بن سعيد قال: سألت
نمير: بئر بضاعة عن عمقها؟
قال: أكثر ما يكون فيها الماء إلى العانة، قلت: فإذا نقص؟
قال: دون العورة ".
قال أبو داود: وقدرت أنا بئر بضاعة بردائي مددته عليها ثم
ذرعته، فإذا عرضها ستة أذرع،
وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه: هل غير
بناؤها عما كانت عليه؟ فْالا: لا،
ورأيت فيها ماء متغير اللون.
قلت: والحديث نسبه ابن حجر في التلخيص (ص 3- 4) للشافعي
وأحمد وأصحاب السنن
والدارقطني والحاكم والبيهقي. وقال: " صححه أحمد بن حنبل
ويحيى بن معين وأبو
محمد بن حزم، وأطال الكلام في طرقه وتعليله، وانظر بعض
طرقه في مسند أحمد (11136،
11277، 11838. ح 3 ص 15، 31، 86) .
(1/547)
حديث أبي سعيد، ولما خرج أبو عبد الله بن
مندة هذا الحديث من رواية
محمد بن كعب القرظي عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع قال:
هذا إسناد
مشهور أخرجه أبو داود والنسائي، وتركه البخاري ومسلم
لاختلاف في
إسنادها ورواه ابن أبي ذئب عن الثقة عنده عن عبد الله بن
عبد الرحمن عن
أبي سعيد، ثم ذكر رواية مطرف بن طريف عن خالد بن أبي مرّة
عن سليط
عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه، وقال: فإن كان
عبيد الله بن
عبد الرحمن بن رافع هذا هو الأنصاري الذي روى عن جابر بن
عبد الله
فقد روى عن هشام بن عروة، وهو رجل مشهور في أهل المدينة،
وعبد الله
بن رافع بن حديج مشهور، وعبيد الله ابنه مجهول، فهذا حديث
معلول برواية
عبيد الله بن عبد الله، وفى كتاب الإيضاح لعبد الغني. رواه
مطرف بن
عبد الله عن خالد عن سليط عن ابن أبي سعيد عن أبيه، وفى
بيان الوهم
والإبهام وأمر هذا الحديث إذا بين تبين منه ضعفه، وذلك أنّ
مداره على أبي
أسامة عن أسامة في الوسيطة الذي بين محمد بن كعب وأبي سعيد
فقوم
يقولون: عبيد الله بن عبد الله بن رافع، وقوم يقولون: عبد
الله بن عبد الله
بن رافع، وله طريق آخر من رواية ابن إسحاق عن سليلي واختلف
على ابن
إسحاق في الواسطة الذي بين سليط وأبي سعيد فقوم يقولون:
عبيد الله بن
عبد الرحمن/بن رافع، وقوم يقولون: عن عبد الرحمن بن رافع
فتحصل في
هذا الرجل الراوي عن أبي سعيد خمسة أقوال، وكيف ما كان فهو
من لا
يعرف حاله ولا يمنه، والأسانيد بما ذكرنا في كتب الحديث
معروفة. انتهى
كلامه. وفى حديث ابن إسحاق عن سليط انقطاع. نص على ذلك ابن
(1) صحيح. رواه النسائي (1/174) وأحمد في " المسند "
(1/235، 308) والبيهقي
في " الكبرى " (1/265، 266، 279) والحاكم في " المستدرك "
(1/159) وابن حبان
(116) وأبو داود (ح/66) والطبراني في " الكبير " (8/123)
وابن خزيمة (91، 901)
والدارقطني في " سننه " (1/29، 52) ومطالب ابن حجر (1)
والمجمع (1/213، 214)
ونصب الراية (1/94، 95) واستذكار (1/332، 333) والقرطبي
(13/50، 51)
ومعاني (1/12، 16) وأصفهان (2/344) والعلل (95) والخطب
(10/423) وابن عدي
في " للكامل " (2/459، 6/2431) .
(1/548)
محمد في كتاب المراسيل، وفى قول ابن مندة:
لأنّ ابن أبي ذئب رواه عن
الثقة عنده عن عبد الله نظر؛ لما ذكره الشافعي: أنبأ الثقة
عن ابن أبي ذئب
عن الثقة عنده عمن حدث أو عن عبد الله. قال أبو الحسن بن
القطان:
ولحديث بئر بضاعة طريق صحيحة من رواية سهل بن سعيد قال
قاسم بن
منيع: ثنا ابن وضاح ثنا أبو علي عبد الصمد بن أبي سلمة
الحلبي بحلب ثنا
عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعيد قالوا. يا
رسول الله إنّك
تتوضأ من بئر بضاعة، وفيها ما ينحى الناس والمحايض والخبث،
فقال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الماء لا ينجسه
شيء " (1) . قال قاسم: هذا من أحسن شيء في بئر
بضاعة، وقال محمد بن عبد الملك بن أيمن. ثنا ابن وضاح
يذكره أيضا
بإسناده ومتنه، قال أبو محمد بن حزم في كتاب الإيصال: عبد
الصمد بن
أبي سكينة ثقة مشهور، وذكره الساجي، وقال ابن وضاح: لقيه
بحلب،
ويروى عن سهل بن سعد في بئر بضاعة من طريق هذا خيرها-
والله تعالى
أعلم- انتهى. ولما خرج أبو عمر هذا في الاستذكار عن عبد
الوارث عن
قاسم قال: هذا اللفظ غريب في حديث سهل، ومحفوظ من حديث أبي
سعيد ورواه الدارقطني من حديث فضيل بن سليمان المخرج حديثه
في
الصحيحين عن أبي حازم عن سهل مرفوعا: " الماء لا ينجسه شيء
". وعن
فضيل عن محمد بن أبيِ يحيى عن أبيه قال: سمعت سهلا يقول: "
شرب
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بئر بضاعة "،
ورواه الطبراني (1) في معجمه الكبير عن موسى/
بن سهل بن أبي عمران الجوني عن هشام بن عمار عن حاتم بن
إسماعيل عن
محمد بن أبي يحيى عن أمه قال: دخلنا على سهل في بيته فقال:
لو أنى
سقيتكم من بئر بضاعة لكرهتم وقال: وقد- والله- سقيت منها
رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيدي ". زاد عمر بن
شيبة في كتاب أخبار المدينة تأليفه وإن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بصق فيها ".
حدثنا أحمد بن شيبان ثنا يزيد بن هارون ثنا شريك عن طريق
بن شهاب
__________
(1) صحيح. التمهيد (1/332) والمجمع (4/12) من حديث سهل بن
سعد، وعزاه إلى
" أحمد " و" أبي يعلى " إلا أنه قال: " لو إني سقيتكم من
بئر بضاعة لكرهتم" والباقي
بنحوه، والطبراني في " الكبير "، ورجاله ثقات.
(1/549)
قال: سمعت أبا نضرة يحدث عن جابر بن عبد
الله قال: انتهينا إلى غدير
فإذا فيه جيفة حمار قال: فكففنا عنه حتى انتهى إلينا رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:
فان الماء لا ينجسه شيء، فاستقينا وأروينا وحملنا ". هذا
حديث إسناده
ضعيف؛ لضعف رواية أبي سفيان طريق ابن شهاب السعدي الأشهل،
وقال
البخاري والعطاردي وقال أيضا: يكنى أبا معاوية طريق بن سعد
ويقال:
طريف بن سفيان، قال البخاري: ليس بالقوى عندهم، وقال عمرو
بن علي:
ما سمعت يحيى ولا عبد الرحمن يحدثان عن أبي سفيان العطاردي
بشيء،
وقال الإمام أحمد: ليس بشيء، ولا يكتب حديثه، وقال ابن
معين: ليس
بشيء، وفى رواية: ضعيف، ولذلك قاله أبو حاتم الرازي زاد:
ليس بقوي،
وقال النسائي: متروك الحديث، وقال ابن عدي: روى عن الثقات،
وإنما أنكر
عليه في متون الأحاديث أشياء لم يأت بها غيره وأما أسانيده
فهي مستقيمة،
وقال الدارقطني: ضعيف، وقال الجرمي: بصري، ليس هو أوثق
النّاس، وقال
ابن حبّان: كان مغفلا يهم في الأخبار، ثم يقلبها ويروى عن
الثقات ما لا
يشبه حديث الأثبات، وقال أبو عمر بن عبد البرّ في كتاب
الاستغناء:
أجمعوا على أنه ضعيف الحديث، وذكوه في كتاب الضعفاء الساجي
وأبو
العرب والعقيلي/ويعقوب بن سفيان الفسوي، ورواه الساجي في
كتاب
الضعفاء عن الربيع: ثنا الشافعي ثنا إبراهيم بن محمد ثنا
داود بن حصين عن
أبيه عن جابر سئل- عليه الصلاة والسلام- أيتوضأ بما أفضلت
الحمر قال:
نعم وبما أفضلت السباع "، وأنبأ الشافعي: ثنا سعيد بن سالم
عن ابن أبي
حبيب عن داود عن جابر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بمثله، ولم يقل عن أبيه.
حدثنا محمود بن خالد والعباس بن الوليد الدمشقيان قالا:
ثنا مروان بن
محمد ثنا رشدين أنبأ معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن أبي
إمامة
الباهلي، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " إن الماء لا ينجسه شيء، إلا ما غلب على
ريحه وطعمه ولونه " (1) . هذا حديث إسناده ضعيف لضعف رواية
أبي الحجاج
__________
(1) صحيح. رواه الترمذي (66) وقال: هذا حديث حسن. والنسائي
(1/173) وابن ماجة
(520، 521) والحديث الأول من حديث جابر. قال في الزوائد:
إسناد حديث جابر
ضعيف؛ لضعف طريق ابن شهاب. قال ابن عبد البر: أجمعوا على
انه ضعيف.=
(1/550)
رشدين بن سعد بن مفلح بن هلال المهري، وهو
رشد بن أبي رشدين القائل
فيه الإمام أحمد بن حنبل: ليس يبالي عمن روى، لكنه رجل
صالح، قال
الميموني: فوثقه هيثم بن خارجة، وكان في المجلس فتبسم أبو
عبد الله ثم قال
أبو عبد الله: ليس به بأس في أحاديث الرقاق، وفى رواية حرب
وسئل عنه
فضعّفه وقدم ابن لهيعة وقال ابن أبي خيثمة عنه: لا نكتب
حديثه، وفى رواية
البغوي عنه: أرجو أن يكون صالح الحديث، وفى رواية عبد الله
عنه رشدين
كرى وكرى، وسئل عنه أبو زكريا فقال: ليس من حمال المحامل،
وفى رواية
أحمد بن محمد بن حرب عنه رشدين (1) أنبأ رشدين بن كريب
وابن سعد
وفى رواية بن الجنيد عنه ليس بشيء، وقال أبو حاتم الرازي:
منكر الحديث
وفيه غفلة ويحدث بالمناكير عن الثقات، ضعيف الحديث ما
أقربه عن داود بن
المحبر وابن لهيعة أستر ورشدين أضعف، وقال أبو زرعة: ضعيف
الحديث،
وقال البخاري عن قتيبة:/كان لا يبالى ما دفع إليه فيقرأه،
وقال ابن عدي:
وهو مع ضعفه ممن يكتب حديثه، وقد خصّ مسلم بالضّعف حجاج
أبيه
ومحمد بن حجاج وأحمد بن محمد، وقال السعدي: هو ثقة وابن
لهيعة
عنده مداخيل، مناكيره كثيرة، قال: وسمعت ابن أبي مريم يثنى
عليه في
دينه، فأمّا حديثه ففيه ما فيه، وفى رواية الدولابي: ففيه
ما قلت، وقال ابن
سعيد بن يونس: ولد سنة عشر ومائة ومات سنة ثمان وثمانين،
وكان رجلا
صالحا لا يشك في صلاحه وفضله، وأدركته غفلة الصالحين فخلط
في
الحديث، وقال البستي: كان يقرأ كل ما وقع إليه سواء كان من
حديثه أو لم
__________
والحديث من حديث أبي أمامة. قال في الزوائد: الحديث بدون
الاستثناء، رواه أبو داود
والنسائي والترمذي من حديث أبي سعيد. وأحمد (1 / 235، 284،
308) والبيهقي (1 /
258، 267) وابن حبان (226) والطبراني (11/274) والجوامع
(5823، 5824) وشفع
(28) وعبد الرزاق (255، 396) والكنز (27490، 27505)
والمجمع (1/213) وعزاه
إلى أحمد ورجاله ثقات. والمعاني (1/12، 16) وابن عدي
(4/1438) . قلت: وقد
حسّنه الترمذي بشواهده المتعددة الضعيفة. قلت: وقد رواه
ابن ماجة من طريقين مختلفين،
أحدهما: من حديث جابر بن عبد الله، والثاني: من طريق أبي
أمامة. فتنبه أنّ هذه شواهد
تُصحح تحسينه.
(1) قوله: " رشدين " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.
(1/551)
يكن، ولما ذكره الساجي في كتاب الضعفاء ذكر
عن ابن معين أنه كانت
عنده مناكير: حدثنى أحمد بن محمد ثنا الهيثم بن خالد قال:
كنت مع
رشدين في غرفة له وكان لها منظرة إلى بعد، فأقبل شاب فقال
رشدين: ترى
هذا المقبل؟ قلت: نعم، قال هذا ابني، وهو أعلم الناس بلعب
الشطرنج ما
يلاعبه أحد قال: فرأيته فرحا بذلك، ولما ذكر أبو حاتم هذا
في كتاب العلل
قال فوصله رشدين وليس بقوي، والصحيح: مرسل، وقال الخليل:
ضعفوه
ولم يتفقوا عليه، وابنه حجاج أمثل منه، وذكره في الضعف أبو
العرب
والعقيلي والبلخي، وقال الحربي: غيره أوثق منه، وقال
البزار: لم يكن بالمعتمد،
وقال عبد الحق: هو ضعيف عندهم، وفى ما قاله نظر؛ لأنه روى
عن راشد
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا بسند.
جيد ثنا بذلك الإمام أبو المحاسن بن محمد
الكردي أنبأ بن خليل أبو إسحاق إبراهيم، ثنا عبد الرحمن بن
المسلم، ثنا علي
بن الحسنى الواديني، ثنا أبو عبد الله محمد بن القاسم بن
جعفر المؤذن، ثنا أبو
بكر عبد الرحمن بن القاسم الهاشمي، ثنا أبو مسهر عبد
الأعلى بن مسهر، ثنا
عيسى بن يونس، ثنا الأحوص عن راشد بن سعد قال/عليه الصلاة
والسلام:
" الماء لا ينجسه شيء إلا ما غلب على ريحه أو طعمه ". وقال
أبو الحسن
الدارقطني: إنما يصح هذا من قول رشدين بن سعد، وقال في
موضع آخر: لم
يرفعه غير رشدين، وفى المعرفة: قال الشافعي: وما قلت من
أنه إذا تغير طعم
الماء وريحه ولونه كان نجسا يروى عن النبي من وجه، لا يثبت
أهل الحديث
مثله، وهو قول العامة لا أعلم بينهم فيه خلافا، وقال أبو
القاسم في المعجم
الأوسط: لم يرو هذا الحديث عن معاوية بن صالح إلا رشدين.
تفرد به
محمد بن يوسف، وفيه نظر؛ لما تقدّم من رواية مروان عنه به،
ورواه البيهقي
عن إسناده ابن البيع عن أبي الوليد العقبة عن جعفر الحافظ
عن أبي الأزهر عن
مروان بسنده أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال: " إذ كان الماء قلتين لم ينجسه شيء، إلا ما
غلب على ريحه أو طعمه "، وقال: كذا أوجدته، ولفظ القلتين
فيه غريب،
ورواه أيضا إسناده عن أبي الوليد عن الساماني عن عطية بن
بقية بن الوليد
عن أبيه عن ثور بن يزيد عن راشد بن سعدية بزيادة: " طعمه
أو لونه بنجاسة
يحدث فيها "، ثم قال: والحديث غير قوى إلا أنا لا نعلم في
نجاسة الماء إذا
(1/552)
تغيّر بالنجاسة خلافا لما ذكره ابن عدي في
كامله من طريق أحمد بن عمير
عن حفص بن عمر ثنا ثور بن يزيد عن راشد بن سعد قال: هذا
ليس يرويه
عن ثور إلا حفص بن عمر. انتهى كلامه. وفيه نظر، لما
أسلفناه من طريق
عطية عن أبيه عن ثور، وفيها أيضا ردّ لقول أبي الحسن
والرازي: لم يرفعه غير
رشْدين، وفى الباب غير ما حديث من ذلك حديث ثوبان: قال
رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الماء طهور إلا ما
غلب على ريحه أو طعمه ". رواه الدارقطني (1) من
حديث رشدين بن سعد.
وحديث سهل بن سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أنه قال: " الماء لا ينجسه شيء " (2) .
رواه أيضا عن محمد بن الحسن الحراني ثنا علي بن أحمد
الجرجاني ثنا
محمد بن إسحاق الجوسي ثنا فضيل/بن سليمان النميري عن أبي
حازم عنه،
وقد تقدّم طرف منه. وحديث عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " الماء لا ينجسه
شيء". رواه أبو القاسم في معجمه الأوسط عن أحمد بن زهير
ثنا أبو الربيع
عن عبد الله بن محمد الحارثي عن أبي أحمد الزبيري ثنا شريك
عن المقدام
بن شُريج عن أبيه عنها، وقال: لم يروه عن المقدام إلا
شريك، قال بعض
الحفاظ من مشايخنا- رحمهم الله تعالى-: ومن غريب ما يستدل
به في هذا
المعنى حديث ابن ثعلبة الحسنى في الأمر بغسل أواني
المشركين قبل الأكل فيها
مع حديث عمران بن حصين في وضوئه- عليه الصلاة والسلام- من
مزادة
شركة؛ فإن الأول يدل على نجاسة الإناء، والثاني يدل على
طهارة الماء
وطهوريته، وفى القديم للشافعي. ثنا مالك عن يحيى بن سعيد
عن محمد بن
إبراهيم عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أن عمر ابن الخطاب
خرج في
ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا فقال عمرو لصاحب
الحوض:
" يا صاحب الحوض هل يرد حوضك السباع "، فقال: عُمر بن
الخطاب يا
صاحب الحوض لا تخبره فإنّا نرد على السباع وترد علينا (3)
. أنبأ بن عيينة عن
__________
(1) ضعيف. رواه الدارقطني (1/28) ونصب الراية (1/95) .
قلت: في إسناده بقية بن الوليد.
(2) تقدم من أحاديث الباب. ص 541
(3) صحيح. رواه أحمد في " المسند " (3/421) والبيهقي في "
الكبرى " (1/250) .
(1/553)
عمرو بن دينار أن عمر بن الخطاب ورد حوض
مجنة فقيل له: إنما ولغ الكلب
منه فقال عمر: إنما ولغ بلسان فشرب وتوضأ ". وزعم أبو جعفر
الطحاوي أن
الواقدي قال: إن بئر بضاعة كانت طريقا للماء إلى البساتين
فكان الماء لا
يستقر فيها، وردّ ذلك أبو بكر في المعرفة بما لا يصلح أن
يكون ردّا، وهو
الطعن على الواقدي بالضعف وهو لم يذكره رواية إنما ذكره عن
مشاهدة، وإن
كان ذلك ملخصه المعارضة بالتوثيق، قال محمد بن إسحاق
الصغاني وذكر
من فضله وحسن أحاديثه، أما أنا فلا أجسم أن أروى عنه،
والله لولا أنه
عندي ثقة ما حدثت عنه حديث عنه أوثقة/أئمة أبو بكر ابن أبي
شيبة وأبو
عبيد وأبو خيثمة ورجل آخر، وقيل للدراوردي. ما تقول فيه؟
فقال: سله
عني، وفى لفظ " ذاك أمير المؤمنين في الحديث "، وكذلك قاله
أبو عامر
العقدي لما سئل عنه، ولما سئل عنه معن (1) بن عيسى قال:
نحن نسأل عنه؟!
إنما يُسأل هو عنّا، وقال الزبيري والمسيرى وأبو يحيى
الزهري: محمد بن عمر
ثقة مأمون، وقال ابن نمير: حديثه عنّا مستوى، وقال يزيد بن
هارون: هو
ثقة، وقال عباس بن عبد العظيم: هو أحبّ إلي من عبد الرزاق،
وقال أبو
عبيد بن سلام: هو ثقة، وقال أبو داود: كان أحمد ينظر في
كتبه كثيرا،
ولم ننكر عليه أحد سوى جمعه الأسانيد ومجيئه بالمتن واحدا،
قال أبو إسحاق
المزي: وذكر له هذا القول هذا ليس بعيب، وقال محمد بن
إسحاق في كتاب
الفهرست: كان حسن المذهب- رحمه الله تعالى-، وأمّا ما ذكره
بعض
المتأخرين من أنّه مجمع على ضعفه؛ ففي بعض ما تقدّم ردّ
عليه- والله
أعلم- ثم ننزل معه بأن يلقي قوله، وينظر هل قال ذلك غيره
ممن تقدّمه فإذا
عائشة- رضى الله عنها- وهى من أفقه الصحابة، قالت: كان بئر
بضاعة
قناة وكان لها منفذ إلى بساتينهم. ذكر ذلك صاحب الأسرار من
غير رواية
الراوي، والعقل يشهد له لأنها متى لم تكن قناة تغيرت
بالحيض لا محالة،
قال: وروى عن محمد بن الفضل البلخي أنه قال: " مسحت بئر
بضاعة
__________
(1) قوله: " معن " وردت " بالأصل ": " مضى "، وهو تصحيف،
وكذا أثبتناه من
" الثانية ".
(1/554)
فوجدتها ثمانية في ثمانية "، وقد روى عن
محمد بن الحسن أنه حدّد الكثرة
بها (1) ، والله أعلم.
__________
(1) قوله: " بها " وردت " بالأصل ": " بهذا "، وهو تصحيف،
والصحيح ما أثبتناه من
" الثانية ".
(1/555)
46- باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب
عن
قابوس بن أبي المخارق عن لبابة بنت الحارث قالت: " بال
الحسن بن علي-
رضى الله عنهما- في حجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ/فقلت: يا رسول أعطني ثوبك والبس
ثوبا غيره: فقال: " إنما ينضح من بول الذكر ويغسل من بول
الأنثى ". هذا
حديث خرجه ابن ماجة أيضا في كتاب الرؤيا بزيادة (1) : " يا
رسول الله رأيت
كان في حجري عضوا من أعضائك "، وإسناده صحيح لذكر ابن أبي
المخارق
في كتاب الثقات لأبيِ حاتم البستي، ولما ذكره أبو عبيد
الله في مستدركه
حكم بصحته، ولما رواه ابن خزيمة في صحيحه (2) عن نصر بن
مرزوق ثنا
أسد- يعني: بن موسى- ح وثنا محمد بن عمرو بن تمام المصري
ثنا على بن
معبد ثنا بن الأحوص بلفظ: " فقلت هات ثوبك حتى أغسله، ثم
قال: إنما
يغسل بول الأنثى وينضح بول الذكر "، قال وفى حديث أسد بن
موسى:
" كان الحسن في حجر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فبال عليه، فقلت: البس ثوبا وأعطني ثوبك
حتى أغسله "، وقال الدارقطني في كتاب العلل: عن سماك عن
قابوس عن
أبيه عنها: قال ذلك عثمان بن سعد، وقيل: عن عثمان عن مسعر
عن سماك
قال: وقال معاوية بن هشام عن على بن صالح عن سماك عن قابوس
مرسلا،
وروى عن داود بن أبي هند عن سماك مرسلا عن أم الفضل،
والصواب: قول
من قال: عن سماك عن قابوس عن أم الفضل. كذا ذكره عن علي،
والذي
رواه البزار في مسنده يخالف ما قاله ذلك أنه رواه عن
إبراهيم بن الجنيد ثنا
عثمان بن سعيد ثنا على بن صالح عن سماك عن قابوس عنها
بلفظ: " فما
أخذته فاطمة بيدها فقال: أوجعت ابني رحمك الله ... "
الحديث، ورواه
الطبراني (3) أيضا من حديث محمد بن مصعب العيروساني
الأوزاعي عن شداد
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/522) وابن أبي شيبة (1/120،
4/172) والكنز
(27280) . وصححه الشيخ الألباني.
(2) صحيح. رواه ابن خزيمة: (282) .
(3) ضعيف. رواه الطبراني (3/5) وابن ماجة ماجة (ح/3923) .
في الزوائد:=
(1/556)
عن عمار عنها بلفظ: " وعلى ابين فإن ابني
ليس بنجس، ثم دعا بماء فصبه
عليه "، ورواه الخلال في كتاب العلل عن عبد الله بن أحمد:
أنبأ أبي ثنا عفان
قالا: حدثنا حماد بن سلمة أنبأ عطاء الخراساني عن لبابة
بلفظ: " فرأيت البول
يسيل على بطنه، فقمت/إلى قربة لأصبها عليه ". وفى الباب عن
الكجي: ثنا
حجاج ثنا حماد عن عطاء الخراساني عن لبابة: " أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اضطجع على
مكان من سوسي، فوضع الحسن والحسين جميعا على بطنه، فبالا
على بطنه،
فرأيت البول يسيل على بطنه فقمت إلى القربة لأصبها عليه
(1) ، فقال: يا أم
الفضل بول الغلام يصب عليه ما لم يطعم وبول الجارية يغسل
غسلا " (2) . وفى
الباب للدارقطني من حديث إبراهيم بن محمد عن داود عن عكرمة
عن ابن
عباس في بول الصبي كلمة يصب عليه مثله من الماء؛ لذلك صنع
رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببول حسين بن علي، وفى
مسند أحمد بن منيع ثنا بن علية ثنا عمارة
أن أبي حفصة عن أبي مخلد عن حسن بن علي قال: حدثتنا امرأة
من أهلنا
بين رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستلقيا
على ظهره يلاعب صبيا على صلاه، فبال فقامت
لتأخذه وتضربه فقال: " دعيه، ائتوني بكوز من ماء، فنضح
الماء على البول حتى
تقابض الماء على البول فقال: هكذا يصنع بالبول ينضح من
الذكر ويغسل من
الأنثى " (3) .
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: ثنا وكيع
ثنا هشام بن
عروة عن أبيه عن عائشة قالت: " أتى رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بصبي، فبال عليه، فاتبعه
الماء ولم يغسله ". هذا حديث خرجاه في صحيحهما (4) ولفظ
مسلم: " كان
__________
رجال إسناده ثقات، إلا أنه منقطع، وفي التهذيب والأطراف:
روى قابوس عن أبيه عن
أم الفضل، وضعفه الشيخ الألباني: انظر ضعيف ابن ماجة:
(ح/850) .
(1) ضعيف. نصب الراية (1 / 127) والمجمع (1/285) وعزاه إلى
الطبراني في " الكبير "،
وفيه ليث بن أبي سليم، وفيه ضعف.
(2) صحيح. رواه أحمد: (6/339) .
(3) انظر: الحاشية السابقة.
(4) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (8 / 95) ومسلم في
(الطهارة، باب " 31 " رقم
" 101 "، والأدب باب " 5 " رقم " 27 " (وابن أبي شيبة
(7/378) والمشكاة (4150)
وللمغني عن حمل الأسفل (2/194) وأحمد (6/212، 46) وأبو
داود (5106) -
(1/557)
يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم فأتى
بصبي "، وفى لفظ: " بصبي
يرضع "، وفى لفظ لأبي نعيم في مستخرجه: " فربما أتي بالصبي
فيبول عليه
فيدعوا بماء فيتبعه إياه "، وذكر أبو الحسن الدارقطني من
رواية حجاج بن أرطاة
عن عائشة أن هذا الصبي ابن الزبير قالت: فأخذنه أخذا
عنيفا، فقال- عليه
الصلاة والسلام-: " إنه لم يأكل الطعام فلا تضربوه "، وفى
لفظ " فإنه لم
يطعم الطعام فلا مقدر بوله "، وفى المسند من رواية أبي
معاوية عن هشام،
ولفظه: " صبوا عليه الماء صبا "./
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح ثنا سفيان ابن
عيينة عن
الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أم قيس بنت محصن قالت:
" دخلت
بابن أبي على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لم يأكل الطعام، فبال عليه، فدعا بماء فرش
عليه ". هذا حديث خرجاه في الصحيح (1) ، ولفظ مسلم: " فدعا
بماء فنضحه
على ثوبه ولم يغسله غسلا ".
حدثنا حوثرة بن محمد ومحمد بن سعيد بن يزيد بن إبراهيم
قالا: ثنا
معاذ بن هشام ثنا أبي عن قتادة عن أبي حرب بن أبي الأسود
الديلمي عن
أبيه عن علي: " أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال في بول الرضيع: ينضح بول الغلام،
ويغسل بول الجارية " (2) . هذا حديث لما خرجه الحاكم عن
أبي عمرو بن
__________
والحميدي (164) ومعاني (1/31) وأذكار (253) .
(1) رواه مسلم في (الطهارة، ح/103) وأبو داود (374)
والترمذي (71) وابن ماجة (524) والدارمي (وضوء، باب " 105
") ورواه أحمد في " المسند " عن سفيان بن عيينة (6/355)
ورواه الطيالسي (رقم 1636) عن زعمة عن الزهري، وفيه: "
فدعا بماء فنضحه عليه، ولم يغسله غسلا "، ورواه ابن سعد في
الطبقات (8/176) من طريق صالح بن كيسان عن الزهري، وفيه: "
فنضح عليه الماء ولم يغسله " وكذلك رواه مالك في الموطأ
(1/83) عن الزهري.
(2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/ 525) والترمذي (ح/ 610) وقال:
هذا حديث حسن
صحيح. والحاكم وصححه. وأحمد (1/137) والبيهقي (3/415)
والدارقطني (1/129)
وابن حبان (247) وعبد الرزاق (1490) وابن خزيمة (284)
والكنز (27268، 27291)
وشرح السنة (2/87) والحلية (9/62) وابن عدي في " الكامل"
(2/493) .
قال الحافظ في التلخيص (ص 14) : " إسناده صحيح. إلا أنه
اختلف في رفعه ووقفه، وفي
وصله وإرساله. وقد رجح البخاري صحته، وكذا الدارقطني. وقال
البزار: تفرد برفعه=
(1/558)
حمدان ثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور
الحارثي ثنا معاذ قال: هذا
حديث صحيح، فإن أبا الأسود الديلمي صحيح سماعه من علي وهو
على
شرطهما صحيح ولم يخرجاه، وله شاهدان صحيحان: حديث قابوس عن
أمامه، وحديث كل عن أبي السمح. انتهى كلامه. وفيه نظر؛
لأنّ أبا الحرث
عند مسلم فقط ولما خرجه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه أتبعه.
حدثنا أبو
موسى- يعني: عن معاذ- بمثله، وزاد- قال قتادة: هذا ما لم
يطعم الطعام،
فإذا طعم الطعام غسلا جميعا، وخرجه أيضا البستي في صحيحه،
ولما خرجه
الترمذي قال فيه: حسن صحيح، وقال في العلل: سألت محمدا عن
هذا
الحديث فقال: شعبة لا يرفعه، وهشام الدستوائي حافظ، ورواه
يحيى بن سعيد
القطان عن ابن عروة عن قتادة فلم يرفعه، وقال البزار: وقد
روى هذا الفعل
عائشة وأبو ليلى وزينب بنت جحش، وأحسنها إسنادا حديث علي
وحديث أم
قيس، وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا من هذا الوجه بهذا
الإسناد، وإنما أسنده معاذ عن أبيه، وقد رواه/غير معاذ عن
هشام عن قتادة
عن أبي حرب عن أبيه عن على موقوفا: حدثنا أحمد بن موسى بن
معقل ثنا
أبو اليمان المصري قال سألت الشافعي عن حديث النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يرش من بول
الغلام ويغسل من بول الجارية " (1) والماءان جميعا واحد
قال: لأنّ بول الغلام
من الماء والطين وبول الجارية من اللحم والدّم، ثم قال لي:
فهمت؟ قلت:
بقيت، قال: قلت: لا. قال: إن الله خلق آدم، وخلقت حواء من
ضلعه
الأيسر فصار بول الغلام من الماء والطين، وصار بول الجارية
من اللحم والدم،
قال: قال لي: فهمت؟ قلت: نعم، قال: بفعل الله هكذا هذا
ثابت في نسختي
التي بخط المرادي، وفى نسخة أخرى علم الحافظ المنذري عليها
لا إلي وكأنه
أشبه، والله تعالى أعلم.
__________
- معاذ بن هشام عن أبيه، وقد روى هذا الفعل من حديث جماعة
من الصحابة، وأحسنها
إسنادا حديث علي ". وفي عون المعبود- نقلا عن المنذري-
قال: " وقال البخاري: سعيد بن
أبي عروبة لا يرفعه، وهشام يرفعه، وهو حافظ ". فهذا ترجيح
البخاري صحته. وقد مضى
في الترمذي هذا المعنى من حديث أم قيس بنت محصن (رقم 71 ج
1 ص 104- 106) .
(1) تقدم من أحاديث الباب.
(1/559)
حدثنا عمرو بن علي ومجاهد بن موسى والعباس
بن عبد العظيم قالوا: حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي ثنا يحيى بن الوليد أنبأ محل ابن خليفة
ثنا أبو السمح قال: كنت
خادم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجيء
بالحسن- أو الحسين- فبال على صدره فأرادوا أن يغسلوه فقال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رشه فإنه
يغسل بول الجارية، ويرش من بول الغلام " (1) . هذا حديث
خرجه ابن خزيمة (2) في صحيحه من حديث عباس العنبري ولفظه:
" رشوه رشا "، وقد
أسلفنا عن أبي عبد الله الحاكم تصحيحه في الشواهد، وقال
البزار وأبو الفتح: لا نعلم
حدث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا هذا
الحديث، ولا لهذا الحديث إسناد إلا هذا، ولا يحفظ هذا
الحديث إلا من حديث ابن مهدي، وصححه أبو محمد بن حزم
والإشبيلي بسكوته
عنه، وخرجه أبو أحمد العسكري في كتاب الصحابة، وشرطه في
ذلك معروف، وفى
التمهيد: حديث المحل لا يقوم به حجة، والمحل ضعيف، ويشبه
أن يكون لأبي/عذرة
هذا القول؛ لأني لم أره لغيره، وذلك أنه ممن خرج حديثه في
صحيحه محتجّا به في
الزكاة وعلامات النبوة، وقال فيه أبو زرعة الرازي: ثقة
صدوق، وقال أبو زكريا يحيى
بن معين: هو ثقة، وذكره البستي في كتاب الثقات، وسيأتي
ذكره وفى كتاب
الأشراف، وقال أبو ثور: يغسل بول الغلام والجارية، وإن ثبت
حديث الرش
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان الرش
جائزا في بول الغلام، ولفظ أبي داود: " كان- عليه
الصلاة والسلام- إذا أراد أن يغتسل قال: دلني، فأوليه قفاي
فاستره به " (3) ،
وفيه: " فجئت أغسله "، ولفظ الدولابي في كتاب الكنى وأثر
الثوب وفيه:
" ويغسل من بول النساءِ " (4) .
حدثنا محمد بن بشار، ثنا أبو بكر الحنفي ثنا أسامة بن زيد
وعن عمرو بن
شعيب عن أم كرز أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قال: " بول الغلام ينضح، وبول الجارية
يغسل ". هذا حديث قال فيه مهنأ: سألت أحمد بن حنبل عن محمد
بن
__________
(1) تقدم من أحاديث الباب.
(2) صحيح. رواه ابن خزيمة: (283) . قلت: ولهذا الحديث
شواهد صحيحة.
(3) سقطت بعض " حروف " هذا الحديث من " الأولى "، وسقطت من
" الثانية ".
(4) صحيح. رواه أحمد (1/76) وابن ماجة (ح/527) والبيهقي
(2/415) والدارقطني
(1/129) والخفاء (1/344) والإِرواء (1/188، 190) .
وصححه للشيخ الألباني.
(1/560)
جعفر بن أبي ليث حدثوني عنه قال: حدثنا
أسامة بن زيد عن عمرو بن
شعيِب عن أم كرز: أتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بغلام الحديث فقال أحمد: هو معروف
الحديث صحيحه، وهو أخو إسماعيل بن جعفر، وهو ثقة لم يزد
على ذلك،
ولم يتعرض للانقطاع فيما بين عمرو وأم كرز. منصوص كليه في
كتاب
تهذيب الكمال في غير ما موضع، وأخذا أيضا بعموم قول أبي
بكر أبي عياش
عمرو: ليس تابعيا، وقد روى عنه جماعة من التابعين. حلّ ذلك
عنه
الدارقطني، فلو سلم من هذه العلة لكان إسناده صحيحا؛ لما
أسلفناه قبل في
ترجمة عمرو- والله أعلم- ورواه أبو القاسم في الكبير عن
عبد الله بن
أحمد عن أبيه عن الحنفي بلفظ: " أتى النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغلام، فبال عليه فأمر به
فنضح، وأتى بجارية فبالت فأمر/به فغسل "، وفى الباب حديث
آخر رواه أبو
جعفر البغوي عن ابن علية: ثنا عمارة بن أبي حفصة عن أبي
مخلد عن
حسن بن علي أو حسين: حدثتنا امرأة من أهلنا قالت: بينا
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستلقيا
على ظهره يُلاعب صبيا على صدره إذ بال، فقامت لتأخذه
وتضربه، فقال:
دعيه، ائتوني بكوز من ماء، فنضح الماء على البول حتى يقايض
الماء على
البول، فقال: هكذا يصنع بالبول؛ ينضح من الذكر، ويغسل من
الأنثى " (1) .
وحديث عبد الله بن عباس قال: " أصاب النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بول صبي وهو صغير،
فصب عليه من الماءِ بقدر البول ". ورواه الدارقطني من حديث
الواقدي عن
خارجة بن عبد الله بن سليمان بن زيد بن ثابت القائل فيه
يحيى: ليس به
بأس، وكذلك قال ابن عدي: وذكره أبو حاتم في كتاب الثقات عن
داود بن
حصين عن عكرمة عنه، ورواه أيضا من طريق إبراهيم بن أبي
يحيى عن داود
هذا الإسناد. وحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أتى
بصبي فبال عليه فنضحه. وأتى بجارية فبالت عليه فغسله ".
رواه أبو القاسم في
الأوسط (2) عن أحمد بن يحيى الحلواني ثنا إبراهيم بن
المنذر ثنا عبد الله بن
مُوسى عن أسامة بن زيد عن عمرو، وقال: لم يروه عن عمرو عن
أبيه عن
جده إلا أسامة. تفرد به عبد الله بن موسى. وحديث أم سلمة:
قال- عليه
__________
(1) تقدم من أحاديث الباب. ص 548
(2) تقدم من أحاديث الباب.
(1/561)
الصلاة والسلام-: " إذا كان الغلام لم يطعم
الطعام صب على بوله، وإذا
كانت الجارية غسله ". قال فيه أبو القاسم (1) : لم يروه عن
الحسن عن أمه إلا
إسماعيل بن مسلم. تفرد به عبد الرحيم بن سليمان، ورواه أبو
يعلى في
مسنده من حديث المبارك بن فضالة عن الحسن عن أمه عنها
بلفظ: " ويصب
عليه الماء صبا ما لم يطعم، وبول الجارية يغسل غسلا طعم أو
لم يطعم " /،
وفيه رد لما قاله الطبراني. ورواه أبو القاسم في الأوسط:
ثنا من حديث هيثم
عن يونس عن الحسن عن أمه عنها أنّ الحسن- أو الحسين-: "
بال على بطن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذهبوا ليأخذوه
فقال: لا تزرموه ابني- أو لا تعجلوه- فتركوه
حتى قضى بوله فدعا بماء فصبّه عليه " (2) وقال: لم يروه عن
يونس إلا هيثم.
تفرد به محمد بن ماهان. وحديث عائشة: " كان- عليه الصلاة
والسلام-
يبول في الموضع الذي يبول فيه الحسن والحسين ". ذكره في
الأوسط من
حديث هشام عن أمه عنها وقال: لم يروه عن هيثم إلا مربع أبو
الخليل.
وحديث قابوس بن المخارق عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يغسل بول الجارية
وينضح على بول الغلام " (3) . كما رواه سماك عنه ورواه
شريك عن سماك
عنه عن أم الفضل، ورواه أبو الأحوص عنه عن قابوس عن أمامة
بنت الحارث،
ورواه علي بن صالح عن سماك عن قابوس، فلم يقل: عن أبيه،
قال الدارقطني
في العلل: والمرسل أصح، قال عبد الحق: ولا يصح هذه الصفة
في بول
الصبي، ولا يصح أيضا فيه ما لم يأكل الطعام إنّما يصح من
قول علي وقتادة
وأم سلمة وغيرهم، وقال أبو محمد الفارسي: وتطهير بول الذكر
أي ذكر
كان في أي شيء كان، فبان برش عليه الماء رشا ويزيل أثره
(4) ، وليس تحديده
بأكل الصبي الطعام من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وممن فرق بين بول الغلام والجارية أم
__________
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/285)
وعزاه إلى الطبراني في
" الأوسط "، وفيه إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف.
(2) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/285) وعزاه إلى
الطبراني في " الأوسط "،
وإسناده حسن- إن شاء الله- لان في طريقه وجادة.
(3) تقدم من أحاديث الباب.
(4) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ". وبه بعض الاضطراب،
ولكن يستقيم السياق فيما بعده
من الكلام.
(1/562)
سلمة، وقال علي بن أبي طالب: ولا مخالف لها
من الصحابة، وبه يقول
قتادة والزهري وقال: حضت السنة بذلك، وعطاء بن أبي رباح
والحسن
البصري وإبراهيم النخعي والثوري والأوزاعي والشافعي وأحمد
وإسحاق وأبو
ثور وداود بن علىّ وابن وهب وغيرهم، إلا أنّه قد روى عن
الحسن وسفيان
التسوية بين بول الغلام والجارية في الرش عليهما جميعا،
وقال أبو حنيفة/
ومالك وابن حيي: يغسل بول الصبي كبول الصبيّة، وما نعلم
لهم متعلقا إلا
ما ذكره بعض المتأخرين عن النخعي، والمشهور عنه خلاف ذلك،
وفى كتاب
التمهيد: أجمع المسلمون أن بول كل آدمي يأكل الطعام نجس،
وقال
الشّافعي: بول الصبي ليس بنجس، ولا تبين لي فرق ما بينه
وبين الصبي لو
غسل كان أحبّ إلي قال أبو عمر: واحتج من ذهب مذهب الشافعي
بحديث
هذا الباب- يعني: حديث أم قيس- ولا حجة فيه لأنّ النضح
يحتمل أن
يكون أراد به صب الماء ولم يُرد به الرشّ، وهو الظاهر من
معنى هذا الحديث؛
لأنّ الرش لا يزيد النجاسة إلا أثرا، ومن الدليل على أنّ
النضح صب الماء
والغسل من غير عرك: قول العرب: (غسلتني السماء) ، وما روى
عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنى لأعلم أرضا يقال
لها عيان، ينضح ثناحتها البحر بها حي من
العرب، لو أتاهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر "، والقياس:
لا فرق بين بول
الغلام والجارية كما أنه لا فرق بين بول الرجل والمرأة إلا
أن هذه الآثار- إن
صحت-، ولم يعارضها مثلها وجب القول بها إلا أنّ رواية من
روى الصبّ
على بول الصبي وأتباعه بالماء أصح وأولى، وأحسن شيء عدى في
هذا الباب
ما قالته أم سلمة: بول الغلام يصب عليه الماء صبّا وبول
الجارية يغسل طعم أو
لم تطعم " (1) . ذكره البغوي، وهو حديث مفسر للأحاديث
كلها، مستعمل لها
حاشي حديث المحل بن خليفة ولا يقوم به حجة، وقال في
الاستذكار: وقال
بعض شيوخنا قوله في حديث أم قيس: " ولم يغسله " ليس في
الحديث، وزعم
أنّ آخر الحديث نقحه قال أبو عمر: ولا تبين عندي ما قاله؛
لصحة رواية
مالك هذه ولمتابعته على ذلك، وأمّا أبو السمح فاسمه أباد،
وقال أبو عمر:
__________
(1) ضعيف بنحو هذا اللفظ. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد
" (1/285) وعزاه إلى
الطبراني في " الأوسط "، وفيه إسماعيل بن مسلم المكي، وهو
ضعيف.
(1/563)
قيل: كان خادما، وقيل: مولى ذهب، فلا يدرى
خبره، لم يرو عنه- فيما
علمت- غير المحل، وكذا ذكره أبو الفتح/الأزدي في الكتاب
المخزون، وقد
رآه- عليه السلام- جماعة في كتاب الزهر الباسم والإشارة
فمنهم هند
وأسماء ثنا حارثة الأسلمي أن ذكرهما ابن سعد وربيعة بن كعب
الأسلمي
وذو مخمر بن أخي النجاشي. ذكرها الإمام أحمد، وأيمن بن
عبيد. ذكره ابن
إسحاق وعبد الله بن مسعود ونعيم وعقبة بن عامر الجهني ذكره
النسائي
وبلال بن رباح ذكره في الإخليل، وسعد مولى أبي بكر الصديق
والأسود بن
مالك الأسدي وأخوه الحدرجان وابنه خرين الحدرجاني وثعلبة
بن عبد الرحمن
الأنصاري ذكرهم ابن مندة، وسالم ذكره أبو أحمد العسكري
وبكير بن شُدّاخ
الليثي، ويقال: بكر، وأبو الحمراء هلال بن الحرث. ذكرهما
ابن عساكر
وأسلع بن شريك الأعرجي وسابق، وقيل: هو أبو سلام الهاشمة
وخولة جدة
حفص بن سعيد، ورزينة أمّ علية وسلمى أمّ رافع وحارثة جدة
المثنى بن صالح.
ذكرهم ابن عبد البر، وميمونة بنت سعد. ذكرها الترمذي،
وأريد. ذكره أبو
موسى المديني، وسلمى ومهاجر مولى أم سلمة وأمة الله بنت
رزينة ومارية أم
الرباب وأم عياش. ذكرهم ابن الأثير وأبو عبيد ذكره البرقي
وأبو ذر الغفاري.
ذكره بن سرور وغلام من الأنصار للحوانس جاء ذكره في
الصحيح، وأمّا
الموالى فسنذكرهم- إن شاء الله تعالى- في الموضع اللائق
بذكرهم- رضى
الله عنهم أجمعين-، وأما الصبي فهو: الغلام، والجمع صبية
وصبيان، وهو من
الواو، ولم يقولوا أصبية استغناء بعلمه ويصغر صبية في
القياس أصبية كانه
بصغير أصبية قال الشاعر:
ارحم اصبيتى الذين كأنهم ... خجل تدرج في الشرق وقع
ويقال: صبي بين الصبا والصبي، إذا فتحت الصاد مددت، وإذا
كسرت
قصرت، والجارية صبية، والجمع صبايا، مثل: مطية/ومطايا،
ذكره الجوهري،
وقال الأحرائي: فإذا ولد سمى صبي إلى أن يفطم، فإذا فطم
سُمّى غلاما إلى
سبع سنين، ثم يصير يافعا إلى عشر حجج، وكذا ذكره ابن سبرة
عن ثابت،
قال الزمخشري: الغلام الصغير إلى حد الالتحافان أجرى عليه
بعد ما صار
ملتحيا اسم الغلام فهو مجاز، قال علي بن أبي طالب- رضي
الله عنه- في
(1/564)
بعض أراجيزه: أنا الغلام الهاشمي المكي،
وقالت ليلى الأخيلية (1) في كلمة لها
تمدح الحجاج:
سقاها من الداء العضال الذي ... لها غلام إذا نقر العناء
ثناها
فقال لها الحجاج: لا تقولي غلام، ولكن قولي: همام، قال جار
الله وقال
بعضهم يستحق هذا الاسم إذا ترعرع وبلغ الأحلام بشهوة
النكاح كأنه يشتهيه
ذلك الوقت، ويسمى غلاما أو لافقا وبعد ذلك مجازا، وقال ابن
سبرة عن
الأصمعي: هو غلام إذا طرشا، وبه في الفصيح غلام من الغلومة
والغلومية،
وقال ابن دريد: وربما سميت الجارية غلامة، وأنشد:
ويركضه صرحى أبُوها تهان ... لها الغلامة والغلام
وقال أبو إسحاق الحربي: لا يقال للأنثى إلا في كلام قد ذهب
من ألسن
الناس، قال عبد الحق: قد جاء ذلك في الحديث والشعر، وأنشد:
فلم أرها ما كان أكثر هالكا ... ووجه غلام يشترى وغلامه
وقال النّضر بن سهيل: هو غلام أول ما يولد حتى يشيب.
__________
(1) انظر: كتاب ليلى الأخيلية تأليف الشيخ كامل عويضة.
طبعة بيروت.
(1/565)
47- باب الأرض يُصيبُها البول كيف تُغسل
حدثنا أحمد بن عبدة ثنا حماد بن زيد ثنا ثابت عن أنس: أن
أعرابيا بال
في المسجد فوثب إليه بعض القوم فقال رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تزرموه ثم دعا
بدلو من ماء فصّب عليه ". هذا حديث خرجاه في صحيحهما (1)
وسماه أبو
موسى في كتاب الصحابة ذا الخويصرة اليماني وسامة من أعلام
النبوة؛ لأن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/لما رآه مقبلا
قال: هذا الرجل الذي بال في المسجد ولم ينسب أنه
بال. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا علي بن مسهر عن محمد
بن عمرو عن
أبي سلمة عن أبي هريرة قال: " دخل أعرابي المسجد ورسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس
فقال: اللهم اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لأحد معنا فضحك رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وقال: لقد اضطيرت واسعا ثم ولى حتى إذا كان في ناحية
المسجد فشج يبول
فقال الأعرابي بعد أن فقه فقام إلي بأبي وأمي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم يؤثر ولم يسُبّ فقال:
إنّ هذا المسجد لا يبال فيه، وإنّما بنى لذكر الله وللصلاة
ثم أمر بسجل من
ماء فأفرغ على بوله (1) . هذا حديث رواه أبو داود والترمذي
من حديث
الزهري عن سعيد، وقال في آخره: قال سعيد قال سفيان: وحدثني
يحيى- بن
سعيد عن أنس نحو هذا وهذا حديث حسن صحيح، وقد روى يونس هذا
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (8/14) ومسلم في
(الطهارة، باب " 30 " رقم
" 100 ") والنسائي (1/175) وابن ماجة (258) وأحمد (3/191)
والبيهقي 21/413،
428، 10/103) وابن خزيمة (293، 296) وأبو عوانة (1/214)
وشرح السنة (2/81)
وإتحاف (7/138) والمغني عن حمل الأسفار (2/389) وأخلاق
(71، 80) .
قوله: " لا تزرموه " أي لا تقطعوا عليه البول. يقال: تزرِم
البول، إذا انقطع. وأزرمه غيره.
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/29) والترمذي (ح/147) وقال:
هذا حديث حسن
صحيح. ورواه أحمد في " المسند " (رقم 7254 ج 2 ص 239) عن
سفيان بن عيينة عن
الزهري. ونسبه في المنتقى (1/51 من نيل الأوطار) للجماعة
إلا مسلما.
قوله: " السجل " بفتح السين المهملة وإسكان الجيم: الدلو
الملأى ماء، ويجمع على سجال،
بكسر السين. قال في النهاية: وقال القاضي أبو بكر بن
العربي: " الدلو مؤنثة، والسجل
يذكر، فإن لم يكن فيها ماء فليست بسجل، كما أن القدح لا
يقال له كأس إلا إذا كان فيه
ماء ".
(1/566)
الحديث عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله
عن أبي هريرة، وأصله في
صحيح الجعفي بلفظ: " قام أعرابي في المسجد قلنا وله الناس
فقال لهم النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دعوه وأهريقوا على
بوله سجلا من ماء أو دلوا من ماء، فإنّما بعثتم
مبشرين ولم تبعثوا معسرين " (1) وفى لفظ: " قام النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة وقمنا
معه فقال أعرابي: اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا
فلما سلم
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: لقد
حجرت واسعا " (2) . وروى ابن صاعد عن عبد الجبار
بن العلاء عن ابن عيينة عن يحيى ابن سعيد عن أنس أنّ
أعرابيا بال في
المسجد فقال عليه السلام: " احضروا مكانه ثم صبوا عليه
ذنوبا من ماء " قال
أبو الحسن البغدادي الحافظ رحمه الله تعالى: وهم عبد
الجبار على ابن عيينة؛
لأنّ أصحاب ابن عيينة الحفاظ رووه عن يحيى بن سعيد فلم
يذكر منهم
الحضر، وإنّما روى ابن عيينة هذا عن عمرو بن ذبير عن/طاوس
أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال: " احفروا مكانه فاختلط " على عبد الجبار المتنان، وفى
علل الخلال: وقال
أبو بكر بن محمد عن أبيه أنه قال لأبي عبد الله في حديث
الأعرابي في
البول في المسجد: يرويه هو لأصحاب أبي حنيفة، ويروون فيه
شيئا عن أبي
بكر بن عياش عن سمعان عن أبي وائِل عن عبد الله عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:
" فأمر به فحفر " قال: ما أعرف سمعان هذا، وهذا حديث منكر
ثم قال: كيف
تصنعون في بول الصبي أنه يرش هو عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير وجه يرش عليه
فالسن حجتهم في هذا، وهم يزعمون إذا صب عليه أو رش عليه
فهو شر مما
كان، وقال أبو زرعة: حديث سمعان في بول الأعرابي في المسجد
حديث
ليس بقوي. حكاه عنه ابن أبي حاتم وحكى عنه ابن المحمدي،
الحديث منكر
وسمعان ليس بالقوى، وذكره الدارقطني أنه يقال فيه أيضا:
ابن سمعان أن أبا
بكر بن عياش قال: حدثنا المعلى المالكي، فذكر غير اللفظ
الأولى عن شقيق
__________
(1) صحيح. رواه البخاري (1/65، 8/37) والفتح (1/323)
والنسائي (1/49،
175) والمشكاة (491) والإِرواء (1/190) .
(2) صحيح. رواه أبو داود (380) والترمذي (147) وقال: هذا
حديث حسن صحيح.
والنسائي (3/24) واحمد (2/239، 283) والبيهقي (2/428) وابن
خزيمة (864)
والحميدي (938) وعبد الرزاق (1658) .
(1/567)
عن عبد الله جاء أعرابي إلى النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيخ كبير فقال: " يا محمد متى
الساعة، قال: وما أعددت لها؟ قال: والذي بعثك بالحق ما
أعددت لها من
كثير صلاة ولا صيام إلا أنّى أحب الله ورسوله، قال: إنك مع
من أحببت "
قال: فذهب الشيخ فأخذه بوله في المسجد فمر عليه الناس
فأقاموه فقال النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دعوه عسى أن يكون من
أهل الجنة فصبوا على بوله الماء " (1) . رواه
عن المحاملي ثنا يوسف بن موسى ثنا أحمد بن عبد الله ثنا
ابن عباس به وقال
الخطابي: وليس في حديث أبي هريرة ولا في خبر متصل ذكر
الحفر مكان،
ولا ينقل التراب وإن سلم الحنفيون للإمام أحمد وغيره قوله
فإن لهم حديثا
إسناده على رسم الشيخين، رواه أبو داود (2) في كتاب السنن
فقال: حدثنا
موسى بن إسماعيل ثنا جرير بن حاز قال: سمعت عبد الملك بن
عمير
يحدث عن عبد الله/بن معقل بن مقرن قال: قام أعرابي إلى
زاوية من زوايا
المسجد فانكشف فبال فيها فقال النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خذوا ما بال عليه من التراب
فألقوه وأهريقوا على مكانه ماء ". قال: هذا مرسل، وابن
معقل لم يدرك النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي ذلك عليه الحافظ
ابن فتحون فذكر أنّ له صحبة في كتابه
المستدرك على ابن عبد البر ولئن سألنا لأبي داود قوله،
وكذا قول ابن ميمون
فيكون مرسلا صحيحا، والمرسل معمول به عندهم، والله أعلم.
وذكره عبد الرزاق عن طاوس، وقد تقدّم كلام أبي الحسن عن
ابن عينية
عن عمرو بن دينار عن طاوس مرسلا مثلا، والاصطلاح: إذا عارض
مرسلان
صحيحان حديثا صحيحا مسندا كان العمل بالمرسل أولى فكيف مع
عدم
المعارضة. حدثنا محمد بن يحيى: هو عندنا ابن أبي حميد ثنا
أبو المليح
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 78- باب
الأرض يصيبها البول،
(ح/530) .
في الزوائد: إسناد حديث وائلة بن الأسقع ضعيف لاتفاقهم على
ضعف عبد الله الهذلي. قال
الحاكم: يروى عن أبي المليح عجائب. وقال البخاري: منكر
الحديث. وصححه الشيخ
الألباني.
(2) ضعيف. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 136- باب
الأرض يصبها البول،
(ح/381) . قال أبو داود: وهو مرسل. ابن معقل لم يدرك النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(1/568)
الهذلي عن وائلة بن الأسقع قال: " جاء
أعرابي إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال:
اللهم
ارحمني ومحمدا ولا تشرك في رحمتك إيانا أحدا فقال: لقد
خطرت واسعا
ويحك أو ويلك قال: فسيح يبول فقام أصحاب النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: دعوه فدعا بسجل من ماء
فصبه عليه " (1) . هذا حديث إسناده ضعيف
رواه عبيد الله بن أبي حميد غالب أبي الخطاب الهذلي
الكوفي، فإنه ممن قال
فيه الإمام أحمد بن حنبل- رضي الله عنه- ترك الناس حديثه،
وقال
البخاري: منكر الحديث، وفى علل أبي عيسى عنه: ضعيفه ذاهب
الحديث لا
أروى عنه شيئا، وقال أبو عبد الرحمن: متروك الحديث، وقال
ابن معين
والدارقطني: ضعيف الحديث، وقال ابن حبان: يقلب الأسانيد
فاستحق
الترك، وقال أبو حاتم/الرازي: منكر الحديث ضعيف الحديث،
وفى الكامل
لابن عدي عن ابن مثنى أنه قال: ما سمعت يحيى ولد عبد
الرحمن يحدّث
بشيء قط، قال أبو أحمد: وعامة رواية عن أبي المليح، وقال
أبو زكريا
الساجي: هو ضعيف، وذكر العقيلي في كتاب الضعفاء وكذلك
البلخي،
وفى الأشراف: اختلفوا في موضع البول تصبه الشمس أو يجف
فكان
الشافعي وأحمد وأبو ثور يقولون: لا يطهره إلا الماء، وفيه
قول ثاني، وهو أن
يصلى عليه إذا جفّ وذهب أثره، ولا يصلي عليه إن لم يذهب
أثره ولا يجزيه
أن يصلى على بساط أصابه بول وإن ذهب أثره. هذا قول النعمان
ومحمد
وقالا: الشمس تزيل النجاسة إذا ذهب الأثر عن الأرض، وروينا
عن أبي قلابة
أنه قال: جفوف الأرض إذا أصابتها نجاسة فيبست وذهب أثرها
جازت الصلاة
عليها، وقال أبو سليمان رحمه الله تعالى: فيه دليل على أنّ
الماء إذا أورد على
النجاسة على سبيل المكاثرة والغلبة طهرها وإن غُسلات
النجاسة طاهرة لم تبن
للنجاسة فيها لون أو ريح، ولو لم يكن ذلك الماء طاهرا لكان
المصبوب منه
على البول أكثر نجسا للمسجد من البول بعينه فدلّ على
طهارته، قال: وإذا
أصابت الأرض نجاسة ومطرت مطرا عاما كان ذلك مطهرا لها،
وكانت في
معين صبّ الذنوب وأكثر، والله أعلم. ومن قوله إنّما بعثتم
مبشرين دليل على
__________
(1) انظر أول حديثين في الباب.
(1/569)
أن أمر الماء على التيسير والسعة في إزالة
النجاسات فيه، والله أعلم. وأما قوله:
لا تزرموه أي. لا تقطعوا عليه، قال ابن دريد: الزرم القطع
قال الشاعر:
فقلت لما سمعت من تحت لبها ... لا يخطئنك إن البيع قد زرى
وقال الجوهري: زرم البول بالكسر إذا انقطع، وكذلك كل شيء
ولى
وأزره غيره، وفى الجامع يقال زرمه يزرمه زرما إذا/قطعه،
وكذا أزرمه ازراما
إذا فعل به ذلك، وزرم الشيء في نفسه إذا انقطع وإذا انقطع
بول الرجل
قلت: زرم بوله وأزرمه هو إذا أقطعه، وقد ازرام الرجل إذا
غضب وازرام
الشيء إذا انقطع، وازرام الشاعر ازريما إذا انقطع شعره،
وازرام الشيء إذا
سلب، وازرام إذا تعبض وفيه قول الشاعر:
تمري إذا امتحنت من قبل اذرعها ... وتزريم إذا ما مسه
المطر
ومن السكوت قول الراجز:
الفتية غضبان مزريما ... لا سبط الكف ولا خضيما
ويقول: لعن الله ما زرمت به أي: ولدته، ولذلك قال الشاعر:
ألا لعن الله التي زرمت ... فقد ولدت داعله وغوايلى
ويقال: زرم السور وغيره إذا بقي جعدة في دبره، وبه سمي
السؤر أزرم
ويقال: أزرمت السوق إذا انقطعت، وزرم كلامه إذا قطعه فهو
زرم الكلام
أي: قليله، وكذلك قال الأخطل: والشافعون مغيبون وجوههم
زرموا المقالة
بالسّواء الأبصار أي: قد قطعوا الكلام، والمزرم المضيق
عليه، ويقال: زرم فلان
بأمره إذا ضاق به فلم يدر ما يصنع قوله عليه الصلاة
والسلام: " لقد احتظرت
واسعا على الحظر الحجر " (1) ، قال الجوهري: قال: وهو ضد
الإباحة والمحظور
المخرم، وفى أساس الزمخشري حظر عليه كذا حيل معه بينه:
(وما كان عطاء
ربك محظورا) (2) وهذا محظور غير مباح، وقال ابن دريد: حظرت
الشيء
__________
(1) طرف من حديث تقدم في هذا الباب.
(2) سورة الإِسراء آية: 20.
(1/570)
حظره حظرا فهو محظور: إذا حرمته، والحظار:
ما حظرته على غنم أو غيرها
بأغصان الشجر أو بما كان وهو الحظر أيضا قال الشاعر:
ترى حظرا أذوى به الحي عاضد
وقال في كتاب الأسعاف: لما أغار امرؤ القيس بن المنذر
عم/النعمان بن
المنذر على النمير بن واسط فشيئا شيئا، فأتى بهم الخبرة
فحفر لهم حظائر وهم
بإحراقهم فكلمه فيهم أبو حوط أخو المنذر بن امرئ القيس
لأمه، واسمه مالك
ابن ربيعة فوهبهم له فسمى ذو الحظائر، وزعم ابن ماكولا في
كتاب الإكمال:
أنه بخاء معجمة مضمومة قال: ذكره ابن دريد، ويشبه أن يكون
وهما منه
على ابن دريد اللهم إلا أن تريدكو يذكر بن دريد سما به
الحر لا الضبط،
وذلك أنّ الذي ذكره به وغراه له هو من كتاب الوشاح من
تأليفه في باب
الأزداء ولم يضبطه كعادته في ذلك الكتاب، وذكره في كتاب
الجمهرة في
باب الحاء المهملة والطاء والواو، وبنحوه قاله في كتاب
الاشتقاق، وابن سيدة
في كتاب المحكم والوزير أبو القاسم في كتاب أدب الخواص،
وسمّاه كعب
بن الحارث بن حسم بن هلال بن ربيعة بن زيد معناه بن عامر
الصحيان بن
سعد الخزرج ونضر بن مزروع في كتاب العلماء من الأشراف
وسمّاه الحرث
بن زيد مناة، وقد اتبعوا ذلك بشواهده في كتاب الاتصال، وفى
رواية لقد
تحجرت واشيعا، قال الخطابي: أصل الحجر: المنع، ومنه الحجر
على السفيه،
وهو منعه عن التصرف في ماله وقبض يده عنه يقول له: قد سبقت
من رحمه
الله ما وسعه ومنعت منها ما أباحه، والسجل مذكر وهو الدلو
إذا كان فيه ماء
قلّ أو كثر، ولا يقال لها: وهى فارغة سجل ولا ذنوب والجمع
السجال،
والسجيلة الدلو الضخمة قال المراجز:
خذها وأعط عمك السجيلة ... إن لم يكن عمك ذا حليلة
وسجلت الماء فانسجل أي: صببته فانصب وأسجلت الحوض ثلاثة
قال:
وغادر الأخد والآخاد مترعه ... وأسجل الماء إنها وعد مانا
وفى الجمهرة: والجمع سجول وفى الكتابة وقيل: لا يسمى سجلا
حتى
يكون مملوءة ماء، وقال أبو منصور النيسابوري: حتى يكون
فيها ماء قلّ أو
(1/571)
كثر، ولا يقال لها: ذنوب إلا ما دامت ملأى
كما أنه لا يقال/كأس إلا إذا
كان فيها شراب وإلا فهي زجاجة، وفى الألفاظ ليعقوب: الكأس
الإناء
والكأس ما فيه من الشراب، ولا يقال مائدة إلا إذا كان
عليها طعام وإلا فهو
خوان، ولا يقال كوزا إلا إذا كان له عروة وإلا فهو كوب،
ولا يقال قلم إلا
إذا كان مبريا فإلا هو أنبوبة، ولا يقال: خاتم إلا إذا كان
فيه فض فهو فتيحة،
ولا يقال فروا إلا إذا كان عليه صوف وإلا فهو جلد ولا يقال
ربطة إلا إذا لم
يكن نفقين وإلا فهي ملأه، ولا يقال أريكة إلا إذا كان
عليها حجلة وإلا فهي
سرير، ولا يقال لطمة إلا إذا كان عليها طيب وإلا فهي غير،
ولا يقال تفق إلا
إذا كان له منفذ وإلا فهو سرب، ولا يقال عهن إلا إذا كان
مصوبغا وإلا فهو
صوف، ولا يقال لحم قديد إلا إذا كان معالجا بتوابل وإلا
فهو طبيخ، ولا
يقال خدرا إلا إذا كان مشتملا عن جارية وإلا فهو ستر، ولا
يقال ركية إلا
إذا كان فيها ماء قلّ أو كثر، ولا يقال محجن إلا إذا كان
في طرفه عقافة
وإلا فهو عصا، ولا يقال وقود إلا إذا كانت انقدت فيه النار
وإلا فهو حطب،
ولا يقال عويل إلا إذا كان قد رفع صوت وإلا فهو بكاء،
ويقال مور للغبار
إلا إذا كان بالريح وإلا فهو وهج، ولا يقال معلول إلا إذا
كان في جرن سوط
وإلا فهو مشتمل، ولا يقال للطين سباع إلا إذا كان فيه تبن
وإلا فهو طين،
ولا يقال ثرى إلا إذا كان نديا وإلا فهو تراب، ولا يقال
مأزق وما قط إلا في
الحرب وإلا فهو مضيق، ولا يقال مغلغلة إلا إذا كانت محمولة
من بلد إلى
بلد وإلا فهي رسالة، ولا يقال قراح إلا إذا كانت مهيأة
للزرع وإلا فهي براح،
ولا يقال للعبد ابق (1) إلا إذا كان ذهابه من غير خوف ولا
له عمل وإلا فهو
هارب ولا يقال لما في الفم رحاب إلا ما دام في الفم فإذا
فارقه فهو براق،
ولا يقال للشجاع لمي إلا إذا كان نبال الصلاح/وإلا فهو
بطل، ولا يقال
للطبق مهدا إلا ما دامت عليه الهدبة، ولا يقال للبعير
راوية إلا ما دام عليه
الماء، ولا يقال للمرأة ظعينة إلا ما دامت راكبة في
هودجها، ولا يقال
للسرحين فرث إلا ما دام في الكرش، ولا يقال للسرير نعش إلا
ما دام عليه
__________
(1) قوله: " آبق " أي هارب.
(1/572)
الميت ولا يقال للعظم عرق إلا ما دام عليه
لحم، ولا يقال للخيط سمط إلا ما
دام فيه خرد، ولا يقال للثوب حلة إلا أن يكون ثوبين اثنين
من جنس واحد،
ولا يقال للحبل قران إلا إذا قرن فيه بقران، ولا يقال
للقوم رفقة إلا ما داموا
منضمين في مجلس واحد ومسير واحد فإذا تفرقوا ذهب عنهم اسم
الرفقة
ولم يذهب عنهم اسم الرفيق، ولا يقال للبطيخ حرج إلا ما
كانوا صغار
أخضرا، ولا يقال للذهب تبر إلا ما دام غير مدبوغ، ولا يقال
للحجارة رصف
إلا إذا كانت محماة بالشمس أو بالنّار، ولا يقال للشمس
الغدالة إلا عند
ارتفاع النهار، ولا يقال للثوب مطرف إلا إذا كان في طرفيه
علمان، ولا يقال
للمجلس النادي إلا ما دام فيه أهله، ولا يقال للريح جليل
إلا إذا كانت باردة
ومعها ندى، ولا يقال للمرأة عانق إلا ما دامت في بيت
أبوها، ولا يقال
للبخيل شحيح إلا إذا كان مع بخله حريصا، ولا يقال للذي عد
البرد مرض
إلا إذا كان مع ذلك جائعا، ولا يقال للإسراع في السير
اهطاع إلا إذا كان
معه خوف، ولا اهراع إلا إذا كان معه رعدة، وقد نطق القرآن
بهما، ولا يقال
للحان كع إلا إذا كان مع جيشه ضعيفا، ولا يقال للمقيم
متلوم إلا إذا كان
على انبطاء، ولا يقال للفرس محجل إلا إذا كان البياض في
قوائمه الأربع أو
الثلاث، ولا يقال دود إلا للقليل من أثاث الإبل. ذكره ابن
الجوزي في تقويم
اللسان، والله تعالى أعلم.
(1/573)
48- باب/الأرض تطهر
بعضها بعضا
حدثنا هشام بن عمار ثنا مالك بن أنس ثنا محمد بن عمارة بن
عمير بن
حزم عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي عن أم ولد لعبد
الرحمن بن
عوف أنها سألت أم سلمة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قالت: إنى امرأة أطيل ذيلي وأمشى
في المكان فقالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " يطهره ما بعده " (1) . هذا حديث لما
خرجه أبو عيسى قال آخره: وروى عبد الله بن المبارك هذا
الحديث عن مالك
عن محمد بن عمارة عن محمد بن إبراهيم عن أم ولد هود بن عبد
الرحمن
ابن عوف عن أم سلمة وهو وهم، وليس لعبد الرحمن بن عوف ولد
يقال له:
هود إنّما هو عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن
أم سلمة وهو
الصحيح، ورواه أبو قرة في سننه ثنا أبو حنيفة ثنا أبو قرة
ذكر مالك، ورواه
أبو داود الكجي في سنه وابن وهب في مسنده عن القعنبي عن
مالك فقال:
عن أم ولد لإبراهيم، وذكره ابن الجارود في منتقاه ثنا
يعقوب الدوري ثنا
عبد الله بن إدريس ثنا محمد بن عمارة لرواية سليمان بن
الأشعث فتبّين بما
__________
(1) صحيح. رواه الترمذي (143) وقال: وفي الباب عن عبد الله
بن مسعود قال: " كُنا مع
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا نتوضأ من
الموطأ ". وقال: وهو قول غير واحد من أهل العلم، قالوا:
إذا
وطيء الرجل على المكان القذر أنه لا يجب عليه غُسل القدم،
إلا أن يكون رطبا فيغسل ما
أصابه. ورواه أبو داود (383) والدارمي (1/189) وابن ماجة
(531) ثلاثتهم من طريق
مالك. ورواه مالك من طريق يحيى (1/47) ومن رواية محمد بن
الحسن (ص 163) .
ثلاثتهم من طريق مالك. وعندهم جميعا: " عن أم الولد
لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف "
كما سيصححه الترمذي في آخر هذا الباب، وهو الصواب. والحديث
سكت عنه أبو داود
والمنذري. وقال القاضي أبو بكر بن العربي: " هذا الحديث
مما رواه مالك فصح، وإن كان
غيرِه لم يره صحيحا ".
والعلة فيه جهالة أم للولد هذه. وقال الذهبي في الميزان: "
حميدة سألت أم سلمة، هي أم ولد
لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، تفرّد عنها محمد إبراهيم
التيمي ". وأما ابن حجر في
التهذيب فإنه يجزم بأن حميدة هي أم الولد بل جوّز ذلك فقط،
وقال في التقريب: إنها
مقبولة. وهذا هو الراجح، فإن جهالة الحال في مثل هذه
التابعية لا يضر، وخصوصا مع
اختيار مالك حديثها وإخراجه في موطئه، وهو أعرف الناس بأهل
المدينة، وأشدهم احتياطا في
الرواية عنهم. قلت: وللحديث شواهد صحيحه. وعلى هذه الشواهد
صححه الشيخ الألباني.
(1/574)
ذكرناه صحة قول أبي عيسى وضعف قول من
خالفه، ولما ذكره أبو محمد
في مسنده قيل له أنا محمد أتاخذ بهذا الحديث؟ قال: لا
أدري، وقال أبو
سليمان الخطابي: في إسناد هذا الحديث يقال أم ولد إبراهيم
مجهولة لا يعرف
حالها في الثقة والعدالة، وبنحوه قال الخزرجى حدثنا أبو
كريب ثنا إبراهيم بن
إسماعيل اليشكري عن ابن أبي خيثمة عن داود بن الحسين عن
أبي سفيان
عن أبي هريرة قال: قيل يا رسول الله إنا نريد المسجد فنطأ
الطريق النجسة
فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يطهر
بعضها بعضا " (1) ./هذا حديث معلل بأمور:
الأول: الاختلاف في حال ابن أبي حبيبة قال ابن عدي: ذكر
هذا الحديث
في ترجمة إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة في جملة أحاديث
أنكرت عليه،
ثم قال: وابن أبي حبيبة صالح في باب الرواية يكتب حديثه مع
ضعفه كما
حكى عن ابن معين ولفظه: " الطرق يطهر بعضها بعضا" (2) .
وقال الإمام
أحمد: كان ثقة، وقال ابن سعد: كان مصليا عابدا صام ستين
سنة وكان
قليل الحديث، وقال العجلي: حجازي ثقة، وقال البخاري: منكر
الحديث
وقال أبو عبد الرحمن: مدني ضعيف، وقال أبو الحسن: متروك،
وقال
الدوري عن ابن معين: ليس بشيء، وقال عثمان بن سعيد عنه:
صالح ولا
يحتج به، وقال أبو إسحاق الحربي: كان شيخا صالحا وله فضل
ولا أحسبه
حافظا، وقال أبو داود فيما حكاه الآجري عنه- يعني عن ابن
معين-:
ضعيف، وفى رواية معاوية بن صالح عن عبد الله بن عامر
الأسلمي وخالد
بن إلياس وابن أبي حبيبة: كلّ هؤلاء ليسوا بشيء. قلت ابن
أبي حبيبة مثلهم
قال: هو أصلح منه، وقال الساجي: في حديثه لين، وقال أبو
جعفر العقيلي:
له غير حديث لا يتابع على شيء منه، وذكره الحافظ أبو العرب
في كتاب
الضعفاء. الثاني: أبو سليمان داود بن الحصين الأموي وإن
كان قد خرجا
حديثه في صحيحيهما فقد قال أبو حاتم: ليس بالقوي، ولولا
أنّ مالكا روى
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجه في: 1- كتاب الطهارة، 79- باب
الأرض يطهر بعضها
بعضا، (ح/532) . في الزوائد: إسناده ضعيف. فإن اليشكري
مجهول. قال الذهبي:
وشيخه مما اتفقوا على ضعفه. وضعفه الشيخ الألباني. انظر:
ضعيف ابن ماجة (ح/118) .
(2) ضعيف. رواه ابن عدي في " الكامل ": (1/236) .
(1/575)
حديثه لترك حديثه وقال أبو أحمد الجرجاني:
صالح الحديث إذا روى عنه ثقة
إلا أن يروى عنه ضعيف فيكون البلاء به مثل ابن أبي حبيبة
وابن أبي يحيى،
وقال ابن حبان: حديثه عن الثقات ما لا يشبه حديث الإثبات
يجب مجانبة
روايته، وقال أبو زرعة الرازي: لين، وقال الآجري: سألت أبا
داود عنه فقال:
أحاديثه عن عكرمة مناكير وأحاديثه عن شيوخه مستوفية، وفى
كتاب العقيلي
ثنا محمد بن زكريا البجلي ثنا الحسن/بن شجاع، قال: سمعت
علي بن
المديني يقول: مرسل الشعبي وسعيد بن المسيب أحب إلي من
داود بن حصين
عن عكرمة عن ابن عباس، وقال الحافظ أبو زكريا الساجي: كان
متهما برأي
الخوارج منكر الحديث، وأبوه حصين روى عن جابر وأبي رافع
وحديثه ليس
بالقائم حدثنى أحمد بن محمد قال: سمعت المعيط يقول لخلف
المخرمي
ويحيى بن معين وابن أبي شيبة وهم قعود كان مالك بن أنس
يتكلم في سعد
بن إبراهيم سيّد من سادات قريش، ويروى عن داود بن حصين
وثور الديلمي
وكانا خارجين حسن فما تكلم أحد منهم بشيء، وقال أبو عمر بن
عبد البر:
كان متهما بالقدر وقد احتمل، وقال البرقي في كتاب الطبقات
باب من،
تكلم فيه من الثقات لمذهبه من أهل للمدينة: ممن كان يرمى
منهم بالقدر داود
بن حصين. والثالث: إبراهيم اليشكري لم أر أحدا عرف حاله،
ولا ذكره
بأكثر مما في هذا السند ولا ذكر عنه راويا غير محمد بن
العلاء والله أعلم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا شريك عن عبد الله بن عيسى
عن موسى
ابن عبد الله بن يزيد عن امرأة من بنى عبد الأشهل قالت:
سألت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فقلت: إن بيني وبن المسجد بقاء قذرا قال: " فبعدها طريق
أنصف منها
قلت نعم، قال: هذه بهذه " (1) انتهى. هذا حديث رواه أبو
داود عن الثعلبي
وأحمد بن يونس قالا: نا زهير حدثنا عبد الله بن عيسى
ولفظه: " ان لنا
طريق إلى المسجد منتنا كيف نفعل إذا مطرنا؟ قال: أليس
بعدها طريق أطيب
__________
(1) صحيح. رواه أبو داود (ح/ 384) وابن ماجة (ح/ 533)
وأحمد في " المسند " (6/
435) والبيهقي في " الكبرى " (2/434) وابن أبي شيبة في "
المصنف " (1/56) والكنز
(27281) . وصححه الشيخ الألباني.
(1/576)
منها؟ قالت: بلى. قال: فهذه هذه "، وإسناده
صحيح، وخرجه الحافظ أبو
محمد في منتقاه عن محمد بن يحيى ثنا أبو داود ثنا زهير
وشريك عن عبد
الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي/ليلى لفظ: " أن لنا
طريقا منتنه ". ولما
ذكره أبو محمد الإشبيلي لم يرد على أن أبرز من سنده موسى
والأشهلية كذا
هو في الأحكام، وحكي أبو الحسن بن الحصار تلميذه أنّه
صحّحه وتبع
الحافظ ابن القطان على سكوته عن عبد الله بن عيسى راوية
بأنه لا يعرف
قال: وليس بابن أبي ليلى فاعله. انتهي كلامه. وفيه نظر، من
حيث زعمه
بغير دليل أنّ ابن عيسى هذا ليس معروفا، قال: وليس بابن
أبي ليلى وليس
كما زعم كما أسلفناه قبل، ولا ما لم ير من روي عنه شريك
وروي عن
موسى بن عبد الله غير ابن أبي ليلى المخرج حديثه في الصحيح
ولا في هذه
الطبقة شريكا له فيما ذكره البخاري، وأبو محمد بن أبي حاتم
وأبو حاتم
البستي وغيره؛ فإنّه نص عليه وعينه في بابه وباب شيخه وهو
الصواب، وأمّا
قول أبي سليمان الخطاب في إسناده مقال لكونه عن امرأة من
بني عبد
الأشهل مجهولة، والمجهول لا يقوم به حجة في الحديث، فمردود
بما عليه
جماعة المحدثين من أنّ جهالة اسم الصحابي غير مؤثره في صحة
الحديث،
قال أبو سليمان: قوله يطهرن ما بعده كان الشّافعي يقول:
إنّما هذا فيما أُجر
على ما كان يابسا لا يعلّق بالثّوب منه شيء، وأمّا إذا أجر
على رطب فلا
يطهره إلا الغسل. وقال الإمام أحمد: ليس معناه إذا أصابه
بر (1) بعده على
الأرض أنها تطهره، ولكنه يمر بالمكان فتقذره ثم يمرّ بمكان
أطيب منه فيكون
هذا بذاك ليس على أنّه يصيبه منه شيء. وقال مالك: إنّما هو
أن يطأ الأرض
القذرة ثم يطأ الأرض اليابسة النظيفة فانّ بعضها يطهر
بعضا، فأماّ النجاسة
مثل البول ونحوه تصيب الثوب أو بعض الجسد، فإنّ ذلك لا
يطهره إلا
الغسل. قال: وهذا إجماع الأمة، والله تعالى أعلم.
__________
(1) قلد كذا ورد هذا السياق " بالأصل ". ومقصد كلام
المصنف: أن الثوب المبلل ببول
نجس فإن الأرض تُطهره.
(1/577)
49-بابُ مُصافحة الجُنب
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا إسماعيل ابن علية عن حميد
عن بكر بن
عبد الله عن أبي نافع عن أبي هريرة أنه لقيه النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في طريق من طرق
المدينة وهو جنب، فانسل، فقعد النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما جاء قال: أين كنت يا أبا
هريرة؟ قال: يا رسول الله لقيتني وأنا جنب فكرهت أن أجالسك
حتى
أغتسل. فقال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" المؤمن لا ينجس ". (- أ) هذا حديث
أجمع على تخريج أصله الأئمة الستة (1) - رحمهم الله تعالى-
إلا أن مسلما
رواه مقطوعا، وأنّ علي الإِمام بدر الدين يوسف بن عمر
أخبركم الحافظ رشيد
الدين قراءة عليه قال: وقع في مسلم إسناد هذا الحديث فما
رأيته من النسخ
مقطوعا حميد عن أبي رافع قال: وكذلك هو من روايتنا من طريق
الجلودي،
وقد سقط من إسناده وحل من حميد وأبي رافع وهو بكر بن عبد
الله المزني،
قال حميد: إنّما يروى هذا الحديث عن بكر بن أبي رافع كذلك
أخرجه
البخاري وأبو داود فمن بعده في سننهم بلا خلاف أعلمه بينهم
في ذلك،
وكذلك رويناه في مسند ابن أبي شيبة ولذلك هو في مسند
الإِمام أحمد،
وقد ذكر أبو مسعود وخلف الواسطي أنّ مسلما أخرجه أيضا كذلك
إلا أنِي
لم أره في جميع النسخ التي رأيتها من كتاب مسلم إلا
مقطوعا، وكذلك
قال الحافظ أبو علي الجياني أنه وقع إسناد هذا الحديث في
النسخ كلها حميد
عن أبي رافع قال: وفي هذه الرواية انقطاع إّنما يرويه حميد
عن بكر عنه وقال
أبو الحسن في كتاب الوهم والإِبهام: وكذلك رواه ابن السكن
من رواية عبد
الرحمن بن بشر بن الحكم عن يحيى بن سعيد عن حميد عن بكر
قال: فإذن
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (2/93) وابن ماجه (534)
وتغليق (464) وإتحاف
(9/179) والمغني عن حمل الأسفار (4/146) وأبو حنيفة (33)
ورواه مسلم في (الحيض،
115، 116) وأبو داود (231) والنسائي في (الطهارة، باب "
171 ") واحمد (2/
235، 382، 471، 5/384، 402) .
(1/578)
إنما يقرره/عن يحيى بن سعيد عن زهير بن حرب
اسقط منه نكرا من
بيتهما. انتهي كلامه. وفيه نظر؛ من حيث زعم أنّ المقصر له
هو ابن حرب-
يعني: وحده-، وليس كذلك؛ بل المقصر به مسلم أيضا عن شيخه
الذي رواه
عنه أبو بكر بن أبي شيبة فإن أبا بكر رواه متصلا كرواية
الجماعة كما تقدم
من عند ابن ماجة ومسلم قصر به عنه على هذا، والله أعلم.
وأمّا إنكار
العطار قول أبي مسعود وخلف فكذلك هو فيما رأيت من النسخ
ولكن يشبه
أن يكون قولهما صحيحا لما ذكره الحافظ أبو نعيم في كتاب
المستخرج: حدثنا
حبيب بن الحسن ثنا يوسف بن يعقوب القاضي ثنا محمد بن أبي
بكر ثنا
يحيى بن سعيد ح وثنا محمد أبو محمد بن حيان ثنا أحمد بن
الحسين الحذاء
ثنا علي بن المديني ثنا يحيى بن سعيد ح وثنا محمد بن
إبراهيم بن علي وعبد
الله بن محمد بن جعفر قالا: ثنا أحمد بن علي ثنا أبو خيثمة
ثنا يحيى بن
سعيد ح وثنا محمد بن حسان ثنا أبو بكر بن أبي عاصم ثنا أبو
بكر بن أبي
- شيبة ثنا ابن علية عن حميد عن بكر عن أبي نافع عن أبي
هريرة أنه لقيه النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في طريق.. الحديث. قال:
رواه مسلم عن زهير بن جرير عن يحيى بن
سعيد وعن أبي بكر عن إسماعيل ابن علية جميعا عن حميد ح
فلعل من
ذكرناه رأى ذلك في نسخة لم يقع إلى غيره، والله أعلم. وكذا
فعله البغوي
في شرح السنة لما رواه عن عباس ثنا عبد الأعلى ثنا حميد عن
بكر هو ابن
عبد الله المزي عن أبي رافع فقال: رواه مسلم عن أبي بكر بن
أبي شيبة عن
ابن علية عن حميد، والله أعلم. ثنا أبو القاسم عبد الله بن
محمد ثنا أبو
الحرث الظاهري ثنا الحسن بن محمد بن حكيم ثنا البوالموجه
ثنا ابن أبي شيبة
ثنا ابن علية ثنا حميد عن بكر عن أبي رافع عن أبيِ هريرة:
" أنه لقي النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... الحديث ". قال: هذا
حديث متفق (1) على صحته/أخرجه مسلم عن
أبي بكر عن إسماعيل عن حميد حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع ح
وثنا
إسحاق بن منصور ثنا يحيى بن سعيد جميعا عن مسعر عن واصل
إلا حديث
__________
(1) الحاشية السابقة.
(1/579)
عن أبي وائل عن حذيفة قال: " خرج النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلقيني وأنا جنب فحدث
عنه فاغتسلت ثم جئت ". قال مالك: قال: كنت جنبا قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إن المسلم لا ينجس ". هذا حديث خرجه مسلم في صحيحه ولفظ
ابن
حبان (1) في صحيحه: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إذا لقي الرجل من أصحابه ماسحه
ودعا له قال: فرأيته يوما بكرة فحدّث عنه ثم أتيته حين
ارتفع النهار، فقال:
إني رأيتك فحدث عني " الحديث (2) . وفي باب حديث ابن مسعود
رواه أبو
عبد الرحمن إسناد صحيح عن إسحاق بن منصور ثنا يحيى ثنا
مسعر حدثني
واصل عن أبي وائل عن عبد الله أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقيه وهو جنب فأهوى إلي
فقلت: إني جنب. فقال: " إن المسلم لا ينجس ". وهو حديث
ثابت في
سائر نسخ النسائي، ولم يذكره صاحبا الأطراف ابن عساكر
والمزي، وقال أبو
عيسى: وفي الباب عن ابن عباس فلعل أن عبد الله هذا هو ابن
عباس وليس
بابن مسعود فليعلم أن شقيقا لم يرو عن ابن عباس شيئا في
كتب الأئمة،
والله أعلم. ولم نر لابن عباس حديثا فيما نعلم إلا ما ذكره
البخاري معلّقا
عنه: " المسلم لا ينجس حيا ولا ميتا". ولما ذكره أبو عبد
الله في مستدركه
قال: صحيح على شرطهما ولم يخرجاه، وروى الحافظ أبو بكر بن
خزيمة في
صحيحه ثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عن سفيان عن يحيى
بن سعيد
عن القاسم بن محمد قال: سألت عائشة: " عن الرجل يأتي أهله
ثم يلبس
الثوب فيعرق فيه، أنجس ذلك؟ ففْالت: قد كانت المرأة تعدّ
خرقة أو خرقا فإذا
كان ذلك مسح بها الرّجل الأذى عنه ولم/يرى أن ذلك ينجسه ".
__________
(1) قوله: " ابن حبان في " وردت " بالأولى " " كان ابن
حبان إذا " والصحيح " الثانية "
وكذا أثبتناه.
(2) صحيح. رواه النسائي في: الطهارة، باب " 73 " (ص 145 ج
1) .
قوله: " لا ينجس " بفتح الجيم وضمها أي: الحدث ليس بنجاسة
تمنع عن المصاحبة وتقطع عن المجالسة وأنما هو أمر تعبدي أو
المؤمن لا ينجس أصلا، ونجاسة بعض الأعيان اللاصقة بأعضائه
أحيانا لا توجب نجاسة الأعضاء نعم تلك الا عيان يجب
الاحتراز عنها فإذا لم تكن فما بقي إلا أعضاء المؤمن إذ
ليس هناك عين
نجسة لاصقة به، والمؤمن من لا ينجس هذه الصفة فلا نجاسة،
والله تعالى أعلم.
(1/580)
وفي حديث عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه
قالت " ثم صليا في ثوبهما "
وسيأتي حديث معاوية عن أخيه عن أم حبيبة: " أنّ النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يصلي
في الثوب الذي يجامعها فيه " (1) . وابن علي شيخينا
العلامة أبي الحسن
المكي- رحمه الله تعالى- أخبركم علامة دهره وفريد عصره شمس
الدين
الخرق بقراءتكم عليه في رجب سنة تسع وستين وستمائة ثنا
الفقيه رشيد الدين
زاهر بن محمد بن أحمد بن وكيع المرورزدي ثنا الإمام شيخ
الإسلام أبو
محمد عبد الرحمن بن عبد الله المرورزدي ثنا محيي السنة أبو
محمد الحسين
بن مسعود قال: معنى قول ابن عباس: " أربع لا ينْجُسُن
الإنسان والثوب
والماء والأرض يريد الإنسان لا يجنب بمماسة الجنب ولا
الثوب إذا ألبسه
الجنب ولا الأرض إذا أفضى إليها الجنب ولا الماء ينجس إذا
غمس الجنب
يده " فيه، وفي كتاب الدارقطني من حديث المتوكل بن فضل عن
أم القلوص
الغاضرية عن عائشة قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يرى على الثوب جنابة ولا
على الأرض جنابة ولا يجنب الرجل الرجل " (2) ، وقال عطاء:
يحتجم الجنب
ويقلِّم أظفاره ويحلق رأسه وإن لم يتوضأ. وقال الحافظ رشيد
الدين قول أبي
هريرة فأنجست منه فئة أربع روايات: فانبجست بنون ثم باء
معجمة بواحدة
بعدها جيم ومعناه أنرفعت منه، وقال الترمذي: معناه تنجست
عنه. الثانية:
فأنجست منه بنون بعدها خاء معجمة ثم نون ومعناها انقبضت
وتأخرت عنه.
الثالثة: فاختنست بتقّدم الخاء المعجمة وبعدها تاء معجمة
باثنتين من فوقها ثم
نون ومعناها معنى التي قبلها. الرابعة: فأنتجست بنون ثم
تاء معجمة باثنتين من
فوقها ثم جيم ومعناها: اعتقدت لعسى أصير نجسا لا أصلح
لمجالسة رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنا على تلك الحالة،
وقد ذكر في هذه الكلمة قول خامس وهو
فانبجست بنون ثم ياء معجمة بواحدة بعدها خاء معجمة/من
البخس وهو
__________
(1) حسن. رواه أبو داود (366) والنسائي في (الطهارة باب "
183 ") وأحمد (6/
217) وابن أبي شيبة (2/482) والكنز (21706) والخطيب (7/
407) .
(2) صحيح. رواه الدارقطني: (1/125) .
(1/581)
النقص، فإن صحت هده الرواية فقد ذكر بعض
العلماء أنّ معناها أنّه طهّر له
نقصان عن مما شاه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لما اعتقده في نفسه من النجاسة فرأى أنّه
لا يقارنه ما دام في تلك الحال، وقال الحافظ: ومعنى هذه
الأقوال يرجع إلى
شيء واحد وهو الانفصال والمزايلة على وجه التوقير والتعظيم
له صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذكر
الحافظ أبو محمد المنذري فيه قولا سادسا وهو فانتجشت بنون
وتاء ثالث
الحروف وشين معجمة من النجش وهو الإسراع، قال الزمخشري:
والأصل
فيه سفيان الوحش من مكان إلى مكان وفي الحديث: " نهي عن
النجش " (1) .
شفير النّاس من شيء إلى غيره، وذكر بعضهم قولا سابعا وهو
فاحتبست
بحاء مهملة وبعد التاء باء وسين مهملة من الاحتباس، والله
أعلم. قال ابن
المنذر: وأجمع عوام أهل العلم على أن عرق الجنب طاهر، وثبت
عن ابن
عمرو وابن عباس وعائشة أنهم قالوا ذلك، وهو مذهب الشافعي
والنعماني ولا
أحفظ عن غيرهم خلاف قولها، قال أبو بكر: وعرق اليهودي
والنصراني
والمجوسي عندي طاهر. وخالف قوله هذا أبو محمد بن حزم فزعم
أنّه منهم
نجس تمسكا بقوله عليه الصلاة والسلام: " أن المؤمن لا ينجس
" وبقوله
سبحانه: (إنّما المشركون نجس) (2) والله أعلم.
واستنبط أبو حاتم البستي من حديث أبي هريرة أنّ الجنب إذا
وقع في البئر
وهو ينوي الاغتسال لا ينجس ماء البئر خلافا لمن قال ذلك
وقوله سبحان الله
قال أبو بكر بن الأنباري في الكتاب الزاهر: معنى سبحانك
تنزيها لك يا ربنا
من الأولاد والصحابة والشركاء أي: نزهناك من ذلك، قال
الأعشى: أقول لما
جاء في فخره: سبحان من علقمة الفاخر أراد تنزيها لله من
فخر علقمة.
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (2173) وأحمد (2/63، 108، 156)
وشرح السنة (8/
121) وأسرار (323) والشافعي (172) وحبيب (2/41) . وصححه
الشيخ الألباني.
قوله: " النجش " هو أن يمدح السلعة ليروجها. أو يزيد في
الثمن ولا يريد شراعها ليضر بذلك غيره.
(2) سورة التوبة آية: 28.
(1/582)
وفي كتاب الإشقاق (1) للبخاري تعجب الأعشى
بالتسبيح من فخره كما
يقول القائل إذا تعجب: سبحان الله/، وقال القزاز: معناه:
برأة الله من السوء
قال الجوهري: إنّما لم يبنون؛ لأنه معرفة عندهم وفيه سنة
التأنيث. قال ابن
الأنباري: ويكون التسبيح الاستثناء من ذلك قوله تعالى:
(ألم أقل لكم لولا
تسبحون) (2) معناه: قال: أعد لهم قولا هلا تسبحون، ويكون
التسبيح
الصلاة من ذلك ما روي عن الحسن أنه كان إذا فرغ من سبحه
قال: ...
الحديث معناه إذا فرغ من صلاته وفيه قوله تعالى: (ونحن
نسبح بحمدك
ونقدس لك) (3) قال أبو عبيدة: معنى نسبح لك بحمدك ونصلي
لك،
ويكون التسبيح النور من ذلك لولا ذلك لأحُرقت سبحات وجهه
ما أدركت
من شيء ويكون من البرية قال تعالى: (قالوا سبحانك لا علم
لنا) (4) .
وقال الفراء: سبحانك منصوب على المصدر، كأنك قلت: سبحت
الله
تسبيحا، فجعل السبحان في موضع التسبيح كما يقول: كفّرت عن
يميني
تكفيرا، ثم نجعل الكفران في موضع التكفير فيقول: كفرت عن
يميني كفرانا،
قال زيد بن عمرو بن نفيل أو ورقة بن نوفل: سبحان ذي العرش
سبحانا
يدوم له رب البرية فرد واحد حمد سبحانه ثم سبحانا تعود له
وقبلنا سبح
الجودي والحميري، وفي الأساس: سبّحت الله وسبّحت له وكبرت
بسبحانه
وتسابيحه، ومن المجاز وسبحان من يعجب منه وأسألك بتسبيحات
وجهك،
وقال أبو موسى الحافظ في كتابه المغيث. سبحان الله قائم
مقام الفعل أي:
اسمه، وسبحت أي: لفظت بسبحان الله، وقيل: معنى سبحان الله:
التسرع
إليه ولحقه في طاعته من قولهم قرش سابح، وذكر النضر بن
شميل أنّ معناه:
الشرعة إلى هذه اللفظة؛ لأن الإنسان يبدأ فيقول: سبحان
الله، وذكر أنه
__________
(1) قوله: " الإشقاق " وردت " بالأصل " " الإشقار " وهو
تصحيف، والصحيح ما أثبتناه
من " الثانية ".
(2) سورة القلم آية: 28.
(3) سورة البقرة آية: 30.
(4) سورة البقرة آية 320.
(1/583)
سأل في المنام عن هذا ففسّر له هكذا أو
قوله أنّ المؤمن لا ينجس، قال أبو
نصر: يقال: نجس الشيء ينجس نجسا فهو نجس ونجس أيضاً.
وقال الفراء: إذا قالوه مع الوحي أتبعوه إيّاه قالوا رجسّ
نجس بالكّسر
وأنجسه غيره ونجسه بمعنى،/وقال القزاز: النجس فيه ثلاث
لغات النجس
بكسر النون وبفتحها وفتح الجيم، وكل شيء قذر فهو نجس
والجمع أنجاس
يقول هو نجس وهم أنجاس، وفي بعض اللغات فقال للواحد: نجس
وللجمع
نجس، وذاك إذا لم يكن على طهارة من الجنابة، وفي كتاب ابن
القوطبة:
وعلى فعِل وفعُل ينج الشيء نجُس نجسا ونجاسة ضد طهر، وفي
كتاب
المطالع: ينجُ بضم الجيم وفتحها، يقال: ثوب نجس ونجس وكذلك
في التثنية
والجمع والذكر والأنثي. قاله الكسائي، وقال غيره: إنما
يقال بفتحهما فإذا
أتبعته الرجس كسرت النون.
(1/584)
50- باب المني يُصيب الثوب
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبدة بن سليمان عن عمرو بن
ميمون
سألت سليمان بن يسار عن الثوب يصيبه المني أتغسله أو يغسله
الثوب قال
سليمان قالت عائشة: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يصيب ثوبه فيغسله من ثوبه ثم
يخرج في ثوبه إلى الصلاة وأنا أرى أثر الغسل فيه ". وهذا
حديث خرجه
الأئمة الستة (1) في كتبهم، وفي لفظ للبخاري: كنت أغسل
الجنابة، وفي لفظ
لمسلم: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان
يغسل موضع المني "، وفي لفظ: " أني كنت
لأغسله من ثوب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "،
وفي صحيح الإسماعيلي: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
كان إذا أصابه مني غسله، ثم يخرج إلى الصلاة، وأنا أنظر
إلى بقعة من أثر
الغسل في ثوبه " (2) ، وفي صحيح الجوزجاني: " أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا أصاب
ثوبه المني غسل ما أصاب منه ثوبه، ثم خرج إلى الصلاة: وأنا
أنظر إلى البقع
في ثوبه ذلك في موضع الغسل "، وفي سنن أبي الحسن: " أني
كنت لأتبعه
من ثوب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأغسله "،
ولفظ أبي داود: (3) " ثم أراه فيه بقعة أو
بُقعا "، وفي البزار:/إنما يروى الغسل عن عائشة من وجه
ونحوه قاله الإمام،
وقال البزار: رواه عمرو بن ميمون عن سليمان بن يسار عنها
ولم يسمع
سليمان من عائشة. انتهي كلامه. وفيه نظر؛ لما ثبت في صحيح
البخاري من
حديث عبد الواحد عن عمرو عن سليمان قال: سألت عائشة عن
المني يصيب
الثوب، وفي رواية محمد بن بشر عد مسلم عن عمرو بن ميمون
قال سألت
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الوضوء، باب " 56
") ومسلم في (الطهارة، باب " 32 " رقم 108، 108 مكرر)
والبيهقي (2/419) وابن ماجة (ح/536) وابن أبي شيبة (1/84)
والنسائي (1/156) وأبو عوانة (1/205) والمشكاة (494)
والمعاني (1/50) وأحمد في " المسند " (6/47، 142، 162)
والترمذي (ح/117) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(2) صحيح. رواه أحمد (6/235) والبيهقي (2/418) وأبو عوانة
(1/203) والدارقطني
(1/125) والخطيب (11/235) والمنتقى (138) .
(3) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 134- باب
المني يصيب الثوب، (ح/
373) .
(1/585)
سليمان بن يسار عن المني يصيب الثوب، فقال:
حدثتني عائشة ... الحديث.
وأما إنكارهما الغسل إلا من وجه واحد ففيه نظر أيضا ذكره
الدارقطني بإسناد
صحيح فقال: ثنا محمد بن مخلد ثنا أبو إسماعيل الرمدي ثنا
الحميدي ثنا
بشر بن بكر ثنا الأوزاعي عن يحيى بن سعيد عن عمرة عنها
قالت: " كنت
أفرك المني من ثوب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إن كان يابسا، وأغسله إن كان رطبا ".
وخرجه أبو عوانة في صحيحه (1) عن محمد بن إدريس وراق
الحميدي
والصائغ عن أثوب بن إسحاق عن الحميدي وفيه فأمسحه أو أغسله
شك
الحميدي إذا كان رطبا، وفي صحيح ابن خزيمة، وفي حديث ابن
هارون ثنا
عمرو بن سليمان قال: أخبرتني عائشة ... فذكره وذكر البزار
(2) من حديث
ثابت بن حماد أبي يزيد القائل فيه أبو الفتح الأزدي وغيره
متروك غير علي بن
زيد عن سعيد بن المسيب عن عمار عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " إنّما يغسل ثوبك
من البول والغائط والمني من الماء الأعظم والدم والقيء "،
قال: لا نعلم
يروي / ثابت إلا هذا الحديث، وقال أبو القاسم في الأوسط:
لا يروي هذا
الحديث عن ابن المسيب إلا علي بن زيد. تفرّد به ثابت بن
حمّاد، ولا بروى
عن عمار إلا بهذا الإسناد، وليس معارفيها لهذه الأحاديث،
يعني: حديث
الفرك وحديث سليمان عنها.
__________
(1، 2) صحيح. رواه أبو داود (ح/372) والنسائي (1/156)
وأحمد (6/132، 133)
وأبو عوانة (1/204) والمشكاة (495) وشرح السنة (2/89) وشفع
(50) والبزار، الشافعي
(345) ومعاني (1/49، 50) والمجمع (1/279) وعزاه إلى
الطبراني في " الكبير " وفيه أبو
بكر الهذلي وهو ضعيف.
وصححه الشيخ الألباني. (الإِرواء: 1/196) .
(1/586)
51- باب فرك المني
من الثوب
/حدثنا محمد بن طريف ثنا عبدة بن سليمان عن الأعمش عن
إبراهيم
عن همام بن الحرث عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: " ربما
فركته من
ثوب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيدي ".
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معونة عن
الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحرث قال: نزل بعائشة ضيف
فأمرت له
بملحفة لها صفراء فاحتلم فيها فاستحيا أن يرسل بها، وفيها
أثر الاحتلام
فغسلها في الماء ثم أرسل بها فقالت عائشة: " لِم أفْسد
علينا ثوبنا إنما كان
يكفيه أن يفركه بأصبعه ربما فركته من ثوب رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصبعي ". هذا
حديث خرّجه مسلم (1) - رحمه الله تعالى- في صحيحه أصله،
وفي لفظ له
من حديث شعيب بن عروة عن عبد الله بن شهاب الخولاني قال: "
نازلا على عائشة فاحتلمت في ثوبي فغسلتها فرأتني جارية
لعائشة فأخبرتها
فبعثت إلى عائشة فقالت: ما حملك على ما صنعت بثوبك ... "
الحديث.
وفي لقد رأتني وإنّي لأحكّه من الثوب للنبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بظفري حدّثنا أبو بكر بن
أبي شيبة ثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة
قالت: " لقد
رأتني أحتّه في ثوب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فاحته عنه " هـ. هذا حديث خرجه
مسلم (1) أيضا، وقال البزار: وحديث إبراهيم عن الأسود عن
عائشة قد روي
من وجوه: فرواه مغيرة والأعمش وأبو معشر عن إبراهيم عن
الأسود عن
عائشة، ورواه منصور والحاكم عن إبراهيم عن همام، ورواه ابن
أبي نجيح
وحميد الأعرج عن مجاهد عنها، ورواه الزهري عن عروة عنها،
ورواه يحيى بن
سعيد عن عروة والقاسم عنها، ورواه عنها غير من ذكرنا أيضا،
وفي الكامل
من رواية أحمد بن أبي أوفى عن عباد بن منصور عن عطاء عنها
قالت: " لقد
رأيتني/أفرك الجنابة من ثوبه عليه الصلاة والسلام ثم لا
أغسل مكانه " وقال:
__________
(1) صحح. رواه مسلم في: 1- كتاب الطهارة، 32- باب حكم
المني، (ح/109) .
(2) صحيح. رواه مسلم في: 1- كتاب الطهارة، 32- باب حكم
المني، (ح/107) .
قوله: " الحث " هو الحك بطرف حجر أو عود.
(1/587)
هذا حديث مستقيم دائما أنكر- يعني: على
أحمد بن أبي أوفى- مخالفته
أصحاب شعبة، وقد وجدناه من طريق أحمد فسلم من المخالفة كما
زعم، قال
أحمد بن منيع في مسنده: أبو قطن ثنا عباد بن منصور نذكره
وذكره أبو
جعفر الطحاوي في شرح الآثار من حديث الأوزاعي عن عطاء
عنها، وذكره
أبو القاسم في الأوسط من حديث ابن حرب عنها، وقال: لم يروه
عن سعيد
إلا جعفر بن أبي المغيرة ولا عن جعفر إلا منذر تفرد به عون
بن سلام، ورواه
أيضا عن أبي شبانة النخعي عنها، وقال: لم يروه عن أبي
شبانة إلا برد بن
زياد تفرد به ابن القاسم، ورواه أيضا من حديث أبي القيس
سعيد بن زبير
قال: حدثني أبي عنها من حديث عائشة بنت طلحة بلفظ: "
رُّبما حككت
المني ". وقال: لم يروه عن أبيه طلحة إلا كامل أبو العلاء
ولا منه إلا خالد بن
يزيد تفرد به العباس بن محمد ولفظه: " أفركه من ثوبه
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (1) يعني:
المني. ومن حديث ابن مجلز عن الحرث بن نوفل عنها بمثله،
وفي لفظ عنده:
" كنت أفركه من مرط رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وكانت مروطنا يومئذ الصوف "،
وقال البيهقي في المعرفة: بين عائشة ومحارب منقطع ولفظ: "
من ثياب النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الصلاة " (2)
وقال الخلال: سئل أحمد عن حديث/جعفر عن
الزهري عن هارون عن عائشة: " كنا نراه في مرط أحدانا لم
يفركه " (3) فقال
أبو عبد الله: ما أنكره، وفي لفظ لابن خزيمة في صحيحه من
حديث الأسود
عنها: " لقد كنت أحك الجنابة من ثوبه كالنخامة " وفي محارب
بن دثار
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في: 2- كتاب الطهارة، 32- باب حكم
المني، (ح / 106) ،
والنسائي: (1 / 156) ، وأحمد (6 / 132، 213) ، والمشكاة:
(495) ، وشرح السنة:
(2 / 89) ، والشافعي: (345) .
وصححه الشيخ الألباني: (الإِرواء: 1 / 196) .
(2) صحيح. رواه مسلم في صحيحه بلفظ: " كنت أفركه من ثوب
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ": 2-
كتاب الطهارة، 32- باب حكم المنى، (ح / 106) .
(3) في سنن أبي داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا وكيع
بن الجراح، ثنا طلحة بن
يحيى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة، قالت:
كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي
بالليل وأنا جنبة وأنا حائض وعلي مِرط لي وعليه بعضه.
1- كتاب الطهارة، 133- باب في الرخصة في ذلك، (ح / 370) .
(1/588)
عنها: " أنها كانت تحتّ المني من ثوبه عليه
الصلاة والسلام وهو يصلي "
وذكر الكلام عن عباد في كتاب الحلال عن أحمد، وزاد حماد بن
سلمة فيه
زيادة حسنه فكان يُصلِّي فيه وقال فيها: قلت لأحمد: أي شيء
ترى من
حديث عباد بن منصور؟ قال: كان يحّدث عن القاسم عن عائشة: "
كنت
أفرك المني من ثوبه عليه الصلاة والسلام " (1) قلت: وهذا
منكر. قال:/نعم
من وجه القاسم في كتاب ابن حزم روينا من طريق أبي عن سفيان
فمرة قال
عن الأعمش ومرة قال عن منصور ثم استمر عن إبراهيم عن همام
بن الحرث
عن عائشة في المني: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يأمر بحتّه " قال: تفرّد به أبو
حذيفة موسى بن مسعود البصري وهو ضعيف مصحف كثير الخطأ يروي
عن
سفيان البواطيل قال الإمام أحمد: قرشية لا شيء كان سفيان
الثوري الذي
يحدّث عنه أبو حذيفة وليس سفيان الذي يحدّث عند الناس، قال
ابن المنذر:
اختلفوا في طهارة المني: فممن غسله من ثوبه عمر بن الخطاب،
وأمر بغسله
جابر بن سمرة وابن عمر وعائشة وابن المسيب، وقال مالك غسل
الاحتلام
من الثوب أمر واجب مجتمع عليه عندنا، وعلى هذا مذهب
الأوزاعي والثوري
غير أنّ الثوري مقدره بالدرهم، وفيه قول ثان وهو أنّه طاهر
يفرك من الثوب.
وممن رأى أن يفرك من الثوب: سعد بن أبي وقاص وابن عمر،
وقال ابن
عباس: أمسحه بخرقة ولا يغسل إن شئت. وقال ابن المسيب: إذا
صلى فيه لم
يعدو المني عند الشّافعي وأبي ثور ليس بنجس. وقال أحمد:
يفركه. وقال
أصحاب الرأي: إذا جف فحته بخرقة. وقال أبو بكر: والمني
طاهر، واختلفوا
في المني يصيب الثوب يحتّ مكانه فكان عمر بن الخطاب- رضي
الله عنه-
يقول: يغسل وينضح ما لم يرو، وقال ابن عباس: ينضح الثوب.
وفيه قال
النخعي وحماد: وقال عطاء: أرشّه. وقالت عائشة: إن رأيته
فأغسله وإن تره
فانضحه. وفي مسند ابن منيع الكثير ثنا إسحاق بن يوسف ثنا
محمد بن مضر
__________
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/372) وسكت عنه والنسائي (1/156)
وأحمد (6/132،
213) والمجمع (1/279) وفيه أبو بكر الهذلي وهو ضعيف.
والمشكاة (495) وأبو عوانة (1/
204) وشرح السنة (2/89) وشفع (50) والشافعي (345) ومعاني
(1/49) .
قلت: وهو بمجموع طرقه فالحديث حسن.
(1/589)
عن محارب عنها إنّها كانت تحت المني من ثوب
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الصلاة
وكان ابن عمر وأبو هريرة والحسن يقولون: إذا حتّ مكانه غسل
الثوب كله.
وفيه قول ثالث: وهو أنّ الفرك بجزئه فإن كان لا يدري مكانه
فرك الثوب
كلّه؛ هذا قول إسحاق: وفيه قول رابع: وهو أنه/طاهر؛ هذا
قول الشّافعي
وأبي ثور، فعلى هذا القول يجزيه أن يفركه، وقال أبو محمد
بن حزم: والمني
طاهر في الماء كان أو في الجسد أو في الثوب، ولا تجب
إزالته والبزاق بمثله
ولا فرق، وقد كذب من يخرص بلا علم بأن قال: كانت عائشة
تفركه بالماء
لقولها: " كنت أفركه يابسا بظفري " قال أبو سليمان الخطابي
في قول
عائشة: " كنت أفرك المني " دليل على طهارته ولو كانت عينه
تحته لما ظهر
يابسه بالفرك كالعذِرة، والله تعالى أعلم هـ.
(1/590)
|