شرح ابن ماجه لمغلطاي

52- باب الصلاة في الثوب الذي يجامع فيه
حدثنا محمد بن رمح أنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن
سويد بن قيس عن معاوية بن حديج عن معاوية بن أبي سفيان أنه سأل أخته
أم حبيبة زوج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هل كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي في الثوب الذي
يجامع فيه؟ قالت: " نعم إذا لم يكن فيه أذى " (1) هـ. هذا حديث إسناده
صحيح سويد بن قيس النخعي المقري الأبدوي وإن كان لم يرو عنه غير
يزيد بن أبي حبيب فقد قال أبو سعيد: ابن يونس كانت له من عبد العزيز بن
مروان منزلة وكان يرسله في أموره، وذكر من ذلك انه أرسله إلى ابن عمر
بجائزة، وكتاب وذكره أبو حاتم البستي في كتاب الثقات فلذلك ساغ لابن
الجارود ذكره في منتقاه وسكت عنه أبو داود عندما رواه، ولفظ أبي جعفر بن
منيع فقالت: " نعم إذا علم أنه لم يصبه أذى "، وفي لفظ للطبراني: " إذا لم
ير فيه أذى "، وفي لفظ له دخل على أم حبيبة قال: فوجدت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يصلي في ثوب واحد عاقده على قفاه فقلت لأم حبيبة: أيصلي النبي- عليه
السلام- في ثوب واحد قالت: نعم وهو الذي كان فيه ما كان وقال: لم
يروه عن سعيد بن/مسلم بن مالك- يعني: عن أبيه- عن معاوية بن أبي
سفيان إلا خالد بن يزيد العمري، وذكره أيضا في موضع آخر من رواية عتبة
عن أم حبيبة وقال: لم يروه عن عتبة إلا حمزة بن حبيب تفرد به معاوية بن
صالح، والله أعلم. حدثنا هشام بن خالد الأرزق ثنا الحسن بن يحيى الحسني
ثنا زيد بن واقد عن بسر بن عبيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء
قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورأسه تقطر ماء فصلى بنا في ثوب واحد
موشحا قد خالف بين طرفيه، فلما انصرف قال عمر بن الخطاب: يا رسول
الله أتصلي بنا في ثوب واحد؟ قال: " نعم، أصلي فيه وفيه أني قد جامعت
فيه " (2) . هذا حديث إسناده لا بأس به، ولو صح لكان بذلك جدير الماء
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 83- باب الصلاة في الثوب الذي
يجامع فيه، (ح/540) . وصححه الشيخ الألباني.
(2) صحيح. وإسناده ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 83- باب الصلاة=

(1/591)


عضد من الشواهد، وأما ما ذكره أبو محمد الإشبيلي أمر يخرجه البزار وفي
إسناده الحسن بن يحيى الحسني وهو ضعيف جدا ففيه نظر في موضعين:
الأول: ما عزاه لمسند البزار لم أره فيه فلعله يكون مخرجا في كتاب السنن أو
الأمالي وليس اصطلاح أبي محمد والله أعلم، ولم ينبه أبو الحسن بن القطان
على ذلك فعلى هذا يكون لازما لهما. الثاني: رواه الحسن بن عبد الملك
ويقال: أبو خالد الدمشقي البلاطي، والبلاط: قرية على نحو فرسخ من دمشق،
أصله خراساني، الحديث لا يصلح فإنه ممن ذكره الإمام أحمد بن حنبل
فقال: ليس بحديثه بأس. حكاه عنه أبو داود في كتاب الآجري وسئل عنه
دميم فقال: لا بأس به، فقال أبو حاتم الرازي: صدوق سيء الحفظ وقال أبو
أحمد بن عدي: هو ممن يحتمل رواياته، وقال ابن معين في روايته: ثقة، وقال
أبو داود: ثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ثنا الحسن بن يحيى الحسني
وكان ثقة وتكلم فيه غير هؤلاء بكلام مولى، قال أبو عبد الرحمن النسائي:
ليس الدمشقي، ثنا الحسن بن يحيى الحسني وكان ثقة تكلم فيه غير هؤلاء
بكلام مولى. قال أبو عبد الرحمن النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني:
متروك. وقال ابن معين: في روايته ليس بثقة. وفي كتاب أبي العرب عنه:
ليس بشي. وقال عبد الغني بن سعيد المصري: ليس بشي. وذكره أبو جعفر
العقيلي فلم يرو على نقله كلام/ابن معين فيه وأبو زكريا في كتاب الضعفاء
كذلك ثم ذكر الساجي حكاية كلام ابن معين كلام أبي داود عن سليمان،
والله أعلم. والسر من في الإسناد حديثهم في الصحيح إلا الأرزق مفتي أهل
الشام فيما قاله أبو زرعة البصري؛ فإن أبا حاتم الرازي روي عنه في أخرى
وقال: صدوق. حدثنا محمد بن يحيى ثنا يحيى بن يوسف الدومي ح وثنا
أحمد بن عثمان عن حكيم ثنا سليمان بن عبد الله الرقي قالا: ثنا عبيد الله بن
عمر عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال: سأل رجل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الرجل يصلي في الثوب الذي يأتي أهله فيه؟ قال: نعم، إلا أن برى فيه بأسا
__________
= في الثوب الذي يجامع فيه، (ح/541) .
في الزوائد: إسناده ضعيف، لضعف الحسن بن يحيي. اتفق الجمهور على ضعفه.
وصححه الشْيخ الألباني.

(1/592)


فيغسله " (1) . هذا حديث خرجه أبو حاتم في صحيحه عن أبي يعلى ثنا
مخلد بن أبي زميل وعبد الجبار بن عاصم قالا: حدثنا عبيد الله به وخالفه أبو
الحسن البغدادي فإنه لما سئل عنه فقال: يرويه عبيد الله بن عمرو مرفوعا.
وقيل: عن ابن عيينة. ولا يصح، والصحيح ما رواه أبو عوانة وأسباط بن
محمد وعبد الحكم بن منصور وغيرهم عن عبد الملك بن عمير عن جابر
موقوفا في قوله، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: كذا رواه- يعني
سليمان الرقي- عن عبيد الله مرفوعا وإنمّا هو موقوف انتهى. عبيد الله بن
عمر وحديثه في الصحيحين ووصف بالحفظ والثقة فزيادة مقبولة إجماعا وتعلُّق
بعضهم بأنه معارض بحديث عائشة قالت: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لا يصلي
في شعارنا أو لحفنا " (2) المذكور عند أبي محمد الإشبيلي صحيحا، قال: في
آخره شكّ معاذ بن معاذ راوي الحديث وعليه فيه استذكار أكان الأول ذكره
الشكّ متبعا قول رواية عند أبي داود، وهو ليس ثابتا في كثير من طرق
الحديث هذا أبو عيسى رواه ولم يذكر شكا وقال فيه: حسن صحيح وكذلك
النسائي لكنهما لم يذكرا الشعر ذكرا اللحف فقط وأما ابن حبان فإنّه ذكره
في صحيحه بهما، وقال عبد الله بن أحمد: قلت لأبي: ثنا الغواريري ثنا
معاذ بن معاذ ثنا أشعث بن عبد الملك الحمراني عن محمد يعني ابن سيرين-
عن عبد الله بن شقيق العقيلي عن عائشة قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يصلي
في شعرنا ولا لحفنا ". الثاني: تصحيح الحديث، وهو في كتاب أبي داود
الذي نقله من عبدة فعلا بما أتبعه به وهو ثنا الحسن بن علي ثنا سليمان بن
حرب ثنا حماد عن هشام عن ابن سيرين عن عائشة: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كان لا يصلي في ملاحفْنا " (3) . قال حماد: وسمعت سعيد بن أبي صدقة
__________
(1) صحيح. رواه ابن حبان: (4/37) .
(2) صحيح. رواه الترمذي (ح/600) وقال: هذا حديث حسن صحيح. وأبو داود (ح/
645، 367) وأحمد (6/101) والبيهقي (2/410) والبخاري في " التاريخ الكبير " (2/
61) وشرح السنة (2/429) والتمهيد (1/379) .
(3) ضعيف. رواه أبو داود (ح/368) قال حماد: وسمعت سعيد بن أبي صدقة قال:
سألت محمدا عنه فلم يحدثني، وقال: سمعته منذ زمان ولا أدري ممن سمعته، ولا أدري
سته من ثبت أو لا فسلوا عنه. رواه البيهقي في " الكبرى " (2/410) .

(1/593)


قال: سألت محمدا عنه فلم يحدثني به، وقال: سمعت منذ زمان ولا أدري
ممن سمعته من مقام لا تسألوا عنه، وفي كتاب الحلال عن عبد الله قال: إنِّي
سمعت من عائشة عن شعيب أنكر من هذا. قال عبد الله: وأنكره- يعني:
إيّاه- إنكارا شديدا أو هذان الاستدراكان وأراد أن علي بن الحسن بن القطان
أيضا بسكوته وأفراده ولئن سلمنا صحته فليس معارضا لما تقدّم؛ لأنّ الصلاة
في ثوب الرجل غير صلاته في ثوب زوجته؛ لأن الرجل يتحرز ولا تحترز المرأة
منه، ولئن سلمنا ذلك فيكون مبسوط بما في حديث ميمونة وعائشة أو لعذر
أوجب له ذلك أو لبيان الجواز، والله أعلم.

(1/594)


53- باب ما جاء في المسح على الخفين
حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن
الحرث قال: قال جرير بن عبد الله: " ثم توضأ ومسح على خفيه فقيل له:
تفعل، قال: وما يمنعني وقد رأيت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-
يفعل " (1) . قال إبراهيم: كان يعجبهم حديث جرير؛ لأنّ إسلامه كان بعد
نزول المائدة./هذا حديث خرجه الأئمة الستة رحمهم الله تعالى، وفي
مسلم (2) قال الأعمش: قال إبراهيم: ولفظ أبي داود (3) : " وما يمنعني أن
أمسح وقد رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعله، قال: إنمّا كان ذاك قبل نزول المائدة قال:
ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة "، وفي كتاب المتتابعات عليه قوم وقالوا: " إنمّا
هذا قبل نزول المائدة، قال: ما أسلمت إلا بعد ما أنزلت، وما رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مسح إلا بعد ما نزلت " وخرجه ابن ماجة (4) بنحوها وفي المعجم الكبير
للطبراني من حديث عن أسلم بن سهل الواسطي ثنا محمد بن حسان ثنا
محمد بن يزيد الواسطي ثنا جعفر بن الحرث عن إبراهيم عن همام قال: قال
جرير: " ثم مسح فقلت له: تفعل هذا وقد قلت ... " الحديث، وفي
الأوسط (5) له من حديث عبد الرزاق عن ياسين الرباب عن حماد بن أبيِ
سليمان عن ربعي بن حراش عنه قال: " وضّأت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمسح على خفّيه
بعد ما نزلت سورة المائدة " رواه عن الدمري عن عبد الرزاق وقال: لم يروه
عن حماد عن ربعي إلا ياسين الرباب. تفرد به عبد الرزاق، ورواه أيضا عن
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 84- باب ما جاء في المسح على
الخفين، (ح/ 543) . وصححه الشيخ الألباني.
(2) صحيح. رواه مسلم في: كتاب الطهارة، 22- باب المسح على الخفين، (ح/ 72) .
(3) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 58- باب السح على الخفين، (ح/ 154) .
(4) انظر الحاشية رقم " 1 ".
(5) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/257) وعزاه إلى الطبراني في
" الأوسط " وفيه سوار بن مصعب وهو مجمع على ضعفه.

(1/595)


محمد بن نوح بن حرث عن شيبان بن فروخ عن حرب عن شريح عن خالد
الحذاء عن محمد بن سيرين عنه: " أنّه كان مع النبي- صلى الله عليه وآله
وسلم- في حجة الوداع فذهب النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يتبرّز
فرجع فتوضّأ ومسح على خفيه " (1) وقال: لم يروه عن ابن سرين إلا الحذّاء
ولا عن خالد إلا حرب بن شريح. تفرد به شعبان. ومن حديث عبد الكريم
الجريري عن مجاهد عنه وفيه: " ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة "، وفي
كتاب الترمذي (2) عن شهر بن حوشب قال: " رأيت جريرا توضّأ ومسح
على خُفّيه فقلت له: أقبل المائدة أو بعد المائدة؟ فقال: ما أسلمت إلا بعد
المائدة ". قال الدارقطني في الإفراد هذا حديث غريب من حديث مقاتل بن
حيان عن شهر. تفرّد به إبراهيم بن آدم/عنه، وعنه بقية بن الوليد. قال
البيهقي: وكان إبراهيم بن أدهم يقول: ما سمعت يحدّث في المسح أحسن
من هذا، وفي سنن الدارقطني من حديث حمزة بن حبيب عنه قال: " قدمت
على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- بعد نزول المائدة، فرأيته يمسح
الخفين " (3) .
__________
(1) سقطت " كلمتان " من متن هذا الحديث، وأثبتناه من الثانية.
(2) رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 70- باب في المسح على الخفين، (ح/94) . وقال
الترمذي: حدثنا بذلك قتيبة حدثنا خالد بن زياد الترمذي عن مقاتل بن حيان عن شهر بن
حوشب عن جرير.
قال: وروى بقية عن إبراهيم بن أدهم عن مقاتل بن حبان عن شهر بن حوشب في جرير.
وهذا حديث مفسر لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأول أن مسح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على
الخفِّين كان قبل نزول المائدة، وذكر جرير في حديثه أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين بعد نزول المائدة.
ورواية شهر هذه إسنادها صحيح. وقد تابعه عليها أبو زرعة بن عمرو بن جرير عن جده
جرير بن عبد الله البجلي، فروى أبو داود (1/59) عن أبي زرعة: " أن جريرا بال ثم توضأ
فمسح على الخفين، وقال: إنما كان ذلك قبل نزول المائدة؟ قال: ما أسلمت إلا بعد نزول
المائدة ". ورواه الحاكم (1/169) وصححه ووافقه الذهبي ونقل الزيلعي في نصب الراية أن
ابن خزيمة رواه أيضا في صحيحه.
(3) سيأتي ص 626، بلفظ: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يزل يمسح قبل نزول المائدة وبعدها
حتى قبضه الله ". وعليه تعليق الهيثمي في " مجمع الزوائد ".

(1/596)


وفي لفظ: " توضأ من مطهرة ومسح على خفيه " (1) . وسئل أبو زرعة
عن حديث رواه عبد الله بن الأجلح عن الأعمش عن إبراهيم عن الحرب بن
سويد قال: " بال جرير ومسح ". فقال: هذا الحديث وهم فيه ابن جنح،
وسئل عن حديث رواه أبو نعيم عن شريك عن إبراهيم بن جرير عن قيس بن
أبي حازم عن جرير: " رأيت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يمسح على
خفيه " (2) . ورواه ابن الأصبهاني عن شريك عن إبراهيم بن جرير عن أبيه:
" أنّ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- توضأ ومسح على خفيه ". فقال أبو
زرعة: الحديث حديث أبي نعيم، وإبراهيم هو ابن جرير ولم يلحق إيّاه، وفي
كتاب الطبراني من حديث ابن عياش عن حميد بن مالك اللّخمي عن
إبراهيم بن جرير عن أبيه: " رأيت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يمسح
يوم نزول المائدة ". وقال في الأوسط: لم يروه عن حميد إلا ابن عيّاش، وقد
جاء في بعض ألفاظه ذكر التوقيت بسند حسن أنبأ به المسند المعمر تقي الدين
الحمداني قراءة عليه، وأنا أسمع أنبأ أبو طاهر إسماعيل بن عبد القوي أخبرتنا
فاطمة بنت سعد الخبر أنبأت فاطمة بنت الجعد وأبيه أنبأ ابن زيد أنبأ أبو
القاسم أنبأ عبد الله بن أحمد حدثني عبد الله بن عمر بن أبان ثنا عبيدة عن
الأسود ثنا القاسم بن الوليد عن طلحة بن مصرف عن إبراهيم التيمي عن
همام بن الحرث عن جرير عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال:
" للمسافر ثلاثة- أو ثلاث- وللمقيم يوم في المسح على الخفين " (3) . وفي
سنن الطوسي: قال جرير: ومسح على خفيه- أو قال: جوز به- قال عيسى:
يعني: ابن يونس أنا أشُك، وقال بعده: يقال هذا حديث حسن صحيح، وقد
__________
(1) صحيح. رواه أحمد في " المسند " (6/12) بلفظ: " ثم دعا بمطهرة أي: إداوة ... "
الحديث.
(2) تقدم من أحاديث الباب انظر: أول حديث.
(3) صحيح. رواه الترمذي (ح/95) من حديث خزيمة بن ثابت، وقال الترمذي: هذا
حديث حسن صحيح. وكذا صححه ابن خزيمة وابن ماجه (ح/555) والطبراني في " الكبير "
(4/96، 106) والخطيب (6/377) وابن عدي في " الكامل " (3/1120، 1125)
وأحمد في " المسند " (1/96، 4/240، 5/213، 214) والبيهقي (1/276، 282)
والطبراني (2/10، 4/107، 111) والحلية (2/298) .

(1/597)


رواه شهر وقرة. حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، وعلي بن محمد قالا:
حدثنا وكيع، وحدثنا أبو/همام الوليد أنا أبي وابن عيينة وابن أبي زائدة جميعا
عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة: " أن رسول الله- صلى الله عليه وآله
وسلم- توضأ ومسح على خفيه ". هذا حديث خرجه الأئمة الستة في
كتبهم، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه الثوري
وشعبة وجرير بن حازم وأبو معاوية ويحيى القطان وابن عيينة وجماعة عن
الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة في المسح على الخفين، ورواه أحمد بن
يونس عن بكر بن عياش عن الأعمش، وصالح عن أبي وائل عن المغيرة عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأيهما الصحيح من حديث الأعمش قال: أتى الصحيح حديث
هؤلاء النفر عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة، وهم في هذا الحديث: أبو
بكر بن عياش؛ إنما أراد الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق المغيرة قبل
غير حديث أبي وائل من حديث مسلم، قلت لأبي زرعة: أيهما الصحيح؟
قال: أخطأ أبو بكر في هذا الصحيح من حديث الأعمش عن أبي وائل عن
حذيفة، ورواه منصور عن أبي وائل عن حذيفة، ولم يذكر المسح وذكر
النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: وإنما قلت فالأعمش ربما مدلس ورواه
الإسماعيلي في جمعه لحديث الأعمش من حديث عبد الرحمن بن محمد بن
طلحة عن أبيه عن الأعمش عن أبي وائل لم يقل: بالمدينة، ورواه عن قريب
من ثلاثين نفسا عن الأعمش لم يروه بالمدينة إلا من حديث محمد بن طلحة
في رواية عنه، وقال أبو عمر بن عبد البر بعد أن ذكر أن عيسى بن يونس
انفرد عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة بقوله: " كنت أمشي مع النبي-
صلى الله عليه وآله وسلم- بالمدينة فأتى سباطة قوم فبال ثم توضأ ومسح على
خفيه " (1) . قال: ولم يقل فيه أحد بالمدينة غير عيسى بن يونس وهو ثقة
واصل إلا أنه خولف في ذلك عن الأعمش وسائر من رواه عن الأعمش لا
__________
(1) رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 12- باب البول قائما، (ح/23) . وسكت
عنه. قلت: والسكوت كناية الحسن.
قال أبو داود: قال مسدد: قال: فذهبت أتباعد فدعاني حتى كنت عند بقية.

(1/598)


بقوله وفيه بالمدينة. انتهى، وما قدمناه عن محمد بن طلحة يردّ قوله، وفي
المعجم الصغير لأبي القاسم من حديث أحمد بن سليم، وعيسى بن يونس عن
زكريا بن أبي زائدة عن الشعبي عن شقيق عن حذيفة قال: " كنت أمشي
مع النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فانتهى/إلى سباطة قوم فبال قائما
ومسح ". رواه عن القاسم بن عفان عن عّمه أحمد بن سليم وقال: لم يروه
عن الشعبي إلا زكريا، ولا عنه إلا عيسى. تفرد به أحمد بن سليم، وفي
مسند أحمد ثنا أبو الوليد ثنا أبو عوانة عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن
عباس قال: " قد مسح رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- مسح على
الخفين فسألوا الذين يزعمون أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل نزول المائدة أو بعد المائدة
والله ما مسح بعد المائدة؛ ولأن أمسح على ظهر عامره أحبّ إليّ من أن
أمسح عليهما " والله تعالى أعلم.
حدثنا محمد بن رمح أنبأ الليث بن سعيد عن إبراهيم عن رافع بن جبير
عن عروة بن المغيرة ابن شعبة عن أبيه المغبرة بن شعبة عن رسول الله- صلى
الله عليه وآله وسلم-: " أنّه خرج لحاجته، فأتبعه المغيرة بإداوة فيها ماء حتى
فرغ من حاجته، فتوضأ ومسح على الخفين " (1) . هذا حديث مخرّج كالذي
قبله، وفي كتاب العلل لعبد الرحمن سمعت أبي يقول: سألنا إبراهيم بن
موسى- أي: حديث في المسح على الخفين أصح فسألنا، فقال: هو حديث
الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن المغيرة. فقلت: أماله عندنا حديث
حجازي؟ قال: ما هو؟ نلت: حديث يحيى بن سعيد بن إبراهيم عن نافع بن
جبير عن عروة بن المغيرة عن أبيه؟ فسكت ثم قال: إني الآن أقول حديث
الزهري عن عباد بن زياد وإسماعيل بن محمد بن سعيد عن عروة وحمزة-
أي: المغيرة- عن أبيها، وفي كتاب البخاري (2) عن أبي نعيم ومسلم عن أبي
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الوضوء، باب " 48 ") ومسلم في (الطهارة،
ح/75) وابن ماجة (545) .
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في: 4- كتاب الوضوء، 49- باب المسح على
الخفين، (ح/206) . ورواه مسلم في: (الطهارة، ح/274) . ورواه أبو داود في: 1-
كتاب الطهارة، 58- باب المسح على الخفين، (ح/151) .

(1/599)


نمير عن أبيه قالا: يذاكرنا ابن أبيِ زائدة عن الشعبي عن عروة عن أبيه قال:
" كنت مع النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ذات ليلة في سفر فقال:
أمعك ماء؟ قلت: نعم. فنزل عن راحلته فمشي حتى توارى في سواد الليل،
ثم جاء، وأفرغت ماء من إداوة فغسل يديه ووجهه، وعليه جبة من صوف فلم
يستطع أن يخرج ذراعيه/ومسح برأسه ثم هويت لأنزع خفيه، فقال: دعهما،
فإني أدخلتهما طاهرتين، ومسح عليهما ". ورواه الطبراني في الأوسط (1) من
حديث موسى بن أعن عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي به ولفظه:
" كنت مع النبي في سفر ليلا فقال من هذا؟ فقلت: أنا المغيرة. فقال:
أمسك فأمسكت له ناقته وانطلق حتى ما رأيته، ثم جاء ... فذكره " وقال: لم
يحرّده عن إسماعيل إلا ابن أعين. تفرد به المعافي بن سليمان، ورواه المعافي
أيضا عن القاسم بن معن عن إسماعيل عن الشعبي، وقال الدارقطني: ورواه
غير بن القاسم وزفر بن الهذيل وخالد بن عبد الله الواسطي وسليمان بن كثير
عن حصين عن الشعبي وسعيد بن عبيدة عن المغيرة، ورواه إبراهيم بن طهمان
ومحمد بن فضيل، وورقاء وسويد بن عبد العزيز عن حصين عن الشعبي
وحده عن المغيرة، وخالفهم ابن عيينة فرواه عن حصين عن الشعبي عن عروة
عن أبيه، وقال الحميدي والقاسم بن بشير عن ابن عيينة عن حصين وزكريا بن
يونس عن أبي إسحاق عن الشعبي عن عروة عن أبيه، وكذلك رواه عيسى بن
يونس ونبأ به أبو نعيم والفزاري وابن قتيبة عن يونس عن أبي إسحاق عن
الشعبي عن عروة عن أبيه، وكذلك رواه زكريا بن أبي زائدة من رواية أبي
نعيم وجعفر بن عون وابن عيينة ويحيى بن سعيد الآمدي عنه عن الشعبي عن
عروة عن أبيه، وكذلك رواه عبد الله بن أبي السفر وعمر بن أبي زائدة
وداود بن يزيد الأودي وسليم مولى الشعبي عن الشعبي عن عروة بن المغيرة
عن أبيه، وكذلك رواه أبو إسحاق الشعبي من رواية إسرائيل عنه، ورواه
أيوب بن جابر عن أبي إسحاق عن عروة لم يذكر فيه الشعبي، ورواه
__________
(1) صحيح أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/259) وعزاه إلى الطبرانِي في " الأوسط "
قال: " وفي الصحيح طرف منه " وفيه داود بن يزيد الأودي وقد ضعفوه إلا ابن عدي فقال:
لم أر له حديثا منكرا.

(1/600)


عبد الله بن عون عن الشعبي عن عروة بن المغيرة عن أبيه واختلف عنه فقال:
أبو جابر عن ابن عون عن الشّعبي وابن سرين عن ابن المغيرة عن أبيه، ووهم
وإنّما روى هذا الحديث ابن عون عن الشعبي عن عروة وحده، وعن ابن سيرين
عن عمرو بن وهب عن المغيرة، واختلف عن إسماعيل/بن أبي خالد، فرواه
موسى بن أعين عن إسماعيل عن الشعبي عن عروة عن أبيه، وخالفه القاسم بن
معن؛ فرواه عن إسماعيل عن الشعبي عن المغيرة لم يذكر بينهما أحد،
وكذلك رواه الهيثم بن حبيب الصيرفي ومخالد بن سعيد وأبو إسحاق
الشيباني عن الشعبي عن المغيرة، وزاد أبو إسحاق الشيباني عن الشعبي قال:
قيل للمغيرة: ومن أين كان للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- خفان فقال:
أهداهما له دحية بن خليفة الكلبي، وخالفه الجعفي في هذا اللفظ، فرواه عن
الشعبي عن دحية ولم يذكر فيه المغيرة، ورواه عريث بن مطر عن الشعبي عن
مسروق عن المغيرة، وتابعه زكريا بن أبي زائدة من رواية سعيد الأموي عن أبيه
عن زكريا عن الشعبي عن مسروق عن المغيرة، وقيل أنّ ابن الأموي أخلط
عليه أحاديث أبيه عن زكريا بأحاديثه عن حديث أبي مطر، وهذا يشبه أن
يكون منها، ورواه حماد بن أبي سليمان ومنصور بن المعتمر وجابر الجعفي
والسري بن إسماعيل عن الشعبي عن إبراهيم بن أبي موسى الأشعري عن
المغيرة، وأحسنها إسنادا حديث الشعبي عن عروة عن أبيه وأبى ذلك أبو
محمد بن أبي حاتم فقال: سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه ابن فضيل
عن حصين عن الشعبي عن عروة في المسح على الخفين، ورواه ابن عيينة عن
حصين عن الشّعبي عن عروة بن المغيرة عن أبيه عن النبي- صلى الله عليه
وآله وسلم- ورواه زائدة بن قدامة عن حصين عن سعيد بن عبيدة سمع
المغيرة وقال غيره: عن حصين عن أبي سفيان عن المغيرة، ورواه عنه عن
حصين عن الشعبي وسعيد بن عبيدة عن المغيرة بلا عروة، قال أبي: وليس
لأبي سفيان معنى قال: ليّن، ورواه هشيم عن حصين عن سالم بن أبي الجعد
وأبي سفيان سمعا المغيرة قلت لأبي زرعة: فأيهما الصحيح عندك؟ قال: أنا
أبي حديث الشعبي بلا عروة أصل إذا كان أصل في المسح، قال: وسئل أبو
زرعة عن حديث رواه سليمان بن عبد الرحمن/الدّمشقي عن إسماعيل بن

(1/601)


عياش عن أبي شعبة يحيى بن يزيد الرهاوي عن زيد بن أبي أنيسة عن حماد
عن عامر الشّعبي عن إبراهيم بن أبي موسى عن المغيرة في المسح، فقال أبو
زرعة: وهم فيه حماد وخالفه السبيعي وابن أبي خالد وحصين، قال أبو
محمد: يعني أنّهم رووا الحديث عن الشعبي عن عروة، وليس لإِبراهيم بن أبي
موسى هنا معنى، والله تعالى أعلم. ولفظ أبي داود (1) : " كنا مع النبي-
صلى الله عليه وآله وسلم- وفي ركبه ومعي إداوة فخرج لحاجته ثم أقبل
فتلقيته بالإداوة قال: فأفرغت عليه فغسل كفيه ووجهه ثم أراد أن يخرج
ذراعيه وعليه جبة من صوف من جناب الروم، وفيه: دع الخفين فإني أدخلت
القدمين الخفين وهي طاهرتان فمسح عليها ". قال الشعبي: شهد لي عروة
على أبيه وشهد أبوه على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وفي لفظ
مسلم (2) : عن ابن مثني ثنا عبد الوهاب سمعت يحيى بن سعيد هذا الإِسناد
قال: " فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه "، ولفظ مسروق عن المغيرة " بعد:
ثم مسح على خفيه ثم على ناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه ثم ركب
وركبنا فانتهينا إلى القوم وقد قاموا إلى الصلاة، فصلي بهم عبد الرحمن بن
عوف، وقد ركع هم ركعة فلما أحسّ بالنبي- صلى الله عليه واله وسلم-
ذهب يتأخرّ (3) فأومأ إليه ليصلي هم فلمّا سلّم قام النبي- صلى الله عليه وآله
وسلم-: وقمت فركعت الركعة التي سبقتنا ". وفي رواية المقيم عن أبيه
حدّثني له: " مسح على الخفين ومقدّم رأسه وعلى عمامة "، وثنا محمد بن
عبد الأعلى ثنا المعتمر عن أبيه عن بكرة بن الحسن عن ابن المغيرة عن أبيه عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثله، وثنا ابن بشار ومحمد بن حاتم جميعا عن يحيى القطّان
قال: ثنا ابن حاتم ثنا يحيى بن سعيد عن التيمي عن بكر عن الحسن عن ابن
المغيرة بن شعبة عن أبيه قال بكر: وقد سمعته من ابن المغيرة: " أنّ النبي
__________
(1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 58- باب المسح على الخفين، (ح/
151) .
(2) صحيح. رواه مسلم في: 2- كتاب الطهارة، 23- باب المسح على الناصية والعمامة،
(ح/81) .
(3) قوله: " ذهب يتأخر " أي: شرع في التأخير عن موضعه ليتقدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

(1/602)


صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة وعلي الخفين " (1) ، وقال أبو عيسى:
وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن المغيرة: ذكر بعضهم المسح على
الناصية والعمامة، ولم يذكر بعضهم الناصية،/سمعت أحمد بن الحسن،
سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما رأيت- يعني: مثل يحيى بن سعيد القطان-
وقال: وحديث المغيرة حسن صحيح، واختلف من ابن المغيرة هذا ومن هو
ففي كتاب البيع لأبي الحسن وأخرج مسلم عن ابن مرتع- يعني: عن يزيد بن
زريع- عن حميد ثنا بكر عن عروة قال: وخالفه غيره عن يزيد فرواه عنه
على الصواب عن حمزة المغيرة رواه كذلك حميد بن سعدة وعمرو بن علي،
وكذا قال ابن أبي عروة: عن حميد، وفي صحيح أبي عوانة: أنبا يوسف
القاضي أنبا نا مسدد وأنبأ يزيد به، وكلام الدارقطني ينفي تشبه الوهم فيه إلى
محمد بن يزيد وأبو مسعود الدمشقي مخالفة، ويقول: هكذا يقول مسلم،
وفي حديث ابن بزيغ عن يزيد عن عروة وخالفه النّاس فقالوا: حمزة بدل
عروة. حكاه أبو علي في التقييد، وقال أبو الحسن في العلل: يروه بكر
واختلف عنه، فرواه حميد عن بكر عن حمزة، وقال سليمان التيمي عن بكر
عن ابن المغيرة: قال ذلك خالد الواسطي ويزيد بن زريع ويزيد بن هارون،
واختلف في معتمر؛ فذاك نصر بن علي وأبو نعيم الحلبي عن معتمر عن أبيه
__________
(1) صحيح. رواه الترمذي (ح/100) قال الترمذي: وذكر محمد بن بشار هذا الحديث في
موضع آخر: " أنه مسح على ناصيته وعمامته ". وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن
المغيرة بن شبة: ذكر بعضهم " المسح على للناصية والعمامة "، ولم يذكر بعضهم " الناصية ".
وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
ورواه مسلم (1/90- 91) عن محمد بن عبد الله بن بزيع عن يزيد بن زريع عن حميد
الطويل عن بكر المزني عن عروة عن المغيرة عن أبيه. قال النووي (3/171) : " قال الحافظ
أبو علي الغساني: قال أبو مسعود الدمشقي: هكذا يقول مسلم في حديث ابن بزيع عن
يزيد بن زريع: عن عروة بن المغيرة، وخالفه الناس، فقالوا فيه: حمزة بن المغيرة، بدل عروة.
وأما أبو الحسن الدارقطني فنسب الوهم فيه إلى محمد بن عبد الله بن بزيع، لا إلى مسلم ".
والظاهر أن رأي الدارقطني أرجح؛ لأن النسائي رواه (1/30) عن عمرو بن علي وحميد بن
مسعدة عن يزيد بن زريع، ورواه البيهقي (1/60) من طريق حميد بن مسعدة أيضا (1/
58) ومن طريق مسدد بن يزيد بن زريع، وقالوا كلهم: " عن حمزة بن المغيرة "، فخالفوا
محمد بن عبد الله بن بزيع.

(1/603)


عن بكر عن ابن المغيرة، وكذلك قال علي بن الحسن الدرهمي: عن معتمر
إلا أنه قال: عن ضمرة بن المغيرة، وقال أبو الأشعث: عن معتمر عن أبيه عن
بكر والحسن عن ابن المغيرة عن أبيه، وقال الثوري: عن القاسم عن أبي بكر
عن الحسن. قال ذلك عبد الكريم بن روح عن الثوري، ورواه عاصم الأحول
عن بكر مرسلا عن المغيرة بن مسهر عن ابن عروبة عن عاصم الأحول عن
بكر، واختلف عن ابن عروبة، فرواه زفر عنه عن قتادة/عن بكر عن المغيرة،
وخالفه منيع بن عبد الرحمن، فرواه عن سعيد بن مطر عن بكر عن المغيرة،
وكلاهما وهم؛ لأن هذا الحديث سمعه ابن أبي عروبة عن بكر ليس بينهما
فيه قتادة ولا مطر. قال ذلك ابن زريع وغندر وابن مسهر، وروي عن داود بن
أبي هند عن بكر عن المغيرة مرسلا أيضاً، ورواه الحسن البصري عن المغيرة
حدّث به قتادة واختلف عنه، فرواه زفر عنه عن قتادة عن الحسن ومحمد عن
المغيرة، وقال هدبة بن خالد: عن همام عن قتادة عن الحسن وزراره بن أوفى
عن المغيرة، ورواه الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن خالد بن كثير عن أبي
حفص العمري عن الحسن عن المغيرة، والحسن لم يسمعه من المغيرة، وإنّما
سمعه من حمزة ابنه، وذلك بّين في رواية القطّان عن التيمي روي أيضاً عن
عبيد الله بن عمر عن حمزة بن المغيرة. قاله عبد الله بن نافع الصانع عن أبي
معشر عنه، وخالفه يحيى بن عبد الله بن سالم، فرواه عن عبيد الله عن
حميد الطويل عن ابن المغيرة عن أبيه، وحميد لم يسمعه من ابن المغيرة؛ إنّما
رواه عن بكر عنه، ولفظ أبي داود: " ثم ذكر فوق العمامة " وفي لفظ:
" قال: فصليت أنا والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلى الركعة التي سبق لها ولم يزد عليها
شيئا " قال أبو داود (1) : أبو سعيد الخدري وابن الزبير وابن عمر يقولون: من
أدرك الفرد من الصلاة عليه سجدتا السهو، وفي لفظ يونس عن ابن شهاب
حدثني عبّاد بن زياد أنّ عروة بن المغيرة سمع أباه وفيه: " قد ركع لهم " -
يعني: ابن عوف- ركعة من صلاة الفجر، وفيه: " ثم سلّم عبد الرحمن، فقام
النبي في صلاته ففرغ المسلمون فأكثروا التسبيح؛ لأنهم سبقوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلمّا
__________
(1) تقدّم، وهو الحديث برقم: (152) .

(1/604)


سلّم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم: " قد أصبتم أو قد أحسنتم " (1) . ولفظ النسائي في
كتاب شيوخ الزهري في غزوة تبوك، وذكره مالك في موطئه بما استوجب
رواه أنبأ بذلك المسند المعمر شرف الدين بن أبي الفتوح الشّامي- رحمه الله
تعالى- أنبأ ابن رواح أنا الحافظ البغوي- رحمه الله- في خامس عشر ربيع
الأول سنة إحدى وثلاثين أنبأ أبو الحسن المبارك بن عبد/الجبار بقراءتي عليه
ببغداد في جماد الأوّل سنة خمس وتسعين وأربعمائة أنبأ أبو طالب محمد بن
الحربي الزاهد أنبأ الحافظ أبو الحسن علي لن مهدي في كتابه قال: روي مالك
في الموطأ عن ابن شهاب عن عباد بن زياد من ولد المغيرة بن شعبة عن المغيرة
، فذكر قصة المسح قال: وخالفه صالح بن كيسان، ومعمر، وابن جريج،
ويونس، وعمرو بن الحرث، وعقيل بن خالد، وعبد الرحمن بن خالد بن
مسافر وغيرهم، فرواه عن الزهري عن عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة عن
أبيه، فزاد: وعلى مالك في الإسناد عروة بن المغيرة وبعضهم قال: عن ابن
شهاب عن عباد بن زياد عن عروة وحمزة بن المغيرة عن أبيهما، قال ذلك
- عقيل وعبد الرحمن بن خالد ويونس بن يزيد بن أبي سفيان قال ذلك مصعب
الزبيري، وقاله علي بن المديني ويحيى بن معين وغيرهم، فخولف مالك-
رحمه الله تعالى- في إسناده في موضعين: أحدهما: قوله عباد بن زياد من
ولد المغيرة، والآخر: إسقاطه من الإسناد عروة وحمزة بن المغيرة والله أعلم.
وقال ابن أبي حاتم عن أبيه في كتاب العلل: وهم في هذا الحديث في عباد،
فزعم أنه من ولد المغيرة، وإنّما هو ابن زياد بن أبي سفيان، وقال عن المغيرة:
وإنّما هو عن عروة وحمزة بن المغيرة عن أبيهما، والله تعالى أعلم- وبنحوه قاله
الشّافعي فيما حكاه البيهقي عنه ومحمد بن إسماعيل البخاري، وقال ابن أبي
حاتم في موضع آخر: سألت أبي عن حديث شبابة محمد بن عوف الحمصي
عن أبي لقي عبد الحميد بن إبراهيم عن عبد الله بن سالم عن الترمذي عن
الزهري عن عباد بن زياد عن عروة بن الغيرة بن محمد بن إسماعيل أخبره
عن حمزة بن المغيرة: الحديث، فقال أبي: هذا خطأ؛ إنّما هو إسماعيل بن
__________
(1) رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 58- باب المسح على الخفين، (ح/149) .

(1/605)


محمد بن سعد بدل محمد بن إسماعيل، وزعم/ابن عقدة أنه حديث تفرّد
به أهل الكوفة وفيه نظر، وفي لفظ له- أعنى أبا داود- من حديث بكير بن
عامر الجبلي عن عبد الرحمن بن أبي نُعم عن المغيرة فقلت: " يا رسول الله:
نسيت. قال: بل أنت نسيت، بهذا أمرني ربي " (1) ، ولما ذكر أبو القاسم هذا
في معجمه الكبير عن عمر بن عبد العزيز عن علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم
ثنا بكير قال: زعم ابن أبي نعم المغيرة حدثه: " أنه مشي مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
المدينة، فأتى بعض الأودية قد خلها، فقضى حاجته ثم خرج فتوضأ وخلع
الخفين، فلما لبس خفيه وجد بعد ذلك رّيما فعاد ثم خرج فتوضأ ومسح على
الخفين فقلت: أنسيت يا رسول الله؟ فقال: بل أنت نسيت بهذا أمرني ربي عز
وجل ". قال الحافظ القشيري: وبلغني أنّ أحمد بن خالد الأندلسي الحافظ
رواه عن علي وقال بعد تمامه: ما أحسنه وخرجه أبو عبد الله في مستدركه من
حديث الحسن بن صالح عن بكير وقال: إسناده صحيح، وقال أبو الحسن في
كتاب العلل: يرويه بكير البجلي عن عبد الرحمن حدّث به عن الحسن بن
صالح ووكيع والفضيل بن موسى وعبد الله بن موسى وعبد الله بن داود
وعلي بن عراب، ورواه عامر بن مدرك عن الحسن بن صالح فقال: عن أكيل
عن ابن أبي نعم، وإنّما أراد بكير بن عامر.
ورواه سعيد (2) بن المسيب فقال: عن أبي بكير عن عبد الرحمن بن أبي
ليلي عن المغيرة حدّث به عنه بكير بن خداش ووهم فيه في موضعين: في قوله
عن أبي بكير، وفي قوله: عن ابن أبي ليلى، وإنما أراد ابن أبي نعم ثناه المحاملي
ثنا عبدان الأهوازي ثنا معمر بن سهل من عامر بن مدرك عن الحسن بن
صالح به ورواه عن المغيرة أيضا عمرو بن وهب الثقفي، قال أبو الحسن:
يرويه محمد بن سيرين، واختلف عنه، فرواه أيوب السختياني، وقتادة
__________
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/156) وأحمد في " المسند " (4/246، 253) والبيهقي في
" الكبرى " (1/272) ونصب الراية (1/163، 166) والمشكاة (524) والحلية لأبي نعيم
(7/335) .
(2) قوله: " سعيد " وردت " بالأصل " " عيسى "، والصحيح ما أثبتناه.

(1/606)


وحبيب بن الشهيد، وهشام بن حسان، وعوف الأعرابي، وأشعث بن عبد
الملك، وأبو حرّة عنه عن عمرو عن المغيرة، واختلف عن يونس بن/عبيد،
فرواه هشيم عن يونس عن عمرو عن المغيرة، وتابعه الفرياني عن الثوري فقال:
عن يونس بن سيرين عن المغيرة أسقط عمرا، ورواه حماد بن زيد عن أيوب
عن بن سيرين عن المغيرة عن عمرو بن وهب، وتابعه جرير بن حازم في ذكره
رجلا بين ابن سيرين وبين عمرو بن وهب إلا أنه لم يُكنِّه.
وقال يزيد القشيري عن ابن سيرين عن بعض أصحابه عن المغيرة: وقال
حسام بن الفضل، وأبو سهل محمد بن عمرو الأنصاري، وعبد الأعلى بن أبيِ
المنادي عن ابن سيرين عن المغيرة: لم يذكر بينهما عمرا، فالقول قول أيوب
وقتادة، ومن تابعهما، وأبي ذلك عليه أبو زرعة بقوله: ورواه بعض أصحاب
ابن عون عن محمد عن عمرو بن وهب عن رجل عن آخر عن المغيرة عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلت لأبي زرعة: أيهما الصحيح؟ قال: عمرو عن رجل عن آخر
عن المغيرة. ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل، ورواه أبو وائل عن المغيرة.
قاله أبو الحسن يرويه عاصم بن أبي الجود، وحماد بن أبي سليمان عنه عن
المغيرة ووهما فيه على أبي وائل عن حذيفة وهو الصواب، وسئل عن حديث
أبي وائل عن المغيرة: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على النعلين " (1) ، فقال:
يرويه عبد الرزاق عن الثوري عن منصور، وحصين بن أبي وائل عن المغيرة،
وخالفه هشيم في إسناده ومتنه، فرواه عن حصين عن سالم بن أبي الجعد،
وأبي سفيان عن المغيرة، وقال فيه: " ومسح على خفيه " ولم يذكر: النعلين،
وخالفه زائدة بن قدامة، فرواه عن حصين عن سعد بن عبيدة عن المغيرة،
ورواه عبثر القاسم، وزفر، وخالد الواسطي وسليمان بن كثير عن حصين عن
الشعبي وسعد بن عبيدة عن المغيرة، ورواه الأسود بن يزيد عن المغيرة، قال
__________
(1) صحيح. رواه الترمذي (ح/99) وقال: هذا حديث حسن صحيح. بلفظ: " توضْأ
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومسح على الجوربين والنعلين ". وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه أبو داود
(1/61- 62) والنسائي في رواية ابن الأحمر، وابن ماجة (1/102) كلهم من طريق وكيع
عن الثوري. ورواه البيهقي (1/383- 284) بإسنادين من طريق أبي عاصم عن الثوري.
ونسبه الزيلعي في نصب الراية (1/96) إلى صحيح ابن حبان.

(1/607)


الطبراني في الأوسط: / لم يروه عن حماد عن الأسود إلا عبد الله بن محيرز،
ورواه عبد الله بن بريدة عن المغيرة: أنه توضأ ومسح على الخفين وصلى بنا
فأقامني عن يمينه ". قال أبو القاسم في الأوسط (1) أيضا: لم يقل أحد ممن
روى هذا الحديث عن المغيرة: " وصلى بنا فأقامني عن يمينه " إلا ابن بريدة.
تفرد به عنه عبد المؤمن بن خالد، ورواه أبو السائب مولى هشام بن زهرة عن
المغيرة بزيادة: " وفي الإداوة ماء عذب ". قاله القشيري، حدّثنا عمران بن
موسى الليثي ثنا محمد بن سيرين ثنا سعيد بن أبي عروبة عن نافع عن ابن
عمر: " أنه رأي سعد بن مالك وهو يمسح على الخفين فقال: إنكم تغفلون
ذلك، فاجتمعنا عند عمر فقال سعد لعمر: افت عن المسح على الخفين، فقال
عمر: كنّا ونحن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نمسح خفافنا لا نرى بذلك بأسا، فقال
ابن عمر: وإن جاء من الغائط؟ قال: نعم ". هذا حديث رواه (2) البخاري
من حديث أبي سلمة عن عبد الله بن عمر عن سعد بن أبي وقاص عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنه مسح على الخفين وأن عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك،
فقال: نعم، فقال: إذا حدثك سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا تسأل عنه غيره ".
قال البخاري: وقال موسى بن عقبة: أخبرني أبو النضر أنّ أبا سلمة أخبره
أن سعدا قال عمر لعبد الله: نحوه، وأشار البخاري إلى رواية أبي سلمة عن
سعد، وقال الترمذي في العلل: قال محمد: حديث أبي سلمة عن ابن عمر
في المسح صحيح، وحديث محمد بن سعد في المسح أرجو أن يكون
صحيحا، ورواه الإسماعيلي في مستخرجه من حديث الفضيل بن سليمان عن
__________
(1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/95) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
ورجاله ثقات.
(2) صحيح. رواه البخاري في: 4- كتاب الوضوء، 48- باب المسح على الخفين، (ح/
202) . وفتح الباري: (1/365) . ورواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 84- باب
ما جاء في المسح على الخفين، (ح/546) .
في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات، وهو في صحيح البخاري بغير هذا السياق، إلا أن
سعيد بن أبي عروبة كان يدلس. ورواه بالعنعنة، وأيضا قد اختلط بآخرة.

(1/608)


موسى بن عقبة أخبرني أبو النضر أن أبا سلمة أخبره أن سعدا حدثه: " أن
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين ".
وعنده أيضا من رواية عبد العزيز أنّ المختار عن ابن عقبة قال: حدثني أبو
النضر عن أبي سلمة عن سعد/حدثنا يرفعه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الوضوء على
الخفين: " أنه لا بأس بالوضوء على الخفين " (1) . قال: وحديث أبو سلمة أن
عبد الله بن عمر حدثه سعد أن عمر قال لعبد الله: " كان يلزمه إذا حدثك
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وراء حديثه شيئا ".
وفي تاريخ ابن أبي خيثمة من حديث عاصم عن سالم عن ابن عمر قال:
" رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفين بالماء في السفر ". وفي كتاب الإِمارات
لأبي بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري ثنا أحمد بن شيبان ثنا
سفيان عن عبد الله بن دينار سمعت ابن عمر سألت عمر بن الخطاب: أيتوضأ
أحدنا ورجلاه في الخفين؟ قال: نعم إذا أدخلهما وهما طاهرتان " (2) . وفي
حديث سالم عن ابن عمر أن سعدا سأل عمر عن المسح، فقال عمر:
" سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر بالمسح على ظهر الخف للمسافر ثلاثة أيام
والمقيم يوم وليلة " (3) . وفي مسند مسدد ثنا خالد بن عبد الله ثنا يزيد بن أبي
زياد عن عاصم بن عبيد الله عن أبيه أو عمه عن عمر: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بعد الحدث توضأ ومسح على الخفين " (4) . زاد النيسابوري من حديث الزهري
عن حميد عن ابن عمر قال: " قدمت الكوفة فرأيت سعدا يتوضأ على الخفين
__________
(1) صحيح. رواه ابن عساكر: (6/115) .
(2) صحيح. رواه الشافعي في " المسند " (ح/17) والحميدي في " المسند " (ح/758) والفتح
(1/309) .
(3) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 71- باب المسح على الخفين للمسافر
والمقيم، (ح/75) من حديث خزيمة بن ثابت مرفوعا، ولفظه: " أنه سُئل عن المسح على
الخفين؟ فقال: للمسافر ثلاثة، وللمقيم يوم ". وفي بعض النسخ: " وللمسافر ثلاثة أيام،
وللمقيم يوما وليلة ". والحديث حسن صحيح.
(4) راجع، مجمع الزوائد: (1/255، 257) .

(1/609)


فنهيته عن ذلك، فقال: إذا رجعت إلى أمير المؤمنين فسله عن ذلك، فسألته
عن ذلك حين قدم سعد حاجا، فقال عمر: نعم وإن جئت من الغائط " (1) .
ولفظ شيبان عن يحيى عن أبي سلمة: " إذا توضأ أحدكم ثم يخفف
فليمسح على الخفين، وإن جاء من الغائط "، ولفظ النعمان بن سالم: " أصاب
سعد "، وفي حديث أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن عمر قال لأبيه:
فإنه- يعني سعدا- قد أصاب وأخطأت، وإن زعم أنفك من لبس خفيه
ورجلاه طاهرتان فله يوم إلى الليل حتى ينزعهما على فراشه، وللمسافر/ثلاثة
أيام. وفي لفظ: فقال عمر: " عمك أعلم بالسنة منك "، وفي لفظ: " سعد
يأبي أنفه عنك ". وقال أبو الحسن الدارقطني: وسئل عنه فقال: هو حديث
رواه أبو النضر عن أبي سلمة، واختلف عنه، فرواه أبو أيوب الأفريقي وابن
علاء عن أبي النّضر عن أبي سلمة عن ابن عمرو أسنداه عن عمر وسعد عن
النبي، ورواه عمرو بن الحرث عن أبي النضر عن أبي سلمة عن ابن عمر عن
سعد وحده أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنّ ابن عمر سأل إياه فقال: " إذا حدثك سعد
فلا تسل عنه غيره ". ورواه موسى بن عقبة، واختلف عنه فقال: عبد
العزيز بن المختار، وعبد العزيز بن أبي حازم عن موسى بن عقبة عن أبي النّضر
عن أبي سلمة عن سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واختلف على ابن أبي حازم فقال:
سهل بن صغير عنه عن موسى عن أبي النضر عن أبي سلمة عن ابن عمر عن
سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكذا قال ابن لهيعة عن أبي النضر، وقال وهيب:
__________
(1) راجع، سنن ابن ماجة: (ح/ 546) بلفظ: " عن ابن عمر، أنه رأى سعد بن مالك
وهو يمسح على الخفين، فقال: إنكم لتفعلون ذلك؟ فاجتمعنا عند عمر. فقال سعد لعمر:
افت ابن أخي في المسح على الخفين. فقال عمر: كُما ونحن مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نمسح على
خفافنا، لا نرى بذلك بأسا، فقال ابن عمر: وإن جاء من الغائط؟ قال: نعم ".
في الزوائد: إسناده صحيح ورجاله ثقات. وهو في صحيح البخاري بغير هذا السياق. إلا أن
سعيد بن أبي عروبة كان يدلس. ورواه بالعنعنة، وأيضا قد اختلط بآخرة. وبلفظه: رواه
سالك في: 2- كتاب الطهارة، باب " 8 "، (ح/ 42) .
قلت: وهذا حديث صحيح، وقد صححه الشيخ الألباني.

(1/610)


وفضل بن سليمان، وإسماعيل بن جعفر والدراوردي عن موسى بن عقبة عن
أبي النصر عن أبي سلمة عن سعد ولم يذكروا ابن عمر، وقال الحماني: عن
الدراوردي عن موسى بن عقبة عن أبي النضر عن أبي سلمة عن بسر بن
سعيد عن سعد، ووهم في ذكر بسر، وقال كريم بن موسى: فضل بن
سليمان عن موسى بن عقبة عن أبي النّضر عن عامر بن سعد، والصواب من
ذلك قول عمرو بن الحرث، ومن تابعه عن أبي النّضر، قال: ورواه عن ابن
عمر جماعة فرفعه بعضهم ووقفه آخرون، فرواه نافع عن ابن عمر فممن رفعه
عنه أيوب من رواية ابن أبي عروبة ومعمر وعبد الله بن الزبير الباهلي، ووثقه
غيرهم عن أيوب، ورواه شريك عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدّث به عبد العزيز بن أبان عن/شريك ولم يأت به غيره،
وأسنده أيضا عكرمة عن عمار عن نافع من رواية عنبسة بن عبد الواحد،
وخالفه النّضر بن محمد، فرواه عن عكرمة بن عمار ولم يصرّح برفعه، وقال
فيه: فإنه من السنة، ورواه عبد الله بن عمر العمري وأيوب عن نافع عن ابن
عمر موقوفا، وتابعهم محمد بن أبي حميد المدني عن نافع فرفعه أيضا إلى
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ورواه أبو بكر بن أبي الجهم عن ابن عمر عن عمر عن النبي-
عليه السلام- حدّث به أبو حنيفة عنه وأبو بكر النخشلي، ورواه سالم بن
عبد الله عن أبيه عن عمر موقوفا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حدّث به عنه كذلك
عاصم بن عبد الله بن عمر. قال ذلك الحسن بن صالح عن عاصم، وخالفه
يزيد بن أبي زياد واختلف عن يزيد فقال: خالد بن عبد الله الواسطي عنه
عن عاصم بن عبد الله عن أبيه عن جدّه عن عمر قال ابن فضيل: عن
يزيد بن أبي زياد عن عاصم عن أبيه عن جدّه عمر، وقال شريك: عن
عاصم عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه، أو عن عمر، واختلف عن
شريك فقال عنه أبو داود الطيالسي قولا أخر عن عاصم عن أبيه عن عمر،
والاضطراب في هذا من عاصم؛ لأنه كان سيء الحفظ، ورواه أشرس بن
عبيد عن سالم عن أبيه عن عمر موقوفا غير مرفوع، ورواه خالد بن أبي بكر بن
عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن سالم عن أبيه عن عمر، وأعرف فيه بألفاظ

(1/611)


لم يأت بها غيره ذكر فيه المسح، وقال فيه: على ظهر الخف، وذكر فيه الوقت
ثلاثا للمسافر، يوما وليلة للمقيم. وخالد بن أبي بكر العمري هذا ليس بقوي،
قاله زيد بن الحباب عنه، وفي علل الخلال علي بن حجير وأحمد بن حنبل
عن المسح على أعلى الخف وأسفله، فقال:- يعني: نوح بن حبيب- لأحمد:
يأخذ بحديث عمر قال أبي: حديث هو قلت: حدثنا زيد بن الحباب عن
خالد بن أبي بكير وذكرت هذا الحديث فضحك- يعني: أبا عبد الله- ثم
قال: أعد. فأعدت، فقال: أعد، وقال: لم أسمع منه هذا الحديث.
وقال زياد بن أيوب: سألت أحمد عن المسح على الخفين،/فقال: إّنما هو
أعلاه وأكثر الأحاديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه مسح أعلاه وأسفله، وليس ذلك
ثابت عنه، قال الدارقطني: ولفظه في الإفراد: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لا
أحصيه يمسح على الخفين، وذكر شراك النعل " (1) .
وقال: تفرد به معاوية بن عطاء عن الثوري عن منصور عن إبراهيم عنه،
يعني: عن ابن عمر غيره، ورواه حصين بن عبد الرحمن عن محارب بن دثار
عن ابن عمر عن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاله سويد بن عبد العزيز عن حصين
وخالفه هشيم، فرواه عن حصين موقوفا، ورواه أبو سلمة عن عبد الرحمن عن
ابن عمر، واختلف عنه خرجاه أبو النضر سالم عن أبي سلمة عن ابن عمر عن
عمر، وسعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال ذلك أبو أيوب الإفريقي، وابن لهيعة عن أبي
النّضر، واختلف عنه فقال: عبد العزيز بن المختار عن موسى عن أبي النّضر عن
أبي سلمة عن سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعن ابن عمر موقوفا، وقال وهب: عن
موسى عن أبي النّضر عن أبي سلمة عن ابن عمر قال: قال عمر: " إذا
حدثك سعد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلا تشكّ فيه ". وقال له الفضيل بن سليمان:
__________
(1) أورده العقيلي في الضعفاء الكبير: (4/185) . في ترجمة معاوية بن عطاء البصري. قال
العقيلي: كان يرى القدر. عن الثوري وغيره في حديثه مناكير وما لا يُتابع على أكثره. وقال
بعد رواية هذا الحديث: " وهذه كلها بواطيل لا أصول لها ".

(1/612)


عن موسى (1) عن أبي النّضر عن أبي سلمة قال: حدث سعد ولم يذكر فيه
ابن عمر، وقال عمرو بن الحرث، وابن لهيعة: عن أبي النّضر عن أبي سلمة
عن ابن عمر عن سعد، وقيل: عن ابن لهيعة عن أبي النّضر عن بسر بن
سعيد، وقال أبو إسحاق السبيعي: عن أبي سلمة عن ابن عمر عن عمر،
وسعد موقوفا عليها غير مرفوع. قال ذلك يونس بن أبي إسحاق وأبو
الأحوص، وقال شعبة: عن أبي إسحاق عن أبي سلمة عن ابن عمر قوله لم
يجاوز به ابن عمر، ورواه الزهري عن حميد بن عبد الرحمن وسالم بن عبد
الله عن ابن عمر وسعد وقولهما غير مرفوع، ورواه عبد الله بن دينار
وأصحاب نافع عمن تقدّم ذكره، والحكم بن الأعرج، وأبو حازم الأشجعي عن
الشعبي، وخيثمة بن عبد الرحمن، والنعمان بن سالم، وميمون بن مهران عن
ابن عمر عن عمر، وسعد وقولهما غير مرفوع، والله تعالى أعلم.
حدثنا أبو مصعب المدني ثنا عبد المهيمن بن إلياس بن سهل الساعدي عن
أبيه عن جدّه: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين. وأمرنا بالمسح على
الخفين ". هذا حديث إسناده ضعيف بعبد المهيمن المذكور، قيل: وقد يقع لنا
هذا الحديث من طريق صحيحة ذكرها الحافظ أبو علي بن السكن فقال:
حدثنا أبو عبد الله القاسم بن إسماعيل، ويحيى بن محمد بن صاعد،
ومحمد بن محمد بن بدر، والحسن بن محمد قالوا: ثنا يعقوب بن إبراهيم
الدورقي ثنا عبد العزيز بن أبي حاتم عن أبيه قال: رأيت سهل بن سعد يبول
بول الشيخ الكبير، فكاد أن يسبقه، وإنّما توضأ ومسح على خفيه فقلت: ألا
تنزع هذا؟! فقال: لا، رأيت خيرا مني ومنك يفعل هذا، رأيت رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعله. ومن طريق أخرى جيّدة ذكرها القاضي أبو الطاهر الذهلي في
التاسع عشر من حديثه فقال: حدثنا موسى بن هارون عن قتيبة عن شعبة عن
يعقوب عن أبي حازم أنه رأى سهل بن سعد ... فذكر الحديث، وطريق أخرى
ذكرها أبو جعفر البغوي في مسنده عن حسين بن محمد عن أبي غسان عن
__________
(1) قوله: " موسى " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه من " الثانية ".

(1/613)


أبي حازم أنه نظر إلى سهل بن سعد يبول قائما فمسح على خفيه ... الحديث،
ورواه أيضاً الطبراني من حديث عبد الله بن عمر بن أبان ويحيى الحماني ثنا
عبد العزيز بن أبي حازم سمعت أبي يقول: رأيت سهلا يذكره رواه عن
الفضيل بن أبي روح عن ابن أبان وعن أبي جعفر القاضي عن الحماني، ورواه
أبو بكر النيسابوري في كتاب الإمارات عن أحمد بن منصور ثنا ابن أبي/
مريم وابن الصباح قالا: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن حدّثني أبو حازم قال:
رأيت سهل بن سعد يبول قائما وقد كان كبير حتى لا يكاد قال: يبعد منه،
قال: ثم دعا بماء فتوضأ ومسح على خفيه. قال: قلت: ألا تنزع خفيك؟! قال:
قد رأيت من هو خير منك يصنع ذلك. واللفظ لابن مريم، وثنا أحمد ثنا
سعيد بن سليمان ثنا عبد الحميد بن سليمان سمعت أبا حازم به ولفظه: " من
هو خير مني ومنك يصنع.
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا عمر بن عبيد الطنافسي ثنا عمر بن
المثني عن عطاء الخراساني عن أنس بن مالك قال: " كنت مع رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر فقال: هل من ماء فتوضأ ومسح على خفيه ثم لحق بالجيش
فأمهم " (1) . هذا حديث في إسناده ثلاث علل: الأولى: ضعف رواية أبي
أيوب، وقال أبو عثمان: ويقال أبو محمد، ويقال: أبو صالح، ويقال: أبو سعيد
عطاء بن أبي مسلم عبد الله، ويقال: ميسرة الخراساني الأمردي البلخي الشامي
المهلبي لنسيه لولا أن أبي سفره وهو وإن كان مسلم قد روي حديثه، ووثقه
ابن معين، وأبو حاتم الرازي، والدارقطني فقد كذبه سعيد بن المسيب، وقال
ابن حبان: كان سيء الحفظ، يخطيء، ولا يعلم، فبطل الاحتجاج به، وذكره
الباجي والفضيل في كتاب الضعفاء. الثانية: الانقطاع ما بين عطاء وأنس بن
مالك. قاله أبو زرعة الرازي فيما ذكره ابن أبي حاتم في كتاب المراسيل، وقيل
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/548) . في الزوائد: هذا إسناد ضعيف منقطع. قال أبو
زرعة: عطاء الخراساني لم يسمع من أنس. وقال العقيلي: عمر بن المثنى حديثه غير محفوظ.
وأحمد (4/246، 5/302) ومشكل (3/179) والكنز (17617) .
وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/119) .

(1/614)


لابن معين،: لقى عطاء أحدا من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لا أعلمه. الثالثة:
الجهالة بحال عمر فإني لم أر أحداً ذكرها، والله أعلم.
وقد وقع لنا هذا الحديث إسناد صحيح لا يطعن في أحد من رجاله ذكره
أبو عبد الرحمن النسائي، فقال: أنبأ قتيبة أبنا أبو عوانة عن أبي يعفور زياد بن
عبد الله أنبأ أنس بن مالك قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على
الخفين " (1) . ثنا محمد بن إسحاق ثنا نعيم بن الجهم ثنا أبو عوانة عن أبي
يعفور فذكر مرفوعا قال: سألت أنسأ عن المسح على الخفين فقال: " كان
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح عليهما "، ورواه أبو القاسم في الأوسط بإسناد لا بأس
به، ولما ذكره البزار قال: لا يعلم روي أبو يعفور عن أنس غير هذا الحديث،
وأما قول البخاري: وسأله عنه الترمذي. أخطأ فيه قتيبة والصحيح عن أنس
موقوفا فيه وجدنا لقتيبة تابعا، ولحديثه شاهدا، وهو ما ذكره بحشل في
تاريخه: ثنا على بن يونس ثنا عبد الحميد بن أبي داود ثنا سفيان الزيات عن
الأعمش عن أنس: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الخفين ".
عن أبي زرعة ثنا علي بن عباس ثنا علي بن الفضل بن عبد العزيز ثنا
سليمان اليمني عن أنس: " وضأت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل موته بشهر فمسح على
الخفين والعمامة "، وقال: لم يروه عن سليمان إلا علي، رواه النيسابوري في
كتاب الأبواب عن محمد بن أحمد بن الجنيد ثنا العلاء بن عبد الجبار ثنا
وهيب ثنا يحيى به، وثنا أحمد بن منصور، وثنا سليمان بن عبد الرحمن
الدمشقي ثنا مروان بن معاوية، ورواه الساجي في فوائده، ويخرج أبو النّضر
الوائلي من طريق العباس بن محمد بن العباس النصري ثنا أحمد بن صالح ثنا
يحيى بن محمد ثنا إسماعيل بن ثابت بن مجمع عن يحيى بن سعيد عن
أنس: أنه مسح على الخفين، وذكر أنس أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين،
قال الوائلي: وهذا غريب جدا من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن أنس
لم يسده عنه فما قيل غير إسماعيل هذا أو أبي ذلك الحافظ أبو بكر البزار؛
فإنّه لما رواه عن أحمد بن الوليد البزار أنبأ يحيى بن محمد الجاري ثنا
__________
(1) تقدّم من أحاديث الباب ص 609.

(1/615)


يعقوب بن إسماعيل عن يحيى بن سعيد عن أنس قال: وهذا الحديث لا نعلم
رواه غير يحيى بن سعيد عن أنس إلا يعقوب، ورواه الدراوردي عن يحيى بن
سعيد/عن سعيد بن رقيش عن أنس، والله أعلم. ورواه أبو القاسم عبد الله
محمد بن يحيى بن أبي عمر العدي في مسنده عن مروان بن معاوية الفزاري
ثنا زياد بن عبيدة ثنا أنس بن مالك قال: " كنت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أسير في
غلس، فقال لي: هل في إداوتك من ماء؟ فقلت: نعم. قال: فتنحّى عن
الطريق، ثم توضأ ومسح على خفيه، فلما أراد أن يمسح عليهما طأطأت رأسي
لأنظر فقال: هو ما رأيت، ومسح على خفّيه " (1) .
وقال الميموني: قلت لأبي عبد الله- يعني: أحمد بن حنبل- حدثوني عن
الحسن بن الربيع عن أبي شهاب الحافظ عن عاصم الأحول عن أنس قال:
" مسح رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الخفين "، فقال: ليس بصحيح إنّما هو عن أنس
أنّه كان يمسح وكان يقول: ثنا أصحابنا، وقال: هو عن عاصم عن أنس موقوفا
قلت: يخاف أن يكون من الحسن بن الربيع قال: نعم. قلت: ابن شهاب.
قال: ثبت وليس هذا من ابن شهاب. قلت لأحمد: ثنا شاذان ثنا زهير أبو
خيثمة عن وهب بن عقبة عن محمد بن سعيد الأنصاري عن شعبة: " أنّ
أنسا أتى المهراس فبال قائما، ثم توضأ ومسح على خفيه، ثم توجه إلى الصلاة
أو أتى المسجد فقلت: فعلت شيئا منكر. فقال: خدمت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
تسع سنين يفعل ذلك " (2) . فقال أحمد: ليس بصحيح، وهذا كذب وسألته
عن وهب بن عقبة فقال: ليس به بأس، وسألته عن محمد بن سعيد الأنصاري
فقال: لا يعرف. وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه الحسن بن
الربيع عن ابن شهاب عن عاصم عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسح فقال:
هذا خطأ؛ إنّما هو عاصم عن رشدين يحتج قال: رأيت الماسح على الخفين
__________
(1) رواه ابن ماجة مختصرا، وتقدّم من أحاديث الباب.
(2) انظر الكامل: 6/2142. في " الموطأ " (ص 37، ح/44 من كتاب الطهارة) وجدته
بلفظ: " رأيت أنس بن مالك أتى قباء فبال، ثم أتى بوضوء فتوضأ، فغسل وجهه ويديه إلى
المرفقين، ومسح برأسه، ومسح على الخفين، ثم جاء المسجد فصلْى ".

(1/616)


فعله. انتهي. ورواه مالك في موطئه (1) عن سعيد بن عبد الرحمن بن رقيش
قال: " رأيت أنسا فذكره من فعله عن أنس أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: المسح على
الخفين للمسافر ثلاث وللمقيم يوم وليلة ". أنبأ بذلك الإمام/المسند المعمر أبو
الحسن علي بن إسماعيل بن إبراهيم قراءة عليه وأنا أسمع أنبأ الإمام الحافظ أبو
الحسين يحيى بن عبد الله القرشي أنبأ أبو الطاهر إسماعيل بن صالح بن ياسين
الشعبي قراءة عليه أبنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي الفارسي أبنا أبو
أحمد عبد الله بن الناصح ثنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد العافر المروزي
ثنا الهيثم بن خارجة ثنا سعيد بن ميسرة، فذكره، ورواه حميد عن أنس من
جهة عنبس بن ميمون، قال: الخيري غيره أوثق منه وحديثه هذا منكر.
حدّثنا علي بن محمد ثنا وكيع ثنا دلهم بن صالح الكندي عن حجير بن
عبد الله الكندي عن ابن بريدة عن أبيه: " أنّ النجاشي أهدى للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خفين ساذجين أسودين، فلبسهما ثم مسح عليهما ". هذا حديث خرجه ابن
ماجة (2) أيضاً في كتاب اللباس، وقد سبق ذكرنا له، وعند مسلم (3) في باب
الصلاة بوضوء واحد من حديث سفيان عن علقمة عن سليمان، عن أبيه وأنّ
ابن مندة قال: هذا إسناد صحيح على رسم الجماعة إلا البخاري لسليمان،
انتهى كلامه. وفيه نظر؛ من حيث أنّ ابن بريدة هذا قيل أنّه عبد الله لما رواه
__________
(1) رواه مالك في: 2- كتاب الطهارة، 8- باب ما جاء في المسح على الخفين، (ح/
44) ولفظه: وحدثني عن مالك، عن سعيد بن عبد الرحمن بن رُقيش؛ أنه قال: رأيت
أنس بن مالك أتى قبا فبال، ثم أتى بوضوء فتوضأ، فغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ومسح
برأسه، ومسح على الخفين، ثم جاء المسجد فصلى.
(2) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 84- باب ما جاء في المسح على
الخفين، (ح/549) . وصححه الشيخ الألباني.
قوله: " ساذجين " في المعرب. والساذج فارسي معرب. وفي حاشية؛ في القاموس " الساذج معرب سادة "
وفي اللسان: حجة ساذِجة وساذجة، غير بالغة. قال ابن سيده: أراها غير عربية؛ إنّما يستعملها أهل الكلام
فيما ليس ببرهان قاطع. وقد يستعمل في غير الكلام والبرهان. وعسى أن يكون أصلها (سادة) فعربت
كما اعتيد مثل هذا في نظيره من الكلام المعرب.
(3) صحيح. رواه مسلم في: 2- كتاب الطهارة، 25- باب جواز الصلوات كلّها بوضوء
واحد، (ح/86) .

(1/617)


أبو داود (1) من حديث مسدد وأحمد بن أبي شعيب ثنا وكيع ثنا دلهم به
قال: هذا مما تفرد أهل البصرة إسناده، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن إنّما
نعرفه من حديث دلهم، ورواه محمد بن ربيعة عن دلهم، وخرّجه الإمام
أحمد بن حنبل في مسنده من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه، وخالف
ذلك حين سأله الميموني عنه فقال: هذا حديث منكر، قال ابن عبد الله: لا
أعرفه في غير هذا ودلهم بن صالح كوفي منكر الحديث، وقال: يقول في
حديث ابن بريدة حجر، ثم قال: حجير، وقال أبو الحسن الدارقطني حين
ذكره في باب عبد الله: تفرد به حجير بن عبد الله عن ابن بريدة ولم يروه
عنهم غير دلهم، وفي بابه خرجه أبو القاسم بن عساكر،/وذكر الحافظ أبو
بكر البيهقي له شاهدا من حديث المغيرة بن شعبة: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ
ومسح على خفيه، فقال له رجل: يا مغيرة ومن أين كان للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خفان؟
فقال المغيرة: أهداها له النجاشي ". وفي علل الدارقطني دحية بن خليفة
وسيأتي الكلام عليه معولا في كتاب اللباس، إن شاء الله تعالى. وقول أبي
عيسى: ورواه محمد بن ربيعة عن دلهم- يعني: بذلك ما أنبا به الإمام
المسند أحمد بن منصور بن إبراهيم- أبنا العلامة أبو العباس بن شيبان الشيباني
وغيره أبنا المعمر عمر بن معمر أبنا أبو الحسن محمد بن محمد بن أحمد
الصائغ أبنا أبو القاسم عبد الله بن الحسن الخلال قال: قرئ على أبي القاسم
عبد الله بن أحمد بن علي بن الحسن الصيدلاني أخبركم أبو بكر عبد الله بن
محمد بن زياد النيسابوري- رحمه الله تعالى- ثنا علي بن إسكاب ثنا
محمد بن ربيعة ثنا دلهم بن صالح عن حجير، فذكره بزيادة ومسح عليها
وصلى قال النيسابوري: وثنا محمد بن علي الوراق ثنا عبيد الله بن موسى ثنا
دلهم بن صالح به.
(1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 65- باب الرجل يصلى الصلوات
بوضوء واحد، (ح/172) .

(1/618)


54- باب في مسح أعلى الخف وأسفله
حدثنا هشام بن عمار ثنا الوليد بن مسلم ثنا ثور بن يزيد عن رجاء بن
حيوة عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة: " أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح أعلى
الخف وأسفله " (1) . هذا حديث قال أبو داود في تخريجه: وبلغني أنّ ثوراً لم
يسمع هذا الحديث من رجاء، وقال أبو عيسى في كتاب العلل: وسألت
محمدا عن هذا الحديث فقال: لا يصح هذا روي عن ابن المبارك عن ثور بن
(1) رواه الترمذي (ح/97) وقال الترمذي: وسألت أبا زرعة ومحمد بن إسماعيل عن هذا
الحديث؟ فقالا: ليس بصحيح؛ لأن ابن المبارك روى هذا الحديث عن ثور عن رجاء بن حيوة
قال: حُدثت عن كاتب المغيرة: مُرسل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولم يذكر فيه المغيرة.
ورواه الشافعي في مختصر المزني (1/50) عن ابن أبي يحيى عن ثور بن يزيد، ورواه أبو داود
(ح/165) وابن ماجة (ح/550) وفي الزوائد: الوليد مدلس، وثور ما سمع من رجاء بن
حيوة. وكاتب المغيرة أرسله، وهو مجهول. أجيب عنه بأن الوليد قال: حدثنا ثور، فلا
تدليس. وسماع ثور قد أثبته البيهقي، وصرح بان ثورا قال: حدثنا يرجاء، وكاتب المغيرة وذكر
المغيرة، فلا إرسال، وكاتب المغيرة اسمه وراد، كما صرح به ابن ماجة، وكنيته أبو سعد.
روى عنه الشعبي وغيره. ورواه ابن الجارود (ص 48) والدارقطني (ص 71) والبيهقي (1/
290) كلهم من طريق الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد، وقال أبو داود: " بلغني أنه لم يسمع
ثور هذا الحديث من رجاء ". وقال الدارقطني: " رواه ابن المبارك عن ثور قال: حدثت عن
ثور عن كاتب المغيرة ". وكذلك نقل البيهقي عن الدارقطني. وقال ابن حجر في التلخيص
(ص 58) : " قال الأثرم عن أحمد: إنّه كان يضعفه ويقول: ذكرته لعبد الرحمن بن مهدي
فقال عن ابن المبارك عن ثور: حدثت عن رجاء عن كاتب المغيرة، ولم يذكر المغيرة. قال
أحمد: وقد كان نعيم بن حماد حدثني به عن ابن المبارك كما حدثني الوليد بن مسلم به عن ثور، فقلت له: إنما يقول هذا الوليد، فأما ابن المبارك فيقول: حدثت عن رجاء، ولا يذكر
المغيرة؟ فقال لي نعيم: هذا حديثي الذي أسأل عنه، فأخرج إلي كتابه القديم بخط عتيق فإذا
فيه ملحق بين السطرين بخط ليس بالقديم عن المغيرة، فأوقفْته عليه وأخبرته أن هذه زيادة في
الإِسناد لا أصل لها، فجعل يقول للناس بعد، وأنا أسمع: اضربوا على هذا الحديث ".
فكلام أحمد وأبي داود والدارقطني يدل على أن العلة أن ثورا لم يسمعه من رجاء، وهو ينافي
ما نقله الترمذي هنا عن البخاري وأبا زرعة: أن العلة أن رجاء لم يسمعه من كاتب المغيرة.
قلت: وقد ضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/120) ، وضعيف أبي داود
(ح/22) .

(1/619)


يزيد قال: ثنا عن رجاء بن حيوة كاتب المغيرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا وضعّف
هذا، وسألت أبا زرعة فقال: نحوا مما قال محمد، وقال في الجامع: هذا
حديث معلول لم يسنده عن ثور غير الوليد بن مسلم وكذلك ذكره الإمام
أحمد/فيما حكاه عنه إلا يزيد. قال: وسمعت أبا عبد الله يضعف وذكر أنّه
ذكره لابن مهدي بذكره كذلك مسندا من وجهين حديث عن رجاء وأرسله
فلم يسنده، قال: وقد كان نعيم بن حماد حدثني هذا عن ابن المبارك حدّث
به الوليد، فقال: عن ثور عن رجاء عن كاتب المغيرة عنه. فقلت له: إنّما يقول
الوليد هذا: أنا ابن المبارك. فيقول: حدثت عن رجاء ولا يذكر المغيرة. فقال:
هذا حدّثني الذي أنقل عنه، وأخرج إلي كتابه القديم بخط عتيق، وإذا فيه
ملحق بين السطرين بخط ليس بالقديم عن المغيرة فوثّقه عليه، وأخبرنه بأنّ هذه
زيادة في الإسناد لا أصل لها، فجعل يقول للناس بعد: اضربوا على هذا
الحديث وقال أبو الحسن: وحديث رجاء الذي ذكر فيه أعلى الخف وأسفله لا
يثبت؛ لأنّ ابن المبارك رواه عن ثور مرسلا، وضعّف الإمام الشّافعي هذا
الحديث فيما حكاه في المعرفة يكون رجاء لم يسم كاتب المغيرة، قال
البيهقي: وفيه نوع آخر من التضعيف وهو أنّ الحفاظ يقولون: لم يسمع ثور
هذا من رجاء، وفي رواية محمد بن العباس النسائي عنه لم يلق رجاء ورادا،
وقال أبو علي الطوسي في الأحكام: يقال: هذا حديث لا يصح، وقال
البخاري في الأوسط: وزاد كاتب المغيرة يقال: مولاه ثنا إبراهيم بن موسى عن
الوليد عن ثور عن رجاء عن كاتب المغيرة عن المغيرة، وقال أحمد بن حنبل
أنبأ ابن مهدي ثنا ابن المبارك عن ثور حديث عن رجاء عن كاتب المغيرة-
ليس فيه المغيرة- ثنا محمد بن الصباح ثنا ابن أبي الزياد عن أبيه عن عروة بن
الزبير عن المغيرة: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على خفيه ظاهرهما " (1) ،
__________
(1) ضعيف. المنتقى (ح/ 85) . وفي سنن ابن ماجة: 1- كتاب الطهارة، 85- باب في
مسح أعلى الخف وأسفله، (ح/ 550) بلفظ:
" أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح أعلى الخف وأسفله ". من طريق الوليد بن مسلم، وفي الزوائد: الوليد مدلس، وثور ما سمع من رجاء بن حيوة، وكاتب المغيرة أرسله وهو مجهول. أجيب
عنه با الوليد قال: حدثنا ثور، فلا تدليس، وسماع ثور قد أثبته البيهقي وصرح بأن ثورا قال:
حدثنا رجاء. وكاتب المغيرة ذكر المغيرة، فلا إرسال، وكاتب المغيرة اسمه وراد، كما=
620

(1/620)


وهذا أصح، ولما ذكره أبو محمد بن حزم ضعفه، وقال: أخطأ فيه الوليد في
موضعين، ثم ذكر ما تقدّم من كلام الأئمة ثم قال: فصح أن ثورا لم يسمعه
عن رجاء وأنه مرسل لم يذكر فيه المغيرة، وقال أبو عمر بن عبد البرّ: لم
يسمع ثور هذا الحديث من رجاء،/وقد ذكر ابن الجوزي في كتاب التحقيق
أن الوليد دلّس هذا مجموع ما أعلّ به، ولقائل أن يقول الحديث الذي
ذكره الدارقطني يرد قول من قال عن ثور حديث عن رجاء؛ لكونه صرح به
وهو ثقة، بسماعه لهذا الحديث من رجاء وهو قوله: ثنا عبد الله بن محمد ثنا
داود بن رشيد عن الوليد عن ثور ثنا رجاء به، وبما عضده من قول العلماء أنه
سمع منه، وأمّا من أعله بالتدليس فقوله مردود بما رواه أبو داود في سننه: ثنا
موسى بن مروان ومحمد بن خالد الدمشقي المعنى قال: ثنا الوليد قال
محمود: أنبأ ثور بن يزيد عن رجاء به، وكذا صرّح به أيضاً الترمذي في
كتاب العلل، وأمّا من أعله بالجهالة بكاتب المغيرة واسمه فليس بشيء أيضاً؛ لما
في كتاب ابن ماجة من تصريحه باسمه، ولما أسلفناه من عند البخاري، وأيضا
وليس معروفا بكتابته غيره وهو ممن لا يسأل عن حاله، وأمّا قول الحافظ
القشيري بأنّ هذه العلّة أثارها بعض المتأخرين: فنسبه أنه لم ير كلام الشّافعي؛
لأن أبا نعيم ذكره في بابه ومن أسلفناه من المتقدمين، والله أعلم، فعلى هذا
يكون حديثا لا بأس به؛ بل لو صحح إسناده لكان بذلك جديرا على أنا قد
رأينا لنا في ذلك سلفا وقدوه، وهو أبو محمد بن الجارود يذكره له في منتقاه،
وقد ذكر الشيخ جمال الدين المزي له إسنادا آخر فقال: ورواه إسماعيل بن
إبراهيم بن مهاجر عن عبد الملك عمير عن وراد، وفي باب كيفية المسح
أحاديث فمن ذلك حديث المغيرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يمسح على ظهر
الخفين ". ذكره الترمذي (1) وحسنه، وفي حديث علي: " لو كان الدين
__________
صرح به ابن ماجة، وكنيته أبو سعيد. روى عنه الشعبي وغيره.
وضعفه الشّيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/120) ، وأبو داود (ح/22) ، والمشكاة (521) .
(1) حسن. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 73- باب ما جاء في المسح على أعلى
الخفين وظاهرهما. (ح/98) وقال: " حديث المغيرة حديث حسن ".
ويؤيد ذلك النووي في المجموع (1/157) وابن العربي في شرح الترمذي (1/146) =

(1/621)


بالرأي لكان باطن القدمين أجدر بالمسح " (1) ، وقد مسح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على ظهر
خفيه، ذكره ابن حرب محتجا به، وحديث عمر مرفوعا: " أمر بالمسح على
ظهر الخفين إذا لبسا وهما طاهرتان ". ذكره أبو بكر بن أبي شيبة في
مسنده (2) بإسناد حسن وحديث أنس: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/بال ثم جاء حتى
توضأ ومسح على خفيه ورفع يده اليمنى على خفه الأيمن، ويده اليسرى على
خفه الأيسر ثم مسح أعلاهما مسحة واحدة حتى كأني أنظر إلى أصابعه على
الخفين ". ذكره (3) البيهقي من حديث أبي أسامة عن أشعث عن الحسن عنه،
وحديث جابر: " مر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجل يتوضأ وهو يغسل خفّه، فمسحه بيده
وقال: " إنما أمرنا بهذا، ثم أراه بيده من مقدم الخفين إلى أصل الشاق وفرّج
بين أصابعه " ذكره الطبراني في الأوسط (4) من حديث بقية عن جرير بن يزيد
__________
= والمنذري فيما حكاه في عون المعبود (1/63) والمجدد ابن تيمية في المنتقى (1/232)
ومن نيل الأوطار: نقلوا عن الترمذي أنه قال: " حديث حسن ". قلت: الحديث رواه
البخاري في التاريخ الأوسط فيما نقله عن ابن حجر في التلخيص (ص 59) ورواه أبو داود (1/
63) كلاهما عن محمد بن الصباح عن عبد للرحمن بن أبي الزناد وعندهما كما عند الترمذي
هنا: " عن عروة بن الزبير ". ورواه الطيالسي (رقم 292) عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن
عروة بن المغيرة عن المغيرة بن شعبة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على ظاهر خفْيه ". ورواه البيهقي
(1/291) من طريق الطيالسي. فاختلفت الرواية على ابن أبي الزناد عن أبيه كما ترى فقال
بعضهم: " عن عروة بن الزبير ". وقال بعضهم: " عن عروة بن المغيرة " قال البيهقي بعد
ذكر رواية الطيالسي: " كذا رواه أبو داود الطيالسي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، وكذلك
رواه إسماعيل بن موسى عن أبي الزناد. ورواه سليمان بن داود الهاشمي ومحمد بن الصباح
وعلي بن حجر عن ابن أبي الزناد عن أبيه عن عروة بن الزبير بن المغيرة "؛ فان كانت الروايتان محفوظتين، وإلا كانت إحداهما وهما والأخرى صوابا، ولا ضرر في ذلك؛ لأنه تردد بين روايتين ثقتين: عروة بن الزبير وعروة بن المغيرة.
(1) حسن. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 62- باب كيف المسح، (ح/164) .
(2) صحيح. الكنز: (27587) . وعزاه إليه. وصححه.
(3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/256-257) وعزاه إلى الطبراني في
" الكبير " من حديث عوسجة وقال: وعوسجة بن مسلم لم أجد من ذكره إلا أن الذهبي قال:
عوسجة بن أقرم روى عن يحيى بن عوسجة حديثه في المسح على الخفين لم يصح. قاله
البخاري.
(4) حسن. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/256) وعزاه إلى الطبراني في=

(1/622)


الحموي عن لبيد بن المنكدر عنه وقال: لا يروي هذا عن جابر إلا بهذا
الإسناد. تفرد به بقية. انتهى، وفيه نظر؛ لما ذكره حرب في سؤالاته لأحمد
ثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق الجرزي ثنا زياد بن عبد الله عن الفضيل بن
ميسرة قال: " رأيت جابرا ... فذكره "، وحديث أبي أمامة الباهلي وعبادة بن
الصامت: " أنهما رأيا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح أسفل الخفين وأعلاهما " (1) . ذكره
ابن وهب في مسنده عن رجل عن آخر عن رجل من رعين عن أشياخ لهم
عنهما، وفي باب مسح الخفين غير ما حدث حتى قال الإمام أحمد في رواية
الميموني عنه: فيه سبعة وثلاثون حديثا، وفي رواية الحسن بن محمد عنه ليس
في ثلثين من المسح شيء فيه أربعون حديثا عن أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما رفعوا
إلى النبي وما وقفوا، وقال ابن أبي حاتم: روي المسح على الخفين أحد وأربعون
صحابيا، وفي كتاب ابن المنذر: روينا عن الحسن قال: حدثني سبعون صحابيا
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين. انتهى كلامه، وفيه نظر، وقال البزار
أربعون صحابيا من ذلك حديث عمرو بن أمية الضمري المذكور عند البخاري
من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جعفر بن عمرو عن أبيه أنه
أخبره: " أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفين ". وحديث جابر بن عبد
الله المذكور عند أبي عيسى من حديث عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي
عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: سألت جابرا عن المسح على الخفين،
فقال: السنة يا ابن أخي، وسألته عن المسح على العمامة. فقال: أمس الشعر،
وخرجه أبو القاسم في الأوسط من حديث بقية عن جرير بن زيد الكندي عنه
بلفظ: " مر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجل يتوضأ وهو يغسل خفيه، فنخسه بيده وقال:
إنما أمرنا بهذا ثم أزاله بيده من مقدم الخف إلى أصل الساق " (2) ، وقال: لا
يروى هذا الحديث إلا هذا الإِسناد عن جابر. تفرد به بقية، وقد سبق التنبيه
عليه قبل، والله تعالى أعلم. وحديث أسامة بن شريك قال: " كنا نكون مع
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سفر فنكون معه ثلاثة أيام ولياليها لا ننزع خفافنا ليس من
__________
= " الأوسط " وإسناده حسن إن شاء الله.
(1) تقدم. وراجع الترمذي (ح/97) وابن ماجة (ح/550) وكلاهما في السنن.
(2) تقدم من أحاديث الباب.

(1/623)


جنابة، ونكون معه في الحضر يوما وليلة ونمسح خفافنا " (1) . رواه القاضي أبو
الطاهر الذهلي عن محمد بن عبدوس عن ابن حميد عن الصباح بن محارب
عن عمر بن عبيد الله بن يعلى بن مرّة عن أبيه عن جده وعن زياد بن علاثة
عنه، وسيأتي أيضا في باب التوقيت. وحديث سلمان الفارسي قال: " رأيت
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الخفين والعمامة " (2) . خرجه الحافظ أبو
حاتم البستي في صحيحه عن عبد الله بن أحمد بن موسى عن زيد بن الحرث
الأهوازي ثنا عبد الله بن الزبير بن معبد ثنا أيوب السختياني عن داود بن أبي
الفرات عن محمد بن زيد عن أبي شريح عن أبي مسلم عنه، وأبنا أبو خليفة
أبنا أبو الوليد الطيالسي ثنا أبو داود بن أبي الفرات عن محمد بن زيد عن أبي
شريح عن أبي مسلم مولي زيد بن صوحان قال: " كنت مع سلمان فرأى
رجلا قد أحدث وهو يريد أن ينزع خُفيه للوضوء فقال له سلمان: " امسح
عليهما وعلى عمامتك فإني رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على خماره وعلى خفيه "،
ثم قال:/في هذا دحض لقول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عمرو الضمري،
وسأل أبو عيسى محمدا عن هذا الحديث قلت: أبو شريح ما اسمه؟ قالا: ما
أدري لا أعرف اسمه ولا أعرف اسم أبي مسلم مولى زيد بن صوحان ولا
أعرف له غير هذا الحديث. ورواه عبد السلام بن حرب عن سعيد عن قتادة
وقلت: فقال عن أبي مسلم عن أبي شريح، وبنحوه قال أبو زرعة فيما حكاه
ابن أبي حاتم عنه، ولفظه في المصنف (3) : " امسح على خفيك وعلى خمارك
وبناصيتك " وأما ما زعمه المزي من أن ابن ماجة خرج هذا الحديث في سننه
__________
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/260) مختصرا، وعزاه إلى الطبراني
في " الكبير " وفيه عمر بن عبد الله بن يعلى وهو مجمع على ضعفه.
(2) صحيح. رواه الترمذي في: أبواب الطهارة، 74- باب ما جاء في المسح على العمامة،
(ح/ 100) . من حديث المغيرة، وقال: وفي الباب عن عمر وابن أمية، وسلمان، وثوبان،
وأبي أمامة، وقال: " حديث للغيرة حديث حسن صحيح ".
(3) رواه عبد الرزاق في " مصنفه " (737) والطبراني (1/336) وأحمد (6/12، 13،
14) . بلفظ: " امسحوا على الخفين والخمار ".

(1/624)


فيشبه أن يكون وهما لم أره فيما رأيت من النسخ، والله تعالى أعلم.
وحديث عبد الله بن عمر: " أنه كان يمسح على الخفين، ويقول أن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر بذلك. رواه أبو القاسم في معجمه الأوسط (1) بإسناد صحيح عن
محمد بن عبد الرحمن بن الأردني ثنا محمد بن محمد بن إدريس الشّافعي
ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن سالم عنه وقال: لم يرو هذا الحديث
عن الزهري إلا معمر، وقال عن معمر: إلا عبد الرزاق. لفرد به محمد بن
محمد بن إدريس وقال أبو عيسى في كتاب العلل. ثنا أبو كريب ثنا محمد بن
الفضل عن الفراء بن أحنف عن عقبة بن حريث قال: سأل رجل ابن عمر عن
المسح على الخفين فقال: " أمسح، فكان ذلك نقل عن الرجل فقال: وإن بال
وإن دخلت (2) الخلاء: قال: نعم " ورفعه ابن عمر إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسألت
محمدا عن هذا الحديث فلم يعرفه، وقال الميموني: قلت:- يعني: لأبي عبد
الله حدثني عن سويد بن عبد العزيز عن حصين عن محارب بن زياد عن ابن
عمر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح فقال: ليس بصحيح أن عمر ينكر على سعد المسح
على الخفين، ولا يعرف من حديث حصين هذا من قبل سويد بن عبد العزيز
قلت: حدثوني عن الحسن بن صالح عن عاصم بن عبد الله عن سالم عن ابن
عمر أنّ النبي/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين فقال: ليس بصحيح هذا من قبل
عاصم، ورواه أبو بكر النيسابوري في كتاب الأبواب موقوفا عليه من طريق
صحيحة ثنا الجرجاني ثنا الربيع بن وهب قال: أخبرني أسامة عن نافع أنّ عبد
الله بن عمر قال: " المسح على الخفين ظاهرهما وباطنهما بمسحة واحدة ".
ثنا الجرجاني ثنا عبد الرزاق ثنا ابن جريح قال: قال لي نافع: " رأيت عبد
الله بن عمر مسح عليهما بواحدة مسحة بيده كلتيهما ببطونهما وظهورهما
__________
(1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/258) من حديث ابن عمر، وعزاه
إلى أحمد وأبي يعلي والبزار والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " ورجال للبزار وأبي يعلى
ثقات. وتمام لفظه:
" عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسح على الخفين: للمقيم يوم وليلة وللمسافر
ثلاثة أيام ولياليهن ".
(2) قوله: " دخلت " وردت " بالأصل " " حرمت " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه من
الثانية.

(1/625)


وقد أهراق قبل ذلك الماء فتوضأ "، وهو في الموطأ (1) من رواية مالك عن نافع
عنه، وحديث البراء بن عازب: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يزل يمسح قبل نزول
المائدة وبعدها حتى قبضه الله تعالى ". رواه أبو القاسم في الأوسط (2) عن
محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا سوار بن مصعب عن
مطرف بن طريف عن أبي الجهم عنه، وقال: لم يروه عن مطرف إلا سوار
ذكر أيضا حديث أبي إمامة الباهلي بنحوه، وقال: لم يروه عن سليمان بن
عامِر إلا عبيد بن معدان. تفرد به أبو جعفر العقيلي وسيأتي ذكره أيضا في
التوقيت. عن محمد بن إسحاق ثنا أبو ياسر عمار بن نصر حدثني أبو الأسود
شيخ من أهل خراسان عن عبد المؤمن- يعني: ابن خالد- عن أبي سهل-
يعني عبد الله بن بريدة- عن ابن عمر قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على
الخفين "، وحديث عبادة بن الصامت قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بال ثم توضأ
ومسح على خفيه ". رواه أبو القاسم في المعجم الكبير (3) عن محمد بن عبد
الله الحضرمي عن أحمد بن راشد عن عنبر بن القاسم عن عبيدة بن أبي عتبة
عن الحسن عنه، والحسن لم يسمع من عبادة. ذكر ذلك عبد الله بن المبارك
في تاريخه الذي قرأته على ابن أبي الفتوح المصري- رحمه الله- عن ابن
الحميري أنبأ السلفي الحافظ أنبأ الشيخ أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار/
الصوفي بقراءتي عليه ببغداد أبنا أبو يعلي أحمد بن عبد الواحد بن محمد
العدل أبنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد المقبري النقاش أبنا أبو العباس أحمد بن
الحصر المروزي ثنا أحمد بن عبدة ثنا أبو عبد الله بن وهب بن زمعة ثنا
سفيان بن عبد الله قال: قال عبد الله: وجاءني المعلم الذي كان في مسجد
البصريين الخفيف الشعر بكتاب، وإذا فيه حديث يبلغ به الحسن عن تسعة من
__________
(1) صحيح. رواه مالك في: 2- كتاب الطهارة، 8- باب ما جاء في المسح على الخفين،
(ح/ 42) .
(2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/257) وعزاه إلى الطبراني في
" الأوسط " وفيه سوار بن مصعب وهو مجمع على ضعفه.
(3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/257) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "
من رواية أبي عتبة عن الحسن، ولم أجد من ذكره.

(1/626)


الصحابة منهم: عبادة، قال عبد الله: ومتى لقي الحسن عبادة فعلمت أنّه
باطل، وذكره عبد الله بن وهب في مسنده عن رجل من أعين عن أشياخ لهم
عن أبي أمامة الباهلي وعبادة: " أنهما رأيا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح أسفل الخف
وأعلاه " (1) ، وحديث أبي أيوب خالد بن زيد الأنصاري- رضي الله عنه-
ذكره أبو بكر بن زياد النيسابوري في كتاب الأبواب، فقال: ثنا أحمد بن
منصور ثنا محمد بن عبيد ثنا الأعمش عن علي بن مدرك عن المسيب بن
رافع قال: " رأيت أبا أيوب ينزع خفيه فنظروا إليه فقال: أمّا إني قد رأيت
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح عليهما ولكن حُبب إلي الوضوء ". هذا إسناد ظاهره
صحيح، ورواه بعضهم عن الأعمش عن المسيب عن علي بن مدرك قال:
رأيت أبا داود أيوب وليس بشيء؛ لأن عليا لم يحل أحد رؤيته للصحابة
المتأخرين فضلا عن غيرهم، ولهذا إنّ في بعض النسخ علاقة التقديم على
المسّيب، والتأخير على ابن مدرك، ورواه يحيى بن عيسى الرملي عن الأعمش
عن المسيب عن على بن الصلت قال: رأيت أبا أيوب وكاله اشتبه بعلي بن
مدرك، ولئن كان صحيحا فحبذا يعلى بن الصلت المذكور عند البستي في
كتاب الثقات ورواه ابن زياد أيضا عن سعدان بن نصر ثنا يزيد بن هارون
أنبأ هشام بن حسان ثنا أشعث بن سوار عن محمد بن سيرين: أن أبا أيوب
كان يأمر/بالمسح على الخفين، ويخلع فقيل له: تأمر بالمسح على الخفين،
وتخلع أنت فقال: لو أنه كان به بأس لم أمركم به فيكون لكم المسمي وعلي
المأثم لكن حُبب إلي الطهور، هذا وإن كان موقوفا ففيه علتان: الأولى:
ضعف ابن سوار، والثانية: انقطاع ما بين ابن سيرين وأبي داود نص على ذلك
هشيم، فرواه عن منصور بن زاذان عن ابن سيرين عن أفلح مولى أبي أيوب
عنه، وزاد عبدان علّة أخرى، فرواه عن المسيب عن المعتمر بن سليمان عن أبي
شعيب- يعني: الصلت بن زبير المجنون المتروك الحديث- عن ابن سرين ثنا
أفلح، وحديث سعيد بن أبي مريم عن رجل من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
الرجل يمسح على خفيه ثم يبدو له فينزعهما قال: " يغسل قدميه ". رواه
__________
(1) تقدّم من أحاديث الباب ص 623.

(1/627)


البيهقي (1) من حديث الدالاني من حديث يحيى بن إسحاق عن سعيد، وقال
البخاري: ولا يعرف أن يحيى بن إسحاق سمع من سعيد أم لا، ولا سعيد
من صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحديث أبي موسى الأشعري، وعمرو بن العاص،
وعبد الرحمن، وقيس بن سعد بن عبادة وعبد الله بن الحرث ذكرهم
البيهقي- رحمه الله- كذا، وحديث أبي مسعود الأنصاري: " أنّ النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح فقيل له أقبل نزول المائدة أم بعده؟ فسكت أبو مسعود " (2) ،
وحديث هزيل بن ورقاء قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفين ". ذكره
العاني في كتاب الصحابة من حديث رشدين عن موسى بن علي عن أبيه عنه
وقال: لا أدري هو بديل الخزاعي أو غيره، وحديث عثمان بن عفان، وأبي
عبيدة بن الجراح، وابن عوف، وأبي الدرداء، ويزيد بن ثابت، وفضالة بن عبيد
ذكرهم ابن عبد البر، وحديث عبد الرحمن بن خالد بن سعيد بن العاص
مرفوعا ذكره النيسابوري في الأبواب. وحديث / عروة بن الزبير عن أبيه
مرفوعا رواه في الأوسط وقال: لم يروه عن القاسم بن الوليد ومجالد إلا
عبيدة بن الأسود، وتفرد به عبد الله بن عمر بن أبان، وحديث عائشة-
رضي الله عنها- قالت: " ما زال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح منذ أنزلت عليه
سورة المائدة حتى لحق الله عز وجل " (3) ، وذكره الدارقطني في سننه عن
الحسين ثنا ابن حسان ثنا بقية ثنا أبو بكر بن أبي مريم ثنا عبدة بن أبي لبابة
عن محمد الخزاعي عنها، ورواه النيسابوري في كتابه عن أحمد بن منصور ثنا
سليمان بن عبد الرحمن- يعني: المخرج- حديثه في الصحيح عن أبي بكر بن
أبي مريم، وأمّا كراهتها لذلك فحديث لا أصل له باطل. قاله الجوزجاني
وغيره، وحديث أم سعد بنت زيد بن ثابت قالت: دخلت على رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يتوضأ فمسح على خفيه فقلت: نسيت يا رسول الله؟ قال: " ولكن
أمرني ربي عز وجل بذلك " (4) . أنبا به الإمام المسند المعمر أبو العباس بن
__________
(1) رواه البيهقي: (1/289) . (2) تقدم من أحاديث الباب.
(3) ضعيف. رواه الحاكم (1/194) والمجمع (1/257) من حديث البراء، وعزاه إلى
الطبراني في " الأوسط " وفيه سوار بن مصعب وهو مجمع على ضعفه.
(4) رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 58- باب المسح على الخفين، (ح/156) .=

(1/628)


إبراهيم أنبأ به شيبان- رحمه الله تعالى- ثنا عمر بن محمد أنبأ أبو الحسن
الصانع ثنا أبو القاسم الخلال ثنا أبو القاسم الصيدلاني أخبركم أبو عبد الله
محمد بن زياد النيسابوري- رحمه الله تعالى- ثنا أحمد بن ملاعب ثنا خالد
بن يزيد القرني ثنا الصباح بن بسطام عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن
زادان عنها، وبه إلى النيسابوري قال: حدثنا الزعفراني ثنا سعيد بن زكريا
المدائني عن عنبسة به، وفي كتاب ابن الأثير أن زادان لم يسمع منها بينها
عبد الله بن ماجة، وحديث عبد الله بن رواحة وأسامة بن زيد: " أنّ رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الخفين ". خرجه أبو القاسم في الأكبر (1) من
حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عنهما،
وخرجه ابن مانع في معجم/الصحابة عن إبراهيم بن إسحاق الحربي ثنا أبو
مصعب عن عبد الرحمن بن زيد عن زيد عن عطاء عن أسامة وابن رواحة:
" أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل دار حمل هو وبلال فخرج إليهما بلال فأخبرهما أنّ
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الخفين "، وذكره تمام بن محمد في فوائده
عن أحمد بن سليمان بن أبي حازم وأبي القاسم علي بن يعقوب إبراهيم بن
أبي العقيب علي أبي الحسن بن جرير الصوري عن يعقوب بن حميد بن
كاسب قال: سمعت عبد الرحمن، فذكره عن عطاء عن أسامة عن بلال
وعبد الله زيادة والحمار، وقال الميموني: قلت لأبي عبد الله: حدثوني عن
عبد الرحمن عن أبيه عن عطاء عن أسامة؛ فذكر المسح، فقال: ليس بصحيح،
ولم يكن عبد الرحمن يصحح الأحاديث وهو متروك الحديث، وخّرج الحافظ
أبو بكر بن خزيمة عن ابن نافع عبد الله عن داود بن قيس عن زيد بن أسلم
عن عطاء عن أسامة دخل عليه الصلاة والسلام الأسواق فذهب لحاجته ثم
خرج قال أسامة: فسألت بلالا: " ما صنع عليه السلام؟ قال بلال: ذهب
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحاجته ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ومسح على
__________
= من حديث المغيرة بن شعبة، وسكت عنه أبو داود.
قلت: وسكوت أبي داود يعني: تحسينه.
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/257) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "
وفيه عبد الرحمن بن زيد بن سلم وهو ضعيف وعطاء بن يسار لم يدرك ابن رواحة.

(1/629)


الخفين "، قال: وسمعت يونس يقول: ليس على النبي مسح على الخفين في
الحضر عن ذلك، هذا، ولما خرجه أبو عبد الله في مستدركه من حديث
داود بن قيس بن مالك قال: هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجا،
وفيه فائدة من الفوائد الكبيرة وهي أنهما لم يخرجا حديث صفوان في المسح
في الحضر وذكر التوقيت فيه، والحديث مشهور بداود بن قيس وهو ممن احتج
به مسلم وحديث عوف ابن مالك قال: " أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمسح" (1) .
ذكره أبو عيسى في كتاب العلل فقال: سألته- يعني: محمدا- عن حديث
هشيم/عن داود بن عمرو عن بشر بن عبيد الله عن أبي إدريس الخولاني عنه
فقال: هذا حديث حسن، وحديث أبي بردة بن زياد النيسابوري ثنا الدمشقي
ثنا يزيد بن هارون ثنا عبد السلام بن صالح بن كثير الدارمي أبو عمرو قال:
ثنا الأزرق بن قيس الحارثي أنّه كان على شاطئ نهر بالأهواز وأنّ فيهم من
قومه رجل يرمونه برأي الخوارج، قال في رجل: عليه قباء وموزجان حتى دخل
بين حرفين من شاطئ النهر فدخل النهر فتوضأ ومسح على معروضة قال فيه
ذلك الرجل الذي كان فينا، والخوارج لا يرون المسح فقلنا: ويلك ويحك
أسمعت الرجل؟ أرأيت الرجل؟ فخرج فقام يصلي ومعه بردونة قال: فرجعت
البردونة فرجعٍ يمشي على عقبه حتى حبس البردونة، فلما رأى صاحبنا ذلك
ازداد له سباقا فقلنا له: ويحك آذيت الرجل أسمعت الرجل؟ ونحن لا نعرفه
وإذا هو أبو برزة الأسلمي صاحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فجاء حتى قام علينا فسلم
علي فقال: إنِّي سمعت ما قال هذا الرجل ثم حدثنا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
الرخصة في المسح على الخفين، وذكر حديثا طويلا، وحديث أبي أمامة قال:
أقيمت الصلاة والإناء في يد عمر فقال: أشربها يا رسول الله؟ قال: نعم.
فشربها. قال أبو غالب: ورأيت أبا أمامة يمسح على العمامة والخفين ذكره في
الأبواب أيضا: ثنا زاج ثنا الحسين بن واقد ثنا أبو غالب به وحدثنا المرقادي
حدثنا يزيد بن هارون ثنا سليم بن حيان عن أبي غالب عن أبي أمامة قال:
" رأيته يمسح على الجوربين والعمامة " (2) ، وحديث عبد الله بن عباس- رضي
__________
(1) تقدم من أحاديث الباب.
(2) صحيح. راجع تعليق الإِمام الترمذي على (ح/100) ، 1- كتاب الطهارة، 74-=

(1/630)


الله عنهما- أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح. ذكر الميموني أنه سأل أبا عبد الله فقلت:
حدثوني عن عتاب بن بشير عن خصيف عن سعيد بن جبير. قال:/ليس
بصحيح؛ إنما روي هذا خصيف عن مقسم عن ابن عباس قال: " مسح عليه
السلام ولا أدري قبل المائدة أو بعدها "، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة
وأبي عن حديث رواه عبيد بن الأسود عن القاسم بن الوليد عن قتادة عن
سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسح فقال: هو خطأ؛ إنما
هو موسى بن سلمة عن ابن عباس موقوف، وقال أبو الحسن في الأفراد: تفرد
به محمد بن مسكان عن إبراهيم بن الحسن المقتسمي عن حجاج عنه عن
عطاء عنه، وفيما أوردناه قبل يرد قوله، اللهم إلا إن أراد التفرد بالنسبة إلى
طريق عطاء. وحديث أبي سعيد الخدري عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسح على
الخفين ذكر الميموني: أنه سأل أبا عبد الله فقلت: حدثوني عن الحسن بن
عمارة عن عطية عنه، فقال: وينبغي لأحد أن يحدّث عن الحسن بن عمارة
ليس بصحيح. وحديث مسلم أبي عوسجة قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بال ثم توضأ ومسح على خفيه ". رواه الحافظ أبو نعيم في كتاب معرفة
الصحابة (1) عن سليم بن أحمد عن عبد الله بن أحمد بن حنبل عن محمد بن
جعفر الوركاني ثنا أبو الأحوص عن سليمان ابن قرم عن عوسجة بن مسلم
عن أبيه، ورواه أبو بكر البزار في مسنده عن محمد بن إسحاق ثنا مهدي بن
حفص ثنا أبو الأحوص، ولفظه قالت: " سافرت مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان
يمسح على الخفين ". قال البزار: وهذا الحديث إنما يروي عن عوسجة عن أبيه
عن علي قال: " سافرت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وأخطأ فيه ابن مهدي فجعله
سافرت مع النبي- عليه السلام- وإنّما سافر مع علي. انتهى. وما أسلفناه من
__________
= باب ما جاء في المسح على العمامة.
ورواه البخاري في: كتاب الوضوء، 48- باب المسح على الخفين، (ح/204، 205) .
والنسائي في: كتاب الطهارة، باب المسح على الخفين (1/81) .
ورواه الدارمي في: 1- كتاب الطهارة، 38- باب المسح على العمامة، (ح/710) . واللفظ له.
(1) تقدم من أحاديث الباب ص 626.

(1/631)


عند أبي نعيم فيرى مهديا، والله تعالى أعلم (1) . وحديث أبي هريرة: " قال لي
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وضئني. فأتيته بوضوء فاستنجى ثم أدخل يده في التراب
فمسحها به، ثم/غسلها ثم توضأ، ومسح على خُفيه فقلت: يا رسول الله،
رجليك لم تغسلها! قال: " إني أدخلتهما وهما طاهرتان " (2) . رواه ابن زياد
النيسابوري عن الرقادي وابن الجنيد قالا: ثنا أبو أحمد ثنا أبان بن عبد الله
العجلي حدثني مولى لأبي هريرة قال: سمعت أبا هريرة يذكره ثنا علي بن
سهل ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ثنا الرمحي بن خالد عن ابن أبيِ ذئب
عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة به مختصرا وقال: مسلم في كتاب
التمييز، وهذه الرواية عنه ليست بمحفوظة، وذلك أن أبا هريرة لم يحفظ المسح
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لثبوت الرواية عنه بإنكار المسح من رواية أبي زرعة وأبي رزين
عنه، وأنّ ممن أسند ذلك عنه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واهي الرواية أخطأ فيه إما سهو
وإما يتعمد. وحديث ابن غالب الكندي ذكره أبو نعيم في كتاب الصحابة
تأليفه. وحديث أبي بن العشر الدارمي رواه ابنه، وقال: ثم توضأ ومسح على
خفيه فقلت له في ذلك فقال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعله. ذكره ابن عساكر في
ترجمة علي بن أحمد من حديث محمد بن عبد الله السوسي. ثنا أبو عمر
الضرير ثنا حماد بن سلمة عنه قال: أبو عمر روى عن أبي هريرة إنكار المسح
قال: وقد جاء عنه بإسناد حسن خلاف ذلك وموافقة غيره، قال ابن المنذر:
قال ابن المبارك: ليس في المسح على الخفين عندنا خلاف، وإنّ الرجل يسألني
عن المسح فأرتاب منه أن يكون صاحب هوى قال أبو بكر في ذلك: أن كل
من روي عنه من الصحابة كراهة المسح فقد روي عنه غير ذلك، قال البيهقي:
وإنما بلغنا كراهة ذلك عن علي بن أبي طالب وابن عباس وعائشة، فأمّا الرواية
عن علي سبق الكتاب المسح على/ الخفين، فلم يرو ذلك عنه بإسناد موصول
__________
(1) بياض " بالأصل ".
(2) ضعيف جدا. رواه الدارقطني (1/149) والمجمع (1/254) وعزاه إلى أحمد، وفيه رجل
لم يسم.
قلت: وعلى هذا الرجل الذي لم يُسم فالحديث ضعيف جدا. حيث الرجل الذي لم يُسم ليس
بصحابيا ولا من الجيل الأول من التابعين. حيث جهالة الصحابي لا تضر.

(1/632)


يثبت مثله، وأمّا عائشة؛ فإنها كرهت ذلك ثم ثبت عنها أنّها أحالت بعلم
ذلك على علي فأخبر علي بالرخصة في ذلك، وأمّا ابن عباس؛ فإنما كرهه
حين لم يثبت مسح النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد نزول المائدة، فلما ثبت له رجع إليه. انتهى
كلامه. وقد أسلفنا عن أبي هريرة أيضا إنكاره وأما ما روي عن عائشة
فضعيف أيضا في غاية الضعف نص عليه ابن الجوزي في كتاب العلل المتناهية
في الأخبار الواهية، قال أبو عمر: ولا أعلم أحدا من الفقهاء روي عنه إنكار
المسح إلا مالكا والروايات الصحاح عنه بخلاف ذلك، وقال الألوسي: المسح
جائز عند جمهور العلماء، وقال بعض الناس: لا يجوز؛ لأنّ الله تعالى ذكر
الأرجل دون الخفاف فلا يزاد على الكتاب بخبر الواحد. ونحن نقول: إنّما
أردنا بسنة جاءت لغو ليمس لذلك. قاله أبو حنيفة قال: وهي مشتهرة مثل
التواتر، وفي نسخة أخرى قريبة من التواتر حتى قال أبو يوسف: يجوز نسخ
القرآن بمثل خبر المسح على الخفين ولكنّا لم ننقلها؛ لأنّ الإجماع المنعقد اليوم
أغنانا عن الاحتجاج بالأخبار، وأمّا قول أبي عمر لا أعلم أحدا من الفقهاء
روى في إنكار المسح إلا مالكا؛ ففيه نظر إن أراد من كان فقيها من التابعين
فمن بعدهم؛ لما ذكره ابن أبي شيبة من أنّ مجاهد كان يكره ذلك، وسعيد بن
جبير، وعكرمة، وفي كتاب الآجري عن أبي داود: جاء زيد بن أسلم إلى
ربيعة بن أبي عند الرحمن فقال: أمسح على الجوربين فقال ربيعة ما صح عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه مسح على الخفين يلفّ على خرقتين ومن آداب لبس الخف
نفضه لقوله عليه الصلاة والسلام: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا
يلبس خفه حتى ينفضه " (1) . ذكره النيسابوري في كتاب شرف المصطفى،
وقال: إنّما قال ذلك لأنه دعا بخفه ليلبسه فلبس أحدهما ثم جاء/غراب
فاحتمل الآخر فخرجت منه حّية، وكان له عليه الصلاة والسلام أربعة أزواج
__________
(1) رواه الطبراني (8/162) والكنز (41612) والمغني عن حمل الأسفار (2/157) وإتحاف
(6/423) والمجمع (5/140) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه هاشم بن عمرو ولم
أعرفه إلا أن ابن حبان ذكر في الثقات هاشم بن عمر في طبقته، والظاهر أنه هو إلا أنه لم
يذكر روايته عن إسماعيل بن عياش وشيخ إسماعيل في هذا الحديث شامي فرواته ثقات وهو
صحيح إن شاء الله.

(1/633)


خفاف أصابها من خيبر. ذكره نعيم بن حماد وخفان ساذجان أهداهما له
النجاشي كما تقدّم، ولما ذكره أبو القاسم في الأوسط من حديث عكرمة عن
ابن عباس قال: لم يروه عن عكرمة إلا سعيد بن طريف الإسكافي. تفرّد به
حبان بن عليّ ولا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإِسناد.

(1/634)


55- باب ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر
حدثنا محمد بن يسار حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم قال:
سمعت القاسم بن مخيمرة عن شريح بن هانئ قال: سألت عائشة عن المسح
فقالت: ائت عليا فإنه أعلم بذلك مني فأتيت عليا- رضي الله عنه- فسألته
عن المسح فقال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمرنا أن يمسح المقيم يوما وليلة
وللمسافر ثلاثة أيام ". هذا حديث رواه مسلم (1) في صحيحه مرفوعا، ورواه
أبو عبد الرحمن النسائي موقوفا عن يعقوب بن إبراهيم ثنا شعبة عن الحكم به
قال: فسألته فقال: " ثلاث ليال للمسافر ويوما وليله للمقيم "، ولما رواه ابن
حبان (2) في صحيحه من حديث محمد بن يحيى بن سعيد حديث أبي
حدثني شعبة به موقوفا، قال: ما رفعه عن شعبة إلا القطان وأبو الوليد
الطيالسي، وخرجه ابن منده من حديث أبي معاوية عن الأعمش وفيه فقال:
" كان النبي يأمرنا أن نمسح " (3) . ورواه البيهقي من جهته أيضا وفيه: " كنا
نمسح على عهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (4) ، وقد وقع لنا حديث أبي معاوية عاليا، ثنا
الإمام تاج الدين أحمد بن علي القشيري- رحمه الله تعالى- قراءة عليه وأنا
أسمع أنبأ الإمام أبو الحسن على بن هبة الله ثنا الإِمام الحافظ أبو طاهر السلفي
قراءة عليه ثنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل ثنا أبو سعيد محمد/بن موسى بن
الفضل الصيرفي ثنا محمد بن يعقوب الأصم ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا أبو
معاوية به مرفوعا وقال ابن مندة: هذا حديث مشهور عن الأعمش، ورواه
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/85) والبيهقي (1/272) والنسائي (1/84)
وشرح السنة (1/461) وأبن أبي شيبة (1/177) وابن عساكر في " التاريخ " (6/318)
والكنز (27610) وابن ماجة (552) .
(2) صحيح. رواه ابن حبان: (2/311) من حديث خزيمة بن ثابت.
(3) صحيح. رواه أحمد (1/113) والحلية (6/83) .
(4) ضعيف. المطالب (106) والمجمع (1/258) من حديث ابن مسعود، وفيه سليمان بن
بشير وهو ضعيف.

(1/635)


زيد بن أبي أنيسة عن الحكم ويحيى بن سعيد عن شعبة جميعا عن الحكم
بإسناده نحوه مرفوعاً، وأخرجه مسلم والجماعة، وتركه البخاري، وقد روي
من حديث أبي إسحاق البيهقي عن القاسم مرفوعا وموقوفاً وقد رفعه جماعة
منهم سوى من تقدّم، وفي علل الخلال قيل لغندر: كان شعبة رفعه وقال:
كان يرى أنّه مرفوع ولكنه كان يهابه، وقال يحيى: حديث القاسم في المسح
صحيح، وهو ثقة شامي، وشريح ثقة كوفي انتقل إلى الشام، ولما ذكر الحربي
الاختلاف في رفعه ووقفه قال: والقول قول شعبة والأعمش ومن وافقهما،
وروي من حديث أبي ظبيان عن علي مرفوعاً وموقوفاً وقد رفعه من قول النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورواه تمام بن محمد الرازي في فوائده من حديث بسرة ابنة صفوان ثنا
أبو عمرو البزار حفص بن سليمان عن أبي حصين عن أبي ظبيان عنه قال
الحافظ أبو الحسن في كتاب العلل: وسئل عنه تفرّد به القاسم والمقدام بن
شريح كلاهما عن شريح، فأمّا القاسم؛ فرواه عنه الحكم واختلف عنه فأسنده
عنه عمرو بن قيس الخلاله وزيد بن أبي أنيسة، وعبد الملك بن حميد بن أبي
عتبة، وأبو خالد الدالاني، والقاسم بن الوليد الحمداني، وإدريس بن يزيد
الأودي، واختلف عن الأعمش؛ فرواه أبو معاوية الضرير، وعمرو بن عبد
الغفار عن الأعمش عن الحكم، ورفعاه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وخالفهما زائدة بن
قدامة وعلي بن غراب وأحمد بن بشير عن الأعمش فوقفوه على علي ولم
يرفعوه، وروي عن أزهر السّمّاك عن ابن عوف وعن سليمان التيمي عن
الأعمش مرسلا وموقوفاً أيضاً، ورواه ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ومحمد بن
عبيد الله العروقي، وحجاج بن أرطاة عن الحكم رفعوه/إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورواه
الأصلح ومالك بن مغول وأبو حنيفة عن الحكم موقوفاً، واختلف عن شعبة؛
فرواه يحيى بن سعيد القطان عنه مرفوعا، وتابعه أبو الوليد من رواية أبي حنيفة
عنه، وقال غندر عن شعبة: أنه كان برفعه ثم شك فيه وأما أصحاب شعبة
الباقون فرووه عن شعبة موقوفاً، ورواه ليث بن أبي سليم عن الحكم فأسقط
منه القاسم بن مخيمرة، واختلف عن ليث؛ فرواه سنان عنه عن الحكم عن
شريح عن عليّ عن هلال، وخالفه معتمر؛ فرواه ليث عن الحكم وحبيب
وشريح عن هلال لم يذكر عليا، وذكر هلال في حديث شريح وهم من

(1/636)


ليث باتفاق أصحاب الحكم على ترك ذكره، ولموافقة أصحاب شريح لترك
ذكره، وروي هذا الحديث أبو إسحاق السبيعي، واختلف عنه؛ فرواه الثوري
عن أبي إسحاق عن القاسم عن شريح عن علي مرفوعاً إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتابعه
حماد بن شعيب عن أبي إسحاق وتابعهما أيضا محمد بن مصعب القرضاني
ولم يكن حافظا، فرووه عن مالك بن مغول وإسرائيل وزهير وأبي عوانة عن
أبي إسحاق نرفعه أيضا، وخالفه أصحاب زهير وإسرائيل فرووه عنهما عن أبي
إسحاق موقوفا، وكذلك رواه أبو الأحوص ويونس بن أبي إسحاق والحسن بن
صالح ويزيد بن أبي زياد عن أبي إسحاق موقوفا، وقد سمعه أيضاً يزيد عن
أبي زياد من القاسم من مخيمرة موقوفاً أيضاً، ورفعه ابن عيينة بن يزيد بن أبي
زياد ووقفه غيره أيضا عنه، ورواه الحسن بن الحسن عن القاسم فرفعه عنه
محمد بن أبان ووقفه زهير، ورواه عبدة بن أبي لبابة عن القاسم عن شريح
عن علي موقوفا، ورواه المقدام بن. شريح بن هانئ عن أبيه عن علي فاختلف
عنه فرفعه عنه شريك وشعبة من رواية أبي قتادة الحراني وحده عنه، ووثقه عنه
مسعر ورواه عبد/الملك بن أبي سليمان عن ابن شريح بن هانئ ولم يسمعه
عن أبيه عن علي مرفوعاً، وقيل: إن الذي روي عنه عبد الملك هو محمد بن
شريح بن هانئ أخو المقدام، ورواه العباس بن ذريح عن شريح عن علي موقوفا
أيضا، ورفعه صحيح؛ لاتفاق أصحاب الحكم الحفاظ الذين قدمنا ذكرهم من
الحكم على رفعه، والله تعالى أعلم.
حدّثنا علي بن محمد ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبيه عن إبراهيم التيمي عن
عمرو بن ميمون عن خزيمة بن ثابت قال: " جعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمسافر
ثلاثا، ولو مضى السائل على مسألة لجعلها خمسا " (1) . ثنا محمد بن يسار
وثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة بن كهيل سمعت إبراهيم التيمي يحدّث عن
الحرث بن سويد عن عمرو بن ميمون عن خزيمة بن ثابت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" ثلاثة أيام أحسبه قال: ولياليهن للمسافر في المسح على الخفين ". هذا
حديث خرجه أبو حاتم بن حبان في صحيحه (2) عن أبي يعلى ثنا أبو خيثمة
__________
(1) قلت: وقد سقطت بعض ألفاظ هذا الحديث من " الأصل " وأثبتناه من " الثانية ".
(2) صحيح. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 86- باب ما جاء في التوقيت=

(1/637)


عن جرير عن منصور عن إبراهيم عن عمرو عن أبى عبد الله الجدالي عن
خزيمة قال: " رخص لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يمسح ثلاثا ولو استزدناه لزادنا ".
وفي حديث أبي نعيم ثنا سفيان عن أبيه عن إبراهيم: " جعل عليه الصلاة
والسلام المسح على الخفّين ثلاثة أيام للمسافر ويوما وليلة للمقيم ولو مضى
السائل على مسألة لجعلها خمسا ". وفي حديث أبي عوانة عن سعيد بن
مسروق عن إبراهيم أن أعرابيا سأل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المسح فقال: " للمسافر
ثلاثا وللمقيم يوما وليلة " (1) . وفي مسند البغوي الكبير ثنا أبو معاوية ثنا
الحجاج عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن هرم- أو قال: هرمي- عن
خزيمة العنسي مرفوعا: " يمسح المسافر على خفيه ثلاثة أيام والمقيم يوما
وليلة " (2) . ولا رواه أبو الحسن في الأفراد، ومن حديث أبي عبد الله الجدلي
عن خزيمة قال: غريب من حديث أبي بشر جعفر بن أياس عن أبي معشر.
تفرد به روح/بن عطاء بن أبي ميمونة، وغريب من حديث القاسم بن الوليد
عن الحرب. تفرد به عبيدة بن الأسود بن سعيد عنه، ورواه الشعبي، وتفرد به
أبو حاتم سويد بن إبراهيم عن حماد عنه، وتفرد به الكرماني بن عمر وعبدة
يرويه عن حماد عن إبراهيم والداخل عن الشعبي، ورواه داود ابن علية عن
مطرق عن الشعبي عنه، وتفرّد به داود عن مطرف، ورواه عمر بن صالح عن
حماد، وهو غريب من حديث هشام بن حسان عنه. تفرّد به عنه عمرو بن
حمدان، ورواه عمرو ابن ميمونة عن الجدلي، وتفرّد به ابن عينية عن عمر بن
سعيد الثوري عن أبيه سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيمي عن عمرو، ورواه
حماد عن إبراهيم، وتفرّد به أبو حمزة السكري عن رقية عنه، ورواه عبد
الرحمن بن أبي ليلى عن خزيمة من حديث الحكم عنه، وهو غريب من
حديث. تفرّد به عبد العزيز بن المطلب عن ابن أبي ليلى عن الحكم عنه، وقال
__________
= في المسح للمقيم والمسافر، (ح/555) . وصححه الشيخ الألباني.
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (555) والترمذي (95) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
والطبراني (4/96، 106) والخطيب (6/377) وابن عدي في " الكامل " (3/1120،
1125) وأصفهان (1/120، 164، 2/274) وأحمد (1/96، 4/240، 5/213،
214) والبيهقي (1/276، 282) والحلية (2/298) وابن عدي (2/656، 3/908) .
(2) صحيح. رواه أحمد (5/213) وصححه الشيخ الألباني، وعبد الرزاق في " المصنف " (798)
وأخبار أصفهان (1/124) والطبراني في " الكبير " (8/69) والبيهقي في " الكبرى " (1/278) .

(1/638)


أبو عيسى: وخرجه من حديث أبي عوانة عن سعيد بن مسروق عن إبراهيم،
وهذا حديث حسن صحيح، وذكر عن يحيى بن معين أنه صحيح حديث
خزيمة في المسح قال: وروي الحكم بن عيينة وحماد عن إبراهيم عن أبي
عبد الله الجدلي عن خزيمة ولا يصح، قال ابن المديني: قال يحيى: قال شعبة:
لم يسمع إبراهيم من أبي عبد الله الجدلي حديث المسح، وقال زائدة عن
منصور: كنا في حجرة إبراهيم التيمي أيضاً وإبراهيم النخعي يحدّث عن
التيمي عن عمرو بن ميمون عن الجدلي عن خزيمة بن ثابت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
المسح، وقال في كتاب العلل: سألت محمداً عن هذا الحديث فقال: لا
يصح عندي حديث خزيمة في المسح؛ لأنه لا يعرف لأبي عبد الله الجدلي
سماع من خزيمة بن ثابت، وحديث عمرو بن ميمون عن الجدلي هو أصح
وأحسن. ثنا القاسم بن محمد ثنا مالك بن إسماعيل ثنا داود ابن علية عن
مطرف عن الشعبي عن الجدلي عن خزيمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... /الحديث. سألت
محمداً عن هذا الحديث فقال: إنّما روي هذا الحديث داود عن مطرف عن
الشّعبي ولا أرى هذا الحديث محفوظا ولم يعرفْه إلا من هذا الوجه، ورواه
الإِمام أحمد عن وكيع عن سفيان عن حماد، ومنصور عن إبراهيم عن الجدلي
عن خزيمة، قال عبد الله: قال أبي: هذا خطأ؛ كانه أراد الخطأ في رواية
منصور عن إبراهيم على هذا الوجه لا في رواية حماد؛ فإن الصحيح في
حديث منصور رواية عمرو بن ميمون- يعني: ما قدّمناه- وزاد الخلاّل: قال
أبو عبد الله: فلم يستزيدوه، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يزد، وخرّجه ابن الجارود في
كتاب المنتقى من حديث الحكم وحماد عن إبراهيم، وقال الطوسي في كتاب
الأحكام: ورواه من حديث المبارك بن سعيد أخي سفيان عن إبراهيم عن أبي
عبد الله فقال: هذا حديث حسن صحيح، وأعلّ ابن حزم خبر خزيمة بالجدلي
قال: كان حامل راية المختار ولا يعتمد على روايته، ثم لو صح لم يكن لهم
فيه حجة؛ لأنه ليس فيه أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أباح المسح أكثر من ثلاث، ولكن في
الخبر من قول الرازي، ولو تمادى السائل لزادنا ولم يتمادى فلم يزدهم شيئا،
وبنحوه قال البيهقي، والخطابي، وفي موضع آخر قال البيهقي: إسناده
مضطرب، وفي علل ابن أبي حاتم رواه سعيد بن مسروق، وسلمة بن كهيل
ومنصور، والحسن بن عبيد الله عن إبراهيم عن عمرو بن ميمون، ورواه

(1/639)


الحكم بن عيينة، وحماد بن أبي سليمان، وأبو معشر، وشعيب بن الحجاب،
والحرث العكلي عن النخعي عن الجدلي، فقال أبو زرعة: الصحيح من حديث
إبراهيم التيمي عن عمرو بن ميمون عن الجدلي، والصحيح من حديث النخعي
عن الجدلي بلا عمرو بن ميمون، وفي معجم الطبراني الأصغر: ما يعلو هذا
القول وذلك أنه رواه من حديث أسيد بن زيد ثنا عبد الله بن رجاء الغداني
ثنا شعبة عن الحسن، وحماد ومغيرة ومنصور عن إبراهيم/النخعي عن الجدلي
وقال: لم يروه- يعني: هكذا- إلا أن رجاء. تفرد به أسيد. وفي كتاب
الأحاديث المعللة يعلي المديني رواية الساعدي ثنا سفيان منصور عن إبراهيم
التيمي عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة: " رخص لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...
" الحديث.
قال علي: ذهب عني هذه المرة رفع هذا الحديث ولكن سفيان قال فيه: ثنا
منصور قال علي: قيل لسفيان فيه: والمقيم يوم وليلة قال: هكذا أنبأ منصور
قال علي: فروى هذا الحديث سفيان وحرم وعبد العزيز كلهم عن منصور عن
إبراهيم، فأسندوا إسنادا واحدا، وتابع سعيد بن مسروق منصورا على إسناده
وزاد فيه: " وللمقيم يوما وليلة ". ثنا سلمة بن كهيل عن إبراهيم فأدخل بين
عمرو، وإبراهيم بن الحرث بن سويد وترك بين عمرو وبن خزيمة أبا عبد الله
الجدلي، وروي سفيان هذا الحديث عن سلمة بن كهيل مخالف شعبة وإسناد
منصور وسعيد بن مسروق عن سلمة بن كهيل عن التيمي عن الحرث بن
سويد عن عبد الله قال: " يمسح المسافر ثلاثا ".
وقال الحرث بن سويد: ما أخلع حتى آتي فِراشي. قال علي: وزاد الأعمش
كلام الحرث هذا فأخبره في آخر الحديث: ثنا حماد بن أسامة قال الأعمش
عن إبراهيم: سألت الحرث بن سويد عن المسح على الخفين فقال: أمسح قال:
قلت: وإن دخل الخلاء؟ قال: وإن دخل الخلاء في يوم عشر مرات. قال: على
خفت أنا أن لا يكون الأعمش سمع هذا من التيمي؛ لأنه يروى أحاديث عن
عن رجال ثم يدخل بينهم وبينه سلمة بن كهيل فأردت أن أعلم أسمع هذا
من التيمي أم لا؛ فحدّثنا يحيى بن آدم ثنا يزيد بن عبد العزيز ثنا إبراهيم قال:
سمعت الحرث، قال علي: وروى هذا الحديث يزيد بن أبي زياد فخالفهم فيه

(1/640)


جميعا. انتهى. وكذا قاله الطبراني في الأوسط والبيهقي، وهو إسناد مضطرب
رجع ثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن إبراهيم عن الحرث/
ابن سويد عن عمر قال: " يمسح المسافر على الخفين ثلاثا ". قال علي: فلما
اضطرب هذا الحديث من حديث التيمي واختلفوا عنه في إسناده أردت أن
أعلم من رواه من طريق خزيمة؛ لأنه أصل من الأصول. ثنا يحيى بن سعيد ثنا
سفيان حدثني حماد عن إبراهيم عن الجدلي عنه؛ فلما روي هذا حماد بن أبي
سليمان عن إبراهيم النخعي، وسقط عن منصور والأعمش وهما صاحبا إبراهيم
فأحببت أن أعلم هل وعاه أحد من إبراهيم النخعي، فوجدته عن الحكم بن
عيينة وأبي معشر، ووجدناه من حديث الشّعبي عن الجدلي ثنا به شهاب بن
عباد ثنا داود ابن علية عن مطرف عنه، ورواه أبو بكر وعثمان أنبأ أبي شيبة
عن وكيع ثنا سفيان عن منصور والأعمش ومغيرة عن إبراهيم عن الجدلي عن
خزيمة قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على خفيه ". وفي حديث
الملائي عن حماد: " أمر النبي- عليه السلام- بالمسح على الخفين " (1) ، ثم
نظرنا فإذا هشام بن حسان يحدّث به عن عمرو بن صالح عن حماد عن
إبراهيم عن الجدلي، ثم نظرنا فإذا علي بن الحكم يُحدِّث به عن حمّاد، ثم
نظرنا فإذا هشام يحدث به عن شعيب بن الحباب عن إبراهيم، ثم نظرنا فإذا
قتادة يحدّث به عن الجدلي، وأنكرنا أن يكون قتادة سمع من الجدلي ثنا
محمد بن مرزوق ثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن الجدلي وحدثني
محمد بن حرب ثنا عاصم بن علي ثنا همام عن قتادة أن الجدلي حدّث عن
خزيمة فعلمنا أنّ قتادة لمم يسمع من الجدلي؛ لأن هماما قال عن قتادة أن
الجدلي: ثم أحببت أن أعلم أن قتادة حدّث به عن أحد فنظرنا، فإذا قتادة
يحدّث به عن أبي معشر عن إبراهيم ثم أحببت أن أعلم أنّ أحدا وافق
عمرو بن عاصم عن همام، فنظرنا فإذا ابن أبي عروبة قد وافقه، وأحببت أن
أعلم هل أحد رواه عن أبي معشر عن قتادة، فنظرنا فإذا قد رواه أبو بشر عن
أبي معشر عن إبراهيم، ثم نظرنا فإذا الحرث العكلي يحدّث عن إبراهيم عن
الجدلي/. انتهى. وقال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن العكلي إلا القاسم
__________
(1) رواه أحمد (6/27) والبيهقي (1/275) والكنز (27683) وا لإِرواء (1/138) .

(1/641)


بن الوليد ولا عن القاسم إلا عبيدة. تفّرد به عبد الله بن عمر بن أبان رجع،
ثم نظرنا فإذا سفيان قد حدّث به عن منصور عن إبراهيم، وإنما حدِّث به
سفيان عن أبيه، ثم نظرنا فإذا الحسن بن عبيد الله يحدّث به عن التيمي عن
عمرو عن الجدلي، ثم نظرنا فإذا عمرو بن ميمون يحدّث به عن أبي بردة ثنا
علي بن مسلم المؤدب ثنا يحيى بن يعلي المخاربي ثنا زائدة قال منصور: كنّا
في حجرة إبراهيم ومعنا التيمي ثنا عمرو بن ميمون عن أبي بردة بهذا الحديث
عن أبيه، قال: " جعل لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثلاثا ولو استزدناه لزادنا "، ثم
نظرنا فإذا عمرو بن ميمون يحدّث به علي بن ربيعة الأسدي عن الجدلي، ثم
نظرنا فإذا الحكم يحدّث به عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن خزيمة ثنا عبد
الله بن سعد بن إبراهيم الزهري ثنا يعقوب ابن إبراهيم بن سعد ثنا عبد
العزيز بن المطلب عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتبة عن عبد الرحمن به
فأحببت أن أعلم أن أحدا- يعني: عبد العزيز بن المطلب- غير يعقوب،
فنظرنا فإذا سليمان بن بلال يحدّث به عن عبد العزيز، وكفي بسليمان بن
بلال، قال- يعني: الباعندي-: حدّثني محمد بن المطلب بن عبد الله بن
سالم ثنا أحمد بن سفر ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن صالح عن حماد عن
إبراهيم عن الجدلي حدثني محمد بن إسماعيل البخاري ثنا أيوب بن
سليمان بن بلال ثنا أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان بن بلال عن عبد
العزيز بن المطلب عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم بن عيينة
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن خزيمة قال- يعني: ابن المديني-: ثم
أحببت أن أعلم أنّ عبد الرحمن بن أبي ليلى يحدّث عن خزيمة بن ثابت
بشيء، فنظرنا فإذا السدى قد حدّث عن عبد الرحمن عن خزيمة قال- يعني:
الباغندي- ثنا أبو سعد عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحارثي ثنا عمر بن
طلحة العباد ثنا أسباط/بن نصر السدي عن عبد الرحمن قال: كنت بصفين
فرأيت رجلا راكبا متلثما قد أخرج لحيته من تحت عمامته فرأيته يقاتل الناس
قتالا شديدا يمينا وشمالا، فمر يده على عمامته ثم قال: سمعت رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " قاتل مع من قاتل عليا وأنا خزيمة بن ثابت " (1) ، ورواه النسائي
من الأبواب عن أحمد بن منصور ثنا يزيد بن أبي حكيم عن سفيان عن سلمة
عن التيمي عن الحرث بن سويد عن عبد الله بن مسعود قال: " ثلاثة أيام

(1/642)


للمسافر ويوم وليله للمقيم "، ورواه في الأوسط (1) من حديث أبي معشر عن
جعفر بن أبي وحشية عن إبراهيم لم يروه عن معشر إلا روح بن عطاء بن أبي
ميمونة. تفرّد به أزهر بن مروان. ومن حديث عمرو بن عبيد عن أبي معشر
عن إبراهيم وقال: لم يروه عن عمرو إلا عمر بن أبي عثمان الواسطي، وروى
الحسن بن رشيق عن علي بن سعيد عن أبي كريب عن بكر بن عبد الرحمن
عن ابن عيسى بن المختار عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي
الزبير عن جابر عن خزيمة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المسح: " إذا أدخل قدميه وهما
طاهران ". وقال في الأوسط (2) : لم يرو هذا الحديث عن سعيد بن مسروق
عن إبراهيم التيمي إلا عمار بن زريق، ورواه الثوري وأخوه عمر بن سعيد وأبو
عوانة وأبو الأحوِص وغيرهم عن سعيد بن مسروق عن عمرو بن ميمون عن
الجدلي. انتهى. أمّا ما أعلّه به أبو محمد بن حزم فليس بعلّة؛ لأنّ أبا عبد الله
الجدلي معروف بالثقة والعدالة، فممن وثّقه الإِمام أحمد وابن معين والبستي،
ولم أر فيه طعنا لمتقدم وكونه كان حاملا راية المختار لا ضرر عليه فيه؛ لأنه
قد ذكر مثل ذلك عن أبي الطفيل ولم يضره أيضا، وسببه أنّ المختار كان أوّل
خروجه يظهر إلا حدثنا الحسين- رضي الله عنه- فلهذا تبعه من القراء
الكبار، وقد حكى الطبري أن من جملة من كان قائما بأمره أخته (3) صفية
زوج عبد الله بن عمرو أن عبد الله كان يشفع/له عند الأمراء، وكذلك
__________
(1) الموضح: (1/277) .
(1) راجع: مجمع الزوائد (1/258) لابن مسعود روايتان:
الأولى: عزاه للبزار والطبراني في " الكبير " موقوف، وفيه يوسف بن عطية الكوفي ونسب إلى الكذب. الثاني: عزاه للبزار وفيه سليمان بن بشير وهو ضعيف.
وفي (ص 259 ج 1) عزاه للطبراني في " الأوسط " وفيه أيوب بن سويد وهو ضعيف، ولكن
ذكره ابن حبان في الثقات وقال رديء الحفظ يخطئ.
(2) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/260) وعزاه للطبراني في " الكبير " وفيه ابن
أبي ليلى محمد وهو سيء الحفظ.
ورواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 59- باب للتوقيت في المسح، (ح/157) .
(3) قوله: " أخته " وردت " بالأصل " " أخيه " وهو تصحيف، والصحيح ما ورد في
" الثانية " وكذا أثبتناه.

(1/643)


الشعبي، وأما زيادة من زاد عمرو بن ميمون، والحرث بن سويد فالحكم لهم،
وأمّا سقوطهما فلا يضر أيضا لمعرفتنا بأنهما هما؛ لثقتهما وعدالتهما؛ لأنّ
مقتضى المشهور من حكم المحدّثين أن يحكم بالزيادة ويجعل ما بين إبراهيم
وعمرو منقطعا؛ لأن الظّاهر أنّ الإنسان لا يروي حديثا عن رجل عن ثالث
وقد رواه هو عن ذلك والثالث لقدرته على إسقاط أواسطه، ولكن إذا عارض
هذا الظاهر دليل أقوى منه عمل به كما فعل في أحاديث حكم فيها بأنّ
الراوي علا وترك في حديث واحد، فرواه على الوجهين، وفي هذا الحديث قد
ذكرنا زيادة زائدة وهي أنّ التيمي قال: ثنا عمرو بن ميمون فصرح بالتحدّيث
فمقتضي هذا التصريح لقائل أن يقول: لعلّ إبراهيم سمعه من عمرو ومن
الحرث بن سويد عنه، ووجه أخر: وهو أن يقال إن كان متصلا فيما بين
التيمي وعمرو فذلك وإن كان منقطعا فقد تبيّن الواسطة وهو من أكبر الثقات،
وأمّا من أعله برواية يزيد بن أبي زياد فتعليل ضعيف؛ لأنه إنّما تعليل رواية إذا
اتحدا في الصحة حديث يزيد ليس كذلك لضعفه، وأمّا تعليل البخاري
الحديث بانقطاع ما بين أبي عبد الله وخزيمة؛ فهي طريقة له مشهورة وهي
بثوت السماع للراوي من المروي عنه ولو مرة، وقد أطنب مسلم في ردِّ هذه
المقالة واكتفي بإمكان اللقاء، وإلى هذا نجا البستي ومن تابعه في تصحيحه،
وذلك أنّ خزيمة توفي بصفين وسن الجدلي إذ ذاك سن الرجل على ما ذكره
الطبري وغيره، ولما عضد حديث التيمي عن الحرث بن سويد من شواهد
ومتابعات، والله تعالى أعلم. من ذلك حديث عوف بن مالك الأشجعي أنّ
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيّام ولياليهن
للمسافر ويوما وليلة للمقيم " (1) . ثنا به ابن دقيق العيد- رحمه الله تعالى-
قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا العلامة/أبو الحسن علي بن هبة الله الشافعي
ثنا الحافظ أبو طاهر السلفي قراءة عليه ثنا الرئيس أبو عبد الله ثنا هلال بن
محمد بن جعفر ببغداد ثنا الحسين بن يحيى بن عباس ثنا إبراهيم بن معشر ثنا
هشيم عن داود بن عمرو عن يسير بن عبيد الله عن أبي إدريس ثنا عوف بن
مالك به قال عبد الله: سمعت أبي حين حدّث بحديث عوف وهو من أجود
حديث في المسح على الخفين؛ لأنه في غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها النبي
__________
(1) تقدم من أحاديث الباب.

(1/644)


صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأخر فعله وسبق تحسين البخاري له، وقال الطبراني في الأوسط: لا
يروي هذا الحديث عن عوف إلا بهذا الإسناد. تفرد به هشيم. وحديث أبي
هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " في المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن
وللمقيم يوما وليلة " (1) . رواه أبو عيسى في كتاب العلل عن محمد بن
حميد ثنا زيد بن حبان عن عمر بن عبد الله بن أبي خثعم عن يحيى بن أبي
كثير عن أبي سلمة عنه وقال: سألت محمدا عنه فقال: عمر بن أبي خثعم
منكر الحديث ذاهب وضعف حديث أبي هريرة في المسح، وقد تقدّم ذكره
في الباب قبل، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف ثنا وكيع عن جرير بن أيوب
عن أبي زرعة بن عمرو عنه ولفظه: " إذا أدخل أحدكم رجليه في خفيه
وهما طاهرتان فليمسح عليهما ثلاثا للمسافر ويوم للمقيم "، وجرير متروك
الحديث نكره، وحديث عمر بن الخطاب قال: " سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر
بالمسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة ". رواه أبو
يعلى (2) الموصلي عن أبي كريب ثنا زيد بن حباب ثنا خالد بن أبي بكر هو
العمري ثنا سالم عن ابن عمر عنه، وبنحوه رواه الدارقطني وحديث أبي بكرة
نسخ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنّه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما
وليلة إذا تطّهر ولبس خفيه فليمسح عليهما " (3) . رواه ابن الجارود في منتقاه
وابن حبان في صحيحه عن الخليل بن محمد الواسطي ثنا محمد بن عبد
الوهاب ثنا عبد/الوهاب الثقفي بن المهاجر بن مخلد عن عبد الرحمن بن أبي
بكرة عن أبيه وقال الترمذي (4) . عن محمد، وحديث أبي بكرة حسن
صحيح، وخرجه البيهقي في سننه عن أبي عبد الله الحافظ وأبي سعيد بن أبي
عمرو عن أبي العباس محمد بن يعقوب عن الحسن بن علي بن عفان عن
زيد بن حباب عن عبد الوهاب الثقفي عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن
أبهما بكرة عن أبيه، وهو أجل إسنادا من سند ابن حباب لمكان الحذاء بدل
__________
(1) شرح السنة: (1/183، 179) .
(2) تقدم من أحاديث الباب.
(3) كما في الحاشية السابقة.
(4) انظر سنن الترمذي: (1/195 تحت ح/95 وتعليق الترمذي عليه) .

(1/645)


المهاجر إلا أنّ البيهقي قال: وهذا الحديث رواه الجماعة عن عبد الوهاب
الثقفي عن المهاجر، ورواه زيد بن حباب عنه عن خالد؛ فإمّا أن يكون غلطا
منه أو من الحسن/بن علي، وإمّا أن يكون عبد الوهاب رواه على الوجهين
جميعا، ورواية الجماعة أولى أن يكون محفوظا وحديث صفوان بن عسال
المرادي قال ابن حبان: ثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة بخبر غريب ثنا
محمد بن يحيى ومحمد بن رافع قالا: ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن عاصم عن
زر قال: أتيت صفوان بن عسال فقال: ما جاء بك؟ فقلت: جئت أنبط
العلم. قال: فإني سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ما من خارج يخرج من
بيته يطلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضا له بما صنع " (1) . قال:
جئت أسألك عن المسح على الخفين. قال: نعم:" كنا في الجيش الذين
بعثهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على
طهر ثلاثا إذا سافرنا ولا نخلعهما من غائط ولا بول "، وفي كتاب الأفراد:
وذكره مُطوّلا، ولفظه- يعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على جيش فأمرني أن أجعل
للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وفي الرابع من إسناد الدارقطني
على أبي الظاهر الذهلي ثنا أبو أحمد ثنا إسحاق بن إبراهيم الأموي الأروي ثنا
أشعث بن عبد الرحمن بن زيد ثنا أبي عن جدّي عن زر فذكره/بلفظ:
" للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة من بول أو غائط إلا من
جنابة "، وقال أبو علي الحسن بن علي بن سفر بن منصور الطوسي في كتاب
الأحكام من تأليفه فقال: هذا حديث حسن صحيح، وقال أبو نعيم: ورواه من
حديث أبي حباب الكلبي عن طلحة بن مصرف أنّ زِرْ بن حبيش أتى صفوان
فقال: ما غدايك الحديث. رواه الجمع الغفير عن عاصم عن زر، وحديث
طلحة تفرّد به يحيى بن فضيل عن الحسن بن صالح، وقال الدارقطني في
كتاب السنن: " ثلاثا إذا سافرنا ويوما وليلة إذا أقمنا " قال: وحدثني علي بن
إبراهيم بن عيسى سمعت ابن خزيمة يقول: ذكرت للمزني خبر عبد الرزاق
__________
(1) صحيح، وإسناده ضعيف. رواه ابن ماجة (226) وأحمد (4/240) والبيهقي (1/
282) والطبراني (8/67) والدارقطني (1/197) والترغيب (1/104) وإتحاف (1/96)
وعبد الرزاق (793) والكنز (28748) . في الزوائد: رجال إسناده ثقات. إلا ان عاصم بن
أبي النجود اختلط بآخره. وصححه الشيخ الألباني. انظر: صحيح ابن ماجة.

(1/646)


هذا فقال: حدث به أصحابنا؛ فإنه ليس للشافعي حجة أقوى من هذا،
يعني: قوله: " أدخلناهما على طهر ".
وقال الترمذي: سألت محمدا فقلت: أي الحديث عندك أصح في
التوقيت في المسح؟ قال: حديث صفوان. وأشار عمر بن عبد البرّ إلى
حسنه، ورواه النيسابوري عن محمد ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد وثنا
محمد ثنا عبيد الله ابن عائشة ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا أبو روق عطية بن
الحارث ثنا أبو العريف عبد الله بن خليفة عن صفوان به وثنا محمد بن
إسماعيل الصايغ بمكة ثنا أبو أسامة ثنا أبو روق به، وذكر ابن السكن أن
الصعق بن حزن رواه عن علّى بن الحكم عن المنهال بن عمرو عن زر عن ابن
مسعود قال: جاء رجل من مراد يقال له: صفوان ذكر هذا الحديث ولم يتابع
عليه، ورواه أبو القاسم في الأوسط (1) من حديث عمرو بن مرة عن صفوان
ثم قال: لم يروه عن عمرو إلا أبو كثير أنّ الحسن بن عقبة الرازي تفردّ به
عبد المجيد، ومن حديث. حذيفة بن أبي حذيفة الأودي عن صفوان، وقال: لم
يروه عن حذيفة إلا الوليد بن عقبة بن بزار العبسي. تفردّ به زيد بن الحباب.
وحديث ابن عباس ذكره النيسابوري في كتاب/الأبواب ثنا إبراهيم بن
مرزوق ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا شعبة ثنا قتادة عن موسى بن سلمة
قال: " سألت ابن عباس قلت: أكون بمكة ثم أصلي قال: ركعتين سنة أبي
القاسم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسألته عن صيام ثلاثة أيام كل شهر، فقال: البيض، كان عمر
يصومها، وسألته عن المسح على الخفين، فقال: ثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة
للمقيم فذكرت ذلك لعكرمة، فقلت: أنا نصيب السبايا أنا عتق عن أمي فقال:
نعم. قال: فسألته عن ماء البحر فقال: هو أحد البحرين ". قال النيسابوري:
هذا حديث تام حسن ثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ثنا مكي بن إبراهيم ثنا
موسى بن عبيدة عن محمد بن عمر عن عطاء عن ابن عباس، فذكر المسح
فقط، وقد سبق ذكره مرفوعا في الباب قبيله، وتقدّم أيضا في باب الوضوء
__________
(1) تقدم من أحاديث الباب.

(1/647)


بماء البحر وأن الحاكم صححه، وقال الدارقطني: الصواب وقفه وحدث يعلى
بن مرّة قال: " كنا إذا سافرنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ننزع خفافنا ثلاثا وإذا
أقمنا يوم وليلة " (1) . رواه ابن زياد عن أحمد بن منصور ثنا سليمان بن
عبد الرحمن بن بنت شرحبيل ثنا مروان بن معاوية ثنا عمر بن عبد الله بن
يعلى بن مرة الثقفي عن أبيه عن جدّه، ورواه الطبراني في الكبير عن عبدان
عن عمرو بن عثمان عن الحمصي عن مروان حدثنى عمرون عبد الله بن
يعلى بن مرّة الثقفي عن أبيه عن جدّه به وقال عقبة: ثنا محمد بن عبد الله
الحضرمي ثنا سهل بن ريحلة ثنا الصباح بن محارب عن عمرو بن عبد الله بن
يعلى بن مرّة عن أبيه عن جدّه وعن زياد بن علاثة عن أسامة بن شريك أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " في المسح على الخفين للمسافر ثلاث وللمقيم يوم وليلة " (2) .
ولفظ عبد الغني بن سعيد في كتاب الإيضاح: " كُنا إذا سافرنا مع النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا ننزع خفافنا ثلاثا فإذا شهدنا فيوم وليلة " (3) /وحديث عمرو الضمري
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " في المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن
وللمقيم يوم وليلة ". ذكره صاحب الأبواب عن محمد بن إسحاق الصنعاني
ثنا محمد بن عمر ثنا قدامة بن موسى عن الزبرقان عن عبد الله بن عمرو بن
أمية عن أبيه، وقد تقدّم من حديثه في الصحيح من غير ذكر التوقيت (4) .
وحديث ابن عمر بن الخطاب: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " في المسح على الخفين
__________
(1) ضعيف أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/260) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "
وفيه عمر بن عبد الله بن يعلى وهو مجمع على ضعفه.
(2) ضعيف أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/260) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "
وفيه عمر بن عبد الله بن يعلي وهو مجمع على ضعفه.
(3) ضعيف المصدر السابق. من حديث يعلى بن مرة، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " وفيه
عمر بن عبد الله بن يعلي وهو مجمع على ضعفه.
(4) بياض " بالأصل ".

(1/648)


للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن ". رواه أبو القاسم في الأوسط (1)
عن عبدان بن محمد المروزي ثنا قتيبة بن سعيد عن حميد بن عبد الرحمن
عن الحسن القصاب عن نافع عنه، وقال: لم يروه عن نافع إلا الحسن.
وحديث البراء بن عازب أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن
وللمقيم يوم وليلة في المسح على الخفين " (2) . ثنا به المشايخ المسندون أبو
عبد الله محمد بن عبد الحميد وأبو بكر عبد الله بن علي وأبو العباس أحمد
بن عبد المحسن العدوي قال الأولان: ثنا أبو الطاهر إسماعيل بن عبد القوي
بن داود قال الآخر: ثنا فاطمة بنت سعد الخير ثنا فاطمة الجوز وابنه أنبأ ابن
زيدة أنبأ أبو القاسم أنبأ محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا موسى بن الحسن
السلولي ثنا العبسي بن الأشعث عن أبي إسحاق عنه، ولما خرجه الطبراني في
الأوسط قال: لم يروه عن أبي إسحاق إلا الصبي بن الأشعث. تفرد به لسلولي
وحديث أبي مريم قال: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على خفيه وقال:
للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوما وليلة". رواه الحافظ (3) أبو نعيم في كتاب
معرفة (4) الصحابة عن إبراهيم بن محمد بن يحيى عن محمد بن المسيب عن
عاصم بن المغيرة عن عبد الرحمن بن عمرو- يعني بن جبلة- عن خالد بن
عاصم ثنا يزيد بن أبي مريم عن أبيه ثم قال: مالك بن ربيعة السلولي يكنى أبا
مريم/والد يزيد شهد الشجرة وسكن الرقة. وحديث مالك بن سعد أنه سمع
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من صلى الصبح في جماعة فكأنما قام ليلة " (5) وسألته عن
المسح على الخفين فقال: " ثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم ". رواه أبو نعيم
__________
(1) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/258) وعزاه إلى أحمد وأبي يعدي
والبزار والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " ورجال البزار والطبراني ثقات.
(2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/259) وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "
و" الأوسط " وفيه الضبي بن الأشعث له مناكير.
(3، 4) سقطت كلمة " الحافظ "، و" معرفة الصحابة " من " الأصل " وأثبتناهما من
" الثانية ".
(5) صحيح. رواه أبو عوانة (2/4) والبغوي (5/108) .

(1/649)


عن محمد بن سعد البارودي ثنا عبد الله بن محمد البصري الحمري ثنا
عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة حدثتنا مليكة بنت الحارث المالكية من بنى
مالك بن سعد قالت: حدثني أبي عن جدّي مالك بن سعد وقال أبو نعيم:
مالك مجهول وعداده في أعراب البصرة، وحديث يسار أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" رخص للمسافر في المسح على الخفين والعمامة للمقيم يوم وليلة وللمسافر
ثلاثة أيام وأنه نهى عن الصرف " (1) . ذكره ابن أبي حاتم في كتاب العلل
فقال: سألت أبي عن حديث رواه عبد الصمد بن عبد الوارث عن الهيثم بن
قيس عن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه عن جدّه فقال أبي: هذا منكر
ثنا به قرة بن حبيب فلم يذكر العمامة وليس ليسار صحبة، وحديث أنس بن
مالك أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " المسح على الخفين للمسافر ثلاث وللمقيم يوم
وليلة " (2) أنبأ به الإمام المسند المعمر أبو الحسن علي بن إبراهيم- رحمه الله
تعالى- قراءة عليه وأنا أسمع أنبأ الإمام العلامة أبو الحسين المصري أنبأ أبو
الطاهر الشقيقى قراءة عليه أنبأ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم
الشافعي قراءة عليه أنبأ أبو القاسم علي بن محمد بن عليّ الفارسي أنبأ أبو
أحمد عبد الله بن الناصح ثنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي
المروزي ثنا الهيثم بن خارجة ثنا سعيد بن ميسرة به وأنبأ به المسند المعمر عبد
المحسن بن الصابوني- رحمه الله تعالى- قراءة عليه وأنا أسمع أنبأ جدي أبو
حامد أنا أبو القاسم الأنصاري أنبأ أبو الحسن علي بن المسلم أنبأ أبو نصر بن
طلاب أنبأ بن جميع القتباني أنبأ عدي الآدمي أنبأ أحمد أنبأ عمي يحيى بن
عبد الباقي ثنا العباس بن أبي طالب/ثنا حفص بن عمر ثنا مالك عن الزهري
عنه به في كتاب طبقات الموصل من حديث غسّان بن الربيع ثنا حماد بن
__________
(1) منكر. العلل لابن أبي حاتم. والعقيلي (4/208) وكذا ذكر الشارح نقلا عن أبي حاتم.
قال العقيلي: والمتن معروف من غير هذا الوجه، ولا يتابع مهاجر على هذه الرواية.
(2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/259) وعزاه إلى الطبراني في
" الأوسط " وفيه القاسم بن عثمان البصري، قال البخاري: له أحاديث لا يتابع عليها.

(1/650)


سلمة عن ثابت عن أنس قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الخلاء وعليه خفان
أبيضان من جلود إيضاء فتوضأ ومسح عليهما والله أعلم " (1) .
وحديث ابن مسعود: " مازلنا نمسح مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الخفين للمسافر
ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة ". ورواه ابن أبي شيبة موقوفا بإسناد
صحيح عن ابن مهدي عن شعبة عن سلمة بن كهيل عن إبراهيم التيمي عن
الحرب بن سويد عنه، وحديث المغيرة بن شعبة قال: " آخر غزاة غزونا مع النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرنا أن نمسح على خفافنا للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة
ما لم نخلع ". رواه الطبراني في الكبير (3) عن الحسن بن علي عن إبراهيم بن
مهدي المصيصي عن عمر بن زريع عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي بردة
عنه، وفي كتاب العلل لابن أبي حاتم: وسألت أبي عن حديث رواه هشيم
عن داود بن عمرو عن بسر بن عبيد الله عن أبي إدريس عن عوف بن مالك
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " نقول المسح للمسافر ثلاثا وللمقيم يوم وليلة " (4) .
ورواه الوليد بن مسلم عن إسحاق بن يسار عن يونس بن جليس عن أبي
إدريس قال: سألت المغيرة عما حضر من النبي فقال: حضرته ومسح على
خفيه قال أبو داود بن عمر: ليس بالمشهور، وكذلك إسحاق ولم يرو عنه غير
الوليد، ولا نعلم روى أبو إدريس عن المغيرة شيئا سوى هذا الحديث، ويحتمل
(1) بياض " بالأصل ".
(2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/258) وعزاه إلى البزار، وفيه
سليمان بن بشير وهو ضعيف. وأورده بلفظ: " كنا نمسح مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الخفين للمسافر
ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة ".
(3) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/259) وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
- وفي الصحيح طرف منه- فيه يزيد بن داود الأودي وقد ضعفوه إلا ابن عدي فقال: لم أر
له حديثا منكرا جاوز الحد إذا روى عنه ثقة، وإن كان ليس بالقوي في الحديث فإنه يكتب
حديثه ويقبل إذا روى عنه ثقة، وهذا روى عنه مكي بن إبراهيم وهو من رجال الصحيح فهو
مقبول على ما قاله ابن عدي، والله أعلم.
(4) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/259) وعزاه إلى البزار والطبراني في
" الأوسط " ورجاله رجال الصحيح.

(1/651)


أن يكون سمع من عوف ومن المغيرة فإنّه مر من تابعي أهل الشّام وله إدراك
حسن. وحديث أبي زيد رجل من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإسناده لا بأس به أنّ
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال (1) : " يمسح المسافر على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن/وللمقيم يوم
وليلة "، ثنا به المسندة المعمرة أم عبد الرحمن رقية ابنة القشيري الحافظ ثنا
عبد العزيز الحراني عن أبي محمد عبد البر بن الحافظ أبي العلاء الهمذاني ثنا
أبي قراءة عليه وأنا أسمع أنبا أبو علي الجراد أنبأ أبو نعيم أنبا أبو حفص
الخطابي أنبا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله ثنا حجاج بن منهال ثنا حماد بن
سلمة عن سعيد بن مطين عنه. وحديث جابر بن سمرة قال: ما أبالي لو لم
أنزع خفي ثلاثا. رواه هكذا موقوفا ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي داود عن
شعبة عن سماك، قال: سمعت جابرا، وذكره البيهقي مسندا. وحديث أبي
مسعود البدري وعما ذكرهما البيهقي وأبو عمر بن عبد البر.
__________
(1) صحيح. رواه أحمد (5/213) وحنف (1/281) وعبد الرزاق (798) وحنيفة (32)
وأصفهان (1/124) والطبراني (8/9) والبيهقي (1/278) .

(1/652)


56- باب ما جاء في المسح بغير توقيت
حدثنا حرملة بن يحيى، وعمرو بن سواد المصريان قالا: ثنا عبد الله بن
وهب أنبأ يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن
أبي زياد عن أيوب بن قطن عن عبادة بن نسي عن أبي بن عمارة: " وكان
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في بيته الصلاتين كليهما أنه قال لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أمسح على الخفين؟ قال: نعم. قال: يوما، قال: ويومين قال: وثلاثا حتى بلغ
سبعا قال له: وما بدا لك ". هذا حديث لما رواه (1) أبو داود عن يحيى بن
معين ثنا عمرو بن الربيع بل، طارق ثنا يحيى بن أيوب عن ابن رزين عن
محمد بن يزيد عن أيوب عن أبي بلفظ: " أمسح على الخفين؟ قال: نعم قال:
يوما؟ قال: ويومين؟ قال: وثلاثة؟ قال: نعم. وما شئت " قال: ورواه ابن أبي
مريم عن، يحيى عن عبد الرحمن عن محمد عن عبادة عنه قال فيه: حتى بلغ
سبعا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وما بدا لك قال: وقد اختلف في إسناده وليس بالقوي
كذا هي في روايتنا من طريق اللؤلؤي، وفي كتاب ابن العبد وقد اختلف على
يحيى/بن أيوب، فذكره ومعناه قاله البخاري، وفي موضع آخر إسناده ليس
بالقوي، وفي كتاب العلل للخلال قال أبو زرعة: سألت أحمد عن هذا
الحديث أيجب العمل به قال: يعني: رجاله لا يعرفون، وفي تاريخ دمشق
للبصري سمعت أبا عبد الله يقول: حديث أبي بن عمارة ليس بمعروف
الإسناد، قال أبو زرعة: فناظرت أبا عبد الله في حديثه- يعني: حديث أبي-
فلم يقنع به، وقال ابن حبان: وذكر أمثالا إلا أني لست أعتمد على إسناد
خبره، وقال أبو الفتح الأزدي: لا يحفظ أن أحدا روى عن أبي إلا أيوب بن
قطن، وحديثه ليس بالقائم وفي متنه نظر وفي إسناده نظر. انتهى كلامه، وفيه
__________
(1) ضعيف. رواه أبو داود في: 1- كتاب الطهارة، 59- باب التوقيت في المسح، (ح/
158) .
قال أبو داود: وقد اختلف في إسناده وليس هو بالقوي، ورواه ابن أبي مريم ويحيى بن
إسحاق الشليخِي عن يحيى بن أيوب، وقد اختلف في إسناده.

(1/653)


نظر لما يأتي من أنّ عبادة بن نسى روى عنه أيضا وقال ابن بنت منيع- وذكر
هذا الحديث-: لا أعلمه روى غيرها وقال غيره: ابن أبي مريم بن عبادة، وقال
في موضع آخر: وقد اختلف في اسمه، وقال أبو الحسن الدارقطني: وهذا
إسناد لا يثبت وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب اختلافا كثيرا وعبد الرحمن
ومحمد بن يزيد وأيوب مجهولون كلهم، وقد بينته في موضع آخر، وذلك
الموضع لم أر له ذكرا في العلل وذكره في كتاب المختلف فقال: كان النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي في بيت عمارة القبلتين وقال أبو محمد بن حزم: هذا آخر ساقط
لا يصح فيه يحيى بن أيوب الكوفي وآخر وهما مجهولان، ولا يصح خلاف
التوقيت أيضا عن أحد من الصحابة إلا عن ابن عمر فقط، وقال أبو الفرج
في العلل المتناهية: هذا حديث لا يصح، وقال ابن الأثير: لأبي حديث واحد
وهو معلول وفي إسناده اضطراب وهو غير مشهور، وقال عبد الغنى بن سرور:
في إسناد حديثه جرح له واضطراب، وقد اختلف في اسم أبيه فقيل: عمارة
وقيل: عبادة وعداده في المدنين وسكن مصر، ولما ذكره الجوزجاني قال: هذا
حديث باطل منكر ومداره/على يحيى بن أيوب، ولما ذكره أبو الحسن بن
القطان قال علّته: هي أنّ هؤلاء الثلاثة- يعني: عبد الرحمن بن رزين فمن
بعده- مجهولون، وقال الموصلي أيضا: أيوب بن قطن مجهول، وذكر حديثه
هذا والاختلاف فيه، وقال: كلّ لا يصح ومحمد بن يزيد هو ابن أبي زياد
صاحب حديث الصور، وقال فيه أبو حاتم: مجهول وعبد الرحمن أيضا لا
يُعرف له حال، فهو مجهول، ويحيى مختلف فيه وهو ممن عيب على مسلم
إخراج حديثه، وأما الاختلاف عليه الذي أشار إليه أبو داود والدارقطني،
فيتحصل منه أربعة أقوال: فذكرها مجملة، وذلك أنه روى عنه عن ابن رزين
عن محمد عن أيوب عن أبي، ويروي عنه عن ابن رزين عن محمد بن عبادة
عن أبي، ويروي عنه عن ابن رزين عن محمد عن أيوب عن عبادة عن أبي،
ويروى عنه وهكذا أبي عبادة بن نسى ثم لا يذكر أنبأ؛ لأنّه يرسله عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه قول خامس لكنه لم يتصل إلى سنده فلم اجعله ممّا تحصّل فيه، وهو
ما أشار إليه ابن السكن ولم يوصل به إسناده إّنما قال: ويقال أيضا: عن يحيى
عن عبد الرحمن عن محمد عن وهب بن قطن عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والله أعلم.

(1/654)


وقال ابن عبد البر في كتاب الاستذكار: حديث أبي لا يثبت وليس له إسناد
قائم، رواه أبو أحمد العسكري عن علي بن سعدان ثنا محمد بن إسحاق ثنا
يحيى بن معين ثنا عمرو بن الربيع أنبأ يحيى بن أيوب ثنا ابن رزين الغافقي
عن محمد بن يزيد، أو يزيد، فذكره ثم قال: وقال بعضهم: ليس يصح له
صحبة، وقال الطحاوي: والآثار قد تواترت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتوقيت في المسح،
فليس ينبغي لأحد أن يترك مثل هذه الآثار المتواترة إلى مثل حديث أبي بن
عمارة، وقال الخزرجي في كتابه التقريب: في إسناده اختلاف واضطراب،
وقال أبو القاسم بن عساكر: ورواه يحيى بن إسحاق السيليخي (1) عن يحيى
بن أيوب مثل رواية عمرو بن الربيع،/ وقال أيوب بن قطن الكندي: ورواه
سعيد بن كثير بن عفير عن يحيى بن أيوب مثل رواية ابن وهب، ورواه
إسحاق بن الفرات عن يحيى بن أيوب عن وهب بن قطن عن أبي. انتهى.
وهو فول سادس لم يذكره ابن القطان، وأما قول الطبراني في الأوسط: رواه
جماعة عن يحيى بن أيوب فلم يذكر عبادة بن نسى إلا سعيد بن عفير فإن
جوده ففيه نظر لما أسلفناه من رواية غيره الرواية، وزعم ابن عقدة في كتاب
التفرد انه مما تفرّد به أهل مصر وأبي ذلك الحافظ ابن يونس بقوله في تاريخه:
ليس له في أهل مصر حديثه، ويشبه أن يكون وهما لما ذكره الإمام العلامة
عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم في فتوح مصر من تأليفه في باب من
دخل مصر من الصحابة ممن روى عنه أهلها أبي بن عمارة ولهم حديث
واحد، وهو يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن محمد بن يزيد عن أيوب بن
قطن عنه فذكر لفظ حديث أبي داود ثم قال: ثناه سعيد بن عفير، وثنا عمرو
بن سويد عن ابن وهب عن يحيى عن عبد الرحمن عن محمد عن أيوب عن
عبادة، ولم يذكر ابن عفير عبادة، وأما ما ذكره أبو الحسن بن القطان من أن
مسلما عيب عليه إخراج حديث يحيى بن أيوب، فكلام يفهم منه تفرده
بحديثه دون شيخه البخاري وليس كذلك؛ لأن أبا الوليد الباجي ذكره في
كتاب التعديل والتخريج فقال: أخرج البخاري في الصلاة وتفسير سورة
__________
(1) قوله: " السيليخي " وردت " بالأولى " " السيلحي " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه
من " الثانية ".

(1/655)


الأحزاب عن ابن جريج، وسعيد بن أبي مريم عنه عن حميد ويزيد بن أبي
حبيب ثم قال: وقال أبو عبد الله هو البخاري في الاستشهاد: ولمسلم في
الرواية. انتهى. وبنحوه ما قاله أبو عبد الله: ذكره الكلاباذي في كتاب
الإرشاد ولئن كان كذلك فهو في اصطلاح الحاكم في المستدرك وغيره يصدق
عليه التخريج عنه لا سيّما العنبري، وأما قوله: أنّ عبد الرحمن فمن بعده
مجهول فيشبه أن يكون وهما وذلك أنّ عبد الرحمن/بن رزين ويقال: ابن
يزيد بن عبد الله البروقي مولى قريش روى عنه يحيى بن أيوب وعبد الله بن
المبارك وابن وهب ونافع ويزيد وعبد الله بن يحيى البرلسي. ذكره ابن يونس
في كتاب الغرباء، وقال: توفي خمس وخمسين ومائة، وقال ابن أبي حاتم:
عبد الرحمن بن رزين مولى قريش روى عن سلمة بن الأكوع قال: بايعت
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ روى عنه العطاف بن خالد ويحيى بن أيوب، وروى عن محمد
بن يزيد صاحب حديث الصور، ولما ذكره ابن حبان في كتاب الثقات قال:
عداده في أهل الشام روى عنه أهله والعطاف، وقال الحاكم: لم ينسب إلى
ضعف وعلى شرط أبي أحمد الجرجاني يكون ثقة لكونه لم يذكره في كامله،
ومحمد بن يزيد لم أر أحدا نسبه إلى ضعف كما قاله أبو عبد الله بن البيع،
وغاية ما قال فيه البخاري روى عنه إسماعيل بن رافع حديث الصور مرسل
ولم يصح، وقال ابن يونس في الغرباء: روى عنه يزيد بن أبي حبيب وكان
يجالسه (1) وحرملة بن عمران، ومن أهل الكوفة أبو بكر بن عيّاش فهذا كما
ترى قد خرج من الجهالة العينية، وأما الجهالة الحالية فيمكن أن تكون منتفية بما
ذكره الحاكم فإنّه لما خرج هذا الحديث قال فيه: صحيح ولم يخرجاه وأبي
صحابي معروف وهو إسناد مصري، ولم ينسب واحد من رواته إلى جرح،
وأمّا أيوب بن قطن فذكر عبد الرحمن أنه ابن ابن امرأة عبادة بن الصامت،
أبو أبي بن أم حرام، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقد أسلفنا رواية
سادسة زائدة على ما ذكره ابن القطان وتابعه ذكرها النيسابوري عن محمد
بن أيوب عن ابن عبادة الأنصاري وكان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلى في بيت جدّه
__________
(1) كذا ورد " بالأصل ".

(1/656)


القبلتين، وبنحوه ذكره في المصنف وقد ورد لهذا الحديث شواهد عديدة فمن
ذلك:/حديث عقبة بن عامر قال: خرجت من الشام إلى المدينة يوم الجمعة
فدخلت المدينة يوم الجمعة فدخلت على عمر فقال لي: " متى أولجت خفّك
في رجليك؟ قلت: يوم الجمعة. قال: فهل نزعتهما؟ قلت: لا. قال: أصبت
السنة ". خرّجه أبو الحسن الدارقطني (1) وهو في معنى المرفوع لا سيّما من أبي
حفص الفاروق، وقال أبو بكر النيسابوري: هذا حديث غريب، وقال
الدارقطني: وهو غريب صحيح الإسناد، وقال في العلل: وخالفهم عمرو بن
الحرث والليث بن سعد ويحيى بن أيوب فقالوا فيه: قال عمر: أصبت. ولم
يقولوا: السنة كما قال من تقدّمهم وهو المحفوظ، ولما خرجه ابن البيّع في
مستدركه فذكر السنّة قال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وله شاهد،
وقال ابن مندة: رواه أبو شُجاع وعمرو بن الحرث فلم يذكر السنة، وقوله
أصبت السنة زيادة مقبولة؛ لأنّ حيوة والفضل مقبولان عند الجماعة قال: وقد
روى من جهة موسى بن علي عن أبيه نحوه وقال: أصبت السنة، قال: فهذا
موافق لرواية من تقدّم وسبيله سبيل الصحة قال الدارقطني، ورواه أيضا من
طريق أسد بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن زياد عن ربيعة بن
الصلت سمعت عمر يقول: " إذا توضأ أحدكم وليس خفيه فليمسح عليهما
وليصل فيهما ولا يخلعهما إن شاء إلا من جنابة " (2) . قال: وثنا حماد بن
سلمة عن عبيد الله بن أبي بكر وثابت عن أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مثله، قال ابن
صاعد: ما علمت أحدا جاء به إلا أسد بن موسى، ولماّ خرجه الحاكم في
مستدركه (3) قال: وقد روى عن أنس مرفوعا إسناد صحيح رواته عن آخرهم
ثقات إلا أنه شاذ عنه وهو على شرط مسلم ثم ذكره من جهة المقدام بن داود
الرعيني عن عبد الغفار بن داود الحراني عن حمّاد قال: وعبد الغفار ثقة غير
__________
(1) صحيح. رواه الدارقطني (1/196) والحاكم (1/181) والبيهقي (1/280) .
(2) صحيح. رواه الحاكم (1/181) والدارقطني (1/204) ونصب الراية (1/179)
والبيهقي (1/279) .
(3) منكر. رواه الدارقطني: (1/204) .

(1/657)


أنّه ليس عند أهل البصرة من حمّاد زاد الدارقطني: وليس بمشهور، واعترض
أبو محمد الفارسي على هذا الحديث بأن قال: وأسد بن موسى/منكر الحديث
لا يحتج به، ولم يروه أحد من الثقات أصحاب حماد وهو قول لم يقله غيره
في أسد، إنما رأيت العلماء أثنوا عليه ووثقوه ذكر ذلك جماعة منهم البزار
والكوفي والنسائي وأبو العرب في كتاب الطبقات، ولعل ابن حزم رأى قول
ابن يونس في كتاب الغرباء ذكره حديث بأحاديث منكرة وكان رجلا صالحا
ثقة فيما روى واحتسب الأمة من غيرها وهذا كما ترى فرق ما بين الكلامين،
وقوله لم يروه أحد من ثقات أصحاب حماد وفيه نظر؛ لما أسلفناه من حديث
عبد الغفار، وأمّا قول المزِّي أنّ ابن ماجة خرّج حديث عقبة هذا في كتاب
الطهارة عن أحمد بن يوسف عن أبي عاصم عن حيوة عن يزيد عن الحكم
بن عبد الله البلوى عن علي بن رياح فيشبه أن يكون وهما؛ لأنّي نظرت في
عدة نسخ من كتاب السنن فلم أره، والله أعلم. وكذا قول الحافظ القشيري
بأن النسائي خرجه قال: وهو حجة لمذهب مالك فإني لم أره في كتاب السنن
الكبير ولا الصغير فلينتظر، وزاد الجوزجاني بأن قال: هذا حديث باطل منكر
وليس يصح عن عمرو، والصحيح عن عمر مرفوعا التوقيت، وحديث ميمونة
وسألها عطاء عن المسح فقالت: قلت: يا رسول الله، كل ساعة يمسح الإنسان
على الخفين ولا يخلعها، قال: نعم ". رواه الدارقطني بإسناد صحيح لا علة فيه
عن محمد بن مخلد ثنا جعفر بن مكرم ثنا أبو بكر الحنفي ثنا أبو بكر
النيسابوري ثنا عبد الله بن أحمد حدثنى أبي ثنا الحنفي أبو بكر ثنا عمر بن
إسحاق بن يسار أخو محمد بن إسحاق قال: قرأت كتابا العطاء مع عطاء بن
يسار قال: سألت ميمونة، وفي هذا ردّ لما قاله أبو زرعة الدمشقي قلت له:-
يعني: لأحمد- فحديث عطاء بن يسار عن ميمونة قال: من كتاب لتصريحه
بقراءته الكتاب معه فدلّ على سماعه له مه والله أعلم.
وذكر أبو عمر بن عبد البر أنّ أبا حنيفة وأصحابه، وسفيان، والأوزاعي،
والشافعي/وأصحابه، وأحمد، وداود، والطبري قالوا: بالتوقيت، وقد روى عن
مالك التوقيت في رسالته لبعض الخلفاء، وأنكر ذلك أصحابه، وروى التوقيت
في المسح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وجوه كثيرة، وروى عن عمر من طرق أكثرها:

(1/658)


من حديث أهل العراق بأسانيد حسان، وثبت ذلك عن علي، وابن مسعود،
وسعد على اختلاف عنه، وعمار، وأبي مسعود، والمغيرة، وغيرهم وعلى
جمهور التابعين وأكثر الفقهاء وهو الاحتياط عندي، وقال الطحاوي: يحتمل
أن يكود عمر قال ذلك؛ لأنه علم أنّ طريق عقبة الذي جاء منها طريقا لا ماء
فيها كان حكمها أن يتيمم فسأله متى عهدك بخلع خفيك إذا كان حكمك
هو التيمم؟ فأخبره بما أخبره، وهذا الوجه أولى ما يحمل عليه هذا الحديث
ليوافق في روى عن عمر بالأخبار المتواترة ولا يضاره، وقد روينا عن غيره ما
يوافق ما قلنا قال أبو محمد بن حزم: وتعلّق مقلّد وأملك بأخبار ساقطة لا
يصح مضها شيء وبآثار عن الصحابة لا يصح منها أثر، ولا يصح خلاف
التوقيت فيه عن أحد من الصحابة إلا عن ابن عمر فقط ولا حجة فيه؛ لأن
ابن عمر لم يكن عنده المسح ولا عرفه؛ بل أنكره حتى أعلمه به سعد فلم
يكن في علم المسح كغيره، وعلى ذلك فقد روى عنه التوقيت. انتهى كلامه.
وقد أسلفنا قبل ما صح في الباب من الحديث وغيره، والله أعلم وبما يحتج به
المالكيون قول الحسن وقيل له: أن يزيد سار إلى السند فلم يخلع له خفا حتى
قدمها فلم ير به بأسا ذكره النيسابوري في الأبواب عن أبي الأزهر ثنا روح ثنا
أشعث عنه، وثنا أبو الأزهر ثنا روح ثنا أشعث عن الحسن قال: المقيم والمسافر
في المسح سواء، وعن الشعبي أنه كان لا يوقِّت في ذلك وقتا، وعن سعد بن
أبي وقاص أنّه كان لا يُوقِّت فيما ذكره ابن أبي شيبة في مصنفه وكذلك أبو
سلمة.

(1/659)


57-/باب المسح على الجوربين والنّعلين
حدثنا على بن محمد ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي قيس الأودي عن هزيل
ابن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على
الجوربين والنعلين " (1) . هذا حديث اختلف في تصحيحه وتضعيفه، فمن
المصححين له أبو حاتم البستي، فذكره له في كتابه: الصحيح، وأبو عيسى
__________
(1) صحيح. رواه الترمذي (ح/99) من حديث المغيرة بن شعبة وقال الترمذي: هذا حديث
حسن صحيح. ورواه أبو داود (ح/159) والنسائي (1/32) وابن ماجة (ح/559) كلهم
من طرين وكيع عن الثوري. ورواه البيهقي (1/283- 284) بإسنادين من طريق أبي عاصم
عن الثوري. ونسبه الزيلعي في نصب الراية (1/96) إلى صحيح ابن حبان.
قلت: وهو في صحيح ابن حبان (2/314) من حديث المغيرة بن شعبة.
هكذا صحح الترمذي هذا الحديث، وقد صححه غيره أيضا، وهو الحق. وقد أعله بعضهم بما
لا يدفع في صحته، فقال أبو داود: " كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث هذا الحديث؛
لأن المعروف ظن المغيرة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفّين "، وقال النسائي: " ما نعلم أحدا
تابع أبا قيس على هذه الرواية، والصحيح عن المغيرة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين ". ونقل البيهقي عن علي بن المديني قال: " حديث المغيرة في المسح رواه عن المغيرة أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة، ورواه هزيل بن شرحبيل عن الميرة، إلا أنه قال: ومسح على الجوربين، وخالف الناس ". ونقل البيهقي تضعيفه أيضا عن عبد الرحمن بن مهدي وأحمد وابن معين ومسلم بن الحجاج. وغلا النووي غلوا شديدا، فقال في المجموع (1/500) بعد نقل ذلك: " وهؤلاء هم أعلام أئمة الحديث، وإن كان الترمذي قال: حديث حسن، فهؤلاء مقدمون عليه؛ بل كل واحد من هؤلاء لو انفرد قدم على الترمذي باتفاق أهل المعرفة!! ".
وليس الأمر كما قال هؤلاء الأئمة، والصواب صحيح الترمذي في تصحيح هذا الحديث، وهو
حديث آخر، غير حديث المسح على الخفين. وقد روى الناس عن المغيرة أحاديث المسح في
الوضوء، فمنهم من روى المسح على الخفين، ومنهم من روى المسح على العمامة، ومنهم من
روى المسح على الجوربين، وليس شيء منها بمخالف للآخرة، إذ هي أحاديث متعددة،
وروايات عن حوادث مختلفة، والمغيرة صحب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو خمس سنين، فمن المعقول أن
يشهد مع النبي وقائع متعددة في وضوئه ويحكيها، فيسمع بعض الرواة منه شيئا، ويسمع غيره
شيئا آخر، وهذا واضح بديهي.

(1/660)


الترمذي بقوله: هو حسن صحيح، وذكره ابن حزم مصححا له ومحتجا به،
وكذلك أبو الفرح في كتاب التحقيق، وقال الطوسي في أحكامه: يقال هذا
حديث حسن صحيح. ومن المضعفين أبو داود؛ فإنّه قال: أبو روايته (1) ، وكان
عبد الرحمن بن مهدى لا يحدّث بهذا الحديث لا المعروف عن المغيرة أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين وليس بالمتصل ولا بالقوى ومسح على الجوربين:
علي، وابن مسعود،، والبراء، وأنس بن مالك، وأبو أمامة، وسهل بن سعد،
وعمر،، وابن حرث، وروى ذلك عن عمرو بن عباس- رضي الله عنهم-،
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدّث أبي هذا الحديث فقال: ليس يروى
إلا من حديث أبي قيس وأبي عبد الرحمن بن مهدى أن يحدّث به يقول هذا
حديث منكر. وقال مهنأ: سألت أحمد عن حديث سفيان عن أبي قيس
عبد الرحمن بن مروان عن هزيل، فقال: أحاديث أبي قيس ليست صحيحة
المعروف عن المغيرة أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين. وفي كتاب العلل للخلال
أنبأ المروزي أنّ أبا عبد الله ذكر أبا قيس في المسح، فأمّا ابن مهدى فأبي أن
يحدّثاه وأمّا وكيع فحدّث به. وفي كتاب التمييز لمسلم ذكر خبر ليس
بمحفوظ المتن، ثنا يحيى بن يحيى وثنا/وكيع فذكره، ثم ذكر الذين رووا عن
المغيرة مسح الخفين ثم قال: قد بيّنا من ذكر أسانيد المغيرة في المسح بخلاف
ما روى أبو قيس عن هزيل عن المغيرة مما قد اقتضيناه وهم من التابعين الخلة،
وكلّهم قد اتفق على خلاف رواية أبي قيس، ومن خالف بعضهم ليس من
أهل الفهم والحفظ في نقل هذا الخبر والحمل فيه على أبي قيس أشبه، وبه
أولى منه بهزيل؛ لأنّ أبا قيس قد استنكر أهل العلم من روايته أخبارا غير هذا
الخبر سنذكرها في مواضعها إن شاء الله تعالى. قال مسلم: وأخبرني محمد بن
عبد الله بن فهران عن على ابن الحسن بن شقيق قال: قال عبد الله بن
المبارك: عرضت هذا الحديث- يعني: حديث المغيرة من رواية أبي قيس-
على الثوري فقال: لم يجيء به غيره فعسى أن يكون وهما، وفي كتاب
السنن للبيهقي قال أبو محمد- يعني: يحيى بن منصور-: ورأيت مسلم بن
__________
(1) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ".

(1/661)


الحجاج ضعّف هذا الخبر وقال أبو قيس وهزيل: لا يحتملان هذا مع
مخالفتهما للأجلة الذين رووا هذا الخبر عن المغيرة فقالوا: يمسح على الخفين
وقالوا: لا نترك ظاهر الكتاب لمثل أبي قيس وهزيل، فذكرت هذه الحكاية عن
مسلم لأبي العباس الدعولي فسمعته يقول: سمعت علي بن محمد بن شيبان
سمعت أبا قدامة السرخسي يقول: قال ابن مهدي: قلت للثوري: لو حدثتني
بحديث أبي قيس عن هزيل ما قبلته منك، فقال سفيان: الحديث ضعيف- أو
واه أو كلمة نحوها- وقال على بن المديني: هذا حديث منكر ضعّفه الثوري،
وابن مهدي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني ومسلم،
والمعروف عن المغيرة حديث المسح على الخفين، وسئل عنه الدارقطني فقال:
يرويه الثوري عن أبي قيس عن هزيل، ورواه كليب بن وائل عن أبي قيس
عمن أخبره عن المغيرة وهو هزيل ولكنه لم يسمّه ولم يروه غير أبي قيس، وهو
مما يغمر عليه لم لأنّ المحفوظ عن المغيرة المسح على الخفين، ولما ذكر العقيلي
هذا الحديث فيما أنكر على أبي قير قال: الرواية في الجوربين فيها لين، وقال
أبو عبد الرحمن النسائي: لم نتابع هزيل على هذه الرواية والصحيح عن المغيرة
مسح على الخفين، وقال ابن الحمار في كلامه على الموطأ: اضطراب لا ينكر
قد صحّ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه مسح على النعلين وعلى القدمين، ولقائل أن يقول:
أبو قيس عبد الرحمن بن مروان وهزيل حديثهما في صحيح البخاري وثّقهما
غير واحد، وما روياه هنا ليس مخالفا لرواية الجمهور عن المغيرة مخالفة
معارضة؛ بل هو أمر زائد على ما رووه، ولا يعارضه لكونه طريقا مستقلا على
حده لم يشارك المشهورين في سندها، فيترجح قول المصححين لهذه العلة،
والله أعلم. وأمّا قول أبي داود: وروي هذا الحديث عن أبي موسى إلى آخره-
يعني: المخرج عند ابن ماجة- وليس ثابتا في روايتنا وهو كما قال: ضعيف
ومنقطع ويفهم منه إلا مشارك له، وليس كذلك لما ذكره الطبراني في المعجم
الكبير (1) من حديث يزيد بن أبي زياد عن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة
عن بلال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفين والجوربين".
__________
(1) ضعيف. رواه الطبراني (1/334، 349) وأحمد (6/14، 15) وابن عساكر في
" التاريخ " (3/462) وحنيف (1/282) . قلت: فيه ابن أبي ليلى.

(1/662)


ولما ذْكره المخرمي في كتاب العلل من حديث أنس بن مالك: " أنه توضأ
ومسح على جوربيه ونعليه " (1) ، ثنا علي بن مسلم ثنا محمد بن القاسم ثنا أبو
طاهر قال: رأيت أنسا قال الحربي: أبو طاهر رجل يتولى الحسن حدّث عنه
شهر بحديث منكر، وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق جيدة رواها النسائي
في كتاب الكنى عن عمرو بن علي ثنا سهل بن زياد أبو زياد الطحان ثنا
الأزرق بن ميسرة قال: رأيت أنسا، فذكره فسلم مما أعلّه به الحربي. وحديث
جرير بن عبد الله، وقد تقدّم ذكره. وحديث أبي موسى ذكره في الأوسط،/
وقال: لا يروى عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد. تفرد به عيسى بن سنان،
وقال البيهقي في سننه: وذكر حديث أنس وقد رفعه بعض الضعفاء وليس
بشيء، وإنما تعداده في الصحابة فقد أغفل ابن عمر وأنا مسعود وسعد بن أبي
وقاص، وذكرهم ابن حزم وقال: لا نعلم لهم مخالفا. قال: وهو قول ابن
المسيب، وعطاء، والنخعي، والأعمش، والحسن، وحلاس زاد في المصنف،
وإبراهيم، والضحاك، وسعيد، وجبير، ونافع، وفي كتاب الإسراف: وابن
المبارك، وزفر، والثوري والحسن بن صالح، وأبي يوسف، ومحمد بن الحسن،
وأبي ثور، وأحمد: وإسحاق، وداود بن علي وغيرهم، وقال أبو حنيفة: لا
يمسح عليهما، وقال: مالك لا يمسح عليهما إلا أن يكونا مجلدين. انتهى
كلامه، وفيما حكاه عن أبي حنيفة؛ نظر؛ لأن مذهبه جواز المسح عليهما إذا
كان مجلدين ومنعلين، كذا هو في المنافع وغيره، وحكى أبو عيسى في جامعه
عن صالح بن محمد الترمذي سمعت أبا مقاتل السمرقندي (2) يقول: دخلت
على أبي حنيفة في مرضه الذي مات فيه فدعا بماء فتوضأ وعليه جوربان
فمسح عليهما، ثم قال: فعلت اليوم شيئا لم أكن أفعله مسحت على الجوربين
وهما غير منعلين قال أبو عيسى: وبه يقول الشافعي: انتهى كلامه. والحنفيون
يذكرون أنّ الشّافعي لا يجوز المسح عليهما، وكذا ذكره أبو سليمان الخطابي
قال: إلا أن يكونا منعلين يمكن متابعة المشي عليهما. وقال ابن المنذر: فكرة
__________
(1) تقدّم أول حديث من هذا الباب، وعليه تعليقا مطولا.
(2) قوله: " السمرقندي " وردت " بالأولى " " التيمي أفندي " والصحيح ما أثبتناه من
" الثانية ".

(1/663)


المسح عليهما مالك والشافعي وروى أباحية عن تسعة من الصحابة: علي،
وعمار، وابن مسعود، وابن عمر، وأنس، والبراء، وبلال، وأبو أمامة، وسهل بن
سعد، وأبو سعيد الخدري، وبه قال عطاء: والحسن بن صالح، وابن المبارك،
وأحمد، وإسحاق، وزفر وأما صاحبا (1) أبي حنيفة/فقالا: يمسح عليهما إذا
كانا نجسين لا يشفّان. والجورب. قال أبو نصر: معرب لفافة الرجل والجمع
جواربه والهاء للعجمة. ويقال: الجوارب أيضا كما قالوا في جمع الكيلج
الكيالج، ويقول: جوربه فتجورب أي: ألبسه الجورب فلبسه، وقال الجواليقي:
كثر حتى صار كالعربي قال رجل من بنى تميم لعمر بن عبيد الله بن معمر،
وكانت تحته رملة أخت طلحة الطلحات وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله:
أنبذ برجله نبذ الجورب الخلق وعش بعيشة عيشا غير ذى رنق وضرب العرب
المثل بعيشة، وقال نافع بن لقيط الأسرى:
وما ولق أنصحت كية رأسه ... فتركته وفرا كى الجورب
وقال مسكين الدارمي:
أثنى على بما علمت فإنني ... مثن عليك بمثل ريح الجورب
وأما الأحاديث الواردة في المسح على النعلين فمنها ما رواه أبو داود عن
أوس بن أبي أوس الثقفي أنه رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضأ ومسح على نعليه
وقدميه " (2) ، وقال الجرجاني: هذا حديث منكر، ولما ذكره عبد الحق سألت
عنه- يعني: مصححا له- ومع ذلك الخزرجي وأعترض عليه ابن القطان بأن
ما مثله صحح؛ لأنه من رواية هيثم عن يعلى ابن عطاء عن أبيه أخبرني أوس،
فذكره، وعطاء العامري والد يعلى مجهول الحال لا يعرف له رواية إلا هذه،
وأخزى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، ولا يعرف روى عنه غير يعلى وإن
كان ابنه ثقة فروايته غير كافية في المتبقي من بقية، وللحديث علة أخرى
وذلك أن منهم من يقول فيه: عن أوس بن أوس- أو ابن أبي أوس- عن أبيه
__________
(1) المراد هما: أبو يوسف، ومحمد بن الحسن الشيباني.
(2) تقدم بنحوه وبألفاظ فيها " خفيه وعمامته " و" خفيه ونعليه ".

(1/664)


عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فزيادة عن أبيه عادت بنقص فإنّا إنما كنّا نقبل الأولى، ولا
نضع منها نظرا باعتقاد أنّ أوس بن أوس أو ابن أبي أوس صحابي على رأى
من يقبل أمثال هؤلاء الذين يدّعون لأنفسهم الصحبة ولا تكون معلومة لهم إلا
من أقوالهم، فأمّا إذا كان إنمّا برويه عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/فقد صار هو ممن
يجب النظر فيه كسائر من بعد في زمن التابعين، وإذا كان ذلك كذلك فإنّه
حينئذ يكون مجهول الحال غير ثابت العدالة، وفي أنّه أوس بن أوس أو ابن
أبي أوس خلاف معروف، واختصاره هو أنه أوتيت عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربعة
أحاديث: أحدها: هذا، والثاني: من غسل واغتسل برويه أبو الأشعث عن أوس
بن أوس، والثالث: غريب القرآن يرويه عثمان بن عبد الله بن أوس عن جدّه
أنس بن حذيفة، والرابع: في الصوم فقيل في هذا كلّه أنّه واحد هو أوس بن
أوس وابن أبي أوس، وابن حذيفة، وذكر أبو عمر بن عبد البر قول ابن معين:
أوس بن أوس وأوس بن أبي أوس واحد فخطأه فيه، وقال: أنّ أوس بن أوس
بن أبي أوس هو ابن حذيفة جدّ عثمان بن عبد الله بن أوس، وله أحاديث
منها: في المسح على القدمين وفي إسناده ضعف، يعني: حديث المبدي يذكره،
قال: ورواه الطحاوي فأسقط عطاء والد يعلي وجعله من حديث يعلى عن
أوس وهو غير صواب وفيه نظر من وجوه: الأوّل: قوله معترضا على أبي
محمد وما مثله صحيح، وأبو محمد- رحمه الله- ليس هو ثاني عذره
بصحيحه فقد سبقه إلى ذلك الحافظ أبو بكر الحازمي بقوله: لا يعرف مجردا
متّصلا إلا من حديث يعلى، وعلى تقدير قولهم ذهب بعضهم إلى نسخه،
وهذا وإن كان لا يعطي تصحيحا فقد صحّحه أبو حاتم البستي بعد توثيقه
عطاء ثم قال: وهذا من الأخبار التي رويت مجملة، ويفسرها في أخبار أخر
ثم قال: ذكر البيان بأن مسح المصطفي على النعلين كان ذلك في وضوء النفل
دون الوضوء الذي يجب من حدث معلوم فذكر حديث البزار عن علي،
وذكر وضوءه فمضمض واستنشق ومسح وجهه وذراعيه ومسح رأسه ومسح
رجليه، ثم قال: فشرب فضل مائه، ثم قال: أتى حديث: " أنّ رجالا يكرهون

(1/665)


أن يشرب أحدهم وهو قائم وإنى رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل كما فعلت " (1) ،
وهذا وضوء من لم يحدث، وفي الأوسط عن علي بنحوه رواه عن ابن
أحمد/ابن حنبل حدثنى أبو عبيدة بن فضيل بن عياض ثنا مالك بن سعيد ثنا
فرات بن أحنف حدثنى أبي عن ربعي عنه وقال: لم يروه عن ربعي إلا أحنف
بن فرات. تفرّد به أبو عبيده بن عياض، وفي كلام ابن حبان نظر ومن حيث
أنّ عليا صلى بهذا الوضوء، أمّا ما ذكر ذلك البيهقي من حديث سفيان عن
حبيب بن أبي ثابت عن زيد بن وهب. ومن حديث ابن بحر عن سفيان عن
الأعمش عن أبي طيبان أنه قال: " رأيت عليا بالرحبة بال قائما حتى أرغى فأتى
بكوز من ماء ثم أخذ كفا من ماء فوصف وضوءه ثم قال: ومسح على نعليه
ثم أقيمت الصلاة فخلع نعليه ثم تقدّم فأمّ الناس " (2) . قال الأعمش: فحدثت
إيراهيم به فقال: إذا رأيت أبا طيبان فأخبرني فرأيته قائما في الكناسة فقلت:
هذا أبو طيبان فأتاه فسأله عن الحديث، وقال: حديث أبي طيبان ثابت زاد في
كتاب الأبواب أنّ عليا مسح عليهما ثم خلعهما فجعلهما في كمّه ثم صلى
هما الفريضة، وذكره عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن يزيد بن أبي زياد
عن أبي طيبان به، قال معمر: وأخبرني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن
ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل صنيع علي هذا قال البيهقي: ورواه الثوري عن
قابوس بن أبي طيبان، وعبد العزيز بن رفيع، وسلمة بن كهيل، والزبير بن
جري، وورقاء بن إياس كلّهم عن أبي طيبان به، قال ثاني قوله أنّ الطحاوي
رواه عن أوس بن أوس فأسقط عطاء فكذلك هو، ولكن الخرائطي ذكر في
كتاب اعتلال القلوب ثبوته في هذه الرواية من حديث عمر بن شيبة ثنا يحيى
بن سعيد عن شعبة عن يعلى عن عطاء عن أبيه عن أوس بن أوس عن أبيه،
وكذا رواه أبو القاسم الطبراني من حديث يحيى بن سعيد، ولما رواه بحشل
__________
(1) صحيح أورده الهيثمي. في " مجمع الزوائد " (5/79) من حديث أنس: " أن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شرب وهو قائم " وعزاه الهيثمي إلي أبي يعلى والبزار ورجاله رجال الصحيح.
(2) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (1/256) من حديث عوسجة.

(1/666)


في تاريخه عن هيثم بن إسحاق ثنا شريك عن يعلى عن أوس به قال: هذا
غلط. وحديث هشيم يعني- الذي فيه عن- أبيه أصح والله أعلم./الثالث:
سكوته عن علة ذكرها الإمام أحمد فهي أولى بالذكر مما تقدم، وهو قوله لم
يسمع هشيم هذا الحديث من يعلى ذكره الجوزجاني عنه، وقال: كان هشيم
يدلس فلعله سمعه من بعض الضعفاء ثم أسقطه فلئن كان ما قالاه صحيحا
فهو أجدر بأن يكون علّة لا سيما على ما ثنا قيس به أنا محمد كونه يقبل
أخبار المدلسين والمتصرحون بالسماع، وليس لقائل أن يقول لعلّه لم يعتد هذه
علّة؛ لأنه لو كان كذلك لرأيته كعادته والله أعلم. ثم نظرنا هل هو كذلك أم
لا فوجدنا هشيما صرح فيه بالتحديث المزيل للشبهة المذكورة هنا أنبأ المسند
المعمر فتح الدين الجودري قراءة عليه وأنا أسمع عن أبي الحسن البغدادي أنبأ
الحافظ السلامي أنبأ الإمام أبو منصور محمد بن أحمد بن علي المعمري أنبأ
القاضي أبو بكر محمد بن عمر أنبأ الحافظ أبو حفص بن شاهين ثنا أحمد بن
سليمان الفقيه ثنا بشر بن موسى ثنا سعيد بن منصور ثنا هشيم أنبأ يعلى بن
عطاء عن أبيه أخبرني أوس به ثم قال: قال هشيم: هذا كان في مبدأ الإسلام
وأنبأ الشيخ أبو الفتح القاهري- رحمه الله- قراءة عليه وأنا أسمع قال: أنبأنا
الأخوان أبو المكارم عبد الله وأبو عبد الله الحسين أنبأ الحسن بن منصور وقال
الأول: ثنا، وقال الثاني: ثنا الحافظ أبو بكر محمد بن حازم الهمداني قراءة
على محمد بن أحمد بن القاضي أخبرك أبو طاهر أحمد بن الحسن الكرخي
في كتابه ثنا الحسن بن أحمد ثنا دعلج بن أحمد أنبأ محمد بن على ثنا سعيد
ابن منصور أنبأ هشيم أنبأ يعلى بن عطاء عن أبيه فذكره، وعن علّة (1) أخرى
ذكرها الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ حديث يعلى من ترك لأنّ بعضهم
رواه عنه عن أوس ولم يقل عن أبيه، وقال بعضهم: عن رجل- يعني:
مجهولا- والله أعلم. وأما تخطيئه أبي عمر بن معين فغير جيد؛ لأنه قول قاله
__________
(1) قوله: " علْة " وردت " بالأصل " " عسلة " وهو تصحيف، والصحيح ما أثبتناه عن
" الثانية ".

(1/667)


جماعة/من العلماء، منهم: أبو جعفر بن منيع، وعبد الله بن محمد البغويان،
وأبو بكر أحمد بن عبد الله البرقي في تاريخه، وأبو إسحاق الحربي في كتابه
العلل، وأبو القاسم الطبراني في الكبير والأوسط، وأبو حاتم البستي في كتاب
الصحابة قال: وهو ابن حذيفة أيضا، وأبو عيسى الترمذي في كتاب التاريخ،
وأبو أحمد العسكري في كتاب الصحابة- رضي الله عنهم أجمعين- وأبو
داود الطيالسي- رحمه الله تعالى-، وفي تاريخ الجعفي (1) الكبير أوس بن
حذيفة والد عمرو بن أوس، ويقال: أوس بن أبي أوس، ويقال: أوس بن أوس
له صحبة، وفي معجم ابن نافع أوس بن أوس بن ربيعة بن مالك بن كعب بن
عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف روى عنه عبد الملك بن المغيرة وأبو
الأشعث وعبادة بن نسى وابن عمرو بن أوس عنه فقالوا: ابن أوس ومن قال
ابن أبي أوس: المعمر بن سالم قال: سمعت رجلا، وفي رواية أخرى اسمه
عمرو جدّه أوس بن أبي أوس، وفي رواية أبوه ويعلى بن عطاء في كتاب
الصحابة لأبي مُوسى: اسم أبي أوس هذا جابر بن عوف شيعي، وروى حديثه
هذا من طريق محمد بن إدريس عن عنان عن حماد بن سلمة عن يعلى عن
أبيه عن أوس بن أبي أوس واسمه جابر، ثم قال: وكذلك رواه حجاج عن
حماد إلا أنه لم يسمه جابرا قال: ولأبيه أيضا صحبة، وهو جد عمرو بن أوس
ذكره أبو عثمان سعيد السراج القرشي الأصبهاني في الأفراد، وكتبه عنه
عبد الله بن مردويه (2) ، رحمهم الله تعالى. وحديث ابن عمر أنّه كان يتوضأ
ونعلاه في رجليه ويمسح عليهما ويقول كذلك: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل،
رواه البزار عن إبراهيم بن سعيد ثنا روح بن عبادة عن ابن أبي ذئب عن نافع
عنه وقال: وهذا الحديث لا نعلمه رواه عن نافع إلا ابن أبي ذئب، ولا نعلم
رواه/عنه إلا روح بن عبادة، وإنما كان يمسح عليهما؛ لأنه توضأ من غير
حدث، وكان يتوضأ لكل صلاة من غير حدث فهذا معناه عندنا، ولما ذكره
__________
(1) أي: تاريخ البخاري.
(2) قوله: " مردويه " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

(1/668)


أبو الحسن بن القطان. انتهى. وفيه نظر؛ لأنّ ابن عمر وإن كان مذهبه الوضوء
لكلّ صلاة فليس ذلك من مذهبه عليه الصلاة والسلام. وقد قال كذلك: كان
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل على خفية؛ لأنه حديث منكر الإسناد والخبر جميعه خرّجه
البيهقي من حديث داود، ولما ذكره أبو الحسن بن القطان صححه، وحديث
ابن عباس وتوضأ وضوء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه ثم قبض قبضة من الماء فرشّ على
رجله اليمنى، وفيها النعل ثمّ مسحها بيده يد فوق القدم ويد تحت القدم ثم
صنع باليسرى مثل ذلك خرّجه أبو داود من رواية هشام بن سعد، وحديثه في
صحيح مسلم وتكلّم فيه بعضهم، وفي لفظ عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" توضأ مرة مرة ومسح على نعليه ". ذكره الحربي من حديث عبد الرزاق عن
معمر قال: لو شئت حدثتكم أنّ زيد بن أسلم حدثنى عن عطاء عن ابن
عباس فذكره ثم قال: الحمد لله الذي لم يقدر على لسان معمر أن يحدث به
ابن الجراح عن سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء عنه، وقال: هكذا رواه داود
وهو منفرد عن الثوري مناكير هذا أحدها، والثقات رووه عن الثوري دون هذه
اللفظة، وقد روى عن زيد بن الحباب عن سفيان هكذا وليس بمحفوظ،
والصحيح رواية الجماعة، ورواه الدراوردي وهشام بن سعد عن زيد فحكا في
الحديث ورشّ على الرجل وفيها النعل، قال: وذلك يحتمل أن يكون غسلها
في النعل، فقد رواه سليمان بن بلال، وابن عجلان، وورقاء، ومحمد بن
جعفر، وابن أبي كثير عن زيد بن أسلم فحكوا في الحديث غسله رجليه
والحديث واحد، والعدد الكبير أولى بالحفظ من العدد اليسير مع فضل حفظ
من حفظ فيه الغسل بعد الرش على من لم يحفظه./انتهى كلامه. وفيه نظر
من وجوه: الأول: ما قاله من حديث زيد بن حباب ليس صحيحا لأمرين:
الأول كونه ثقة وما قاله ابن معين من أنّ أحاديثه عن الثوري مقلوبة اعتذر عن
ذلك أبو أحمد بن عدي بقوله: زيد من أثبات مشايخ الكوفة ممن لا يشك في
صدقه، والذي قاله ابن معين إنما له عن الثوري أحاديث تستغرب بذلك
الإسناد يرفع بعضها ولا برفع ذلك غيره، والباقي عن الثوري وغيره مستقيمة

(1/669)


كلّها، ثم ذكر له أحاديث لم يذكر هذا منها فنلخص مما قاله أبو أحمد أنّه
ثقة تفرّد به، وتفرّد الثقة مقبول عند الجمهور. الثاني: قوله ليس محفوظ يشعر
أنه لم يأت به غيره، وقد سبق مجيئه من حديث رواد المرفق عند ابن معين أنّه
لم يأت به غيره وأحمد وغيرهما، ومن مصنف عبد الرزاق بسند كالشمس
على شرط الشيخين، وذكره ابن خزيمة في صحيحه من حديث سفيان عن ابن
عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء عن ابن أسلم وقال بعده: والدليل على أنّ
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على النعلين كان في وضوء تطوع لا في وضوء واجب عليه
ثم ذكر حديث سفيان عن الثوري عن عبد خير عن علي، وفيه: هكذا وضوء
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للطاهر ما لم يحدث، وخرجه أحمد بن عبيد الصفار في مسنده
بزيادة هكذا فعل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لم يحدث، ولما ذكره أبو داود في كتاب
التفرد قال: الذي تفرد هذا الحديث مسح باطن الأذنين مع الوجه وظاهرهما
مع الرأس. قال: وحديث عبد خير عن علي ليس بالبين. انتهى. قد أسلفنا ما
برفع هذا قبل والله أعلم، وقد أسلفنا بخبر زيد بن حباب شواهد ومتابعات
دلّت على أنّ لحديثه أصلا، وأنّ الثقات رووه عن سفيان بهذه اللفظة لا كما
زعم. الثالث: قوله فأما المسح على الرجلين فهو محمول على غسلهما؛ لأنّ
المسح سنة لمن تغطت رجلاه بالخفين فلا يعد بها موضوعها والأصل وجوب
غسل/الرجلين إلا ما خصّته سنة ثابتة أو إجماع لا يختلف فيه، وليس على
النعلين ولا على الجوربين واحد منهما. انتهى. وعليه فيه اعتراضات: الأول:
مقتضى صناعة الحديث النظر في الإسناد بصحة أو غيره، وأمّا التأويلات
وغيرها فمن نظر الفقيه. الثاني: قوله: وليس عليهما سنة ثابتة، وقد أسلفنا
أحاديث صحيحة وحسنة في هذا الباب وغيره ولله الحمد والمنة.

(1/670)


58- باب المسح على العمامة
حدثنا هشام بن عمّار ثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن الحكم عن
عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن بلال: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مسح على الخفين والخمار ". هذا حديث خرجه مسلم- رحمه الله تعالى-
في صحيحه، وقال ابن حزم: لا مطعن فيه، وفيما قاله نظر؛ لما ذكره الحافظ
أبو الفضل الهروي في كتاب العلل زادوا على مسلم (1) إخراجه من حديث
سليمان وهو حديث قد اختلف فيه على الأعمش، فرواه أبو معاوية، وعيسى
بن فضيل، وعلي بن مسهر وجماعة هكذا، ورواه زائدة بن قدامة، وعمار بن
رزيق عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء عن
بلال وزائدة مثبت متين، ورواه الثوري عن الأعمش عن الحكم عن
عبد الرحمن عن بلال لم يذكر بينهما لا كعبا ولا البراء، وروايته أثبت
الروايات، وقد رواه عن الحكم غير الأعمش شعبة ومنصور بن المعتمر وأبان بن
ثعلب، وزيد بن أبيِ أنيسة، وجماعة عن الحكم عن عبد الرحمن عن بلال
كما رواه الثوري عن الأعمش. وحديث الثوري عندنا أصح من حديث غيره
وابن أبي ليلى لم يلق بلالا، وإلى هذا نجا الإمام أحمد وقال الأثرم: قلت لأبي
عبد الله: أي شيء أثبت فيه؟ قال: فيه أحاديث فبدأ بحديث بلال. قلت:
حديث كعب بن عجرة عن بلال. قال: رواه شعبة/وزيد بن أبي أنيسة وغير
واحد ليس فيه كعب، والأعمش يختلف عنه زائدة بقوله عن البراء عن بلال
وغيره يقول: كعب بن عجرة عن بلال، وفي سؤالات مهنأ قال أبو عبد الله:
أظنّ الأعمش غلط فيه إّنما قال الناس: عن ابن أبي ليلى عن بلالا، وزاد
الأعمش كعبا، ولفظ أحمد في مسنده: مسح على خفيه وعلى خمار العمامة،
وفي رواية فيمسح على العمامة وعلى الخفين، وفي رواية أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/82- 83) والنسائي (1/82) وابن أبي شيبة
(14/162) والمجمع (1/256- 257) من حديث بلال، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
وفيه غسان بن عوف، قال الأزدي: ضعيف.

(1/671)


" امسحوا على الخفين والخمار " (1) ، وفي رواية: " رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح
على الموقين والخمار " (2) ، ورواه ابن عيينة عن ابن أبي ليلى وأبان بن ثعلب عن
الحكم فيما رواه الكجي في سننه عن الزيادي كرواية الثوري، وقال أبو على
الجياني: هو حديث مختلف فيه من رواية الأعمش عن الحكم، ويقال: إن ابن
أبي ليلى لم يسمع من بلالا فهو مرسل، والله أعلم. قال الحربي: وأجمع شعبة
ومنصور وحجاج وأبان بن ثعلب وابن أبي ليلى أنه عن ابن أبي ليلى عن
بلال، واختلف أصحاب الأعمش فقائل عن ابن أبي ليلى عن كعب عن
بلال، ومنهم قائل عن البراء عن بلال، وقال سفيان: عن ابن أبي ليلى عن
بلال كما قاله شعبة وأصحابه، وهذا عندي- والله أعلم- هو القول لعلم
شعبة بحديث الحكم وكره مجالسة أبيه وثبت منصور وعلة الاختلاف عنه
ولكثرة من وافقهما؛ ولأنه لم يوافق الأعمش من ينتفع به ثم اختلف أصحابه
فكان ما روى سفْيان أحب إلي وليس من قال كعب بن عجرة بأثبت ممن
قال البزار من سفيان حين لم يذكر كعبا ولا البزار. وأما رواية ليث عن الحكم
عن ابن أبي ليلى عن كعب عن بلال فأحسبه سمعه من الأعمش موافقا لرواية
عيسى ابن فضيل، وقال غيره: أبي المحياة وهو معتمر عن ليث عن الحكم عن
حبيب عن شريح عن بلال، فلو اتفق أصحاب ليث لجاز أن يكون هذا
حديث آخر، لكن شيبان رواه عن الحكم عن شريح عن بلال، وزاد: وما أقف
على رأيه/وأرسله عن ابن عينية فلا حجة عليه ولا له. ورواه عن بلال جماعة
منهم علي بن أبي طالب، ورواه الطبراني في الكبير من حديث ليث بن أبي
سليم عن الحكم عن شريح بن هانئ عنه قال: زعم بلال أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان
يمسح على الموقين والخمار، وأبو سعيد الخدري بلفظ: " إن النبي- عليه الصلاة
والسلام- لم ناداه امسح على الخفين والحمار ". رواه أبو القاسم في
الأوسط (3) وقال لا يروى عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد، ونعيم بن حماد من
__________
(1) ضعيف الجوامع: (4452) .
(2) ضعيف مرسل. الجوامع (4453) والطبراني (1/346) وابن عساكر في " التاريخ " (3/
462) بلفظ: " امسحوا على الموق والخمار ".
(3) تقدّم من أحاديث الباب انظر هامش رقم (1) السابق.

(1/672)


حديث محمد بن راشد عن مكحول عنه عن بلال أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
" امسحوا على الخفين والخمار ". وشريح بن هانئ من حديث ابن أبي سليم
عن الحكم عن حبيب بن أبي ثابت عنه عن بلال، وقال في الأوسط: لم يروه
عن حبيب بن أبي ثابت إلا ابن أبي سليم. تفرد به معتمر بن سليمان
وعبد الرحمن بن عوف من حديث أبي عبد الله مولى بنى تميم عنه بلفظ:
" الخمار والموقين " قال أبو داود: هو أبو عبد الله مولى بنى تميم بن مرّة، وزعم
الحافظ أبو القاسم بن عساكر أن أبا داود تفرد به، وكذلك الحافظ المنذري
تبعه والشيخ جمال الدين المزي وليس كما زعموا لثبوته في كتاب السنن لأبي
عبد الرحمن النسائي رواه أبي الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا ثنا عمرو
بن علي ثنا محمد ثنا شعبة عن أبي بكر بن حفص عن أبي عبد الله، فذكرها
قال ابن عساكر: ورواه أبو عاصم عن ابن جريج عن ابن أبي بكر بن حفص
عن أبي عبد الرحمن عن أبي عبد الله فعليه، وقال أبو عمر بن عبد البر في
كتاب الاستغناء: هذا إسناد مضطرب مقلوب مرة يقولون عن أبي عبد الله عن
أبى عبد الرحمن، ومرة عن أبي عبد الرحمن عن أبي عبد الله، وكلاهما
مجهول لا يعرف والعجب أنّه من حديث شعبة وهو إمام عن أبي بكر بن
حفص وهو ثقة. انتهى كلامه، وهو مردود بما ذكره أبو عبد الله في
مستدركه، وخرجّه من حديث شعبة عن أبي بكر سمع أبا عبد الله يُحدِّث
عن أبي عبد الرحمن / وقال: هذا حديث صحيح، فإن أبا عبد الله مولى
اليمنى معروف بالصحة والقبول، وهو موافق لما ذكره أبو داود، والله أعلم.
ويؤيده ما ذكره الدارقطني في كتاب العلل، ورواه عبد الملك بن أبحر عن أبي
بكر بن حفص عن أبي عبد الرحمن مسلم بن يسار، ويذكره قيل له: أبو
عبد الرحمن عن أبي عبد الله من هما فقال: ما سماهما أحمد إلا ابن أبحر،
وليس عندي كما قال: انتهى. فيشبه أن يكون الحاكم اعتمد هذه التسمية،
ولهذا نبه على أبي عبد الله واعترض على أبي عبد الرحمن لجلالته وثقته، وفي
كتاب الكنى للنسائي عن أبيِ جرير بن سهيل والجرير بن معاوية قالا: مر بنا
بلال فعلما بأنا عبد الرحمن فقال: كيف سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في نزع
الخفين ... الحديث، وحكيم بن حزام عنه أنه: " توضأ ومسح على خمار

(1/673)


وقال: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ هكذا "، وذكره النيسابوري في كتاب الأبواب
ثنا يزيد بن سنان ثنا أبو عاصم عن ابن جريج أخبرني أبو بكر بن عبد الله عن
عبد الملك بن سعيد عنه، والحكم بن منبه قال: " رأيت بلال يتوضأ ومسح
على الخفين والخمار ". رواه أيضا عن علي بن حرب ثنا زيد بن حباب حدثنى
الضحاك بن عثمان عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن شبيب بن الحكم
عن أبيه به وأبو جندل بن سهيل بن عمرو من حديث يحيى بن حمزة عن
العلاء بن الحرث عن مكحول عن الحرث بن معاوية عنه والحرث بن معاوية
من حديث مكحول عنه، وأبو إدريس الخولاني من حديث أبي قلابة عنه،
وقيل: عن أبي قلابة عن بلال بإسقاط عبد الله، وزعم البخاري أن حماد بن
سلمة أخطأ فيه؛ لأن أصحاب أبي قلابة رووه عن بلال لم يذكروا فيه عن أبي
إدريس وأبي ذلك أبو محمد الفارسي فصحح حديث أبي إدريس، وقال ابن
أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه زهير عن حميد الطويل عن أبي رجاء
عن عمه عن أبي إدريس عن بلال في المسح،/فقال أبي: هذا خطأ إنما هو
حميد عن أبي رجاء مولى لأبي قلابة عن أبي قلابة عن أبي إدريس قلت:
الخطأ ممن هو؟ قال: لا ندري، قال: ورواه الخزاعي عن أبي قلابة عن أبي
إدريس، ولا أعلم أحدا تابع مخلدا، ويروونه عن أبي قلابة عن بلال وأبو
الأشعث الصاغاني من حديث الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن مطر
عن أبي قلابة عنه، وفي كتاب أبي الحسن البغدادي: ورواه عنه أيضا سويد بن
غفلة والحسن وابن سيرين ومكحول مرسلا وأسامة بن زيد، ولفظ سعيد بن
منصور في سننه قال عليه السلام: " امسحوا على الخفِّ والخمار " (1) . وفي
المصنف لابن أبي شيبة: ثنا يحيى بن يعلى عن ليث عن الحكم عن ابن أبي
ليلى عن كعب عن بلال: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبا بكر وعمر كانوا يمسحون على
الخفين والخمار ". وقد وقع لنا في الباب أحاديث منها حديث ثوبان قال:
" بعث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرية، فأصابهم البرد، فلما قدموا على رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساحي ". خرجه الحاكم (2) من
__________
(1) مرسل الجوامع: (4455) .
(2) صحيح. رواه الحاكم (1/169) وأبو داود (146) وأحمد (5/277) والبيهقي=

(1/674)


حديث ثور عن راشد بن سعد عنه وقال: صحيح على شرط مسلم ولم
يخرجاه بهذا اللفظ، إنّما اتفقا على المسح على العمامة بغير هذا اللفظ وله
شاهد فاسد. انتهى كلامه. وليس بوارد علّة قول الإمام أحمد فيما رواه عنه
المروزي، وخرجه في تاريخ بلده من حديث خارجة عن يزيد عن راشد عنه،
ولفظه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث بعثا فقدموا عليه فشكوا إليه ما أصابهم من شدّة
البرد، فقال لهم: إذا أصابكم البرد فامسحوا. الحديث لا ينبغي أن يسمع من
ثوبان؛ لأنه مات قديما، وبنحوه قاله عند ابن أبي حاتم في كتاب المراسيل،
وقال الحربي في كتاب العلل: راشد لم يسمع من ثوبان؛ لأنّ ثوبان توفي سنة
أربع وخمسين وراشد توفي سنة ثلاثة عشرة ومائة وبن موتهما تسع وخمسون
سنة، ويجيب عنه بأمرين: الأول: تصريح الجعفي لسماع راشد منه وهو مثبت
مقدّم على الباقي./الثاني: إذا نظرنا في مولده ووفاة ثوبان وجدنا الأمر ما قاله
البخاري لا ما قاله أحمد، وذلك أنّه ممن شهد صفين وبها ذهب عيينة فيما
ذكره غير واحد من الأئمة وثوبان توفي سنة خمس وأربعين، وقيل: أربع
وخمسين بسماعه على هذا متن لا شك فيه لا سيمّا، وقد جمعهما بلد
واحد، وأمّا قول أبي إسحاق؛ فقد كفانا مئونة الردّ عليه بردّه هو على نفسه،
ورواه أبو القاسم في كتابه الكبير عن بكر بن سهل عن عبد الله بن صالح
عن معاوية بن صالح عن عتبة بن أبي أمية الدمشقي عن أبي سلام الأسود عنه
وهو في المسند للبغوي الكبير من حديث الليث يعني: ابن سعد- عن معاوية،
ولفظ أبي بكر بن زياد، وخرجه من حديث معاوية بن أبي أمية الدمشقي عن
أبي سلام وأبيه قال عليه الصلاة والسلام: " يتوضأ ويمسح على الخفين
والخمار "، يعني: العمامة. وحديث سليمان المذكور قبل من صحيح ابن حبان،
وحديث عمرو بن أمية الضمري قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الخفين
والعمامة ". رواه البخاري (1) في صحيحه من حديث الأوزاعي عن يحيى بن
أبي كثير عن أبي سلمة عن جعفر بن عمرو بن أمية عن أبيه، وقد سبق ذكره
في كتاب العلل للخلال قال محمد بن عوف الحمصي: وكان أبو المغيرة نبأ
__________
- (1/62) وشرح السنة (1/452) .
(1) تقدم من أحاديث الباب.

(1/675)


به عن يحيى بن أبي قلابة عن جعفر عن عمر فردّه أحمد بن حنبل، ورواه
محمد بن كثير المصيصي عن الأوزاعي فأسقط جعفرا فيما ذكره ابن أبي حاتم
قال ابن بطال: لم يسمع أبو سلمة من عمرو، وذكر ابن أبي خيثمة عن ابن
معين أنّ حديث عمرو بن أمية مرسل وأبي ذلك الحافظ أبو محمد الفارسي
بقوله: هذا قول للخذلان أبا سلمة سمعه من عمرو سماعا، وسمع أيضا من
جعفر عنه، وقال الأصيلي: ذكر العمامة في هذا الحديث من خطأ الأوزاعي؛
لأنّ شيبان رواه عن يحيى فلم يذكر العمامة، وتابعه حرب بن شدّاد وأبان
العطار فهؤلاء ثلاثة خالفوه فوجب/تغليب الجماعة على الواحد، وأما متابعة
معمر له فمرسل وليس فيها ذكر العمامة، ورواه عبد الرزاق مسح على خفيه
ولم يذكر العمامة، وحديث أنس بن مالك قال: " إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان
يمسح على الموقين والخمار " (1) . ذكره أبو بكر الحافظ في سننه بإسناد صحيح
من حديثه عن علي بن عبد العزيز- رحمه الله- ثنا الحسن بن الربيع عن ابن
شهاب الحناط عن عاصم الأحول عنه. ورواه أبو القاسم في الأوسط عن
أحمد بن يحيى الحلواني ثنا الفضل ثنا عيسى بن ميمون عن حميد عنه بلفظ:
" رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يمسح على الموقين ". وقد تقدم ذكره من عنده أيضا في باب
المسح أنّ ذلك قبل موته عليه السلام بشهر، وحديث عبد الصمد بن
عبد الوارث عن الهيثم بن قيس عن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه عن
جدّه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أنه رخص للمسافر في المسح على الخفين والعمامة
للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام " (2) . ذكر أنّ ابن أبي حاتم أنّه سأل أباه
عنه فقال: هذا حديث منكر. ثنا به قرة، ولم يذكر فيه العمامة وليس ليسار
صحبة، وحديث المغيرة بن شعبة: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين ومقدم
رأسه وعلى عمامته " (3) . وفي رواية: " ومسح بناصيته وعلى العمامة " رواه
مسلم (4) في صحيحه وقد تقدم طرف منه، وفي كتاب الطوسي: " أنه صبّ
على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد قضى الحاجة وغسل يديه قال: وأحسبه بالتراب فتوضأ
__________
(1- 3) تقدمت من أحاديث الباب.
(4) صحيح. رواه مسلم في: 2- كتاب الطهارة، 23- باب السح على الناصية والعمامة،
(ح/83) .

(1/676)


ومسح على ناصيته والعمامة ومسح على الخفين ". ثم قال: يقال حديث المغيرة
حسن صحيح. وحديث أبي أمامة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يمسح المسافر على
الخفين والخمار ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة ". رواه (1) أحمد فيما
ذكره حرب بن إسماعيل عن محمد بن أبي بكر ثنا عبد الصمد ثنا مروان أبو
سلمة ثنا مسهر عنه، وقال مهنأ: سألت/أحمد عن حديث يحيى بن أبي
سمينة ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا مروان أبو سلمة عن شهر بن
حوشب عنه، فقال: ليس بصحيح. وحديث أبي ذر قال: " رأيت رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الموقين والخمار ". ذكره ابن حزم مصححا له من طريق
مخلد بن الحسن عن هشام بن حسان عن حميد بن هلال عن عبد الله بن
الصامت عنه. وحديث أبي هريرة (2) : " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على الخفين
والخمار- يعني: العمامة- ". ذكره أبو القاسم في الأوسط (3) من حديث
عبد الحميد بن جعفر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عنه وقال: لم
يروه عن عبد الحميد إلا يعلى بن عبد الرحمن الواسطي، وحديث أبي طلحة:
"أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ومسح على الخفين والخمار " (4) . أنبأ به الشيخ الإمام
شمس الدين أبو البركات محمد الشرابيني- رحمه الله- أنبأ الإمامان أبو
محمد السكرى وعبد العزيز الحراني قالا: أنبأتنا أم هانئ الفارقانية أبنا فاطمة
الجوزدانية أبنا أبو بكر محمد ابن عبد الله أبنا الإمام أبو القاسم اللخمي قال:
أبنا علي بن عبد العزيز أبنا عمر بن شيبة النميري أنبأ جرمي بن عمارة عن
شعبة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن عبد الرحمن بن عبد الباري
عنه، ولم يروه عن شعبة إلا جرمي تفرد به عمر بن شيبة، وحديث كعب بن
عجرة ذكره أبو محمد الأموي مصححا له وقال: وهو قول جمهور الصحابة
والتابعين وسواء في ذلك الرجل أو المرأة لعلّة أو لغير علّة، وسواء أكان على
خمار أو قلنسوة أو بيضة أو مغفرا وغير ذلك؛ فإنّه يجزئ، وقال ابن المنذر:
" وثبت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على العمامة "، وفيه يقول: واختلفوا في
__________
(1) تقدم. ورواه أحمد في " المسند " (5/213) وحنف (1/281) وعبد الرزاق في " المصنف "
(798) وحنيفة (32) وأصفهان (1/124) والطبراني (8/69) والبيهقي (1/278) .
(2- 4) تقدمت من أحاديث الباب

(1/677)


المسح عليها فممن مسح: أبو بكر وعمر وأنس/وأبو أمامة، وروى ذلك عن
سعد بن أبي وقاص وأبي الدرداء وعمر بن عبد العزيز ومكحول والحسن
وقتادة، وفيه قال الأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور: وممن كان لا يرى المسح
عليها: على بن أبي طالب وجابر بن عبد الله وابن عمر، وفيه قال عروة
والنخعي والشعبي والقاسم ومالك والشافعي وأصحاب الرأي، واختلفوا في
مسح المرأة على خمارها: فمِفن قال تمسح على رأسها ولا تمسح على
خمارها: نافع والنخعي وعطاء وابن أبي ليلى، وبه قال أحمد وابن أبي سليمان
ومالك والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز والشافعي، وقد روينا عن أم سلمة أنها
كانت تمسح على الخمار، وروى ذلك عن الحسن وهو قول أبي ثور وروينا
عن أنس: " أنه مسح على قلنسوته "، ولا يعلم أحدا قال به، وكان الأوزاعي
وسعيد بن عبد العزيز ومالك والشافعي والنعمان وإسحاق لا يرون ذلك، وإن
مسح على عمامته ثم نزعها ففي قول الأوزاعي يمسح على رأسه، وقال أحمد:
يعيد الوضوء وقاس قول من يقول إذا خلع خفيه إنه على طهارته أن يكون
كذلك من نزع عمامته، وقال مكحول: المسح على الخفين والعمامة سواء إذا
مسح عليهما ثم نزعهما فعليه إعادة الوضوء. انتهى. وفي قوله عن أنس، ولا
نعلم أحدا قال: فيه نظر إن أراد متابعته؛ لما ذكره أبو بكر في مصنفه عن
يحيى بن سعيد القطان عن ابن أبي عروبة عن أشعث عن أبيه أنّ أبا موسى
خرج من الخلاء فمسح على قلنسوته، وإن أراد الفقهاء فيرد عليه ما أسلفناه
عن ابن حزم قال وهو قول الثوري، وأمّا ما حكاه عن على مردّه معا حكاه أبو
محمد مستدلا به إنّ عليا سئل عن المسح على الخفين. فقال: نعم وعلى
النعلين والخمار. وروى ابن زياد عن ابن أسكب ثنا محمد بن ربيعة ثنا ابن
جريج عن عطاء: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ فمسح العمامة ومسح مقدّم
رأسه " (1) ./ثنا أبو الأزهر ثنا روح ثنا ابن جريج قال: قلت لعطاء: هل بلغك
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة في: 1- كتاب الطهارة، 89- باب ما جاء في المسح على
العمامة، (ح/ 564) . بلفظ: " توضأ وعليه عمامة قطرية. فأدخل يده من تحت العمامة،
فمسح مقدْم رأسه، ولم ينقض العمامة ".
وضعفه الشيخ الألباني. انظر: ضعيف ابن ماجة (ح/ 124) ، وضعيف أبي داود (ح/ 18) .

(1/678)


من رخصة في المسح على العمامة؟ قال: لم أسمعه من أحد إلا من أبي سعد
الأعمى قال ابن جريج: وأنا أيضا قد سمعته من أبي سعد، قال أبو سليمان:
شرط من جوّز المسح على العمامة أن يتيمم أي: يمسح عليها بعد كمال
الطهارة كما يفعله من يريد المسح على الخفين، ومن أتى من المسح ورأى أنه
كان يقتصر على مسح بعض الرأس فلا يمسحه كلّه مقدّمه ومؤخّره، ولا ينزع
عمامته عن رأسه ولا ينقضها، وجعلوا خبر المغيرة كالمفسر حيث قال: مسح
ناصيته وعلى عمامته فوصل مسح الناصية بالعمامة، وإنّما وقع إذا الواجب من
مسح الرأس بمسح الناصية إذ هي جزء من الرأس وصارت العمامة تبعا له كما
روى له مسح أسفل الخف وأعلاه، ثم كان الواجب في ذلك مسح أعلاه
وصار مسح أسفله كالتبع له والأصل المتيقّن وجوبه بالحديث المحتمل، وبنحوه
قاله الثقفي في نصرة الصحاح إلا أنه قال: خبر علي تركه المغيرة، وقال: وفي
السنن والإجماع ثبت عندنا أكثر من ثبوته بالرواية؛ إمّا لأنه فعل في حال
ضرورة أو من طريق النسخ، وقد أجمع الفقهاء على تركه ولم يختلفوا في
المسح على الخفين. انتهى كلامه، وفيه نظر، لما أسلفناه قول من قال فيه من
الفقهاء، قال أبو سليمان: ومن قاسه على مسح الخفين فقد أبعد؛ لأنّ الخفّ
يشق نزعه ونزع العمامة لا يشق ويشهد لنا، ولهم في حديث ثوبان حديث
أنس: " فأدخل يده من تحت العمامة ". انتهى. وفي قوله وشرط من جوز المسح
الطهارة يردُّه قول أبي محمد، وسواء لبسها على طهارة أو غير طهارة وبه قال
أصحابنا، قال: ولها توفيت في المسح عليها، وقد جاء التوقيت في ذلك ثابتا
عن عمر ولا حجة في قول أحد دون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انتهى كلامه، وليس
بوارد عليه ما تقدّم من الحديثين اللذين فيهما التوقيت للطعن في سندها، والله
أعلم./قال: فلو كان تحت ما لبس على الرأس خضاب أو رداء جاز المسح
عليهما متعمدا كان أو غير متعمد، وقولنا: بالمسح في الوضوء خاصة، وأما في
كل غسل واجب فلا ولا بُدّ من غسل الرأس، والله تعالى أعلم.

(1/679)