شرح ابن ماجه
لمغلطاي 131- باب المشي إلى الصلاة
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة أبو معاوية عن الأعمش عن أبي
صالح عن أبي
هريرة: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ:"إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم أتى
المسجد لا ينهزه إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة لم يخط
خطوة إلا رفعه الله
بها درجة، وحط عنه بها خطيئة حتى يدخل المسجد، فإذا دخل
المسجد كان
في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه" (1) ، هذا حديث رواه مسلم
(2) في
صحيحه بلفظ:"من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله
ليقضى
فريضة من فرائض الله عز وجل كانت خطوتاه إحداهما تخط خطيئة
والأخرى
ترفع درجة"، وعند الشيخين (3) عنه مرفوعا:"من غدا إلى
المسجد أو راح
أعد الله له نزلًا كلما غدا أو راح"، وفي لفظ:"صلاة الرجل
في جماعة
تزيد على صلاته في بيته، وصلاته في سوقة خمسا وعشرين درجة،
وذلك أنّ
أحدكم إذا توضأ فأحسن الوضوء، وأتى المسجد لا/يريد إلا
الصلاة"، وفي
آخره:"والملائكة يصلون على أحدكم مادام في مجلسه الذي صلى
فيه
يقولون اللهم أغفر له اللهم أرحمه بت عليه ما لم يؤد فيه
ما لم يحدث
فيه" (4) ، وعند النسائي بسند جيد من حديث محصن بن علي
الفهري عن
عون بن الحارث عنه:"ثم خرج عائدا إلى المسجد فوجد النّاس
قد صلوا
كتب الله له مثل أجر من قد حضرها، ولا تنقص ذلك من أجورهم
شيئا"،
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة: (ح/774) . وصححه الشيخ الألباني.
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/282) والبيهقي (3/62)
وأبو عوانة (1/390)
والكنز (18960) والقرطبي: (12/276) ، والخفاء: (2/36) .
(3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/168) ، ومسلم في:
(المساجد، ح/285) ،
والترغيب: (1/212) ، وابن خزيمة: (1496) ، والمشكاة: (698)
، والقرطبي: (12/276) ،
والحلبة: (3/229) .
(4) صحيح، متفق عليه. رواه للبخاري (1/166) ، ومسلم في:
(المساجد، باب"49"، ح/
272) ، وأبو داود في: (الصلاة، باب"49") ، وابن ماجة:
(ح/786، ول 7، 790) ،
والدارمي: (1/292) ، والطبراني: (8/41) ، وابن حبان: (431)
، وإتحاف: (3/14) ، والكنز:
(20217،20219، 20222) وابن كثير: (6/69) ، والقرطبي:
(1/250) .
(1/1287)
وفي كتاب الأحكام للحافظ ابن علي الطوسي
وحسنه:"من حين يخرج
أحدكم من بيته إلى مسجده فرجل تكتب درجة وأخرى تمحو سيئة"،
ولما
سأل ابن أبي حاتم أباه عن حديث أبي معشر عن سهيل عن أبي
هريرة-
يعني: هذا الحديث- فقال: هذا خطأ ليس هو عن سهيل، وفي كتاب
الثواب لآدم حتى يدخل المسجد، وفي لفظ:"فرجل تكتب حسناته
ورجل
تمحو سيئاته"، وفي كتاب ابن زنجويه من حديث الحارث بن عبد
الرحمن بن
زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عنه مرفوعا:"ما من
أحد يغد
ويروح إلى المسجد ويؤثره على ما سواه إلّا وله عند الله
نزل يعده له في الجنة
كلما غدا أو راح" (1) كما لو أنّ أحدكم زار من يجيب زيارته
إلّا اجتهد له
في كرامة بين حديث سهيل عن أبيه عنه:"إذا توضأ العبد
المؤمن أو المسلم
فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة لينتظر إليها بعينه مع
الماء أو مع
آخر قطر الماء أو نحو هذا، فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل
خطيئة
بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقياً
من الذنوب " (2)
وبين حديث العلاء عن أبيه:"ألا أخبركم بما/يمحو الله به
الخطايا، ويرفع به
الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطأ إلى
المساجد" (3) .
حدثنا أبو مروان الهمداني محمد بن عثمان، ثنا إبراهيم بن
سعد عن ابن
شهاب عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة عن أبي هريرة. قال رسول
الله
__________
(1) بنحوه. أورده الهيثمي في"مجمع الزوائد" (1/29) من حديث
عتبة بن عبد، وعزاه
إلى أحمد، والطبراني في"الكبير"، وفيه يزيد بن زيد
الجرجافي لم يرو عنه غير محمد بن
زياد، وبقية رجاله موثقون.
(2) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/32) ، وأحمد (3/302) ،
والترمذي (32) ،
والبيهقي (1/81) ، وابن خزيمة (4) ، وشرح السنة (1/322) ،
والموطأ (32) ، وابن كثير (3/
56) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/135) ، وللترغيب (1/151)
، والكنز (26823) ، وإتحاف
(2/375) ، والعقيلي (3/134) ، والتمهيد (4/30، 31) .
(3) صحيح. رواه النسائي في (الطهارة، باب "106") ، وأحمد
(2/303) والبيهقي (1/
82) ، والتجريد (348) ، والمنثور (2/114) ، وابن كثير
(2/170) ، وشرح للسنة (1/320) ،
والبغوي (1/472) ، وللسير (1/533) ، وإتحاف (2/374) ،
وحبيب (1/24) ، وأبو عوانة (1/
231) .
(1/1288)
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إذا
أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون، وأتوها وأنتم تمشون،
وعليكم السكينة، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا" (1)
. هذا حديث
خرجه الأئمة الستة في كتبهم، وفي لفظ عندهما:"وعليكم
السكينة
والوقار ولا تسرعوا"، وفي لفظ لمسلم (2) :"صل ما أدركت
واقض ما
سبقك"، ورواه أحمد (3) عن ابن عينية عن الزهري عن ابن
المسيب عن أبي
هريرة بلفظ:"وما فاتكم فاقضوا"، ورواه مسلم عن ابن أبي
شيبة، وزهير
عن ابن عيينة:"يدرجا فيما قبله"على لفظ يونس بن يزيد عن
الزهري،
ولم يذكر لفظه:"واقضوا"، ورواه أبو داود (4) من طريق سعد
بن إبراهيم
عن أبي سلمة " فصلوا ما أدركتم واقضوا ما سبقكم "، قال أبو
داود: كذا
قال ابن سيرين عن أبي هريرة:"وليقض"، وكذا قال أبو رافع
عنه، وأبو
ذر روى عنه: "فأتمُّوا واقضوا" (5) اختلف عنه، قال
الدارقطني: وهم محمد بن
مصعب فيه فرواه عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن أنس، ورواه
أبو ثور عن
زكريا بن عدى عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن سعيد وأبي
سلمة، عن أبي
هريرة، ولم يتابع عليه، ورواه خلاد بن يحيى عن سفيان عن
الأعمش عن
سعد بن إبراهيم عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه عن أبي هريرة
قال: وذكر
الأعمش فيه وهم، ويشبه أن يكون سعد بن إبراهيم حفظه/عن أبي
سلمة
وعن عمر أبيه، ولفظ شعبة عند البيهقي عن سعد عن أبي
سلمة:"واقضوا
ما سبقكم"، قال: ورواية ابنه عنه سمع بمتابعة الزهري إياه
أصح، وكذلك
رواه محمد بن عمر عن أبي سلمة، وقال ابن الجوزي: فأتموا،
كذا رواه
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (2/9) ومسلم في
(المساجد، ح/151) وأبو داود
(ح/572) ، والترمذي (327) ، وابن ماجة (775) ، وأحمد
(2/270، 452) ، والبيهقي (2/
297، 4/228) ، وعبد الرزاق (3102، 3404) وابن خزيمة
(1772،1505) ، وشرح السنة
(2/316) والمشكاة (686) ، ونصب الراية (2/200) ، والكنز
(20017) ، وابن كثير (8/
146) ، وتلخيص (2/28) ، ومعاني (1/396) .
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/154) ، والبيهقي
(2/298) ، والمجمع (2/76) ،
وأبو عوانة (2/84) ، والفتح (2/118، 268، 269) .
(3) صحيح. رواه أحمد (2/270، 452) ، والتمهيد (7/71) ،
والحميدي (935) .
(4) صحيح. رواه أبو داود: (ح/573) .
(5) المصدر السابق.
(1/1289)
الزبيري، وإبراهيم، وابن أبي ذئب، وسر عن
الزهري، وأما شعيب عنه ففي
رواية كما سبق، وفي أخرى:"فاقضوا"، وكذلك رواه ابن سيرين،
وأبو رافع
عن أبي هريرة، وقال أبن عينية عن الزهري:"فاقضوا"، قال:
وقال محمد بن
عمرو عن أبي سلمة، وجعفر بن ربيعة عن الأعرج:"فأتموا"،
وابن مسعود،
وأبو قتادة عن أنس عن النبي- عليه السلام- كلهم
قالوا:"فأتموا"، وفي
كتاب التمييز لمسلم: أخطاْ في هذه اللفظة، وكذا ذكره عنه
البيهقي، وفيه
نظر؛ من حيث أن مسلما خرج في صحيحه:"واقض ما سبقك"، وقد
وجدنا لابن عينية عن الزهري متابعا على هذه اللفظة أيضا،
وهو ما رواه أبو
نعيم عن عبد الله بن جعفر، ثنا يونس، ثنا أبو داود، ثنا
ابن أبي ذئب عن
الزهري ولفظه:"فاقضوا"، وفي مسند أبي قرأ ذكر ابن جريح
أخبرت عن
الزهري عن أبي سلمة عنه بلفظ:"وما فاتكم فاقضوا"، قال:
وذكر سفيان
عن سعد بن إيراهيم، حدثني عمر بن أبي سلمة عن أبي سلمة
عنه، ولفظه:
"وليقض ما سبقه"، ورواه ابن عينية عند الدارمي
وغيره:"فأتموا"فخرج
بهذا من أن يغلط.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا
زهير بن محمد بن
عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد
الخدري: أله
سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول:"ألا أدلكم على ما يكفِّر الله/به الخطايا، ويزيد
في الحسنات قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء
على المكاره،
وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة" (1)
، هذا حديث في
إسناده ضعف؛ للاختلاف في حال ابن عقيل، ولفظ ابن عدي في
كامله:
__________
(1) صحيح رواه بن ماجة (ح/776) ، والكنز (44262) وابن
المبارك في الزهد (138) وإتحاف
(10/23) ، وابن خزيمة (177) وان كثير في "التفسير" (2/171)
والترغيب (1/
198،211،284،284،285) ومطالب (83) وأحمد (2/235) وصححه
الشيخ الألباني
(2) حسن رواه أبو داود (ح/561) والترمذي (ح/223) وقال هذا
حديث غريب من هذا الوجه مرفوع هو مسند وموقوف إلى أصحاب
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يسند إلى
(1/1290)
وقال محمد هذا ضعيف، وذكره أيضا في ترجمة
عبد الحكم بن عبد الله
القسلمي عن الباجي، وزعم أن عبد الحكم منكر الحديث، ولفظ
أبي يعلي
عنه: " بالنُّور التام يوم القيامة ". حدثنا محمد بن بشار،
ثنا محمد بن جعفر،
ثنا شعبة عن إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله
قال: " من سره
أن يلقى الله عز وجل مسلمَا فليحافظ على الصلوات الخمس حيث
ينادي بهن
فإنهنّ من سنن الهدى، وأن الله شرع لنبيكم- صلى الله عليه
وآله وسلم-
سنن الهدى، ولعمري وأنّ ذلكم صلّى في بيته لتركتكم سنة
نبيكم ولو تركتم
سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأينا وما نتخلف عنها إلّا منافق
معلوم النفاق، ولقد
رأيت الرجل يهادى بين الرجلين حتى يدخل في الصف، وما من
رجل يتطهَّر
فيحسن الطهور فيعمد إلى المسجد فيصلى فيه فما يخطو خطوة
إلّا رفعه الله
بها درجة أو حط بها خطيئة " (1) . هذا حديث إسناده ضعيف؛
لضعف رواية
أبي إسحاق إبراهيم بن مسلم العبدي الكوفي، ثم الهجري نسبة
إلى أبي هجر،
ومعناها البهرية القرية، والقصور الملتفة، وهى قرية مأرب
القديمة. كذا ذكره
ابن أبي المدينة، وقال اليعقوبي: حي مدينة/البحرين وقال
القالي وقال بعضهم:
الهاجري نسبة إلى هجر بالألف واللام، قال الرشاقي: وليس
هذا القوي
بمرضي، قال البكري: سميت بهجر بيت مكتف من العماليق، وقال
الزجاجي
في مختصر الكتاب الزاهد: وكانت سها، وفي كتاب البلدان
للكلبي: كانت
هجر من العرب المتعرة وهي زوج محكم بن عبد الله صاحب النهر
الذي
بالبحرين الذي يقال له: نهر محكم، وقال الحازمي: هي قصة
بلاد البحرين
بينها وبن بئرين سبعة أيام، وقال ياقوت: هجر اسم ليمثل
جميع نواحي
البحرين كما يقال: الشّام والعراق، وهى أيضَا قرية كانت
قرب المدينة، وهي
__________
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وابن ماجة
(ح/781) ، والترغيب (1/212) ، وشرح السنة (2/358) ،
والمجمع (2/30) ، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، وفيه
العباس بن عامر للضبي ولم أجد من
ترجمه، وبقية رجاله ثقات. وعبد الرزاق (5999) ، والكنز
(2860284،28702،202) .
(1) إسناده ضعيف. رواه النسائي (08/12) ، والترغيب (1/260)
، والمجمع (2/39) ، وعزاه
إلى الطبراني في " الأوسط " من طريق رحلة مولاه عبد الملك
عن ابن عمر، ولم أجد من
ترجمها. والكنز (20275) ، وتنزيه (2/207) ، والفوائد (123)
، والإرواء (2/255) .
(1/1291)
أيضا قرية باليمن بينها وبين عمر يوم
وليلة، وفي كتاب البلدان للزمخشري:
هجر من البحرين بغير ألف وتصدن ولا تصدن، والهجر أيضا موضع
بالألف
واللام، وفي كتاب ابن سيده هجر مدينة تصرف ولا تصرف، قال
سيبوية:
سمعنا من العرب من يقول: مخالب الممرات هجر، والنسب إليه
هجري على
القياس، وهاجري على غير قياس، قال: قرئت غارة أو صنعت فيما
كسح
الهاجري حريم نمر، وفي الصحاح هجر اسم بلد مذكر مصروف،
والنسبة إليه
هاجري على غير قياس، وفيه قيل: هاجري، وقال القزاز: هو
معرفة لا تدخله
الألف واللام، وإياه أراد الشاعر مثل: القيامة هذا حوق قد
بلغت نجران أو
بلغت سوائهم هجر فإنّه وإن كان الحاكم قد قال لم يسقم عليه
بحجة، وليس
بالمتروك إلا أن الشيخين لم يحتجا به، وقال الأزدي: كان
صدوقا، ولكنه
وقّاع كثير الوهم، وقال ابن عدي: وأحاديثه عامتها مستقيمة
المتن، وإنما أنكروا
عليه كثرة روايته عن/أبي الأحوص عن عبد الله، وهو عندي ممن
يكتب
حديثه وخرج الحافظ أبو بكر بن خزيمة حديثه في صحيحه فقد
قال فيه
النسائي: ضعيف، وقال يحيى بن معين: ضعيف ليس بشيء، وفي
كتاب ابن
أبي خيثمة: ليس حديثه بشيء، وقال ابن المديني عن أبيه: قال
سفيان: كان
الهجري يحفظ حديثين ما هو فيه، قال: وسمعت أبي يقول: لا
أُحدث عن
الهجري بشيء كان رفاعا وضعفه، وقال مرة عن ابن عيينة: كان
الهجري
ليسوق الحديث بسياقه جيدة على ما فيه، وقال الرمادي عنه:
رأيه، وقد
أقاموه في الشّمس يستخرج منه شيء وكان يلعب بالشطرنج، وقال
المزي: عنه
كان إبراهيم ضعيفا وقال عبد الرحمن بن بشر بن الحكم عنه:
أتيته فدفع إلي
عامة كتبه ترجمت الشيخ فأصلحت له كتابه قلت هذا عن عبد
الله، وهذا
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا عن عمرو،
وقال أبو حاتم الرازي: لين الحديث ليس
بقوي، وقال أبو بكر الرازي: رفع أحاديث أوقفها غيره، وقال
أبو أحمد
الحاكم: ليس بالقوي عندهم، وقال أبو موسى: ما سمعت يحيى
يحدث عن
سفيان عن الهجري، وكان عبد الرحمن يحدث عن سفيان عنه، وقال
ابن
سعد: كان ضعيفا في الحديث، وقال الحربي في علله: فيه ضعف
وأستغفر الله
تعالى من ذلك، وقال علي بن الجنيد: متروك، وذكره أبو عبد
الله الجعفي في
(1/1292)
كتاب الضعفاء تأليفه، وكذلك العقيلي، وسئل
عنه أحمد، وهو يحدث عه
فقال: قد روى عنه شعبة، وقال البرقي في كتاب الطبقات: كان
ضعيفا، ولما
ذكره أبو العرب في كتاب الضعفاء قال: قال أبو الحسن: هو
كوفي يكتب
حديثه وفيه ضعف، وفي موضع آخر هو ضعيف،/وقال أبو داود: قال
يحيى بن سعيد: كان الهجري ليسوق الحديث سياقة جيّدة، وذكره
يعقوب
في جملة من يرغب الرواية عنهم، وردّ به البيهقي وأبو عمرو
بن حزم،
والحافظ ضياء الدين المقدسي، وابن طاهر في التذكرة، وأبو
الفرح في التحقيق،
وأبو محمد الإشبيلي، وأبو الحسن بن القطان غير حديث، وقد
وقع لنا هذا
الحديث من طرق صحيحة سالمة من الضعف رواها مسلم في صحيحه
عن
أبي بكر.
حدّثنا محمد بن بشر، ثنا زكريا بن أبي زائدة عن عبد الملك
بن عمير عن
أبي الأحوص، وعن أبي بكر، ثنا أبو نعيم، ثنا أبو العميس عن
علي بن الأقمر
عن أبي الأحوص بزيادة: " ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما
يصلى هذا
المتخلِّف في بيته لتركتم سنة نبيكم، وأن رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علّمنا سنن الهدى،
وإنّ من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذِّن فيه "،
وعند أبي داود (1) :
" ما منكم من أحد إلا وله مسجد في بيته "، وفيه: " ولو
تركتم سنة نبيكم
لكفرتم "، وفي كتاب النسائي (2) : " وأنى لا أحب منكم أحد
إلّا وله مسجد
يصلى فيه في بيته " وفيه: " ولقد رأينا نقارب بين الخطأ "،
وفيه: " ويرفع له
بها درجة من غير شك "، والله تعالى أعلم.
حدثنا محمد بن سعيد بن يزيد بن إبراهيم الشقري، ثنا الفضل
بن الموفق
أبو الجهم، ثنا فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد الخدري.
قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من خرج من بيته
إلى الصلاة فقال: اللهم أني أسألك بحق
السائلين عليك، وأسألك بحق ممشاي هذا فإني لم أخرج أشرا
ولا بطرا، ولا
رياء، ولا سمعة خرجت اتقاء سخطك، وابتغاء مرضاتك، فأسألك
أن تعيذني/
__________
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/550) .
(2) رواه النسائي في: (1 لإِمامة: باب " 50 ") .
(1/1293)
من النار، وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر
الذنوب إلا أنت أقبل الله عليه
بوجهه، واستغفر له سبعون ألف ملك " (1) . هذا حديث إسناده
ضعيف؛
لضعف رواية أبي الحسن عطية بن سعد عن جنادة الحدني للقيسيي
الكوفي
العوني، وإن كان المزي حسّن له أحاديث، وقال ابن سعد: كان
ثقة إن شاء
الله تعالى، وله أحاديث صالحة، ومن الناس من لا يحتج به،
فقد قال فيه
الإمام أحمد: ضعيف والخدري بلغني أَفه كان يأتي الكلبي
ويسأله التفسير
وكان يكنيه بأبي سعيد فيقول: قال أبو سعيد، وكان هشيم
يتكتم فيه وقال
أبو زرعة: ليّن، وقال أبو حاتم: ضعيف يكتب حديثه، وقال ابن
عدي: وهو
مع ضعفه يكتب حديثه، وكان سعد من شرحه أهل الكوفة، وقال
السعدي:
كان مائلَا، وضعّفه الثوري، وقال الكوفي: تابعي وليس
بالقوي، ولما ذكره
الأصمعي في حكايات المجموعة عنه قال: هو من عدوان بن قيس
غيلان بن
مضر كان يتشيع، ومات زمن الحجاج، وخالف ذلك المستملي؛ فذكر
أنه توفي
سنة إحدى عشرة ومائة، وقال النسائي: هو ضعيف، وقال ابن
حبان: سمع
من الخدري أحاديث فلما مات جعل يجالس الكلبي فإذا قال
الكلبي: قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حفظ ذلك
ورواه عنه، وكنّاه أبا سعيد فيظن أنه أراد الخدري
وإنما أراد الكلبي لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب، وقال
يحيى بن
سعيد: هو وأبوهما هارون وبشر بن حرب عندي سواما وقال أبو
خالد
الأحمر: قال لي الكلبي: قال لي عطية: لينبئك أبا سعيد فأنا
أقول/ثنا أبو
سعيد، وقال البزار: كان يغلو في التشيع، روى عه جلّ الناس
نحو من أربعين
رجلَا فيهم نحو ثلاثين جليل، وقال الحربي: غيره أرمق منه،
وقال الساجي:
ليس حديثه بحجة، كان مقدم عليا على الكل، وقال العقيلي:
كان ضعيفَا،
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ج/778) في للزوائد: هذا إسناده
مسلسل بالضعفاء. عطية
وهو العوفي، وفضيل بن مرزوق، وللفضل بن الموفق كلهم ضعفاء.
لكنه رواه لبن خزيمة في
صحيحه من طرق فضيل بن مرزوق، فهو صحيح عنده. وأحمد (3/21)
، والكنز (4977) ،
وإتحاف (5/89، 90) ، واين السني (83) ، والميزان (4384) ،
والمنثور (2/36) ، والمغني عن
حمل الأسفار (1/326) ، والترغيب (2/458) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/168) ، والضعيفة
(24) ، والتعليق الترغيب (1/131)
(1/1294)
وقال ابن معين: هو ضعيف، وإنما الفضل بن
الموفق فهو، وإن كان الرازي قال
فيه: كان شيخًا صالحَا ضعيف الحديث، فقد وثقة البستي،
ورواه أبو نعيم
الفضل في كتاب الصلاة عن فضل بن مرزوق عن عطية قال: حدثني
أبو
سعيد الخدري فذكره موقوفًا، وذكره أبو الفرح في علله من
حديث عبد الحكم
السدوسي عن أبي الصديق عنه، وضعفه بالسدوسي.
حدثنا راشد بن سعيد بن راشد الرملي، ثنا الوليد بن مسلم عن
أبي رافع
إسماعيل بن رافع عن سمى مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي
هريرة: قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " المشاؤون
إلى المساجد في الظلم أولئك الخواضون في
رحمة الله تعالى " (1) . هذا حديث ضعيف الإسناد، لضعف أبي
رافع
الأنصاري القاس المزني البصري، فانه وإن قال فيه البخاري:
ثقة مقارب
الحديث، وقال عبد الله بن المبارك فيما حكاه عنه سفيان بن
عبد الملك: ليس
به بأس، ولكنه وإبراهيم بن عيينة يحمل عن هذا، وعن هذا
ويقول: بلغني
نحو ذلك، وصحح الحاكم حديثه، وقال الساجي: صدوق لين في
الحديث
يهم، فقد قال أبو طالب: سألت الإمام أحمد عنه فقال: ضعيف
الحديث،
وفي رواية حنبل عنه: منكر الحديث في حديثه ضعف، لم أسمع
يحيى ولا
عبد للرحمن حدثنا عنه بشيء قط، وقال/الترمذي: ضعفه بعض أهل
العلم،
وقال الفلاس: منكر الحديث، وفي موضع آخر في حديثه، وقال
النسائي:
متروك الحديث، وفي موضع آخر: ضعيف، وفي آخر: ليس بثقة، وفي
آخر:
ليس بشيء، قال ابن خراش والدارقطني: متروك، وقال يحيى بن
معين في
رواية عباس: ليس بشيء، وفي رواية ابن الجنيد، ومعاوية بن
صالح،
وإسحاق بن منصور: ضعيف، وقال ابن عدي: أحاديثه كفها فيها
نظر إلا أنه
يكتب حديثه في جملة الضعفاء، وذكره الفسوي في باب من يرغب
عن
__________
(1) ضعيف. رواه. ابن ماجة (ح/709) والترغيب (1/213) ،
ورواه ابن عدى في " للكامل "
(1/279) ، والعلل المتناهية (9/401) ، والكنز (20236) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف لبن ماجة (ج/169) ، والتعليق
الترغيب (03/11) ، والضعيفة
(2059) ، وضعيف الجامع (5936) .
(1/1295)
الرواية عنهم، وكنت أسمع أصحابنا يضعفونهم
بإسماعيل بن رافع، وابن أبي
الأحصر، وطلحة بن عمر وليسوا بمتروكين، ولا يقوم حديثهم
مقام الحجة،
وقال ابن سعد: مات بالمدينة قديمَا، وكان كثير الحديث
ضعيفا، وهو الذي
روى حديث الصور، وقال علي بن الجنيد: متروك الحديث، وقال
العقيلي:
ليس بشيء قال أبو حاتم الرازي: هو منكر الحديث، وفي موضع
آخر:
ضعيف، وقال أبو عمر في كتاب الاستغناء: هو ضعيف عندهم جدَا
منكر
الحديث ليس بشيء، ولما ذكره أبو العرب في كتاب الضعفاء ذكر
أن أبا
الحسن قال فيه: ضعيف الحديث، وقال الحربي: غيره أوثق منه،
وقال
الآجري: سألت أبا داود عنه فقال: ليس بشيء قال أبو داود:
سمع من
الزهري فذهبت كتبه، فكان إذا روى كتابَا قال: هذا قد سمعه،
وقال أبو
محمد بن حزم: لا يحتج به، وقال أبو أحمد الحاكم في كتاب
الكنى: ليس
بالقوي عندهم، وقال محمد بن أحمد بن محمد المقدمي فيما
حكاه ابن
عساكر أبو رافع ليس بالقوي، وقال أبو بكر الخطيب: كان
ضعيفا، وقال
البزار: لم يكن ثقة ولا حجة، وقال ابن القطان: تركه/جماعة
من أهل العلم.
حدثنا إبراهيم بن محمد الحلبي، ثنا يحيى بن الحارث
الشيرازي، ثنا زهير بن
محمد التميمي عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي: قال رسول
الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بشّر المشائين في
الظلم إلى المساجد بنور تام يوم القيامة " (1) ، هذا
حديث إسناده صحيح، وخرجه الحاكم في مستدركه ولم يحكم عليه
بشيء
ولا التفات إلى قول ابن الجوزي إذ رده بزهير المخرَج حديثه
عند الشيخين
إبراهيم، فوثقه ابن حبان ويحيى، قال الحاكم: كان ثقة، وكان
عبد الله بن
داود يثنى عليه، والباقون فلا تسأل عنهم. حدثنا مجزأة بن
سفيان بن أسيد
مولى ثابت البناني، ثنا سليمان بن داود الطائفي عن ثابت
البناني عن أنس بن
مالك: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
بشر المشائين في الظلم بالنور التام يوم
القيامة " (2) . هذا حديث لا بأس بسنده، وذكره ابن الجوزي
في علله من
__________
(1) تقدم ص 1290.
(2) تقدم ص 1290.
(1/1296)
حديث مجزأة بن سفيان، وسليمان بن داود
الصابع قال: وهما مجهولان،
وذكره آدم عن روح عن أبان بن أبي عباس عنه بلفظ: " من مشا
إلى
المسجد كان له لكل خطوة عشر حسنات " (1) ، وفي الباب
أحاديث منها
حديث بريدة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أنه قال: " بشر المشائين في الظلم إلى المساجد
بالنور التام يوم القيامة ". رواه الترمذي (2) فقال: حديث
غريب من هذا الوجه
مرفوع صحيح، وموقوف إلى أصحاب النبي ولم يسم النبي- عليه
السلام-
وقال الدارقطني: تفرد به إسماعيل بن سليمان الضبي الكحال
عن عبد الله بن
أوس، وكذا قاله الطبراني، وقال ابن الجوزي: فيه مجاهيل،
وصححه
الأشبيلي/لسكوته عنه، واعترض عليه ابن القطان بأن في سنده
عبد الله بن
أوس، وهو مجهول لا يعرف روى عنه غير الكحال، ولا يعرف له
رواية عن
غير بريدة هذا الحديث خاصة، وحديث عمر بن الخطاب قال: أن
النبي-
عليه السلام- قال: " اقصروا خطاكم، واقصروا من أقدامكم،
والذي نفسي
بيده لا يتوضأ عبد فيحسن الوضوء، ثم خرج يريد ما بعث الله
تعالى في
كتابه إلا كتب الله له بكل خطوة حسنة، ومحي عنه بكل خطوة
سيئة، ورفع
له بكل خطوة درجة " (3) ، ذكره آدم بن أبي إياس العسقلاني
في كتاب
الثواب من تأليفه عن بكر بن عبد الله عن مكحول عنه، وحديث
أنس بن
مالك مرفوعا: " بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور
التام يوم
القيامة " (4) . قال الطبراني في الأوسط: لم يروه عن ثابت
البناني إلا داود بن
سليمان تفرد به ابنه سليمان مؤذن مسجد ثابت، وحديث حطيم
الحراني قال
عليه السلام: " بشر المشَّائين في الظلم إلى المساجد
بالنور التام يوم
القيامة " (5) ، ذكره أبو موسى من حديث خالد بن يزيد
الهداري، ثنا أشعث
__________
(1) الكنز: (29332) .
(2) تقدم ص 1290.
(3) بنحوه. أورد. للهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/29) من
حديث أبي هريرة، وعزاه إلى
" أبو يعلى " وفيه عبد الأعلى بن أبي المساور وهو ضعيف.
(4) تقدم ص 1290.
(5) تقدم ص 1290.
(1/1297)
الحراني عنه وقال: ذكره ابن أبي علي في
الحاء، وأورده غيره في الخاء
المعجمة، وحديث أبي أمامة يرفعه: " ليبشر المدلجون في
الظلم إلى المساجد
بمنابر من نور يوم القيامة يفزع الناس ولا يفزعون " (1) ،
سأل ابن أبي حاتم أباه
عنه فقال: إنما هو سلمة القيسي عمن حدثه عن أبي أمامة،
وبعضهم يقول:
عن رجال من أهل بيته عن أبي أمامة، ورواه ابن زنجويه من
حديث مسلم
الثعلبي قلت: يا أبا أمامة لقيت رجلًا فحدثني عنك إنك
حدثته أن نبي الله-
صلى الله عليه/وآله وسلم- قال: " ما من مسلم يتوضأ فيسبغ
الوضوء ثم
يمشى إلى صلاة جماعة إلا غفر الله له ذلك اليوم، ما مشت
رجلاه وقبضت
عليه يداه، واستمعت إليه أذناه، ونظرت إليه عيناه، ونطق به
لسانه، وحدث به
نفسه من السوء أنت " سمعت هذا من رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قال: فحلف بالله
الذي لا إله إلا هو لقد سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لا أحصيه " (2) رواه ابن
زنجويه عن أبي نعيم، ثنا أبان بن عبد الله عنه، وعن أبي
داود من حديث
الهيثم بن حميد عن يحيى بن الحارث الدريادي عن القاسم بن
أبي أماه
مرفوعا: " من خرج من بيته متطهرا إلى صلاة مكتوبة فأجره
كأجر الحاج
المحرم " (3) ، وحديث علي يرفعه: " إسباغ الوضوء على
المكاره، وإعمال
الإِقدام إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة يغسل
الخطايا غسلا " (4) .
خرجه ابن زنجويه من حديث الحارث بن عبد الرحمن عن أبي
العباس عن ابن
المسيب عنه، وحديث سليمان بن أحمد الواسطي عن الوليد بن
مسلم عن
ابن نفيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسامة بن زيد عن أبيه
يرفعه: " بشر
__________
(1) العلل: (543) .
(2) بنحوه. رواه الحاكم (2/399) والترغيب (1/157) والكنز
(0293،218981) .
(3) صحيح. الترغيب (1/213، 465) ، والكنز (18961) ،
والبيهقي (3/63) ، والقرطبي
(12/276) .
(4) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع للزوائد " (2/36) ،
وعزله إلى أبو يعلى، والبزار،
ورجاله رجال الصحيح، وزاد البزار في أوله: " ألا أدلكم على
ما يكفر الله به الخطايا "،
وزاد في أحد طريقيه رجلا وهو أبو العباس غير مسمى، وقال:
إنه مجهول، قلت: أبو العباس
بالياء المثناة آخر الحروف وللسين المهملة.
(1/1298)
المشائين في الظلم إلى المساجد ... "
الحديث، قال ابن عدي: لم أسمع أحد
يذكره عن سليمان غير عبدان، وقال البخاري: في سليمان نظر،
وحديث
سليمان يرفعه من هذا إلى صلاة الصبح أعطي ربع الإِيمان-
سأل عبد الله أباه
عنه فقال: هذا حديث منكر، وقال الدارقطني: رواه عنبس، وهو
متروك
ذاهب الحديث، وحديث عثمان بن عفان قال: سمعت رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/
يقول: " من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم مشى إلى صلاة مكتوبة
فصلاها مع
الإمام، غفر له ذنبه " (1) . رواه ابن زنجويه من حديث ابن
لهيعة عن ابن أبي
حبيب عن نافع بن جبير بن مطعم، وعبد الله بن أبي سلمة عن
معاذ بن عبد
الرحمن التيمي عن حمران عنه، وحديث عقبة بن عامر: سمعت
رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا تطفر الرجل
ثم أتى المسجد يرعى الصلاة كتب له كاتبه
أو كاتباه بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات، والقاعد
مبرعَا
الصلاة كالقانت، ويكتب من المصلِّين من حين يخرج من بيته
حتى يرجع " (2) .
قال الحاكم عند تخريجه: صحيح على شرط مسلم، وخرجه الخلال
في علله
من حديث ابن لهيعة عن أبي قبيل عنه يرفعه: " هلاك أمتي في
اللين " قيل:
يا رسول الله، وما اللين؟ قال " يحبون اللين، ويدعون
الجماعات والجمع،
ويندون " (3) . قال أبو وائل: لم أسمع من عقبة إلا هذا
الحديث، قال أبو
عبد الرحمن: ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي
الخير عن عقبة
بمثله، وحديث معاذ مرفوعا: " ومن غدا إلى المسجد أو راح
كان ضامنا
على الله عز وجل " (4) ، قال الحاكم بعد تخريجه: هذا حديث
رواية بصريون
ثقات ولم يخرجاه، وحديث عائشة مرفوعا: " بشر المشائين إلى
المساجد في
الظلم بالنور التام " (5) رواه أبو القاسم في الأوسط،
وقال: لم يروه عن عطاء
__________
(1) ضعيف. رواه أحمد (1/ 67، 71) والترغيب: (07/21) . في
إسناده ابن لهيعة.
(2) صحيح. رواه الحاكم (1/211) ، والبيهقي (3/63) ، والكنز
(18954) ، وأحمد (4/
157) ، وابن حبان (421) ، والمجمع (2/29) ، وعزاه لدى
أحمد، والطبراني في " الكبير "،
و" الأوسط "، وفي بعض طرقه ابن لهيعة، وبعضها صحيح، وصححه
الحاكم.
(3) ضعيف. جامع المسانيد: (2/ 568) .
(4) له كثر من موضع فيما سبق.
(5) ضعيف. رواه أبو داود (ح /563) .
(1/1299)
عن عائشة إلا الحسن بن علي السروري تفرد به
قتادة بن الفضل بن قتادة،
وحديث سعيد بن المسيب عن رجل من الأنصار قال: سمعت رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول: " من توضأ / في بيته فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد
يصلى في
جماعة المسلمين لم يرفع رجله اليمنى إلا كتب الله له بها
حسنة، ولم يضع
رجله الشمال إلا حط الله عنه ما خطيئة فليقرب أو ليبعد،
وإذا صلى بصلاة
الإمام انصرف وقد غفر له، فإن أدرك بعضًا وفاته بعض كان
كذلك، وإن
أدرَك الصلاة، وقد صليت فأتمّ صلاته ركوعها وسجودها كان
كذلك ". رواه
أبو داود (1) من حديث معبد بن هرمز، وهو مجهول الحال لم
يرو عنه غير
يعلى بن عطاء فيما رأيت. انتهى. رويناه في كتاب الثواب
لأدم موصولًا من
حديثه عن روح، ثنا أبان بن أبي عباس عنه، ولفظ: " من مشى
إلى المسجد
كان له بكل خطوة عشر حسنات " (2) ، وحديث عمر بن الخطاب
قال:
" جاء جبرائيل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فقال: بشِّر المشَّائين في الظلم إلى المساجد
بنور
تام يوم القيامة " (3) . ذكره عبدان من حديث علي بن ثابت
عن الوزاع بن
نافع وهما ضعيفان، وحديث أبي الدرداء عن النبي- صلى الله
عليه وآله
وسلم- أنه قال: " من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد أتاه
الله نورًا يوم
القيامة " (4) . ذكره أبو عبد الله في تاريخ نيسابور من
حديث زيد بن أبي
أنيسة، وهو ضعيف، قال أبو القاسم في الأوسط: تفرد به زيد.
انتهى كلامه،
وفيه نظر؛ لما ذكره هو بعد.
حدّثنا أبو زرعة؛ ثنا عبد الله بن جعفر الرمي، ثنا عبيد
الله بن عمرو عن
جنادة بن أبي خالد عن مكحول عن أبي إدريس الخولاني عن أبي
الدرداء
قال- عليه السلام-: " من مشى في ظلمة الليل إلى المساجد
أتاه الله تعالى
__________
(1) ضعيف. الكنز: (29332) . في إسناده الوازع بن نافع.
(2) له كثر من موضع سابق انظر ص 1282.
(3) ضعيف. رواه ابن حبان (423) والمنثور (3/217) والكنز
(20288) والحلية (2/12)
والمتناهية (1/410) والمجمع (2/30) وعزا هـ إلى الطبراني،
وفيه جنادة بن أبي خالد ولم أجد
من ترجمه، وبقية رجاله ثقات.
(4) المصدر للسابق.
(1/1300)
نورًا يوم القيامة " (1) . ومن حديث
إسماعيل بن أبي خالد/عن قيس بن أبي
حازم قال: سمعت أبا الدرداء: سمعت رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " من يكن
المسجد بيته ضمن الله له الروح والرحمة والجواز على الصراط
إلى الجنة " (2) ،
وقال: لم يروه عن إسماعيل إلا عمرو بن جرير، ورواه أبو
نعيم في كتاب
المساجد من حديث إسرائيل عن عبد الله بن المختار عن ابن
واسع عن ابن أبي
الدرداء عنه، قال: واسم أبيه بلال، وروى قتادة وإسماعيل عن
رجل عن أبي
الدرداء راوي كتاب النوائب لآدم، ثنا أبو بكر عن أبي حفص
عن سعيد بن
عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عنه موقوفا: " من لم يغد
الغدو والرواح إلى
المساجد في سبيل الله فقد قبل عمله " (3) ، وفي العلل
المتناهية: " المساجد
بيوت الله في الأرض ... " الحديث (4) ، وقال: المحفوظ
مرسل، وحديث أبي
أمامة الباهلي يرفعه: " من مشى إلى صلاة مكتوبة وهو متطهر
فأجره كأجر
الحاج المحرم، ومن مشى إلى تسبيح الضحى كأجر المعتمر رجلاه
على إثر
رجلاه لأبقو بينهما كتاب في عليين " (5) . قال أبو القاسم
في الأوسط: ورواه
الهيثم بن حميد عن يحيى بن الحرث عن القاسم عنه لم يروه عن
يحيى
مسند التمام إلا الهيثم، وذكره ابن زنجويه في كتابه موقوفا
بلفظ: " أقسمت
لكم بالله أنّ من خير أعمالكم الغدو والرواح إلى المساجد
". وحديث زيد بن
ثابت أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
كان يقارب بين الخطى إلى المساجد "، وقال:
" إنما فعلته ليكثر خطاي " (6) ، قال الرازي في علله: رواه
جماعة عن ثابت
__________
(1) العلل المتناهية: (1/411) .
(2) لم نقف عليه.
(3) صحيح. الكنز (20346، 20347، 20584) ، والمتناهية
(1/411) ، والمجمع (2/7) ،
بلفظ: " المساجد بيوت الله في الأرض تضيء لأهل السماء كما
تضيء نجوم السماء لأهل
الأرض "، وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، ورجاله
موثقون.
(4) رواه الطبراني (07/28) وشرح السنة (2/357) والحاوي
(1/67) .
(5) ضعيف جدا. رواه الطبراني (5/126) ، والمطالب (489) ،
والكنز (21629) ، والميزان
(3945) ، ترجمة: الضحاك بن نبراس، بصري، قال ابن معين: ليس
بشيء، وقال النسائي:
متروك، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف. وخرج له البخاري في
كتاب الأدب.
(6) الكنز: (29332) .
(1/1301)
عن أنس عن زيد فلم يوصله أحد إلى الضحاك،
وهو لين الحديث، وتابعه
محمد بن ثابت العبدي/وليس بقوي، والصحيح موقوف. انتهى،
ورويناه في
كتاب الثواب لآدم موصولا من حديثه عن روح، ثنا أبان بن أبي
عباس عنه،
ولفظه: " من مشى إلى المسجد كان له بكل خطوة عشر حسنات ".
قال
أبو عيسى: اختلف الناس في المشي إلى المسجد فمنهم من رأى
الإسراع إذا
خاف فوت التكبيرة الأولى حتى ذكر عن بعضهم انه كان يهرول
إلىَ الصلاة،
ومنهم من كره الإسراع، وبه قال أحمد وإسحاق، قال إسحاق: إن
خاف
فوت التكبيرة الأولىَ فلا بأس أن يسرع في المشي.
(1/1302)
132- باب الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم
أجرًا
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن
عبد
الرحمن بن مهران عن عبد الرحمن بن سعيد عن أبي هريرة، قال
رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الأبعد فالأبعد من
المسجد أعظم أجرًا " (1) . هذا حديث خرجه أيضا
عبد الله من حديث يحيى بن سعيد عن ابن أبي ذئب ثم قال:
صحيح، رواته
مدنيون ويحيى هو الإمام في انتقاد الرجال، ولم يخرجاه إذ
لم يرضاه بغير هذا
الإسناد، ورواه أحمدَ في مسنده، وشرطه معروف، وفي البخاري
تعليقاً، وقال
أبو هريرة: " إن أعظمكم أجرًا أبعدكم دارًا، قيل: يا أبا
هريرة، لِمَ؟ قال:
لأجل كثرة الخطا ". حدثنا أحمد بن عبيدة، ثنا عباد بن عباد
المهلي، ثنا
عاصم الاً حول عن أبي عثمان النهدي عن أبى بن كعب قال: "
كان رجل
من الاً نصار بيته أقصى بيت في المدينة وكان لا تحطهً
الصلاة مع رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: فتوجعت له فقلت:
يا فلان لو أنك/اشتريت حماراً تتقيك
الرمضاء، ويرفعك في الوقع، ويقبل هوام الاً رض فقال: والله
ما أحب أن بيتي
يطنب بيت محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال
فحملت به حملًا حتى أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ
فذكرت ذلك له، فدعاه فسأله، فذكر له مثل ذلك، وذكر أنه
يرجو في أبرد
فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن لك ما
احتسبت " (2) ، هذا حديث خرجه مسلم
بلفظ: إني أريد أن يكتب لي ممشاي إلى المسجد ورجوعي إذا
رجعت إلى
أهلي فقال- عليه السلام-: " قد جمع الله لك ذلك كله أجمع "
(3) . حدثنا
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة: (ح/782) .
وصححه الشيخ الألباني.
(2) صحيح. روا هـ ابن ماجة (ح/783) . وصححه الشيخ
الألباني.
(3) صحيح. رواه مسلم: (278) ، وأحمد: (5/133) ، وابن
خزيمة: (450، 1500) ، والكنز:
(22813،5285) .
غريبه: قوله: " توجعت " أي: أطهرت أَله يصيبني الألم مما
يلحقه من المشقة ببعد الدر،
و" الرمض ": الاحتراق بالرمضاء. و" الوَقَع " في النهاية-
هو بالتحريك- أي تصيب-
(1/1303)
أبو موسى محمد المثنى، ثنا خالد بن الحرث،
ثنا حميد عن أنس بن مالك
قال: أرادت بنو سلمة أن تتحول من ديارهم إلى قرب المسجد،
فكره رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يعدوا المدينة
فقال: " يابني سلمة ألا تحتسبون آثاركم قط؟
فأقاموا " (1) . هذا حديث خرجه البخاري في صحيحه، وفي لفظ
عند
الرازي: " يعدوا المسجد "، وضعفه، وقال: الصواب المدينة.
حدثنا علي بن
محمد، ثنا وكيع وإسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس
قال:
" كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد فأرادوا أن
يقتربوا، فنزلت:
(نكتب ما قدّموا وآثارهم) قال:. فثبتوا " (2) ، هذا حديث
مسند في
الاصطلاح الحديثي، وسنده صحيح، وزاد عبد بن حميد في
تفسيره: " فقالوا:
بل نثبت مكاننا "، وقد رواه أيضًا أبو سعيد الخدري بلفظ: "
شكت بنو
سلمة إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد
منازلهم من المسجد فأنزل الله تعالى: (ونكتب ما
قدموا) " فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
منازلكم فإنّما تكتب آثاركم " (3) ، أخيرنا/به
المسند الفقيه فتح الدين الحوري- رحمه الله- عن أبي الحسن
بن أبي عبد
الله بن أبي الحسن- رحمه الله- قال: أنبأنا أبو الفضل
المنهي عن أبي الحسن
علي بن أحمد المفسر أنبأ الشريف إسماعيل بن الحسن بن محمد
بن الحسين
الطبري أنبأ جدي أنبأ عبد الله بن محمد بن الشرقي، ثنا عبد
الرحمن بن
بشر، ثنا عبد الرزاق أنبأ الثوري عن طريق ابن شهاب عن أبي
نضرة عنه،
وقال أبو عيسى: ورواه عن محمد بن وريس عن إسحاق الأزرق عن
الثوري،
__________
الحجارة القدم فتوهنها. و" هوام الاً رض ": ما فيه من ذوات
السموم. و" يطنب ":
الطنب- بضمتين- واحد أطناب الخيمة أي: ما أحب أن يكون بيتي
مربوطا مشدودا بطنب
بيته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد يستعار الطب
للناحية، وهو كناية عن القرب.
(1) صحيح. رواه البخاري (3/29،1/167) ، وابن ماجة (ح/784)
، وأحمد (3/
106، 263) ، والبيهقي (3/64) ، والبغوي (3/6) ، والكنز
(20247) ، وشرح السنة (2/353) ،
وابن أبي شيبة (2/207) .
(2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/785) . في الزوائد: هذا موقوف.
فيه سماك- وهو ابن
حرب- وإن وثقة ابن معين وأبو حاتم فقد قال أحمد: مضطرب
الحديث. وقال يعقوب بن
شيبة: روايته عن عكرمة- خاصة- مضطربة، وروا يته عن غيره
صالحة.
(3) حسن. جامع المسانيد: (2/653) . وقال الترمذي: حسن
غريب.
(1/1304)
وهذا حديث حسن غريب، ورواه الكشي في تفسيره
فقال: عانين فيه ضعف
طريق وإن لم يضبط. ثنا قبيصة عن سفيان عن طريف عن أبيِ
نضرة عن أبي
سعيد (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدّموا وآثارهم) قال:
الخطا
وآثارهم. فلو كان أبو سعيد رواه عن النبي لما وسعه خلافه،
والله أعلم. ولفظ
البزار: فقال لهم النبي " احسبه " قال: " منازلكم منها
تكتب آثاركم " (1) .
رواه عن ابن وزير الترمذي، وفي البخاري عن أبي موسى قال-
عليه
السلام-: " أعظم الناس أجراَ في الصلاة أبعدهم ممشا " (2)
، وفي الأوسط
عن ابن عمر: " قيل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: إن ميسرة المسجد قد عُطِّلت فقال: " من
عمر ميسرة المسجد كان له كفلاة من الأجرة " (3) ، وقال: لم
يروه عن نافع
إلا ليث بن أبي سليم، ولا عن ليث إلا عبيد الله بن عمرو.
تفرد به عمرو بن
عثمان. وفي كتاب الثواب لآدم عن الحسن قال: أرادت بنو سلمة
أن يعلمهم
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. الحديث مرسل،
رواه ابن المبارك بن فضالة عنه، وثنا المسعودي
عن عون بن عبد الله قال- عليه السلام-: " قد كنت هممت أن
أحول
رجالا ممن يلي المسجد/ممن لا يشهد الصلاة، ثم نظرت في ذلك
إلى ديار
قوم أبعد منهم ممن لا يشهد الصلاة، فرأيت الأبعد فالأبعد
أعظمهم أجرأ
فتركتهم " (4) ، وفي صحيح مسلم أن ينتقلوا قرب المسجد،
فبلغ ذلك رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " يا بني
سلمة دياركم تكتب آثاركم، دياركم تكتب
آثاركم " (5) ، وفي لفظ: قال جابر: كانت ديارنا نائية عن
المسجد فأردنا أن
__________
(1) رواه أحمد (5/76، 6/65) ، وجامع المسانيد (2/653) .
(2) صحيح. رواه البخاري (1/166) ، والبغوي (4/6) ، وشرح
السنة (2/353) ، والمشكاة
(699) ، والكنز (20227) .
(3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/1007) ، في الزوائد: في إسناده
ليث بن أبي سليم،
ضعيف. والترغيب (1/323) ، وإتحاف (3/328) ، والكنز (20589)
، والمغني عن حمل
الأسفار (1/192) ، ومسند بن عمر (48) ، والموضوعات لابن
القيسراني (755) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/210) ، والتعليق
الرغيب (1/175) ، وضعيف
الجامع الصغير (5709) .
(4) لم نقف على هذا اللفظ.
(5) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/280- 281) ، وأحمد
(3/333) ، والمشكاة-
(1/1305)
نبيع بيوتنا فتقرب من المسجد، فنهانا رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقال: " إنّ لكم
بكل
خطوة درجة غريبة الوقع " (1) ، قال الهروي: هو أن تصيب
الحجارة القدم
فتوهنها، يقال: دفعت أوقع وقعًا، وفي المثل: كل الحيدي
الجبدى الحافي
الواقع، وفي المحكم: وقع الرجل والفرس وقعًا فهو وقع حين
من الحجارة أو
الشوك، وقد وقعه الحجر، وحافر وقع وقعة الحجارة فقصت منه،
وقدم موقعة
غليظة شديدة، وطريق موقع فذلك، ورجل موقع قد أصابه
البلايا، وفي
الصحاح: الوقع بالتسكين: المكان المرتفع من الجبل. عن أبي
عمرو، والوقع
بالتحريك: الحجارة واحدتها وقعة، والوقع أيضَا الهبط، وفي
الجامع: حفي من
مشيه على الحجارة، وقيل: هو أن يشتكي لحم رجليه من الحفا،
والطنب حبل
الخيار، والجمع الطناب يقال حبل مطنب، ورواق مطب أي مشدّد
بالأطناب،
قال أبو نصر في المحكم: هو حبل طويل يشد به البيت والسرادق
بين الأرض
والطرائق، وقيل: هو الوتد (2) ، والجمع طنبة، قال
القواريري: أحب أن يكون
شيء مشدودَا قريبا من بيته قال: والطنب طنب الخيار غيره،
وهو الحبل يُشدّ/
إلي وتد، وسلمه واحدة السلم وهى شجر العضاة، قال أبو
حنيفة: هو سلب
العبدان طولا يشبه القضبان، ليس له خشب وإن عظم، وله شوك
دقاق طوال
خيار إذا أصاب رجل الإِنسان وله برمة أي زهرة صفراء، وكلّ
شيء منها مر
وورقها مرّة يدبغ بها، وفي السلم قرب هذا المثل: "
لأعضينكم عضب
السلمة "، وليس في العضاة أصلب عيدانا منها ومنه يقتطعون
العصي، والغبط،
والأوتاد، والمبارم، وهو معزل ضخم، وقال غير أبي زياد:
السلمة أطيب
العضاة ريحَا، وقال أعرابي: ليس شجرة أدرى من سلمة قال:
ولم يوجد في
دبري سلمة مرد قط، ويجمع أيضًا أسلامَا، قال دوية كأنما
حين أطلقا من
ذات إسلام عصيا سقفا، وقال بعض الرواة: أرض مسلمو: ما إذا
كانت كبيرة
السلم، وفي كتاب اقتباس الأنوار: سلمة من السلام وهي
الحجارة، وفي
__________
(700) ، والكنز (20248) ، والمنثور (5/260) ، والطبري
(22/100) ، وابن كثير (6/
552) والقرطبي (15/22) .
(1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/279) ، والفتح (2/140)
، والكنز (20245) .
(2) قوله: " الوتد " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.
(1/1306)
كتاب الصحاح، وسلمة بكسر اللام رجل بنى
سلمة: بطن من الأنصار،
وليس في العرب سلمة غيرهم. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما
ذكره ابن حبيب
في كتابه: " المؤتلف والمختلف "، والوزير أبو القاسم
المغربي، وابن ماكولا سلمة
في الأنصار، وسلمة بن عمرو بن ذهل بن مرداس جعفي، وسلمة بن
نصر بن
غطفان بن قيس بن جهينة، كل سلماتهم بالكسر، وفي كتاب
النوادر لأبي
علي هارون بن زكريا الهجري من فضائل عميرة بن غطفان بن
امرؤِ القيس بن
بهيشة بن سليم سلمة بكسر اللام مثل الذي في الأنصار، ولا
يزيدون على
أربعة وعشرين رجلا، وسلمة في محلة من كهلان. ذكره أبو عبد
الله الأزدي
في كتاب الترقيص عن الكلبي بكسر اللام، وسلمة في كيدة وهو
ابن
الحارث، قال الأزدي: ذكر الباهلي: أنّه سمع أبا عبيدة يقول
في هذا: سلمة
بكسر/اللام قال القرطبي: وهذه الأحاديث تدل على أن البعد
من المسجد
أفضل، فلو كان بجوار المسجد هل له أن يجاوزه للأبعد؟ اختلف
فيه، فذكر
عن الحسن: أنه كرهه قال: وهو مذهبنا، وفي يخطىء مسجده إلى
المسجد
الأعظم قولان، وقال أبو عبد الله بن ليانة: لا يدع مسجده،
وإنّما فضله
الجامع في صلاة الجمعة فقط، وذكر عن ابن وهب أنه يمضي إلى
الجامع وإن
بطل موضعه، وروى عن أنس أنه كان يتجاوز المساجد المحدثة
إلى القديمة،
وفعله مجاهد، وأبو وائل، ويرد هذا ما ذكر5 أبو القاسم من
حديث عبادة ابن
زياد الأسدي، ثنا زهير بن معاوية عن عبيد الله بن عمر عن
نافع عن ابن عمر
قال- عليه السلام-: " ليصل أحدكم في مسجده ولا يتبع
المساجد " (1) .
وقال: لم يروه عن زهير إلا عبادة، وذكره أبو أحمد من حديث
مجاشع بن
عمرو عن عبيد الله، وقال: كذا رواه كثير بن عبيد، وابن
مصفي عن بقية
عن مجاشع عن عبيد الله، وغيرهما جعل ابن مجاشع، وعبيد الله
منصور بن
أبيِ الأسود، ومجاشع صالح الحديث.
__________
(1) ضعيف. رواه العقيلي: (3/432) ، وأورده الهيثمي في "
مجمع الزوائد " (2/23- 24) ،
وعزاه إلى الطبراني في " الكبير " و" الأوسط "، ورجاله
موثقون إلا شيخ الطبراني محمد بن
أحمد بن النضر الترمذي ولم لجد من ترجمه. قلت: ذكر ابن
حبان في الثقات في الطبقة
الرابعة محمد بن أحمد بن النضر بن ابنة معاوية بن عمرو فلا
أدرى هو هذا أم لا؟
(1/1307)
133- باب فضل الصلاة
في الجماعة
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن
أبي صالح عن
أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته
في بيته، وصلاته في سوقه بضعا وعشرين درجة " (1) . ومن
حديث ابن
المسيب عنه أخرجه أيضا: " تفضل الصلاة في الجمع على صلاة
أحدكم
وحده خمسا وعشرين جزءًا " (2) ، هذا حديث قال فيه أبو عيسى
إذ رواه عن
مسدّد عن/ابن معاوية: حسن صحيح، ولفظ الشيخين (3) : " صلاة
الرجل
في جماعة تضعف على صلاته في بيته، وفي سوقه خمسًا وعشرين
ضعفاً،
وذلك أف إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه
إلّا
الصلاة، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة، وحط عنه ما
خطيئة، فإذا
صلى لم تزل الملائكة تصلى عليه مادام في صلاه ما لم يحدث:
اللهم صل
عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة ".
وفي لفظ للسراج
" بخمس وعشرين درجة " (4) ، وفي لفظ: " تعدل خمسة وعشرين
صلاة
الفرد " (5) ، وفي لفظ: " تزيد على صلاة الفذ خمسًا وعشرين
درجة " (5) ،
وفي لفظ: " بضعة وعشرين جزءا " (6) ، وفي لفظ: " خير من
صلاة الفذ
بخمس وعشرين درجة "، وفي لفظ: " صلاة مع الإمام أفضل من
خمس
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/166) ، ومسلم في
(المساجد، باب " 49 "، ح/272) ، وأبو
داود في (الصلاة، باب " 49 ") ، وابن ماجة (ح/788،786،
790) ، والدارمي (1/192) ، والطبراني
(8/41) ، وابن حبان (431) ، وإتحاف (3/14) ، والكنز
(20217، 20219، 20222، 20259،
20260) ، وابن كثير (6/69) ، والقرطبي (1/12/276،250) .
(2) صحيح. رواه للترمذي (ح/215) ، وقال: هذا حديث حسن
صحيح. ومسلم (450) ،
وللنسائي في (الصلاة، باب " 21 ") ، والبيهقي (1/3،60/359)
، ونصب الراية (2/23) .
(3) تقدم الحاشية رقم (1) .
(4) بنحوه. رواه أبو داود (ح/559) ، وأبو عوانة (2/3) ،
وابن أبي شيبة (2/480) .
(5) بنحوه رواه الطبراني: (10/128) .
(6) رواه أبو عوانة: (2/4) .
(1/1308)
وعشرين يصليها وحده " (1) وفي كتاب ابن حزم
روى عن عمر وأبو هريرة
وكلاهما عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
أن صلاة الجماعة تزيد على صلاة المنفرد
سبعا وعشرين درجة " (2) ، وهما صحيحان. قال الدارقطني:
ورواه يزيد بن
ذريع وعبد الأعلى وأشعث ويزيد بن هارون عن داود عن سعيد
موقوفا. وقال
الربيع: عن حماد عن داود عن سعيد، والشعبي، ويحيى بن أبي
زائدة،
وشعيب، وداود بن الزبرقان: عن داود بن أبي هند عن سعيد عن
أبي هريرة
مرفوعا، وقال حماد بن زيد: وكذا قاله خالد الواسطي، ورواه
بشر بن
المفضل عن داود عن الشعبي عن أبي هريرة موقوفا، وقال حماد
بن زيد: عن
داود عن سعيد والشعبي موقوفا، وقال أبو الربيع: عن حماد بن
زيد عن
سعيد، والشعبي أو أحدهما موقوفا: وقال سليمان/بن حرب: عن
حماد عن
داود عن سعيد موقوفا، وروى ابن سمية من رواية الثوري مثل
قول سليمان بن
حرب، وقال حجاج بن منهال: عن حماد عن داود عن سعيد عن
النبي
مرسلا. والصحيح قول يزيد بن ذريع، ومن تابعه. وفي كتاب
الكني: ثنا
حجاج، ثنا حماد عن محمد عن أبي سلمة عنه بلفظ: " صلاة
الجماعة
أفضل على صلاة الفذ " (3) ، ولفظ أبي مرة في سننه: " صلاة
مع الإمام
أفضل من خمسين وعشرين صلاة يصليها وحده " (4) . حدثنا أبو
كريب، ثنا أبو
معاوية عن هلال بن ميمون عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد
الخدري فال:
قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلاة
الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، " 42 " رقم 248) ، وأحمد
(2/273، 529) ، وأبو
عوانة (2/3) ، والكنز (20220) ، وعبد الرزاق (2000) .
(2) صحيح. رواه البخاري (1/129) ، والنسائي (2/103) ،
والفتح (1/564) .
(3) صحيح. رواه البخاري (1/166) ، والنسائي (03/12) ،
وأحمد (3/55) ، والبيهقي (3/
60) ، وشفع (355) ، ومشكل (2/29) ، والمشكاة (1052) ،
وتلخيص (2/25) ، والموطأ
(129) ، والتمهيد (4/219) ، وإتحاف (3/14) ، وتجريد (563)
، وشرح للسنة (3/341) ،
والكنز (20257،20215،20214) ، والمغني عن حمل الأسفار
(1/148) .
(4) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب " 42 " رنم 248) ،
وأحمد (2/273، 529) ،
وأبو عوانة (2/3) ، والكنز (20220) ، وعبد للرزاق (2000) .
(1/1309)
خمسَا وعشرين درجة " (1) ، هذا حديث خرجه
البخاري من حديث يزيد بن
الهاد عن عبد الله بن حباب عنه بلفظ: " صلاة الجماعة تفضل
على صلاة
الفذ بخمس وعشرين درجة " (2) ، وخرجه الحافظ أبو حاتم في
صحيحه عن
أبي يعلي: ثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو معاوية، ثنا
هلال بلفظ: " يزيد
على صلاته وحده بخمس وعشرين درجة فإن صلَّاها بأرض فيء
فأتمَّ
وضوءها وركوعها وسجودها يكتب صلاته بخمسين درجة " (3) ،
ولفظ أبي
داود: " الصلاة في جماعة تعدل خمسَا وعشرين صلاة، فإذا
صلاها في فلاة
فأتمَ ركوعها، وسجودها بلغت خمسين صلاة " (4) ، وقال: قال
عبد الواحد بن
زياد في هذا الحديث: " صلاة الرجل في الفلاة مضاعف على
صلاته في
الجماعة ... " الحديث. انتهى كلامه وفيه نظر؛ من حيث إن
حديث عبد
الواحد لم أر/أحدَا ذكره في طرق حديث أبي سعيد فيما علمت،
إنما رأيته
مذكورَا عند البخاري: ثنا موسى ثنا عبد الواحد الأعمش سمعت
أبا صالح
عن أبا هريرة يقول: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " صلاة الرجل في جماعة تزيد ... " (5)
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/166) ، ومسلم في
(المساجد، باب " 49 "، رقم " 272 ") ،
وأبو داود في (الصلاة، باب " 49 ") ، وابن ماجة (ح/786،
788، 790) ، والدارمي (1/192) ،
والطبراني (8/41) ، وابن حبان (431) ، وإتحاف (3/14) ،
والكنز (20260، 20217، 20219،
20222، 20259) ، وابن كثير (6/69) ، والقرطبي (1/250،
12/276) .
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب " 42 " رقم " 245 ")
، والترمذي (ح/215) ،
والنسائي (03/12) ، وأحمد (2/486) ، والبيهقي (3/59، 60) ،
وأبو عوانة (2/2) ، والتمهيد
(6/316، 317) ، وشفع (356) ، والبغوي (4/156) ، والمنثور
(5/299) ، ومشكل (2/29) ،
والترغيب (1/260) ، والشافعي (52) ، والحلية (6/351،
9/156) ، والقرطبي (1/
348، 349، 1/2430) ، والموطأ (129) ، وشرح السنة (3/339،
341) ، والكنز (20221) .
(3) المصدر السابق.
(4) ضعيف. رواه أبو داود (ح/560) ، والحاكم (1/208) ،
والترغيب (1/265) ، والكنز
قلت: وفي سنده هلال بن ميمون. هو ابن أبي سويد أو ابن
سويد، أبو ظلال القِسملي،
عن أنس. قال ابن عدى: عامة ما يرويه لا يتابع عليه. وقال
اين حجر: ضعيف، مشهور
بكنيته، من الخامسة. روى له البخاري في التاريخ والترمذي.
(5) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/787) . وصححه الشيخ الألباني.
(1/1310)
الحديث، ورواه البزار عن أبي كرسا وعمرو بن
علي: ثنا أبو معاوية، ثنا
هلال بن ميمون عن عطاء بن يزيد، وقال: لا نعلمه يروى عن
أبي سعيد إّلا
بهذا الإسناد، وهلال بن ميمون فلسطيني روى عنه مروان، وأبو
معاوية، وفيه
نظر؛ لمَا قدّمناه قبل من عند البخاري، وخرجه البخاري من
عند أبي بكر
الفقيه، ثنا إسماعيل بن قتيبة، ثنا يحيى بن يحيى، ثنا أبو
معاوية بلفظ أبي
داود، وقال: صحيح على شرط الشيخين فقد اتفقا على الحجة
بروايات هلال
بن أبي هلال، ويقال ابن أبي ميمون، ويقال: ابن أسامة وكلّه
واحد. انتهى
كلامه. وفيه نظر؛ من حيث أنّ هلال بن أبي ميمون ليس هو
المذكور في متن
هذا الحديث، إنّما هو ابن ميمون كما في نفس المتن، وعند
أبي داود، وكنية
أبو المغيرة الرملي الفلسطيني. قال ابن أبي حاتم: روى عن
ابن المسيب،
وعطاء بن يزيد الليثي، ويعلى بن شدّاد بن أوس، روى عنه
مروان بن معاوية،
وأبو معاوية، ووكيع، سمعت أبي يقول ذلك، وفرق بينه وبين
ابن أبي ميمونة
المدني قال: ويقال ابن علي ويقال ابن أسامة، روى عن عطاء
بن يسار، وأبي
ميمونة روى عنه يحيى بن أبي كثير، وزياد بن سعد ومالك
وأسامة بن زيد
ومحمد بن حمران، سمعت أبي يقول ذلك. وقال البخاري في
تاريخه
الكبير: ابن أبي ميمونة، وهو ابن علي، وقال مالك ابن أنس:
هو أبو أسامة
إنّما/سمع عطاء بن يسار النسائي، ولما ذكر ابن ميمونة كناه
أبا المغيرة ونسبه
جهميا، رمليا، وقال: روى عن عطاء بن يزيد، روى عنه مروان،
وفي كتاب
الثقات لأبي حاتم البستي في الطبقة الثالثة هلال بن ميمون
أبو المغيرة الجهني،
وقد قيل: كنيته أبو علي من أهل الرملة، يروى عن عطاء بن
يزيد، وابن
المسيب، ويعلى روى عنه مروان وأبو معاوية، وقال: في الطبقة
الثانية هلال بن
أبي ميمونة، واسم أبي ميمونة أسامة الفهري، وهو الذي يقال
له ابن علي
العامري، يروى عن أنس بن مالك، وكان راوياً لعطاء بن يسار،
روى عنه
يحيى بن أبي كثير، وفليح مات في آخر ولاية هشام بن عبد
الملك، وكذا
نقله ابن سرور، والصيرفي ومن بعدهما، وزعموا أن أبا ميمونة
حديثه عند
الجماعة، وابن ميمون عند أبي داود وابن ماجة فتبين لك هذا
أن المذكور في
المتن ليس كما قاله الحاكم، وأنّ ابن أبي ميمونة غير ابن
ميمون، وأن ابن
(1/1311)
ميمون الذي روى عن عطاء بن يزيد المذكور في
نفس الحديث غير ابن أبي
ميمونة الراوي عن عطاء بن يسار، ويؤيّد ما قلناه ما ذكره
أبو محمد
الإشبيلي إثر تخريجه له من عند أبي داود: هلال بن ميمون
ضعفه أبو حاتم،
ووثقه ابن معين، ولما ذكره الحافظ ضياء الدين في أحكامه
قال: قال ابن
عدي: هلال بن ميمون، عامة ما يرويه لا يتابعه الثقات عليه،
فقال الحافظ
المنذري إثره في إسناده هلال بن ميمون الجهني الرملي كنيته
أبو المغيرة، قال
ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: ليس بقوى يكتب حديثه، فإذا
كان كذلك
فقد تداخل على الحاكم يرحمه/في أخرى؛ فلقائل أن يقول: فإذا
ثبتت التفرقة
فما حال الحديث؟ قلنا: صحيح كما أسلفناه من عند أبي حاتم،
ولأن ابن
ميمون لم يتكلّم فيه بقادح يرد به رواية؛ بل بكلام موكل مع
ما تقدّم من
الثناء عليه. حدثنا عبد الرحمن بن عمرو، ثنا يحيى بن سعيد
ثنا عبيد الله بن
عمر عن نافع عن ابن عمر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلاة الرجل في جماعة
تفضل على صلاة الرجل وحده سبع وعشرين درجة " (1) . هذا
حديث خرجاه
في الصحيح بلفظ: " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع
وعشرين
درجة " (2) ، وقال أبو عيسى: هكذا روى نافع عن مولاه: "
بسبع وعشرين
درجة "، وعامة من روى عن النبي- عليه السلام- إما قالوا: "
خمسا
وعشرين ". انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما أسلفناه من حديث أبي
هريرة من عند
ابن حزم: " سبعا وعشرين درجة "؛ ولما جاء في حديث ابن
مسعود ولما
ذكره أبو نعيم: ثنا سعيد بن عبد الرحمن، ثنا محمد بن سيرين
أنّ زيد بن
ثابت صلى وحده فقال: قد صليت وحدي وقد علمت أن الجماعة
تفضل
على صلاة الرجل وحده بسبع وعشرين درجة "، وقد وجدنا نافعا
رواه عن
__________
(1) صحيح. رواه ابن أبي شيبة: (2/480) .
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/166) ، ومسلم في
(المساجد، ح/249) ،
والنسائي (03/12) ، وأحمد (3/55) ، والبيهقي (3/60) ، وشفع
(355) ، ومشكل (2/29) ،
والمشكاة (1052) ، وتلخيص (2/25) ، والموطأ (129) ، وتمهيد
(4/219) ، وإتحاف (3/14) ،
وتجريد (563) ، وشرح السنة (3/341) ، والكنز (20214،
20215، 20257) ، والمغني عن
حمل الأسفار (1/148) .
(1/1312)
مولاه. كدْا رواه الجماعة، لكنه شك. قال
أبو نعيم، ثنا العبدي عن دْل فع
ولفظه: " بسبعهْ وعشرين، أو خمسة وعشرين "، ووجدنا له
أيضًا متابعا عند
أبي القاسم؛ رواه عن محمد بن أحمد بن روح: ثنا أحمد بن عبد
الصمد
الأنصاري ثنا أبو سعد الأشهيلي ثنا محمد بن عجلان عن نعيم
المجرى عن
ابن عمر برفعه: " فضل الجماعة على صلاة الفذ بسبع وعشرين
درجة " (1) .
وقال: لم يروه/عن ابن عجلان إلا أبو سعد محمد بن سعد
حدّثنا محمد بن
معمر ثنا أبو بكر الحنفي ثنا يونس عن أبي إسحاق عن أبيه عن
عبد الله بن
أبي نصير عن أبيه عن أبي بن كعب قال: قال رسول اللَّه- صلى
اللَّه عليه
وآله وسلم-: " صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاة الرجل
وحده أربعة
وعشرون، أو خمسة وعشرون درجة " (2) . هذا حديث أخرجه ابن
حبان من
حديث شعبة عن أبي إسحاق عن عبد اللَّه بن أبي بصير عن أبي
بلفظ: صلى
بنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يوما الصبح.
فقال: " أشاهد
فلان " قالوا: لا. قال: " أشاهد فلان كنفر من المنافقين "
قالوا: لا. قال:
" إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين، ولو
تعلمون ما فيهما
لأتيتموهما ولو حبوا على الركب- يعني صلاة العشاء والصبح-
وإنّ الصف
الأوّل على مثل صف الملائكة، ولو علمتم ما فضله
لابتدرتموه، فإن صلاة
الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين
أزكى من
صلاته مع الرجل، وصلاته مع الثلاثة أزكى من صلاته مع
الرجلين وما كثر
فهو أحبّ إلى اللَّه، عز وجل " (3) . وكذا خرجه الحاكم في
مستدركه، وقال:
هكذا رواه الطبقة الأولى من أصحاب شعبة؛ يزيد بن زريع
ويحيى بن سعيد
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة: (ح/789) . وصححه الشيخ الألباني.
(2) صحيح. رواه ابن حبان: (431) ، وابن ماجة: (ح/790) .
صحيح دون فوله: " أربعا وعشريين " صحيح أبي داود: (563) ،
والتعليق الرغيب: (1/152) .
(3) ضعيف. رواه أبو داود (ح /544) ، والمنثور (1/299) ،
ورواه أحمد (5/155، 180) ،
والبيهقي (1/212) ، وللجوامع (5676) ، وابن حبان (196) ،
وعبد الرزاق (913) ، والمشكاة
(530) ، وشرح السنة (2/111) ، قلت: وعلته ابن جريج.
(1/1313)
وابن مهدي ومحمد ابن جعفر وسعيد بن عامر
ومحمد بن كثير وعبد الله بن
رجاء وأقوالهم، وكذا رواه سفيان بن سعيد، وكذا رواه زهير
بن معاوية
وغيرهم عن أبي إسحاق. زاد ابن عساكر في كتابه الأطراف:
وأبو بكر ابن
عياش وجرير بن حازم. قال الحاكم: ورواه ابن المبارك عن
شعبة عن أبي
إسحاق-/عن أبي بصير عن أبي، وكذا قال إسرائيل، وأبو حمزة
السكري،
وعبد الرحمن المسعود، وجرير بن حازم عن أبي إسحاق عن أبي
بصير عن
أبي، وقيل: عن الثوري عن أبي إسحاق عن العيزاري ابن حريث
عن أبي
بصير، قال أبي: وكذا قاله أبو الأحوص عن أبي إسحاق،
واختلفوا في هذا
على أبي إسحاق من أربعة أوجه، والرواية فيها عن أبي بصير،
وابنه عبد اللَّه
كلها صحيحة، والدليل على دون روا ية خالد بن الحرث، ومعاذ
بن معاذ
العنبري، ويحيى بن سعيد عن شعبة عن أبي إسحاق عن عبد الله
بن أبي
بصير عن أبيه قال: سمعته، قال أبو إسحاق: وقد سمعته منه
وعن أبيه عن
أبي بن كعب، وقد حكم أئمة الحديث: يحيى بن معين، وابن
المديني،
ومحمد بن يحيى الذهلي، وغيرهم لهذا الحديث بالصحة سمعت أبا
العباس
محمد بن يعقوب يقول: سمعت ابن معين يقول: حديث أبي إسحاق
عن أبي
بصير عن أبي هكذا يقوله زهير وشعبة يقول: عن أبي إسحاق عن
عبد اللَّه بن
أبي بصير عن أبيه عن أبي، ورواه أبو إسحاق عن شيخ لم يسمع
منه غير
هذا، وهو عبد اللَّه، وقال شعبة عن أبي إسحاق: إنّه سمع من
أبيه، وفيه قال
أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن العنبري: وما أرى الحديث إلا
صحيحًا،
سمعت أبا بكر الفقيه، سمعت المزني سمعت ابن المديني يقول:
قد سمع أبو
إسحاق من ابن أبي نصير وأبيه، ثنا أبو بكر بن إسحاق سمعت
عبد اللَّه بن
محمد المديني سمعت محمد بن يحيى يقول: رواية يحيى بن سعيد،
وخالد
بن الحرث عن شعبة، وقول أبي الأحوص عن العيزاري كلّها
محفوظة، فقد
ظهر بأقاويل أئمة الحديث صحته، وأما الشيخان/فلم يخرجاه
لهذا الخلاف.
انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لأن البيهقي ذكر عن محمد بن يحيى
هذه الروايات
كلّها محفوظة خلا حديث أبي الأحوص، لا أدرى كيف هو، ولفظ
الطبراني
في الأوسط: " والصف المقدم ". وقال: لم يروه عن أيوب
السختياني عن
(1/1314)
شعبة إلّا وهيب ابن خالد، ولا عن وهيب بن
خالد إلّا سعيد بن واصل. تفرد
به محمد بن سفيان عن الرزاد الآملي، ورواه في موضع آخر من
حديث ابن
جريج عن قيس عن أبي إسحاق، أخبرني عبد اللَّه بن أبي
سفيان، عن أبي
سفيان كذا ذكره، وقال: لم يروه عن ابن جريج إّلا أبو قرة،
وقليس هو ابن
الربيع، وفي موضع آخر:/يروه عن خالد بن ميمون إلّا سعيد بن
أبي عروبةْ
تفرد به عبد الأعلى وابن سؤدب عن سعيد، وفي علل أبي بكر
أحمد بن
محمد بن هارون الخلال: أنبأ الدوري سمعت يحيى يقول: القول
قول شعبة:
عن أثبت عن زهير، قال أبو بكر: ورواه عثمان بن أبي شيبة،
ووكيع عن
الثوري عن أبي إسحاق عن ابن أبي بصير عن أبيه، ورواه أبو
إسحاق الفزاري
عن الثوري عن أبي إسحاق عن العيزار، ورواه معمر الرقي عن
حجاج عن أبي
إسحاق عن عاصم عن أبي ضمرة عن عبد الله بن أبي بصير عن
أبيه، وقال
الحافظ أبو بكر البيهقي: أقام إسناده شعبة، والثوري،
وإسرائيل في آخرين،
وذكره الحافظ بن عبد الواحد في الأحاديث المختارة، وذكره
الحافظ أبو محمد
عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي في مسنده الصحيح من حديث
شعبة،
وزهير، وخالد بن ميمون بن أبي إسحاق، وقال: قال ابن أبي
بصير: حدثني
أبي عن أبّي، وسمعه من أبي بن كعب، وخالف ذلك/أبو عمر بن
عبد البر
فقال: هذا حديث ليس بالقوي، ولا يحتج بمثله، وفي موضع آخر:
وقد
رويت أثارًا محفوظة مرفوعة منها حديث أبي، وغيره: أنّ صلاة
الرجل مع
الرجلين أفضل من صلاته وحده، وهي آثار كلّها ليست في القوة
والثبوت
والصحة كآثار هذا الباب يعني " حديث صلاة الجماعة تفضل
صلاة الفذ،
ولفظ أبي قرّة: " ولو تنحيا عليكم بالصفّ الأوّل، ولما
ذكره أبو محمد عبد
الحق في أحكامه الكبرى من عند أبي داود قال: عبد الله بن
أبي بصير: لا
أعلم روى عنه إّلا أبو إسحاق، وهذا منه- رحمه الله تعالى-
الضعيف
للحديث على قاعدته؛ لأن الإِنسان إذا لم يوثق ولم يرو غير
واحد عنه فهو
مجهول العين والحال، ولو رأى ما أسلفناه من توثيقه عن أبي
حاتم البستي،
وقول العجلي فيه وذكره ابن خليفة، وفي الباب مع إخراج
حديثه في
الصحيح لما اتجه له ذكر هذا التخريج مع ما تقدّم من رواية
أبي ضمرة عنه من
(1/1315)
عند الخلال، ورواية العيزاري مع أن حكاية
التفرد ليس هو بأبي العيزار، قد
سبق إلى ذلك غير واحد من الأعلام فذهبت عنه الجهالة
والسلام. وفي الباب
أحاديث منها حديث ابن مسعود أن نبي الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " صلاة الجمع تفضل
على صلاة الرجل وحده خمسة وعشرين ضعفا؛ كلها مثل صلاته "
(1) ،
خرجه أحمد في مسنده بسند جيّد، وخرجه ابن أبي شيبة في
مسنده عن
محمد بن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبي الأحوص عنه بلفظ: "
تفضل
صلاة الرجل في جماعة على صلاته وحده بضع وعشرون درجة " (2)
، ورواه
السراج في مسنده من/حديث همام ثنا قتادة عن مورق عن أبي
الأحوص
بلفظ: " تفضل على صلاة الرجل وحده بخصر وعشرين صلاة " (3)
، وفي
لفظ: " تزيد خمسًا وعشرين " (4) ، وخرجه في الأوسط من حديث
أبي
الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عنه بلفظ: " خمسة
وعشرين "
أو سبعة وعشرين "، ولفظ أبي القاسم في الأوسط: " بضع
وعشرين "،
وقال: لم يروه عن أبي حصين- يعني- عن أبي الأحوص- إلّا قيس
بن
الربيع، ولا عن قيس إّلا محمد بن الصلت. تفرد به أحمد بن
الحجاج بن
الصلت. وقال الرازي: رواه القطان عن شعبة عن قتادة عن عقبة
بن وساج
عن أبي الأحوص، ورواه سعيد بن بشير، وغيره عن قتادة عن
مورق عن أبي
الأحوص، وشعبة أحفظ، قال: ورواه أبان بن قتادة عن مورق عن
أبي
الأحوص، وحديث غياث بن قاسم أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " صلاة رجلين
يؤم أحدهما صاحبة أزكى عند الله من أربعة سترى، وصلاة
أربعة يؤمهم
__________
(1) إسناده صحيح. رواه أحمد (1/376) ، والمجمع (2/38، 39)
، وعزاه إلى " أحمد " و" أبو
يعلى " و" البزار " والطبراني في " الكبير " و" الأوسط " -
وهو الذي قال في بيته في الكبير
ورجال أحمد ثقات.
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/246) ، والمسير (5/74)
، وفيه: " خمسا
وعشرين درجة ".
(3) المصدر للسابق.
(4) صحيح. أورده للهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/38) ،
وعزا هـ إلى " البزار " والطبراني في
" الأوسط "، ورجال البزار ثقات.
(1/1316)
أحدهم أزكى عند الله من صلاة ثمانية سترى،
وصلاة ثمانية يؤمهم أحدهم
أزكى عند الله من صلاة مائة سترى " (1) رواه البخاري في
التاريخ، فقال: قال
عبد الله بن يوسف:، حدثني الوليد بن مسلم أخبرني ثور عن
يونس بن سيف
عن عبد الرحمن بن زياد عنه، وحديث أنس قال- عليه السلام-:
" الاثنان
جماعة والثلاثة جماعة " (2) الحديث، ذكره أبو أحمد من حديث
سعيد بن
رزقي وهو ضعيف، ورواه السراج عن جعفر الصانع، ثنا عبيد
الله بن
محمد بن حفص، ثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أنس موقوف: "
تفضل
صلاة الجميع على صلاة/الرجل بضعا وعشرين صلاة " (3) ،
ورواه الكشني
عن حجاج عن حماد عن عاصم عن أنس مرفوعا: " تفضل صلاة
الجميع "،
وثنا حجاج، وثنا حماد عن أبان عنه مرفوعا: " تفضل صلاة
الجمع على
صلاة الرجل وحده بأربع وعشرين صلاة، وهى الخامسة " (4) ،
وحديث عائشة
قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " صلاة
الجماعة تزيد على صلاة الفذ بخمسة وعشرين " (5) ،
رواه النسائي بسند صحيح، ولفظ السراج: " تفضل على صلاته
وحده
خمسا وعشرين درجة " رويا من حديث يحيى بن سعيد عن عبد
الرحمن بن
عمار عن القاسم عنهما، وفي لفظ: " صلاة الرجل في الجميع "
(6) ،
وحديث زيد بن ثابت: قال ابن أبي شيبة: حدثنا حفص بن غياث
عن حجاج
__________
(1) صحيح. رواه للبخاري في " التاريخ " (1/4/132- 193) ،
والبزار (رقم- 461) ، وابن
سعد (7/411) ، والديلمي (2/243- 244) ، عن أبي خالد ثور بن
يزيد. ورواه ابن أبي شيبة
(1/1/131) ، وأبو داود والنسائي وغيرهم وصححه الحاكم
وغيره.
وصححه الشيخ الألباني. صحيح أبي داود (ح/563) .
(2) ضعيف. رواه البيهقي (3/69) والكنز (20274) . (3) تقدم.
(4) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/246) ، والمسير (5/74)
، والترمذي (ح/215) ،
والبيهقي (1/359، 3/60) ، ونصب الراية (2/23) .
(5) سنده صحيح رواه النسائي في: الصلاة، باب " 21 ".
(6) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/648) ، ومسلم في
(المساجد، ح/649) ، ورواه
الدارمي (1/292) ، وعبد الرزاق (2002) ، وابن خزيمة (1470-
1472) ، وابن ماجة (ح/
787) ، ومالك في الصلاة، ح/2، (وأحمد (485،2/475، 501.
5250.52) .
(1/1317)
عن ثابت بن عبيد قال: دخلنا على زيد وهو
يصلي على حصير ليسجد عليه
فقال: قال عليه السلام: " فضل صلاة الجماعة على صلاة
الوحدة خمس
وعشرين درجة " (1) . قال: وأما أبو خالد الأحمر عن عمرو بن
قيس عن
عكرمة عن ابن عباس نحوه. قال: فان كانوا أكثر فصلى عدد من
في
المسجد، فقال رجل: وإن كانوا عشرة الآلف قال: نعم، وإن
كانوا أربعين ألفا.
وحديث معاذ بن جبل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أنه قال: " فضل صلاة الجميع على
صلاة الرجل وحده خصر وعشرين " (2) . رواه أبو القاسم في
المعجم الكبير
عن محمد بن عبدوس السراج، ثنا محمد بن بكار ثنا عبد الحكيم
بن منصور
عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه.
وحديث عبد
الله بن زيد مرفوعًا: " ما بين الفذ والجماعة خمس وعشرين
درجة " (3) . رواه
أيضا من حديث مؤمن بن عبيدة عن أبي بكر بن حزم عن عباد بن
تميم/عنه،
وقال: لا يروى هذا الحديث عن ابن زيد إلا هذا الإسناد.
تفرد به محمد بن
الزبير، فإنه يعني عن موسى. وحديث أنس بن مالك قال عليه
السلام: " صلاة
الرجل في بيته بصلاة، وصلاته في مسجد القبائل بخمر وعشرين
صلاة،
وصلاته في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة " (4) .
الحديث رواه ابن
زنجويه من حديث أبي الخطاب الدمشقي عن زريق أبي عبد الله
الألهاني عنه،
قال ابن الأثير: إنما قال درجة ولم يقل خيرًا ولا نصيبان
ولا خطًا ولا شيئًا من
__________
(1) صحيح. رواه البخاري في " الكبير " (8/293) .
(2) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/39) ،
وعزا هـ إلى البزار والطبراني في
" الكبير " وفيه عبد الحكيم بن منصور، وهو ضعيف.
(3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/38) ،
وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
و" الكبير "، وفيه موسى بن عبيدة، وهو ضعيف.
(4) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/1413) . في الزوائد: إسناده
ضعيف؛ لأن أبا الخطاب الدمشقي لا
يُعرف حاله، وزريق فيه مقال. حكى عن أبي زرعة أنه قال: لا
بأس به. وذكره ابن حبان في الثقات
والضعفاء، وقال: ينفرد بالأشياء، لا يشبه حديث الأثبات، لا
يجوز الاحتجاج به، والترغيب (2/
215) ، والمشكاة (752) ، وإتحاف (4/284) ، والمنثور (2/53)
، والكنز (20223) ، والقرطبي (15/
13) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/434،1/198) ،
والمتناهية (2/86) .
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/299) ،.
(1/1318)
أمثال ذلك؛ لأنّه أراد الثواب من جهة العلو
والارتفاع، وإن تكن فوق هذه
بكذا أو كذا درجة ة لأن الدرجات إلى جهة فوق، وقد اختلف
العلماء في
الجمع بين سبع وعشرين درجة، وبين قوله خمس وعشرين درجة، أو
جزعَا أو
ضعفَا فقيل: إن الدرجة أصغر من الجزإ فكان الخمسة والعشرين
إذا جزئت
درجات كان سبع وعشرين درجة، وردَّ هذا بما أسلفناه في
الصحيح سبعَا
وعشرين درجة. وقيل: السبع متأخرة عن الخمس فكأنّ الله
تعالى أخبره
بخمس، ثم زاد بعد ورود هذا بتعذّر التاريخ، وردّ هذا القول
الأخر بأن
الفضائل لا تنسخ، وهذه فضيلة لمحمد- صلى الله عليه واله
وسلم- فلا
يطرأ عليها النسخ. وقيل: إن صلاة الجماعة في المسجد أفضل
من صلاة الفذ
في المسجد بخمس وعشرين درجة، وصلاة الجماعة في المسجد أفضل
من
صلاة الفذ في بيته بسبع وعشرين درجة، وردّ بقوله: " وصلاة
الرجل في
جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه بخمس وعشرين ضعفَا
" (1)
وقيل: إن الصلاة التي لم تكن فيها فضيلة الخطا إلى/الصلاة
ولا فضيلة
انتظارها نفضل بخمس، والتي فيها ذلك تفضل بسبع، وقيل: إن
ذلك
يختلف باختلاف المصلين والصلاة، فمن كملها وحافظ عليها فوق
من أخذ
بشيء من ذلك. وقيل: إنّ الزيادة لصلاتي العشاء والصبح
لاجتماع ملائكة
النهار والليل فيهما، يؤيّده حديث أبي هريرة المتقدّم: "
تفضل صلاة الجماعة
صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا وتجتمع ملائكة الليل
وملائكة
النهار في صلاة الفجر "، فذكر اجتماع الملائكة لواو فاصل
وبين الكلام
وقطعه من الجملة المتقدّمة. وقال بعضهم: لا منافاة بين
الحديثين؛ لأنه ذكر
القليل ولأنّ الكثير مفهوم العدد باطل عند جمهور
الأصوليين، واستدل بعض
المالكية بهذه الأحاديث على أن صلاة الجماعة لا تفضل بعضها
على بعض
بكثرة الجماعة؛ لأنه لم يذكر جماعة كثيرة دون جماعة قليلة،
ورد بما تقدّم
في حديث فتات وغيره من أن الكثرة مطلوبة فرغب فيها كما ذهب
إليه
الشافعي وابن حبيب من المالكية. وأنبأنا غير واحد من
شيوخنا عن الإِمام
العلامة أبو بكر بن أحمد بن القسطلاني- رحمه الله- أنه
قال: يحتمل أن
__________
(1) تقدم ص 1308.
(1/1319)
تكون الدرجة في الجنة، والجزاء في الدنيا،
واستدلّ بن الحصار لمذهبه ولأبي
حنيفة بأنه لا يجوز أن يصلّى تنفّل بمعترض، قال: لأنّ
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعلمنا أن
للجماعة أن تنجمع على صلاة واحدة، فيجب لها التضعيف لذلك
فلا يخلو
أن يكون التضعيف للإِمام أو المأموم، فإن كانت المضاعفة
صلاة المأمومين فلا
يصح؛ لأنهم لا إمام لهم/فيها، فهم كالمنفردين، وإن كانت
المضاعفة له فلا
يصح، لأن عشر حكمه حكم المنفرد، وإنّما يقع لجماعتهم إذا
كانوا في صلاة
واحدة، وهو معنى قوله: صلاة الجماعة، فذكر صلاة واحدة
مضافة إليهم
جميعا، ولم يقل صلاة الجميع، ورد بما أسلفناه من عند
السراج وغيره: صلاة
الجميع، وأمّا تخصيص العود فقد استخرجه شيخنا قاضى القضاة
بدر الدين بن
جماعة فيما أذن له أن نرويه عنه، وإن كان العلامة أبو
الفرح بن الجوزي ذكر
أنّ جماعة تكلّفت تعليل ذلك، وما جاءوا بطائل فقال:
الأوّل: قصد إقامة
الصلاة في جماعة، الثاني: إجابة الداعي، الثالث: ظهور
السقاية، إلى الرابع:
متابعة السنة بحضورها، الخامس: إحياء السنة بدوام إقامة
السنن، السادس:
زيارة بيت الله تعالى، السابع: عمارة المساجد، الثامن:
نشاط المتكاسل على
الجماعة، التاسع: السلام على الإخوان، العاشر: التعاون على
الطاعة، الحمادي
عشر: إظهار تالف القلوب، الثاني عشر: الاجتماع بأهل الخير
من الملائكة
وغيرهم، الثالث عشر: الاعتكاف، إلى الرابع عشر: الاجتماع
على الذكر،
الخامس عشر: فراغ القلب للذكر، السادس عشر: الاهتمام
بإيقاع الصلاة
أوّل الوقت، السابع عشر: المسير إلى الجماعة بالمسجد،
الثامن عشر: إيقاع
العبادة في ذلك المكان، التاسع عشر: التحرز بالصلاة في
جماعة من مطرد
سهو وتسلط شيطان، العشرون: إقامة الصفوف وتسويتها في
الصلاة، الحادي
والعشرون: متابعة الإمام في أفعاله، الثاني والعشرون:
التحرز من إساءة الظن
به بترك الصلاة، الثالث والعشرون: الدعاء عند الدخول إلى
المسجد وعند
الخروج، الرابع والعشرون، والخامس/والعشرون: سماع قراءة
الإِمام والتأمين
إذا جهر، السادس والعشرون: مصاحبة الملائكة- عليهم السلام-
وموافقتهم
في الصلاة والتأمين، السابع والعشرون: انتظار الصلاة قبل
إقامتها وذلك
عبادة، قال: فيجوز أدْ تكون الدرجات بسبب هذه القربات، وقد
ذكر ابن
(1/1320)
المثنى وابن بطال مناسبات هذه أجمع- والله
أعلم- وإذا قوله: أشاهد فلان؟
فيريد ابن أبي المنافق وأشياعه.
***
(1/1321)
134- باب التغليظ في التخلّف من الجماعة
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن
أبي صالح عن
أبي هريرة، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ " لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر
رجلًا فيصلى بالناس ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى
قوم لا
يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار " (1) . هذا حديث
خرجه في
الصحيح. زاد البخاري: " والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه
يجد عرقًا
سمينًا أو مرقًا بين حسنتين ليشهد العشاء "، وفي لفظ: "
إنّ أثقل الصلاة
على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما
فيهما لأتوهما ولو
حبوا " (2) ، وفي لفظ للإمام أحمد بن حنبل: " لولا ما في
البيوت من
النساء والذرية لأقمت صلاة العشاء، وأمرت فتياني يحرقون ما
في البيوت
بالنار " (3) . وعند أبي داود: " ثم آتى قوما ما يصلون في
بيوتهم ليست بهم
علّة وأحرقتها عليهم ". قال يزيد بن جابر: قلت ليزيد بن
الأصم: يا أبا عون
الجمعة عيناً أو غيرها فقال: فسمعت أذناي إن لم أكن سمعت
أبا هريرة ما
ذكر جمعة ولا غيرها، وفي مسند السراج/ " أمر أنس إذا سمعوا
الإقامة، من
تخلف أن يحرقوا عليهم إنكم لو تعلمون ما فيهما لأتيموهما
ولو حبوا " وفي
لفظ آخر: " صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صلاة العشاء حتى تحققوا الليل، وذهب ثلثه-
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (3/161) ، ومسلم في
(المساجد، باب " 42 ") ،
وأبو داود (ح/548) ، وابن ماجة (ح/791) ، وأحمد (2/539) ،
والبيهقي (3/55) ، والطبراني
في " الصغير " (2/57) ، والحاوي (1/179) ، والمنثور
(1/299) ، والترغيب (1/268) ، وابن
كثير في " التفسير " (2/390) ، الخطيب (7/103) ، والحلية
(9/319) .
(2) صحيح. رواه مسلم (ص 451) ،، وأحمد (2/466، 472، 531.
5/140) ، والبيهقي
(3/55) ، والحاوي (1/179) ، وعبد للرزاق (2004) ، وابن
خزيمة (1476، 1484) ،
والترغيب (1/267) ، وشرح السنة (346،3/343) ، والخطيب
(3/25، 03/17) ، والكنز
(19493، 22817،19494) ، وابن عساكر في " التاريخ " (2/333)
، والجوامع
(79078،606) ، وابن أبي شيبة (1/332) ،.
(3) ضعيف. فتح الباري (2/126) ، والترغيب (1/268) ،
والمشكاة (1073) ، وأحمد (2/
367) ، والمجمع (2/42) من حديث أبي هريرة، وعزاه إليه،
وفيه أبو معشر، وهو ضعيف.
(1/1322)
أو نحوه- ثم خرج إلى المسجد، فإذا الناس
عشرون، وإذا هم قليل، فغضب
غضبا شديدًا لا أعلم أنِّي رأيته غضب غضبا أشدّ منه، ثم
قال: لقد هممت
أن آمر رجلا يصلي بالناس، ثم أتتبع هذه الدور التي تخلَّف
أهلوها عن هذه
الصلاة؛ فأحرقها عليهم بالنيران " (1) ، ولفظ الطوسي: " ثم
آتى قوما ما
يتخلفون عن هذه الصلاة، فأحرق عليهم، يعمْي صلاة العشاء "
وصححه.
وفي كتاب ابن وهب عن ابن أبي ذئب عن عجلان عنه: " لينتهين
رجال
من حول المسجد لا يشهدون العشاء، ولأحرقنَّ بيوتهم " (2) .
وفي كتاب
زنجويه: " آمر رجالا في أيديهم حزم حطب لا يأتوا رجلًا في
بيته سمع
الإقامة، لم يشهد الصلاة، إلَّا أضرم عليه بيته ". وفي
كتاب أبي القاسم
الأَوسط (3) : " آمر رجالا إذا أقيمت الصلاة أن يتخلَّفوا
دون من لا يشهد،
فيضرم عليهم بيوتهم ". قال: " ولو أنَّ رجلًا أذَّن
النَّاس إلى طعام لإثرة،
والصلاة ينادى ما فلا يأتوها " (4) . وقال: لم يروه عن
الأعمش عن عاصم بن
أبي النجود عن أبي صالح ألا سليم بن أبي داود، وتفرد به
محمد بن
سليمان بن أبي داود، ورواه من حديث عاصم عن أبي رزين عن
أبي هريرة
وقال: لم يروه عن عاصم عن أبي رزين ألا عمرو بن قيس. تفرد
به الحكم بن
بشير ورواه الناس عن عاصم عن أبي صالح، وروى عن عاصم عن زر
عن
عبيد الله، وفي الصغير: " ثم أنظر فمن لم يشهد المسجد
فأحرق عليه بيته ".
وأشار إلى أن علي بن بكار/تفرَد به عن أبي إسحاق الرازي عن
سعيد بن
شريح عن ابن أبي ليلى عنه، وثنا زياد بن أيوب ثنا محمد بن
عبيد ثنْا
الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد سئل محمد
الحديث،
__________
(1) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد ". وعزاه إلى
الطبراني في " الأوسط " ورجاله
موثقون.
(2) صحيح. رواه أحمد: (2/292) .
(3) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/43) ،
وعزاه إلى الطبراني في " الاً وسط "،
ورجاله موثقون.
(4) ودليل ذلك. الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره: " لا
صلاة بحضرة طعام ".
المساجد: باب " 16 "، (ح/67) .
(1/1323)
وفي كتاب الترغيب لأبي موسى المديني: "
تهور الليل، فذهب ثلثه- أو
قرابه- ثم قال: لو أن رجلًا نادى الناس إلى عرق، أو
مرماتين أتوا لذلك،
وهم يتخلفون عن هذه الصلاة ... " (1) الحديث، وفي مسنده: "
لو كان
عرقًا (2) سمينًا، أو معرفتين يشهدوهما ". وفي مصنف عبد
الرزاق بسند
صحيح: أنبأ معمر عن جعفر بن برقان عن يزيد الأصم عن أبي
هريرة أن
النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: " لقد هممت أن آمر
فتياني أن
يجمعوا إلى حزمًا من حطب؛ ثم انطلق وأحرق على قوم بيوتهم،
يشهدون
الجمعة " (3) . ولما رواه البيهقي في الكبير عن أبي محمد
عبد الله بن يحيى بن
عبد الجبار: أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار أنبأ أحمد بن
منصور الرماد ثنا عبد
الرزاق قال: كذا قال الجمعة، وكذلك روى عن أبي الأحوص عن
ابن
مسعود، والذي يدلّ عليه سائر الروايات أنه عم بالجمعة على
الجماعة. انتهى
كلامه. ويزيده وضوحًا ما ذكره أبو القاسم في معجمه الأوسط:
ثنا أحمد بن
محمد بن صدقة ثنا مفتر بن محمد ثنا عمى القاسم عن أبي حمزة
عن
إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود يرفعه: " لقد هممت أن آمر
بلالًا فيقيم
الصلاة، ثم أنصرف إلى قوم سمعوا النداء فلم يجيبوا، فأحرق
عليهم
بيوتهم " (4) . وقال: لم يروه عن أبي ضمرة إلا القاسم.
تفرد به مقدم، وفي
__________
(1) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/43) ،،
وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
ورجاله موثقون.
غريبه: قوله " المرماة " ظلف الشاة أو ما بين ظلفيها، يريد
الشيء الحقير.
(2) قوله: " العرق " بفتح فسكون: العظم إذا أخذ عنه معظم
اللحم.
(3) صحيح. رواه عبد الرزاق (1995، 1998) ، ومسلم في
(المساجد، باب " 42 "، ح/
253) ، وأبو داود (ح/459) ، والترمذي (ح/217) ، وقال: هذا
حديث حسن صحيح.
وأحمد (1/450، 2/376، 472) ، والدارس (1/292) ، والبيهقي
(3/55، 56) ، وابن خزيمة
(1481) ، والترغيب (1/274) ، والكنز (20356، 21140) ، وأبو
عوانة (2/5) ، وصفة
(321) ، والقرطبي (1/350) ،.
(4) صحيح. أورده لله الهيثمي في " مجمع للزوائد " (2/43) ،
وعزله الطبراني في " الأوسط "،
ورجاله رجال الصحيح، وهو عند مسلم بلفظ: " لقد همت أن آمر
رجلًا يصلي بالناس، ثم
أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم ".
(1/1324)
كتاب السراج: ما يروه وهو ما رواه عن أبي
يحيى وغيره عن الأشدّ ثنا زهير
ثنا أبو إسحاق عن أبي الأحوص عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/قال لقوم يتخلفون عن
الجمعة: " لقد هممت أن آمر رجلًا يصلى بالناس، ثم أحرق على
رجال
يتخلَّفون عن الجمعة بيوتهم " (1) ، ولما رواه في مستدركه
من حديث عمرو بن
خالد الحراني: ثنا زهير عن أبي إسحاق قال: هكذا رواه أبو
داود الطيالسي
عن زهير، وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، هكذا خرجاه
بذكر
القيمة، وسائر الصلوات. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو
أسامة عن زائدة
عن عاصم عن رزين عن ابن أم مكتوم، قال: قلت للنبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنّى كبير
ضرير شاسع الدار؟ وليس لي قائد بلازمني، فهل تجد لي من
رخصة أن أصلِّي
في بيتي. قال: تسمع النداء؟ قلت: نعم. قال: مالك رخصة "
(2) . هذا
حديث إسناده صحيح على رسم مسلم، وخرجه أبو عبد الله
شاهدًا، ولم
يحكم عليه - يعني لحديث سفيان - عن عبد الرحمن عن ابن عباس
عن ابن
أم مكتوم قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " إن المدينة كثيرة الهوام، والسباع، قال:
تسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح؟ قال: نعم. قال: فهي
فحي هلا " (3)
وقال: هذا حديث صحيح الإسناد إن كان ابن عباس سمع من ابن
أم مكتوم،
وله شاهد بإسناد صحيح فذكر حديث أبي جعفر الرازي عن حصين
بن عبد
الرحمن عن عبد الله بن شدّاد عنه أن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استقبل الناس في صلاة
العشاء فقال: " لقد همت أن آتى هؤلاء الذين يتخلفون عن هذه
الصلاة؛
فأحرَّق عليهم ". قال: فقلت: يا رسول الله، لقد علمت ما في
الحديث (4) .
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، باب " 42 "، ح/251، 254)
، وأحمد (1/
402، 422، 449، 461، 2/416، 479) ، البيهقي (3/56، 172) ،
والحاكم (1/291) ،
والمجمع (2/43) ، وابن أبي شيبة (2/155) ، والطبراني في "
الصغير " (1/172) ، والحاوي
(1/181) ، وإتحاف (3/14) ، والمشكاة (1378) ، والترغيب
(1/268، 508) ، والكنز
(20365، 21131) ، والخطيب في " التاريخ " (5/433) ،
والمغنى عن حمل الأسفار (1/
148) ، ومعاني (1/168) ، والقرطبي (3/311) .
(2) إسناده صحيح. رواه البيهقي (3/58) ، وابن خزيمة (1480)
.
(3) إسناده صحيح. رواه البيهقي (3/58) ، وابن خزيمة (1478)
، ونصب الراية (2/22) .
(4) صحيح. رواه الحاكم (1/247) ، وابن خزيمة (1479) ،
والكنز (20368) ،
(1/1325)
وخرجه البيهقي في الكبير من حديث سليمان بن
حرب ثنا حماد/بن زيد
عن عاصم بن أبي رزين أن ابن أم مكتوم سأل النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: ورواه ابن
سنان عن عمرو بن مرّة عن أبي رزين عن أبي هريرة، وفي كتاب
المغازي من
حديث سعيد بن سليمان: ثنا إسحاق بن سليمان الرازي عن أبي
سنان عن
عمرو بن مرّة آخر ابن أبي رزين عن ابن أم مكتوم فذكره،
ولفظ الإمام
أحمد في مسنده عنه: أنّ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-
أتى المسجد،
فوجد في القوم رقّة فقال: " إنِّي لأهم أن أجعل للناس
إمامًا، ثم أخرج، فلا
أقدر على إنسان يتخلّف عن الصلاة في بيته إلا أحرقه عليه
". فقال ابن أم
مكتوم: يا رسول الله إنّ بيني وبين المسجد نخلًا وشجرًا،
ولا أقدر على قائد
كل ساعة، أيسعني أن أصلى في بيتي؟ قال: أتسمع الإِقامة؟
قال: نعم. قال:
" فأتها " (1) . وعاب ابن القطان سكوت أبي محمد عنه، إذ
أورده عنه من
حديث أبي رزين وابن أبي ليلى عن ابن أم مكتوم، وابن أم
مكتوم، قال:
وكلتا الروايتين مشكوك في إيصالهما؛ لأنّ أبا رزين أهلًا
له الرواية عن علي
ويقال: إنّه حضر معه صفين، وابن أم مكتوم قتل بالقادسية
أيّام عمر، وانقطاع
ما بينهما إن لم يكن معلومًا، قالا: نعرف سنه فإن اتصال ما
بينهما ليس
معلومًا أيضًا، فهو مشكوك فيه، وأمّا ابن أبي ليلى قوله:
ولست بقين من خلافة
عمر فسنهْ لا يقتضى له السماع. انتهى كلامه. وفيه نظر في
مواضع: الأول:
قوله أمّا سنه فإنّا لا نعرفه فليس بشيء، لأنّ ابن حبان
وغيرها يصف على أنّه
كان أكبر من أبي وائل شقيق، وشقيق ممن قيل له: أدرك النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلى هذا
لا تنكر روايته عن ابن أم مكتوم، الثاني:/قوله: وأعلى ماله
الرواية عن على
مردود بقول ابن سعد: روى عن ابن مسعود، الثالث: قوله: أن
ابن أم مكتوم
قتل بالقادسية مردود، ويقول ابن حبان وغيره: شهد القادسية
ثم رجع إلى
المدينة فمات بها في خلافة عمر، ولفظ ابن سعد: شهد
القادسية ثم رجع
إلى المدينة ولم يسمع له بذكر بعد عمر، الرابع: قوله. إن
سنّ ابن أبي ليلى لا
__________
والفتح (2/128) ، وجرجان (427) .
(1) رواه الدارقطني (1/381) ، وأحمد (3/423) ، والمجمع
(2/42) ، وعزاه إليه، ورجاله رجال
الصحيح، وفي أبي داود طرف.
(1/1326)
يقتضى له السماع من عمر مردود بقول أبي
حاتم الرازي، وسأله أنه هل
سمع منه؟ فقال بلال: خرج إلى الشَّام قديمًا في خلافة عمر
فإن كان رآه
صغير. فهذا أبو حاتم لم ينكر سماعه من بلال المتوفى سنة
عشرين، ويقال:
سبع عشرة أو ثمان عشرة، ويقال: سنة إحدى وعشرون بل جوَّزه،
وفي
كتاب البيهقي من حديث ابن شهاب الحناط عن العلاء بن المسيب
عن ابن أم
مكتوم قلت: يا رسول الله إن لي قائدًا لا يلازمني في هاتين
الصلاتين. فقال
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو يعلم
القاعدون عنهما ما فْيهما، لأتوهما ولو حبوا " (1) ،
ولفظ أبي القاسم في الأوسط عن ماهان عن البراء بن عازب أن
ابن أم مكتوم
أتى النبي- عليه السلام- يشتكي إليه رسالة أن يرخص له في
العشاء والفجر،
وقال: إن بيني وبينك أسيب، فقال عليه السلام: " هل تسمع
الأذان؟ قال:
نعم- مرة أو مرتين- فلم يرخص له في ذلك " (2) . وقال: لم
يروه عن
ماهان- وهو أبو صالح- إلا زهير الأعزب بن الأعمر الذي روى
عنه عمرو بن
مرة، ولا رواه عن زهير إلا عزب بن الحرث. تفرد به العوام
بق حوشب، وفيه
أيضا من حديث عدي بن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن
كعب بن
عجرة قال: جاء رجل ضرير إلى النبي- عليه السلام- فقال: إني
أسمع
النداء، فلعلي لا أجد قائدا أو يشق علي،/أفأتخذ مسجدا في
بيتي؟ فقال
عليه السلام: " أيبلغك النداء "؟ قال: نعم. قال: " فإذا
سمعت،
فأجب " (3) . وقال: لم يروه عن عدي إلا زيد بن أبي أنيسة،
وقال الرازي:
هذا حديث منكر، وقال- البيهقي: خالفه أبو عبد الرحمن فرواه
عن ابن أبي
أنيسة عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن مغفل، وفي صحيح مسلم
عن أبي
__________
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/43) ،
وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "
وفيه علي بن يزيد الألهاني عن القاسم، وقد ضعفهما الجمهور،
وأختلف في الاحتجاج بهما.
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/255) ، وأبو داود
(ح/552) ، وابن ماجة (ح/792) ،
والحاكم (1/247، 3/635) ، وعبد الرزاق (1913) ، وابن سعد
في " الطبقات " (3/2/97) ، وصححه
الشيخ الألباني. " الإرواء: 2/246 ". وانظر: أيضا صحيح ابن
ماجة، وأبي داود.
(3) ضعيف. رواه الطبراني (19/139) ، والمجمع (2/42) ،
وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
و" الكبير ". وفي رواية له: " فأجب داعي الله "، وفيه يزيد
ابن سنان، ضعفه أحمد. وقال
أبو حاتم: محله الصدق. وقال البخاري: مقارب الحديث.
(1/1327)
هريرة، قال: " أتى النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجل أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي
قائد يقودني إلى المسجد، فسأل النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرخص له فيصلي في بيته،
فرخص له، فلما ولى دعاها فقال: " هل تسمع النداء بالصلاة؟
قال: نعم.
قال فأجب " (1) . وخرجه السراج في مسنده من حديث زيد بن
أنيسة، عن
عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: أتى ابن أم مكتوم
الأعمى النبي،
فقال ... الحديث. حدثنا عبد الحميد بن بنان الواسطي ثنا
هشام عن شعبة عن
عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من
سمع النداء فلم يأته، فلا صلاة إلا من عذر " (2) . هذا
حديث خرجه البستي
في صحيحه عن الحسن بن سفيان ثنا زكريا بن يحيى وعبد الحميد
بن
السكري بلفظ: " يسمع النداء فلم يجب "، وخرجه أبو داود من
حديث
أبي الحباب عن معمر عن عدي بلفظ: " قالوا: وما العذر؟ قال:
حزن أو
مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى "، ورواه في الأوسط ثم
قال: لم يروه
عن معمر إلا أبو حباب، ولا عن أبي حباب، إلّا حريز. تفرد
به معمر، وفيه
نظر؛ لما نذكره بعد، ورواه أبو عبد الله من حديث عبد
الرحمن بن غزوان
وهشيم بن شعبة ثم قل: هذا حديث قد أوقفه غندر/وأكثر أصحاب
شعبة،
وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهشيم وفراد أبو نوح
لغسان،
فإذا وصلا فالقول فيه قولهما، وله غير شاهد فذكر حديث سعيد
بن عامر
وأبي سليمان داود بن الحكم عن شعبة مرفوعًا، قال: ولشعبة
متابعان مفسران:
العبد عن عدي بلفظ: " قالوا: وما العذر قال: خوف أو مرض "،
وأبو حباب
من حديث سليمان بن قرم بلفظ: قال النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من سمع النداء ينادي
صحيحًا فلم يأته من غير عذر لم يقبل الله صلاة غيرها. قيل:
وما العذر؟
قال: المرض والخوف " (3) . وفي كتاب العلل للخلال: ثنا
محمد بن الحسين
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/255) ، وأبو داود
(ح/552) ، والبيهقي (3/
57، 66) ، وابن ماجة (792) ، والفتح (1/440) ، والمشكاة
(1054) ،.
(2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/793) ، والطبراني (11/446) "
ونصب الراية (2/23) ،
والكنز (20993) ، وصححه الشيخ الألباني.
(3) صحيح. الترغيب (1/272) ، ونصب الراية (2/23) ،
والقرطبي (1/349) ،
(1/1328)
ثنا الفضل قال: قلت لأحمد: شعبهْ عن عدى
فذكره قال: أخطأ فيه هشيم
مرّة فرفعه وهذا موقوف. قلت: كيف؟ قال: غْندر وغيره لا
يرفعه، وقال أبو
الحسن الدارقطني: تابع هشيمّا على رفعه، فراد: ورواه جرير
عن أبي حباب.
رفعه ووقفه يوسف القطّان عن جرير، ورواه ابن قرم عن أبي
حباب عن معراء
عن عدي مرفوعا، وقال أبو أحمد: ورواه جرير. تفرد به عن أبي
حباب عن
معراء، وقال ابن حزم: عن أبي حباب عن عدي وكأنه اختلط على
الناسخ لا
على أبي أحمد، وقال الإشبيلي حين ذكره من عند أبي داود،
وهذا يرد به
معراء العبدي، وقد روى عنه وأبو إسحاق، والصحيح: موقوف على
ابن
عباس، وتبع ابن القطان عليه أمرين: الأول: إعلاله إيّاه
بمعراء بن المخارق، قال:
وليس صواب؛ لأنه روى عن جماعة، وذكر أبو العرب عن الكوفي
وليس في
كتابه أنه لا بأس به. الثاني: قوله على أنّ قاسما ذكره في
كتابه عن إسماعيل:
ثنا سليمان بن حرب/ثنا شعبة عن حبيبْ بن أبي ثابت عن سعيد
عن ابن
عباس، قال عليه السلام: " من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة
له إّلا من
عذر " (1) . قال أبو محمد: وحسبك هذا الإسناد صحة، قال أبو
الحسن لي
في كتاب قاسم: " إلّا من عذر " في الحديث المرفوع إنّما هو
في الموقوف، فلم
يثبت أبو محمد فأورده هكذا، وإنّما نقله من كتاب بواسطة
ابن حزم وغيره،
وهذا ما نقله من عند ابن حزم وهو جاء به مفسرا بزيادة: "
إلّا من عذر " في
المرفوع؛ فتبين أنّ الصواب فيه بإيراد الواقع في كتاب قاسم
بنصّه، قال قاسم:
ومن كتابه نقلت. حدّثنا إسماعيل بن إسحاق ثنا جعفر بن عمرو
سليمان
حرب وعمرو بن مرزوق عن عدي بن ثابت وسعيد بن جبير عن ابن
عباس،
قال: " من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر "
(2) . قال
إسماعيل: وبهذا الإسناد روى الناس عن شعبة بإسناد آخر: ثنا
سليمان ثنا
شعبة عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من
سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له " (3) . ثنا بهذا سليمان
مرفوعَا، وثنا
__________
واللآلىء (2/12) ، والإرواء (2/336) . قلت: لهذا الحديث
شواهد صحيحة.
(1) المصدر السابق.
(2) ، (3) الحاشية السابقة.
(1/1329)
بالأول موقوفًا على ابن عباس، هذا نص ما
عنده، فالمرفوع عنده إنما هو من
رواية شعبة عن حبيب لا عن عدي، وليس فيه زيادة إلّا من
رواية شعبة عن
حبيب، لا عن عدي وليس فيه زيادة إلا من عذر "، وإنما تكون
هذه الزيادة
في حديث عدي إلّا أنه عند قاسم موقوف فحمل المرفوع على
الموقوف في
هذه الزيادة فيه، ونسب ذلك إلى أبي قاسم خطأ، نعم هي في
الحديث
المرفوع من رواية عدي، لكن عند غير قاسم، رواه هشيم عن
شعبة عند
معن بن مخلد وأبي القاسم/ابن بنت منيع وابن المنذر
والدارقطني. انتهى
كلامه. وفيه نظر من حيث قال: إن أبا محمد أعلّه بمعراء،
وأبو محمد لم يعله
به؛ إنما قال ما أسلفناه عنه وذلك لا يقتضى إعلالًا؛ بل
ترجيحَا لكونه ذكر له
روايتين مخرجين له عن الجهالة، ولم يسبق له فيه كلام، أحال
عليه. حدثنا
علي بن أحمد ثنا أبو أسامة عن هشام الدستوائي عن يحيى ابن
أبي كثير عن
الحكم بن مينا، قال: أخبرني ابن عباس وابن عمر أنهما سمعا
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يقول على أعواده: " لينتهين أقوام عن ودعهم الجماعات، أو
ليختمن الله على
قلوبهم ليكونن من الغافلين " (1) . هذا حديث في سنده
انقطاع فيما بين
يحيى والحكم، وإن كان قد سمع منه، فقد ورد هذا الحديث
مبينا فيه عدم
سماعه منه بين ذلك أبو عبد الرحمن إذ رواه في سننه عن محمد
بن معمر
عن حبان بن هلال عن أبان عن يحيى عن الحضرمي بن لاحق عن
رزين بن
سلام عن أبي سلام عن الحكم بلفظ: " ودعهم الجماعات ". قال:
وأنبا
إبراهيم بن يعقوب ثنا سعيد بن الربيع ثنا علي بن المبارك
عن يحيى بن زيد
عن أبي سلام عن الحكم عن ابن عمر وابن عباس قال علي ثم
كتبه به أبي
عن ابن عمر وأبي هريرة فذكره. وذكره الحافظ أبو بكر
الإسماعيلي في
مجموع حديثه من حديث هشام بن عمار: ثنا الوليد ثنا معاوية
بن سلام سمع
يحيى بن أبي كثير يقول: حدثني الحكم بن مينا يقول: سمعت
ابن عمر وأبي
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الجمعة، باب " 12 "، ح/40) ، وابن
ماجة (ح/794) ، والنسائي (3/88) ،
وأحمد (1/239، 254، 335، 2/84) ، والبيهقي (3/171) ، وابن
حبان (550) ، وابن أبي شيبة (2/
154) ، والترغيب (1/508) ، والمشكاة (1370) ، وشرح السنة
(4/215) ، ومشكل (4/231) ،
والكنز (21134، 21141) ، والفتح (10/455) ، وابن عساكر في
" التاريخ " (4/412) .
(1/1330)
هريرة يقولان: سمعنا رسول الله صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على منبره، وهو يقول: "
لينتهين أقوام
عن تركهم الجماعات ... " (1) الحديث/ومن حديث حماد بن زيد
عن أيوب
عن يحيى يروه إلى ابن عمر وابن عباس ولفظه: " الجماعات "،
ومن حديث
زياد بن أيوب: ثنا ابن علية عن أيوب عن يحيى عمن حدثه
عنهما، وفي
كتاب الثواب لأدم بن أبي إياس: ثنا بكير بن حسين عن يحيى
بن عبيد الله
عن أبيه عن أبي هريرة، قال: " نودي " (2) أهل حضرة المسجد،
وأهل العوالي
من الأنصار؛ فقال أهل حضرة المسجد: نحن أعظم أجرًا منكم،
لقربنا من
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يفوتنا معه
صلاة، ونحن محدثوه، وقالت الأنصار من أهل
العوالي: نحن أعظم أجرًا منكم لبعدنا من المسجد، ولا
يرغبنا إليه إلا حب
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والصلاة معه
". وحديثه: " فأتيته في البحر والبر فبينما هم
يتدارون اطلع عليهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، فسلم عليهم فقصوا عليه القصة، فقال:
الأبعد فالأبعد أعظم أجرأ، وذلك أن الرجل إذا توضأ في بيته
وأحسن الوضوء
وأكمله ثم خرج إلى المسجد لم يخط خطوة إلا كتب الله له بها
حسنة،
ومحا عنه سيئة، وإذا دخل المسجد لم يزل في صلاة حتى يخرج
أو
يحدث " (3) . أنبأ به الشيخ المسند الفقيه أبو الثور بن
عبد القوي قال: أنبأ أبو
الحسن علي بن المحمودي أنبأ الحافظ أبو طاهر البغوي قراءة
عليه أنبأ أبو
مسعود محمد بن عبد الله السودرجاني أنبأ أبو عبد الله محمد
بن أحمد بن
محمد الجبال أنبأ أبو محمد عبيد الله بن محمد بن إبراهيم
قراءة عليه أنبأ أبو
موسى عيسى بن إبراهيم أنبأ آدم، وحديث ابن عمر يرفعه: "
لأنا على أمتي
في غير الخمر أخوف عليهم من الخمر، سكن البادية، وترك
المساجد،
والذكر ". ذكره ابن يونس في تاريخه/عن عاصم بن رواح ثنا
زكريا بن
__________
(1) المصدر السابق.
(2) قوله: " نودي " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.
(3) صحيح. رواه أبو داود (ح/556) ، وابن ماجة (ح/782) ،
وأحمد (2/428) ، والبيهقي
(3/65) ، والحاكم (1/ 208) ، وابن أبي شيبة (2/206) ،
والبخاري في " التاريخ الكبير " (5/
352) ، والمنثور: (5/260) ، والخطيب: (11/32) ، والكنز:
(20246، 20741) . وصححه
الشيخ الألباني.
(1/1331)
يحيى بن أبان ثنا مسكين بن عبد الرحمن
وخالد بن حميد عن أبي مالك
يحيى عن واهب بن عبيد الله المعافري عنه، قال: ورواه محمد
بن المغيرة عن
واهب موقوفًا على ابن عمر، ورواه مسلم في صحيحه عن
الحلواني عن أبي
برمة ثنا معاوية بن سلام عن أخيه زيد سمع أبا سلام حدثنى
الحكم بن مينا
أن عبد الله بن عمر وأبا هريرة حدّثاه ... فذكره بلفظ: "
الجماعات ". قال
البيهقي: ورواه أبان عن يحيى عن زيد بن سلام عن الحضرمي عن
الحكم
وخالفه الدستوائي فرواه عن يحيى أن أبا سلامة حدّثه عن
الحكم أنه حدثه،
قال: ورواية معاوية عن أخيه زيد أولى أن تكون محفوظة.
انتهى كلامه.
ويفهم منه أن أبان بن يزيد رواه بلفظ: " الجماعات "
بالإسناد المذكور عنده،
وليس كذلك لا.
ذكره أبو بكر الإسماعيلي أنبأ الفرياني أنبأ عمران بن موسى
ثنا عثمان بن
أبي شيبة ثنا عفان وأنبأ أبو يعلى ثنا أبو خيثمة ثنا يحيى
بن إسحاق البجلي ثنا
عمرو بن محمد ثنا عفان قال: أنبأ أبان بن يزيد العطار لفظ
العرياني ثنا يحيى
عن زيد عن أبي سلام عن الحكم عنهما عن ابن عمر وابن عباس
بلفظ:
" الجماعات "، قال الشيخ: لم يكن في حديث عمرو في الرفع عن
أبي سلام
ولم تكن قوته صح، وقال أبو حاتم في علله: والحضرمي رجل من
أهل المدينة
وليس لرواية أبي سلام عنه معنى، وإنما يشبه أن يكون يحيى
لم يسمعه من
زيد فرواه عن الحضرمي عن زيد، فوهم الذي حدث به حدثنا
عثمان بن
إسماعيل الهذلي الدمشقي ثنا أبو لبيد بن مسلم عن أبي ذئب
عن/الزبرقان بن
عمرو الضمري عن أسامة بن زيد قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لينتهين رجال عن
ترك الجماعات، أولا حرقن بيوتهم " (1) . هذا حديث إسناده
منقطع فيما بين
أسامة والزبرقان. قاله أبو القاسم بن عساكر والشيخ ضياء
الدين في أحكامه،
__________
(1) صحيح المتن، وإسناده ضعيف. رواه ابن ماجة: (ح/795) .
في الزوائد: في إسناده
الوليد بن مسلم للدمشقي؛ مدلس، وعثمان لا يعرف حاله،
والمعنى ثابت في الصحيحين
وغيرهما. والحاوي (1/181) ، والكنز (20353) ، والترغيب
(1/278) ، والفتح (2/126) .
قلت: بل صححه الشيخ الألباني. لما رأينا له من شواهد صحيحة
عند الشيخين وغيرهما.
(1/1332)
ويوضحه لي في تاريخ البخاري الكبير زبرقان
بن عمرو بن أمية الضمري،
روى عنه ابن أبي ذئب، قال جعفر بن ربيعة: الزبرقان بن عبد
الله بن
عمرو بن أمية عن أبيه، وقال لي إسحاق: أنبأ عبد الصمد ثنا
شعبة عن عمرو
سمع الزبرقان سمع عروة عن زيد بن ثابت، وعن أبي داود عن
ابن أبي ذئب
عن زبرقان عن زهرة كنّا عند زيد فقال: هي الظهر- يعني
الصلاة الوسطى-
فأرسلوني إلى أسامة بن زيد فقال: حي الظهر. وقال هشيم:
حدّثنا صدقة عن
ابن أبي ذئب عن الزبرقان بن عمرو بن أمية الضمري عن زيد بن
ثابت
وأسامة نحوه، وقال آدم: ثنا ابن أبي ذئب ثنا زبرقان الضمري
نحوه وروى
يحيى بن أبي بكير عن ابن أبي ذئب نحوه وفي الباب حديث أنس
بن مالك
أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أن
رجلًا لو دعى النّاس إلى عرق أو مرماتين لأجابوه،
وهم يدعون هذه الصلاة في جماعة، فلا يأتوها، لقد هممت أن
آمر رجلًا
يصلى بالناس في جماعة فأضرمها عليهم نارًا، فإنه لا يختلف
عنها إلا
منافق " (1) . قال أبو القاسم في الأوسط: ورواه عن إبراهيم
بن حاتم ثنا
جويرة بن أشرس ثنا حماد عن ثابت عنه ولم يرو هذا الحديث عن
ثابت إلا
حماد بن سلمة، وحديث أبي الدرداء من عند أبي داود مرفوعًا:
" ما من
ثلاثة في قرية ولا بدو ولا تقام فيهم الصلاة، إلا
استحوذ/عليهم الشيطان،
فعليك بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية " (2)
. وحديث ابن عمر
يرفعه: " الجماعة على من سمع الأذان " (3) . ذكره ابن عدي
من حديث
محمد بن سعيد المصلوب، وهو متروك، وفي كتاب البيهقي من
حديث أبي
إسحاق عن الحرب عن علي: " من سمع النداء من جيران المسجد
وهو
صحيح من غير عذر فلم يجب، فلا صلاة له " (4) . قال
البيهقي: وقد روى
__________
(1) صحيح. الكنز (20369) ، والعلل (529) ، وأحمد (2/537) ،
والمجمع (2/43) ، وعزاه
إلى الطبراني في " الأوسط "، ورجاله موثقون.
(2) حسن. رواه أبو داود (ح/547) ،. قال زائدة: قال السائب:
يعني بالجماعة: الصلاة في
الجماعة. والنسائي (2 لم 106) ، وشرح السنة (3 لم 347) ،
والمنثور (6 لم 186) ، والترغيب (ا /
272) ، والمشكاة (1067) .
(3) بنحوه. رواه الدارقطني: (2 / 6) ،.
(4) بنحوه. رواه ابن ماجة (ح / 793) ، والطبراني (11 /
446) ، ونصب الراية (2 / 23) ،-
(1/1333)
من وجه آخر مرفوعًا وهو ضعيف، وحديث أبي
موسى قال- عليه السلام-:
" من سمع النداء فلم يجب من غير عذر، فلا صلاة له " (1) .
رواه أبو نعيم
عن يحيى بن عبد الحميد ثنا قيس عن أبي حصين عن أبي بردة
عنه خرجه
الحاكم (2) مصححًا له. وحديث عمر بن الخطاب وأبي بن كعب
مرفوعا:
" إن الله تعالى يتعجب من الصلاة في الجميع " (3) . ذكره
ابن عدي، وضعفه
بحماد بن قيراط وغيره. وحديث حارثة بن النعمان من عند
الكشي من
طريق مولى عفرة يرفعه: " يخرج الرجل في عتمة فلا يشهد
الصلاة حتى
يطبع على قلبه " (4) ، وذكر حديثَا طويلا. وحديث أبي زرارة
الأنصاري أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من سمع
النداء ثلاثَا فلم يجب كتب من المنافقين " (5) .
ذكره أبو يعلى عن أبي خيثمة ثنا يحيى بن إسحاق ثنا أبان عن
يحيى بن أبي
ذئب عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عنه، وحديث أبي الزبير
عن جابر
قال عليه السلام: " لولا شيء لأمر رجلَا يصلى بالنّاس
لحرقت بيوتا على ما
فيها " (6) . ذكره أبو جعفر الطحاوي في شرح المشكل. وحديث
أبي هريرة
يرفعه: " من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر "
(7) . ذكره
الحافظ أبو أحمد في كامله / من حديث سليمان بن داود قال:
وليس بشيء
عن يحيى بن أبي كثير عن أبي مسلمة عنه، قال أبو سليمان
الخطابي: قوله:
__________
والكنز (20993) ، والإرواء (2 / 337) .
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2 / 42) ،
وعزاه إلى الطبراني فما " الكبير "،
وفيه بن الربيع وثقة شعبة وسفيان الثوري وضعفه جماعة.
(2) صحيح. رواه الحاكم: (1/245) ،. وصححه.
(3) ضعيف. وعلته حماد بن قيراط النيسابوري المذكور في
سنده، وهاه ابن حبان. (المغني
في الضعفاء: 1 / 190 / 1723) ،.
(4) لم نقف عليه.
(5) بنحوه. أورده الهيثمي في: " مجمع الزوائد " (2/43) ،.
(6) شرح معاني الآثار: (1 لم 169) ،.
(7) تقدم. وراجع طرقه في: " الارواء " (2 / 337) ،.
(1/1334)
" بلا ومنى " هكذا يروى في الحديث والصواب:
" لا يلائمني " أي: لا
يوافقني ولا يساعدني على حضور الجماعة، قال أبو ذؤيب:
أبا الحسك لا يلائم مضجعا ... إلا أقص عليك ذاك المضجع
فأمّا الملاومة فإنها مفاعلة من اللوم وليس هذا موضعه قال
الله تعالى.
(فأقبل بعضهم ملى بعض يتلاومون) (1) . وقال أبو موسى: أصله
الهمز لا
يلائمني، وقال السكري: يلائم يوافق وبلا رق يقال التأم
الجرح، ويقال: التأم
أمر بنى فلان، قال الحطيئة:
وهم جبروني بعد فقر وغيره كما لأم العظم الكسير جبائر
وفي الصحاح: لا يقال: يلائمني. والرخصة والرخصة لغتان
حكاهما ابن
سيده في معجمه، فال: رخّص له في الأمر أذن له فيه بعد
النهي عنه، ولما
شرح كتاب الإصلاح لأبي يوسف بن السكيت حكى عن صاحب العين:
الرخصة: ترخيص الله للعباد أي: لتسهيله في أشياء خفَّقها
عليهم يقول:
رخصت له في كذا، أي أذنت له فيه بعد تهيي إيّاه عنه، قال:
والودع الترك،
وقد ودعه وادعة، وقال شمر: زعمت الغوية أنّ العرب أماتوا
مصدر وماضيه،
قال الهروي: والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أفصح، قال أبو محمد ابن حزم: ولا يجزئ صلاة
فرض أحدا من الرجال إذا كان بحيث يسمع الأذان أن يصليها
إّلا في المسجد
مع الإمام، فإن لعمّد ترك ذلك بلا عذر بطلت صلواته، وإن
كان بحيث لا
يسمع الأذان فعرض عليه أن يصلى في جماعة مع واحد فصاعد /
ولابد فإن
لم يفعل فلا صلاة له، إّلا أن لا يجد أحدا يصليها معه
فتجزئه حينئذ إّلا من
له عذر. وفي كتاب الصلاة لأبي نعيم عن أبي موسى. " من سمع
النداء
فلم يجب فارغا صحيحا فلا صلاة له) (2) . وعن ابن مسعود أنه
كان يقول:
جار المسجد إذا سمع وليس له علة، ثم لم يجب فلا صلاة له،
وعن عائشة.
من سمع المنادي ثم لم يجبه، فلم يرد خيرا أو لم يرد به،
وفي كتاب ابن
__________
(1) سورة القلم آية: 30.
(2) رواه البيهقي (3/174) ، والترغيب (1/278) ، وتلخيص
(2/30) ، والكنز (20539) ،
والخفاء (2/59) ، والمجمع (1/333) ،.
(1/1335)
زنجوية عن معاذ: لإِن أصلّي في جماعة أحبّ
إلي من أن أصلّي الدّهر
وحدي، وذكر صاحب التحفة الحنفي عن محمد بن الحسن: الجماعة
واجبة،
وقد سمّاها بعض أصحابنا سنة مؤكّدة؛ وهما سواء، وفي
المقيد: هي واجبة،
وتسميتها سنة لوجوبها بالسنة، وفي البدائع: يجب على الرجال
البالغين،
العقلاء، الأحرار، القادرين عليها من غير حرج فإذا فاتته
لا يجب عليه الطلب
في مسجد آخر بلا خلاف بين أصحابنا؛ لكن إن أتى مسجدًا يرجو
أدراكها
فيه فحسن، وإن صلّى في مسجد حيّه فحسن، وذكر سرف الأئمة إن
تركها
بغير عذر يوجب التعذير ويأثم الجيران بسكوتهم عنه، زاد شمس
الأئمة
السرخسي ولا تقبل شهادته وإنّ اشتغل بتكرار اللغة، حتى
فاتته لا بعذر
وبتكرار الفقه ومطالعة كتبه بعذر، ولا أكثر أنها سنة مؤكدة
ولو تركها أهل
ناحية أثموا ووجب قتالهم بالسلاح وفي شرح خواهر زاده: هي
سنة مؤكدة
غاية التأكيد، وقيل: فرض كفاية، وبه قال الطحاوي والكرخي
وغيرهما،
وقال الإِمام أحمد: هي واجبة وليست بشرط، وفي كتاب الجواهر
عن مالك:
هي سنة مؤكّدة وليست بواجبة إّلا في الجمعة، وحكى القاضيان
أبو الوليد
وأبو بكر عن بعض شيوخهم أنّها فرض/كفاية، وحكى الإِمام
الشافعي في
كتاب الأم أنها فرض كفاية، وحكى الرافعي أنها فرض عين ليست
شرطًا
لصحّة الفرض، وبه قال ابن خزيمة وأبو بكر بن المنذر، قال
النووي رحمه
الله: وقيل أنه قول الشّافعي، وهو الصحيح من قول أحمد،
وقول الآخر: لا
تصح الصلاة بتركها فإن ذكر حديث: يفضل صلاة الجماعة على
صلاة الفذّ،
وصيغة " أفضل " تقتضى الاشتراك في الفضل وترجيح أحد
الجانبين، ومالا
يصح فلا فضل فيه ولا يجوز أن يقال: قد يستعمل بمعنى الفاضل
لما عرف في
كتب النحو أن ذلك على سبيل البذور عند الإطلاق لا عند
التفاضل بزيادة
عدد، ويؤيّده ما في بعض طرقه: " يزيد أو يضاعف على صلاته
وحده " فإنّ
ذلك محمول على صلاة المعذور الفذّ؛ لأنه ذكر الفذّ بالألف
واللام المفيدة
للعموم، فيدخل تحته كل فذّ من معذور وغيرها يؤيّده قوله: "
أو في سوقه "؛ إذ
العليل لا يكون في السوق غالبا، وعلى تقدير ذلك فصلاة
المعذور أجرها
كصلاة الصحيح قال عليه السلام: " إذا كان العبد يعمل عملًا
ثم مرض أمر
(1/1336)
اللًه ملائكته أن تكتب له أجر عمله " (1)
في ذكر البخاري: أجيب بأن
المفاضلة لا تمنع أن تقع في الواجبات أنفسها؛ أي أنّ صلاة
الجماعة في حق
من فرضه صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد في من سقط عنه
وجوب صلاة
الجماعة لكان العذر بتلك الدرجات المذكورة، وهذا الجواب
سبق ردّه ولله
الحمد، وزعم المهلب أن التحريق أريد به المنافقين، وإليهم
يوجّه الوعيد محتجا
بقوله: " لو يعلم أحدهم أنّه يجد عرقًا، قال. وليس هذا من
صفات المؤمن،
وبنحوه/قاله البيهقي عن الشافعي. رأى ذلك ابق حزم وابن
بطال، واستدل
بعضهم به على أنّ الجماعة ليست فرض عين، ولو كانت فرضًا
لما تركهم،
وزعم بعضهم أنّ هذا كان أوّل الإِسلام حيث كانت العقوبة في
المال،
وأجمع العلماء على نفي عقوبة التحريق في غير المتخلف عن
الصلاة والعمال
في العتيمة جواز، وبه أخد أهل الجرائم على أنّ فيه دليل
على أنّ تارك
الصلاة متهاونًا، يقتل على قول من يقول: إنَّ الخطاب
للمؤمن، وأمّا حديث
ابن أم مكتوم فزعم بعضهم أنه مؤذنا ومستخلفَا على غير ما
عزوه، ولأنه
رخّص لغيره ولم يرخّص له؛ قلنا قد تأوّله أبو بكر بن خزيمة
والحاكم والبيهقي
وأبو بكر بن إسحاق الفقيه وأبو سليمان- رحمهم الله تعالى-
على أنه لا
رخصة لك إن طلبت فضل الجماعة وإنك لا تحوز أجرها مع التخلف
عنها
بحال، وقال ابن المنذر: يحتمل أنه كان في الجمعة لا في
الجماعة، وقيل:
كان ذلك أول الإسلام حين أتى غيب في الجماعة وسد الباب على
المنافقين
في ترك حضورها، وقيل: لعلّه كان بمن يتصرف في أمر دنياه
دون قائد
ككثير من العميان. انتهى. أمّا قوله في الجمعة فغير ذلك؛
لأن من قدر على
الجماعة (2) بطريق الأولى، وأما قوله: لعله ممن كان يتصرف
في أمر دنياه
فكذلك أيضًا؛ لأنّ من استطاع المجيء في الليل قبل الناس
ليؤذِّن دليل على
كثرة تصرفه، والذي يظهر من هذا أنه رجل من المهاجرين
الفقراء الذين لم
يألفوا المدينة ولا أملتها فيوهم أن ذلك يكون عذرًا له في
التخلّف عن
__________
(1) حسن. رواه أبو داود: (ح/3091) ،.
(2) اضطراب في سياق المتن.
(1/1337)
الجماعة، فلما استقر قراره وألِف أمكنتها
صار متصرفا بنفسه ومؤذنَا لا/
يحتاج إلى تأيد ولا غيره، وأمّا ترخصيه لعتبان فظاهره أنّه
بعد هذا وأنّ له
أعذار منها السمن المفرط والسيل والريح الذي قال بنحوه ابن
أم مكتوم غير
ملتبس ما- والله تعالى أعلم- وفي المشكل للطحاوي: اختلف
أهل العلم؛
فقالت طائفة منهم بوجوب حضور الجماعة على الضرير كوجوبها
على
الصحيح، وجعلوه لمن لا يعرف الطريق فلم يعذر بجميل، وعذره
آخرون،
وقد روى القولان جميعَا عن أبي حنيفة؛ غير أنّ الصحيح
عندنا عنه هو
وجوب حضورها عليه وإلى ذلك كان يذهب محمد، ولا يحكى فيه
خلافَا
بينه وبين أحد من أصحابه.
***
(1/1338)
135- باب صلاة
العشاء والفجر في جماعة
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ثنا الأوزاعي ثنا
يحيى بن أبي
كثير حدثتني عائشة قالت: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو يعلم الناس ما في
صلاة العشاء، وصلاة الفجر، لأتوهما ولو حبواً " (1) . هذا
حديث إسناده
صحيح على شرط الشيخين، وإن كان ابن أبي حاتم قال: سألت أبي
وأبا
زرعة عن حديث رواه الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن محمد
بن إبراهيم
عن عيسى بن طلحة عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو يعلم المتخلفون ... "
الحديث، قال أبي: ورواه أبان وشيبان عن يحيى عن محمد بن
إبراهيم عن
عيسى عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وقال أبو زرعة: أشبه عندي عن نحيس،
وأخاف أنّ عيسى إنما صحّف فيه وأراد نحيس يكتب لأبي زرعة
أنّ مسلم ابن
إبراهيم روى/عن أبان عن يحيى عن محمد عن عيسى قال: أخاف أن
يكون
غلط مسلم ثنا أبو مسلمة عن أبان عن يحيى عن محمد عن نحيس
وهذا
أصح من حديث مسلم. انتهى. إذا سلم لم يقوله فغير ضار؛ لأنّ
نحيس بن
أبي موسى المدني الداخل بيتهما يخرج مسلم حديثه في صحيحه
فلا ضرر في
دخوله وإبداله بعيسى لكونهما تعيين، فأمّا ما كان صحّ نفاه
الحديث لكنّه
يتعرضه علّة أخرى؛ وهي ما ذكره أبو زرعة الدمشقي في تاريخه
عن
الأوزاعي، قال: رفع أبو يحيى بن أبي كثير صحيفة وقال:
أروها عني بنظر.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن
أبي صالح عن أبي
هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
إن أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء
وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا " (2)
. هذا حديث
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/796) ، والمنثور (1/299) ،
والكنز (19470) ، والخطيب (3/
101) ، والخفاء (2/246) ،. وصححه الشيخ الألباني.
(2) صحيح. رواه مسلم (ص 451) ، وأحمد (2/466، 472، 531،
5/140) ، والبيهقي (3/55) ،
والحاوي (1/179) ، وعبد الرزاق (2004) ، وابن خزيمة (1476،
1484) ، والترغيب (1/276) ،
وشرح السنة (3/343، 346) ، الخطيب (03/7،13/25) ، والكنز
(19493، 19494) ، وابن
عساكر في " التاريخ " (2/333) ، والجوامع (6078، 6079) ،
وابن أبي شيبة (1/332) .
(1/1339)
خرجاه في صحيحه. حدثنا عثمان بن أبي شيبة
ثنا إسماعيل بن عياش عن
عمارة بن غزية عن أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب عن النبي-
صلى الله
عليه وآله وسلم- أنه كان يقول: " من صلى في مسجد جماعة
أربعين ليلة،
لا تفونه الركعة الأولى من صلاة العشاء، كتب الله له عتقًا
من النّار " (1) . هذا
حديث في سنده ضعف؛ لمكان ابن عياش؛ ولأن شيخه هنا ليس
ثابتَا، ومن
طريقه رواه سعيد بن منصور، وفي سننه قال أيضَا: غير أنّ
النسخة التي عندنا
الظهر، وفي كتاب العلل لأبي الحسن: " من صلى في مسجدي
جماعة
أربعين يومًا لا تفوته الركعة الأولى من صلاة الصبح " (2)
. قال أبو الحسن
وعمارة: لا يعلم له متابعًا من أنس، وتابع ابن عياش محمد
بن إسحاق،
ورواه يحيى بن أيوب عن عمارة عن رجل عن/أنس، وفي الأوسط من
حديث الحكم بن موسى عن عبد الرحمن بن أبي الرجال عن نبيط
بن عمر
عن أنس بلفظ: " من صلى في مسجدي أربعين صلاة لا تفوته صلاة
كتب
له براءة من النار ونجاة من العذاب " (3) . وقال: لم يروه
عن أنس إلا نبيط.
تفرد به ابن أبي الرجال. انتهى كلامه. وفيه نظر إن أراد
أصل الحديث؛ لما
ذكرناه ولما يأتي بعد، وإن أراد أصل الحديث اللفظ فقريب
وفي كتاب
المروزي: ألقيت على أبي عبد الله يعلى عن سفيان عن عاصم عن
أنس
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/798) ،. في الزوائد: فيه إرسال
وضعف. قال الترمذي
والدارقطني: لم يدرك عمارة أنسا ولم يلقه، وإسماعيل كان
يدلس. والترغيب (1/363) ،
وإتحاف (3/16) ، والكنز (19471، 278.2) ، وضعفه الشيخ
الألباني. ضعيف ابن
ماجة (ح/798) ، قلت: والحديث " حسن ". دون قوله: " لا
تفوته الركعة الأولى من
العشاء ": الصحيحة (ح/262) ، شلشلة الأحاديث الضعيفة
والموضوعة تحت (ح/364) .
(2) ضعيف. رواه أحمد (3/155) ، والطبراني في " المعجم
الأوسط " (1 / 125 /2) ، من
" زوائد المعجمين " من طريق عبد الرحمن بن أبي الرجال عن
نبيط. ونبيط هذا لا يعرف إلا
في هذا الحديث، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات " على
قاعدته في توثيق المجهولين. وضعفه
الشيخ للألباني.
(3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (4/8) ،
وعزاه لدى أحمد والطبراني في
" الأوسط "، ورجاله ثقات.
انظر: مسند أحمد (3/155) ، والطبراني في " الأوسط "
(2/1/125) ،. راجع كلامنا عن
نبيط في الحاشية السابقة.
(1/1340)
مرفوعا: " من صلى أربعين صلاة مكتوبة يدرك
التكبيرة الأولى مع الإمام كتب
له براءة من الشرك وبراءة من النار " (1) ، فأنكره وقال
هذا من قبل يعلى، ما
أكثر ما كان يغلظ على سفيان، ولما ذكره الحافظ أبو سعيد
محمد بن علي
بن مهدي النّعاس في كتاب الموضوعات من حديث إسحاق بن يزيد
القرشي
عن سفيان عن خالد بن عمير عن أنس بلفظ. " من لم تفته
الركعة الأولى
من صلاة الغداة أربعين ليلة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة
"، قال:
إسحاق بن يزيد مجهول لا أدري أهو رفعه أم غيره، وزعم
الدارقطني أن أبا
العلاء خالد بن طهمان الكوفي رواه عن حبيب بن أبي عميرة
الإسكافْي عن
أنس، واختلف عن أبي العلاء؛ فقيل: عنه عن حبيب بن أبي ثابت
ومن قال
ذلك عنه فقد وهم. كذا قاله قيس بن الربيع وعطاء بن مسلم
وهما في نسب
حبيب، وفي سؤالات عبد الله: سألت أبي عن حديث حدّثنا خلف
بن هشام
البزار، ثنا عيسى بن ميمون عن عون بن أبي شدّاد عن أبي
عثمان النهدي
عن سلمان الفارسي قال: سمعت النبي- صلى اللَّه عليه وآله
وسلم- يقول:
" من غدا إلى صلاة/الصبح أعطى ربع الإيمان ... " (2) .
الحديث، فقال: هذا
حديث منكر، وفي كتاب ابن زنجوية: ثنا الخضر بن محمد حدثني
هشيم أنبأ
بشر حدثنى أبو عمير بن أنس قال: حدثنى عمومة لي من الأنصار
من
أصحاب النبي- صلى الله عليه وآله وسلّم- أن رسول الله صلى
اللَه عليه
وسلم- كان يقول: " ما شاهدهما منافق " يعني: العشاء
والفجر، وقْي
صحيح مسلم عن جندب يرفعه: " من صلى الصبح فهو في ذمة
اللَّه " (3) .
فانظر يا ابن آدم لا يطالبنك اللَّه عن ذمة بشيء، وفي كتاب
السنن للبيهقي
عن عبد الرحمن بن حرملة أن رسول اللَّه- صلى اللَّه عليه
وآله وسلم- قال:
__________
(1) موضوع. أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " (2/136) ،.
وقال: إسحاق مجهول وقد
اتهموه بوضعه.
(2) منكر. رواه الطبراني (6/314) ، والكنز (19300، 19313)
، والمشكاة (640) ،
والترغيب (1/270) .
(3) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/261) ، والترغيب
(1/240) ، وأبو عوانة (2/
11) ، والحلية (3/96) ، والطبراني (2/169) .
(1/1341)
" بيننا وبن المنافقين شهود العشاء والصبح،
لا يستطيعونها " (1) ، وعن ابن
عمر قال: " كنا إذا فقدنا الرجل في صلاة العشاء والفجر
أسأنا به الظن " (2) ،
وعن عائشة قالت: قال رسول اللَّه- صلى اللَّه عليه وآله
وسلم-: " لو يعلم
الناس ما في شهود العتمة ليلة الأربعاء لأتوها ولو حبوا "
(3) . رواه في
الأوسط، وقال: لم يروه عن هشام إلا زكريا بن منظور. تفرد
به عتيق بن
يعقوب الزبيري، وعن أبي الدرداء مرفوعًا: " من استطاع منكم
ليشهد
الصلاتين العشاء والصبح ولو حبوا فليفعل " (4) . رواه أبو
القاسم في الكبير من
حديث رجل من النخع عنه.
***
__________
(1) مرسل. رواه البيهقي (3/59) ، والتجريد (324) ، والموطأ
(130) . قال في التمهيد: هذا
الحديث مرسل في الموطأ. لا يحفظ عن النبي- صلى الله عليه
وسلَم- مسندا. ومعناه
محفوظ من وجوه ثابتة، والشافعي (52) ، والكنز (360، 868) ،
والقرطبي (1/349) .
(2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/40) ،
وعزا هـ إلى " البزار "، ورجاله
ثقات.
(3) ضيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/40) ،
وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "،
وفيه زكريا بن منظور، وهو ضعيف.
(4) ضعيف. للترغيب (1/269) ، والمنثور (1/299) ، والمجمع
(2 / 40) ، وعزاه إلى الطبراني في
" الكبير "، وللرجل الذي من النخع لم أجد من ذكره وسماه
جابرا.
(1/1342)
136- (باب لزوم
الجماعة وانتظار الصلاة)
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن
أبي صالح عن
أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه- صلّى اللَه عليه وآله
وسلّم-: " إن أحدكم
إذا دخل المسجد، كان في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه،
والملائكة تصلي
على أحدكم/ما دام في مجلسه الذي صلى فيه، يقولون: اللهم
اغفر له،
اللهم ارحمه، اللهم تب عليه، ما لم يحدث فيه ما لم يؤذ فيه
" (1) . هذا
حديث اتفقا على تخريجه، وفي لفظ لمسلم: " ألا أدلكم على ما
يمحو الله به
الخطايا ويرفع به الدرجات؟ إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة
الخطا إلى
المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فذلكم الرباط، فذلكم
الرباط " (2) . وفي
لفظ: " لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر
الصلاة، حتى
ينصرف أو يحدث " (3) . وفي لفظ للسراج: " ما لم يحدث أو
يخرج من
المسجد ". وفي لفظ: " من انتظر صلاة فهو في صلاة حتى
يصليها " (4) .
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا شبابة بن أبي ذئب عن
المقبري عن سعيد
ابن يسار عن أبي هريرة عن رسول الله- صلّى الله عليه وآله
وسلّم- قال:
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/799) . وصححه الشيخ الألباني.
(2) صحيح. رواه مسلم في (الطهارة، ح/41) ، والترمذي (ح/51)
، والبيهقي (3/62) ،
وابن حبان (161) ، وابن خزيمة (5) ، وإتحاف (2/374، 10/23)
، والكنز (43323،
43324) ، والمشكاة (282) ، والمجمع (2/37) ، والمنثور
(2/114) ، وموضح (1/
224، 225) ، والطبراني (4/148) ، والقرطبي (4/323) ، وابن
كثير (2/170، 171) ،
والترغيب (1/158، 283) ، والحلية (8/248) .
(3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/55) ، ومسلم في
(المساجد: باب " 49 " رقم
" 274 ") ، وأبو داود في (الصلاة: باب، " 20 ") ، وابن
خزيمة (360) ، وأحمد (2/
415، 3/95، 5/453) ، والترغيب (1/181) ، وابن سعد (6/121)
، وأبو عوانة (2/
23) ، الخطيب في " تاريخه " (9/431) .
(4) صحيح. رواه ابن أبي شيبة (02/41) ، وابن حبان (423) ،
وإتحاف (3/282) ، والكنز
(9075، 19076) ، وأحمد (5/451) ، والمجمع (2/167) ، وعزاه
إلى أحمد والبزار
بنحوه، ورجالهما رجال الصحيح.
(1/1343)
" ما يوظن رجل يسلم المساجد للصلاة والذكر،
إلا يتبشبش اللَّه إليه كما
يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم " (1) . هذا حديث
أخرجه أبو حاتم
البستي في صحيحه عن عبيد الله بن محمد ثنا إسحاق بن
إبراهيم أنبأ عثمان
ابن عمر ثنا ابن أبي ذئب وقال يزيد: نظر اللَّه إليه
بالرأفة والمحبة لذلك
الفعل "، وصححه أيضًا أبو محمد الإشبيلي وأخرجه أبو داود
الطيالسي في
مسنده عن ابن أبي ذئب بلفظ: " لا يوظن عند المسجد للصلاة
والذكر إلا
يبشبش اللَّه به إذا خرج من أهله " (2) ، ولفظ أبي بكر بن
أبي شيبة في
مسنده: " ما يوظى رجل " بالياء كذا رأيته في غير ما نسخه،
ورواه
الحاكم (3) . في مستدركه عن عبدان، ثنا إبراهيم بن الحسين
ثنا أدم بن أبي
إياس ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن ابن يسار وقال: صحيح
على/شرط
الشيخين ولم يخرجاه، وقد خالف الليث بن سعد ابن أبي ذئب؛
فرواه عن
المقبري عن سعيد بن يسار بلفظ: " لا يتوضأ فيحسن وضوءه
ويسبغه " (4) .
حدثنا أحمد بن سعيد الدارني ثنا النضر بن شميل ثنا حماد عن
ثابت عن
أبي أيوب عن عبد اللَه بن عمرو قال: " صلينا مع رسول
اللَّه- صلّى اللَّه
عليه وآله وسلّم- المغرب فرجع من رجع، وعقبه من عقب، فجاء
رسول
الله- صلّى الله عليه وآله وسلّم- مسرعا قد حفزه الناس وقد
حسر عن
ركبتيه فقال: " أبشروا هذا ربكم قد فتح بابا من أبواب
السماء يباهى بكم
الملائكة يقول: انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضة وهم
ينتظرون أخرى " (5) .
هذا حديث إسناده صحيح على رسم الصحابة. حدثنا أبو كريب ثنا
رشدين
بن سعد عن عمرو بن الحرث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي
سعيد عن
رسول اللَّه- صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال: " إذا رأيتم
الرجل يعتاد
__________
(1) فصحيح. رواه ابن حبان: (309) .
(2) صحيح. رواه ابن خزيمة: (1503)
(3) صحيح. رواه الحاكم: (1/213) . وصححه.
(4) صحيح. رواه أحمد (2/340) ، وابن خزيمة (1491) ،
والترغيب (1/208) .
(5) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/801) ، في الزوائد: هذا إسناد
صحيح، ورجاله ثقات.
والترغيب (1/282) ، والكنز (18966) ، والصحيحة (661) .
(1/1344)
المساجد، فاشهدوا له بالإيمان، قال الله عز
وجل: (إنما يعمر مساجد
الله ... ) الآية " (1) . هذا حديث ضعيف الإسناد برواية
رشدين المذكور،
وقيل: وبه رواه أبو أحمد ابن عدي لما ذكره في كامله، ورواه
البغوي في
مسنده بسند ضعيف أخرج به رشدين بن سعد منه، وأخرجه أبو
يعلي
الموصلي في مسنده عن أبي خيثمة ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة
عن علي بن
زيد عن مطرف بن عبد الله أن يوفَا وعبيد الله بن عمرو ذكر
كلمة سقط
فقال يوف: " أجد في التوراة: لو أن السموات والأرض وما
فيهن وما معهن/
في كفة الميزان ووضعت لا إله إلا الله في كفة أخرى لرجحت
من، ولو أن
السموات والأرضين السبع وما فيهن كن في طبق من حديد، وقال
عبد: لا
إله إلا الله فيهن حتى يصير إلى اللَّه تعالى ". فقال ابن
عمرو: أنا أحدّثك عن
النبي- عليه السلام-: صلينا معه ذات ليلة المغرب، فرجع من
رجع وعقب
من عقب، قبل أن يؤوب الناس لصلاة العشاء الأخرة، وقد حضره
النعس، وقد
عقد تسعَا وعشرين وأشار بأصبعه السبابة إلى السماء وهو
يقول: " أبشروا يا
معشر المسلمين، هذا ربكم فتح بابا من أبواب السماء، يباهي
بكم الملائكة،
يقول: يا ملائكتي انظروا إلى عبادي هؤلاء " (2) ، الحديث.
ولفظ الطبراني في
الأوسط وخرجه من حديث ابن لهيعة عن دراج قال عليه السلام:
" من ألف
المسجد ألفه اللَّه تعالى " (3) ، وقال: لم يروهـ عن دراج
إلّا ابن لهيعة. تفرد به
عمرو بن خالد الحراني. وخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث
ابن
مسعود عن محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني عن ابن لهيعة
عن دراج
به. ورواه الترمذي عن محمد بن يحيى بن أبي عمر عن ابن وهب
عن عمرو
بن الحرث عن دراج، وقال: حديث حسن غريب. كذا قاله،
والمعهود منه
تصحيح هذا الإسناد؛ فإنّه لما ذكر حديث وهم فيها كاسحون من
حديث
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/802) ، وضعيف ابن ماجة (ح/172)
، والمشكاة (723) ،
والضعيفة (505) ، والتعليق الرغيب (1/131- 132) .
(2) المصدر السابق.
(3) ضعيف. المجمع (2/23) ، والمنثور (3/217) ، وإتحاف
(3/28) ، وابن عدي في " الكامل "
(6/368) ،. قلت: وعلته ابن لهيعة.
(1/1345)
سويد بن المبارك عن سعيد بن يزيد عن دراج
عن أبي الهيثم قال: حسن
صحيح غريب. وممن يصحح هذا السند ابن معين وابن خزيمة،
وأمّا ابن خزيمة
فإنه خرجه في صحيحه عن عبد الله بن محمد بن سالم ثنا حرملة
بن يحيى
عن ابن وهب، وخرجه الحاكم في مستدركه عن أبي العباس محمد
بن
يعقوب/ثنا بحر بن نصر عن علي بن وهب أخبرك عمرو به وفال:
هذه
ترجمة المصريين، لم يختلفوا في صحتها، وصدقوا في روايتها؛
غير أن شيخي
الصحيح لم يخرّجاه، وقد سمعت القول في صحته فيما بعد. ولفظ
الإمام
أحمد وخرجه عن شريح أنبأ ابن وهب عن عمرو: " فاشهدوا عليه
الإيمان ".
وفي الباب حديث أنس من عند البخاري: " أقبل النبي- عليه
السلام-
بوجهه بعدما صلى فقال: " لم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها
" (1) .
وعند البيهقي من حديث صالح المزي عن ثابت عن أنس مرفوعَا:
" إنّ
عمار بيوت اللَّه هم أهل اللَّه " (2) . وحديث طارق بن
شهاب يرفعه: " وأما
الكفارات فإسباغ الوضوء في السيرات، ونقل الأقدام إلى
الجمعات، وانتظار
الصلاة بعد الصلوات ". رواه في الأوسط، وقال: لم يروه عن
أبي سعد
النقال- يعني عن قيس بن مسلم- عنه إلّا القاسم بن مالك
المزي. تفرد به.
فرواه ابن أبي المعراء. وحديث أبي موسى مرفوعَا من عند
مسلم: " والذي
ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام في جماعة أعظم أجرَا من
الذي يصليها
ثم ينام " (3) . وحديث علي- بن أبي طالب قال- صلّى اللَّه
عليه وآله وسلّم-:
" إسباغ الوضوء على المكاره، وإعمال الأقدام إلى المساجد،
وانتظار الصلاة بعد
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/168) ، ومسلم في
(المساجد، باب " 39 "،
ح/22) ، والبيهقي (2/188) ، وابن سعد (1/2/162) .
(2) ضعيف. رواه البيهقي (3/66) ، والترغيب (1/219) ،
والمنثور (3/216) ، والكنز
(11792، 20742) ، والمجمع (2/23) ، وعزاه إلى الطبراني في
" الأوسط " و" أبو يعلى "
و" البزار "، وفيه صالح المزي، وهو ضعيف.
(3) لم نقف عليه.
(1/1346)
الصلاة تغسل الخطايا غسلَا " (1) . رواه
ابن زنجويه من حديث الحرث بن عبد
الرحمن بن أبي ذئب عن أبي العباس عن ابن المسيب عنه، وقال
الدارقطني:
ورواه عبد اللَّه بن محمد بن عقيل عن ابن المسيب فأسنده عن
أبي سعيد
الخدري، وكلاهما ضعيفان، وقال البزار: هكذا رواه صفوان عن
الحرث عن
أبي العباس عن سعيد، وقال أنس بن عياض وغيره / عن الحرث عن
أبي
العباس عن سعيد، وأبو العباس مجهول. وحديث عبد اللَّه بن
حبيب: حدّثنى
من سمع النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال: " لا يزال
العبد في صلاة
ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة، تقول الملائكة: اللهم اغفر
له اللهم
أرحمه " (2) . رواه ابن زنجوية بسند صحيح من حديث ابن
السائب عنه،
وحديث عبد الله بن عمر مرفوعَا من جملة حديث طويل: " فأمّا
الكفّارات
فانتظار الصلاة بعد الصلاة، وإسباغ الوضوء في السيرات ونقل
الأقدام إلى
الجمعات ". قال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن سعيد بن
جبير إلّا عطاء
بن دينار، ولا عن عطاء الّا ابن لهيعة. تفرد به الوليد بن
عبد الواحد التميمي،
ولا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد. وحديث المنكدر قال:
" أَخر النبي-
صلّى الله عليه وآله وسلّم- صلاة العشاء الأخرة هنيهة ثم
خرج علينا فقال:
" ما تنتظرون " قالوا: الصلاة، قال: " أما إنكم لن تزالوا
فيها ما
__________
(1) بنحوه. رواه ابن ماجة (ح/776) ،. في الزوائد: حديث أبي
سعيد رواه ابن خزيمة وابن حيان في
صحيحه. وله شاهد في صحيح مسلم وغيره. والكنز (44262) ،
وابن المبارك في " الزهد " (138) .
وبلفظة: أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/36) ،.
وعزاه إلى أبي يعلى والبزار، ورجاله
رجال الصحيح. وزاد البزر في أؤله: " ألا أدلكم على ما يكفر
به الخطايا ". وزاد في أحد
طريقيه رجلا وهو أبو العباس غير مسمى، وقال إنه مجهول،
قلت: " أبو العباس بالياء المثناة
آخر الحروف والسين المهملة ".
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/274) ، وأبو داود
(ح/471) ، وأحمد (2/
415، 9513، 5/453) ، والترغيب (1/181) ، وابن سعد في "
الطبقات " (6/121) ،
وأبو عوانة (2/23) ، الخطيب في " التاريخ " (9/431) .
(1/1347)
انتظرتموها " (1) . رواه أبو القاسم في
الصغير من حديث القاسم بن الحكم
العدني عن عبد الله بن عمرو بن مرّة عن محمد بن سودة عن
محمد بن
المنكدر عنه، وقال: لم يروه عن ابن سودة إلا عبد الله بن
عمرو وتفرد به
القاسم بن الحكم، وحديث قوله " ابنه " فهذا زوج حمزة بن
عبد المطلب،
قال- عليه السلام-: " ألا أنبئكم بكفارات الخطايا "؟ فقلت:
بلى، قال:
" إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد،
وانتظار الصلاة بعد
الصلاة " (2) . ذكر المديني في كتاب الصحابة من حديث ابن
لهيعة عن بكبر
بن الأشج عن الضحاك بن عبد الله القرشي عن محمود بن لبيد
عنها. وفي
كتاب الجامع لمعمر عن عطاء الخراساني رفع/الحديث أن
للمساجد عمارا
جلساؤهم الملائكة ليتفقدونهم فإن كانوا في حاجة أعانوهم،
وإن مرضوا
عادوهم، وإن غابوا افتقدوهم، وإن حضروا قالوا: ذكر الله
تعالى ". وحديث
عقبة بن عامر الجهني قال- صلّى الله عليه وآله وسلّم-: "
القاعد في المسجد
يرعى الصلاة كالقانت، ويكتب من المصلين من حين يخرج من
بيته حتى
يرجع إليه " (3) . رواه البستي في صحيحه عن عبد الله ابن
سلم ثنا حرملة،
__________
(1) ضعيف. رواه الطبراني في " الصغير " (2/73) ، والكنز
(1841، 21845) ، والمنثور
(2/65) ، وابن أبي شيبة (02/41) ، والمعارف (1/175) .
(2) رواه أحمد (2/301، 4303، 5/270) ، وابن ماجة (ح/270)
،. في الزوائد:
حديث أبي سعيد رواه ابن حبان في صحيحه. وله شاهد في صحيح
مسلم وغيره. وابن
خزيمة (5) ، وابن كثير (2/170) ، والبغوي (1/472) ،
والمجمع (2/36) ، وعزاه إلى الطبراني
والبزار بنحوه، وشيخ البزار خالد بن يوسف السمتي عن أبيه،
وهما ضعيفان، وإسحاق لم يدرك
عبادة.
(3) رواه ابن حبان (418) ، والكنز (18936) ، والترغيب
(1/287) ، والجمع (2 / 29) ، وعزاه
إلى أحمد وأبو يعلى والطبراني في " الكبير " و" الأوسط "،
وفي بعض طرقه ابن لهيعة،
وبعضها صحيح، وصححه الحاكم.
(1/1348)
وفي لفظ: " إذا تطهر الرجل ثم أتى المسجد
يرعى الصلاة كتب له كاتبه- أو
كاتباه- بكل خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات " (1) .
وقال الطبراني في الأوسط: لا يروى عن عقبة إلا بهذا
الإسناد. تفرد به
عمرو بن الحرث؛ رواه عن رعية ثنا ابن أبي مريم ثنا يحيى بن
أيوب عنه، وفيه
لما أسلفناه، ولما في كتاب الثواب لأدم ثنا عياش ثنا ابن
وهب، وحديث ابن
مسعود يرفعه: " من أتى السجد ينتظر الصلاة، فهو في صلاة ما
لم
يحدث " (2) . خرجه أبو نعيم الحافظ في كتاب المساجد من
حديث أبي
إسحاق عن عمرو بن عبد الله الحضرمي عنه، وقال أبو حاتم في
العلل:
الصحيح عندي عن عمرو، قوله: وعجب ممن أدخل فيه عبد الله،
وحديث
سهل بن سعد يرفعه: " من كان في مسجد ينتظر الصلاة فهو في
الصلاة " (3) . رواه أبو القاسم محمد بن إسحاق السراج في
مسنده عن قتيبة
وابن حبان عن أبي الحنفية عن قتيبة عنه. حدثنا بكر بن مضر
عن عباس بن
عقبة أن يحيى بن ميمون حدّثه عنه، وحديث عبد الله بن سلام
يرفعه: " من
جلس مجلسَا ينتظر الصلاة، فهو في صلاة حتى يصلى " (4) .
رواه مسلم.
وحديث عثمان / بن مظعون قال: سألت النبي- صلّى اللَّه عليه
وآله وسلّم-
فقلت: إنّى أردت أن أترهب، قال: " لا تفعل فإن ترهب أمتي
القعود في
المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة " (5) . ذكره أبو سعيد
النقال في كتابه
وقال: لا أعرف في إسناده واحدَا منهم، وحديث أبي سعيد
مرفوعَا: " ألا
أدلكم على شيء يكفر الخطايا، ويزيد في الحسنات: إسباغ
الوضوء عنى
__________
(1) المجمع مصدر سابق، وعزاه إلى أحمد وأبو يعلما
والطبراني في " للكبير " و" الأوسط "،
وفي بعض طرفه ابن لهيعة، وبعضها صحيح، وصححه الحاكم.
(2) ضعيف. رواه الطبراني: (1/2730) ،.-:
(3) صحيح. رواه النسائي (2/56) ، والطبراني (6/250) ،
والكنز (20228، 20735) ،
وابن حبان (424) .
(4) صحيح. رواه أبو داود في (الجمعة، باب " ا ") ،
والترمذي (ح/491) ، وقال: هذا حديث حسن
صحيح. والبيهقي (3/251) ، وإتحاف (3/282) ، والكنز (425) ،
والموطأ (109) .
(5) تقدم ص 1347.
(1/1349)
المكاره ... " (1) . الحديث، قال عبد الله
عن أبيه في كتاب العلل: هذا باطل،
يعني من حديث عبد اللَّه عن أبيه من حديث عبد الله بن أبي
بكر عن ابن
المسيب عنه إنما هو من حديث عقيل، وأنكره أيضَا أشد
الإنكار وقال: ليس
بشيء- يعني ابن عقيل- وقال ابن سيده: البش: اللطف في
المسألة والإقبال
على الرجل، وقيل: هو أن يضحك إليه ويلقاه لقاءَ جميلَا،
والمعنيان معربان،
ورجل باش وبش، وقد بششت به بششَا وبشاشة قال:
لا تقدم السائل منه وفرَا وقبله بشاشة وبشرَا
وروى بيت ذى الرمة: ألم تعلمي أَنانبش إذا ذئب بأهلك
مناطيه وحلول،
بكسر الباء فأمّا أن يكون بششت مقبولة، وإمّا أن يكون مما
جاء على فعل
يفعل، والبشبش كالبشاشة قال رؤبة قارى ومسنده البشيش وبشمش
به
ويبشبش منكول من يبشبش، وقال أبو نصر: البشاشة: طلاقة
الوجه، وقال
يعقوب: لقيه فتبشبش به وأصلها يبشبش فأبدلوا من الشين
الوسطى، فكما
قالوا بحفحف، وقال الفراء: بش الرجل بصاحبه بشا وبشاشة إذا
ضحك إليه
واستبشر به ولقيه بأحسن أخلاقه، وبشّ الرجل يبش إذا مرق،
والبشاشة
النصرة ومنه قول الشاعر:/
ذهبت بشاشة وأصبح واضحَا ... برق المفارق كالبراء الأعفر
وقال آخر:
ورأت بأنّ الشيب جانبه
البشاشة والبشارة، وقال ابن طريق، وابن العطويه: بششت باش
أقبلت عليه
وضحكت إليه، وكل هذا متعذّر في حقّ الباري- عز وجل- وقد
أحسن
الهروي إذ قال هذا مثل ضربه ليلتقيه أباه ببره وإكرامه
وتقريبه، وقال ابن
الأعرابي: البش فرح الصديق بالصديق، وقال ابن الأنباري:
البشيش من الله
الرضى، يقال: تبشبش فلان بفلان إذا وانته، وقال ابن بطال:
معنى قوله، ما
لم يحدث دليل على أنّ الحدث في المسجد خطيئة يحرم به
استغفار الملائكة
__________
(1) تقدم فما أكثر من موضع من هذا الباب انظر ص 1343.
(1/1350)
ودعاؤهم له، قيل: ومن أراد أن يحط الله عنه
ذنوبه فليلازم مصلاه بعد
الصلاة ليستكثر من استغفارهم له، وشبه عليه السلام المنتظر
للصلاة بالزائد.
وقد فسّر أبو هريرة الحدث بأنه فساء أو ضراط، وذكر ابن
حبيب النخعي
عن عبد الله بن أبي أوفى أنّه قال: هو حدث الإثم، وكان أبو
الدرداء وعلي
ابن أبي طالب والنخعي وعطاء وسعيد بن جبير: يجوزون للمحدث
الجلوس
في المسجد وكرهه الحسن وابن المسيب، وقال الداودي: عن
رواية التخفيف
دل على جواز الحدث في المسجد، ومن رواه بالتشديد أراد
الحدث بغير
ذكر اللَّه تعالى، قال ابن التين: لم يذكر أحد التشديد وقد
جاء حديث
صححه الحاكم فظاهره بعارض الايطان، وهو نهيه- عليه السلام-
عن إيطان
المساجد كما يوطنه البعيد، وليس كذلك؛ لاعينه محمول على
تحجير مكان/في
المسجد أن يصلي غيره كما يفعله كثير ممن يدّعى الرياسة،
وأمَّا من صلى في
المسجد وأنبأ أي فرحه أو أي مكان صلى فيه فذاك هو التبشبش
به، والله-
سبحانه وتعالى- أعلم بالصواب.
***
(1/1351)
137- باب إقامة
الصلاة والسنة فيها افتتاح الصلاة
حدثنا علي بن محمد الطنافسي ثنا أبو أسامة حدثنى عبد
الحميد بن جعفر
ثنا محمد بن عمرو بن عطاء قال: سمعت أبا حميد الساعدي
يقول: " كان
رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- إذا أقام إلى
الصلاة، تقبل القبلة،
ورفع يديه، وقال: اللَّه أكبر " (1) .
هذا حديث أخرجه ابن ماجة في مواضع من كتاب الصلاة أتمها عن
ابن
بشار ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبد الحميد بن جعفر ثنا محمد بن
عمرو بن
عطاء عن أبي حميد قال: سمعه وهو في عشرة من أصحاب رسول
الله-
صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- أحدهم أبو قتادة بن ربعي
قال: " أنا أعلمكم
بصلاة رسول اللَّه- صلّى الله عليه وآله وسلّم- كان- عليه
السلام- إذا قام
في الصلاة اعتدل قائما، ورفع يديه حتى يحاذي هما متكبيه ثم
قال: الله
أكبر، وإذا أراد ان يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه،
وإذا قال: سمع
اللَّه لمن حمده رفع يديه اعتدل، فإذا أقام من الثنتين
كبّر ورفع يديه حتى
يحاذي بهما منكبيه كما صنع حين افتتح الصلاة " (2) .
ثنا ابن بشار أبو عامر ثنا فليح ثنا عباس بن سهل قال:
اجتمع أبو حميد الساعدي
وأبو أسيد وسهل بن سعد ومحمد بن سلمة فذكروا صلاة رسول
اللَّه- صلّى اللَّه عليه
وآله وسلّم- قال أبوْ حميد الساعدي:/وأبو أسيد وسهل بن
سعد: " أنا أعلمكم
بصلاة رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- أن النبي
عليه السلام قام فكبّر، ورفع
يديه، ثم رفع حين كبر للركوع، ثم قام فرفع يديه واستوى،
حتى رجع كل عظم إلى
موضعه " (3) .
وأخرجه أبو حاتم البستي في صحيحه عن رواية عمرو بن علي عن
يحيى
__________
(1) الحاشية القادمة.
(2) صحيح. رواه ابن ماجة مختصرا: (ح/803) . وصححه الشيخ
الألباني.
(3) المصدر السابق.
(1/1352)
ابن سعيد عن عبد الحميد مطولَا، ورواه ابن
خزيمة أيضَا من حديث سهل بن
سعد وأبي حميد وأبي أسيد الساعدي، ومن حديث عبد الحميد،
وفيه أبو
قتادة وذكر ابن عساكر في كتاب كرسا المقبري حدّثني الشيخ
أبو عبد الله
طرخان بن ماضي المقبري الفقيه أنه رأى النبي- صلّى اللَّه
عليه وآله وسلّم-
في المنام، وشأنه عن حديث أبي حميد في كيفية الصلاة فقال:
صدق أبو
حميد، وأثنى عليه.
ورواه أبو داود (1) من حديث عبد الحميد بلفظ: قال أبو
حميد: أنا
أعلمكم بصلاة النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- قالوا:
فلم؟ فواللُّه ما
كنت بأكثرنا له، ولا أقدم منَّا له صحبة، قال: بلى، قالوا:
فأعرض، قال:
كان إذا قام إلى الصلاة، برفع يديه حتى يحاذي هما منكبيه،
ثم كبر حتى
يقر كلّ عظم في موضعه معتدلا، ثم يقرأ: ثم يكبّر فيرفع
يديه حتى يحاذي
هما منكبيه، ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه ثم يعتدل فلا
يصيب رأسه
ولا يقنع، ثم يرفع فيقول: سمع الله لمن حمده، ثم برفع يديه
حتى يحاذي
منكبيه معتدلَا ثم يقول: اللَّه أكبر، ثم يهوي إلى الأرض
فيجافي يديه عن
جنبيه ثم برفع رأسه ويثني رجله اليسرى فيقعد عليها، ويفتح
أصابع رجليه إذا
سجد ثم يسجد ثم يقول: الله أكبر، ويرفع ويثني رجله
اليسرى/فيقعد عليها
حتى يرجع كل عظم إلى موضعه، ثم يصنع في الأخرى مثل ذلك، ثم
إذا
قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي هما منكبيه كما
كبّر عند افتتاح
الصلاة، ثم يصنع ذلك في بقية صلاته، حتى إذا كانت السجدة
التي فيها
التسليم أخر رجله اليسرى وقعد متورّكَا على شقّه الأيسر،
قالوا: صدقت
هكذا كان يصلي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- ". وفي حديث
ابن لهيعة عن
يزيد بن حبيب عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو
العامري: " فإذا ركع أمكن كتفيه من ركبتيه وفرج بين
أصابعه، ثم هصر ظهره
غير مقنع رأسه ولا صافح فخذه، وقال وإذا قعد الركعتين قعد
على بطن قدمه
اليسرى، ونصب اليمنى، فإذا كان في الرابعة أفضى بوركه
اليسرى إلى الأرض
__________
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/963) .
(1/1353)
وأخرج قدميه من ناحية واحدة. وفي حديث ليث
عن يزيد: " فإذا سجد
وضع يديه غير مفترش ولا قابضهما، واستقبل بأطراف أصابعه
القبلة ". وفي
حديث عباس بن سهل: " ثم رفع رأسه- يعني من الركوع- فقال:
سمع
اللَّه لمن حمده، ربنا لك الحمد، ورفع يديه ثم قال: اللَّه
أكبر، فسجد فانقلب
على كفيه وركبتيه وصدور قدميه، وهو ساجد ثم كبّر فجلس
فتورك ونصب
قدمه الأخرى، ثم كبّر فسجد ثم كبّر، فقام ولم يتورك. قال:
ثم جلس بعد
الركعتين، حتى إذا هو أراد أن ينخفض للقيام قام بتكبيرة ثم
ركع الركعتين
الأخرتين، ولم يذكر التورك في التشهد "، وفي لفظ: " ثم ركع
فوضع يديه
على ركبتيه كانه قابض عليه وتريديه فيجافي عن جنبيه ووضع
كفيه حذو
منكبيه، ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته/ويحايد به عن جنبيه،
ووضع يديه حذو
منكبيه، ثم رفع رأسه حتى رجع كلّ عظم في موضعه حتى فرغ، ثم
جلس
فافترش رجله- يعني اليسرى- فأقبل بصدر اليمنى وكفّه اليسرى
على ركبته
اليسرى وأشار بإصبعه ". قال أبو داود: روى هذا الحديث عنه
ابن أبي حكيم
عن عبد الله بن عيسى عن العباس به سهل فلم يذكر التورك،
وذكر حديث
فليح، وذكر الحسن بن الحر نحو جلسة حديث فليح وعتبة قال: "
إذا سجد
فرَج بين فخديه عن حامل بطنه على شيء من فخذيه ".
وزعم الدارقطني في كتاب الأفراد والغرائب أنّ زهير بن
معاوية تفرد به
عن الحسن، ولم أره إلّا عند أبي بدر شجاع بن الوليد، وهو
في صحيح
البخاري من حديث الليث عن خالد بن سعيد عن محمد بن عمرو عن
عطاء
ح، وحدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب ويزيد بن محمد عن
محمد ابن
عمرو أنه كان جالسًا مع نفر من الصحابة فذكرنا صلاة رسول
الله- صلّى
الله عليه وآله وسلّم- فقال أبو حميد بلفظ: " وأنه إذا
كبّر جعل يديه حذو
منكبيه، وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره فإذا
رفع رأسه استوى
حتى يعود كلّ فقار مكانه، فإذا سجد وضع يديه غير مفترش ولا
قابضهما
واستقبل بأطراف رجله القبلة، فإذا جلس في الركعتين جلس على
رجله
اليسرى، ونصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الأخرى قدّم رجله
اليسرى،
ونصب الأخرى وقعد على مقعديه ... " الحديث.
(1/1354)
قال: وقال أبو صالح عن الليث: " فقار ظهره
"، وقال ابن المبارك عن
يحيى ابن أيوب أن محمدًا بن عمرو بن حلحلة قال: " كلّ فقار
"، ولما ذكر
ابن حبان في صحيحه حديث / سهل بن سعد عن أحمد بن يحيى، ثنا
ابن
بشار عن العقدي ثنا فليح بلفظ: " ثم عاد من الركعة
الأخيرة، وكبر لذلك،
ثم جلس بعد الركعتين حتى إذا هو أراد أن ينهض للقيام كبر،
ثم ركع
الركعتين الأخيرتين، فلمّا سلّم على يمينه: السلام عليكم
ورحمة الله ". قال:
سمع هذا الخبر محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد، وسمعه
من عباس
بن سهل عن أبيه، قيل: فالطريق أنّهما جميعًا محفوظان،
ومتناهما متباينان،
وقد يتوهّم المتبحر في صناعة الحديث أنّ خبر أبي حميد
معلول وليس
كذلك، وعاب ابن القطان على أبي محمد إيراده حديث محمد بن
عمرو في
عشرة من الصحابة فيهم أبو قتادة، وهذا يجب فيه التثبّت،
فإن أبا قتادة توفي
زمن علي بن أبي طالب، وهو صلى عليه، وكان قد قتل معه،
وسنُّ محمد
بن عمرو مقصرة عن إدراك ذلك، وقد قيل في وفاة أبي قتادة
غير ذلك: من
أنه توفي سنة أربع وخمسين، وليس ذلك بصحيح، بل هو الصحيح
ما
ذكرناه، وفيل: على سنة أربعين، وقد ذكر هذا الذي قلناه
الطحاوي. قال:
والذي زاده محمد بن عمرو غير معروف ولا متصل؛ لأن في حديثه
أنه
حصن أبا حميد وأبا قتادة، ووفاة أبي قتادة قبل ذلك بدهر
طويل؛ لأنه قتل
زمن علي فأين سن محمد من هذا، ويزيد هذا المعنى تأكيدا أن
عطاف بن
خالد روى هذا الحديث فقال: حدثنى محمد بن عمرو بن عطاء
قال:
حدثنى رجل انه وجد عشرة من الصحابة جلوسا فذكر نحو حديث
أبي
عاصم، وعطاف بن خالد أبو صفوان القرني مدتي ليس بدون عبد
الحميد،
وإن كان البخاري / حكى: أدن مالكًا لم يحمده، فإن ذلك لم
يضره إذا لم
يكن ذلك من مالك بأمر مفسد يجب لأجله ترك روايته، وقد
اعترض مالكًا
في ذلك الطبري بما ذكرناه من عدم تفسيره، وبأمر آخر لا
نراه صوابًا؛ وهو أن
قال: وحتى لو كان مالكًا قد فسّر لم يجب أن يترك تجريحه
رواية عطاف
حتى يكون معه فخرج أخر، وقال: وإنّما لم نر هذا صوابا
لوجهين:
أحدهما: أنّ هذا الحديث ليس بصحيح؛ بل إذا جرح واحد بما هو
جرحه قبل.
(1/1355)
الثاني: هو أن غير مالك قد وجد عنه أيضا
مثل ما ذهب إليه مالك، وهو
ابن مهدي؛ فانّه ذهب إليه فلم يرضه، وغير هذين يوثقه، وقول
أبي حاتم فيه:
ليس بذاك يعني: ليس على ما يكون، قال ابن القطان: ولعلّه
أحسن حالا من
عبد الحميد بن جعفر وهو قد بيّن أنّ بين ابن عمرو وبين
أولئك الصحابة
رجلًا، وقد تقدم عدمه لعامر بن عمرو وأبي قتادة، وجاءت
رواية عطاف عائدة
لما قد صحّ وفرغ منه. وقد رواه يحيى بن عبد الله بن مالك
الداري عن
محمد بن عمرو عن عياش أو عباس بن سهل، وعيسى حاله مجهول.
انتهى
كلامه. وفيه نظر من وجوه:
الأول: ليست حال عيسى مجهولة، وإن كان ابن المديني قال: لم
يرو
عنه إلا ابن إسحاق فهو مجهول، قال البيهقي في المعرفة: ليس
مشهورا، وقد
اختلف في اسمه فقيل: عيسى بن عبد اللَّه، وقيل: ابن عبد
الرحيم، وقيل:
عبد الله بن عيسى فغير صواب؛ لأنه ممن روى عنه ابن لهيعة
والحسن بن
الحرّ، ووثقه ابن حبان وخرّج حديثه في صحيحه.
الثانى: تصحيحه وفاة أبي قتادة زمن علي،/وتضعيف غيره وليس
هو بأبي
عذرة ذلك؛ لتقدّم أبي عمر به في موضع، وقال في كتاب
الاستغناء بمعرفة
الكنى: مات سنة أربع وخمسين، نقل في خلافة علي جعله قولًا
مرجّحًا، وهو
الصواب لما ذكره البخاري: من أنّ مروان بن الحكم لما كان
على المدينة أرسل
أبي قتادة ليريه مواقف النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم-
وأصحابه، الحديث
ذكره في تاريخه الكبير تعليقَا، وقال في الأوسط: وذكره في
فصل من مات
بعد الخمسين إلى الستين. حدثنى إبراهيم بن حمزة، ثنا موسى
بن شيبة من
ولد كعب بن مالك عن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن عبد
اللَّه بن كعب بن
مالك بن مروان الحديث، وثنا أحمد بن أبيِ بكر عن موسى بن
شيبة عن
عمرو بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك عن أبيه عن جدّنه خالدة
بنت عبد اللَّه
بن أنيس أنَّ أباها توفي بعد أبي قتادة بنصف شهر. انتهى.
ومروان إنّما كان على المدينة في أيام معاوية بعد قتل علي
بدهر، وإلى هذا
القول قال يحيى بن بكير: فقال: توفي سنة أربع وخمسين، وكذا
فاله أيضَا
(1/1356)
خليفة بن حياط المعروف لسان في تاريخه
الكبير، ويعقوب بن سفيان النسوي،
وابن نمير، والبارودي، في كتاب الصحابة تأليفه، وابن حبان
والحاكم وأبو
أحمد وأبو عبد الله مرّة، وأبو عيسى الترمذي، وأبو جعفر
الطبري في مزيله،
وأحمد بن عمر وابن أبي عاصم النبيل وأبو يعقوب وإسحاق بن
إبراهيم
العراب، وقال ابن سعد في الطبقات: الكثير بن محمد بن عمر،
حدثني يحيى
بن عبد اللَّه بن أبي قتادة قال: توفي أبو قتادة بالمدينة
سنة أربع وخمسين وهو
ابن سفيان سنته، قال محمد بن عمرو: ولم أر بين ولد أبي
قتادة وأهل البلد
عندنا/اختلافًا أنّ أبا قتادة توفي بالمدينة، وروى أهل
الكوفة: أنّه توفي
بالكوفة، وصلّى عليه علي، واللَّه أعلم.
وجزم أبو القاسم بن منيع: بصحة هذه الرواية دومًا غيرها،
وكذا قاله أيضًا
عبد الغنى بن سرور المقدسي البيهقي في المعرفة، واستشهاد
أبي جعفر انقطاع
الحديث توفي أبو قتادة قبله خطأ، فإنّه إنّما رواه موسى بن
عبد اللَّه بن يزيد
بأنَ عليًا صلى على أبي قتادة وكان بدريًا، ورواه أيضًا
الشعبي منقطعًا، وهو
غلط لإجماع أهل التواريخ على أنَّه بقى إلى سنة أربع
وخمسين، وقيل:
بعدها، والذي يدلّ على هذا: أنّ أبا سلمة بن عبد الرحمن
وعبد اللَّه بن
قتادة وعمرو بن سليم الرزقي وعبد الله بن رباح الأنصاري
سمعوا عن أبي
قتادة، وإنّما حملوا العلم بعد أيّام علي، ولم يثبت لهم عن
أحد ممن توفي أيام
على سماع.
وروينا عن ابن عقيل: أنَّ معاوية لما قدم المدينة في
خلافته تلقته الأنصار
وتخلّف أبو قتادة، وروينا من طريق صحيحه أنَّ أم كلثوم
ابنة على امرأة عمر
ابن الخطاب لماَّ توفيت هي وأمها، والإمام يومئذ سعيد بن
العاص، وفي الناس
يومئذ أبو هريرة وأبو قتادة وابن عباس، وعلى تقدير صحَّة
دعوى أبي جعفر،
فالحجة قائمة بروايته عن أبي حميد التي لا شك فيها، وقد
وافق ابن حلحلة
عبد الحميد مذهب الشّافعي متابعة السنة إذا ثبتت، وقد قال
في حديث أبي
حميد: وبهذا يقول، وقال ابن حزم في محلاه: من زعم أنّ أبا
قتادة توفي
زمن علي وهم، وأنّ ذلك قول الرافضة، والقصاص، ومن لا يعتمد
عليه.
(1/1357)
الثالث: ما ذكر من انقطاع ما بين محمد بن
عمرو وأبي قتادة مردود بما
أسلفناه، وبتصريحه هو بسماعه منه / عند أبي حاتم بن حبان
في صحيحه
الذي زعم أنه لا يخرج فيه إلّا حديثا متصلا، إذ رواه عن
محمد بن إسحاق
مولى ثقيف. حدثنا محمد بن يحيى الأزدي ثنا أبو عاصم ثنا
عبد الحميد ثنا
محمد ابن عمرو قال: سمعت أبا حميد في عشرة من أصحاب النبي-
صلّى
الله عليه وآله وسلّم- أحدهم: أبو قتادة، وثنا أحمد بن
يحيى بن زهير
الحافظ مستر وكان أسود من رأيت، ثنا ابن بشار ثنا أبو عاصم
ثنا عبد الحميد
بن جعفر فذكره، ثم قال عبد الحميد: هذا أحد الثقات
المتقّين قد فرّب أخباره
فلم أره تفرد بحديث منكر لم يشارك فيه، وقد وثّق فليح
وعيسى بن عبد اللَّه
عن محمد بن عمرو عبد الحميد في هذا الحديث، وعند الحافظ بن
خزيمة في
صحيحه عن بندار: ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبد الحميد، حدّثنى
محمد بن
عمرو عن أبي حميد الساعدي قال: سمعه في عشرة من الصحابة
أحدهم:
أبو قتادة قال: " كان عليه السلام إذا كانت الركعة التي
مقتضى فيها الصلاة
أخَّر رجّله اليسرى، وقعد على شقّه متوركا، ثم سلّم "، وفي
خبر أبي عاصم:
" أخّر رجله اليسرى وجلس على شقّه الأيسر متورّكا ".
وقال البزار: ثنا يحيى بن حكيم ثنا القطان ثنا عبد الحميد
ثنا محمد بن
عمرو عن أبي حميد قال: سمعه يقول: وهو في عشرة من الصحابة
أحدهم
أبو قتادة فذكره، قال: وثنا محمد بن مثنى، ثنا أبو عامر،
ثنا فليح ثنا العباس
عن أبي حميد بأحسن من هذين الإسنادين، وخرّجه الدارمي في
مسنده عن
أبي عاصم، وقد خرج البخاري في تاريخه بسماعه من أبي قتادة
وغيره، وقال
البيهقي: ما ذكره الطحاوي من عذر سماعه منه ليس بذلك /
ولما ذكره ابن
سرور: جزم بسماعه منه ولم يعهد من محمد تدليس، ولو صحَّ
عنه لدفع
بتصريحه بالسّماع على لسان ثقة، ولم أر أحدا أنكر سماعه
منه إلا الطحاوي
بما استدلّ به، وقد بينا عدم صوابه.
الرابع: الإسناد الموصل إلى عطاف لم يذكره حتى يعرف صحة
الطريق
إليه أو عدمها، ولا أعرف موضعه الآن إلّا قول البيهقي،
وأمّا إدخال من أدخل
من محمد وأبي حميد رجلا فإنّه لا يوهنه؛ لأنّ الذي فعل ذلك
رجلان
(1/1358)
أحدهما: عطاف، وكان مالك لا يحمده،
والثاني: عيسى بن عبد الله،
فروى عن الحسن أنّ الخبر عن عيسى عن محمد بن عمر وعن عياش-
أو
عباس- بن سهل عن أبي حميد. انتهى كلامه، وليس فيه ما
يتعرّف به
طريقها على أنّ ما أسلفناه من عند أبي داود هذا، والله
أعلم.
الخامس: قوله: وغير مالك وابن مهدى يوثقّه غير صواب؛ لقول
أبي حاتم
ابن حبان فيه يروى عن الثقات ما لا يشبه حديثهم لا يجوز
الاحتجاج به إلّا
فيما يوافق الثقات، وفي مكان آخر كان منكر الحديث، روى عن
نافع عن
ابن عمر ما ليس من حديثهما، وقال البزار: حدّث عن نافع
بأحاديث لم يتابع
عليها، ولما ذكره أبو العرب في كتاب الضعفاء حكى عن ابن
عبد الرحيم أنه
قال: عطاف بن خالد ليس بالقوى.
السادس: قوله: أنّ مالكًا لم يخرجه لجرح مفسّر مردود؛ بما
ذكره الحافظ
ابن تميم مؤرّخ القيروان عن عباس بن محمد، حدثني من سمع
عمر بن
سليمان يحدّث عبد اللَّه بن شرويه قال: سمعت مطرف بن عبد
الله يقول:
سمعت مالكًا يقول: ويكتب عن مثل عطاف، لقد أدركت في هذا
البلد
سبعين شيخًا كلّهم خير من/عطاف ما كتبت عنهم، وإنما نكتب
العلم عن
قوم جرى فيهم العلم مثل عبيد الله بن عمر، وقال عبد الله
بن عمرو: قال
عبد الملك: حدّث عطاف، قال: أوقد فعل ليس هو من إبل
القباية، وقال
محمد بن سليمان عن مطرق قال: قال مالك: عطاف يحدّث؟ قلت:
نعم،
قال: فأعظم ذلك إعظاما شديدا.
السابع: قوله في عطاف: ولعلّه أحسن حالة من عبد الحميد غير
صحيح؛
لأنّ عبد الحميد خرج حديثه الشيخان في صحيحيهما على سبيل
الاحتجاج،
وعطاف لم يخرّج له أحدًا ستلم صحة فيما رأيت واللَّه أعلم.
ولما سأل ابن
أبي حاتم أباه عن حديث عبد الحميد هذا، قال: أصله صحيح،
ورواية العباس
ابن سهل عن أبي حميد مرسله، حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة
ثنا زيد ابن
الحباب، حدثنى جعفر بن سليمان الضبعي حدثنى علي بن علي
الرفاعي عن
أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله- صلّى
الله عليه وآله
(1/1359)
وسلّم- ليستفتح صلواته بقوله: " سبحانك
اللهم وبحمدك وتبارك اسمك
وتعالى جدّك ولا إله غيرك ". هذا حديث رواه أبو عيسى بلفظ:
" كان
النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- إذا قام إلى الصلاة
بالليل كبّر، ثم يقول
في آخره: الله أكبر كبيرًا، ثم يقول: أعوذ باللَّه السميع
العليم من الشيطان
الرجيم من همزه ونفخه ونفثه " (1) .
ثم قال: قد يتكلم في إسناد حديث أبي سعيد، كان يحيى بن
سعيد
يتكلم في علي بن علي، وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث، وكذا
ذكره
السعدي عن أحمد وفيه نظر؛ لأنه مخرّج في مسنده، وهو لا
يخرج غير
صحيح عنده كما أسلفناه من كلام أبي موسى، فقال: حدّثنا/ابن
أنس عن
جعفر بزيادة: " ويقول: لا إله إلا اللَّه ثلاثًا بعد الله
أكبر ثلاثًا ويقول: أعوذ
بالله السميع العليم "؛ ولأنّ ابنه عبد اللَّه، والمروزي
لما سأله عن هذا الحديث
أجاب بغير ما ذكره لفظًا ومعنى، الترمذي تبيّن ذلك ما يراد
كلامهما، قال
عبد اللَّه بن أحمد: سألت أبي عن حديث أبي سعيد حديث علي
بن علي؟
فلم يحمد أبي إسناده، قال: عبد اللَّه لم يروه عنه إلا
جعفر بن سليمان، وفي
سؤالات المروزي: سألت أبا عبد اللُّه عن استفتاح الصلاة؟
فقال: تذهب فيه
إلى حديث عمر.
وقد روى فيه من وجوه ليست بذاك كحديث حارثة، وحديث أبي
سعيد،
وحديث علي بن علي. ذكر له حديث جبير بن مطعم، فقال: ما
أدفع من
هذا شيئًا، وسأل حرب الكرماني أحمد: عن علي بن علي؟ فقال:
لم يكن به
بأس، ويثبت في كلام الترمذي أيضًا في قوله: أنّ يحيى بن
سعيد كان يتكلّم
__________
(1) صحيح. رواه أبو داود (ح/775، 776) ، والترمذي (ح/142،
243) ، وقال الترمذي:
وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب. وأخذ قوم من أهل
العلم هذا الحديث.
وابن ماجة (ح/804، 806) ، والنسائي في (الافتتاح، باب " 18
") ، واحمد (3/50،
69) ، والدارمي (1/282) ، والبيهقي (2/34، 35) ، والطبراني
(10/2133، 184،
12/354) ، والحاكم (1/235) ، وإتحاف (3/46) ، والمشكاة
(815، 816) ، والدارقطني
(1/298) ، وعبد الرزاق (2554) ، والمنثور (4/130) ،
(6/254) ، وابن أبي شيبة (1/
232) .
(1/1360)
في علي، فإنى لم أره عند غيره، وقد وثقه
ابن معين وأبو زرعة ووكيع
والنسائي ومحمد بن عمار، وأثنى عليه شعبة وأبو داود وأبو
نعيم وعفّان،
وقال ابن خزيمة: ألا تعلم في هذا خبرا ثابتا عن النبي عند
أهل المعرفة؟
بالحديث وأحسن إسناد يعلم روى في هذا خبر أبي المتوكل عن
سنيد، ثم جاء
ذكره بلفظ: كبر ثلاثا ولا إله إلا الله ثلاثا، قال: وليا
يسمع عالماً في الدنيا
في قديم الدهر، وحديثه استعمله على وجهه، ولا حكى لنا عمن
لم يشاهده،
وقال أبو علي الطوسي الحافظ: حديث أبي سعيد أشهر حديث في
هذا الباب،
ورواه الدارقطني في سننه بما بيّن: أنّ علّته ليست من علي
بن علي أعانة
انقطاع، فقال حدّثنا إسماعيل (1) . حدّثنا سليمان الضبعي
ثنا علي بن علي/
الرفاعي: قال: ثنا إسحاق وكان يشبه بالنبي- صلى اللَّه
عليه وآله وسلم-
عن أبي المتوكل عن أبي سعيد به، كذا هو في نسختي التي بخط
المبارك بن
كامل الحقاق الحافظ، وأصل سماعه واستظهرت بنسختين صحيحتين
فقط،
والمعروف أنّ عليًا هو المشبه بالنبي فلعلّ إسحاق بن أبي
إسرائيل هو القائل قي
علي ذلك، وكتبتها في هذه الأحوال ثنا إسحاق كما بينته لك،
واللَّه أعلم.
وذكر أبو داود: علّة تأتيه أن يخرجه إيّاه بزيادة قوله:
بعد ولا إله غيرك، ثم
يقول: لا إله إلّا الله ثلاثا، وفي آخره ثم يقرأ: يقولون:
هو عن علي بن علي
عن الحسين، والوهم من جعفر، وقال أبو محمد الأشبيلي: هذا
أشهر حديث
في هذا الباب على أنهم يرسلونه عن علي عن أبي المتوكل
والبزار عن النبي-
صلى الله عليه وآله وسلم-، قال أبو الحسن بن القطان: هذا
خطأ من القول
ولا يعرف هكذا، وإنّما هو إمَّا مسند عن أبي سعيد، وإمَّا
مرسل كما قاله أبو
داود، وأما عن المتوكل فلا أعلمه، وقال البزار: وهذا
الحديث لا نعلمه يروى
عن ابن سعيد إلا من هذا الوجه هذا الإسناد، ولا رواه عن
أبي المتوكل إلّا
علي بن علي، وهو بصري ليس به بأس، روى عنه غير واحد، ولما
ذكره ابن
طاهر في كتاب التذكرة: رواه بأنّ عليا كان ينفرد عن
الإثبات؛ بما لا يشبه أن
يكون مراد أحمد من قوله: لا يصح يعني الزيادة التي فيه
تدلّ على قول
__________
(1) بياض " بالأصل ".
(1/1361)
الترمذي، وأمّا كثر أهل العلم فقالوا:
إنّما روى عن النبي- صلى الله عليه
وآله وسلم-: " أنه كان يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك
اسمك وتعالى
جدك " (1) . حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد بن
فضيل عن عبادة
ابن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة: " كان رسول
اللُّه-/صلى اللَّه عليه
وآله وسلم- إذا كبر سكت من التكبيرة والقراءة قال: فقلت:
بأبي أنت
وأمي، أرأبت سكوتك بين التكبيرة والقراءة ما تقول؟ قال:
أقول: " اللهم
باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب،
اللهم نقني من
الخطايا كالثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي
بالماء والثلج
والبرد " (2)
هذا حديث اتفقا على تخريجه، وفي كتاب الميموني عن أحمد
وسأله عن
حديث أبي هريرة في الاستفتاح قال: إسناده جيد، وما أحسن
حديث أبي
هريرة في الاستفتاح إلّا أنّ عليها يحكى عن النبي- صلى
الله عليه وآله
وسلم- في الاستفتاح شيئا حسنا بإسناد حسن. حدّثنا علي بن
محمد
وعبد اللَّه بن أبي معاوية، ثنا حارثة بن أبي الرجال عن
عمرة عن عائشة: " أن
النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- كان إذا افتتح الصلاة
قال: سبحانك
اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك " (3) .
هذا حديث قال فيه الإمام أحمد: وشأنه عنه أبو طالب حارثة
وضعيف
ليس نشئ، وقال الشافعي: إنّ أول ما يبدأ بقوله وفعله ما
كان في كتاب الله
تعالى وسنة رسول اللَّه عليه السلام، قال: قد رويت هذا
القول عن النبي من
حديث بعض أهل مدينتكم، قلنا له: ولبعض من حضره أحافظ من
رويت عنه
__________
(1) الحاشية فبل السابقة ص 1360.
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/189) ، ومسلم في
(المساجد، ح/147) ،
والنسائي في (الطهارة، باب " 48 "،، والافتتاح، باب " 15
") ، وأبو داود في (الافتتاح،
باب " 8") ، وابن ماجة (ح/805) ، وأحمد (2/231، 494) ،
والبيهقي (2/195) ،
والدارمي (1/284) ، والقرطبي (1/117) ، والكنز (3803) ،
والمجمع (2/106) ، والكلم
781) ، والدارقطني (1/336) ، وابن خزيمة (465، 1630) .
(3) الحاشية قبل السابقة في ص 1360.
(1/1362)
هذا القول، ويحتج بحديثه؟ فقال عامّة من
حضره: لا، ليس بحافظ، قال:
فقلت: كيف يجوز أن يعارض برواية من لا يحفظ ولا يقبل حديث
مثله
على نفسه، أو برواية من يحفظ ويثبت حديثه، قال البيهقي في
المعرفة: إّنما
أراد أبو عبد اللَّه حديث حارثة عن عائشة، وقال الحافظ لم
أبو علي الطوسي
في أحكامه وأبو عيسى: لا يصرفه، قد تكلّم فيه من قبل حفظه.
انتهى
كلامهما، وفيه نظر؛ لما ذكره أبو الحسن، ثنا ابن صاعد ثنا
أبو الأزهر ثنا سهل
ابن عامر أبو عامر البلخي ثنا مالك بن مغول عن عطاء- قال:
دخلت أنا وعبيد
ابن عمير على عائشة، فسألتها عن افتتاح صلاة النبي- صلى
اللَّه عليه وآله
وسلم- فذكره، وقال البزار: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن
النبي إلّا من
هذا الوجه بهذا الإسناد، وفيه أيضًا نظر؛ لما تقدّم من عند
ابن ماجة، ولما
ذكره أبو داود عن حسين عن عيسى ثنا طلق بن غنام ثنا عبد
السلام بن
حرب عن هذيل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة به، ثم قال:
هذا
الحديث ليس بالمشهور عنه عليه السلام لم يروه إلا طلق.
وقد روى قصة الصلاة جماعة عن بديل، ولم يذكروا فيه شيئَا
من هذا،
كذا هو في رواية اللؤلؤي وابن العبد وابن داسة جماعة غير
واحد، وذكر
الدارقطني عنه زيادة، وليس هذا الحديث بقوي، وقال البيهقي
في المعرفة: ليس
بمحفوظ، وخالف ذلك الحاكم، فقال: على شرط الشيخِين ولم
يخرجاه، وله
شاهد صحيح الإسناد فذكر حديث حارثة وقال: إن لم يكن مالك
يرضاه،
فقد رضيه أقر به أقرانه من الأئمة، ولا أحفظ في قوله:
سبحانك اللهم
وبحمدك أصح من هذين الحديثين، وقال الحافظ أبو عبد اللَّه
محمد بن عبد
الواحد المقدسي: رواية ما علمت فيهم مجروحًا، وقال العلامة
مجد الدين بن
تيمية: طلق بن غنام خرج له البخاري، والثقة تقبل زيادته
وما ينفرد به. انتهى
كلامه.
وفيه نظر؛ لخفْاء علّة / الحقيقة عليهما، وهى انقطاع ما
بين أبي الجوزاء أوس
بان عبد الله وعائشة، فإنّه لم يسمع منها شيئَا، نص على
ذلك أبو عمر بن
عبد البرّ في كتاب التمهيد والإنصاف، وسيأتي لذلك زيادة
تعتمد، وفي
كتاب الكشي: عن حجاج ثنا همام عن أبان بن أبي عباس ثنا أبو
الجوزاء
(1/1363)
بلفظ: وأدخل في الصلاة قال: اللَّه أكبر،
قال: ونحن نقول الله أكبر
سبحانك اللهم وبحمدك فذكره، وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت
وبك
آمنت وعليك توكلت وإذا قام قال: سمع اللَّه لمن حمده قال:
اللهم ربنا لك
الحمد ملأ السموات وملأ الأرض ... فذكر حديثا طويلا نذكره
في موضعه إن
شاء الله تعالى.
وفي كتاب أبي الحسن: ثنا محمد بن عمرو بن البختري ثنا
سعدان بن
نصر ثنا أبو معاوية عن حارثة بزيادة: ورفع يديه حذو
منكبيه، ثم قال
الحديث، وفي الباب غير ما حديث من ذلك، حديث جابر بن عبد
الله أنّ
رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم-: " كان إذا
استفتح الصلّاة كبر ثم
قال: " إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للَّه رب العالمين
لا شريك له،
وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أهدني لأحسن الأخلاق
وأحسن
الأعمال لا يهدى لأحسنها إلّا أنت، وقني سيء الأعمال وسيء
الأخلاق لا
يقي سيئها إلّا أنت " (1) .
رواه أبو عبد الرحمن بإسناد صحيح عن عمرو بن عثمان، ثنا
شريح بن
يزيد الحضرمي- يعني الموثق عند ابن حبان- أخبرتي شعيب،
حدّثنا بن
المنكدر عنه، ثم قال أبو عبد الرحمن: هو حديث حمصي رجع إلى
المدينة ثم
إلى مكة، وفي السنن البيهقي: ورواه عبد اللَّه بن عامر
الأسلمي وهو ليس
بشيء عن ابن المنكدر عن جابر/عن عبد اللَّه، وكذا ذكره أبو
الفضل ابن
طاهر في كتاب التذكرة تأليفه، ولعلّه أشبه مما قاله
البيهقي، وفي كتاب
الدارقطني من حديث يزيد بن عبد ربه عن شريح " ومحياي
ومماتي " وقال:
" وأنا أوّل المسلمين ". قال شعيب: قال لي ابن المنكدر
وغيره من فقهاء أهل
المدينة: إن قلت أنت هذا فعل وأنا من المسلمين به، وحديث
أبي أمامة:
" كان نبي الله- صلّى الله عليه وآله وسلم- إذا قام إلى
الصلاة كبر ثلاث
__________
(1) صحيح. رواه النسائي (1/139) ، وأحمد (3/375) ،
والطبراني (12/354، 19/
231) ، وإتحاف (3/43) .
(1/1364)
مرّات ثم قال: لا إله إلا اللَّه ثلاث مرات
وسبحان الله وبحمده ثلاث مرات
ثم قال: أعوذ باللَّه من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه
ونفثه " (1) .
رواه أحمد في مسنده من حديث يعلي بن عطاء عن رجل، وفي
رواية:
عن شيخ من أهل دمشق أنه سمع أبا أمامة، ورواه أبو نعيم عن
شريك عن
يعلي، حدثنى شيخ بالمزاملة عنه، وحديث أنس: " كان رسول
اللَّه- صلّى الله
عليه وآله وسلم- إذا افتتح الصلاة كبّر، ثم رفع يديه حتى
يحاذى بابهماميه
أذنيه ثم يقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى
جدّك ولا إله
غيرك " (2) .
رواه الدارقطني بإسناد صحيح عن ابن صاعد، ثنا الحسين بن
علي بن
الأسود العجلي ثنا محمد بن الصلت ثنا أبو خالد الأحمر عن
حميد عنه،
وقال ابن الجوزي: رجال إسناده كلّهم ثقات، وكذلك قاله
الشيخ موفق الدين
ابن قدامة، ولما سأل ابن أبي حاتم أباه عنه قال: هذا حديث
كذب لا أصل
له ومحمد بن الصلت لا بأس به، لست عنه: وحديث عمر بن
الخطاب:
" كان النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم - إذا كبّر
للصلاة قال: سبحانك
اللهم وبحمدك وتبارك/اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك فإذا
تعوذ قال:
أعوذ بالله من همز الشيطان ونفخه ونفثه " (3) .
رواه الدارقطني عن عثمان بن جعفر بن محمد الأحول، ثنا محمد
بن
نصر المروزي ثنا عبد اللُّه بن شبيب ثنا إسحاق بن محمد عن
عبد الرحمن
ابن عمرو بن شيبة عن أبيه عن نافع، والمحفوظ عن عمر من
قوله: يعني
المخرج عند مسلم من حديث عبدة عنه وهو منقطع؛ لأنّ عبدة لم
يسمع من
__________
(1) صحيح. رواه أحمد (3/50. 5/26) ، والبيهقي (2/34) ،
وابن كثير فما " تفسيره "
(5/585) ، ونصب الراية (1/321) ، والفتح (8/478) ، وإتحاف
(3/46، 145، 5/132) ،
وابن السني (47) ، والكنز (3491، 3578، 3597) ، والمتناهية
(1/420) ، وبداية (1/
(2) تقدم. رواه الدارقطني: (1/298) في ص 1360.
(3) المصدر السابق.
(1/1365)
عمر فيما قاله أبو علي الجبائي، وقال
الحاكم: صح عن عمر، وقد أسند، ولا
يصح، وقال الدارقطني: كذلك رواه إبراهيم عن علقمة، والأسود
عن عمر،
وكذلك رواه يحيى بن أيوب عن عمرو بن شيبة عن نافع عن ابن
عمر عن
عمر عن قوله وهو الصواب، كذا هو في سننه، وفي العلل ذكر
أنّ إسماعيل
ابن عياش رواه عن عبد الملك بن حميد عن ابن عيينة عن أبي
إسحاق
السبيعي عن الأسود عن عمر مرفوعًا، ولقائل أن يقول: الذي
رفعه ثقة،
والزيادة من الثقة مقبولة؛ لإله ممن خرج حديثه أبو عبد
اللَّه البخاري في
صحيحه فيما ذكره أبو الفرج بن الجوزي، ويؤيده قول المروزي:
سالت أبا
عبد اللَّه عن استفتاح الصلاة، فقال: إن يذهب فيه إلى حديث
عمر فهذا
ترجيح من أحمد له، إذ الحديث عرفًا لا ينطلق غالبَا إلّا
على مرفوع، ورواية
ابن عباس عن شيخه، وليس مدنيَا يصلح أن يكون شاهدَا
واللَّه أعلم، ويؤيده
ما ذكره في الأوسط حدّثنا أحمد بن داود ثنا ثوبان بن سعيد
بن عروة
البصري ثنا علي بن عياش عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن ابن
مسعود
قال: " كان النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- يعلمنا إذا
استفتحنا الصلاة/
أن نقول: سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا
إله
غيرك " (1) . وكان عمر بن الخطاب يفعل ذلك، وكان عمر
يعلمنا ويقول:
كان النبي عليه السلام يقول: لم يروه عن أبي إسحاق إلّا
علي بن عياش، ولا
يروى عن عمر إلّا بهذا السند، ولا يعرض بما ذكره الشّافعي،
وقال من
خالفنا: افتتح " بسبحانك اللهم وبحمدك "، ورواه عن بعض
الصحابة، وأصل
ما نذهب نحن إليه: ما كان في كتاب اللُّه أو سنة رسوله؛
لأنه واللَّه أعلم لم
يبلغه رفعه، ولا رفع هذه اللفظة إلّا على لسان ضعيف، ولو
بلغه ما تقدّم لم
يقل هذا، والله تعالى أعلم، وكذا قول البيهقي في الكبير،
وأصحّ ما روى فيه
الأثر الموقوف على عمر سمّاه الشري وقول ابن خزيمة، وصحّ
عن عمر لا عن
النبي عليه السلام، وحديث حبيب ابن سليمان بن سمرة عن أبيه
عن جده أن
رسول الله- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- كان يقول لنا: "
إذا صلى أحدكم
فليقل: اللهم باعد بيني وبن خطيئتي كما باعدت بين المشرق
والمغرب، اللهم
__________
(1) تقدم ص 1360.
(1/1366)
إنى أعوذ بك أن تصدّ عنى وجهك يوم القيامة،
اللهم نقّنى من الخطايا كما
نقّيت الثوب الأبيض من الدنس، اللهم أحيني مسلمًا وأمتني
مسلمًا " (1) .
ذكره البزار في مسنده، وقد سبق توثيق حبيب وأبيه وقال
الإشبيلي:
الصحيح في هذا فعل النبي- صلّى الله عليه وآله وسلم- لا
أمره، قال أبو
الحسن: لم يبيّن أبو الحسن علّة هذا الحديث، وهى الجهل
بحال حبيب، والله
تعالى أعلم.
وضعف حبيب عنه، وحديث أنس المذكور عند مسلم: أيضًا أن
رجلًا
جاء إلى الصلاة، وقد حضره النّاس، فقال: اللَّه أكبر،
الحمد لله حمدًا كثيرًا
طيبا مباركًا فيه، فلما قضى النبي- صلّى الله عليه وآله
وسلم- الصلاة قال:/
" أيكم المتكلم بالكلمات؟ فإنه لم يقل بأسا "، فقال الرجل:
أنا. فقال: " لقد
رأيت اثنى عشر ملكًا يبتدرونها أيّهم يرفعها " (2) ، وهو
غير حديث رفاعة
المذكور عند البخاري؛ لأن ذاك إنّما قال هذا لما رفع رأسه
من الركوع، وفيه:
" رأيت بضعة وثلاثين ملكًا يبتدرونها أيهم يكتبها أول "
(3) .
وحديث ابن مسعود: " كان عليه السلام يفتتح الصلاة بسبحانك
اللهم
وبحمدك " (4) . ذكره البيهقي من حديث عن أبي عبيدة عنه،
وقال: ليس
بالقوى، وذكره من حديث خصيف عن أبي عبيدة عنه، وقال: ليس
بالقوى، وذكره في الأوسط من حديث خصيف عن أبي عبيدة وقال:
لم
__________
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/106) ،
وعزاه إلى " البزار " والطبراني
في " الكبير " وإسناده ضعيف.
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/149) ، وأبو داود في
(استفتاح الصلاة، باب
" 6 ") ، والنسائي (4/133) ، وأحمد (3/106، 168، 188، 252)
، والبيهقي (3/
لمه 2) ، وابن خزيمة (466) ، والكنز (2210) ، والفتح
(2/287، 10/600) ، والمجمع
(2/107) ، وأبو عوانة (2/99) ، وشرح السنة (3/116) ،
والحبائك (35) ، والحلية (1/180) ،
والمغني عن حمل الأسفار (2/205) ،.
(3) صحيح. رواه البخاري (1/202) ، والفتح (2/284) ،
والمشكاة (877) ، والترغيب (1/
(4) بنحوه. رواه ابن أبي شيبة: (1/229، 410) ،.
(1/1367)
يروه عن خصيف إلّا عتاب بن بشير، تفرد به
يوسف بن يونس الأفطس
وحديث محمد بن سلمة أنّ النبي- عليه السلام-: " كان إذا
قام إلى
الصلاة، قال: اللَّه أكبر، وجَّهت وجهي للذي فطر السموات
والأرض ... " إلى
آخر الآية، قال أبو حاتم: هذا من حديث إسحاق بن أبي فروة
ذكره في
العلل، وحديث حذيفة أن رسول الله- صلّى الله عليه وآله
وسلم-: " كان
إذا صلى من الليل وكبّر، فقال: " الله أكبر ذا الملك
والملكوت والجبروت
والكبرياء والعظمة ".
رواه (1) الكجي في سننه من حديث رجل من عبس، وذكره أبو
نعيم في
كتاب الصلاة بسند صحيح على شرط البخاري عن إبراهيم عن
العلاء بن
المسيب عن طلحة بن يزيد الأنصاري عن حذيفة: وحديث ابن عمر
المذكور
في مسند السراج بسند صحيح قال: كنا نصلي مع النبي- صلّى
اللَّه عليه
وآله وسلم- فجاء رجل، فدخل في الصلاة فقال: اللَّه أكبر
كبيرَا والحمد للَّه
كثيرَا وسبحان الله بكرة وأصيلا، فلما قضى/النبي- صلّى
اللَّه عليه وآله
وسلم- الصلاة قال: " من صاحب كلام كذا وكذا "، فقال الرجل:
أنا
فقال: " عجبت لها فتحت لها أبواب السموات ". قال ابن عمر:
فما تركتهن
منذ سمعت النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- يقول ذلك (2)
، زاد أبو نعيم
في كتاب الصلاة بسند صحيح على وهم البستي عن أبي الأحوص عن
أبي
إسحاق عن الهيثم بن حبيش عنه موقوفَا " اللهم أجعلك ".
ولما ذكر الحاكم في العلوم حديث ابن عمر من طريق المنذر بن
عبد اللَّه
الخزامي عن عبد العزيز بن أبي سلمة بن عبد الله بن دينار
عنه قال: لهذا
الحديث علّة صحيحة، والمنذر أحد طريق المجرّة فيه، وذكر عن
مالك أبي
غسان عن عبد العزيز، ثنا عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن
عبيد اللَّه بن
__________
(1) قوله: " رواه " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(2) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/150) ، والنسائي
(2/125) ، وأحمد (2/14،
5/173) ، والبيهقي (2/16) ، والمجمع (10/352) ، وأبو عوانة
(2/11) ، والترغيب (1/
332) ، والحلية (4/265) .
(1/1368)
أبي رافع عن علي قال: وهذا مخرّج في مسلم
ومرسل قال: كان رسول
اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- إذا افتتح الصلاة
قال: " سبحانك اللهم
وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك " (1) .
رواه أبو نعيم في كتاب الصلاة عن أبي الأحوص عن أحسن بن
عبد
الملك عنه، ومرسل محمد بن المنكدر قال: كان عليه السلام
إذا قام إلى
الصلاة قال: " سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى
جدّك، ولا إله
غيرك، لا حول ولا قوة إلّا بك، إنِّي وجَّهت وجهي للذي فطر
السموات
والأرض حنيفًا وما أنا من المشرفي، إن صلاتي ونسكي ومحياي
ومماتي لله
رب العالمية لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين "
(2) .
رواه أيضًا عن عبد الله بن عامر عنه، ومرسل موسى ابن عائشة
قال: كان
عليه السلام/إذا افتتح الصلاة قال: " الله كبر ذا الملكوت
والجبروت والكبرياء
والعظمة " (3) .
رواه عن حسن بن صالح عنه، وحديث الحكم بن عمير قال: كان
رسول
اللَّه- صلّى الله عليه وآله وسلم- يعلمنا: " إذا قمتم إلى
الصلاة فكبّروا،
وارفعوا أيديكم لا تجاوزوا أذانكم، وقولوا: سبحانك اللهم
وبحمدك، وتبارك
اسمك، وتعالى جدّك، ولا إله غيرك " (4) .
ذكره البارودي في كتاب الصحابة من حديث يحيى بن يعلي
الأسلمي
عن موسى بن أبي حبيب عنه يحيى، وثقة ابن معين، وموسى روى
عنه
جماعة وحديث عيينة النبوي أنله صلى فقال: سبحانك اللهم
وبحمدك، أشهد
__________
(1) له أكثر من موضع سابق انظر ص 136.
(2) تقدم. رواه أحمد (3/375) ، والطبراني (1/293) ،
والمجمع (07/12) ، والمشكاة
(1461) ، وإتحاف (4/398) ، والكنز (12268) ،.
(3) صحيح رواه النسائي (2/231) ، وأحمد (5/398) ، وهامش
المواهب (144) ، وابن المبارك
في " الزهد " (34) ، وأخلاق (180) ، ومشكل (1/308) ، وابن
كثير (6/583) ، وابن أبي
شيبة (1/231) ، وشرح السنة (4/20) ، والمحنة.
41) الكنز: (22048) .
(1/1369)
أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، عملت
سوء، ظلمت نفسي فاغفر لي
وارحمني وتب علي إنك أنت التواب الرحيم، فقال عليه السلام:
" ما خرج
آخرها من فيك، حتى نظرت إلى اثنى عشر ملكًا يبتدرونها "
(1) .
ذكره أبو موسى في الصحابة من حديث يزيد بن محمد حدثنى أبي
عن
أبيه عن الأوزاعي، حدّثني حماد بن أبي سليمان أنّ الحسن
حدّثه ابن لأبي
ثعلبة: أنّ أباه أخبره به، وحديث أبى سعيد الآتي بعد: "
كان النبي-
صلّى الله عليه وآله وسلم- إذا قام من الليل كبر، ثم يقول:
سبحانك اللهم
وبحمدك ... " (2) ، الحديث.
وحديث عبد الله بن أبي أوفى قال: جاء رجل إلي ونحن في
الصلاة،
فدخل في الصف، فقال: الله أكبر كبيرًا والحمد لفه كثيرًا
وسبحان الله بكرة
وأصيلًا، ورفع المسلمون رؤوسهم واستنكروا الرجل، وقالوا:
من هذا الذي رفع
صوته فوق صوت النبي؟ فلما انصرف النبي قال: " من هذا
العالي الصوت؟
فقيل: هو هذا، فقال النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ-: " والله لقد رأيت كلامه يصعد في
السماء حتى فتح/بابًا منها فدخل أظنّه فيها " (3) .
رواه أبو نعيم أيضًا بسند صحيح على رسم ابن حبان عن عبيد
الله بن إياد
ابن لقيط عن عبد الله بن سعيد عنه، وموقوف أبيِ بكر
الصديق، قال ابن أبي
شيبة: حدّثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان قال: بلغني عن
أبي بكر أنه
كان يستفتح ب " سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى
جدّك ولا إله
غيرك ". وبنحوه ذكره سعيد بن منصور في سننه وموقوف عمر،
ذكره
الدارقطني بسند صحيح: أنله كان إذا افتتح الصلاة قال:
فذكره وفي آخره
يسمعنا ذلك، وقال الضحاك في تفسير قوله تعالى: (فسبح بحمد
ربك حين
تقوم) قال: حين تقوم الصلاة، فيقول: سبحانك اللهم وبحمدك
... آخره،
__________
(1) انظر: كتاب الصحابة لأبي موسى.
(2) الموضوعات لابن القيسراني: (578) .
(3) صحيح. رواه أحمد (4/355، 356) ، والمجمع (06/12) ،
وعزاه إلى أحمد والطبراني
في " الكبير " ورجاله ثقات.
(1/1370)
قال أبو عيسى: وعليه العمل عند أهل العلم
من التابعين وغيرهم، وقال
عبد الله عن أبيه أحمد الذي يعلمنا حديث عمرو: قال ابن
قدامة: وهو قول
أكثر أهل العلم، وقال الشيخ المجدّ: هذا اختيار الجمهور،
كان أبو يوسف
يجمع بين قوله سبحانك اللهم وبحمدك، وبين قوله: " وجّهت
وجهي " وهو
قول أبي إسحاق المروزي وأبي حامد الشافعي، واستحب الشّافعي
حديث علي
الآتي بعد، وفي كتاب القواعد لابن رشد: ذهب قوم إلى أنّ
التوحيد مستحب
لا واجب، قال البغوي في أحاديث الاستفتاح: بأنه استفتح
بها، وحصل له
سنة الاستفتاح، قال: والأفضل عند الشافعي حديث علي، فإن
كان إماما لم
يزد عليه، وفي المصنف عن ابن مسعود: " أحب الكلام إلى
اللَّه تعالى ما قاله
أبونا حين اقترب: سبحانك اللهم وبحمدك ... " (1) ، إلى
آخره.
وفي لفظ: " أحب الكلام إلى اللَّه/تعالى أن يقول الرجل ذلك
"، وفيه
زيادة: " ربّ إنّى ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب
إلا أنت " (2) .
وقوله: إسكاته زنة " أفعاله " من السكوت، قال ابن التين
معناه: سكوت
يقتضي بعده كلامًا، أو قراءة مع قصر المدة وهي مكروهة عند
مالك؛ لأن
النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- لما علّم الأعرابي قال:
" كبّر ثم اقرأ، ثم
اركع "، وقال أنس: كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله (3) .
وذكر القاضي أبو بكر بن الغزالي عن مالك: أنّه كان يقول
كلمات عمر
بعد التكبير، ومعنى قوله: بالماء والثلج والبرد أنها
أمثال، ولم يرو أعيان هذه
__________
(1) بنحوه. رواه مسلم في (الذكر والدعاء، ح/48) ، والبخاري
في " الأدب المفرد "
(638) ، والكنز (2022) .
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/211، 8/89، 9/144) ،
ومسلم (2078) ،
والنسائي في (السهو، باب " 59 " (، والترمذي (ح/3531) ،
وصححه. وابن ماجة
(3835) ، والبيهقي (2/154) ، وأحمد (1/4، 7) ، والمنثور
(5/17) ، والكلم (101) ،
والكنز (12359، 37309) ، والجوامع (9812) ، وابن خزيمة
(846) ، وإتحاف (3/75،
83) 5/67، 75) ، وابن السني (156) ، والبخاري في " الأدب
المفرد " (706) ، وصفة
(3) الفتح: (1/227) .
(1/1371)
المسميات، وإنّما أراد التأكيد في التطهير،
ويستدلّ به لمن ذهب إلى المنع من
الماء المستعمل؛ لأنه يقول: إنّ منزلة الخطايا المغسولة
بالماء بمنزلة الأوصار الحالة
في الماء، والمغسولات المانعة من التطهير. ذكره الخطابي،
وفي حديث أبي
حميد: ولما قاله ابن حزم من أنه لم يرد لفظة. اللَّه أكبر
عن النبي- عليه
السلام- يعني صحيحة؛ لأنه قد صحح هذا الإسناد فيلزمه العمل
به، وفيه
أيضًا دلالة على استحباب رفع اليدين في تكبيرة الإحرام،
قال ابن المنذر. وهو
إجماع، ونقل العبدري عن الزيدية أنه لا يرفع ولا يعيد
بخلافهم.
ونقل المتولي عن بعض العلماء: وجوبه، وفي فتاوى القفال عن
أبي الحسن
أحمد بن بشار المروزي مثله، وقال ابن حزم: ونقل إيجابه عن
الأوزاعي، وفي
القواعد: ومنهم من أوجبه عند الاستفتاح وعند الركوع وعند
الارتفاع، ومنهم
من أوجب ذلك في هذين الموضوعين وعند السجود بحسب اختلافهم
في
المواضع التي يرفع فيهما، قال الطحاوي: يرفع ناشرا أصابعه
/ مستقبلًا بباطن
كفيه القبلة مستدلًا بما رواه الطبراني في الأوسط من حديث
محمد بن
حرب، ثنا عمر بن عمدان عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر
يرفعه: " إذا
استفتح أحدكم، فليرفع يديه، وليستقبل بباطنهما القبلة كأنّ
اللَّه تعالى
أمامه " (1) .
وفي الحاوي للماوردي: يجعل بطن كلّ كف إلى الأخرى، وعن
سحنون:
ظهورهما إلى السماء وبطونهما إلى الأرض، وقال القالي:
يقيما محنيين سيئًا
يسيرًا، وفي المهذب: يستحب تفريق الأصابع ونقله المحاملي،
وقال الغزالي: لا
يتكلف فيهما ولا يقاتل بتركها، وقال الرافعي: يفرق تفريقًا
وسطًا، وقال أبا
قدامة: يستحب أن يمد أصابعه ويضم بعضها إلى بعض، وفي كتاب
الذخيرة: يرفع ثم يكبّر، قال في المبسوط: عليه أكثر
مشايخنا، وقال خواهر
زاده: يرفع مقارنا للتكبير، وبه قال أحمد وهو المشهور من
مذهب مالك،
وقال النووي: الصحيح أن يكون ابتداء الرافع مع ابتداء
التكبير وانتهاؤه مع
__________
(1) ضعيف. رواه البيهقي (2/27) ، والكنز (3235، 19638) ،
والمجمع (2/102) ، وعزاه
إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه عمير بن عمران وهو ضعيف.
(1/1372)
انتهائه وهو المنصوص، وقيل: يرفع بلا
تكبير، ثم يبتدئ التكبير مع إرسال
اليدين، وقيل: يرفع بلا تكبير ثم يكبّر ثم يرسلهما بعد
فراغ التكبير، وهذا
مصحح عند البغوي، وقيل: يبتدئ بهما معًا، وينتهى التكبير
مع انتهاء
الإرسال، وقيل: يبتدئ الرفع مع ابتداء التكبير، ولا
استحباب في الانتهاء،
وهذا مصحح عند الرافعي.
وزعم ابن بطال: رفعهما، وقيل: إشارة إلى التوحيد، وقيل.
حكمته أن
يرى الأصم دخوله في الصلاة، والتكبير أن يسمعه
الأعمى/فيعلم بالدخول في
الصلاة، وقيل: الفساد، وقيل: إشارة إلى طرح أمور الدنيا
والإقبال بالكلية إلى
الصلاة، ويكبّر من واحدة، وقالت الرافضة: ثلاًثا، واختلف
في المكان الذي
يصلى فيه يرفع يديه، فذكر ابن عبد البر اختلف عق النبي-
صلّى الله عليه
وآله وسلم- وعن أصحابه في كيفية الرفع، فروى عنه الرفع
مدًا فوق الأذنين
مع الرأس، وروى أنه كان يرفع يديه حذاء أذنيه، وروى أنه
كان يرفعهما
حذو منكبيه، وروى أنله كان يرفعهما إلى صدره، وكلها آثار
محفوظة
مشهورة، وفي هذا دلالة على التوسعة.
وقال صاحب المحيط: حذاء أذنيه حتى يحاذى بإمهاميه شحمتيها،
وبرؤوس أصابعه فروع أذنيه، وقال الشافعي والإمام أحمد،
ومالك، وإسحاق:
حذو منكبيه، وقال النووي: يريد يحاذى راحتاه منكبيه، وهكذا
قاله المنوفي
والبغوي وغيرهما، وأمّا قول الغزالي قْيه: ثلاثة أقوال:
فلا يعرف لغيره، ونقل
إمام الحرمين قولن آخرين:
الأول: يرفع يديه حذو المنكبين.
والثاني: حذو الأذنين وفيه غرابة، وقال ابق قدامة: هو
يخيّر في رفعهما
إلى فروع أذلْيه أو حذو منكبيه، وفي كتاب أبي داود بسند
ضعيف عن
طاوس: كان يرفع يديه حتى يجاورْ بهما رأسه، وقال. رأيت ابن
عباس يصنعه
ولا أعلم أنّه قال: كان عليه السلام يصنعه. قوله: ولا يقنع
أي: ولا يرفع
رأسه حتى تكون أعلا من ظهره، وقد أقنعه يقنعه إقناعًا،
وفيه قوله تعالى:
(1/1373)
(مقنعي رءوسهم) (1) ، أي: رافعي رؤوسهم،
وقال نفطويه: يقال: أقنع
برأسه إذا نصبه لا يلتفت يمينا ولا شمالًا، وجعل طرفه
مواريا لما بين/يديه،
وقوله: أقنخ بالخاء المعجمة أي: ينصبها، ولعمر موضع
المفاصل منها وبيتها إلى
باطن الرجل فيوجهها نحو القبلة.
وقال الأصمعي: أصل الفتح اللين، ومنه قيل للعقاب: فخا؛
لأنها إذا
انحطت كسرت جناحيها، وقال أبو العباس: فتح أصابعه أي
ثنّاها، وقوله:
هصر ظهره، أي: ثنّاه وعطفه للركوع، وأصل الهصر أن يأخذ
برأس العود
فيثنيه لليد ويعطفه، وقوله صالح نحوه أي: غير مبرز صفحه
حدّه ولا مائل
في أحد الشقين.
__________
(1) سورة إبراهيم آية:43
(1/1374)
|