شرح ابن ماجه لمغلطاي

138- باب الاستعاذة في الصلاة
حدثنا محمد بن بشار، ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مرة
عن عاصم العنزي عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه قال: " رأيت رسول الله-
صلى اللَّه عليه وآله وسلم- حين دخل في الصلاة قال: " اللَّه أكبر كبيرًا
ثلاثا، الحمد للَّه كثيرًا، سبحان اللَّه بكرة وأصيلًا ثلاث مرات: اللهم إنّى أعوذ
بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه ". قال عمرو: همزه الموتة
ونفخه الكبر ونفثه الشعر " (1) ،
هذا حديث أخرجه أبو داود عن ابن جبير بلفظ قال عمر: ولا أدرى أي
صلاة هي، وفي رواية مسعد عن رجل عن نافع بن جبير عن أبيه، قال:
سمعت النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول في التطوع نحوه، كذا هو
في رواية اللؤلؤي وابن داسة وابن العبد، وذكره ابن عساكر في كتاب
الإشراف في ترجمة محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه، وليس الحديث عند
غير من ذكرناه إنما هو عند أبي داود وابن ماجة/، وليس فيهما إلّا ما ذكر
آنفا، وكذا ذكره أحمد في مسنده كذا رواه عن يحيى بن سعيد عن مسعر،
حدثنى عمرو عن رجل عن نافع عن أبيه وعن وكيع ثنا مسعر عن عمرو عن
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/807، 808) ،. في الزوائد: في إسناده مقال؛ فإن
عطاء بن السائب اختلط بآخر عمره، وسمع منه محمد بن فضيل بعد الاختلاط، وفي سماع
أبي عبد الرحمن السلمي من ابن مسعود كلام، قال شعبة: لم يسمع، وقال أحمد: أرى فول
شعبة وهماَ، وقال أبو عمر والداني: أخذ أبو عبد الرحمن القراءة عرضا من عثمان وعلي وابن
مسعود. والحديث قد رواه أبو داود والترمذيّ والنسائي من حديث أبي سعيد الخدري. ورواه
ابن حبان في صحيحه من حديث جبير بن مطعم. وأحمد (1/404، 80، 83، 85،
5/240، 253، 353، 6/156) ، والبيهقي (2/36) ، والحاكم (07/21) ، وابن خزيمة
(472) ، والكنز (3766، 23439) ، وعبد الرزاق (2572، 2580) ، ونصب الراية (2/
123) ، والترغيب (3/451) ، والطبراني (2/140) ، والجوامع (9865) ، والقرطبي (10/
175) ، والمنثور (3/154) ، والمجمع (2/165، 18810) ، والفتح (1/4670) ، وابن أبي
شيبة (1/231، 238، 10/186، 112) ، والمشكاة (817) ،. وضعفه الشيخ الألباني.
الإرواء (2/54) ، وضعيف ابن ماجة (ح/173) ، وضعيف أبي داود (ح/130) .

(1/1375)


رجل من غيره عن نافع بن جبير فذكره، ولما ذكره البزار في كتاب السن
تأليفه عن ابن مثنى وعمرو بن علي، ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو
عن عاصم العنزي عن ابن جبير، وثنا علي بن المنذر ثنا محمد بن فضيل ثنا
حصين عن عمرو عن عباد بن عاصم العنزي عن ابن جبير بن مطعم، قال:
وهذا الحديث لا نعلم أحدًا يرويه عن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- إلّا
جبير بن مطعم،. ولا نعلم له طريق إلّا هذا الطريق.
وقد اختلفوا في اسم العنزي الذي رواه عن نافع فقال شعبة: عن عمرو
عن عباد بن عاصم، وقال زائدة: عن حصين عن عمرو عن عمار بن عاصم،
والرجل ليس بمعروف، وإنما ذكرناه؛ لأنه لا يروى هذا الكلام غيره عن نافع
ابن جبير عن أبيه ولا عن غيره يروى أيضًا عن النبي، عليه السلام، وقال
البغوي: ثنا يزيد أنبأ شعبة عن عمرو عن عاصم عن نافع بن جبير به، وثنا
يعقوب عن إبرا هيم ثنا حصين بن عبد الرحمن عن عمار بن عاصم عن نافع
عن أبيه، قال: سمعت النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- حين افتتح صلاة
الصبح قال: الحديث، وكذا ذكره البيهقي وأبو القاسم الطبراني وغيرهم، ولو
قدرنا أن واحدَا من الأئمة ذكره في ترجمة محمد لما كان مخلصًا له؛ لأنه لا
يذكر شيئًا من خارج إلّا أن يكون مستدركًا فنبيّنه، والله أعلم.
وذكره أبو محمد في كتابه المخلي/مصححًا من حديث نافع عن أبيه،
وذكره أبو حاتم بن حبان البستي في صحيحه عن عمر بن محمد الهمداني،
ثنا ابن بشار بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو عن عاصم العنزي عن ابن جبير،
وفرق في كتاب الثقات عن عاصم بن عمير العنزي الراوي عن أنس، والراوي
عنه محمد بن أبي إسماعيل وعمرو بن مرّة، وبن عاصم العنزي المذكور في
الطبقة الثانية الراوي عن نافع بن جبير، فقال ابن مطعم عن أبيه: " كان
النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- إذا دخل في الصلاة قال: الله أكبر " (1) .
قال شعبة: عن عمر وعاصم العنزي، وقال مسعد: عن عمرو عن رجل من
بني عنزة، وقال ابن إدريس: عن حصين عن عمرو عن عباد عن عاصم عن
__________
(1) رواه القرطبي في " تفسيره " (10/245) .

(1/1376)


نافع، وقال عماد بن العوام: عن حصين عن عمرو عن عامر بن عاصم عن
نافع، وهو عند ابن عياش: عن عبد الله بن عبيد الله بن حمزة بن صهيب
عن عبد الرحمن بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه بطوله، وفي نسخة: وهو
عندي عياش: عن عبد العزيز بن عبيد اللُّه بن حمزة بن صهيبة، وخرجه ابن
الجارود في منتقاه، وقال ابن خزيمة: وقد روى عن جبير أن النبي- صلّى الله
عليه وآله وسلّم-: " كان إذا افتتح الصلاة ... " الحديث.
إلا أنهم قد اختلفوا في إسناد خبر جبير، وعاصم العنزي، وعباد بن عاصم
مجهولان لا يدرى من هما، ولا نعلم الصحيح ما روى حصين أو شعبة،
وقال الحاكم: وذكره من حديث وهب عن نافع حديث الإسناد، ولم
يخرجاه، حدّثنا علي بن المنذر، ثنا بن فضيل ثنا عطاء بن السائب عن أبي
عبد الرحمن السلمي عن ابن مسعود عن النبي- صلّى الله/عليه وآله وسلّم-
قال: " اللهم إنّى أعوذ بك من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه، ونفثه " (1) .
قال: " همزه الموتة، ونفئه الشعر، ونفخه الكبر "، هذا حديث خرجه ابن
خزيمة في صحيحه عن يوسف بن عيسى المروزي ثنا ابن فضيل، ولما رواه
البيهقي قال: قال عطاء: فهمزه: الموتة ... إلى آخره، ولما رواه الحاكم عن عبد
اللَّه بن محمد بن موسى، ثنا محمد بن أيوب أنبأ أبو بكر بن أبي شيبة ثنا ابن
فضيل قال: هذا حديث صحيح الإسناد، فقد استشهد البخاري بعطاء وكذا
قاله في المدخل: روى هشيم عنه عن سعيد بن جبير في أول ذكر الحوض،
والذي يقوله الكلاباذي أنّ البخاري ذكره مقرونا، وقال ابن سرور: روى له
محمد ومسلم في المتابعات، وفي كتاب أبي داود من حديث حميد الأعرج:
عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، وذكرت حديث الإفك قالت: " فجلس
النبي- صلّى اللَّه عليه واله وسلّم-ولفّ وجهه وقال: أعوذ بالله السمع
العليم من الشيطان الرحيم (إن الذين جاؤوا بالإفك ... ) الآية " (2) .
__________
(1) تقدم في أول الباب ص 1375.
(2) الحاشية قبل السابقة بنحوها.

(1/1377)


ثم قال: هذا حديث منكر، وقد روى هذا الحديث عن الزهري جماعة لم
يذكروا هذا الكلام على هذا الشرح، وأخاف أن يكون أمر الاستعاذة منه كلام
الحميد، وفي كتاب البيهقي من حديث ابن أبي يحيى: " أنّ أبا هريرة أمّ
الناس، فرفع صوته " ربنا إنّا نعوذ بك من الشيطان الرجيم " في المكتوبة إذا
فرغ من أمّ القرآن "، قال الشافعي في روايتنا عن أبي سعيد: وكان ابن عمر
يتعوّذ في نفسه، وأيهما فعل أجزأه، وكان بعضهم يتعوذ حين يفتتح قبل أمّ
القرآن، وبذلك أقول. وأحب أن يقول: أعوذ بالله من الشيطان / الرجيم، وأي
كلام استعاذ به أجزأه، قال: ويقول في أول ركعة. وقد قيل: إن قاله حين
يفتتح كل ركعة قبل أمّ القرآن فحسن، ولا أمر به في شيء من الصلاة أمرني
به في أوّل ركعة.
قال البيهقي: وروينا عن الحسن وعطاء وإبراهيم بقوله: في أؤل ركعة.
وعن ابن سيرين أنه كان يستعيذ في كل ركعة. زاد ابن حزم: لا نعلم لهؤلاء
التابعين مخالفًا، وأبو حنيفة يستحبها في أوّل ركعة فقط، وقال ههنا: عن
أحمد ثنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن الشعبي قال: ليس من خلف الإمام
استعاذة، فقال أحمد: لا نعرف هذا إلّا على الشعبي، ولم يسمعه هشيم من
أبي ليلى، وأما المونه- بلا همز- فزعم ثعلب: أنها ضرب من الجنون، وفي
الكتاب الراعي: هي بنى بأخذ الإنسان شبه السيئات وليس يحيق صاحبه،
وقال العيزار: الموته والموانه الجنون، وقال اللحياني في نوادره: هي الغشي، زاد
ابن سيده: لأنه يحدث منه سكوت كالموت. وقال أبو النصر: ضرب من
الجنون والصرع يعترى الإنسان، فإذا أفاق عاد له كمال عقله كالنائم
والسكران، واللَّه أعلم.
ولما ذكر البزار حديث ابن عباس بمثل حديث جبير من طريق رشدين، قال
أبو حمزة: فالذي ويسوسه في الصلاة، وأمّا نفثه فالشعر، وأمّا نفخه فالذي
يلقيه من الشبه يعني في الصلاة ليقطع عليه صلاته أو على الإنسان صلاته،
قال عبد اللطيف بن يوسف: معنى أعوذ بالله: التجاء إلى اللَّه والتزام بالله.

(1/1378)


وأصل عاذ: لزم والتجأ، ومنه قيل للحم الذي يلزم بالعظم ويلزمه: عوذ، وهو
جمع عائذ مثل صائم وصوم، وقيل:/معناه: طلبت الإعادة. ذكره في كتابه
تفسير الفاتحة.

(1/1379)


139- باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن
قبيصة بن هلب عن أبيه قال: " كان النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم-
يؤمّنا فيأخذ شماله يمينه " (1) .
هذا حديث قال فيه أبو عيسى: حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم،
ورأى بعضهم وضعها فوق السرة، ورأى بعضهم وضعها تحت السرة، وكل
ذلك واسع عندهم. وفي كتاب أبي علي الطوسي: " رأيت النبي- صلّى الله
عليه وآله وسلّم- ينصرف عن سنته عن يمينه وعن يساره، ويضع يده اليمنى
على اليسرى ".
قال: ويقال: حديث هلب حسن صحيح، وذكر ابن حبان في صحيحه
عن أبي خليفة: ثنا الوليد ثنا شعبة ثنا همان، فذكر قصة الانصراف فقط
المذكورة عند ابن ماجة بعد هذا: وقال البغوي في شرح السنة: حديث
حسن. وقال الحافظ الصيرفي: وهو حديث صحيح. وقال ابن عبد البر:
وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة فيها آثار ثابتة عن النبي- عليه السلام-
منها: حديث هلب، وفي موضع أخر: هو حديث صحيح. وخالف ذلك ابن
المديني؛ فزعم أنّ قبيصة تفرد عنه بالرواية وهو مجهول، وهلب لم يرو عنه إلّا
ابنه، وهو لعمري كما قاله، لكن العجلي قال في كتابه: هو تابعي ثقة،
وذكره ابن حبان في الثقات مع تقدّم من صحح حديثه، فزالت عنه الجهالة-
واللَّه أعلم-. وفي مسند الإمام أحمد: " ورأيته يضع هذه على صدره " (2) /.
ووصف يحيى بن سعيد: اليمني على اليسرى فوق المفصل. وفي كتاب
العسكري: يضع إحدى يديه على الأخرى- يعني: في الصلاة- وفي رواية
__________
(1) صحيح. رواه الترمذي (ح/252) ، وحسنه ابن ماجة (ح/809) ، وأحمد (5/226،
227) ، وشرح السنة (3/31) ، والمشكاة (308) ،. وصححه الشيخ الألباني.
(2) قوله: " صدره " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

(1/1380)


عن قبيصة: " أنّ النبي- عليه السلام- كان يقبض بيمينه على يساره في
الصلاة وينصرف مرة عن يمينه ومرة عن شماله " (1) ، وهذه اللفظة عند
الطبراني مرفوعة، وفي رواية: " فرأيته حين وضع إحدى يديه على الأخرى
اليمنى على الشمال ". وعند البغوي: " يأخذ إحدى يديه بالأخرى في
الصلاة ". قال أبو حاتم الرازي: ومن قال في هذا الحديث يسلم عن يمينه
وعن يساره فغير صواب؛ إنّما هو يتقبل.
حدثنا علي بن محمد ثنا عبد الله بن إدريس ثنا بشر بن معاذ الضرير ثنا
بشر بن المفضل قالا: ثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال:
" رأيت النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يصلى فيأخذ شماله بيمينه " (2) .
هذا حديث خرجه مسلم (3) في صحيحه بلفظ: " رأى النبي- صلّى اللَّه
عليه وآله وسلّم- رفع يديه حين دخل في الصلاة ضعهما حيال أذنيه، ثم
التحف ثوبه، ثم وضع يده اليمنى على اليسرى، فلما أراد أن يركع أخرج يديه
من الثوب ثم رفعهما، ثم كبّر فرفع فلما قال: سمع الله لمن حمده؛ رفع
يديه، فلما سجد سجدتين ... ".
وعند أبي داود (4) : " إذا أراد أن برفع رأسه من الركوع رفع يديه ". وقال:
هذا الحديث رواه همام عن ابن حجارة لم يذكر الرفع مع الرفع من السجود،
وعنده: " ثم وضع كفه اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد، ثم
جئت بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب يحرِّك
أيديهم تحت الثياب وسيأتي/الكلام مع أبي داود، إن شاء اللَّه تعالى.
وفي صحيح ابن خزيمة (5) : " ثم ضرب بيمينه على شماله فأمسكها "، وفي
__________
(1) رواه النسائي في: الافتتاح، 9- باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة (2/125- 126) .
(2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/810) ،. وصححه الشيخ الألباني.
(3) بنحوه. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/24) .
(4) حسن. رواه أبو داود (ح/745) .
(5) قوله: " خزيمة " سقطت من " الأصل " وكذا أثبتناه.

(1/1381)


رواية: " ووضع يده اليمنى على اليسرى على صدره "، وفي رواية: " ثم وضع
يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد ".
وعند البيهقي (1) : " والرسغ في الساعد "، وفي رواية: " قبض بيمينه على
شماله "، ووثق رواية، وعند البزار: " ثم وضع يمينه على يساره عند صدره "
من حديث محمد بن حجر بن عبد الجبار بن وائل عن أمه، ومحمد ضعيف،
وأمه مجهولة فيما ذكره ابن القطان، وعند البيهقي: وروينا في بعض طرق
حديث عاصم عن أبيه عن وائل عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- " ثم
وضعهما على صدره ". وهذه متابعة لمحمد صحيحة، واللَّه أعلم.
حدثنا أبو إسحاق الهروي إبراهيم بن عبد اللَّه بن حاتم أنبأ هشيم أنبأ
الحجاج بن أبي زينب السلمي، عن أبي عثمان النهدي عن عبد اللَّه بن
مسعود قال: " مرّ بي النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- وأنا واضع يدي
اليسرى على اليمنى فأخذ بيدي اليمنى فوضعها على اليسرى " (2) .
هذا حديث قال أبو عمر في الاستذكار: هو حديث ثابت. وذكره الأثرم
محتجا به. ولما خرجه النسائي (3) قال: غبر هشيم أرسل هذا الحديث. وقال
مهنأ سألت أحمد عن الحجاج بن أبي زينب؟ فقال: منكر الحديث، يحدّث
عن أبي عثمان أن النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- مر بابن مسعود
فذكره، قلت: وهذا منكر؟! قال: نعم. ولما ذكره العقيلي قال: لا يتابع
على هذا، وقال الساجي: وذكره في كتاب الضعفاء، وحدّث عن أبي عثمان
النهدي حديثا لا يتابع عليه، كذا ذكره عنه ابن حزم، والذي ثابت/في كتابه
عن أحمد أخشى أن يكون ضعيف الحديث، وذكر هذا الحديث، ثم قال:
روى عنه الثوري. وفي العلل لابن عدي: وقد روى محمد بن الواسطي عنه
__________
(1) وكذا قوله: " البيهقي " ورد فيها ما سبق.
(2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/811) ،.
وصححه الشيخ الألباني.
(3) مرسل. رواه النسائي في: الافتتاح، 10- باب: في الإِمام إذا رأى الرجل قد وضع
شماله على يمينه (2/126) ،.

(1/1382)


عن أبي سفيان عن جابر: " مر رسول الله- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم-
برجل قد وضع شماله على يمينه ... مثله " (1) . وكلام الفسوي يفهم وليس
جيدا؛ لاُن أبا الحسن رواه عن ابن صاعد، ثنا عثمان بن خالد ثنا محمد بن
يزيد الواسطي عن الحجاج عن أبي محمد تضعيفه إيَّاه بأنَّ الحجاج ممن خرج
له مسلم معتمدا الرواية، وقال أبو أحمد بعد تصفح رواياته: أرجو أنّه لا بأس
به، وأمّا قول أبي محمد فيه: فليس بقوى فهو كلام النسائي في ذلك أنه ليس
أن يكون ضعيف الحديث، وهذا أيضا ليس به تضعيف، وأما قول العقيلي
فيعني به أن الحديث مرسل، أمّا حديث جابر، فلم يقل أبو محمد إثره شيئا
يعتمد فيه حين ذكره، ومحمد بن الحسن الواسطي أحد الثقات، روى هذا
الحديث عنه ابن معين، قال أبو أحمد ابن صاعد: ثنا الفضل بن شهاب ثنا
ابن معين فذكره، وقال الدارقطني: ثنا أحمد بن محمد ثنا ابن معين به،
فالحديث إذن صحيح أو حسن من الطريقين جميعًا، أعني طريق أبي عثمان
عن ابن مسعود، وطريق أبي سفيان عن جابر فاعلم. انتهى كلامه.
وفيه نظر لما أسلفناه من عند أحمد في الحجاج، وقال ابن عدي فيما حكاه
ابن الجوزي: ضعيف، وقال ابن المديني: شيخ من أهل واسط ضعيف، ورواه
غير أبي عثمان عن ابن لم مسعود، قال الدارقطني: ثنا ابن صاعد ثنا علي بن
مسلم ثنا إسماعيل بن أبان الوراق، حدثني بندار عن ابن أبي ليلى عن القاسم
ابن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود: " أن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله
وسلّم- كان يأخذ شماله بيمينه في الصلاة " (2) . وأما قول أبي القاسم في
الأوسط، وأنكر حديث جابر ولم يروه عن أبي سفيان إلا الحجاج ولا عن
الحجاج إلا محمد بن الحسن. تفرد به وهب بن بعته، ورواه هشيم عن
الحجاج عن أبي عثمان عن أبي هريرة، فيشبه أن يكون وهمًا لمتابعين معينين،
وهما كما تقدّم، وفي الباب حديث الحرث بن غضيف- أو عصيف- بن
__________
(1) المصدر السابق ص 1381.
(2) تقدم، والحديث في سنن ابن ماجة (رفهم: 809) .

(1/1383)


الحارث وله صحبة، قال: " ما نسيت من الأشياء فلم أنس أنني رأيت رسول
اللَّه- صلّى الله عليه وآله وسلم- واضعا يمينه على شماله في الصلاة " (1) .
ذكره الحافظ أبو القاسم عبد الصمد بن سعيد القاضي في كتاب الصحابة
الذين نزلوا حمص الشام، وقال الخلال في علله عن عصمة: ثنا حنبل ثنا أبو
عبد الله، ثنا عبد الرحمن، ثنا معاوية- يعنى: ابن صالح- عن يوسف بن
سيف عنه قال: وقال أبو عبد الله: هذا إسناد شامي، وقال الدارقطني: يعني
أحمد بهذا أنه لم يرض إسناده؛ لاًن الحرث لا يعرف إلّا بهذا الحديث، ولا
نعلم يوسف بن سيف سمع منه أو لا، وفي تاريخ البخاري ما يدل على أنّه
ليس بصحابي فاٍنه قال: غضيف بن الحرث أبو أسماء السكوتي. قال عيسى
بن يونس عن أبي بكر بن أبي مريم عن حبيب بن عبيد عن غضيف الثمالي،
يقال: نعته الثمالي، وقال ابن صالح عن أزهر بن سعد: سأل عبد الملك
عطيفا، وقال إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن سلم: أنه سأل عبد الملك بن
غضيف/ابن الحرث الثمالي، وقال معن عن معاوية عن يوسف بن سيف عن
غضيف أبو الحرث بن غضيف السكوني، وقال عبد الوارث: عن برد بن
سنان عن عبادة بن نسى عن غضيف بن الحرث سمع عمر وعائشة، وقال
الثوري: معتمر عن برد عن عبادة عن غضيف سمع عمر وعائشة، وقال بشار:
عن الوليد بن عبد الرحمن عن عياض بن غضيف عن أبي عبيدة، وقال
الزبيدي: عن سليمان بن عامر عمن سمع غضيف بن الحرث عن أبي عبيدة،
وفرق أبو عمر في الاستيعاب بين غضيف بن الحرث، وعن عطيف الكندي
وبين غضيف بن الحرث الثمالي، وزعم أن الاضطراب في الأول، والذي بعده
كبير جدا، ومع ذلك فقد زعم في الاستذكار أن حديثه ثابت، ويشبه أن
يكون مسنده قول أبي حاتم وأبي زرعة فإنهما ذكرا أنّ له صحبة، وأبي ذلك
غيرهما، فإن ابن سعد لما ذكره في التابعين وصفه بالثقة، وقال العجلي: هو
تابعي ثقة، وقال عبد الرحمن بن حراس: لا بأس به، وقال الدارقطني: ثقة
من أهل الشام، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، وقال أبو إسحاق
__________
(1) صحيح. رواه ابن عدي في " الكامل " (6/2401) ، والجمع (2/104) ، وعزاه إلى
أحمد، والطبراني في " الكبير "، ورجاله ثقات.

(1/1384)


الصيرفي: أدرك زمان النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- ويختلف في
صحبته، وروى عن عمر وبلال وأبي ذر وأبي الدرداء وعائشة وأبي حميصة
المزني، وروى عنه ابنه عبد الرحمن وعبادة ومكحول وابن سيف، وحديث
عبد اللَّه ابن عمر: أنه مر برجل في صلاة قد وضع يده اليسرى في الصلاة
على يمينه فقال له: إن رسول اللَّه- صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال: " لا
تفعل فعل قوم قد عذبوا " (1) .
رواه أبو القاسم في معجمه، وقال: لم يروه عن ابن عجلان- يعني: عن
نافع- إلّا إبراهيم بن إسماعيل تفرد به/فضالة بن يعقوب. وفي موضع آخر
مرفوعًا: " إنا معاشر الأنبياء أمرنا بثلاث: بتعجيل الفطر، وتأخير السحور،
ووضع اليمنى على اليسرى في الصلاة " (2) .
رواه من حديث يحيى بن سعيد بن سالم القداح، ثنا عبد المجيد بن عبد
العزيز بن أبي رواد عن أبيه عن نافع عنه، وقال: لا يروى عن ابن عمر إلّا
من هذا الوجه، وقال في الصغير: لم يروه عن نافع إلّا ابن أبي داود، ولا عنه
إلّا ابنه. تفرد به الفلاح. وحديث أبي إسحاق عن شدّاد بن شرحبيل، وسمَّاه
في موضع أخرى القيل كأنه لقيه قال: " رأيت النبي- صلّى اللَّه عليه وآله
وسلّم- ضرب بيده على شماله في الصلاة " (3) .
وقال أبو القاسم: لم يروه عن أبي إسحاق إلا يوسف بن أبي إسحاق، ولا
عن يوسف إلا إبراهيم بن يوسف- تفرد به شريح بن سلمة- وحديث عائشة
__________
(1) صحيح. بنحوه أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/104) ، وعزاه إلى أحمد،
والطبراني في " الأوسط "، ورجاله رجال الصحيح.
(2) صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/105) ، وعزاه إلى الطبراني في
" الكبير "، ورجاله رجال الصحيح.
(3) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/104- 105) ، وعزاه إلى " البزار "
والطبراني في " الكبير "، وفيه عباس بن يونس، ولم أجد من ترجمة، وقال البزار: لم يرو
شداد بن شرحبيل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا هذا الحديث.

(1/1385)


قالت: " ثلاثة من النبوة: تعجيل الإفطار، وتأخير السحور، ووضع اليد اليمنى
على اليسرى في الصلاة " (1) .
رواه الدارقطني من حديث شجاع بن مخلد هيثم عن منصور أنبأ محمد
بن أبان الأنصاري عنهما. وحديث أبي هريرة قال عليه السلام: " أمرنا معاشر
الأنبياء أن نعجِّل الإفطار، ونؤخر السحور، ونضرب بأيماننا على شمائلنا في
الصلاة " (2) .
رواه من حديث أبي وائل عن عطاء عنه، ومن حديث عبد الرحمن بن
إسحاق عن يسار بن الحكم عنه بلفظ: " وضع الكف على الكف في الصلاة
من السنة ". ومن هذه الطريق ذكره أبو داود في رواية ابن العبد، وقال: روى
حديث علي عن سعيد بن جبير فوق السرة. وقال أبو مجلز: تحت السرة،
وروى عن أبي هريرة وليس بالقوي. وحديث ابن عباس يرفعه: " إنَّا معاشر
الأنبياء أمرنا/أن نؤخر السحور، ونعجل الإفطار، وأن نمسك بأيماننا على
شمائلنا " (3) .
رواه عن ابن السكن، ثنا عبد الحميد بن محمد ثنا مخلد بن يزيد ثنا
طلحة عن عطاء عنه، ورواه البيهقي من طريق عبد المجيد، وإنّما يعرف بطلحة
ابن عمرو، وليس بالقوى عن عطاء عن ابن عباس، ومرة عن أبي هريرة، ورواه
الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن أحمد بن طاهر بن حرملة، ثنا حرملة
ابن وهم أخبرني عمرو بن الحارث سمعت عطاء به، وقال: لم يروه عن
عمرو إلّا ابن وهب، تفرد به حرملة، ورواه في الكبير: من حديث ابن عيينة
عن عمرو عن فارس عنه. وحديث أبي حميد الساعدي عن ابن حزم ووصف
__________
(1) رواه الدارقطني (1/284) ، وأورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/105) ، وعزاه
إلى الطبراني في " الكبير " مرفوعا وموقوفا على أبي الدرداء، والموقوف صحيح، والمرفوع في رجاله
ولم أجد من ترجمه.
(2) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/105) من حديث ابن عباس، وعزاه إلى الطبراني
في " الكبير "، ورجال الصحيح.
(3) المصدر السابق.

(1/1386)


صلاة النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم - فرفع يديه إلى وجهه، ووضع يمينه
على شماله. وحديث علي قال: " إن من السنة في الصلاة وضع اليمين على
الشمال تحت السرة " (1) ، ورواه الدارقطني من حديث عبد الرحمن بن
إسحاق، حدثنى زياد بن زيد السوائي عن أبي جحيفة عنه، ومن حديث عبد
الرحمن أيضًا عن النعمان بن سعد عنه. زاد بن القطان: وزياد، وحاله مجهولة
وليس بالأعم، وقال البيهقي: لم يثبت إسناده، تفرد به عبد الرحمن
الواسطي، وهو متروك. ورواه أبو داود من رواية ابن العبد عنه بلفظ: " السنة
وضع الكف على الكف في الصلاة تحت السرة " (2) .
وفي كتاب ثواب القرآن لأبي بكر بن أبي شيبة: حدثنا وكيع عن يزيد بن
زياد بن أبي الجعد عن عاصم الجحدي عن عقبة بن ظهير عن علي:
" (فصلّ لربك وانحر) (3) . قال: وضع اليمين على الشمال في الصلاة ".
زاد الدارقطني/عن عمر بن زرارة ثنا عبد العزيز بن حازم عن أبيه عن سهل:
" انه كان يضع يده اليمنى على اليسرى في الصلاة " (4) . قال ابن حزم:
وروينا فعل ذلك عن ابن مجلز والنخعي وسعيد بن جبير وعمرو بن ميمون
وابن سيرين وأيوب السختياني وحماد بن سلمة، وهو قول أبي حنيفة،
والشافعي، وأصحابنا، والثوري، وإسحاق، وأبو ثور، وأبي عبيد، والطبري،
وداود. وقال ابن الجوزي: هو مستحب عندنا، ولمالك روايتان:
إحداهما: كقولنا. والثانية: أنه غير مستحب إنما هو مباح، وفي المدونة:
يكره فعله في الفرض، ولا بأس به في النافلة إذا طال القيام، وقال أبو عمر:
رواية ابن القاسم عنه إرسال اليدين، وهو قول الليث، قال ابن بطال: ورأى
__________
(1) رواه الدارقطني: (ح 1090، 1/327) .
(2) ضعيف. رواه أبو داود: (ح/756) .
قلت: وعلته حفص بن غياث، شيخ يروى عن ميمون بن مهران، مجهول، بصري (المغني
في الضعفاء: 2/183/1640)
(3) سورة الكوثر آية: 2.
(4) حسن. رواه أبو داود (ح/759) ، وابن المبارك في " الزهد " (6) ، وعبد الرزاق
(3317) ، والطبراني (3/312، 10/212) ، والإرواء (2/70)

(1/1387)


ذلك ابن الزبير وسعيد بن المسيب والحسن بن أبي الحسن وسعيد بن جبير.
قال أبو عمرو: وروى ابن نافع وعبد الملك ومطرف عن مالك، بوضع اليمنى
على اليسرى في الفريضة. قال أبو عمرو: هو قول المدنين، وأشهب، وابن
وهب، وابن عبد الحكم، وقال الأوزاعي: من شاء فعله، ومن شاء تركه،
وهو قول عطاء. وقال ابن القصار: وجه الكراهة أنّه عمل في الصلاة وربما
شغل صاحبه، وقد علم النبي- عليه السلام- الأعرابي فلم يأمره بذلك.
وقيل: خشية اًن يظهر بجوارحه من الخشوع ما لم يضمن، قال ابن بطال:
وربما دخله ضرب من الرياء.
وأمّا كيفية الوضع، فذكر الوتري الحنفي: يضع كفه اليمنى على كفه
اليسرى، وقيل: ذراعه الأيسر، والأصح: وضعها على المفصل. وفي
الاستصحاب قال أبو يوسف: يبيض بيده اليمنى رسغ اليسرى، وقال محمد
كذلك ويكون الرسغ وسط الكف، وقال ابن قدامة: يضعها كوعه وما
يقاربه./وقال القفال: يقبض بكفه اليمنى كوع اليسرى وبعض رسغها
وساعدها، وهو مخيّر بين بسط أصابع اليمنى في عرض المفصل وبين نشرها
في صوبة الساعد، وأما متى يضعها، ففي المحيط: كما فرغ من التكبير، وعند
محمد: بعد الثناء، وقال أبو القاسم: الصغار يرسل إلى أن يفرغ من الثناء
والتسبيح، واختار الطحاوي: ويضعها كما يفرغ من التكبير، وفر، صلاة
الجنازة والقنوت قال: يضعهما تحت سرته، وبه قال أحمد، وعنه: فوق السرة
وعنه: هو مخير، وفي الحاوي للماوردي: والوسط تحت الصدر، قال النووي:
فوق السرة هذا هو الصحيح المنصوص، وعن أبي إسحاق: تحت السرة
والمذهب الأول، وفي كتابي أبي عيسى والطوسي، وقبلهما البخاري، وابن
دريد في كتاب الاشتقاق الكبير، والشيرازي في الألقاب، وأبو عبيد الله
المرزباني، وابن حبان في كتاب الصحابة، وخليفة في كتاب الطبقات، واسم
هلب: يزيد بن قتادة الطائي. كذا قالوه.
وقال العسكري وابن عبد البرّ في أحد قوليه، وابن عساكر وابن حزم في
الجمريزة، والطبري في المزيل بريد ابن عدي بن فتانة بن عدي بن عبد شمس
بن عدي بن حزم وابن يزيد، ذكر الكلبي: أن أبيه سلامة بن يزيد هو الهلب

(1/1388)


وهو الذي وفد على النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- ومسح برأسه، الأوّل
أصح، وكان وفد وهو أقرع فمسح النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- رأسه
فنبت شعره فسمّى الهلب، كذا رواه الرواة، وزعم أهل اللغة: أنه الهلب، قال
الكلبي في الجامع لأنساب العرب: وفيه قال الشاعر:
كأن زماني رأسه تارة ... فأصبح الأقرع وأتى التكبير (1) .
/وفيه يقول عويج بن ضريس النبهاني:
أنا عويج ومعى سيف الهلب ... أنا الذي أشجع من معد يكرب
وكما سمّاه الكلبي سمّاه ابن سعد لم يذكره غيره، والوزير أبو القاسم في
كتاب أدب الخواص، وأبو عبيد القاسم بن سلام وغيرهم، زاد الوزير:
والتشديد فيه واقع على الباء.
***
__________
(1) كذا ورد هذا الكلام بلفظه في " الأصل ".

(1/1389)


140- باب افتتاح القراءة
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يزيد بن هارون عن حسين المعلم عن بريد
ابن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت: " كان رسول الله- صلّى اللَّه
عليه وآله وسلّم- يفتتح القراءة بالحمد للَّه رب العالمين " (1) .
هذا حديث خرجه مسلم: " يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب
العالمين، وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك " (2) ، فذكر حديثًا
مطولًا. وقال أبو عمر في كتاب الإنصاف: هو حديث انفرد به بديل عن أبي الجوزاء،
أليس له إسناد غيره، وهما ثقتان لا يختلف فيهما إلا أنهم يقولون أن أبا الجوزاء لا يعرف
له سماع من عائشة، وجدنه عنها إرسال، وكذا قاله في التمهيد. انتهي. سماعه منها
لكن جائز لكونهما كانا في عصر واحد، وقد روى البخاري في تاريخه عن مسدد عن
جعفر بن سليمان عن عمرو بن مالك اليشكري عن أبي الجوزاء قال: " أقمت مع ابن
عباس وعائشة اثنتي عشرة سنة ليس من القرآن آية إلا سألتهما عنها قال البخاري:
في إسناده نظر. وفي كتاب الصلاة لأبي بكر الفرياني: ثنا مزاحم بن سعيد أنبأ ابن
المبارك، ثنا ابن طمهان، ثنا بديل عن أبي الجوزاء/قال: أرسلت رسولًا إلى عائشة
أسأنها عن صلاة النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- فقالت: " كان يفتتح ... "
الحديث، وفي هذا ما يبدء لمن يقول بالمعاصرة ولمن يقول بالنقطاع، ورواه أبو القاسم في
الأوسط من حديث عبد الرحمن بن بديل عن أبيه وقال: لم يروه عن عبد الرحمن إلّا
أبو داود الطيالسي.
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/812/، 814) ،. والحديث الأول إسناده صحيح، والثاني
قال عنه في الزوائد: إسناده ضعيف. أبو عبد الله الدوسي ابن عم أبي هريرة مجهول الحال.
وبشر بن رافع، ضعفه. وضعفه أحمد. وقال ابن حبان: يروي أشياء موضوعه. والحديث
من غير رواية أني هريرة ثابت في الصحيحين وغيرهما.
(2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، باب " 46 " رقم " 240 ") ، والبيهقي (2/
113) ، والمشكاة (791) ، والقرطبي (1/95، 175، 345، 360) ، والحلية (3/63) ،
والإرواء (2/20؛ 50) .

(1/1390)


حدثنا محمد بن الصباح، أنبأ سفيان عن أيوب عن قتادة وثنا حبارة بن
أبي المفلس، ثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس: " كان رسول اللَّه- صلّى الله
عليه واله وسلّم- وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بالحمد للَّه رب
العالمين " (1) ، هذا حديث خرجه الأئمة الستة، وفي لفظ عند الشيخين:
" صليت خلف النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- وأبي بكر وعمر وعثمان
وعلي فلم أستمع أحدا منهم يقرأ بسم اللَّه الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا
في آخرها ". ولفظ البخاري: " كانوا يفتتحون الصلاة " قال الإسماعيلي: إنما
هو القراءة، والقراءة تسمى صلاة، قال: يقال: (ولا تجهر بصلاتك) (2) .
ولفظ ابن حبان: " أنَّ النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- وأبا بكر وعمر لم
يكونوا يجهرون ببسم اللَّه الرحمن الرحيم، وكانوا يجهرون بالحمد لله رب
العالمين " (3) .
وعند النسائي من حديث مسعود بن زادان عن أنس: " فلم يسمعنا قراءة
بسم اللَّه الرحمن الرحيم، وصلى، بنا أبو بكر وعمر فلم نسمعها منهما، وفي
لفظ من حديث شعبة عن ثابت عن أنس فإن كان ابن عبد البر قال: لا
يصح بشعبة عن ثابت، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: هذا خطأ أخطأ فيه
الأعمش، إنما هو شعبة عن قتادة عن أنس، كذا هو المعروف.
وقال أبو عيسى في كتاب العلل الكبير: هذا وهم، والأصح/شعبة عن
قتادة عن أنس، وفي لفظ: " فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم الله الرحمن
الرحيم، فافتتحوا بالحمد للَّه رب العالمين ". وعند النسائي (4) من حديث مسعود
بن زادان عن أنس: " فلم يسمعنا قراءة بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى ثنا
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/743) ، ومسلم في (الصلاة، ح/399) ، وأبو
داود (ح/872) ، والترمذي (ح/246) وصححه، والنسائي في (الافتتاح، باب قراءة بسم
الله للرحمن الرحيم (، وابن ماجة (ح/813) ، والدارمي (ح/1240) ، ومالك (ح/30) ،
والدارقطني (1/314- 315) ، واحمد (3/262) ، وابن خزيمة (498) .
(2) سورة الإِسراء آية: 0110
(3) رواه أحمد: (3/179، 275) .
(4) رواه النسائي في: الافتتاح، 21- باب ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم (2/135) .

(1/1391)


أبو بكر وعمر فلم نسمعها منهما ". وفي لفظ من حديث شعبة وشيبان عن
قتادة وهي عند ابن خزيمة وعن شعبة عن ثابت عن أنس، وإن كان ابن عبد
البر قال: لا يصح لشعبة عن ثابت، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: هذا خطأ
فيه الأعمش إنَّما هو شعبة عن قتادة عن أنس كذا هو المعروف، وقال أبو
عيسى في كتاب العلل الكبير: هذا وهم، والأصح شعبة عن قتادة عن أنس،
وفي لفظ: " فلم أسمع أحدا منهم يجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم " (1) .
وفي لفظ: " فافتتحوا بالحمد "، وعند البيهقي: " لا يقرؤون " يعني: لا
يجهرون ببسم اللَّه الرحمن الرحيم، قال: كذا قال، وقوله: كانوا يستفتحون
القراءة بالحمد أولى. فقد رواه أصحاب قتادة عنه بهذا منهم حميد الطويل،
وأيوب الدستوائي، وابن أبي عروبة، وأبان العطار، وحماد بن سلمة. قال
الدارقطني: وهو المحفوظ عن قتادة وغيره، عن أنس، وكذا قاله الخطيب في
كتاب الجهر بها، ووضح بأنّ ما عداه من ذكره التسمية غير ثابت. وعند
الطبراني: ثنا عبد اللَّه بن زهير الغزي، ثنا محمد بن أبي اليسرى، ثنا معتمر
عن أبيه عن الحسن وهو عند ابن خزيمة من حديث عمران القصير عن أنس:
" أنّ النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- كان يسر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم
وأبو بكر وعمر، رضى اللَّه عنهما " (2) .
وقال الحافظ ضياء الدين: رواه أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن/قال
الراوي عنه: الثقة المأمون عن عبد الله بن وهب بإسناده مثله. وفي سنن أبي
قرة عن سفيان عن أبان بن أبي عياش عنه: " كان النبي- صلّى اللَّه عليه وآله
ومسلّم- وأبو بكر وعمر يستفتحون بالحمد " (3) . قلت لأنس: بسم الله
الرحمن الرحيم قال: خلفها. وفي كتاب الصلاة لأبي الحسين أحمد بن
محمد بن أحمد بن عمر الخفاف النيسابوري الحافظ بسند صحيح عن يعقوب
__________
(1) المصدر السابق.
(2) إتحاف (3/189) ، والمنثور (1/11) ، والحلية (6/179) ، والمجمع (2/108) ،
وعزاه إلى الطبراني في " الكبير "، و" الأوسط "، ورجاله موثقون.
(3) انظر: الحديث الأول من الباب ص 1390.

(1/1392)


ابن إبراهيم ثنا وكيع، ثنا شعبة عن قتادة بلفظ: " فلم يكونوا يفتتحون القراءة
ببسم اللَّه الرحمن الرحيم " (1) ، وفي لفظ: " يفتتحون القراءة في الصلاة
بالحمد للَّه "، وفي الأوسط للطبراني من حديث إبراهيم التيمي عن أنس:
" صليت خلف النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- حتى قضى وخلف أبي
بكر وعمر حتى قضيا فما سمعت أحدَا منهم جهر ببسم الله الرحمن الرحيم
في الصلاة، وكانوا يفتتحون بالحمد " (2) ، وقال: لم يروه عن إبراهيم إلا
العوام بن حوشا. تفرد به عبد اللَّه بن حراش، وفي قول البيهقي وسعيد بن
أبي عروبة نظر؛ لما رواه ابن خزيمة من حديث ابن إدريس: سمعت ابن أبي
عروبة عن قتادة: " أن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- لم يجهر ببسم اللًه
الرحمن الرحيم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان " (3) .
وفي الأوسط من حديث مالك بن دينار عن أنس: " وكانوا يفتتحون
القراءة بالحمد، وكانوا يقرءون: مالك يوم الدين " (4) ، وقال: لم يروه عن
مالك إلا أبو إسحاق الخميسي حازم، ومن حديث عابد بن شريح عنه: " فلم
يجهروا ببسم اللَّه الرحمن الرحيم ". قال أبو عمرو: سئل عن ذلك فقال:
كبرت ونسيت. وعن الدارقطني بإسناد صححه عن أبي مسلمة سعيد بن/
يزيد قال: " سألت أنسَاس ن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يفتتح
القراءة في الصلاة ببسم الله وبالحمد للُّه فقال: لقد سألتني عن شيء ما سألني
عنه أحد " (5) . قال أبو عمر: الذي عندي: أنه من حفظه حجة على من سأله
في حال نسيانه- واللَّه الموفق- قال الخطيب: هذا حديث صحيح الإسناد،
ثبت الرجال، لا علة فيه، ولا مطعن عليه.
وقال ابن الطاهر المقدسي في كتابه تصحيح التعليل: هو إسناد صحيح
متصل، لكن هذه الزيادة في متنه منكرة موضوعة، وقد تتبع الدارقطني في
__________
(1) ، (2) الحديث الثانى، المصدر السابق للنسائي، والثالث أيضاَ.
(3) لها أكثر من موضع سابق.
(4) أنظر: الحديث الأول من الباب ص 1390.
(5) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/108) ، وعزاه إلى أحمد، ورجاله ثقات.

(1/1393)


تصحيحه غير واحد؛ وذلك أنّ أبا سلمة رواه عن أنس: " أكان النبي- صلّى
الله عليه وآله وسلّم- يصلي في نعله؟ فقال: نعم " (1) ، لم يجاوز هذا اللفظ.
كذا رواه غير واحد من الأئمة، فبذلك أنّ رواية العباس عن غسان كرواية
الأئمة والعباس لا يجوز قبوله؛ لأن الراوي إنّما تصل عد أهل الفيض من الثقة
المجمع عليه، وفي البخاري: سئل أنس عن قراءة النبي- صلّى اللَّه عليه وآله
وسلّم- فقال: " كانت مدَا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم بمد بسم وبمد
الرحمن وبمد الرحيم ".
وعند مسلم (2) عنه: " بينما رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- ذات
يوم بين أظهرنا إذا أغفي إغفاءة ثم رفع رأسه متبسِّمَا فقلنا: ما أضحكك يا
رسول اللَّه قال: " نزلت علي سورة آنفَا فقرأ: بسم اللَّه الرحمن الرحيم (إنا
أعطيناك الكوثر* فصل لربك وانحر* إن شانئك هو الأبتر) " (3) ،
ومن حديث شريك عند الحاكم به، وقال: رواته عن آخرهم ثقات عن
أنس: " سمعت رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يجهر ببسم اللَّه
الرحمن الرحيم " (4)
ومن حديث محمد بن المتوكل بن أبي/السرى، وقال: رواته ثقات، قال:
صليت خلف المعتمر من الصلوات ما لا أحصيها الصبح والمغرب؛ فكان يجهر
ببسم اللَّه الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب وبعدها، وعزا ذلك لأبيه، وأبوه
لأنس، وقال أنس: ثنا الودان المقتدى بصلاة النبي- صلّى الله عليه وسلم-
من حديث عبد اللَّه بن محمد بن إبراهيم الطائي ثنا إبراهيم التيمي، وهو
__________
(1) رواه أحمد (4 / 9) ، والمنثور (3 / 79) ، وابن سعد (1 / 2 / 7 / 167) ، والكنز
(17940) ، وأخلاق (137، 138) ، والمجمع (2 / 75) ، بلفظ: " كان يصلى في
تعليه ".
(2) صحيح. رواه البخاري في: فضائل القرآن، باب " 29 ".
(3) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح لم 53) . غريبه: قوله: " أغفي إغفاءة " أي نام
نومة.
(4) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/108- 109) . وعزاه إلى " الهيثمي "، ورجاله
موثقون. ورواه أبو داود وغيره خلا الجهر ما.

(1/1394)


منكر الحديث عن المعتمر بنحو: " إن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- كان
يجهر بالقراءة ببسم الله الرحمن الرحيم " (1) .
ومن حديث أبي جابر شعيب بن عمرو: ثنا محمد بن أبي السرى ثنا
إسماعيل بن أبي أويس ثنا مالك عن حميد عنه: " صليت خلف النبي-
صلى اللَّه عليه وآله وسلم- وخلف أبي بكر وخلف عمرو وخلف عثمان
وخلف علي، فكانوا لا يجهرون ببسم اللَّه الرحمن الرحيم " (2) .
قال الحاكم: إنما ذكرت هذا الحديث شاهدَا، وفي هذه الأخبار التي
ذكرتها معارضة لحديث قتادة الذي ترويه أئمتنا عنه. وقد بقى في الباب عن
أميري المؤمنين- علي وعثمان- وطلحة بن عبيد اللَّه، وحازم بن عبد الله،
وعبد الله ابن عمرو الحكم الثماني، والنعمان بن بشير، وسمرة بن جندب،
وبريدة الأسلمي، وعائشة كلها عندي لكني تركتها إشارة للتخفيف،
واختصرت منها ما يليق بهذا الباب، وكذلك قد ذكرت في الباب من جهر
بالبسملة من الصحابة والتابعين وأتباعهم- رضى اللَّه عنهم-، وفي كتاب
الخطيب من حديث إسماعيل المكي عن قتادة عن أنس: " سمعت النبي-
صلى اللَّه عليه وآله وسلم- يجهر ببسم اللَّه الرحمن الرحيم " (3) ،
وفي هذا ردّ لما قاله وإن كان المكي ضعيفَا فليس مطرحَا بالمهملة، قال
الخطيب:/ثبت أن أنسا لم يسمع من النبي، والتيمي لم يبقى على سماعه
ذلك فيه كما قاله المكي؛ بل المطلق، فيحتمل أن يكون قد سمعه أنس من
بعض الصحابة فرواه عنه رواية مرسلة، ومرسل الصحابة حجة.
حدثنا نصر بن علي الجهمي وبكر بن خلف وعقبة بن مكرم قالوا: حدثنا
__________
(1) المصدر السابق.
(2) الحديث الأول من الباب.
قلت: " وهذا الحديث " سقط منه " لها " وكذا أثبتناه.
(3) ضعيف. رواه الطبراني (1/3380) ، وإتحاف (3/186، 189) ، والمنثور (1/8، 11) ،
والدارقطني (1/302، 307، 309، 311) ، والكنز (22164) ، وابن المبارك في " الزهد "
(7) ، وأصفهان (م/44) ، والجمع (م/109) ، وعزاه إلى البزار، ورجاله موثقون.

(1/1395)


صفوان بن عيسى ثنا بشر بن رافع عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة- أن
النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم: " كان يفتتح القراءة بالحمد لله رب
العالمين " (1) .
هذا حديث قال فيه أبو عمر في كتاب الإنصاف: بشر بن رافع عندهم
منكر الحديث قد اتفقوا على إنكار حديثه، وطرح ما رواه وترك الاحتجاج
به، ولا يختلف علماء أهل الحديث في ذلك، والذين يروون عن بشر: حاتم
بن إسماعيل وعبد الرزاق وصفوان بن عيسى، ولو صح حديثه احتمل من
التأويل أنه كان يفتتح لها دون غيرها من السور ولم يقل دون البسملة؛ لأن
البسملة في أوّل كل سورة مثله في المصحف، ورواه عبد الواحد بن زيد-
يعني: من عند مسلم- وهو منقطع، فإنّ مسلم قال في أوّله حديث عن يحيى
بن حسان ويونس بن محمد المؤذن وغيرهما، قالوا: ثنا عبد الواحد به.
ووصله البزار فقال: ثنا محمد بن مسكين الثمالي عن يحيى بن حسان ثنا
عبد الواحد عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة أن النبي-
صلّى الله عليه وآله وسلّم-: " كان إذا نهض في الثانية استفتح القراءة
بالحمد، ولم يسكت " (2) ، قال عمر: وهذه رواية، يغني ظاهرها عن الكلام
فيها. انتهى كلامه. وفيه نظر في مواضع:
الأوّل: قوله: ولا يختلف علماء أهل الحديث/في ذلك أحد؛ لأنه مما قال
فيه أبو زكريا يحيى بن معين فيما رواه عباس: لا بأس به، وقال أبو أحمد ابن
عدي: لا بأس بأخباره ولم أجد له حديثًا منكرًا، وقال أبو بكر البزار: ليّن
الحديث، وقد احتمل حديثه وخرج له الحاكم في الشواهد، وقال: ليس
بالمتروك وإن لم يخرّجاه.
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/814) . في الزوائد: إسناده ضعيف. أبو عبد الله الدوسي
ابن عم أبي هريرة مجهول الحال. وبشر بن رافع، اختلف قول ابن معين فيه، فمرة وثقة،
ومرة ضعْفه. وضعفه أحمد. وقال ابن حبان: يروى أشياء موضوعة. والحديث- من رواية
غير أبي هريرة- ثابت في الصحيحين وغيرهما.
(2) شرح معاني الآثار (1/200) ، وأبو عوانة (2/99) .

(1/1396)


الثانى: روى عنه غير من ذكر؛ وهو عبد الوهاب بن همام أخو عبد
الرزاق ويحيى بن أبي كثير، وهو من شيوخه.
الثالث: وحدثنا بهذا الحديث طريقًا على رسم الشيخين، قال الطبراني:
ثنا محمد بن العباس الأخرم ثنا أبو حفص عمرو بن علي ثنا أبو داود
الطيالسي ثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن سمعت الأعرج يحدّث عن أبي
هريرة أنّ النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم-: " كان إذا افتتح الصلاة قال:
الحمد لله رب العالمين ثم يسكت هنيهة " (1) . ثم قال: لم يروه عن شعبة إلا
أبو داود رواه أبو الحسن عن ابن صاعد، ثنا عمرو بن علي، ثنا أبو داود عن
شيبة عن محمد بن عبد الرحمن عن سعيد بن زرارة سمعت الأعرج به،
وقال: لم يرفعه غير أبي داود عن شعبة، ووقفه غيره من فعل أبي هريرة.
وحديث العلاء بن عبد الرحمن المذكور عن مسلم قال أبو عمر بن عبد
البر، وهو أصح حديث روي في سقوط البسملة منْ أوّل الفاتحة، رواه مالك
عن العلاء عن أبي السائب مولى هشام. سمعت أبا هريرة سمعت النبي-
صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يقول: قال الله تعالى: " قسمت الصلاة بيني
وبن عبدي نصفين؛ فإذا قال العبد: الحمد للَّه رب العالمين، قال الله: حمدني
عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي ... " (2) .
الحديث.
رواه ابن جريج عن العلاء كرواية/مالك سواء، رواه شعبة والثوري وابن
عيينة عن العلاء عن ابنه عن أبي هريرة، ولم يذكروا أبا السائب؛ فمن أهل
العلم بالحديث من جعل هذا اضطرابًا يوجب التوقف عن العمل بحديث
__________
(1) رواه النسائي في: الافتتاح، 15- باب الدعاء بين التكبيرة والقراءة (2/129) .
(2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/38، 40) ، وأبو داود في (الصلاة، باب
" 13 ") ، والترمذي (ح/2954) ، وحسنه. والبيهقي (2/37، 38، 39، 375) ،
والحميد (973) ، وابن حبيب (1/46) ، والترغيب (2/367) ، وإتحاف (3/150/151،
184) ، والتمهيد (2/230) ، والمسير (4/413) ، وصفة (49، 211) ، وجرجان
(185) .

(1/1397)


العلاء، ومنهم من قال: ليس هذا باضطراب؛ لأن العلاء روى هذا الحديث
عن أبيه، وعن أبي السائب جمعيا كذا رواه أبو أويس عنه، والقول عندي في
ذلك أن مثل هذا الاختلاف لا يضر؛ لأن أباه وأبا السائب من الثقات؛ فعن
أيهما كان فهو من أخبار العدول التي يجب الحكم ما، وفي حديث منصور
ابن أبي مزاحم- وهو من أهل الصدق عندهم- ثنا أبو أويس عن العلاء عن
أبيه عن أبي هريرة أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-: " كان لا يجهر
ببسم الله الرحمن الرحيم " (1) ، قال أبو عمر: بعض هذه الرواية رواية مالك،
وغيره أقوالها في نفسك يا فارس. ورواه الدارقطني من حديث يوسف بن
يعقوب ابن البهلول حدثني جدي، ثنا أبي، ثنا ابن سمعان عن عبد الله بن
سمعان عن زياد بن سمعان، وهو متروك الحديث، عن العلاء عن أبيه عن أبي
هريرة عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- قال: قال اللَّه: لا قسمت
الصلاة بيني وبن عبدي نصفين؛ يقول عبدي إذا افتتح الصلاة: بسم اللَّه
الرحمن الرحيم فيذكرني عبدي، ثم يقول: الحمد لله رب العالمين، فأقول
حمدني عبدي " (2) الحديث. ثم قال: رواه جماعة من الثقات عن العلاء؛
منهم: مالك وابن جريج، وروى ابن القاسم وابن عيينة وابن عجلان والحسن
بن الحراء وأبو أويس وغيرهم على اختلاف منهم في الإسناد، واتفاق منهم
على المتن، فلم يذكر أحد منهم في حديثه بسم الله الرحمن الرحيم، / واتفاقهم
على خلاف ما رواه ابن سمعان ضعيف لا يقدح بما بصروا- والله أعلم-
وقال الملاحي الغافقي الحافظ: تفرد آدم بن أبي إياس عن ابن سمعان بذكر
البسملة، وآدم من شرط الشيخين ومذهبهما أن الزيادة عندهما من الثقة
مقبولة. انتهي كلامه. قد أسلفناه من غير حديث آدم، والله تعالى أعلم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا إسماعيل بن علية عن الحريري عن قيس
ابن عباية، قال: حدثني به عبد الله عن أبيه قال: قلت: ما رأيت رجلَا أشد
عليه في الإسلام، حدثنا منه فسمعني وأنا في الصلاة أقرأ بسم الله الرحمن
__________
(1) الخطيب (3/165) ، والتمهيد (2/230) .
(2) الحاشية قبل السابقة.

(1/1398)


الرحيم فقال: أي: من أباك، والحديث: " فإنى صليت مع رسول الله-
صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- ومع أبي بكر ومع عمر ومع عثمان فلم أسمع
رجلَا منهم يقوله؛ فإذا قرأت فقل: " الحمد للَّه رب العالمين " (1) .
هذا حديث قال فيه الترمذي والطوسي: حسن بلفظ: " فلا تقلها إذا أنت
صليت ". فقال: زاد أبو عيسى: والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة
منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم، ومن بعدهم من التابعين؛ يقول
الثوري، وابن المبارك، وأحمد، وإسحاق، وفي مسند أحمد: " فكانوا لا
يستفتحون القراءة ببسم اللَّه الرحمن الرحيم " (2) ، وفي لفظ: " كان أبونا إذا
سمع أحدنا يقول بسم اللَّه الرحمن الرحيم قال: إني صليت خلف النبي-
صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- وأبي بكر وعمر فلم أسمع أحلَا منهم يقول: بسم
الله الرحمن الرحيم " (3) . وقال البيهقي: تفرد به أبو نعامة، واختلف عليه في
لفظه، وابن عبد اللَّه بن مغفل وأبو نعامة يحتج هما صاحبا الصحيح، وقد
قيل عن أبي عن أنس، وعاد فيه الشافعي/بحديث أنس عن معاوية- يعني:
الآتي بعد- وقال الخطيب: قد طعن بعض الفقهاء في مسنده، وقال قيس:
غير ثابت الرواية، قال: وقيس لا أعلم أحدَا بورعه في دينه ولا كثرة روايته،
ولكن ابن عبد الله مجهول، ولو صح حديثه لم يكن مؤثرَا في حديث أبي
هريرة؛ لصغره وكبر أبي هريرة، ولأنّ النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم-
كان يقول لأصحابه: " ليليني منكم أُولو الأحلام والنهى " (4) ، وقال ابن خزيمة
في كتاب البسملة: مداره على ابن عبد الله بن مغفل، وهو مجهول. وقال
الثوري: هش جماعة الترمذي في تحسينه إلى التساهل، وقالوا: هو حديث
(1) الحديث الأول من الباب ص 1390.
(2) رواه أحمد: (3/179، 275) .
(3) الحديث الأوّل من الباب ص، 139.
(4) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، باب " 28 "، ح/122، 123) ، والمجمع (2/
49) ، والترمذي (228) ،. وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. والحميدي (456) ،
وابن أبي شيبة (1/351) ، والطبراني (10/1/216/1708، 217) ، والحاكم (1/

(1/1399)


ضعيف، وعلي تقدم الصحة فلا يلزم من عدم السماع عدم القراءة ما سواء،
وقال أبو عمر: وقد زعم قوم أن الحريري انفرد به، وليس هو عندي كذلك؛
لأنه قد رواه غيره عن قيس، والمفرد به قيس، وهو ثقة عند جميعهم، وأما ابن
عبد الله فلم يرد عنه إلا قيس في ما علمتم، ولم يروه عنه إلا واحدًا فهو
مجهول عندهم، والمجهول لا تقوم به حجة. ورواه معمر عن الحريري قال:
أخبرني من سمع ابن عبد اللَّه بن مغفل. ورواه إسماعيل بن مسعود عن
عثمان بن غياث عن أبي نعامة لم يذكر الحريري، فالحديث إنما يدور على ابن
عبد اللَّه، وقد تقدّم الخبر عنه، وفي لفظ لعثمان بن غياث: " كان إذا سمع
أحدا يقرأ (1) بسم اللَّه الرحمن الرحيم ". انتهى. وفيما تقدم من الكلام جميعه
نظر؛ لما يذكر بعد من أن الصواب قول من حسنه، وأنّ أبا نعامة لم ينفرد به،
وأنّ ابن عبد الله بن مغفل ليس مجهولا، وقال البيهقي: لم يحتجا به غير
مؤثر في عدالته؛ لأنهما لم يشترطا الإخراج عن كل ثقة ولا التزماه ولو
اشترطاه لم لما أطاقاه، وأما قول من زعم أن ابن مغفل صغير فغير صواب؛ لأنه
ممن بايع تحت الشجرة، ومن الكاتبين، ومن الفقهاء الذين أرسلهم عمر ليفقهوا
أهل البصرة، فعلى هذا يكون سنه من سنَّ أبي هريرة: [قد سمعت رسول
اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ بالطولي الطوالي " (2) ، رواه البخاري، وزاد ابن حبان مالك يقرأ
في المغرب بقل هو اللَّه أحد، وإنا أعطيناك الكوثر، فقال زيد فحلف باللَّه لقد
رأيت النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- الحديث، وسئل ابن أبي مليكة ما
طولى الطوليين؟ فقال: من قبل نفسه المائدة والأعراف وفي النسائي (3) من
حديث أبي الأسود أنه سمع عروة يُحدّث عن زيد أنّه قال لمروان: أبا عبد
الملك أتقرأ في المغرب بقل هو اللَّه أحد، وإنّا أعطيناك الكوثر؟ فقال: نعم،
قال محلوفه: " لقد رأيت النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- بقرأ فيها بأطول
الطوليين المص " (3) ، وفي البيهقي: ورواه محاضر بن المورع عن هشام عن أبيه
__________
(1) قوله: " يقرأ " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأذان، باب " 99 ") ، ومسلم في (الصلاة،
ح/174) ، ومالك في (الصلاة، ح/23) .
(3) رواه النسائي في: الافتتاح، 67- باب القراءة المغرب بالمص (2/169) .

(1/1400)


عن زيد عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلّم- هذا المعنى، والصحيح الأول
يعني رواية البخاري، وفي العلل الكبير للترمذي: سألت محمدَا عن حديث
محمد بن عبد الرحمن الطناوي عن هشام عن أبيه عن أبي أيوب وزيد بن
ثابت قالا: " كان النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يقرأ في الركعتين
الأولتين من المغرب الأعراف " (1) ، فقال: الصحيح: عن هشام عن أبيه عن
أبي أيوب أو زيد هشام بن عروة يشك في هذا الحديث. قال أبو عيسى:
وصحح هذا الحديث عن زيد بن ثابت رواه ابن أبي مليكة عن عروة عن
مروان عن زيد. انتهى. ورواه وكيع في مصنفه عن هشام / على الشك،
وذكر هو المعنى عند البخاري- واللَّه أعلم- وفي مسند السراج: ثنا أبو همام،
ثنا محاصر، ثنا هشام عن أبيه عن زيد بن ثابت عن أبي أيوب: " أن النبي-
صلّى اللَّه عليه وآله وسلم- كان يقرأ في المغرب بسورة الأعراف في الركعتين
كلت] هما في المكتوبة " (2) ، وفيه ردّ لما ذكره الحاكم، وهو حكمه على
حديث عروة عن زيد بالصحة على شرط الشيخين إن لم يكن فيه إرسال، ولم
يخرجاه هذا اللفظ إنّما اتفقا على حديث مروان عن زيد، وحديث محاضر
هذا معسر ملخص، وقد اتفقا على الاحتجاج به، وفي سنن البيهقي: قلت
لابن أبي مليكة: ما طولى الطوليين؟ قال: الأنعام والأعراف، وفي الأطراف
لابن عساكر: قيل: ما هما؟ قال: الأعراف ويونس، وفي كتاب أبي عبد
الرحمن النسائي عن عمرو بن عثمان: ثنا بقية وأبو حيوة عن ابن أبي حمزة،
ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة: " أن رسول اللُّه- صلّى اللَّه عليه وآله
وسلّم- قرأ في صلاة المغرب بسورة الأعراف فرقها في ركعتين " (3) ، وهو
سند ظاهر الصحة، ولا ما ذكره ابن أبي حاتم سمعت أبي، وثنا عن هشام
بن عمار عن الدراوردي عن هشام عن أبيه عن عائشة به فقال: هذا خطأ؛
إنّما هو عن أبيه عن النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- مرسل، ولقائل أن
__________
(1) الحاشية السابقة ص. 140.
(2) المصدر السابق للنسائي: (ح/2) ، من الباب.
(3) أصفهان: (1/143) ،.

(1/1401)


يقول: شعيب بن أبي حمزة والدراوردي ثقتان تواردا على رفعه، والزيادة من
الثقة مقبولة، فالحديث على هذا صحيح- والله أعلم- وحديث عبد الله بن
عتبة بن مسعود: " أن رسول اللَّه- صلّى اللَه عليه وآله وسلم- قرأ في
المغرب بالدخان " (1) ، رواه أيضا بسند صحيح عن محمد بن عبد الله بن يزيد
ثنا أبى ثنا حيوة ورجل أخر قالا: ثنا جعفر بن ربيعة أن/عبد الرحمن بن
هرمز حدّثه أنَّ معاوية بن عبد اللَّه حدثه عنه، وحديث أبي عبد الله
الصالحي: " أنه صلى وراء أبي بكر المغرب فقرأ في الركعتين الأولتين بأم القرآن
وسورة من قصار المفصل، ثم قام في الركعة الثالثة، فدنوت منه حتى أن يتأتى
مكان تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن، وهذه الآية: (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد
إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) " (2) ، رواه مالك
في موطإه عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك عن عبادة بن نسي عن
قيس بن الحرث عنه، وحديث جابر بن سمرة- رضى الله عنه- قال:
" كان- عليه الصلاة والسلام- يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة: قل يا أيها
الكافرون، وقل هو اللَّه أحد " (3) . ذكره الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن
مردويه في كتاب أولاد المحدثين تأليفه بسند حسن من حديث أبي قلابة
الرقاشي عن أبيه أنبأ سعيد بن سماك عن أبيه عنهما، ولما ذكره ابن حبان
سعيدًا في الثقات قال: روى عن أبيه أنّه قال: لا أعلمه إلا عن جابر بن
سمرة: " كان النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يقرأ في صلاة العشاء
الأخرة ليلة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين " (4) ، ثنا به جماعة من شيوخنا عن
أبي قلابة ثنا أبي سعيد بن سماك، والمحفوظ: عن سماك أنّ النبي- صلّى اللَّه
عليه وآله وسلم- فذكره، وفيه نظر؛ لما ذكره بعد في صحيحه: أنبأ يعقوب
__________
(1) رواه النسائي في: الافتتاح، باب " 66 " القراءة المغرب بحم الدخان (2/169) .
(2) رواه مالك في: الصلاة، (ح/25) .
(3) تقدم في ص 1400
(4) ضعيف جدا. رواه ابن حبان (552) ، والبيهقي (2/391) ، الشطر الأول هنه من طريق سعيد بن
سماك بن حرب. وإتحاف (6/215) ، وشرح السنة (3/81) ، والمنثور (6/215) ، وضعفه الشيخ
الألباني.

(1/1402)


بن يوسف بن عاصم ثنا أبو قلابة ثنا أبي سعيد بن سماك حدثنى أبي قال: لا
أعلمه إلّا عن جابر بن سمرة قال: " كان النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم-
يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة بقل يا أيها الكافرون، وقل هو اللَّه أحد،/
ويقرأ في العشاء الآخرة ليلة الجمعة بالمنافقين " (1) . وقد وقع لنا هذا الحديث
عاليا: أنبأ به أبو علي الحسن بن عمر بن خليل قراءة علينا من لفظه أنبأ أبو
الميحاء عبد الله بن عمر بن اللثق قراءة عليه وأنبأ أبو المعاني النحاس، أنبأ أبو
عبد اللَّه بن السراج أنبأ أبو علي بن شاذان، أنبأ أبو عمرو الدّقاق أنبأ أبو قلابة
يذكره مطولًا بذكر الصلاتين، وذكر الإمام أبو عبد الله مالك بن يحيى بن
أحمد الإشبيلي في كتابه اختصار التمهيد لأبي عمر: روى عن النبي- صلّى
اللَّه عليه وآله وسلّم-: " أنه قرأ في المغرب بالصافات وبالمعوذتين " (2) ،
وحديث معاوية بن عبد اللَّه: " أن رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلم-
قرأ في المغرب حم التي فيها الدخان " (3) . ذكره المديني في كتاب المستفاد في
الصحابة من حديث جعفر ابن ربيعة عن الأعرج عنه، وهو سند صحيح،
وحديث أبي هريرة، وقد تقدَّم ذكره في باب ما يقرأ في الظهر والعصر،
وخرّج أبو داود في سننه في هذا الباب حديث أبي إسحاق عن عمرو بن
شعيب عن أبيه عن جدّه أنه قال: " ما من المفصل سورة صغيرة ولا كبيرة إلا
وقد سمعت رسول اللَّه- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- يؤم الناس بها في
الصلاة مكتوبة " (4) . قال صاحب تقريب المدارك: هذا حديث سنده صحيح
عند البخاري وغيره، وحديث هشام ابن عروة أن ابن أبان كان يقرأ في صلاة
المغرب بنحو مما يقرءون العاديات ونحوها من السور (5) واتبعه في أثره، قال
أبو داود: هذا يدّل على أنّ ذاك منسوخ وحديث قرة عن الغزال عن عمار
عن أبي عثمان أنه. " صلى خلف ابن مسعود المغرب فقرأ قل هو اللَّه
__________
(1) المصدر السابق.
(2) رواه النسائي في: الافتتاح، 64- باب القراءة في المغرب بالمرسلات (2/168) .
(3) المصدر السابق، 66- باب القراءة في المغرب بحم الدخان (6/169) .
(4) حسن. رواه أبو داود (ح/814) .
(5) قوله: " السور " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.

(1/1403)


أحد " (1) ورواهما أبو داود، وحديث بريدة: " كان النبي- صلّى الله عليه
وآله وسلم- يقرأ في المغرب / والعشاء: والليل إذا يغشى والضحى، وكان يقرأ
في الظهر والعصر بسبح اسم ربك الأعلى، وهل آتاك حديث الغاشية " (2) .
رواه البزار بسند صحيح عن ابن عبد اللَّه بن بشر بن آدم ثنا زيد بن حباب،
أنبأ الحسين بن واقد عن عبد اللَّه بن بريدة عنه، وعند الترمذي بهذا السند:
" كان- عليه الصلاة والسلام- يقرأ في العشاء الأخرة بالشمس وضحاها
ونحوها من السور "، وقال: حديث بريدة حديث حسن، وحديث البراء بن
عازب قال: " صليت مع النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- المغرب، فقرأ
بالتين والزيتون ". رواه السراج في مسنده بسند صحيح عن قتيبة، ثنا الليث
عن يحيى بن سعيد عن عدي بن ثابت عنه، كذا في نسختي وهي أم كتبها
ابن النجار المؤرّخ، وضبطها وقرأها، وهي أصل جماعة من الحفاظ وعلى
المغرب بصحيح؛ لاًن المحفوظ عن البراء هذه القراءة كانت في العشاء،
وسيأتي ذكره- إن شاء الله تعالى- وحديث جابر: " أنّه كان رجل من
الأنصار يعمل على ناضحين له، فجاء مبادرًا إلى صلاة المغرب فصلى مع
معاذ، فقرأ سورة البقرة فصلى الرجل في ناحية المسجد ثم انصرف، فقال-
عليه الصلاة والسلام-: " أفتَّان يا معاذ ... ثلاث مرات هلا قرأت: والشمس
وضحاها، وسبح اسم ربك، ونحوهما " (3) . ذكره السكسكي في مسنده
بسند صحيح، فقال: ذكر سفيان عن محارب بن دثار عنه، كذا قال
المعرف، وسيأتي ذكره، ويؤيّده ما ذكره النسائي في الكبير: " ويرَخم القراءة
في المغرب بسبح اسم ربك الأعلى ". أنبأ محمد بن بشار، ثنا عبد الرحمن،
ثنا سفيان عن محارب فذكر مثله، ويوضحه ما في صحيح البستي ذكر الخبر
__________
(1) المصدر السابق: (ح/815) . قلت: وهذا حديث حسن.
(2) إسناده صحيح. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/116) ، وعزاه إلى " البزار "،
ورجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني في " الأوسط ".
(3) صحيح. رواه النسائي (2/168) ، والبيهقي (3/85، 112، 117) ، وابن خزيمة (1611،
1634) ، وشفع (384) ، وابن كثير (3/395، 8/63، 412) ، وتلخيص (2/39) ، والفتح (8/
699) ، وشرح السنة (2/39) ، وإتحاف، 338) ، وأصفهان (2/7) .

(1/1404)


الدال على أن المغرب ليس لها/وقت واحد. أنبأ ابن الجنيد، ثنا قتيبة، ثنا
حماد بن زيد عن عمرو عن جابر: " أن معاذَا كان يصلى مع النبي- صلى
الله عليه وآله وسلم- المغرب ثم يرجع إلى قومه فيؤمهم ". ولما ذكره أبو
القاسم في الأوسط قال: لم يروه عن محمد بن قيس- يعني: عن محارب-
إلّا وهيب بن إسماعيل الأسدي، وفي موضع آخر: " فلما أقيمت صلاة
المغرب أتى المسجد فوجد معاذَا افتتح سورة البقرة ". وقال: لم يروه عن
الشيباني عن محارب الأخلد بن عبد الله، وقال الطحاوي: ذهب قوم إلى
الأخذ بحديث أم الفضل وجبير، وخالفهم في ذلك آخرون، وقالوا: لا ينبغي
أن يقرأ في المغرب إلا بقصار المفصل، دليلهم ما رواه أبو الزبير عن جابر:
" أنهم كانوا يصلون المغرب ثم يرجعون " (1) ، وروى حماد عن ثابت عن
أنس: " كنا نصلي المغرب مع النبي- صلّى الله عليه وآله وسلم- ثم يرمي
أحدنا فيرى مواقع نبله " (2) ، وقد أنكر على معاذ تطويل العشاء مع سبقه وقتها
فالمغرب أحرى بذلك، وهو قول مالك والكوفيين والشافعي وجمهور العلماء،
قوله: والمرسلات عرفا، وقال: النواهي الملائكة ترسل العرف، وفي تفسير ابن
عباس: يعني: الرسل من الملائكة ومن الأنس؛ أرسلوا بكل معروف وخير
وبركة، وفي تفسير عبد بن حميد الليثي عن عبد الله بن مسعود وقتادة قالا:
هي الريح، وأما الطور؛ فعن ابن حبان أن رسول الله- صلى الله عليه وآله
وسلم- خوف أهل مكة العذاب فلم يؤمنوا ولم يصدقوا، فأنزل الله تعالى
يقسم بستة أشياء أن العذاب ذلك بهم. والطور: الجبل الذي كلم عليه
موسى- علمِه السلام- لغة سريانية، وكذا ذكره لم يبين أي طور المقسم به
لكونهم سبعة جبال يقال: لكلّ واحد منها الطور الأول: وطور زيتَا جبل/
بقرب رأس عين، الثاني: طور زيتا جبل بالقدس، وبه مات سبعون ألف نبي
قتيبة الجوع، الثالث: علم بحبل مطل على ضبري، الرابع: جبل بنى مصر
وفاران، الخامس: طور سيناء، هذا هو المقسم به- والله أعلم- جبل بأيلهَ
__________
(1) الفتح: (1/311) .
(2) حسن. رواه أبو داود (ح/416) ، وأحمد في " المسند " (3/331) .

(1/1405)


وقيل: الشام، السادس: طور عبدين متصل بالجودي، السابع: طور هارون-
عليه السلام- جبل في صلى البيت المقدس، والله أعلم.

(1/1406)


141- باب القراءة في صلاة العشاء
حدثنا محمد بن الصباح أنبأ سفيان ابن عيينة ح، وثنا عبد اللَّه بن عامر
بن زرارة، ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة جميعًا عن يحيى بن سعيد عن
عدي بن ثابت عن البراء بن عازب: " أنه- صلى اللَّه عليه وآله وسلم-
صلى العشاء الآخرة. قال: فسمعه يقرأ بالتين والزيتون " (1) ، وفي لفظ: " فما
سمعت إنسانًا أحسن صوتًا وقراءة منه " (2) . هذا حديث خرجاه في
صحيحيهما، وعند البخاري: " أن النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- في
سفر ... "، وقد تقدم ذكره قيل: وفي سن النسائي (3) " فقرأ في الركعة الأولى
بالتين والزيتون ".
حدثنا محمد بن رمح أنبأ الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر: اًن
معاذ بن جبل صلى بأصحابه العشاء فطول عليهم، فقال النبي- صلى اللَّه
عليه وآله وسلم-: " اقرأ بالشمس وضحاها، وسبح اسم ربك الأعلى، والليل
إذا يغشى، واقرأ باسم ربك " (4) . هذا حديث خرجاه بلفظ: " كان معاذ
يصلى مع النبي- صلى الله عليه وآلهَ وسلّم- يأتي فيؤم قومه فصلى ليلة مع
النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- العشاء ثم أتى قومه فأمّهم/فافتتح بسورة
البقرة، فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف فقالوا له: أنافقت يا
فلان؟! قال: لا والله، ولآتين رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-
فلأخبره فأتى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: يا رسول الله إنَّا
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/834) .
وصححه الشيخ الألباني.
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/194) ، ومسلم في (الصلاة، باب " 36 "،
ح/175) ، وأحمد (2/ 302) .
(3) رواه النسائي في: الافتتاح، باب " 71 ".
وصححه الشيخ الألباني.
(4) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/836) ، والفتح (2/195) ، والمنثور (6/338) .
وصححه الشيخ الألباني.

(1/1407)


أصحاب تواضع نعمل بالنهار، وإن معاذا صلى معك العشاء ثم أتانا فافتتح
البقرة، فأقبل رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلّم- على معاذ فقال: " يا
معاذ أفتان أنت؟! اقرأ بالشمس وضحاها، وسبح اسم ربك الأعلى، واقرأ باسم
ربك، والليل إذا يغشى " (1) ، وفي صحيح ابن حبان: " اقرأ بالسماء والطارق،
والسماء ذات البروج "، وفي كتاب النسائي (2) : " وإذا السماء انفطرت "، وفي
سن البيهقي لم يقل أحد فسلم إلّا ابن عباد المكي عن سفيان، وفي كتاب
أبي قرّة: " والضحى وهذا النحو "، وفي كتاب أبي القاسم الأوسط: " وسبح
اسم ربك الأعلى "، وفي كتاب السراج: " والفجر "، وفي كتاب مسند أبي
وهب: " خفَّف على الناس ولا تشن عليهم " (3) ، وفي كتاب أبي داود بسند
حسن عن حزم بن أبي بن كعب أنه أتى معاذًا وهو يصلى بقوم صلاة المغرب
في هذا الخبر قال: فقال عليه السلام: " يا معاذ لا تكن فتانًا، فإنه يصلى
وراءك الضعيف والكبير وذو الحاجة والمسافر " (4) . رواه عن موسى بن إسماعيل
ثنا طالب بن حبيب قال: سمعت عبد الرحمن بن جابر بحديث عنه، وفي
كتاب المستفاد بالنظر والكتابة من حديث ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر:
" أن معاذ صلى بالأنصار المغرب، وأن حازمًا الأنصاري لم يصبر لذلك فغضب
عليه معاذ ... " الحديث، وفي مسند أحمد: ثنا عفان، ثنا وهيب عن عمرو بن
يحيى عن معاذ بن رفاعة أنّ رجلًا من بنى سلمة يقال له: سليم، أتى النبي-
صلّى اللَّه/عليه وآله وسلّم- فقال: يا رسول الله إن معاذًا يأتينا بعد ما ينام،
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/180، 8/33) ، ومسلم (339) ، وأبو داود
في (استفتاح الصلاة، باب " 12 ") ، والنسائي (2/103) ، وأحمد (3/308) ، وابن
خزيمة (521) ، وإتحاف (3/201) ، والمشكاة (833) ، والكنز (20428) ، والإرواء
(1/328) .
(2) رواية النسائي في الحاشية السابقة.
(3) بنحوه. رواه أحمد (4/128) ، والبيهقي (3/116) ، والطبراني (9/37، 39) ،
وابن سعد (5/273) ، والمنثور (6/370) .
(4) حسن. رواه أبو داود (ح/791) ، والبيهقي (3/117) ، ونصب الراية (2/30،
53) ، وإتحاف (3/201) ، والكنز (2 " 427، 22929) ، والبخاري في " التاريخ الكبير "
(3/110) ، ومعاني (1/409) .

(1/1408)


ويكون في أعمالنا بالنهار فينادى بالصلاة، فنخرج إليه فيطول علينا في
الصلاة. فقال- عليه السلام-: " يا معاذ إمَّا أن تخفّف بقومك، وإمَّا أن
تجعل صلاتك معى " (1) . وقال ابن حزم: هذا منقطع؛ لأنّ هذا الثانى فْتل يوم
أحد، وكذا ذكره البزار.
وفي الأحكام لأبي الطوسي: ثنا المؤمل بن هشام، ثنا ابن علية عن عبد
العزيز بن صهيب عن أنس: " أنّ معاذا كان يؤم فدخل حرام المسجد ليصلي
مع القوم، فلما رآه تجوّز في صلاته، ولحق بنخله ليسقيه ... " (2) الحديث،
وقال: يقال: هذا حديث حسن. وفي مسند أحمد بسند صحيح عن بريدة:
أن معاذا صلى بأصحابه العشاء فقرأ فيها: اقتربت الساعة، فقام رجل من قبل
أن يفرغ فصلى، وذهب فقال له معاذ قولا ثديدا، فأتى النبي- صلّى الله عليه
وآله وسلّم- فقال لمعاذ: " صل بالشَّمس وضحاها ونحوها من السور " (3) .
وفي مسند الشافعي: " فقرأ سورة النساء والبقرة "، كذا رأيته بخط شيخنا أبي
محمد المسحي- رحمه اللَّه تعالى-، وفي سنن أبي الحسن بسند صحيح ما
تبين أن الصلاة التي صلاها مع النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- كانت
فرضا لا نافلة، خلا حديث معاذ بن رفاعة ثنا أبو بكر النيسابوري ثنا إبراهيم
مرزوق ثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار أخبرني جابر بن عبد
اللَّه أن معاذًا كان يصلي مع النبي- صلّى اللَّه. عليه وآله وسلّم- العشاء ثم
ينصرف إلى قومه فيصلى بهم، فهي له ولهم فريضة. ثنا أبو بكر، ثنا عبد
الرحمن بن بشر وأبو الأزهر ثنا عبد الرزاق/أنبأ ابن جريج أخبرني عمرو بن
دينار أخبرني جابر مثله، وفي مسند الشافعي أنبأ عبد المجيد عن ابن جريج قال
الربيع: قيل: هو عن ابن جريج، ولم يكن عندي ابن جريج عن عمرو عن
__________
(1) حسن. رواه ابن داود (ح/790) ، وعلته: الضعف من طريق المصنف الذي أورده بالمتن،
وأعفه بالانقطاع.
(2) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/118) ، وعزا هـ إلى " أحمد "، ورجاله رجال
الصحيح.
(3) المنثور (6/132) ، وإتحاف (3/201) ، والكنز (19172) ، وأحمد (5/355) ،
والمجمع (2/118) ، وعزاه إليه، ورجال أحمد رجال الصحيح.

(1/1409)


جابر به، وقال البيهقي: وكذلك رواه حرملة عن الشافعي بغير شك، قال
الشافعي: وهو حديث ثابت لا أعلم حديثا يروى من طريق واحدة أثبت من
هذا ولا أوثق رجالًا، قال البيهقي: وكذلك رواه أبو عاصم وعبد الرزاق عن
ابن جريج هذه الزيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، وقد رويت هذه الزيادة من
وجه آخر عن جابر. قال الشافعي: أنبأ إبراهيم بن محمد عن ابن عجلان عن
عبيد الله ابن مقيم عن جابر به، ولفظه: " فيصلى لهم العشاء وهي له نافلة ".
قال البيهقي: ولأصل إلا ما كان موصول الحديث يكون منه، وخاصة إذا
روى من وجهين إلَّا أن يقوم دلالة على التمييز، والظاهر أنَّ هذه الزيادة من
قول جابر، وكان الصحابة أخشى للَّه من أن يقولوا مثل هذا، ولا يعلم من
زعم أنّ ذلك كان مع النبي- عليه السلام- يبطن النخل حين كان يفعل
الفرض مرتين في اليوم ثم نسخ فقرأ ووعى ما لا يعرف. وحديث عمرو بن
شعيب عن سليمان مولى ميمونة عن ابن عمر مرفوعًا: " لا تصلوا صلاة في
يوم مرتين " (1) ، لا يثبت ثبوت حديث معاذ للاختلاف في الاحتجاج برواية
عمرو وانفراده به، والاتفاق على الاحتجاج بروايات رواها معاذ، ثم ليس به
دلالة على كونه شرعًا ثابتًا ثم نسخ، فقد كان- عليه السلام- يرغبهم في
إعادة الصلاة بالجماعة، ويحتمل أن يكون قال ذلك في حين لم يسن إعادة
الصلاة بالجماعة لإدراك فضيلتها، وقد وقع/الإجماع على بعض الصلوات أنها
تعاد. قال أبو جعفر: قد روى ابن عيينة عن عمرو حديث جابر هذا ولم
يذكر هذه الزيادة، قال: ويجوز أن يكون ذلك من كلام ابن جريج، أو من
قول عمرو، ومن قول جابر ثنا على الظن والاجتهاد لا يجزم. انتهي كلامه.
وفيه نظر؛ لما ذكره الشيخ موفّق الدّين من أنّ الإمام أحمد بن حنبل سئل عن
هذه الزيادة، فقال: أخشى أن لا تكون محفوظة؛ لأن ابن عيينة يزيد فيها
كلامًا لا يقوله أحد، وقد روى هذا الحديث منصور وشعبة ولم يقولا ما قال
ابن عيينة، قال الموفق: يعني زيادة هي له تطوع ولهم فريضة، وفال ابن
__________
(1) حسن. رواه أبوه داود (ح/579) ، وأحمد (2/19، 41) ، والبيهقي (2/ 303)
ونصب الراية (2/55، 148) ، والدارقطني (1/415، 416) ، وابن ماجة (1641)
وشرح السنة (3/431) ، والحلية (8/385، 9/231) .

(1/1410)


الجوزي: هذا لا يصح ولو صح ظنًّا من جابر، وفي المعارضة: ليس في
الحديث كيفية صلاة معاذ، وقول جابر: " هي له تطوع " إخبار عن أمر غائب،
ومن أين الجائز مما كان ثبوته معاذ، ومقاتل أن يقول هذه الزيادة ولم ينفرد بها
ابن عيينة، ولو تفرد يعد تفردًا صحيحًا؛ لأنه لم يقبل تفرده ولو صححه؛ بل
يؤكد ما خرجه الشيخان عن جابر: " أن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم-
صلى بأصحابه بطائفة منهم ركعتين ثم تأخر وصلى بالأخرى ركعتين " (1) ،
قال البيهقي: وفي حديث حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عنه: " أن
النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- صلى بأصحابه بطائفة منهم ركعتين ثم
سلَّم، ثم صلى بالأخرى ركعتين ثم سلم ". قال: وكذلك رواه يونس بن عبيد
عن الحسن عن جابر. وثبت معناه من حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن
جابر، ومن حديث الحسن عن أبي بكرة عند أبي داود: " أن النبي- صلّى الله
عليه وآله وسلّم- صلى هؤلاء ركعتين وبهؤلاء ركعتين / فكانت للنبي- صلّى
اللَّه عليه وآله وسلم- أربعَا، لكل ركعتان ركعتان ". قال الشافعي: ولا خبرة
من هاتين للنبي- عليه السلام- نافلة وللآخرين فريضة، وأنبأ مسلم عن ابن
جريج: أنَّ عطاء كان يفونه العتمة فيأتي الناس في القيام فيصلى معهم ركعتين
ثم بنى عليها ركعتين، وأنه رآه فعل ذلك ويعتد به العتمة، قال الشافعي:
وكان وهب بن منبه، والحسن، وأبو رجاء- يعني: يفعلون ذلك-، ويروى
عن عمر بن الخطاب وعن رجل أو اثنين من الأنصار مثل هذا المعنى، ويروى
عن أبي الدرداء، وابن عباس قريب منه وطاوس، والزنجي، وابن مهدي، ويحيى
بن سعيد، واحتج بقوله- عليه السلام-: " من يتصدق على هذا فيصلى
معه؟! " (2) . وهو حديث صحيح. قال في المعرفة: وروى عن ابن عائذ عن
نفر من الصحابة أنهم فعلوا ذلك. زاد بن بطال وابن المدر وسليمان بن حرب
وأبو ثور وداود، ورواية عن أحمد، وصنع من ذلك أبو حنيفة ومالك، ورواية
أبي الحرث عن أحمد.
__________
(1) رواه أحمد: (5/346)
(2، الكنز (3427) ، الإرواء (2/316)

(1/1411)


قال ابق قدامة: أجاز هذه الرواية أكثر أصحابنا وهو قول الحسن، وابق
المسيب، والنخعي، وأبي قلابة، وربيعة، وابن شهاب، ويحيى بن سعيد
الأنصاري، ومجاهد مستدلين بقوله- عليه الصلاة والسلام-: " فلا يختلفوا
عليه "، ولا اختلاف أعظم من اختلاف الثبات، وبقوله- عليه السلام-:
" الإمام ضامن " (1) ، يعنى: يضمنها صحة وفسادا أو الفرض ليس مضمونَا في
النفل، وبقوله: " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة " (2) ، مفهومه: أنه
لا يصلي نافلة غير الصلاة التي تقام؛ لأن المجزوم وقوع الخلاف على الأئمة،
وهو منتفي مع الاتفاق من الجمهور/على جواز صلاة المتنفل مع الفرض، ولو
تناوله النهي لما جاز مطلقَا؛ فعلم أن المراد: الانفراد عن الإمام بما يشوش عليه،
قال ابن العربي: وقوله: لا يظن معاذ تفويت صلاة الفرض خلفه- عليه
السلام- قلنا: سائر أئمة مساجد المدينة أليس كانت الفضيلة تفوتهم معه عليه
السلام أو امتثال أمره- عليه السلام- في إمامة قومه زيادة طاعة، أو يحتمل
أن يكون معاذَا يصلي مع النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- صلاة النهار،
ومع قومه صلاة الليل إذ يحتمل على أنفَا حكاية حال لم تعلم كيفيتها فلا
يعمل بها. وزعم المهلب أنّ ذلك يحتمل أن يكون في أوّل الإسلام وقت
عدم القراءة، ووقت لا عوض لهم عن معاذ فكانوا حاضرون فلا تجعل أصلا
يقاس عليه. انتهى. يؤيّد قوله: ما أسلفناه في حديث ابن رفاعة، وأنّ ذلك
__________
(1) صحيح. رواه أبو داود (ح/517) ، الترمذي (ح/207) ، وابن ماجة (ح/981) ،
وأحمد (2/232، 284، 382، 419، 424، 461، 5/260، 6/65) ، وشهاب
(234) ، وعبد الرزاق (1838) ، وابن خزيمة (1528) ، والطبراني (8/343) ، وشرح
السنة (2/279) ، والمشكاة (663) ، والخطيب (3/242، 4/مه 3، 6/167، 9/
413، 11/306) ، وابن حبان (362، 363) ، مشكل (3/52، 53، 56) ، والحلية
(11818) ، والترغيب (1/176) ، صححه الشيخ الألباني.
(2) صحيح. رواه أبو داود: (ح/517) ، والترمذي: 2/207) وابن ماجة: (ح/981) ،
وأحمد في: " المسند " (2/232، 284، 382، 419) ، وشهاب: (234) ، وعبد الرزاق:
(1838) ، وابن خزيمة: (1528) ، والطبراني: (8/343) ، وشرح السنة: (2/279) ،
والمشكاة (663) ، والخطيب: (3/242) ، وابن حبان: (362) ، وصححه الشيخ الألباني.

(1/1412)


كان قبل أحد، ثم إن اختلاف أسماء المصلين، وما يصلى به، والصلاة، فيه
دلالة على تعدّد ذلك، والله أعلم.
***

(1/1413)


142- باب القراءة خلف الإمام
حدثنا هشام بن عمار وسهل بن أبي سهل وإسحاق بن إسماعيل قالوا: ثنا
سفيان بن عيينة عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت أن
رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلّم- قال: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة
الكتاب " (1) . هذا حديث خرجه الأئمة الستة في كتبهم. زاد أبو داود وأبو
عبد الرحمن فصاعدً ا، قال ابن عيينة: لمن يصلى وحدها قال البخاري في
كتاب القراءة خلف الإمام: وقال معمر عن الزهري فصاعدًا، وعامة الثقات لم
يتابع معمرًا من قوله فصاعدًا أنله قد/أثبت الفاتحة، وقوله: فصاعدًا، غير
معروف ما أراد به حرفًا أو أكثر من ذلك، إلَا أن يكون كقوله: تقطع اليد في
ربع دينار فصاعدًا فتفد بقطع اليد في دينار وأكثر من دينار، ويقال أنّ عبد
الرحمن بن إسحاق تابع معمرًا وأنّ عبد الرحمن رّبما روى عن الزهري ثم
أدخل بينه وبن الزهري غيره، ولا يعلم أنّ هذا من صحيح حديثه أم لا.
وثنا عبد الله، ثنا الليث حدثنى يزيد عن ابن شهاب حدثنى محمود عن
قتادة قال- عليه الصلاة والسلام:- " لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن " (2) .
وسألته عن رجل ينسى القراءة في الصلاة فقال: أرى أن يعود لصلاته وإن
ذكر ذلك في الركعة الثانية، ولا أرى أن لا يعود لصلاته. انتهي كلامه. وفيه
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/192) ، ومسلم في (الصلاة، باب " 11 "،
رقم " 34 ") ، وأبو داود (ح/822) ، والترمذي (ح/247، 311) ، والنسائي (2/137،
واحمد (5/314) ، والبيهقي (2/38، 61، 164، 375) ، وابن أبي شيبة، (1/
360) ، والدارقطني (1/321، 322) ، وأبو عوانة (2/124) ، والمشكاة (822) ، وشرح
السنة (3/83) ، ونصب الراية (1/365) ، والإرواء (2/10، 11) .
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/192) ، ومسلم في (الصلاة، باب " 11 "
رقم " 34، 36 " (، وأبو داود في) الاستفتاح، باب " 21 ") ، والنسائي في (الاستفتاح،
باب " 23 ") ، والترمذي (ح/247، 311) ، وصححه. وأحمد (1/322) ، والبيهقي
(2/374) ، والدارقطني (1/322) ، وعبد الرزاق (2623) ، ونصب الراية (1/338) ،
وأبو عوانة (2/124) .

(1/1414)


نظر؛ لما ذكره الدارقطني أنّه حدّث ابن عيينة عن الزهري: لا تجزئ صلاة لا
يقرأ الرجل فيها بفاتحة الكتاب. ثنا ابن صاعد، ثنا الربيع، ثنا ابن وهب،
أخبرني يونس عن ابن شهاب حدثنى محمود عن عبادة عن النبي- صلّى الله
عليه وآله وسلّم- قال ... وهذا صحيح أيضًا، وكذلك رواه صالح بن كيسان
ومعمر والأوزاعي وعبد الرحمن بن إسحاق وغيرهم عن الزهري، فظاهره
يقتضى أنّ معمرًا وابن إسحاق ومن ذكر رووه كرواية ابن عيينة بغير تلك
الزيادة، وإن كانوا ذكروها فهو نقص لما قاله البخاري من التفرد- والله أعلم-
وفي صحيح الإسماعيلي: " لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها الرجل بفاتحة
الكتاب ". وخرجه الدارقطني أيضًا وفال: هذا إسناد صحيح، وفي لفظ لأبي
داود: " صلى بنا النبي- صلّى الله عليه وآله وسلّم- بعض الصلوات التي
يجهر فيها بالقراءة، فالتبست عليه القراءة فلما انصرف أقبل علينا/بوجهه
وقال: " هل تقرؤون إذا جهرت؟ "، فقال بعضنا: إنا نصنع ذلك، قال: " فلا
وأنا أقول: ما لي ينازعني القرآن، فلا تقرؤوا الشيء من القرآن إذا جهرت إلّا
أم القرآن " (1) ، وعند الترمذي محسنا: الا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا
صلاة لمن لم يقرأها " (2) . وفال أبو طَالب: قلت لأبي عبد اللَّه: ما تقول في
القراءة خلف الإمام؟ قال: لا تقرأ والإمام يقرأ، قلت: أليس قال- عليه
السلام-: " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب " (3) ، قال: ذاك للإمام،
قلت: فمحمود بن الربيع صلى إلى جنب عبادة فجعل يقرأ والإمام يقرأ فقال:
أبا الوليد تقرأ والإمام يقرأ؟! قال: نعم، سمعت النبي- صلّى الله عليه وآله
وسلّم- يقول: " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " (4) . قال: ذاك يقوله محمد بن
__________
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/824) .
(2) حسن. رواه أحمد (5/308، 322، 366) ، والحاكم (1/238) ، وابن أبي شيبة
(1/374) ، والدارقطني (1/318، 319) ، والمجمع (2/110، 111) ، وعزاه إلى
أحمد، ورجاله رجال الصحيح، وشرح السنة (3/82) ، وابن حبيب (1/47) ، والكنز
(3) الحاشية رقم " 1 " (ص 1414) .
(4) الحاشية السابقة.

(1/1415)


إسحاق، وأما غيره فيقول: لا صلاة لمن لم يقرأ، وقد قال الزهري ذلك
للإمام، وقد قاله بعضهم عن أبي هريرة ولكنه خطأ. قلت: فإنهم قالوا: لا
صلاة لمن لم يقرأ، قال: فغضب، ثم قال: ما قال هذا أحد من أهل الإسلام،
هذا النبي- عليه السلام- وأصحابه والتابعون، وهذا الملك في أهل الحجاز،
وهذا الثوري في أهل العراق، وهذا الأوزاعي في أهل الشام، وهذا الليث في
أهل ما قالوا: الرجل صلى خلف الإمام قرأ إمامه ولم يقرأ هو صلاته باطلة،
قلت: يا أبا عبد اللَّه يقولون: الشّافعي، قال: فقال: ما تستحي يا أبا طالب،
ثم قال: فنبي الله أليس هو يعلمنا، أو ليس حديث أبي موسى فبيّن لنا سُنّتنا،
وعلمنا صلاتنا يدل على هذا في أول الإسلام، وقال لهم: لا تكبروا حتى
يكبر إمامكم، وقال لهم: إذا قرأت أنصتوا، قلت: يا أبا عبد اللَّه التيمي
وحدَّث إذا قرأت أنصتوا، فقال أبي: رواه أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان
عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا/ رواه أبو أويس عن
العلاء عن أبيه عن أبي السائب عن أبي هريرة يتقاربون من ألفاظهم أنّه قال:
" كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج " (1) ، غير تمام، وقال أبو
عمر بن عبد البر: ليس هذا الحديث في الموطأ إلا عند العلاء عند جميع
الرواة، وقد انفرد به مطرف عن مالك عن ابن شهاب عن أبي السائب مولى
هشام عن أبي هريرة بهذا الحديث، وساقه كما في الموطأ سواه ولا يحفظ
لمالك عن ابن شهاب، وإنما يحفظ مالك عن العلاء، وقال الدارقطني في
كتاب الغرائب تأليفه: هو غريب من حديث مالك عن ابن شهاب، لم يروه
غير مطرف، تفرد به عنه ابن سبرة بن عبد الله المدني، وهو صحيح من
حديث الزهري حدّث به عنه عقيل هكذا عن أبي السائب عن أبي هريرة عن
النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم، وقد تقدم ذكر هذا الحديث قبل في كتاب
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/841) ، وأحمد (2/478) ، والبيهقي (2/38، 167) ،
وابن أبي شيبة (1/360) ، والحميدي (974) ، وأبو عوانة (2/127، 128) ، والمنثور
(1/6) ، والكنز (19700) ، وأصفهان (2/315) ، وابن كثير (8/284) ، والحلية
(10/31) ، والخطيب (5/203) ،، 20316، 13/25) ، وابن عدي في " الكامل "
(4/1470، 5/1736) .

(1/1416)


افتتاح القراءة، وفي لفظ الفرياني في كتاب الصلاة: " فأوّلها وأوسطها بيني
وبن عبدي وآخرها لعبدي، وله ما سأل، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين،
قال: أخلص عبدي العبادة لي واستعان بي عليها "، وفي لفظ: فإذا قال:
مالك يوم الدين، قال: مدحني عبدي، وما بقي فهو له ". وفي مسند
السراج: " ولعبدي ما صنع "، وفي لفظ: " أيما رجل صلى صلاة بغير قراءة
فهي خداج، غير تمام " (1) . وفي صحيح ابن خزيمة: " فهي خداج، فهي
خداج " (2) .
حدثنا أبو كريب، ثنا محمد بن فضيل، وثنا سويد بن سعيد ثنا علي بن
مسهر، جميعا عن أبي سفيان السعدي عن أبي نضرة عن أبي سعيد: قال
رسول اللَّه- صلّى الله عليه وآله وسلّم-: " لا صلاة لمن لم يقرأ في كل
ركعة الحمد وسورة، في فريضة وغيرها " (3) . هذا/حديث إسناده ضعيف
برواية أبي سفيان طريف المذكور، قيل: ورواه أبو داود في سننه بسند صحيح
عن أبي الوليد الطيالسي عن همام عن قتادة عن أبي نضرة بلفظ: " أمرنا أن
نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر " (4) . ولفظ البزار: أمرنا رسول اللَّه- صلّى الله
عليه وآله وسلّم- ... وقال: وهذا الحديث لا يعلم رواه عن أبي نضرة عن أبي
سعيد إلا همام، وكذا ذكره البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام: عن أبي
الوليد، ثنا همام عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: " أمرنا نبينا "
فذكره، أنا بذلك المسند المعمر نجم الدين عبد الله بن علي بن عمرو- رحمه
الله تعالى- بقراءتي عليه، أنا أبو بكر محمد بن الحافظ تقي الدين إسماعيل
__________
(1) بنحوها أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/111) ، وعزاه إلى الطبراني في
" الصغير "، وفيه ابن لهيعة، وفيه كلام.
(2) المصدر السابق. من حديث ابن عمر، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه سعيد بن
سليمان النشيطي. قال أبو زرعة: نسأل الله السلامة، ليس بالقوي.
" والخداج " أي: النقص.
(3) رواه الترمذي (ح/238) ، من حديث أني سعيد. وقال: وهذا حديث حسن. ونصب
الراية (1/363) .
(4) حسن. رواه أبو داود (ح/818) ، وأحمد (3/3، 45، 97) ، والطبراني (11/
238) ، والكنز (22141) ، والفتح (2/243) ، وابن عدي في " الكامل " (4/1436) .

(1/1417)


بن الأنماطي قراءة عليه، أنا أبو البركات داود بن ملاعب، أنبأ أبو الفضل
محمد بن عمر بن يوسف قراءة عليه، أنبأ الشريف أبو الغنائم بن المأمون قراءة
عليه، أنبأ أبو نصر محمد بن أحمد بن موسى الملاحي قراءة عليه، أنبأ أبو
إسحاق بن محمود الخزاعي، أنبأ أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن المغيرة بن
مردويه البخاري الجعفي- رحمه الله تعالى- به، وفي الأوسط من حديث
سعيد بن عامر عن سعيد عن قتادة عن أبي نضرة بلفظ: " في كلِّ صلاة
قراءة بفاتحة الكتاب، وما تيسر ومن لم يقرأ فهي خداج " (1) ، وقال: لم يروه
عن سعيد بهذا اللفظ إلا سعيد بن عامر. تفرد به محمد بن أبي صفوان
الثقفي.
وفي كتاب الصلاة للفرياني: ثنا ابن بشار ثنا ابن جعفر، ثنا شعبة عن أبي
سلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال: " في كلِّ الصلاة قراءة بأم القرآن فما
زاد " (2) ، وثنا عبيد الله بن معاذ، ثنا بشر بن المفضل، ثنا خالد عن أبي
المتوكل عن/أبي سعيد: " في كل الصلاة قراءة بفاتحة الكتاب فما زاد " (3) .
حدثنا الفضل بن يعقوب الجزري ثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق
عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت: سمعت
رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلم- يقول: " كل صلاة لا يقرأ فيها بأم
الكتاب فهي خداج " (4) . هذا حديث إسناده صحيح ورواه البخاري في
القراءة عن محمد بن عبد الله الرقاشي، ثنا يزيد بن زريع، نا ابن إسحاق
بلفظ: " كل صلاة لا يقرأ فيها فهي خداج " قال البخاري: وزاد يزيد بن
هارون: " بفاتحة الكتاب "، ورواه أبو القاسم في الأوسط من حديث ابن لهيعة
عن عمارة بن غزية عن هشام عن أبيه عنهما بلفظ: " فهي خداج، فهي
__________
(1) رواه النسائي (2/163) ، والكنز (19694) . وأصفهان (2/261) .
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/840) ، وأحمد (2/457) ، والدارقطني (1/327) ،
والكنز (19693، 19704، 22965) ، والخفاء (2/528) ، والإرواء (2/273) .

(1/1418)


خداج، فهي خداج " (1) ، وقال: لم يروه عن عمارة إلا ابن لهيعة. تفرد به
محمد بن عبد اللَه بن يزيد المقري عن أبيه. وفي كتاب الكامل لابن عدي
من حديث حرارة بن مفلس عن شبيب بن شيبة الخطيب- وهما ضعيفان-
عن هشام به بلفظ: " كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج ".
حدثنا الوليد بن عمرو بن سكين، ثنا يوسف بن يعقوب السلفي، ثنا
حسين العلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رسول الله- صلّى
اللَّه عليه وآله وسلم- قال: " ... لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج. فهي
خداج " هذا حديث إسناده صحيح على ما قررناه من حال عمرو وصحيفة،
ورواه البخاري في القراءة عن هلال بن بشر عن السلفي، ورواه أبو القاسم في
الأوسط من حديث سعيد بن سليمان السقطي، ثنا أبان بن يزيد عن عاصم
الأحول عن عمرو بلفظ: " كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فخدجة فخدجة
فخدجة " /، وقال: لم يروه عن عاصم إلا أبان تفرد به سعيد. انتهي كلامه.
وفيه نظرت لما ذكره الفرياني أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن في كتاب
الصلاة تأليفه: ثنا موسى بن السندي الجرجاني، ثنا معاذ بن هشام، ثنا أبي
عن عاصم، فذكره بلفظ: " كل صَلاة ليس فيها قراءة فخدجة فخدجة
فخدجة "، وفي حضاب الدارقطني من حديث محمد بن عبد الله بن عبيد بن
عمير عن عمرو مرفوعا: " من صلى صلاة مكتوبة أو تطوعَا فليقرأ فيها بأم
الكتاب وسورة معها، فإن انتهي إلى أم الكتاب فقد أجزأه " (2) ، ومن صلى
صلاة مع إمام يجهر، فليقرأ بفاتحة الكتاب في بعض مسكناته فإن لم يفعل
فصلاته خداج غير تمام " (3) . قال أبو الحسن: محمد ضعيف.
حدثنا علي بن محمود، ثنا إسحاق بن سليمان، ثنا معاوية بن يحيى عن
يونس عن ميسرة عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء قال: سأله رجل
فقال: أقرأ والإمام يقرأ؟ فقال: سأل رجل النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلّم-
__________
(1) الحاشية رقم " 2 " (ص 1407) .
(2) رواه الدارقطني: (1/321) .
(3) المصدر السابق.

(1/1419)


في كل صلاة قراءة؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-: نعم.
فقال رجل من القوم: وجب هذا " (1) . هذا حديث قال فيه النسائي: فيما
ذكره الضياء هنا خطأ عن رسول اللَّه- صلى الله عليه وآله وسلم-، وإنما هو
من قول أبي الدرداء، والذي رأيت وذكره من حديث زيد بن حبان ثنا معمر
بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن أبي الدرداء بلفظ: " فقال
رجل من الأنصار: وجبت هذه، قال: فالتفت إلي رسول الله- صلّى الله
عليه وآله وسلّم- وكنت أقرب القوم منه فقال: " ما أرى الإمام إذا أم القوم
إلا قد كفاهم " (2) . قال أبو عبد الرحمن: خولف زيد في قوله: " فالتفت
رسول الله- صلّى الله عليه وآله وسلّم- إلي "، وقال الدارقطني في العلل:/
هو من قول أبي الدرداء، ومن جعله من قول النبي- صلّى اللَّه عليه وآله
وسلّم- لأبي الدرداء فقد وهم، ورواه البخاري في كتاب القراءة عن عبد الله
بن محمد، ثنا بشر بن السري ثنا معاوية، وثنا علي، ثنا معاوية به مرفوعًا من
غير ذكر الالتفات، ولما ذكر الإشبيلي حديث النسائي قال: اختلف في إسناد
هذا الحديث ولا يثبت، قال ابن القطان: قوله توهم في الحديث علّة لا تقبله
معها أحد، وليس كذلك؛ بل هو موضع نظر، فإنه حديث رواه النسائي من
طريق زيد بن حباب عن معاوية، وكذا ذكره الدارقطني، وأتبعه أن قال:
الصواب أنه من قول أبي الدرداء، فرأى أبو محمد هذا فاعتمده ولم يجاوزه،
ورأيته في كتابه الكبير لم يزد فيما علله به أن قال: خولف في هذا زيد،
والصواب: أنه من قول أبي الدرداء. ذكر ذلك الدارقطني في سننه لم يزد،
وكرر الدارقطني ذكره في موضع آخر من الكتاب المذكور؛ فجاء به من رواية
ابن وهب عن معاوية بن صالح فجعله من كلام أبي الدرداء، ثم قال: رواه
ابن حبان مرفوعًا، ووهم فيه، والصواب: قول ابن وهب. انتهي قوله. فإذا
ليس فيه أكثر من أن ابن وهب وقفه وابن حبان رفعه وهو أحد الثقات، ولو
خالفه في رفعه جماعة ثقات فوقفه لما انبغى أن يحكم عليه في رفعه بالخطأ،
__________
(1) يأتي في الحاشية القادمة.
(2) رواه النسائي في (الافتتاح، باب " 3 " والبيهقي (2/162) ، ونصب الراية (2/17) ،
والكنز (22955) ، والدارقطني (1/332، 339) .

(1/1420)


فكيف ولم يخالفه إلا واحد، وأرفع لما يعتل به عليه مرفوعًا الشك الذي في
قوله: " ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم "، وأنَّ هذا استبعد أن يكون
من كلام النبي- عليه السلام- ولو كان من مجتهد به، وإلا ظهر أنَّه من
كلام أبي الدرداء انتهي كلامه. وقد أسلفنا قبل من تابع زيدًا على رفعه
الحديث صحيحًا، وأنَّ زيدًا نفسه اختلف عليه؛/فرواه علي عنه عند البخاري
كرواية بشر بن اليسرى، ورواه هارون بن عبد اللَّه عند النسائي كما تقدم،
وكذلك عثمان بن أبي شيبة عند الفرياني في كتاب الصلاة، وأبو علي الحسن
بن محمد بن الصباح الزعفراني عند أبي إسحاق، وإبراهيم بن محمد بن عبيد
في مسند أبي الدرداء جمعه، وقد وقع لنا متابعَا لزيد على رفعه. قال الطبراني
في الكبير: ثنا عبدان بن أحمد ثنا زيد بن الحريس، ثنا عمرو بن الوليد
الأغصف ح، وثنا محمد بن عبد اللَّه الحضرمي، ثنا أحمد بن بديل ح، وثنا
الحسين التستري، ثنا يحيى الحماني قال: أنبأ إسحاق بن سليمان عن كليهما
عن معاوية عن يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عن أبي الدرداء: " سأل رجل
النبي- عليه السلام- فقال: أفي كل صلاة قراءة: قال: " نعم " قال رجل
من القوم: وجب هذا: فقال- عليِه السلام-: " ما أرى الإمام إذا قرأ إلا
كان كافيًا " (1) .
وأما قوله عن الدارقطني أنه قال: الصواب، أنه من قول أبي الدرداء؛
فلذلك هو معين لا لفظًا، الذي في كتابه كذا قال، والصواب فقال أبو
الدرداء: " ما أرى الإمام إذا أمَّ القوم إلا قد كفاهم "، وفي قوله: أن ابن وهب
وحده فيه نظر؛ لما ذكره الفرياني في كتاب الصلاة: ثنا ابن راهويه وثنا معاوية
بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن أبي الدرداء أن رجلًا قال:
" يا رسول الله في كل صلاة قرآن؟ قال: " نعم " فقال رجل: قد وجبت
هذه. فقال أبو الدرداء: أنا كثير ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد
كفاهم " (2) ، وفي قوله عن الكتاب الكبير: لم يزد أن قال: خولف في هذا
__________
(1) الكنز (20549) ، والمجمع (2/110) ، وقال الهيثمي: وروى ابن ماجة منه إلا قوله
وجب هذا، وعزا هـ إلى الطبراني في " الكبير "، وإسناده حسن.
(2) المصدر السابق بنحوه.

(1/1421)


زيد، والصواب أنَّه من قول أبي الدرداء ذكره الدارقطني في سننه نظر؛ لما في
الكبير، وقد خولف زيد في هذا، والصواب/أنه من قول أبي الدرداء: " ما
أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم " (1) . ذكر ذلك الدارقطني في سننه،
وإنَّما حجته في هذا وشبهه كقوله: لم يزد، واللَّه أعلم.
وحدثنا محمد بن يحيى، ثنا سعيد بن عامر وثنا شعبة عن مسعر عن زيد
القصير عن جابر بن عبد الله قال: " كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام
في الركعتين الأولتين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخرتين بفاتحة الكتاب " (2) .
هذا موقوف مسند صحيح. رواه الفرياني في كتاب الصلاة عن الفلاس، ثنا
يحيى بن سعيد، ثنا مسعر بلفظ: " يقرأ في الركعتين الأولتين من الظهر
والعصر بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخرتين بفاتحة الكتاب مما فوق ذلك أو
أكثر "، ومعناه يستند من حديث أبي قتادة المذكور قبل عند التأكيد: " وفي
الركعتين الأخرتين بأمِّ الكتاب "، وبحديث جابر قال- عليه السلام-: " الإمام
ضامن، فما صنع فاصنعوا " (3) . رواه الراوي عن عبد الحميد ثنا موسى بن
شيبة عن محمد بن كليب وهو عن جابر عنه ثم قال: هذا مصحح لمن قال
بالقراءة خلف الإمام، وبحديث عائشة أن النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم-:
" كان يقرأ في الأخرتين بفاتحة الكتاب " (4) . ذكره في الأوسط من حديث
عائشة أشعث عن عبد الملك عن الحسن وابن سيرين عنها، وقال:/يروه
عن أشعث إلَّا سنان بن هارون. وفي الباب حديث رفاعة بن رافع أن النبي-
صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم- قال للأعرابي: " ثم قرأ بأم القرآن وبما شاء الله أن
تقرأ ". ورواه أبو داود (5) ، وبسند صحيح عن وهب بن بقية عن خالد يعني:
ابن عبد الله/الواسطي- عن محمد بن عمرو عن علي ابن يحيى بن خلاد
عنه، وحديث أبي هريرة قال: أمرني رسول الله- صلّى الله عليه وآله
وسلّم- أن أنادي أنه لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب " (6) . فما زاد ذكره أبو
__________
(1) رواه الدارقطني: (1/332، 339)
(2) انظر: الإرواء (2/288) .
(3) تقدم في ألإِمامة.
(4) المنتقى: (187) .
(5) تقدم هذا الحديث. وقد رواه أبو داود (ح/858) ، وهذا حديث حسن.
(6) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، باب " 11 " رقم " 42 ") ، وأحمد (2/308، 443) ،=

(1/1422)


عيسى في كتابه بغير إسناد، وقال: وروى أبو عثمان النهدي عن أبي هريرة
فذكره، ورواه ابن الجارود في منتقاه عن عبد اللَّه بن هشام وأبو داود عن ابن
بشار قالا: ثنا يحيى القطان عن جعفر بن ميمون عن أبي عثمان. ولما ذكره
البزار في سننه قال: وهذا الإسناد إسناد مستقيم يحيى بن سعيد عن جعفر بن
ميمون وجعفر وقد روى عنه يحيى بن سعيد ومحمد ابن عدى وجماعة، وأمّا
قوله من الإسناد يستغنى ليشهر بهم عن صفتهم. وذكره الحافظ أبو الحسن
أحمد بن محمد الخفاف في كتاب الصلاة تأليفه؛ عن محمد بن رافع، ثنا أبو
أسامة أخبرني جعفر بلفظ: لا لا صلاة إلا بقرآن، ولو بفاتحة الكتاب فما
زاد " (1) . وفي كناب الصلاة للفرياني هذا الإسناد وأنادى بالمدينة: " لا صلاة
إلا بقراءة أو بفاتحة الكتاب ". وقال البيهقي في المعرفة: وأما حديث وهب
وغيره عن جعفر بن ميمون: لا لا صلاة إلا بقراءة "، وقال بعضهم: " إلا
بقرآن، ولو بفاتحة الكتاب "؛ فقد خالفهم الثوري فقال: " إلا بقراءة فاتحة
الكتاب فما زاد "، وكذا رواه يحيى بن سعيد، ورواه أبو القاسم في الأوسط
من حديث حجاج بن أرطأة عن عبد الكريم عن أبي عثمان بلفظ: " في كلّ
صلاة قراءة، ولو بفاتحة الكتاب " (2) ،ِ وقال: لم يروه عن حجاج إلا إبراهيم
ابن طهمان، وحديث عمر بن يزيد المدائني عن عطاء عن ابن عمر قال. قال
رسول اللَّه- صلّى اللَه عليه وآله وسلّم-: " لا تجزئ الكوبة إلا بفاتحة
الكتاب وثلاث آيات " (3) /.
وفي المشكل (4) للطحاوي: قد وجدنا النبي- صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم-
قد سمى صلاة أخرى خداجاً لمعنى غير المعنى الذي تسمى به هذه الصلاة
خراجاً، وهو ما روى المطلب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " الصلاة مثنى مثنى
__________
ونصب الراية (2/147) ، والكنز (19607) .
(1) رواه أبو داود في: الافتتاح، باب " 21 ".
(2) تقدم. رواه النسائي (2/163) ، والكنز (19694) ، وأصفهان (2/261) .ص 1408
(3) الكنز: (19690) .
(4) بياض " بالأصل ".

(1/1423)


وتشهد في كل ركعتين، وتقنع وتمسكن بيديك، وتقول: اللهم اللهم، فمن لم
يفعل ذلك فهي خداج " (1) .
وروى عن الفضل بن عباس بمثله غير أنه قال: " وتقنع بيديك يقول
ترفعهما إلى ربك عز وجل مستقبلًا ببطونهما وجهك، وتقول: يا رب يا رب،
فمن لم يفعل ذلك لدى، يعني: فهي خداج ". قال أبو جعفر: وفي هذا
الحديث وفي الحديث الذي قبله وصف نبيك أنها خداج، فقال قوم أنّ من
صلى ولم يقرأ في صلاته في كل ركعة منها فاتحة الكتاب لم يجزه، وجعلوا
النقص الذي دخلها يبطلهّا، وقد خالفهم في ذلك قوم؛ منهم أبو حنيفة
وأصحابه فجعلوها جارية مخدجة يترك قراءة الفاتحة فيها، وذهبوا إلى أن
الخداج لا يذهب به الشيء الذي يُسمَّى به؛ لأنها لم تكن بنقصانها معدومة،
ولكنها ناقصة بوجودها وليس كل من نقصت صلاته بمعنى تركه منها يجب
فسادها لا قد رأيناه بترك تمام ركوعها وإتمام سجودها فيكون ذلك نقصانها،
ولا تكون فاسدة يجب إعادتها فلا ينكر أن تكون بترك قراءة فاتحة الكتاب
فيها ناقصة نقصاً لا يجب معه إعادتها، وقد وجدنا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما دل
، على ذلك؛ وهو ما روي عنه انه لما خرج في مرضه الذي توفي فيه، وأبو بكر
يصلي بالناس فذهب أبو بكر يتأخر فأشار إليه مكانك، فاستتم النبي/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من
حيث انتهي أبو بكر من القراعتي وأبو بكر قائم ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جالس فأتم
أبو بكر بالنبي، وأتم الناس فأبي بكر يخلو إذا استتم بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من حيث
انتهي أبو بكر من أن يكون أبو بكر قد قرأ الفاتحة أو شيئاً منها، فلم يقرأ النبي
__________
(1) صحيح. رواه أبو داود (ح/1296) ، والترمذي (ح/385) ، وأحمد (1/122، 4/
167) ، والبيهقي (1/487، 488، 2/488) ، والطبراني (18/295) ، وابن خزيمة
(1212) ، والدارقطني (1/418) ، وشرح السنة (3/260) ، والترغيب (1/348) ،
ومشكل (2/24) ، والبخاري في " التاريخ " (3/283) ، وابن المبارك في " الزهد "
(404) ، والمشكاة " (805) ، والكنز (20091، 20092) ، والعلل (365) .

(1/1424)


ما سبقه من ذلك أبو بكر وأجزأته صلاته فكان في ذلك، وقيل: على أن ترك
قراءة الفاتحة أو بعضها لا تفسد الصلاة، والله أعلم (1) .
***
__________
(1) ولفظ الحديث: " أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أبا بكر أن يُصلى بالناس في
مرضه. فكان يُصلى بهم، فوجد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خفة، فخرج، وإذا أبو بكر يؤُم الناس،
فلما رآه أبو بكر استأخر، فأشار إليه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أي: كما أنت- فجلس رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حذاء أبي بكر، إلى جنبه، فكان أبو بكر يُصلى بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والناس يُصفون
بصلاة أبي بكر ".
صحيح، متفق عليه. رواه البخاري في (الأذان، باب " 51، 39، 67، 68 ") ،
ومسلم في (الصلاة، ح/90) ، والنسائي في (الإِمامة، باب " 40 ") ، وابن ماجة (ح/
1233) ، وأحمد (1/209، 356، 2 / 52، 5/331، 336، 6/210، 224،

(1/1425)


143- باب سكتتي الإِمام
حدثنا جميل بن الحسن بن جميل القبكي، ثنا عبد الأعلى، ثنا سعيد عن
قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب قال: " سكتتان-:حفظتها:'-، عن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأنكر ذلك عمران بن حصين فكتبنا إلى أبي بن كعب بالمدينة
فكتب:
أن سمرة قد حفظه، قال سعيد: فقلنا لقتادة: ما هاتان السكتتان؟ قال: إذا
دخل في صلاته وإذا فرغ من القراءة حتى يزاد إليه نفسه " (1) . وثنا محمد بن
خلف بن خداش وعلي بن الحسين بن أسكب، ثنا إسماعيل بن علية عن
يونس عن الحسن فذكره. هذا حديث قال فيه أبو عيسى الترمذي: هذا
حديث حسن، ولفظ البزار (2) عن سمرة: " سكتتان؛ إذا ابتدأ الصلاة،
وسكتة إذا فرغ من قراءته "، وعند أبي داود (3) : " سكتة إذا كبر، وسكتة إذا
فرغ من ولا الضالين " وقال فيه الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم
يخرجاه، ولا يتوهم: هل ابن الحسن لم يسمع من سمرة! فإنّه سمع به، وله
شاهد بإسناد صحيح عن أبي هريرة يكتب: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعلهن، /
تركهن الناس يرفع يديه مدا يسكت بعد القراءة هنية يسأل الله من فضله،
وقال الدارمي: كان قتادة يقول ثلاث سكتات، وفي الحديث المرفوع سكتتان،
واحتج به البخاري في كتاب القراءة خلف الإِمام، وقال أبو علي الطوسي:
يقال: هو أحسن حديث وأصحه، ولما ذكره محمد الإشبيلي سكت عنه
سكوت مصحح له، واعترض عليه أبو الحسن، بأن سعيد اختلط بآخره، وعبد
الأعلى لا يعرف حتى سمع منه أقبل الاختلاط أم بعده وفيه نظر في موضعين:
الأول: إسماعيل رواه عن يونس كما هو مذكور عن ابن ماجة فسلم
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/844) .
وصححه الشيخ الألباني.
(2) قوله: " البزار " غير واضحة " بالأصل "، وكذا أثبتناه.
(3) حسن. رواه أبو داود (ح/780) .

(1/1426)


الإسناد من الاعتراض بسعيد، وكذا رواه خالد بن الحرث عن أشعث عن
الحَسن عند أبي داود هشيم عن منصور ويونس عن الحسن فيما ذكره عبد
الله بن أحمد عن أبيه في كتاب العلل، قال أحمد: وثنا عفان، ثنا يزيد بن
زريع، ثنا يونس به. ورواه الدارمي عن عفان، ثنا حماد بن سلمة عن حميد
عن الحسن فذكره.
الثاني: إغفاله انقطاع ما بين الحسن وسمرة المشهور على الألسنة وإن
كنت لا أراه؛ لما أسلفنا؛ ولما ذكره عبد الله بن أحمد، ثنا أبو خيثمة، ثنا
قريش بن أنس، ثنا حبيب بن الشهيد قال: قال لي ابن سيرين: سئل الحسن:
ممن سمع حديثه في العقيقة؟ فقال: سمعه من سمرة، ولا يعترض على هذا
بقول أبي بكر الردنجى الحافظ في كتاب المراسيل تأليفه: عن الحسن عبئ سمرة
ليست بصحاح الا من كتاب، ولا يحفظ عن الحسن سمعه سمرة إلا حديثاً
واحداً، وهو حديث العقيقة ولم يثبت رواه قريش بن أنس، ولم يروه غيره.
وهو وهم؛ لما ذكره أبو القاسم الطبراني في معجمه الأوسط: ثنا أحمد بن/
داود المكي، ثنا عبد الرحمن بن بكير بن الربيع بن مسلم، ثنا محمد بن
حمدان، ثنا أبو روحٍ عن الحسن قال: قال سمرة: ألا أحدثك حديثاً سمعته
من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرارا، ومن أبي بكر، ومن عمر مراراً؟ قلت: بلى، قال: من قال
إذا أصبح وإذا أمسى: اللهم أنت خلقتني وأنت تهديني ... " (1) الحديث. ثم
قال: لا يروى عن سمرة إلا هذا الإسناد. تفرد به عبد الرحمن بن بكير،
وقال البخاري وفي التاريخ الكبير: َ قال لي علي: سماع الحسن بن سمرة
صحيح، وأحد حديثه من قبل عبدة قبلناه، وفي تاريخ أبي حاتم الرازي رواية
الكسائي قلت: الحسن هل سمع من سمرة؟ فذكر كلامًا يقتضي سماعه منه،
وممن صحح سماعه: الترمذي في حديث: " نهي عن بيع الحيوان بالحيوان
لنبيه " (2) .
__________
(1) لم نقف عليه.
(2) صحيح. رواه أبو داود (ح/3356) ، والترمذي (ح/1237) ،. وقال: هذا حديث حسن صحيح.
وابن ماجة (ح/2270) ، والنسائي (7/292) ، وأحمد (5/288) ، والدارقطني (3/71) ، ومعاني
(4/60) ، وأصفهاني (1/253، 2/137) ، الخطيب (2/354، 8/186) .

(1/1427)


وحديث العقيقة، وحديث: " جار الدار أحق بدار الجار " (1) ، وحديث:
" إذا أتى أحدكم على ماشية " (2) ، وحديث: " اقتلوا شيوخ المشركين " (3) ،
وحديث: " لا يلاعنوا بلعنة الله " (4) ، وحديث: " الحسب والمال " (5) ،
وحديث: " الصلاة الوسطى صلاة العصر " (6) ، وأبو حاتم (7) النهي بتخريجه
حديثه عنه في صحيحه: " من صلى الغداة فهو في ذمة الله " (8) ، وإمام
__________
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/3517) ، والكنز (17697) .
(2) حسن. رواه أبو داود (ح/2619) ، والترمذي (ح/1296) ، وقال: هذا حديث
حسن غريب، والبيهقي (9/359) ، والطبراني (7/255) ، وشرح السنة (8/234) ،
والمشكاة (29535) .
(3) ضعيف. رواه أبو داود (ح/2670) ، وأحمد (5/12، 20) ، والبيهقي (9/92) ، والطبراني (7/
272) ، وتلخيص (4/103) ، ونصب الراية (3/386) ، وشرح السنة (11/48) ، والمشكاة
(3952) ، والكنز (11009) ، والمنثور (2624) ، وابن أبي شيبة (12/388) .
قلت: وعلته الحجاج بن أرطأة النخعي الكوفي، تركه ابن مهدى والقطان. وقال أحمد،
لا يحتج به. وقال ابن عدي: ربما أخطأ ولم يتعمده. وقال ابن معين أيضا: صدوق يدلس.
خرج له مسلم مقرونا بغيره.
(4) صحيح. رواه أبو داود (ح/4906) ، والترمذي (ح/1976) ، والترغيب (3/470) ،
وأذكار (313) ، وأحمد (5/15) ، والحاكم (1/48) ، وإتحاف (7/484) ، ونصب
الراية (2/20) ، وعبد الرزاق (19531) . وصححه الشيخ الألباني.
(5) صحيح. رواه للترمذي (ح/3271) ، وابن ماجة (ح/4219) ، وأحمد (1/5) ،
والبيهقي (7/136) ، والحاكم (2/163، 4/325) ، والطبراني (7/265) ، والفتح (9/
135) ، وإتحاف (8/352) ، والبغوي (6/231) ، والمنثور (6/99) ، والمشكاة (49، 2) ،
وشرح السنة (13/125) ، والكنز (5634) ، والحلية (6/190) ، والقرطبي (2/435،
16/345) ، وابن عدي في " الكامل " (1154) .
(6) رواه أحمد (5/12، 13) ، وابن أبي شيبة (2/503، 506) ، وابن خزيمة (1338) ، والكنز
(4257، 4405) ، والمنثور (1/304، 6/2232) ، والفتح (8/195) ، والطبراني (2/344) ،
والقرطبي (3/179، 210) ، وابن كثير (1/428، 430) .
(7) كذا سياق المصنف.
(8) رواه الطبراني (2/170) ، والجمع (1/297، 296) ، وإتحاف (10/307) ، وابن
عدي (4/1378) ، والمنثور (1/299) ، والكنز (19306، 19319) ، والحلية (6/
173) ، وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح.

(1/1428)


الأئمة أبو بكر بن خزيمة بتخريجه حديث العقيقة في صحيحه. حدثنا أبو
بكر بن أبي شيبة، ثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن
أبي صالح عن أبي هريرة: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما جعل الإِمام ليؤتم به؛
فإذا كبر فكبروا، وإذا تكلم فأنصتوا، وإذا قال: غير المغضوب عليهم، فقولوا:
آمين، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا
لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا " (1) . هذا/
حديث سئل مسلم بن الحجاج عنه: أهو صحيح؟ قال: هو عندي صحيح،
فقيل له: لم تكن تضعه هاهنا- يعني: في كتابه- فقال: ليس كلّ شيء
عندي صحيح وضعته هاهنا، إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه، وقال أبو
محمد بن حزم: هذا عندنا صحيح، وصححه أيضا أحمد بن حنبل- رحمه
الله- فيما حكماه الأثرم.
وفي سؤالات أبي طالب: قلت له: يقولون أن الأحمر أخطأ فيه فقال: رواه
التيمي عن قتادة عن أبي المحلاب عن حطان عن أبي موسى، قلت: يقولون:
أخطأ التيمي قال: من قال هذا فقد بهته. ولما أخرجه أبو داود قال: هذه
الزيادة ليست محفوظة، الوهم عندناَ من أبي خالد. وقال البخاري في كتاب
القراءة: رواه الأحمر عن ابن عجلان عن زيد وغيره، ولا يعرف هذا من
صحيح حديث الأحمر، قال أحمد: أراه كان. يدلس، قال محمد: ولم يتابع
أبو خالد في زيادته. انتهي كلامهم. وفيه نظر؛ لأن قد وجدنا لأبي خالد
متابعا؛ هو ما رواه النسائي عن محمد بن عبد الله بن المبارك عن محمد بن
سعيد- يعني: الموثق عنده، وعند يحيى، وعد المخرمي- عن ابن عجلان به،
وقال في آخره: لا نعلم أن أحدا تابع ابن عجلان على قوله فأنصتوا.
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/106، 187، 203، 2/59) ، ومسلم في
(الصلاة، ح/77، 79، 80، 88) ، وأبو داود (ح/603) ، والترمذي (ح/361)
وصححه، والنسائي (2/196) ، وابن ماجة (ح/1238، 1239) ، وأحمد (2/420) ،
والبيهقي (2/92، 3.3، 3/78) ، والتمهيد (6/130) ، وعبد الرزاق (4، 78) ، والمنحة
(608، 634) ، وشرح السنة (3/419) ، والمشكاة (857) ، وابن أبي شيبة (1/377،
2/325) ، والمنثور (3/156) ، والكنز (20464، 20465، 20489، 20490،

(1/1429)


وآخر رواه الدارقطني عن محمد بن جعفر، ثنا أحمد بن حازم، ثنا
إسماعيل بن أبان الفقوى ثنا محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم ومصعب بن
شرحبيل عن أبي صالح بزيادة فلا يختلقوا عليه، وقال إسماعيل: ضعيف، ثنا
عبد الملك بن أحمد، ثنا حماد بن خداش، ثنا أبو مسعد أيضاً، نا محمد بن
مبشر، ثنا ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا. الصاغاني
ضعيف، وفي قول النسائي: لم يتابع عليه ابن عجلان نظر؛ لما ذكره أبو
الحسن عن محمد بن عثمان/ثنا محمد بن يونس- يعني: الكريمي- ثنا
عمرو بن عاصم، ثنا معمر، سمعت أبي يحدّث عن الأعمش عن أبي صالح
بلفظ: " إذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، فأنصتوا " (1) . قال:
الصحيح المعروف: " إذا قال الإِمام: ولا الضالين فقولوا: آمن "، واعترض ابن
القطان على هذا الإِسناد وضعفه.
حدثنا يوسف بن موسى القطان، ثنا جرير عن سليمان التيمي عن قتادة
عن أبي غلاب عن حطان بن عبد الرقاشي عن أبي موسى قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا قرا الإمام فأنصتوا، فإذا كان عند القعدة فليكن أول ما ذكر
أحدكم التشهد " (2) . هذا حديث أخرجه مسلم في صحيحه من حديث
جرير، وفي آخره: قال أبو إسحاق: إبراهيم بن محمد بن سفيان قال أبو بكر
ابن أخت أبي النضر في هذا الحديث- أي: طعن فيه- فقال مسلم: أتريد اًن
تحفظ من سليمان؟
وأشار أبو طالب في سؤالات أحمد إلى أنه قال بها، وقال أبو الحسن
الدارقطني: هذه اللفظة لم يتابع سليمان عليها عن قتادة، وخالفه الحفاظ فلم
يذكروها قال: وإجماعهم على مخالفته تدل على وهمه، ولعلّه شبه عليه؛
لكثرة من خالفه من الثقات، وقال في موضع آخر: ورواه سالم بن نوح
__________
(1) بنحوه. رواه البيهقي: (2/141) .
(2) صحيح. رواه ابن ماجة (7/184) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/187) ، والكنز
(19684) ، وابن عدي في " الكامل " (3/1184، 6/2232) .
وصححه الشيخ الألباني.

(1/1430)


العطار عن عمر بن عامر وابن أبي عروبة عن قتادة بهذه الزيادة لم يزود من
هذه الطريق، ورواه البزار عن محمد بن يحيى القطعي عن سالم، وهو سند
صحيح على شرط مسلم، وقال الأثرم في سؤالات أحمد، قال لي: وقد
زعموا أن المعتمر رواه، قلت: نعم قد رواه المعتمر، قال: فأي شيء تريد. انتهي
حديث المعتمر. ورواه أبو عوانة الإسفراييني في صحيحه عن سليمان/بن
أشعت السجزي، ثنا عاصم بن النضر ثنا المعتمر، ثنا قتادة بهذه الزيادة قال:
وثنا الصانع بمكة، ثنا علي بن عبد الله، ثنا جرير عن سليمان فذكره، وثنا
سهل بن محمد الجند نيسابوري، ثنا عبد الله بن رشد، ثنا أبو عبيده عن قتادة
ذكره. فهذا كما ترى قد سلم الحديث عن التفرد الذي أشار إليه هؤلاء
الحفاظ وعجز عن الجواب عليه مسلم وغيره. وقد وجدنا متابعاَ أخيرَا ذكره أبو
مسعود الدمشقي في جوابه للدارقطني وهو الثوري قال: رواه عن سليمان كما
رواه جرير، وقال البخاري في كتاب القراءة: لم يذكر التيمي في هذه الزيادة
سماعا من قتادة ولا قتادة من يونس بن جبير، ولو صح فكان يحتمل أن
يكون سوى الفاتحة، وقال البيهقي: وقد أجمع الحفاظ على خطأ هذه اللفظة
في الحديث؛ فإنَّها ليست محفوظة عن ابن معين وأبو داود وأبو حاتم وأبو علي
وعلي بن عمرو الحاكم. انتهي كلامه. وفيه ما أسلفناه من تصحيحه عند
جماعة من الحفاظ.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمار، ثنا سفيان بن عيينة عن
الزهري عن ابن أكيمة قال: سمعت أبا هريرة يقول: صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأصحابه
صلاة فظنّ أنها الصبح فقال: " هل قرأ منكم من أحد؟ قال رجل: أنا،
قال: " إنِّي أقول ما لي أنازع القرآن! " (1) ، وذكره من طريق أخرى بزيادة:
" قال: فسكتوا بعد فيما جهر فيه الإمام ". هذا حديث أخرجه مالك في الموطأ
وأبو عيسى بزيادة: " فانتهي الناس عن القراءة مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يجهر
__________
(1) صحيح. رواه مالك (86) ، والترمذي (ح/312) وحسنه، وأبو داود في (الاستفتاح:
باب " 22 ") ، والنسائي في (الافتتاح: باب (" 27 ") ، وابن ماجة (ح/848) ، وأحمد
(2/284، 285، 487، 5/345) ، والبيهقي (2/157، 159) ، وابن حبان (452) ،
ومعاني (1/217) ، وابن كثير (3/542) ، وشرح السنة (3/83) .

(1/1431)


فيه من الصلاة بالقراءة حين سمعوا ذلك من النبي/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وقال: هذا حديث
حسن كذا في أكثر النسخ وفي بعضها صحيح.
وقال الحافظ أبو علي الطوسي في كتاب الأحكام من تأليفه: هذا حديث
حسن. واختلف في قائل هذه الزيادة؛ فأبو دواد يُرجِّح أنها قول الزهري،
وحكى ذلك عن الذهلي، وجزم به البخاري في الكبير، وفي كتاب القراءة
خلف الإمام وابن جزم الفارسي، وصححه أبو بكر الخطيب في كتابه المدرج،
وجزم به الترمذي والطوسي، وفي كتاب أحاديث الموطأ للدارقطني: رواه عن
مالك: عبد الله بن عون الخرار، وفي آخره قال أبو هريرة: فتكرر ترجيحه في
تقريب المدارك، وفي حديث مسدد عند أبي دواد عن معمر: " فانتهي الناس "
جعله من كلام معمر.
وفي كتاب الفضل سفيان عن معمر عن الزهري عن ابن أكيمة به، قال
الخطيب: ورواه الأوزاعي عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة يروهم.
وسببه أنه سمع الزهري يقول: سمعت ابن أكيمة يحدث سعيدا، والصحيح
رواية مالك عن الزهري عن أكيمة، وكذا صحح البخاري وأبو علي صالح بن
محمد، ولما ذكره ابن حزم رواه بتفرد ابن أكيمة قال: وقالوا: هو مجهول،
وفي التمييز لمسلم: ورواه ابن أخت ابن شهاب عن عمِّه عن الأعرج عن ابن
الحبشية- وهو خطأ لاشك فيه- وزعم في كتاب التفرد أن الزهري تفرد عن
ابن أكيمة ولم يرو عنه غيره، وكذا قاله أبو عمر بن عبد البر، وقال ابن
سعد: روى عنه الزهري حديثَا واحلَما، ومنهم من لا يحتج به؛ يقول: هو شيخ
مجهول، وكذا قاله البيهقي،/وزاد: ولم يحدث إلا بهذا الحديث وحده،
وكيف يصح ذلك عن أبي هريرة؟ يأمر بالقراءة خلف الإمام فيما جهر به
وفيما خافت! وأبى ذلك الحافظ أبو حاتم ابن حبان؛ فذكَره في الثقات،
وقال: روى عنه الزهري وسعيد بن أبي هلال وابن أبيه عمرو بن مسلم وسماه
عمارة، وهذا هو المرجح عند الذهلي وابن سعد وابن أبي حاتم والبخاري
وغيرهم؛ بل المجزوم به عندهم قال ابن سعد: توفي سنة إحدى ومائة، وله
تسع وسبعون سنة، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: صحيح الحديث وحديثه

(1/1432)


مقبول، وخرّج الحاكم حديثه في صحيحه فيما قاله بعض الحفاظ، وصحّحه
أيضا أبو محمد الإِشبيلي وابن القطان بسكوتهما عنه.
وقيل: عمار، وقال البخاري: يعد من أهل الحجاز، كنيته أبو الوليد، وقال
البرقي في كتاب الطبقات باب من لم يشتهر عنه لرواية الثقات عه: ولم يغمز
ابن أكيمة البلثي، وقال ابن معين مثل قول الزهري: سمعت ابن أكيمة يحدث
ابن المسيب وقد روى عنه غير الزهري محمد بن عمرو وغيره.
قال البرقي: وروى الزهري عن ابن أكيمة حديثين؛ أحدهما مشهور في
القراءة خلف الإمام، والآخر في المغازي، وقال أبو عمر: كان ابن أكيمة
يحدث في مجلَس سعيد فيصغى إلى الحديث، وحسبك بهذا فخرَا، وثنا
وسما يحيى ابن معين عمرو بن أكيمة فيما حكاه عنه عباس، وقال: هو ثقة،
قال أبو عمر: وقيل في اسمه: عمر، وقيل: عامر وهو ليثي من أنفسهم، وذكره
أو قال يعقوب بن سفيان الفسوي: هو من مشاهير التابعين بالمدينة، وقد
وجدنا لحديثه متابعاً بسند مستقيم. قاله الحاكم إذ خرجه من حديث قيصر بن
إسحاق / البرقي، ثنا محمد بن عبد الله بن عبيد عن عمير الليثي عن عطاء عن [685/ ب]
أبي هريرة يرفعه: " من صلى صلاة مَكتوبة مع الإِمام فليقرأ بفاتحة الكتاب في
سكتاته " (1) ، " ومن انتهي إلى أم الكتاب فقد أجزأه "، وآخر رواه
الدارقطني من حديث زكريا الوقار، وهو ضعيف، وتفرد به فيما قاله أبو
الحسن. ثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي عن ابن أبي كثير عن أبي سلمة عنه،
قال: صلى بنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاة فلما قضاها قال: " هل قرأ أحدكم معي
شيء من القرآن " (2) ، فقال رجل من القوم: أنا، فقال: " إني أقول: مالي
أنازع القرآن؟ إذا أسررت بقراءتي فاقرؤوا، وإذا جهرت بقراءتي فلا يقرأن أحد
معي "، وآخر رواه من حديث عبد الله بن عامر- وهو ضعيف- حدثنى
__________
(1) رواه الدارقطني: (1/321) .
(2) حسن. رواه أبو داود (ح/826) ، والترمذي (ح/312) وحسنه، والنسائي (2/
140) ، والحاكم (1/239) ، وأحمد (2/240، 285، 301) ، والبيهقي (2/157،
158) ، والدارقطني (1/320) ، وشفع (406) ، والكنز (19679، 20536،
20537) ، وشرح السنة (3/83)

(1/1433)


زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة: " نزلت هذه الآية: (إذا قرئ القرآن
فاستمعوا له وأنصتوا) (1) ، في رفع الأصوات وهم خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
الصلاة "، وشاهداَ رواه أيضَا، وحكم عليه بالاستقامة، وقبله رواه أبو داود من
حديث إسماعيل ابن علية عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن
الربيع عن عبادة بن الصامت قال: صلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصبح فثقلت عليه
القراءة فلما انصرف قال: " إنى لأراكم تقرؤون من وراء إمامكم " (2) ، قلنا:
أجل والله يا رسول الله هذا، قال: " فلا تفعلوا إلا بأم القرآن، فانه لا صلاة
لمن لم يقراًها " (3) . قال أحمد: كذا يقوله ابن إسحاق، واً ما غيره فيقول:
" لا صلاة لمن لم يقرأ "، وقد قال الزهري: ذاك للإمام، وقد قاله بعضهم عن
أبي هريرة، ولكنه خطاً، قال الحاكم: وقد أدخل بين محمود وعبادة بن
وهب بن كيسان. رواه الوليد بن مسلم عن / سعيد بن عبد العزيز عن مكحول
عن محمود، ورواه أيضا إسحاق بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو بن الحرث
عن محمود.
وقد بين الدارقطني في سننه، من رواية النسائي عن الهيثم بن حميد، أنباً
زيد بن واقد عن مكحول أن دخول وهب هنا؛ لأنه كان المؤذن وعبادة الإمام
وأن محمودَا ووهبًا صليا خلفه يومَا، ولفظه: " هل تقرؤون إذا جهرَت
بالقراءة " (4) ، فقال بعضنا: إن لنصنع ذلك، قال: " فلا تقرؤون بشيء من
القرآن إذا جهر الإمام بالقرآن " (5) ، وقال: رجاله كلهم ثقات، ومن حديث
زيد عن حزام بن حكيم ومكحول بنحوها وقال: هذا إسناد حسن، ورجاله
__________
(1) سورة الأعراف آية: 204.
(2) صحيح رواه الحاكم (1/238) ، وابن حبان (460) ، والدارقطني (1/318) ،
وأحمد (5/316/322) ، والبيهقي (2/164) .
(3) رواه أحمد (8/305/، 322، 366) ، والحاكم (1/238) ، وابن أبي شيبة (1/
374) ، والدارقطني (1/418/، 319) ، والمجمع (2/110، 110) ، وعزاه إلى أحمد،
وفيه رجل لم يسم، وشرح السنة (1/318/، 319) ، والكنز (22136) .
(4) حسن. رواه أبو داود (ح/824) ، والبيهقي (2/165) ، والدارقطني (1/319) .
(5) الحاشية رقم " 2 " السابقة.

(1/1434)


ثقات كلهم، ومن حديث ابن إسحاق عن مكحول عن محمود عن عبادة،
وقال: إسناده حسن، وكذا قاله البغوي.
وآخر رواه أيضَا من حديث ابن أرطأة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن
عمران بن حصبن قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلى بالناس ورجل يقرأ خلفه، فلما
فرغ قال: " من الذي يخالجني سورتي؟ " فنهاهم عن القراءة خلف
الإِمام " (1) ، ورواه مسلم بلفظ: " من منكم قرأ الصبح سبح اسم ربك؟ "
فقال رجل: أنا، فقال- عليه الصلاة والسلام-: " قد عرفت أنَّ رجلَا
خالجنيها " (2) . قال شعبة: فقلت لعبادة: كأنه كرهه فقال النبي عنه، وآخر
رواه الدارقطني من حديث محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: وهو
ضعيف عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من صلى
صلاة مكتوبة أو تطوعاَ فليقرأ فيها بأمّ القرآن وسورة معها " (3) . فإن انتهي إلى
أم الكتاب فقد أجزأه، " ومن صلى صلاة مع إمام يجهر فليقرأ بفاتحة
الكتاب، وفي بعض سكتاته، فإن لم / يفعل فصلاته خداج غير تمام " (4) .
ورواه البخاري في كتاب القراءة خلف الإمام عن ابن الوليد، ثنا النضر، ثنا
عكرمة، حدثنا عمرو بن سعد عن عمروَ. َ وآخر رواه أيضا بسند صحيح، قاله
البيهقي في المعرفة عن عبدان أنبأ ابن ذريع، ثنا خالد عن أبي قلابة عن
محمد بن أبي عائشة عن شهر بذلك قال: صلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلما قضى
صلاته قال: " أتقرؤون والإمام يقرأ؟! قالوا: إنا لنفعل، قال: فلا تفعلوا، إلَّا
أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتَاب في نفسه " (5) . وآخر من رواية عبد الله بن
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة: ح/ 47، 48) ، وأبو داود في (الصلاة، باب
" 134!) ، والنسائي في (الافتتاح: باب " 37،) ، وأحمد (4/426/، 431333،
441)
قوه: " المخالجة ": أي المنازعة.
(2) انظر: الحاشية السابقة.
(3) رواه الدارقطني: (1/321) .
(4) المصدر السابق.
(5) تقدم ص 1434.

(1/1435)


عمرو: قرأ رجل خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " لا يقرأن أحدكم وراء الإِمام يقرأ،
إلَا بأم الكتاب " (1) ، ذكره البخاري وأشار إلى ضعفه.
حدثنا علي بن محمد، ثنا عبيد الله بن موسى عن الحسن بن صالح عن
جابر عن أبي الزبير عن جابر قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كان له إمام فقراءة
الإِمام له قراءة " (2) . هذا حديث ضعيف؛ لضعف أبي عبد الله، ويقال: أبو
يزيد، ويقال: أبو محمد جابر بن يزيد الجعفي الكوفي، وعمر، وإن كان
الثوري قال فيه: ما رأيت أروع منه في الحديث، وقال شعبة: هو صدوق في
الحديث، وفي موضع آخر: إذا قال ثنا أو سمعت فهو من أوثق الناس، وفي
موضع آخر: كان لا يكذب وقال زهير بن معاوية: إذا قال سمعت أو سألت
فهو من أصدق الناس، وقال وكيع: مهما شككتم في شيء فلا تشكوا أنّ
جابراً ثقة، وقال ابن معين: لم يدعه مما رواه إلَّا زائدة. وقال ابن عدي: له
صحيح حديث صالح، ولم أر له أحاديث جاوزت المقدار في في الضعف
والإِنكار، وقد احتمله الناس، وعامة ما قذفوه / به الأمان بالرجعة، ولم يختلف
أحد من الرواية عنه، وهو مع هذا كله أقرب إلى الضعف منه إلى الصدق،
وقال الميموني: قلت لخلف: قعد أحد عن الرواية عنه! فقال: لا أعلمه، كان
ابن عيينة من أشدهم قولاً فيه، وقد حدّث عنه وإنما كانت عنده ثلاثة
أحاديث، قلت: صح عنه شيء أنه مؤمن بالرجعة؟ قال: لا ولكنه من شيعة
عليِ، وقال أبو داود عن أحمد: لم يتكلم فيه من أجل حديثه؛ إنما تكلم فيه
الراية، وقال أبو نعيم لأبي بكر بن أبي شيبة: لم يختلف عليه إلَّا في حديثين
__________
(7) بنحوه رواه النسائي (2/141) ، والبيهقي (2/165/، 166) ، والكنز (9681،
(2) ضعيف. رواه البيهقي (2/160/، 161) ، والمجمع (2/111) ، وعزاه إلى الطبراني
في " الأوسط " وفيه أبو هارون العبري، وهو متروك، والدارقطني (1/323/، 326) ، وابن
ماجة (ح/850) ،. في الزوائد: في إسناده جابر الجعفي؛ كذاب. والحديث مخالف لما
رواه الستة من حديث عبادة، والمعاني (1/217) ، وعبد الرزاق (2797) ، وتلخيص (1/
232) ، والكنز (1983) ، ونصب للراية (2/6، 10) ، والإرواء (2 / 26/، 273) ،
وضعفه الشيخ الألباني.

(1/1436)


في حديثه. وفي كتاب المستملي: سئل شريك عنه فقال: ماله! العدل الرضي،
ومدَّ بها صوته، وذكره أبو حفص بن شاهين في كتاب الثقات ثم ذكره في
المختلف فيهم، فقد قال فيه ابن سعد: كان ضعيفاً جدا في روايته.
وقال أبو جعفر في كتابه المسمى بالتعريف تصحيح التاريخ: كان ضعيفاً
من الشيعة الغالين في الدين، وقال البلخي: ليس بشيء، وسئل أحمد بن
خداش عنه: أكان يتشيع؟ قال: نعم قال: أيتهم في حديثه بالكذب؟ فقال: من
طعن فيه فإنما يطعن يخارق من الكذب، قلت: أكان يكذب؟ قال: إي
والله، وذاك في بين، وقال ابن معين والشعبي وسعيد بن جبير: كان كذابا،
وقال البخاري: تركه ابن مهدي، وقال يحيى بن سعيد: تركناه، وقال الفلاس:
كان عبد الرحمن ويحيى لا يحدّثان عنه، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه على
الاعتبار ولا يحتج به، وقال أبو زرعة: ليّن، وقال العجلي: ضعيف، وقال ابن
حزم: كذاب، وقال ابن قتيبة: كأن يؤمن بالرجعة، وكان صاحب سيئة
وترنحات.
وكذا قاله ابن أبي شيبة، وذكره البرقي / في الضعفاء، وقال: كان رافضا،
وقال أبو داود: ليس هو عندي بقوي، وقال النسائي: متروك، وقال أبو حنيفة
ما لقيت أكذب منه، وقال جرير: لا أستحل أن أروى عنه، وقد روى هذا
الحديث الدارقطني من حديث أبي حنيفة وابن عمارة عن موسى بن أبي
عائشة عن عبد الله بن شداد بن الهادي عن جابر وقال لم يسنده عن موسى
غير أبي حنيفة والحسن بن عمارة، ورواه جماعة من الثقات عن عبد الله بن
شداد مرسلا، وهو الصواب، وكذا قاله يحيى فيما حكاه الخلال في كتاب
العلل.
وقال البخاري: هذا خبر لا يثبت عند أهل العلم بالحجاز والعراق وغيرهم
لإرساله وانقطاعه، ورواه أحمد بسند ضعيف عن يحيى بن إبراهيم، ثنا
إبراهيم بن الحسن الثعلبي عن يحيى بن يعلى عن عمر بن موسى عن أبي
الزبير، وذكر البخاري علّة ثانية في حديث ابن ماجه؛ وهي قوله: ولا يدرى
أسمع جابر من أبي الزبير أم لا؟. ورواه الدارقطني بسند حسن من حديث
__________

(1/1437)


الحسن بن صالح عن ليث بن أبي سليم وجابر بن أبي الزبير فذكره مرفوعاَ
لثقة ليث على ما بيّناه قبل ولاتصاله؛ ولأنّ لحديثه شواهد منها ما خرجه
مالك في الموطأ عن وهب بن كيسان قال: سمعت جابراَ يقول: " من صلى
ركعة لم يقرأ فيها بأم القرآن فلم يصل إلا وراء إمام " (1) . ورفعه عنه
يحيى بن سلام، وهو ضعيف، قال الدارقطني: والصواب موقوف، ولفظه:
" من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب " (2) .
وحديث ابن عباس يرفعه: " يكفيك قراءة الإمام خافت أو قراءة " (3) .
رواه الدارقطني من حديث علي بن مخلد ثنا عليَ بن زكريا عن أبي موسى
الأنصاري عن عاصم بن عبد العزيز عن/أبي سهل عن عون، ومنه: وثنا ابن
مخلد/ثنا أحمد بن إسحاق بن صالح الرازي ثنا إسحاق بن موسى الأنصاري
ثنا عاصم به، وقال عاصم: ليس بالقوي، ودفعه وهم، وقال أبو موسى: قلت
لأحمد بن حنبل فيما ذكره الخلال في حديث ابن عباس: هذا في القراءة؟
فقال: هذا منكر. وحديث أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كان له
إمام فقراءته له قراءة " (4) . رواه الدارقطني من حديث محمد بن عباد الرازي
ثنا أبو يحيى التيمي قال: وهما ضعيفان عن سهل عن أبيه عنه.
وحديث أبي الدرداء: سئل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أفي كلِّ صلاة قراءة؟ قال:
__________
(1) انظر: الحاشية القادمة.
(2) صحيح. رواه مسلم في " الصلاة ": 5/38، 40، 41، والترمذي (ح/312/
، 2953) ، والنسائي (2/135) ، وأبو داود (ح/831) ، وابن ماجة (ح/838) ، وأحمد
(250، 487285، 6/142) ، والبيهقي (2/39، 40، 159، 167) ، وابن ماجة
(ح/838) ، والدارقطني (1/312) ، وابن عدي في " الكامل " (5/1860) ، وابن خزيمة
(489، 502) ، وعبد الرزاق (2744) وتجريد (346) ، وإتحاف (3/151) ، وشرح
السنة (3/47) ، ومشكل (2/23) ، والمنثور (1/6) ، وحبيب (1/46) ، ونصب الراية
(1/340) ، والإرواء (2/280) .
(3) رواه عبد الرزاق (2811) ، والدارقطني (1/333) ، ونصب الراية (2/11) ، والحلية
(4/265) .
(4) تقدم ص 1436.

(1/1438)


" نعم "، فقال رجل من الأنصار: وجبت هذه، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لي وكنت
أقرب القوم إليه: " ما أرى الإِمام إذا أمّ القوم إلَّا. قد كفاهم " (1) . رواه
الفسوي بسند صحيح عن هارون بن عبد الله عن زيد بن حباب عن معاوية بن
صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرَة عنه، قال أبو عبد الرحمن: خولف
زيد بن حباب في قوله: فالتفت إلي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال الدارقطني:
الصواب: فقال أبو داود: وأما كثير: ما أرى الإِمام إلَّا كفاهم، وقال الإشبيلي
في الأحكام الكبرى: خولف زيد في هذا، والصواب لله من قول أبي الدرداء،
وقال في الوسطى: اختلف في إسناد هذا الحديث، ولا يثبت؛ فاعترض عليه
ابن القطان بأن قوله هذا يؤمهم في الحديث علّة لا تقبله معها أحد وليس
كذلك؛ فإنّه حديث رواه ابن الحباب مرفوعاً وعن ابن وهب موقوفاً ليس فيه
أكثر من هذا، وزيد أحد الثقات، ولو خالفه في رفعه/جماعة ثقات ما ابتغى
أن يحكم عليه في رفعه إيّاه بالخطأ، فكيف ولم يخالفه إلا وجد وارفع ما
تقبل به عليه مرفوعا ًالشك الذي فوله: ما أرى الإمام. فانَّ هذا يستبعد أن
يكون من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ولو كان من مجتهد؛ لأنَّه والأظهر أنه من كلام
أبي الدرداء والله أعلم، وموقوف زيد بن ثابت من عند مسلم، وشأنه عطاء
عن القراءة مع الإِمام فقال: لا قراءة مع الإِمام في شيء، قال البخاري: ورواه
عمر بن محمد عن موسى عق زيد قال: " من قرأ خلف الإِمام فلا صلاة
له " (2) . قال: ولا يعرف بهذا الإسناد سماع بعضهم من بعض، ولا يصح
مثله، وقال أبو عمر: هو مثل لا يصح، وموقوف عبد الله بن عمر أنه كان
إذا سئل: هل يقرأ أحد خلف الإِمام؟ قال: " إذا صلى أحدكم خلف الإِمام
فحسبه قراءة الإِمام، وإذا صلى وحده فليقرأ " (3) . قال نافع: " وكان ابن
__________
(1) رواه النسائي في (الافتتاح: باب " 30 ") ، والبيهقي (2/162) ، ونصب الراية (2/
17) ، والدارقطني (1/332/، 339) ، والكنز (22955) .
(2) ضعيف. نصب الراية (2/19) ، والمتناهية (1/133/، 433) . وضعفه الشيخ الألباني.
(3) انظر: جامع المسانيد (2/546) .

(1/1439)


عمر لا يقرأ خلف الإِمام " (1) . رواه مالك عنه وأسنده الدارقطني من حديث
سليمان بن الفضل، ثنا محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك- عن أبيه عن
سالم عنه بلفظ: " من كان له إمام فقراءة الإِمام له قراءة " (2) . ثم قال:
رفعه، وهو مرسل الشعبي قال- عليه السلام-: " لا قراءة خلف الإِمام " (3) .
رواه أبو الحسن من حديث علي بن عاصم عن محمد بن سالم عنه،
وحديث الحرث عن علي قال: قال رجل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أقرأ خلف الإِمام أو
أنصت؟ قال: " بل أنصت فإنه يكفيك " (4) . قال الدارقطني: تفرد به
غسان بن الربيع وهو ضعيف، ورواه أيضا من حديث علي بن صالح عن ابن
أبي الأصبهاني عن المختار بن عبد الله بن أبي ليلى عن أبيه، قال علي يرفعه:
" من قرأ خلف الإِمام فقد أخطأ/الفطرة " (5) ، وقال: لا يصح إسناده، وزاد
البخاري: المختار لا يعرف ولا يدرى أنه سمع من أبيه ولا أبوه من علي، ولا
يحتج أهل الحديث بمثله.
ومن طريقه عن علي أيضاَ عن أبي حزم أن رجلا جاءه فقال: إني صلَّيت
ولم أقرأ قال: أتممت الركوع والسجود؟ قال: نعم، قال: قد تمت صلاتك،
ماكل أحد يحسن يقرأ، وذكر البيهقي عن أبي وائل أن رجلا سأل ابن
مسعود عن القراءة خلف الإمام فقال: " أنصت للقرآن فإن في الصلاة شغلا،
وسيكفيك ذلك الإِمام " (6) ، وذكره البخاري من حديث أبي حباب عن ابن
كهيل عن إبراهيم عنه بلفظ: " وددت أن الذي يقرأ خلف الإمام بلى "، فواه
متناَ، وقال: هذا مرسل لا يحتج به، وخالفه ابن عون عن إبراهَيم عن الأسود
__________
(1) رواه مالك في: الصلاة (ح لم 43) .
(2) تقدم مص 1436.
(3) رواه الدارقطني (1/330 /) ، والكنز (50545) ، والإرواء (2 / 277) .
(4) رواه الدارقطني (1 / 330) ، ونصب الراية (2/19) ، والإرواء (2/276) .
(5) ضعيف رواه الدارقطني (1 / 323 /، 403) ، ونصب الراية (2 / 13) .
(6) انظر: الإرواء (2/776) .

(1/1440)


وقال. رضعا، وذكر أيضاَ وروى داود بن قيس عن ابن بجاد رجل من ولد
سعد عن سعد، وددت أنّ الذي يقرأ خلف الإِمام من فيه جمر.
قال: وهذا مرسل، وابن بجاد لم يعرف ولا يُسّمى، وذكر ابن حزم أن
عمر بن الخطاب قال- وقد صلى المغرب بالنُّاس ولم يقرأ شيئاَ-: أليس قد
أتممت الركوع والسجود؟ قالوا: بلى، فلم يعد الصلاة. ومن طريق حماد بن
سلمة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عنه،
ولم يتعرض للكلام عليه؛ بل ذكره في معرض الاحتجاج، وذكره أبو الفرج بن
الجوزي في كتاب العلل المتناهية، قال البيهقي في المعرفة: سئل أبو موسى
الرازي وكان أحفظ أصحاب الرأي على أديم الأرض في وقته عن قوله- عليه
السلام-: " من له إمام فقراءة الإِمام له قراءة " (1) . فقال: لم يصح فيه
عندنا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء إنمّا اعتمد فيه مشايخنا على الروايات/عن علىّ
وأبي مسعود والصحابة، قال البيهقي: وقد روينا عن علي من طريق صحيحة:
أنه أمر بالقراءة خلف الإِمام، وروينا ذلك عن ابن مسعود، وجابر، وأبي
الدرداء، وعبادة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وابن عباس، وأبي سعيد
الخدري، وابن مغفل، وأبي هريرة، وأنسَ، وعمران بن حصين، وعائشة، وعبد
الله بن عمرو، وهشام، وابن عمر في رواية، وعروة، وسعيد بن جبير،
ومكحول، وقال البخاري: وكان ابن المسيب وعروة والشعبي وعبيد الله بن
عبد الله ونافع بن جبير وأبو المليح والقاسم بن محمد وأبو مجلز ومكحول
ومالك وابن عون وابن أبي عروبة يرون القراءة، وسئل عمر: أقرأ خلف
الإِمام؟ فال: نعم، قيل: وإن قرأت أنت؟ قال: وإن قرأت ".
وقال حذيفة: يقرأ، وقال ابن علية: روبت عن مجاهد إذا نسي الفاتحة فلا
يعتد بتلك الركعة، قال أبو محمد عبد الله: فإن اعتل معتل فقال: إنما قال
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا صلاة إلَا بفاتحة الكتاب " (2) ، ولم يقل في كل ركعة،
__________
(1) تقدم أكثر من مرة في هذا الباب. انظر ص 1436 الحاشية رقم (3) .
(2) إتحاف (3/48، 47) ، والفتح (2/252) ، وأبو عوانة: (2/125) ، والحلية (7/124) ، وابن
عدي فما " الكامل " (4/1437) ، ونصب الراية (1/367) ، والجمع (2/115) ، وعزاه إلى الطبراني=

(1/1441)


قيل له: إن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد بين حتى قال: اقرأ ثم اركع ثم اركع ثم اسجد ثم
ارفع فإنك إن أتممت صلاتك على هذا فقد تمت، وهذا حديث مفسر
للصلاة كلها لا للركعة، وقال أبو قتادة: " وهذا حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ في
الأربع كلها " (1) . فإن احتج بحديث عمر أنَّه نسي القراءة في ركعة فقرأ في
الثانية الفاتحة مرتين قيل له: حديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسر حين قال: اقرأ ثم اركع
فجعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القراءة قبل الركوع، فليس لأحد أن يجعل القراءة بعده،
قال أبو عمرو: قال بعض الكوفيين/قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا صلاة لمن لم يقرأ ".
خاص أريد به من صلى وحده أو كان إماماً، وكذلك فسره ابن عيينة، وأمّا
من صلى وراء إمام فإن قراءته له قراءة محتجين بأن جمهور العلماء أجمعوا
على أن الإِمام إذا لم يقرأ وقرأ من خلفه لم تنفعهم قراءتهم، فدلّ أن قراءة
الإِمام هي التي تراعى، وأنَّها كما جاء في الحديث: " قراءة لمن خلفه "،
وقوله عليه السلام: " ما لي أنازع القرآن! " (2) .
قال الساجي في كتاب المنتقى: قد يقال مثل هذه النقطة لمعان:
أحمدها: أنّ لعان المرء نفسه يقول: مالي فعلت كذا وكذا! وقد يقول ذلك
لمعنى اللوم لمن فعل ما لا يجب: مالي وذا مالي امنع حقي، وقد يقول ذلك
إذا أنكر أمراً غاب عنه شبه فيقول الإنسان: مالي لم أدرك أمر كذا! ومعنى
ذلك هنا الذي ظهر من أبي حتى لكَم القراءة معي في الصلاة فتنازعوا في
القراءة فيها، ومعنى منازعتهم له ألا يفردوه بالقراءة ويقرءون معه.
***
__________
= في " الأوسط "، وهو في الصحيح خلا قوله: " وآيتين معها "، وفيه الحسن بن يحيى
الخشني، ضعفه النسائي والدارقطني، ووثقه دحيم وابن عدي وابن معين في رواية.
(1) بنحوه. رواه البخاري (1/193) ، ومسلم في (الصلاة، ح/155) ، وأحمد (5/308305) ،
والبيهقي (2/63، 348) ، وابن أبي شيبة (1/372، 2/402) ، وشرح السنة (3/64) ، والمطالب
(429) ، والكنز (22142) ، وابن عساكر في " التاريخ " (6/348) .
(2) تقدم. تلخيص (1/231) ، والكنز (20540، 20541، 22931) ، وعبد الرزاق
(2796) ، والبخاري في " الصغير " (1/177) ، وابن حبيب (1/47) ، والقرطبي] (1/
118/، 121) ، والخطيب (11/426) ، والإرواء (2/39، 275) .

(1/1442)


144 - باب الجهر بأمين
الحراني قالا: حدثنا عبد الله بن وهب عن يونس جميعاَ عن الزهري عن
سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: قال رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا أئن القارئ فأمِّنوا، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما
تقدم من ذنبه " (1) .
حدثنا محمد بن بشار بن صفوان بن عيسى ثنا بشير بن رافع عن أبي عبد
الله بن عمر عن أبي هريرة قال: " ترك الناس التأمين، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إذا قال: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: آمين، حتى يسمعها أهل
الصف الأول فيزعج بها المسجد " (2) . هذا حديث مضعف بأمرين:
الأول: بشر بن رافع أبو الأسباط الحارثي، فإن البخاري قال: لا يتابع في
حديثه، وقال ابن معين: حاتم/بن إسماعيل روى عن أبي الأسباط شيخ
كوفي ثقة قيل له: هو ثقة، قال يحيى: يحدّث بمناكير، وفي رواية: ليس به
بأس، وقال النسائي: هو ضعيف، وقال الحاكم أبو أحمد: ليس بالقوي
عندهم، وقال الترمذي: يضعف في الحديث، وقال أبو حاتم: ضعيف منكر
الحديث، لا ترى له حديثاَ قائما، وقال ابن عدي: يقارب الحديث لا بأس
بأخباره، ولم أجد له حديثاَ منكراَ وعد البخاري: أنَ بشر بن رافع هذا هو أبو
الأسباط الحارثي، وعند يحيى: أن أبا الأسباط شيخ كوفي، ولكن ند ذكر
يوسف بن سليمان عن حاتم عن أبي الأسباط، وما قاله كل واحد منهم
يحتمل وإن كان اثنين فكأنّ أحاديث بشر بن رافع أنكر من أحاديث أبي
الأسباط، وقال أحمد بن حنبل: ليس بشيء ضعيف الحديث، وقال ابن
حبان: يروي أشياء موضوعة كانه المعتمد لها، وذكره المتجاني البلخي وأبو
العرب في جملة الضعفاء، وقال الدارقطني: منكر الحديث، وقال الحاكم:
وخرّج حديثه في الشواهد ليس بالمتروك، وقال البزار: لين الحديث وقد احتمل
حديثه، وقال العقيلي: له مناكير وبه ردّ الإشبيلي هذا الحديث، وقال ابن
القطان: ضعيف.
__________
(1) تقدَم فما أول الحديث فما الباب ص 1443
(2) تقدم ص 1443.

(1/1444)


الثاني: أبو عبد الله بن عمر عن أبي هريرة، فإنه مجهول لا يعرف اسمه
ولا حاله ولا روى عنه غير بشر، وبه ردّ أبو الحسن بن القطان هذا الحديث،
والله تعالى أعلم.
وقد ذكرنا في الإكمال لتهذيب الكمال اسمه، ومن وثقه وذكره بخير،
وقد وقع لنا هذا الحديث من طريق سالمة من هذين ذكرها الدارقطني من
حديث الزبيري، وعن الزهري عن أبي سلمة وسعيد عن أبي هريرة قال:
" كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/إذا فرغ من قراءة أم القرآن رفع صوته وقال: آمين " (1) .
رواه عن محمد بن إسماعيل الفارسي، ثنا يحيى بن عثمان بن صالح، ثنا
إسحاق بن إيراهيم، حدثنى عمرو بن الحرث، حدثني عبد الله بن سالم، وقال:
هذا إسناد حسن، وذكره ابن حبان أيضًا في صحيحه من حديث الزبيري
ولما خرجه الحاكم قال فيه: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا
اللفظ، واتفقا على تأمن الإمام وتأمن المأموم، وإن أخفاه الإِمام، واختاره أحمد
في جماعة لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فإذا قال الإِمام: ولا الضالين، فقولوا: آمين " (2) .
وفي كتاب الصلاة للفضل بن دكين: ثنا هشام عن ابن سيرين عن أبي
هريرة أنه كان يؤذِّن بالبحرين فاشترط عَليهم الاّ يسبقوه بأمي.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا حميد بن عبد الرحمن ثنا ابن أبي ليلى عن
سلمة بن كهيل عن حجية بن عدي عن علّي بن أبي طالب قال: " سمعت
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قرأ: ولا الضالين، قال: أمن " (3) . هذا حديث ضعيف بأمرين:
الأول: محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى يسار أبو عبد الرحمن قاضي
الكوفة وفقيهها فإن شعبة قال: ما رأيت أسوأ حفظاً منه، وأفادني أحاديث
فإذا هي مقلوبة، وترك ابن زائدة حديثه وكان يحيى بن سعيد يضعفه، وقال
أحمد: هو سيء الحفظ مضطرب الحديث ضعيف. وقال ابن معين: ليس
بذاك، وقال النسائي: ليس بالقوي في الحديث، وقال الدارقطني: رديء الحفظ
__________
(1) تقدم ص 1433.
(2) تقدم المنثور (1/9) ، وإتحاف (3/49، 104) ، والفتح (2/264) ،.
(3) الحاشية السابقة.

(1/1445)


كثير الموهم، وقال العجلي: فقيه، صاحب/سنة صدوق، جائز الحديث، قارئ
للقرآن عالم به، وكان من أحسب النّاس وأيقظ الناس للمصحف وأحفظه
بعلم، وقال أبو الفضل بن طاهر المقدسي في كتاب التذكرة: أجمعوا على
ضعفه، وقال أبو حاتم: اشتهر بالحفظ ولا يتهم بشيء من الكذب إنما ينكر
عليه كثرة الخطأ فلا يحتج به، وقال ابن حبان: كان فاحش الخطأ رديء
الحفظ فكثرت المناكير في حديثه فاستحق الترك، تركه أحمد ويحيى.
الثاني: حجة بن عدي الكندي الكوفي، وإن كان العجلي وابن حبان
وثقاه وقال أبو الحسن: ابن القطَّان: روى عنه أبو إسحاق السميعي عدّة
أحاديث، وهو فيها مستقيم لم يعهد منه خطأ ولا اختلاط ولا نكارة، ولما
صحح الحاكم حديثه قال: لم يحتجا به، وهو من كبار أصحاب علي فقد
قال أبو حاتم الرازي: شيخ لا يحتج بحديثه شبيه (1) بالمجهول شبيه بشريح بن
النعمان الصابري وهبيرة بن مريم، وقال علي بن المديني: لا أعلم روى عنه إلّا
سلمة بن كهيل وفيه نظر، لما أسلفناه، وقال ابن سعد: كأن معروفاَ وليس
بذاك، ورواه الطبري في كتاب التهذيب عن أبي هشام الرفاعي ثنا المطلب بن
زياد عن ابن أبي ليلى عن عديّ بن ثابت وربما قال: عن رجل من الأنصار
عن ذرّ عن علي بلفظ: " إذا قال: ولا الضالِّين قال: آمين، ويمد بها
صوته " (2) .
ثم قال: وقد علل هذا الحديث بأن عدي بن ثابت ممن يجب التثبت في
قوله، ورواية عنه ابن أبي ليلى وهو عندهم ممن لا يحتج به، وأيضاَ فإنّ
المعروف عن علي العمل بخلافه ولو صح عنه لم يكن ليخالفه إلى غيره، ولما
ذكر أبو حاتم الرازي حديث المطلب لم قال: هذا خطأ، فذكر له حديث حجبة
قال: وهذا أيضاَ عندي خطأ، إنَّما هو سلمة عن حجر عن وائل عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال أمه فقلت: حديث المطلب ما حاله قال: لم بروه غيره، ولا أدري ما هو
__________
(1) قوله: " شبيه " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(2) له أكثر من موضع قريب. وانظر: المنثور (1/9) ، وإتحاف (3/49، 104) ، والفتح
(2/264) .

(1/1446)


وهذا من ابن أبي ليلى؛ فإنه كان سيء الحفظ، وفي الأوسط لم يروه عن
عدي بن ثابت إلا ابن أبي ليلى ولا عهْ إلا المطلب. تفرد به ضرار بن صرد.
حدثنا محمد بن الصباح، وعمار بن خالد الواسطي، ثنا أبو بكر بن عياش عن
أبي إسحاق عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه قال: " صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فلما قال: ولا الضالين قال: آمن فسمعناها منه " (1) ، هذا حديث إسناده
منقطع فيما بين عبد الجبار وأبيه قال هاهنا: قال أحمد بن حنبل: وروى لنا
هذا الحديث عن أبي بكر بن عياش يقول ناس لم يسمع عبد الجبار من أبيه
شيئا.
وقال الدوري: سمدت يحيى يقول: عبد الجبار ثبت ولم يسمع من أبيه
شيئا إنما كان يحدث عن أهل بيته ويقولون: إن أباه مات وهو حمل- أي:
أمه حبلى به- وفي موضع آخر: ولد بعد موت أبيه لستة أشهر، وقال: نظروا
الحسن بن عبيد الله عن عبد الجبار سمعت أبي، ولا يصح سماعه من أبيه
وهو في بطن أمه، ومات أبوه قبل أن يولد، ولما ذكر الترمذي: " خرجت
امرأة فتحللها رجل " (2) . الحديث من حديثه عن أبيه.
قال: غريب وليس إسناده بمتصل، وسمعت محمد يقول: لم يسمع عبد
الجبار من أبيه ولا أدركه، وقال: ثنا مدار بن يحيى، وعبد الرحمن عن سفيان
عن سلمة عن حجر بن عنبس عن وائل فأخرج. عبد الجبار من السند، وقال:
حسن زاد منه وفي العلل/الكبير: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: حديث
الثوري عن سلمة بن كهيل في هذا الباب أصح من حديث شعبة وشعبة أخطأ
__________
(1) انظر: الحاشية السابقة.
(2) رواه الترمذي في: الحدود، (ح/1454) .
وقال: هذا حديث حسن غريب صحيح.
وتمام لفظه " عن علقمة بن وائل الكندي عن أبيه أن امرأة خرجت على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
تُريد الصلاة، فتلقاها فقضى حاجته منها فصاحت وانطلق ومر عليها رجل فقالت: إِن ذَاك
الرجل فعل بي كذا وكذا، ومرت بعصابة من المهاجرين فقالت: إنْ ذاك الرجل فعل بي
كذا وكذا، فانطلقوا فأخذوا الرجل الذي ظنت أنه وقع عليها وأتوها فقالت: نعم هو هذا، فأتوا
به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلما أمريه ليُرجم قام صاحبها الذي وقع عليها فقال: يا رسول الله=

(1/1447)


/ في هذا الحديث في مواضع، قال: عن سلمة بن كهيل عن حجر أبي
العنبس، وإنما هو ابن عنيس وكنيته أبو السكن، وزاد فيه: عن علقمة بن وائل
وإنما هو حجر عن وائل ليس فيه علقمة، وقال: وخفض بها صوته، والصحيح
أنّه جهر بها، وسألت أبا زرعة فقال: حديث سفيان أصح من حديث شعبة،
وقد رواه العلاء بن صالح، وفي المعرفة البيهقي أجمع الحفاظ على أنَّ شعبة
أخطأ في ذلك، وقد رواه العلاء ومحمد بن سلمة بن كهيل عن سلمة بمعنى
رواية سفيان، ورواه شريك أيضا عن أبي إسحاق عن علقمة بن وائل عن أبيه،
وقد رويناه بإسناد صحيح عن أبي الوليد الطيالسي عن شعبة كما رواه الثوري
من أوجه أخر. أنتهي. هو في مسند أبي داود عن شعبة أخبرني سلمة
سمعت حجرا قال: سمعت علقمة فذكره، وعاب أبو الحسن على عبد الحق
رضاه بقول الترمذي فيه: حسن، وعدم بيان المانع في صحته، وقال: هذا
الحديث فيه أمور: أحدهما: اختلاف شعبة وسفيان. الثاني: حجر لا يعرف
حاله. الثالث: يعني دخول علقمة ابن حجر ووائل، ولما ذكر الدارقطني رواية
الثوري صححها كأنه عرف من حال حجر الثقة ولم يره منقطعاَ بزيادة شعبة
علقمة في الوسط، وفي ذلك نظر، والاضطراب في المتن علَّة مضعفة في
الحديث، لأن يقال فيه: ضعيف أقرب منه إلي أن يقال: حسن فاعلمه. انتهي
كلامه. وفيه نظر في مواضع: الأول: حجر هذا ليس مجهول الحال ولا العين،
أما عينه، فروى عنه سلمة وموسى بن قي الحضرمي والمغيرة بن أبي الحر
الكندي، وأما حاله فذكره ابن الأثير في الصحابة وقال: آمن بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
حياته وذكره ابن الجوزي وغيره في المختلف في صحبتهم.
ولما ذكره البغوي في الصحابة قال: كان آكل الدم في الجاهلية وشهد مع
علي الجمل وصفين، وليس له عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير خطب أبو بكر وعمر
وفاطمة، ولا أحسبه سمع من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال أبو بكر الخطيب: صار مع
علي إلى الهرون وورد اللمدائين في صحبة وهو ثقة احتج بحديثه غير واحد
__________
= أنا صاحبها، فقال لها: اذهبي فقد غفر الله لَكِ، وقال للرجل قولا حسنا، وفال للرجل
الذي وقع عليها ارجموه وفال: لقد تاب توبة لو تاها أهل المدنية لقُبلَ منهم ".

(1/1448)


من الأئمة، وذكره ابن حبان في الثقات، وخرج حديثه هذا في صحيحه من
حديث شعبة ثم قال: ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذه السنة ليس
بصحيحة؛ لمخالفة الثوري شعبة في اللفظة التي ذكرناها، فذكر حديث أبي
هريرة المتقدّم، وقال يحيى بن معين: هو كوفي ثقة مشهور.
الثاني: عيينة أبا بدخول علقمة بينهما، وليس بعيب على ما ذكره الكجي
في سنه فإنه ما ذكر رواية حجر عن علقمة قال: وقد سمعه أيضاً حجر من
وائل.
الثالث: إغفاله اضطرابا آخر لم يذكره، وهو يقول: ابن أبي بكر الأثرم
اضطرب في شعبة في هذا فقال مرة: عن سلمة عن حجر عن وائل، وقال
مرّة: عن سلمة عن حجر عن علقمة، أو عن وائل، ورواه سفيان فلم
يضطرب في إسناده ولا في الكلام، قال سلمة: عن حجر عن وائل مرفوعاَ أنه
كان يجهرها، وروى ذلك عن وائل من وجه آخر، ثنا أبو عبد الله، ثنا أبو
بكر بن عياش، ثنا أبو إسحاق عن/عبد الجبار بن وائل عن أبيه فذكره، ثم
قال: فقد صح أنه أظهر بالتأبين من درجه، ولم يصح فيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شيء
غيره.
حدّثنا إسحاق بن منصور، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا حماد بن
سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن عائشة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما
حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين " (1) ، هذا
حديث إسناده صحيح على رسم مسلم. وفي كتاب البيهقي من حديث
عمرو بن قيس عن محمد بن الأشعث قال: حدثتني عائشة قالت: بينا أنا
قاعدة عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جاء ثلاثة نفر من اليهود فذكرت: حديثَا فيه فقال
عليه الصلاة والسلام: " حسدونا على القبلة التي هدينا لها وضَلُّوا عنها،
وعلى الجمعة، وعلى قولنا خلف الإِمام آمن " (1) ، وفي لفظ حسن:
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/856) في الزوائد، هذا إسناد صحيح، ورجاله ثقات.
احتج مسلم بجميع رواته. والمنثور (1/17، 2/189) ، والفتح (11/4، 200) .
وصححه الشيخ الألباني.

(1/1449)


" حسدونا بثلاث: التسليم والتأمين واللهم ربنا ولك الحمد " (2) ، وعند أحمد:
" إنهم لن يحسدونا- يعني: اليهود- على شيء كما يحسدونا على
الجمعة ... " (3) الحديث.
حدثنا العباس بن الوليد الخلال الدمشقي، ثنا المروان بن محمد وأبو مسهر
قالا: حدثنا خالد بن يزيد بن صبيح المزي، ثنا طلحة بن عمرو عن عطاء عن
ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما حسدتكم اليهود على شيء ما
حسدتكم على قول آمين فأكثروا من قول آمين " (4) . هذا حديث إسناده
ضعيف؛ لضعف روا ية طلحة بن عمرو الحضرمي المكي، فإن البخاري قال
فيه: ليس بشيء، وقال أبو دواد: ضعيف، وقال النسائي: ليس بثقة، وفي
موضع آخر: متروك الحديث، وقال الفلاس: كان يحيى/وعبد الرحمن لا
يحدثان عنه، وقال الإِمام أحمد: لا شيء متروك الحديث، وقال ابن معين:
ليس بشيء، وقال أبو حاتم: ليس بقوى ليس عندهم، وقال الجورجاني: غير
مرضي في حديثه، وقال ابن عدي: قد حدث عنه قوم ثقات أحاديث صالحة،
وعامة ما يروى عنه لا يتابعونه عليه.
وعن عبد الرازق قال: اجتمعت أنا وشعبة والثوري وابن جريج فقدم علينا
شيخ فأملا علينا أربعة آلاف حديث عن ظهر قلب فما أخطأ إلا في موضعين
لم يكن الخطأ منه من فوق، وكان الرجل طلحة بن عمرو الكاتب لشعبة (4) ،
وقال أبو أحمد الحاكم: يكني أبا عمران وليس بالقوي عندهم، وقال ابن جد:
__________
(1) الترغيب (1/328) ، والكنز (19716، 19717) ، والقرطبي (8/130) .
(2) الكنز: (25276) .
(3) رواه أحمد: (6/125) .
(4) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/857) ،. في الزوائد: إسناده ضعيف. لاتفاقهم على
ضعف طلحة بن عمرو.
وضعفه الشيخ الألباني. ضعيف ابن ماجة (ح/183) ، والتعليق الرغيب (1/178- 179) .
(4) كذا ورد هذا السياق " بالأصل "، والعبارة غير كاملة المعنى.

(1/1450)


كان كثير الحديث ضعيفا جدا وقد رووا عنه، وقال البزار في كتاب السنن
تأليفه: لم يكن بالحافظ، وقال في المسند: طلحة وعقبة الأصم غير حافظين.
وإن كان قد روى عنهما جماعة فليسا بالقويين، وقال العجلي: ضعيف
وقال حمزة: سئل عنه الدارقطني فقال: لين، وفي موضع آخر: ضعيف، وقال
البيهقي في المعرفة: ليس بالقوى، وفي كتاب ابن الجارود وبيان الوهم
والإِبهام: ليس بشيء، وقال ابن حبان: كان ممن يروي عن الثقات ما ليس من
أحاديثهم، ولا يحل كتب حديثه ولا الرواية عنه إلّا على جهة التعجب،
وقال علي بن الجنيد: متروك، وقال أبو زرعة البزار: ضعيف، وذكره الساجي
والعقيلي وأبو العرب وغيرهم في جملة الضعفاء، وفي الباب غير ما حديث؛
من ذلك حديث أبي عثمان النهدي عن بلال أنه قال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا
تسبقني بآمين " (1) . رواه أبو داود، وقال الدارقطني: وروى عن أبي عثمان
قال: قال بلال/للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مرسلا، ولما ذكره أبو حاتم في كتاب العلل
مسندا قال: هذا خطأ، رواه الثقات عن عاصم عن أبي عثمان مرسل، ورواه
البيهقي من حديث عبد الرزاق مرسلا ومن حديث وكيع وشعبة مسندا، ثم
قال: ورواية عبد الرزاق أصح.
قال: وفي رواية محمد بن فضيل عن عاصم بن أبي عثمان قال: قال
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تسبقني بآمين " (2) قال: فكان بلال يؤمن قبل تأمين النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " لا تسبقني بآمين ". ولما أخرجه الحاكم من حديث عاصم عن
أبي عثمان قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وفي
المعرفة البيهقي: وقيل عن أبي عثمان عن سليمان قال: قال بلال وهو ضعيف
ليس بشيء وإن كان محفوظا فيرجع إلى ما روى في الحديث، الثالث: عن
أبي هريرة: " إذا أمن الإِمام فأمنوا " (1) ، والله أعلم.
(1) رواه البيهقي (2/23، 56) ، والحاكم (1/219) ، وعبد الرزاق (2636) ،
والطبراني (1/352، 6/311) ، ورجاله موثقون. والكنز (22189، 22193) ، والفتح
(2/262) ، وأصفهان (1/260)
(2) انظرْ الحاشية السابقة

(1/1451)


وفي الأوسط: لم يروه عن القاسم بن معين عن عاصم إلا عثمان بن
سعيد. تفرد به أبو كريب، وفي الأحكام للشيخ أيضًا، قيل: إنَّ أبا عثمان لم
يدرك بلالا، وحديث أبي زهير النميري من عنده أيضاً وسنده صحيح قال:
خرجنا مع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة نمشي فأتينا على رجل قد ألح في المسألة
فوقف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسمع منه فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أوجب إن ختم، فقال رجل
من القوم: بأي شيء يختم؟ قال: بآمين فإنه إن ختم بأمين فقد أوجب ".
فانصرف الرجل السائل فأتى الرجل فقال: يا بلال اختم بآمين وأبشر (2) ،
وذكره أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب فقال: إسناده ليس بالقائم، وحديث
أنس بن مالك/قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله أعطى أمتي ثلاثاً/
يعط أحد قبلهم: السلام، وصفوف الملائكة، وآمين- إلا ما كان من موسى
وهارون عليهما السلام- " (3) . ذكره أبو عبد الله الترمذي في نوادره بسند
ضعيف، فقال: ثنا عبد الوارث بن عبد الصمد عن أبيه، ثنا زرى مؤذن
مسجد هشام بن حسان، ثنا أنس به، ثم قال: معناه: أن موسى دعا وهارون
أمن، قال: فقال: (قد أجيبت دعوتكما) ، وحديث أبي موسى الأشعري
عند مسلم يرفعه: " وإذا قال- يعني الإِمام- غير المغضوب عليهم ولا
الضالين فقولوا: آمين يحبكم الله " (4) .
وحديث ابن أم الحصين عن أمه: " أنها صلَّت خلف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسمعته
يقول: آمين، وهي في صف النساء " (1) : ذكره أبو بكر في كتاب المعرفة،
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/198) ، ومسلم في) الصلاة، ح/72) ،
وأبو داود (ح/852) ، والترمذي (ح/250) ، وصححه. والنسائي (2/144) ، وابن ماجة
(ح/852) ، والبيهقي (2/55، 57) ، وابن خزيمة (750، 1583) ، والتمهيد (7/8،
61) ، وابن أبي شيبة (825) ، ونصب الراية (1/368) ، والكنز (19714) ، وابن
كثير (1/48) ، الخطيب (1/327) ، والشافعي (37، 212) ، (385) .
(2) حسن. رواه أبو داود (ح/938) ، والترغيب (1/331) ، والمنثور (1/17) ، والكنز (3233) .
(3) ضعيف. الجوامع (46692) ، والمنثور (1/17) ، والقرطبي (1/130، 76، 11/113) .
(4) صحيح، متفق علبه. رواه مسلم في " الصلاة "، (ح/140) ، والبخاري (ح/250) ،
وصححه. وابن ماجة (ح/852) ، ومالك في (الصلاة، باب " 11 " ما جاء في التأمين
خلف الإِمام، وأحمد (2/459) .

(1/1452)


قال: وروينا عن عبد الله بن عمر أنه كان إذا كان وراء الإِمام، وقرأ الإِمام
بفاتحة الكتاب، قال الناس: آمن؛ أمَّن معهم، ورأى ذلك من السنة " (2) .
وفي المحلى من طريق عبد الرازق بن معمر عن يحيى عن أبي سلمة عن
أبي هريرة أنه كان مؤذنا للصلاة بن الحضرمي بالبحرين فاشترط عليه لا يسبقه
بأمين، وفي كناب الصلاة للفضل بن دكين عن إبراهيم قال: " كان
يستحب إذا قال الإِمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين أن يقول الرجل:
اللهم اغفر لي آمين " (3) . وعن عكرمة: " كنا نكره إذا قال الإِمام ولا
الضالين أن نسبقه بآمين ". وعن أبي إسحاق أنَّ معاذ بن جبل: " كان إذا
فرغ من " وانصرنا على القوم الكفرين " قال: آمن " وعن ابن عباس: " إذا
قال الإِمام: " ولا الضالين " فسأل موجبة وقل آمين " (4) غريبه: ذكر ابن بريرة
أن ابن عباس سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/عن معنى آمين، فقال: " لذلك يكون ".
وعن هلال بن يسار: هي اسم من أسَماء الله تعالى، وقال عطية العوفي:
هي كلمة عبرانية أو سربانية، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: هي كنز
من كنوز العرش لا يعلمه إلا الله تعالى، وقيل: هي خاتم رب العالمين على
عباده المومنين، وفي بسيط الواحدي عن جعفر بن محمد الصادق: معناها
فصدى البيت وأنت كرم من أن يجيب قاصداَ، وعن ابن الأنباري: اللهم
استجب، وفي البخاري عن عطاء: هي دعاء، وفي الفصيح لأبَي العباس: مدّ
الألف وقصرها قال: ولا تشدّد الميم فإنّه خطأ، وكذا ذكره يعقوب وغيره،
وذكر ابن عديس في كتاب المُسمّى (1) : التشديد لغة شاذة، وفي كتاب شرح
__________
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد، (2/113) ، وعزاه إلى الطبراني في
" الكبير " وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف.
(2) قوله: " من السنة " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(3) لم نقف على هذا الأثر.
(4) قوله:! غريبه " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

(1/1453)


الفصيح لابن درستويه: هي كلمة عبرانية معربة مبنية على الفتح للياء وأقبل
التي قبل نونها.
وقال ابن قتيبة: معناها يا آمن أي: يا الله وأضمر في نفسه استجب لي،
وهذا كقولهم: أزيد أقبل؟ معناه يا زيد أقبل، قال ابن الأنباري: هذا خطأ؛ لأنه
لو كان منادي لقيل آمين بالضم؛ لأن هذه المعرفة مضمومة بغير تنوين، قال
ابن خالويه: ولا يلزمه الذي قال؛ لأن آمين وإن كان موضوعا موضع الاسم
فلا يجب إعرابه، ولصرّفه كتصرف الأسماء في الإعراب، والتثنية، والجمع،
كما يقول: صه في معنى اسكت، وأنت لا تعرفه، ولا تثنية، ولا تجمعه،
قال: وقال ابن قتيبة: قال بعضهم: الأصل فيها القصر، وإنما مدّت ليرتفع
الصوت بالدعاء وأبي ذلك ابن درستويه، فقال: ليس قصر الهمز معروفا
بالاستعمال، وإنما قصره الشاعر ضرورة إن كان قصره، وذلك أن البيت الذي
أنشده ثعلب وفيه قصرها وهو آمين فزاد الله ما بيننا بعداَ قد روى على غير ما
رواه وهو فآمين/زاد الله ما بيننا بعداً، وهذا ممدود لا ضرورة فيه، وهو
المعروف لم يروه أحد عن الصحابة الذين رووا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقولوا آمن
بالقصر ولكن ممدودا وهو الأصل الصحيح في المحكم.
قال الفارسي: هي جملة مركبة من فعل واسم معناه استجب لي، وزعم
ابن الأثير: أنه لا خلاف بين أهل الإِسلام أنها ليست من القرآن ولم يكتبها
أحد في المصحف، وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة: لا يقولها الإِمام،
إنما يقولها من خلفه. وكذا روى عن مالك في المدونة وفي العارضة عنه: " لا
يؤمن الإمام في صلاة الجهر "، وقال ابن حبيب: يؤمِّن، وقال ابن بكير: هو
بالخيار، وفي كتاب الشفاء: تسمى. وزعمت طائفة من المبتدعة الأفضلية
فيها، قال: وذكر القزويني عن قوم أنلها تفسد الصلاة، وقال ابن حزم: يقولها
الإمام سنة وندباَ والمأموم فرضاَ، وفي صحيح ابن حبان في قوله " فمن وا فق
تأمَينه الملائكة "، أي: وافقهم في الخشوع والإخلاص، وفي كتاب النووي:
معناه وافقهم في وقت التأمين، وهو الصحيح لَقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وقالت الملائكة
__________
(1) قوله: " المسمى " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

(1/1454)


في السماء: آمين " وكدا قوله: فمن وافق قوله قول الملائكة، وقيل- وافق
الملائكة- عليهم السلام- في استجابة الدعاء.
وقيل: في لفظ الدعاء، وقيل: الملائكة هؤلاء هم الحفظة، وفي كتاب ابن
بريدة المتعاقبون، قال: يجهر بها المأموم عند أحمد وإسحاق وداود، قال
جماعة: يخفيها، وهو قول أبي حنيفة والكوفيين، وأحد قول مالك والشافعي،
زاد في الأمر: لو قال آمين رب العالمين وغير ذلك من ذكر الله تعالى كان
حسنًا، وفي قوله: " غفر له ما تقدم من ذنبه " قال ابن بريدة: أشار إلى
الصغائر ومالها يكاد، وينقل عنه/في الغالب من اللمم.

(1/1455)


145- باب رفع اليدين إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع
حدثنا علي بن محمد، وهشام بن عمار، وابن عمر، وأبو عمر الضرير
قالوا: ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: " رأيت
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذى منكبيه، وإذا رفع
رأسه من الركوع، ولا يرفع بين السجدتين " (1) . هذا حديث خرجاه في
صحيحهما، وعند أبي داود (2) : " وإذا قام من الركعتين رفع يديه، ويرفع
ذلك إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قال أبو داود: الصحيح قول ابن عمر ليس بمرفوع،
ورواه الثقفي عن عبيد الله بن عمر، عن نافع أو معه علي ابن عمر، وقال فيه:
" وإذا قام من الركعتين يرفعهما إلى ثدييه ". هذا الصحيح، ورواه الليث
ومالك وأيوب وابن جريج موقوفاَ، وأسنده حماد بن سلمة وحده عن أيوب،
ولم يذكر أيوب.
ومالك الرفع إذا قام من السجدتين، وذكره الليث في حديث، وفي
المعرفة: كان عبد الله إذا رأى رجلا لا يرفع يديه في الصلاة عند الركوع ورفع
رأسه حصبه، وفي الأوسط مرفوعَا عنه: يرفع يديه في كل صلاة وفي
الجنائز: رواه عن موسى بن عيسى، ثنا صهيب بن محمد، ثنا عباد بن
صهيب، ثنا عبد الله بن محيرز، عن نافع عنه، حدثنا حميد بن سعدة، ثنا
يزيد بن زريع، ثنا هشام بن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كان إذا كمر رفع يديه حتى يجعلهما قريباَ من أذنيه،
وإذا ركع صنع مثل ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع صنع مثل ذلك " (3) .
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه للبخاري في (الأذان، 83- باب اليدين في التكبيرة الأولى مع الافتتاح) ،
ومسلم في (الصلاة، ح/21، 22) ، ومالك في (الصلاة، ح/16) ، وابن ماجة (ح/858) ، وأحمد
(2/8، 18، 100، 106، 122، 134، 147، 4/316، 5/337)
قوله: " منكبيه " تشبه منكب. وهو مجمع عظم العضد والكتف.
(2) حسن. رواه أبو داود (ح/721) .
(3) صحيح، متفق عليه: أورده الألباني في " الإرواء " (2/76) ، وعزا هـ إلى البخاري=

(1/1456)


/هذا حديث خرجاه أيضا، وعند مسلم: " حتى يحاذى بهما فروع
أذنيه ". وذكر ابن ماجة (1) هنا حديث أبي حميد في عشرة من الصحابة،
وقد ذكرنا قبل، وفيه رفع اليدين عن العشرة من عند ابن أبي حاتم.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وهشام بن عمار قالا: ثنا إسماعيل بن عياش،
عن صالح بن كيسان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة قال: " رأيت
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه في الصلاة حذو منكبيه حين يفتتح الصلاة، وحن
يركع وحين يسجد " (2) . هذا حديث في سنده ضعف؛ لما أسلفناه من حال
إسماعيل.
وفي علل ابن أبي حاتم: سمعت أبي، وثنا عن وهب بن شبهان، عن
حفص بن النجار، عن صالح بن أبي الأخضر، عن الزهري، عن أي بكر بن
عبد الرحمن قال: " كان أبو هريرة يصلِّي بنا، فكان يرفع يديه إذا افتتح
للصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع فإذا سلم التفت إلينا، وقال:
إنى أشهدكم صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ". قال هذا خطأ إنما يروى هذا الحديث أنه
كان يكبر فقط وليس فيه رفع اليدين.
حدثنا هشام بن عمار، ثنا رفدةَ بن قضاعة الغساني، ثنا الأوزاعي، عن
عبيد الله بن عمير، عن أبيه، عن جده عمير بن حبيب الليثي قال: حدثنا
__________
ومسلم في (الصلاة، ح/25، 26) ، وابن ماجهَ (ح/859) ، والطبراني (19/
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/862) ،.
وصححه الشيخ الألباني.
وتمام لفظه: " عن أبي حميد الساعدي قال: سمعته، وهو في عشرة من أصحاب رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أحدهم أبو قتادة بن ربعي قال: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذا قام في
الصلاة اعتدل قائما، ورفع يديه حتى يُحاذي هما منكبيه، ثم قال: " الله أكبر " وإذا أراد أن
يركع، رفع يديه حتى يُحاذى بهما منكبيه، فإذا قال " سمع الله لمن حمده " رفع يده
فاعتدل، فإذا قام من ثنتين كبر، ورفع يديه حتى يُحاذى بها منكبيه، كما صنع حين افتتح
الصلاة ".
(2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/860) ، في الزوائد: إسناده ضعيف. وفيه رواية
إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وهي ضعيفة،

(1/1457)


محمد بن بشار، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عبد الحميد بن جعفر، حدثنا
محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد الساعدي قال: " سمعه وهو في
عشرة من أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أحدهم أبو قتادة بن ربعي قال: أنا
أعلمكم بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام في المملاة
اعتدل/قائمًا، ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه: ثم قال: الله كبر، وإذا
أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه. فإذا قال: سمع الله لمن
حمده رفع يديه اعتدل، فإذا قام من ثنتين كبّر ورفع يديه حتى يحاذي هما
منكبيه، كما صنع حين افتتح الصلاة " (1) .
حدثنا محمد بن بشار، حدثنا أبو عامر، حدثنا فليح بن سليمان، حدثنا
عباس بن سهل الساعدي قال: اجمع أبو حميد وأبو أسيد الساعدي وسهل بن
سعد وحمّاد بن مسلمة فذكروا صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال أبو حميد: " أنا
أعلمكم بصلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام وكبر، ورفع يديه ثم
رفع حين كبّر للركوع، ثم قام ورفع يديه واستوى حتى رجع كل عظم إلى
موضعه، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه مع كل تكبيرة في الصلاة
المكتوبة " (2) .
هذا حديث في سنده ضعف؛ لضعف رفدة بن قضاعة مولى غسان، فإنه
وإن قال فيه هشام بن عمار تلميذه: كان ثقة، فإنّ الساجي قال: في أحاديثه
مناكير، وذكر حديثه هذا في كتاب الموضوعات تأليفه، وقال الجوزقاني:
كان ممن ينفرد بالمناكير عن المشاهير، ولا يحتج به إذا وقع الثقات إذا انفرد
عن الإثبات بالأشياء المناكير، وكذا قاله ابن حبان وزاد: وروى عن الأوزاعي
: " أنَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرفع يديه في كل خفض ورفع " (3) .
قال أبو حاتم: وهذا خبر إسناده مقلوب ومتنه منكر؛ ما رفع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) تقدم الحاشية رقم (1) السابقة في ص 1456.
(2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/863) ،.
وصححه الشيخ الألباني.
(3) موضوع. إتحاف (3/67) ، والفتح (2/223) ، والموضوعات لابن القيسراني (183) .

(1/1458)


يديه في كل خفض ورفع قط، وأخبار الزهري عن سالم عن أبيه مصرح
بضده، وأنه لم يكن يفعل ذلك بين السجدتين، وقال ابن/عدي: لا يتابع
على حديثه ولم أر له إلا حديثَا يسيرَا حديث الرفع يعرف به، وقد روى عن
أحمد بن أبي روح البغدادي، وكان يسكن جرجان، عن محمد بن مصعب،
عن الأوزاعي، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال أبو حاتم الرازي: منكر
الحديث، وقال أبو جعفر العقيلي: لا يتابع، وقال مهنأ: سألت أحمد ويحيى
عن حديثه هذا، فقال: ليس بصحيح، ولا يعرف عبيد بن عمير يحدث عن
أبيه شيئاَ ولا عن جده، ولا يعرف رفدة.
وقال عن رفدة: قد سمعت به وهو شيخ ضعيف، ولو كان جاء هذا رجل
معروف (مثل يفعل كان عيسى) (1) .
حدثنا العباس بن عبد العظيم، ثنا سليمان بن داود وأبو أيوب الهاشمي، ثنا
عبد الرحمن بن أبي الزياد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، عن
عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب قال:
" كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قام للصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حتى تكون حذو
منكبيه، وإذا أراد أن يركع فعل مثل ذَلك " (2) . هذا حديث إسناده ضعيف؛
لضعف عبد الرحمن بن أبي الزياد والمذكور قبل.
ومن طريقه رواه أبو داود بلفظٍ: " ويفعل مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد
أن يركع، ويضعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو
قاعد، وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر ". وهذا هو الموجب
لتضعيف الطحاوي له، رواه البغوي عن محمود: ثنا أبو داود الطيالسي، ثنا
عبد العزيز بن أبي سلمة قال: حدثني عمر عن الأعرج بلفظ: " كان النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، ربنا/ولك الحمد
__________
(1) هكذا ب " الأصل "، ولعلها " ويفعل مثل ذلك كان عيسى ".
(2) صحيح. رواه أبو داود (ح/744) ، والترمذي (ح/3423) ، وقال: هذا حديث
حسن صحيح. وابن ماجة (ح/864) ، 22081، 22058) ، ومعاني (1/195) .
وصححه الشيخ الألباني.

(1/1459)


ملء السموات والأرض وما بيتهما وملء ما شئت من شيء بعد " (1) . وقال:
حديث علي حديث حسن صحيح، ورواه مطولاً ابن خزيمة في صحيحه،
ورواه البزار في مسنده مطولا ثم قال: وهذا الكلام روى نحوه وقريبًا منه
محمد بن مسلمة وأبو رافع، وجابر وقالوا كلاماً واضحاً نحو حديث علي.
وإنما احتمله الناس على صلاة الليل- يعني: الدعوات التي فيه- وفي
كتاب الخلال: عن إسماعيل بن إسحاق الثقفي: سئل أبو عبد الله عن حديث
علي مرفوعاً في الرفع فقال: صحيح، وفي التمهيد: روى عبد الرحمن بن
خالد بن نجيح، عن مالك عن ابن شهاب، عن علي بن حسين، عن علي،
ولا يصح فيه عن مالك إلا إرساله، ولما ذكره الدارمي من حديث عاصم بن
كليب عن أبيه عن علي: أنه كان يرفع في التكبيرة الأولى ثم لا يرفع في
شيء منها، ورواه بضعف أبي بكر النهشلي الدارمي عن عاصم، وبأنّ علياً لا
يجوز له ترك فعل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويفعل غيره.
وفي سنن البيهقي من حديث عيسى بن موسى، عمن حدثه عن مقاتل بن
حبان، عن الأصبع بن نباته، عن علي قال: لما نزلت هذه الآية على النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فصلِّ لربك وانحر ". قال لجبريل: " ما هذه النحرة؟! فقال: إنها
ليست بنحرة، ولكنه يأمرك إذا تحرّمت الصلاة أن ترفع يديك إذا كبّرت، وإذا
ركعت، وإذا رفعت رأسك من الركوع، فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة " (2) .
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/195) ، وأبو داود (ح/846) ، والترمذي (ح/
226) ، والنسائي في (الافتتاح، باب " 107 " وابن ماجة (ح/878/، 893) ، وأحمد
(1/270، 276، 4/276، 284، 304، 353) ، والبيهقي (2/94، 98) ،
والدارقطني (1/342) ،. وإتحاف (3/63، 5/95، 9/188) ، وأبو عوانة (2/134) ،
وشرح السنة (3/113) ، وابن أبي شيبة (1/247/، 248) ، وصفة (139) ، ومعاني (1/
239) ، وابن عدي في " الكامل " (2/535) ، والإرواء (1/20، 2/64) .
(2) رواه البيهقي (2/75) ، وتلخيص (1/273) ، والكنز (4721) ، والمنثور (6/403) ،
والقرطبي (10/219) ، وتنزيه (2/102) ، واللآلىء (2/11) .

(1/1460)


وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " رفع الأيدي من الاستكانة التي قال الله تعالى: فما استكانوا
لربهم وما يتضرعون " (1) .
حدثنا أيوب بن محمد الهاشمي، ثنا عمر بن رباح بن عبد الله بن
أوطاس، عن أبيه عن/ابن عباس: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يرفع يديه عند
كل تكبيرة " (2) . هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف عمر بن أبي رباح أبي
حفص الضرير البصري؛ فإن أبا حفص الفلاس قال: هو دجال، وقال ابن
حبان: بروي الموضوعات عن الثقات، لا يحل كتب حديثه إلا على التعجب،
وقال النسائي والدارقطني: متروك.
وفي كتاب أبي داود في حديث النضر بن كثير السعدي: قال صلى إلى
جنبي عبد الله بن طاوس، فكان إذا سجد السجدة الأولى فرفع رأسه منها،
ورفع يديه تلقاء وجهه وأنكرت ذلك، فقال: رأيت أبي يضعفه، وقال أبي:
رأيت ابن عباس يضعه ولا أعلمه إلّا أنه قال: كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضعه،
صححه ابن القطان، وقال أبو أحمد النيسابوري: هذا حديث منكر من
حديث ابن طاوس، وعند أبي داود أيضا من حديث ابن لهيعة عن ميمون
المكي: أنه رأى عبد الله بن الزبير وصلى هم يشير بكفيه حين يقوم، وحين
يركع، وحين يسجد، وحين ينهض للقيام فيقيم فيشير بيديه، فانطلقت إلى ابن
عباس فوصفت له هذه الإِشارة فقال: إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فانظر لصلاة ابن الزبير.
حدثنا محمد بن يسار، ثنا عبد الوهاب، ثنا حميد عن أنس: " أن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع يديه إذا دخل في الصلاة وإذا ركع " (2) . هذا حديث قال
__________
(1) رواه البيهقي (2/76) ، والكنز (4721) ، واللآلئ (2/11) ، والموضوعات (2/99) .
قال ابن الجوزي: هذا حديث موضوع من يريد مقاومة ليس شيئا. وقال أبو حاتم ابن حبان:
عمر بن صبُح وضع هذا الحديث على مقاتل فظفر عليه إسرائيل فحدث به.
(2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/865) ،. في الزوائد: إسناده ضعيف. لاتفاقهم على
ضعف عمر بن سرباح. والمجمع (2/101) .
(3) صحيح. رواه النسائي في (الافتتاح، باب " 105 ") ، وابن ماجة (ح/866) ،=

(1/1461)


البيهقي: سنده صحيح يحتج به، وكأنه لم بر ما قاله ابن أبي حاتم سمعت
أبي، وذكر حديثاً رواه محمد بن الصلت عن أبي خالد الأحمر عن حميد عن
أنس/أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرفع الحديث، فقال: هذا حديث كذب لا أصل
له، ومحمد بن الصلت لا بأس به كتبت عنه، وقال الدارقطني: لم بروه عن
حميد مرفوعا غير عبد الوهاب، والصواب من فعل أنس.
وقال الترمذي في العلل الكبير: ثنا محمد بن بشار، ثنا عبد الوهاب الثقفي
به، فسألت محمدا عن هذا الحديث فقال: ثنا به محمد بن عبد الله بن
حوشب الطائفي، ثنا عبد الوهاب قال محمد: وعبد الوهاب صدوق صاحب
كتاب، وقال غير واحد من أصحاب حميد عن حميد عن أنس: فعله،
وأخرجه البيهقي في حديث يحيى عن عبد الوهاب وزاد: " وإذا رفع رأسه من
الركوع " وفي كتاب أبي قرة: مسنده صحيح عن سفيان، عن عبد الرحمن بن
الأصم، أنه سمع أنساً يقول: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبو بكر وعمر وعثمان
يتمون التكبير في الصلوات كلها كلما خفضوا للسجود، وكلما رفعوا وإذا
قاموا من الجلوس للركعتين " (1) .
وفي الأوسط من حديث ليث: قال حدثنى عبد الرحمن بن الأسود، ثنا
أنس قال: " صليت وراء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر فكلهم كان يرفع
يديه.. " (2) . الحديث، وقال: لم يروه عن عبد الرحمن إلا ليث. تفرد به
__________
في الزوائد: إسناده صحيح.
رجاله رجال الصحيحين. إلا أنْ للدارقطني أعله بالوقف، وقال: لم يروه عن حميد مرفوعا،
غير عبد الوهاب.
والصواب من فعل أنس. وقد رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. وأحمد (5/53) ،
والدارقطني (1/289) ،.
(1) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/102) ، وروى ابن ماجه بعضه- وعزاه إلى
الطبراني في " الأوسط " وفيه محمد بن إيراهيم الأسلمي وهو ضعيف.
(2) المصدر السابق.

(1/1462)


إبراهيم بن محمد الأسلمي، ومن حديث العزرمي عن قتادة قال: قلت
لأنس: أرنا صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فكان يرفع يديه مع كل تكبيرة " (1) . وقال:
لم يروه عن قتادة إلا العزرمي، ولما ذكر الطحاوي حديث أنس في الآثار
قال: هم يزعمون أنه خطأ والحفاظ يروونه عن أنس. حدثنا بشر بن معاذ
الضرير، ثنا بشر بن المفضل، ثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل قال:
قلت: لأنظرنّ/إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كيف يصلي، فقام فاستقبل القبلة ورفع
يديه حتى حاذيا فلما ركع رفعهما مثل ذلك، فلما رفع رأسه من الركوع
رفعهما مثل ذلك " (2) . هذا حديث رواه ابن خزيمة في صحيحه عن
السعيد بن عبد الرحمن، ثنا سفيان عن عاصم بلفظ: " صليت مع النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه فرأيتهم يرفعون أيديهم في البرانس " (3) . وخرجه ابن حبان
عن الفضل بن الخباب، ثنا أبو الوليد الطيالسي، ثنا زائدة بن قدامة، ثنا عاصم
فذكره مطولًا.
ولما ذكره أبو عمر في التمهيد قال فيه: " وإذا رفع رأسه من السجود رفع
يديه، فلم يزل يفعله كذلك حين فرغَ من صلاته ". قال أبو عمر: عارض هذا
الحديث حديث ابن عمر: " كان لا يرفع بين السجدتين " (4) . ووائل صحب
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أياماً قلائل، وابن عمر صحبه حتى توفي، فحديثه أولى أن يؤخذ به
ويتبع. انتهى. وقد روى أبو داود والنسائي هذه اللفظة من حديث مالك بن
الحويرث، وقال ابن القطان: لا معارضة بينهما على الموطن الذي هو ما بين
السجدتين. حدثنا محمد بن يحيى، ثنا أبو حذيفة، ثنا إبراهيم بن طهمان، عن
أبي الزبير عن جابر أنه: " كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه، وإذا ركع وإذا
__________
(1) المجمع (2/102) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط " وفيه محمد بن عبيد الله العزرمي
وهو ضعيف.
(2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/867) .
وصححه الشيخ الألباني.
(3) لم نقف عليه.
(4) بنحوه. إتحاف (3/67) .

(1/1463)


رفع رأسه من الركوع فعل من ذلك، ويقول: رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعل مثل
ذلك، ورفع إبراهيم يديه إلى أذنيه " (1) . هذا حديث إسناده صحيح محتج
به، قال البيهقي: ولو لم يقله لقلناه. واسم أبي حذيفة موسى بن مسعود
النهدي، خرج البخاري حديثه في صحيحه، وفي الباب حديث أبي هريرة:
" أنه كان يرفع يديه/في كل خفض ورفع وقال: إني لأعلمكم بصلاة
الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذه كانت صلاته " (2) . ذكره أبو قرة في مسنده بسند
صحيح عن مالك عن الزهري عن أبي سلمة عنه في صحيح ابن خزيمة، ومن
حديث ابن أبي ذئب عن سعيد بن سمعان مولى الأدرميين عنه أنه قال:
" ثلاث كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعلهن فتركهن الناس، كان إذا أقام إلى الصلاة
رفع يديه، وكان يقف قبل القراءة هنيهة ويسأل الله تعالى من فضله، وكان
يكبر (3) في الصلاة كلما سجد ورفع ". ولما ذكر الإشبيلي حديث محمد بن
مصعب القرتستاني عن مالك عن ابن شهاب قال: " صحيح من رواية
الثقات الحفاظ عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنه:
" كان يصلى لهم فيكبر في كل خفض ورفع ". ولا يعرف غير هذا، وابن
مصعب كانت فيه غفلة، وحديثه هذا ذكره أبو نصر المروزي والدارقطني
وغيرهما، وذكره أبو عمر في التمهيد بلفظ: " وكان لا يرفع اليدين إلا
حين يفتتح الصلاة، ويقول: أنا أشبهكم صلاة برسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (4) .
وحديث عمر بن الخطاب من عند الدارقطني: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع
يديه إذا كبر وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع " (5) . وحديث أبي موسى
قال: " أريكم صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكبر ورفع يديه، ثم كبر ورفع يديه
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/868) .
في الزوائد: رجاله ثقات. وصححه الشيخ الألباني.
(2) الموضوعات لابن القيسراني (183) ، وإتحاف (3/67) ، والفتح (2/223) .
(3) قوله: " يكبر " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه. (4) إتحاف (3/57) ،.
(5) صحيح. رواه الدارقطني (1/289/، 290) ، والنسائي في (الافتتاح، باب " 105 ") ،
وابن ماجة (ح/866) ، وأحمد (5/53) ، والقرطبي (20/221) .

(1/1464)


للركوع، قال: سمع الله لمن حمده ورفع يديه، ثم قال: هكذا فاصنعوا، ولا
يرفع بين السجدتين ". رواه أبو الحسن في كتاب السنن بسند صحيح من
حديث النضر بن شميل، وزيد بن حباب، عن حماد بن سلمة، عن الأزرق بن
/قيس، عن حطان بن عبد الله عنه، وقال: رفعه هذان عن حماد ووقفه
غيرهما عنه، وحديث عبد الله بن مسعود المصحح عند الترمذي والطوسي
قال: " أنا رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكبر في كلّ خفض ورفع، وقيام وقعود، وأبا
بكر وعمر- رضى الله عنهما- ". وحديث عطاء بن أبي رباح قال: " صليت
خلف عبد الله بن الزبير، وفال عبد الله: صليت خلف أبي بكر الصديق، وقال
أبو بكر: صليت خلف رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وإذا
ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع " (1) .
قال البيهقي: وخرجه في سننه ورواته ثقات، ومرسل سليم بن يسار رواه
الشافعي عمن يثق به، عن سليمان بن بلال، عن يحيى بن سعيد عنه: " أنَّ
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرفع يديه حين يكبر للافتتاح، وحن يريد أن يركع، وحين
يرفع رأسه من الركوع " (2) . ومالك في موطإه، ورواه ابن أبي شيبة في
مصنفه، عن هشام، ثنا يحيى بن سعيد فذكرهَ، وحديث رواه أبو نعيم بن
دكين في كتاب الصلاة عن سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال:
حدثنى من سمع الأعرابي يقول: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يصلي، فلما رفع
رأسه من الركوع رفع يديه حتى بلغ أو حاذا بهما فروغ أذنيه كأنهما
مروحتان ".
وثنا إسماعيل بن مسلم، حدثني الحسن أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان إذا أراد
__________
(1) رواه الترمذي (ح / 253) ، وفال: وفي الباب عن أبي هريرة، وأنس، وابن عمر، وأبي
هالك الأشعري، وأبي موسى، وعمران بن حصين، ووائل بن حجر، وابن عباس. وفال:
" هذا حديث حسن صحيح ".
والعمل عليه عد أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وغيرهم،
ومن بعدهم من التابعين، وعليه عامة الفقهاء والعلماء.
(2) رواه احمد (14712) ، وعبد الرزاق (2517) ، ومالك (ص 76) .

(1/1465)


أن يكبر رفع يديه لا يجاوز أذنيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفع يديه لا
يجاوز أذنيه "، ومرسل قتادة: " أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرفع يديه إذا ركع وإذا
رفع " (1) . رواه عبد الرزاق في الجامع، قال البخاري: وقد روى/عن تسعة
عشر نفرا من الصحابة: أنهم كانوا يرفعون أيديهم عند الركوع، منهم: أبو
قتادة، وأبو أسيد الساعدي، ومحمد بن مسلمة، وسهل بن سعد، وعبد الله بن
عمر وابن عباس، وأنس بن مالك، وأبو هريرة، وعبد الله بن عمرو بن العاص،
وابن الزبير، ووائل بن حجر، ومالك بن الحويرث، وأبو موسى الأشعري، وأبو
حميد الساعدي، زاد بن الأثير في شرح المسند. أبا سعيد الخدري، وزاد
البيهقي أبا بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وجابر بن
عبد الله، وعقبة بن عامر الجهني، وعبد الله بن جابر العاص.
وقال الحاكم بن عبد الله: لا نعلم سنة اتفق على روايتها عن رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، الخلف الأربعة، ثم العشرة المشهود لهم بالجنة، فمن بعدهم من أكابر
الصحابة على تفرقهم في البلاد الشاسعة غير هذه السنة، وقال البيهقي: وهو
كما قال شيخنا: فقد روبت هذه السنة عن أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي،
وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد، وعبد الرحمن بن عوف، وأبي
عبيدة، ومالك بن الحويرث، وزيد بن ثابت، وأبي بن كعب، وابن مسعود،
وأبي موسى، وابن عباس، والحسين بن علي، وسهل بن سعد، وأبي سعيد،
وأبي قتادة، وسلمان الفارسي، وعقبة بن عامر، وبريدة، وابن عمر، وأبي هريرة،
وعمار، وأبي أمامة، وعمير بن قتادة الليثي، وأبي مسعود، وعائشة، وأعرابي له
صحبة، وقال أبو بكر بن إسماعيل الفقيه: رفع اليدين قد صحّ عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم عن الخلفاء الراشدين، ثم عن الصحابة والتّابعين وقال القاضي أبو
الطيب: قال أبو علي: روى الرفع عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/نيف وثلاثون صحابيا. زاد
ابن حزم: وأم الدرداء، والنعمان بن عياش، وجملة الصحابة، وقال أبو حنيفة
وأصحابه: لا يرفع يديه إلّا في تكبيرة الإحرام خاصة، وبه قال الثوري: وابن
أبي ليلى قال ابن شدا في الدلائل: وبهَ قال النخعي، والشعبي، والمشهور،
__________
(1) تقدم. انظر المجمع (2/102) ، ص 1462.

(1/1466)


والمعمول به عند مالك في رواية ابن القاسم، وفي كتاب ابن حزم: الرفع
رواية أشهب وابن وهب وأبي المصعب وغيرهم عن مالك أنه كان يفعله ويفتي
به، وقال الخطابي: قال به مالك في آخر أمره استدلّ لأبي حنيفة بما رواه
وكيع عن سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة
قال: قال عبد الله بن مسعود: " ألا أصلي حكم صلاة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:
فصلى؛ فلم يرفع يديه إلَّا في أول مرة، قال الترمذي وأبو علي الطوسي:
حديث ابن مسعود حديث حسن، وبه يقول غير واحد من أهل العلم من
أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التابعين وهو قول سفيان وأهل الكوفة. انتهي. اعترض
على هذا بما ذكره أبو داود في رواية ابن العبد قال: هذا حديث مختصر من
حديثه، وليس بصحيح على هذا اللفظ.
وبما قاله أبو حاتم في كتاب العلل: هذا خطأ، فقال: وهم فيه الثوري
وروى هذا الحديث عن عاصم جماعة فقالوا كلهم: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افتتح فرفع
يده ثم ركع فطبق ولم يقل أحد ما روى الثوري وبما ذكره الترمذي، قال
عبد الله بن المبارك: وقد ثبت حديث من يرفع، وذكر حديث سالم عن أبيه،
ولم يثبت حديث ابن مسعود، ولَم يرفع- إلَّا في أول مرة- وبما ذكره
البيهقي عن الحاكم:/أنَّ عاصم بن كليب لم يخرج له حديث في الصحيح،
وبما قاله المنذري وقال غيره: يعني غير الحاكم لم يسمع عبد الرحمن بن
علقمة، ويجاب عن الأول أنه لم يصرح بضعفه إّنما تعرض للفظه، وعن الثاني
أنّ عدم ثبوته عند ابن المبارك لا يمنع من اعتبار رجاله، وانطر في رأيه
والحديث يدور على عاصم بن كليب، وهو ثقة عند بن حبان، وابن سعد،
وأحمد بن صالح المصري، وابن شاهين ويحيى بن معين والفسوي وغيرهم.
ولما خرج الحاكم حديثه في مستدركة عن علقمة عن عبد الله قال:
" علّمنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصلاة فكبّر ... " الحديث، وقال: صحيح على شرط
مسلم، وقال في موضع آخر: قد احتج به مسلم بعاصم بن كليب وهذا
يكفي في رد قوله، لم يخرج له حديث في الصحيح، وقول المنذري مردود
بأمرين: الأول: لم يعزه إلى رجل مبين.

(1/1467)


إنما ذكره، عن مجهول، وكلام المجهول لا عبرة به. الثاني: تصريح
الخطيب في كتاب المتفق والمفترق بسماعه من علقمة، ويؤيده قول ابن حبان
إبراهيم النخعي ولا ما لم ير مخالفاً لذلك، فعلى هذا يكون حديثاً صحيحاً
لا حسناً، وفي كتاب ابن عدي من حديث محمد بن جابر عن حماد بن
أبي سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله؛ فذكره، وقال: لم يوصله
عن حماد غير محمد بن جابر، وكان إسحاق- يعني: ابن أبي إسرائيل-
بفضل محمد على جماعة شيوخ هم أفضل عنه وأوثق، وقد روى عنه الكبار
ابن عون وأيوب، وهشام بن حسان، والثوري، وشعبة، وابن عيينة، وغيرهم،
ولولا أنّ محمداً في ذلك المحمل لم يرو عنه هؤلاء الذين يروونهم، وقد خالفه
في أحاديث ومع ما تكلم فيه/من تكلم يكتب حديثه، وفي كتاب البيهقي:
رواه حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم عند عبد الله مرسلا، قال الحاكم:
هذا هو المحفوظ وإبراهيم لم ير ابن مسعود فالحديث منقطع، ومحمد بن جابر
تكلُّم فيه آثمة الحديث، وقال الدارقطني: تفرد به ابن جابر وكان ضعيفاً عن
حماد وغيرها يرويه عن إبراهيم عن عبد الله من فعله غير مرفوع وهو
الصواب، وفي العلل لعبد الله بن أحمد: ذكرت لأبي حديث ابن جابر-
يعني: هذا- فقال: هذا حديث منكر وأنكره جداً، قال: وذكرت لأبي
حديث الثوري عن حصين عن إبراهيم عن عبد الله أنه كان يرفع يديه، في
أوّل الصلاة ثم لا يعود فقال: ثنا هشيم عن حصين عن إبراهيم لم يجز به،
وهشيم أعلم بحديث حصين، وفي كتاب الخلال قيل لأبي عبد الله: أخذت
عن ابن مسعود بإسناد موصول؟ قال: لا إنما هو إبراهيم عن عبد الله، وفي
المصنف: عن وكيع عن شريك عن جابر عن الأسود، وعلقمة أنهما كانا
يرفعان أيديهما إذا افتتحا ثم لا يعودا. انتهي. إن ذكر الطحاوي في المشكل
عن الأعمش أن إبراهيم قال له: إذا قلت: قال عبد الله: فلم أقل ذلك حتى
يحدثني به جماعة، وإذا قلت حدثنى فلان عن عبد الله فهو الذي حدثنى،
وفي شرح الآثار للطحاوي من حديثه عن ابن أبي داود عن نعيم عن حماد
عن نافع عن سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن
علقمة عن عبد الله مرفوعًا " ثم لا يعود " قال: ثنا محمد نعمى، ثنا يحيى بن

(1/1468)


محمد، ثنا وكيع، فذكره، وبحديث رواه شريك عند أبي داود عن يزيد بن
أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عارب أن رسول الله/
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه إلى قريب من أذنيه ثم لا يعود " (1) .
ورواه من حديث سفيان عن يزيد نحو حديث شريك، ولم يقل: ثم لا يعود،
قال سفيان: قال لنا بالكوفة بعد: ثم لا يعود، قال أبو داود: وروى هذا
الحديث هشيم، وخالد، وابن عيينة، وابن إدريس عن يزيد: لم يذكروا: ثم
لا يعود، ولما ذكر الشافعي قول سفيان، قال: ذهب سفيان إلى تغليط يزيد،
وفي كتاب ابن عساكر في ترجمة الأوزاعي حديث يزيد في رفع اليدين
يخالف للسنة وفي التمهيد قال أبو عمر بن عبد البر: هذا حديث تفرد به
يزيد، ورواه عنه الحفاظ، لم يذكر واحد منهم فيه قوله: " ثم لا يعود "،
وقال البزار: لا يصح حديث يزيد في رفع اليدين قوله: " ثم لا يعود "، وفي
كتاب الدوري عن يحيى: ليس هو بصحيح الإسناد، في كتاب البيهقي عن
الإِمام أحمد: هذا حديث واهٍ قد كان يزيد يحَدّث به لا يذكر " ثم لا يعود "
فلما لقن أخذه فكان يذكره فيه، وذكره الدارقطني عن يزيد عن عدي بن
ثابت عن النبي- صلى الله عليه وآلهَ وسلم- قال: وهذا هو الصواب، وفي
موضع آخر عن يزيد عن عبد الرحمن: سمعت البراء يحدث قوما منهم:
أحمد بن عجرة فذكره، وفيه: لفظ عن علي بن عاصم قال: سألت يزيد
فقلت: أخبرتي ابن أبي ليلى أنك قلت ثم لم يِعد! قال: لا أحفظ هذا
فعاودته فقال: ما أحفظ هذا. رواه الدارقطني عن أبي بكر الأدمي عن
عبد الله بن محمد بن أيوب عنه، وقال الخطابي: لم يقل أحمد في هذا " ثم
لا يعود " غير شريك. انتهي. يدخل في هذا الاعتراض ما رواه البيهقي في
الخلافيات من طريق النضر بن شميل عن إسرائيل عن يزيد بلفظ: " رفع يديه
حذو/أذنيه ولم يعد ". فهذه متابعة لشريك صحيحة، ورواه الدارقطني من
__________
(1) ضعيف. رواه أبو داود (ح/749/، 750) ، والنسائي في (ألافتتاح، باب " 3، 7 "
وأحمد (2/18، 4/301، 302) ، والبيهقي (2/24، 26، 94) ، وشرح السنة (3/
20) ، وإتحاف (3/44) ، والدارقطني (1/296) ، وابن أبي شيبة (1/296) ، والخطيب
(3/67، 12/307) .

(1/1469)


طريق إسماعيل بن زكرياء عن يزيد مثله، والطبراني في الأوسط من حديث
حفص بن عمر الثقفي، ثنا حمزة الزيات عنه بنحوه وقال: لم يروه عنه إلّا
حفص. تفرد به محمد بن حربي، ثم نظرنا بعد في حال يزيد فوجدنا العجلي
قال: هو جائز الحديث، وقال يعقوب بن سفيان: يزيد، وإن كان قد تكلّم فيه
لتغيّره فهو على العدالة والثقة، وإن لم يكن مثل الحكم ومنصور والأعمش فهو
مقبول القول عدل ثقة، وقال أبو داود: ثَبت لا أعلم أحداَ ترك حديثه وغيره
أحبّ إلي منه، وقال ابن سعد: كان ثقة في نفسه إلّا أنه اختلط في آخر
عمره، ولما ذكره ابن شاهين في الثقات قال: قال أحمد بن صالح: يزيد
ثقة، ولا يعجبني قول من تكلّم فيه، ولا خرج ابن خزيمة حديثه في صحيحه
قال: في القلب منه شيء، وقال الساجي: صدوق، وقال ابن حبان: كان
صدوقا إلا أنه لما كبر تغيّر فسماع من سمع عنه قبل التغيّر صحيح، وذكره
مسلم فيمن شمله اسم السند والصدق وتعاطى العلم، وخرّج حديثه علما ما في
الكمال وغيره في الأصول، وذكره البخاري في كتاب اللباس في قوله: قال
جرير عن يزيد القبة ثياب (1) فلما كانت حاله بهذه المشابهة جاز أن يحمل
أمره على أنه حدّث ببعض الحديث تارة وبجملة أخرى، أو يكون قد نسي
أولا ثم تذكر آخرا فإن قيل: ما يدل أنه لم يحفظ ما رواه إبراهيم بن بشار
الرمادي عن سفيان عن يزيد عن عبد الرحمن عن البراء قال: " رأيت النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه إذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الركوع " (2) . قال
الحاكم أبو عبد الله: لا أعلم ساق هذا/المتن بهذه الزيادة عن ابن عيينة غير
الرمادي وهو ثقة، قيل له: إبراهيم بن بشار وصف بالوهم فجائز أن يكون
وهم في هذا، بيان ذلك ما قال فيه أبو محمد بن الجارود: هو صدوق، وربما
وهم في الشيء بعد الشيء، وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عنه
فلم يعجبه، وقال: كان يكون عند ابن عيينة فيقوم فيجيء إليه الخراسانية
فيملى عليهم ما لم يقل ابن عيينة فقلت له: أما تتقى الله، أما تراقب الله،
وأنكر عليه البخاري في تاريخه حديثَا، وكذلك غيره، وقد وجدنا ليزيد متابعا
__________
(1) هكذا بالأصل، ولا نعرف لها معنى.
(2) تقدم في الحاشية رقم (5) في ص 1464.

(1/1470)


عن عبد الرحمن من رواية وكيع عن ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى عن الحكم
عنه عن البراء بلفظ: " رفع يديه حين افتتح الصلاة ثم لم يرفعهما حتى
انصرف " (1) . ذكره أبو داود وقال: ليس بصحيح يعني؛ لأن في سنده،
محمد بن عبد الرحمن القاضي، وإن كان قد تكلّم فيه جماعة فقد قال فيه
العجلي: صاحب سنة صدوق جائز الحديث. وفي موضع آخر: ثقة، وقال أبو
حاتم الرازي: شغل بالقضاء فساء حفظه ولايتهم بشيء من الكذب. انتهي.
فمثل هذا وشبهه يصلح للمتابعة، وأماما ذكره الخلال في كتاب العلل عن
أحمد قال ابن عيينة نظرت في كتاب ابن أبي ليلى فإذا هو يرويه عن يزيد بن
أبي زياد تغيّر ضائر لاحتمال أن يكون قد رواه عنهما- والله أعلم-، ومن
حديث محمد بن جابر عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال:
" صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأبي بكر وعمر فلم يرفعوا أيديهم إلا عند التكبيرة
الأولى " (2) . قال إسحاق بن أبي إسرائيل: وبه نأخذ في الصلاة كلّها، قال
الدارقطني: تفرد به محمد بن جابر وهو ضعيف، وغير حماد يرويه عن إبراهيم
عن عبد الله مرسلا عن عبد الله: من/فعِلٍ غير مرفوع وهو الصواب، وفي
المصنف: عن وكيع عن مسعر عن أبي معشر عن إبراهيم عن عبد الله: " أنه
كان يرفع يديه في أوَّل ما يفتتح ثم يرفعهما " (3) . وعن وكيع وأبي أسامة عن
شعبة عن أبي إسحاق قال: كان أصحاب عبد الله، وأصحاب على لا يرفعون
أيدهم إلا في افتتاح الصلاة. قال وكيع: ثم يعودون، وبحديث ذكره البيهقي
من حديث ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس وعن نافع عن
ابن عمر قالا: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا ترفعوا الأيدي إلا في سبع مواطن:
__________
(1) رواه أبو داود (ح/752) .
قال أبو داود: هذا الحديث ليس بصحيح.
(2) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/101) ، وعزاه إلى " أبي يعلى " وفيه محمد بن
جابر الجعفي اليمامي، وقد اختلط عليه حديثة وكان يلقن فتلقن.
(3) رواه ابن أبي شيبة: (1/234) .
(4) ضعيف. إتحاف (3/58) ، وأسرار (493، 494) ، والطبراني (11/385)

(1/1471)


عند افتتاح الصلاة، واستقبال البيت، والصفا والمروة، والموقفين، والجمرتين " (4) .
واعترض عليه بأمور.
الأول: تفرد ابن أبي ليلى به.
الثاني: رواية وكيع عنه موقوفة.
الثالث: رواية جماعة من التابعين عنهما: أنهما كانا يرفعان عند الركوع
وبعد رفع الرأس منه.
الرابع: قال شعبة: لم يسمع الحكم من مقسم إلا أربعة أحاديث، ليس هذا
يؤيد ما رواه ابن جريح حديث عن مقسم.
الخامس: أنّ جميع الروايات ترفع الأيدي، وليس في رواية منها لا ترفع إلّا
في سبع، قال الحاكم: وقد تواترت الأخبار بأن الأيدي ترفع في غير ذلك منها
الاستسقاء، ودعاؤه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لدوس، وفي القنوقد، وفي الدعاء في الصلاة، وفي
الوتر، وبحديث لا بأس بسنده، ذكره البيهقي في الخلافيات من حديث
محمد بن غالب، ثنا أحمد بن محمد البراني، ثنا عبد الله بن عون الخزاز،
ثنا مالك عن الزهري عن سالم عن ابن عمر: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يرفع
يديه، إذا افتتح الصلاة، ثم لا يعود " (1) . انتهي. ولما لم ير الحاكم ما يرفعه به
قال/ابن أبي شيبة في مصنفه بسند صحيح على شرط مسلم: ثنا يحيى بن
آدم عن حسن بن عباس عن عبد الملك بن الحر عن الزبير بن عدي عن
إبراهيم عن الأسود قال: " صليت مع عمر بن الخطاب، فلم يرفع يديه في
شيء من صلاته إلى حين افتتح الصلاة " (2) .
قال الطحاوي: هو حديث صحيح؛ لأن الحسن بن عباس الذي ذكرنا له
الحديث منكر، وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي وأبا زرعة عنه هل هو صحيح
__________
= والمجمع (2/103) ، وفيه ابن أبي ليلى وهو سيء الحافظ.
(1) بنحوه. رواه أبو داود (ح/742) ،.
وقال: " لم يذكر رفعهما دون ذلك اً حد غير مالك فيما أعلم ".
(2) قلت: وسقطت كلمات من متن هذا الحديث وكذا أثبتناه.

(1/1472)


أو يرفعه حديث النووي عن الزبير بن علي عن إبراهيم عن الأسود عن عمرو
أنه كان برفع يديه في افتتاح الصلاة حتى يبلغا منكبيه، فقال سفيان: احفظ،
وقال أبو زرعة: هذا أصح يعني حديث سفيان، وقال ابن أبي شيبة: قال
عبد الملك: ورأيت الشعبي وإبراهيم وأبا إسحاق لا يرفعون أيديهم إلا حين
يفتتحون الصلاة، وعن وكيع عن أبي بكر بن عبد الله بن عطاف النهشلي
وفيه كلام عن عاصم بن كليب عن أبيه: أن عليًا كان يرفع يديه إذا افتتح
الصلاة ثم لا يعود، وفي الخلافيات للبيهقي من حديث حفص بن غياث عن
أبي يحيى محمد قال: " صليت إلى جنب عباد بن عبد الله بن الزبير
فجعلت ارفع يديه في رفع ووضع، قال: يا ابن أخي إن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان
إذا افتتح الصلاة رفع يديه في أول الصلاة ثم لم يعد في شيء حتى فرغ ".
قال أبو بكر: وهذا حجة (1) /، وكان قيس يرفع يديه، أول ما يدخل في
الصلاة ثم لا يرفعها، وعن هشيم، ثنا حصين ومغيرة عن إبراهيم أنه كان
يقول: " إذا كبرت للصلاة فارفع يديك ثم لا ترفعهما هشيم فيما بقى "،
وفي لفظ: " لا ترفع يديك في شيء من الصلاة إلا في الافتتاحية الأولى "،
وفي كتاب الصلاة لأبي نعيم الفضل: ثنَا حسن بن صالح عن وفاء، وكان
سعيد بن جبير لا يرفع يديه في الركوع، وفي شرح الطحاوي لما ذكر لإبراهيم
حديث وائل في الرفع قال: أترى وائل بن حجر أعلم من علي بن أبي طالب
وعبد الله بن مسعود! لعله فعل ذلك مرّة واحدة ثم تركه، وفي لفظ: إن
كان وائل رآه مرّة فقد رآه عبد الله خمسين مرة، وفي القديم للشافعي قال
قائل: رويتم قولكم عن ابن عمر وألقيت عن علي وابن مسعود أنهما كانا
لا يرفعان أيديهما في شيء من الصلاة إلا في الافتتاح وهما أعلم بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
من ابن عمر؛ لأن النبي-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ليلنى منكم أولو الأحلام والنهى " (2) .
ومكان ابن عمر خلف ذلك، قال الشافعي: ما قاله لا يثبت عن علي وابن
__________
(1) بياض " بالأصل ".
(2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/122/، 123) ، والمجمع (2/94) ، والترمذي
(ح/228) ، والحميدي (456) ، وابن أبي شيبة (1/351) ، والطبراني (10/108،
17/216، 217) ، والحاكم (1/219) .

(1/1473)


مسعود وإنما رواه عن عاصم عن أبيه عن علي فأخد بها وترك رواية عاصم عن
أبيه أيضا عن وائل بن حجر أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رفع يديه، كما روى ابن عمر،
ولو كان هذا ثابتا عنهما كان يشبه أن يكون رآهما مرة أغفل فيه رفعه اليدين،
ولو قال قائل: ذهب عنهما حفظ ذلك عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكانت له حجة؛ لأن
الضحاك بن سفيان قد حفظ على المهاجرين والأنصار وغيره أولى بالحفظ مه،
والقول قول الذي قول: رأيته فعل؛ لأنه/شاهد ولا حجة في قول الذي قال
لم تره، وهذا هو مذهب من خالفنا في ذلك، ولقد كان ابن عمر عندنا من
ذوى الأحلام والنهي ولو كان فوق ذلك منزلة كان أهلها، وأقبل قولنا إن
إبراهيم لو روى عن علي وعبد الله لم يقبل منه؛ لأنه لم يلق واحدا منهما.
انتهى. وأما استدلال بعض الحنفية بحديث جابر بن سمرة من عند مسلم:
" مالي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب شمس " (1) . فليس بصحيح؛ لأنهم
إنَّما كان ذلك حالة السلام فيما ذكره البخاري وغيره، وفي كتاب المعرفة عن
عقبة بن عامر إذا رفع يديه عند الركوع وعند رفع رأسه، فله بكل إشارة
عشر حسنات. غريبه: المنكب من الإنسان وغيره، ومجتمع رأس الكتف
والعضد منكب لا غير. حكاه اللحياني، وفي صحيح البخاري في كتاب
البيوع فيما رأيت من النسخ: فوضع يده على إحدى منكبيه، وقال سيبوبه فيما
ذكره ابن سيده: هو اسم للعضو ليس على المصدر ولا المكان؛ لأن فعله
نكب ينكب يعني: إنه لو كان عليه لقال منكب ولا يحمل على باب مطلع؛
لأنه نادر عن باب مطلع.
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/119) ، وأبو داود في (استفتاح الصلاة، باب " 74 ") ،
وأحمد (5/101، 107) ، والبيهقي (2/280) ، والطبراني (2/223) ، وابن أبي شيبة (2/486،
10/378) ، والتمهيد (9/221) ، ونصب الراية (1/393، وتلخيص (1/221) .

(1/1474)


146- باب الركوع في الصلاة
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يزيد بن هارون عن حسين المعلم عن بديل
عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ركع لم يشخص
رأسه ولم يصوبه، ولكن بين ذلك، وإذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد
حتى يستوي قائماً، وإذا سجد فرفع رأسه لم يسجد حتى يستوي جالساً،
وكان/يفترش رجله اليسرى " (1) . هذا حديث سبق التنبيه على إسناده في
باب الافتتاح. حدثنا علي بن محمد وعمرو بن عبد الله قالا: ثنا وكيع، ثنا
الأعمش عن عمارة عن أبي معمر عن أبي مسعود قال: قال رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لا تجزيء صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود " (2) . هذا
حديث خرجه إمام الأئمة في صحيحه، وقال فيه الترمذي: هذا حديث
حسن صحيح، وخرجه عن أحمد بن منيع عن زهير بن معاوية عن الأعمش
وأبو علي الطوسي، وخرجه عن زياد بن أيوب، ثنا محمد بن فضيل عن
الأعمش، وقال: حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم من الصحابة
فمن بعدهم، وقال الشافعي وأحمد وإسحاق: من لا يقيم صلبه في؟ الركوع
والسجود فصلاته فاسدة، وفي كتاب أبي داود: ظَهْرُهُ، وخَرجه البستي في
صحيحه، من حديث شعبة عن سليمان، وقال البيهقي في المعرفة: إسناده
صحيح، وقال الدارقطني والنقال: وهذا إسناد ثابت صحيح، وقال البيهقي في
المعرفة: وهذا إسناد صحيح، وخرجه ابن الجارود في المنتقى، وفي الأوسط من
حديث فضل بن مهلهل عن عطاء بن السائب عن سالم البزار قال: " سألنا
عقبة بن عمرو عن صلاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فوضع يديه على ركبته وأصابعه، أشكل
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/240) ، وأبو داود في (استفتاح الصلاة، باب
" 9 ") ، وابن ماجة (ح/869) ، والبيهقي (2/113، 172) .
(2) صحيح. رواه الترمذي (ح/265) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح. والنسائي (2/
183، 214) ، وابن خزيمة (666) ، وابن أبي شيبة (1/287) ، ومشكل (1/80) ،
والكنز (19737) ، والطبراني (17/213، 214) .

(1/1475)


من ذلك حذاء (1) بطنه، فركع حتى استقر كل شيء منه، ثم قام حتى استقر
كل شيء منه ... " الحديث، وفي آخره: هكذا رأيت أبا مغسل، وقال: لم
يروه عن مفضل إلا يحيى بن آدم وفي موضع آخر: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا
ركع عدل ظهره حتى لو صبّ على ظهره ماء ركد " (2) . وقال: لم يروه عن
عبد الملك بن عمير يعني: عن أبي/عبد اللَّه البزار عنه: إلا عبد الملك بن
حسين النخعي.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا ملازم بن عمرو عن عبد اللَّه بن بدر
أخبرني عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه علي بن شيبان، وكان من
الوفد قال: خرجنا حتى قدمنا على رسول اللَّه- صلى اللَّه عليه وآله وسلم-
فبايعنا وصلينا خلفه، فلما بمؤخر عنه رجلا لا يقيم صلاته- يعني: صلبه-
في الركوع والسجود، فلما قضى النبي- صلى اللَّه عليه وآله وسلم- الصلاة
قال: " يا معشر المسلمين لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع
والسجود " (3) . هذا حديث خرجه بن حبان في صحيحه عن الفضل بن
الحباب، ثنا مسدد، ثنا ملازم، حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفرياني، ثنا
عبيد اللَّه بن عثمان بن عطاء، ثنا طلحة بن زيد عن راشد قال: سمعت
وابصة بن معبد يقول: " رأيت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم-
يصلي، فكان إذا ركع سوَّى ظهره حتى لو صبّ عليه الماء لاستقر " (4) . هذا
حديث إسناده ضعيف؛ لضعف طلحة بن زيد أبي سكين، ويقال: أبو محمد،
ويقال: أبو سليمان الرقي، فإن صاحب تاريخها ذكر أنه روى عن الأوزاعي
مناكير قال: وهو منكر الحديث، وقال ابن عدي: له أحاديث مناكير /، وقال
__________
(1) في الأصل " رجانا بطه " ولعلها حذاء بطه.
(2) ضعيف جدا. رواه ابن ماجة (ح/872) ،. في الزوائد: في إسناده طلحة بن يزيد، قال
البخاري وغيره: منكر الحديث. وقال أحمد بن المديني: يضع الحديث.
(3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/871) ،. في الزوائد إسناده صحيح. ورجاله ثقات. ورواه
ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما. والكنز (19729، 22208) ، وصححه الشيخ الألباني.
(4) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/872) ،. في الزوائد: في إسناده طلحة بن زيد، قال
البخاري وغيره: منكر الحديث. وقال أحمد بن المديني: يضع الحديث.

(1/1476)


أبو نعيم الحافظ: لا شيء، وقال الساجي والبخاري: منكر الحديث، وقال أبو
داود والإمام أحمد وابن المديني: يضع الحديث، وقال أبو حاتم: منكر الحديث
ضعيف الحديث لا يعجبني حديثه، وقال ابن حبان: منكر الحديث جدَا لا
يحل الاحتجاج بخبره، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال صالح بن محمد:
لا يكتب حديثه،/وضعف إبراهيم بن محمد بن يوسف الفرياني، فان أبا
الفتح الأزدي قال: هو ساقط، ولأن عبد الله بن عثمان مُس بشيء من
الضعف أيضَا، والله تعالى أعلم. وفي الباب حديث المسيء صلاته (1) ، وفيه:
" ثم اركع حتى تطمئن راكعَا " وسيأتي، وحديث علي بن يحيى بن خلاد عن
عمه: أن رجلَا دخل المسجد فذكر نحو حديث المسيء وفيه: " ثم تركع حتى
تطمئن "، وسيأتي أيضا، وعند البخاري: رأى حذيفة رجلَا لا يتم الركوع ولا
السجود، فقال: ما صليت ولو مت، مت على غير الفطرة التي فطر الله عليها
محمدَا، صلى الله علبه وآله وسلم (2) .
وفي مسند أحمد (3) من حديث أبي هريرة مرفوعا: " لا ينظر الله إلى
صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده " ومن حديث أبي قتادة عند
الطبراني وقال: لم يروه عن الأوزاعي عن يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عنه
إلا الوليد، ولا عنه إلا الحكم بن موسى، وسليمان بن أحمد الواسطي قال-
صلى الله عليه وآله وسلم: " أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته " قالوا:
وكيف يسرق من صلاته؟! قال: " لا يتم ركوعها ولا سجودها " (4) .
__________
(1) قلت: وحديث المسيء صلاته تقدم، وقد كتبناه في حاشية للتحقيق بلفظه، وسوف يأني
إن شاء الله كما ذكر المصنف.
(2) تقدْم.
(3) رواه أحمد (2/525) ، والمشكاة (904) ، والترغيب (1/336) ، والكنز (19758،
19759) ، والمجمع (2/120) ، وعزاه لدى أحمد من رواية عبد اللْه بن زيد الحنفي عن أبي
هريرة ولم لجد من ترجمه.
(4) رواه أحمد (5/310) ، والحاكم (1/229) ، والطبراني (3/273) ، والمشكاة (885) ،
وابن حبان (503) ، والخفاء (1/139، 140) ، والعلل (487) ، والترغيب (1/335، 338) ،
وابن عساكر في " للتاريخ " (4/410) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/148) ،

(1/1477)


وفي صحيح ابن خزيمة من حديث خالد بن الوليد وعمرو بن العاص
وشرحبيل ابن حسنة ويزيد بن أبى سفيان مرفوعًا: " إنّما مثل الذي يصلى ولا
يركع وينقر في سجوده: كالجائع لا جمل إلّا مرة أو مرتين فما يغنيان عنه؛
فأتموا الركوع والسجود " (1) . وفي كتاب البيهقي من حديث جابر بن عبد الله
مرفوعَا: " لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود " (2)
وقال: تفرد به يحيى بن أبي بكير، وفي كتاب الطبراني من حديث بلال:
وأبصر رجل يصلى لا يتم الركوع، ولا السجود فقال: " لو مات هذا مات
على غير ملة محمد- صلى الله/عليه وآله وسلم- " (3) ، وقال: لم يروه عن
مغفل بن مهلهل- يعنى: عن قتان- عن قيس عنه إلّا يحيى بن آدم، ومن
حديث الحسن عن ابن مغفل قال رسول الله- صلى اللَّه عليه وآله وسلم-:
" أسرق الناس من سرق من صلاته ". قالوا: وكيف يسرق؟ قال: " لا يتم
ركوعها ولا سجودها " (4) . لم يروه عن ابن مغفل إلا الحسن، ولا عن الحسن
إلا عوف، ولا عن عوف إلا عثمان بن الهيثم. تفرد به زيد بن الحريث، ومن
حديث أنس قال: خرج النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فرأى في المسجد
رجلًا لا يتم ركوعه ولا سجوده، فقال: " لا تقبل صلاة رجل لا يتم الركوع
والسجود " (5) ، وقال: لم يروه عن الربيع بن أنس- يعني: أنس- إلا أبو
والكنز (2001، 19733) ، والمجمع (2/120) ، وعزاه إلى أحمد والطبراني في " الكبير "
و" الأوسط " ورجاله رجال الصحيح.
(1) رواه البيهقي (2/89) ، وابن عساكر في " التاريخ " (3/17) .
(2) صحيح. رواه البيهقي (117،2/188) ، والترمذي (ح/265) ، وقال: هذا حديث حسن
صحيح. والنسائي (2/183، 214) ، وابن خزيمة (666) ، وابن أبي شيبة (1/287) ، وشرح
السنة (3/97) ، وعبد الرزاق (3736) ، ومشكل (1/80) ، والكنز (19737) ، والطبراني (17/
213، 214) ، وأبو عوانة (2/104) ، وابن ماجة (ح/870) . وصححه الشيخ الألباني.
(3) ، بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/121) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
و" الكبير " غير أنه قال في الكبير: " لمات على غير ملة عيسى عليه السلام " ورجاله ثقات.
(4) تقدم الحاشية رقم (4) للسابقة.
(5) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/121) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "
و" الصغير " وفيه إبراهيم بن عاد الكرماني ولم أجد من ذكره.

(1/1478)


جعفر الرازي، ولا عنه إلا يحيى بن أبى بكير، قال الثوري والشافعي
والأوزاعي وأحمد وإسحاق وابن وهب وداود: الطماً نينة فرض، وقال أبو
يوسف: الفرض المكث بمقدار تسبيحة واحدة، وقال أبو حنيفة: يكفيه في
الركوع أدناه، ولا تجب الطمأنينة في شيء من هذه إلا كان، واحتج بقوله
تعالى: (اركعوا واسجدوا) (1) ،، وزعم السروجي في الغاية أنّ الطمأنينة في
الركوع، والقومة، والسجود، والجلسة بين السجدتين عند أبى حنيفة ومحمد:
سنة، وفي تخريج الجرجاني، وفي تخريج الكرخي: واجبة يجب سجود السهو
بتركها، وقال في الجواهر: لو لم يرفع في ركوعه وجبت الإعادة في رواية ابن
القاسم، ولم تجب في رواية علي بن زياد ولا ابن القاسم فيمن رفع من
الركوع والسجود ولم يعتدل يجزيه ويستغفر الله، ولا يعود.
__________
(1) سورة الحج آية: 77.

(1/1479)


146- باب وضع اليدين على الركبتين
/حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا محمد بن بشر، ثنا إسماعيل بن أبي
خالد عن الزبير بن عدي عن مصعب بن سعد قال: " ركعت إلى جنب أبي
فطبَّقت فضرب يدي وقال: قد كنّا نفعل هذا ثم أمرنا أن نرفع إلى الركب " (1) .
هذا حديث خرجاه في صحيحيهما، وفي المستدرك: لما بلغ سعدًا فِعْلُ ابن
مسعود قال: صدق أخي، كنا نفعل هذا، ثم أمرنا بهذا، يعني الإمساك بالركب،
وقال: صحيح على شرط مسلم، وفي الأوسط لأبي القاسم: رأيت النبي-
صلى الله عليه وآله وسلم-: " إذا ركع وضع راحيته على ركبتيه، وفرج بين
أصابعه " (2) ، وقال: لم يرو عن عبد الملك بن عمير- يعني عن مصعب- إلّا
عكرمة بن إبراهيم. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا عبدة بن سليمان عن حارثة بن
أدى الرجال عن عمرة عن عائشة قالت: " كان رسول الله- صلى اللَّه عليه وآله
وسلم- يركع فيضع يديه على ركبتيه ويجافي بعضديه " (3) . هذا حديث سنده
ضعيف بضعف حارثة بن أبي الرجال محمد المذكور، قيل: وفي الباب حديث
أبي حميد الساعدي المذكور قبل وفيه: " وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه " (4) ،
وحديث أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال لنا عمر بن الخطاب: " إن الركب قد
سُنّت لكم فخذوا بالركب " (5) . خرجه الترمذي وقال: حسن صحيح، والعمل
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (المساجد، ح/28، 30) ، وأبو داود (ح/747) ، والنسائي في
(التطبيق، باب " 1 ") ، وابن ماجة (ح/873) ، وأحمد (1/378، 414، 418، 426، 459،
2/78، 81، 4/422، 5/3) .
غريبه: قوله: " فطبقت " التطبيق أن يجمع لن أصابع يديه ويجعلهما بين ركبتيه في الركوع.
(2) بنحوه. معاني الآثار. (1/230) .
(3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/874) .
في الزوائد: في إسناده حارثة بن أبي الرجال، وقد اتفقوا على ضعفه.
(4) التاريخ الكبير " البخاري " (8/357) ، والإرواء (2/13) .
(5) رواه الترمذي (ح/258) ،. فال: وفي الباب عن سعد، وأنس، وأبي حميد، وأبي أسيد، وسهل بن
سعد، ومحمد بن مسلمة، وأبي مسعود. وقال: " حديث عمر حديث حسن صحيح ".

(1/1480)


عليه عند أهل العلم من الصحابة والتابعين، فمن بعد لا اختلاف بينهم في هدا إلّا
ما روى عن ابن مسعود وبعض أصحابه أنهم كانوا يطبقون، وفي الأوسط من
حديث قيس بن الربيع عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال:
" رأيت النبي- صلى اللَه عليه وآله وسلم- حين ركع وضع يده على ركبتيه "،
وفرَق أصابعه (1) . لم يقل في هذا الحديث عن عاصم " وفرق أصابعه " إلّا ابن
الربيع، ولما خرّجه الحاكم قال: صحيح على شرط الشيخين، وعن أبي مسعود
ووصف صلاة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ووضع راحيته على ركبتيه،
وجعل أصابعه اسأل من ذلك، ثم جاء في مرة نفيه، ثم قال: هكذا رأيته يصلى.
وفي كتاب الحازمي من حديث حصين بن عبد الرحمن عن حسنة قال:
" قدمت المدينة فكنت أركع كما ركع أصحاب عبد الله أطبق، فقال لي رجل من
المهاجرين: ما حملك على هذا؟ فقلت: كان عبد الله يفعله ".
وحديث أنّ رسول اللَه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يفعله فقال: صدق، ولكن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رّبما صنع الأمر ثم تركه، انظر ما أجمع عليه المسلمون فافعله. أنبأ به المسند المعمر
فتح الدين الجوهري قراءة عليه، وأنا أسمع عن أبي المكارم عبد اللَه وأبي عبد اللَّه
الحسين ابني الحسن بن منصور عن الحافظ أبي بكر محمد بن موسى، قال الأول:
سماعا، وقال الثاني: إجازة.
قال: وقال أبو بكر: محمد بن الفضل الفقيه، ثنا هارون بن عبد الله البزار، ثنا
سعيد بن سليمان، ثنا عباد بن العوام عه، ومن حديث إسحاق الأزرق عن ابن
عون عن ابن سيرين: " أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركع فطبّق ". قال ابن عون: فسمعت نافعَا
يحدّث عن ابن عمر أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنّما فعله مرّة واحدة، قال الحازمي: هذا حديث
غريب بعد في أفراد عمرو بن محمد النّاقد عن الأزرق.
وذكر الجلال أنّ يحيى بن معين قال: هذان ليسا بشيء، وقال أبو قرة: قال
ابن جريج أخبرت عن التّيمي أنّ/النعمان بن أبي عياش الزرقي قال: شكا أصحابه
__________
(1) ضعيف. رواه أبو داود (ح / 838) ،. " قلت: لأن عبد الجبار من أوائل من اتفق الحفاظ
على أنه لم يسمع من أبيه شيئا، ولم يدركه ".

(1/1481)


إلى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- الاعتماد في السجود فقال صلى الله عليه
وآله وسلم: " استعينوا بأيديكم على ركبكم " (1) . وعند الشافعي من حديث
إبراهيم بن محمد عن ابن عجلان عن علي بن يحيى عن رفاعة: أن النبي- صلى
اللَّه عليه وآله وسلم- قال لرجل: " إذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ".
***
(1) ضعيف. رواه أبو داود (ح/902) ، والترمذي (ح/286) ، وقال: هذا حديث غريب لا
نعرفه من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلْا من هذا الوجه، من حديث الليث
عن ابن عجلان. والبيهقي (2/117) ، والحاكم (1/229) ، والتاريخ الكبير (4/203) ، وابن
حبان (507) ، والفتح (2/294) ، والكنز (19794) ، ومعاني

(1/1482)