شرح ابن ماجه لمغلطاي

147- باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع
حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان، ويعقوب بن حميد بن كاسب قالا: ثنا
إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد
الرحمن عن أبي هريرة: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا قال: سمع الله لمن
حمده، قال: ربنا ولك الحمد " (1) . هذا حديث خرجاه في صحيحيهما.
حدثنا هشام بن عمار، ثنا سفيان عن الزهري عن أنس بن مالك أن رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إذا قال الإِمام سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك
الحمد ". هذا حديث خرج في الصحيح معلولًا بذكر سقوطه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن فرسه
فجحش شقُّهُ " (2) .
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا زهير بن محمد
عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري
أنه سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا:
اللهم ربنا لمك الحمد " (3) . هذا حديث سبق التنبيه على الخلاف في ابن عقيل
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (11/77، 8/401،102) ، ومسلم في (الصلاة، ح/
196، 198) ، وأبو داود (ح/853) ، في (الافتتاح، باب " 111 ") ، وابن ماجة (ح/875) ،
وأحمد (4/381،3/87،521،452،2/319،1/275) ، والبيهقي (198،95،2/94) ،
والطبراني (10/208) ، وشرح السنة (3/111) ، وابن عدى في " الكامل " (6/2405) .
(2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (ح/689، 1114) ، ومسلم في (الصلاة، ح/
411) ، والترمذي (ح/361) ، وصححه. والنسائي في (الإمامة، باب " 16 ") ، وابن ماجة
(ح / 1238) ، ومالك في (الصلاة، ح/16) ، والشافعي في " الرسالة " (فقرة 696) ، وأحمد
(3/43) ، والدارمي (ح/1256) .
وتمام لفظه: " عن أن: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ركب فرصا فصرع عنه، فجحش شِفه الأيمن،
فصلى صلاة من الصلوات وهو جالس، فصلينا معه جلوسا، فلما انصرف قال: إنما جعل
الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا صلى قائما فصلوا قياما، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع
فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإن صلّى قاعدا فصلوا
قعوا أجمعون ". جحش: أي حدش.
(3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/877) . وصححه الشيخ الألباني.

(1/1483)


رواية/وفي مسلم: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع رأسه من الركوع، قال: اللهم
ربنا لك الحمد ملء السموات والأرض " (1) الحديث، وفي صحيح ابن
خزيمة: " ولك الحمد "، وذكره في الأوسط مطولًا، وقال: لا يروى عن سعيد
إلا من حديث قزعة بن يحيى، حدثنا محمد بن نمير، ثنا وكيع ثنا الأعمش
عن عتبة بن الحسن عن ابن أبي أوفى قال: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع رأسه
من الركوع قال: سمع الله لمن حمده اللهم، ربنا لك الحمد ملء السموات
وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد ". هذا حديث خرجه مسلم (2)
في صحيحه.
حدثنا إسماعيل بن موسى السدي، ثنا شريك عن أبي عمر قال: سمعت
أبا جحيفة يقول: ذكرت الحدود عند رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو في الصلاة، فقال
رجل: جد فلان في الخيل، وقال آخر: جد فلان في المهابل، وقال آخر: جد
فلان في الغنم، وقال آخر: جد فلان في الرقيق، فلما قضى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صلاته ورفع رأسه من آخر الركعة قال: " اللهم ربنا لك الحمد ملء
السموات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، اللهم لا مانع لما
أعطيت، ولا معطى لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد، وطول رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صونه بالجد ليعلموا أنه ليس كما يقولون " (3) .
هذا حديث يتوقف في صحة سنده؛ للجهالة بحال ابن عمر المسمى
وعينه، فإني لم أر من عرف هما، وفي الباب حديث علي بن أبي طالب:
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/240) ، وأبو داود (ح/846) ، والترمذي (ح/
266) ، والنسائي في (الافتتاح، باب " 107 ") ، وابن ماجة (ح/893،878) ، واحمد (1/
270، 276، 370، 333، 4/ 276، 284، 304، 370، 388) ، والبيهقي (2/ 94، 98،
113، 121، 172) ، والدارقطني (1/342) ، وإتحاف (3/63، 5/95، 9/188) ، وأبو عوانة
(1/239) ، وابن أبي شيبة (1/ 248، 247) ، والإرواء (1/20، 2/64) .
(2) المصدر السابق.
(3) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/879) . في الزوائد: في إسناده أبو عمر، وهو مجهول لا
يعرف حاله.
وضعفه الشيخ الألباني: ضعيف ابن ماجة (ح / 184) .

(1/1484)


" كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمد ربنا
ولك الحمد ملء السموات والأرض وما بينهما/وملء ما شئت من شيء
بعد " (1) . رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. وحديث ابن عباس من عند
مسلم: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا رفع رأسه من الركوع، قال: اللهم ربنا لك
الحمد ملء السموات وملء الأرض وما بينهما " (2) . وفي الأوسط " وملء ما
شئت من شيء بعد ". وحديث ابن عمر: " كان رسول الله- صلى الله
عليه وآله وسلم- إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده ربنا لك
الحمد " (3) . وحديث رفاعة بن الرافع الزرقي عند البخاري (4) ، قال: كنا
نصلي وراء النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فلما رفع رأسه من الركعة
قال: " سمع الله لمن حمد ".
وعند مسلم (5) من حديث أبي موسى قال: " علمنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
صلاتنا ... وفيه: وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد ".
وعند النسائي (6) من حديث محمد بن مسلمة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكر
حديثًا فيه: " وإذا رفع رأسه قال: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ". ومن
حديث جابر: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع رأسه من الركوع فيقول: سمع الله
لمن حمده ربنا لك الحمد " (7) . ومن حديث حذيفة " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كان إذا رفع رأسه من الركوع قال: لربي الحمد " (8) . وعند مسلم (9) من
__________
(1) رواه الترمذي (ح/266) . قال: وفي الباب عن ابن عمر، وابن عباس، وابن أبي أوفى،
أبي جحيفة، وأبي سعيد. وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". والعمل على هذا عند
بعض أهل العلم.
(2) تقدم قريبا.
(3) الحاشية السابقة، وانظر الموطأ (ص 75) .
(4) رواه البخاري في (الأذان، باب " 83 ") .
(5) الحاشية قبل السابقة.
(6) انظر: الحاشية رقم (2) السابقة.
(7) (8) في الحاشية السابقة.
(9) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/217) . غريبة: قوله: " يتأؤل القرآن " أي
يفعل ما أمر به فيه. أي في قوله عز وجل: (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) .

(1/1485)


حديث عائشة " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده:
سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي؛ يتأول القرآن ". وفي سنن الدارقطني
من حديث عمرو بن عمر عن الجعفي، وهما ضعيفان- عن عبد الله بن بريدة
عن أبيه قال: قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا بريدة إذا رفعت رأسك من الركوع،
فقل:/سمع الله لمن حمد اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات والأرض
وملء ما شئت من شيء بعد " (1) ، مذهب أبي حنيفة حذف الواو من قوله:
ولك الحمد، وفي المحيط: " اللهم ربنا لك الحمد " أفضل لزيادة البناء،
وعن أبي حفص لا فرق بين لك ولك، ويقتصر الإِمام على سمع الله لمن
حمده فقط، والمأموم على ربنا لك الحمد، قال ابن المنذر: وبه قال ابن
مسعود، وأبو هريرة، والشعبي، ومالك، وأحمد، والثوري، والأوزاعي، وفي
رواية عن أحمد يجمع بين الذكرين، وكذلك الشافعي، قال وبه أقول:
ومذهب الشافعي الأيتآن بالواو ولو أسقطها جاز، قال الأصمعي: سألت أبا
عمرو بن العلاء عن واو ولك الحمد فقال: هي زائدة، وزعم بعضهم أنها
عاطفة على محذوف أي: ربنا أطعناك أو حمدناك ولك الحمد، وفي المعرفة
للبيهقي: كان عطاء بن أبيِ رباح يقول: يجمعهما الإِمام والمأموم أحب إلى
ربّه، قال ابن سيرين وأبو بردة: وكان أبو هريرة يجمع بينهما، وهو إمام،
وذهب جماعة من أهل العلم إلى أنّ المأموم يقتصر على الحمد، روى ذلك عن
ابن مسعود، وابن عمرو، وأبي هريرة، والشعبي، ومالك، وأحمد، رحمهم الله
تعالى.
(1) الكنز: (19743) .

(1/1486)


148- باب السجود
حدثنا هشام بن عمار، ثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن عبد الله بن
الأصم عن عمه- يزيد بن الأصم- عن ميمونة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا
سجد جافى يديه، فلو أن بهيمة أرادت أن تمر بين يديه لمرت " (1) . هذا
حديث رواه مسلم، وفي لفظ: " حضري بيديه " يعني: جنح حتى يرى
وضح إبطيه من ورائه، وإذا قعد/اطمأن على فخذه اليسرى ".
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع عن داود بن قيس عن عبد الله بن
عبد الله بن أحرم الخزاعي عن أبيه قال: " كنت مع أبي بالبقاع من غزة فمرّ
بنا ركب فأناخوا بناصية الطريق فقال لي أبي: كنّ في بهمك حتى آتى هؤلاء
فأسأنهم، قال: فخرج، قال: وجئت يعني دنوت فإذا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فحضرت الصلاة فصليت معهم وكنت أنظر إلى عفرتي إبطي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كلما سجد " (2) ، قال أبو بكر بن أبي شيبة: يقول الناس: عبيد الله بن عبد
الله، ثم ذكر ابن ماجة سده بذلك. هذا حديث قال فيه الترمذي (3) : حسن
لا نعرفه إلا من حديث داود بن قيس، ولا نعرف لابن أقرم عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
غير هذا الحديث، والعمل عليه عند أهل العلم، ولما ذكره الحاكم في
مستدركه قال: هذا حديث صحيح على ما أصله من تفرد الابن بالرواية عن
أبيه، ولا ذكره أبو على بن السكن في كتابه المعروف معرفة الصحابة قال: له
رواية ثابتة، وفي المعرفة البيهقي: كان يعقوب بن سفيان مرسال أنّ الصحيح
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/239) ، وأحمد (3/294) ، وابن ماجة (ح/.880) ،
والطبراني (2/198) ، والمجمع (2/125) ، ومعاني (1/231) ، وعبد الرزاق (2932) .
(2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/881) . وصححه الشيخ الألباني.
(3) رواه الترمذي (ح/274) . وحسنه.
غريبه: قوله: " بهمة " الواحدة من أولاد الغنم، يقال للذكر والأنثى. والتاء للوحدة. والبهم -
بلا تاء- يطلق على الجمع. " عفرتي " في النهاية: المعفرة بياض ليس بالناصع، ولكن كلون
عَفَر الأرض، وهو وجهها.

(1/1487)


في هذا تمرة بالتاء. أخبرنا بذلك أبو الحسن بن الفضل: أنّ ابن درستويه
أخبرهم عنه، وفي قول الترمذي: له حديث واحد نظر؛ لما ذكره البغوي في
كتابه معرفة الصحابة من حديث عبد الرحمن بن محمد عن الوليد بن سعيد
قال: سمعت عبد الله بن أكرم قال: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في قوله تعالى:
(تساقط عليك رُطَبًا جَنِيا) (1) ... الحديث، قال البغوي: هذا حديث
غريب، وفي إسناده لبن.
حدثنا الحسن بن علي الخلال، ثنا يزيد بن هارون، أنباء/شريك عن
عاصم بن كليب عن أنجيه عن وائل بن حجر قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا
سجد وضع ركبتيه قبل يديه، وإذا قام من السجود رفع يديه قبل ركبتيه " (2) .
هذا حديث قال النسائي: لم يقل هذا عن شريك غير يزيد بن هارون، وقال
الترمذي: قال الحسن بن علي: قال يزيد بن هارون: لم يرو شريك عن
عاصم بن كليب إّلا هذا الحديث، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب حسن
لا نعرف أحدا روى مثل هذا الحديث غير شريك، والعمل عليه عند أكثر أهل
العلم، وروى همام عن عاصم هذا مرسلا لم يذكر فيه وائل بن حجر. انتهى
كلامه. وفيه نظر من حيث أنّ هماما لم يشافه فيه عاصما بالرواية؛ إنّما رواه
عن شقيق أبي الليث، ثنا عاصم فذكره. كذا هو في كتاب المراسيل لأبي داود
وغيره، وشقيق هذا قال ابن القطان: لا يعرف بغير رواية همام عنه، وفي
أحكام الطوسي هذا حديث غريب، وقال الدارقطني: قال ابن داود: وضع
ركبتيه قبل يديه تفرد به يزيد عن شريك، ولم يحدّث به عن عاصم غير
شريك، ليس بالقوي فيما ينفرد به، وقال البيهقي: ورواه من حديث
حجاج بن منهال عن همام عن محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل عن
أبيه بلفظ: " وقعت ركبتاه على الأرض قبل أن يقع كفاه ".
وعن عفار: ثنا حجاج بن همام، ثنا سفيان أبو الليث، حدثني عاصم بن
__________
(1) سورة مريم آية: 25.
(2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/882) ، والإرواء (357) . والمشكاة (898) ، وتعليق الألباني
على ابن خزيمة (626، 629) ، وضعيف أبي داود 3/151) ، وضعيف ابن ماجة (ح/185) .

(1/1488)


كليب عن أبيه " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... " قال: عفار: وهذا الحديث غريب، قال
البيهقي: هذا حديث يعد في أفراد شريك، وإنّما تابعه همام مرسلا؛ لذا ذكره
البخاري وغيره من الحفاظ المتقدّمين، وهو المحفوظ، وقال الخطابي: حديث/
وائل أثبت من حديث تقديم اليدين، وهو رفق بالمصلّى، وقال الحازمي: رواه
همام عن شقيق- يعني: أبا الليث- عن عاصم بن كليب عن أبيه عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسلا، وهو المحفوظ.
حدثنا بشر بن معاذ الضرير، ثنا أبو عوانة وحماد بن زيد عن عمرو بن
دينار عن طاوس عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أمرت أن أسجد على
سبعة أعظم " (1) . حدثنا هشام بن عمار، ثنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه
عن ابن عباس قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمرت أن أسجد على سبع ولا أكف
شعرا ولا ثوبا " (2) ، قال ابن طاوس: فكان أبي يقول اليدين والركبتين
والقدمين، وكان يعد الجبهة والأنف واحد. هذا حديث خرجاه في
صحيحهما بلفظ، وأشار بيده إلى أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين،
ولا يكف الثياب والشعر.
حدّثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن
يزيد بن الهاد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عامر بن سعد عن العباس بن
عبد المطلب أنّه سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا سجد العبد سجد معه سبعة
آراب، وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه " (3) . هذا حديث رواه مسلم عن أبي
الحجاج في صحيحه.
__________
(1) ، (2) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (207،1/206) ، ومسلم في (الصلاة، ح/
228، 231) ، والنسائي (2/209، 215) ، وابن ماجة (ح/883، 884) ، والبيهقي (03/12) ،
وعبد الرزاق (2970، 2972) ، ونصب الراية (1/383، 2/95) ، وشرح السنة (3/136) ،
والخطيب (4/80، 226، 8/387) ، والجوامع (4428) ، وتلخيص (1/251) ، والبغوي (7/
162) ، والغنى عن حمل الأسفار (1/157) ، والقرطبي (1/346، 7،5/339،2/353/
133، 331، 19/20) ، وكشاف (178) ، والكنز (19770، 19799) ، وابن خزيمة
(632، 633، 636، 82 ك) ، والمشكاة (887) ، والحلية (6/264) ، وإتحاف (3/89، 91) .
(3) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/231) ، وأبو داود (ح ا 891) ، والترمذي (ح/
272) ، والنسائي (2/080،121) ، وابن ماجة (ح/5 لمه) ، والبيهقي (2/101)

(1/1489)


حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، ثنا عباد بن راشد عن الحسن، ثنا
أحمر صاحب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن كنا لنتأوى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يجافي
بيديه عن جبينه إذا سجد " (1) .
هذا حديث ألزم الدارقطني البخاري تخريجه، قال: لأنه قد أخرج عن
عباد بن راشد عن/الحسن عن معقل أن أخته طلّقت، وخرجه الحافظ الضياء
في مستخرجه من طريق عبد، وإن كان قد قال النسائي والبرقي: ليس هو
بالقوي، وقال ابن حبان: لا يحتج به، وقال ابن المديني: لا يعرف حاله،
وقال الأزدي: تركه يحيى بن سعيد، وقال ابن خلفون: يقال أنه كان يرى
القدر، وقال ابن معين: ضعيف، وكذا قاله أبو داود: وقال البخاري: روى
عنه عبد الرحمن وتركه يحيى وأدخله في كتاب الضعفاء فأنكره أبو حاتم،
وقوله يحول من هناك فقد وثقة غير هؤلاء أحمد بن حنبل فقال: هو ثقة
ووقع آمن، وقال: ما كان أو روى ابن مهدي عنه، وقال الساجي والأزدي
صدوق، وقال العجلي والبزار: ثقة، وقد تابعه على رواية عن الحسن عطاء بن
عجلان فيما ذكره أبو القاسم بن عساكر في كتاب الأطراف، وفي الباب
حديث عبد الله بن بجينة في الصحيحين أنّ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان إذا صلى
فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه " (2) ، وحديث ابن عباس من عند الحاكم
قال: " أتيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خلفه فرأبت بياض إبطيه وهو قد فرج يديه " (3) .
رواه من حديث أبي إسحاق السمعي عن التميمي الذي يحدث بالتفسير
عن ابن عباس، وحديث أبي هريرة: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد رأى وضح
__________
وابن خزيمة (631) ، وشفع (251) ، والحلية (9/36) ، والكنز (19761) ، وابن عساكر في
" التاريخ " (7/229) ، والفتح (2/296) . غريبه: قوله: " آراب " كأعضاء لقطا ومعنى. واحدها إرب.
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/ 886) . وصححه الشيخ الألباني.
غريبة: قوله: " لنتأوى " أي لنترحم لأجله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما يجد من التعب بسبب المجافاة الشديدة والمبالغة فيها.
(2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (08/11، 204) ، ومسلم في (الصلاة، باب " 46 "، ح/235) ،
وأحمد (5/345) ، والبيهقي (2/114) ، وتغليق (217) ، والنسائي (2/212) .
(3) رواه الحاكم في " المستدرك ": (1/228) .

(1/1490)


إبطيه " (1) . قال فيه الحاكم: صحيح على شرطهما، وفي المعرفة من حديث
صالح مولى التوأمة: " رأى بياض إبطيه مما يجافي يديه "، وقد تقدّم حديث
أبي حميد في عشرة من الصحابة، وفيه: " إذا سجد جافي بين يديه "، وعن
جابر بن عبد الله قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد جافى حتى يرى
بياض إبطيه " (2) ./رواه ابن خزيمة في صحيحه، وقال أبو زرعة في صحيحه
وفي الأوسط: لا يروى عن جابر إلا بهذا الإِسناد منصور عن سالم عنه.
وفي سؤالات مهنأ: سألت أحمد ويحيى عنه فقالا: ليس بصحيح، فقلت
لأحمد: كيف لم يقل لعبد الرزاق- يعني: شيخه- فيه أنّه ليس بصحيح؟
فقال: لم أعلم به يومئذ فقلت: كيف علمه؟ فقال: ثنا ابن مهدى عن سفيان
عن منصور عن إبراهيم قال: حديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان إذا سجد جافى "،
وقال أبو عبد الله: كنت نزلت هذا الحديث حتى ذكرني ابن فضيل بن عياض
روى عن منصور مثل هذا- يعني: مثل رواية عبد الرزاق- وعن عدي ابن
عميرة الحضرمي: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا سجد يرى بياض إبطيه " (3) .
خرجه ابن خزيمة في صحيحه، وفالَ الإسماعيلي في معجمه: ثنا عبد
الله بن جعفر بن عمر الوكيل، ثنا عبد الله بن أبي شيبة، ثنا شريك عن أبي
إسحاق عن البراء بن عازب قال: " كان رسول الله. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا صلى جافى ".
وخرجه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه، وقال: قال النَّضر بن سهيل: صح لا
يتمدّد في ركوعه ولا سجوده، وفال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين
وهو معهود، وفي أفراد النضر بن سهيل، وحديث أنس بن مالك قال:
" رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليحطَّ بالتكبير، فسبقت ركبتاه يده " (4) .
__________
(1) الكنز (22245) ، وابن أبي شيبة (1/257) ، وابن عدي في " الكامل " (6/2294) .
(2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/239) ، وأحمد (3/294) ، والطبراني (2 له 19) ،
والمجمع (2/125) ، ومعاني (1/231) ، وعبد الرزاق (2922) .
(3) الحاشية السابقة.
(4) ضعيف. كما قال النووي، وقد أشار إلى ذلك المصنف.

(1/1491)


رواه الدارقطني، وقال: تفرد به العلاء بن إسماعيل العطار، وزعم النووي
أنّ البيهقي أشار إلى ضعفه، وأما ابن حزم فأشار إلى صحته، وفال الحاكم:
صحيح على شرط لم الشيخين، ولا أعرف له علّة. وحديث أبي هريرة عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه قال: " إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك
بروك الجمل " (1) . قال البيهقي: ورواه من حديث عبد الله بن سعيد المقبري،
وهو ضعيف، وكذا رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن ابن فضيل عنه، والذي
يعارضه ينفرد به محمد بن عبد الله بن الحسن، وعنه الدراوردي عن أبي الزناد
عن الأعرج عن أبي هريرة قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك
البعير، ويضع يديه قبل ركبتيه " (2) ، قال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه من
حديث أبي الزناد إلا من هذه الوجه، وقال البخاري: محمد بن عبيد الله بن
الحسن لا يتابع عليه، قال: ولا أدرى سمع من أبي الزناد أم لا، وقال ابن أبي
داود: هذه سنة تفرد ما أهل المدينة، ولهم فيها إسنادان، هذا أحدهما، والآخر
عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا قول أصحاب
الحديث وضع اليدين قبل الركبتين، قال الدارقطني: وهذا حديث تفرد به
الدراوردي عن عبد الله بن عمر، وفي موضع آخر: تفرّد به إصبع بن الفرح
عن الدراوردي، ولما خرجه الحاكم عن أبي عبد الله بن بطة، ثنا عبد الله بن
محمد بن زكريا، ثنا بحر بن سلمة، ثنا الدراوردي قال: صحيح على شرط
مسلم، وله معارض من حديث أنس بن مالك- يعني: المذكور قبل- ورواه
البيهقي أيضًا من حديث عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عبد الله بن
الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا
سجد أحدكم فلا يبرك كما يبمرك الجمل / وليضع يديه على ركبتيه " (3) .
قال البيهقي: كذا قال على ركبتيه، قال: كان محفوظ، وكان دليلًا على
__________
(1) ضعيف. رواه البيهقي (2/10) ، والكنز (19793) ، والفتح (2/291) .
(2) حسن. رواه أبو داود (ح/840) ، وأحمد (2/381) ، والبيهقي (2/99) ، والمشكاة
(819) ، وشرح السنة (3/135) ، والكنز (19792، 19763) ، وإتحاف (3/68) ، والإرواء (2/
(3) المصدر السابق.

(1/1492)


انه يضع يديه على ركبتيه عند الإهواء إلى السجود، قال: رواه بمعنى اللفظ
المتقدم عبد العزيز عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعا، والمحفوظ عن
أيوب عن نافع عن ابن عمر: " وإذا سجد أحدكم فليضع يديه، فإذا رفع
فليرفعهما فان اليدين يسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه
فليضع يديه " (1) . ولما خرجه الحاكم قال: صحيح على شرط الشيخين،
وخرجه أيضَا ابن خزيمة في صحيحه، وفي مسند ابن أبي شيبة عن يعقوب بن
إبراهيم عن ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر: " أنه كان يضع ركبتيه إذا
سجد قبل يديه " (2) ، وفي تعليق البخاري: وقال نافع: " كان ابن عمر يضع
يديه قبل ركبتيه "، ولما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه مرفوعا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
قال ذكر الدليل على أن الاً مر بوضع اليدين عند السجود منسوخ، وأن وضع
الركبتين تجل اليدني ناسخ، وروى من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن
سلمة بن كهيل عن أبيه عن سلمة عن مصعب بن سعد عن سعد قال: " كا
نضع اليدين تجل الركبتين، فأمرنا بالركبتين قبل اليدين " (3) .
وفي كتاب الحازمي من حديث سعد في مسنده يقال: ولو كان محفوظ
لدل على النسخ، وفي الباب أحاديث مسندة، وفي كتاب البيهقي: المشهور
في هذا عن مصعب عن أبيه نسخ التطبيق، وفي المغنى لابن قدامة- رحمه
الله تعالى- ما ليس قول ابن خزيمة عن ابن سعيد قال: " كنا نضع اليدين
قبل الركبتين، فاً مرنا بوضع الركبتين قبل اليدين " (4) . وفي المصنف/لابن أبي
شيبة من حديث إبراهيم عن الاً سود عن عمرانه: " كان يضع ركبتيه قبل
يديه " (5) . وعن عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه أنه: " كان إذا سجد
يضع ركبتاه ثم يدا هـ ثم رأسه "، ومسًل إبراهيم عن الرجل يضع يديه قبل
ركبتيه فكره ذلك، وقال: هل يفعله الا مجنون؟! وعن خالد قال: رأيت أبا
قلابة إذا سجد بدأ فوضع ركبتيه، قال: ورأيت الحسن يبدأ بيديه، وعن
__________
(1) رواه ابن عدي في " الكامل " (3/925) ، والبيهقي (2 / 120) ، والبخاري في " الكبير " (1/139) .
(2) أنظر: الإرواء (2/77) .
(3) الفتح: (2/291) .
(4) ، (5) المصدر للسابق.

(1/1493)


مهدي بن ميمون قال: رأيت ابن سيرين يضع ركبتيه قبل يديه، وعن أبي
إسحاق قال: كان أصحاب عبد الله إذا انحطوا للسجود وقعت ركبهم فبل
أيديهم، وسئل قتادة عن الرجل إذا انصب من الركوع يبدأ بيديه قبل أن
يضع أهون ذلك عنه وفي المستدرك قال أبو عبد الله والقلب في هذا إلى
حديث ابن عمر أميل؛ لكثرة من روى ذلك عنه من الصحابة والتابعين. وفي
الأوسط من حديث سعيد عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " السجود
على سبعة أعضاء "، وقال: لم يروه عن سعيد إلا أبو أمية بن يعلي. تفرد به
حجاج بن النصير، وذكر الأسيجالي عن أبي حنيفة من آداب الصلاة وضع
الركبتين قبل اليدين، واليدين قبل الجبهة، والجبهة قبل الأنف وقيل: الأنف قبل
الجبهة، وتقدم اليد اليمنى على اليسرى، ففي الوضع تقدم الأقرب إلى
الأرض، وفي الرفع تقدّم الأقرب إلى السماء الوجه، ثم اليدان ثم الركبتان وإن
كان زاحف يضع يديه أولًا للتعزز، وحكاه القاضي أبو الطيب- أعنى: وضع
الركبتين- عن عامة الفقهاء، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب والثوري
وأحمد وإسحاق قال: وبه أقول. زاد البيهقي ابن مسعود، ونقله ابن بطال عن/
ابن وهب، وذكره أيضًا ورواه ابن شعبان عن مالك، وفي كتاب النووي
وقال الأوزاعي، ومالك: يقدّم يديه على ركبتيه، وهى رواية عن أحمد، وبه
قال أبو محمد بن حزم. غريبة: البهيمة الصغير من أولاد الغنم الضأن، والمعز،
والبقر، ومن الوحش، وغيرها الذكر والأنثى في ذلك سواء قال ابن سيده:
وقيل هو بهمة إذا شبّ، والجمع هم، وهم، وهام، وبهامات جمع الجمع،
وفي نوادر ثعلب: البهم صغار المعزوبة فسر قول الشاعر:
عراقي أن أجزلوك أن البهمي ... عجابًا كلها إلّا قليلا
وفي كتاب أبي موسى المديني الحافظ: البهمة السخلة، وفي حديث أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال للراعي ما ولدت؟ قال: همة، قال: أذبح مكانها شاه. فلو أنّ
البهيمة اسم لجنس خاص لما كان في سؤاله- صلى الله عليه وآله وسلم-
الراعي، وإجابة عنه بهيمة كبر.
فائدة: إذ تعرف ما قدر الشاة إنما سيكون ذكرًا أو أنثى، فلما أجاب عنه

(1/1494)


بهيمة فقال: اذبح مكانها شاه ذكر على أنه اسم للأنثى دون الذكر أي دع
هذه الأنثى في الغنم للنسل، واذبح مكانها ذكرًا، والله تعالى أعلم، وعفرة
إبطه- صلى الله عليه وآله وسلم- من أعلام نبوته؛ لأن النَّاس أباطهم غيره
إبطه- عليه الصلاة والسلام- بيضاء. قاله أبو نعيم، وقال الأصمعي: هو
البياض، وليس بالناصع، ولكنه كون الأرض، ومنه قيل: للطباعفر شبهت بعض
الأرض وهو وجهها، وقال شمر: هو بياض إلى الحمرة قليلا. ذكره الهروي،
وفي المحكم: عافره عفرًا خالصة البياض، وأرض عفراء بيضاء لم توطأ، ويريد
اعفر ببيض متنه، والجبهة موضع السجود، وقيل: هو مستوى ما بين الحاجبين
إلى البياضة،/قال ابن سيده: ووجدت بخط علي بن حمزة في المصنف: ولا
أدري كيف هذا إلّا أن يريد الجانبين، وفي الضربين مأوى له أي يرمى له
ويدر، يقال: أوحيت إليه فأنا أرى إيه ومارية، والآراب: الأعضاء واحدها
أرب. ذكره الهروي، وتمرة جبل عن يمينك وأنت تعلم عرفة بن غير أن قاله
أبو علي الهجري في نوادره، وزعم أبو عبيد البكري في معجمه: أنه موضع
بعرفة معلوم، وفي كتاب الحازمي: وياقوت ناحية بعرفة نزلها رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
في حجة الوداع، وقيل: الحرم من طريق الطائف على طرف عرفة من تمرة
على أحد عشر ميلا.

(1/1495)


149- باب التسبيح في الركوع والسجود
حدثنا عمرو بن رافع البجلي، ثنا عبد الله بن المبارك عن موسى بن أيوب
الغافقي قال: سمعت عمي عمر أياس بن عامر يقول: سمعت عتبة بن عامر
الجهني يقول: لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" اجعلوها في ركوعكم "، فلما نزلت سبح اسم ربك الأعلى، قال لنا رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اجعلوها في سجودكم ". هذا حديث رواه أبو داود (1) ، وفي
لفظ: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا ركع يقول: سبحان ربي العظيم وبحمده
ثلاثًا، وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثا "، وقال: وهذه
الزيادة أخاف أن لا تكون محفوظة، ولما خرجه ابن حبان (2) من غير هذه
الزيادة قال أياس بن عامر: من ثقات المصريين، وقال الحاكم أبو عبد الله: هذا
حديث حجازي صحيح الإِسناد، وقد اتفقا على/تصحيحه منهم ابن عامر،
وهو مستقيم الأمر، وخرجه ابن خزيمة في صحيحه من طريق محمد بن رمح
المصري أنبأ ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن رجل أنه سمع رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " إذا ركع أحدكم قال: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات،
وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات " (3) . هذا حديث ضعيف؛
لضعف ابن لهيعة المتقدّم ذكره قبل، ولأن أبا الأزهر أيضًا حاله مجهول،
فعلى هذا يكون الحديث ضعيف، نا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن
الشعبي عن رجل من أصحاب النبي قال: ركع- يعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فجعل
__________
(1) صحيح. رواه أبو داود (ح/869) ، وابن ماجة (ح/7 ول) ، وأحمد (4/155) ، والدارمي
(1/299) ، والبغوي (7/28) ، والطبراني (17/322) ، والشكاة (879) ، ونصب الراية (1/
376) ، والمنثور (6/168 كله 33) ، وابن حبان (506) ، والمعاني (1/235) ، وإتحاف (3/59) ،
والإرواء (2/40) .
(2) أنظر: رواية ابن حبان في الحاشية السابقة.
(3) هذا حديث ضعيف؛ لضعف ابن لهيعة، وسبق الكلام عنه.

(1/1496)


يقول: " سبحان ربي العظيم، وسجد فقال: سبحان ربي الأعلى " (1) ، وعند
أبي داود (2) من حديث أبي حمزة عن رجل من بنى عبس عن حذيفة: " أنه
رأى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، وفي سجوده:
سبحان ربي الأعلى ".
حدثنا محمد بن الصباح، ثنا جرير عن منصور عن أبي الضحى عن
مسروق عن عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكثر أن يقول في ركوبه
وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي يتأوّل القرآن " (3) . هذا
حديث خرجاه في صحيحهما، وفي لفظ عند مسلم (4) : " سبحانك
وبحمدك لا إله إلا أنت ".
حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، ثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن إسحاق بن يزيد
الهذلي عن عون بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا
ركع أحدكم فليقل لم في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثا، وإذا فعل ذلك فقد تم
ركوعه، وإذا سجد أحدكم فليقل في سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاثا، فإذا فعل ذلك
فقد تم سجوده ذلك أدناه " (5) . هذا حديث قال فيه أبو عيسى: ليس إسناده بمتصل،
__________
(1) رواه النسائي (2/190، 200، 224، 226) ، وأحمد (1/371، 5/382) ، والطبراني (2/
141) والمجمع (275،2/128) ، وعبد الرزاق (2875،2874، 2880) ، وابن أبي شيبة (1/
249) وابن خزيمة (603، 9034،60) ، والمطالب (520) ، والكنز (17893، 19725،
22675، 23400) ، وشرح السنة (4/20) ، والكلم (85) ، وأذكار (50) ، وشمائل (145) ،
وأخلاق (181) ، ومعاني (1/235) ، وإتحاف (5/15) ، والإرواء (2/39، 42) .
(2) حسن. رواه أبو داود (ح/871) .
(3) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/207، 6/220) ، ومسلم في (الصلاة، ح/
217) ، وأبو داود في (الاستفتاح، باب " 37 ") ، والنسائي في (الاستفتاح، باب " 97 ") ، وابن
ماجة (ح 885) ، وأحمد (6/43) ، والبيهقي (2/86، 105، 109) ، والمنثور (6/408) ،
وشرح السنة (3/100) ، وإتحاف (3/60) ، والمشكاة (871) ، وابن كثير (8/532) ، والطبري
(30/216) ، والقرطبي (10/341، 20/231) .
(4) رواه مسلم في: الصلاة، (ح/221) .
(5) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/890) ، ونصب الراية (1/375) ، والبخاري في

(1/1497)


عون بن عبد الله لم يلق ابن مسعود، وقال البخاري في تاريخه، وأبو داود والطوسي في
سننهما والإِمام أحمد بن حنبل فيما حكاه الخلال: هو مرسل، عون لم يلق ابن مسعود،
وفي كتاب الدارقطني من حديث السرى بن إسماعيل وهو متروك عن الشعبي عن
مسروق عن عبد الله: " من السنة أن يقول الرجل في ركوعه: سبحان ربي العظيم
وبحمدها وفي سجوده سبحان ربي الأعلى وبحمده " (1) .
ورواه الشافعي عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن إسحاق عن
عون بن عبد الله بن عتبة: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. " الحديث، وقال: إن كان
هذا يأتينا قائمَا يعني: والله أعلم أدنى ما نسب إلى من الغرض، والاختيار معًا
لإِكمال الغرض وحده، وفي مسند أحمد من حديث أبي عبيدة عن عبيدة
عن أبيه عبد الله بن مسعود، ولم يسمع منه لما نزل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا
جاء نصر الله كان التواب، اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم ثلاثا " (2) ،
وفي الباب حديث عائشة أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان يقول في ركوعه وسجوده
سبوح قدوس رب الملائكة والروح ". خرجه مسلم (3) . وحديث عون بن
مالك من عند أبي داود (4) بسند صحيح وصف صلاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفيه يقول في
ركوعه: " سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، وقال في
سجوده مثل ذلك ".
وحديث محمد بن مسلمة أن رسول الله/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كان إذا قام يصلى
تطوعا يقول: اللهم لك ركعت وبك أمنعتا ولك أسلمت، وعليك. توكلت
أنت ربي خشع سمعي وبصري ولحمي ودمي وعصبي لله رب العالمين " (5) .
وحديث جابر بن عبد الله: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا ركع قال: اللهم لك
__________
= " الكبير " (1/405) ، والمشكاة (880) ، وضعيف أبي داود (155) ، وضعيف ابن ماجة (187) .
(1) قلت: ضعيف جدا. لضعف السري، وطعن للعلماء فيه.
(2) رواه أحمد (338،337،1/217، 388،356،344، 392، 394، 434، 455) .
(3) صحيح. رواه مسلم في: للصلاة، (ح /223) . وأبو داود (ح/872) .
(4) حسن. رواه أبو داود (ح/874) .
(5) رواه النسائي في: (الافتتاح، باب " 17، 100 ") ، وإسناده حسن.

(1/1498)


ركعت، وبك آمنت ولك أسلمت " (1) ، فذكر مثله، رواهما النسائي بسند
حسن. وحديث على بن أبي طالب: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان إذا ركع قال:
اللهم لك ركعت ... " الحديث، وقد تقدم في دعاء الاستفتاح. وحديث
جبير بن مطعم: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول إذا ركع سبحان ربي العظيم
ثلاث مرات " (2) ، رواه الدارقطني من جهة إسماعيل بن عياش. وحديث عبد
الله ابن أخرم المذكور عنده أيضًا قال: " رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في ركوعه
سبحان ربي العظيم ثلاثا "، وقد تقدمت الإشارة إليه. وحديث أبي هريرة
قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا ركع أحدكَم فسبح ثلاث مرات فإنه يسبح
لله من جسده ثلاث وثلاثون " (3) . رواه أيضًا من حديث إبراهيم بن الفضل،
وهو متروك، وفي صحيح ابن خزيمة عن أبي صالح عنه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كان يقول في سجوده اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجلّه وأوّله وآخره علانيته
وسره " (4) .
وفي كتاب الميموني روى سمعي عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا:
" أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا فيه من الدعاء " (5) .
وحديث ابن عباس من عند مسلم قال: " كشف رسول الله/صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الستارة
والناس صفوف خلف أبي بكر فقال: فأما الركوع فعظموا فيه الرّب، وأما
السجود فاجتهدوا في الدعاء فعمني أن يستجاب لكم " (6) ، قال الميموني:
__________
(1) المصدر السابق. وإسناده حسن. (2) ضعيف. رواه الدارقطني (1/342) .
وقلت: وعلّته إسماعيل بن عياش المذكور في كتب الضعفاء.
(3) ضعيف. رواه الدارقطني: (1/343) . وعلته إبراهيم بن الفضل أحد المتروكين.
(4) صحيح. رواه ابن خزيمة (672) ، ومسلم (350) ، والبيهقي (2/110) ، وإتحاف (3/
75، 4/327، 483، 5/104، 109) ، وكلم (15) ، وأذكار (؟ 15) ، وأخلاق (168) .
(5) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/215) ، وأبو داود (ح/875) ، والنسائي (2/
226) ، وأحمد (2/241) ، والبيهقي (2/110) ، والترغيب (1/2490) ، وابن كثير (8/461) ،
والفتح (2/300، 11، 132) ، والمشكاة (894) ، وإتحاف (3/20، 5/33) ، والمغني عن حمل
الأسفار (1/149، 307) .
(6) الأذكار: " 51 ".

(1/1499)


قلت- يعني: لأبي عبد الله- فحديث ابن عباس " فاجتهدوا في الدعاء
فعمني أن يستجاب لكم "، قال: ليس له ذلك الإِسناد، وروى في مسنده في
بيانه عند خجالة، قال قرابة: يقول في ركوعه: " سبحان ربي العظيم، وفي
سجوده: سبحان ربي الأعلى "، وقال البيهقي في المعرفة: ادعى الطحاوي-
رحمه الله تعالى- نسخ الأحاديث: لحديث عقبة، قال: يجوز أن يكون سبح
اسم ربك الأعلى أنزلت عليه بعد ذلك عند وفاته، ولم يعلن أن هذا القول-
يعني: حديث ابن عباس- صدر فيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غداة يوم الإثنين، والناس خلف أبي
بكر في صلاة الصبح، وهو اليوم الذي توفي فيه، وروينا في الحديث الثابت
عن النعمان بن بشير: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في العيد والجمعة بسبح اسم
ربك الأعلى وهل أتاك " (1) ، وفي هذا دلالة على أن يسبح اسم ربك الأعلى
كان نزولها قبل ذلك بزمان كثير، وروينا عن الحسن البصري وعكرمة
وغيرهما أنها نزلت بمكة. وحديث سعيد الحريري من عند أبي داود (2) بسند
صحيح عن السعدي عن أبيه أو عمير قال: " رمقت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صلاة
فكان متمكن في ركوعه وسجوده قدوما يقول سبحان الله وبحمده ثلاثا ".
وأعله ابن القطان بالسعدي وأبيه وعمه، فقال: ما منهم من يعرف، ولا من
ذكر بغير هذا. انتهى. أما الجهالة باسم الصحابي فغير ضارة، وأما السعدي
هذا فاسمه/عبد الله، فيما ذكره بن أبي عاصم وابن حبان في كتاب
الصحابة. وحديث ابن مانوس قال: سمعت سعيد بن جبير سمعت أنس بن
مالك يقول: " ما صليت وراء أحد بعد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أشبه صلاة به من
هذا الفتى- يعني: عمر بن عبد العزيز- فجررنا في ركوعه عشر تسبيحات،
وفي سجوده عشر تسبيحات " (3) . ذكره أبو داود، وقائل. قال أحمد بن
صالح قلت لعبد الله مانوس، أو مايوس، قال: أما حفظي مانوس، وأما عبد
__________
(1) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/1281، 1283) ، وأحمد (4/273، 276) ، والمجمع (2/
203) ، من حديث سمرة وعزاه إلى أحمد والطبراني في " الكبير " ورجال أحمد ثقات. وابن
أبي شيبة (2/142، 176) ، والقرطبي (07/118) .
(2) ضعيف: رواه أبو داود (ح/854) . قلت: وعلته ضعف ابن أبي ليلى.
(3) حسن. رواه أبو داود (ح/888) ، والنسائي (2/167) .

(1/1500)


الرزاق فحفظه مايوس، وفي علل الخلال، وقال يحيى: عبد الرزاق يقول:
مانوس، وأما يحيى بن معين فقال: ماموس، وزعم أبو الفضل بن طاهر في
كتابه، وخيره الحافظ أنَّ ابن لهيعة رواه أيضًا عن أبي النضر عن أنس،
وحديث أبي بكرة من عند البزار بسند حسن: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان
يسبح في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثا، وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى
ثلاثا " (1)
اختلف العلماء في التسبيح، وسائر الأذكار في الركوع والسجود، وقول
سمع الله لمن حمده فقال الشَّافعي: كل ذلك سنة ليس بواجب، ولو تركه
عمدًا لم يأثم، وصلاته صحيحة سواء تركه عمدا أو سهوا لكن يكره تركه
عمدا، وبه قال: مالك وأبو حنيفة وجمهور العلماء، وقال إسحاق ابن راهويه
التسبيح واجب، فإن تركه عمدَا بطلت صلاته، وإن نسيه لم تبطل، وقال ابن
حزم: ولا تجزيء صلاة أحد بأن يدع شيئا من هذا كله عامدَا كأن لم يأت له
ناسيًا وأتى به كما مر ثم يسجد للسهو، فإن عجز عن ذلك لجهل أو عذر
مانع سقط عنه وتمت صلاته.
وقال أحمد: التسبيح في الركوع والسجود، وقول: سمع الله لمن حمده
وربنا لك الحمد، والذكر بين السجدتين، وجمع التكبيرات واجبة، فإن ترك
شيئا منها عمدَا بطلت صلاته، فإن نسيه لم تبطل ويسجد للسهو هذا هو
الصحيح من مذهبه، وفي رواية عنه أنه سنة، وزعم ابن بطال أنّ العلماء
اختلفوا فيما يدّعى به في الركوع والسجود، فقالت طائفة: لا بأس أن يدعوا
الرجل ما أحب، وليس عندهم في ذلك شيء مؤقت، قال: ومالك كره
الدعاء في الركوع، ولم يكره في السجود، واقتصر في الركوع على تعظيم الله
تعالى والبناء عليه، وفي الحاوي الكبير للماوردي ولو سبح واحدة حصل
التسبيح، وأدنى الكمال ثلاث، والكمال إحدى عشرة، وفي شرح الهداية
__________
(1) أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/128) ، من حديث جبير بن مطعم، وعزاه إلى
" البزار " والطبراني في " الكبير " قال البزار: لا يروى عن جبير إلا بهذا الإسناد، وعبد
العزيز بن عبيد ألله صالح ليس بالقوي.

(1/1501)


للقاضي شمس الدين، ولو ترك التسبيح أصلا أو أتى به مرة فقد روى عن
محمد أنه يكره.
وفي الذخيرة: إذا زاد على الثلاث فهو أفضل بعد أن يكون الختم على
وتر، وفي الغزوي إن زاد على الثلاث حتى انتهى إلى اثنتي عشرة فهو أفضل
عند الإمام وعند صاحبيه إلى سبع، وعند الشافعي عشرة، وقال عامة أهل
العلم: يسبح ثلاثا، وذلك أدنى الكمال، وفي شرح الطحاوي قيل يقول الإمام
ثلاثا، وقيل أربع ليتمكن المقتدى من ثلاث، وقال القاضي حسين: ولو سبح
خمسًا أو تسعا أو إحدى عشرة كان أفضل وأكمل، ولكنه إذا كان إماما
استحب أن يزيد على ثلاث.
***

(1/1502)


150- باب الاعتدال في السجود
حدثنا على بن محمد، ثنا وكيع عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر
قال: قال/رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا سجد أحدكم فليعتدل، ولا يفرش ذراعيه
افتراش الكلب " (1) ، هذا حديث قال فيه أبو عيسى وأبو علي الطوسي حسن
صحيح، وفي كتاب المراسيل لابن أبي حاتم قال شعبة حديث أبي سفيان
طلحة بن نافع عن جابر إنما هي صحيفة، قال: وقال أبي شعبة: سمع من
جابر أربعة أحاديث، ويقال: أنًّ أبا سفيان أخذ صحيفة جابر وصحيفة سليمان
اليشكري، وفي العلل الكبرى: لم يسمع من جابر إلا أربعة أحاديث، وقال
أبو زرعة: أبو سفيان عن عمر مرسل، وهو عن جابر أصح، وقال أبو بشير
فيما ذكره بجيل في تاريخ واسط: قلت لأبي سفيان: مالك لأتحدّث عن جابر
كما يحدث عنه صاحبنا سليمان اليشكري فقال: إنّ سليمان كان يكتب،
وكنت لا أكتب، حدثنا نصر بن على الجهضمي، ثنا عبد الأعلى، ثنا سعيد
عن قتادة عن أنس بن مالك: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: اعتدلوا في السجود، ولا
يسجد أحدكم وهو باسط ذراعيه كالكلب (2)
هذا حديث خرجاه في صحيحيهما، وفي الباب حديث عائشة من عند
مسلم (3) مطولا، وفيه: " وينهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش
__________
(1) صحيح. رواه أبو داود (ح/901) ، وابن ماجة (ح/891) ، والبيهقي (12/15) ، وابن
خزيمة (653) ، والفتح (2/294) ، والكنز (19786) .
وصححه الشيخ الألباني.
قوله: " افتراش الكلب " هو وضع المرفقين مع الكفين على الأرض.
(2) صحيح. متفق عليه. رواه البخاري (7/208،1/14) ، ومسلم في (الصلاة، ح/
233، 233 المكرر) ، والنسائي (2/214) ، والترمذي (ح/276) ، وصححه. وأبو داود (ح/
897) ، وابن ماجة (ح/892) ، وأحمد (5/113، 177، 179، 191، 291) ، والبيهقي (2/
113) ، والمنحة (437) ، والمشكاة (888) ، وإتحاف (3/69، 112) ، والكنز (19766) ،
والإرواء (2/91) .
(3) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/240) .

(1/1503)


السبع ". وسيأتي في الباب بعد. وحديث أبي هريرة من عند ابن خزيمة من
حديث زراح عن أبي حجرة عنه يرفعه: " إذا سجد أحدكم فلا يفترش يديه
افتراش الكلب وليضم فخذيه " (1) . وحديث البراء من عند مسلم قال: قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك " (2) .
وحديث عبد الرحمن بن سيل/قال: " نهى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن نقرة الغراب
وافتراش السبع، وأن يوطن الرحل المكان " (3) . قال الحاكم: هذا حديث
صحيح لما قدمت ذكره من التفرد عن الصحابة بالرواية، وخرجه ابن خزيمة
أيضًا في صحيحه، ويعارض هذا ما خرجه ابن خزيمة في صحيحه من حديث
أبي صالح عق أبي هريرة قال: شكى أصحاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مشقة السجود
عليهم إذا انفرجوا فقال: " استعينوا بالركب " (4) ، قال ابن عجلان: وذلك أن
يضع مرفقيه على ركبتيه إذا طال السجود داعيا.
وفي لفظ قالوا: " يا رسول الله إن تخريج الأيدي في الصلاة يشق علينا
فأمرهم أن يستعينوا بالركب ". وقال الحاكم لما خرجه: صحيح على شرط
مسلم، وزعم أبو داود في كتاب السنن أنَّ هذا كان رخصة، وقال الترمذي:
__________
(1) صحيح. رواه ابن خزيمة (653) ، وأبو داود (ح/901) ، والبيهقي (2/115) ، والفتح (2/
294) ، والكنز (19786) .
(2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/234) ، وأحمد (4/283) ، والبيهقي (12/13) ،
وابن خزيمة (656) ، وشرح السنة (3/144) ، وتلخيص (1/252) .
(3) صحيح. رواه الحاكم (1/229) ، وأبو داود (ح/862) ، وأحمد (5/477) ، والبيهقي (2/
118) ، وابن سعد (2/4/87) ، والصحيحة (1168) .
(4) صحيح. رواه أبو داود (ح/902) ، والترمذي (ح/286) ، وقال: هذا حديث غريب لا
نعرفه من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا من هذا الوجه، من حديث
الليث عن ابن عجلان. وأحمد (2/340) ، والبيهقي (2/117) ، والحاكم (1/229) ،
والبخاري في " الكبير " (4/203) ، وابن حبان (507) ، والفتح (2/294) ، والمعاني (1/
230) ، والكنز (19794) .
فلت: هؤلاء رووا الحديث عن سُمط عن النعمان مرسلا، والليث بن سعد رواه عن سمي عن
أبي صالح عن أبي هريرة موصولا، فهما طريقان مختلفان، ويؤيد أحدهما الآخر ويعضده،
والليث بن سعد ثقة حجة، لا نتردد في قبول زيادته وما انفرد به، فالحديث صحيح.

(1/1504)


وذكره في باب ما جاء في الاعتماد إذا قام من السجود. هذا حديث لا
نعرفه من حديث الليث بن عجلان، وقد روى هذا الحديث ابن عيينة وغير
واحد عن سمي عن النعمان بن أبي عباس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نحو هذا، وكأنّ
رواية هؤلاء أصح من رواية الليث، وقال أبو حاتم الرازي: الصحيح النعمان
عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مرسل، وفي الأوسط من حديث سعيد بن جبير عن أبي
هريرة: " أوصاني خليلي بثلاث ونهاني عن ثلاث "، فذكر حديثا فيه:
" ونهاتي إذا سجدت أن أنقر نقرة الغراب، أو ألتفت التفات الثعلب " (1) ،
وقال: لم يروه عن سعيد إلا حبيب بن أبي ثابت، ولا عن حبيب إلا ليث بن
أبي سليم، ولا عنه إلا موسى بن أعن. تفرد به المعافى بن سليمان، وفي علل
الخلال عن ابن مسعود، فال:/هوت عظام ابن آدم للسجود فاسجدوا حتى
سجدوا على المرافق، قال أحمد: قد تركه الناس، وزعم القرطبي أن افتراش
السبع لاشك في كراهة هذه الهيئة واستحباب يقتضيها وهو الصحيح المذكور
في الأحاديث، والحكمة في كراهة تلك، واستحباب مذماته إذا جنح كان
اعتماده على يديه فيخفّ اعتماده على وجهه، ويتأثر لفه ولا جبينه، ولا يتأذّى
بملاقاة الأرض، ولا يتشوش في الصلاة بخِلاف ما إذا بسط يديه فإنه يكون
اعتماده على وجهه فحينئذ يتأذى بملاقاة الأرض، ويخاف عليه التشويش،
وفي شرح النووي وروى تنبسط بزيادة التاء المثناة من فوق، والله أعلم.
***
__________
(1) رواه أحمد (2/79) ، وعزاه إلى أحمد، وأبو يعلى، والطبراني، في " الأوسط "، وإسناد
أحمد حسن.

(1/1505)


151- باب الجلوس بين السجدتين
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يزيد بن هارون عن حسين المعلم عن بدبل
عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا رفع من الركوع
لم يسجد حتى يستوي قائما، وإذا سجد فرفع رأسه لم يسجد حتى يستوي
جالسا، وكان يفترش رجله اليسرى " (1) . هذا حديث خرجه مسلم، وقد
سبقت الإِشارة إليه.
حدثنا علي بن محمد، ثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق
عن الحرث عن علي قال: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تقع بين
السجدتين " (2) ، وفي لفظ عنده من حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي
موسى وأبي إسحاق: " لا تقع إقعاء الكلب " (3) . هذا حديث خرجه/
الترمذي بلفظ: " يا علي أحب لك ما أحب لنفسي وأكره لك ما أكره
لنفسي " (4) ، وقال: لا نعرفه إلا من حديث أبي إسحاق عن الحرث عن علي،
وقد ضعف بعض أهل العلم الحرث الأعور على هذا الحديث، وعند أكثر أهل
العلم يكرهون الإقعاء. انتهى كلامه. وفيه نظر؛ لما أسلفناه من عند ابن ماجة
من أنّ أبا موسى رواه أيضًا عن الحرث ثم إنَّا عهدناه يحسن حديث الحرث
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/240) ، وابن ماجة (ح/893) ، وأحمد (3/162) ،
والبيهقي (2/122) ، وأبو داود (ح/842) ، والمنتقى (204) ، وإتحاف (3/72) ، وابن أبي شيبة
(1/395) .
(2) ضعيف. رواه الترمذي (282) ، وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث علي إلا
من حديث أبي إسحاق عن الحرث عن علي. وابن ماجة (ح / 894) ، والبيهقي (2/3/120/
212) ، وتلخيص (1 لم 225) ، والكنز (19785،19783) ، والمغني عن حمل الأسفار (1/
156) ، وصحيح أبي داود (ح/838) ، والضعيفة (4787) ، وضعيف الجامع (6257) ، وضعيف
ابن ماجة (ح/188) .
(3) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/895) ، ونصب الراية (1/373) ، وإتحاف (3/89) ، وتلخيص
(1/225) ، والكنز (19783) ، وابن عساكر في " التاريخ " (13/45) ، والخفاء (2/535) .
وصححه الشيخ الألباني.
(4) انظر: الحاشية رقم " 2 " (ص 66) .

(1/1506)


عن علي فمن ذلك حديث: " كان إذا عاد مريضا قال: اذهب البأس رب
الناس " (1) .
وحديث: " للمسلم على المسلم ست بالمعروف " (2) ، ولفظ الطوسي في
كتاب الأحكام: " لا تقعي على عقبك في الصلاة " (3) ، وعند العقيلي بسند
ضعيف عن الأصمعي قال: سمعت عليًا يقول: " إذا رفع أحدكم رأسه من
السجدة الثانية فليلذق إليته بالأرض، ولا يفعل كما يفعل الإبل، فإني سمعت
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول ذلك توقير الصلاة " (4) .
حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، ثنا يزيد بن هارون ابنا العلاء أبو
محمد فال: سمعت أنس بن مالك يقول: قال لي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إذا
رفعت رأسك من الركوع فلا يقعي كما يقعي الكلب ضع إليتيك بين قدميك
والزق ظاهر قدميك بالأرض " (5) .
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (173،7/157) ، وسلم في (السلام، ح/
47،46، 48، 49) ، وأبو داود (ح/3883) ، وابن ماجة (ح/1619، 3520، 3530) ، وأحمد
(6/44) ، والبيهقي (3/381) ، والحاكم (4/62) ، وعبد الرزاق (19783) ، والطبراني (4/
327) ، وشرح السنة (5/244، 12/157) ، والمشكاة (1530، 4552) ، والبخاري في " الكبير "
(1/17) ، والخفاء (1/115) ، والمجمع (5/113،112، 114) ، وابن السني (537. 545) ، وابن
حبان (1417،1416،1415) ، وابن كثير (4/343) ، وابن سعد (2 /2/ 14، 15) .
(2) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/1433) ، والمجمع (8/186) ، والكنز (24773) ، والمشكاة
(2643) ، وضعيف ابن ماجة (ح/301) .
(3) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/85) ، من حديث أبي موسى وعلي بن
أبي طالب " وأورده مطولا " وبعض حديث علي في الصحيح. وعزاه إلى البزار، وروى أحمد
بعضه وزاد فيه أحمد " ولا تقع بين السجدتين ولا تعبث بالحصى "، وفي حديث علي الحارث
الأعور وهو ضعيف، وحديث أبي موسى رجاله موثقون.
(4) ، موضوع. بنحو حديث على. رواه ابن ماجة من حديث أنس (رقم: 896) . في
الزوائد: في إسناده العلاء، قال ابن حبان والحاكم فيه: إنه يروى عن أنس أحاديث موضوعة.
وقال فيه البخاري وغيره: منكر الحديث. وقال ابن المديني: كان يضع الحديث.
وقال الشيخ الألباني: " موضوع ".
انظر: الضعيفة (2614) ، وضعيف ابن ماجة (ح/189) .
(5) الحاشية السابقة.

(1/1507)


هذا حديث إسناده ضعيف؛ لضعف أبي محمد العلاء بن زيد، ويقال ابن
زيد له الثقفي البصري الأيلي، فإنّ ابن المديني قال: كان يضع الحديث، وقال
أبو حاتم الرازي: منكر الحديث متروك الحديث كان أحمد يتكلم فيه، وقال
أبو داود: متروك الحديث، وقال الدارقطني: متروك، وقال البخاري: منكر
الحديث، زاد أبو جعفر ونسبه أبو داود إلى الكذب، وقال ابن حبان/يروى
عن أنس نسخة موضوعة لا يحل ذكره إلّا تعجبا، وقال النسائي: ضعيف،
وقال يحيى بن معين: ليس بثقة، وقال الحاكم وأبو سعيد النعاس، يروى عن
أنس أحاديث موضوعة، وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه ليس بالقائم، وذكره
غير واحد في جملة الضعفاء المتروكين، ولم أر من أثنى عليه، والله أعلم.
وذكره البيهقي بلفظ بها عن الإقعاء والتورك، وفي الباب حديث سمرة من
عند الحاكم أبي عبد الله قال: " أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نعتدل في السجود
وأن لا نستدر " (1) ، وقال: صحيح على شرط البخاري، وقد ورد في إباحة
حديث، ولفظ البيهقي: " نهى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الإقعاء في الصلاة " (2) ،
وفي المصنف من حديث الحرث عن علي: أنه كره الإقعاء في الصلاة، وعن
إبراهيم: " أنه كره الإقعاء والتورك " (3) ، وكره الإقعاء أيضًا: الحسن، وابن
سيرين، وعامر. وحديث أبي هريرة قال: " نهاني رسول الله عن نقرة كنقرة
الديك وإقعاء كإقعاء الكلب " (4) ، رواه الإمام أحمد والبيهقي من رواية ليث بن
أبي سليم، وعنده: إقعاء كإقعاء القرد، وفي كتاب الترمذي باب الرخصة في
الإقعاء. ثنا يحيى بن موسى، ثنا عبد الرزاق، وأنبأ ابن جريج، أخبرني أبو الزبير
أنه سمع طاوسا يقول: " قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين قال: هي
__________
(1) رواه الحاكم (1/272) .
(2) رواه البيهقي (2/120) ، والهروي (1/210) .
(3) بنحوه رواه أحمد (3/233) ، والسراج في " مسنده " (1/4/73) ، عن يحيى بن إسحاق
السالحيني. وصححه الشيخ الألباني.
قلت: وهو بلفظ: " فهي عن الإقعاء والتورك ".
(4) رواه أحمد (2/311) ، والترغيب (1/37) ، وقد تقدم.

(1/1508)


من السنة، فقلنا إنا لزم حقا بالرجل، فقال: بل هي سنة نبيكم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (1) . قال
أبو عيسى هذا حديث حسن، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث
من الصحابة لا يرون بالإقعاء بأسا، وهو قول بعض أهل مكة من أهل الفقه/
والعلم، وخرجه مسلم (2) أيضَا في صحيحه، وفي المشكل لأبي جعفر، اختلف
أهل العلم في الإقعاء المنهي عنه فذهب أبو حنيفة وجماعة سواء على أنَّه
جلوس الرجل على عقبيه في صلاته لا على إليتيه، محتجين بقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لعليّ: " الأصح على عقبيك في الصلاة "، وبحديث أبي هريرة: " نهاني
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن أقعي في صلاتي إقعاء الذئب على العقبين " (3) . قال أبو جعفر:
قوله على العقبين راجع إلى أبي هريرة؛ لأن الذئب لا عقبان له، فإن قال قائل
قد روى عطية العوفي قال: رأيت العبادلة يقعون في الصلاة ابن عمرو، وابن
عباس وابن الزبير ويراهم الصحابة فلا ينكرونه، فالجواب أن رسول الله هو
الحجة على خلقه، أو يكونوا لم يبلغهم النهي، والله تعالى أعلم. وفي المصنف
باب من رخص في الإقعاء فذكر جابرَا وأبا سعيد وطاوسَا ومجاهدَا وأبا
جعفر، وفي كتاب البيهقي عن أبي عبيدة معمر بن الليث الإقعاء: هو أن
يلصق إليتيه بالأرض، وينصب ساقيه ويضع يديه بالأرض، وفي موضع آخر:
الإقعاء جلوس الإنسان على إليتيه ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب، والسبع،
وفي الغريبين: وذكره في المعتل بالياء قال أبو عبيدة. تفسيره عند الفقهاء: أن
يضع إلييته على عقبيه بين السجدتين، وقد روى عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أنه كل
مقعيا "، وقال النَّضر بن شميل: الإقعاء أن يجلس على وركيه، وهو الإحتفاز
والإستيفاز، وفي المحكم، وذكره في العتل بالواو أقعى الرجل في جلوسه
مستندَا إلى رواية، أقعى الكلب والسبع جلسى على إسته.
__________
(1) رواه الترمذي (ح/283) . وقال: " هذا حديث حسن صحيح ". وقد ذهب بعض أهل
العلم إلى هذا الحديث، من أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يرون بالإِقعاء بأسا.
وهو قول بعض أهل مكة من أهل الفقه والعلم. فال: وأكثر أهل العلم يكرهون الإقعاء بين
السجدتين.
(2) فوله: " مسلم " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.
(3) تقدم ص 1508.

(1/1509)


152-/باب ما يقول بين السجدتين
حدثنا علي بن محمد، ثنا حفص بن غياث، ثنا العلاء بن المسيب عن
عمرو بن مرّة عن طلحة بن يزيد عن حذيفة، وح ثنا علي بن محمد، ثنا
حفص بن غياث عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد بن الأحنف
عن صلة عن حذيفة: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقول بين السجدتين رب اغفر لي
رب اغفر لي " (1) .
هذا حديث إسناده صحيح، وله أصل في صحيح ابن خزيمة على مؤمل بن هشام
وسلم بن جنادة قالا: ثنا أبو معاوية، ثنا الأعمش عن سعد عن المستورد عن جلّة عن
حذيفة قال: صليت مع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذات ليلة، قال ابن خزيمة: وذكر الحديث.
حدثنا أبو كريب إسماعيل بن صحيح عن كامل أبي العلاء قال: سمعت
حبيب أبي ثابت يحدّث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: " كان
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول بين السجدتين في صلاة الليل: رب اغفر لي وارحمني
واجبرني وارزقني وارفعني " (2) .
هذا حديث قال فيه الترمذي وأبو علي الطوسي: غريب، وهكذا روى
عن علي، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق يرون هذا جائزًا في المكتوبة
والتطوع، وروى بعضهم هذا الحديث عن كامل أبي العلاء مرسلا. انتهى.
إسماعيل وثقة ابن حبان، وكامل وثقة ابن معين وغيره، وقال البزار: مشهور
من أهل الكوفة روى عنه جماعة من أهل العلم، واحتملوا حديثه؟ فلهذا
فسكت عنه الإشبيلي سكوت مصحح له، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح
الإسناد ولم يخرجاه وكامل ممن يجمع حديثه.
__________
(1) صحيح. رواه النسائي في (الافتتاح، باب " 172 ") ، وابن ماجة (ح/897) ، والبيهقي
(2 / 122) . وصححه الشيخ الألباني.
(2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/898) . في الزوائد: رجاله ثقات. إلا أن حبيب بن أبي
ثابت كان يدلس، وقد عنعنه. وأصله في أبي داود. قوله: " وأجبرني " من جبرت الوهن
والكسر إذا أصلحته. وجبرت المصيبة إذا فعلت مع صاحبها ما ينساها به.

(1/1510)


153-/باب ما جاء في التشهد
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا أبي، ثنا الأعمش عن شقيق بن
سلمة عن عبد الله بن مسعود ح، وثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، ثنا يحيى بن
سعيد، ثنا الأعمش، ثنا شقيق عن عبد الله بن مسعود قال: كنا إذا صلينا مع
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قلنا: السلام على الله قبل عباده السلام على جبرائيل وميكائيل
وعلى فلان وفلان يعنون الملائكة عليهم الصلاة والسلام فسمعنا رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: " إن الله هو السلام فإذا جلستم فقولوا: التحيات لله والصلوات
والطيبات السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد
الله الصالحين فإنه إذا قال ذلك أصابت كل عبد صالح في السماء الأرض
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدَا عبده ورسوله " (1) هذا حديث
خرجه الأئمة الستة.
وفي المنتقى (2) لابن الجارود: " السلام على إسرائيل "، وفي المصنف: ما
كنا نحتب على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بن الحديث إلّا التشهد والاستخارة،
وقال الترمذي: هو أصح حديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد والعمل به عند
أكثر أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم من التابعين، وهو قول الثوري وابن
المبارك وأحمد وإسحاق، وقال الخطابي: أصح الروايات وأشهرها رجالَا تشهد
ابن مسعود، وقال ابن المنذر والطوسي: قد روى حديث ابن مسعود من غير
وجه وهو أصح حديث روى في التشهد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال ابن عبد البر:
بتشهد ابن مسعود أخذ كثر أهل/العلم؛ لثبوت نقله عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال
علي بن المديني: لم يصح في التشهد إلا ما نقله أهل الكوفة عن عبد الله،
وأهل البصرة عن أبي موسى، وبنحوه قاله ابن طاهر، وقال النووي: أشدّها
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/ 221، 8/ 64، 89، 9/ 142) ، ومسلم في (الصلاة،
ح/55) ، والنسائي (3/40، 41) ، وأحمد (1/ 372، 423، 427) ، والبيهقي (2/
138، 153، 377) ، وعبد الرزاق (3061) ، والمجمع (8/ 5067، 5073) ، والصحيحة (1/
422) ، والمطالب (2644) ، والحلية (8/115؛ 9/322) ، والإرواء (2/24، 43) .
(2) المنتقى: (205) .

(1/1511)


صحة باتفاق المحدثين حديث ابن مسعود ثم حديث ابن عباس، وعند
البخاري: " ثم ليتخيّر من الدعاء أعجبه إليه فيدعوا به "، وعند مسلم: " كنا
نقول في الصلاة خلف رسول الله على الله السلام على فلان فقال لنا ذات
يوم، إن الله هو السلام " (1)
وفي الأوسط للطبراني: ثنا إبراهيم بن أحمد الوكيعي، ثنا أبي، ثنا يحيى بن
آدم، ثنا مفضل بن مهلهل عن العلاء بن المسيب عن أبيه قال: " كان ابن
مسعود يعلم رجلا التشهد فقال عبد الله: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله: فقال الرجل وحده لا شريك له فقال عبد الله هو
كذلك ولكن تنتهي إلى ما علمناه " (2) ، وقال: لم يروه عن العلاء إلا المفضل
تفرد به يحيى بن آدم، وفي مسند البزار: " أنّ عبد الله كان يعلم رجلا
التشهد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله فقال الرجل وأن محمدا عبده ورسوله
فأعادها عبد الله عليه مرات كلّ ذلك يقول: وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
فقال عبد الله: هكذا علمنا ". وهذا الحديث إنما أدخله المسند؛ لأنه قال:
هكذا علمنا، وعند الطبراني عن أبي جمرة عن إبراهيم عن علقمة عنه: " كان
النبيِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا التشهد ويقول: تعلموا فإنه لا صلاة إلا بتشهد " (3) ، وقال:
لم يروه عن أبي جمرة الأصعدي بن سنان، وعند أبي داود (4) من حديث أبي
الأحوص عه: كنا لا ندري ما/نقول إذا جلسنا في الصلاة وكان رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قْد علم، وعن أبي وائل عنه من عند الحاكم، وقال: صحيح على شرط
مسلم وله شاهد من حديث ابن جريج عن جامع بن أبي راشد عن أبي وائل:
" كان يعلمنا- يعني: النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كلمات ولم يكن يعلمنا هن كما يعلمنا
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/55) . وتقدم في الحديث المتفق عليه السابق
قريبا.
(2) لم نقف عليه.
(3) الكنز (19874) ، والحلية (4/236) ، والمجمع (2/140) ،- وفي الصحيح طرف منه-
وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه صعد بن سنان ضعفه ابن معين، ورواه البزار برجال
موثقين، وفي بعضهم خلاف لا يضر إن شاء الله.
(4) حسن. رواه أبو داود (ح/969) .

(1/1512)


التشهد اللهم ألّف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من
الظلمات إلى النور، وجنبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في
أسماعنا، وأبصارنا، وقلوبنا، وأرواحنا وذرياتنا وتب علينا إنك أنت التواب
الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمتك مثنين بها، قابليها وأتمها علينا " (1) .
ومن حديث زهر بن الحسن بن الحسن عن القاسم بن مخيمرة عن علقمة
عند أبي داود: " أن عبد الله أخذ بيده، وأنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أخذ بيد عبد الله
فعلمه التشهد " (2) فذكر مثل حديث الأعمش المذكور، وفيه: " إذا قلت هذا
وقضيت هذا فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد
فاقعد ". قال الدارقطني: رواه زهير بن معاوية عن ابن الحرّ فزاد في آخره
كلامًا- يعني: هذا- وأدرجه بعضهم عن زهير في الحديث ووصله بكلام
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفضله سبابه عن زهير وجعله من كلام عبد الله، وقوله أشبه
بالصواب من قول من أدرجه؛ ولأن ابن ثوبان رواه عن الحسن كذلك وصى
آخره من قول عبد الله، ولا يفاق (3) حسين الجعفي وابن عجلان وحجد بن
أبان في روايتهم عن الحسن على بدل ذبهره في آخر الحديث، مع اتفاق كل
من روى التشهد عن علقمة/وغيره عن عبد الله على ذلك، وقال البيهقي:
ذهب الحفاظ إلى أنَ هذا وهم من قول ابن مسعود أدرج في الحديث،
وذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك كان قبل أن ينزل التسليم، وقال
الخطيب في كتابه الفضل للوصل المدرج في النقل، قوله: إذا قلت ذلك قد
تمت صلاتك إلى آخره ليس هذا من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنّما هو قول ابن
مسعود أدرج في الحديث، وقد بيه شبابة بن سوار في رواية عن زهير بن
معاوية، وفصل كلام ابن مسعود من كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وكذلك رواه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن الحسن بن الحرّ مُفَّصلًا
__________
(1) المصدر السابق لأبي داود.
(2) حسن. رواه أبو داود (ح/970) .
(3) كذا ورد هذا السياق " بالأصل ".

(1/1513)


مبينًا، وقال الخطابي: قد اختلفوا في هذا الكلام هل هو من كلام ابن مسعود
أو من قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فإن صح رفعه ففيه دلالة على أنّ الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
في التشهد غير واجبة، وقوله: قد قضيت صلاتك يريد معظم الصلاة من
القرآن، والذكر والرفع والخفض، وإنّما بقى عليه الخروج منها بالسلام فكنى عن
التسليم بالقيام إذا كان القيام إنّما يقع عقبيه، ولا يجوز أن يقوم بغير تسلم؛
لأنه يبطل صلاته لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تحريمها التكبير وتحليلها التسليم " (1) ، وقال
الإشبيلي الصحيح في هذه الزيادة أنها من قول عبد الله، وعند النسائي بسند
جيد عن عبد الله قال: قال لنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قولوا في كل جلسة
التحيات " (2) .
وفي مسند البزار من حديث محبوب بن الحسن عن ابن أبي حمزة
ميمون بن العصاب، وهو ضعيف عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " لا صلاة إلا بتشهد " (3) /ثم قال: لا نعلمه يروى من
حديث ابن جمرة عن إبراهيم إلا من هذا الوجه هذا السند، وفي الأوسط:
يروه عن أبي الميموني الأجعدي بن سنان، كذا قالاه وفيه نظر؛ لما أسلفناه من
عندهما.
وفي مشكل الطحاوي: لم يقل أحد من رواه هذا الحديث عن عبد الله
فلما فرض التشهد قال لنا غير ابن عيينة، قال أبو جعفر: يحتمل أن يراد
بالعرض هنا العطية من الله قال تعالى: (إن الذي فرض عليك القرآن) (4) ،
وفي حديث أبي معمر عن عبد الله كما يقول والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنبأ السلام عليك
أيها النبي فلما قبض قلنا السلام على النبي، قال أبو جعفر: وإّنما جاء الغلط
في هذا عن دون أبي معمر؛ لأنه المقدار، وذكر المديني في كتاب الترغيب
والترهيب عن سعد بن أبي إسحاق بن كعب قال: " كانت الصحابة يقولون
__________
(1) التمهيد (9/182، 10/212) ، ونصب الراية (1/307) ، والقرطبي (19/62) .
(2) رواه النسائي: (2/239) . وإسناده حسن.
(3) ضعيف. رواه الطبراني (10/61) ، والبيهقي (2/378) .
(4) سورة القصص آية: 85.

(1/1514)


إذا سلموا على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: السلام عليك أيها النبي فقال النبي: هذا السلام
عليّ وأنا حي، فإذا مت فقولوا: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته " (1) .
وفي مسند أحمد من حديث أبي عبيدة عن أبيه: " أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علمه
التشهد، وأمره أن يعلمه الناس " (2)
وزعم بعض الحنفية أن هذا الحديث بزيادة أن تثبت أن تقوم رواه أبو داود
الطيالسي، وموسى بن داود، والطيالسي، وموسى بن داود الضبي، وهاشم بن
القاسم، ويحيى بن أبي بكير، ويحيى بن يحيى النيسابوري وغيرهم متصلا،
ورواية من رواه منفصلًا، يقطع بكونه مدرجًا لاحتمال أن يكون نسبه ثم
ذكره فسمعه هؤلاء متصلًا، وهذا منفصلًا أو أفتى به؛ إذ عادة ابن مسعود
الفُتَى والله أعلم. وفي التمهيد وفي أكثر طرق عبد الله: " ورحمة الله
وبركاته "، وأنكر/ذلك الطحاوي في مسنده أبي قرة بسند صحيح: " فإذا
قالها أصابت كل ملك مقرب، وكل نبي مرسل، وكل عبد صالح ".
وفي سنن الدارقطني بسند فيه عبد الوهاب بن مجاهد، وهو ضعيف، وفيه:
" اللهم صل على محمد، وعلى بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد
مجيد، اللهم صل علينا معهم، اللهم بارك على محمد وعلى أهل بيته كما
باركت على آل إيراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك علينا معهم صلوات الله
وصلوات المؤمنين على محمد النبي الأمين السلام عليك، ورحمة الله
وبركاته " (3) . قال: وكان مجاهد يقول: " إذا سلم فبلغ وعلى عباد الله
الصالحين فقد سلّم على أهل السماء والأرض "، وفي صحيح ابن خزيمة: " ثم
يسلم وينصرف "، وفي لفظ (4) : " علمني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التشهد في وسط
(1) رواه الطبراني (1/480) ، والفتح (11/56، 159) ، والكنز (20791) ، والخطيب (14/
(2) رواه أحمد: (1/292، 394، 413، 414، 422، 450، 459، 5/363) .
(3) رواه الدارقطني: (1/355) .
(4) قوله: " لفظ " غير واضحة " بالأصل " وكذا أثبتناه.

(1/1515)


الصلاة وفي آخرها فإن كان في وسط الصلاة ينهض حين يقرع من تشهده،
وإن كان في آخرها دعا بعد تشهده بما شاء الله أن يدعو ثم يسلم " (1) .
ومن حديث أبي عبيدة عن أبيه من عند الترمذي، وقال حسن: " أن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في الركعتين الأولتين كأنه على الرضف قال: قلنا حتى يقوم
قال: حتى يقوم " (2) ، وعده أيضًا عن عبد الله قال عليه السلام: " من السنة
أن يخفي التشهد " (3) ، وقال حسن غريب. وخرج الحاكم في المستدرك من
حديث ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عبد الله قال:
" من السنة أن يخفي التشهد "، وقال: صحيح على شرط مسلم، وخرجه ابن
خزيمة في صحيحه وزاد، وعن عائشة قالت: " نزلت هذه الآية في التشهد:
(ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) " (4) .
وفي النسائي من/الجامع وأبو على الطوسي في الأحكام حديث أيمن غير
محفوظ، وقال الشيرازي في المذهب: وذكر التسمية غير صحيح عند
أصحاب الحديث وكذا قاله البغوي في شرح السنة، وقال القاسم بن عساكر:
رأيت بخط النسائي لا نعلم أحدًا تابع أيمن على هذا الحديث، وخالفه الليث بن
سعد وأيمن عندنا لا بأس به، والحديث خطأ، وقال أبو الحسن الدارقطني:
أيمن خالف الناس لو لم يكن إلا حديث التشهد، وقال أبو الوليد الباجي في
كتاب الجرح والتعديل: عمره غير يحيى لحديثه عن أبي الزبير في التشهد، ولما
ذكره الإشبيلي لم يعبه إلّا بتدليس أبي الزبير ولكونه لم يبيّن سماعه من جابر
فيه، وقال الشَّافعي: وقد روى عن ابن مسعود وجابر أبي موسى عن النبي
__________
(1) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (3/142) ، وعزاه إلى أحمد ورجاله موثقون.
وهذا الحديث من رواية ابن مسعود.
(2) حسن. رواه الترمذي (ح/366) ، وحسنه وأبو داود في (الصلاة، باب " 183 ") ، والنسائي في
(التطبيق، باب " 105 ") ، وأحمد (1/386، 410، 428، 486، 410، 428، 436، 460) .
غريبة: قوله: " الرضف " بفتح الراء وسكون الضاد المعجمة: الحجارة التي حميت بالشَمس
أو النَار، واحدتها رضفه، وهي كناية عن تخفيف الجلوس.
(3) رواه الترمذي (2/85، ح/291) . وقال: حسن غريب.
(4) رواه الحاكم في " المستدرك ": (1/230) .

(1/1516)


صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد أحاديث كلَّها يخالف بعضه بعضًا، واختلافها إنما هو
اختلاف في زيادة حرف أو نقصه، وإنما أخذنا هذا؛ لأنا رأيناه أجمعها وهو
أحبها إلينا؛ لأنّه أكملها، زاد في كتاب اختلاف الحديث واحتمل أن تكون
كلَّها ثابتة، وأن يكون رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلم الجماعة والمنفردين التشهد فيحفظه
أحدهم على لفظ، ويحفظه الآخر على لفظ يخالفه لا يختلفان في معنى أنه
أريد به تعظيم الله تعالى، وذكر أبو الفضل بن طاهر، وفي كتابه أطراف
الغرائب أنّ أبا عاصم رواه عن عروة بن ثابت- أو ابن جريج- عن أبي الزبير
عن جابر، وقال: حديث غريب. تفرد به حميد بن الربيع عن أبي عاصم.
انتهى. وقد وجدنا الحديث في التسمية متابعا من حديث على الأربعة
وموقوف عمر وحديث عائشة في الباب حديث رواه أمية بن خالد، ثنا شعبة
عن خالد/الحذاء قال: أنا علمت ابن سيرين التشهد. وحديثه عن أبي نصرة
عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخذ يتشهد وتلك تشهده.
قال الطبراني في الأوسط: لم بروه إلّا أمية، ولا رواه عن أمية إلا أمية بن
بسطام، وموسى بن محمد بن حبان وإبراهيم بن هاشم، وفي المصنف، ثنا ابن
علية عن خالد عن أبي المتوكل سألنا أبا سعيد عن التشهد فقال: التحيات لله
مثل حديث ابن مسعود لم يذكر وبركاته، وفي آخره قال أبو سعيد: كنا لا
نكتب شيئا سوى القرآن والتشهد. وحديث أبي الحسن علي بن أبي طالب:
التحيات لله والصلوات والطيبات والغاديات والرائحات والذاكيات والناعمات
المانعات الطاهرات لله، قال أبو القاسم في الأوسط: لم يروه عن عبد الله بن
عطاء عن النهري قال: سألت الحسين عن تشهد علي فقال: هو تشهد النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذكره إلا عمرو وابن هاشم.
وفي البيهقي من طريق سعد وابن نصر، ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي
إسحاق عن الحرث عن علي أنه قال: إنّا نشهد قال: بسم الله قال البيهقي:
وروى عن وكيع عن الأعمش عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي مثله وزاد:
وبالله، وفي الأوسط من حديث عامر بن إبراهيم قال: تفرد به عن نهشل بن

(1/1517)


سعيد الترمذي عن الضحاك بن مزاحم عن الحرث عنه أنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قال: " لا صلاة لمن لا تشهد له " (1) .
وفي الاستذكار روى عن على تشهد هو أكمل هذه الروايات كلها، وقال
ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: روى أبو عوانة عن الحكم عن عاصم عن
علي: " إذا قعد المصلى قدر التشهد فقد تمت صلاته " قال أبي/حديث
الأفريقي وفيه كل كلام عن عبد الله بن عمرو عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " إذا
جلس- يعني: الرجل- في آخر صلاته قبل أن يسلم فقد جازت صلاته " (2) ،
وفي أبي داود " وتمت "، وفي البيهقي: من حديث عاصم عن علي مثله،
وزعم أبو حاتم الرازي أنه حديث منكر، قال: ولا أعلم روى الحاكم عن
عاصم ثناه، حدثنا محمد بن رمح حدثنا الليث بن سعد عن أبي الزبير عن
سعيد بن جبير وطارق عن ابن عباس قال: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا
التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، كان يقول: التحيات المباركات
الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام
علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله " (3) . هذا حديث أخرجه مسلم في صحيحه، وفي النسائي:
" سلام عليك وسلام علينا "، بغير ألف ولام. وقال الترمذي: حديث حسن
صحيح غريب، وقال الطحاوي: رواه ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس
موقوفًا، والذي رفعه أبو الزبير وحده لا يكافئ الأعمش ولا منصور ولا
المغيرة، وشبههم بمن روى حديث ابن مسعود وقتادة في حديث أبي موسى
__________
(1) ضعيف. الكنز (19875) ، والمجمع (2/140) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، وفيه
الحارث، وهو ضعيف.
(2) قلت: وهذا حديث ضعيف؛ لضعف الأفريقي.
(3) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح ا 60/61) ، والترمذي (ح/290) ، وابن ماجة (ح/
902) ، وأحمد (1/292، 315، 413،394، 5/363) ، والبيهقي (2/140، 377،142) ،
وإتحاف (3/76) ، وابن أبي شيبة (1/294) ، والطبراني (10/61، 65، 66) ، والكنز
(22346، 22351) ، والفتح (2/315) ، وابن عساكر في " التاريخ " (3/31) ، ومعاني (1/
264) ، وابن عدى في " الكامل " (1/423، 2/696) ، والمجمع (2/139، 140، 141) .

(1/1518)


ولا أبا بشر في حديث ابن عمرو في المصنف عن معان عن حبيب بن الشهيد
عن محمد بزيادة البركات.
حدثنا حميد بن الحسن، ثنا عبد الأعلى، ثنا سعيد عن قتادة، وثنا
عبد الرحمن بن عمر، وثنا ابن أبي عدي شنا سعيد وهشام بن أبي عبد الله،
عن قتادة وهذا حديث عبد الرحمن عن يونس بن جبير عن خطاب بن عبد
الله عن أبي موسى الأشعري: أنّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ/خطبنا وبن لنا سنتنا
وعلمنا صلاتنا، فقال: " إذا صليتم فكان عند القعدة فليكن من أوّل قول
أحدكم التحيات الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد
أن محمدا عبده ورسوله سبع كلمات من تحية الصلاة " (1) . هذا حديث
خرجه مسلم مطولَا بصفة الصلاة، وعند النسائي (2) : " وحده لا شريك له ".
حدثنا محمد بن زياد، ثنا المعتمر، ثنا يحيى بن حكيم، ثنا محمد بن
بكبر، قالا: ثنا أيمن بن نائل، ثنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال: " كان
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن بسم الله وبالله
التحيات لله، والصلوات، والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله أسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار " (3) .
هذا حديث قال فيه الحاكم لما خرجه في مستدركه: صحيح على شرط
البخاري ومسلم؛ لأن أيمن احتج به محمد، والزبير احتج به مسلم، وقال
حمزة الكسائي في رواية سن النسائي: قوله عن جابر خطأ، والصواب أو
الزبير عن سعيد بن جبير، وطاوس عن ابن عباس ولم يقل في التشهد: " بسم
الله وبالله " إلا أيمن عن أبي الزبير، وفي علل الترمذي: سالمت محمدَا عن
__________
(1) صحيح. رواه مسلم في: الصلاة، (ح/62) .
(2) صحيح. رواه النسائي في: التطبيق، 103- باب نوع آخر من التشهد (2/242) .
(3) تقدم، وأنظر الحاكم (1/266- 267) . ص 1511

(1/1519)


هذا الحديث فقال: هو غير محفوظ وهو خطاً، والصحيح ما رواه الليث بن
سعد عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس، هكذا رواه
عبد الرحمن بن حميد الرواس عن أبي الزبير مثل ما روى الليث، وقال
الترمذي في لم هذا: حديث منكر لا أعلم روى الحكم عن عاصم شيئَا، وقد
أنكر شعبة على أبي عوانة رواية عن الحكم فقال: لم يكن ذلك الذي لقيه
الحاكم، قال أبي: ولا يشبه هذا الحديث حديث الحكم. وحديث عمر بن
الخطاب- رضى الله عنه-: " أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علمه: التحيات الصلوات
الطيبات المباركات لله السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، والسلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمدا عبده
ورسوله ". قال أبو القاسم في الأوسط (1) : لا يروى عن عبد الله بن عتبة بن
مسعود عن عمر إلّا بهذا الإسناد. تفرد به ابن لهيعة، وقال الدارقطني: هذا
إسناد حسن، وابن لهيعة ليس بالقوي، وفي الموطأ (2) عن ابن شهاب عن
عروة عن عبد الرحمن بن عبد القارئ: " أنه سمع عمر بن الخطاب وهو
على المنبر يعلم الناس التشهد يقول: التحيات لله الزاكيات لله الطيبات
الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى
عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد محمدا عبده ورسوله ".
قال أبو عمر في الاستذكار: لما علم مالك أنّ التشهد لا يكون إلا توقيفَا من
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اختصار تشهد عمر؛ لأنه كان يعلّمه الناس وهو على المنبر من غير
نكير من أحد من الصحابة، وكانوا متواترين في زمانه ولم يأت عن أحد منهم
أنه قال: ليس كما وصفت روى تسليم له ذلك مع اختلاف رواياتهم عن
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دليل على الإِباحة والتوسعة فيما جاء عنه في ذلك- صلى الله عليه
وآله وسلم-، مع أنه أمر متفاوت كلّه قريب المعنى بعضه من بعض، أنما فيه
__________
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/141) ، وعزاه إلى الطبراني في
" الأوسط "، وفيه حجاج بن رشدين، وهو ضعيف.
(2) رواه مالك في: كتاب الصلاة، (ح/53) . وهذا الحديث رواه الشافعي في الرسالة،
738 بتحقيق المرحوم أحمد محمد شاكر. وقال عنه في الحاثية، وقال الزيلعي في نصب
الراية (1/422) : " وهذا إسناد صحيح ". أكل.

(1/1520)


كلمة/زائدة في ذلك المعنى أو ناقصة، وقال القاضي: هو خبر يجرى مجرى
التواتر؛ لاًن الصحابة أقروه عليه، ولو كان غيره يجري مجراه يقال له الصحابة
ضيقت واسعَا، وقال ابن حزم اختيار مالك تشهد عمر الوقوف وقد خالف
عمر فيه ابنه وفي سنن البيهقي من حديث الدراوردي عن هشام عن أبيه أن
عمر كان يعلم الناس التشهد في الصلاة وهو يخطب على المنبر فيقول: " إذا
تشهد أحدكم فليقل: " بسم الله خير الاً سماء، التحيات الزاكيات ". فذكره
وفيه قال عمر: ابدؤوا باً نفسكم بعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسلموا
على عباد الله الصالحين قال البيهقي ورواه محمد بن إسحاق عن الزهري
وهشام عن عبد الرحمن بن عبيد عن عمر وذكر فيه التسمية بسم الله خير
الأسماء وزاد وقدم وأخر ورواه مالك ومعمر ويونس وعمر بن الحرث عن ابن
شهاب لم يذكروا فيه التسمية وقدموا كلمتي التسليم على كلمتي الشهادة
زاده معمر وكان الزهري يأخذ به ويقول علمه الناس على المنبر والصحابة
متوافرون ولا ينكرونه قال معمر وأنا أخذ به وذكر الحاكم التسمية فيه من
رواية العنس عن الدراوردي عن هشام عن أبيه وقال صحيح على شرط مسلم
وإنما ذكرته لأن له شاهدَا على ما شرطنا في الشواهد ورواه في المصنف عن
حاتم ابن إسماعيل عن هشام وثنا وكيع عن الاً عمش عن أبي إسحاق عن
الحرث عن علي أنه كان يقول إذا تشهد بسم الله خير الأسماء اسم الله
وحديث عائشة بسم الله التحيات لله والصلوات لله. الزاكيات لله الحديث قال
البيهقي والرواية الصحيحة عن عبد الرحمن/عن القاسم عن عائشة ليس فيها
ذكر التسمية إلّا ما انفرد بها محمد بن إسحاق، يعني عن عبد الرحمن بن
القاسم عن أبيه، قال البيهقي: وروى عن محمد بن صالح بن دينار عن
القاسم بن محمد مرفوعا بلفظ: " هذا تشهد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التحيات لله إلى
آخره "، وفي آخره قال محمد بن صالح: قلت: بسم الله فقال القاسم بسم
الله كل ساعة والصحيح موقوف، وكذا قاله الدارقطني أيضَا، ورواه مالك
موقوفَا فيه: " وحده لا شريك له " (1) . وحديث سمرة بن جندب من عند
__________
(1) رواه مالك في: كتاب الصلاة، (ح /56) . نقل الزرقاني عن الاستذكار: ما أورده مالك
عن عمر وابنه وعائشة حكمه حكم الرفع: لأن من المعلوم أنه لا يقال بالرأي.

(1/1521)


أبي داود (1) بسند صحيح على شرط ابن حبان قال: " أمرنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
إذا كان في وسط أو حين انقضائها فابدؤوا قبل السلام فقولوا: " التحيات لله
والصلوات الملك لله، ثم سلموا على اليمين ثم سلموا على قارئكم وعلى
أنفسكم ". وفي المصنف: ثنا أبو نعيم عن سفيان عن زيد العمى عن أبي
الصديق الساجي عن ابن عمر: " أن أبا بكر الصديق- رضى الله عنه- كان
يعلمهم التشهد على المنبر، كما يُعلم الصبيان في الكتاب التحيات لله
والصلوات والطيبات ... " (2) الحديث.
وحدثنا ابن عمر عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد: " التحيات لله
الصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة والله وبركاته "، قال ابن
عمر: وزدت فيها: " وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا
إله إلا الله "، قال ابن عمر وزدت فيها: " وحده لا شريك له وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله ". رواه أبو داود (3) بسند صحيح عن نصر بن علي عن
أبيه عن شعبة عن أبي بشر قال: قال سمعت مجاهدا يذكره، وذكره مالك
موقوفا في الموطأ عن نافع عنه، ولفظه/: " بسم الله التحيات لله الصلوات
الزاكيات الله السلام على النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين شهدت أن لا إله إلا الله شهدت أن محمدا رسول الله، فإذا أراد أن
يسلم قال: السلام على النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين السلام عليكم " (4) .
وفي المصنف: ثنا هشيم، ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن محارب عن ابن
عمر: " كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا التشهد في الصلاة كما يعلم المكتب
الولدان " (5) . ورواه أبو القاسم من حديث قتادة عنه- يعني: مرفوعا- وقال:
__________
(1) حسن. رواه أبو داود (ح/975) . قال أبو داود: دلت هذه الصحيفة على أن الحسن سمع من سمرة.
(2) رواه ابن أبي شيبة: (1/294-295) .
(3) إسناده صحيح. رواه أبو داود (ح/971) .
(4) رواه مالك في: الصلاة، (ح/54) .
(5) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (2/140) ، وعزاه إلى الطبراني في

(1/1522)


لم يروه عن قتادة إلّا بأمرين وقد تفرد به سهل بن بكار، ولما رواه الدارقطني
عن ابن أبي داود ثنا نضر قال: هذا إسناد صحيح، وقد تابعه على رفعه ابن
أبي عدي عن شعبة ووقفه غيرهما، وفي حديث موسى بن عبيدة وخارجة
وهما ضعيفان: " كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعلمنا التشهد التحيات الطيبات
الزاكيات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى
عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا
عبده ورسوله ثم يصلى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، وفي العلل الكبير للترمذي: سألت
محمدًا عن هذا الحديث فقال: روى شعبة عن أبي بشر عن مجاهد عن ابن
عمر، وروى سفيان عن مجاهد عن أبي معمر عن أبي مسعود، وهو المحفوظ
عندي قلت: كانه يروى عن ابن عمر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يروى عن ابن عمر عن
أبي بكر، قال: يحتمل هذا، وهذا قال محمد وعبد الرحمن بن إسحاق الذي
روى عن محارب بن دثار عن ابن عمر في التشهد: / هو الكوفي، وهو
ضعيف الحديث وأوقفه ابن عدي. انتهى. قد تقدّم من عند الدارقطني أن ابن
أبي عدي رفعه، فالله أعلم، وحديث أبي هريرة مرفوعًا؛ لحديث ابن مسعود
ذكره ابن بطال في شرج البخاري، وذهب أبو حنيفة وأصحابه وأحمد
وإسحاق وأبو ثور وابن المبارك فيما حكاه ابن الأثير في شرح المسند وداود
وأصحابه إلى تشهد ابن مسعود، واستدلّ لهم أيضا بأن حديث ابن عباس
الذي اعتمده الشافعي قد وقف، كما تقدَّم وبأنه مضطرب، وذلك أنّ
الشافعي وأحمد روياه منكر السلام، ورواه أحمد في موضع آخر من مسنده
بتعريفه، وعندهما وأنَّ محمدًا لم يذكر التشهد، وفي ابن ماجة وأشهد كما
تقدّم، وعند النسائي كمسلم إلا أنه منكر السلام، وقال: وأن محمدًا عبده
ورسوله، وفي رواية عند مسلم (1) " وأن محمدًا رسول الله " وهو عنده
معرف السلام في المكانين وهو مذهب الشافعي تنكيره، ويرجح تشهد ابن
مسعود على حديث ابن عباس بأمور: منها: أنّه في الكتب الستة وذاك في
__________
" الكبير "، وفيه عبد للرحمن بن إسحاق أبو شيبة، وهو ضعيف.
(1) صحيح. رواه مسلم: (ح/60) ،.

(1/1523)


مسلم. الثاني: أن جماعة من الصحابة وافقوه على رواية. الثالث: حديث أبي
بكر كحديث ابن مسعود: " وعلمه أبو بكر الناس على المنبر كتعليم
الصبيان ". الرابع، حديث ابن مسعود ليس فيه اضطراب ولا وقف. الخامس:
أن أكثر العلماء والمحدثين، قالوا به واختاروه حتى قال الخطابي: والعجب من
الشَافعي كيف اعتمد حديث ابن عباس وترك حديث عبد الله ابن مسعود.
والسادس: أنّه بواو العطف في مقامين والعطف يقتضى المغايرة بين المعطوف
والمعطوف عليه فيكون ثنا مستقلا بفائدته وإذا سقطت واو العطف كان ما
عدا اللفظ الأول صفة له فيكون جملة واحدة / في الثناء، والأوّل أبلغ فكان
أقوى وأولى يدلّ على صحة هذا قوله في الجامع لو قال والله والرحمن
والرحيم كانت إيمانا ثلاثة، ولو قال والله الرحمن الرحيم كانت يمينا واحدة
يلزمه به كفارة واحدة. السابع: أن السلام فيه معرف في الموضعين، وهو يفيد
الاستغراق والعموم. الثامن: فيه زيادة، وأمره أن يعلّم الناس، والأمر للوجوب،
وإذا لم يجب ففْيه زيادة استحباب وتأكيد، وليس ذلك في حديث ابن عباس.
التاسع: أخذ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كف ابن مسعود بين كفيه ففيه زيادة اشتياق واهتمام.
العاشر: تشديد ابن مسعود على أصحابه حين أخذ عليهم منه، وفي المبسوط
عن خصيف قال: لا رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المنام فقلت: كثر الاختلاف في
التشهد فماذا تأمرني قال: بتشهد ابن مسعود "، وقال الخطابي: فيه إيجاب
التشهد، وإليه ذهب الشافعي خلافًا لأبي حنيفة ومالك؛ لأن الأمر للوجوب
روى عن عمر بن أبي الحسن، وقال الزهري وقتادة وحماد إن ترك التشهد
حتى انصرف مضت صلاته، وقال أصحاب الرأي التشهد والصلاة على رسول
الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستحب، والقعود قدر التشهد واجب. غريبة: التحيات جمع تحية،
وهى السلامة من جميع الآفات، وقيل: البقاء الدائم، وقيل: العظمة، وفي
المحكم: التحية السلام.
وقال الخطابي: روى عن أنس في تفسيرها هي أسماء الله السلام، المؤمن،
المهيمن، العزيز، الجبار، الأحد، الصمد، قال: التحيات لله تعالى بهذه الأسماء
وهى الطيبات لا يحيا بها غيره، وقال ابن الأثير: قيل التحيات كلمات/
مخصوصة كانت العرب تحيى بها الملوك كقولهم أبيت اللعن وأنعم صباحا

(1/1524)


وعم ظلاما، وكقول العجم: ده هزار سال أي تعيش عشرة آلاف سنة،
وكلها لا يصلح شيء منها الثناء على الله فتركت واستعمل معنى التعظيم
فقيل: قولوا: التحيات لله أي: الثناء، والعظمة، والتمجيد كما يستحقه وتحب
له، وقوله لله اللام في لله لام الملك والتخصيص، وهي للأول أبلغ. والثاني
أحسن، وقال القرطبي: فيه تنبيه على أن الإخلاص في العبادات والأعمال لا
تفعل إلا الله، ويجوز أن يراد به الاعترافَ بأن ملك ذلك كله لله تعالى،
وقوله الصلوات، قيل: أراد الصلوات الخمس، وقيل: النوافل، قال ابن الأثير:
الأول أقوى، وقال الأزهري: العبادات وفي المنافع التحيات العبادات القولية،
والصلوات العبادات الفعلية، والطيبات العبادات المالية، وقوله السلام علينا أراد
الحاضرين من الإمام والمأمومين والملائكة وغيرهم. وقوله: الصالحين جمع
صالح، قال الزجاَج: وهو القائم بما عليه من حقوق الله تعالى وحقوق العباد،
قال القرطبي: فيه تنبيه على أنّ الدعاء يصل من الأحياء إلى الأموات، وعن
الجري معنى السلام على النبي اسم الله عليك، وتأويله لا خلوت من الخيرات
والبركات وسلمت من المكاره والمذام والآفات، وإذا قلنا: اللهم سلم على
محمد، إنما يزيد اللهم اكسب لمحمد في دعوته وأمته وذكره السلامة من كل
نقص.
***
__________

(1/1525)


154- باب الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا خالد بن مخلد، وثنا ابن المثنى، ثنا أبو عامر قالا/: ثنا
عبد الله بن جعفر عن يزيد بن الهاد عن عبد الله بن حباب عن أبي سعيد الخدري قال:
قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة؟ قال: " قولوا: اللهم صلى
على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم " (1) .
هذا حديث خرجه البخاري في صحيحه بزيادة: وقال أبو صالح عن
الليث: " وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم "، وفي حديث دراج
عن أبي الهيثم عنه مرفوعا: " أيما رجل لم يكن عده صدقة فليقل في دعائه:
اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، وصل على المؤمنين والمؤمنات،
والمسلمين والمسلمات فإنها له زكاة ". ذكره أبو موسى.
حدثنا على بن محمد، ثنا وكيع، ثنا شعبة ح، وحدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد
الرحمن بن مهدى ومحمد بن جعفر قالا: حدثنا شعبة عن الحكم سمعت بن أبي ليلى
قال لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدى لك هدية؟ خرج علينا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلنا:
قد عرفنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: " قولوا اللهم صل على محمد
وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد
وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد " (2) . هذا حديث خرجاه
في الصحيح.
وفي الأوسط (3) من حديث أبي فروة مسلم بن سالم، ثنا عبد الله بن
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (4/ 178، 6/ 151، 8/ 195، 196) ، ومسلم في (الصلاة،
ح/65، 66، 69) ، وأحمد (4/118، 241) ، والمجمع (2/144) ، الحميدي (711) ، وابن أبي
شيبة (508،2/507) ، وعبد الرزاق (0705،3106،0831،3131) ، والمنثور (5/216) ،
والبغوي (5/274) ، والكنز (2150، 2184، 2185، 2187) ، وتلخيص (1/263) ، والقرطبي
(1/ 382، 14 / 333) ، وابن كثير في " التفسير " (4/ 266، 6/ 448) ، والخطيب (14/303)
والحلية (4/ 356 / 373) ، والإرواء (2/24، 25، 66) . وابن ماجة (ح/903) .
(2) صحيح. رواه ابن ماجة (ح/904) . وصححه الشيخ الألباني. والحاشية السابقة.
(3) رواه الطبراني في " الأوسط " (1/85) .

(1/1526)


عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني
كعب بن عجرة "، ولفظه: كيف الصلاة عليكم أهل البيت فإنّا فد علمنا
كيف نسلم؟ ... " الحديث، وقال: لم يروه عن أبي فروة إلا عبد الواحد بن
زياد، ولا رواه عن عبد الله بن عيسى إلا أبو فروة، ومن حديث يزيد بن أبي
زياد عنه أبي موسى/المديني عن ابن أبي ليلى عن كعب: " اللهم اجعل
صلاتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد كما جعلتها على إبراهيم وآل
إبراهيم " (1) .
وكان ابن أبي ليلى يقول:- وعلينا معهم، وكذلك في رواية الحسن عن
أبي هريرة، ومن حديث يزيد أيضًا عن ابن أبي ليلى عند إسماعيل بن إسحاق
القاضي قال كعب: " لما نزلت هذه الآية: (إن الله وملائكته يصلون على
النبي) قلنا: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فيكف الصلاة؟ فقال
الحديث ". وحديث الشَافعي عن إبراهيم، ثنا سعد ابن إسحاق عن عبد
الرحمن عن كعب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أنه كان يقول في الصلاة: اللهم صل
على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، وبارك
على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد
مجيد " (2) .
حدثنا عمار بن طالوت، ثنا عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون، ثنا مالك
عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم لينية عن عمرو بن
سليم الزرقي عن أبي حميد الساعدي أنهم قالوا: يا رسول الله أمرنا بالصلاة
عليك فكيف نصلي عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صلِّ على محمد وأزواجه
__________
(1) رواه ابن أبي شيبة (2/508) ، والشفا (2/195) ، والمنثور (5/217) .
(2) صحيح. رواه أبو داود (ح/978) ، ورواه النسائي في (السهو، باب " 49 ") ، وأحمد
(4/243، 244، 5/274) ، والبيهقي (2/146، 147، 148) ، وإتحاف (3/78، 79، 5/50) ،
ومشكل (3/71، 72، 73، 74، 75) ، والمنثور (5/216، 217) ، وابن السني (92) ، والطبري
(22، 31) ، وابن عساكر في " التاريخ " (4/453) ، وابن كثير (6/448،4/226، 450) ،
والقرطبي (1/2334، 234) ، وشرح السنة (3 لم 192) ، وشفع (270) ، والكنز (3991،
3993، 3994، 3398، 4006، 3401، 4014) ، والفتح (11/152، 159، 164) .

(1/1527)


وذريته كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد، وأزواجه، وذرياته كما
باركت على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد " (1) .
هذا حديث خرجاه في صحيحهما، وقال الطبراني في الأوسط: لم يروه
عن عبد الله غير مالك وحده، وعند القاضي إسماعيل: " كما صليت على
آل إبراهيم، وكما باركت على آل إيراهيم ". وفي كتاب أبي موسى: قال أبو
بكر بن أبي عاصم: لم يذكر أزواجه وذريته إلا في هذا الحديث فيما أعلم،
وكذا ذكره الطحاوي في المشكل، فال: وإنما مداره على عبد الله بن أبي بكر
حدّث/به عن أبيه، وروى ابن طاوس هذا الحديث عن أبي بكر كما رواه
عنه ابنه عبد إلا أنه زاد فيه: " وعلى أهل بيته "، قال أبو موسى المديني: قد
ذكره محمد بن علي الهاشمي عن المحمد عن أبي هريرة زاد: " وأهل بيته "
يعني: الحديث الآتي بعد من عند أبي داود.
حدثنا الحسين بن بنان، ثنا زياد بن عبد الله، ثنا المسعودي عن عون بن
عبد الله عن أبي فاختة عن الأسود بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال: " إذا
صليتم على رسول الله فأحسنوا الصلاة عليه، فإنكم لا تدرون لعل ذلك
يعرض عليه قال: فقالوا له: فعلّمنا، قال: قولوا اللهم اجعل صلواتك
ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين محمد
عبدك ورسولك إمام الخير، وقائد الخير ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاما
محمودا يغبطه ما الأولون والآخرون، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد
كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على
محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد
مجيد " (2) .
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (1/178) ، ومسلم في (الصلاة، ح/58) ، وأبو
داود في (الاستفتاح، باب " 68 ") ، والنسائي في (السهو، باب " 54 ") ، وابن ماجة (ح/
905) ، واحمد (5/224) ، والبيهقي (2/151) ، وابن كثير (6/449) ، والبغوي (5/274) ،
والشفا (2/190) ، والمنثور (217،5/216) ، والقرطبي (1/382) ، وابن السني (378) .
(2) موقوف، وإسناده صحيح. رواه ابن أبي شيبة (2/508) ، والشفا (2/190) ، والمنثور (5/
217) ، وابن ماجة (ح/906) ، وأحمد (1/399) .

(1/1528)


هذا موقوف، إسناده صحيح، وقد أسنده أحمد بن عمرو بن أبي عاصم
النبيل عن دحيم قال: ثنا مروان بن معاوية، ثنا عبد الرحمن بن عبد الله
المسعودي عن عون بن عبد الله أو غيره عن الأسود عن عبد الله بن مسعود
أنه قال: قلنا يا رسول الله قد عرفنا كيف السلام عليك فكيف نصلي عليك؟
قال: " قولوا اللهم اجعل صلواتك ... إلى قوله ... يغبطه الأولون والآخرون "،
وزاد: " اللهم صل على محمد، وأبلغه الدرجة الوسيلة من الجنة، اللهم اجعل
في المصطفين محبته، وفي المقربين مودته، وفي الأعلين ذكره والسلام عليه
ورحمة الله/وبركاته اللهم صل على محمد ... " الحديث.
وقال أبو موسى في كتاب الترغيب والترهيب: هذا حديث مختلف في
إسناده. رواه أبو النضر هاشم بن القاسم عن المسعودي عن عون عن أبي فاختة
عن الأسود، وكذلك رواه سليمان عن المسعودي ورواه الثوري عن عمرو بن
مرة عن عون عن الأسود- أو رجل من أصحاب عبد الله- عن عبد الله،
وقال الدارقطني في كتاب العلل: وقول المسعودي أصح، وحديث الأعمش عنه
غريب.
حدثنا بكر بن خلف أبو بشر، ثنا خالد بن الحرث عن شعبة عن عاصم بن
عبيد الله سمعت عبد الله بن عامر بن عن أبيه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " ما
من مسلم يصلي عليَ إلَا صفَت عليه الملائكة ما صلى علي فليقلّ العبد من
ذلك أو ليكثر " (1) . هذا حديث إسناده ضعيف، لضعف عاصم بن عبيد
الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب، فإن مالكا قال: عجبا من شعبة هذا الذي
يبغي الرجال، وهو يحدّث عن عاصم بن عبيد الله، وقال يحيى: ضعيف،
وحديثه ليس بحجة، وفي الطبقات لابن سعد: لا يحتج به، وقال شعبة: لو
قيل لعاصم: من بنى مسجد البصرة؟ لقال: فلان عن فلان عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
وقال البخاري: منكر الحديث، وقال النسائي: لا نعلم من روى عن إنسان
مشهور بالضعف إلا عاصم بن عبيد الله فإنه روى عنه حديثا، وعن عمرو بن
__________
(1) ضعيف. رواه ابن ماجة (ح/907) ، في الزوائد: إسناده ضعيف؛ لأن عاصم بن
عبيد الله، قال فيه البخاري وغيره: منكر الحديث.

(1/1529)


أبي عمرو هو أصلح من عاصم بن، وذكر آخرين، وقال ابن حبان: كان
سيء الحفظ كثير الوهم فاحش الخطأ، يترك، ويجب النكب عن حديثه،
وقال الجوزجاني: ضعيفٌ عمر بن عينية في حفظه، وفي كتاب المروزي: قال
أبو عبد الله: كان المشايخ يحتاجون حديثه، لم وقال عبد الحق: ضعفه أحمد
وابن مهدي والنسائي (1) الدامان ويحيى بن سعيد، وقال ابن الجارود: ضعيف،
وقال البزار: في حديثه لين، وقال الساجي: مضطرب الحديث، وقال العجلي:
مدني لا بأس به، وقال البرقي وأبو العرب: ضعيف، وقال ابن خزيمة: لست
أحتج به لسوء حفظه، وقال الدارقطني: مدتي يترك وهو مغفل.
حدثنا حيادة بن المفلس، ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن
يزيد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من نسى الصلاة عليَ
خطىء طريق الجنة " (2) . هذا حديث إسناده ضعيف، لضعف رواية حيادة
وجابر المذكور قبل، وخرجه إسماعيل القاضي في كتابه فضل الصلاة على
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن إسماعيل بن أبي أويس. ثنا سليمان بن بلال عن جعفر بن
محمد عن أبيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الحديث. وثنا إبراهيم بن الحجاج، ثنا وهب
عن جعفر عن أبيه أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد
خطىء طريق الجنة " (3) .
وقال أبو موسى في كتاب الترغيب والترهيب: أخبرنا أبو علي، ثنا
الفضل بن سعيد، ثنا أبو الشيخ، ثنا أبو إسحاق بن أحمد الفارسي ثنا
محمد بن إسماعيل البخاري، ثنا عمر بن حفص بن غياث، ثنا أبي، ثنا
محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من
ذكرت عنده فلم يصل على خطئ طريق الجنة " (4) . ثم فال: هذا الحديث
يروى عن جماعة منهم: علي بن أبي طالب وابن عباس وأبو أمامة وأم
__________
(1) بياض " بالأصل " 0
(2) ضعيف. كتاب الصلاة لإسماعيل القاضي، فضل الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(3) رواه الطبراني (3/138) ، والكنز (2208، 2157، 2158، 2159) ، والترغيب (2/508) (4) المصدر السابق.

(1/1530)


سلمة- رضي الله عنهم- وألفاظهم: " من نسي الصلاة لم علي ... "، وفي
الباب أحاديث كثيرة جدا يقتصر منها على مشهورها؛ من ذلك: حديث أبي
مسعود الأنصاري قال: " أتانا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونحن في مجلس سعد بن
عبادة فقال له بشير بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف
نصلي عليك "؟ قال: فسكت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى كأنه يسأله ثم قال
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما
صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على
آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم ". رواه
مسلم (1) في صحيحه، وزاد أبو حاتم بن حبان: وأسنده إمام الأئمة في
صحيحهما من حديث محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه عن ابن مسعود
قال: أقبل رجل حتى بين يدي النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونحن عنده- فقال: يا رسول
الله أما السلام عليك فقد عرفناه، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في
صلاتنا صلى الله عليك؟ قال: فصمت حتى أحببنا أنّ الرجل لم يسأله ثم
قال: " إذا أنتم صليتم علي فقولوا: اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى
آل محمد ... " (2) الحديث، ولما ذكره الدارقطني قال: هذا إسناد حسن، وقال
الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، وقال البيهقي في المعرفة:
هذا إسناد صحيح، وفيه بيان موضع هذه الصلاة من الشريعة، وعند
الدارقطني من جهة جابر الجعفي عن ابن جعفر عن أبي مسعود قال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من صلى صلاة لم يصل فيها علي ولا على أهل بيتي لم يقبل منه "،
قال أبو الحسن: وقد اختلف على جابر؛ فرواه إسرائيل عنه عن ابن مسعود
وقال: " لو صليت لم صلاة لم أصل على آل محمد ما رأيت أن صلاتي ... "،
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه مسلم في (الصلاة، ح/65، 66، 69) ، والبخاري (4/
178، 6/151، 8/95، 96) ، والمجمع (2/144) ، الحميدي (711) ، وابن أبي شيبة (2/
507، 508) ، والمنثور (5/216) ، والبغوي (5/274) ، والطبراني في " الصغير " (1/85) ،
والكنز (2150، 2184، 2185، 4014) ، وتلخيص (1/263) ، والقرطبي (1/
382، 233،14) ، وابن كثير (4/266، 6 / 448) ، والخطيب (14/303) ، والحلية (4/
356، 373) ، والإرواء (2/24، 25، 66) .
(2) المصدر السابق.

(1/1531)


وفي رواية زهر عنه: " لم أصل علي محمد " قال: والصواب أنه من قول
مصححا بالسكوت عنه قيل للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمرنا أن نصلى عليك ونسلم، وفي
بعض ما ذكرنا: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم: " والسلام كما قد علمتم "، قال:
وبه احتج الشافعي فقال: التسليم على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرض وهو في التشهد
فرض، وحديث أبي سلمة عن أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله كيف نصلي
عليك؟ - يعني: في الصلاة-، قال: تقولون: " اللهم صل على محمد وآل
محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت
على إبراهيم، ثم تسلمون علي ". رواه الشافعي (1) في مسنده عن إبراهيم بن
محمد.
أخبرتي صفوان عنه، وعند أبي داود (2) بسند رجاله مستورون عن أبي
هريرة يرفعه: " من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صلى علينا أهل البيت
فليقل: اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل
بيته، كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد "، وفي كتاب إسماعيل
القاضي: " صلوا علي فإن صلاتكم على زكاة لكم، وصلوا على أنبياء الله
ورسله فإن الله بعثهم كما بعثني " (3) .
وحديث فضالة بن عبيد قال: سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رجلًا يدعو في صلاته ثم
يحمد الله، ولم يصل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عجل هذا ثم دعاه
فقال له أو لغيره إذا صلى أحدكم فليبدأ بحمد الله تعالى، والثناء عليه، ثم
يصلى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم يدعو ما شاء " (4) . قال الترمذي: هذا حديث
صحيح، وخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وقال الحاكم أبو عبد
__________
(1) رواه الشافعي: (ح/42) .
(2) حسن. رواه أبو داود (ح/982) ، والبيهقي (2/151) ، وإتحاف (3/290) ، والمنثور (5/
2956،21) ، والكنز (2175، 3481) ، والبخاري في " الكبير " (3/87) ، وابن كثير (7/
42) ، والقرطبي (15/141) ، والمشكاة (932) .
(3) رواه ابن أبي شيبة: (2/517) .
(4) صحيح. رواه الترمذي (ح/3477) ، وأبو داود (ح/1481) ، وأحمد (6/18) ، والبيهقي
(2/148) ، والحاكم (1/230) ، والطبراني (18/307 لمه 30) ، وابن خزيمة (710) ،

(1/1532)


الله:/حديث صحيح على شرط الشيخين، ولا نعرف له علّة، وله شاهد
صحيح على شرطهما.
أنبأ أبو بكر بن دارم، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن الكندي، ثنا
عون عن أبي الأحوص قال: قال عبد الله: يتشهد الرجل ثم يصلى على
النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويدعو لنفسه، وقد أسند هذا عن ابن مسعود بإسناد صحيح. ثناه
أبو بكر بن إسحاق أنبأ أحمد بن إبراهيم بن ملحان، ثنا يحيى بن بكير، ثنا
الليث عن خالد ابن يزيد عن سعيد ابن أبي هند عن يحيى بن البنان رجل من
بنى الحارث عن ابن مسعود عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " إذا تشهد
أحدكم في الصلاة فليقل: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك
على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم
وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد " (1) . وأكثر الشواهد لهذه
القاعدة لفروض الصلاة.
ثنا أبو عبد الله الأصبهاني، ثنا الحسن بن علي، ثنا بحر، ثنا أبي، ثنا عبد
المهيمن بن عباس بن سهل سمعت أبي يحدّث عن جدي أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان
يقول: " لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضَوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ولا
صلاة لمن لا يصلي على نبي الله في صلاته " (2) . لم يخرج هذا الحديث على
شرطهما فإنهما لم يخرجا عن عبد المهيمن، ولما خرجه الدارقطني قال: عبد
المهيمن ليس بالقوي، وخرجه أبو موسى من حديث أبي بن سهل بن سعد
__________
وابن حبان (510) ، والمسير (6/419) ، ونصب الراية (1/426، 2/272) ، ومشكل (3/
77) ، وإتحاف (5/41) ، والفتح (11/165) ، وأذكار (108) .
(1) رواه البيهقي (2/379) ، والحاكم (1/269) ، ونصب الراية (1/427) ، وتلخيص (1/263) .
(2) صحيح. رواه أبو داود (ح/101) ، وابن ماجة (ح/398، 400) ، وأحمد (2/418، 4/70، 5/
382، 2/379) ، والحاكم (1/146، 147، 269، 4/60) ، والطبراني (6/148) ، والدارقطني (1/
79،73) ، وابن أبي شيبة (1/3، 5) ، وتلخيص (1/72) ، ونصب الراية (1/3، 426) ، والمنثور (1/
295، 2/175) ، والمشكاة (404) ، وإتحاف (8/160) ، والترغيب (1/164) ، وشرح السنة (1/
409) ، وحبيب (1/23) ، والمجمع (1/228، 292، 1/390) ، وابن عساكر في " التاريخ " (5/
298) ، وأصفهان (6/301) ، وابن عدي في " الكامل " (5/1883) .

(1/1533)


عن أبيه عن جدّه، وأبي أثنى عليه جماعة، وخرج البخاري حديثه في
صحيحه، وصحَّ الحديث على هذا، والله الموفق.
وحديث بريدة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يا بريدة إذا جلست/في
صلاتك فلا تتركن التشهد والصلاة علي فإنّها زكاة الصلاة، وسلِّم على جميع
أنبيائه ورسله، وسلِّم على عباد الله الصالحين " (1) . رواه الدارقطني من حديث
عمرو بن سمر، قال: وهو ضعيف، ولفظ البزار: " إذا جلست في صلاتك
فلا تتركن التشهد لا إله إلا الله وأنّى رسول الله والصلاة عليَ " (2) . الحديث
من رواية العزرمي، وجابر بن يزيد الجعفي، وهما ضعيفان.
وحديث عائشة: قالت: سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " لا صلاة إلّا بطهور
وبالصلاة علي " (3) ، رواه أيضًا وضعفه بابن سمر وبالجعفي، وحديث زيد بن
حارثة الأنصاري قال: قلت يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف
نصلي عليك؟ قال: " صلوا عليَ وقولوا: اللهم بارك على محمد وعلى آل
محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد " (4) . ورواه
القاضي إسماعيل بسند صحيح عن عليً بن عبد الله.
ثنا مروان بن معاوية، ثنا عثمان بن حكيم عن خالد بن سلمة عن
موسى بن طلحة عنه، وحديث سلامة الكندي قال: " كان علي بن أبي
طالب يعلّم الناس الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللهم راجي المرجوات، وباري
السموات، وجبار القلوب على فطرتها شقيها وسعيدها، اجعل شرائف
صلواتك، وقواصي بركاتك، ورأفة تحيتك على محمد عبدك ورسولك، الخاتم
لما سبق، والفاتح لما أُغلق والمعان بالحقِّ والدافع "، وفي رواية: " الدافع هيئات
الأباطيل كما حمل، فاضطلع بأمرك لطاعتك، وفي مرضاتك غير ما كل في
__________
(1) ضعيف. الكنز: (19743) ، والد ارقطني (1/355) .
(2) ضعيف. الكنز: (2969) .
(3) ضعيف. التمهيد (8/215) ، والفتح (12/329) .
(4) الحميدي (711، 712) ، والطبراني (17/250) ، وأحمد (1/199) ، والمسير (6/418) ،
والفتح (11/152) .

(1/1534)


قدم، ولا واهي في عدم، راعيَا لحرمتك، واعيا لوحيك حافظَا لعبدك، ماضيَا
على نفاذ أمرك حتى أورَى قيسا بقائس إلا الله، تُصَلِّ/بأهله ملبسا به حديث
القلوب بعد خوضات الفتن والاثم وأصحاب الأعلام وميزات الإسلام، فهو
أمينك المأمون، وخازن علمك المخزون، وشهيدك يوم الدين وبعيثك نعمة،
ورسولك بالحق رحمة، اللهم أفسح له في عونك، واخبره مضاعفات الخير من
فضلك، له مهنئات غير مكدرات، من وفور ثوابك المصلول وجزل عطائك
المجلول، اللهم أعلِ على بناء البانين بناءه، وكرم مثواه لديك ونزله، وأمم له
ثوره، وأخبره من ابتغائك له مقبول الشهادة، له مرضى المقالة، ذا منطق عدل،
وحجة وبرهان عظيم.
ذكره أيضا وقال: حديث غريب يعرف بنوح بن قيس، ومن حديث
الحسين بن على المسلسل أوزي بعدهن في يدي عن علي، وعدهن في يدي
قال جدي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وعدهن في يدي قال: " عدهن جبرائيل في
يدي، وفال: هكذا نزلت من عند رب العزة. اللهم صل على محمد، وعلى
آل محمد كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم
بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم، وآل إبراهيم إنك
حميد مجيد، اللهم وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على
إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وتحن على محمد وعلى آل محمد،
كما تحننت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم سلم على
محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد
مجيد " (1) ، وذكره الحاكم في علوم الحديث أيضا من رواية عمرو بن خالد
قال: وهو متروك، وحديث مروان بن يحيى الحاجلي عن زكريا بن إسماعيل
الترمذي من ولد زيد/بن ثابت عن أبيه إسماعيل بن عبد الله عن عمه
سليمان بن زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت من عنده أيضا قال: خرجنا مع
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى وقفنا في مجمع طرق فطلع أعرابي، فقال: السلام
عليك يا رسول الله، ورحمة الله وبركاته، فقال له: " وعليك السلام، أي
__________
(1) الكنز (2183، 3991) ، والقرطبي (14/234) .

(1/1535)


شيء قلت حين جئتني؟ " قال: قلت: اللهم صل على محمد حتى لا يبقى
صلاة، اللهم بارك على محمد حتى لا يبقى بركة، اللهم سلم على محمد
حتى لا يبقى سلام، وارحم محمدًا حتى لا تبقى رحمة، فقال رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إني أرى الملائكة قد سدُّوا الأفق "، وموقوف عبد الله بن عمرو أو
ابن عمر ذكره إسماعيل القاضي من حديث يونس مولى بن هاشم قال:
" قلعت له: كيف الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فقال: اللهم اجعل صلوات،
وبركاتك، ورحمتك على سيد المرسلين، وإمام المتقين، وخاتم النبيين: محمد
عبدك ورسولك، إمام الخير، وقائد الخير، اللهم ابعثه يوم القيامة مقامًا محمودًا
تغبطه الأولون والآخرون، وصل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم " (1) ، وكذا مرسل قال: قالوا يا رسول الله قد علمنا
السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صل على محمد
عبدك ورسولك وأهل بيته، كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك
عليه وأهل بيته، كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد " (2) . ومرسل
الشعبي من عند الربعي إنّه قال: " من لم يصل على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في التشهد
فليعد صلاته، أو قال: لا تجزئ صلاته "، وكذا مرسل الحسن قال: لما نزلت
" إن الله وملائكته يصلون على النبي " /قالوا: يا رسول الله هذا السلام قد
علمنا كيف فكيف تأمرنا أن نصلي عليك؟ قال: " فقولوا: اللهم اجعل
صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على إبراهيم إنك حميد
مجيد " (3) . ذكره القاضي إسماعيل.
وحديث عثمان بن موهب عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة بن عبيد
أنه قال: قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف السلام عليك فكيف الصلاة
عليك؟ قال: " قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على
__________
(1) بنحوه. رواه ابن ماجة (ح/ 906) . في الزوائد: رجاله ثقات. إلا أن المسعودي اختلط
بآخر عمره، ولم يتميز حديثه الأوْل من الآخر، فاستحق الترك، كما قاله ابن حبان.
(2) رواه النسائي: (3/49) .
(3) رواه أحمد (5/353) ، والمجمع (2/144) ، من حديث بريدة، وعزاه إلى " أحمد "، وفيه
أبو داود الأعمى، وهو ضعيف.

(1/1536)


محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك
حميد مجيد " (1) . ذكره أبو القاسم في الأوسط وقال: لا يروى عن طلحة إلا
من حديث عثمان ابن عبد الله بن وهب. ولا رواه عن عثمان إلا إسرائيل
وشريك. حدثناه أبو مسلم، ثنا الحكم بن مروان عه. انتهى كلامه. وفيه نظر
من حيث قوله، ولا رواه عن عثمان إلا إسرائيل وشريك، وذلك أنَّ القاضي
إسماعيل رواه عن على بن عبد الله ثنا محمد بن بشر، ثنا مجمع بن يحيى
عن عثمان بن عبد الله بن وهب ... فذكره، ولما ذكره البزار في مسنده قال:
رواه غير الحكم بن مروان عن إسرائيل عن عثمان عن موسى بن طلحة ولم
يقل عن أبيه، ووافقه شريك على توصيله.
وحديث أبي طلحة قال: قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من صلى علي واحدة
صلى الله عليه وآله وسلم عشرًا، فليكثر من ذلك أو ليقل " (2) ، وفي لفظ:
" أتاني الآن آت من ربي فأخبرني أنه لن يصلي على أحد من أمتي إلا ردّها
الله- تعالى- عليه عشر أمثالها " (3) ، وفي لفظ: " ولا يسلم عليك إلا
سلّمت عليه عشرًا "، ذكره إسماعيل بسندِ صحيح، وخرجه النسائي (4) أيضًا،
وسنده جيد، وقال المديني: اختلف في سنده؛ فرواه سليمان بن بلال/منفردا
__________
(1) صحيح، متفق عليه. رواه البخاري (14/178، 6/ 151، 8/ 95 96) ، ومسلم في (الصلاة،
ح/ 69،66) ، والمجمع (2/144) ، وأحمد (4/ 118، 241) ، والحميدي (711) ، وابن أبي شيبة
(2/ 507، 508) ، وعبد الرزاق (3105-3108) ، والمنثور (5/216) ، والبغوي (5/274) ،
والطبراني في " الصغير " (1/85) ، والكنز (2150، 2184، 2187،2185) ، وتلخيص (1/
263) ، والقرطبي (1/382، 1/2334) ، وابن كثير (4/266، 46/48) ، والخطيب (14/
303) ، والحلية (373،4/356) .
(2) صحيح. رواه مسلم في (الصلاة، ح/70) ، والنسائي (3/50) ، وأحمد (2/
485،372) ، وابن أبي شيبة (7/ 512) ، وأبو داود (1530) ، والبغوي (5/275) ، والبخاري
في " الأدب المفرد " (645،643) ، والمجمع (1/1620) ، وشرح للسنة (3/195) ، والمشكاة
(916) ، والمنثور (5/218) ، والفتح (1/1671) ، والكنز (2206،2163،2162) ، وابن كثير
(6/457) ، الخطيب (8/381) .
(3) رواه أحمد (5/159) ، وابن كثير (6/457) .
(4) إسناده صحيح. رواه النسائي في: السهو، باب " 55 ".

(1/1537)


عن عبيد الله العمري عن ثابت عن أنس عن أبي طلحة تابعه سلام بن أبي
الصحماء وصالح وحسن بن فرقد عن ثابت، وقال الدارقطني: كلها وهم،
والصواب رواية حماد بن سلمة، يعني: أنه أدخل ابن ثابت وأنس فيه سليمان
مولى الحسن بن علي، ورواه جماعة عن أنس عن أبي طلحة، وجماعة عن
أنس عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وروى عن أبي طلحة من غير هذين الوجهين.
وحديث أنس بن مالك أنَ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن جبرائيل أتاني
فقال: من صلى عليك واحدة صلى الله عليه وآله وسلم عشرًا، ورفعه عشر
درجات " (1) . خرجه القاضي من حديث سلمة بن وردان عن أنس، وفيه
ضعف، ولما ذكره ابن شاهين في الثقات قال: قال أحمد بن صالح- يعني:
المصري- هو عندي ثقة حسن الحديث، ورواه سلمة أيضًا عن مالك بن
أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب، وزاد أبو موسى في حديث أنس من
حديث عبد العزيز بن قيس عن حميد: " ومن صلى عليَ عشرًا صلى الله
عليه مائة، ومن صلى على مائة كتبت بين عينيه براءة من النفاق، وأسكنه
الجبار يوم القيامة الجنات مع الشهداء " (2) ، وفي لفظ: " صلوا عليَ فإن
الصلاة عليَ درجة لكم " (3) . رواه من حديث محمد بن سواد عن معين بن
مسلم عن أبي إسحاق عنه. زاد أبو موسى بسند بريء من عهدته: " من
صلى عليَ صلاة جاءني ما ملك فأقول أبلغه عنى عشرًا، وقل له: لو كانت
من هذه العشرة واحدة لدخلت معى الجنة كالسبابة، والوسطى، وحلت لك
شفاعتي ثم يصعد الملك حتى ينتهى إلى الرب فيقول: إن فلان ابن فلان صلى
على نبيك مرّة واحدة فيقول / تبارك وتعالى: أبلغه عني عشرًا، وقل له: لو
كانت من هذه العشر واحدة لما مستك نار، ثم يقول: عظموا صلاة عبدي
__________
(1) انظر: الحاشية رقم " 2 "، " 3 " السابقة.
قلت: وللحديث مصادر أخرى في: الكنز (3983) ، وابن كثير (6/455) ، والمجمع (2/
287) ، وعزاه إلى الطبراني في " الأوسط "، و" الصغير "، ورجاله رجال الصحيح، غير شيخ
الطبراني محمد بن عبد الرحيم بن بحير المصري، ولم أجد من ذكره.
(2) أصفهان: (2/260) .
(3) بنحوه. رواه أحمد في " مسنده ": (3/6) .

(1/1538)


واجعلوها في عليين ثم يخلق من صلاته لكل حرف ملكا له ثلاثة وستون
رأسا ... " (1) الحديث، وعنده أيضًا بسند لا بأس به: " ومن صلى على عشرًا
صلى الله عليه مائة، ومن صلى علي مائة صلى الله عليه ألفًا، ومن زاد فكنت
له شفيعًا وشهيدًا يوم القيامة " (2) . وحديث عبد الرحمن بن عوف مثله بزيادة:
" ومن سلَّم عليك سلمت عليه " (3) ، وفي لفظ: " كتب الله له بها عشر
حسنات ". رواه إسماعيل أيضًا بسند جيد ". وحديث أبي هريرة رواه أيضًا
مثله بسند صحيح، وفي لفظ: " كتب الله له عشر حسنات ".
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص: " من صلى على رسول الله صلَّى
الله تعالى عليه وآله وسلم صلاة، صلى الله وملائكته عليه سبعين (4) صلاة ".
رواه ابن لهيعة عند المديني. ولفظ حديث أبي بردة بن نيار من عنده أيضا:
" ما صلى عبد علي من أمتي صلاة قالها من نفسه إلّا صلى الله تعالى بها
عشر صلوات وكتب له بها عشر حسنات ورفع له ما عشر درجات، ومحى
عنه ما عشر سيئات (5) . رواه موسى بن إسحاق عن أبي بكر بن أبي شيبة
قال: حديث عن أبي أسامة، ورواه أبو كريب عن أبي أسامة مثله، ورواه
وكيع عن سعيد بن سعيد بن عمرو الأنصاري عن أبيه وكان بدريًّا عن النبي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وحديث مولى البراء بن عازب عنه مرفوعا: " من صلى عليً كتب الله له
__________
(1) بنحوه. رواه أبو داود في (الدعاء، باب " 4 ") ، والنسائي في (السهو، باب " 55 ") ،
وأحمد (02/13، 261) ، وابن أبي شيبة (2/517، 11/505) ، والمشكاة (922) ، والمنثور (5/
216) ، وابن كثير (6/458) ، والقرطبي (1/2354) .
(2) أصفهان: (2/4) .
(3) إسناده صحيح. رواه البيهقي (2/9/286،371) ، وكتاب الشكر (64) .
(4) قوله: " سبعين "، سقطت من " الأصل "، وكذا أثبتناه. وأورده الهيثمي في " مجمع
الزوائد " (10/160) ، وعزاه إلى " أحمد "، وإسناده حسن.
(5) بنحوه. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/162) ، وعزاه إلى الطبراني في
" الأوسط " وفيه عبد الله بن يزيد الإسكندراني، ولم أعرفه، ومهدي بن جعفر ثقة وفيه خلاف،
وبقية رجاله ثقات.

(1/1539)


بها عشر حسنات، ومحى عنه/بها عشر سيئات، ورفعه ما عشر درجات،
وكنّ له عدل عشر رقاب " (1) .
وحديث أبي منصور عن أبي معاذ عن أبي كاهل قال: قال لي رسول الله
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اعلم يا أبا كاهل أنه من صلى عليَ كل يوم ثلاث مرات وكل ليلة/
ثلاث مرات حُبا- أو شوقًا- إلَّا كان حقًا على الله- عز وجل- أن يغفر له
ذنوبه تلك الليلة وذلك اليوم ". قال ابن عباس في قوله تعالى: (يصلون
على النبي) قال: " يزكون على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " (2) ، وقيل: " إن الله ترحم
على النبي "، وفي لفظ: " صلاة الله تعالى على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هي مغفرته وأما
صلاة الناس عليه فهي الاستغفار له ". وعن ابن جبير: أن الله يغفر للنبي،
وعن أبي: صلوات الله ثناؤه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء له، قال أبو
موسى المديني وقد قيل في معنى صلاة الخلق على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإن كان الله
تعالى أوجبها له، كما روى أنه قيل له: أليس قد غفر الله لك ما تقدّم من
ذنبك وما تأخر؟ أنه إذا صلى عليه أحدنا فتستحب له فيه أن يزاد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
من ذلك، ويثاب المصلى عليه وعلى ذلك فذلك كانت الصلاة عليه يقضى
به حقّه ويتقرّب بإكثارها إلى الله تعالى، ولما أثر الله تعالى عباده بالصلاة عليه
لم يبلغوا كنه فضيلة، ولا حقيقة مراد الله تعالى فيه فأجابوا ذلك على الله
تعالى؛ لأنه المحيط بجميع ذلك فقالوا: اللهم صل على محمد لأنك أعلم بما
يليق به وأعرف بما أراده له، وعن الحليمي: الصلاة في اللغة: التعظيم،
وتوسعوا فسموا كل دعاء صلاة إذ كان الدعاء تعظيما للمدعو فمعناه على
هذا: اللهم عظم محمدًا في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وإبقاء من لقيه،
وفي الأخرة / بتشفيعه من أمته، وتعظيم أجره ومثوبته وإبداء فضله للأولين
والآخرين بالمقام المحمود، وتقديمه على كافة الأنبياء في اليوم المشهود، وهذه
الأمور وإن كان الله تعالى قد أوجبها له فإذا دعا له أحد من أمّته فاستجيب
دعاؤه فيه، أن يزاد النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كل شيء مما سمينا رتبة ودرجة، وقيل:
__________
(1) ضعيف. أورده الهيثمي في " مجمع الزوائد " (10/161) ، وعزاه إلى أبو يعلى، وفيه
موسى بن عبيدة الربزي، وهو ضعيف.
(2) رواه الطبراني: (18/362) .

(1/1540)


الأصل في الصلاة: اللزوم فكأن العبد لزم هذه العبادة لا يحتاج طلبه من الله
تعالى، وقال الخطابي: الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمعنى التعظيم والتكريم، وهى
خصيصة له لا شرك فيها، وعن الفخر الفارسي المزي: قال بعض العلماء
ينبغي أن ينوي المصلي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقلبه أن صلاتي على النبي إنما تكون
امتثالا لأمر الله تعالى حيث أمرنا بالصلاة عليه، الثاني: ينوي موافقة الله
وملائكة، الثالث: ينوي امتثال أمر الله تعالى في ذكره حيث قال: (اذكروا
الله ذكرًا كثيرًا) الرابع: ينوى أن هذا ذكر حبيب الله وذكر الحبيب
موجب لرضا المحب، الخامس: ينوي أن الله تعالى أمره بالدعاء وأنا اخترت
هذا الدعاء، السادس: ينوي طلب الزيادة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقيام حقوقه الواجبة
عليه، السابع: ينوي إظهار محبته؛ لأن من أحبّ شيئا أكثر من ذكره،
الثامن: ينوى تعظيمه، التاسع: ينوي ذكر آله وتعظيم آله، العاشر: ينوي ارتجاء
الشفاعة والزلفة، وفي المحكم الصلاة أو الاستغفار صلى دعاء (1) ، قال الأعشى
عليك مثل الذي صليت فاعتمني يوما فإنّ يبحث المرء مضطجعا، وقد
اختلف العلماء في الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الصلاة، فمذهب الشافعي أنها
فرض في التشهد / الآخر، قال النووي: ونقله أصحابنا عن عمر بن الخطاب
وابنه، ونقله الشيخ أبو حامد عن ابن مسعود وأبي مسعود البدري، وقد أسلفناه
أيضا عن الشعبي وهو أحد الروايتين عن أحمد بن حنبل- رحمه الله-، وقال
إسحاق: إن تركها عمدا لم تصح صلاته وإن تركها سهوا رجوت أن تجزيه،
وقال ابن أبي زيد عن ابن المواز: الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فريضة، " قال أبو
محمد: يريد ليس من فرائض الصلاة، وحكى ابن القطان وعبد الوهاب أنّ
ابن المواز يراها فريضة في الصلاة، وفال أبو حنيفة ومالك وأكثر العلماء: هي
مستحبة، وقال ابن حزم: فإن قائل يقول: لم تجعلوا الصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في
أثر التشهد فرضا كما يقول الشافعي؟، قلنا: لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل أن هذا
القول فرض في الصلاة، ونحن نقول أنَّه فرض على كل مسلم أن يقوله مرَّة
في الدهر، وزعم محمد بن جرير والطحاوي أنّه لا سلف للشافعي في هذا
القول ولا سنة يتبعها، وما أسلفناه من الأخبار يرد قولهما ويوضح صحة ما
__________
(1) كذا ورد هذا السياق' بالأصل "، والمعنى مضطرب؛ لاضطراب المتن.

(1/1541)


ذهب إليه الشافعي، وأما الطحاوي فإنه أوجب الصلاة كلما ذكر، عليه
الصلاة والسلام.
***

(1/1542)