شرح أبي داود
للعيني 102- باب: من قال:
تغتسل مرة (2)
أي: هذا باب في بيان من قال: إن المستحاضة تغتسل مرة
واحدة.
281- ص- حدثنا محمد بن جعفر بن زياد. قال: ونا عثمان بن
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (15/3330) .
(2) في سنن أبي داود: " باب من قال: تغتسل من طهر إلى طهر
".
(2/84)
أبي شيبة/قال: نا شريك، عن أبي اليقظان، عن
عدي بن ثابت، عن أبيه،
عن جده، عن النبي- عليه السلام- في المُستحاضة: تَدَعُ
الصلاةَ أيامَ
أَقرائِهَا، ثم تغتسل وتُصَفَي، والوُضوءُ عندَ كلِّ
صَلاة. وزاد عثمانُ:
وتصومُ وتصلي (1) .
ش- شريك: النخعي، وأبو اليقظان: عثمان بن عمير.
قوله: " تدع الصلاة " أي: تترك الصلاة أيام حيضها.
والأقراء جمع
" قرء "، وهي بمعنى الحيض، وفيه حجة لأبي حنيفة.
قوله: " وزاد عثمان " هو ابن أبي شيبة. وأخرجه الترمذي،
وابن
ماجه. وقال الترمذي: هذا حديث قد تفرد به شريك عن أبي
اليقظان،
وسألت محمداَ- يعني: البخاري- عن هذا الحديث فقلت: عدي بن
ثابت، عن أبيه، عن جده، جد عدي ما اسمه؟ فلم يعرف محمدٌ
اسمَه. وذكرت لمحمد قول يحيى بن معين أن اسمه دينار فلم
يعبأ به.
انتهى.
وقد قيل: إنه جده أبو أمه عبد الله بن يزيد الخطمي. قال
الدارقطني:
ولا يصح من هذا كله شيء. وقال أبو نعيم: وقال غير يحيى
اسمه قيس
الخطمي، وقيل: لا يعلم مَن جده. قلت: ذكر ابن حبان في "
الثقات "
أن ثابتاً (2) هو ابن عبيد بن عازب ابن أخي البراء بن
عازب، وقد
ذكرناه. وقال الشيخ زكي الدين: وشريك تكلم فيه غير واحد،
وأبو اليقظان لا يحتج بحديثه.
قلت: قد تقدم أن ابن معين قال: شريك صدوق ثقة. وقال أحمد
بن
عبد الله العجلي: كوفي ثقة. وأما أبو اليقظان فقد أخرج له
أبو داود،
والترمذي، وابن ماجه.
__________
(1) الترمذي: كتاب الطهارة، باب: ما جاء أن المستحاضة
تتوضأ لكل صلاة
(126) ، ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المستحاضة
التي قد
عدت أيام إقرائها قبل أن يستمر بها الدم (625) .
(2) في الأصل: " ثابت ".
(2/85)
282- ص- حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة قال: نا
وكيع، عن الأعمش،
عن حبيب بن أبي ثابت، عن عروةَ، عن عائشةَ قالت: جاءت
فاطمة بنت
أبي حُبيش إلى النبيِّ- عليه السلام- فذكر خَبَرَها- قال:
" ثم اغتسلي
وصَلِّي وتوضّئِي. (1) لكلِّ صلاة وَصَلِّي " (2) .
ش- عروة هذا قيل: عروة المزني. وقيل: عروة بن الزبير.
قوله: " وتوضئي لكل صلاة " أي: لوقت كل صلاة، واللام
للتوقيت
كما في قوله تعالى: (أَقِم الصلاة لِدُلُوك الشمسِ) (3) ،
وبه أخذ
أبو حنيفة أن المستحاضة ومَن بمعناها يتوضؤوَن لوقت كل
صلاة، فيصلون
به في ذلك الوقت ما شاؤا من الفرائض والنوافل، فإذا خرج
الوقت بطل
وضوءهم، وبه قال أحمد. وقال الشافعي: يتوضؤون لكل فرض على
حدته، ولهم أن يصلوا النوافل كلها تبعاً. وقال مالك: لا
يجب
الوضوء، وإنما هو مستحب لكل صلاة.
283- ص- حدَّثنا أحمد بن سنان القطان الواسطي قال: نا
يزيد، عن
أيوب بن أبي مسكين، عن حجاج، عن أم كلثوم، عن عائشةَ في
المستحاضة:
تغتسلُ مرة واحدة، ثم تَوضأ إلى أيام أقرائِهَا (4) .
ش- أحمد بن سنان بن أسد بن حبان- بكسر الحاء- أبو جعفر
القطان الواسطي. سمع: يحيى القطَان، ووكيعاً، وأبا معاوية،
وغيرهم. روى عنه: ابن المثنى، وأبو حاتم، والبخاري، ومسلم،
وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. قال أبو حاتم:
هو ثقة
صدوق. مات سنة ثمان وخمسين ومائتين.
ويزيد بن هارون الواسطي.
__________
(1) في سنن أبي داود: " ثم اغتسلي، ثم توضئي ".
(2) ابن ماجه: كتاب الطهارة، باب: ما جاء في المستحاضة
التي قد عدت أيام
أقرائها قبل أن يستمر بها الدم (624) .
(3) سورة الإسراء: (78) .
(4) تفرد به أبو داود.
(2/86)
وأيوب بن أبي مسكين القصاب، ويقال: أيوب بن
مسكين أبو العلاء
الواسطي التميمي. روى عن: قتادة، وعبد الله بن شبرمة،
ويحيى بن
دينار. روى عنه: هشيم، ويزيد بن هارون، ومحمد بن يزيد. قال
أحمد بن صالح: رجل صالح ثقة. وقال ابن حنبل: لا بأس به.؛
لأن
أحاديثه ليست بالمناكير، وهو ممن يكتب حديثه 0 روى له: أبو
داود،
والترمذي.
وحجاج بن أرطأة بن ثور بن هبيرة بن شراحيل بن كعب بن
سلامان
الكوفي، أبو أرطأة النخعي. سمع من الشعبي حديثاً واحداً،
وسمع
عطاء، والزهري، وقتادة، وجماعة آخرين. روى عنه: الثوري،
وشعبة، وابن المبارك، وجماعة آخرون. قال أبو زرعة: صدوق
مدلس.
وقال أبو حاتم: صدوق يدلس عن الضعفاء، يكتب حديثه. وقال
ابن
معين: صدوق وليس بالقوي. وقال النسائي: ليس بالقوي. مات
بخراسان مع المهدي، وقيل: بالريّ. روى له مسلم مقروناً
بعبد الملك،
وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
وأم كلثوم الليثية، أو المكية، روت عن عائشة، روى عنها عبد
الله بن
عبيد بن عمير، روى لها: أبو داود، والترمذي.
قوله: " ثم توضأ " أي: تتوضأ، حذفت إحدى التائين.
284- ص- وحدَثنا أحمد بن سنان الواسطي قال: نا يزيد، عن
أيوب
أبي العلاء، عن ابن شبرمة، عن امرأة مسروق، عن عائشةَ، عن
النبي
- عليه السلام- مثله (1) .
ش- ابن شبرمة: هو عبد الله بن شبرمة بن الطفيل بن حسان بن
المنذر
الكوفي الضبي، فقيه أهل الكوفة، عداده في التابعين، وهو عم
عمارة
ابن القعقاع وعمارة أكبر منه. روى عن: الشعبي، وابن سيرين،
وأبي
زرعة، وغير هم. روى عنه: الثوري، وابن عيينة، وشعبة،
وجماعة
آخرون. قال الثوري: ثقة. وقال أبو حاتم: كوفي ثقة. مات سنة
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2/87)
/أربع وأربعين ومائة. روى له: مسلم، وأبو
داود، والنسائي، وابن
ماجه.
وامرأة مسروق هي قَمير، وقد ذُكرت.
قوله: " مثله " أي: مثل الحديث الماضي، ولكن كان ذاك
موقوفاً وهذا
مرفوع.
ص- قال أبو داود: وحديثُ عديِّ بنِ ثابتٍ والأعمش عن حبيب
وأيوب
أبي العلاء كلها ضعيفة، لا يصح منها شيءٌ
ش- حديث عدي الذي أخرجه ابن أبي شيبة، وحديث الأعمش،
أخرجه وكيع، وحديث أيوب بن أبي مسكين الذي أخرجه أحمد بن
سنان.
ص- ودل على ضعف حديث الأعمش عن حبيب هذا الحديثُ، أوقفه
حفصُ بن غياث عن الأعمش، وَأنكر حفصُ بن غياث أن يكونَ
حديثُ
حبيب مرفوعاً، وأوقفه أيضا أسباط عن الأعمشِ موقوفاً على
عائشة ورواه
ابنُ داوَد عن الأعمشِ مرفوعاً أوله، وأنكر أن يكون فيه
الوضوء، ودل على
ضعف حديث حبيب هذا أن روايةَ الزهري، عن عروةَ، عن عائشةَ
قالت:
" فكانت تغتسَلُ لكل صلاةٍ " في حديث المستحاضة.
ش- أشار بهذا الكلام إلى تضعيف حديث الأعمش.
الحاصل في بيان ضعف حديث الأعمش: أن حفص بن غياث أنكر أن
يكون هذا الحديث مرفوعاً وأوقفه عن الأعمش على عائشة،
وكذلك أوقفه
أسباط عن الأعمش على عائشة، ورواه ابن داود عن الأعمش
مرفوعاً إلى
النبي- عليه السلام- أوله، وأنكر أن يكون فيه الوضوء،
فيكون معلولاً
من جهة المتن ومن جهة الإسناد، وكذا علله البيهقي.
قلت: إن كان حفص وأسباط روياه موقوفاً على عائشة، فكذلك
رواه
وكيع، وسعيد بن محمد الوراق، وعبد الله بن نمير، والجُريري
مرفوعاً،
فتُرجح رواياتهم؛ لأنها زيادة ثقة، ولأنهم أكثر عدداً،
ومثل هذا ذكر
(2/88)
الدارقطني، وتُحمل رواية من أوقفه على
عائشة أنها سمعته من النبي
- عليه السلام-، فروته مرة، وأفتت به مرهَ أخرى.
قوله: " ودل على ضعف حديث حبيب ... " إلى آخره. دليل آخر
على
تضعيفه، وكذا علل البيهقي في تضعيفه.
قلنا: هذا لا يدل على ضعف حديث حبيب؛ لأن الاغتسال لكل
صلاة في رواية الزهري مضاف إلى فعلها، ويحتمل أن يكون
اختياراَ
منها، والوضوء لكل صلاة في حديث حبيب مروي عنه- عليه
السلام-،
ومضاف إليه وإلى أمره.
وحفص بن غياث بن طلق النخعي، وقد ذكر.
وأسباط بن محمد بن عبد الرحمن بن خالد بن ميسرة القرشي
أبو محمد الكوفي. سمع: أبا إسحاق الشيباني، والأعمش، وعمرو
ابن قيس الملائي، وغيرهم. روى عنه: أحمد بن حنبل، وقتيبة،
وابن
أبي شيبة، وغيرهم. قال ابن معين: هو ثقة. وقال أبو حاتم:
صالح. توفي بالكوفة في المحرم سنة مائتين. روى له الجماعة.
وابن داود هو: عبد الله بن داود الخُرَيبي أبو محمد
البصري، وقد
ذكرناه.
قوله: " فكانت تغتسل " أي: قالت عائشة: فكانت المستحاضة
تغتسل
لوقت كل صلاة، واللام للتوقيت.
ص- وروى أبو اليقظان، عن عدي، عن أبيه، عن علي وعمار مولى
بني
هاشم، عن ابن عباس.
ش- أبو اليقظان: عثمان بن عمير، وعمار بن أبي عمار
الهاشمي.
والمعنى: أن حديث حبيب هذا رواه عدي، عن أبيه، عن علي بن
أبي طالب- رضي الله عنه- موقوفاً، ورواه عمار، عن ابن عباس
أيضاً موقوفاً.
(2/89)
ص- وروى عبد الملك بن ميسرة، وبيان،
والمغيرة، وفراس، ومجالد،
عن الشعبي حديث قَمِير، عن عائشةَ: توضئِي لكل صلاةٍ.
ش- عبد الملك بن ميسرة الهلالي العامري الكوفي أبو زيد
الزراد.
سمع: عبد الله بن عمر، والنزال بن سبرة، وزيد بن وهب،
وجماعة
آخرين. روى عنه: الأعمش، ومسعر، وشعبة، وغيرهم. وقال ابن
معين وأبو حاتم: ثقة. توفي في زمن خالد بن عبد الله. روى
له
الجماعة.
وبيان بن بشر الأحمسي البجلي أبو بشر الكوفي المعلم. سمع:
أنس
ابن مالك، والشعبي، وطلحة بن مصرف، وغيرهم. روى عنه:
الثوري، وشعبة، وأبو عوانة، وجماعة آخرون. قال أحمد وأبو
حاتم:
ثقة. روى له الجماعة.
والمغيرة بن مقسم أبو هشام الضبي الكوفي. سمع: أبا وائل،
والشعبي، والنخعي، وغيرهم. روى عنه: الثوري، وشعبة،
وأبو عوانة، وغيرهم. قال ابن معين: هو ثقة مأمون، وكان
أعمى.
توفي سنة/ست وثلاثين ومائة.
وفراس بن يحيى الهمداني أبو يحيى الكوفي المكتب. روى عن:
الشعبي، وأبي صالح السمان، وعطية بن سعد. روى عنه: الثوري،
وسعيد، وشيبان بن عبد الرحمن، وشريك النخعي، وغيرهم. قال
ابن
معين: ثقة. وقال أبو حاتم: شيخ، ما بحديثه بأس. روى له
الجماعة.
ومجالد بن سعيد بن عمير الهمداني أبو عمير الكوفي. روى عن:
قيس بن أبي حازم، والشعبي، ومرة الهمداني، وغيرهم. روى
عنه:
الثوري، وابن عيينة، ويحيى القطان، وجماعة آخرون. وقال ابن
معين: ضعيف الحديث، واهي الحديث. وقال ابن حنبل: ليس بشيء.
مات سنة أربع وثلاثين ومائة. روى له الجماعة إلا البخاري.
ص- ورواية داود وعاصم عن الشعبي عن قَمير، عن عائشةَ:
تغتسلُ
لكلِّ يومٍ مرةً.
(2/90)
ش- " رواية " مبتدأ، وخبره: قوله: " تغتسل
لكل يوم مرة "،
وسيجيء أنه في حديث عاصم: " تغتسل عند الظهر "، ويكون
اغتسالها
في كل يوم مرة واحدة، ولكن عند الظهر.
وداود هو ابن أبي هند البصري، وعاصم بن سليمان الأحول،
والشعبي هو عامر، وقمير امرأة مسروق، وعائشة الصِّدَيقة-
رضي الله
عنها-.
ص- وروى هشام بن عروة، عن أبيه: أن المستحاضةَ توضأ لكل
صلاةٍ.
ش- " توضأ " بالرفع، وأصله تتوضأ، وقد مر غير مرة.
ص- وهذه الأحاديث كلها ضعيفة، إلا حديث قمير، وحديث عمار
مولى بني هاشم، وحديث هشام بن عروة، عن أبيه.
ش- هذه إشارة إلى الأحاديث التي تقدمت، التي فيها ذكر
الوضوء.
ص- والمعروف عن ابن عباس الغسل.
ش- يعني رواية الغسل عن ابن عباس هي المعروفة دون رواية
الوضوء،
فافهم.
103- باب: من قال المستحاضة
تغتسل من طهر إلى طهر
أي: هذا باب في بيان قول من قال: إن المستحاضة تغتسل من
طهر
إلى طهر.
285- ص- ثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن سُمي مولى
أبي بكر، عن القعقاع، وزيد بن أسلم أرسلاه إلى سعيد بن
المسيب يسأله:
كيف تَغتسلُ المستحاضةُ؟ قال: تَغتسلُ من طهر إلى طهر،
وتوضأ لكل
صلاة، فإن غَلَبَهَا الدمُ استثفَرت بثوبٍ (1) . "
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2/91)
ش- الضمير المرفوع في " أرسلاه " يرجع إلى
القعقاع بن حكيم وزيد
ابن أسلم مولى عمر [بن] الخطاب، والضمير المنصوب يرجع إلى
سُمي
مولى أبي بكر الصِّدِّيق.
قوله: " من طهر إلى طهر " بالطاء المهملة فيهما، والمعنى:
من وقت
انقطاع دم الحيض. وقال أبو داود: قال مالك: إني لأظن حديث
ابن
المسيب " من ظهر إلى ظهر ". يعني: أظنه بالظاء المعجمة،
إنما هو " من
طهر إلى طهر " بالطاء المهملة، ولكن الوهم دخل فيه فقلبه
الناس: " من
ظهر إلى ظهر ".
وقال الخطابي (1) : لأنه لا معنى للاغتسال من وقت صلاة
الظهر إلى
مثلها من الظهر، ولا أعلمه قولاً لأحد من الفقهاء، وإنما
هو من طهر
إلى طهر- يعني: بالمهملة فيهما- وهو وقت انقطاع دم الحيض،
وقد
يجيء ما رُوي من الاغتسال من ظهر إلى ظهر بالمعجمة فيهما
في بعض
الأحوال لبعض النساء، وهو أن تكون المرأة قد نسيت الأيام
التي كانت
عادتها، ونسيت الوقت أيضاً، إلا أنها تعلم أنها كل ما
انقطع دمها في
أيام العادة كان وقت الظهر، فهذه يلزمها أن تغتسل عند كل
ظهر،
وتتوضأ لكل صلاة ما بينها وبين الظهر من اليوم الثاني، فقد
يحتمل أن
يكون سعيد بن المسيب إنما سئل عن امرأة هذه حالها، فنقل
الراوي
الجواب، ولم ينقل السؤال على التفصيل.
قوله: " وتوضأ " أصلها: تتوضأ، وقد مر مثله غير مرة.
ومعنى " استثفرت بثوب " شدّت فرجها بثوب، وقد مر على
التفصيل.
ص- قال أبو داود: ورُوي عن ابن عمر، وأنس بن مالك: تغتسلُ
من
طُهرٍ إلى طُهر، وكذلك رواه داود، وعاصم، عن الشعبي، عن
امرأته، عن
قمير، عن عائشة، إلا أن داود قال: كل يومٍ. وفي حديث عاصم
قال: عندَ
الَطهرِ، وهو قول سالم بن عبد الله، والحسن، وعطاء.
__________
(1) معالم السنن (1/79- 80) .
(2/92)
ش- داود هو ابن أبي هند/البصري، وقد ذكر،
وعاصم هو أبن
سليمان الأحول البصري، وسالم بن عبد الله بن عمر بن
الخطاب،
والحسن البصري، وعطاء بن أبي مسلم الخراساني.
***
104- باب: من قال: تغتسل كل
يوم مرة، ولم يقل: عند الطهر
أي: هذا باب في بيان قول من قال: تغتسل المستحاضة كل يوم
مرة
واحدة.
286- ص- حدَّثنا أحمد بن حنبل قال: نا عبد الله بن نُمير،
عن محمد
ابن أبي إسماعيل، عن معقل الخثعمي، عن عليّ قال:
المستحاضةُ إذا
انقضَى حيضُها اغتسلت كلَّ يومٍ، واتخذت صُوفةً فيها سمن
أو زيتٌ (1) .
ش- عبد الله بن نمير أبو هشام الكوفي.
ومحمد بن أبي إسماعيل، واسم أبي إسماعيل راشد الكوفي أخو
إسماعيل وعمرو. روى عن: الشعبي، وأبي الضحى مسلم بن صبيح،
وعبد الرحمن بن هلال. روى عنه: الثوري، ويحيى القطان،
وعبد الواحد بن زياد، وغيرهم. مات سنة اثنتين وأربعين
ومائة. روى
له: مسلم، وأبو داود، والنسائي.
ومعقل الخثعمي- بالعين المهملة، ثم القاف- قد ذُكر.
وإنما أمر علي- رضي الله عنه- بالاغتسال كل يوم لأجل
الاحتياط،
وأما الصوفة التي فيها السمن أو الزيت فإنها مما يدفع الدم
وينشفه.
***
105- باب: من قال: تغتسل في
الأيام
أي: هذا باب في بيان قول من قال: تغتسل المستحاضة في
الأيام.
287- ص- حدَثنا عبد الله بن مسلمة قال: ثنا عبد العزيز-
يعني: ابن
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2/93)
محمد-، عن محمد بن عثمان، أنه سأل القاسم
عن المستحاضة قال: تَدعُ
الصلاة أيامَ أَقرائهَا، ثم تغتسلُ فَتصلِّي، ثم تغتسل في
الأيامِ (1) .
ش- عبد العزيز بن محمد الدراوردي.
ومحمد بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع القرشي
المخزومي
المدني. سمع: القاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وسعيد بن
المسيب، وجده عبد الرحمن، وابن أبي سندر. روى عنه: عبد
العزيز
ابن محمد الدراوردي، وحاتم بن إسماعيل، وصفوان بن عيسى.
قال
أحمد: هو ثقة. وقال أبو حاتم: شيخ مدني محله الصدق. روى له
أبو داود.
قوله: " أيام أقرائها " أي: أيام حيضها.
قوله: " ثم تغتسل في الأيام " معناه: كل يوم، وحكم هذا
الباب
والذي قبله في المعنى على السواء، فافهم.
ص- قال أبو داود: ورواه المسور بن عبد الملك بن سعيد بن
عبد الرحمن
ابن يربوع قال: إنما هو " من طَهر إلى طهر " فقلبها الناس
" من ظهر إلى
ظهر ". قال مالك: إني لأظن حديث سعيد بن المسيب " بن طُهر
إلى طُهر "
إنما هو " من ظهر إلى ظهر "، ولكن الوهم دخل فيه فقلبها
الناس فقالوا ":
من طُهر إلى طُهر.
ش- أي: روى هذا الحديث المسور ولكن قال: إنما هو من طهر
إلى
طهر بالمهملة فيهما.
قوله: " فقلبها الناس " أي: صحفوها وجعلوها من ظهر إلى ظهر
بالمعجمة فيهما، وقد مر الكلام فيه.
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2/94)
106- باب: فيمن قال:
توضأ لكل صلاة
أي: هذا باب في بيان قول من قال: إن المستحاضة تتوضأ لكل
صلاة.
88 2- ص- حدَّثنا ابن المثنى فال: نا ابن أبي عدي، عن
محمد- يعني:
ابن عمرو- قال: نا ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن فاطمة
بنت
أبي حبيش: أنها كانت تُستحاضُ، فقالَ لها النبيُ- عليه
السلام-: " إذا
كان دَمُ الحَيضِ فإنه دَمٌ أسودُ يُعرفُ، فإذا كان ذلك
فاع مسكِي عن الصلاة،
فإذا كان الآخرُ فتوضَّئِي وصَلي " (1) .
ش- ابن المثنى هو محمد بن المثنى، وابن أبي عدي هو محمد بن
أبي عدي، ومحمد بن عمرو بن حلحلة الديلي.
قوله: " تُستحاض " على صيغة المجهول.
قوله: " فإذا كان الآخر " أي: غير الا سود، وهو يشمل سائر
الألوان
غير الأسود، وقد مضى الكلام فيه عندما تقدم الحديث.
ص- قال أبو داود: قال ابن المثنى: ونا به ابن أبي عدي
حفظاً فقال: عن
عروةَ، عن عائشة أن فاطمةَ. قال أبو داود: روي عن العلاء
بن المسيب،
وشعبة، عن الحكم، عن أبي جعفر، قال العلاء: عن النبي- عليه
السلام-
وأوقفه شعبة على أبي جعفر: توضئي لكل صلاة.
ش- " حفظاً " نصب على التمييز. وقد تقدم هذا مرة من أن ابن
أبي عدي قد حدث بهذا ابن المثنى عن كتابه مرة، وعن حفظه
أخرى.
والعلاء بن المسيب/بن رافع الكوفي، والحكم بن عُتَيبة،
وأبو جعفر
محمد بن علي الباقر، وقد ذكر غير مرة.
__________
(1) النسائي: كتاب الطهارة، باب: ذكر الاغتسال من الحيض
(1/116) ،
و (1/121، 123، 181، 183، 185) ، وكتاب الطلاق (6/211) ،
وتقدم برقم (264) .
(2/95)
107- باب: فيمن لم
يذكر الوضوء إلا عند الحدث
أي: هذا باب في بيان قول من لم يذكر الوضوء للمستحاضة إلا
عند
الحدث.
289- ص- حدَّثنا زِياد بن أيوب قال: نا هشيم. قال: أنا أبو
بشر، عن
عكرمة: أن أم حبيبةَ بنت جحش استحيضت فأمَرَهَا النبيُ-
عليه السلام-
أن تَنتَظرَ أيامَ أقرائهَا، ثم تغتسلُ وتُصَلَي، فإن رَأت
شيئاً من ذلك تَوضأت
وَصَلَت (1) .
ش- زياد بن أيوب البغدادي، وهشيم بن بشير، وأبو بشر جعفر
بن
إياس الواسطي.
قوله: " أيام أقرائها " أي: أيام حيضها، فإذا خرجت أيام
حيضها
تغتسل وتصلي، فإن رأت بعد ذلك شيئاً توضأت وصلت، ولا
يُنتقضُ
وضؤوها إلا بخروج الوقت عند أبي حنيفة ومحمد، وعند أبي
يوسف
ينتقض بالدخول أيضا، وقال زفر: ينتقض بالدخول والخروج، وهو
مذهب أحمد في أصح الروايتين عنه، وقد عرف في الفروع، وهذا
الحديث مرسل.
ص- قال أبو داود: وهو قولُ مالكِ وربيعةَ.
ش- أي: المذكور من الحكم هو قول مالك وربيعة بن أبي عبد
الرحمن
المدني القرشي. وقال الخطابي: الحديث لا يشهد لما ذهب إليه
ربيعة،
وذلك أن قوله: " فإن رأت شيئاً من ذلك توضأت وصلت " يوجب
عليها
الوضوء ما لم تتيقن زوال تلك العلة وانقطاعها عنها، وذلك
لأنها لا تزال
ترى شيئاً من ذلك أبدا إلا أن تنقطع عنها العلة، وقد يحتمل
أن
يكون قوله: " فإن رأت " بمعنى: فإن علمت شيئاً من ذلك،
ورؤية
الدم لا تدوم أبداً، وقال أهل التفسير في قوله تعالى:
(وَأرِنَا
__________
(1) النسائي: كتاب الحيض، باب: ذكر الاستحاضة وإقبال الدم
وإدباره
(1/181) .
(2/96)
مَنَاسكَنَا) (1) معناه: علمنا، وقول ربيعة شاذ وليس العمل
عليه، وهذا
الحدَيث منقطع، وعكرمة لم يسمع من أم حبيبة بنت جحش. قلت:
كلام الخطابي ليس عن تروّ؛ لأن معنى قوله: " توضأت وصلت "
يوجب عليها الوضوء بعد انقطاع أيام عادتها عند كل وقت،
سواء تيقنت
زوال تلك العلة أو لا، وقوله: " قول ربيعة شاذ " غير صحيح؛
لأن
مذهب ربيعة أنه لا يرى عليها وضوءاَ عند كل صلاة إلا أن
يصيبها حدث
هو عين مذهب أبي حنيفة وأصحابه؛ لأن أبا حنيفة أيضاً لا
يرى عليها
الوضوء عند كل صلاة، وإنما يرى عليها الوضوء عند كل وقت
صلاة،
فإذا خرج الوقت بطل وضوؤها كما ذكرنا.
290- ص- ثنا عبد الملك بن شعيب قال: ثنا عبد الله بن وهب
قال:
حدَّثني الليث، عن ربيعة، أنه كان لا يَرَى على
المُستَحَاضَة وُضوءا عندَ كلِّ
صلاةِ إلا أن يُصِيبَهَا حَدَثٌ غيرُ الدَّم، فَتَوَضأ (2)
.
ش- عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد المصري، أبو عبد
الله
الفهمي. روى عن: أبيه، وعبد الله بن وهب. روى عنه: أبو
حاتم
وقال: صدوق، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وغيرهم. مات سنة
ثمان وأربعين ومائتين.
قوله: " حدث غير الدم " مثل خروج الريح والغائط والبول
ونحوها.
*** |