شرح أبي داود للعيني

126- باب: من رأى التخفيف فيها
أي: هذا باب من رأى التخفيف في القراءة، وفي بعض النسخ: " باب ما جاء فيمن رأى التخفيف ".
790- ص- نا موسى بن إسماعيل، نا حماد، أنا هشام بن عروة، " أن أباه كان يَقْرأ في صَلاة المغرب بنحو ما تَقرَءُونَ، (والعَاديات) ونحوها من السُورِ) (1) .ًً
ش- أن أباه أي: عروة بن الزبير بن العوام، وسورة " العَاديات " مكية عند ابن مسعود، ومدنية عند ابن عباس، وهي أحد عشرَة آيةَ، وأربعون كلمة، ومائة وستون حرفا.
ص- قال أبو داود: هذا يدل على أن ذاك منسوخ.
ش- أي: هذا الذي رواه هشام بن عروة من قراءة أبيه في صلاة المغرب من قصار المفصل، يدل على أن الذي رواه عروة من حديث مروان ابن الحكم منسوخ، لأن الراوي إذا روى شيئاً ثم فعل هو غيره، يدل على انتساخ ذلك الشيء، ودعوى أبي داود النسخ صحيحة، وفي بعض النسخ: " وهذا أصح " بعد قوله: " منسوخ ".
791- ص- نا أحمد بن سعيد السرخسي، نا وهب بن جرير، نا أبي قال: سمعت محمد بن إسحاق، يحدث عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أنه قال: " مَا مِن المُفَضَلِ سورة صَغيرة، ولا كَبِيرة إلا قَدْ (2) سَمعتُ رسولَ الله يَؤم بها الناسَ في الصلاةِ المَكتُوَبةِ" (3) .
ش- أحمد بن سعيد بن صخر بن عُليم بن قيس الدارمي، النيسابوري السرخسي، ولد بسرخس، ونشأ بنيسابور. سمع: النضر بن شميل، وجعفر بن عون، ووهب بن جرير، وغيرهم. روى عنه: البخاري،
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) في سنن أبي داود: توقد ".
(3) تفرد به أبو داود.

(3/478)


ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، وجماعة آخرون، وكان من الحُفاظ
المتقنين الأثبات. توفي بنيسابور سنة ثلاث وخمسين ومائتين (1) .
ووالد وهب هو: جرير بن حازم البصري، ومحمد بن إسحاق بن
يسار صاحب " المغازي ".
قوله: " ما من المفصل " قد ذكرنا أن المفصل هو: السُبع السابع من
القرآن، وهي من " سورة محمد " إلى آخر القراَن، وفي " سنن ابن
ماجه " (2) بسند صحيح: " كان رسول الله يقرأ في المغرب: (قل يا أيها الكافرون) و (قل هوِ الله أحد) ، وعند الطبراني بسند صحيح: " أمهم
في المغرب ب (الذِين كَفَرُوا وَصَموا عَن سَبيلِ الله (3)) "، وخرجه ابن
حبان / في " صحيحه " مثله، وروى أبو بكَر أحَمد بن موسى في " كتابه " [1/276-ب] بسند حسن: " انه- عليه السلام- كان يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة: (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) "، وعن الشعبي:" انه- عليه السلام- قرأ في المغرب: (والتين والزيتون) " ذكره ابن بطال، وذكر ابن حبان: " أنه- عليه السلام- كان يقرأ في صلاة العشاء
الأخيرة ليلة الجمعة: سورة الجمعة، والمنافقين "، وذكر أيضاً:، أنه كان
يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة ب (قل يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) "، وعن بريدة: " كان النبي- عليه السلام- يقرأ في المغرب، والعشاء: (واللَيْلِ إذا يَغْشَى) ، (والضحَى) ، وكان يقرأ في الظهر، والعصر: (سبح اسْمَ ربكَ الأعْلَى) و (هَلْ أتَاكَ) " رواه البزار بسند
صحيح.
وفي " الموطأ " (4) عن الصنابحي، قال: " صليت وراء أبي بكر
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (1 / 39) .
(2) كتاب إقامة الصلاة، باب: القراءة في صلاة المغرب (833) من حديث ابن عمر.
(3) في الأصل: " رسول الله "، والتلاوة كما أثبتناه.
(4) كتاب الصلاة، باب: القراءة في المغرب والعشاء (26) .

(3/479)


الصديق- رضي الله عنه- فقرأ في الركعتين الأوليين من المغرب بأم القرآن وسورة، سورة من قصار المفصل، ثم قام في الركعة الثالثة فسمعته قرأ بأم القًرآن، وهًذه الآية: (ربنا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا) ". وقال ابن الحفار: هذا المقروء في الثالثة كان قنوتا، والله أعلم.
792- ص- نا عبيد الله بن معاذ، نا أبى، أنا قرة، عن النزال بن عمار، عن أبي عثمان النهدي:" أنه صلى خلفَ ابن مسعود المغربَ، فَقرأَ: (قلْ (1) هُوَ الله أَحَد) " (2) .
ش- والدُ عبيد الله: معاذُ بن معاذ بن نصر البصري، وقرة بن خالد البصري، والنزال بن عمار، روى عن: أبي عثمان النهدي، روى له: أبو داود. وأبو عثمان عبد الرحمن بن مل النهدي، وقد ذكر مرة.
***
127- باب: القراءة في الفجر (3)
أي: هذا باب في بيان القراءة في صلاة الفجر.
793- ص- نا إبراهيم بن موسى، أنا عيسى، عن إسماعيل، عن أصبغَ مولى عمرو بن حريث، عن عمرو بن حريث، قال:" كَأني أسمعُ صوت النبي- عليه السلام- يَقرأ في صَلاة الغَداة: (فَلا أقْسمُ بالخنسِ* الجَوَار الكنَّسِ) " (4)
.ًً
ش- عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وإسماعيل بن أبي خالد الكوفي.
__________
(1) في سنن أبي داود:" ب (قل000) ".
(2) تفرد به أبو داود.
(3) جاء هذا الباب في سنن أبي داود بعد الباب الآتي، وهوا باب الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين"
(4) مسلم: كتاب الصلاة، باب: القراءة في الصبح (456) ، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: القراءة في الصبح:" إذا الشمس كورت " (2 / 157) ،
ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: القراءة في صلاة الفجر (817) .

(3/480)


وأصبغ المخزومي القرشي مولى عمرو بن الحارث، روى عنه: إسماعيل المذكور. قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: شيخ. روى له: أبو داود.
قوله: " (فَلا اقْسِمُ بالخُنَّسِ) " أراد به أنه كان يقرأ سورة: (إذا الشمْسُ كُوّرَتْ) وهيَ مكية، وتسع وعشرون آية. زاد أبو جعفر: (فَأينَ تَذهبونَ) ومائة وأربعون كلمة، وخمسمائة وثلاث وثلاثون حرفا، والخنس: النجوم التي تخنس بالنهار فلا ترى، وتكنس بالليل إلى مجاريها، أي: تستتر، كما تكنس الظباء في المغار، وهي الكنائس، ويقال: سميت خنسا لتأخرها، لأنها الكواكب المتحيزة التي ترجع، وتستقيم. وقال الفراء: إنها النجوم الخمسة: زحل، والمشترى، والمريخ، والزهرة، وعطارد. وفي " تفسير السجاوندي ": وقيل: هي الأنجم الخمسة: بهرام، وزحل، وزهرة، وبرجيس، وعطارد، وهو مثل قول الفراء، ولكن الأسماء تختلف لفظا. والحديث أخرجه: ابن ماجه، وأخرجه مسلم من حديث الوليد بن سَرِيع، مولى عمرو بن حريث، عن عمرو بن حريث، بنحوه أتم منه، وعند مسلم (1) أيضاً عن قطبة بن مالك، سمع النبي- عليه السلام- يقرأ في الصبح: (والنخْلَ بَاسقات لَّهَا طَلع نضيدٌ) . وعند ابن حبان: " قرأ النبي- عديه السلام- في صلاَة الصبح: َ (قلْ أعوذُ بِرَبِّ الفَلَقِ) و (قُلْ أعوذُ برَبِّ النَّاسِ) "، وصححه أبو زرعة في " تاريخه الكبير ". وقال الحاكم (2) : صحيح على شرط الشيخين، وفي " الأوسط " (3) : " كان يقرأ في الصبح بياسين "، وفيه أيضاً (4) : " كان يقرأ بالواقعة ونحوها من السور "
__________
(1) كتاب الصلاة، باب: القراءة في الصبح (457 / 166) .
(2) المستدرك (1 / 240) من حديث عقبة بن عمرو.
(3) (4 /3 0 39) من حديث جابر بن سمرة.
(4) (4 / 36 0 4) من حديث جابر بن سمرة بلفظ: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح بالواقعة ... ".
" 3. شرح سنن لأبي داوود3

(3/481)


وفي " علل ابن أبي حاتم " بسند ضعيف: " صلى النبي- عليه السلام-
بالناس في سفر، فقرأ: (قلْ يا أيُّهَا الكافِرُونَ) و (قلْ هُوَ الله أحَدٌ) ،
ثم قال: قرأت لكم ثلث القرآن، وربعه "، وفي " مسند السراج " بسند صحيح، عن البراء: " صلى بنا النبي- عليه السلام- صلاة الصبح، [1/277-أ] فقرأ بأقصر / سورتين في القرآن ". وعن ابن سابط: لا قرأ النبي- عليه السلام- في الفجر في أول ركعة بستين آية، ف" قام، سمع صوت
صبي، فقرأ ثلاث آيات " رواه عن سفيان، عن أبي السوداء النهدي،
عنه. وفي " الأوسط " (1) بسند صحيح، عن أنس، قال: " صلى بنا
رسول الله الفجر بأخصر سورتين من القرآن، وقال: إنما أسرعت لتفرغ
الأم إلى صبيها، وسمع صوت صبي ". وفي " سنن البيهقي " (2) :
" صلى أبو بكر في صلاة الصبح بسورة البقرة في الركعتين كلتيهما ". وقال
الفُرافصة بن عمير: " ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة عثمان إياها في
الصبح من كثرة ما كان يرددها " (3) . وفي " الموطأ " (4) : قال عامر بن
ربيعة: " قرأ عمر في الصبح بسورة الحج، وسورة يوسف قراءة بطيئة ".
وقال أبو هريرة: " لما قدمت المدينة مهاجرا صليت خلف سباع بن عرفطة الصبح، فقرأ في الأولى سورة مريم، وفي الأخرى سورة (ويل للمطففين) ذكره ابن حبان في " صحيحه "، ولم يسم سباعا. وعن
عمرو بن ميمون: " لما طُعن عمرُ- رضي الله عنه- صلى بهم ابنُ عوف
الفجر، فقرأ: (إذَا جَاءَ نَصْر الله) و (الكوثر) . وقال ابن بطال:
ذكر أن عمر قرأ في الصبح بيونس، وبهود، وقرأ عثمان بيوسف، والكهف، وقرأ علي بالأنبياء، وقرأ عبد الله بسورتي، إحديهما بنو إسرائيل، وقرأ معاذ بالنساء، وقرأ عبيدة بالرحمن، وقرأ إبراهيم بياسين،
__________
(1) (8 / 8889) .
(2) السنن الكبرى (2 / 389) بسنده إلى مالك في " الموطأ ": كتاب الصلاة، باب: القراءة في الصبح (35) عن هشام بن عروة، عن أبيه به.
(3) الموطأ رقم (37) .
(4) رقم (36) .

(3/482)


وقرأ عمر بن عبد العزيز بسورتين من طوال المفصل، وفي "كتاب الصلاة " لأبي نعيم، عن الحارث بن فضيل، قال: " أقمت عند ابن شهاب عشراً، فكان يقرأ في صلاة الفجر: (تبارك) و (قل هو الله أحد) ". وقال أبو داود الأودي: " كنت أصلي وراء علي الغداة، فكان يقرأ (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) و (إذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ) ، ونحو ذلك من السور".
***
128- باب: الرجل يعيد سورة واحدة في الركعتين
أي: هذا باب في بيان شأن الرجل الذي يقرأ في صلاته في الركعة الأولى سورة، ثم يقرأها بعينها في الركعة الثانية، وفي غالب النسخ الحديث الذي في هذا الباب بحذاء الحديث الذي في الباب الماضي من غير ذكر باب، ولا فصل، ولكني وجدته في " مختصر السنن " لعبد العظيم، فلذلك ذكرته اتباعا له.
794- ص- نا أحمد بن صالح، أنا ابن وهب، قال: أخبرني عمرو، عن ابن أبي هلال، عن معاذ بن عبد الله الجهني، أن رجلاً من جهينة أخبره: " أنه سَمعَ النبي- عليه السلام- يَقرأ في الصبح (إذَا زُلزِلَت) في الركْعتينِ كِلتَيْهِمَا، فلا أَدرِي، أنسيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أم قَرَأ ذَلك عَمْدا؟ " (1) . ش- ابن وهب: عبد الله بن وهب، وعمرو بن الحارث، وابن أبي هلال هو سعيد بن أبي هلال الليثي المصري.
وبهذا الحديث قال بعض مشايخنا: إنه إذا كرر سورة في ركعتين لا يكره، وقيل: يكره، وفي " الأصل ": إذا قرأ سورة واحدة في ركعتين اختلف المشايخ فيه، والأصح أنه لا يكره، ولكن ينبغي أن لا يفعل، ولو فعل لا بأس به، وكذا لو قرأ وسط السورة، أو آخر سورة أخرى، والأفضل ابن يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب، وسورة كاملة في المكتوبة،
__________
(1) تفرد به أبو داود.

(3/483)


وإن جمع بين السورتين في ركعة واحدة لا ينبغي أن يفعل، ولو فعل لا بأس به.
وذكر في " الخلاصة ": وإن قرأ في ركعة سورة، وفي ركعة أخرى سورة فوق تلك السورة، أو فعل ذلك في ركعة مكروه، وهذه كلها في الفرائض، أما في النوافل لا يكره شيء.
***
129- باب: من ترك القراءة في صلاته (1)
أي: هذا باب في بيان من ترك القراءة في صلاته، وفي بعض النسخ:
" باب ما جاء فيمن ترك القراءة في صلاته "، وفي بعضها: " باب القراءة بفاتحة الكتاب ".
[1/277-ب] 795- ص- نا أبو الوليد الطيالسي، نا همام، عن قتادة، / عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: " أمِرْنَا أنْ نَقْرَأَ بفاتِحَةِ الكِتابِ، وما تَيَسَّرَ " (2) . ش- أبو الوليد: هشام بن عبد الملك الطيالسي، وهمام: ابن يحيى، وأبو نضرة: المنذر بن مالك البصري.
" 2) والحديث رواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع السادس والأربعين من القسم الأول، ولفظه: " أمرنا رسول الله أن نقرأ بفاتحة الكتاب، وما تيسر "، ورواه أحمد، وأبو يعلى الموصلي في "مسنديهما " وراه البزار في " سننه "، وقال: لا نعلم رواه عن قتادة، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد إلا همام في الصلاة. وقال الدارقطني في " علله ": هذا يرويه قتادة، وأبو سفيان السعدي، عن أبي نضرة مرفوعا، ووقفه أبو مسلمة، عن أبي نضرة، هكذا قال أصحاب شعبة عنه، ورواه ربيعة، عن عثمان، عن عمر، عن شعبة، عن أبي سلمة مرفوعا، ولا يصح رفعه عن شعبة ".
__________
(1) في سنن أبي داود: " باب من ترك القراءة في صلاته بفاتحة الكتاب ". (2) تفرد به أبو داود.
(3) انظر: نصب الراية (1 / 364) .

(3/484)


ويستفاد من هذا الحديث مسألتان، الأولى: وجوب قراءة الفاتحة، لأن مطلق الأمر للوجوب، ومن أثبت الفرضية فقد زاد على مطلق النص، وهو قوله تعالى: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسرَ مِنَ القُرآنِ) (1) بخبر الواحد، وذا لا يجوز، لأنه نسخ.
الثانية: وجوب ضم شيء من القرآن إلى الفاتحة، لقوله: " وما تيسر " وهو يطلق على سورة، أي سورة كانت، وعلى آية، أي آية كانت طويلة، أو قصيرة.
796- ص- نا إبراهيم بن موسى، أنا عيسى، عن جعفر بن ميمون البصري، نا أبو عثمان النهدي، قال: حدَثني أبو هريرة، قال: قال (2) رسول الله- عليه السلام-: " اخْرجُ فناد في المدينة: إنه لا صَلاةَ إلا بقرآن ولو بفاتِحَةِ الكِتَابِ، فما زَادَ " (3)
.ً
ش- عيسى بن يونس.
وجعفر بن ميمون الأنماطي، بياع الأنماط أبو علي، ويقال: أبو العوام البصري. سمع: أبا عثمان النهدي، وأبا تميمة الهجيمي، وخليفة بن كعب. روى عنه: الثوري، ويحيى بن سعيد، وعيسى بن يونس، وغيرهم. قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: سئل أبي عنه؟ فقال: ليس بالقوي في الحديث. وقال ابن معين: ليس بذاك. وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، ويكتب حديثه في الضعفاء. وقال النسائي: ليس بثقة. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (4) .
وأبو عثمان عبد الرحمن بن مل النهدي.
ْ" (5) والحديث رواه الطبراني في" معجمه الوسط " (6) من حديث
__________
(1) سورة المزمل: (20) .
(2) في سنن أبي داود: " قال لي ".
(3) تفرد به أبو داود.
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (5 / 959) .
(5) انظر: نصب الراية (1 / 367) .
(6) (9 / 9415) .

(3/485)


إبراهيم بن طهمان، عن الحجاج بن أرطاة، عن عبد الكريم، عن أبي عثمان، عن أبي هريرة، قال: " أمرني رسول الله أن أنادي في أهل المدينة: أن لا صلاة إلا بقراءة، ولو بفاتحة الكتاب ". انتهى. وقال: لم يروه عن الحجاج بن أرطاة إلا ابن طهمان.
طريق آخر أخرجه أبو محمد الحارثي في " مسنده "، وابن عدي، عن أحمد بن عبد الله بن محمد الكوفي، المعروف باللجلاج، ثنا نعيم بن حماد، ثنا ابن المبارك، أنا أبو حنيفة، عن عطاء بن أبي رباح، عن أبي هريرة، قال:
" نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا صلاة إلا بقراءة، ولو بفاتحة الكتاب "
وحديث آخر أخرجه أيضاً عن اللجلاج: ثنا إبراهيم بن الجراح الكوفي، ثنا أبو يوسف، عن أبي حنيفة، عن أبي سفيان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي- عليه السلام- أنه قال: "لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب، أو غيرها ". انتهى. وكلاهما ضعيف باللجلاج. قال ابن عدي: حدث بمناكير لأبي حنيفة، وهي بواطيل. وذكر النووي في لا الخلاصة، هذين الحديثين، وضعفهما. وعند أبي محمد ابن الجارود في " المنتقى "، عن أبي هريرة، قال: " أمرني رسول الله أن أنادي أنه لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب، فما زاد ".
وقال البزار في كتاب " السنن ": هذا إسناد مستقيم، ولفظه: " أمر مناديا فنادى "، وفي كتاب " الصلاة " لأبي الحسن أحمد بن محمد الخفاف: " لا صلاة إلا بقراءة، ولو بفاتحة الكتاب، فما زاد ". وفي " الصلاة " للفريابي: " أنادي بالمدينة: أن لا صلاة إلا بقراءة أو بفاتحة الكتاب، فما زاد "، وفي لفظ: " فناديت أن لا صلاة إلا بقراءة فاتحة الكتاب،، وعند البيهقي (1) : " الا بقراءة فاتحة الكتاب، فما زاد"،
__________
(1) السنن الكبرى (2 / 37) .
-

(3/486)


وفي " الأوسط " (1) : " في كل صلاة قراءة، ولو بفاتحة الكتاب ".
/ وهذه الأحاديث كلها لا تدل على فرضية قراءة الفاتحة بل غالبها ينفي [1/278-أ] الفرضية، فا فهم.
797- ص- نا ابن بشار، نا يحيى، نا جعفر، عن أبي عثمان، عن
أبي هريرة قال: " أمرني النبيُّ- عليه السلام- أن أنَادي: إنه لا صَلاةَ إلا
بِقِراءَةِ فَاتحةِ الكِتابِ، فما زادَ " (2) .
ش- ابن بشار هو: محمد بن بشار، ويحيى القطان، وجعفر بن
ميمون، وأبو عثمان: عبد الرحمن النهدي.
قوله: " إنه " أي: الشأن، وقد ذكرنا أن هذا الحديث قد روي: " لا
صلاة إلا بقراءة، أو بفاتحة الكتاب؟ فما زاد "، فإن دلت إحدى
الروايتين على عدم جواز الصلاة إلا بالفاتحة، دلت الأخرى على جوازها
بلا فاتحة، فنعمل بالحديثين، ولا نهمل أحدهما، بأن نقول بفرضية مطلق القراءة، وبوجوب قراءة الفاتحة، وهذا هو العدل في باب إعمال
الأخبار، وأيضا في هذا الحديث أمران، أحدهما: أن جعفرا هذا هو ابن
ميمون فيه كلام- كما ذكرناه- حتى صرح النسائي أنه ليس بثقة.
والثاني: أنه يقتضي فرضية ما زاد على الفاتحة، لأن معنى قوله: فما
زاد " الذي زاد على الفاتحة، أو بقراءة الزيادة على الفاتحة، وليس ذاك
مذهب الشافعي.
798- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن، أنه
سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة، يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال
رسول الله: " مَن صَلَّى صَلاة دم يقرأ فيها بأمّ القُراَن فهي خدَاج، فهي
خداج، فهي خداج، غيرُ تمامِ، قال: فقدتُ: يا أبا هريرَةَ، إني كَونُ أحيانا
وَرَاءَ الإمام؟ قَال: فَغَمَزَ ذراعيِ، وقال: اقرأ بها في نفسِكَ نا فارسي (3) ،
__________
(1) (2 / 6 0 13) من حديث أبي سعيد، و (8 / 66 80) من حديث أبي هريرة.
(2) انظر التخريج المتقدم.
(3) في سنن أبي داود: " يا فارسي في نفسك ".

(3/487)


فإنيِ سمعتُ رسولَ الله يقولُ: قال الله- عَزَّ وجل-: قَسمتُ الصلاةَ بيني وبن عبدي نصفينِ، فنَصفُها لي، ونصفُها لعبدي، ولعبدي ما سألَ، قال رسولُ الله: اقرءُوا، يقولُ العبدُ: (الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمَينَ) يقولُ الله: حَمِدنَي عَبدي، يقولُ: (الرحمن الرحيم) يقولُ الله: أَثنَى علي عبدي، يقولَ العبدَُ: (مالكِ يوم الدينِ) يقولُ الله: مَجَّدَنِي عبدي، فهذه اَلآيةُ بيني (1) وبن عبدي، ولعبدي ما سألَ، يقولُ العبدُ: (اهدنا الصِّرَاطَ المستقيم * صرَاَطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهمْ غَيْر المَغْضُوب عًلَيْهمْ وَلا الضَّالِّينَ) فهؤلاءِ (2) لعبدي، ولعبدي ما سَألَ" (3) .
ش- أبو السائب لا يعرف اسمه، وهو مدني فارسي، كان جليسا لأبي هريرة، وفي " الكمال ": أبو السائب الأنصاري المدني مولى هشام ابن زهرة، ويقال: مولى عبد الله بن هشام بن زهرة، ويقال: مولى بني زهرة. روى عن: أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، والمغيرة بن شعبة. روى عنه: صيفي مولى أفلح، وشريك بن عبد الله، والعلاء ابن عبد الرحمن، وبكير بن عبد الله بن الأشج، وغيرهم. روى له الجماعة إلا البخاري. وقال الشيخ محيى الدين في " شرح مسلم " (4) : وهو ثقة (5) .
قوله: " بأم القرآن " أم القرآن اسم للفاتحة، سميت به لأنها فاتحته،
__________
(1) في سنن أبي داود: (هذه بيني 100) .
(2) في سنن أبي داود: " يقول الله: فهؤلاء".
(3) مسلم: كتاب الصلاة، باب: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها (395) ، الترمذي: كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة فاتحة الكتاب (2953) ، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: ترك قراءة بسم الله الرحمن الرحيم (2 / 135) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: القراءة خلف الإمام (838) .
ْ (5) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (33 / 0 738) .

(3/488)


كما سميت مكة أم القرى لأنها أصلها، أو سميت به لأنها علامته، قال
الشاعر:
على رأسه أم لنا يقتدى بها ... جماعُ أمور لا تعاصِي له أمراً
وقيل: لأنها مقدمه، والأم العمر الماضي لتقدمه، قال الشاعر:
إذا كانت الخمسون أمك لم يكن ... لدائك إلا أن تموت طبيب
وقيل: لتمامها في الفصل، ومن أسمائها: السبع المثاني، والوافية،
والكافية، والأساس، والشافية، والكنز، والصلاة، وسورة تعليم
المسألة، وسورة الواقية، وسورة الحمد، والشكر، والدعاء، والفاتحة،
وأول القرآن، وهي مكية، وقيل: مكية ومدنية، لأنها نزلت بمكة مرة،
وبالمدينة أخرى، وهي سبع آيات بالاتفاق، إلا أن منهم من عد (أنعمتَ عَليهم) دون التسمية، ومنهم من مذهبه على العكس، وسبع وعشرون
كلمة، ومائة واثنان وأربعون حرفا.
قوله:" فهي خداج " بكسر الخاء: النقصان، يقال: خدجت الناقة،
إذا ألقت ولدها قبل أوان النتاج، وإن كان تام الخلق، وأخدجته إذا ولدته
ناقصا، وإن كان لتمام الولادة، ومنه قيل لذي الثُّدَية: مخدج اليد أي: ناقصها، ومعنى قوله:" فهي خداج " أي: ذاتَ خداج، أو يكون
وصفها بالمصدر مبالغة.
قوله: " غير تمام " تفسير لقوله: " خداج ".
/ قوله: " اقرأ بها في نفسك " قال محيى الدين: " ومما يؤيد وجوب [1/278-ب] قراءة الفاتحة على المأموم قول أبي هريرة هذا، ومعناه: اقرأها سرا بحيث
تسمع نفسك".
قلت: هذا لا يدل على الوجوب، لأن المأموم مأمور بالإنصات،
لقوله تعالى: (وأنصِتُوا) والإنصات: الإصغاء، والقراءة سرا بحيث
__________
(1) . شرح صحيح مسلم (4 / 103) .
32. شرح سنن أبي داوود 3

(3/489)


يسمع (1) نفسه يخل بالإنصات فح (2) يحمل هذا على أن المراد تدبر ذلك وتذكره، ولئن سلمنا القراءة حقيقة، فلا يدل ذلك على الوجوب، على أن بعض أصحابنا استحسنوا ذلك على سبيل الاحتياط في جميع الصلوات، ومنهم من استحسنها في غير الجهرية، ومنهم من رأى ذلك إذا كان الإمام لحانا.
قوله: " يا فارسي " خطاب لأبي السائب.
قوله: " قسمت الصلاة " المراد بها الفاتحة، وقد ذكرنا أن من جملة أسماء الفاتحة الصلاة، سميت بها، لأنها تقرأ دائما في سائر الصلوات. وقال الشيخ محيي الدين (3) : " ففيه دليل على وجوبها بعينها في الصلاة، سميت بذلك لأنها لا تصح الصلاة إلا بها، كقوله- عليه السلام-: " الحج عرفة ".
قلت: لا نسلم ابن يلزم من تسميتها صلاة وجوبها بعينها، لأن تسميتها بذلك باعتبار أنها تقرأ في سائر الصلوات، لا باعتبار أنها فرض بعينها، ولا يلزم من قراءتها في سائر الصلوات فرضيتها، كالتسميع والتحميد، ونحوهما، فإن صلاة لا تخ (4) عن شيء من ذلك، وليس ذاك بفرض، وقياسه على قوله: " الحج عرفة" ليس بصحيح، لأن معنى هذا الكلام معظم أركان الحج الوقوف بعرفة، وليست العرفة بعينها عبارة عن الحج، لأن العرفة لا تخ (4) إما أن تكون اسمه لليوم المعهود، أو للموضع المعهود، وكل منهما ليس بحج ولا داخل في أركان الحج فافهم، ثم معنى قوله: " قسمت" قسمتها من جهة المعنى، لأن نصفها الأول: تحميد الله تعالى وتمجيده، وثناء عليه، وتفويض إليه، والنصف الثاني: سؤال، وتضرع، وافتقار، وهذا من جملة ما احتج به أصحابنا على أن البسملة ليست من الفاتحة، لأنها سبع آيات بالإجماع، فثلاث في أولها
__________
(1) في الأصل: " تسمع ".
(2) أي: " فحينئذ ".
(3) شرح صحيح مسلم (4/ 103) .
(4) كذا، ولعلها بمعنى: " لا تخرج ".

(3/490)


ثناء، أولها: (الحمد) وثلاث دعاء، أولها: (اهدنا الصراط) ، والسابعة متوسطة، وهي: (إياكَ نعبدُ وإياكَ نستعين) ولأنه قال: يقول: (الحمد لله رب العالمين) فلم يذكر البسملة، ولو كانت منها لذكرها، وقد مر الكلام في هذا الباب مستوفى.
قوله: " مجدني عبدي " أي: عظمني.
قوله: " فهؤلاء لعبدي " فيه دليل على أن (اهدنا) وما بعده إلى آخر السورة ثلاث آيات، لا آيتان، لأن لفظة " هؤلاء " إشارة إلى الجمع، فإذا كان هذا ثلاث آيات فلا خلاف أن من قوله: (الحمد لله) إلى (نستعين) أربع آيات، فصارت الجملة سبع آيات، ولا خلاف في ذلك، فلم تكن البسملة منها، وفي رواية مسلم: " فهذا لعبدي "، وهو إشارة إلى المذكور في " اهدنا " إلى آخره. ذكر الضمير باعتبار المذكور، والمذكور ثلاث آيات.
والحديث أخرجه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وذكر ابن عدي بسند ضعيف: " كل صلاة لا يقرأ [فيها] ، بفاتحة الكتاب وآيتين فهي خداج " (1) .
وفي سنن (2) الطبراني: " كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي مخدجة مخدجة مخدجة ".
وعند الدارقطني مضعفاً من رواية محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن عمرو: " من صلى صلاة مكتوبة أو تطوعاً فليقرأ فيها بأم الكتاب وسورة معها، فإن انتهى إلى أم الكتاب فقد أجزأه، ومن صلى صلاة مع إمام يجهر فليقرأ بفاتحة الكتاب في بعض سكتاته، فإن لم يفعل فصلاته خداج غير تمام " (3) .
__________
(1) الكامل (5 / 50، ترجمة شبيب بن شيبة) من حديث عائشة.
(2) كذا.
(3) سنن الدارقطني (1 / 321) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه، عن جده، وقال الدارقطني: " محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ضعيف "

(3/491)


وروى ابن عدي (1) بإسناده إلى ابن عمر قال: قال رسول الله- عليه السلام-: " لا تجزئ المكتوبة إلا بفاتحة الكتاب وثلاث آيات فصاعداً "، وقال: هذا حديث غير محفوظ.
وهذه الأحاديث كلها لا تدل على فرضية الفاتحة، لأنه فسر في الحديث بقوله: " غير تمام "، وهذا يدل على أن الصلاة بدونها صحيحة، ولكنها ناقصة، لأن معنى قوله: " غير تمام " ناقصة، ونحن نقول أيضاً: إذا ترك الفاتحة تكون صلاته ناقصة.
[1/279-أ] / 799- ص- نا قتيبة بن سعيد، وابن السرح، قالا: نا سفيان، عن الزهري، عن محمود بن الربيع، عند عبادة بن الصامت، يبلغ به النبي " عليه السلام- قال: " لا صَلاةَ لمن لمْ يقْرَأ بفاتحَة الكتَابِ فَصَاعِداً " (2) . قال سفيان: لمن يُصَلي وحده. ً
ش- محمود بن الربيع بن سراقة بن " عمرو بن، زيد بن عبدة بن عامر ابن عدي بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الخزرجي الأنصاري، يُكنى: أبا نعيم، ويقال: أبو محمد، عقل عن النبي- عليه السلام- مَجة مَجهَا في وجههِ من دلوٍ، من بئر في دارِهم، وهو ابن خمس " سنين، وهو ختن عبادة بن الصامت، نزل بيت المقدس. روى عن: النبي- عليه السلام-، وعن عتبان بن مالك، وعبادة بن الصامت، وغيرهم. روى عنه: أنس بن ماَلك، وابنه أبو بكر بن أنس،
__________
(1) الكامل (6/55، ترجمة عمر بن يزيد) .
(2) البخاري: كتاب الأذان، باب: وجوب القراءة للإمام والمأموم في الصلوات كلها في الحضر والسفر وما يجهر، فيها وما يخافت (756) ، مسلم: كتاب الصلاة، باب: وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة
ولا أمكنه تعلمها قرأ ما تيسر له من غيرها (34/394) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء أنه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب (247) ، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: إيجاب قراءة فاتحة الكتاب في الصلاة (2 / 135، 136) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: القراءة خلف الإمام (837) .

(3/492)


ورجاء بن حيوة، والزهري، ومكحول، مات سنة تسع وتسعين، وهو ابن ثلاث وتسعين. روى له الجماعة (1) .
والحديث أخرجه: الأئمة الستة، وليس في حديث بعضهم: "فصاعدا ". " (2) ورواه الدارقطني (3) بلفظ: " لا تُجزئ صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب "، وقال: إسناده صحيح. وصححه ابن القطان أيضاً. وقال صاحب " التنقيح ": انفرد زياد بن أيوب بلفظ: " لا تجزئ " ورواه جماعة: " لا صلاة لمن لم يقرأ " وهو الصحيح، قال: وكأنَّ زياداً رواه بالمعنى. انتهى. والحديث في " صحيح ابن حِبَّان " بهذا اللفظ، بغير هذا الإسناد، قال ابن حبَّان: أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة، ثني محمد بن يحيى الذهلي، هنا وهب بن جرير، ثنا شعبة، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب، قلت: وإن كنتُ خلف الإمام قال: فأخذني بيدي، وقال: اقرأ في نفسك ". قال ابن حبان: لم يقل في خبر العلاء هذا: " لا تجزئ صلاة " إلا شعبة، ولا عنه إلا وهب بن جرير. انتهى. ورواه ابن خزيمة في " صحيحه " كما تر " (4) .
واستدل الشافعي، ومن تبعه بهذا الحديث على فرضية الفاتحة في الصلاة، ولأنه- عليه السلام- واظب عليها في كل صلاة، فيدل على الفرضية، ولنا قوله تعالى: (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسرَ منَ القُرآن " أمر بمطلق القراءة من غير تعيينٍ، فتعيين الفاتحة فرضاً نَسْخ الإطلاق، والنسخ بالخبر المتواتر لا يجوز عند الشافعي، فكيف يجوز بخبر الواحد؟ " فقلنا: الحديث في حق الوجوب عملاً حتى تكون الصلاة ناقصة بتركها،
__________
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (3 /421) ، وأسد الغابة (5 /116) ، والإصابة (3 / 386) .
(2) انظر: نصب الراية (1 / 365- 366) . (3) سنن الدارقطني (1 / 318) . (4) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية. (5) سورة المزمل: (20) .

(3/493)


ومواظبته- عليه السلام- لا تدل على الفرضية، فإنه كان يواظب على
سائر الواجبات. وقال الشيخ محي الدين (1) : ودليل الجمهور قوله-
عليه السلام-: " لا صلاة إلا بأم القرآن "، فإن قالوا: المراد: لا
صلاة كاملة، قلنا: هذا خلاف ظاهر اللفظ. ومما يؤيده حديث أبي
هريرة، قال: قال رسول الله: " لا تجزىْ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة
الكتاب " رواه أبو بكر بن خزيمة في " صحيحه " بإسناد صحيح، وأما حديث: " اقرأ ما تيسر ... ، محمول على الفاتحة فإنها مُتَيسرة، أو
على ما زاد على الفاتحة بعدها، أو على من عجز عن الفاتحة.
قلت: كل هذا فيه نظر، فقوله: (هذا خلاف ظاهر اللفظ،،
يعارضه قوله: " وأما حديث: " اقرأ ما تيسر " فمحمول على الفاتحة،
لأن هذا أيضاً خلاف ظاهر اللفظ؟ لأن " ما تيسر " وقع مفعولا لقوله:
لا اقرأ،، وهو عام يتناول قراءة الفاتحة، وغيرها، فقوله: " محمول على الفاتحة تخصيص بلا مخصص، وهو باطل، فليت شعري، كيف
جوزوا الحمل هاهنا على خلاف ظاهر اللفظ، ولم يُجَوزوا في قوله:
"لا صلاة إلا بأم القرآن "؟.
وقوله: " أو على ما زاد على الفاتحة بعدها غير صحيح أيضاً، لأنه
لا يمشي على مقتضى مذهبهم، لأن قراءة ما زاد على الفاتحة، غير فرض عندهم.
وأما دعواه التأييد بحديث ابن خزيمة لا تُفيدهم، لأن هذا ليس له من
القوة ما يُعارِض ما أخرجه الأئمة الستة، على أن ابن حبان قد ذكر أنه لم
يقل في خبر العلاء: " لا تجزىْ صلاة ... " إلا شعبة، ولا عنه إلا
وهب كما ذكرناه، وأيضا فلفظ: (فصاعداً " في حديث عبادة يشير
بفرضية قراءة ما زاد على الفاتحة، على مقتضى دعواهم، والحال أن هذا
[1/279- ب] ، ليس مذهبهم، فظهر من هذا التقرير أن الذي يفهم من / الأحاديث
__________
(1) شرح صحيح مسلم (4/102) .

(3/494)


الواردة في هذا الباب وجوب الفاتحة ليس إلا، والفرضية لا تثبت بمثل هذا، على أنه قد رُوي عن جماعة من الصحابة وغيرهم سُنَّيةُ مطلق القراءة في الصلوات، " ذكرنا من حديث عمر وغيره في " باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر ".
قوله: " فصاعدا " نصبْ على الحال، والمعنى: لا صلاة كاملةً لمن لم
يقرأ بفاتحة الكتاب، فزاد القراءة صاعدا على الفاتحة، كما نقول: أخذت هذا بدرهم فصاعدا، أي: فزاد الثمنَ صاعدا على الدرهم، ولكن تذكير " صاعدا باعتبار المذكور، وإلا فالقياس يقتضي أن يقال: فصاعدةً أو نقول: فصاعدا في مثل هذا الموضع مثل الاسم الجامد، فاستوى فيه التذكير والتأنيث، والفاء فيه زائدة لازمة. وقال البخاري في كتاب
" القراءة خلف الإمام ": وقال معمر عن الزهري:" فصاعدا "، وعامة الثقات لم يتابع معمرا في قوله: " فصاعدا ".
قلت: هذا سفيان قد تابع معمرا في هذه اللفظة، وكذلك تابعه فيها صالح والأوزاعي، وعبد الرحمن بن إسحاق، وغيرهم، كلهم عن
" الزهري.
قوله: " قال سفيان: لمن يُصَلى وحده " المراد به سفيان بن عيينة، يعني:
عدم جوار الصلاة لعدم قراءة فاتحة الكتاب في حق من يصلي وحده، وأما المقتدي فإن قراءة إمامه قراءة له، وكذا قال الإسماعيلي إذا كان وحده. فعلى هذا يكون الحديث مخصوصا في حق المنفرد، فلم يبق للشافعية بعد هذا دعوى العموم.
800- ص- نا عبد الله بن محمد النفيلي، نا محمد بن كلمة، عن محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت قال: كنا خَلفَ النبيذ- علي السلة "- في صلاة الفَجْرِ، فَقرأَ رسولُ الله فَثَقُلَتْ علي القِراءة فلما فَرِغَ قال: " لَعَلكُم تًقْرَءُونَ خَلفَ

(3/495)


إِمَامكُمْ "؟ " قلنا: نعم، هَذا نا رسولَ الله، قال:، لا تَفْعَلُوا إلا بفَاتحةِ الكِتاَبِ، فإنه لا صَلاةَ لمن لم يَقْرَأ بِهَا " (1) .
ش- محمد بن سلمة الباهِلي الحراني، ومحمد بن إسحاق بن يَسَار، ومكحول بن زبر الشامي.
والحديث أخرجه الترمذي عن هَنَاد، عن عبدة، عن ابن إسحاق،
إلى آخره، وقال: حديث حسن. وفي كتاب الدارقطني (2) : " لا تقرأ بشيءِ من القرآن إذا جهر إلا بأم القرآن "، وفي المصنَف (3) : نا ابن نمير، نا محمد بن إسحاق، عن مكحول، عن محمود بن الربيع، عن عبادة ابن الصامت، قال: صلى بنا رسول الله- عليه السلام- صلاة العشاء، فثقلت علي القراءة "، فانصرف قال: " لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قال: قلنا: أجل يا رسول الله إنا لنفعل، قال: فلا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة إلا بها.
قوله: " هَذا " الهَذ: الزرعة، أراد: نَهُذ القرآن هَذا، فنُسْرِعُ فيه من
غير تَفكُرِ، ولا ترتيلِ، كما في قراءة الشعر، ونصبه على المصدر، وقيل: أراد بالهذ الجهرَ بالقراءة، وكانوا يُلبسُون عليه- عليه السلام- قراءته بالجهر.
قوله: " لا تفعلوا " يحتمل أن يكون أراد بالنهي ما راد من القراءة على الفاتحة، ويحتمل أن يكون نهاهم عن الْهَذ، كذا قاله الخطابي، بناءَ على مذهبه، وسنجيب عنه إن شاء الله تعالى، ولنا أحاديث تدل على أن
__________
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء أنه لا صلاة إلا " بفاتحة الكتاب (247) .
(2) (1 / 319) وفيه: أفلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرتُ إلا بأم القرآن" (3) (1 / 373- 374) .

(3/496)


المقتدي لا يقرأ خلف الإمام، " (1) منها ما أخرجه ابن ماجه في" سننه " (2) عن جابر الجُعْفِي، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله: " من كان له إمام، فإن قراءة الإمام له قراءة ".
والحديث، وإن كان معلولا بجابر الجُعْفي، ولكن له طرق أخرى وهي وإن كانت مدخولة، ولكن يَشُدّ بعضها بعضا، منها ما رواه محمد بن الحسن في " موطئه " (3) : أخبرنا الإمام أبو حنيفة، ثنا أبو الحسن موسى ابن أبي عائشة، عن عبد الله بن شَدَاد، عن جابر، عن النبي- عليه السلام-، قال: " من صَلَّى خلف الإمام، فإن قراءة الإمام له قراءة" ورواه الدارقُطْني في " سننه " (4) ، وأخرجه هو، ثم البيهقي (ْ) ، عن أبي حنيفة مقرونا بالحسن بن عمارة، وعن الحسن بن عمارة وحده بالإسناد المذكور. قال الدارقطني: وهذا الحديث لم يسنده عن جابر بن عبد الله، غيرُ أبي حنيفة، والحسنُ بن عمارة، وهما ضعيفان، وقد رواه سفيان الثوري، وأبو " الأحوص، وشعبة، وإسرائيل، وشريك، وأبو خالد الدالاني، وسفيان بن عيينة، / 1 [وجرير] ، بن عبد الحميد، وغيرهم، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن شداد، عن النبي مرسلاً، وهو الصواب (6) .
قلتُ: قد ظهر لك تحامل الدارقطني على أبي حنيفة، وتعصُبُهُ الفاسد، فمن أين للدارقطني تضعيف مثل أبي حنيفة؟ والحال أنه بهذا يستحق التضعيف، ثم هو يُضَعف حديث أبي حنيفة، وقد روى هو في " سننه" أحاديث سقيمة معلولة، وأحاديث غريبة منكرة، وأحاديث موضوعا، وكيف يُضَعفُهُ، وقد قال يحيى بن معين حين سئل عنه: ثقةٌ،
__________
(1) انظر: نصب الراية (2 / 7- 9) .
(2) كتاب " إقامة الصلاة، باب: إذا قرأ الإمام فأنصتوا (850) ، ووقع في سنده اختلاف انظره في " الإرواء " (2 / 268) .
(3) كتاب الصلاة، باب: القراءة في الصلاة خلف الإمام " رقم 117".
(4) (1 / 323: 325) . (5) السنن الكبرى (2 / 59 1) .
(6) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية.

(3/497)


ما سمعت أحداً ضَعَّفَهُ. هذا شعبة بن الحجاج يكتب إليه أن يُحَدث، ويأمرُه، وشعبةُ شعبةُ (1) ذكره الحافظ أحمد بن الحسن، عن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الدورقي. وقال ابن كثير في " تاريخه ": قال يحيى بن معين: كان أبو حنيفة ثقةً، وكان من أهل الصدق، ولم يتهم بالكذب، ولقد ضربه ابن هبيرة على القضاء فأبى أن يكون قاضيا، وسئل يحيى بن معين: هل حدَّث سفيان عن أبي حنيفة؟ قال: نعم، كان أبو حنيفة ثقة صدوقا في الحديث والفقه، مأمونا على دين الله تعالى، وأثنى علي ابن المبارك، وأبو مطيع الحكم بن عبد الله، وسفيان بن عيينة، وحمَّادُ ابن أبي سليمان، ومسعر بن كدام، وأيوب السختياني، والأعمش، ويقال: إنه خرج إلىَ الحج، فلما صار بالحيرة، قال لعلي بن مسهر: اذهب إلى أبي حنيفة حتى يكتب لنا المناسك، وأثنى علي شعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، والحسن بن صالح، وعبد الرزاق، وسعيدُ ابن أبي عروبة، وحمَّاد بن زيد، وابن جرير، وشريك القاضي، وابن شُبْرُمَة، ووكيع، وكان يفتي برأي أبي حنيفة، ويحيى بن سعيد القطان، والإمام الشافعي، والإمام مالك، والإمام أحمد، وخالد الواسطي، وعيسى بن يونس، وأبو عاصم النبيل، وعبد الله بن داود، وأبو نعيم الفضل بن دكن، وعبد العزيز بن أبي رواد، وعبد العزيز الماجشون، وأبو معاوية، وابن أبي ليلى وياسين بن الزيات، وابن السماك، ويحيى بن اليمان، وقيس بن الربيع، وخلف بن أيوب، ويحيى بن آدم، ويوسف بن خالد السَّمْتي، والنضر بن شميل، ويحيى بن كثم، ومقاتل ابن حَيَّان، ومقاتل بن سليمان، ومكي بن إبراهيم، وجماعة آخرون كثيرة، وروى عنه: ابن المبارك، ووكيع، ويزيد بن هارون، وعليه بن عاصم، والقاضي أبو يوسف، ومحمد بن الحسن الشيباني، وعبد الرزاق، وأبو نعيم، وهشيم، وجعفر الصادق، وسفيان الثوري، وشعبةُ، وعبد الكريم الجاري، إمام أهل الجزيرة، وكان يفتي بقوله،
__________
(1) كذا بالتكرار.

(3/498)


والأحوص بن حكيم، والحكم بن هشام، ومعمر بن راشد، وشريك النخعي، والمغيرة بن موسى، ومقاتل بن حيان، وجماعة آخرون،
ذكرتهم في " تاريخي "، مقدار سبعمائة وثلاثين رجلاً، من العلماء الأجلاء، والثقات الأثبات، وأما عُدَّة مشائخه الذين روى عنهم تبلغ
أربعَة آلاف نفس، ف " ذا كان الرجل بهذه المثابة، كيف لا يستحيي الدارقطني، وأمثاله، مثل البخاري، وابن الجوزي، والبيهقي، حتى
يحطون على مثل هذا الإمام، ويتكلمون في عِرْضِهِ، لأجل حظ الأنفس،
وارتكاب الهَوى الباطل، ولقد صدق الشاعر في قوله:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا شأوَه والقوم أعداء له وخصوم
وفي المثل السائر: البحر لا يكدره وقع الذباب، ولا ينجسه ولوغ
الكلاب.
وأما محمد بن الحسن فإنه أخذ العلم عن أبي حنيفة، وأبي يوسف،
وسمع منهما (1) ، وكذلك سمع من مِسْعر، والثوري، ومالك، والأوزاعي، وغيرهم، وأثنى عليه غير واحد من أهل العلم، وأكثرهم
ثناء الشافعي، وكتب عنه الشافعي ببغداد، وبالغ الشافعي في الثناء علي.
وقال محمد: ترك لي أبي ثلاثين ألف درهم، فأنفقت خمسة عشرة ألفا
على النحو، والشعر، وخمسة عشر ألفا على الحديث والفقه، وقال:
أقمت على باب مالك ثلاث سنين وكسْرا.
وأما موسى بن أبي عائشة أبو الحسن الكوفي، فإنه من الثقات
الأثبات. روى عنه: أبو حنيفة، والثوري، وغيرهما. وقال ابن عيينة:
كان من الثقات. وقال ابن معين: ثقة. وروى له الجماعة.
/ وإما عبد الله بن شَدَاد فهو من كبار التابعين، وثقاتهم، كما ذكرناه [1/280-ب] في ترجمته، فإذا كان الأمر كذلك، يكون ما رواه محمد بن الحسن في
" موطئه " عن أبي حنيفة، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن
__________
(1) غير واضحة في الأصل.

(3/499)


شَدَاد، عن جابر- رضي الله عنه- حديثا صحيحا، بإسنادِ صحيح، مسلسلٍ بسلسلة الذهَب، فبطل بهذا قول الدارقطني، ومن تبعه.
ومنها: ما رواه الدارقطني في " سننه "، والطبراني في " معجمه الوسط، (1) ، عن سهل بن عباس المروزي، ثنا إسماعيل ابن عُلَية، عن أيوب، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله: " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ". قال الدارقطني: هذا حديث منكر، وسهل بن عباس متروك، وليس بثقةٍ. وقال الطبراني: لم يرفعه أحد عن ابن عُلَية إلا سهل بن عباس، ورواه غيره (2) موقوفا.
ومنها: ما رواه أحمد، في " مسنده " (3) عن جابر بن عبد الله، " عن النبي- عليه السلام: " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة ". وفي " المصنف ": ثنا مالك بن إسماعيل، عن حسن بن صالح، عن أبي الزبير، عن جابر، عن النبي- عليه السلام- قال: " كل من كان له إمام فقراءته له قراءة هذا سند صحيح، وكذا رواه أبو نعيم، عن الحسن بن صالح عن أبي الزبير، ولم يذكر جابرا، كذا في أطراف المزي ".
ومنها: ما رواه الدارقطني في " سننه " (4) ، عن محمد بن الفضل بن عطية، عن أبيه، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بق عمر، عن النبي- عليه السلام-، قال:" من كان له إمام فقراءته له قراءة، قال الدارقطني: محمد بن الفضل متروك، ثم أخرجه عن حارثة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا، أنه قال في القراءة خلف الإمام: يكفيك قراءة الإمام، قال: وهو الصواب.
__________
(1) (8 / 7903) بلفظ:" من صلى خلف إمام فإن قراءة الإمام له قراءة ". (2) في الأصل:" غير، خطأ. (3) (3 / 339) .
(4) (1 / 325- 326) .

(3/500)


قلت: وكذلك " (1) رواه مالك في " الموطأ " (2) ، عن نافع، عن ابن عمر قال: إذا صَلّى أحدكم خلف الإمام فحسبه قراءة الإمام، وإذا صلى وحده فليقرأ، قال: وكان عبد الله بن عمر لا يقرأ خلف الإمام. ومنها: ما رواه الطبراني في " معجمه الوسط " (3) : نا محمد بن إبراهيم بن عامر بن إبراهيم الأصبهاني، حدثني أبي عن جدي، عن النضر بن عبد الله، ثنا الحسن بن صالح، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ": من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة "، وأخرجه ابن عدي في " الكامل " (4) ، عن إسماعيل ابن عمرو بن نجيح أبي إسحاق البجلي، عن الحسن بن صالح به سندا ومتنا. قال ابن عدي: هذا لا يتابع عليه إسماعيل، وهو ضعيف. قلت: قد تابعه النضر بن عبد الله كما تقدم، عند الطبراني.
ومنها: ما أخرجه الدارقُطْني في " سننه " (6) عن محمد بن عباد الرازي، ثنا إسماعيل بن إبراهيم التيمي، عن سهيل بن أبي صالح؟ عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعا نحوه سواء. وقال الدارقطني: لا يصح هذا عن سهل، تفرد به محمد بن عَباد الرازي، وهو ضعيف.
ومنها: ما رواه الدارقطني في "سننه" (6) من حديث عاصم بن عبد العزيز المدني، عن أبي سهيل، عن عون بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عباس، عن النبي- عليه السلام- قال:، يكفيك قراءة الإمام خافتَ، أو جَهر (7) ". قال الدارقطني: قال أبو موسى: قلت لأحمد ابن حنبل في حديث ابن عباس هذا فقال: حديث منكر. ثم أعاده
__________
(1) انظر: نصب الراية (2 / 11- 13) .
(2) كتاب الصلاة، باب: ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر فيه (45) . (3) (7 / 7579) . (4) (1 / 524، ترجمة إسماعيل) .
(5) (333 / 1) ، وفيه:" أبو يحيى التيمم ومحمد بن عبد الله ضعيفان ". (6) نفسه. (7) في سنن الدارقطني: " أو قرأ".

(3/501)


الدارقطني في موضع آخر، قريبِ منه. وقال: عاصم بن عبد العزيز ليس بالقوي، ورفعه وهم (1) .
ومنها: ما رواه ابن حبان في كتاب " الضعفاء "، عن غنيم بن سالم،
عن أنس بن مالك، قالَ: قال رسول الله: " من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة،، وأعله بغنيم، وقال: إنه يخالف الثقات في الروايات، لا تعجبني الرواية عنه، فكيف الاحتجاج به؟ "
ومن الاَثار: ما روى ابن أبي شيبة في " مصنفه " قال: نا محمد بن سليمان الأصبهاني، عن عبد الرحمن الأصبهاني- هو ابن عبد الله- عن ابن أبي ليلى، عن علي قال: من قرأ خلف الإمام فقد أخطأ الفطرة. ومحمد الأصبهاني قال الذهبي: صدوق، وقال في " الكاشف ": أخرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وقَوَّاه ابن حبَّان، وباقي السند على شرط الصحيح.
وروى عبد الرزاق في " مصنفه " عن داود بن قيس، عن محمد بن عجلان، قال: قال علي: من قرأ مع الإمام فليس على الفطرة، قال: وقال ابن مسعود: مُلئَ فوه ترابا، قال: َ وقال عمر بن الخطاب: وددتُ أن الذي يقرأ خلف الإمام في فيه حجر.
وقال صاحب " التمهيد ": ثبت عن علي، وسعْد، وزيد بن ثابت
أنه لا قراءة مع الإمام لا فيما أسرَّ، ولا فيما جهر.
وروى / عبد الرزاق، عن الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم،
عن الأسود، قال: وددتُ أن الذي يقرأ خلف الإمام مُلِئَ فوه ترابا.
وعن معمر، عن أبي إسحاق، أن علقمة قال: وددت أن الذي يقرأ خلف الإمام ملئَ فوه- أحسبه، قال: ترابا أو رضيفا. وقال ابن أبي شيبة، ثني الأحمر، عن الأعمش، عن إبراهيم قال: أول ما أحدثوا القراءَة خلف الإمام، وكانوا يقرءون.
__________
(1) سنن الدارقطني (1 / 331) .

(3/502)


وأخرج الطحاوي في " شرح الآثار "، عن حمّاد بن سلمة، عن أبي جمرة، قال: قلت لابن عباس: أقرأ والإِمام بين يدي؟ فقال: لا. وأخرج ابن أبي شيبة أيضاً عن جابر، قال: لا يُقرأ خلف الإمام، إن جهر، ولا إن خافت " (1) .َْ
وإذا تأملت ما ذكرناه كله عرفت بطلان ما حمله البيهقي في كتاب " المعرفة " من أحاديث: " من كان له إمامٌ فقراءة الإمام له قراءة " على ترك الجهر بالقراءة خلف الإمام وعلى قراءة الفاتحة دون السورة، وكيف يصح هذا؟ "
وقد رو " ابن أبي شيبة: نا وكيع، عن عمر بن محمد، عن موسى ابن سعد، عن زيد بن ثابت قال: من قرأ خلف الإمام فلا صلاة له. ونا هشيم، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، قال: سألته عن القراءة خلف الإمام، قال: ليس وراء الإمام قراءة.
ونا وكيع، عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن ابن المسيب، قال:
3 نصت للإمام.
وهذه الأسانيد كلها صحاح، وذكر أصحابنا أن منع المقتدى " عن القراءة مأثور عن ثمانين من كبار الصحابة، منهم علي، والعبادلة رضي الله عنهم-.
والجواب عن حديث الكتاب: فقوله:" لا تفعلوا إِلا بأم القرآن " يحتمل أن يكون ذلك قبل أن يؤمروا بالإنصات عند قراءة القرآن، ف" نزل قوله تعالى: " وإِذَا قُرِئَ القُرآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأنصتُوا " (2) ، بطلت القراءة خلف الإمام، وقد وردت أخبار في أن هذه اَلآية نزلت في القرآن خلف الإمام، والدليل على ما قلنا: ما أخرجه البيهقي (3) ، عن
__________
(1) إلى هنا انتهى النقل من نصب الراية. (2) سورة الأعراف 9204)
(3) السنن الكبرى (2 / 155) .

(3/503)


مجاهد قال: " كان رسول الله- عليه السلام- يقرأ في الصلاة، فسمع قراءة فتىً من الأنصار، فنزلت: وإذَا قُرِئَ القُرآنُ فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتُوا "، وأخرج عن الإمام أحمد قالَ: أجمع الناسُ على أَن هذه الآية فَي الصلاة.
ويحتمل أن يكون ذلك بطريق تحصيل الفضيلة والكمال، لا الوجوب للأحاديث التي ذكرناها، وقوله: " فإنه لا صلاة لمن " لم، يقرأ بها " معناه: لا صلاة كاملة لمن " لم، يقرأ بها، ونحن نقول أيضاً بذلك، ولكن هذا في حق الإمام والمنفرد، وأما المقتدي فليس علي ذلك أصلاً، فإن قالوا المقتدي مصل وكل مصل تجب علي القراءة، فالمقتدي تجب علي القراءة، قلنا: المقتدي أيضاً قارئ، لأن قراءة إمامه قراءته، وليست صلاة المقتدي صلاةً بلا قراءة، بل صلاته صلاة بقراءة، فافهم.
وقال الخطابي: هذا الحديث يصرح بأن قراءة فاتحة الكتاب واجبة على
من صلى خلف الإمام، سواء جهر الإمام بالقراءةَِ، أو خافت بها، " إسنادهُ جيد لا طعن فيه.
قلت: قد حصل للخطابي ولغيره جوابهُ بما ذكرناه، ولو كان هذا الحديث مما يستدل به أصحابنا لقال الخَطابي أو غيرهُ منهم: هذا الحديث معلولٌ بمحمد بن إسحاق، لأن عادة غالبهم إذا كان الحديث لهم يجعلونه من أعالي الأحاديث وأثبتها، وإن كان في نفس الأمر معلولا، وإذا كان عليهم يجعلونه معلولا وإن كان صحيحا، يتحققُ ذلك من يتأمل في وجوه الاستدلالات في كتبهم.
801- ص- نا الربيع بن سليمان الأزْدي، ثني عبد الله بن يوسف، هنا الهيثم بن حميد، قال: أخبرني زيد بن وأقد، عن مكحول، عن نافع بن محمود بن الربيع الأنصاري، قال نافع: أبطَأ عُبادةُ عن صَلاة الصبْح، فأقامَ أبو نُعيم المُؤَذنُ الصلاة، فَصلى أبو نعيبه بالناسِ، وأقْبَلَ عُبادَ" بنُ الصامت، وأنا معه حتى صَفَفْنَا خَلفَ أبي نُعيد، فَجَهَرَ بالقِراءَةِ (1) ، فَجَعَلَ عُبادة
__________
(1) في سنن أبي داود: " وأبو نعيم يجهر بالقراءة"

(3/504)


يَقْرَأ بأمِّ (1) القُراَنِ، ف" انصرفَ قلتُ لعُبادة: سَمعتُكَ تَقرأ بأمِّ القُرَان
وأبو نُعيمٍ يَجْهَرُ؟ قال: أَجَلْ، صَلَّى بنا رسولُ الله- عليه السلام- بعضَ الصلَوات التي يُجْهَرُ فيها بالقِراءَة، فالتبسَتْ (2) / علي القِراءةُ، ولما (3) [1/ 281- ب] ، انصرفَ أَقبلَ علينا بوجْهِهِ، وقالَ: " هَلْ تَقْرءُونَ إذا جَهَرْت بالقِرَاءَة "؟
فقال بَعضُنَا: إنَا نَصنعُ ذلك، قال: " فلا، وأنا أَقولُ: مالي يُنازِعُنِي القُرآنُ،
فلا تَقرءُوا بشيءٍ من القُرآنِ إذا جَهَرْتُ، إلا بأمِّ القُرآنِ " (4) .
ش- الربيع بن سليمان بن داود الجيزي المصري الأعرج الأزدي
مولاهم. روى عن: عبد الله بن وهب، وأبي زرعة وهب " الله "، بن
راشد، (والشافعي (ْ، وغيرهم. روى عنه: أبو داود، والنسائي،
وأبو جعفر الطحاوي. وقال الخطيب: كان ثقة. مات في ذي الحجة سنة
" ست وخمسين ومائتين (6) .
وعبد الله بن يوسف التِّنِّيسِيُّ أبو محمد المصري الدمشقي، أصله
دمشقي، نزل تنيس 10 روى عن: عيسى بن يونس) (5) والليث بن
سعد، والهيثم بن حميد، وغيرهم. روى عنه: ابن معين، والربيع بن سليمان، وبكر بن سهل الدمياطي، وغيرهم. وقال أبو حاتم: ثقةٌ.
توفي بمصر سنة ثماني عشرة ومائتين. روى له: أبو داود، والترمذي،
والنسائي (7) .
والهيثم بن حميد أبو الحارث الدمشقي.
وزيد بن واقد الشامي أبو عُمر، ويقال: أبو عَمْرو الدمشقي. روى
__________
(1) في سنن أبي داود: " أم ".
(2) في سنن أبي داود: " قال: فالتبست ".
(3) في سنن أبي داود: " ف"أ.
(4) النسائي: كتاب الافتتاح، باب: قراءة أم القرآن خلف الإمام فيما جهر به
" الإمام (2 / 141) .
(5) غير واضح في الأصل.
(6) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9 / 1863) .
(7) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (6 1 / 3673) .
33 شرح سنن أبي داوود 3

(3/505)


عن: جبير بن نفير، ومكحول، وعبد الملك بن مَرْوان، وغيرهم. روى عنه: يحيى بن حمزة، والهيثم بن حميد، وعمرو بن واقد، وغيرهم. قال ابن معين: ثقةٌ. روى له الجماعة، إلا الترمذي (1) . ونافع بن محمود بن الربيع، ويقال: ربيعة، روى عن: عبادة بن الصامت، روى عنه: حرام بن حكيم الدمشقي، روى له: أبو داود، والنسائي (2) .
قوله: " أجل " أي: نعم.
قوله: " فلا " أي: لا تصنعوا ذلك.
قوله: " مالي ينازعني القراَن " أي: يجاذبني، من المنازعة، وهي المجاذبة في الأعيان والمعاني، كأنهم إذا جهروا بالقراءة خلفه شغلوهُ، و " القرآن " مرفوع بالفاعلية.
وقد استدلوا به في فرضية قراءة الفاتحة، وأنها لا تترك أصلا سواء منفردا أو إماما، أو مقتديا، وسواء كان الإمام في الصلاة الجهرية، أو غيرها " [ويغني] (3) عن هذا ما ذكرناه مستوفى عن قريب، ويلزمُهم في ذلك مسألة: وهو أن الرجل إذا أتى الإمام وهو راكع فيكبر ويركع معه، ويعتد ذلك من الركعة بالإجماع، وإن لم يقرأ فيها شيئاً، فَذلك أن القراءة ليست واجبة " في حقه، (3) ، وأن قراءة الإمام كقراءته. والحديث أخرجه النسائي.
802- ص- نا على بن سَهْل الرملي، نا الوليد، عن ابن جابر وسعيد ابن عبد العزيز وعبد الله بن العلاء، عن مكحول، عن عبادة نحو حديث الربيع بن سليمان قالوا: فكان مَكْحُول يقولُ: اقْرَءُوا في المغربِ (4) ،
__________
(1) المصدر السابق (0 1 / 0 13 2) . (2) المصدر السابق (29 / 6369) . (3) غير واضحة في الأصل.
(4) في سنن أبي داود: " فكان مكحول يقرأ في المغرب ".

(3/506)


والعشاءٍ، والصبح بفاتحة الكتاب في كُل رَكعة سرا، قال مَكحول: اقرأ بها فيماَ جَهرَ به الإِمَامِ إَذا قَرَأ بفاَتحة اَلكتاب، وسَكتَ سرا، فإن لم يَسكُتْ اقْرَأ بها قَبْلَهُ، ومَعَهُ، وبعْدهُ، ولا تَتْركْهَاَ علىَ حَالٍ (1) ،َ (2) .
ش- عليُّ بن سهل بن قادم الرملي، قد مَرَّ مَرَّة.
والوليد بن مسلم " القرشي، (3) مولاهم أبو العباس الدمشقي.
وابن جابر هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر (4) أبو عُتْبَةَ الشامي ْ (5) الدمشقي الداراني. روى عن: الزهري، ومكحول، ومحمد بن واسع، وغيرهم. روى عنه: ابنه عبد الله، وابن المبارك، والوليد بن مسلم، وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. مات سنة ثلاث وخمسين ومائة. روى له الجماعة (6) .
وسعيد بن عبد العزيز التنوخي الدمشقي، وعبد الله بن العلاء الدمشقي.
وهذا منقطع لأن مكحول، لم يدرك عبادة بن الصامت، وقد ذكرنا أخبارا من الصحابة والتابعين في ترك القراءة خلف الإمام سواء جهر، أو خافت.
والحمد لله وحده، وصلى الله على سيدنا محمد، وآله.
يَتْلُوه الجزء الثاني، أوله:
" باب من رأى القراءة إذا لم يجهرْ ".
__________
(1) في سنن أبي داود: " على كل حال".
(2) انظر التخريج المتقدم. (3) غير واضحة في الأصل.
(4) في الأصل: " ... ابن جابر وغيرهم روى عنه الأزدي ... " وهو سبق فلم.
(5) كذا، ولعله يقصدا " السلمي " كما في تهذيب الكمال.
(6) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (18 / 3992) .

(3/507)


وقد فرغتْ يَمِينُ مؤلفه من هذا الجزء يوم الأحد الثالث من ربيع الأول عام خمس وقت ما تم، وكان الابتداء فيه غُرة محرم من هذه السنة، وكان مكثي فيه تسويدا وتبييضا وإصلاحا، وغير ذلك مدة شهرين ليس إلا مع تَخَللات الحوادث في الأيام، ووقوع الفترات بين الأيام، وهجوم العوارض، والعوائق، وعدم السلامة من الموانع واللواحق، ولكن الله يَسَرَهُ بفَضْله، وهَوَنه بلطفه (1) .
* * *
__________
(1) جاء بهامش الأصل بخط مغاير لخط المصنف: " وهو الأول من شرح سنن أبي داود للإمام العيني ".

(3/508)


/ (1) 1 بِسْم الله الرَّحْمَنِ الرَّحِيم، (2) وبه نستعين [2/ 1- أ]
130- باب: من رأى القراءة إذا لم يجهر (3)
[أي: هذا باب في بيان] (4) القراءة خلف الإمام إذا لم يجهر الإمام بالقراءة.
803- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن ابن أكيمة اللـ[يثي عن] (5) أبي هريرة- رضى الله عنه- أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جَهر فيها بالقراءة فقال: هل قَرَأ معي أحاسنكم آنفاً فقال رجل: نعم يا رسًول الله، قال: إِني أقولُ مَالي أنازعَ القرآنَ؟ قال: فانتهى الناسُ عن القراءة، (5) مع رسوِل الله - صلى الله عليه وسلم - فيما جهَرَ فيه النبي- عليه السلام- بالقراءة من الصلوات حين سًمعُوا ذلك من رسول الله، (5) عليه السلام (6) -.
ش- ابن أكيمة الليثي اسمه عمارة، ويقال: عمرو بن أكيمة، وذكر غير الترمذي أن أسـ[مه من عامر. وقـ[، (4) ـيل جل: عمار، وقيل يزيد، وقيل عباد، وأن كنيته أبو الوليد الحجازي. روى عن: أبي هريرة، روى عنه: الزهري، [ومالك بن] ، (7) أنس، ومحمد بن عمرو.
(1) بداية الجزء الثاني من تجزئة الأصل. (2) بياض في الأصل.
(3) في سن أبي داود: " باب من كره القراءة بفاتحة الكتاب إذا جهر الإمام "، وانظر تعليق المصنف عليه بعد حديثين.
(4) بياض في الأصل، وأثبتناه على غرار شرح المصنف.
(5) بياض في الأصل، وأثبتناه من سوق أبي داود.
(6) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة (312) ، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر به (2/ 140) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: إذا قرأ الإمام فأنصتوا (848) .
(7) بياض في الأصل.

(4/5)


توفي سنة إحدى ومائة، وهو ابن تسع وسبعين سنة، وفي الكمال: ومنهم من لا يُحتج بحديثه. يقول: هو شيخ مجهول. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (1) .
وقوله: " مالي أنازع القرآن؟ " بصيغة المجهول، ونَصْب " القرآن "، ومعناه: أداخل في القراءة، وأغالب عليها، وقد تكون المنازعة بمعنى المشاركة، والمداولة، ومنه منازعة الكأس في المدام. والحديث رواه الطحاوي، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وقال الترمذي: حديث حسن. وهذا الحديث ينافي فرضية قراءة الفاتحة مطلقا، لأنها لو كانت فرضا، لما انتهى الناس عن القراءة مع رسول الله فيما جهر فيه بالقراءة، ولم يقل أحد: إن قراءة الفاتحة فرض في حالة دون حالة، لعدم القائل بالفصل، فتبين أنها ليست بفرض.
ثم القراءة خلف الإمام إذا كان فيما يخافت فقد رآها بعض أصحابنا، ومنعها الكثير منهم، وقد مر بيانه مستوفى،
ص - قال أبو داود: روى حديث ابن أكيمة هذا معمر، ويونسُ، وأسامةُ بنُ زيدِ على معنى مالك (2) .
ش- أي: معمر بن راشد، ويونس بن يزيد الأيلي، وأسامة بن زيد الليثي المدني. ورواه أبو بكر بن أبي شيبة فقال: نا ابن علية، عن الزهري، عن ابن أكيمة قال: سمعت أبا هريرة يقول: " صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - نظن أنها الصبح- فلما قضاها قال: هل قرأ منكم أحد؟ قال رجل: أنا. قال: إني أقول؟ مالي أنازع القرآن؟ ".
804- ص-: نا مسدد وأحمد بن محمد المروزي ومحمد بن أحمد بن أبي خلف وعبد الله بن محمد الزهري، وابن السرح قالوا: نا سفيان، عن الزهري قال: سمعتُ ابن أكيمةَ يحدث [عن،] سعيد بن المسيب قال:
-----------------------
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (21/ 4175) .
(2) في سنن أبي داود: ".. وأسامة بن زيد عن الزهري، على ... ،.

(4/6)


سمعت أبا هريرة يقول: صلى بنا رسولُ اللهِ صلاة- نَظُن أنها الصبحُ- بمعناه، إلى قوله: (مالي أنَازعُ القُرآنَ) (1) .
ش- أي: بمعنى الحديث المذكور. ورواه ابن أبى شيبة عن ابن علية كما ذكرناه الآن.
ص- قال أبو داود: قال مسدد في حديثه قال معمر: فانتهى الناسُ عن القراءةِ فيما جَهَرَ به رسولُ اللهِ.
ش- أي: قال مسدد بن مسرهد في روايته: " قال معمر بن راشدا إلى آخره، وقوله:" فانتهى الناسُ عن القراءة " عام يتناول الفاتحة وغير ها.
ص- وقال ابن السرح في حديثه: قول معمر: عن الزهري: قال أبو هريرة: فانتهى الناسُ.
ش- أي: قال أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح في روايته: قال معمر: عن محمد بن مسلم الزهري. إلى آخره.
ص- وقال عبد الله بن محمد الزهري من بينهم: قال سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها. وقال معمر: إنه قال: " فانتهى الناسُ ".
ش- أي: قال عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن البصري الزهري من بين الجماعة المذكورين: قال سفيان بن عيينة؟ وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها.
قوله: " فقال معمرة تفسير لقوله: " بكلمة لم أسمعها " فلذلك ذكره بالفاء، إنه قال ": أي: أن الزهري قال: " فانتهى الناس ".
ص- قال أبو داود: ورواه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري، وانتهى حديثه إلى قوله: " مالي أنازعُ القرآنَ ".
=------------------
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب ما جاء في ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر الإمام بالقراءة (312) " النسائي: كتاب الافتتاح، باب: ترك القراءة خلف الإمام فيما جهر به (2/ 140، 141) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: إذا قرأ الإمام فأنصتوا (848) .

(4/7)


1/21- ب
ش- أي: روى هذا الحديث عبد الرحمن بن إسحاق بن الحارث [2/ 1- ب] القرشي العامري المدني. روى عن أبيه، والزهري/ وسعيد المقبري وغيرهم.
روى عنه ابن عيينة وحماد بن سلمة [] ، (ا) . وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يُحتج به، وهو قريب من محمد بن إسحاق صاحب المغازي، وهو حسن الحديث، ليس بثبت، (2) ولا قوي. وقال ابن عدي: في حديثه بعض ما يُنكر ولا يُتابع عليه.
والأكثر منه صحاح، وهو صالح الحديث. روي له الجماعة إلا
البخاري (3) .ص - وروى الأوزاعي عن الزهري قال فيه: قال الزهري: فاتَعَظَ المسلمون بللك، فلم يكونوا يقرءون معه فيما يَجهرُ به.
ش- أي: في هذا الحديث قال الزهري: فاتعظ المسلمون بذلك ". أي: بقوله- عليه السلام-: مالي أنازع القرآن.
ص- قال أبو داود: سمعت محمد بن يحيي بن فارس، قال: قوله: (فانتهى الناسخ من كلام الزهري.
ش- محمد بن يحيي النيسابوري الإمام، من جملة شيوخ أبي داود، وقد ذكر غير مرة، قال: " فانتهى الناس " إلى آخره من كلام الزهري. وكذا روى ابن أبي شيبة من غير قوله: " فانتهى الناس " كما ذكرنا. وفي بعض النسخ عقيب هذا الكلام " باب من رأى القراءة إذا لم "يجهر " أعني: الباب الذي ذكرناه قريبا، مذكور في بعض النسخ هاهنا.
805- ص - نا أبو الوليد الطيالسي، نا شعبة ح ونا محمد بن كثير العبدي، نا شعبة- المعنى- عن قتادة، عن زرارة، عن عمران بن حصين،
---------------
(1) طمس في الأصل قدر نصف سطر.
(2) طمس في الأصل، وأثبتناه من الجرح والتعديل (5/ ترجمة 1000) . (3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (16/ 3755) .

(4/8)


أن النبي- عليه السلام- صلي الظهرَ فجاءَ رجل فقرأ خَلفَهُ بـ {سبح اسْمَ ربكَ الأعْلَى} فلما فَرغَ قال " أيكُم قَرَأ؟ قالوا: رجل، قال: قد عرفتُ أن بعَضَكُم خالجنيها " (1،.
ش- وزرارة بن أوفى (2) العامري.
قوله: " رجلا أي: قرأ رجل.
قوله:" خالجنيها " أي: نازعني قراءتها.
وقال الخطابي (3) : " جاذبنيها "، والخلف: الجذب، وهذا وقوله: "نازعنيها" سواء، وإنما أنكر عليه تجاذبته إياه في قراءة السورة حيث تداخلت القراءتان، وتجاذبتا".
قلت: وإنما ذكر من باب المفاضلة، ليَدل على المشاركة، لأن الخلل الجذب بسرعة فنفل إلى المخالجة ليدل على المشاركة، ومنه: الخليج، وهو نهر يُساق من النهر الأعظم إلى موضع، لأنه اختُلِجَ منه. أي: جذب وقال الخطابي (4) : (وأما قراءة الفاتحة، فإنه مأمور بها على كل حال، إن أمكنه أن يقرأ في السكتتين فعل، وإلا قرأ معه لا محالة،. قلت: يَرد قوله: إطلاق الأحاديث المذكورة، وقوله- عليه السلام-:
أمن كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة، (5) .
----------------------
(1) مسلم: كتاب الصلاة، باب: نهي المأموم عن جهره بالقراءة خلف إمامه لها، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: ترك القراءة خلف الإمام فيما لم يجهر فيه (2/ 140، وكتاب قيام الليل (3/ 247) .
(2) في الأصل: اابن أبي أوفوا خطأ.
(3) معالم السنن (1/ 178) . (4) المصدر السابق.
(5) رُوي عن جماعة من الصحابة، منهم جابر بن عبد الله، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن مسعود، وأبو هريرة، وعبد الله بن عباس. فأما حديث جابر فأخرجه ابن ماجه (580) وغيره، وأما حديث ابن عمر فأخرجه الدارقطني (1/ 326) والخطيب في "تاريخه" (1/ 237) . وأما حديث ابن مسعود فأخرجه الخطيب في تاريخه، (11/ 426) . وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الدارقطني (1/ 326 - 331) . وأما حديث ابن عباس فأخرجه أيضا الدارقطني (1/ 333) ، والحديث حسنه الشيخ الألباني في الإرواء (500) .

(4/9)


ص- قال أبو (1) الوليد في حديثه: قال شعبة " فقلت وقتادة: أليسَ قولُ سعيدِ أنصت للقرآن؟ قال: ذاك إذا جهر به.
ش- أي: قال أبو الوليد الطيالسي في حديثه: قال شعبة بن الحجاج: فقلت ولقتادة بن دعامة: قول سعيد بن المسبب: " أنصت للقرآن" فقوله: " قول سعيدة اسم " ليس"، وخبره قوله: وأنصت للقرآن، قوله: وقال ذاك، أي: قال قتادة، قول سعيد: أنصت للقرآن إذا جهر بها أي: بالقرآن. وروى ابن أبي شيبة قال: نا وكيع، عن هشام الدستوائي، عن قتادة، عن ابن المسيب قال: " أنصت للإمام "
قلت: قول سعيد هذا مطلق، ولكن قتادة قيده بما إذا جوهر بالقرآن، وقد روى ابن أبي شيبة فقال: نا وكيع، عن للضحاك بن عثمان، عن عبد الله بن يزيد، عن ابن ثوبان، عن زيد بن ثابت قال: " لا تقرأ خلف الإمام إذا جهر، ولا إن خافت "
قلت: وهذا يؤيد أيضا إطلاق قول ابن مسعود ولأن قتادة أيضا هو الذي روى عن سعيد قوله: وأنصت للقرآن، ولم يقيده بالجهر، ولكن شعبة هو الذي ذكر التقييد به.
ص- قال ابن كثير في حديثه: قال: قلت لقتادة: كأنه كرهه قال: لو كرهه نهى عنه.
ش- أي: قال محمد بن كثير في حديثه: قال شعبة: قلت وقتادة: وكأنه كرهه، أي: كأن رسول الله كره القرآن، أي: القراءة خلفه. قال: لو كرهه نهى عنه، وقد قيل: إن هذا نهي دلالة، وهو أبلغ من الصريح، لأنه لو لم يكن نهيا وإنكارَا على من فعل ذلك، لما سأل: هذا السؤال بعد فراغه من الصلاة، ولما قال: لقد عرفت أن بعضكم خالجنيها، وألا لم يكن في هذا الكلام فائدة.
806- ص- نا ابن المثنى، نا ابن أبي عدي، عن سعيد (2) ، عن قتادة [2/ 2- أ] عن / [زرارة، عن عمران بن حصني، أن النبي " (3) الله- عليه السلام-
------------------
(1) سقط " أبو" من سنن أبي داود. (2) في الأصل: " شعبة "، خطأ. (3) طمس في الأصل، وأثبتناه من سنن أبي داود.

(4/10)


صَلى بهم الظهر، فلما انفَتَل قال: أيكُم قَرأ، {سبحِ اسْمَ ربكَ الأعْلَى} ؟ فقال رجل أنا فقال: علمتُ، (1) أن بعضَكُم خَالجَنِيهَا " (2) .
ش- ابن المثنى: محمد بن المثنى، وابن أبي عدي: محمد بن أبي عدي. قوله: وفلما أنفتـ[ل " أي (3) نصرف من صلاته.
وهذا الكلام أيضا الإنكار عليه بالقراءة، والذي يرى بالقراءة خلف الإمام يقول [] (4) في جهره بالقراءة، أو رفع صوته بحيث أسمع غيره، لا عن أصل القراءة
والحديث أخرجه مسلم والنسائي.
***
131- باب: ما يجزئ الأمي والأعجمي من القراءة
أي: هذا باب في بيان ما يجزئ الأمي والأعجمي [] ، (5) وفي بعض النسخ باب: " ما جاء فيما يجزئ الأمي"، والأمي الذي لا يكتب، وهو نسبة إلى الأمة، وهي: العامة، أكثرهم لا يكتبون، أو إلى أمه كأنه على أصل الولادة، والأعجمي غير المفصح، وأن كان من العرب، والعجمي من كان من العجم، وإن كان فصيحاً والعجم غير العرب. 807- ص- نا وهب بن بقية، أنا خالد، عن حميد الأعرج، عن محمد ابن المنكدر، عن جابر بن عبد الله قال: خَرَج علينا رسولُ الله ونحنُ نقرأ القرآنَ وفينَا الأعرابي والعجمي، فقال: "اقرَؤوا فكل حَسن، وسيجِيءُ أقوام يُقِيمونَه كما يُقامُ القدح، يتعَجلونَهُ ولا يتأجلُونَه " (6) .
-------------------
(1) طمس في الأصل، وأثبتناه من سنن أبي داود.
(2) مسلم: كتاب الصلاة، باب: نهى المأموم عن جهره بالقراءة خلف أمامه يعد 398، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: ترك القراءة خلف الإمام فيما لم يجهر به (2/ 140) ، وكتاب قيام الليل (2/247) .
(3) غير واضح في الأصل. (4) طمس في الأصل قدر كلمتين. (5) طمس في الأصل قدر كلمتين، ولعل فيها من القراءة ".
(6) تفرد به أبو داود.

(4/11)


ش- وهب بن بقية بن عثمان الواسطي، وخالد بن عبد الله الواسطي. قوله: " وفينا الأعرابي " الأعرابي بفتح الهمزة الذي يُنسب إلى الأعراب، سكان البوادي، وقد مر الكلام فيه مرةَ، و " العجمي " من كان من العجم، وقد ذكرناه آنفَا، وفي بعض النسخ و " الأعجمي بالهمزة المفتوحة.
قوله: " فكل حسن " أي: كل واحد من قرائكم حسن.
قوله: " يقيمونه " أي: يقيمون القرآن كمال يقام القِدح، القِدم
- بكسر القاف وسكون الدال- السهم إذا قوم واستوى قبل أن ينصل ويراش، فإذا رُكب فيه النصل والريش فهو سهم.
قوله: " يتعجلونه " يقال: أعجله وتعجله وعجله تعجيلاَ، إذا استحثه، والمراد يتعجلون أجره في الدنيا، ويطلبون على قراءتهم أجرة من الأعراض الدنياوية، ولا يصبرون إلى الأجر والثواب الذي يحصل لهم في دار الآخرة، وقد وقع مثل ما قال- عليه السلام-.
808- ص- نا أحمد بن صالح، نا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو وابن لهيعة (1) ، عن بكر بن سوِادة، عن وفاء بن شريح الصدفي، عن سهل بنِ سعد الساعدي قال: خَرجَ علينا رسولُ الله- عليه السلام- يومًا ونحنُ نقْتَرئُ، فقال: الحمدُ لله كتابُ اللهِ واحد، وفيكمُ الأحمرُ، وفيكمُ الأبيضَُ، وفيكمُ الأسودُ، اقَرؤوه قبلَ أن يَقْرَأهُ أقوام يُقيمُونَه كما يُقومُ السهمُ، يَتَعَجلُ أجرَهُ ولا يتأجُله " (2) .
ش- عمرو بن الحارث، ووفاء- بالفاء- وشريح- بالشن المعجمة- ورواه أحمد بن حزم، عن ابن الأعرابي وابن رحيم، عن أبي عيسى الرقلي بالقاف.
ووفاء بن شريح الصدفي المصري. روى عن سهل بن سعد، ورويفع
-------------
(1) في سنن أبي داود: وعمرو بن لهيعة، خطأ. (2) تفرد به أبو داود.

(4/12)


ابن ثابت الأنصاري. روى عنه: بكر بن سوادة، وزياد بن نعيم. روى له أبو داود (1) .
قوله:" ونحن " نقترئ" جملة حالية. " ونقترئ " بمعنى نقرأ.
قوله:" وفيكم الأحمر " المراد من الأحمر: العجم، لأن الغالب على ألوانهم الحمرة، والمراد من الأبيض أهل فارس، لأن الغالب على ألوانهم البياض. والمراد من الأسود العرب، لأن الغالب عي ألوانهم الأدمة والسمرة، والمقصود: أن فيكم طوائف مختلفة، "اقرءوا هذا القرآن قبل أن يقرأه أقواما كذا وكذا.
809- ص- نا عثمان بن أبي شيبة، نا وكيع بن الجراح نا سفيان الثوري عن أبي خالد الدالاني عن إبراهيم السكسكي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: جَاءَ رجل إلى النبي- عليه السلام- وقال: إِني لا أسْتَطيعُ أن اَخذَ من القُراَن شيئًا فعلمني ما يُجْزئني منه. فقال (2) قلْ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إلهَ إلا الله، والله كبر، َ ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله (3) . قال: يا رسولَ الله هذا لله فما لي؟ قال: قلْ: اللهم ارحَمْني وعَافني واهدني وارزقني (4) . فلما قامَ قال هكذا بيدهِ. قال رسولُ اللهِ: أَما هذا فَقدَ ملأ يده من الخير" (5) .
/ ش- أبو خالد هو يزيد بن عبد الرحمن الأزدي الدالاني.
وإبراهيم بن عبد الرحمن بن إسماعيل [السكسكي أبو إسماعيل الكوفي، (6) . سمع عبد الله بن أبي أوفى، وأبا بردة بن أبي موسى. روى عنه مسعر، والعوام بن حوشب، وأبو خالد الدالاني، وغيرهم.
------------------------
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30/ 6691) .
(2) في سنن أبي داود: فقالا.
(3) في سنن أبي داود: زيادة " العلي العظيم ".
(4) في سنن أبي داود: جاء قوله " وارزقني بعد وارحمني ".
(5) النسائي: كتاب الافتتاح، باب: ما يجزئ من القراءة لمن لا يحسن القرآن (2/ 143) .
(6) طمس في الأصل، وأثبتناه من تهذيب الكمال.

(4/13)


2/21- ب،
قال يحيى بن سعيد: كان شعبة يضعف إبراهيم السكسكي. وقال أحمد ابن حنبل: هو ضعيف. وقال النسائي: ليس بذاك القوي، يكتب حديثه. روى له البخاري، وأبو داود، والنسائي (1) .
قوله: ما يجزئني منه " أي: ما يكفيني من القرآن.
قوله: " هذا لله " معناه: هذا تنزيه الله تعالى، والحمد له، وتوحيده وتكبيره، والأصل في هذا أن قراءة القرآن من أركان الصلاة، ولا تصح الصلاة إلا به، ولو فرضنا أن شخصَا عجز عن تعلم القرآن إما لعجز معنوي في طبيعته، أو سوء حفظه، اهو عجمة لسانه أو آفة تعرض له، كان أولى الذكر بَعْد القرآن ما علمه النبي- عليه السلام- من التسبيح، والتحميد، والتهليل، والتكبير، وقد رُوي عنه- عليه السلام- أنه قال: " أفضل الذكر بعد كلام الله- عز وجل- سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ويُبتَنى على هذا الأصل أن العاجز عن العربية إذا قرأ القرآن بالفارسية جاز بلا خلاف بين أصحابنا. وقال الشافعي: لا يجور سواء عجز عن العربية أو لم يعجز، فإذا عجز يُسبح ويُهلل، وعند أبي حنيفة في قوله المرجوع عنه: يجوز بالفارسية. وإن لم يعجز عن العربية، وقد بين هذا في الفروع.
ولو قرأ شيئا من التوراة أو الإنجيل أو الزبور في الصلاة، إن تيقن أنه غير محرف يجوز عند أبي حنيفة مطلقَا، وإن لم يتيقن لا يجور ويُبتنَى على هذا الأصل مسألة اللحان أيضا، فإذا قرأ في صلاته " الحمد الله بالهاء، أو الرحمن الرحيم بالهاء، أو غير المغضوب عليهم " بالدال، أو قل أعوذ " بالدال المهملة، أو الله الصمد بالسين، ونحو ذلك، إن كان يجتهد آناء الليل والنهار في تصحيحه، ولا يقدر عليه، فصلاته جائزة، لأنه عاجز، وإن ترك جهده فصلاته فاسدة، لأنه قادر، وإن ترك جهده في بعض عُمُره فلا يسعه أن يترك شيئا في باقي عمره، فإن ترك فصلاته فاسدة، إلا أن يكون الدهر في تصحيحه.
-----------
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/ 201) .

(4/14)


وأما الألثغ، والفأفأ، والذي لا يقدر على إتيان بعض الحروف لعجز طبيعي، ونحو ذلك، فهم أصحاب عجز شرعي، فصلاتهم في حق أنفسهم جائزة، ولا يقتدي بهم غيرُهم إلا من كان مثلهم، كمسألة الأمي العاجز عن قراءة القرآن أصلان. والحديث أخرجه النسائي.
810- ص- نا أبو توبة الربيع بن نافع، نا أبو إسحاق- يعني: الفزاري- عن حميد، عن الحسن، عن جابر بن عبد الله. قال: (كُنا نصلي التطوعَ، نَدعُو قِياما وقُعُودا، سجودا (1) وسجوده، (2) .
ش- أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري الكوفي، وحميد الطويل، والحسن البصري.
قوله: " قياما": حال بمعنى قائمين. وكذلك " قعودا بمعنى قاعدين."
" وركوعها " بمعنى راكعين " وسجوداً": بمعنى ساجدين. وذكر ابن المديني وغيره أن الحسن البصري لم يسمع من جابر بن عبد الله.
وبهذا الحديث استدل من يقول إن القراءة سيئة في التطوع، حتى لو سبح أو هلل أو دعي بما شاء من الأدعية المأثورة يجوز عندهم، ومنهم من يرى جواز الصلاة بدون القراءة، سواء كانت فرضَا أو نفلا، وهي رواية شاذة عن مالك، وعند جمهور العلماء لا تجوز الصلاة- أي صلاة كانت- ألا بمطلق القراءة، وقد ذكرنا الكلام فيه مستوفى، وحديث جابر وأمثاله منسوخة.
811- ص- نا موسى بن إسماعيل نا حماد عن حميد، مثله " لم يذكر التطوع (2) .
ش- حماد بن سلمي.
قوله: " عن حميد مثله: أي: روى حماد عن حميد الطويل مثل ما روى أبو إسحاق الفزاري، ولكنه لم يذكر في روايته التطوع، وروايته:
---------------
(1) في سنن أبي داود: " ونسبح ركوعا وسجودا ".
(2) تفرد به أبو داود.

(4/15)


" كنا نصلي ندعو قيامَا " إلى آخره، وبهذه الرواية يستدل من لا يرى
القراءة فرضَا في الصلاة مطلقَا كما ذكرناه.
ص- قال: كان الحسن يقرأ في الظهر والعَصر إمامًا، (1) وخلف إمام
بفاتحة الكتاب، وبُسبحُ ويكبرُ ويهللُ قدر (ق) و" الذاريات " (2) .
[2/3 - أ] ، ش- أي: قال حميد: كان الحسن البصري [] ، (3) . وقوله: " وخلف إمام " عطف عليه. وفي بعض النسخ أو خلف إمام) .
قوله: (بفاتحة الكتابة متعلق بقوله (يقرأ (4) .
قوله: " قدر" ق أي: قدر سورة ق، وقدر سورة (الذاريات) ،
وسورة ق مكية، وخمس وأربعون آية، وثلاثمائة وخمس وتسعون كلمة،
وألف وأربعمائة وتسعون حرفا، وسورة الذاريات مكية أيضا، وستون
أية، وثلاثمائة وستون كلمة. وألف ومائتان وسبع وثمانون حرفَا.،،،
132- باب: تمام التكبير
أي: هذا باب في بيان تمام التكبير.
812- ص- نا سليمان بن حرب، نا حماد عن غيلان بن جرير، عن
مطرف قال: صليتُ أنا وعمرانُ بنُ حصين خلفَ علي بنِ أبي طالب
- رضي الله عنه -، فكان إذا سَجَدَ كبر، وإذا ركع كبر، وإذا نَهَضَ منذ الركعتين كبر، فلما انصرفْنَا، أخذ عمرانُ بيدي، وقال: لقد صَلى هذا
قِبَل أو لقد صَلى بنا هذا قِبَلُ صلاة محمدٍ - عليه السلام- (5) .
------------------------
(1) في سنن أبي داود: اأو، وسيذكر المصنف أنها نسخة.
(2) انظر: الحديث السابق. (3) طمس في الأصل قدر أربع كلمات.
(4) غير واضح في الأصل.
(5) البخاري: كتاب الأذان، باب: إتمام التكبير في السجود (786) ، مسلم:
كتاب الصلاة، باب: إثبات التكبير في كل خفض ورفع في الصلاة ألا رفعه
من الركوع فيقول فيه سمع الله لمن حمده (393) ، النسائي: كتاب الافتتاح،
باب: التكبير للسجود (2/ 204) ، وكتاب السهو (3/ 2) .

(4/16)


ش- سليمان بن حرب قاضي مكة، وحماد بن زيد، ومطرف بن عبد الله ابن الشخير.
قوله:" وإذا نهض " أي: إذا قام.
قوله: وهذا " إشارة إلى علي بن أبي طالب- رضى الله عنه -.
قوله: " قبَلُ صلاة محمداً بكسر القاف وفتح الباء، بمعنى عيان صلاة محمد- عليه السلامَ-، كما في قولك، رأيته قِبَلاَ. أي: عيانًا. قال تعالى: {أوْ يَأتيَهُمُ العَذَابُ قُبُلا} (1) ، وفي بعض الرواية: " لقد صلى بنا هذا مثلَ صلاة محمد- عليه السلام -، ثم اختلف العلماء في تكبيرات الانتقالات، فقال قوم: هي سُنَة، قال ابن المنذر: وبه قال أبو بكر الصديق، وعمر، وجابر، وقيس بن عبادة، والشعبي، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، ومالك، والشافعي، وأبو حنيفة، ونقله ابن بطال أيضا عن عثمانَ، وعليه، وابن مسعود، وابن عمر، وأبي هريرة، وابن الزبير، والنخعي، ومكحول، وأبي ثور، وقال أهل الظاهر وأحمد في رواية: كلها واجب. قال: وممن كان ينقص التكبير فيما ذكر الطبري: أن أبا هريرة سئل: من أول من ترك التكبير إذا رفع رأسه، وإذا وضعه؟ قال: معاوية. وعن عمر بن عبد العزيز، وابن سيرين، والقاسم، وسالم، وابن جبير مثله. وقال ابن بطال: كان ابن عمر ينقص التكبير، وقال مسعر: إذا انحط بعد الركوع للسجود لم يكبر، وإذا أراد أن يسجد الثانية من كل ركعة لم يكبر. وقال سعيد ابن جبير: إنما هو شيء يزينُ به الرجل صلاته. وقال قوم: إنما هو إذن بحركة الإمام، وليس سُنة إلا في الجماعة، فأما من صلى وحده فلا بأس عليه أن لا يكبر، مستدلين بأن ابن عمر فيما ذكره أحمد بن حنبل كان إذا صلى وحده لا يكبر، واستدل من يقول بنقص التكبير بما رواه أحمد من حديث عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه، أنه صلى مع النبي- عليه
------------------------------
(1) سورة الكهف: (55) .
2. شرح سنن أبي داوود 4

(4/17)


3/21- ب
السلام-، فكان لا يتم التكبير- يعني إذا خفض وإذا رفع- قال البخاري في وتاريخه، عن أبي داود الطيالسي: هذا عندنا باطل. وقال أبو جعفر: راويه الحسن بن عمران وهو مجهول، لا يجوز الاحتجاج به. وقال البيهقي، وقد يكون كبر، ولم يسمع الراوي، أو يكون تركه
مرة لبيان الجواز، وتتولى الكرخي على حذفه، وذلك نقصان صفة لا نقصان عدد، وفي لا المصنف، عن إبراهيم: أول من نقصه: زياد.
وفي " شرح الهداية،: سئل أبو حنيفة عن التكبير. فقال: احذفه واجزمه. ومثله عن صاحبيه.
وقال السفاقسي: واختلفوا فيمن ترك التكبير في الصلاة، فقال
ابن القاسم: من أسقط ثلاث تكبيرات فأكثر، أو التكبير كله سوى تكبيرة الإحرام سجد قبل السلام، وإن لم يسجد قبل السلام، سجد بعده، وإن لم يسجد حتى طال بطلت صلاته.
وفي " الموضحة ": وإن نسي تكبيرين سجد قبل أن يسلم، فإن لم يسجد لم تبطل صلاته. وإن ترك تكبيرة واحدة اختُلِف، هل عليه سجود أم لا؟ وقال ابن عبد الحكم وأصبغ: ليس على من ترك التكبير سوى السجود، فإن لم يفعل متى تباعد، فلا شيء عليه. وقال أصحابنا: لا [2/ 3 - ب] يجب السجود بترك الأذكار/ كالثناء والتعوذ وتكبيرات الركوع والسجود، وتسبيحاتها.
وفي " شرح المهذب " 0: لو ترك التكبير عمدا، (1) أو سهواً حتى
ركع لم يأت به لفوات محله. والحديث أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي بنحوه.
وفي " سنن البزار" هذا الحديث رواه غير واحد عن مطرف، عن عمر أن.
-----------------
(1) غير واضح في الأصل وأثبتناه. من شرح المهذب، (4/ 51) .

(4/18)


813- ص- نا عمرو بن عثمان، نا أَبِي (1) وبقية، عن شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن وأبو سومة: " أَن أبا هُريرةَ كان يكبرُ في كُل صلاة من المكتُوبَة وغيرها، فيكبرُ (2) حينَ يَقُومُ، ثم يكبرُ حين يَركعُ، ثم يقولُ: سمع اللهُ لمنَ حَمِدهَ، ثم يقولُ: ربنا ولكَ الحمدُ قبلَ أن يَسجُدَ، ثم يقولُ: اللهُ أكبر حينَ يَهْوِي سَاجدا، ثم يكبرُ حينَ يَرفعُ رأسَه ثم يكبرُ حين يسْجدُ، ثم يكبرُ حين يَرفَعُ رأسَهُ، ثم يكبر حينَ يقومُ من الجُلُوسِ في اثنتين، فَيفعلُ ذلكَ في كل رَكعة حتى يفْرغُ من الصلاةِ، ثم يقولُ حينَ يَنصَرِف: والذي نفسي بيده. إني لأقْرَبكُم شَبَها بصلاة رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، إِنْ كانت هذه لَصَلاَتهُ حتى فَارقَ الدنيا " (3) .
ش- عمرو بن عثمان الحمصي.
وأبوه: عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار القرشي الحمصي، أبو عمرو. سمع شعيب (4) بن أبي حمزة، ومحمد بن عبد الرحمن بن عوت، وحريز بن عثمان وغيرهم. روى عنه ابناه عمرو ويحيى، ونعيم بن حماد، وغيرهم. روى له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه
وبقية بن الوليد الحمصي، وشعيب بن أبي حمزة الحمصي، وأبو بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث المدني وقد ذكرناه وكنيته اسمه على الصحيح. وأبو سلمة عبد الله بن عبد الرحمن.
قوله: فيكبر حين يقوم تفسير لقوله: " كان يكبر في كل صلاة "
(1) في سنن أبي داود: " أبي " كذا، وهو خطأ.
(2) في سنن أبي داود: " يكبر "، وسيذكر المصنف أنها نسخة.
(3) البخاري: كتاب الأذان، باب: إتمام التكبير في الركوع (785) ، مسلم: كتاب الصلاة، باب: إثبات التكبير في كل خفض ورفع في الصلاة (392) ، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: القنوت في صلاة الصبح (2/ 201) ، وباب: التكبير للنهوض (2/ 235) ..
(4) في الأصل: " سعيد " خطأ.
(5) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (19/ 3815) .

(4/19)


ولذلك ذكره "بالفاء" وفي بعض النسخة يكبر بدون الفاء فوجهه أن تكون بدلا عن "يكبر" الأولى. قوله: وإن كانت هذه " كلمة وإن " مخففة عن المثقلة، وأصلها " إنه " أي: إن الشأن كانت هذه الصلاة على هذه الهيئة، كصلاة النبي- عليه السلام- إلى أن فارق الدنيا، وفيه إثبات التكبير في كل خفض ورفع إلا في رفعه من الركوع، فإنه يقول: " سمع الله لمن حمده " وهذا مجمع عليه اليوم، وقد كان فيه خلاف ذكرناه، ففي كل صلاة ثنائية أحد عشرة تكبيرة، وهي: تكبيرة الإحرام، وخمس في كل ركعة، وفي الثلاثية سبع عشرة، وهي تكبيرة الإحرام، وتكبيرة القيام من التشهد الأول، وخمس في كل ركعة، وفي الرباعية ثنتان وعشرون، ففي المكتوبات الخمس: أربع وتسعون تكبيرة، وفي قوله: " ثم يكبر حين يركع " إلى آخره، دليل على مقارنة التكبير لهذه الحركات، وبسطه عليها، فيبدأ بالتكبير حين يشرع في الانتقال إلى الركوع، ويمده حتى يصل حد الراكعين، ثم يشرع في تسبيح الركوع، ويبدأ بالتكبير حين يشرع في الهَوي إلى السجود، ويمده حتى يضع جبهته على الأرض، ثم يشرع في تسبيح السجود، ويبدأ في قوله: " سمع الله لمن حمده " إن كان إمامَا، أو ربنا لك الحمد إن كان مقتديَا، حين يشرع في الرفع من الركوع، ويمده حتى ينتصب قائمَا، ويشرع في التكبير للقيام من التشهد الأول، ويمده حتى ينتصب قائمَا، هذا مذهب العلماء كافةَ إلا ما روي عن عمر بن عبد العزيز، وبه قال مالك: إنه لا يكبر للقيام من الركعتين حتى يستوي قائمَا. والحديث أخرجه البخاري، ومسلم، بنحوه، من حديث الزهري عن أبي سلمي وحده، ومن حديث أبي بكر بن عبد الرحمن وحده.
ص- قال أبو داود: هذا الكلام الأخيرُ يجعله مالك والزبيديُ وغيرُهما عن الزهري، عن علي بن الحسين، ووافق عبد الأعلى عن معمر شعيبُ بن أبي حمزة، عن الزهري.
ش- أشار بقوله: وهذا الكلام الأخير، إلى قوله: وإن كانت هذه

(4/20)


لصلاته حتى فارق الدنيا وقوله: " هذا مبتدأ و " الكلام " مبتدأ ثاني،
وخبره قوله: " يجعله مالك، والجملة خبر المبتدأ الأول، ومالك "
فاعل قوله: " يجعله "، و " الزبيدي " عطف عليه، وهذا الذي ذكره
قسم من أنزل المدرج.
قوله: أشعيب " فاعل "وافقأ، و " عبدَ الأعلى" منصوب، لأنه
مفعوله.
وعلي بن حسين بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي، أبو الحسين،
أو أبو الحسن، أو أبو محمد المدني، وهو زين العابدين./ سمع أباه [2/4 - أ] [] (1) والمسور بن مخرمة، وأبا رافع مولى النبي- عليه السلام-
وعائشة، وأم سلمة، وصفية زوجات النبي- عليه السلام- وغيرهم.
روي عنه أبو سلمة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، والزهري وجماعة
آخرون. وقال أبو بكر بن أبي شيبة: أصح الأسانيد كلها: الزهري،
عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي.
وقال أحمد بن عبد الله: علي بن الحسن تابعي ثقة. توفي بالمدينة سنة
أربع وتسعين. روى له الجماعة (2) .
قوله (3) : " ووافق عبد الأعلى عن معمر شعيب، ارتفاع وشعيب
على أنه فاعلا وافقأ و" عبد الأعلى " منصوب على المفعولية،
وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي القرشي، ومعمر بن راشد.
814- ص- نا محمد بن بشار وابن المثنى قالا: نا أبو داود، نا شعبة،
عن الحسن بن عمران. قال ابن بشار (4) : قال أبو داود: أبو عبد الله العسقلاني. في ابن عبد الرحمن بن أبزي، عن أبيه أنه صلى مع رسول الله
- صلى الله عليه وسلم - فكان لا يُتِم التكبيرَ (5) .
-------------------------
(1) كلمتان غير واضحتين.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (20/ 4050) .
(3) كذا، وهو مكرر لما قبله ببعض الأسطر.
(4) في سنن أبي داود: قال ابن بشار: الشامي. (5) تفرد به أبو داود.

(4/21)


ش- أبو داود الطيالسي.
والحسن بن عمران أبو عبد الله العسقلاني. سمع عمر بن عبد العزيز، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي. وقيل: سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي. قال أبو داود الطيالسي: هذا أصح. روى عنه: شعبه. قال عبد الرحمن: سألته عنه- يعني أباه- فقال: شيخ روى له أبو داود (1) . قوله:" قال أبو داود: أبو عبد الله " أي: قال أبو داود الطيالسي: الحسن بن عمران هو أبو عبد الله العسقلاني. وفي بعض النسخ: " قال أبو داود: هو أبو عبد الله العسقلاني ".
وأما ابن عبد الرحمن بن أبزي فهو إما عبد الله، وإما سعيد كما ذكرناه، وكلاهما ذُكر في الكتاب.
قوله: أفكان لا يتم التكبيرة.
أو، قال أبو داود: ومعناه إذا رفع رأسه من الركوع، وأراد أن يسجد لم يكبر، وإذا قام من السجود لم يكبر.
وذكر في ومختصر السنن يُريدُ لا يريد بالتكبير في الانتقالات كلها، إنما يأتي به في بعضها، والأحاديث الثابتة على خلافه، وقد ذكرنا عن أبي داود الطيالسي أنه قال: هذا عندنا باطل.
****************
133- باب: كيف يضع ركبتيه قبل يديه؟
أي: هذا باب في بيان كيف يضع ركبتيه قبل يديه. وفي بعض النسخ باب في وضع ركبتيه قبل يديه.
815- ص- نا الحسن بن علي وحسين بن عيسى قالا: نا يزيد بن هارون نا شريك، عن عاصمِ بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حُجر قال: " رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سَجدَ، وَضعَ رُكْبتيه قبلَ يَديه، وإذا نَهَضَ رَفعَ يَديه قبلَ رُكبتيهِ، (2)
---------------------------------
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (6/ 1261) .
(2) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين فيه

(4/22)


ش- الحسن بن علي الخلال، وحسين بن عيسى القُومسي البسطامي، وشريك بن عبد الله القاضي. وقد ذكرنا عاصمًا وأباه كليب بن شهاب الكوفي.
وقد اختلف الناس في هذا، فذهب أصحابنا وكثر العلماء إلى وضع الركبتين قبل اليدين، وهذا أرفق بالمصلي، وأحسن في الشكل، وفي رأي العين. وقال مالك: يضع يديه قبل ركبتيه، وكذا قال الأوزاعي، واستدلا بحديث الأعرج، عن أبي هريرة: " وليضع يديه قبل ركبتيه، كما نذكره الآن.
وقال الخطابي: لا حديث وائل بن حجر أثبت من هذا. وزعم بعض العلماء أن هذا منسوخ، ونقل أصحابنا عن مالك أنه مخير في البداية بيديه أو ركبتيه والحديث أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب، لا نعرف أحدًا رواه غير شريك. وروي همام عن عاصم هذا مرسلاً، ولم يذكر فيه عن وائل بن حجر. وقال النسائي: لم يقل هذا عن شريك غير يزيد بن هارون. وقال الدارقطني: تفرد به يزيد عن شريك، ولم يحدث به عن عاصم بن كليب غير شريك، وشريك ليس بالقوي فيما ينفرد به.
وقال البيهقي: هذا حديث يعد من أفراد شريك القاضي، وإنما تابعه همام مرسلاً، هكذا ذكر البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين.
816- عن- نا محمد بن معمر نا حجاج بن منهال نا همام نا محمد بن جحادة عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه: أن النبي- عليه السلام- فذكر حديث الصلاة، قال: فلما سجد وقعتا ركبتاه إلى الأرضِ قبلَ أن يَقَعَا (2) كفاه" (3) .
--------------------
السجود (268) ، النسائي: كتاب التطبيق، باب: أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان معه (1088) ، ابن ماجه: كتاب أقامة الصلاة، باب: السجود (882) .
(1) في سنن أي داود: " تقع ". (2) تفرد به أبو داود.

(4/23)


ش- محمد بن معمر البصري، وهمام بن يحيي، وعبد الجبار بن وائل
ابن حُجر الحضرمي.
[2/ 4 - ب] ، قوله: " وقعتا/ ركبتاه " من قبيل أكلوني البراغيث، وكذلك قوله: وقبل أن يقعا كفاه.
ص- قال همام: ولا شقيق قال: حدثني عاصم بن كليب عن أبيه عن
النبي- عليه السلام- بمثل هذا، وفي حديث أحدهما:- وأكبرُ علمي أنه
في حديث محمد بن جحادة- وإذا نهضَ نهضَ على ركبتيه، واعتَمدَ على
فخذيه.
ش- هذا إشارة إلى أن همام بن يحيي روى هذا الحديث من طريقين:
طريق محمد بن جحادة، وطريق شقيق. هذا مرسل.
قوله: " مثل هذا " أي: بمثل الحديث المذكور، والضمير في "احدهما
يرجع إلى محمد بن جحادة وشقيق.
قوله: " وأكبر علمي " أي: ظني.
قوله: وعلى فخذيه " وفي رواية صحيحة وعلى فخذه،.
817- ص- نا سعيد بن منصور نا عبد العزيز بن محمد حدثني محمد
ابن عبد الله بن حسن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال
رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا سَجدَ أحدكُم فلا يبرُك كما يبرُكُ البَعيرُ، وَليَضَعْ يديه قبلَ رُكبتيه"، (1) .
ش- سعيد بن منصور الخراساني، وعبد العزيز الدراوردي. ومحمد (2)
ابن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني.
قال ابن أبي حاتم: قتل سنة خمسِ وأربعين بالمدينة،. هو ابن خمس
-----------------
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب آخر منه (269) ، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده (2/ 207) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (25/ 5338) .

(4/24)


وأربعين، وقد لقي نافعَا وغيره، وحدثَ عنه الدراوردي وغيره. سمعتُ أبي يقول ذلك.
روى له أبو داود والنسائي، وقال البخاري: محمد بن عبد الله بن حسن، لا يتابع عليه، وقال: ولا أدري سمع من أبي الزناد أم لا؟ " قلت: وثقه النسائي، وقولُ البخاري: " لا يتابع على حديثه " ليس بصريح في الجرح فلا يعارض توثيق النسائي. وبهذا الحديث استدل مالك والأوزاعي- كما ذكرناه- في وضع اليدين أولاً وقد قلنا: إنه منسوخ عند البعض. وروى الطحاوي، وقال: نا ربيع المؤذن، نا أسد بن موسى، نا ابن فضيل، عن عبد الله بن سعد، عن جده، عن أبي هريرة، أن النبي- عليه السلام- قال: فإذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه، ولا يبرك كما يبرك البعير على يديه ".
ثم قال: إن وائلاَ لم يُختلف عنه، وإنما الاختلاف عن أبي هريرة، فكان ينبغي أن يكون ما روي عن وائل أثبت.
818- ص-نا عتيبة بن سعيد نا عبد الله بن نافع، عن محمد بن عبد الله ابن حسن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: " يَعْمدُ أحدُكُم في صلاته فيبرُكُ كما يَبْرُكُ الجَمَلُ؟ " (1)
.ً
ش- " يعمدُ بكسر الميم، أي: يقصد وفي بعض النسخ ويعتمد،. والحديث أخرجَه الترمذي، والنسائي، وقال الترمذي: حديث غريب، لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه.
وقال أبو بكر بن أبي داود السجستاني: وهذه سُنة تفرد بها أهل المدينة. قال البيهقي: (وللدراوردي في إسناد آخر، ولا أراه إلا وهمَا ". ثم أخرجه من حديثه عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر: وكان
-----------------------
(1) الترمذي، كتاب الصلاة، باب آخر منه (269) ، النسائي: كتاب الافتتاح، باب: أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده (2/ 206) .

(4/25)


5/21- أ،
يضع يديه قبل ركبتيه، قال: وكان- عليه السلام- يفعلها ثم علله بأن المشهور عن ابن عمر أنه قال: ما إذا سجد أحدكم فليضع يديه، فإذا رفع فليرفعهما إلى آخره.
قلت: حديث ابن عمر المذكور أولا أخرجه ابن خزيمة في صحيحه وما علله به البيهقي من حديثه المذكور ثانيا فيه نظر، لأن كلا منهما بمعناه منفصلٌ عن الأخر، وحديث أبي هريرة المذكور دلالته قولية، وقد تأيد بحديث ابن عمر، فيمكن أن ترجيحه (1) على حديث وائل، لأن دلالته فعلية على ما هو الأرجح عند الأصوليين ولهذا قال النووي في شرح المهذب ": لا يظهر لي الآن ترجيح أحد المذهبين من حيث السنة،، وحديث ابن عمر المذكور أخرجه الدارقطني أيضا في سننه بإسنادٍ حسن.
*******************