شرح أبي داود
للعيني 147-باب: الرجل يدرك
الإمام ساجدا كيف يصنع؟ (3)
أي: هذا باب في بيان الرجل الذي يدرك الإمام حال كونه
ساجدا كيف يصنع.
__________
(1) المصدر السابق (2/ 217) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (31/ 6766) .
(3) ذكر هذا الباب في سنن أبي داود بعد الباب الآتي.
(4/103)
866- ص- نا محمد بن يحيى بن فارس، أن سعيد
بن الحكم حدثهم قال: نا نافع بن يزيد قال: حدثني يحيى بن
أبي سليمان، عن زيد بن أبي العتاب، وابن المقبري، عن أبي
هريرة قال: قال رسول الله: "إذا جئتُم إلى الصلاة ونَحْنُ
سُجُود فاسْجُدُوا ولا تَعُدوَها شَيْئًا، ومن أدرَكَ
الركَعة فقد أدْركَ الَصَلاةَ " (1) .
ش- سعيد بن الحكم بن محمد المصري، ونافع بن يزيد أبو يزيد
المصري.
ويحيى بن أبي سليمان المديني. روى عن: عطاء بن أبي رباح،
وسعيد المقبري، وسعد بن إبراهيم، وغيرهم. روى عنه: نافع بن
يزيد، وأبو الوليد الطيالسي. قال أبو حاتم: مضطرب، يكتب
حديثه. روى له: أبو داود، والترمذي (2) .
وريد بن أبي العتاب مولى أم حبيبة زوج النبي- عليه
السلام-، ويقال: مولى أخيها معاوية. روى عن: سعد بن أبي
وقاص، ومعاوية ابن أبي سفيان، وأبي سلمة وغيرهم. روى عنه:
موسى بن يعقوب الزمعي، وزياد بن سعد، ونوح بن أبي بلال،
وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. روى له: مسلم، وأبو داود (3) .
قوله: " ونحن سجود " جملة حالية، و "السجود" جمع ساجدِ.
قوله: "ولا تعدوها " أي: لا تعدوا تلك السجدةَ شيئا،
والمعنى أنها
لا تحسب بركعة، بخلاف ما إذا أدرك الإمام وهو في الركوع،
فإن ذلك الركوع يعد من تلك الركعة، لأن للركوع حكم القيام
بخلاف السجدة. قوله: أومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة"،
أجمعت العلماء أن هذا ليس على ظاهره، وأنه لا يكون بالركعة
مدركا لكل الصلاة، وتقديره
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (6843/31) .
(3) المصدر السابق (10/ 2116) .
(4/104)
أدرك حكم الصلاة أو وجوبها، أو فضلها، وقال
القرطبي: هذا ظاهره
لا يصح لقوله- عليه السلام-: " ما أدركتم فصلوا وما فاتكم
فاقضوا".
وروى جابر: " من أدرك من الصلاة ركعة، فقد أدرك فضل
الجماعة،
ومن أدرك الإمام قبل أن يُسلم فقد أدرك فضل الجماعة ". رده
أبو أحمد
بكثير بن شنظيرِ، وقال القرطبي: والصحيح أنه أدرك فضل
الجماعة.
وقيل: أدرَكَ حكم الصلاة. أي: يلزمه من أحكامها ما لزم
الإمام من
الفساد وغيره.
ثم إذا قلنا إنه أدرك فضل الجماعة، فهل يكون ذلك مُضاعفاً
كما يكون
لمن حضرها من أولها؟ أو يكون غير مضاعف؟ اختُلف فيه على
قولين،
وإلى التضعيف ذهب أبو هريرة وغيره من السلف، وكذلك إن
وجدهم قد
سلموا عند هؤلاء، كما جاء في ظاهر حديث أبي داود عن أبي
هريرة:
"من توضأ فأحسن وضوءه، ثم راح فوجد الناس قد صلوا، أعطاه
الله
من الأجر مثل أجر من حضرها وصلاها " (1) وإلى عدم التضعيف
ذهبت
طائفة أخرى. والى هذا يشير قول أبي هريرة: " ومن فاتته
قراءة أم القرآن فقد فاته خيرْ كثير،، واختلفوا هل يكون
مدركا للحكم أو للفضل أو للوقت، بأقل من ركعة، فذهب مالك
وجمهور الأمة- وهو
أحد قولي الشافعي- إلى أنه لا يكون مدركاً شيئا من ذلك
بأقل من
ركعة، متمسكين بلفظ الركعة، وذهب أبو حنيفة، وأبو يوسف
والشافعي- في أحد قوليه- إلى أنه يكون مدركا لحكم الصلاة.
قال القرطبي: واتفق هؤلاء على إدراكه العصر بتكبيرة قبل
الغروب، واختلفوا
في الظهر، فعند الشافعي في قول هو مدرك بالتكبيرة لها
لاشتراكهما في
الوقت، وعنه أنه بتمام القيام للظهر يكون قاضياً لها بعدُ،
ثم هذه الركعة
التي يدرك بها الوقت هي/ بقدر ما يكبر فيها للإحرام، ويقرأ
أم القرآن [2/20 - ب] قراءة معتدلة، ويركع ويرفع، ويسجد
سجدتين يفصل بينهما، ويطمئن
في كل ذلك على قول من أوجب الطمأنينة، وعلى قول من لا يوجب
__________
(1) تقدم برقم (546) .
(4/105)
قراءة أم القرآن في كل ركعة تكفيه تكبيرة
الإحرام والوقوف لها. وأشهبُ لا يراعي إدراك السجدة بعد
الركعة. وسبب الخلاف: هل المفهوم من اسم الركعة الشرعية أو
اللغوية؟ وأما التي يدرك بها فضيلة الجماعة وحكمها، بأن
يكبر لإحرامها، ثم يركع، ويمكن يديه من ركبتيه قبل رفع
الإمام رأسه وهذا مذهب الجمهور. ويروى عن أبي هريرة أنه لا
يعتد بالركعة ما لم يدرك الإمام قائمًا قبل أن يركع. ورُوي
عن جماعة من السلف أنه متى أحرم والإمام راكع أجزأه، وان
لم يدرك الركوع وركع بعد الإمام، وقيل: يجزئه لان رفع
الإمام ما لم يرفع الناس، ونقل هذا عن الشعبي، قال: وإذا
انتهى إلى الصف الآَخر ولم يرفعوا رءوسهم، أو بقي منهم
واحد لم يرفع رأسه، وقد رفع الإمام رأسه، فإنه يركع وقد
أدرك الصلاة لأن الصف الذي هو فيه إمامه. وقال ابن أبي
ليلى، وزفر، والثوري: إذا كبر قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد
أدرك الصلاة.
وقال قتادة وحميد: إذا وضع يديه على ركبتيه قبل أن يرفع
الإمام رأسه فقد أدرك، وإن رفع الإمام قبل أن يضع يدَيْه
على ركبتيه فإنه لا يعتد بها. وقال ابن سيرين: إذا أدرك
تكبيرةً يدخل بها في الصلاة وتكبيرة للركوع، فقد أدرك تلك
الركعةَ.
قال القرطبي: وقيل: يجزئه إن أحرم قبل سجود الإمام. وقال
أبو العالية: إذا جاء وهم سجود سجد معهم، فهذا سلم الإمام
قام، فركع ركعة ولا يَسجدُ، ويعتد بتلك الركعة، وعن ابن
عمر: أنه إذا جاء والقوم سجود سجد معهم، فإذا رفعوا رءوسهم
سجد أخرى ولا يعتد بها. وقال ابن مسعود: إذا ركع ثم مشى
فدخل في الصف قبل أن يرفعوا رءوسهم، اعتد بها، وإن رفعوا
رءوسهم قبل أن يصل إلى الصف، فلا يعتد بها.
والحديث: أخرجه ابن حبان في "صحيحه" وعند الدارقطني: "من
أدرك ركعةً قبل أن يقيم الإمام صلبه فقد أدركها،. وعند
الطحاوي في " المشكل": "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك
الصلاة وفضلها".
(4/106)
قال: وكثر الرواة لا يذكرون: "وفضلها" قال:
وهو الأظهر؛ لأن معنى قوله:" فقد أدرك الصلاة" أي: أدرك
فضلها ولو أدركها بإدراك ركعة منها لما وجب عليه قضاء
بقيتها، وقد جعل بعض العلماء هذا المقدار مدركا لها في
الجمعة، والمغمى عليه يُفيق، والحائض تطهر، والكافر يُسلم،
فهؤلاء يدركون الوجوب. وعند النسائي- أيضا-: " من أدرك من
صلاة ركعةً فقد أدركها"، وعنده- أيضا-: " فقد أدرك الفضيلة
ويُتم ما بَقي" وضعفه. وفي "سنن الكجي ": " من أدرك من
صلاة ركعة فقد أدركها".
وعند مسلم: " من أدرك [ركعة] من الصلاة مع الإمام، فقد
أدرك الصلاة،. وفي لفظ: " فقد أدرك الصلاة كلها". ورواه
النسائي بسند صحيح: "من أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك
الصلاة كلها إلا أنه يقضي ما فاته". وروى أبو علي الحنفي،
عن مالك، عن الزهري، عن أبي سلمة: من أدرك ركعةً من الصلاة
فقد أدرك الفَضْل.
قال أبو عمر: لا أعلم أحدا يَرْويه عن مالك غيرُه. وفي
رواية عمار ابن مطر، عن مالك، وتفرد به: فقد أدرك الصلاة
ووقتها". وعند النسائي من حديث سالم مُرسَلاً: "فقد أدرك
الصلاة إلا أنه يقضي ما فاته".
* * *
148- بَاب: أعْضَاء السجُود
أي: هذا باب في بيان أعضاء السجود في الصلاة. وفي بعض
النسخ:
" باب في أعضاء السجود".
867- ص- نا مُسدد، وسليمان بن حرب قالا: نا حماد بن زيد
(1) ، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي-
عليه السلام- قال: " أمرتُ ". قال حماد: أمِرَ نَبيكم أن
يَسْجدَ على سَبْعة، ولا يَكفُّ شعرا، ولاَ ثَوبا (2) .
__________
(1) في الأصل: "حماد بن سلمة" خطأ، وانظر: التحفة (5/
5734) .
(2) البخاري: كتاب الأذان، باب: السجود على سبعة أعظم
(809) ، مسلم: =
(4/107)
ش- قال البخاري: نا قبيصةُ: نا سفيان، عن
عمرو بن دينار، عن
طاوس، عن ابن عباس قال: أمِر النبي- عليه السلام- أن يسجد
على
[2/21 - أ] سبعة أعضاء، ولا يكف شعرا ولا ثوبا: الجبهة،
واليدين/ والركبتين والرجلين،. وفي حديث شعبة، عن عمرو:
"أُمرنا أن نسجد على
سَبعة أعظم،. وفي حديث عبد الله بن طاوس، عن أبيه قال
النبي
- عليه السلام-: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، على الجبهة،
- وأشار بيده إلى أنفه- والرجلين، وأطراف القدمين، ولا
يكفتُ الثياب،
ولا الشعر". وعند ابن ماجه: قال ابن طاوس: فكان أبي يقول:
اليدين، والركبتين، والقدمين، وكان يعد الجبهة والأنف
واحدَا. وعند
مسلم: "أمرت أن أسجد على سبعة: الجبهة، والأنف، واليدين،
والركبتين والقدمين".
وقال ابن بطال: اختلف العلماء فيما يجزئ السجود عليه من
الآراب
السَبْعة بعد إجماعهم على أن السجود على الأرض فريضة.
وقال الشيخ محيي الدين (1) : أعضاء السجود سبعة وينبغي
للساجد أن
يسجد عليها كلها، وأن يسجد على الجبهة والأنف جميعاً وأما
الجبهة:
فيجب وضعها مكشوفة على الأرض ويكفي بعضها، والأنف مستحب،
فلو تركه جاز، ولو اقتصر عليه وترك الجبهة لم يجز. هذا
مذهب الشافعي، ومالك، والأكثرين. وقال أبو حنيفة، وابن
القاسم من أصحاب مالك: له أن يقتصر على أيهما شاء. وقال
أحمد، وابن حبيب
من أصحاب مالك: يجب أن يسجد على الجبهة والأنف جميعاً
لظاهر
__________
= كتاب الصلاة، باب: أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر
والثوب (490) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في
السجود على سبعة أعضاء (273) ، النسائي: كتاب التطبيق،
باب: على كم السجود (2/ 7 0 2) ، ابن ماجه: كتاب أقامة
الصلاة، باب: السجود (883) .
(1) شرح صحيح مسلم (4/208) .
(4/108)
الحديث. وقال الأكثرون: بل ظاهر الحديث
أنهما في حكم عضو واحد؛ لأنه قال في الحديث: " سبعة " فإن
جعلا (1) عضوين صارت ثمانيةً، وذكر الأنف استحبابا.
وقال ابن بطال: وقالت طائفة: إذا سجد على جبهته دون أنفه
أجزأه. رُوي ذلك عن: ابن عمر، وعطاء، وطاوس، والحسن، وابن
سيرين، والقاسم، وسالم، والشعبي، والزهري، قال: وهو قول
مالك، ومحمد، وأبي يوسف، والشافعي في أحد قوليه، وأبي ثور،
والمستحب عندهم: أن يسجد على أنفه مع جبهته. ورُوي عن أبي
حنيفة: إن اقتصر على أحدهما- الأنف أو الجبهة- جاز، هذا هو
الصحيح من مذهبه. وروى أسد بن عَمرو عنه: لا يجوز الاقتصار
على الأنف إلا من عذر، وهو قول تلميذيه.
وفيا شرح الهداية لما عنه: إن وضع الجبهة وحدها من غير عذر
جاز بلا كراهة، وفي الأنف وحده يجوز مع الكراهة، والمستحب
الجمع بينهما. وفي " الأسرار " للدبوسي: يُجزئه. وقد أشار
أبو حرص في "المنظومة": إنه يجوز بلا عذر، وحكى ابن شاس في
" الجواهر " أنه قول مالك.
وقال ابن جرير في "تهذيب الآثار": حكم الجبهة والأنف سواء
فواضع الأنف دون الجبهة كواضع راحتَيْه دون الأصابع، أو
الأصابع دونهما للفرق بين ذلك، قال: وبنحو هذا الذي قلناه
قال جماعة من السلف. وقال ابن بلال: وبه قال طاوس، وابن
سيرين، وهو قول ابن القاسم.
وفي " المبسوط": ونقل عن ابن عمر مثل قول: إمامنا النعمان،
وذكر أصحاب التشريح أن عَظْمتي الأنف تبتدآن من قرية
الحاجب وتنتهيان إلى الموضع الذي فوق الثنايا والرباعيات،
فعلى هذا يكون الأنف والجبهة
__________
(1) في الأصل: " جعل" وما أثبتناه من شرح مسلم، وهو
الجادة.
(4/109)
- التي هي أعلى الخد- واحداً، وهو المعنى
المشار إليه في الحديث على الجبهة: " وأشار بيده إلى
أنفه"، فقد سوى بينهما ولأن أعضاء السجود سبعة إجماعا، ولا
يكون سبعة إلا إذا كانت الجبهة والأنف عضواً واحداً. وذكر
ابن بطال أن في بعض طرق حديث ابن عباس.: " أُمرتُ أن أسجد
على سبْعة، منها: الوجْه ". انتهى. يُؤيده قوله- عليه
السلام-:- "وهو ساجدٌ"- فيما رواه مسلم: " سجَد وجهي للذي
خلقه " الحديث. وفي " العارضة" لابن العربي: في بعض طرقه:
" الجبهة أو الأنف ".
وأما اليدان والركبتان والقدمان: فهل يجب السجود عليها؟
فقال الشيخ محيي الدين (1) : فيه قولان للشافعي: أحدهما:
لا يجب لكن يستحب استحبابا متأكداً، والثاني: يجبُ وهو
الأصح، وهو الذي رجحه الشافعي، فلو أخل بعضو منها لم تصح
صلاته، وإذا أوجبنا لم يجب كشف القدمين والركبتين. وفي
الكفين/ قولان للشافعي، أحدهما: يجب كشفهما كالجبهة،
وأصحهما لا يجبُ.
وفي "شرح الهداية": السجود على اليدين والركبتين والقدمين
غير واجب. وفي " الواقعات": لو لم يضع ركبتيه على الأرض
عند السجود لا يُجزئه. وقال أبو الطيب: مذهب الشافعي: أنه
لا يجب وضع هذه الأعضاء، وهو قول عامة الفقهاء، وعند زفر
وأحمد بن حنبل: يجبُ، وعن أحمد في الأنف روايتان.
قوله:" ولا نكُف (2) شعرا ولا ثوبا"، وعند مسلم: " ولا
نكفت الثياب ولا الشعر"؛ وهما بمعنى واحد، وهو الجمع
والضم، والكفْت: الجمع والضم ومنه قوله تعالى: "ألمْ
نَجْعَلِ الأرْضَ كفاتاً" (3) أي: نجمع الناس في حياتهم
وموتهم، وهو بمعنى الكل.
__________
(1) شرح صحيح مسلم (208/4) .
(2) كذا، وفي من الحديث: " يكف ".
(3) سورة المرسلات: (25) .
(4/110)
" (1) واتفق العلماء على النهي عن الصلاة
وثوبه مشمرا، أو كمه أو نحوه، أو رأسه معقوص، أو مردود
شعره تحت عمامته أو نحو ذلك وهو كراهة تنزيه، فلو صلى كذلك
فقد أساء وصحت صلاته. واحتج الطبري في ذلك بالإجماع، وحكى
ابن المنذر الإعادة فيه عن الحسن البصري، ثم مذهب الجمهور
أن النهي مطلقاً لمن صلي كذلك، سواء تعقده للصلاة أم كان
كذلك قبلها، لا لها بل لمعنى آخر. وقال الداودي: يختص
النهي بمن فعل ذلك للصلاة، والمختار الصحيح: هو الأول. قال
العلماء: والحكمة في النهي: أن الشعر يَسْجد معه، ولهذا
مَثلَهُ بالذي يُصلي وهو مكتوف.
868- ص- نا محمد بن كثير: أنا شعبة، عن عَمرو بن دينار، عن
طاوس، عن ابن عباس، عن النبي- عليه السلام- قال: " أمِرتُ
"- "وربما قال-: " أمِرَ نبيكُم أن يَسْجدَ على سبعْةِ
آرَاب " (2) .
ش- الآرابُ: جمع إِرْب- بكسر الهمزة، وسكون الراء- وهو
العُضو، أي: أمر أن يَسْجد على سبْعة أعضاء: الجبهة،
واليدَيْن، والركبتين، والقدمَين. والحديث: رواه الترمذي،
والنسائي، وابن ماجه. ورواه البزار في (سننه) بلفظ: "أمر
العبد أن يَسْجد على سَبْعة آراب "، وقال: وقد روى هذا
الحديث سَعْد، وابن عباس، وأبو هريرة، وغيرهم لا نعلم أحدا
قال: (آراب) إلا العباسُ.
قلت: قد قالها ابن العباس- أيضا- كما أخرجه أبو داود عنه
مرفوعا، وقالها سَعْد- أيضا- كما رواه أبو يَعْلى الموصلي
في " مُسنده" والطحاوي في "شرح الآثار" من حديث عبد الله
بن جعفر، عن إسماعيل بن محمد، عن عامر بن سعد، عَن أبيه:
سَعْد بن أبي وقاص، عن النبي- عليه السلام- قال: "أُمِر
العبدُ أن يَسْجد على سبْعة
__________
(1) انظر: شرح صحيح مسلم (209/4) .
(2) انظر التخريج المتقدم.
(4/111)
آراب "، وأخطأ المنذري إذ عَزَى في "
مختصره " هذا الحديث للبخاري ومسلم؟ إذ ليس فيهما لفظ
"الآراب " أصلا.
869- ص- نا قتيبة بن سعيد: نا بكر- يعني: ابن مضر-، عن ابن
الهادي، عن محمد بن إبراهيم، عن عامر بن سَعْد، عن العبّاس
بن عبد المطلب أنه سمعَ رسولَ اللهِ- عليه السلام- يقولُ:
" إذا سَجَدَ العَبْدُ سَجَدَ معه سَبْعةُ آرَابٍ: وجهُهُ،
وكَفاهُ، ورُكبتَاه، وقدَمَاهُ " (1) .
ش- بكر: ابن مضر المصري، وابن الهاد: هو يزيد بن عبد الله
بن أسامة بن الهاد، ومحمد بن إبراهيم: ابن الحارث التيمي،
وعامر بن سَعْد: ابن أبي وقاص.
والعباس بن عبد المطلب: ابن هاشم بن عبد مناف الهاشمي
القرشي، يكنى أبو (2) الفضل، عم رسول الله، وكان أسن من
رسول الله- عليه السلام- بسنتَيْن أو ثلاثة، شهد بدرا مع
المشركين وأسر يومئذ فأسلم بعد ذلك، وقيل: أسلم قبل بدْر،
وكان يكتم إسلامه، وأراد القدوم إلى المدينة فأمره النبي-
عليه السلام- بالمقام بمكة وقال له: إن مقامك بمكة خير،
وكان يكتب إلى النبي- عليه السلام- بأخبار المشركين وكان
المسلمون يتقون به، ولذلك أمره- عليه السلام- بالمقام
بمكة، رُوِيَ له عن رسول الله- عليه السلام- خمسة (3)
وثلاثون حديثا، اتفقا على حديث واحد، وللبخاري حديث ولمسلم
ثلاثة أحاديث. روى عنه: ابناه: عبد الله وكثير، وجابر بن
عبد الله، والأحنف بن قيس، وعامر
__________
(1) مسلم: كتاب الصلاة، باب: أعضاء السجود والنهي عن كف
الشعر والثوب (491) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء
في السجود على سبعة أعظم (272) ، النسائي: كتاب التطبيق،
باب: تفسير ذلك (2/ 8 0 2) ،
ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسمعة فيها، باب: السجود (5
ول) .
(2) كذا.
(3) في الأصل: "خمسون" خطأ.
(4/112)
ابن سَعْد، وغيرهم. مات بالمدينة سنة
اثنتين وثلاثين، وهو/ ابن ثمان [2/22- أ] وثمانين. روى له
الجماعة (1) .
والحديث: رواه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبّان
في "صحيحه" والحاكم في " مستدركه " وسكت عنه. ورواه
الطحاوي - أيضا- ثم قال: فكانت هذه الأعضاء هي التي عليها
السجود، فنظرنا كيف حكمُ ما اتُفِقَ عليه منها، ليُعلمَ
كيف حكمُ ما اختَلَفوا فيه منها؟ فرأينا الرجل إذا سجد
يَبْدأُ بوضع أحد هذين: إما ركبتَيْه وإما يدَيْه، ثم رأسه
بعدهما، ورأيناه إذا رفع بدأ برأسه، فكان الرأس مُقدماً في
الرفع، مُؤخراً في الوضع، ثم يُثني بعد رفع رأسه برفع
يَديْه ثم ركبتيه، وهذا اتفاق منهم جميعاً، فكان النظر على
ما وصَفنا في حكم الرأس إذا كان مؤخرا في الوضع لما كان
مقدما في الرفع، أن تكون اليدان كذلك، لما كانتا مقدّمتين
على الركبتين في الرفع أن يكونا مؤخرين عنهما في الوضع،
فثبت بذلك ما روى وائل. أرادَ به ما روى وائلُ بن حجر قال:
كان رسول الله- عليه السلام- إذا سجد بدأ بوضع ركبتيه قبل
يدَيْه، ثم قال: فإذا هو النظر وبه نأخذ، وهو قول أبي
حنيفة وأبي يوسف ومحمد، وقد روي ذلك- أيضا- عن عمر، وعبد
الله بن عمر، وغيرهما. واعلم أن حديث العباس هذا عَزاهُ
جماعةٌ إلى مُسلم، منهم: أصحاب الأطراف، والحُميدي في "
الجمع بين الصحيحين "، والبَيْهقي في "سننه" وابن الجوري
في " جامع المسانيد" وفي " التحقيق "، ولم يذكره عبد الحق
في " الجمع بين الصحيحين "، ولم يذكر القاضي عياش لفظ
"الآراب" في " مشارق الأنوار" الذي وضعه على ألفاظ البخاري
ومسلم و "الموطأ"، وقال القاضي: وهذه اللفظة لم تقع عند
شيوخنا في مسلم، ولا في النسخ التي رأينا، والتي في كتاب
مسلم: " سَبْعة أعظم ".
__________
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (3/ 94) ،
وأسد الغابة (3/ 164) ، والإصابة (2/ 271) .
8. شرح سنن لكي داوود 4
(4/113)
انتهى. والذي يظهر- والله أعلم- أن أحدهم
سبق بالوهم وتبعه الباقون، وهو محل اشتباه، فإن العباس
يَشتبه بابن عباس، و"سبْعة آراب" قريب من "سَبْعة أعظُم ".
870- ص- نا أحمدُ بن حَنْبل: نا إسماعيل- يعني: ابن
إبراهيم-، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رفعَه قال: "إِن
اليَدينِ تَسْجُدَانِ كما يَسْجُد الوَجْهُ، فإذا وَضعَ
أحدُكُم وَجْهَه فليَضعْ يدَيْه، "إذا رَفعَه
فليَرْفَعْهُمَا" (1) .
ش- إسماعيل: ابن إبراهيم، أبو بشْر البصري، وأيوب:
السختياني. قوله: " كما يَسجد الوجهُ " أراد به الجبهة، من
باب إطلاق الكل على الجُزء، حتى لو سجد على خديه أو ذقنه
لا يجور لأن المراد من السجود تعظيم الله تعالى، والسجود
عليها لم يُعرف تعظيما في الشاهد، فلم يَصيرا محلاً
للسُجود بالإجماع، والأصل في السجود: وضع الوَجْه ولكنه
متعذر لأن الجَبْهة والأنف عظمان ناتئان يمنعان وضع الكل،
فكان المرادُ من قوله:" فإذا وضع أحدكم وجهه" بعْض الوجه
وهو الجبْهة. وقد استدل مَنْ يرى وضع اليَدْين واجبا
بقوله:" فليَضَع يدَيْه"، وقد ذكرنا الخلاف فيه، وأنه عند
أصحابنا ليس بواجب لتحقق السجدة بدونه، وكذلك وضع الركبة؛
لأن السجدة تتحقق بدونها. وأما وضع القدمين: فقد ذكر
القدوري في " شرح مختصر الكرخي" أنه فريضة في السجود لأنه
لا يتحقق بدون وضع القدمين.
والجواب عن الحديث: أن الأمر فيه محمول على النَّدْب،
ولهذا تصح صلاة المكتوف بالإجماع. وقد ذكر أصحابنا أن من
السُنَّة أن يضع أولا ما كان أقرب إلى الأرض: الركبة، ثم
اليد، ثم الوجْه، وعند الرفع يرفع
__________
(1) النسائي: كتاب التطبيق، باب: وضع اليدين مع الوجه في
السجود (207/2) .
(4/114)
أولا ما كان أبْعد من الأرض، فيَرفع وجهه،
ثم يديْه، ثم ركبتيه. والحديث: أخرجه النسائي.
149- بَاب: السجُود على الأنف والجبهَةِ
أي: هذا باب في بيان السجود على الأنف والجَبهة وليْس في
غالب
النسخ لفظ الباب.
871- ص- نا محمد بن المثنى: نا صفوان بن عيسى: نا معمر، عن
يحيي بنِ أبي كثير، عن أي سلمة، عن أي سعيد الخدري، أن
رسولَ الله
" رُؤي على جبهَتِه وعلى أرْنبتِهِ أثَر طينٍ من صَلاةِ
صَلاهَا بالناس" (1) .
ش- صفوان بن عيسى: أبو محمد البصري، ومعمر: ابن/ راشد
[2/22- ب] قوله: "رؤِيَ" على صيغة المجهول.
قوله: "وعلى أرْنبته" الأرْنبةُ: طرف الأنْف.
وبهذا الحديث استدل من قال: لابد من السجدة على الجبهة
والأنف
جميعاً، ولا يقتصر على إحديهما، وبما روى الترمذي من حديث
أبي حميد الساعدي أن النبي- عليه السلام- كان إذا سجدَ
أمكن أنفه
وجبهته الأرض، ونحى يدَيْه عن جَنْبيه، ووضع كفيه حذو
منكبَيه، ثم
قال: حديث أبي حُميد حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أهل
العلم: أن يَسجد الرجل على جبهته وأنفه، فإن سجد على جبهته
دون أنفه
فقد قال قوم من أهل العلم: يُجزئه، وقال غيرهم: لا يُجزئه
حتى
يَسْجد على الجبهة والأنف.
__________
(1) البخاري: كتاب الأذان، باب: هل يصلي الإمام بمن حضر؟
وهل يخطب يوم الجمعة في المطر؟ (66) ، مسلم: كتاب الصيام،
باب: فضل ليلة القدر والحث على طلبها وبيان محلها وأرجى
أوقات طلبها (1167) ، النسائي: كتاب التطبيق، باب: السجود
على الجبن (208/2) ، ابن ماجه: كتاب "الصيام" باب: في ليلة
القدير (1766) ، ويأتي برقم (1352) .
(4/115)
وروى أبو بكر بن أبي شيبة: نا ابن فضيل، عن
عاصم، عن عكرمة قال: مرّ رسول الله على إنسان ساجد لا يَضع
أنفَه في الأرض فقال: "مَنْ صلى صلاة لا يُصيبُ الأنفُ ما
يُصيب الجبينُ لم تُقبل صلاتُه ". قلت: هذا مُرسل.
وقال- أيضا-: نا ابن فضيل، عن وِقاء، عن سعيد بن جبير قال:
سمعته يقولُ: ما تمت صلاة رجل حتى يُلْزق أنفه كما يُلزق
جبهته. واستدل من يرى الاقتصار على الجبهة بما رواه أبو
بكر بن أبي شيبة
- أيضا- من طريق جابر بن عبد الله يقول: رأيت رسول الله
يَسْجد في أعلى جبهته على قصاص الشعر.
ونا هشيم، عن منصور، عن الحسن قال: إن شئت فاسجد على أنفك،
وإن شئت فلا تفعل.
ونا معن، عن خالد بن أبي بكر قال: رأيت القاسمَ وسالما
يسجدان على جباههما، ولا تمس الأرض أنوفهما.
نا وكيع، عن إسرائيل، عن جابر، عن عامر في رجل لم يَسجد
على أنفه قال: تجزئه.
نا وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن عامر قال: لا يضره.
وحديث الخدري: أخرجه البخاري ومسلم بنحوه أتم منه. وأخرجه
أحمد- أيضا- في " مسنده" في حديث طويل، وفي آخره: "فرأيتُ
رسول الله وإن على أنفه وجبهته أثر الماء والطين". وطريق
آخر:" وإن جبهته وأرنبة أنفه لفي الماء والطين،.
872- ص- نا محمد بن يحيى: نا عبد الرزاق، عن معمر نحوه (1)
. ش- أشار به إلى طريق آخر، وهو عن محمد بن يحيي بن فارس،
عن عبد الرزاق بن همام، عن معمر بن راشد نحو الحديث
المذكور.
__________
(1) انظر الحديث السابق.
(4/116)
150- بَاب: صِفَة السُّجُودِ
أي: هذا باب في بيان صفة السجود، وفي بعض النسخ: " باب كيف
السجود؟ ".
873- ص- نا الربيع بن نافعِ أبو توبة: نا شريك، عن أبي
إسحاق قال: وَصَفَ لنا البراءُ بنُ عازب فوضعَ يدَيْهِ
واعتمدَ على رُكبتَيهِ، ورفعَ عَجِيزَتَه وقال: هكذا كان
رسولُ اللهِ يَسْجدُ (1) .
ش- شريك: ابن عبد الله، وأبو إسحاق: السبِيعي.
قوله: " ورفع عجِيزته " العجِيزَة: العجزُ وهي للمرأة
خاصة، فاستعارها للرجل.
واستفيد من الحديث ثلاث فوائد؛ الأولى: وضع اليدين،
والثانية: الاعتماد على الركبتين، والثالثة: رفع العجيزة،
والمرادُ منه: التجافي. والحديث: أخرجه النسائي، وابن أبي
شَيْبة.
874-ص- نا مسلم بن إبراهيم: نا شعبة، عن قتادة، عن أنس أن
النبي- عليه السلام- قال: " اعتَدلُوا في السجود، ولا
يَفترشْ أحدُكُم ذرَاعَيْهِ افْتراشَ الكلبِ " (2) .
ش- اعتدال السجود: استقامته وتثقيفه. والحديث: أخرجه
الأئمةُ الستة. وعند ابن خزيمة عن أبي هريرة يرفعه: " إذا
سجد أحدكم فلا يفترش يدَيْه افتراش الكلب، وليضم فخذيه ".
وروى أبو بكر بن أبي
__________
(1) النسائي: كتاب التطبيق، باب: صفة السجود (2/ 212) .
(2) البخاري: كتاب المواقيت، باب: المصلي يناجي ربه عبر
وبَئَ (532) ، مسلم: كتاب الصلاة، باب: الاعتدال في السجود
ووضع الكفن على الأرض (493) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب:
ما جاء في الاعتدال في السجود (275) ، النسائي: كتاب
التطبيق، باب: الاعتدال في الركوع (2/ 187) ،
ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: الاعتدال
في السجود (892) .
(4/117)
شيبة: نا حفص بن غياث وأبو معاوية وأبو
خالد الأحمر، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: قال
النبي- عليه السلام-: " إذا سجد أحدكم فليعتدل، ولا يفترش
ذراعيه افتراش الكلب".
والحكمة في هذا: أنه أشبه بالتواضع، وأبلغ في تمكين الجبهة
والأنف من الأرض، وأبْعد من هيئات الكسالى، فإن المنبسط
يشبه الكلب، ويشعر حاله بالتهاون بالصلاة، وقلة الاعتناء
بها والإقبال عليها، فلو تركه كان مُسيئاً، مرتكباً لنهي
التنزيه، وصلاته صحيحة.
875- ص- نا قتيبة بن سعيد: نا سفيان، عن عُبيد الله بن عبد
الله، عن عمّه: يزيد بن الأصم، عنِ ميمونةَ، أن النبي-
عليه السلام- كانَ إذا سَجَدَ جَافَى بين يديْهِ حَتى لو
أن بهْمة أرَادَتْ أن تمر تحتَ يديْه مَرت" (1) .
[2/23 - أ] / ش- عُبَيد الله بن عَبْد الله: ابن الأصم أخو
عَبْد الله وهو أصغرهما. سمع: عمه: يزيد بن الأصم. روى
عنه: مروان بن معاوية الفزاري، وعبد الواحد بن زياد. روى
له: مسلم، والنسائي، وأبو داود، وابن ماجه (2) .
ويزيد بن الأصم: واسم الأصم: عَمرو، وهو ابن أخت ميمونة
زوج النبي- عليه السلام- وابن خالة ابن عباس، وقد ذكرناه.
قو له: " جافى" أي: باعد.
قوله: "أن بَهْمة" قال أبو عُبيد وغيره من أهل اللغة:
البَهْمة واحد البَهْم وهي الولاد الغنم من الذكور
والإناث، وجمع البَهْم: بِهام - بكسر الباء- ت وقال
الجوهري: البهمة من أولاد الضأن خاصةً، وتطلق على الذكر
والأنثى، قال: والسؤال: أولاد المعزى.
__________
(1) مسلم: كتاب الصلاة، باب: ما يجمع صفة الصلاة وما يفتتح
به ويختتم به وصفة الركوع والاعتدال منه والسجود والاعتدال
منه (496) ، النسائي: كتاب التطبيق، باب: التجافي في
السجود له 110) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب:
السجود (. من) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (19/ 3647) .
(4/118)
والحديث: أخرجه مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
" وفي مسند أبي يَعْلى المَوْصلي ": أن تَمرَّ تحت يديْه"
مثل رواية أبي داود. وعند غيرهما: "أن تمرّ بين يدَيْه،.
ورواه الحاكم في "مستدركه"، والطبراني في " مُعجمه " وقالا
فيه: " بُهَيْمة " بتَصْغير "بهمة".
وقال الشيخ جمال الدين الزيلعي (1) : ورأيت على الباء ضمة
بخط بعض الحُفاظ تصغير بهمة، وهو الصواب وفتح الباء فيه
خطأ. ورواه البيهقي في " المعرفة " عن الحاكم بسنده، وفي
آخره. وقال فيه " بُهَيمة" يعني أن الحاكم رواه بلفظ
"بُهيمة"، وسكت الحاكم عنْه.
والحديث رواه مسلم بطريقين: الأول: عن ابن عيينة، عن عبيد
الله ابن عبد الله بن الأصم، عن عمه: يزيد بن الأصمّ،
والثاني: عن مروان الفِزاري، عن عبيد الله بن عبد الله بن
الأصم، عن يزيد بن الأصم.
قال الشيخ محيي الدين (2) : هكذا وقع في بعض الأصول:
عُبَيد الله ابن عبد الله بتصغير الأول في الروايتين، وفي
بعضها: عبد الله مكبرا في الموضعين وفي كثرها بالتكبير في
الرواية الأولى والتصغير في الثانية، وكله صحيح فعَبْد
الله وعُبيد الله أخوان وهما ابنا عبد الله بن الأصم، وعبد
الله بالتكبير أكبر من عبيد الله، وكلاهما روى عن عمّه:
يزيد بن الأصم، وهذا مشهور في كتب أسماء الرجال، والذي
ذكره خلف الواسطي في كتابه "أطراف الصحيحين " في هذا
الحديث عبد الله بالتكبير في الروايتَيْن، وكذا ذكره أبو
داود وابن ماجه في "سننهما " من رواية ابن عيينة بالتكبير،
ولم يَذكرا رواية الفزاري، ووقع في "سنن النسائي " اختلاف
في الرواة عن النسائي، بعضهم رواه بالتكبير وبعضهم
بالتصغير، ورواه البيهقي في " السنن الكبير" من رواية ابن
عيينة بالتصغير، ومن رواية الوزاري بالتكبير.
__________
(1) انظر: نصب الراية (387/1) . (2) شرح صحيح مسلم (4/ 1 1
2- 2 1 2) .
(4/119)
قلتُ: النُّسخ المضبوطة المصححة لأبي داود:
عُبيد الله بن عبد الله بالتصغير من رواية سفيان ولكنَّ
الذي ظهر لي صحة كلام الشيخ محيي الدين أنه بالتكبير من
رواية سفيان، وأما الذي بالتصغير فهو من رواية مروان
الفزاري، وأبو داود لم يخرج من روايته.
وأما ترجمة عَبْد (1) الله بن عَبْد الله بالتكبير فهو ابن
الأصم أخو عُبيد الله وهو كبر من أخيه، واسم الأصم: عمرو
بن عرْس بن معاوية ابن معاوية بن عبادة بن البكاء بن ربيعة
بن عامر بن صعصعة العامري، رأى الحسن والحسين، وسمع عمّه:
يزيد بن الأصم. روى عنه: سفيان الثوري، وابن عيينة، وعبد
الواحد بن زياد، وعبدة بن سليمان، ومروان بن معاوية. قال
ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: شيخ. روى له: مُسلم كذا قال
صاحب " الكمال " واقتصر على مسلم، وهذا يدل على أن أبا
داود لم يَرْو لعبد الله بن عبد الله بالتكبير، وأن الذي
روى له هو عبيد الله بالتصغير: ابن عبد الله، كما هو في
النسخ المضبوطة؛ فافهم.
876- ص- نا عبد الله بن محمد النفيلي: نا زهير: نا أبو
إسحاق، عن التميمي الذي يُحدث التفسيرِ عن ابن عباس " قال:
أتيتُ النبيَّ- عليه السلَام- مِن خلفِهِ فرأيتُ بَيَاض
إِبْطيِه وهو مُجَخ قد فَرَّجَ يديه (2) .
ش- زُهَيْر: ابن معاوية، وأبو إسحاق: السبيعي.
والتميميّ جماعة؟ ولكن المراد هاهنا: التميمي الذي يُحدث
عن ابن عباس بالتفسير، روى عنه: أبو إسحاق الطبيعي، ولم
يَرو عنه غيره، واسمه: أرْبدُ، وقيل: أربدَةُ- بالهاء-
وكان يُجالس ابن عباس. روى له: أبو داوود (3) .
قوله: " وهو مُجخ"- بضم الميم، وبعدها جيم مفتوحة، وخاء
معجمة مشدّدة-، وروي: " كان إذا صلى جخ"- بفتح الجيم،
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (15/ 3360) .
(2) تفرد به أبو داود.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (2/ 297) .
(4/120)
[2/ 23 - ب] / وبعدها خاء معجمة مُشددة-
أي: فتح عضديه عن جَنْبيْه وجَافَاهما عنهما، ويروى:
"جَخى"- بالياء- وهو أشهَرُ وهو مثل جَخَّ، وقال بَعضُهم:
كان إذا صلى جَخَّ أي: تحوَّل من مكان إلى مكان. وروَى
البزار: كان النبي- عليه السلام- إذا صلى جَخَّا، قال:
وقال النضر
ابن شميل: جخا: لا يتمددُ في ركوعه ولا سجوده. وقال
الحاكم:
صحيح على شَرْط الشيخين ولم يُخْرجاه، وهو مَعْدود في
أفْراد النضر بن
شميل.
877- ص- نا مسلم بن إبراهيم: نا عبّاد بن راشد: ثنا الحسن:
نا أحمرُ
ابن جَرِي صاحبُ رسول اللهِ- عليه السلام- أنَّ رسولَ
الله- عليه السلام-
كان إذا سَجَدَ جَافَى عَضُديهِ عن جَنْبَيهِ حَتى نَأوِيَ
له (1) .
ش- عباد بن راشد: التميمي مولى بني كُليب بن يربوع البصري.
سمع: الحسن البصري. وروى عن: سعيد بن أبي خيرة (2) . روى
عنه: عبد الرحمن بن مهدي، وأبو عامر العقدي، ووكيع،
وغيرهم.
قال أحمد: ثقة صدوق صالح. وقال ابن معين: صالح. وقال
أبو حاتم: صالح الحديث. وأنكر على البخاريّ إدخال اسمه في
كتاب "الضعفاء" وقال: يحول من هناك. روى له: البخاري،
ومسلم،
وأبو داود، وابن ماجه (3) .
وأحمرُ بن جَرِفي بن ثعلبة بن زيد بن مالك بن سنان، عداده
في البصريين. روى عنه: الحسن البصري، ولم يرو عنه غيرُه،
روى عن النبي- عليه السلام- حديثا واحدا. روى له: أبو
داود، وابن ماجه (4) وأحمرُ بالحاء والراء المهملتين،
وجَري: بفتح الجيم، وكسر الراء، وقيل
__________
(1) ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: السجود (886) .
(2) في الأصل: " حمزة عنه" خطأ.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (4 1/ 77 0 3) .
(4) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (1/ 94) ،
وأسد الغابة (1/ 66) ، والإصابة (1/ 22) .
(4/121)
بالتصغير، وقيل: حري- بالحاء المهملة،
وقيل: جزء- بفتح الجيم وسكون الزاي، وفي آخره همزة (1) .
قوله: "نأوي له " أي: نرِق له ونُرْثي؛ يقال: أوَيْتُ
للرجل آوِي له إذا أصابه شيء، فرثيت له. والحديث: أخرجه
ابن ماجه.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: نا وكيع، عن عباد بن راشد، عن
الحسن قال: حدَّثني أحْمرُ صاحب رسول الله قال: إن كُنا
لنَأوِي لرسول الله - عليه السلام- فما يُجافي بفخذيه عن
جَنْبيه إذا سَجد.
878-ص- نا عبد الملك بن شعيب بن الليث: نا ابن وهب قال:
أخبرني الليث، عن دراج، عن ابن حُجَيْرة، عن أبي هريرةَ،
عن النبيِّ عليه السلام- قال: "إذا سَجدَ أحدُكُم فلا
يَفْترِشْ يدَيْه افْتِرَاشَ الكَلب، وليضم فَخِذيه " (2)
.َ
ش- دراج: ابن سَمْعان أبو السَمْح القرشي السَهْمي، مولى
عبد الله ابن عَمْرو بن العاص، قال يحيي بن بكير: هو ابن
عم عبد الرحمن، رأى عبد الله بن عمرو. وسمع: عبد الله بن
الحارث بن جَزء، وأبا الهيثم سليمان بن عمرو، وابن
حُجَيرة. ورَوَى عن: السائب مولى أم سلمة زوج النبي- عليه
السلام-. وروى عنه: الليث بن سَعْد، وعمرو بن الحارث، وابن
لهيعة، وغيرهم. قال أحمد: حديثه منكر. وقال ابن معين: ثقة.
وقال الدارقطني: مصري متروك. وقال النسائي: مصري ليس
بالقوي. توفي سنة ست وعشرين ومائة. روى له: أبو داود،
والترمذي (3) .
وابن حُجيرة: اسمُه: عبد الرحمن بن حُجَيرة أبو عبد الله
الخولاني المصري قاضي مصْر. سمع: عبد الله بن عَمرٍ و،
وأبا هريرة، وعقبة بن عامر. روى عنه: ابنه: عبد الله،
والحارث بن يزيد، ودراج،
__________
(1) وحكى الذهبي في "المشتبه": " جَزِي " بفتح الميم وكسر
الزاي.
(2) تفرد به أبو داود.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (8/ 1797) .
(4/122)
وغيرهم. توفي في المحرم سنة ثلاث وثمانين.
روى له: الجماعة إلا البخاري (1) .
قوله: "افتراش الكلب " منصوب بنزع الخافض، أي: كافتراش
الكلب.
* * *
151- بَابُ: الرخصَة في ذلك (2)
أي: هذا باب في بيان الرخصة في افتراش اليدين عند الضرورة.
879- ص- نا قتيبة بن سعيد: نا الليث، عن ابن عجلان، عن
سُمَيّ،
عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: اشتَكَى أصحابُ النبي-
عليه السلام-
إلى النبي- عليه السلام- مَشقةَ السجود عليهم إذا
انفرَجُوا، فقال:
" اسْتَعِينُوا بالركَبِ " (3) .
ش- سُمَي: القرشي المدني، مولى أبي بكر بن عبد الرحمن،
وأبو صالح: ذكوان الزيات.
قوله: " استعينوا بالركب" قال ابن عجلان: وذلك أن يضع
مرفقيه على
ركبتيه إذا طال السجود وأعي. والحديث: أخرجه ابن خزيمة في
"صحيحه"، والحاكم في "مستدركه" وقال: صحيح على شرط مسلم.
وفي لفظ: " قالوا: يا رسول الله، إن تفريج الأيدي في
الصلاة يشق
علينا فأمرهم أن يستعينوا بالركب ". ورواه الترمذي- أيضا-
وقال: هذا
حديث لا نعرفه/ من حديث أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي
[2/24 - أ]- عليه السلام- إلا من هذا الوجه من حديث الليث،
عن ابن عجلان،
وقد روى هذا الحديث سفيانُ بن عيينة وغير واحد، عن سمي، عن
النعمان بن أبي عياش، عن النبي- عليه السلام- نحو هذا وكأن
رواية
هؤلاء أصح، وكذا قاله أبو حاتم في كتاب " العلل".
__________
(1) المصدر السابق (17/ 3794) .
(2) في سنن أبي داود: " ... في ذلك للضرورة".
(3) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الاعتماد في
السجود (286) .
(4/123)
وفي " المصنف " قال أبو بكر: نا يزيد بن
هارون، عن ابن عون، قال: قلت لمحمد: الرجل يَسْجدُ يعتمد
بمرفقيه على ركبتيه؟ قال: ما أعلم به بأسا.
نا [أبو] عاصم، عن ابن جريج، عن نافع قال: كان ابن عمر يضم
يديه إلى جَنْبَيْه إذا سجَد.
نا وكيع، عن أبيه، عن أشعث بن أبي الشعثاء، عن قيس بن سكن
قال: كل ذلك قد كانوا يفعلون، وينضمون ويتجافون، كان بعضهم
ينضم وبَعضهم يجافي.
ونا ابن نمير: نا الأعمش، عن حبيب قال: سأل رجل ابنَ عمر:
أضَع مرْفقي على فخذي إذا سجدتُ؟ فقال: اسجد كيف يتيسر
عليك.
152- بَابُ: التَخصُّر والإِقعاء
أي: هذا باب في بيان التخصّر والإقعاء. والتخصّر: وضع اليد
على الخاصرة، والإقعاء: فسّرناه غير مرة.
880 - ص- نا هناد بن السري، عن وكيع، عن سعيد بن زياد، عن
زياد ابن صُبَيح الحنفي قال: صَلَّيتُ إلى جَنب ابنِ عُمر
فَوَضعتُ يَدَيَّ على خَاصرَتي، فلما صَلَّى قال: هذا
الصَّلبُ فيَ الصلاة، وكان رسولُ الله- عليه السلاَم-
يَنْهَى عنه (1) .
ش- سعيد بن زياد: ابن صُبيح الحنفي، روى عن: ابن عمر، روى
عنه: وكيع، روى له: أبو داود، والنسائي (2) .
__________
(1) النسائي: كتاب الافتتاح، باب: النهي عن التخصص في
الصلاة (2/ 127) .
(2) قال الحافظ المضي في تهذيب الكمال (10/ 439) : (ومن
الأوهام: سعيد بن زياد بن تسبيح الحنفي، وهو وهم قبيح،
وخطأ فاحش- يعني: مِن صاحب
"الكمال "- إنما هو سعيد بن زياد الشيباني، عن زياد بن
صبيح الحنفي،
وقد كتبنا حديثه في ترجمة زياد بن صبيح ". اهـ. يعني: حديث
الباب.
(4/124)
وزياد بن صُبَيح- بضم الصاد المهملة- وقال
ابن أبي حاتم: بفتح الصاد، الحنفي المكي ويقال: البصري.
سمع: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عُمر. روى عنه: سعيد
بن زياد. وقال ابن معين: صالح ثقة بصري، وليس بأخي عبد
الله بن صُبَيْح. روى له: أبو داود، والنسائي (1) .
قوله: "هذا الصلبُ " أي: شبه الصَّلْب لأن المصلوب يمد
باعه على الجذع، وهيئة الصَّلْب في الصلاة: أن يضع يدَيْه
على خاصرته ويجافي بين عضدَيه في القيام، وستجيء أحاديث
تتعلّق بهذا الباب في " باب الرجل يصلي مختصرا".
* * *
153- بَابُ: البُكاء في الصَّلاةِ
أي: هذا باب في بيان البكاء في الصلاة.
881- ص- نا عبد الرحمن بن محمد بن سَلام: نا يزيد- يعني:
ابن هارون-: نا حماد- يعني: ابن سلمه-، عن ثابت، عن مُطرف،
عن أبيه قال: رأيتُ النبي- عليه السلام- يُصَلي وفي صَوْته
(2) أزيز كأزيز الرحَى منذ البُكَاءِ (3) .ً
ش- عبد الرحمن بن محمد بن سلام: أبو القاسم البغدادي، نزيل
طَرسوس. روى عن: يزيد بن هارون، وريحان بن سعيد. روى عنه:
أبو داود، والنسائي، ومحمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي
(4) . وثابت: البُناني، ومتطرف: ابن عبد الله بن الشِخير.
__________
0
(1) المصدر السابق (9/ 2051) .
(2) في سنن أبي داود: أصدرها، وسيذكر المصنف أنها نسخة.
(3) النسائي: كتاب السهو، باب: البكاء في الصلاة (3/ 12) .
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (17/ 3950) .
(4/125)
قوله: " أزيز"- بفتح الهمزة وكسر الزاي
الأولى- أي: حنين من الخَوف- بالخَاء المعجمة- وهو صوت
البكاء، وقيل: هو أن تجيش جَوْفه وتعلى بالبكاء. وفي
"الصحاح": الأزيز: صوت غليان القِدر، وقد أزت القدرُ تؤز
أزيزا: غلت، والأز الذي في قوله تعالى: "تَؤُزهُمْ أزا "
(1) فهو التهييج والإِغْراء. وفي بعض النسخ: (وفي صَدْره "
موضع "وفي صوته".
قوله: " كأزيز الرحى" وهو صوتها وجرجرتها، ويُرْوَى:
"كأزِيز المِرْجل" والمِرجل- بكسر الميم-: القدْر، وأزيز
المِرجل: صوت غليانه وقد سُئلَ بعضُ الجهلة ممن يدعي
الفقَه والفضيلة، في مجلس كبير من أكابر مصْر عن معنى
(كأزيز المرجلَ) فقال: كصَوْت فرخ الحمام، فضحك كل من هناك
على سخافة عقله، وقبح جوابه بجهْله.
واستدل صاحب "المحيط" من أصحابنا بهذا الحديث، أن المصلي
ينبغي أن يخشع، ويكون قلبه فيها على الخوف من عدله،
والرجاء في فضله، ومن لازم الخوف الشديد في القلب: البكاء
عادةً، فإذا بكى في صلاته من ذلك الوجه من غير أن يعلو
بصوته فلا بأس، أو بكى من اشتياقه إلى الجنة، أو خوفه من
النار، ويكره أن يَبكِي لمُصيبة لحقته، أو لذِكر موتاه،
ونحو ذلك. والحديث: أخرجه الترمذي، والنَّسائي.
154- بَابُ: كراهة (2) الوسوسة وحديث النفس في الصلاة
أي: هذا باب في بيان كراهة الوسوسة، وحديث النفس بالأمور
الدنياوية في الصلاة.
882- ص- نا أحمد بن محمد بن حنبل: نا عبد الملك بن عَمرو:
نا هشام- يعني: ابن سعد-، عن زيد، عن عطاء بن يَسار، عن
زيد بن خالد
__________
(1) سورة مريم: (83) .
(2) في سنن أبي داود: "كراهية".
(4/126)
الجهني أن النبي- عليه السلام- قال: "من
تَوَضأ فأحسنَ وُضوءهُ ثم صَلَّى رَكعتينِ لا يَسْهو فيهما
غفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذنبه " (1) .
ش- عبد الملك بن عمرو: أبو عامر العقدي، وهشام: ابن سَعْد
أبو سَعيد (2) المدني، وزيد: ابن أسلم أبو أسامة القرشي
المدني مولى عمر بن الخطاب.
قوله: "فأحسن وضوءه " إحسان الوضوء: تكميل شروطه وسننه
وآدابه.
قوله: " لا يَسْهُو" أعم من أن يكون السَهْو في الأركان أو
الأقوال أو الأفعال؛ والسهو لا يكون إلا من اشتغال القلب
بأمور الدنيا، فإذا انقطع عن تعلقات الدنيا، وتوجه بكليته
إلى الله، غفر له ما تقدم من ذنبه ما خلا الكبائر وحقوق
العباد.
883 - ص- نا عثمان بن أبي شيبة: نا زيد بن الحُباب: نا
معاوية بن صالح، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني،
عن جُبَير بن نُفَيْر الحَضْرمي، عن عقبةَ بن عامر الجهني
أن رسولَ الله- عليه السلام- قال: "مَا من أَحد يَتوضأ
فيُحسِنُ الوُضُوء، ويُصلي رَكعتين مُقْبل (3) بقلبه
وَوَجْهِهِ عليهَما ألا وَجَبتْ له الجنةُ " (4) .
ش- أبو إدريس: اسمه: عائذُ الله بن عبْد الله، وقد ذكرناه.
والحديث قد تقدم مطولا في كتاب الطهارة، في "باب ما يقول
الرجل إذا توضأ" (5) .
* * *
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) في الأصل: " أبو سعد " خطأ.
(3) في سنن أبي داود: " يقبل ".
(4) تفرد به أبو داود.
(5) تقدم برقم (157) .
(4/127)
|