شرح أبي داود للعيني

269- باب: مَن قال: يقومُ صف مع الإمام وصفّ وُجَاه العدوِّ
أي: هذا باب في بيان قول من قال في صلاة الخوف: يجعل صفان: صف يقوم مع الإمام، وصف تجاه العدو.
ص- فيُصَلّي بالذين يَلُونَهُ رَكعةً، ثم يَقُومُ قَائما حتى يُصَلّيَ الذين معه رَكْعةً أخْرَى، ثم يَنْصَرفوا فَيَصُفُّوا (1) وجَاه العَدُوً، وَتجيءُ الطائفةُ الأخْرَى فَيُصَلِّي بهم رَكعةً، وَيثْبتُ جَالسا، فَيُتمّونَ لَأنفُسِهِم رَكَعةً أخْرَى، ثم يُسَلِّمُ بهم جميعاً. َ
ش- " يلونه " أي: يلون الإمام.
قوله: نا وِجاه العدو " بكسر الواو وضمها، أي: قبالتهم.
قوله: " وتجيء الطائفة " الطائفة: الفرقة والقطعة من الشيء، تقع على القليل والكثير، لكن الشافعي قال: أكره أن تكون الطائفة في صلاة الخوف أقل من ثلاثة، فينبغي أن تكون الطائفة التي مع الإمام ثلاثة فكثر، والذين في وجه العدو كذلك.
وقال الخطابي (2) : " وإلى هذه الصورة ذهب مالك، والشافعي إذا كان العدو من ورائهم ".
__________
(1) في سنن أبي داود:، " ثم ينصرفون فيصفون ".
(2) معالم السنن (1/ 233) .
8 هـ شرح عند أبى داوود 5

(5/113)


وقال الشيخ محيي الدين (1) : " وبهذا أخذ مالك، والشافعي، وأبو ثور، وغيرهم،، ولم يذكر ما ذكره الخطابي.
1208- ص- نا عبيد الله بن معاذ، نا أبي، نا شعبة، عن كبد الرحمن ابن القاسم، عن أبيه، عن صالح بن خَوَّات، عن سهل بن أبي حثمةَ " أن النبي- محليه السلام- صلى بأصْحَابه في خَوْف، فَجَعَلَهُم خَلفَهُ صَفين، فَصلى بالذينَ يَلُونَهُ رَكْعةً، ثم قَامَ فَلًم يَزَلْ قَائما حتى صلى الذين خَلفَهم رَكْعةً، ثم تَقَدمُوا، وتأخر الذين كَانُوا قُدَامَهُم، فَصَلَّى بهم النبي- عليه السلام - رَكعةً، ثم قَعَدَ حتى صلى الذين تَخَلفُوا رَكْعةً، ثم سلم " (2) . ش- صالح بن خوات- بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الواو، وفي آخره تاء مثناة من فوق- ابن جبير بن النعمان الأنصاري المدني. روى عن: سهل بن أبي حثمة. روى عنه: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، ويزيد بن رومان (3) ، وخوات له صحبة.
قوله: " ثم سلم " وفي رواية مسلم: " سلم بهم جميعاً " والحديث أخرجه: الجماعة كلهم، ورواها مالك في " الموطأ " (4) موقوفة. وقال الترمذي ": وقال احمد: وقد روي عن النبي- عليه السلام- صلاة الخوف على أوجه، وما اعلم في هذا الباب إلا حديثا صحيحاً واختار حديث سهل بن أبي حكمة، وهكذا قال إسحاق بن إبراهيم، قال: قد
__________
(1) شرح صحيح مسلم (6/ 125) .
(2) البخاري: كتاب المغازي، باب: غزوة ذات الرقاع (4129) ، مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الخوف (309/ 841) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الخوف (565) ، النسائي: كتاب الصلاة (1535) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الخوف (1259) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (13/ 4 280) .
(4) كتاب صلاة الخوف، باب: صلاة الخوف (2) .
(5) جامعه (2/ 454- 455) .

(5/114)


ثبتت الروايات عن النبي- عليه السلام-/ في صلاة الخوف، فرأى كل [2/ 119 - ب] ، ما روي عن النبي- عليه السلام- في صلاة الخوف فهو جائز، وهذا
على قدر الخوف. قال إسحاق: ولسنا نختار حديث سهل بن أبي حثمة
على غيره من الروايات.
ص- قال (1) أبو داودَ: وأما روايةُ يحيى بن سعيد، عن القاسم، نحو
رواية يزيد بن رُومان، إلا أنه خَالَفه في السلام، ورواية عبيد الله نحو رواية
يحيى بن سعيد، قال: " وبثبُتُ قَائِما ".
ش- رواية يحيى بن سعيد رواها الترمذي، وقال (2) : حدثنا محمد
ابن بشار، نا يحيى بن سعيد القطان، نا يحيى بن سعيد الأنصاري،
عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات بن جبير، عن سهل بن
أبي حثمة، أنه قال في صلاة الخوف، قال , " يقوم الإمام مستقبل
القبْلة، وتقوم طائفة منهم معه، وطائفة من قبل العدو وجوههم إلى
العَدو، فيركع بهم ركعة، ويركعون لأنفسهم، ويسجدون لأنفسهم
سجدتن في مكانهم، ثم يذهبون إلى مقام أولئك، ويجيء أولئك فيركع
بهم ركعة، وسجد بهم سجدتن، فهي له ثنتان، ولهم واحدة، ثم
يركعون ركعة، ويسجدون سجدتين ".
قال أبو عيسى: قال محمد بن بشار: سألت يحيى بن سعيد عن هذا
الحديث؟ فحدثني، عن شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم، ثن
أبيه، عن صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة، عن النبي- عليه السلام- بمثل حديث يحيى بن سعيد الأنصاري، وقال لي يحيى بن
سعيد: اكتبه إلى جنبه، ولست أحفظ الحديث، ولكنه مثل حديث يحيى
ابن سعيد، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، لم يرفعه يحيى
ابن سعيد الأنصاري، عن القاسم بن محمد، هكذا رَوى أصحاب
__________
(1) جاء هذا النص في سنن أبي داود بعد حديثين، وذكر محققه أنه موجود في النسخة الهندية في كلا الموضعين.
(2) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الخوف (565) .

(5/115)


يحيى بن سعيد الأنصاري موقوفا، ورفعه شعبة، عن عبد الرحمن بن القاسم.
قوله: " نحو رواية يزيد بن رومان " وهي التي رواها القعنبي عن مالك، عن يزيد بن رومان، عن صالح بن خوات، عمَّن صلى مع رسول الله - عليه السلام- فذكر نحوه، ورواها الترمذي أيضاً معلقة، وعن مالك: حديث يزيد بن رومان أحب ما سمعت إليّ.
ويزيد بن رومان القرشي الأسدي، مولاهم أبو روح المدني مولى اَل الزبير بن العوام. روى عن: عبد الله بن الزبير، وأنس بن مالك، وعروة بن الزبير، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وصالح بن خوات. روى عنه: أبو حازم المديني، والزهري، وهشام بن عروة، ومالك بن أنس، وجماعة آخرون. قال محمد بن سعد: توفي سنة ثلاثين ومائة، وكان عالما كثير الحديث ثقة. روى له الجماعة (1) .
قوله: " ورواية عبيد الله نحو رواية يحيى بن سعيد " أي: رواية عبيد الله ابن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب مثل رواية يحيى بن سعيد الأنصاري المذكورة، إلا أنه قال في روايته: " ويثبت قائما " يعني الإمام، بعد أن يركع بهم ركعة يثبت قائما إلى أن يركعوا لأنفسهم، ويسجدوا لأنفسهم سجدتين في مكانهم، ثم يذهبون إلى مقام الطائفة التي تجاه العدو، ويجيء أولئك فيركع بهم، إلى آخر ما بينا.
***
270- باب: مَن قال: إذا صلى ركعة
أي: هذا باب في بيان من قال: إذا صلى الإمام ركعة بإحدى الطائفين.
ص- " وثبت قائماً أَتَموا لأنفُسهم ركعةَ، ثم سَلمُوا، ثم انصَرَفُوا، فكانوا وِجَاهَ العَدُوَّ "، واختُلفَ في السَلَام.
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (32/ 6986) .

(5/116)


ش- أي:: ثبت الإمام حال كونه قائماً، حتى تتم الطائفة الأولى لأنفسهم ركعة، ثم يسلموا , لأنهم كملوا صلاتهم، حيث صلوا مع الإمام ركعة، وصلوا لأنفسهم ركعة أخرى، فإذا سلموا انصرفوا قبالة العدو.
قوله: " واختلف في السلام " أي: في سلام الطائفة الأولى بعد أن يتموا لأنفسهم، لما نبينه الآن في الحديث.
1209- ص- نا (1) القعنبي، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوَات، أن سهل بن أبي حثمةَ الأنصاري، حدثه: " أن صَلاةَ الخَوْف أن يَقُومَ الإمَامُ وطائفة مِن أصحَابِه، وطَائفة مُوَاجهَةُ العَدُوِّ، فيركَعُ الإمَامُ رَكعة، وَيسجُدُ بالذين معه، ثم يًقومُ، فإذا اسْتَوًى قائماً ثبَتَ قائماً، وأتمُوا لأنفُسهم الركعةَ البَاقيةَ، ثم سَلَمُوا، وانصَرَفُوا، والإمَامُ قَائم، فكَانوا وِجَاهَ الَعًدوِّ، ثم يُقْبِلُ الآخَرُونَ الذين لمِ يُصَفُوا، فَيُكبِّرُوا وَرَاءَ/ 1 الإمام، فَيَرْكعُ، ويَسْجُدُ بهم، ثم يُسَلمُ، فَيَقُومُون فَيَرْكَعُونَ [2/ 120 - أ] لأنفُسِهِمْ الركَعةَ البَاقِيةَ، ثم يسَلِّمُونَ " (2) .
ش- هذا حديث موقوف.
1210- ص- نا القعنبي، عن مالك، دن يزيد بن رُومان، عن صالح ابن خوَّات: " عَمنْ صَلَّى مِع رسولِ الله- عليه السلام- يَومَ ذَات الرقاع صَلاةَ الخَوْفِ، أن طَائفَة صَفتْ مَعَهُ، وَطائفَة وِجَاهَ العَدُو، فَصَلَّى بالَتي مَعه رَكعة، ثم ثبَتَ قائماً، وَأتَمُوا لأنفُسِهِم، ثم انصَرَفُوا، وصَفوا وِجَاه العَدُوَ، وجَاءَت الطَائفَةُ الأخْرَى، فَصلى بهمُ الركعَةَ التي بَقيَتْ من صَلاِتهِ، ثم ثَبَتَ جَالِسا، وَأتَموا لأنفُسِهِمْ، ثم سلم بهم " (3) .
__________
(1) جاء هذا الحديث في سنن أبي داود بعد الحديث الآتي.
(2) انظر الحديث قبل السابق.
(3) البخاري: كتاب المغازي، باب: غزوة ذات الرقاع (4129) ، مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الخوف (841) ، النسائي: في كتاب صلاة الخوف.

(5/117)


ش- ذات الرقاع غزوة مشهورة كانت سنة خمس من الهجرة، بأرض غطفان من نجد، سميت ذات الرقاع ش لأن أقدام المسلمين نقبت من الحَفَا، فلفوا عليها الخرق، هذا هو الصحيح في سبب تسميتها، وقد ثبت هذا في " الصحيح " (1) ، عن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- وقيل: سميت به لجبل هناك يقال له: الرقاع , لأن فيه بياضا، وحمرة، وسوادا، وقيل: سميت بشجرة هناك يقال لها ذات الرقاع، وقيل: لأن المسلمين رقعوا راياتهم، ويحتمل أن هذه الأمور كلها وجدت فيها.
وقال الشيخ محيي الدين (2) : " وشرعت صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع، وقيل: في غزوة بني النضير". والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، والنسائي.
ص- قال مالك: وحديثُ يزيدَ بن رومانَ أحب ما سمعتُ إِلي.
ش- إنما قال ذلك لأنه أشد موافقة لظاهر القرآن، لأن الله تعالى قال: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأقَمْتَ لَهُمُ الصلاة فَلتَقُمْ طَائِفَةٌ منْهُم معَكَ} الآية (3) فجعل إقامة الصلاة لهم كلها لا بعضها، وفي غير هذه الصورة إنما يقيم لهم الإمام بعض الصلاة لا كلها، ومعنى قوله: {فإذَا سَجَدُوا فَليَكُونُوا من وَرَائكُم} (3) أي: إذا صلوا، ثم قال: {ولتَأَتِ طَائفَةٌ أخْرَى لَمْ يُصًلوا فًليُصَفُوا مَعَكَ} (3) ، فكان دليل مفهومه: أن هؤلاءَ قد صدوا، وقوله: {فليُصَلُّوا مَعَكَ} مقتضاه تمام الصلاة، وهو على قول غيره.
__________
(1) أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب: غزوة ذات الرقاع (4128) بلفظ: " خرجنا معه النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة ونحن في ستة نفر بيننا بعير نعتقبه، فنَقبَتْ أقدامنا، ونقِبَتْ قدمايَ، وسقطت أظفاري، فكنا نلف على أرجلنا الخِرَقً، فسميت غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب من الخرق على أرجلنا. وحدث
أبو موسى بهذا الحديث ثم كره ذاك، قال: ما كنت أصنع بأن أذكره؟ كأنه
كره أن يكون شيء من عمله أفشاه ".
(2) شرح صحيح مسلم (6/ 128) .
(3) سورة النساء: (102)

(5/118)


لا يصلون معه إلا بعضها، وقد ذكر الطائفتين، ولم يذكر عليهما قضاء، فدل أن كل واحدة منهما قد انصرفت عن كمال الصلاة.
قال الخطابي (1) : وهذا أحوط للصلاة , لأن الصلاة تحصل مؤداة على سننها في استقبال القِبْلة، وعلى مذهب غيره يقع الاستدبار للقِبْلة، ويكثر العمل في الصلاة ".
***
271- بَابُ: مَن قال: يكبرون جميعاً وإن كانوا مستدبري القبْلة
أي: هذا باب في بيان قول من قال: تكبر الجماعة جميعاً مع الإمَام: الذين معه، والذين تجاه العدو، وإن كانوا مستدبرين القِبْلة، فلا يضرهم ذلك، لأجل الضرورة.
ص- ثم يصلي بمَنْ مَعَهُ رَكعة، ثم يأتُونَ مَصاف أصْحَابِهم، وَيَجيءُ الآخَرُونَ فَيَرْكَعُونَ لَأنْفُسهِم رَكْعة، ثم يُصَلي بهم رَكعة، ثم تقْبِلُ الطائفَةُ التي كانتْ مُقَابلَةَ (2) الَإمَام فَيُصَلُونَ لأنفُسِهِم رَكعةً، والإمَامُ قَاعد، ثَم يُسَلمُ بِهِم كلهِمَ (3) .
ش- " المَصَاف "- بفتح الميم، وتشديد الفاء- جمع مصف، وهو موضع الحرب الذي تكون فيه الصفوف، وأما المُصَاف- بضم الميم- فهو بمعنى المقابل، يقال: مصاف العدو، أي: مقابلهم.
قوله: " مقابلة الإمام "، وفي بعض النسخ: " كانت مقابلي الإمام ". 1211- ص- نا الحسن بن علي، نا أبو عبد الرحمن المقرئ، نا حيوة وابن لهيعة، قالا: نا أبو الأسود، أنه سمع عروة بن الزِبير، يحدث عن مروان بن الحكم، أنه سأل أبا هريرة: " هَلْ صَليْتَ مَع رسول الله صَلاة الخَوْفِ؟ قال أبو هُريرةَ: نَعم، فقال مَرْوانُ: مَتَى؟ فقال أبو هريرةً: عَامَ
__________
(1) معالم السنن (1/ 234) .
(2) في سنن أبي داود: " مقابل "
(3) في سنن أبي داود: " كلهم جميعاً ".

(5/119)


غَزْوَة نَجْد، قامَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إلى صَلاةِ العَصْرِ، فقَامَتْ معه طَائفَة،
وطَائَفَة أخرَى مُقَابِلَ العَدوِّ، وظُهُورُهُم إلى القبْلَة، فَكَبَّرَ رسول الله
وكَبَّرُوا (1) جميعاً، الذين معه والذين مُقَابِلِي (2) العًدوًّ، ثم رَكَعَ رسولُ اللهَ
رَكْعَة وَاحدة، ورَكَعَت الطائفَةُ التي معه، ثم سَجَدَ، فسجدَت الطَّائفةُ التيَ
تَلِيه، والآَخَرُونَ قيام مُقًابلِيَ العَدُوّ، ثم قَامَ رسولُ الله، وقَامَتَ الطَّائَفَةُ التي
مَعَهُ، فذهبُوا إلىَ العَدو، فَقَابَلُوهُم، وأَقْبَلَت الطائَفَةُ التي كَانتَ مُقَابلِي
[2/ 120 - ب] ، العَدُوّ، فَرَكَعُوا وسَجَدوا/ ورسولُ الله قَائِمٌَ كما هو، ثم قَامُوا، فَركَعَ رسولُ اللهِ رَكْعَة أخرى، وركَعُوا معه، وسًجَدَ وسَجَدُوا معه، ثم أقْبَلَتِ (3)
التي كانتْ مُقَابلِي العَدُوِّ، فَرَكَعُوا وسَجَدوُا، ورَسولُ الله قَاعد، ومَنْ
مَعَه (4) ، ثم كانَ السَّلامُ، فَسَلَّمَ رسولُ اللهِ، وسَلَّمُوا جميعاً، فكَانَ لَرَسُول الله
رَكْعَتين (5) ، ولِكُلِّ وَاحِدة (6) من الطائِفَتينِ رَكعة ركعَة " (7) .
ش- أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ المدني، وحيوة بن
شريح، وعبد الله بن لهيعة، وأبو الأسود محمد بن عبد الرحمن، يتيم
عروة بن الزبير.
قوله: " غزوة نجد " هي غزوة ذات الرقاع , لأن ذات الرقاع هي في
النجد، والفرق بين هذه الصورة، والصورة التي قبلها، أن الصورة التي
قبلها ليس فيها استدبار القِبْلة، وليس فيها تكبير القوم كلهم مع الإمام،
بخلاف هذه الصورة، ولكنهما مشتركتان في أن سلام الإمام مع القوم
جميعاً فافهم. والحديث أخرجه: النسائي أيضاً
__________
(1) في سنن أبي داود: " فكبروا "
(2) في سنن أبي داود: " مقابل "
(3) في سنن أبي داود: " أقبلت الطائفة التي "
(4) في سنن أبي داود: " ومن كان معه "
(5) في سنن أبي داود: " ركعتان "
(6) في سنن أبي داود: " رجل "
(7) النسائي: كتاب صلاة الخوف (3/ 173)

(5/120)


1212- ص- نا محمد بن عمرو الرازي، نا سلمة، حدثني محمد بن إسحاق، عن محمد بن جعفر بن الِزِبير، ومحمد بن الأسود، عن عروة ابن الزبير، عن أبي هريرة قال:" خرجْنَا مَعَ رسول الله إلى نَجْد حَتى إذَا كُنا بذَاتِ الرِّقَاع من نَخْلٍ لَقِيَ جَمْعا مِن غَطفَانَ " فَذكَر معناه وً لفظَه على غير لَفظ حَيوةَ، وَقال فيه: حين رَكَعَ بمن معه، وسَجَدَ، قال: " فلَمَا قَامُوا مَشوا القًهْقَرى إلى مَصَافِّ أَصْحَابِهِمْ " ولم يذكروا " اسْتِدْبَارَ القِبلةِ " (1) . ش- سلمة بن الفضل.
قوله: " إلى نجد " النجد هي: الناحية التي بين الحجاز والعراق، قال الواقدي: الحجاز من المدينة إلى تبوك، ومن المدينة إلى (2) طريق الكوفة، وما وراء ذلك إلى أن يشارف أرض البصرة فهو نجد، وما بين العراق وبين وجرة، وعمرة الطائف نجد، وما كان وراء وجرة إلى البحر فهو: تهامة، وما كان بين تهامة ونجد فهو حجاز.
قوله: " من نخل " بفتح النون، وسكون الخاء المعجمة، وبعدها لام، هي بنجد من أرض غطفان.
قوله: " مشوا القهقرى " وهو: الرجوع إلى الورى، وفي مشيهم هكذا لا يكون استدبار القِبْلة.
1213- ص- قال أبو داود: وأما عبيد الله بن سعد فحدثنا، قال: نا عمي، قال: نا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، أن عروة بن الزبير حدثه، أن عائشة حدثته بهذه القصة، قالت: " كَبرَ رَسولُ الله- عليه السلام- وكَبَّرَت الطَائفَةُ الذين صَفُّوا معه، ثم رَكَعَ فَرَكَعُوا، ثَم سَجَدَ فَسَجَدوا، ثم رَفَع فَرَفَعوا، ثم مَكَثَ رسولُ الله- عليه السلام- جَالِسا، ثم سَجَدُوا هم لأنفُسهِم الثانيةَ، ثم قَامُوا فَنَكَصوا على أعْقَابهِم يَمْشُونَ القَهْقَرَى حتى قَاموا مِن ود رَاِئِهِم، ونجا صك الطائفَةُ الأخْرَى، فَقَامُوَا فَكَبرُوا، ثم رَكَعُوا لأنفُسِهِم، ثم سَجدَ رسولُ اللهِ، َ فسَجًدُوا معه، ثم
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) مكررة في الأصل.

(5/121)


قَامَ رسولُ الله، وَسَجَدُوا لأنفُسهِم الثانيةَ، ثِمِ قَامَت الطائفَتان جميعاً، فَصَلُّوا معَ رسولِ الله، فرَكَعَ فَرَكًعُوا، ثم سَجد فَسَجًدوا جميعاً، ثم عَادَ فسجَدَ الثانيةَ، وسجًدُوا معه سَرِيعا كأسْرعَ الإِسْرَاع جَاهدَاً، لا يألون سرَاعا، ثم سَلَّمَ رسولُ الله، فسَلَّمُوا (1) ، فقَامَ رسولُ الله، وقدَ شَارَكَهُ الناسُ فيَ الصَّلاةِ كلهَا " (2) .َ
ش- عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن
ابن عوف الزهري، وعمه يعقوب بن إبراهيم، وابن إسحاق محمد بن إسحاق بن يسار.
قوله: " فنكصوا على أعقابهم " أي: رجعوا إلى ورائهم، والنكوص: الرجوع إلى وراء، وهو: القهقرى، من نكص ينكص، فهو ناكص. قوله: " الثانية لما وفي بعض النسخ: " الباقية ".
قوله: " سريعا " حال من الضمير الذي في قوله: " سجدوا معه " أي: مسرعين مستعجلين
قوله: " كأسرع الإسراع " صفة لقوله: " سريعاً " تدل على المبالغة في السرعة.
قوله: " جاهداً " نصب على أنه صفة أيضاً لقوله: " سريعاً "، وفي نفس الأمر كلاهما صفة للقوم، والتقدير: مسرعين بالجهد، وبذل الوسع، أو مسرعين مجتهدين في السرعة وغايتها.
قوله: " لا يألون " أي: لا يقصرون، من آلى يألو.
قوله: " سراعا " حال من الضمير الذي في " لا يألون " أي: لا يقصرون حال كونهم مسرعين، والسراع جمع سارع، كالقيام جمع قائم، وفي هذه الصورة شارك القوم الإمام، ما خلا التكبيرة الأولى.
***
__________
(1) في سنن أبي داود: " وسلموا ".
(2) تفرد به أبو داود.

(5/122)


/ 272- باب: من قال: يصلي بكل طائفة ركعة [2/ 121 - أ]
أي: هذا باب في بيان قول من قال: يصلي الإمام بكل طائفة ركعة
واحدة.
ص- ثم يُسَلّمُ، فيقومُ كلُّ صف، فَيُصَفُونَ لأنفُسِهِم رَكعةً.
ش- أي: ثم يسلم الإمام، فيقوم كل صف فيصلون لأنفسهم ركعتهم التي بقيت، فالطائفة الأولى يصلون ركعتهم الباقية، بلا قراءة لأنها لاحقة، والطائفة الثانية يصلون ركعتهم الباقية بقراءة. لأنها مسبوقة، وهذه الصورة مذهب أبي حنيفة، وأصحابه.
1214- ص- نا مسدد، نا يزيد بن زريع، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر: " أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم صلى بِإِحْدَى الطَائفتين رَكعة والطَائفَةُ الأخْرَى مُوَاجهَةُ العَدُوَ، ثم انَصَرَفُوا، فَقَامُوا في مَقام أوَلئِكَ، فَجَاء (1) أولئك، فَصلى بهم رَكعةً أخرى، ثم سَلَمَ عَلَيْهِم، ثم قَامَ هَؤُلاءِ فَقَضَوا رَكْعَتَهُم، وقَامَ هؤلاءِ فَقَضوا رَكْعَتَهُم " (2) .
ش- أخرجه: البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، ولفظ البخاري: نا غزوت مع رسول الله قِبَل نجد، فوازينا العدو، فصاففنا لهم، فقام رسول الله بمن معه، وسجد سجدتين، ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل، فجاءوا فركع رسول الله بهم ركعة، وسجد سجدتين، ثم سلم، فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة، وسجد سجدتين "، وأصحابنا أخذوا بقول ابن عمر، وقول ابن مسعود، وسنذكر الفرق بينهما، دائما اختاروا هذا لأن الرواية عنهما لم تتعارض،
__________
(1) في سنن أبي داود: " وجاء "
(2) البخاري: كتاب صلاة الخوف، باب: صلاة الخوف (942) ، مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الخوف (839) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الخوف (564) ، النسائي: كتاب صلاة الخوف (3/ 171) .

(5/123)


والرواية عن سهل بن أبي حثمة متعارضة، فإن بعضهم روي عنه مثل مذهبنا أيضاً، وأيضاً إن حذيفة أقام صلاة الخوف بطَبَرَسْتان بجماعة من الصحابة على نحو ما قلنا، ولم ينكر عليه أحد، فكان إجماعا على أن فيما تمسك به الشافعي ما يدل على كونه منسوخا , لأن فيه أن الطائفة الثانية يقضون ما سبقوا به قبل فراغ الإمام، ثم يسلمون معه، وهذا كان في ابتداء الإسلام، أن المسبوق يبدأ بقضاء ما فاته، ثم يتابع الإمام، ثم نسخ، ولهذا لم يأخذ أحد برواية أبي هريرة.
ص- قال أبو داود: وكذلك رواه نافع، وخالد بنُ مَعدانَ، عن ابن عُمرَ، عن النبي- عليه السلام-.
ش- أي: كذلك روى هذا الحديث نافع مولى ابن عمر، وخالد بن معدان الكلاعي الحمصي، وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " وقال: نا سفيان، عن موسى بن عقبة، عن نافع، عن ابن عمر، قال:" صلى رسول الله صلاة الخوف في بعض أيامه، فقامت طائفة معه، وطائفة بإزاء العدو، فصلى بالذين معه ركعة، ثم ذهبوا، وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة، ثم قضت الطائفتان ركعة ركعة ". انتهى.
وكذلك رواه خالد بن معدان، عن ابن عمر، عن النبي- عليه السلام- وهذا من تعاليق أبي داود.
[ص-] وكذا (1) قول مسروق، ويوسف بن مهران، عن ابن عباس. ش- قول مسروق بن الأجدع الكوفي رواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " قال: ثنا غندر، عن شعبة، عن مغيرة، عن الشعبي، عن مسروق، أنه قال: " صلاة الخوف: يقوم الإمام ويصفون خلفه صفين، ثم يركع الإمام، فيركع الذين يلونه، ثم يسجد بالذين يلونه، فإذا قام تأخر هؤلاء الذين يلونه، وجاء الآخرون فقاموا مقامهم، فركع بهم، وسجد بهم، والآخرون قيام، ثم يقومون فيقضون ركعة ركعة، فيكون للإمام
__________
(1) في سنن أبي داود: " وكذلك ".

(5/124)


ركعتين في جماعة، ويكون للقوم ركعة ركعة في جماعة، ويقضون الركعة".
وكذا روي، عن غندر، عن شعبة، عن عليّ بن زيد، عن يوسف
ابن مهران، عن ابن عباس مثلُ ذلك، ويوسف بن مهران ذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال: يروي عن ابن عباس، روى عنه: عليّ بن زيد ابن جدعان.
ص- وكذلك روى يونسُ، عن الحسنِ، عن أبي موسى، أنه فَعَلَهُ.
ش- أي: كما رُوي عن ابن عباس، روى يونس بن عبيد، عن الحسن البصري، عن أبي موسى الأشعري، أنه فعله، وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه "، قال: نا عبد الأعلى، عن يونس، عن الحسن: " أن أبا موسى صلى بأصحابه بأصبهان، فصلت طائفة منهم معه،/ وطائفة مواجهة العدو، فصلى بهم ركعة، ثم نكصوا، وأقبل الآخرون يتخللونهم، فصلى بهم ركعة، ثم سلم، وقامت الطائفتان، فصلتا ركعة ركعة ".
***
273- باب: من قال: يصلي بكل طائفة ركعة
أي: هذا باب في بيان من قال: يصلي الإمام بكل طائفة ركعة.
ص- ثم يُسَلَمُ، فَيَقُومُ الذين خَلفَهُ، فَيُصَلونَ رَكعةَ، ثم يَجِيءُ الآخَرُونَ
إلى مَقَام هؤلاءِ، فَيُصَلُّون رَكعةً.
ش- هذه الصورة هي بعينها مثل الصورة الأولى، ولكن بينهما فرق
يسير، وهو أن قضاء القوم في الصورة الأولى التي هي من حديث ابن
عمر في حالة واحدة، ويبقى الإمام كالحارس وحده، وفي هذه الصورة
التي/ هي في حديث ابن مسعود كان قضاؤهم متفرقا على صفة صلاتهم، [2/ 12 1- ب] وبهذا الفرق أيضاً يفرق بين الحديثين، وقد تأول بعضهم حديث ابن عمر على
ما في حديث ابن مسعود، وهو قول أبي حنيفة، وأصحابه- كما ذكرناه-.

(5/125)


1215- ص- نا عمران بن ميسرة، نا ابن فضيل، نا خصيفٌ، عن
أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود، قال: " صَلَّى (1) رسولُ الله صَلاةَ الخَوْف فَقَامُوا صَفا خَلفَ رَسول الله، وَصَفٌّ مُسْتَقْبل العَدُوّ، فَصلَّى بهَمُ النبيُّ - عليهَ السلام- رَكعةً، ثم جَاءً الآَخَرُونَ، فَقَامُوَا مَقَامَهُمْ، واسْتَقْبَلِ هَؤلاء العَدُوَّ، فَصلى بهمُ النبي- عليه السلام- رَكعةً، ثم سَلَمَ، فَقَام هَؤلاءَ فَصَفُوا لأنفُسِهِم رَكعةً، ثم "سَلَّمُوا، ثم ذهبُوا، فَقَامُوا مَقَامَ أولئكَ مسْتَقْبليَ العَدُو، وَرَجعً أولئكَ إلى مَقَامِهِم، فَصَلوا لأنفُسِهِم رَكعةً، ثم سًلّمُوا " (2) . ش- عمران بن ميسرة أبو الحسن المنقري البصري، روى عن:
عبد الوارث بن سعيد، ومعتمر بن سليمان، وحفص بن غياث، وغيرهم. روى عنه: أبو زرعة، وأبو حاتم، والبخاري، وأبو داود (3) . وابن فضيل: محمد بن فضيل الكوفي، وخصيف- بضم الخاء المعجمة-: ابن عبد الرحمن، قد ذكر مرة، وأبو عبيدة: عامر بن عبد الله بن مسعود.
قوله: " فقاموا صفاً " أي: مصطفين خلف رسول الله.
قوله: " وصف" أي: وقام صف مستقبل العدو، بمعنى قبالة العدو.
قوله: " مستقبلي العدو " نصب على الحال، وأصله: " مستقبلين العدو " (4) ، فلما أضيف سقطت النون، والحديث رواه البيهقي أيضاً، وقال: أبو عبيدة لم يسمع من أبيه، وخصيف ليس بالقوي.
قلت: أبو عبيدة ثقة، اخرج له البخاري محتجاً به في غير موضع، وروى له: مسلم، وغيره، وخصيف وثقه ابو زرعة الرازي، وفي " الكمال " قال ابن معين: ثقة. وقال النسائي: صالح. وقال ابن سعد: كان ثقة.
__________
(1) في سنن أبي داود: " صلى بنا ".
(2) تفرد به أبو داود.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (22/ 4508) .
(4) في الأصل: " مستقبلين للعدو"

(5/126)


1216- ص- نا تميم بن المنتصر، أنا إسحاق- يعني: ابن يوسف- عن شريك، عن خُصَيف بإسناده ومعناه، قال: " فكَبرَ نَبي الله- عليه السلام- فَكَبَّرَ (1) الصَفانِ جميعاً " (2)
ش- إسحاق بن يوسف الأزرق، وشريك بن عبد الله، وفي هذه الرواية تكون المشابهة للأصول أقوى وكثر، فافهم.
ص- قال أبو داودَ: رواه الثوريُ بهذا المعنى، عن خُصيفٍ.
ش- أي: روى هذا الحديث سفيان الثوري بهذا المعنى، عن خصيف. ص- وَصلى عبدُ الرحمن بنُ سَمُرَةَ هكذا، إلا أن الطُّائفَةَ التي صلى بهم رَكعةً، ثم سَلُّم، مَضَوْا إلى مقَام أصْحَابهم، وجاءَ هؤلاءَ، فصَلوا لأنفُسِهِمْ رَكعةً، ثم رَجَعوا إلى مَقَام أولئكَ، فصَلوَا لأنفُسِهِم رَكعةً ".
ش- عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب القرشي الذي غزا خراسان في زمن عثمان بن عفان، وهو الذي افتتح سِجِسْتان، وكابُلَ، وهذا معلق. ص- نا بذلك مسلم بن إبراهيمِ، نا عبد الصمد بن حبيب، أخبرني أبي:
" أنهم غزَوْا معَ عبدِ الرحمنِ بنِ سمُرَةَ كَابُلَ، فَصلى بنا صَلاةَ الخَوْف ". ش- عبد الصمد بن حبيب، ويقال: ابن عبد الله بن حبيب الأزدي العَوْفِي البصري، سكن بغداد. روى عن: أبيه، ومَعْقِل القَسْمَلِي، وسعيد بن طهمان. روى عنه: مسلم بن إبراهيم، وبُهْلُولُ بن إسحاق. قال البخاري: في الحديث، ضعفه أحمد. وقال أبو حاتم: حديثه ليس بالمتروك، يحول من كتاب الضعفاء. وقال ابن معين: ليس به بأس. روى له أبو داود (3) .
وأبوه حبيب بن عبد الله الأزدي البصري. روى عن: سنان بن سلمي. روى عنه: ابنه عبد الصمد. روى له: أبو داود، والترمذي (4) .
__________
(1) في سنن أبي داود: " وكبر ".
(2) انظر الحديث السابق.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (18 / 3428) .
(4) المصدر السابق (5/ 1093) .

(5/127)


قوله: " كابُلَ " بضم الباء الموحدة، ناحية من ثغور طخارستان، ولها
مدن، ولها عود وزعفران، وهليلج , لأنها متاخمة للهند، نسب إليها
غير واحد من الرواة، ولها ذكر في الفتوح، وذكرت في كتاب " الأقاليم
والبلدان ": إن كابُلَ من عمل باميان، وفيها المسلمون، وكفار الهنود،
وهي فرضة للهند، وقال في " القانون ": قلعة كابُلَ مستقر ملوك
الأتراك، كانوا، ثم البراهمة، وينسب إليها الأهليلج، وليس بها شيء
منه، ولكن لما كانت فرضة للتجار، يقصد فيها بالأهليلج وغيره، وفي
غربيِّها غزنة.
ثم ذكر هذا الخبر في هذا الباب يدل على أن عبد الرحمن بن سمرة [2/ 122 - أ] صلى/ صلاة الخوف، مثل قول ابن مسعود- رضي الله عنه-. ***
274- باب: من قال: يصلي بكل طائفة ركعة، ولا يقضون
أي: هذا باب في بيان قول من قال: يصلي الإمام بكل طائفة ركعة،
ولا يقضون بعد ذلك الركعة الباقية.
1217- ص- نا مسدد، نا يحيى، عن سفيان، حدَّثني الأشعث بن
سليم، عن الأسود بن هلال، عن ثعلبة بن زَهْدَمِ، قال: " كُنا معَ سعيدِ بنِ
العاصِ بِطَبَرسْتَانَ، فقامَ فقالَ: أَيُّكُم صَلَّى معَ رسول الله صَلاةَ الخَوْف؟
فقالَ حذَيفةُ أَنا، فَصلى بهؤلاءِ رَكْعةً، وبهؤلاءِ رَكْعةً، ولَم يَقْضُوا " (1) .
ش- يحيى القطان، وسفيان الثوري، والأشعث بن أبي الشعثاء سليم
الكوفي.
والأسود بن هلال المحاربي أبو سلام الكوفي. سمع: عمر بن
الخطاب، وعبد الله بن مسعود، ومعاذ بن جبل، والمغيرة بن شعبة.
روى عنه: أبو إسحاق السبيعي، وأشعث بن سليم، وحميد بن زياد.
__________
(1) النسائي: كتاب صلاة الخوف (3/ 167 - 168) .

(5/128)


قال ابن معين: ثقة. مات سنة أربع وثمانين. روى له البخاري، ومسلم، وأبو نا ود، والنسائي (1) .
وثعلبة بن زهدم- بالزاي- اليربوعي، قال البخاري: يقال: له صحبة، ولا يصح حديثه في الكوفيين. وقال عبد الرحمن: يقال: له صحبة، وذكره في " الكمال " في الصحابة (2) .
وسعيد بن العاص قد ذكرناه مرة، وكان عثمان استعمله على الكوفة، وغزا بالناس طبرستان فافتتحها، وهي بفتح الطاء، والباء الموحدة، والراء، وسكون السن المهملة، وبالتاء المثناة من فوق، وبعد الألف نون، وهي بلاد كثيرة المياه، والأشجار، والغالب عليها الغياض، وأبنيتها بالخشب، والقصب، وهي بلاد كثيرة الأمطار، ويرتفع منها إبريسم يعم الآفاق، وغالب خبزهم الأرز، وهي شرقي كيلان، وإنما سميت بذلك , لأن " طبر " بالفارسية الفأس، و" استان " الناحية، ومن كثرة اشتباك أشجارها لا يسلك فيها الجيش إلا بعد أن يقطع الأشجار من بين أيديهم بالطبر، فسميت بذلك طبرستان، أي: ناحية الطبر، ومن بلادها رؤيان خرج منها جماعة من أهل العلم، وناتل، والأرجان، وويمة، وآمل، وهي أكبر مدينة بطبرستان، ومنها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، ومَامْطير خرج منها جماعة من أهل العلم. والحديث أخرجه النسائي. وقالَ الخطابي (3) : قد تأوله قوم من أهل العلم على صلاة شدة الخوف. وروي عن جابر بن عبد الله أنه كان يقول في الركعتين في السفر: ليستا بقصر، إنما القصر واحدة عند القتال. وقال بعض أهل العلم في قول الله تعالى: {فلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أن تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أن يَفْتِنَكُمُ الذِينَ كَفَرُوا} (4) ، إنما هو أن يقصر
__________
(1) انظر ترجمتَه في: تهذيب الكمال (3/ 508) .
(2) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (1/ 202) ، وأسد الغابة (1/ 286) ، والإصابة (1/ 199) .
(3) معالم السنن (1/ 235) .
(4) سورة النساء: (101) .
9هـ شرح سنن أبي داوود 5
-

(5/129)


ويصلي ركعة واحدة عند شدة الخوف، وكان إسحاق بن راهويه يقول: أما عند المسايفة فتجزئك ركعة واحدة، يومئ بها إيماء، فإن لم تقدر فسجدة واحدة، فإن لم تقدر فتكبيرة , لأنها ذكر الله- عَر وجَلَّ-. وروى عن: عطاء، وطاووس، والحسن، ومجا هد، والحكم، وحماد، وقتادة، في شدة الخوف ركعة واحدة، يومئ بها إيماء، فأما سائر أهل العلم، فإن صلاة شدة الخوف عندهم لا تنقص من العدد شيئا، ولكن تصفَى على حسب الإمكان ركعتين، أي وجه توجهوا إليه، رجالا وركبانا، يومئون إيماء، وروى ذلك عن: عبد الله بن عمر، وبه قال النخعي، والثوري، وأصحاب الرأي، وهو قول مالك، والشافعي. ص- قال أبو داود: وكذا رواه عبيدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ، ومجاها، عن ابنِ عباسٍ.
ش- أي: كذا روى هذا الحديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، ومجاهد بن جبر، عن ابن عباس، عن النبي- عليه السلام- وأخرجه النسائي من حديث أبي بكر بن أبي الجهم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عنه، وفيه: " فصلى بهم ركعة، ولم يقضوا لا. ص- وعبدُ اللهِ بنُ شقيقٍ، عن أبي هُريرةَ، عن النبيِّ- عليه السلام-. ش- أي: وكذا روى عبد الله بن شقيق العقيلي، عن أبي هريرة، عن النبي- عليه السلام-، وقوله: "عن النبي " متعلق بكل واحد من [2/ 122 - ب] أبي هريرة، وابن عباس لأن رواية/ ابن عباس أيضاً مرفوعة، كما أخرجها النسائي مرفوعة.
ص- وبزيدُ الفقيرُ، وأبو موسى (1) جميعاً عن جابر، عن النبيِّ- عليه السلام- (2) .
__________
(1) جاء في سنن أبي داود بعد قوله: " وأبو موسى ": " قال أبو داود: رجل من التابعين ليس بالأشعري "
(2) جاء في سنن أبي داود بعد هذا قوله: " وقد قال بعضهم عن شعبة في حديث يزيد الفقير: إنهم قضوا ركعة أخرى ".

(5/130)


ش- أي: وكذا روى يزيد الفقير، وهو يزيد بن صهيب ابو عثمان الكوفي، وأبو موسى رجل من التابعين، وليس بأبي موسى الأشعري، وفي حديث بعضهم عن جابر: " أنهم قضوا ركعة أخرى " وفي " المصنف " (1) : نا وكيع، ثنا المسعودي، ومسعر، عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله، قال: " صلاة الخوف ركعة ركعة ".
قوله: " جميعاً " حال من " يزيد وأبي موسى،، بمعنى مجتمعين.
ص- وكذلك رواه سِمَاك الحنفي، عن ابنِ عُمَرَ، عن النبيِّ- عليه السلام- قال: " فكَانتْ للقوم رَكعةَ رَكعةَ، وللنبيِّ- عليه السلام- رَكعتين ".
ش- أي: وكذلك روى الحديث سماك بن الوليد أبو زميل الحنفي، اليمامي، عن عبد الله بن عمر. قال احمد، ويحيى: سماك ثقة. وقال أبو حاتم: لا بأس به. روى عنه: الأوزاعي، ومسعر، وشعبة، وغيرهم. وروى له: مسلم، والترمذي، وابن ماجه، وهذا معلق كالروايات الماضية.
ص- وكذلك زيدُ بنُ ثابتِ، عن النبيّ- عليه السلام-.
ش- أي: كذلك روى زيد بن ثابت الأنصاري، عن النبي- عليه السلام- قال: " فكانت للقوم ركعة، وللنبي- عليه السلام- ركعتين وأخرجه النسائي، وذكره أبو داود معلقا
1218- ص- نا مسدد، وسعيد بن منصور، قالا: ثنا أبو عوانة، عن بكير بن ا "خنس، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: " فَرَضَ اللهُ الصلاة على لسَان نَبيكُم صلى الله عليه وسلم في الحَضَر أربعاً وفي السَفَر رَكعتين، وفي الخَوْف رَكعًة (2)
__________
(1) ابن أبي شيبة (2/ 463) .
(2) مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة المسافرين وقصرها (5/ 687) ، النسائي: كتاب الصلاة، باب: كيف فرضت الصلاة =

(5/131)


ش- أبو عوانة الوضاح.
وبكير بن الأخنس الكوفي السدوسي، ويقال: الليثي. روى عن: أبي هريرة، وابن عباس، وابن عمر، وأنس بن مالك، ومجاهد، وعطاء بن أبي رباح. روى عنه: أبو إسحاق السبيعي، ومسعر، والأعمش، وأبو عوانة، وغيرهم. قال ابن معين، وأبو زرعة: ثقة. روى له: مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه (1) .
والحديث أخرجه: مسلم، والنسائي، وابن ماجه.
وقوله: " وفي الخوف ركعة " محمول على أنه مع الإمام، حتى لا يكون مخالفاً لغيره من الأحاديث الصحيحة.
***