شرح أبي داود
للعيني 283- باب: الأربع
قبل الظهر وبعدها
أي: هذا باب في بيان السنة الأربع قبل صلاة الظهر، والأربع
التي بعدها.
1239- ص- نا مؤمل بن الفضل، لا محمد بن شعيب، عن النعمان،
عن مكحول، عن عنبسة بن أبي سفيان، قال: قالت أم حبيبة زوج
النبي - عليه السلام-: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم
-: " مَنْ حَافَظَ عَلَى أربع رَكَعَات قَبلَ الظهرِ،
وَأرْبَعٍ بَعْدَهَا حُرِّمَ عَلَى النارِ " (4) .
ش- النعمان بن منذر الغساني.
اختلف في الأربع التي قبل الظهر، هل هي بتسليمة واحدة، أم
بتسليمتان، فعندنا بتسليمة واحدة، وعند الشافعي بتسليمتين،
احتج هو بحديث ابن عمر الذي ذكر في أبواب التطوع، واحتج
أصحابنا بحديث أبي أيوب الأنصاري الذي يأتي الآن، وهو صريح
أنه ليس فيهن إلا
__________
(1) في سنن أبي داود: " وروى عبد ربه ".
(2) في سنن أبي داود زيادة: " بهذه القصة ".
(3) الترمذي: كتاب الصلاة، باب منه آخر (427) ، النسائي:
كتاب قيام الليل، باب: ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي
عشرة ركعة ... (3/ 265) ، ابن ماجه: كتاب الصلاة والسُنَة
فيها، باب: ما جاء فيمن صلى قبل الظهر أربعا وبعدها أربعا
(1160) .
(5/160)
تسليمة واحدة، وحديث ابن عمر ليس بأربع،
وإنما هو ركعتان صلاهما - عليه السلام- بيانا للجواز، وأما
الأربع التي بعد الظهر فالثنتان منها مؤكدة، وتكميلها
أربعاً مستحب، وينبغي أن تكون بتسليمة واحدة، قياساً على
الأربع التي قبلها، ولأنها من نوافل النهار، فالأربع
بتسليمة أفضل. والحديث أخرجه: الترمذي، والنسائي، وابن
ماجه، وذكر أبو زرعة، وهشام- بن عمار، وأبو عبد الرحمن
النسائي، أن مكحولا لم يسمع من عنبسة بن أبي سفيان،
وصحَّحه الترمذي من حديث أبي عبد الرحمن القاسم بن عبد
الرحمن صاحب أبي أمامة، والقاسم هذا اختلف الناس فيه،
فمنهم من يضعف روايته، ومنهم من يوثقه. ص- قال أبو داود:
رواه العلاء بن الحارث، وسليمان بن موسى، عن مكحول مثله
(1) .
ش- أي: روى هذا الحديث العلاء بن الحارث الدمشقي، وسليمان
ابن موسى الأشدق الدمشقي، عن مكحول الدمشقي مثل ما ذكر.
1240- ص- نا ابن المثنى، نا محمد بن جعفر، نا شعبة، قال:
سمعت عبيدة عن إبراهيم، عن ابن منجاب، عن قرثع، عن أبي
أيوب، عن النبي - عليه السلام- قال: " أرْبَع قَبلَ الظهر،
ليسَ فيهن تَسْليم، تُفْتَحُ لَهن أبوابُ السماءِ " (2) .
ش- محمد بن المثنى.
وعُبيدة- بضم العن المهملة، وفتح الباء-: ابن معتب ابو عبد
الكريم الكوفي. روى عن: إبراهيم النخعي، والشعبي، وأبي
وائل. روى عنه: الثوري، وشعبة، وهشيم، وغيرهم. قال أبو
حاتم: ضعيف الحديث. وقال ابو زرعة: ليس بقوي، وقال: عمرو
بن علي
__________
(1) في سنن أبي داود: " عن مكحول بإسناده مثلهِ ".
(2) ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: في الأربع ركعات
قبل الظهر (1157) .
11هـ شرح سنن أبي داود 5
(5/161)
سيء الحفظ، ضرير، متروك الحديث. وقال أحمد:
ترك الناس حديثه. وقال ابن عدي: وهو مع ضعفه يكتب حديثه
(1) .
وإبراهيم بن يزيد النخعي.
وابن منجاب اسمه: سهم بن منجاب بن راشد الضبي الكوفي. روى
عن: أبيه، وقزعة (2) بن يحيى، وقرثع الضبي. روى عنه:
إبراهيم النخعي، وضرار بن مرة. روى له: مسلم، وأبو داود،
والنسائي، وابن ماجه (3) .
ومنجاب بكسر الميم، وسكون النون، وبالجيم، وفي آخره باء
موحدة. وقرثع الضبي، روى عن: سلمان الفارسي، حدثنا، وعن
أبي موسى، حدثنا، وعن أبي أيوب الأنصاري، حدثنا، وروى عن:
رجل، عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-. روى عنه: علقمة بن
قيس، وسهم بن منجاب. روى له: أبو داود، والترمذي،
والنسائي، وابن ماجه (4) .
وقرثع بالقاف، والراء، والثاء المثلثة، والعين المهملة.
[2/ 128 - ب] قوله: " تفتح لهن " اللام فيه للتعليل، أي:
لأجل/ صلاتها تفتح أبواب السماء، ويصعد عمله ذاك إليها،
وهذا الحديث حجة على الشافعي في أن الأربع عنده بتسليمتان
(5) ، وقد ذكرناه.
ص- قال أبو داود: فبلغني، عن يحيى بن سعيد القطان لو حدثت
عن عبيدة بشيء لحدثت (6) بهذا الحديث.
ش- أشار بهذا إلى تضعيف عبيدة بن معتب المذكور، وقال زهير
بن معاوية: عن يحمى، وذكر حديث عبيدة الضبي، حديث أبي
أيوب:
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (19/ 3760) .
(2) في الأصل: " أو قزعة ".
(3) المصدر السابق (12/ 2625) .
(4) المصدر السابق (23/ 4863) .
(5) كذا.
(6) في حق أبي داود: " لحدثت عنه بهذا"
(5/162)
" من صلى قبل الظهر أربعاً " أكتبه؟ قال:
لا يكتب، لا يكتب، أما إنه من عتيق حديثه، قال: وكان يحيى،
وعبد الرحمن لا يحدثان عن عبيدة. ص- قال أبو داود: عبيدة
ضعيف، وابن منجاب هو سهم.
ش- أي: اسم ابن منجاب المذكور في سند الحديث المذكور سهم،
بفتح السن المهملة، وسكون الهاء، وفي آخره ميم، وقد بيناه.
***
284- باب: الصلاة قبل العصر
أي: هذا باب في بيان صلاة النفل قبل فرض العصر.
1241- ص- نا أحمد بن إبراهيم، نا أبو داود، نا محمد بن
مهران القرشي، حدثنى جدي أبو المثنى، عن ابن عمر، قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم " رَحِمَ الله امْرأ صِّلَى
قَبلَ العَصْرِ أربعاً " (1) .
ش- أحمد بن إبراهيم الدورقي، وأبو داود الطيالسي، ومحمد بن
مهران القرشي. روى عن: جده أبي المثنى. روى عنه: أبو داود
الطيالسي. روى له: أبو داود، وأبو المثنى اسمه: ْ مسلم بن
المثنى المؤذن القرشي الكوفي.
وبهذا الحديث اخذ العلماء أن السُّنَّة قبل العصر أربع،
وقال صاحب " المبسوط ": إن التطوع قبل العصر حسن , لأن كون
الأربع من السنن الراتبة غير ثابت , لأنها لم تذكر في حديث
عائشة، ولم يرو انه- عليه السلام- واظب على ذلك، واختلف في
فعله إياها، فرُوي انه صلاها أربعاً، ورُوي أنه صلاها
ركعتين، فإن صلى أربعاً كان حسنا. والحديث: أخرجه الترمذي،
وقال: حديث حسن غريب.
1242- ص- نا حرص بن عمر، نا شعبة، عن أبي إسحاق، عن
__________
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الأربع قبل
العصر (430) .
(5/163)
عاصم بن ضمرة، عن علي- رضي الله عنه-: " أن
النبي- عليه السلام- كان يُصَلي قَبلَ العَصرِ ركعتين، (1)
.
ش- أبو إسحاق السبيعي.
وعاصم بن ضمرة السلولي الكوفي. سمع: علي بن أبي طالب. روى
عنه: الحكم بن عتيبة، وأبو إسحاق، وقال: ما حدَّثني بحديث
قط إلا عن علي، وقال علي بن المديني، وأحمد بن عبد الله:
هو ثقة، مات في سنة أربع وسبعين. روى له: أبو داود،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (2) .
وأخرج الترمذي، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: " كان
النبي- عليه السلام- يصلي قبل العصر أربع ركعات، يفصل
بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين، ومن تبعهم من
المسلمين والمؤمنين " (3) وقال: حديث علي حديث حسن، واختار
إسحاق بن إبراهيم أن لا يفصل في الأربع قبل العصر، واحتج
بهذا الحديث، قال: ومعنى أنه يفصل بينهن بالتسليم يعني (4)
التشهد، ورأي الشافعي وأحمد: صلاة الليل والنهار مثنى
مثنى، يختارَان الفصل في الأربع قبل العصر.
***
285- باب: الصلاة بعد العصر
أي: هذا باب في بيان صلاة النفل بعد فرض العصر.
1243- نا أحمد بن صالح، نا عبد الله بن وهب، أخبرني عمرو
بنِ الحارث، عن بكير بن الأشج، عن كريب مولى ابن عباس: "
أن عبدَ اللهِ بن عباس، وعبدَ الرحمنِ بنَ أزهر، والمسورَ
بنَ مَخْرَمَةَ أرسَلُوهُ إلى عَائشةَ زوج النبي- عليه
السلام- فقالواَ: اقْرَأ عليها السلامَ مِنا جميعاً
وسَلهَا عن
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (13/ 3012) .
(3) كتاب الصلاة، باب: ما جاء في الأربع قبل العصر (429) .
(4) في الأصل: " بعد "، والتصويب من جامع الترمذي.
(5/164)
الركعتينِ بعدَ العصرِ، وقل: إِنَا
أخْبِرْنَا أَنك تصليها، وقد بَلَغَنَا أن رسولَ الله صلى
الله عليه وسلم نهى عَنْهُمَا، فدخلتُ عَليها،
فَبَلغْتُهاَ ما أَرسلُوني به، فقالت: سَلْ أمًّ سلمةَ،
فخرجتُ إليهم، فأخبرتُه" بقولِهَا، فَرَفُوني إلي أمَ
سَلَمَة، بمثلِ ما أرسلوني به إلى عَائشةَ، فقالت أمِّ
سَلَمَة: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يَنْهَى
عنهما، ثم رأيتُهُ. يصليها، أمَّا حين صَلاهَا فإنه صلى
العَصْرَ، ثم دَخَلَ - وعندي نسْوَة مِن بَنِي حَرَامِ، من
الأنصارِ- فَصَلاهَا (1) ، فأرْسَلتُ إليه الجَاريةً،
فَقلتُ: قُومِي بجنْبه، فَقُولِي له: تَقُولُ أمُ
سَلَمَةَ: يا رسولَ الله، أسْمَعُكَ تَنْهَاهُنَّ عَن (2)
هاَتيَنِ الركعتينِ، وأَرَاكَ , تصليها؟ / [2/ 129 - أ]
فإن أشَارَ بيده استأخري (3) عنه، قالت: ففعلت الجارية ,
فأشارَ بيده فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال: " يا بنْتَ أبي
أمية، سألتِ عن الركعتَيْن بعد العَصْر، إِنه أَتَى (4)
ناس من عَبْد القًيْس بالإسلام من قومهم، فشغلوني عن
الركعتين اللتين بعد الظهر فهُما هاتانِ " (5) .
ش- كريب: ابن أبي مسلم القرشي الهاشمي مولى عبد الله بن
عباس. وعبد الرحمن بن أزْهر: ابن عوف، ابن أخي عبد الرحمن
بن عوف القرشي الزهري، شهد مع رسول الله حُنينا، وقيل: هو
ابن عم عبد الرحمن بن عوف، وقال النمري: وقد غلط فيه من
جعله ابن عم عبد الرحمن بن عوف، وقال في " الكمال": يكني
أبا جُبير، شهد مع النبي- عليه السلام- حينئذ، وروى عنه
حديث شارب الخمر بحنين.
__________
(1) في سنن أبي داود: " فصلاهما ".
(2) في سنن أبي داود: " تنهى عن ".
(3) في سنن أبي داود: " فاستأخري ".
(4) في سنن أبي داود: " أتاني ".
(5) البخاري: كتاب المواقيت، باب: إذا كُلم وهو يصلي فأشار
بيده (1233) ، مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب: معرفة
الركعتين التين كان يصليهما النبي صلى الله عليه وسلم بعد
العصر (834) .
(5/165)
روى عنه: ابنه: عبد الله، وأبو سلمة بن عبد
الرحمن، وكريب مولى ابن عباس. مات قبل الحرة. روى له: أبو
داود (1) .
والمسْور بن مخرمة: ابن نوفل بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة
بن كلاب القرشي الزهري، يكنى أبا عبد الرحمن، ويقال: أبو
عثمان، وأمه: الشفاء بنت عوف أخت عبد الرحمن بن عوف، له
ولأبيه صحبة من النبي- عليه السلام-. توفي رسول الله وهو
ابن ثمان سنين، وقد سمع من رسول الله وصح سماعُه منه، روي
له عن رسول الله اثنان وعشرون حديثا , اتفقا على حديثين.
وانفرد البخاري بأربعة ومسلم بحديث، روى عنه: أبو أمامة بن
سهل بن حنيف، وعلي بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وسعيد بن
المسيّب، وجماعة آخرون. قتل بمكة مع ابن الزبير سنة ثلاث
وسَبْعن ودفن بالحَجُون، ويُقالُ: أصابه المنجنيق وهو
يُصلي في الحجر، فمكث خمسة أيام ثم مات، ومات في ربيع
الآخر سنة أربع وستين وهو يومئذ ابن ثلاث وستين، وولد بمكة
بعد الهجرة بسنتين، وكان مروان ولد معه في تلك السنة. روى
له الجماعة (2) . قوله: " أرسلوه " أي: أرسلوا كُريبا.
قوله: " إنا أخبرنا " على صيغة المجهول.
قوله: " من بني حرامٍ " - بحاء وراء مهملتين مفتوحتين -
وبنو حرام في الأنصار منهم: جابر بن عبد الله وغيره، ويشبه
أن تكون احترزت بقولها: " من الأنْصار" من غيرهم , فإن في
العرب عدة بطون يقال لهم: بنو حرام. قال ابن دريد: في
العرب بطون ينسبون إلى وحرام ": بطن في تميم، وبطن في
جذام، وبطن في بكر بن وائل. وذكر غيره أن في خزانة حراماً
وفي عُذرة حراماً وفي بَلي حراماً وبالبصرة قبيلة يُقال
__________
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/ 406) ،
وأسد الغابة (3/ 424) ، والإصابة (2/ 389) .
(2) انظر ترجمته في: الاستيعاب (3/ 416) ، ولسد الغابة (5/
175) ، والإصابة (3/ 419) .
(5/166)
لها: بنو حرام، نُسب إليها جماعة، منهم:
أبو محمد القاسم بن علي
الحريري الحرامي مصَنف " المقامات "، وبالكوفة- أيضاً- خطة
تُنْسب
إلى بني حرام من تميم.
قوله: " يا بنت أبي أمية " خطاب لأم سلمة، واسمها: هنْد
بنت
أبي أمية- واسمُه: حذيفة، ويقال: سهيل- بن المغيرة بن عبد
الله بن
عمر بن مخزوم، ويعرف بزاد الراكب، ومعناه: أنه كان إذا
سافر لم
يتزود معه أحد، وسقي بهذا- أيضاً- زرعة بن الأسود بن الصلت
بن
أسد بن عبد العزى بن قصي، ومسافر بن أبي عَمرو بن أمية بن
عبد شمس، وكان هذا خلقا من أخلاق أشراف قريش، فلم يسئم
بذلك
غير هؤلاء الثلاثة , ذكره الزبير بن بكار.
وهذا الحديث هو عمدةُ الشافعية في أن الصلاة التي لها سبب
لا تكره
في وقت النهي , وإنما تكره ما لا سبب لها، وأن السنن
الراتبة إذا فاتت
يستحب قضاؤها , وهو الصحيح عندهم. وقال الشيخ محيي الدين
(1) :
وليس لنا أصحّ دلالة منه، ودلالته ظاهرة.
قلنا: هذا كان خاصا بالنبي- عليه السلام- والدليل على ذلك:
ما
رواه الطحاوي (2) ، عن ابن شيبة قال: نا يزيد بن هارون:
أنا حماد بن
سلمة، عن الأزرق بن قيس، عن ذكوان، عن أم سلمة قالت: صلى
رسول الله- عليه السلام- العصر ثم دخل بيتي فصلى ركعتين،
فقلت:
يا رسول الله، صليت صلاة لم تكن تصليها، قال: (قدم عليَّ/
مالا [2/ 129 - ب] فشغلني عن ركعتين كنت أركعهما بعد الظهر
الآن "، قلت: يا
رسول الله، أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: " لا ". فنهى رسول
الله صلى الله عليه وسلم
في هذا الحديث أحدا (3) أن يصليهما بعد العصر قضاء عما
كانَ يصليه بعد
الظهر، فدل ذلك على أن حكم غيره فيهما إذا فاتتاه خلاف
حكمه،
__________
(1) شرح صحيح مسلم (6/ 121) .
(2) شرح معاني الآثار (1/ 306) .
(3) في الأصل: " أحدْ ".
(5/167)
فليس لأحد أن يصليهما بعد العَصْر، ولا أن
يتطوع بعد العصر- أيضاً- وهذا هو النظر- أيضاً- وذلك أن
الركعتين بعد الظهر ليْستا فرضا، فإذا تُرِكتَا حتى تُصلَى
بعد صلاة العصر، فإن صُلنا بعد ذلك فإنما تطوعَّ بهما
مُصَليهما في غير وقت تطوعَّ، فلذلك نُهينا أن نصلي بعد
العصر تطوعا، وجعلنا هاتين الركعتين وغيرهما من سائر
التطوع في ذلك سواء.
وبهذا التقرير بطل كلام الشيخ محيي الدين في شرح الحديث
المذكور:
" الأصل: الاقتداء به- عليه السلام- وعدم التخصيص حتى يقوم
دليل به "، ولا دليل أعظم من هذا، ولا أصْرَحُ ولا أقْطَع
للنزاع. وقولُ البيهقي: " أن هذه رواية ضعيفة " ليْس بصحيح
, فإن حماد بن سلمة لا يُسأل عنه لجلالته، والأزرق وثَّقه
غيرُ واحد، وخرج البخاري حديثه محتجاً به، وذكوان وثقه
غيرُ واحد وصحّحوا حديثه. وهنا شيء آخرُ يلزمهم: وهو حانه-
عليه السلام- كان يداوم عليها، وهم لا يقولون به في الصحيح
الأشْهر، فإن عُورِضوا يقولون: هذا من خصائص رسول الله، ثم
في الاستدلال بالحديث يقولون: الأصل: عدم التخصيص. وهذا
كما يُقال: فلان مثل الظليم يَسْتجملُ عنْد الاسْتطارة
ويَسْتطيرُ عنْد الاستحمال.
ويستفاد من الحديث فوائد أخرى، الأولى: يستحب للعالم إذا
طلب منه تحقيق أمر مُهم، ويعلم أن غيره أعلم وأعرف بأصْله
أن يرشد إليه إذا أمكنه.
الثانية: الاعتراف لأهل الفضل بمزيتهم.
الثالثة: من أدب الرسول أن لا يستقل بتصرف شيء لم يؤذن له
فيه
فإن كريباً لم يستقل بالذهاب إلى أم كلمة حتى رجع إليهم.
الرابعة: قبول خبر الواحد والمرأة مع القدرة على التبين،
بالسماع من لفظ رسول الله- عليه السلام-.
الخامسة: لا بأس لإنسان أن يذكر نفسه بالكنية إذا لم يعرف
إلا بها.
(5/168)
السادسة: ينبغي للتابع إذا رأى من المتبوع
شيئاً يُخالفُ المعروف من طريقته، والمعتاد من حاله،
يَسألُه بلطف عنه، فإن كان ناسنا رجع عنه، وإن كان عامدا
وله معنى مخصص عَرَّفه للتابع واستفاده.
السابعة: إشارة المصلي بيده ونحوها من الأفعال الخفيّة لا
تبطل الصلاة. الثامنة: فيه إثبات لسُنَة الظهر بعدها.
التاسعة: إذا تعارضَت المصالح والمهمات بدئ بأهمها , ولهذا
بدأ النبي
- عليه السلام- بحديث القوم في الإسلام، وترك سُنَّة الظهر
حتى فات وقتها , لأن الاشتغال بإرشادهم وهدايتهم وقومهم
إلى الإسلام أهم. والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم.
***
286- بَابُ: مَنْ رَخّصَ فِيهمَا إذا كانَت الشمسُ
مُرْتفِعةً
أي: هذا باب في بيان قول من رخّص في الركعتين بعد العصر
إذا كانتِ الشمس مرتفعةً.
1244- ص- نا مسلم بن إبراهيم: نا شعبة، عن منصور، عن هلال
بن يَساف، عند وَهْب بن الأجدع، عن علي - رضي الله عنه -
أن النبي- عليه السلام- نهى عن الصلاة بعد العصر إلا
والشمس مرتفعة (1) .
ش- وهب بن الأجدر: الهمداني الخارجي (2) . سمع: عمر بن
الخطاب، وعليّ بن أبي طالب. روى عنه: الشعبي، وهلال بن
يسار. قال ابن سَعْد: كان قليل الحديث. روى له: أبو داود،
والنسائي (3) . قد استدل بعضهم بهذا الحديث أن ركعتي الظهر
إذا فاتتا يصليهما بعد
__________
(1) النسائي: كتاب المواقيت، باب: الرخصة في الصلاة بعد
العصر (574) .
(2) في الأصل:" الجارفي " خطأ.
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (31/ 6748) .
(5/169)
العصر إذا كانت الشمس مرتفعة، وكذا سائر
النوافل التي لها سبب. والحديث الصحيح: وهو قوله- عليه
السلام-: " لا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، ولا
صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس " يَردُّ هذا وأمثاله،
وقد حمله بعضُهم على أن النهي عن الصلاة الواجبة مثل
الفائتة ونحوها، فإنه لا يكره فعلها بعد العصر بالإجماع ,
ولكن ما دامت الشمس مرتفعة، فإذا اصفرت الشمس أو دنت للغر
[و] ب يكره ذلك- أيضاً-. والحديث أخرجه: النسائي.
1245- ص- نا محمد بن كثير: أنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن
عاصم بن ضمرة، عن عليّ قال: كان رسول الله- عليه السلام-
يُصلي في إثرِ كل صلاة مكتوبة ركعتين إلا الفجر والعصرَ
(1) .
[2/ 130 - أ] ش-/ هذا- أيضاً- صريح، ودال قطعي على انه لا
صلاة بعد صلاتي الفجر والعصر سواء كان لها سبب ابو لم يكن.
1246- ص- نا مسلم بن إبراهيم: نا أبان: لا قتادة، عن أبي
العالية،
عن ابن عباس قال: شهد عندي رجال مَرضيّون فيهم عمر بن
الخطاب - وأرضاهم عندي: عُمر- أن نبي الله- عليه السلام-
قال: " لا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمسُ، ولا صلاة
بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمسُ، (2)
ش- أبان: ابن يزيد العطار، وأبو العالية: الرياحي، اسمه:
ربيع
ابن مهران البصري، وقد مرّ.
__________
(1) النسائي في الكبرى، كتاب الصلاة.
(2) البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب: الصلاة بعد الفجر
حتى ترتفع الشمس (581) ، مسلم: كتاب صلاة المسافرين
وقصرها، باب: الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها (286/ 826)
، الترمذي: كتاب الصلاة، باب:
ما جاء في كراهية الصلاة بعد العصر وبعد الفجر (183) ،
النسائي: كتاب المواقيت، باب: النهي عن الصلاة بعد الصبح
(561) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنًة فيها، باب:
النهي عن الصلاة بعد الفجر وبعد العصر (1250) .
(5/170)
قوله: " شهد عندي " معناه: بينوا لي
وأعلموني به، قال تعالى: {شَهِدَ اللهُ أنَّهُ لا إِلَهَ
إِلا هُوَ} (1) . قال الزجاج: معناه: بَين. وقال
السَفاقُسي: اختلف العلماء في تأويل نهيه- عليه السلام- عن
الصلاة بعد الصبح والعَصْر. قال أبو طلحة: المراد بذلك: كل
صلاة , ولا يثبتُ ذلك عنه. وقال ابن حزم: إن قوما لم يروا
الصلاة أصلاً في هذين الوقتين. وقال النووي: أجمعت الأمة
على كراهة صلاة لا سبب لها في هذه الأوقات، واتفقوا على
جواز الفرائض المؤداة فيها. وقال أصحابنا: ولا بأس بأن
يصلي في هذين الوقتين الفوائت، وسجدة التلاوة، وصلاة
الجنازة , لأن الكراهة كانت لحق الفرض ليصير الوقت
كالمشغول به، لا لمعنى في الوقت، فلم تظهر في حق الفرائض
وفيما وجب بعينه كسجدة التلاوة وكذا صلاة الجنازة , لأنها
ليست بموقوفة على فعل العبد , ولكن يظهرُ في حق المنذور ,
لأنه تعلق وجوبه بسبب من جهته وفي حق ركعتي الطواف وفي
الذي شرع فيه ثم أفسده , لأنَ الوجوب لغيره وهو ختم الطواف
وصيانة المؤدّي.
فإن قيل: شغل الوقت كله: تقديري، وأداء النوافل: تحقيقي.
قلنا: الفرض التقديري أقوى من النفل التحقيقي، ولا يظهر
النهي في حق مثله من الفرض. وقال ابن بطال: تواترت
الأخبارُ والأحاديث عن النبي - عليه السلام- أنه نهى عن
الصلاة بعد الصبح وبعد العصر، وكان عمر يضرب على الركعتين
بعد العصر بمحضر من الصحابة من غير نكير , فدل أن صلاته-
عليه السلام- الركعتين بعد العصر مخصوصة به دون أمته. قلت:
وكذا قال الماوردي وغيره: إنه من خصوصياته- عليه السلام-،
وقد مر الكلام فيه آنفا. والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم،
والترمذي.
1247- ص- نا الربيع بن نافع: لا محمد بن مهاجر، عن العباس
بن
__________
(1) سو ر آل عمران: (18) .
(5/171)
سالم، عن أبي سلام، عن أبي أمامة، عن عَمرو
بن عَبَسة السُلَمي أنه قال: قلت: يا رسول الله، أي الليل
أسمعُ؟ قال: " جوفُ الليل الآخرُ فصَل ما شئت، فإن الصلاة
مشهودة مكتوبة حتى تصلي الصبح، ثم اقصرْ حتى تطلع الشمسُ
فترتفع قيْسَ رُمْح أوْ رمحن , فإنها تطلع بَيْن قرني
شيطان وتُصفي لها الكُفارُ ثم صَل ما شئتَ , فإن الصلاة
مشهودة مكتوبة حتى يعدلَ الرمحُ ظله ثم اقصرْ، فإن جهنم
تسجر وتفتح أبوابها، فإذا زاغت الشمسُ فصَل ما شئت , فإن
الصلاة مشهودة حتى تصفي العصرَ، ثم اقصرْ حتى تَغرُب
الشمسُ , فإنها تغربُ بين قرني شيطان، وتُصلي (1) لها
الكفارُ " وقص حديثاً طويلاً. قال العباس: هكذا حدثني أبو
سلام، عن أبي أمامة إلا أن أخطئ شيئاً لا أريدهُ فأستغفر
الله وأتوبُ إليه (2) .
ش- عباس بن سالم: ابن جميل بن عمرو بن ثوابة (3) بن الأخنس
ابن مالك بن النعمان بن امرئ القيس اللخمي الدمشقي. روى
عن: أبي سلام، وأبي إدريس الخولاني، ومدرك بن عبد الله
الأزدي. روى عنه: محمد بن مهاجر الأنصاري. قال أحمد بن عبد
الله: ثقة. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (4) .
وأبُو سلام: ممطور الأعرج الباهلي، وأبو أمامة: صُدي بن
عجلان الباهلي الصحابي.
وعمرو بن عَبَسَة- بفتح العن والباء الموحدة والسين
المهملة- بن عامر ابن خالد بن غاضرة بن عتاب السلَمي،
يكنى: أبا نجيح، قدم على النبي- عليه السلام- مكة، ثم قدم
عليه المدينة مهاجراًَ، وكان رابع أربعة في الإسلام، وهو
أخو أبي ذر الغفاري لأمه، وأمهما: رمْلة بنت الوقيعة بن
حرام بن غفار، روي له عن رسول الله- عليه السلام-
__________
(1) في سنن أبي داود:" ويصلى ".
(2) الترمذي: كتاب الدعوات، باب: في انتظار الفرج وغير ذلك
(3573) . (3) في الأصل: " بوانة "
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (14/ 3121) .
(5/172)
/ ثمانية وثلاثون حديثاً، روى له مسلم
حديثاً واحداً، روى عنه: [2/ 130 - ب] أبو أمامة، وابن
مسعود، وسهل بن سَعْد الساعدي، وجماعة آخرون،
نزل الشام وسكن حمْص إلى أن مات. روى له: أبو داود،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (1) .
قوله:" أي الليل أسمعُ؟ " أي: أيُ أجزاء الليل؟ أو أي
أوقات الليل
اقربُ إلى الاستجابة؟ وضع السمع موضع الإجابة مجازا كما في
قوله:
" سمع الله لمن حمده ".
قوله:" جوفُ الليل الآخر " ارتفاع " جوف " على الابتداء،
وخبره
محذوف , والتقدير: جوف الليل الآخر اسمع: أرْجى وأقربُ
للإجابة،
وارتفاع " الآخر " على أنه صفة للجَوْف، والمراد منه: ثلث
الليل الآخر
وهو الجزء الخامس من أسداس الليل.
قوله: " مشهودة " يعني: تشهدها الملائكة. " مكتوبة " يعني:
تكتب
أجرها للمُصلي.
قوله: " ثم اقصرْ حتى تطلع الشمس " أي: ثم احبسْ نفسك عن
الصلاة إلى طلوع الشمس , وهذا بعمومه يتناوَل ماله سبب وما
لا سببَ
له.
قوله: " قيْسَ رمح " أي: قدر رمح في رأي العين، يقال: قيْس
وقاس وقيد وقاد وقاب بمعنى، وقد تقدم مثله غير مرة.
قوله: " فإنها تطلع بين قرني شيطان " قد ذكرنا أنه بمعنى
جانبي رأسه؟
وذلك أنه يقابل الشمس حين طلوعها، ويَنْتصبُ دونَها حتى
يكون طلوعها
بين قرنَيْه، فينقلب سجودُ الكفار للشمس عبادة له , وهذا
هو المعنى الحقيقية، وذكرنا فيه وجوها أخرى في كتاب "
الصلاة ".
قوله: " حتى يَعْدل الرمح ظله " هو إذا قامت الشمس قبل أن
تزول،
__________
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/498) ،
وأهلا الغابة (4/ 251) ، والإصابة (3/ 5) .
(5/173)
فإذا تناهى قِصر الظل فهو وقت اعتداله،
وإذا أخذ في الزيادة فهو وقت الزوال.
قوله: " ثم اقصر" عام يتناول يوم الجمعة وغيره، واستثنى
الشافعي حالة الاستواء يوم الجمعة.
قوله: " فإن جهنم تسجّر " أي: تُوقدُ، وأراد به الإبْراد
بالظهر , لقوله
- عليه السلام-: " أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم
". واختلف في جهنم: اسم عربي أو عجمي؟ فقيل: عربي مشتق من
الجهومة , وهي كراهة المنظر، وقيل: من قولهم: بئر جَهْنام
أي: عميقة، فعلى هذا لم تصرف للعلمية والتأنيث. وقال
الأكثرون: هي عجميّة معربة، وامتنع صرفها للعلمية والعجمة.
قوله: " فإذا زاغت " أي: مالت.
قوله: " قال العباس " أي: ْ العباس بن سالم المذكور.
والحديث أخرجه: الترمذي مختصراً بمعناه، وقال: هذا حديث
حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وقد اخرج مسلم طرفاً منه في
أثناء الحديث الطويل.
1248- ص- نا مسلم بن إبراهيم: نا وهيب: نا قدامة بن موسى،
عن أيّوب بن حُصَين، عن أبي علقمة، عن يَسَار مولى ابن عمر
قال: رآني ابن كمر وأنا أصلي بعد طلوع الفجر فقال: نا
يسَار، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علينا ونحن
نصَلي هذه الصلاة فقال: " ليبلغ شاهدكم غائبكم! لا تصلوا
بعد الفجر إلا سجدتَيْن، (1) .
ش- وُهَيب: ابن خالد البصري.
وقدامة بن موسى: ابن عمر (2) بن قدامه بن ملعون. روى عنه:
__________
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: لا صلاة بعد طلوع الفجر
ألا ركعتين (419) ، ابن ماجه: كتاب المقدمة، باب: من بلغ
علما (235) .
(2) في الأصل: أعمرو " خطأ "
(5/174)
يحيى بن سعيد الأنصاري، وحفص بن غياث (1) ،
ذكره ابن حبان في " لثقات " وقال: مات [سنة] ثلاث وخمسين
ومائة، وكان إمام مسجد رسول الله (2) .
وأيوب بن حصين: التميمي. روى عن: يَسار بن نمير العدوي
مولى عبد الله بن عمر. روى عنه: قدامة بن موسى. روى له:
أبو داود (3) . وأبو علقمة: الهاشمي مولى عبد الله بن
عباس، وقد ذكرناه.
ويَسَار- بفتح الياء آخر الحروف- بن نُمير- بضم النون-
القرشي العدوي مولى عبد الله بن عمر بن الخطاب. روى عنه:
أبو أمامة، وأبو علقمة. قال أبو زرعة: مديني ثقة. روى له:
أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (4) .
قوله: " إلا سجدتن " أي: ركعتين؟ وهما ركعتا الفجر. وروى
الترمذي هذا الحديث، ولفظه: الا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين
"، ثم قال: ومعنى هذا الحديث: إنما يقول: لا صلاة بعد طلوع
الفجر إلا ركعتي الفجر. قال: وفي الباب عن عبد الله بن
عمرو، وحفصة قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث غريب لا
نعرفه إلا من حديث قدامة ابن موسى "، وروى عنه غير واحد،
وهو ما اجتمع عليه أهل العلم (6) : كرهوا أن يصلي الرجل/
بعد طلوع الفجر إلا ركعتي الفجر. [2/ 131 - أ]
__________
(1) في الأصل:" عمان ".
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (23/4860) .
(3) المصدر السابق (25/ 5156) .
(4) المصدر السابق (32/ 7074) .
(5) ذكر الحافظان ابن حجر في " التلخيص " (1/ 201- 202) ،
والزيلعي في نصب الراية (1/ 256) طرقا لهذا الحديث من غير
طريق قدامة. وقال الزيلعي: " وكل ذلك يعكر على الترمذي في
قوله:" لا نعرفه إلا ضيق حديث قدامة ".
(6) قال الحافظ في " التلخيص " (1/ 202) : " تنبيه: دعوى
الترمذي الإجماع على الكراهة لذلك عجيب" فإن الخلاف فيه
مشهور، حكاه ابن المنذر وغيره،=
(5/175)
وأخرجه ابن ماجه- أيضاً-، وذكره البخاري في
" ألتاريخ الكبير" وساق اختلاف الرواة فيه.
1249- ص- نا حفص بن عمر: نا شعبة، عن أبي إسحاق، عن
الأسود، ومسروق قالا: نشهَدُ على عائشة أنها قالت: ما من
يوم يأتي على النبي- عليه السلام- إلا صلى بعْد العَصْر
ركعتين (1) .
ش- أبو إسحاق: السبِيعي، والأسْود: ابن يزيد النخعي،
ومَسْروق: ابن الأجدع.
واختلفوا في معنى الحديث , فقالت طائفة: إنه صلى بعد العصر
تبيينا لأمته أن نَهْيه- عليه السلام- عن الصلاة بعد الصبح
وبعد العَصْر على وجه الكراهة، لا على التحريم. وقالت
طائفة: الأصل فيه: أنه صلاها يوما قضاءَ لفائت ركعتي
الظهر، وكان عليه السلام إذا فعل فعلاَ واظب عليه ولم
يقطعه فيما بعد. وقالت طائفة: إنه- عليه السلام- مخصوص
بذلك , وهذا هو الأشهر.
وقال الطحاوي (2) بعد أن روى هذا الحديث: فذهب قوم إلى هذا
وقالوا: لا بأس أن يصلي الرجل بعد العصر ركعتين هما من
السنَّة عندهم , واحتجوا في ذلك بهذا الحديث، فخالفهم أكثر
العلماء في ذلك وكرهوها، واحتجوا في ذلك بما حَدثنا علي بن
معبد قال: نا عبيد الله ابن موسى العبْسي قال: نا طلحة بن
يحيى، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن معاوية أرسل
إلى أم كلمة يسألها عن الركعتين اللتين ركعهما
__________
= وقال الحسن البصري: لا بأس به. وكان مالك يرى أن يفعله
من فاتته صلاة بالليل. وقد أطنب في ذلك محمد بن نصر
المروزي"
(1) البخاري: كتاب مواقيت الصلاة، باب: ما يصلى بعد العصر
من الفوائت ونحوها (593) ، مسلم: كتاب صلاة المسافرين
وقصرها، باب: معرفة الركعتين اللتين كان يصليهما النبي صلى
الله عليه وسلم بعد العصر (835) ، النسائي: كتاب المواقيت
باب (36) .
(2) شرح معاني الآثار (1/ 301) .
(5/176)
رسول الله- عليه السلام- بعد العصر فقالت:
نعم صلى رسول الله عندي ركعتين بعد العَصْر فقلت: أُمرت
بهما؟ قال:" لا، ولكني أصليهما بعد الظهر، فشُغِلتُ عنهما
فصليتها الآن ".
وحديث عائشة هذا: أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي.
1250- ص- نا عُبَيد الله بن سَعْد: نا عمي: نا أبي، عن ابن
إسحاق،
عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ذكوان مولى عائشة أنها حدّثته
أن رسولَ الله- عليه السلام- كان يُصلي بعدَ العَصْر
ويَنْهى عنها، ويُواصل وبَنْهى عن الوصال (1) .
ش- عبيد الله بن سَعْد: ابن إبراهيم، وعمه: يعقوب بن
إبراهيم، وأبو عمه: إبراهيم بن سَعْد بن إبراهيم بن عبد
الرحمن بن عوف الزهري القرشي، ومحمد: ابن إسحاق بن يَسار.
وذكوان: أبو عمرو مولى عائشة أم المؤمنين. سمع: عائشة. روى
عنه: علي بن الحُسين، ومحمد بن عمرو بن عطاء، والأزرق بن
قيس، وكانت عائشة دبّرته وقالت: إذا واريتني فأنت حر، قال
عروة: كان ذكوان غلام عائشة يوم قريشا وخلفه عبد الرحمن بن
أبي بكر , لأنه أقرؤهم للقرائن. قال محمد بن عمر: مات
ليالي الحرة، وقال حضهم: أحسبُه قتل بالحرة في ذي الحجة
سنة ثلاث وستين. روى له: البخاري، ومسلم، وأبو د أود،
والنسائي (2) .
وهذا الحديث ينطق بأن صلاته- عليه السلام- بعد العصر كانت
من خصائصه، كما أن الوصال كان من خصائصه , فلذلك كان ينهى
عنهما، وهذا يرد قول مَنْ يدعي عدم التخصيص كالبيهقي
والنووي وغيرهما، ودَعْوَى عدم التخصيص مع هذا الحديث
مُكابرة، فافهم.
***
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (8/ 1815) .
12 " يطرح سنن أبي داوود 5
(5/177)
287- بَابُ: الصَّلاةِ قبْل المَغْرِب
أي: هذا باب في بيان الصلاة قبل المغرب.
1251- ص- نا عُبيد الله بن عُمر: نا عبد الوارث بن سعيد،
عن حسين
المعلم، عن عبد الله بن بُرَيدة، عن عبد الله المزَني قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"صلّوا قبل المغرب ركعتين "، ثم قال: " صلوا قبل المغرب
ركعتين لمنْ
شاء" خَشْيةَ أن يتخذها الناسُ سُنَّة (1) .
ش- عبد الله بن مُغفل المُزني.
اختلف السلف في التنفل قبل المغرب , فأجازه طائفة من
الصحابة
والتابعين والفقهاء , وحجتهم: هذا الحديث وأمثاله، وروي عن
جماعة
من الصحابة وغيرهم أنهم كانوا لا يصلونها. وقال إبراهيم
النخعي: هي
بدْعة. والصحيح: أن الحديث محمول على أنه كان في أؤل
الإسلام
ليتبيّن خروج الوقت المنهي عن الصلاة فيه بمغيب الشمس، وحل
فعل
النافلة والفريضة، ثم التزم الناس المبادرة لفريضة المغرب
لئلا يتباطأ الناس
[2/ 131 - ب] بالصلاة عن وقتها الفاضل. وأخرجه/ البخاري
بنحوه.
1252- ص- نا (2) عبد الله بن محمد النفيلي: نا ابن عليّة،
عن
الجريري، عن عبد الله بن بُرَيْدة، عن عبد الله بن مُغفّل
قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: " بين كل أذانين صلاة، بَيْن كل
أذانين صلاة لمن شاء " (3) .
ش- ابن عليّة: إسماعيل، والجُريري: سعيد بن إياس النضري.
__________
(1) البخاري: كتاب التهجد بالليل والتطوع، باب: الصلاة قبل
المغرب (1183) .
(2) جاء هذا الحديث في سنن أبي داود عقب الحديث الآتي.
(3) البخاري: كتاب الأذان، باب: كم بين الأذان والإقامة
(624) ، مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: بين كل
أذانين صلاة (304 / 838) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما
جاء في الصلاة قبل المغرب (185) ، النسائي: كتاب الأذان،
باب: الصلاة بين الأذان والإقامة (680) ، ابن ماجه كتاب
إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الركعتين قبل المغرب
(5/178)
قوله: " بين كل أذانين " أرادَ بهما:
الأذان والإقامة حملاً أحد الاسمين على الآخر، والعربُ
تفعل ذلك كقولهم: الأسودان: التمر والماء، والأسود أحدهما،
ومنه: الأبوان، والعُمران، والقمران.
قلت: يجوز أن يطلق على الإقامة الأذان من حيث أنها إعلام
للحاضرين كما أن الأذان إعلام للغائبين. وقال الشيخ محيي
الدين (1) : وهذه الأحاديث فيها استحباب ركعتين بين الغروب
وصلاة المغرب، وفي المسألة وجهان لأصحابنا، أشهرهما: لا
يُستحب، وأصحهما عند المحققين: يستحب لهذه الأحاديث، وبه
قال أحمد، وإسحاق.
قلت: وعند أبي حنيفة وأصحابه: لا يستحب ذلك؛ بل ذهب بعضهم
إلى كراهته، وبه قال مالك وكثر الفقهاء , لأن استحبابها
يؤدي إلى تأخير المغرب عن أول وقتها قليلا. وقد قال بعضهم:
إن هذه الأحاديث منسوخة. والحديث: أخرجه البخاري، ومسلم،
والنسائي، وابن ماجه.
1253- ص- نا محمد بن عبد الرحيم البرقي: أنا سعيد بن
سليمان:
نا منصور بن أبي الأسود، عن المختار بن فلفل، عن أنس بن
مالك قال: صليتُ الركعتين قبل المغرب على عهد رسول الله،
قال: قلت لأنس: أرآكُم رسولُ الله؟ قال: نعم رآنا فلم
يأمرنا ولم يَنْهنا (2) .
ش- سعيد بن سليمان: ابن نشيط، أبو عثمان الواسطي، سكن
بغداد، يُعْرف بسَعدَوَيْه. سمع: َ الليث بن سعد، ومنصور
بن أبي الأسود، وهشام بن بشير، وغيرهم. روى عنه: ابن معين،
والوليد بن شجاع، ومحمد بن عبد الرحيم البرقي الرزاز،
وغيرهم. قال أبو حاتم: ثقة، مأمون. روى له الجماعة (3) .
__________
(1) شرح صحيح مسلم (6/ 123) .
(2) مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب
ركعتين قبل صلاة المغرب (302/ 836) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (10/ 2291)
(5/179)
ومنصور بن أبي الأسود: الليثي. روى عن:
المختار بن فلفل، والأعمش، ومغيرة بن مقسم، وغيرهم. روى
عنه: سعيد بن سليمان، ومحمد بن الصلت، ومعن بن عيسى
البزاز، وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: يكتب
حديثه. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي (1) .
قوله: " أرآكم رسول الله؟ " الهمزة فيه للاستفهام.
قوله: " فلم يأمرنا " يدل على أن هذه الصلاة ليست
بمُستحبة.
وقوله: " ولم ينهنا " يدل على أنها مُباحة، ولا ينتهض هذا
دليلاً لمن يدعي استحباب هذه الصلاة. وأخرجه مسلم.
1254- ص- نا محمد بن بشار: نا محمد بن جعْفر: نا شعبة، عن
أبي شعيب، عن طاوس قال: سئل ابن عُمر عن الركعتين قبل
المغرِب فقال: ما رأيتُ أحدا على عَهْد رَسُول الله- عليه
السلام- يُصَليهما، ورخّص في الركعتين بعد العَصْر (2) .
ش- يُسْتفادُ منه حكمان , الأول: عدم استحباب الركعتين بعد
الغروب قبل المغرب، والثاني: كراهة الركعتين بعد صلاة
العَصْر، وهو مذهب الجمهور من الصحابة ومَن بعدهم من
العلماء من السلف والخلف.
ص- قال أبو داود: سمعتُ يحيى بن معين يقولُ: هو شعيب-
يعني: وهم شعبةُ في اسمِه.
ش- قال يحيى بن معين: وهم شعبة بن الحجاج في تسمية شعيب،
فذكره بالكنية، وليس كذلك , بل هو شعيب. روى عن: طاوس،
وروى عنه: شعبة. روى له: أبو داود.
***
__________
(1) المصدر السابق (28/ 6189) .
(2) تفرد به أبو داود.
(5/180)
288- بَابُ: صَلاة الضُّحَى
أي: هذا باب في بيان صلاة الضحى , والضحى- بالضم
والقَصْر-: ارتفاع أول النهار، وكذلك الضحوة، ويقال: الضحى
فوق الضحوة، وبه سميت صلاة الضُحى.
1255- ص- نا أحمد بن منيع، عن عباد بن عباد ح، ونا مسدد:
نا حماد بن زيد المعنى، عن واصل، عن يحيى بن عقيل، عن يحيى
بن يَعمُر، عن أبي ذر، عن النبي- عليه السلام- قال:،
يُصْبحُ على كل سُلامَى من ابن آدم صَدقة، تسليمُه على
مَنْ لقي صَدقة، وأمرُه بالمعْروف صَدَقة، ونهيهُ عن
المنكر صدقة، وإماطتُه الأذى عن الطريق صَدَقة، وبُضْعَتُه
(1) أهلَه صدَقة، ويجزئ (2) من ذلك كلِه: ركعتان/ من الضحى
" (3) [2/ 132 - أ] . ش- عباد بن عباد: ابن المهلب المهلبي
البَصْري.
وواصل: مولى أبي عُيينة بن المهلب بن أبي صفرة البصري. روى
عن: أبي الزبير المكي، ويحيى بن عقيل الخزاعي، ولقيط. روى
عنه: هشام بن حسان، وحماد بن زيد، وشعبة، وغيرهم. قال
أحمد، وابن معين: هو ثقة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. روى
له: البخاري، ومسلم، والنسائي، وابن ماجه (4) .
ويحيى بن عُقيل- بضم العين- الخزاعي البصري، نزل مرو. سمع:
عبد الله بن أبي أوفى، وأنس بن مالك، وعمران بن حصين،
ويحْيى بن يعمر. روى عنه: سليمان التيمي، ومنصور بن زاذان،
وواصل مولى
__________
(1) في حق أبي داود: " وبضعة " وذكر المصنف أنها نسخة.
(2) كتب فوقها: " معاً " أي بفتح الباء وضمها.
(3) النسائي في الكبرى، كتاب عشرة النساء.
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30/ 6666) .
(5/181)
أبي عُيينة، والحسن بن واقد. قال ابن معين:
ليس به بأسٌ. روى له: مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن
ماجه (1) .
وأبو ذر: جُندب بن جنادة.
قوله: " يُصبحُ على كل سُلامى "- بضم السين وتخفيف اللام-
وهي عظام الأصابع والأكف والأرجل , هذا أصله، ثم استعمل في
سائر عظام الجسَد ومفاصله. وفي " صحيح مسلم ": أن رسول
الله قال: " خلق الإنسان على ستين وثلثمائة مفصل، على كل
مفصل صَدقةٌ ". وقيل: السلامى: جمع سُلامِيَةٍ، وهي
الأنملة من أنامل الأصابع، وقيل: واحده وجمعه سواء، وقد
جمع على سُلامَيات، وقيل: السّلامي: كل عظم مجوف من صغار
العظام.
وقوله: " يصبح " (2) من أصبح من السم (3) ، الذي يقترن
مضمون الجملة بالوقت الخاص نحو قولك: أصبح زيد عالما،
بمعنى: حصلت له هذه الصفة في هذا الوقت الخاص، وكذلك
المعنى هاهنا يحصل لكل سلامى هذه الصفة في الوقت الخاص.
وقوله: " صدقة " مرفوع لإسناد " يُصبح " (2) إليها.
قوله: " تسليمُه " مبتدأ، وخبره: قوله: " صدقةٌ "، وهذا
إلى آخره بيان للإجمال الذي في صدر الكلام , وإنما أطلق
على السلام صدقةً باعتبار أنه إيصال أُنْسٍ وأمْن من جهته
إلى المُسلم عليه كما أن الصدقة إيصال بِرّ إلى الفقير،
فكما أن الفقير ينتفعُ بالمُتصدق به، فكذلك المُسلَّم عليه
ينتفع بالسلام من وجهين , الأول: أنه يأمن قلبُه من جهته ,
لأن الذي في قلبه المكر لأحد أو إيصال الشر إليه لا يبتدئ
بالسلام، والثاني: أنه يحصل له ثوابٌ بردّ سلامه، الذي هو
سَببٌ لحصول ذلك الثواب، فيُنفعُ به يوم القيامة.
قوله: " وأمرُه بالمعروف " هو اسم جامع لكل ما عرف من طاعة
الله
__________
(1) المصدر السابق (31/ 6887) .
(2) في الأصل: " تصبح " خطأ.
(3) كذا.
(5/182)
تعالى، والتقرب إليه، والإحسان إلى الناس،
وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات،
وهو من الصفات العالية، أي: أمر معروف بين الناس إذا رأوه
لا ينكرونه، والمعروف: النَصَفةُ وحُسْن الصحبة مع الأهل
وغيرهم من الناس، والمنكر: ضد ذلك جميعه.
قوله: " وإماطتُه الأذى " أي: إزالته؟ من أمَاط يُميط.
وهذا عام يتناول كل أذى يحصل للناس عن الطريق، ويَنْدرجُ
فيه عزْلُ الولاة الظلمة الفسقة والحكام الرُّشَاة، والذين
يتولون الوظائف الدنيّة بالبرطيل، والجُهال من الحكام ,
فإنهم كلهم أذًى، وأي أذىً في طريق المسلمين وطريق الشرع؟!
وكذلك يندرج فيه قطاع الطريق والسعاة الذين يَقْعدُون على
طريق المسلمين، ويأخذون منهم المكس، فكل هؤلاء أذى في
الطريق، وإماطتهم صدقة، وأي صدقة!
قوله: " وبُضْعَتُه أهلَه صدقة " وفي بعض النسخ: " بُضْعَة
"- بضم الباء الموحدة وسكون الضاد المعجمة- والمعنى:
مُباشرته أهله صدقةٌ، والبُضع يطلق على عقد النكاح والجماع
والفرج. وانتصاب " أهله " على أنه مفعول المَصْدر المُضاف
إلى فاعله.
قوله: لا ويجزئ لما بفتح الياء وضمها , فالضم من الإجزاء،
والفتح من جزى يجزي أي: كفى، والمعنى: يكفي من هذه الصدقات
عن هذه الأعضاء , إذ الصلاة عمل لجميع أعضاء الجسَد. وفيه
دليل على عظم فضل الضحى، وكبْر مَوْقعها، وأنها تصح
ركعتين.
قوله: " من الضحى " كلمة " من " بمعنى " في" أي: في الضحى،
كما في قوله تعالى: {أفَا نُوديَ للصَّلاة مِن يَوم
الجُمُعَة} (1) أي: في يوم الجمعة، ويجوز أن يكونن
بَمعناهَ، والمعنى: ابتداؤها من وقت الضحى.
__________
(1) سورة الجمعة: (9)
(5/183)
ص- وحديث عباد أتم، ولم يذكر مُسدد الأمر
والنهي، زاد في حديثه:
وقال كذا وكذا.
، [2/ 132 - أ] ش-/ أي: حديث عباد بن عباد أتم , لأنه ذكر
فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولم يذكر مسدد ذلك
في حديثه.
ص- وزاد ابن منيع في حديثه: قالوا: يا رسول الله، أحدُنا
يَقضي
شهوتَه وتكون له صدقةٌ؟ قال: " أرأيت لو وَضعها (1) في غير
حلِّها أَلم
يكن يأثمُ؟ ".
ش- أي: زاد أحمد بن منيع وهو أحد شيوخ أبي داود. وفيه
إشارة
إلى صحة قول من يقول بالقياس، فافهم.
1256- ص- نا وَهْبُ بن بَقيّة: أنا خالد، عن واصل، عن يحيى
بن
عُقيل، عن يحيى، عن أبي الأسْود الدُؤَلي قال: بينما نحن
عنْد أبي ذر قال:
تُصبح (2) على كل سُلامىِ من أحدكم في كل يوم صدقةٌ، فله
بكُلً صَلاة
صدقةٌ وصيامٍ صدقةٌ، وحج صدقة وتسبيح صدقة وتكبير صدقةٌ
وتحميدً
صدقةٌ، فعدّ رسول الله من هذه الأعمال الصالحة ثم قال: "
يَجْزئ أحدَكمً
من ذلك ركعتا الضُّحى " (3) .
ش- خالد: ابن عبد الله الواسطي، وواصل: مولى أبي عُيينة،
وقد
مر الآن ذكره- وأبو الأسْود: ظالم بن عمرو، وقيل: عَمرو بن
سفيان،
وقيل: عمرو بن ظالم، وقيل: سارق بن ظالم، وقيل: ظالم بن
سارق، وقد ذكرناه مرةً. والدؤلي- بضم الدال وبعدها همزة
مفتوحة
على مثال العُمَري، وقيل فيه غير ذلك.
__________
(1) في الأصل: " وضعتها " وما أثبتناه من سجن أبي داود.
(2) في سنن أبي داود: " يصبح"
(3) مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: استحباب صلاة
الضحى.. إلخ (84/ 7307) ، النسائي في الكبرى، كتاب عشرة
النساء.
(5/184)
قوله: " فله بكل صلاة " أي: فله بمقابلة كل
صلاة " صدقة " بمعنى: ثوابُ صدقة، وكذلك التًقدير في
الباقي.
قوله: " يجزئ " أي: يكفي " أحدكم "، وهو منصوب على أنه
مفعول " يجزئ "، والفاعل: قوله: " ركعتا الضحى ". والحديث
أخرجه: مسلم ولكن الألفاظ مختلفة.
1257- ص- نا محمد بن سلمة المرادي: نا ابن وهب، عن يحيى بن
أيوب، عن زبّان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني، عن
أبيه أن رسول الله- عليه السلَام- قال: " مَنْ قعد في
مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يُسبّح ركعتي الضحى لا
يقول إلا خيراً غُفر له خطاياه وإن كانت أكثر من زبد
البَحْر " (1) .
ش- عبد الله: ابن وهب، ويحيى بن أيوب: الغافقي المصري.
وزبان- بفتح الزاي والباء الموحدة المشددة- بن فائد-
بالفاء- المصري الحَمراوي- بفتح الحاء المهملة- وهي محلة
بطرف فسطاط مصر، كان على المظالم بمصر أيام عبد الملك بن
مروان. روى عن: سهل بن معاذ بن أنس- نسخة-. روى عنه: يحيى
بن أيوب، ورشدين (2) بن سعد، وابن لهيعة. قال أحمد بن
حنبل: أحاديثه مناكير. وقال ابن معين: شيخ ضعيف. وقال أبو
حاتم: صالح. روى له: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (3) .
وسَهْل بن معاذ ذكرناه، وهو ضعيف. وأبوه: معاذ بن أنس
الصحابي عداده في أهل مصر.
قوله: " حتى يُسبح " أي: يتنفل " ركعتي الضحى ".
قوله: " وإن كانت " أي: خطاياه " أكثر من زبد البحر "
يعني: إذا
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) في الأصل: " رشد ".
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (9/ 1953) .
(5/185)
فرضت أَجْساماً وأعياناً، ويجوز أن يكون
كناية عن كثرة الذنوب على سبِيل المبالغة.
فإن قيل: الواو في قوله: " وإن كانت " عطف على ماذا؟ قلت:
عطف على محذوف تقديرُه: إن لم يكن مثل زبد البحر، وإن كانت
مثل زبد البَحْر.
1258- ص- نا أبو توبة الربيع بن نافع: نا الهَيثم بن حميد،
عن يحيى ابن الحارث، عن القاسم أبي عبد الرحمن، عن أبي
أمامة أن رسول اللْه صلى الله عليه وسلم قال: " صلاة في
إثر صلاة لا لغوَ بينهما: كتابٌ في عليين" (1) .
ش- يحيى بن الحاًرث: أبو عمرو المقرئ إمام جامع دمشق،
والقاسِمُ: ابن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الدمشقي، وأبو
أمامة: صُدَي بن عجلان الباهلي.
قوله: " صلاةٌ " مبتدأ، وإن كانت نكرةً , لأنها تخصصت
بالصفة، وخبرُه: قوله:" كتابٌ " أي: مكتوبٌ أي: مما يكتبُ
في عليين , وهي لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش، فيها
أعمال المؤمنين، وقيل: أعلى الجنان، وقيل: السماء السابعة،
وقيل: قائمة العرش اليمنى، وقيل: سدرة المنتهى، وهو جمع لا
واحد له ولا تثنية، وقيل: واحده: علِي، وقد قررناه مرة
مستوفًى. والأثر: بفتح الهمزة والثاء، وبكسر الَهمزة وسكون
الثاء بمعنىً، يُقال: إِثْر الشيء، أي: عقيبُه، وجئتُ في
أثَره، أي: عقيبه. واللغو: الكلام الباطل وما لا يُعْنَى،
وقد ذكرنا الاختلاف في الاحتجاج بحديث القاسم هذا.
1259- ص- نا داود بن رُشيد: نا الوليد، عن سعيد بن عبد
العزيز،
[2/133-أ] / عن مكحول، عن كثير بن مرة أبي شجرة، عن نعيم
بن هَمار قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقولُ:
" قال الله عز وجَل: يا ابن اَدمَ، لا تعجزني من أربع
ركعاتٍ في أول نهارك كفِكَ آخره " (2) .
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الضحى
(475) .
(5/186)
ش- داود بن رُشيد- بضم الراء، وفتح الشن-
وقد ذكر مرة. والوليد: ابن مسلم الدمشقي، وسعيد بن عبد
العزيز: الدمشقي، فقيه أهل الشام بعد الأوزاعي، ومكحول:
الدمشقي، وكثير بن مرة أبو شجرة: الحمصي.
ونعيم بن همار- بفتح الهاء وتشديد الميم، وفي آخره راء-
ويقال:
ابن هبار- بالباء الموحدة موضع الميم- ويقال: ابن هدار-
بالدال المهملة-، ويُقال: ابن همام- بميمين-، ويقال: ابن
خمار- بالخاء المعجمة-، ويقال: ابن حمار- بكسر الحاء
المهملة، وفي آخره راء- الغطفاني الشامي. روى عنَ: النبي-
عليه السلام- حديثا واحدا , كذا قال صاحب " الكمال "، وقال
غيره: وقع لنا أحاديث كثيرة من روايته. روى عنه: كثير بن
مرة، وأبو إدريس الخولاني، وقيس الجذامي الشامي، وقيْس هذا
لا يُنْسب. روى له: أبو داود (1) .
قوله: " لا تعجزني " - بضم التاء -؛ وهذا مجاز كنايةٌ عن
تَسْويف العبد عمله لله تعالى , والمعنى: لا تُسَوّف صلاة
أربع ركعاتٍ لي في أول نهارك أكفك آخر النهار من كل شيء:
من الهموم والبلايا ونحوهما، و" أكفك " مجزوم لأنه جواب
النهي. والحديث أخرجه: الترمذي، عن أبي الدرداء، وأبي ذرّ،
عن رسول الله، عن الله عَزَّ وجَلَّ أنه قال: "ابن آدم،
اركعْ لي من أول النهار أربع ركعات أكفك آخره "، وقال: هذا
حَديث حَسن غريب. انتهى. وفي إسناده: ابن عياش وفيه مقال،
ومن الأئمة من يُصحح حديثه في الشاميين، وهذا الحديث شامي
الإسْناد. وحديث نعيم بن هبار: قد اختلفت الرواية فيه
اختلافا كثيرا، وحمل العلماء هذه الركعات على صلاة الضحى،
وقال بعضهم: النهار يقع عند أكثرهم على ما بين طلوع الشمس
إلى غروبها. وإخراج
__________
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (3/ 558) ،
وأسد الغابة (5/ 350) ، والإصابة (3/ 569) .
(5/187)
أبي داود والترمذي في صلاة الضحى يدل على
أَن المراد منها: صلاة الضحى.
1260- ص- نا أحمد بن صالح، وأحمد بن عمرو بن السَرحْ: نا
ابن وهب: حدثني عياض بن عبد الله، عن مخرمة بن سليمان، عن
كريب مولى ابن عباس، عن أم هانئ بنْت أبي طالب أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم صلى (1) يوم الفتح صلى سبحة الضحى
ثمان ركعات يُسلم من كل ركعتَيْن (2) .
ش- مَخْرمة بن سليمان: الوالبيَ , ووالبة: حي من بني أسدٍ
بن خزيمة المديني. سمع: السائب بن يزيد، وعبد الرحمن
الأعرج، وكريبا (3) مولى ابن عباس. روى عنه: مالك بن أنس،
وعَبْد ربه بن سعيد، وعياض بن عبد الله الفهري، وغيرهم.
قال ابن معين: ثقة. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال ابن
سَعْد: قتلَتْه الحَرورية بقديد سنة ثلاثين ومائة وهو ابن
سبعين سنة ً. روى له الجماعة (4) .
وأم هانئ: فاختة بنت أبي طالب بن عبد المطلب، أخت علي- رضي
الله عنه-. وقال أحمد: اسمُها: هند؛ والأول أكثر، روي لها
عن رسول الله ستة وأربعون حديثا , اتفقا على حديث واحدٍ.
روى عنها: أبو مرة مولى أخيها عقيل، وقيل: مولاها، وعبد
الرحمن بن أبي ليلى. روى لها الجماعة (5) .
__________
(1) كذا، وهي غير موجودة في سنن أبي داود.
(2) ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسُنَة فيها، باب: ما
جاء في صلاة الليل والنهار مثنى مثنى (1323) .
(3) في الأصل: " كريب "
(4) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (27/5830) .
(5) انظر ترجمتها في: الاستيعاب بهامش الإصابة (4/ 503) ،
وأسد الغابة (7/ 404) ، والإصابة (4/ 503) .
(5/188)
قوله: " يوم الفتح " أي: فتح مكة. وقال
البيهقي: غزا رسولُ الله
غزوة الفتح- فتح مكة- فخرج من المدينة في رَمضان ومعه من
المسلمين
عشرة آلاف، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف سنة من مَقدمه
المدينة،
وافتتح مكة لثلاث عشرة بقين من رمضان. ً
قوله: " سبحة الضحى " أي: صلاة الضحى. وقد اختلفت الروايات
في عدد صلاة الضحى- كما ترى- وذلك بحسب اختلاف الحال
والمكان
والحديث أخرجه: ابن ماجه.
ص- قال أبو داود: قال أحمد بن صالح: إن رسولَ الله صلى بوم
الفتح
سبحة الضحى، فذكر مثله.
ش- أي: مثل الحديث المذكور، فذكره مُعلقا.
ص- قال ابن السَرْح: إن أم هانئ قالت: دخَلَ علي رسولُ
الله- عليه
السلام-، ولم يذكر سبحة الضحى بمعناه.
ش- أي: بمعنى الحديث المذكور، ولم يذكر أحمد بن السَرْح
(سبحة
الضحى) , وإنما قال: (صلى ثمان ركعاتِ) فذكره مُعلقاً.
1261- ص- نا حفص بن عمر: نا شعبة، / عن عَمْرو بن مُرّة،
عن [2/133-ب] ابن أبي ليلى قال: ما أخبرنا أحد أنه رأى
النبي- عليه السلام- صلى الضحى غير أم هانئ , فإنها ذكرت
أن النبيِ- عليه السلام- يوم فتح مكة
اغتسل في بيتها وصلى ثمان ركعات، فلم يره أحد صلاهن بعدُ
(1) .
ش- عبد الرحمن: ابن أبي ليلى الأنصاري.
قوله: " بعد " أي: بعد ذلك اليوم. والحديث أخرجه: البخاري،
ومسلم، والترمذي، وابن أبي شيبة، ولفظه: نا وكيع: نا ابن
أبي خالد، عن أبي صالح مولى أم هانئ، عن أم هانئ قالت: دخل
__________
(1) البخاري: كتاب التهجد، باب: صلاة الضحى في السفر
(1176) ، مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب: استحباب صلاة
الضحى (336) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في صلاة
الضحى (474) .
(5/189)
رسول الله- عليه السلام- بيتي يوم فتح مكة،
فوضعت له ماء فاغتسل، ثم صلى ثمان ركعاتٍ صلاة الضحى لم
يصلهن قبل يومه ولا بعده.
1262- ص- نا مسدد: نا يزيد بن زُريع: نا الجُريري، عن عبد
الله بن شقيق قال: سألت عائشة: هلِ كان رسولُ الله صلى
الله عليه وسلم يُصلي الضُحى؟ قالت (1) : لا، إلا أنْ يجيء
من مغيبه، قلت: هل كان رسولَ الله صلى الله عليه وسلم
يُقْرِنُ بَيْن السُوَر (2) ؟ قالَتْ: مِن المُفَصّلً (3)
.
ش- الجُريري: سعيد بن إياس.
قوله: " من مغيبه " المغيب- بفتح الميم- مَصْدر، تقول: غاب
عنه غَيبا وغَيبةً وغيابا وغُيوبا ومغِيباً , والمعنى: إلا
أن يرجع من سفره. والجمع بين حديث عائشة في نفي صلاته-
عليه السلام- الضحى وإثباتها: هو أن النبي- عليه السلام-
كان يُصليها في بعض الأوقات لفضلها، ويتركها في بعضها خشية
أن تفرض (4) - كما ذكرته عائشة- وتأويل قولها: "لا، إلا أن
يجيء من مغيبه " ما رأيتُه كما قالت في الرواية الأخرى: "
ما رأيت رسول الله يصلي سُبْحة الضحى "، وسببه: أنه-عليه
السلام- ما كان يكون عند عائشة في وقت الضحى إلا في نادر
من الأوقات، وقد يكون في ذلك مسافراً، وقد يكون حاضراً
ولكنه في المسجد أو في موضع آخر، وإذا كان عند نسائه فإنما
كان لها يوم من تسعة فيصح قولها: " ما رايته يُصليها " -
كما في رواية مسلم- وكذا يصح قولها: " لا "- كما في رواية
أبي داود- أو يكون معنى قولها: " لا ما رأيته يُصليها ":
ما يداوم عليها؛ فيكون نفياً للمداومة، لا لأصلها، والله
أعلم.
__________
(1) في سنن أبي داود: " فقالت ". (2) في سنن أبي داود: "
السورتين" (3) مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب:
استحباب صلاة الضحى ... (75/ 717) ، النسائي: كتاب الصوم،
باب: ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر عائشة فيه (4/ 152) .
(4) في الأصل: " تعرض "
(5/190)
فإن قيل: قد صح عن ابن عمر أنه قال في
الضحى: هي بدعة. قلنا: هو محمول على أن صلاتها في المسجد،
والتظاهر بها كما كانوا يفعلونه بدعة؛ لا أن أصلها في
الثبوت ونحوها مذموم. أو يقال: قوله: " بدعة " أي:
المواظبة عليها؛ لأنه- عليه السلام- لم يواظب عليها خشية
أن تفرض، وهذا في حقه- عليه السلام-، وأما في حقنا: فقد
ثبت استحباب المحافظة بحديث أبي الدرداء وأبي ذر وقد يقال:
إن ابن عمر لم يبلغه فعل النبي- عليه السلام- الضحى وأمره
بها، وكيف كان فجمهور العلماء على استحباب الضحى , وإنما
نقل التوقف فيها عن ابن مسعود، وابن عمر. قال أبو بكر بن
أبي شيبة: نا وكيع: لا شعبة، عن توبة العنبري، عن مورق
العجلي قال: قلت لابن عمر: أتصلي الضحى؟ قال: لا. قلت:
صلاها عمر؟ قال: لا. قلت: صلاها أبو بكر؟ قال: لا. قلت:
صلاها النبي- عليه السلام-؟ قال: لا أخال.
نا وكيع: نا ابن أبي خالد، عن الشعبي، عن ابن عمر قال: ما
صليت الضحى مذ أسلمت، إلا أن أطوف.
نا ابن علية، عن الجُريري، عن الحكم بن الأعرج قال: سألت
ابن عمر عن صلاة الضحى وهو مستند ظهره إلى حجرة النبي-
عليه السلام- فقال: بدعة، ونعْمت البدعةُ.
ونا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة قال: لم يخبرني
أحد من الناس أنه رأى ابن مسعود يصلي الضحى.
قوله: " يَقْرِنُ بين السُوَر" من قرَن بين الشيئين: إذا
جمع بينهما، ومضارعُه: يقرن بكسر الراء- والمفصل: السبع
السابعُ من القرآن , سمي به لكثرة فصوله؛ وهو من سورة
محمد، وقيل: من سُورة الفتح، وقيل: من سورة قاف إلى آخر
القرآن. والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، والترمذي،
والنسائي مختصرا ومُطولا.
1263- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن عروة بن
(5/191)
الزبير، عن عائشة زوج النبي- عليه السلام-
أنها قالت: ما سبح رسول الله سُبْحة الضحى قط، وإني
لأسبحها / وإن كان رسولُ الله لَيدعُ العملَ وهو يُحِبُّ
أن يعْمل به خَشْية أن يَعْمل به الناس فيُفْرض علَيْهم
(1) .
ش- " ما سبح " بمعنى: ما تنفل , والسبحَة: النافلة.
قوله: " وإني لأسبحها " أي: أصليها، وفي رواية: "
لأسْتَحبّها " من
الاستحباب.
قوله: " وإن كان " " إن " مُخففة من مُثقلة، وأصلُه: إنه
كان رسولُ الله، واللام في " لَيدعُ " للتأكيد أي: ليتركُ
, والواو في " وهو يُحب " للحال، وانتصاب " خشية " على
التعليل.
قوله: " أن يعمل به الناس " " أن " مَصْدرية، ومحلها الجر
بالإضافة , والمعنى: خشية عمل الناس به.
قوله: " فيُفرض " عطف على " أن يعمل ". والحديث أخرجه:
البخاري، ومسلم. وقد أخرج مسلم في " الصحيح " من حديث
عائشة قالت: كان رسول الله- عليه السلام- يُصلي الضحى
أربعاً ويزيدُ ما شاء اللهُ. وقد مرّ وجه الجمعْ بينهما عن
قريب، فمَعْنى قولها: أما سبح، يعني: مواظباً عليها
ومُعْلِناً بها.
1264- ص- نا ابن نفيل، وأحمد بن يونس قالا: لا زهير: نا
سماك قال: قلت لجابر بن سَمُرة: أكنتَ تُجالسُ رسولَ الله
صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم كثيراً، فكان لا يَقومُ من
مُصلاه الذي علىَ فيه الغداة حتى تَطلع الشمسُ فإذا طلعت
قَامَ (2) .
__________
(1) البخاري: كتاب التهجد، باب: من لم يصل الضحى، ورآه
واسعا (1177) مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب: استحباب
صلاة الضحى (718) .
(2) مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: فضل الجلوس في
مصلاه بعد الصبح وفضل المساجد (670) ، وأعاد القصة الأخيرة
في كتاب الفضائل، باب: فضائل النبي صلى الله عليه وسلم
(2322) ، النسائي ": كتاب السهو، باب: قعود الإمام في
مصلاه بعد التسليم (3/ 80) .
(5/192)
ش- ابن نفيل: عبد الله بن محمد النفيلي،
وزهير: ابن معاوية، وسماك: ابن حَرب.
قوله: " كنتَ " الهمزة فيه للاستفهام.
قوله: " كثيرا لما نصب على أنه صفة لمصدر محذوف؛ أي:
جلوساً كثيرا ًبمعنى: مجالسا كثيرةً. ويُستفادُ من الحديث:
استحباب الجلوس في المسجد بعد صلاة الصبح إلى أن تطلع
الشمس , وليس للحديث مناسبة للباب. وأخرجه مسلم، والنسائي
بنحوه.
* * *
289- بَابُ: صَلاةِ النهارِ
أي: هذا باب في بيان صلاة النهار النافلة.
1265- ص- نا عمرو بن مرزوق: أنا شعبة، عن يَعْلى بن عطاء،
عن علي بن عبد الله البارِقي، عن ابن عمر، عن النبي- عليه
السلام- قال: " صلاة الليل والنهار مثنى مثنى " (1) .
ش- علي بن عبد الله البارقي: الأزدي أبو عَبْد الله
الأسْدِي- بسكون السين-، وبارق جَبَل نَزلهُ سَعْدُ بن
عَدي بن حارثة بن عَمرو بن عامر بن ثعلبة بن امرئ القيس بن
مازن بن الأزْد، فسُموا به. سمع: عبد الله بن عُمر، وعبد
الله بن عباس. روى عنه: مجاهد، وأبو الزُبير المكي،
وقتادة، وغيرهم. روى له: الجماعة إلا البخاري (2) .
قوله: " مثنى " خبر عن قوله: " صلاة الليل "، و " مثنى "
الثاني تأكيد , لأنه داخل في حده , إذ معناه: اثنين اثنين،
اثنين اثنين.
__________
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في أن صلاة الليل
والنهار مثنى مثنى (597) ، النسائي: كتاب قيام الليل وتطوع
النهار، باب: كيف صلاة الليل (1665) ، ابن ماجه: كتاب
إقامة الصلاة، باب: ما جاء في صلاة الليل والنهار مثنى
مثنى (1322) .
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (21/4098) .
13* شرح سنن أبى داود *
(5/193)
واستدل الشافعي، ومالك، وأحمد بهذا الحديث
أن النوافل بالليل والنهار أفضلها مثنى مثنى. وقال أبو
يوسف، ومحمد: بالليل: مثنى مثنى، وبالنهار: أربع أربع.
وقال أبو حنيفة فيهما: أربع أربع , أما الليل: فلحديث
عائشة: " صلى أربعاً فلا تسأل عن حُسنهن وطولهن " لما يجيء
تمامُه إن شاء الله تعالى في " باب صلاة الليل "، وأما
النهار: فلحديث نعيم بن همار ونحوه. وحديث ابن عمر: أخرجه
الترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وقال الترمذي: اختلف أصحابُ
شعبة في حديث ابن عمر , فرفعه بعضهم، ووَقَفه بعضُهم،
وقال: والصحيحُ ما (1) روي عن ابن عمر، عن النبي- عليه
السلام- أنه قال: " صلاة الليل مثنى مثنى ". وروى الثقات
عن عبد الله بن عُمر، عن النبي- عليه السلام-، ولم يذكروا
فيه صلاة النهار. وقال النسائي: هذا الحديث عندي خطأُ.
وقال الخطابيّ (2) : روى هذا عن ابن عمر: نافع، وطاوس،
وعبد الله ابن دينار لم يذكر فيها أحد صلاة النهار , وإنما
هو " صلاة الليل مَثنى مثنى " إلا أن سبيل الزيادات أن
تقبل. وقد قيل: وسُئل البخاري عن حديث يَعلى بن عطاء
أصَحيح هو؟ فقال: نعم.
قلت: لا يلزم من ذلك صحّة هذه الزيادة، فيكون قوله: " نعم
" راجعاً إلى قوله: " صلاة الليل مثنى مثنى ".
1266- ص- نا ابن المثنى: نا معاذ بن معاذ: نا شعبة: حدثني
عبد ربه ابن سعيد، عن أنس بن أبي أنس، عن عبد الله بن
نافع، عن عبد الله بن الحارث، عن المطلب، عن النبي- عليه
السلام- قال: " الصلاة مثنى مثنى وأن (3) تشَهدَ في كل
ركعتين وأن تَبْأسَ (4) وتمسكنَ وتقنع بيديك وتقول: اللهم
اللهم، فمن لم يفعل ذلك فهي خداج (5) " (6) .
__________
(1) في الأصل: "مما "، وما أثبتناه من جامع الترمذي. (2)
معالم السنن (1/ 241) . (3) في سنن أبي داود: " بأن تشهد "
وأشار المصنف إلى أنها نسخة.
(4) في الأصل: " تبأيس "، وما أثبتناه من الشرح وسنن أبي
داود.
(5) ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في صلاة
الليل والنهار مثنى مثنى (1325) . (6) جاء في سنن أبي داود
بعد هذا الحديث: " سئل أبو داود عن صلاة الليل مثنى؟ قال:
إن شئت مثنى، وإن شئت أربعاً"ْ.
(5/194)
ش- عبد ربه بن سعيدٍ: / ابن قيس الأنصاري،
أخو يحيى، وقد [2/134-ب] مر ذكره مُستوفى.
وأنس بن أبي أنس: واسم أبي أنس: مالك بن أبي عامر الأشجعي،
حليف عثمان بن عبد الله القرشي التيمي من أهل المدينة،
يروى عن:
أبيه. روى عنه: مالك بن أنس، وهو الذي روى عنه الزهري
فقال:
حدثنا أنس بن أبي أنس، عن أبيه، عن أبي هريرة في فضل رمضان
ة
كذا ذكره ابن حبان في " الثقات " (1) .
وعبد الله بن نافع: ابن العَمْياء. روى عن: عبد الله بن
الحارث،
وقيل: عن ربيعة بن الحارث , والصحيح: عبد الله. روى عنه:
عمران
ابن أبي أنس، وقد خالفه شعبة , فرواه عن عبد ربه، عن أنس
بن
أبي أنس، عن عبد الله بن نافع. روى له: أبو داود،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (2) .
وعبد الله بن الحارث: ابن نَوْفل بن الحارث بن عبد المطلب
بن هاشم
ابن عبد مناف ابو محمد القرشي الهاشمي المدني، وأمه: هند
بنت
أبي سفيان بن حرب. سمع: عمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان،
وعلي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب، وغيرهم (3) .
روى
عنه: ابناه: عبد الله وإسحاق (4) ، وأبو سلمة، وأبو إسحاق،
وعمر
ابن عبد العزيز، وغيرهم. قال ابن معين وأبو زرعة: هو ثقة.
توفي
سنة أربع وثمانين بعُمان. روى له الجماعة (5) .
ومطلب: ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد
مناف
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (3/ 564) . (2) المصدر
السابق (16/3608) (3) في الأصل: " وابنه عبد الله وغيرهم
"، والصواب أن ابنه عبد الله روى عنه كما سيذكر المصنف
بعدُ.
(4) في الأصل: " ووإسحاق ".
(5) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/ 281) ،
وأسد الغابة (3/ 207) ، والإصابة (3/ 58) .
(5/195)
القرشي الهاشمي، ويقال: هو عبد المطلب بن
ربيعة، هو ابن عم النبي - عليه السلام-. روى عنه: عبد الله
بن الحارث بن نوفل. روى له: أبو داود، والترمذي، والنسائي،
وابن ماجه , إلا أنه قال: مطلب بن أبي وداعة؛ وهو وهم (1)
.
قوله: " وأن تشَهّدَ " أي: وان تتشهد , حذفت إحدى التاءين
للتخفيف، وفي غالب النسخ الصحيحة: " أن تشهد " - بدون واو
العطف- فوجهُه: أن يكون بدلاً من قوله: " مثنى " أو يكون
في محل النصب بنزع الخافض، والتقدير: بأن تشهدَ.
قوله: " وأن تَبأسَ " أي: وأن تُظهر البُؤسَ والفاقة ,
وَهو من بَئس الرجلُ- بالكسْر- يَبْأسُ بؤسا وبَئيساً
اشتدَّتْ حاجتُه فهو بَائس، قالَ الله تعالى: " وأطعموا
البَائِسَ الفَقِيرَ" (2) .
قوله: " وتمَسَكَنَ " أي: تُظهر المسكنةَ , وهي من السكون
والوقار، والميم مزيدة فيها.
قوله: " وتُقنِع " من إقناع اليدين , وهو رفعهما في الدعاء
والمَسْألة. قوله: " اللهم، معناه: يا الله، وقد مر الكلام
فيه مستوفى.
قوله: " ذلك " إشارة إلى ما ذكر من الأمور.
قوله: " خداج " أي: ناقص في الأجر والفضيلة؛ والخداج مصدر
على حذف المضاف أي: ذات خداج أو يكون وضعها بالمصدر نفسه
مبالغة كقوله: "فإنما هي إِقبال وإدْبار". والحديث أخرجه:
النسائي، وابنُ ماجه. وقال الخطابي (3) : أصحاب الحديث
يغلطون شعبة في رواية هذا الحديث , قال البخاري: أخطأ شعبة
في هذا الحديث في مواضع: قال:
__________
(1) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (2/447) ،
وأسد الغابة (3/ 8 0 5) ، والإصابة (2/ 430) .
(2) سورة الحج: (28) . (3) معالم السنن (1/ 241) .
(5/196)
عن أنس بن أبي أنس، وإنما هو: عمران بن أبي
أنس، وقال: عن عبد الله ابن الحارث، وإنما هو: عبد الله بن
نافع، عن ربيعة بن الحارث، وربيعة بن الحارث هو ابن
المطلب، فقال هو: عن المطلب. والحديث عن الفضل بن عباس،
ولم يذكر فيه الفضْل، ورواه الليث على الصواب عن عبد ربه
بن سعيد، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الله ابن نافع بن
العَمْياء، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل بن عباس، عن
النبي- عليه السلام- قال: وهو حديث لا يُتابَعُ عليه ولا
يُعرفُ سماع بعضهم من بعض.
* * *
290- بَابُ: صَلاةِ التَّسْبِيح
أي: هذا باب في بيان صلاة التسبيح , وإنما سميت صلاة
التسبيح لأن مُصلِيها يُسبح الله فيه بعد الفراغ من
القراءة وفي الركوع، وعند رفع رأسه من الركوع، وفي السجود،
وبين السجدتين على ما يجيء بيانه الآن إن شاء الله تعالى.
1267- ص- ثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري: نا
موسى ابن عبد العزيز: لا الحكم بن أبان، عن عكرمة، عن ابن
عباس، أن النبي - عليه السلام- قال للعباس بن عبد المطلب:
" يا عباس، يا عماه، ألا أعطيك؟ ألا أمنحك؟ أَلا أجيزُكَ؟
(1) / أَلا أفعلُ بك (2) ؟ عَشْرَ خصال [2/135-ب] إذا
أَنْتَ فعلتَ ذلك غفر اللهُ لَك ذنبَك أوله وآخرَه وقديمَه
وحدِيثَه وخطأه وعمدَه صغيرَه وكبيرَه سره وعَلانِيتَه،
عشرُ خصال: أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كُلّ ركعةَ فاتحة
الكتاب وسورةً، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعةٍ وأنت
قائم قلت: سبحان الله، والحمدُ لله، ولا إله إلا اللهُ،
والله كبرُ
__________
(1) في سنن أبي داود: " أحبوك "، وذكر المصنف أنها رواية.
(2) كذا، وقد ذكرها في الشرح " لك "، وذكر أنه في رواية "
بك "، وهي المذكورة في سنن أبي داود.
(5/197)
خمس عشرة مَرةً، ثم تركعُ فتقولُها وأنتَ
راكع عشراً، ثم ترفع رأسكَ من الركوع فتقولُها عشراً، ثم
تهوي ساجداً فتقولها وأنت ساجد عشراً، ثم ترفعُ رأسك من
السجود فتقولها عشراً َ، ثم تسجدُ فتقولها عشراً، ثم ترفع
رأسك فتقولها عشراًً فذلك خمسٌ وسَبْعون في كلِ ركعة،
تَفْعل ذلك في أربع ركعات إن استطعتَ أن تُصليها في كل يوم
مرةً فافعًلْ، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرةً، فإن لم تفعل
ففي كل شهر مرةً، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرةً، فإن لم
تفعَلْ ففي عُمرك مَرة " (1) .
ش- عبد الرحمن بن بشر بن الحكم: ابن حبيب بن مهران العبدي،
أبو محمد النيسابوري. سمع: ابن عُيينة، ويحيى القطان،
وموسى بن عبد العزيز، وغيرهم. روى عنه: البخاري، ومسلم،
وأبو داود، وابن ماجه، وأبو حاتم، وجماعة آخرون. وقال صالح
بن محمد: صدوق. وقال الحاكم: العالِم ابن العالِم ابن
العالِم. توفي سنة ستين ومائتين (2) .
وموسى بن عبد العزيز: أبو شعيب اليماني العدني القِنباري.
سمع: الحكم بن أبان العدني. روى عنه: عبد الرحمن بن بشر بن
الحكم، ومحمد بن أسد. قال ابن مَعين: ما أرى به بأساً (3)
.
والقِنْباري: نسبة إلى قِنبار- بكسر القاف، وسكون النون،
وبعدها
باء موحدة مفتوحة، وبعد الألف راء- وهو ليف الجوْز الهندي،
يقال لمن يَفْتله ليحزز به المراكب البحرية: قنْباري.
ورأيتُ في بعض المواضع أنه نسبة إلى قُنبارَةَ , قرية مِنْ
قرى اليمنَ، وضبَطُوها بضم القاف. والحكم بن أبان:
العَدني، وعكرمة: مولى ابن عباس.
قوله: " يا عماه " أصله: يا عمي، فأرادوا التخفيف فقلبوا
كسرة
__________
(1) ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في صلاة
التسابيح (1387) . (2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (16/
3765) .
(3) المصدر السابق (29/ 6279) .
(5/198)
الميم ألفاً فصار يا عَما، ثم ألحقوه الهاء
في الوقف لبيان الألف، فصار "يا عَماه ".
قوله: " ألا أعطيك " كلمة " ألا " للتَنْبيه، فتدل على
تحقق ما بعدها. قوله: " ألا أمنحك " منْ منحَ يَمنحُ إذا
أعْطَى، والاسم: المنْحة , وهي: العطية.
قوله: " ألا أجيزك " من أجازه يُجيزه إذا أعْطاه ,
والجائزة: العَطيةُ. وفي بَعْض الروايات: " ألا أحْبُوك "َ
موضع " ألا أجيزك " من حَبَاه كذا وبكذا إذا أعْطاه،
والحِبَاءُ: العَطيّةُ، والحَبْوَةُ- بالفتح- المَصْدرُ.
قوله: " ألا أفعلُ لك " أي: "لأجلك. وفي بعض النُسخ: " ألا
أفْعلُ بك " أي: أفعلُ بك خيراً.
قوله: " عشرُ خصال " مرفوع على أنه خبر مبتدإ " محذوف أي:
هي عشرُ خصال، ويجوز أَن يكون انتصاب " عشر " على أن يكون
مفعولَ قوله: " أفعَلُ ".
قوله: " ذلك " يَرجعُ إلى ما وَعَده به مما يبينه باعتبار
التقدير.
قوله:، " أوله " لما بدل من قوله: " ذنبك " وما بعده عطف
عليه.
قوله: " صغيره " نصب على البدلية- أيضاً- وكذا قوله: "
سره" قوله: " عشر خصال " أي: هي عشر خصال، وهي أن تغفر له
أولَ ذنبه وآخره وقديمه وحديثه وخطؤُه وعمده وصغيرُه،
وكبيرُه وسره وعلانيتُه، وقد اندرج في هذا سائر أنواع
الذنب، ولا يمكن أن يُقال فيه: المراد من الذنوب: الصغائر
, لأنه صرح بغفران الكبيرة- أيضاً
قوله: " أن تصلي " في محل الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف،
أي: تلك العطية التي أعطيك إياها أو تلك المِنحة أو تلك
الجائزة هي: أن تصلي أربع ركعات.
قوله: " فذلك خمس وسبعون " لأنه يقول أولاً خمس عشرة مرةَ
ثم
(5/199)
يقول: عشراً عشراً ست مرات , فذلك ستون،
ويَصيرُ مع الأول خمسة وسبعين، ويصير الجميع ثلثمائة مرة؛
لأنها أربع ركعات في كل ركعة خمسة وسبعون. والحديث أخرجه:
ابن ماجه.
[2/135-ب] 1268- ص- نا محمد بن/ سفيان الأبُلّي: نا حَبان
بن هلال أبو حبيب: نا مهدي بن ميمون: نا عمرو بن مالك، عن
أبي الجوزاء: حدثنى رجل كانت له صحبة يُرَوْن عبد الله بن
عَمرو قال: [قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ائتني غداً
أحْبُوك وأثيبُك وأعْطيكَ حتى ظننت أنه يُعطيني عطيةً قال:
إذا زَال النهارُ فقم فصَل أرَبع ركعاتَ، فذكر نحوه، قال:
" ثم ترفعُ رأسك من السجدة (1) الثانية فاسْتَوِ جًالسا
ولا تقُم حتى تَسبّح عشراً وتحمْد عشراً وتكبر عشراً
وتُهلل عشراً، ثم تَصْنع ذلك في الأربع ركعات، قال: فإنك
لو كنتَ أعظم أهل الأرض ذنباً كُفر لك ذلك (2) ، قلتُ: فإن
لم أستطع أن أصليها تلك الساعةَ؟ قال: " صَلهَا من الليل
وَالنهارِ " (3) .
ش- محمد (4) بن سفيان: ابن أبي الزرد الأبُلي. روى عن:
حبان ابن هلال. روى عنه: أبو داود. والأبلي- بضم الهمزة
والباء الموحدة وتشديد اللام-: نسبة إلى أبُلة.
ومَهْدي بن ميمون: أبو يحيى الأرْدي المَغولي مولاهم
البصري. سمع: الحسن البصري، وابن سيرين، وهشام بن عروة،
وغيرهم. روى عنه: ابن المبارك، ووكيع، وأبو داود، وأبو
الوليد الطيالسيان، وجماعة آخرون. قال أحمد وابن معين:
ثقة. مات سنة سنتين وتسعين ومائة (5) .
وعمرو بن مالك: النُّكْري- بضم النون- أبو يحيى. سمع:
__________
(1) في سنن أبي داود: " يعني: من السجدة ".
(2) في سنن أبي داود: " بذلك ". (3) تفرد به أبو داود. (4)
انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (25/ 5251) .
(5) المصدر السابق (28/ 6224) .
(5/200)
أبا الجوزاء. روى عنه: مهدي بن ميمون،
وحماد بن زيد، وابنه: يحيى بن عمرو. روى له: أبو داود،
والترمذي، والنسائي، وابن ماجه (1) . وأبو الجَوْزاء- بفتح
الجيم، وبعد الواو الساكنة زاي- اسمه: أوس بن عبد الله
البصري.
قوله: " يُرَوْن " على صيغة المجهول أي: يظنون عبد الله بن
عمرو بن العاص.
قوله: " وأثيبك " من أثابَه يُثيبُه إثابةً أي: أعطاه
جَائزةً، والاسمُ: الثواب، ويكوَن في الخير والشرَ , إلا
أنه بالخير أخص! وكثر استعمالاً. قوله: " ذنباً " نصب على
التمييز.
قوله: " من الليل " أي: في أي جُزْء كان من الليل والنهار،
ويُستثنى منها الأوقات المكروهة.
ص- قال أبو داود: حبَان بن هلال خالُ هلال الرَأي.
ش- حَبان - بفتح الحاء وتشديد الباء الموحدة - بن هلال
الباهلي، وقد يُقال: الكِنَاني أبو حَبيب البَصْري. روى
عن: شعبة، وحماد بن سلمة، وهمام بن يحيى، وأبان بن يزيد
العطار. روى عنه: عليّ بن المديني، وابن المثنى، والبخاري،
وأحمد بن سعيد الدارمي، قال أحمد: إليه انتهى التثبت
بالبصرة. وقال ابن معين والترمذي: ثقة. مات بالبصرة في شهر
رمضان سنة ستة عشر ومائتين (2) .
وهلال الرَأي: 000 (3) .
ص- قال أبو داود: رواه المُستمر بن الريان، عن أبي
الجوزاء، عن عبد الله بن عَمرو مَوْقوفٌ (4) .
__________
(1) المصدر السابق (22/ 4441) . (2) المصدر السابق (5/
1064) . (3) بياض في الأصل قدر ثلثي سطر.
(4) في سجن أبي داود: " موقوفاً "، وأشار المصنف إلى أنها
نسخة.
(5/201)
ش- أي: روى الحديث المذكور: المستمر بن
الريان الإيادي البصري،
وهو رأى أنس بن مالك، وسمع: أبا نضرة العبدي. روى عنه:
يحيى
القطان، وشعبة، ومسلم بن إبراهيم، وأبو داود الطيالسي،
وغيرهم.
قال ابن معين: هو ثقة. وقال ابو حاتم: شيخ ثقة. وقال أبو
داود:
كان صدوقاً ثقة. روى له: مسلم، وأبو داود، والترمذي،
والنسائي (1) .
قوله: " موقوف " أي: هو موقوف على ابن عَمْرو. وفي بعض
النسخ: " موقوفاً " فيكون حالاً من الضمير الذي في " رواه
" أعني:
الضمير المنصوبَ.
ص- ورواه روح بن المُسيب، وجَعْفر بن سليمان، عن عَمْرو بن
مالك
النكري، عن أبي الجوزاء، عن ابن عباس قوله، وقال في حديث
روح:
فقال حديث النبي- عليه السلام-.
ش- أي: روى الحديث المذكور- أيضاً- روح بن المُسيب، وجعفر
ابن سُلَيمان الضبعي، عن عمرو بن مالك النُّكْري- بضم
النون-، عن
أبي الجوْزاء أوْس بن عبد الله، عن عبد الله بن عباس "
قوله " أي: قول
ابن عباس , وهذا- أيضاً- موقوف.
قوله: " وقال في حديث رَوحْ: فقال النبي- عليه السلام "
أشار بهذا إلى
أنه رفعه وروح بن المُسيب 000 (2) .
[2/136-أ] / 1269- ص- نا أبو توبة الربيع ابن نافع: نا
محمد بن مهاجر، عن عُرْوة بن رُوَيْم قال: حدثني الأنصاري
أن رَسولَ الله- عليه السلام- قال لجَعْفر بهذا الحديث،
فذكر نحوهم، قال في السجدة الثانية من الركعة الأولى كما
قال في حديث مهدي بن مَيْمون (3) .
ش- عروة بن رُوَيم: أبو القاسم اللخمي الشامي الأرْدُني،
وكانت له
بدمشق دار بناحية قنطرة سنان. سمع: أبا ثعلبة الخُشَني-
وقال
(1) المصدر السابق (27/ 5892) . (2) تفرد به أبو داود.
(2) بياض في الأصل قدر ثلثي سطر.
(5/202)
عبد الرحمن: لم يَسْمع-، وسمع: أنس بن
مالك، وعبد الله بن الدَّيْلمي، وعبد الرحمن بن قرط. وروى
عن: أبي ذر، وثوبان، وأبي كبشة الأنماري، وجابر بن عبد
الله، وعبد الرحمن بن غنم، وحكيم بن معاوية مُرسلاً. وروى
من طريق ضعيف عن أبي مالك الأشعري، وهشام بن عروة، والقاسم
أبي عبد الرحمن. روى عنه: الأوزاعي، وأبو فروة، وزيد بن
سنان الرهاوي، ومحمد بن مهاجر، وجماعة آخرون. وقال أبو
حاتم: عامّة أحاديثه مراسيل. وقال ابن معين: ثقة. مات سنة
أربع وأربعين ومائة بذي خُشُب، وحُمل إلى المدينة فدُفن
بها. روى له: أبو داود (1) .
الأنصاريُّ: جماعة؛ ولكن المراد هاهنا: جابر بن عبد الله
الأنصاري الصحابي.
قوله: " قال لجَعْفر بهذا الحديث " أي: الحديث المذكور،
وجَعْفر:
هو 000 (2) .
قوله: " كما في حديث مهدي بن ميمون " وهو رواية أبي
الجوزاء، عن عبد الله بن عمرو بن العاص. وقد أخرج حديث
صلاة التسبيح: الترمذي، وابن ماجه من حديث أبي رافع مولى
رسول الله. وقال الترمذي: هذا حديث غريب من حديث أبي رافع،
وقال- أيضاً- وقد رُوي عن النبي- عليه السلام- غير حديث في
صلاة التسبيح، ولا يصح منه كبيرُ شيء. وقال: وفي الباب عن
ابن عباس، وعبد الله بن عَمرو، والفضل بن عباس، وأبي رافع.
انتهى. وقال أبو جعفر محمد ابن عمر العقيلي الحافظ: ليس في
صلاة التسبيح حديث يثبت. وقال غيره: وقد وقع لنا حديث صلاة
التسبيح من حديث العباس بن عبد المطلب، وأنس بن مالك،
وغيرهما. وفي كلها مَقال، وأمثل الأحاديث فيها: حديث عكرمة
[عن] ابن عباس، وهو الذي ذكر في أول هذا
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (20/3904) . (2) بياض
قدر نصف سطر.
(5/203)
الباب، فإن أبا داود، وابن ماجه أخرجاه عن عبد الرحمن بن
بشر بن الحكم العَبْدي النيسابوري، وهو ممن اتفق البخاري
ومسلم على الاحتجاج بحديثه في " صحيحيهما " عن موسى بن عبد
العزيز. قال فيه ابن معين: لا أرى به بأساً، عن الحكم بن
أبان - وكان أحد العُباد وقد وثقه ابن معين، وعكرمة وإن
كان قد تكلم فيه جماعة فقد وثقه جماعة، واحتج به البخاري
في صحيحه ". 291- بَابُ: رَكعَتِي المَغْرب أيْنَ
تُصَليانِ
أي: هذا باب في بيان أن سُنة المغرب وهمَا الركعتان بعده
أين يُصَليهما الرجل، في بَيْته أم في المسجد؟ وفي بعض
النسخ: " باب في ركعتي المغرب ".
1270- ص- نا أبو بكر بن أبي الأسْود: حدَّثني أبو مُطرف
محمد بن أبي الوزير: نا محمد بن موسى الفطري، عن سَعْد بن
إسحاق بن كعب بن عجرة، عن أبيه، عن جَده أن النبيَ- عليه
السلام- أتى مَسجد بَني عبد الأشهل فصلى فيه المغرب، فلما
قضوا صلاتهم رآهم يُسَبحُون بعدها فقال: " هذه صلاة
البُيوت " (1) .
ش- أبو بكر: اسمُه: عبد الله بن محمد بن حُميد بن الأسود،
أبو بكر بن أبي الأسود البَصْري قاضي همدان، وجدف: حميد
ابن أخت عبد الرحمن بن مهدي. سمع: مالك بن أنس، وحماد بن
زيد، وأبا عوانة، وأبا داود الطيالسي، وغيرهم. روى عنه:
البخاري،
__________
(1) الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما ذكر في الصلاة بعد
المغرب أنه في البيت أفضل (604) ، النسائي: كتاب قيام
الليل وتطوع النهار، باب: الحث على الصلاة في البيوت
والفضل في ذلك (3/ 198) .
تنبيه: سيذكر المصنف أن هذا الحديث أخرجه الترمذي وابن
ماجه، ولم يذكر صاحب التحفة (8/11107) ابن ماجه، والله
أعلم.
(5/204)
وأبو داود، ويعقوب بن شيبة (1) ، وأبو بكر
بن أبي الدنيا. قال ابن معين: لا بأس به. مات سنة ثلاث
وعشرين ومائتين ببغداد (2) .
ومحمد بن أبي الوزير: هو محمد بن عمر الهاشمي ابو مُطرف
مولاهم البصري، أخو إبراهيم. سمع: شريك بن عبد الله
النخعي، ومحمد بن موسى الفِطْري، وعبد الله بن جعفر
المخرمي. روى عنه: ابو بكر بن أبي الأسْود، وأبو زيد عمر
بن شبة النميري (3) . روى له: أبو داود (4) .
ومحمد بن موسى الفِطْري- بكسر الفاء وسكون الطاء- وقد مر
ذكره، وسَعْد بن إسحاق: مرّ بيانه.
وأبوه: إسحاق بن كعْب بن عُجرة السالمي المديني. روى عن:
أبيه. روى عنه: ابنه: سعد. روى له: أبو داود، والترمذي/،
والنسائي (5) ". [2/136-ب] وكعْب بن عْجرة من بني سالم بن
عوف الصحابي، قد ذكر مرةً.
قوله: " عبد الأشهل "- بالشين المعجمة- بطن من الأنصار.
قوله: " رآهم يُسَبّحون بعدها " أي: متنفلون بعد صلاة
المغرب، أراد
بها سُنَّة المغرب، فقال: هذه صلاة البُيوت , لأنها أبعد
من الرياء. وقد أخذ بها العلماء: أن الأفضل في السنن
الرواتب وغيرها: أن تكون في البيْت. وأخرجه الترمذي، وابن
ماجه. وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا
الوجه، والصحيح: ما روي عن ابن عمر قال: كان النبي- عليه
السلام- يُصلي الركعتين بعد المغرب في بَيْته.
1271- ص- نا حُسين بنِ عبد الرحمن الجَرْجرائي: أنا طَلق
بن غنام:
نا يَعْقوب بن عبْد الله، عن جعْفر بن أبي المغيرة، عن
سعيد بن جُبير، عن
__________
(1) في الأصل: " هبة " خطأ.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (16/ 3529) .
(3) في الأصل:! شيبة النمري " خطاب. (4) المصدر السابق
(26/5499) . (5) المصدر السابق (2/ 379) . "
(5/205)
ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم يُطيلُ القراءةَ في الركعتين بعد المغرب حتى يتفرقَ
أهلُ المَسْجد (1) .
ش- يعقوب بن عبد الله: ابن سَعْد القُمِّيُّ، أبو الحسن
الأشعري، وهو ابن عم أشعث بن إسحاق الأشعري. سمع: جعفر بن
أبي المغيرة الخُزاعيَ، وليث بن أبي سُليم، وحفص بن حُميد
القُمَيَّ، وغيرهم. روى عنه: الحسن بن موسى، وإسماعيل بن
أبان الوراق، وأحمد بن يونس، وغيرهم. روى له: أبو داود،
والترمذي، والنسائي (2) . والقُمي: نسبة إلى قم- بضم القاف
وتشديد الميم- وهي بلدة كبيرة
بين أصبهان وساوَه، وكثر أهلها شِيعةٌ.
وجعفر بن أبي المغيرة: الخزاعي القُمّي. روى عن: سعيد بن
جبير، وعكرمة مولى ابن عباس. روى عنه: مطرف بن طريف، وأشعث
بن إسحاق القُمي، ويعقوب بن عبد الله القُمي. روى له: أبو
داود، والترمذي (3) . ويفهم من الحديث: أن إقامة سُنَة
المغرب لا تكره في المسجد , ولكن في إسناده: يَعْقوب
القُمي. قال الدارقطني: ليْس بالقوي، وذكره ابن الجوزي في
الضعفاء.
ص- قال أبو داود: رواه نصر للجدر ُ، عن يعقوب القومي،
وأسنده مثله. ش- أي: روى الحديث المذكور: نصر المجدر، عن
يعقوب بن عبد الله القمي، و" أسنده مثله " أي: أسند الحديث
مثل الإسناد المذكور. ونَصْر: ابن زيد المجدر، أبو الحسن
البغدادي مولى بني هاشم. روى عن: شريك بن عبد الله، ومالك
بن أنس، ويعقوب القمي. روى عنه: محمد بن الصباح، ومحمد بن
عيسى بن الصباح. قال ابن معين: لا بأس به. روى له: أبو
داود (4) .
__________
(1) النسائي في الكبرى، كتاب التفسير.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (93/7093) .
(3) المصدر السابق (5/ 958) . (4) المصدر السابق (29/
6397) .
(5/206)
ص- نا محمد بن عيسى بن الطباع: لا نصر المجدر، عن يعقوب
مثله. ش- أي: مثل الإسناد المذكور , فرواه أبو داود أولا
عن نَصْر المجدر مُعلقاًَ، ثم رواه مُسْنداً.
1272- ص- نا سليمان بن داود العَتكي، وأحمد بن يونس قالا:
نا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد بن جبير، عن النبي- عليه
السلام- بمعناه مُرْسلٌ (1) ، (2) .
ش- أشار بهذا إلى طريق آخر , ولكنه مُرسلٌ.
قوله: " مرسلٌ " مرفوع على أنه خبر مبتدإ محذوف أي: هو
مرسلٌ. وفي بعض النسخ: " مرسلا " بالنصب على أنه حال عن
قوله: "بمعناه ". ص- قال أبو داود: سمعتُ محمد بن حُمَيد
يقولُ: سمعت يَعقوب [يقول] :، كل شيء حدثتكم عن جَعْفر، عن
سَعيد بن جبير، عن النبي عليه السلام- فهو مسند، عن ابن
عباس، عن النبي- عليه السلام-. ش- محمد بن حميد بن حيان:
الرازي. روى عن: يحيى بن الضريس الرازي، وابن المبارك،
ويَعقوب بن عبد الله القمي، وجرير بن عبد الحميد، وغيرهم.
روى عنه: أحمد بن حنبل، وابنه: عبد الله، ويحيى بن معين،
والترمذي، وابن ماجه، وغيرهم. وقال يحيى: ليس به بأس رازي
كيس. مات سنة ثمان وأربعين ومائتين (3) .
وجَعْفر: هو ابن أبي المغيرة الذي مضى الآن ذكره.
* * * |