شرح أبي داود
للعيني 292- بَابُ: الصَّلاةِ بَعْد العِشَاءِ
أي: هذا باب في بيان الصلاة بعد العشاء الآخرة.
1273- ص- نا محمد بن رافع: نا أبو الحُسين زيد بن الحباب
العُكلي:
__________
(1) في سنن أبي داود: " مرسلاً "، وسيشير المصنف إلى أنها
نسخة.
(2) تفرد به أبو داود. (3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال
(25/ 5167) .
(5/207)
حدثني مالك بن مغْول: حدثني مُقاتل بن
بَشير العجلي، عن شريح بن
هانئ، عن عائشة قال: سألتها عن صلاة رسول الله صِلى الله
عليه وسلم فقالت: ما صلى رسول الله العِشاء قط فدخل علي
إلا صلى أربعَ ركعات أو ست ركعات، ولقد مُطرنا مَرةَ
بالليْل فطرحنا له نطعاً فكأني أنظرُ إلى ثقْب فيه يَنبعُ
الماء منهَ، وما رأيتُهَ متقياً الأرض بشيء من ثَيابه قط
(1) .
ش- مالك بن مغول. ابن عاصم بن مالك بن غَرْبَةَ بن حدثه بن
خَدِيج، أبو عبد الله البجلي الكوفي. سمع: نافعاً، مولى
ابن عمر،
[2/137-أ] / والشعبي، وعطاء بن أبي رباح، ومقاتل بن بشير،
وغيرهم. روى عنه: الثوري، ووكيع، وزائدة، وابن المبارك،
وزيد بن الحباب، وغيرهم. قال أحمد بن عبد الله: مالك بن
مغول رجل صالح مبرز في الفضل، مات سنة سبع وخمسين ومائة.
روى له الجماعة (2) ، ومغول: بكسر الميم، وسكون الغين
المعجمة.
ومقاتل بن بشير العجلي الكوفي. روى عن: شريح بن هانئ،
وموسى بن أبي موسى. روى عنه: مالك بن مغول. روى له:
أبو داود (3) .
قوله: " نِطَعاً "، بكسر النون، وفتح الطاء: وهذه لغة،
وفيها ثلاث
لغات أخرى: نَطع: بفتح النون، وسكون الطاء. ونَطَع-
بفتحتين-
ونِطعْ بكسر النون، وسكون الطاء.
قوله: " ينبع " أي: يخرج من نبع ينبع نبوعاً
ويستفاد من الحديث فوائد , الأولى: استحباب أربع ركعات أو
ست
ركعات بعد العشاء الآخرة.
والثانية: استحباب صلاتها في البيت.
__________
(1) النسائي في الكبرى، كتاب الصلاة.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (27/ 5753) . (3) المصدر
السابق (28/ 6159) .
(5/208)
الثالثة: إذا وَصَل ثوب المصلي إلى الأرض
التي عليها المطر أو الماء،
لا يضره ذلك.
ُ* * *
293- باب (1) : نسخ قيام الليل
أي: هذا باب في بيان نسخ حكم قيام الليل.
1274- ص- نا أحمد بن محمد المروزي ابن شبويه، حدَّثني عليّ
بن حسين، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس
قال: في المزمل: " قُم الليْلِ إِلا قَليلاً* نصْفَه "
نَسَخَتْهَا الآيةُ التي فيها (عَلمَ أن لن تُحْصُوهُ
فَتَابَ عَلَيْكُمَْ فَاقْرَءُواَ مَا تَيَسَرَ مِنَ
القُرآن "، و" ناشئة اللَيل " أوله، كانت (2) صلاتُهُم
لأول الليل. يَقولُ هو أَجْدَرُ أن تُحْصُوا ما فَرَضَ
اللهُ عليكم من قيام (3) ذلك، إَلا أَن الإِنسانَ إِذَا
نَامَ لم يَدْرِ متى يَسْتَيْقظُ، وقولُه: " أقْوَمُ قيلاً
" هو أجدَرُ أَن يَفقَهَ في القُرآنِ، وقولُه: " أن لَكً
في النهَارِ سَبْحاً طَوِيلا " يقولُ: فَرَاغاً طَوِيلاً
(4) .
ش- علي بن حسين بن واقد القرشي مولاهم أبو الحسن المروزي،
وكان واقد مولى عبد الله بن عامر بن كريز. سمع: أباه، وعبد
الله بن عمر العُمري، وسليمان مولى الشعبي. روى عنه: أحمد
بن شبويه، ومحمود بن غيلان، ومحمد بن رافع، وغيرهم. قال
أبو حاتم: ضعيف الحديث. مات سنة إحدى عشر ومائتين. روى له:
أبو داود، والترمذي، وابن ماجه (5) .
وأبوه: حسين بن واقد المروزي قاضي مرو ذكر مرةً.
__________
(1) في سنن أبي داود: " أبواب قيام الليل، باب نسخ قيام
الليل والتيسير فيه" (2) في سنن أبي داود: " وكانت ".
(3) في سنن أبي داود: " من قيام الليل، وذلك أن الإنسان ".
(4) تفرد به أبو داود.
(5) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (20/ 4052) . 14* شرح
سنن أبى داوود 5
(5/209)
ويزيد بن أبي سعيد النحوي أبو الحسن القرشي
مولاهم. روى عن: عكرمة مولى ابن عباس، وعبد الله بن بريدة
(1) ، ومجاهد. روى عنه: الحسين بن واقد، وأبو حمزة السكري،
وعبد الله بن سعد الدَشتكي. قال ابن معين: هو ثقة. وقال
أبو حاتم: صالح الحديث. روى له: أبو داود، والترمذي،
والنسائي، وابن ماجه. قال عبد الله بن أبي داود: هو من بطن
من الأزد يقال لهم بنو النحو، ليسوا من نحو العربية، ولم
يرو منهم الحديث إلا رجلان: أحدهما يزيد هذا، وسائر من
يقال له النحوي من نحو العربية: شيبان النحوي، وهارون بن
موسى النحوي، وأبو زيد النحوي.
قوله: " في المزملِ " أي: في " سورة المزمل "، وهي مكية
إلا آيتين:
" وَاصْبرْ عَلَى مَا يقُولُون وَأهْجُرْهُمْ هَجْرا
جَميلا " وما بعده، وهي عشرون آَية، ومائتان وخمس وثلاثون
كلمةً، وَثمانمائة وثلاثون حرفاً. المزمل أصله: المتزمل،
أي: المتحمل النبوة، ويقال: المتحمل القرآن. وقال قتادة:
المتلفف بثيابه، وكان- عليه السلام- في بدء الأمر يدخل
ويقول لخديجة- رضوان الله عليها-: " زملوني زملوني " من
ثقل أعباء النبوة.
قوله: " قُم الليل " أي: قم إلى الصلاة، أو داوم عليها،
وقرئ بضم الميم وفتحها للاتباع أو التخفيف.
قوله: " إلا قليلا * نصفه " الاستثناء في " الليل "و "
نصفه "، بدل من " قليلاً، وقلته بالنسبة إلى الكل، ويقال
إلا قليلاً من أعداد الليالي، وقيل: شيئاً من كل ليلة.
وقال وهب: ما دون المعشار. وقال الكلبي: الثلث. وقال
الزجاج: تقديره: قم نصف الليل إلا شيئاً استثناء تخفيف،
لتشدد الحرج في تعذر الضبط.
قوله: " أو أنقص منه " أي: من النصف قليلاً أو زد إلى
الثلثين
__________
(1) في الأصل: " يزيد " خطأ. (2) المصدر السابق (32/ 6994)
.
(5/210)
" عليه " أي: على النصف. والحاصل: أن الأمر
بالقيام وقع على
الثلثين، والثلث وقت العتمة، فكان نصف وقت القيام قليلاً /
من الكل؛ [2/137-ب] لأنه ثلثه، وهو مع وقت العتمة الثلثان،
والتخيير في الزيادة، والنقصان
وقع على الثلثين، وكان الرجل يقوم إلى الصبح مخافة أن لا
يحفظه وكان
على رسول الله- عليه السلام- فرضاً خاصة، وقيل: على الأمة
أيضاً
بمكة، فنسخ عنهم بعد سنة بالصلوات الخمس. وقال ابن عباس:
إلا
التطوع. وقيل: مكث- عليه السلام- مع طائفة عشر سنين، فخفف
بقوله عَزَّ وجَل: " أنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أنكَ تَقُومُ
... " منه من النصف قليلاً إلى
الثلث.
قوله: " علم أن لن تحصوه " أي: لن تحصوا تقدير الأوقات،
ولن
تستطيعوا ضبط الساعات. وقال الضحاك: لن تحصوا تقدير نصفه
وثلثه.
قوله: " فتاب عليكم " أي: خفف عنكم وعفى، ويقال: تاب عليكم
بالترخيص في ترك القيام.
قوله: " فاقرءوا ما تيسر من القرآن " يعني: فصلوا ما تيسر
عليكم من
صلاة الليل، عبر عن الصلاة بالقرآن " كما عبر عنها بسائر
أركانها، ولما
كان التهجد المذكور واجباً عليهم على التخيير المذكور،
فعسر عليهم القيام
به، فنسخ به، ثم نسخ هذا بالصلوات الخمس. ويقال: اقرءُوا
القرآن
في الصلاة، والأمر للوجوب. وقيل: في غيرها، والأمر للندب.
قوله: " وناشئة " الأول أوله، أي: أول ساعاته من نشأت إذا
ابتدأت.
قال ابن قتيبة: ناشئة الليل ساعاته , لأنها تنشأ ساعة
فساعة. وقال
ابن مسعود: ناشئة الليل قيامه، ونشأ قام بلغة الحبشة، وكان
زيد
العابدين يصلي بين العشاءين ويقول: هذه ناشئة الليل.
قوله: " وأقوم قيلا " يعني: أبلغ في الخبر، وأمنع في العد.
وقال
مجاهد: أصوب للقراءة، وأثبت للقلب، لسكون الأصوات، وقلة
الرياء. وقرأ الأعمش: أصوب. ويُقَال: أعجل إجابةً للدعاء.
قوله: " سبحاً طويلاً " فراغاً للنوم، وسعة للإشغال. وقال
السدي:
(5/211)
دعاءً كثيراً. وقال ابن زيد: تقلب للشغل،
وأصله: الذهاب ومنه السباحة. وقيل: من السبحة، وهي
النافلة. وقرأ يحيى بن يعمر - بالخاء المعجمة- والسبخ:
النوم والفراغ، أراد به القائلة، ويقال: سبحاًَ طويلاً،
أي: سكوناً طويلاً، ومنه: الحديث: " الحمى من فيح جهنم
فسبحوها بالماء " أي: سكنوها بالماء.
1275- ص- نا أحمد بن محمد، نا وكيع، عن مسعر، عن سماك
الحنفي، عن ابن عباس قال: لما نَزَلَتْ أولُ المزملِ
كانُوا يَقُومُون نَحْواً من قيامهمْ في شَهر رَمَضَانَ،
حتى نزل آخرُهَا، وكانَ بَين أَولهَا وآخِرِهَا سًنَهَ
(اَ) .ً
ش- أحمد بن محمد بن موسى المروزي، ومسعر بن كدام، وسماك
ابن الوليد الحنفي أبو زميل.
قوله: " حتى نزل آخرها " أي: آخر المزمل، وهو من قوله: "
عَلمَ أن لَن تُحْصُوه " إلى آخره، وقد بيناه الآن. وقد صح
عن عائشَة - رضي الله عنها- أنها قالت: فأمسك الله خاتمتها
اثني عشر شهراً في السماء (3) .
* * *
294- بَاب: قيام الليل
أي: هذا باب في بيان قيام الليل.
1276- ص- نا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن أبي الزناد،
عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسولَ الله صلي الله عليه
وسلم " قال: " يَعْقدُ الشيطَان عَلى قَافيَة رَأس أحَدكُم
إذا هو نَامَ ثَلاثَ عُقَد، يَضرِبُ مَكَاًن كُلَّ عُقْدَة
عَلَيكَ ليَل طَوِيَل فَارْقُدْ، وَإِنِ اسْتَيقظَ
فَذَكَرَ اللهَ أنْحَلَتْ عُقْدة، وَإِنِ تَوَضأ أنحلتْ
عُقْدَة،
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) قطعة من حديث طويل يأتي برقم (1312) .
(5/212)
فإن صلى أنْحَلَتْ عُقْدَة، فَأصْبَحَ
نَشيطاً طيبَ النفسِ، وإِلا أصبحَ خَبيثَ النَفَسِ
كَسْلانَ " (1) .
ش- مالك بن أنس، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان، وعبد
الرحمن الأعرج.
قوله: " يعقد الشيطان " قيل: هو مَثلٌ واستعارة من عقد بني
آدم، وليس المراد بذلك العقد نفسه، وقيل: بل هو على ظاهره،
فإن الشيطان يفعل من ذلك نحو ما يفعله السواحر من عقدها
ونفثها. وقال بعضهم: هدْه العقد الثلاث هي الأكل والشرب
والنوم , لأن من أكثر الأكل والشرب كثر نومه، واستبعده
بعضهم لقوله: " إذا نام "، فجعلُ العُقدِ حينئذ. ويقال: هو
من عقد القلب وتضميمه، فكأنه يوسوس في نفسه، ويحدثه بأن
عليك ليلاً طويلاً، فتأخر عن القيام. وقيل: هو كناية / عن
[2/138-أ] تثبيط الشيطان عن قيام الليل، والقافية آخر
الرأس، وقافية كل شيء آخره، ومنه قافية الشعِر وآخر البيت.
قوله: " عليك ليل طويل " ارتفاع " ليل " على الابتداء، و"
طويل " صفته، وخبره: " عليك " مقدماً َ، ويقال: ارتفعت على
الفاعلية، والتقدير: بقي عليك ليل طويل. ورُوي " ليلا
طويلاً "، وهكذا هو في " صحيح مسلم "، وهي الرواية الصحيحة
المشهورة، وانتصابه على الإغراء بنومه.
قوله: " انحلت عقدة " هذه الآخرة رويت على الإفراد
كاللفظتين قبله، ورويت على الجمع، والمعنى واحد؛ لأن
بانحلال العقدة الأخيرة انحلت العقد، وقد وقع في حديث
مسلم: " انحلت العقد ".
__________
(1) البخاري: كتاب التهجد بالليل، باب: عقد الشيطان في
قافية الرأس، مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: ما
روى فيمن نام أجمع حتى الصبح (774) ، النسائي: كتاب قيام
الليل وتطوع النهار، باب: الترغيب في قيام الليل (1607،
1608) .
(5/213)
قوله: " طيب النفس " يعني: لسروره مما
تقدم، ورجائه في ثواب عمله، ونشاطه بزوال سحر الشيطان عنه،
ورجوعه خاسئاً خائباً.
قوله: " خبيث النفس كسلان " بتأثير فعل الشيطان، وبلوغه
غرضه منه، وهمه بما فاته من حزبه.
فإن قيل: قد ثبت في الحديث: " لا يقل أحدكم خبثت نفسي "
فكيف وقد جاء في هذا الحديث: " خبيث النفس "؟ قلت: ذاك نهي
للإنسان أن يقول هذه اللفظة عن نفسه، وهذا إخبار عن صفة
غيره فلا مخالفة، وقد استفيد من هذا الحديث الحث على ذكر
الله تعالى عند الاستيقاظ، وجاءت فيه أذكار مخصوصة مشهورة
في " الصحيح "، ولا يتعين لهذه الفضيلة ذكر، لكن الأذكار
المأثورة أفضل، والتحريض على الوضوء حينئذ وعلى الصلاة وإن
قَلَّت , لأن من لم يجمع بين الأمور الثلاثة - وهي الذكر،
والوضوء، والصلاة- فهو داخل فيمن يصبح خبيث النفس كسلان.
والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم، والنسائي.
1277- ص- نا محمد بن بشار، نا أبو داود، نا شعبة، عن يزيد
بن خمير قال: سمعت عبد الله بن أبي قيس يقول: قالت عائشة:
لا تَدع قيامَ الليلِ" فإن رسولَ اللهِ كان لا يَدَعَهُ،
وكان إِذَا مَرِضَ أو كَسِلَ صَلَّى قَاعِدا (1) .
ش- أبو داود الطيالسي، ويزيد بن خمير- بالخاء المعجمة-
الشامي. وعبد الله بن أبي قيس، ويقال: ابن قيس، ويقال: عبد
الله بن أبي موسى، والصحيح: عبد الله بن قيس النصري-
بالنون- أبو الأسود الحمصي، مولى عطية بن عازب. سمع: عائشة
زوج النبي- عليه السلام-، وعبد الله بن الزبير، وأبا ذر،
وأبا الدرداء. روى عنه: محمد بن زياد الألهاني، ومعاوية بن
صالح، ويزيد بن خمير، وغيرهم. قال أبو حاتم: صالح الحديث.
وقال النسائي: ثقة. روى له: الجماعة إلا البخاري (2) .
__________
(1) تفرد به أبو داود. (2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال
(15/ 3496) .
(5/214)
قوله: " لا تدع " أي: لا تترك. ويستفاد من
الحديث: استحباب صلاة الليل، وأنها تجوز قاعداً، سواء كان
لأجل الضعف، أو لأجل الكسل , لأن باب النفل أوسع.
1278- ص- نا ابن بشار، نا يحيى، نا ابن عجلان، عن
القَعقاع، عن أبى صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: "رَحمَ اللهُ رَجُلاً قَامَ من
الليّلِ فَصَلّى، وأيقظَ امرأتَه، فإنْ أبَتْ نَضَحَ في
وَجههَا المَاءَ، رَحِمَ الله امرأةً قَامَتْ من الليلِ
فَصَلَّتْ، وَأيقظتْ زَوْجَهَا، فَإنْ أبَى نَضَحَتْ في
وَجهِهِ الماءَ " (1) .
ش- ابن بشار محمد، ويحيى القطان، ومحمد بن عجلان، والقعقاع
بن حكيم الكناني المدني، وأبو صالح ذكوان الزيات.
وفيه حث عظيم على قيام الليل، حتى إن من لم يقم اختيارا
يقام بالإزعاج. وأخرجه النسائي، وابن ماجه.
1279- ص- نا ابن كثير، أنا سفيان، [عن مسعري] ، عن علي بن
الأقمر ح، ونا محمد بن حاتم بن بزيع، نا عبيد الله بن
موسى، عن شيبان، عن الأعمش، عن علي بن الأقمر- المعنى- عن
الأغر، عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا: قال رسول الله- عليه
السلام-: " إذا أيقظَ الرجلُ أهلَهُ من الليلِ فَصَليا، أو
صَلَّى ركعتين جميعا ً، كُتِبَا في الذاكِرِينَ
والذاكِرَاتِ " (2) . ش- محمد بن كثير، وسفيان الثوري،
وعبيد الله بن موسى بن باذام العبسي، وشعبان بن عبد الرحمن
النحوي، والأغر أبو مسلم المدني، واسمه: سلمان (3) .
__________
(1) النسائي: كتاب قيام الليل والتطوع بالنهار، باب:
الترغيب في قيام الليل (1609) ، ابن ماجه: كتاب إقامة
الصلاة، باب: ما جاء فيمن أيقظ أهله
من الليل (1336) .
(2) ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما جاء
فيمن أيقظ أهله من الليل (1336) .
(3) جاء في تهذيب الكمال (3/318) ترجمة الأغر: " وزعم قوم
أنه أبو عبد الله=
(5/215)
قوله: " كتبا في الذاكرين " أي: من جملة
الذاكرين، أو في ديوان الذاكرين. [2/138-ب] / ص- ولم يرفعه
ابن كثير، ولا ذكر أبا هريرة، جعله في (1) كلام أبي سعيد.
ش- أي: لم يرفع الحديث المذكور محمد بن كثير، ولا ذكر فيه
أبا هريرة، وإنما جعله في كلام أبي سعيد، فجعله موقوفاً
عليه.
ص- قال أبو داود: رواه ابن مهدي، عن سفيان قال: وأرَاهُ
ذكر
أبا هريرة.
ش- أي: رواه عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان الثوري، قال:
وأظنه ذكر أبا هريرة في روايته.
ص- قال أبو داود: حديث سفيان موقوف.
ش- روى أبو بكر بن أبي شيبة قال: نا وكيع، عن سفيان، عن
عليّ
ابن الأقمر، عن الأغر أبي مسلم، عن أبي هريرة وأبي سعيد
قالا: " إذا
أيقظ الرجل امرأته من الليل فصليا كتبا من الذاكرين الله
كثيراً والذاكرات ". وأخرجه: النسائي، وابن ماجه مسنداً.
1280- ص- (2) نا القعنبي، عن مالك، عن هشام بن عروة، عن
أبيه،
عن عائشة زوج النبي- عليه السلام، أن النبيَّ- عليه
السلام- قال: " إذا
نَعَسَ أحدُكُم في الصلاةِ فَليرقُدْ حتى يَذْهَبَ عنه
النومُ، فإن أحَدَكُم إِذا
صلى وهو نَاعِس لعله يذهب يَسْتَغفِرُ، فَيَسُبُّ نَفْسَهُ
" (3) .
__________
= سلمان الأغر، الذي يروي عنه الزهري وأهل المدينة، وذلك
وهم ممن قاله، وسيأتي بيان ذلك في موضعه إن شاء الله "
10هـ يعني: في ترجمة سلمان.
(1) كلمة " في " غير موجودة في سنن أبي داود.
(2) جاء هذا الحديث في سنن أبي داود تحت: " باب النعاس في
الصلاة ".
(3) البخاري: كتاب الوضوء، باب: الوضوء من النوم (212) ،
مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: أمر من نعس في
صلاته بأن يرقد=
(5/216)
ش- " نَعَس " بفتح العين.
قوله: " يستغفر" بمعنى يدعو هاهنا، قاله القاضي. وفيه حث
على الإقبال على الصلاة بخشوع، وفراغ قلب ونشاط، وفيه أمر
الناعس بالنوم أو نحوه مما يذهب عنه النعاس، وهذا عام في
صلاة الفرض والنفل، في الليل والنهار، وهذا مذهب الجمهور،
لكن لا يخرج فريضة عن وقتها. قال القاضي: وحمله مالك
وجماعة على نفل الليل؛ لأنها محل النوم غالباً. والحديث
أخرجه: البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
1281- ص- نا أحمد بن حنبل، نا عبد الرزاق، نا معمر، عن
همام، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" إذا قَامَ أحدُكُم من الليلِ فاسْتَعْجمَ القُرآنُ على
لِسَانِهِ، فلم يَدْرِ مَا يَقولُ فَليَضطَجِعْ " (1) .
ش- عبد الرزاق بن همام، ومعمر بن راشد، وهمام بن منبه
الصنعاني أخو وهب بن منبه.
قوله: " فاستعجم القرآن " أي: استغلق ولم ينطق به لسانه،
لغلبة النعاس فصار كأن به عجمة. والحديث أخرجه: مسلم،
والترمذي.
1282- ص-[نا] ، زياد بن أيوب وهارون بن عباد الأزدي، أن
إسماعيل بن إبراهيم حدثهم قال: حدثنا عبد العزيز، عن أنس
قال: دَخَلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسجدَ وَحَبل
مَمْدُودُ بين سَاريتينِ (2) ، فقالَ: " مَا هَذَا
الحَبْلُ؟ " فقيل: يا رَسولَ اللهِ، هذه حَمْنَةُ بنت
جَحشٍ تُصَلي، فإذا أعْيَتْ
__________
= (2226/786) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب: ما جاء في
الصلاة عند النعاس (355) ، النسائي: كتاب الطهارة، باب:
النعاس، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب: ما
جاء في المصلى إذا نعس (1370) .
(1) مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب: أمر من نعس في صلاته
... بأن يرقد (787/ 223) (تحفة/10/ 14721) .
(2) في الأصل: " سارتين ".
(5/217)
تَعَلَقَتْ به، فقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " لتُصَلِّي ما أطَاقَتْ، فإذا أعْيَتْ
فَلتَجْلِسْ " قال زيا: فقال: " ما هَذَا؟ " قالوَا:
لزَينبَ تُصَلِّي، فإذا كَسلَتْ أوْ فَتَرتْ أَمْسَكَتْ
به، فقال: " حُلُوه! " فقال: َ " ليصلي أحَدُكُم نَشَاطًه،
فإذا كَسلَ أَو فَتَرَ فَليَقْعُدْ " (1) .
ش- زياد بن أيوب بن زياد أبو هاشم الطوسي، يعرف ب "
دَلُويه "، وإسماعيل ابن علية، وعبد العزيز بن صهيب
البناني، وحَمنة- بفتح الحاء المهملة، وسكون الميم، وفتح
النون، وفي آخره تاء تأنيث- هي بنت جحش، أخت زينب بنت جحش،
زوج رسول الله- عليه السلام- وقد ذكرناها.
قوله: " قال زياد " أي: قال زياد بن أيوب في روايته: "
فقال عليه السلام: ما هذا " إلى آخره.
قوله: " فإذا كَسِلَت " بكسر السين.
قوله: " ليصلي أحدكم نشاطه " أي: قدر نشاطه فيكون انتصابه
بنزع الخافض.
ويستفاد من الحديث: الحث على الاقتصاد في العبادة، والنهي
عن التعمق، والأمر بالإقبال عليها بنشاط، وأنه إذا فتر
فليقعد حتى يذهب الفتور، وفيه إزالة المنكر باليد لمن تمكن
منه، وفيه جواز تنفل النساء في المسجد، فإنها كانت تصلي
فيه، فلم ينكر عليها، وفيه دليل على أن صلاة جميع الليل
مكروهة، وهو مذهب الجمهور، وعن جماعة من
__________
(1) البخاري: كتاب التهجد، باب: ما يكره من التشديد في
العبادة (1150) ، مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب:
أمر من نعس في صلاته أو استعجم عليه القرآن أو الذكر بأن
يرقد أو يقعد حتى يذهب عنه ذلك (219/784) ، النسائي: كتاب
قيام الليل وتطوع النهار، باب: الاختلاف على عائشة في
إحياء الليل (1643) .
(5/218)
السلف أنه لا بأس به، وهو رواية عن مالك
إذا لم ينم عن الصبح. والحديث أخرجه: البخاري، ومسلم،
والنسائي.
* * *
295- باب: من نام عن حزبه
أي: هذا باب في بيان حكم من نام عن حزبه، والحزب: ما يجعله
الرجل على نفسه من قراءة أو صلاة، كالورد، والحِزبُ:
النوبة/ في [2/139-أ] ورود الماء.
1283- ص- نا قتيبة بن سعيد، نا أبو صفوان عبد الله بن سعيد
بن عبد الملك بن مروان ح، ونا سليمان بن داود ومحمد بن
سلمة المرادي قالا: حدثنا ابن وهب- المعنى- عن يونس، عن
ابن شهاب، أن السائِب بن يزيد وعبيد الله أخبراه، أن عبد
الرحمن بن عبد قالا (1) عن ابن وهب ابن عبد القاري قال:
سمعت عمر بن الخطابً- رضي الله عنه- يقول: قال رسوَل الله
صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَامَ عَن حزبه أو عن شَيء منه
فَقَرَأهُ مَا بين صَلاة الفَجرِ وصَلاةِ الظهرِ، كُتِبَ
له كأنما قَرَأه مَن الليلِ! (2) .
ش- عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن
أبي العاص بن أمية أبو صفوان الأموي. سمع: يونس بن يزيد
الأيلي، وموسى بن يسار. صاحب مكحول، ومالك بن أنس، وأباه
سعيداً. روى عنه: الإمام الشافعي، وأحمد، وقتيبة بن سعيد،
وغيرهم. قال ابن معين: ثقة. وقال أبو زرعة: لا بأس به. روى
له الجماعة (3) .
__________
(1) في سنن أبي داود: " قال"
(2) مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: جامع صلاة
الليل ومن نام عنه (142/747) ، الترمذي: كتاب الصلاة، باب:
ما ذكر فيمن فاته حزبه من الليل فقضاه بالنهار (581) ،
النسائي: كتاب قيام الليل، باب: متى يقضي
من نام عن حزبه من الليل (1789) ، ابن ماجه: كتاب إقامة
الصلاة، باب:
ما جاء فيمن نام عن حزبه من الليل (1343) .
(3) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (15/ 6.ِ 33) .
(5/219)
وسليمان بن داود الزهراني العتكي، وابن وهب
عبد الله، ويونس بن يزيد، وابن شهاب محمد الزهري، والسائب
بن يزيد بن سعيد الليثي الصحابي. ومن لطائف هذا الإسناد:
أن هذا صحابي قد روى عن تابعي، وهو عبد الرحمن بن عبد،
ويدخل في رواية الأكابر عن الأصاغر. وعبيد الله بن عبد
الله بن عتبة بن مسعود الفقيه الأعمى.
وعبد الرحمن بن عبد القاري بتشديد الياء منسوب إلى القارة،
قبيلة مشهورة. وقال الزبير بن بكار: عَضَل والقارة ابنا
رثيع (1) بن الهون بن خزيمة بن مدركة. قيل: إن له صحبة،
وسمع من عمر بن الخطاب، وزيد بن سهل، وأبي أيوب
الأنصاريين، وأبي هريرة. روى عنه: عروة ابن الزبير، وحميد
بن عبد الرحمن بن عوف، ويحيى بن جعدة. قال ابن معين: ثقة.
توفي بالمدينة سنة ثمانين. روى له الجماعة (2) . قوله: "
قالا عن ابن وهب " أي: قال سليمان بن داود ومحمد بن سلمة:
عن عبد الله، بن وهب، أنه قال: عبد الرحمن بن عبد القاري.
قوله: " قال: سمعت " أي: قال عبد الرحمن بن عبد: سمعت عمر
ابن الخطاب- رضي الله عنه-.
قوله: " أو عن شيء منه " أي , من حزبه، وقد فسرنا الحزب
الآن. والحديث أخرجه: مسلم، والترمذي، والنسائي، وابن
ماجه.
وهذا الحديث مما استدركه الدارقطني على مسلم، وزعم أنه
معلل بأن جماعة رووه هكذا مرفوعاً وجماعة رووه موقوفاً.
قال الشيخ محيي الدين: وهذا التعليل فاسد، والحديث صحيح،
وإسناده صحيح , لأن الذي عليه الفقهاء والأصوليون ومحققو
المحدثين، أنه إذا رُوي الحديث مرفوعاً وموقوفاً، أو
موصولا ومرسلا حكم بالوصل والرفع , لأنها زيادة ثقة، وسواء
كان الرافع والواصل أكثر أو أقل في الحفظ والعدد.
__________
(1) كذا، وفي تهذيب الكمال: " يَيثع "، وفيه أيضاً: " أيثع
".
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (17/3891) .
(5/220)
296- باب: من نوى
القيام فنام
أي: هذا باب في بيان حكم من نوى قيام الليل فنام.
1284- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن محمد بن المنحدر، عن
سعيد ابن جبير، عن رجل عنده رِضى، أن عائشة- رضي الله
عنها- زوجَ النبي! عليه السلام- أخبرته، أن رسول الله-
عليه السلام- قال: " ما من امرئ تَكُونُ له صَلاة بلَيْلٍ
فَغَلَبَهُ (1) عليها نوم إلا كُتِبَ له أجْرُ صَلاتِهِ،
وكان نَوْمُه عليه صَدَقَة" (2) .
ش- الرجل الرضى هو الأسود بن يزيد النخعي، قاله أبو عبد
الرحمن النسائي، والرضى بكسر الراء بمعنى: المرضي. والحديث
أخرجه: النساْئي.
* * *
297- باب: أي الليل أفضل؟
أي: هذا باب في بيان أن أي أجزاء الليل أفضل للعبادة؟
1285- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة
ابن عبد الرحمن وعن أبي عبد الله الأغر، عن أبي هريرة، أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال: " يَنزلُ ربنا عَز
وجَل كُل ليلة إلى سَماء الدنيا حين يَبْقَى ثُلُثُ الليلِ
الآخِرِ، فيقوَل: مَنْ يَدْعُوني فأسْتَجًيبَ له، مَن
يَسْألُنِي فأعطيه، من يَستغفِرُني فأغْفِرَ له " (3) .
__________
(1) في سنن أبي داود: " يغلبه ".
(2) النسائي: كتاب قيام الليل، باب: من كان له صلاة بالليل
فغلبه عليها النوم (3/257) .
(3) البخاري: كتاب التهجد، باب: الدعاء والصلاة من آخر
الليل (1145) ، مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب:
الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل (168/758) ،
الترمذي: كتاب الدعوات، باب: حدثنا الأنصاري، حدثنا معن
(3498) ، ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة، باب:
ما جاء في أي ساعات الليل أفضل (1366) .
(5/221)
ش- أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي،
والنسائي، وابن ماجه، ومالك في (الموطأ) ، هكذا أخرجه
مسلم: " حين يبقى ثلث الليل الآخر "، وفي رواية له: " أن
الله يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول ينزل إلى السماء
الدنيا فيقول: هل من مستغفر؟ / هل من تائب؟ هل من سائل 3
هل من داع حتى ينفجر الفجر "، وفي أخرى له: " إذا مضى شطر
الليل أو ثلثاه، ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا
فيقول: هل من سائل فيعطى، هل من داع فيستجاب له، هل من
مستغفر يغفر له، حتى ينفجر الصبح "، وفي أخرى له: " حين
يمضي ثلث الليل الأول فيقول: أنا الملك، أنا الملك، من ذا
(1) الذي يدعوني الحديث إلى آخره: " حتى يضيء الفجر "، وفي
أخرى له نحوه، وفي آخره: " ثم يقول (2) : من يُقرض غير
عديم ولا ظلوم "، وفي أخرى نحوه وفيه:" يبسط يديه تبارك
وتعالى يُعطي ويُعرض " (3) الحديث. اعلم أن النزول
والصعود، والحركة والسكون من صفات الأجسام، والله تعالى
منزه عن ذلك. فقيل: معناه: ينتقل كل ليلة من صفات الجلال
إلى صفات الرحمة والكمال، وقيل: المراد به نزول الرحمة
والألطاف الإلهية، وقربها من العباد، أو نزول مَلك من خواص
ملائكته فينقل حكاية الرب. قيل: هذا من المتشابهات (4) .
وهذا الحديث روي من طرق صحاح بألفاظ متقاربة ومعنى واحد،
وأخرجه البخاري في ثلاث مواضع من " صحيحه " بلفظ: وحين
يبقى ثلث الليل الآخر "، وذكر الترمذي: أن أصح الروايات: "
حين يبقى
__________
(1) في الأصل: " ذي "، وما أثبتناه من صحيح مسلم.
(2) في الأصل: " يعرض "، وما أثبتناه من صحيح مسلم.
(3) لم أجد قوله: " يعطي ويُعرض " في صحيح مسلم، فالله
أعلم.
(4) بل نزول الله نزولا حقيقيا يليق به سبحانه، لا تمثيل
فيه ولا تعطيل، ولا تشبيه: " ليس كمثله شي وهو السميع
البصير "، اعتقاد أهل السنة والجماعة، وانظر شرح حديث
النزول لشيخ الإسلام ابن تيميه.
(5/222)
ثلث الليل الآخر"، وصحح ذلك غيره أيضاً،
وقال: كذا قال شيوخ أهل الحديث، وهو الذي تتظاهر الأخبار
بمعناه ولفظه، وقد يحتمل الجمع بأن الحديثين أن يكون
النزول الذي أراده النبي- عليه السلام- وعناه - والله
أعلم- بحقيقته عند مضي الثلث الأول، والقول:" من يدعوني "
إلى آخره في الثلث الأخير، وأحسن الألفاظ في هذا الحديث
وأبعدها من سوء التأويل، ما أخرجه النسائي في " سننه " من
حديث الأغر أبي مسلم قال: سمعت أبا هريرة وأبا سعيد الخدري
يقولان: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله يمهل
حتى يمضي شطر الليل الأول، ثم يأمر مناديا ينادي ويقول: هل
من دل يستجاب له، هل من مستغفر يغفر له، هل من سائل يعطى"
فإن قيل: ما وجه اختصاص نزول أمر الله تعالى إلى السماء
الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر؟ قلت: لأنه وقت هدوء
الأصوات، وانقطاع الحركات، واشتغال كثر الخلق بالنوم،
والغفلة في هذا الوقت، وأنه وقت انتشار الأنوار ووقت نشور
الخلائق من الموت، الذي هو النوم، فيكون وقتاً شريفاً،
وكان أقرب إلى الإجابة والإعطاء والمغفرة، وان كان الله
تعالى يستجيب دعوة الداعين، ويعطي سؤال السائلين، ويغفر
ذنوب المستغفرين في جميع الأوقات، وأيضاً هذا حث عظيم على
قيام الليل في آخره بعد كسر النوم، وبعد الفراغ عن الأشغال
لأن أود الليل وقت الشغل والنوم.
***
298- باب: وقت قيام النبي-
عليه السلام- من الليل
أي: هذا باب في بيان وقت [قيام] النبي صلى الله عليه وسلم
من الليل.
1286- ص- نا حسين بن يزيد الكوفي، نا حفص، عن هشام بن عروة
عن أبيه، عن عائشة قالت: إِن كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم ليوقظُهُ اللهُ بالليلِ، فما يَجِئ السحَرُ حتى
يَفْرغُ من جُزْئِهِ (1) " (2) .ً
__________
(1) في الأصل:" جزؤه " كذا، وفي سنن أبي داود: " حزبه "
(2) . تفرد به أبو داود.
(5/223)
ش- الحسين بن يزيد بن يحيى الطحان ابو علي،
وقيل: أبو عبد الله
الكوفي. روى عن: حفص بن غياث، وعبد السلام بن حرب،
وأبي خالد الأحمر. روى عنه: ابو زرعة، وأبو داود،
والترمذي، وغيرهم. قال ابو حاتم: هو لين الحديث. مات سنة
أربع وأربعين
ومائتين (1) .
قوله: " إن كان " أصله إنه كان.
قوله: " من جزئه " (2) : الجزء: النصيب والقطعة من الشيء،
وكذلك من نام عن جزئه، وقال بعضهم: إنما هو حزبه- بالحاء
المهملة المكسورة- وقد ذكرنا أن الحزب من القرآن الورد،
وقيل: عنى بحزبه
جماعة السور التي كان يقرأها في صلاته بالليل، وكل جماعة
مؤتلفة أو
[2/ 140 - أ] متفرقة/ على شيء فهو حزب، ومنه الأحزاب،
والحزب: النوبة في ورود الماء.
1287- ص- نا إبراهيم بن موسى، خبَرنا أبو الأحوص ح، ونا
هناد،
عن أبي الأحوص - وهذا حديث إبراهيم- عن أشعث، عن أبيه، عن
مسروق قال (3) : سألت عائشةَ عَن صَلاة رسول الله- عليه
السلام- فَقلتُ
لها: أي حِينٍ كان يُصَلي؟ قالت: كان إِذا سَمِعَ اَلصرَاخ
قامَ فَصلى (4) .
ش- أبو الأحوص: سلام بن سليم الحنفي الكوفي، وأشعث: ابن
أبي الشعثاء سليم بن أسود الكوفي.
قوله: " وهذا حديث إبراهيم عن أشعث " أي: حديث إبراهيم بن
موسى، عن أبي الأحول، عن أشعث
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (6/ 1349) .
(2) في الأصل: " جزؤه " كذا، وفي سنن أبي داود: " حزبه"
(3) في الأصل: " قالت"
(4) البخاري: كتاب قيام الليل، باب: من نام عند السحر
(1132) ، مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة
الليل (131/ 741) ، النسائي: كتاب قيام الليل وتطوع
النهار، باب: في قيام الليل (1617) .
(5/224)
قوله: " إذا سمع الصراخ " أي: صياح الديك.
وأخرجه: البخاري، ومسلم بنحوه أتم منه، وفيه: " إذا سمع
الصارخ "، والصارخ: الديك سُمي بذلك لكثرة صياحه، ويفهم من
هذا أن قيامه- عليه السلام- كان يكون في الثلث الأخير من
الليل , لأن الديك ما يكثر الصياح إلا في ذلك الوقت، وإنما
اختار هذا الوقت لأنه وقت نزول الرحمة، ووقت السكون وهدو
الأصوات لما قلنا.
1288- ص- نا أبو تَوبة، عن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن
أبي سلمة، عن عائشة قالت: ما ألفَاهُ السَحَرَ عندي إلا
نَائماً، تعني: النبي عليه السلام- (1) .
ش- أبو توبة: الربيع بن نافع، وإبراهيم بن سعد: ابن
إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي المدني.
قوله: " ما ألفاه السحر " يعني: ما أتى عليه السحر عندي
إلا وهو نائم، من ألفيت الشيء- بالفاء- إذا وجدته، فعلى
هذا كانت صلاته الليل، وفعله فيه إلى السحر. والحديث
أخرجه: البخاري، ومسلم، وابن ماجه.
1289- ص- نا محمد بن عيسى، نا يحيى بن زكرياء، عن عكرمة بن
عمار، عن محمد بن عبد الله الدؤلي، عن عبد العزيز ابن أخي
حذيفة، عن حذيفة قال: كان النبيُّ- عليه السلام- إذا
حَزَبَهُ أمْرٌ صَلَّى (2) .
ش- محمد بن عيسى: ابن الطباع، ويحيى بن زكرياء: ابن أبي
زائدة.
__________
(1) البخاري: كتاب التهجد، باب: من نام عند السحر (1133) ،
مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: صلاة الليل وعدد
ركعات النبي صلى الله عليه وسلم (132/ 742) ، ابن ماجه:
كتاب إقامة الصلاة، باب: ما جاء في الضجعة
بعد الوتر وبعد ركعتي الفجر (1197) .
(2) تفرد به أبو داود.
15 هـ شرخ سنن أبي داوود 5
(5/225)
ومحمد بن عبد الله الدؤلي. روى عن: عبد
العزيز ابن أخي حذيفة، وعمر بن عبد العزيز. روى له: أبو
داود (1) .
والدُؤلي- بضم الدال، وفتح الهمزة- نسبة إلى دُئِل بضم
الدال وكسر الهمزة، ولكن بفتح الهمزة في النسبة، استثقالا
للكسرة كما تقول في النسبة إلى نمر نمري، ويجوز تخفيف
الهمزة فتقول الدُّولي، بقلب الهمزة واواً كما تقول في جؤن
جُون.
وعبد العزيز ابن أخي حذيفة بن اليمان. وقال عبد الرحمن:
أخو حذيفة. روى عن: حذيفة. روى عنه: محمد بن عبد الله
الدؤلي، وحميد أبو عبد الله الفلسطيني. روى له: أبو داود
(2)
وحذيفة بن اليمان الصحابي.
قوله: " إذا حزبه " بفتح الحاء المهملة، وبعدها زاي، وباء
موحدة مفتوحة، أي: إذا نزل به مهم وألمّ به. ويستفاد من
هذا: أن الرجل إذا نزل به أمر يهمه، يستحب له أن يصلي،
وذكر بعضهم أن الحديث رُوي مرسلاً.
1290- ص- نا هشام بن عمار، نا الهقل بن زياد السكسكي، نا
الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عنِ أبي سلمة قال: سمعت
ربيعة بن كعب الأسلمي يقول: كُنتُ أَبيتُ مع رسول الله-
عليه السلام- آتيه بوَضُوئِهِ وبحاجَته، فقال: " سَلنِي!
"، فقلتَُ: مُرًافَقَتَكَ في الجنة. قالَ: " أَوَ غَيْرَ
ذَلك؟ َ " قلتُ: هو ذاك. قال: " فأعِني على نَفْسِكً
بكَثرةِ السجودِ " (3) .
__________
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (25/ 5368) .
(2) المصدر السابق (18/3484) .
(3) مسلم: كتاب الصلاة، باب: فضل السجود والحث عليه (226 /
489) ، الترمذي: كتاب الدعوات، باب: منه حدثنا إسحاق بن
منصور (3416) ، النسائي: كتاب التطبيق، باب: فضل السجود
(1137) ، و (1139) ،=
(5/226)
ش- هشام بن عمار بن نُصَير أبو الوليد
الدمشقي.
هقل بن زياد بن عبيد الله ابو عبد الله السكسكي الدمشقي،
سكن
بيروت، كاتب الأوزاعي. سمع: الأوزاعي، والمثنى بن الصباح،
ومعاوية
ابن يحيى، وغيرهم. روى عنه: الليث بن سعد، وخالد بن يحيى
العمري، وعمرو بن هاشم، وغيرهم. قال ابن معين: ثقة، صدوق.
وقال أبو حاتم: صالح. مات ببيروت. روى له الجماعة إلا
البخاري (1) .
وربيعة بن كعب بن مالك الأسلمي أبو فراس، خدم النبي- عليه
السلام- كان من أهل الصفة، نزل بعد موت النبي- عليه
السلام- على
يزيد في المدينة. رُوي له عن رسول الله- عليه السلام- اثنا
عشر
حديثاً، روى له مسلم حديثاً واحداً، أدرك زمن الحرة. روى
عنه:
أبو سلمة بن عبد الرحمن، ومحمد بن عمرو بن عطاء. مات سنة
ثلاث
وستين. روى له: أبو داود،/ والترمذي، والنسائي، وابن ماجه
(2) [2/ 140 - ب] " قوله: " بوَضوئه " بفتح الواو، وهو
الماء الذي يتوضأ به.
قوله: " مرافقتك " أي: أسأل مرافقتك.
قوله: " أو غير ذلك " أي: أو تسأل غير ذلك؟
قوله: " قلت هو ذلك " يعني: سؤالي ذلك، يعني: ما ذكرت من
مرافقتك.
قوله: " قال: فأعني " أي: قال عليه السلام، فكأنه أشار
بذلك إلى أن
كثرة الصلاة سبب لحصول ما سأله، يعني: إن أردت أن ترافقني
في
الجنة، فكثر الصلاة، لتنال سؤلك. والحديث أخرجه: مسلم،
والنسائي، وأخرج الترمذي وابن ماجه طرفا منه، وليس لربيعة
بن كعب
في كتبهم سوى هذا الحديث.
__________
= وكتاب قيام الليل، باب: ذكر ما يستفتح به القيام (1617)
، ابن ماجه: كتاب الدعاء، باب: ما يدعو به إذا انتبه من
الليل (3879) .
(1) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (30 / 6597) .
(2) انظر ترجمته في: الاستيعاب بهامش الإصابة (1/ 506) ،
وأسد الغابة (2/ 216) ، والإصابة (1/ 511) .
(5/227)
1291- ص- نا أبو كامل، نا يزيد بن زريع، نا
سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك في هذه الآية: {تَتَجَافَى
جُنوبُهُمْ عَنِ المَضاجِعِ} إلى {ينفقُون} (1) قال: كانوا
يَتَيَقَّظُونَ ما بين المغرب والعشاء يُصَلون. قال: وكانَ
الحسنُ يقول: قيام الليلِ (2) .
ش- أبو كامل فضيل بن الحسن الجحدري، وسعيد بن أبي عروبة.
قوله: " تَتَجَافَى " أي: ترتفع ومنه الجفا , لأنه يورث
التباين، أي: يقطعهم انشغالهم بالله عَزَّ وجلّ، والدعاء
له عن طيب المضجع، لما يأملون به. وقال ابن عطاء: أي: أبت
جنوبهم أن تسكن على بساط الغفلة، فطلبت بساط القربة، يعني:
في صلوات الليل. وقال قتادة: يعني: التنفل بين المغرب
والعشاء، وهو معنى قول أنس: " كانوا يتيقظون ما بين المغرب
والعشاء يصلون". وقد ورد في الحديث أنه صلاة الأوابين.
قوله: " يَدْعُوِنَ رَبَّهُمْ " خوفا من سخطه، وطمعا في
رضوانه: " وممَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفقُون " يؤتون الزكاة.
وقال قتادة: يؤتون الصدقات. وقال السدي: ينفَقون على أهله.
ويقال: خوفا من عذابه، وطمعا في ثوابه. وقال: التستري:
خوفا من هجرانه، وطمعا إلى لقائه. وينفقون من أموالهم في
وجوه القربات.
قوله:" وكان الحسن " أي: الحسن البصري، كان يقول: المراد
من قوله: " تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ ": قيام الليل.
1292- ص- نا محمد بن المثنى، نا يحيى بن سعيد وابن أبي
عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس في قوله: {كانُوا قَلِيلاً
منَ الليْلِ مَا يَهْجَعُونَ} قال: كَانُوا يُصَلُونَ فيما
بينهما: بين (3) المغربِ والعشاءِ (4) . ش- يحيى بن سعيد
الأنصاري، ومحمد بن أبي عدي، وسعيد بن أبي عروبة.
قوله: {كانُوا قَلِيلاً من اللَيْلِ مَا يَهْجَعُون} كلمة
" ما "صلة،
__________
(1) كتبت الآية كاملة في سنن أبي داود.
(2) تفرد به أبو داود.
(3) في سنن أبي داود:" فيما بين ".
(4) تفرد به أبو داود.
(5/228)
وقيل: مصدرية، أي: كانوا قليلاً هجوعهم على
البدل. وقال محمد ابن علي: أي: لا ينامون عن العتمة،
ويقال: صلاة ما بين العشاءين، وهو معنى قول أنس بن مالك: "
كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء " وقال مطرف: قَل
ليلة تأتي إلا يصلون فيها أولا وآخراً.
ص- زاد في حديث يحيى: وكذلك تتجافى جنوبهم.
ش- أي: زاد محمد بن المثنى في حديث يحيى بن سعيد: وكذلك
تتجافى جنوبهم، أي: كانوا يصلون فيما بين المغرب والعشاء.
***
299- باب: افتتاح صلاة الليل
بركعتين
أي: هذا باب في بيان افتتاح صلاة الليل بركعتين.
1293- ص- نا أبو توبة الربيع بن نافع، نا سليمان- يعني-:
ابن حيان- عن هشام بن حسان، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا قَامَ
أحدُكُم مِن الفَيلِ فليُصَلِّي ركعتين خَفِيفتَينِ " (1)
. ش- الأمر فيه للاستحباب بإجماع العلماء. والحديث أخرجه
مسلم.
1294- ص- نا مخلد بن خالد، نا إبراهيم- يعني: ابن خالد- عن
رباح، عن معمر، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة قال:
" إذا " بمعناه، زَادَ: ثم ليطول بعدُ ما شاء (2) .
ش- إبراهيم بن خالد بن عبيد أبو محمد القرشي المؤذن بمسجد
صنعاء، ورباح بن زيد القرشي، ومعمر بن راشد، وأيوب
السختياني. قوله: " قال: إذا بمعناه " أي: قال: " إذا قام
" إلى آخره بمعنى الحديث المذكور، وزاد فيه: " ثم ليطول
بعد ما شاءت وهذه الرواية موقوفة. ص- قال أبو داود: رَوى
هذا الحديثَ حمادُ بنُ سَلمةَ وزُهيرُ بنُ مُعاويةَ
وجماعةٌ عن هشامٍ (3) أوقَفُوه على أبي هريرة، وكذلك رواه
أيوبُ وابنُ عونٍ أوقفُوه على أدب هريرة.
__________
(1) مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في
صلاة الليل (198 / 768) .
(2) تفرد به أبو داود.
(3) في سنن أبي داود: " عن هشام، عن محمد ".
(5/229)
ش- هشام بن حسان، وأيوب السختياني، وعبد
الله بن عون البصري
[2/ 141 - أ] / وقال أبو بكر بن أبي شيبة: نا هشيم، أخبرنا
هشام، عن ابن سيرين قال: قال أبو هريرة: " إذا قام أحدكم
من الليل فليفتح بركعتين خفيفتين ".
ص- ورواه ابن عون عن محمد قال: فيهما تَجَوَّزْ.
ش- أي: روى الحديث عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين قال
فيهما- أي في الركعتين-: تجوز، أي: تخفيف وإسراع.
1295- ص- نا ابن حنبل- يعني: أحمد- نا حجاج قال: قال ابن
جريج: أخبرني عثمان بن أبي سليمان، عن علي الأزدي، عن عبيد
بن
عمير، عن عبد الله بن حُبشي الخثعمي، أن النبيَ- عليه
السلام- سُئِلَ: أيُ
الأعمالِ أفْضَلُ؟ قالَ: " طُولُ القيام " (1) .
ش- حجاج بن محمد الأعور، وعبد الملك بن جريج.
وعثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن
عبد مناف بن قصي القرشي المكي النوفلي. روى عن: ابن أبي
مليكة،
وحمزة بن عبد الله، وأبي سلمة. روى عنه: إسماعيل بن أمية،
وابن
جريج، وابن عيينة. قال أحمد وابن معين: هو ثقة. روى له:
مسلم،
وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه (2) .
وعلي بن عبد الله البارقي الأزدي، وعبيد بن عمير بن قتادة
أبو عاصم
المكي.
[و] عبد الله بن حُبشي الخثعمي، سكن مكة ". روى عنه: محمد
ابن جبير بع مطعم، وعبيد بن عمير. روى له: أبو داود،
والنسائي (3) .
وحبشي: بضم الحاء المهملة، وسكون الباء الموحدة، وكسر
الشين
المعجمة، وتشديد الياء آخر الحروف.
__________
(1) تفرد به أبو داود.
(2) انظر ترجمته في: تهذيب الكمال (19 / 3819) .
(3) المصدر السابق (14/ 3220) .
(5/230)
قوله: " أي الأعمال أفضل؟ قَال: طول القيام
" قد مر فيما تقدم أن مثل هذا الجواب على حسب اختلاف
الأحوال والأشخاص، فإنه قد يقال خير الأشياء كذا، ولا يراد
أنه خير جميع الأشياء من جميع الوجوه "، وفي جميع الأحوال
والأشخاص بل في حال دون حال، أو يكون المراد من قوله" طول
القيام" يعني: من أفضل الأعمال طول القيام، كما يقال: فلان
أعقل الناس وأفضلهم، ويراد انه من أعقلهم ومن أفضلهم. ثم
اختلف العلماء في النوافل أيها أفضل؟ طول القيام وإن قل
الركوع، والسجود؟ أو الإكثار من الركوع والسجود؟ فقيل: طول
القيام أفضل لهذا الحديث، ولما روى مسلم في "صحيحه" من
حديث جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " أفضل الصلاة , طول القنوت " والمراد به هاهنا
القيام، وهو مذهب أبي حنيفة،،- الشافعي أيضاً. وقال صاحب "
المحيط ": وطول القيام أفضل من طول الركوع والسجود، واستدل
بالحديث المذكور، وقيل: الإكثار من الركوع والسجود أفضل،
وإن خف , القيام، لقوله- عليه السلام- لربيعة بن كعب: "
فأعني على نفسك بكثرة السجود " الحديث (1) وقد مر الكلام
في هذا الباب مستوفى.
***
300- باب: صلاةُ الليل مثنى مثنى
أي: هذا باب في بيان صلاة الليل النافلة ركعتين ركعتين.
1296- ص- نا القعنبي، عن مالك، عن نافع، وعبد الله بن
دينار، عن عبد الله بن عمر، أن رجلاً سألَ رسولَ الله صلى
الله عليه وسلم عن صَلاة اللَّيْلِ؟ فقالَ رسولُ الله-
عليه السلام-: " صَلاةُ الليلَ مَثْنى مَثْنَى، فإَذا
خَشِيَ أحدُكُم الصبحَ صَلى رَكْعةً واحدةً، تُوتِرُ له
مَا قَد صَلَّى " (2) .
__________
(1) تقدم قبل خمسة أحاديث.
(2) مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب: صلاة الليل مثنى مثنى
(749/ 145) ، النسائي: كتاب قيام الليل، باب: كيف الوتر
بواحدة؟ (3/ 233) ، ابن "ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة
فيها، باب: ما جاء في صلاة الليل ركعتان (1320)
(5/231)
ش- استدل به أبو يوسف ومحمد، والشافعي، ومالك، وأحمد أن
صلاة الليل مثنى مثنى، وهو أن يسلم في كل ركعتين. وهذا
الحديث ونحوه محمول على بيان الأفضل ولو صلى أربعا بتسليمة
جاز.
قوله: " فإذا خشي أحدكم الصبح " أي: فوات صلاة الصبح " صلى
ركعة واحدة " وبه استدل الشافعي أن التطوع بركعة واحدة
جائز.
قوله: " توتر له ما قد صلى " أي: ما قد صلى من الركعة
الواحدة "وتوتر " على صيغة المجهول، أسند إلى " ما "،
والمعنى تصير له تلك الركعة الواحدة وترا. وبه استدل
الشافعي على أن الإيتار بركعة واحدة جائز، وسنذكر مستندات
أبي حنيفة في باب الوتر، والجواب عن هذا الحديث ما قاله
الطحاوي: أن معناه صلى ركعةً في ثنتين قبلها، وتتفق بذلك
الأخبار.
قلت: أشار بذلك إلى الأخبار التي وردت في أن الوتر ثلاث
ركعات بتسليمة على ما سنذكرها إن شاء الله تعالى.
[2/ 114 - ب] والحديث أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي/
وابن ماجه.
*** |