شرح الموطأ عبد
الكريم الخضير شرح: الموطأ -
كتاب الزكاة (1)
باب ما تجب فيه الزكاة - باب الزكاة في العين من الذهب
والورق
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين
يا ذا الجلال والإكرام.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
كتاب الزكاة
باب ما تجب فيه الزكاة:
حدثني يحيى عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه
قال: سمعت أبا سعيد الخدري -رضي الله عنه- يقول: قال رسول
الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس فيما دون خمس ذود صدقة،
وليس فيما دون خمس أواق صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق
صدقة)).
وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي
صعصعة الأنصاري ثم المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري
-رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة، وليس فيما دون
خمس أواقي من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل
صدقة)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى
عامله على دمشق في الصدقة: "إنما الصدقة في الحرث والعين
والماشية".
قال مالك -رحمه الله-: "ولا تكون الصدقة إلا في ثلاثة
أشياء: في الحرث والعين والماشية".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الزكاة
الكتاب: مر التعريف به مراراً، والزكاة في الأصل -في
اللغة-: النماء والزيادة والتطهير، فإذا قيل: زكا المال
يزكو، نما ينمو وزاد، ويدل له حديث: ((ما نقص مال من
صدقة)).
(49/1)
والزكاة طهرة للمال، وتطهير للمزكي {خُذْ
مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم
بِهَا} [(103) سورة التوبة] فهي طهرة للمال، بمعنى أنها
تنقيه، وتكفر بعض ما يحصل فيه من دخل، وتنقيه من ذلك، وهي
أيضاً تطهر صاحبها من وصف البخل والشح، وهي تطهره أيضاً من
أدران الذنوب والمعاصي، ويطلق عليها أيضاًَ الصدقة، الصدقة
تشمل الواجب والمندوب، وإن خصها بعضهم بالصدقة المندوبة،
لكن جاءت في النصوص الصحيحة الصريحة التي منها أحاديث
الباب، ومنها حديث معاذ لما بعثه النبي -صلى الله عليه
وسلم- إلى اليمن قال: ((فإن هم أطاعوا لك بذلك أو أجابوا
لك بذلك)) بعد فرض الصلاة ((فأعلمهم أن الله قد فرض عليهم
صدقة)) فرض صدقة، والمراد بذلك الزكاة ((تؤخذ من أغنيائهم
فترد في فقرائهم)) وهنا في الحديث الذي معنا ((ليس فيما
دون خمس ذود صدقة)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما تجب فيه الزكاة:
يعني من الأموال.
(49/2)
"حدثني عن مالك" القائل راوي الرواية التي
بأيدينا عبيد الله بن يحيى عن أبيه يحيى بن يحيى الليثي
أنه حدثه عن مالك، حدثني عن مالك، وبالمناسبة في ذكر
الروايات خرج أخيراً طبعة للموطأ برواياته، برواية يحيى
والقعنبي وأبي مصعب سويد الحدثاني وابن بكير، وابن القاسم،
وابن زياد، ومحمد بن الحسن بزياداتها وزوائدها، واختلاف
ألفاظها، حققه وضبط نصوصه، وخرج أحاديثه وآثاره، وشرح
غريبه، ووضع فهارسه أبو أسامة سليم بن عيد الهلالي، طبعة
معتنىً بها، طبعة نفيسة، والمحقق معروف يعني بجودة
تحقيقاته، واهتمامه وعنايته، لكن مثل هذا العمل والتلفيق
بين الروايات مع إبقاء اسم الكتاب الأصلي الموطأ، تصنيف
إمام دار الهجرة مالك بن أنس، كما قال المحقق -وفقه الله-،
التلفيق بين الروايات في الصلب هذا يأباه أهل الحديث على
طريقتهم، بل يوصون بأن تكون قراءة طالب العلم وعنايته
برواية واحدة، تكون قراءته على رواية واحدة، إن احتاج إلى
ما عداها يشير إليها في الحاشية، أما التلفيق بين الروايات
في صلب الكتاب فله آثاره، ولو لم يقل هذا أهل الحديث، لو
لم يكن فيه إلا تشتيت القارئ، القارئ في هذه الطبعة مع
أنها بذل فيها جهد موفق بلا شك، يعني الطالب يكون على تصور
من الروايات كلها، لكن هذه الطريقة التي أخرج فيها هذا
الكتاب تعوق القارئ، وتشوه ذهنه، فلو اعتمد رواية من
الروايات، وجعل اختلاف الروايات برموزها في الحاشية، كما
صنع بصحيح البخاري بعناية اليونيني -رحمه الله تعالى-،
الذي قارن بين الروايات، وأشار إلى الروايات في الحاشية،
وعن نسخته طبعت الطبعة السلطانية، التي هي أصح نسخ الصحيح،
أشير إلى جميع الروايات في الحاشية، هذا عمل طيب جداً، أما
أن يقول مثلاً -وفقه الله- في كتاب الزكاة مثلاً: حدثني عن
مالك بين قوسين يفتح قوس (ابن أنس) قاف عين، وحاء دال، هذه
الرموز ثم سكر القوس "عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه
قال" أحياناً يأتي هذا في المتن، "وحدثني عن مالك عن" في
رواية ميم حاء: أخبرنا، لو كانت هذه في الحاشية، واعتمد
رواية واحدة كما أوصى بذلك أهل الحديث، ترك هذه الرموز مع
هذه الاختلافات في الحاشية لكان عمله جيد إلى الغاية، يعني
ما عليه
(49/3)
استدراك، لكن مثل هذا شوف الآن ((ليس فيما
دون خمسة أوسق من التمر صدقة، وليس ... )) وبعدين فتح قوس،
في رواية حاء: ((ولا فيما دون خمسة أواق)) وفي رواية ميم
صاد وميم حاء وقاف عين، وفي وقاف سين، وحاء دال: ((أواق))
طيب القارئ كيف يتصرف؟
فأهل العلم يوصون بأن تكون عناية طالب العلم برواية واحدة،
إن احتاج إلى ما عداها يشير إليها في الحاشية، تكون روايته
وعنايته بالكتاب على رواية واحدة، ومعروف أن روايات الصحيح
تتفاوت، بعضها يزيد في الأحاديث، وبعضها ينقص، وبعضها
الخلاف بينها مجرد حروف، وبعضها كلمات، فما جمعت روايات
الصحيح.
لو أراد أن يؤلف هو كتاباً جامعاً بين روايات الموطأ وصاغه
بطريقة مناسبة ملتئمة بحيث لا يقطع تسلسل فكر القارئ له
ذلك، على أن ينسبه لنفسه، لو سماه الجامع لروايات الموطأ
جمع فلان لا بأس، أما الموطأ وينسب إلى الإمام مالك، ويلفق
بين الروايات كلها بهذه الرموز، وعلى هذه الطريقة، وليس
معنى هذا أننا نتنقص المحقق، المحقق من مشاهير المحققين
الآن، بل من أعظمهم عناية ودراية، لكن مع ذلك هذه لفتة
يمكن تستدرك في كتب أخرى، أنا أخشى أن يمتد الأمر إلى كل
الكتب بهذه الطريقة.
يعني لو نظرنا على الطبعة السلطانية من صحيح البخاري،
اعتمدوا رواية واحدة، وأشاروا إلى ما عداها في الحاشية،
هذا لا يقطع تسلسل القارئ، ولا يدخل في الكتاب شيء،
والشراح كلهم على هذا، يجرون على رواية واحدة، ويشيرون إلى
ما عداها، بعضهم يشير إلى كل شيء، وبعضهم يشير إلى ما
يحتاج إليه فقط.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"حدثني عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه" يحيى بن
عمارة بن أبي حسن "أنه قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس فيما دون خمس
ذود صدقة)) " خمسِ ذود، أو خمسٍ ذود، أكثر الروايات على
الإضافة، خمس ذودٍ، وقطعها عن الإضافة بعضهم خمسٍ ذودٍ،
وتكون ذود بدل خمس، وعلى الإضافة والذود ما بين الثلاث إلى
العشر من الإبل، أو بين ثلاث إلى تسع، أو بين اثنتين إلى
سبع، أقوال لأهل العلم، ومنهم من يطلق الذود على الواحدة.
(49/4)
((ليس فيما دون خمس ذود صدقة)) الآن الخمس
إذا أضيفت إلى مثل هذا في المفرد مثلاً، خمسِ ذودٍ، لو
أراد الذود بمعناه عند الأكثر، وهو يطلق على ما هو أكثر من
واحد، من اثنين إلى عشرة، من ثلاثة على تسعة ... إلى آخره،
لاحتجنا إلى أن نقول: خمسة أذواد، إذا قلنا: خمسة أذواد كم
يطلع عندنا العدد؟ يعني أقل تقدير عشرة، خمسة في اثنين
عشرة، خمسة في ثلاثة خمسة عشر، خمسة في عشرة خمسين، خمسة
في تسعة خمسة وأربعين، إذاً ما يطلع حد لنصاب الإبل،
والروايات كلها على هذا، إذا قلنا: خمس ذود والمراد خمسة
أذواد، لكن كأن الإضافة هنا من إضافة الموصوف إلى صفته، من
إضافة الموصوف وهو الخمس إلى صفته الذود، فالخمس المقصود
بها عدد خمس فقط، والذود إن شئت فقل: يطلق على الواحد،
يعني خمسة أفراد من الإبل، أو قل: إن الخمس هي الذود،
الخمس هي الذود من إضافة الشيء إلى وصفه، وإن شئت فقل: من
إضافة الشيء إلى نفسه، وهذا وإن كان ممنوعاً عندهم، يمنعون
إضافة الشيء إلى نفسه، لكن يوجهونه، المسجد الجامع، قالوا:
إن المسجد هو الجامع، والخمس هي الذود، والذود يطلق على
الخمس أنها ذود، فيكون من إضافة الشيء إلى نفسه لا سيما
وأن الإضافة هي رواية الأكثر، أما إذا قلنا: ليس فيما دون
خمسٍ ذودٍ تكون بدل ولا فيه أدنى إشكال، وهذه رواية البعض.
((صدقة)) فالذي عنده أربع من الإبل يجب عليه شيء وإلا ما
يجب؟ لا يجب عليه شيء، طيب عنده ثلاث من الإبل قيمتها
ثلاثمائة ألف، ويعدها للتجارة، اشتراها بنية التجارة،
ثلاث، فيها صدقة وإلا ما فيها؟ نعم؟ ليس فيها زكاة بهيمة
الأنعام، فهي جارية على هذا الحديث، لكنها تدخل في باب آخر
من أبواب الزكاة، وهو زكاة عروض التجارة، يعني الواحدة
فيها زكاة.
(49/5)
((ليس فيما دون خمس ذود صدقة)) أما زكاة
بهيمة الأنعام فليس فيما دون الخمس، ويشترط فيها أن تكون
سائمة، أن تكون سائمة، بمعنى أنها غير معلوفة، ترعى الحول
أو غالب الحول، والسوم هو الرعي، يعني راعية، بهذا جاء
وصفها، وصح بذلك الخبر بالنسبة للإبل والغنم، وقاس أهل
العلم البقر عليها، وما جاء في تقييدها بالسوم عمل به
جمهور أهل العلم فاشترطوا السوم لوجوب الزكاة في بهيمة
الأنعام، والإمام مالك يوجب الزكاة في بهيمة الأنعام، ولو
لم تكن سائمة، الذي جاء من وصفها أو تقييدها بكونها سائمة
مما صحت به النصوص، يقول الإمام مالك: إن هذا جرى على
الغالب من مواشي العرب أنها سائمة، فجاء بناءً على ما جرت
به العادة أن مواشيهم سائمة، وهو وصف كاشف لا مفهوم له،
وعند الجمهور له مفهوم، معناه أنه إذا لم تكن سائمة فإنها
لا زكاة فيها.
((ليس فيما دون خمس ذود صدقة)) سميت الإبل بذلك بالذود؛
لأن الراعي يذود بعضها إلى بعض، يذودها، بمعنى أنه يدفعها
إلى مكان الرعي، وإلى مكان الشرب، ويدفع بعضها عن بعض إذا
خشي شيئاً يضرها.
((وليس فيما دون خمس أواق صدقة)) خمس أواق من الفضة كما
جاء في الرواية التي تليها من الورق، والأواقي جمع أوقية،
والأوقية أربعون درهماً، فعلى هذا يكون النصاب مائتي درهم
من الفضة، والمراد بذلك الخالص من الفضة، سواءً كان
مضروباً أو غير مضروب، فالخمس الأواقي والأوقية أربعون
درهماً، إذن النصاب مائتا درهم، وجاء بذلك النص الصحيح
الصريح مائتا درهم، المائتا درهم قدرت بالريال، بالريالات
السعودية الفضة الريال العربي السعودي الفضة قدروها بستة
وخمسين ريالاً، إذا كان الريال الفضة مثلاً قيمته خمسة عشر
ريال، يزيد وينقص تبعاً لزيادة المعدن هذا ونقصه، اثنا عشر
ريال، خمسة عشر ريال، عشرين ريال، تضرب في ستة وخمسين، عدد
الريالات في ستة وخمسين، وتخرج النتيجة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(49/6)
إلا قدّر بالغرامات، كان في واحد جاء لي
بخطاب مفصل فيه .. ، لكن هذا قبل سنتين، ويقول: إنه حسبه،
اليوم مع تجار الذهب والفضة، هذا قبل سنتين، في ورقة عندي
خطاب موجود، على كل حال هذه طريقتها يذهب الإنسان إذا كان
عنده فضة إلى أماكن المجوهرات، ويقول: كم يسوى؟ كم وزنها
بالريال مثلاً؟ أو بالجرام؟ وكم يسوى جرام؟ ويزكيها.
((وليس فيما دون خمس أواق صدقة)) أوسق: جمع وسق، بفتح
الواو، ويجوز كسرها، ويجمع على أوساق، كحمل وأحمال،
والوسق: ستون صاعاً، فيكون النصاب ثلاثمائة صاع، فعلى هذا
بداية النصاب بالنسبة للإبل خمس، وبالنسبة للفضة مائتا
درهم، وبالنسبة للحبوب والثمار خمسة أوسق، ثلاثمائة صاع،
الحديث الذي يليه يقو: "وحدثني" يأتي هذا كله بالتفصيل في
زكاة كل مال بعينه -إن شاء الله تعالى-.
يقول: "وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن
بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني عن أبيه عن أبي سعيد
الخدري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس فيما
دون خمسة أوسق من التمر صدقة)) " هنا تنصيص على التمر
باعتباره فرد من أفراد العام الذي سبق ذكره في الحديث
السابق، والتنصيص على فرد من أفراد العام بحكم موافق لحكم
العام لا يقتضي التخصيص، فنص على التمر، والتنصيص عليه لا
يقتضي إخراج غيره.
((وليس فيما دون خمس أواقٍ من الورق صدقة)) من الورق هذا
أيضاً التنصيص هنا، هناك يقول: ((ليس فيما دون خمس أواق
صدقة)) قلنا: إن التنصيص على التمر لا يخرج ما يتناوله
اللفظ العام من الحبوب والثمار في الحديث السابق، لكن ماذا
عن الجملة الأخرى: ((وليس فيما دون خمس أواق من الورق
صدقة))؟ هل نقول: إن الحديث السابق يشمل الورق وغير الورق،
وهذا تنصيص على بعض أفراد العام ... ؟ مثلما قلنا من
التمر؟ أو نقول: إن المقصود بالأول الورق وبالثاني الورق
نفس الشيء؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(49/7)
الورق هي الفضة، قلنا فيما سبق أن المراد
بالأواقي من الفضة، وهذا نصاب الفضة بخصوصها، أما الخمسة
الأوسق التي تقدمت نصاب الحبوب والثمار التي تجب فيها
الزكاة، فهل نقول في هذه الجملة مثلما قلنا في التي قبلها؟
تنصيص على بعض أفراد العام؟ أو نقول: إنه ليس بعام، الأول
ليس بعام، بل لا يتناول إلا فرداً واحداً وهو الفضة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ولا يتناول إلا فرد واحد؛ لأنه ليس بعام، الأصل وإن كان
اللفظ صيغته صيغة العموم ((ليس فيما دون خمس أواق صدقة))
لفظه لفظ العموم، لكنه مما أريد به الخصوص، الأول يراد به
العموم؛ لأن اللفظ العام يأتي ويراد به العموم، ويكون
محفوظاً لا يدخله تخصيص، ويأتي ويراد به العموم، ثم يأتي
ما يخصصه، ويأتي مراداً به الخصوص، فهو خاص من الأصل
{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ
جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [(173) سورة آل عمران]
الذين قال لهم الناس، الناس كلهم على من وجه الأرض من
الناس جاءوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وقالوا له:
إن الناس كلهم جمعوا لكم {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ
النَّاسُ} [(173) سورة آل عمران] كم هؤلاء الناس؟ كم
عددهم؟ كل من على وجه الأرض؟ واحد، شخص واحد، عام أريد به
الخصوص، نعيم بن مسعود، إن الناس يعني قد جمعوا لكم، الذين
تحزبوا على النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى أصحابه، فهذا
عام أريد به الخصوص، ومنه ((وليس فيما دون خمس أواقٍ
صدقة)) المراد به الخصوص وهو الفضة،
((وليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة، وليس فيما دون
خمس ذود من الإبل صدقة)) من التمر، من الورق، من الإبل،
(من) هذه ها؟ تبعيضية وإلا ويش تصير؟
طالب:. . . . . . . . .
بيانية، {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ}
[(30) سورة الحج] فـ (من) هذه بيانية.
((وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة)) وهذا تقدم.
والحديثان خرجهما الإمام البخاري في صحيحه من طريق عبد
الله بن يوسف التنيسي، وأكثر روايات البخاري، أكثر ما
يرويه البخاري عن مالك من أحاديث الموطأ يكون من طريق عبد
الله بن يوسف.
هل هذا ما مضى حديث واحد أو حديثان؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(49/8)
من طريقين، يعني يروى عن أبي سعيد من
طريقين.
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز"
الخليفة الراشد المعروف "كتب إلى عامله على دمشق في
الصدقة" يعني الزكاة "إنما الصدقة" يعني قائلاً له "إنما
الصدقة في الحرث والعين والماشية" هذا حصر، يعني الزكاة لا
تجب إلا في هذه الأمور الثلاثة "قال مالك: "ولا تكون
الصدقة إلا في ثلاثة أشياء: في الحرث" وهو كل ما لا ينمو
ولا يزكو إلا بالحرث، والمراد به الخارج من الأرض "في
الحرث والعين" الذهب والفضة "والماشية" بهيمة الأنعام
الإبل والبقر والغنم، فلا زكاة إلا في هذه الأشياء
الثلاثة.
طيب الحرث يشمل الحبوب والثمار التي تكال أو تدخل، العين
الذهب والفضة، الماشية الإبل والبقر والغنم، وماذا عن بقية
الأموال؟ ماذا يبقى عندنا؟ الركاز مثلاً، الركاز فيه ما
يخصه، ((في الركاز الخمس)) أقول: له ما يخصه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ما في إلا عروض التجارة، وهي ملحقة بالأموال التي هي
العينية، ولذا تزكى زكاة العين، ربع العشر على ما سيأتي،
والحصر في الثلاثة يقول ابن عبد البر: لا خلاف في جملة
ذلك، ويختلف في تفصيله، يختلف أهل العلم في تفاصيله، وما
يلحق، وما يدخل، وما يخرج من هذه الثلاثة؛ لأن الحرث كل
الحرث فيه زكاة؟ خضروات وفواكه فيها زكاة؟ يأتي ما فيها،
وأن هذه ليس فيها زكاة، العين الذهب والفضة لا شك أن فيها
الزكاة، إذا بلغت النصاب، وحال عليها الحول، والماشية
كذلك، نعم؟
أحسن الله إليك.
باب الزكاة في العين من الذهب
والورق:
حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عقبة مولى الزبير أنه سأل
القاسم بن محمد عن مكاتِب له، قاطعه ...
عن مكاتَب.
أحسن الله إليك.
أنه سأل القاسم بن محمد عن مكاتَب له قاطعه بمال عظيم هل
عليه فيه زكاة؟ فقال القاسم: "إن أبا بكر الصديق -رضي الله
تعالى عنه- لم يكن يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول".
قال القاسم بن محمد: "وكان أبو بكر إذا أعطى الناس
أعطياتهم يسأل الرجل هل عندك من مال وجبت عليك فيه الزكاة؟
فإذا قال: نعم، أخذ من عطائه زكاة ذلك المال، وإن قال: لا،
أسلم إليه عطاءه، ولم يأخذ منه شيئاً.
(49/9)
وحدثني عن مالك عن عمر بن حسين عن عائشة
بنت قدامة عن أبيها أنه قال: "كنت إذا جئت عثمان بن عفان
-رضي الله تعالى عنه- أقبض عطائي، سألني هل عندك من مال
وجبت عليك فيه الزكاة؟ قال: فإن قلت: نعم، أخذ من عطائي
زكاة ذلك المال، وإن قلت: لا، دفع إلي عطائي".
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله
عنهما- كان يقول: "لا تجب في مال زكاة حتى يحول عليه
الحول".
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: "أول من أخذ من
الأعطية الزكاة معاوية بن أبي سفيان -رضي الله تعالى
عنه-".
قال مالك -رحمه الله-: "السنة التي لا اختلاف فيها عندنا
أن الزكاة تجب في عشرين ديناراً عيناً، كما تجب في مائتي
درهم".
قال مالك: "ليس في عشرين ديناراً ناقصة بينة النقصان زكاة،
فإن زادت حتى تبلغ بزيادتها عشرين ديناراً، وازنة ففيها
الزكاة، وليس فيما دون عشرين ديناراً عيناً زكاة، وليس في
مائتي درهم ناقصة بينة النقصان زكاة، فإن زادت حتى تبلغ
بزيادتها مائتي درهم وافية ففيها الزكاة، فإن كانت تجوز
بجواز الوازنة رأيت فيها الزكاة دنانير كانت أو دراهم".
قال مالك في رجل كانت عنده ستون ومائة درهم وازنة وصرَف
الدراهم ببلده
وصرْف.
أحسن الله إليك.
قال مالك في رجل كانت عنده ستون ومائة درهم وازنة وصرْف
الدراهم ببلده ثمانية دراهم بدينار: إنها لا تجب فيها
الزكاة، وإنما تجب الزكاة في عشرين ديناراً عيناً أو مائتي
درهم".
قال مالك في رجل كانت له خمسة دنانير من فائدة أو غيرها
فتجر فيها، فلم يأتِ الحول حتى بلغت ما تجب فيه الزكاة:
إنه يزكيها، وإن لم تتم إلا قبل أن يحول عليها الحول بيوم
واحد، أو بعد ما يحول عليها الحول بيوم واحد، ثم لا زكاة
فيها حتى يحول عليها الحول من يوم زكيت".
وقال مالك في رجل كانت له عشرة دنانير فتجر فيها فحال
عليها الحول، وقد بلغت عشرين ديناراً: "إنه يزكيها مكانها
ولا ينتظر بها أن يحول عليها الحول من يوم بلغت ما تجب فيه
الزكاة؛ لأن الحول قد حال عليها، وهي عنده عشرون، ثم لا
زكاة فيها حتى يحول عليها الحول من يوم زكيت".
وقال مالك: "الأمر المجتمِع عليه عندنا في ...
المجتمَع.
أحسن الله إليك.
(49/10)
قال مالك -رحمه الله-: "الأمر المجتمَع
عليه عندنا في إجارة العبيد، وخراجهم، وكراء المساكين،
وكتابة المكاتب أنه لا تجب في شيء من ذلك الزكاة، قل ذلك
أو كثر حتى يحول عليه الحول من يوم يقبضه صاحبه".
وقال مالك في الذهب والورق يكون بين الشركاء: إن من بلغت
حصته منهم عشرين ديناراً عيناً، أو مائتي درهم، فعليه فيها
الزكاة، ومن نقصت حصته عما تجب فيه الزكاة فلا زكاة عليه،
وإن بلغت حصصهم جميعاً ما تجب فيه الزكاة، وكان بعضهم في
ذلك أفضل نصيباً من بعض، أخذ من كل إنسان منهم بقدر حصته
إذا كان في حصة كل إنسان منهم ما تجب فيه الزكاة، وذلك أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس فيما دون خمس
أواق من الورق صدقة)).
قال مالك: "وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك".
قال مالك: "وإذا كانت لرجل ذهب أو ورق متفرقة بأيدي أناس
شتى فإنه ينبغي له أن يحصيها جميعاً، ثم يخرج ما وجب عليه
من زكاتها كلها".
قال مالك -رحمه الله-: "ومن أفاد ذهباً أو ورقاً إنه لا
زكاة عليه فيها حتى يحول عليها الحول من يوم أفادها".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب الزكاة في العين من الذهب والورق:
"حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عقبة" أخي موسى بن عقبة،
صاحب المغازي المشهور، مولى الزبير "أنه سأل القاسم بن
محمد" في بعض الروايات: "سمع القاسم بن محمد" سأل القاسم
بن محمد بن أبي بكر أحد الفقهاء السبعة، الذين يجمعهم قول
الشاعر:
فخذهم عبيد الله عروة قاسمٌ ... سعيد أبو بكر سليمان خارجه
(49/11)
"أنه سأل القاسم بن محمد عن مكاتَب له
قاطعه بمال عظيم" قاطعه كيف قاطعه؟ يعني اتفق معه على مال
عظيم، وما زالت هذه اللفظة دارجة، قاطعه هذه اتفق معه،
نعم؟ لفظة دارجة، قاطعه بمال عظيم، لكن هل الآن هذه
المكاتبة ابتداءً بمعنى أنه اتفق معه على مال يدفعه له
نجوم، كما هو شأن الكتابة، أو إنما هو تعجيل ما بعض ما
اتفقا عليه؟ كأن يكونا اتفقا على ألف مثلاً مؤجلة، كل سنة
مائة، فقال: تعطيني خمسمائة حالة، وننتهي، يعني كالدين ضع
وتعجل، كأن ابن عبد البر فهم هذا، أنه اتفق معه على بعض ما
اتفقا عليه؛ ليكون معجلاً، فهل فيه زكاة؟ كل منهما مستفيد،
المكاتب يتعجل المالك الدائن، والمكاتب كالمدين يقل عليه
الدين، وفيه رفق بالطرفين، فهل فيه زكاة؟
"قاطعه بمال عظيم هل عليه فيه زكاة؟ فقال القاسم: "إن أبا
بكر الصديق لم يكن يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول"
واشتراط الحول مجمع عليه في الماشية والنقد والمعشرات، لكن
بالنسبة لما يخرج من الأرض فزكاته {وَآتُواْ حَقَّهُ
يَوْمَ حَصَادِهِ} [(141) سورة الأنعام] فالحول ثابت
بالنصوص المرفوعة، وهو مجمع عليه بالنسبة لما عدا الخارج
من الأرض.
"لم يكن يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول" وهذا
الجواب جواب القاسم بن محمد بفعل أبي بكر -رضي الله تعالى
عنه-، وفعل صحابي من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا
بالاهتداء بهديهم، والاستنان بسنتهم، وجاء فيه الحديث
الصحيح المرفوع، حتى يحول عليه الحول، فعلى هذا إذا قبض
المال، إذا قبض المال سواءً كان كراء، أجرة، أو قسط، أو
تعجيل لدين كما هنا، والدين يختلف وضعه من مليء وغير مليء،
فالدين على المليء يزكى في وقته، كلما حال عليه الحول
يزكى، والدين على المعسر ينتظر حتى يقبض فيزكيه إذا قبضه،
وهنا مال معجل قبل استحقاقه فلا زكاة فيه إذا قبض حتى يحول
عليه الحول.
قال -رحمه الله-:
(49/12)
"قال القاسم بن محمد: "وكان أبو بكر إذا
أعطى الناس أعطياتهم" يعني من بيت المال، جمع عطايا،
والعطايا جمع عطية "يسأل الرجل هل عندك من مال وجبت عليك
فيه الزكاة؟ " يعني بأن كان نصاباً وحال عليه الحول "فإذا
قال: نعم، أخذ من عطائه زكاة ذلك المال الذي عنده، وإن
قال: لا، أسلم إليه عطاءه، ولم يأخذ منه شيئاً" يعني لعدم
وجوب شيء عليه، فذمته فارغة، فيسلم له عطاءه كاملاً، وعلى
هذا لو كان هناك مستحق على شخص له في بيت المال عطاء مرتب،
أو له راتب مقابل عمل يقوم به، سواءً كان عمله بدون ما
يعطاه من بيت المال بدون عمل، أو بعمل، له راتب يتقاضاه من
بيت المال، ويجب عليه، إما لبيت المال أو لغيره من الفقراء
والمساكين، المقصود أن للإمام أن يأخذ من هذا العطاء، ومن
هذه الأجرة بقدر ما تبرأ به ذمته، بهذا يكون قد أعين هذا
الشخص على نفسه، وفيه تصديق الناس في أموالهم التي فيها
الزكاة؛ لأن هذه ديانة، فيقبل قوله، عليك زكاة؟ والله ما
علي شيء، مسلم كامل، وإذا قال: علي، أخذ منه بقدرها،
فتصدق، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الجباة بالنسبة للسعاة؟ السعاة يبعثهم الإمام لجباية
الزكاة، وهذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يبعث، بعث
عمر وغير عمر لجباية الزكاة، لكن أنت افترض أن الناس
أموالهم تجارات خفية، ومما يعان عليه المرء أن يوجد من
ينبه، هل أخرجت الزكاة؟ عليك زكاة؟ ويعان على إخراجها،
فتؤخذ منه، وفيه أيضاً هنا مصلحة الزكاة، تأخذ من التجار
...
على كل حال هذا مأثور.
(49/13)
"فإذا قال: نعم، أخذ من عطائه زكاة ذلك
المال الذي عنده، وإن قال: لا، أسلم إليه عطاءه" ولا يحتاج
أن يحضر بينة، ولا يستحلف إلا إذا شك في أمره، يعني ظاهره
الثراء قيل: عندك زكاة؟ قال: أنا والله ما أملك شيء، فمثل
هذا قد تطلب منه البينة، وقد يستحلف، لا سيما إذا ظهرت
عليه أمارات وقرائن تدل على أنه عنده أموال ولا يزكيها،
بدليل أن الذي يدعي أنه أصابته فاقة مثلاً، وظاهره على
خلاف ما يدعيه أنه لا يقبل قوله حتى يشهد له ثلاثة من ذوي
الحجا، وإلا فالأصل أنه لو جاء شخص لم يعرف بغنى، وطلب
الزكاة، وظاهره يدل على ذلك يعطى، من غير بينة ولا
استحلاف، لكن إذا كان ظاهره على خلاف ما يدعيه، فلا بد من
التأكد من حاله ووضعه.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عمر بن حسين بن عبد الله الجمحي
-مولاهم- عن عائشة بنت قدامة" بن مضعون، وهي صحابية وأبيها
صحابي "عن أبيها أنه قال: كنت إذا جئت عثمان بن عفان في
خلافته أقبض عطائي، سألني هل عندك من مال وجبت عليك فيه
الزكاة؟ قال: فإن قلت: نعم، أخذ من عطائي زكاة ذلك المال،
وإن قلت: لا، دفع إلي عطائي".
يعني كاملاً، وصنيع عثمان مثل صنيع أبي بكر -رضي الله
تعالى عنه-، فالإنسان يصدق في ديانته، وعلى هذا لو قيل
لفلان: صليت يا فلان؟ قال: نعم، ما يقال له: احلف أنت صليت
وإلا ما صليت؟ هذه ديانة بين المرء وربه، ديانة بين العبد
وربه، إلا إذا ظهرت عليه أمارات تدل على أنه كاذب حينئذٍ
يحتاط في أمره.
الزكاة وإن كان وجوبها في عين المال إلا أن لها تعلقاً
بالذمة، وهذا يدل على أن صنيع أبي بكر، وصنيع عثمان يدل
على أن الزكاة تؤخذ من غير المال، إذا كان من جنسه فلا
إشكال، يعني زكاة فلان عشرة آلاف من ماله الذي في محله
التجاري، فطلبت منه عشرة آلاف، قال: والله ما عندي شيء،
خلوني أبيع هذه السيارة ومن ثم أعطيكم قيمتها، هل يقال:
لا، لا تعطينا إلا من نفس المحل؟ لا ما يلزم، بدليل أن أبا
بكر من الأعطية يحسم الزكاة ليست من عين المال، نعم الوجوب
الأصلي في عين المال، ولها تعلق بالذمة، والأموال من جنس
واحد ينوب بعضها عن بعض.
يقول: ألا يفرق بين الملي الباذل وغير الباذل؟
(49/14)
غير الباذل ليس بملي، الشخص الذي لو كانت
عنده الأموال لكن لا يستطيع إخراج المال منه ليس بملي.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان
يقول: "لا تجب -يعني الزكاة- في مال"، "لا تجب في مال زكاة
حتى يحول عليه الحول" حتى يحول عليه الحول هكذا رواه مالك
موقوفاً على عبد الله بن عمر، ووصله ابن عبد البر في
التمهيد من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر،
قال: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ليس في مال زكاة
حتى يحول عليه الحول)) فيثبت مرفوعاً.
يقول الدارقطني: والصحيح وقفه كما في الموطأ، لكن إذا جاء
الخبر مرفوعاً وجاء موقوفاً، والاحتمال أن الراوي رواه مرة
هكذا ومرة هكذا، نشط مرة فرفعه، ومرة لم ينشط فوقفه،
فالمسألة خلافية بين أهل العلم، وليست هناك قاعدة يعني
مطردة يمكن أن يحكم بها، أنه يحكم للرفع مطلقاً، أو للوقف
مطلقاً، إنما المقصود أن مثل هذا جاء رفعه بخبر صحيح، وهو
مجمع عليه أيضاً، دل الإجماع على ثبوت الخبر فيه.
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: "أول من أخذ
من الأعطية الزكاة معاوية بن أبي سفيان" طيب ماذا عن صنيع
أبي بكر وعثمان؟ نعم؟ ماذا عن صنيعهم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم قد يكون خفي عليه صنيع أبي بكر وعثمان، أو حمله على
وجه من الوجوه، نعم، أو بعد انقراض عصر الخلافة الراشدة،
على كل حال تأويله سهل، وإلا فقد ثبت عن أبي بكر وعثمان،
وهما قبل معاوية.
(49/15)
"قال مالك: السنة التي لا اختلاف فيها
عندنا" يعني في المدينة "أن الزكاة تجب في عشرين ديناراً
عيناً كما تجب في مائتي درهم" وبهذا قال جمهور العلماء،
وبهذا قال الجمهور، وقالت طائفة: لا زكاة في الذهب حتى
يبلغ صرفها مائتي درهم، فيكون الأصل في النقود الفضة، يرد
إليها الذهب، إذا كان صرف الذهب مثلاً الدينار بعشرة
دراهم، استوت الفضة مع الذهب، فإذا ملك عشرين دينار وجبت
فيه الزكاة؛ لأنه يبلغ نصاب الفضة مائتي درهم، أما إذا كان
صرف الدينار تسعة دراهم مثلاً، فصار العشرون ديناراً مائة
وثمانين درهم لا تجب فيها الزكاة، هذا على هذا القول، وإذا
قلنا: إن الذهب أصل برأسه، فإذا بلغ عشرين ديناراً وجبت
الزكاة سواءً بلغت المائتي درهم أو لم تبلغ، وهذا هو القول
المرجح عند الجمهور أن الذهب أصل برأسه، والفضة أصل
برأسها، ثم بعد ذلك يختلفون في العروض، هل مردها الذهب أو
الفضة؟ كل له رأي، وقل مثل هذا في السرقة ونصابها، المقصود
أن مثل هذا محل خلاف بين أهل العلم، والأولى التقدير
بالأحض للفقراء، والمساكين، التقدير بالأحض، عندك عروض
تجارة، هل نقومها بالذهب أو نقومها بالفضة؟ إذا قومناها
بالذهب فنحتاج إلى أن تكون العروض قريبة من ألفين مثلاً،
مو قلنا: نصاب الذهب كم؟
طالب:. . . . . . . . .
كلها.
طالب:. . . . . . . . .
لا هذا القدر، نصاب الذهب عشرون مثقال، يعني أحدى عشر
جنيه، وأربعة أسباع الجنيه، النصاب، كم إحدى عشر جنيه؟
الجنية بكم؟ بأربعمائة ريال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قال: ثلاثمائة، باعتبار أن الجنيه ثمانية جرامات، والجرام
يسوى أربعين، يعني قل: ثلاثمائة ريال، نحتاج إلى ثلاثة
آلاف وكسور، بينما إذا قلنا: نصاب الفضة ستة وخمسين ريال
عربي سعودي فضة، وافترض مثلاً أن الريال العربي خمسة عشر
ريال، كم؟ ثمانمائة ريال، أكثر من ثمانمائة بقليل، فنقدر
بالفضة لأنها أحض للمساكين.
(49/16)
طيب افترض أن شخص يملك نصاب فضة، عنده
ثمانمائة ريال، وقدرناها بالفضة فإذا هي نصاب، وهذا الشخص
الذي عنده ثمانمائة لا يكفيه شهري مع أسرته إلا ألفين
ريال، هذه مسألة مهمة جداً، ويختلف فيها أهل العلم، بمعنى
أنه هل يمكن أن يوصف الشخص في آن واحد بأنه معطٍ للزكاة
وآخذ في آن واحد أو لا؟ لأنه في حديث معاذ قسم الناس إلى
قسمين: أغنياء تؤخذ منهم الزكاة، فقراء يعطون الزكاة، فهل
نقول: إن هناك من الناس من يأخذ ويعطي في آن واحد؟ تؤخذ من
أغنيائهم، فالذي يزكي غني، والغني لا تحل له الزكاة، فإذا
أخذنا منه الزكاة وصفناه بأنه غني، والأصل أن الغني لا
يأخذ الزكاة، تؤخذ منه ولا يأخذ، فهل نقول: إن هذا الشخص
الذي عنده ثمانمائة ريال، ويحتاج إلى ألفين مصروف نأخذ منه
عشرين ريال، ونعطيه ألف ومائتين؟ لا، مسألة الوقت وغيره،
يعني المسألة هل يمكن أن نصف الشخص بأنه غني فقير في آن
واحد؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
خلنا بما نحن فيه، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول:
((تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) فالذي تؤخذ منه
الزكاة غني، بالنص غني، فهل نقول: إنه له أن يأخذ وهو غني،
أو إذا أخذنا من الزكاة غني في حال دفع الزكاة، ثم ينقلب
بعد ساعة إلى فقير؟ إذا أخذنا منه عشرين ريال من
الثمانمائة انتقل إلى فقير يأخذ الزكاة؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أظنكم، ما فهمتم قصدي من طرح الإشكال، النص يدل على أن
الناس أحد اثنين: غني يدفع الزكاة، فقير يأخذ الزكاة، ولا
واسطة، فكيف نقول لشخص: إنه يدفع ويأخذ؟ فإما أن نعطيه أو
نأخذ منه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(49/17)
الحديث جرى على الغالب، ولا يمنع أن تكون
هناك حاجة قائمة مع وجود نصاب حال عليه الحول، لكن قد يقول
قائل: وهذا متصور، يمكن تبي تقوله أنت، نعم، كيف تبي تمكث
عنده هذه الثمانمائة لمدة سنة فيحول عليها الحول ويحتاج
إلى ألفين شهري؟ نعم؟ أو دين في ذمة شخص، ثم سلمه إياها،
يعني المسألة متصورة، لكن يعني ما يمكن أن تبقى الثمانمائة
لمدة سنة، نعم، ومع ذلك يأخذ، افترض هذا في امرأة عندها
حلي تجب فيها الزكاة عند من يقول بوجوب زكاة الحلي، نعم،
تزكي الحلي وتأخذ من الزكاة، وهذا لا إشكال فيه، إنما يرد
الإشكال من الوصف، الوصف بالغنى والفقر معروف أنه أمر
نسبي؛ لأنه الآن اللي عنده ثمانمائة فقير، قد يكون في وقت
من الأوقات من أصحاب الأموال، الثروات، من أصحاب الدثور،
اللي عنده ثمانمائة، نعم.
"قال مالك: "ليس في عشرين ديناراً ناقصة بينة النقصان
زكاة؛ لعدم بلوغ النصاب" قد يقول قائل: كيف تكون عشرين
وتكون ناقصة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، يعني نقص وزنها، أو نقصت بالغش مثلاً، بل هناك دراهم
صحاح، ودراهم مكسرة، يعني معروفة عندهم، نعم، شخص عنده
عشرين دينار إحدى عشر جنيه، وأربعة أسباع الجنيه عيار ستة
عشر، نعم، عيار ستة عشر، عليه زكاة وإلا ما عليه زكاة؟
عيار أربعة وعشرين ناهي، وما دونه ينقص بحسبه، ويأتي في
كلام مالك أن هذه الدراهم التي نقصها لا أثر له في السوق،
وإن كانت ناقصة، تنفق، يعني في السوق، تمشي مشي التامة،
هذا لا أثر له على النقص، لكن إذا كان نقص بين، عيار أقل
من ستة عشر، بالعيار اثني عشر مثلاً، الدينار عن نصف
دينار، مثل هذا مؤثر في الزكاة.
يقول: "ليس في عشرين ديناراً ناقصة بينة النقصان" يعني نقص
عيار واحد مثلاً ما يضر، لكن أكثر من ذلك، بحيث يعتبرها
أصحاب الذهب معيبة فمثل هذه النقص مؤثر.
(49/18)
"ليس في عشرين ديناراً ناقصة بينة النقصان
زكاة؛ لعدم بلوغ النصاب" لأن المسألة مسألة الكلام كله على
الصافي، يعني لو وجد كسر ذهب مثلاً، المقصود بمجموعها
بوزنها "فإن زادت حتى تبلغ بزيادتها عشرين ديناراً وازنة
ففيها الزكاة" يعني اعتبر مثلاً شخص عنده إحدى عشر جنيه،
وأربعة أسباع الجنيه من عيار ستة عشر، إذا نسبناها إلى
عيار أربعة وعشرين قلنا: ناقصة، لو افترضنا أنها عيار اثنا
عشر احتجنا إلى أن نضاعف العدد لنوجب الزكاة.
"وليس فيما دون" يعني أقل "من عشرين ديناراً عيناً الزكاة"
النصاب عشرين دينار، وفيها نصف دينار، في العشرين النصف،
لكن لو أخرج دينار كامل، فما الواجب عليه؟ ما الواجب عليه؟
شخص عنده عشرين دينار، فقال: هذا الدينار زكاة، هل نقول:
إن النصف واجب، والنصف الثاني صدقة مستحبة؟ أو نقول: الكل
واجب؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما عنده إلا عشرين، وهذا ترى يا إخوان هذا مثلوا به في
الروضة -روضة الناظر- لمسألة من أهم المسائل، الزيادة على
القدر الواجب إن كانت متميزة بنفسها أو غير متميزة كمن أدى
ديناراً عن عشرين، بالروضة مثال، تصير واجبة وإلا مندوبة؟
يعني فرق بين من يدفع صاع مكيس زكاة فطر، ثم يدفع ثاني
مثله مكيس، الثاني ندب اتفاقاً، لكن لو جاء بكيس مثلاً
كامل، يسع خمسة عشر صاع، وهو فرد واحد، وقال: هذه زكاة
فطر، واجبة عليه وإلا الواجب عليه صاع؟ غير متميز هذا، إذا
كان متميز هذا ما في إشكال، لكن هذه غير متميزة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(49/19)
نعم، قاعدة، قاعدة حتى ذكرها ابن رجب
وغيره، قاعدة مهمة من قواعد الفقه، ولها فروع، يعني اخرج
كيس زكاة فطر، ثم سرق ها الكيس قبل أن يسلمه الفقير بتفريط
منه، يلزمه صاع وإلا يلزمه كيس؟ وراه يلزمه صاع؟ ما هو
بالواجب عليه ها الكيس؟ يا إخوان لا نحكم بآرائنا، وعندنا
قواعد منتظمة ومرتبة عند العلماء، يعني فرط في مال وجب
عليه لفقير، هم يفرقون بين الزيادة المتميزة بنفسها،
والزيادة غير المتميزة، ولذلك الحنابلة ما يرد عليهم مشكلة
في كون الإمام إذا أطال الركوع عن القدر الواجب ثم لحق به
آخر، يعني مسبوق، وأدرك الركوع بعد مضي الوقت الواجب عليه،
وهم لا يجيزون المتنفل خلف المفترض، يقولون: كله واجب
الركوع؛ لأنه زيادة غير متميزة بنفسها، وهذا من فروع هذه
القاعدة، لا نذر ولا لفظ، ولا قال: لله علي، ولا شيء، قال:
بدل ما أدفع صاع، وأنا الحمد لله الكيس كله بمائة ريال
ندفعه كامل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إن كان تبي تراجعونها أعدناها بكرة وإلا، ما ينفع يا
الإخوان نجي فارغين، وسم.
طالب:. . . . . . . . .
يعني زيادة غير متميزة واجبة، هل تلزم الصدقة قبل القبض؟
إذا قلنا: ليست بواجبة وإن قلنا: واجبة خلاص يضمن الواجب
بواجب، ضمان الجميع واجب عليه إن قلنا: واجبة، تبحثونها يا
الإخوان وإلا ما تبحثونها؟ يعني. . . . . . . . .
يا إخوان العلم ترون يحتاج، مترابط ما ينفك بعضه عن بعض،
القواعد التي يقعدها أهل العلم ويفرعون عليها ترى ما جاءت
من فراغ، أقول: نحتاج إلى أن نأخذ العلم بجميع فروعه،
والقواعد التي قعدها أهل العلم هي مأخوذة من النصوص، وهي
تضبط لطالب العلم فقهه، أما إذا كان ما يأوي إلى أصل، ولا
إلى قاعدة كيف يتفقه؟ خلافاً لمن يقول: نحن نريد نخرج
محدثين، ولا نريد أن نخرج متكلمين، يعني جعلوا كل ما يتعلق
بالفقه والقواعد الأصولية والفقهية، وأصول الفقه كلها من
صنيع المتكلمين، ولقائل أن يقول: أنت تريد أن تخرج ظاهرية
ولا تريد أن تخرج فقهاء.
(49/20)
على كل حال الأصل والأساس هو الكتاب
والسنة، لكن طالب العلم بحاجة ماسة إلى ما يحسن به التعامل
مع نصوص الكتاب والسنة، وإلا ما يختلف أحد أن الكتاب
والسنة هما المصادر التي لا ثالث لهما إلا ما دل الدليل
على اعتباره كالقياس مثلاً، والإجماع، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
في باب من أبواب كتاب الزكاة، الزكاة في العين من الذهب
والورق، انتهينا من الأحاديث، ثم بعد ذلك يقول الإمام مالك
-رحمه الله تعالى-:
"السنة التي لا اختلاف فيها عندنا" يعني بالمدينة "أن
الزكاة تجب في عشرين ديناراً عيناً، كما تجب في مائتي
درهم" هذا نصاب الذهب، وهذا نصاب الفضة، وجاءت بذلك السنة
الصحيحة، وبهذا قال جمهور العلماء، وقال طائفة منهم: لا
زكاة في الذهب حتى يبلغ صرفه مائتي درهم، فهؤلاء يجعلون
الأصل الفضة، والذهب يرد إليها، لكن جاءت النصوص الصحيحة
ما يجعل الذهب أصل قائم بذاته، برأسه، ولا يحتاج إلى رد
إلى الفضة، المسألة إذا كان صرف العشرين الدينار مائتي
درهم من الفضة، بأن كان الدينار بعشرة دراهم، هذا لا إشكال
فيه، يتفقون على أن الذهب فيه الزكاة، لكن إذا كان صرف
الدينار ثمانية دراهم مثلاً، فالعشرين الدينار تعادل مائة
وستين درهم، عند الجمهور فيها الزكاة؛ لأنها بلغت نصاب
الذهب، وعلى هذا القول الذي يرد الذهب إلى الفضة لا زكاة
فيها، حتى تبلغ مائتي درهم، وذلك نظير ما اختلفوا فيه من
نصاب القطع في السرقة، ثلاثة دراهم أو ربع دينار، إذا بلغت
قيمة المسروق ربع دينار قطع، إذا بلغت قيمة المسروق ثلاثة
درهم قطعت، منهم من يقول: لا يقطع في الذهب حتى يبلغ الربع
ثلاثة دراهم، على كل حال قول الجمهور واضح، والسنة الصحيحة
الصريحة واضحة في هذا، فالذهب أصل، ولو قيل: إنه هو الأصل
لما بعد.
(49/21)
"قال مالك: ليس في عشرين ديناراً ناقصة
بينة النقصان زكاة؛ لعدم بلوغ النصاب" كيف تصير عشرين
وتصير ناقصة؟ ناقصة يمكن تصير تسعة عشر، ثمانية عشر، سبعة
عشر، أما عشرين ناقصة، لو قلت: اقترضت من فلان ألف ريال،
واعترفت بهذا، ثم بعد هذا جاء للمطالبة، فقلت: لا، أنا ما
عندي له ألف، صحيح أنا اقترضت منه ألف لكنها ناقصة، ويش
معنى ناقصة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل يتصور في العملات الجديدة النقص؟ نعم؟ لا يتصور،
الريال ريال، سواءً كان نظيف جديد، وإلا خلق، وإلا مقطوع
من طرفه، وإلا من وسطه، المقصود أنه ما دام معتبر فيه
الأرقام المطلوبة هو ريال، بينما الذهب والفضة يعتبر
نقصها، بأن تكون مكسرة، أو عيارها ضعيف، يعني إذا بلغت
عشرين دينار نعم الوزن كامل، لكن العيار بدل ما هو ثمانية
عشر، أو واحد وعشرين، أو أربعة وعشرين، عيار اثنا عشر،
فيها زكاة وإلا ما فيها زكاة؟ ما فيها زكاة؛ لأنها ما هي
معتبرة، ناقصة، فالعبرة بالدينار الكامل المعتبر ويتصور
نقصه في الوزن أيضاً؛ لأنهم يعتبرون في العملات الوزن،
الذهب والفضة مردها إلى الوزن، ولذا يقول: "ليس في عشرين
ديناراً ناقصة بينة النقصان" يعني الشيء اليسير يتجاوز
عنه، لكن إذا كان نقصها بيناً بحيث لا تنفق في الأسواق
فإنه ليس فيها زكاة؛ لعدم بلوغها النصاب.
(49/22)
"فإن زادت حتى تبلغ بزيادتها عشرين
ديناراً" يعني إذا اعتبرنا الذهب المعتبر عيار واحد وعشرين
مثلاً، عيار ثمانية عشر يمشي في الأسواق، لكن أقل من ذلك
ما يمشي، فإذا تصورنا أن العشرين من عيار اثنا عشر لا بد
أن يزاد في القدر حتى تبلغ أربعة وعشرين دينار، خمسة
وعشرين دينار؛ لتساوي العشرين من الصحاح "وليس فيما دون
عشرين ديناراً عيناً الزكاة" يعني أقل من عشرين ليس فيها
زكاة، وهو مفهوم الحديث "وليس في مائتي درهم ناقصة بينة
النقصان زكاة" يعني مثلما قيل في الذهب "فإن زادت حتى تبلغ
بزيادتها مائتي درهم وافية ففيها الزكاة" يعني افترضنا
أنها مائتان وأربعون مثلاً، وهي تعادل العشرين الصحاح يكون
فيها الزكاة "فإن كانت تجوز بجواز الوازنة" يعني تنفق في
الأسواق وتقبل، يباع بها ويشترى، كما يباع بالكاملة "فإن
كانت تجوز بجواز الوازنة رأيت فيها الزكاة" جوازها في
الأسواق، وقبول الناس لها يدل على أن النقص يسير مما
يتعافاه الناس بينهم "رأيت فيها الزكاة دنانير كانت أو
دراهم" أما إذا كان نقصها بيناً بحيث لا يقبلها الناس في
أسواقهم فإنها لا بد أن تعادل بالصحاح فيزاد فيها.
(49/23)
"قال مالك في رجل كانت عنده ستون ومائة
درهم وازنة، وصرف الدراهم ببلده ثمانية دراهم بدينار: إنها
لا تجب فيها الزكاة" يعني عنده مائة وستين والدينار ثمانية
دراهم، إذاً المائة والستين كم تعادل من دينار؟ عشرين،
والعشرين من الذهب فيها زكاة، المائة والستين من الفضة
فيها زكاة؟ يعني لو اعتبرنا الأصل الذهب، ورددنا الفضة
إليه قلنا: فيها الزكاة، لكن إذا قلنا: إن الذهب أصل قائم
برأسه، والفضة أصل قائم برأسه، فإنه ليس فيها زكاة حتى
تبلغ مائتي درهم، ولو زادت قيمتها على عشرين ديناراً
"وإنما تجب الزكاة في عشرين ديناراً عيناً أو مائتي درهم"
بغض النظر عن مقارنة أحدهما بالآخر؛ لأن المال إنما يعتبر
بنصاب نفسه لا بمقارنته بغيره؛ لأننا لو نظرنا إلى نصاب
الذهب والفضة في الوقت الحاضر مثلاً لرأينا أن الذهب نصابه
أضعاف بالعملات الحاضرة، أضعاف نصاب الفضة، يعني في وقت
التشريع متقارب، الدينار عشرة، معدل عشرة، يزيد إلى اثنا
عشر، ينقص إلى ثمانية، متقارب، لكن الآن الذهب فوق، بكثير،
يعني إذا قلنا مثلاً: نصاب الذهب عشرين مثقال، عشرين
دينار، إحدى عشر جنيه، وأربعة أسباع الجنيه، الجنيه بكم؟
ثلاثمائة وخمسين، إذاً النصاب كم؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
أكثر من أربعة آلاف، وإذا نظرنا إلى الفضة، الفضة نصابها
بالريال العربي، الفضة ستة وخمسين، والستة والخمسين قيمة
الواحد الريال العربي الفضة عشرة، اثنا عشرة، خمسة عشر، كم
تصل؟ يعني تصل سبعمائة ريال، فرق كبير، فالمنظور إليه بلوغ
المزكى نصابه من غير نظر إلى غيره.
طيب زكاة الزروع حتى تبلغ خمسة أوسق، يعني ثلاثمائة صاع،
ثلاثمائة صاع من بعض الأنواع الصاع بكم؟ التمر بعضه يصل
الكيلو إلى مائة، والصاع من التمر قل: كيلوين ونصف مثلاً،
مائتين وخمسين في ثلاثمائة، أرقام لا تقارن بنصاب ذهب ولا
فضة، المقصود أن الشرع حدد الأنصبة من الأنواع، وكل نوع
أصل قائم برأسه، فلا يرد الذهب إلى الفضة، ولا ترد الفضة
إلى الذهب، نعم.
(49/24)
"قال مالك في رجل كانت له خمسة دنانير"
مثلاً، خمسة دنانير النصاب عشرون، هذا ربع نصاب "من فائدة
أو غيرها فتجر فيها فلم يأتِ الحول حتى بلغت ما تجب فيه
الزكاة: إنه يزكيها" انتبهوا يا الإخوان، يقول: رجل كانت
له خمسة دنانير ليس فيها زكاة، فتجر فيها ما حال عليها
الحول إلا وهي عشرون دينار، نصاب، يزكي وإلا ما يزكي؟ أو
الحول يحسب من اكتمال النصاب؟ الأصل من كونه خمسة أو من
اكتمال النصاب؟ نسمع كلام الإمام مالك.
"في رجل كانت له خمسة دنانير من فائدة أو غيرها فتجر فيها
فلم يأت الحول حتى بلغت ما تجب فيه الزكاة" يعني وصلت عند
رأس الحول عشرين دينار، يقول: ففيها الزكاة، أنه يزكيها؛
لأن العبرة في بلوغ النصاب عند حلول الحول "إنه يزكيها،
وإن لم تتم إلا قبل أن يحول عليها الحول بيوم واحد، أو بعد
ما يحول عليها الحول بيوم واحد، ثم لا زكاة فيها حتى يحول
عليها الحول من يوم زكيت" يعني زكيت أول مرة خلاص تستقر،
تزكى مرة ثانية عند تمام الحول.
(49/25)
لا شك أن أهل العلم يقولون: إن ربح التجارة
حكمه حكم الأصل، لكن استمر عشرة أشهر ما عنده نصاب، ثم بعد
العشرة أشهر اكتمل النصاب، يعني شخص ملك خمسة دنانير في
محرم، في شوال خمسة دنانير هي، افترض أنها في صفر صارت
ستة، في رجب صارت سبعة، في شعبان صارت ثمانية، في رمضان
صارت تسعة، يعني على ماشي الأشهر، نعم، وهكذا في القعدة
مثلاً صارت عشرين، الآن الحول من محرم وإلا من القعدة على
كلام مالك؟ من محرم، إذا جاء محرم يزكي ما عنده من مال،
يعني لو وصلت ثلاثين في محرم يزكي ثلاثين، وعامة أهل العلم
على أن ربح التجارة له حكم الأصل، ما يستقبل به حول جديد،
لكن متى يبدأ حساب الحول، هل هو من الملك وإن قل المملوك،
أو هو من تمام الحول؟ الإمام مالك يرى أنه من بداية الملك،
يحسب حول هذا المال من بداية الملك، ثم بعد ذلك ينظر فيه
بعد تمام الحول إن كان نصاباً زكي وإلا فلا، والأكثر على
أنه لا يعتبر قبل اكتمال النصاب، فإذا اكتمل النصاب حسب له
حول من جديد، ثم بعد ذلك هو الآن في محرم ملك خمسة دنانير،
في القعدة صارت عشرين دينار، من القعدة يحسب، لكن القعدة
الثانية صارت خمسين دينار، يزكي العشرين التي حال عليها
الحول أو يزكي الخمسين؟ يزكي الخمسين، يزكي الخمسين؛ لأن
ربح التجارة حكمه حكم أصله كنتاج السائمة.
منهم من قال: يستأنف بالربح حول جديد، يعني مثل المكتسبات
المتجددة كالرواتب مثلاً، شخص توظف في محرم وفي آخر الشهر
صرف له الراتب وفيه الزكاة، صرف نصف الراتب وبقي نصفه،
وصفر كذلك صرف نصفه وبقي نصفه، لما انتهى محرم القادم حال
الحول على ما بقي من راتب محرم الأول، نفترض أنه بقي من
راتب محرم ألفين ريال، ومن راتب صفر ألفين ريال، ومن راتب
كل شهر ألفين ريال، حازم الرجل، مقرر أنه يوفر من كل شهر
ألفين وبالفعل نفذ، في نهاية محرم من السنة القادمة ينظر
في حسابه، فإذا فيه أربعة وعشرين ألف، يزكي الأربعة
والعشرين وإلا يزكي الألفين التي حال عليها الحول؟ نعم؟
على كلام من؟
طالب:. . . . . . . . .
(49/26)
نعم على رأي مالك، يعني هو مقتضى كلام
مالك، لكن كلام مالك منصب على ما إذا كانت الأرباح مبنية
على المال الأول، هذه الخمسة الدنانير التي وصلت النصاب مع
تمام الحول ما كسبه هو بسبب الخمسة، لكن الدراهم التي
يكسبها في كل شهر على حدة مستقلة، كل مبلغ مستقل، فلا يدخل
في كلام الإمام مالك، ولذا لا يقول أحد من أهل العلم: إن
زكاة ما يكسبه فيما بعد هو زكاة ما حال عليه الحول الأصلي؛
لأنه ليس من نمائه، وإنما هو مال متجدد من غيره، وحينئذٍ
في نهاية محرم يزكي الألفين، في نهاية صفر يزكي الألفين،
في نهاية ربيع ... إلى آخره، في نهاية كل شهر يزكي ما توفر
عنده في نظيره من السنة الماضية، لكن بعض الناس ما يقرر
رقم معين، يأخذ من الراتب ويصرف، ويبقى منه شيء، ما يدري
كم بقي؟ ثم بقي من صفر يضيفه إليه، في النهاية، في نهاية
محرم وجد أنه موفر عشرة آلاف من السنة الجايئة، من رواتبه
المجموع عشرة آلاف، كم وفرت من محرم الأول؟ قال: والله ما
أدري، من صفر؟ ما أدري، ويش يزكي مثل هذا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو بين أمرين: إن كان يريد أن يحدد أمره، ويزكي كل مال في
وقته، مثل هذا لا بد يحاسب نفسه، ولا بد أن يحتاط، ويسجل
كل شيء، وأن اتخذ شهر معين في السنة يؤدي فيه زكاة ما حال
عليه الحول وما لم يحل عليه الحول، وغالب الناس زكواتهم في
رمضان، لكن لا يجوز له أن يؤخر من محرم إلى رمضان، من صفر
إلى رمضان، إلى .. ، لا، يجوز له أن يقدم زكاة شوال، وزكاة
القعدة، وزكاة ذي الحجة إلى رمضان الذي قبله، فإذا عجل لا
شيء عليه، وهذا أسلم له، لا سيما إذا كان ما عنده استعداد
أن يضبط أموره، أحياناً أموال طائلة تحصل له فيضطر إلى أن
يجعل محاسب من أجل أن يحسب ما دخل عليه وما خرج، مثل هذا
الذي لا يتمكن من ضبط الأمور، وتقرير كل شهر بعينه، يتعجل،
ويجعل له شهر في السنة يؤدي فيه زكاة ما حال عليه الحول،
وما لم يحل عليه الحول.
(49/27)
لذا يكثر السؤال عن زكاة الرواتب، عن زكاة
الديون التي في ذمم الناس، الأقساط التي تحل تباعاً ما تحل
في وقت واحد، وهكذا، فإن كان على استعداد أن يحسب بدقة ما
توفر لديه من كل شهر يزكيه إذا حال عليه، إذا كان ما عنده
استعداد يحسب بدقة هذا يتعجل.
يقول: "قال مالك في رجل كانت له عشرة دنانير فتجر فيها
فحال عليها الحول، وقد بلغت عشرين ديناراً: إنه يزكيها
مكانها، ولا ينتظر بها أن يحول عليها الحول" مثل ما تقدم،
أنه لا ينتظر أن يحول عليه الحول، وإن كان أصلها لم يبلغ
النصاب، ولا ينتظر بها أن يحول عليها الحول من يوم بلغت ما
تجب فيه الزكاة، وهو العشرون، وهذا ظاهر من كلامه الأول؛
لأن الحول قد حال عليها، يعني على أصلها، حال عليها وهي
عنده عشرون، يعني الأصل مع الربح بلغ العشرين "ثم إنه لا
زكاة فيها حتى يحول عليها الحول" يعني الثاني "من يوم
زكيت".
قال مالك -رحمه الله تعالى-: "الأمر المجتمع عليه عندنا"
يعني بالمدينة "في إجازة العبيد، وخراجهم" إجازة العبيد،
أو إجارة؟
طالب:. . . . . . . . .
إجارة العبيد، نعم "إجارة العبيد، وخراجهم، وكراء المساكن"
ويش قال عندكم؟
طالب:. . . . . . . . .
مساكين؟
طالب:. . . . . . . . .
مسكن، مثل مسجد، مساجد تجي مساجيد؟ مفتاح مفاتح ومفاتيح،
مسند مساند ومسانيد، مرسل مراسل ومراسيل، وهنا مساكن
ومساكين، يعني صيغة منتهى الجموع، لكن جمعه على هذا يوقع
في لبس، كراء المساكين هل يفهم من السامع أنه كراء
المساكن؟ ويجوز جمعه على مفاعل ومفاعيل، صيغة منتهى
الجموع، أو يظن السامع أنه جمع مسكين؟ {إِنَّمَا
الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ} [(60) سورة
التوبة] ثم بعد ذلك كيف كراؤهم؟ تجارة العبيد؟
طالب:. . . . . . . . .
(49/28)
يعني التجارة هذه عروض باعتبار العبيد عروض
تجارة، تأتي زكاة العروض، لكن الكلام على إجارة العبيد
وخراجهم، إجارة العبيد شخص له عبيد يؤجرهم، يعملون عند
الناس، وخراجهم إذا جعل على كل واحد منهم مبلغ معين، وقال
له: اذهب واشتغل وهات لي هذا المبلغ، مثل اللموزينات، لا
بس عاد العمالة حكمها يختلف، العمالة حكمها يختلف، يعني
الحكم الأصلي هل يجوز وإلا ما يجوز؟ مثل اللموزين، شركة
لومزين تعطي سيارات تقول: هات لنا مائة وخمسين ومائتين
اليوم، والباقي لك.
طالب:. . . . . . . . .
أيه.
طالب:. . . . . . . . .
يعني الحول الثاني، ما هو بالحول الأول، الحول الأول من
أصل المال، ولو لم يبلغ نصاب، ثم إذا زكاه أول مرة يزكيه
بنظيره من اليوم، أي يوم نظير هذا من السنة القادمة.
(49/29)
هنا يقول: "الأمر المجتمع عليه عندنا" يعني
في المدينة "في إجارة العبيد وخراجهم" لأنه لو قلنا:
إجازتهم صار مثل خراجهم "وكراء المساكن -أو المساكين-
وكتابة المكاتب أنه لا تجب في شيء من ذلك الزكاة، قل ذلك
أو كثر حتى يحول عليه الحول من يوم يقبضه صاحبه وهو نصاب"
لأنه فوائد متجددة، لا عن مال فيستقبل به حول جديد، يعني
إجارة العبيد كونه يأتي كل شهر لسيده بمبلغ معين يزكي هذا
المبلغ إذا حال عليه الحول، فالشهر الثاني، مثلما نظرنا
سابقاً الموظف، كل هذه مثل الموظف، مثل صنيع الموظف حتى
عند مالك، مو قلنا: إن في شخص التزم أن يوفر من كل شهر
ألفين، وفي النهاية وبعد حولان الحول بلغ المجموع أربعة
وعشرين ألف، وقلنا: إنه حتى عند مالك ما يزكي الأربعة
والعشرين، إنما يزكي الألفين التي حال عليها الحول، لماذا؟
لأن الأربعة والعشرين ليس سببها أصل المال، إنما هو مال
متجدد لا ارتباط له بالمال الأول، وهنا ما ذكر من هذا
النوع، ما ذكر هنا في إجارة العبيد، يعني أجرة الشهر الأول
تزكى في وقتها، أجرة الثاني تزكى في وقتها إذا حال عليها
الحول وهكذا؛ لأن أجرة الشهر الثاني ليست ناتجة عن أجرة
الشهر الأول، هذا هو سبب الفرق بين المسألتين عندهم، حتى
من يوم يقبض صاحبه، ويشترط حينئذٍ أن تبلغ النصاب، يعني
أجرة الشهر الأول إذا ما بلغت النصاب ما فيها زكاة، إلا من
بلوغ النصاب، بحيث تضم إلى أجرة الشهر الثاني، فتزكى مع
أجرة الشهر الثاني، عرفنا الفرق؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه احتمال أنه يجوز جمعه، صيغة منتهى الجموع، لكن
باعتبارها توقع في لبس ما تجمع على هذا، ما تجمع على هذا
لئلا يظن أنها جمع مسكين، نعم، وبعدين كيف كراء المساكين؟
المساكين وإن كانوا أحرار، أولاً إن كانت الأجرة لهم وتبلغ
نصاب ما صاروا مساكين، ارتفع عنهم الوصف، نعم، ولا يتصور
أن يؤجرهم غيرهم، ما يتصور، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(49/30)
في المقابل، يعني مثل، يعني جيء بعمال
مثلاً، مؤسسة جابت مائة عامل، على أن تكون رواتبهم
بالاتفاق بينهم، والمسلمون على شروطهم، الراتب ألف ريال
مثلاً، فالمؤسسة وزعت هؤلاء العمال على المحلات التجارية،
وزادت على المحل، يعني هذا ظاهر في مكاتب الاستقدام
للعاملات، الشغالات يجيبونهم على أساس أن الراتب ستمائة
وتبقى هذه العاملة على كفالتهم، فإذا جاء ظرف من الظروف في
بيت من البيوت قالوا: الشهر بألفين حال ولادة مثلاً، وهذا
البيت ما هي بعاملة على طول السنة يبيها لمدة شهر، قالوا:
بألفين، القدر الزائد عن الستمائة لمن؟ لصاحب العمل، هذا
شرعي وإلا ما هو شرعي؟ يعني صاحب العمل مقابل إيش يأخذ
الألف وأربعمائة؟
طالب: استقدامها من بلدها، الطيران، والمدرسة.
أما مجرد كونه يستقدم ويؤتى به هنا، ويدشر في الأسواق
مثلما يفعله بعض المؤسسات، هذا لا، هذا لا يجيزه لا شرع
ولا نظام، هذه أخذ أجرة بغير مقابل، والمسألة الغنم مع
الغرم، هو إذا كان منه عمل مقابل ما يأخذه فلا بأس، لكن
...
طالب:. . . . . . . . .
مثل الذي ذكرنا.
طالب: لا، أنا عندي مؤسسة مقاولات. . . . . . . . .
أنت اتفقت معهم، المسلمون على شروطهم.
طالب: اتفقت معهم بأنه يعمل خادم وين ما كان؟ أو يعمل في
أي محل، راتبه مضمون مننا. . . . . . . . . تبي سواق، تبي
خادم، تبي .... هذا مبتلى بالسؤال عنه كثيراً.
إيه هذه مسائل واقعية بعضهم يأتي العمال ...
طالب:. . . . . . . . .
هو إذا كان يدفع رواتبهم شيء، وإذا كان لا، دشرهم في
الأسواق، وقال: اشتغلوا وادفعوا لي، كل واحد يدفع مقابل
الكفالة، ألف، أكثر، أقل، هذا ما يجوز أبداً.
طالب: لكن القصد أنه يكون حتى في غير فترة العمل. . . . .
. . . .
ولا يكلفهم من العمل بما لا يطيقون، ولا أكثر من المتفق
عليه، وإلا إذا كان الأمر هكذا لا بأس.
طالب: لكن هل يملك الإنسان أن يؤجر بدنه ....
إيه يملك، يملك إيه، يملك، يعني المسكين هو الذي يؤجر
نفسه، لكن الكسب له، يعني أنت تريد أنه هل هو من الإضافة
إلى الفاعل أو الإضافة إلى المفعول؟ يعني هل المسكين مؤجِر
أو مؤجَر؟ نعم؟ مؤجَر، من الذي أجره؟ وأجرته لمن؟
طالب:. . . . . . . . .
(49/31)
والله هي أصل المسألة الذي يظهر أنها ... ؛
لأنهم ما عندهم، هم ما كانوا يؤجرون الأحرار، يؤجرون
العبيد وهذا تقدمت، مذكورة، والذي يظهر أن المقصود إجارة
المساكن، هذه المساكن التي تؤجر في اليوم أو في الشهر لا
شك أنها تحتاج إلى ضبط وإتقان للأجرة متى دخلت؟ ومتى يحول
عليها الحول؟ وهكذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال الغرر معروف، وحكمه أيضاً الشرعي معروف، وتكليف
العامل ما لا يطيق أيضاً ليس بوارد أصلاً، نعم إذا اشترط
عليه، وتوقع أن العمل مما يطاق، ثم تبين أنه لا يطاق هذا
بلا شك أنه يحتاج إلى إعادة نظر في العقد.
لكن أحياناً العامل يكون هو المتضرر، وفي بعض الأحيان يكون
الكفيل هو المتضرر ...
(49/32)
شرح: الموطأ –
كتاب الزكاة (2)
باب الزكاة في المعادن - باب زكاة الركاز - باب ما لا زكاة
فيه من الحلي والتبر والعنبر
الشيخ: عبد الكريم الخضير
لكن أحياناً يكون العامل هو المتضرر، وفي بعض الأحيان يكون
الكفيل هو المتضرر، لكن إذا كان مسكين وأجر نفسه، وقبض مال
الأجرة، وقلنا: تجب عليك الزكاة، يتسمر وصف المسكنة؟ مثل
هذا ما يدخل في هذه الأبواب؛ لأن ما نوجب عليه الزكاة.
طالب:. . . . . . . . .
أصلاً مثل هذا منتفي؛ لعدم وجود المال.
طالب: لعدم وجود المسكنة.
إيه.
يقول: "وقال مالك في الذهب والورق يكون بين الشركاء إن من
بلغت حصته منهم عشرين ديناراً عيناً أو مائتي درهم فعليه
فيها الزكاة، ومن نقصت حصته عما تجب فيه الزكاة فلا زكاة
عليه، وإن بلغت حصصهم جميعاً ما تجب فيه الزكاة، وإن كان
بعضهم في ذلك أفضل نصيباً من بعض" الشيخ الإمام -رحمة الله
عليه- يريد أن يفرق بين تأثير الخلطة في بهيمة الأنعام،
وبين تأثيرها في بقية الأموال، يعني لو شخص عنده عشرين رأس
من الغنم، والثاني عنده عشرين وبلغت أربعين من الغنم، فيها
زكاة وإلا ما فيها زكاة؟
طالب:. . . . . . . . .
وراه؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن خلطاء، شركاء، هذولا شركاء، شركاء يعني الخلطة ما تؤثر
في المواشي؟
طالب:. . . . . . . . .
(50/1)
سبحان الله، نقول: خلطة، الخلطة ما تؤثر في
المواشي؟ تؤثر، تؤثر في المواشي، تؤثر، ففيها الزكاة، لكن
لو قدر، ولذلك لا يجوز للخليطين إذا جاء الساعي أن يفترقا،
لا جمع ولا تفريق خشية الصدقة، بينما الأموال إذا كان لهذا
مبلغ لا يصل النصاب، وذاك مبلغ لا يصل النصاب فإنه لا زكاة
على واحد منهما، ولذا يقول: في الذهب والورق يكون بين
الشركاء أن من بلغت حصته منهم عشرين مثقالاً عيناً أو
مائتي درهم فعليه فيها الزكاة، ومن نقصت حصته عما تجب فيه
الزكاة فلا زكاة عليه، واحد عنده عشرين وواحد عنده خمسة
عشر، هذا عليه زكاة وهذا لا زكاة عليه "وإن بلغت حصصهم
جميعاً ما تجب فيه الزكاة، وإن كان بعضهم في ذلك أفضل
نصيباً من بعض" بأن كان لواحد نصاب وآخر نصابان مثلاً
حينئذٍ يؤخذ من كل واحد منهما بقدر حصته، يقول: "أخذ من كل
إنسان منهم بقدر حصته" هذا عنده نصاب عشرين، وهذا عنده
نصابين أربعين، من الأربعين يؤخذ دينار، ومن العشرين يؤخذ
نصف دينار، كل بقدر حصته، إذا كان في حصة كل إنسان منهم ما
تجب فيه الزكاة، لكن لو كان واحد حصته تبلغ النصاب،
والثاني: لا تبلغ النصاب، هذا عليه الزكاة، وذاك لا زكاة
عليه، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس
فيما دون خمس أواق من الورق صدقة)) فلم يفرق بين الشركاء
وغيرهم، فاقتضى أنه إنما يعتبر ملك كل واحد على حده، يعني
بخلاف بهيمة الأنعام، فإن الخلطة مؤثرة.
قال مالك: "وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك، وذلك أن عمر
والحسن والشعبي قالوا: أن الشركاء في العين والماشية
والزرع إذا لم يعلم أحدهم ماله بعينه أنهم يزكون" جاء هذا
بعشرة وهذا بعشرة، عشرة دنانير، وهذا عشرة دنانير، إذا
نظرنا إلى كل واحد بمفرده لا زكاة عليه، وإذا نظرنا إلى
الجميع قلنا: نصاب، فاشتري بهذه العشرين عرض من عروض
التجارة، هذا عشرة وهذا عشرة، فلما حال عليها الحول قومت
هذه العروض بثلاثين، هل نقول: كل واحد له خمسة عشر فلا
زكاة عليه، أو نقول: إن هذه التجارة نصاب فأكثر فتزكى؟ لا
سيما وأنها ما يدري كل واحد منهم ماله من مال صاحبه،
كالماشية.
(50/2)
يقول: ما رآه الإمام مالك -رحمه الله
تعالى- في الشركاء: "وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك" هذا يدل
على أنه سمع خلاف هذا القول، لكن ما ارتضاه هو أحب إليه من
القول الآخر، يذكر عن عمر والحسن والشعبي قالوا: إن
الشركاء في العين والماشية والزرع إذا لم يعلم أحدهم ماله
بعينه أنهم يزكون زكاة واحدة قياساً على الخلطاء في
الماشية، يعني الآن عندنا كل واحد دفع عشرة دنانير، إذا
نظرنا على كل واحد بمفرده ما دامت دنانير هذا ما فيه خلطة،
الدنانير يمكن تمييزها، لكن اشتروا بهذه الدنانير بضائع،
بقالة، بحيث لا يمكن قسمتها، أو اشتروا سيارة معدة
التجارة، لا يمكن قسمتها هذه خلطة ظاهرة، اشتروا أرض
للتجارة، ثم هذه الأرض لما حال عليها الحول تسوى ثلاثين
دينار، إذا لم يمكن تمييز نصيب كل واحد منهما ففيها الزكاة
كالخلطة في المواشي، هذا ما يراه بعضهم.
"قال مالك: وإذا كانت لرجل ذهب أو ورق متفرقة بأيدي أناس
شتى، فإنه ينبغي له أن يحصيها جميعاً، ثم يخرج ما وجب عليه
من زكاتها" يعني هذا إذا كانت مثلاً قروض عند هذا دينار،
وذاك دينار، وذاك دينارين، وذاك خمسة، وذاك عشرة، تبلغ
النصاب مجموعها، يقول: إذا كانت له ذهب أو ورق متفرقة
بأيدي الناس وهؤلاء أملياء، وليست ديناً في ذممهم لم يحل
أجلها، فإنه يضم بعضها إلى بعض ويزكيها "فإنه ينبغي له أن
يحصيها جميعاً ثم يخرج ما وجب عليه من زكاتها كلها".
"قال مالك: ومن أفاد ذهباً أو ورقاً" يعني بنحو ميراث أو
هبة أو صدقة أو غيرها، يعني ما ملكها بطريق الشراء "لا
زكاة عليه فيها حتى يحول عليها الحول من يوم أفادها، إذ هي
قد تجددت عن غير مال فيستقبل بها حولاً جديداً" شخص ورث
مال من متى يبدأ الحول؟ الآن المورث زكاها قبل وفاته بعشرة
أشهر، ثم مات، قبضها الوارث وبقي على زكاتها لو كان صاحبها
حياً، كم يبقى؟ شهرين، هل نقول: يزكيها بعد شهرين وإلا
ينتظر بها حول جديد بعد قبضها؟ ينتظر حول جديد بعد قبضها،
ولذا يقول: "من أفاد ذهباً أو ورقاً أنه لا زكاة عليه حتى
يحول عليها الحول من يوم أفادها".
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
(50/3)
وأنت إيش ترى؟ أنت ويش ترى؟
طالب:. . . . . . . . .
نقول: تعود هذا الشايب مثلاً صاحب المال أنه يزكي في رمضان
من كل سنة، مات برجب، ما حال عليه الحول ولا زكاة عليه،
مات في رجب، ثم التركة وزعت في شعبان، وكل شخص قبض نصيبه
في شعبان، متى تجب الزكاة؟
طالب:. . . . . . . . .
في شعبان السنة الجايئة، الشايب كان يزكي في رمضان، نقول:
هل يزكون بعد شهر في رمضان باعتبار أن هذا المال حال عليه
الحول ما زكي؟ لا، لا يزكون إلا من حين ملكهم للمال،
انتقال الملك لهم.
طالب: الذي يزكي في رمضان فمرض ودخل في غيبوبة ومات في
شوال هل يزكي؟
إيه تخرج، الأصل يزكي، وجبت في عين المال، عندنا المسألة
مسألة وجوب الزكاة هل هي في عين المال أو في الذمة؟ هل
الزكاة تجب في عين المال أو في الذمة؟ هذه مسألة في قواعد
ابن رجب يقول -رحمه الله تعالى-، اتباعاً للسؤال، يعني من
باب الاتفاق ما هنا شيء مرتب، لكن هو يسأل عن شخص قبل أن
يحول الحول على ماله، ارتفع عنه التكليف بغيبوبة مثلاً،
الغيبوبة إذا طالت حكمها حكم؟ المجنون، والمجنون تجب في
ماله الزكاة وإلا ما تجب؟ تجب الزكاة في ماله، تجب الزكاة
في مال الصبي والمجنون.
استمر في هذه الغيبوبة ستة أشهر ثم مات، هذه الزكاة باقية
في ذمته، والأصل أن تخرج في وقتها، ينوب عنه من ينوب في
إخراجها في وقتها، وهذا بناءً على أن الزكاة واجبة في عين
المال، وفي الذمة إن كانت صالحة.
هذه المسألة التي يقول فيها ابن رجب -رحمه الله تعالى- في
قواعده: الزكاة تجب في عين النصاب أو في ذمة مالكه؟ اختلف
الأصحاب في ذلك على طرق -لأن في قول تجب في عين المال-
أخرجناها من المال ولو كان صاحبها ذا ذمة غير صالحة، افترض
أنه مات مثلاً، يعني بعد حلول الحول مات الرجل، هل نقول:
انقطع التكليف بموته؟ والزكاة تجب في ذمته ولا علاقة للمال
بها؟ اسمعوا؟ يقول: اختلف الأصحاب في ذلك على طرق:
إحداها: أن الزكاة تجب في العين رواية واحدة، وهي طريقة
ابن أبي موسى والقاضي ابن مجرد.
والثانية: أنها تجب في الذمة رواية واحدة، وهي طريقة أبي
الخطاب في الانتصار، وصاحب التخليص متابعة للخرقي.
(50/4)
والثالثة: أنها تجب في الذمة وتتعلق
بالنصاب، وقع ذلك في كلام القاضي وأبي الخطاب وغيرهم، وهي
طريق الشيخ تقي الدين.
والرابعة: أن في المسألة روايتين:
إحداهما: تجب في العين، والثانية: في الذمة، وهي طريقة
كثير من الأصحاب المتأخرين، وفي كلام أبي بكر بن الشافعي
ما يدل على هذه الطريقة.
من فوائد الخلاف في هذه المسألة يقول: لهذا الخلاف فوائد
تظهر في عدد من المسائل:
الأولى: إذا ملك نصاباً واحداً ولم يؤدِ زكاته أحوالاً،
يعني مر عليك خمس سنوات ما زكى، هل نقول: عليك زكاة سنة
واحدة؟
طالب:. . . . . . . . .
لأن المال واحد ما تغير، أو نقول: إنها ثبتت في ذمتك فتزكي
خمس سنوات؟ على القولين، الفائدة الثانية: إذا كلف النصاب
أو بعضه قبل التمكن من أداء الزكاة وبعد تمام الحول، إذا
قلنا: في عين المال، عين المال تلفت، وإذا قلنا: ارتباطها
بالذمة قلنا: تجب فيه الزكاة.
الثالثة: من مات إذا مات وعليه زكاة أو دين، أو ضاقت
التركة عنهما إذا مات وقلنا: إن الزكاة تجب في عين المال،
المال باقي ففيه الزكاة، وإذا قلنا: تجب في الذمة، نقول:
الذمة غير صالحة الآن للمطالبة، فلا تجب الزكاة.
الفائدة الرابعة: إذا كان النصاب مرهوناً، ووجبت فيه
الزكاة، فهل تؤدى زكاته منه؟ منه، إذا قلنا: في عين المال
تجب منه، وإذا قلنا: لها ارتباط في الذمة ما يلزم أن تكون
منه.
الفائدة الخامسة: التصرف في النصاب أو بعضه بعد الحول ببيع
أو غيره، حال عليه الحول بيت معد للتجارة ثم حال عليه
الحول بعد أن حال عليه الحول باعه، إذا قلنا: ارتباطها
بالعين، العين ما هي موجودة، ما لم يكن حيلة، وإذا قلنا:
ارتباطها بالذمة فقد ثبتت الزكاة فعليه أن يؤديها.
الفائدة السادسة: لو كان النصاب غائباً عن مالكه لا يقدر
على الإخراج منه، يخرج على القولين.
الفائدة السابعة: إذا أخرج رب المال زكاة حقه من مال
المضاربة منه فهل يحسب ما أخرجه من رأس المال ونصيبه من
الربح أم من نصيبه من الربح خاصة؟ إذا أخرج رب المال زكاة
حقه من مال المضاربة فهل يحسب ما أخرجه من رأس المال
ونصيبه من الربح أم من نصيبه من الربح خاصة؟ إيش الفرق
بينهما؟ إذا قلنا هذا أو هذا؟ نعم؟
(50/5)
طالب:. . . . . . . . .
مال مضاربة، قال: هذا ألف ريال اشتغل به والربح بيننا، حال
عليه الحول فإذا به ألف ومائتين، لماذا؟ ما يكمل الزكاة،
ما يبلغ النصاب، إيه، في هذه الصورة يبلغ نصاب وإلا ما
يبلغ؟ الآن الألف رأس مال المضاربة هو لزيد، أعطاه عمرو،
قال: ضارب به، ولك نصف الربح، بعد أن حال عليه الحول صار
ألف ومائتين، فصاحب المال له ألف ومائة، والمضارب؟ مائة،
المائة تبلغ النصاب وإلا ما تبلغ؟ ما تبلغ النصاب، إذاً
إذا قلنا: إن الزكاة في عين المال، صاحب المال عليه زكاة
في الأصل، ونصيبه من الربح، ألف ومائة، أو الألف ومائتين
فيها الزكاة؟ باعتبار أن الزكاة متعلقة بعين المال؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن المال بربحه ألف ومائتين، فإذا قلنا: تعلق الزكاة
بعين المال قلنا: ألف ومائتين تزكى، وإذا قلنا: في الذمم،
ذمة من بلغ ماله النصاب صاحب المال يزكي، لكن الثاني ذمته
شافعة، باعتبار أن نصيبه ما بلغ النصاب.
طالب:. . . . . . . . .
والله هو المعمول به على أن لها ارتباط بالذمة، تجب في عين
المال ولها ارتباط بالذمة.
طالب:. . . . . . . . .
بلا شك، بلا شك، وجاء ما يدل على أن الذمة .. ، الذمة هي
الأصل، نعم، الذمة وارتباطها؛ لأنه لو قلنا: إنها تجب في
عين المال، ثم أتلف المال، نعم تلف المال بتفريط منه، يضيع
حق المساكين؟ لا يضمن، كسائر الحقوق، وإذا قلنا: إنه لا
تعلق ولا ارتباط لها بالذمة قلنا: المال تلف ولا عليه شيء،
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
خلطة أو مال؟
طالب:. . . . . . . . .
والله هو اللي يظهر، هو اللي يظهر، إذا كان نصيب أحدهما ما
يبلغ ما عليه زكاة، مثل المضاربة، مثلما قلنا في المضاربة،
هاه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(50/6)
لكن الأموال تمييزها سهل، الأموال في
الجملة ما هي مثل المواشي، إذا توالدت ما تعرف نصيبك من
نصيب غيرك، بينما الأموال تختلف، الشركات في الجملة فيها
الزكوات باعتبار أنها أنصبة ما هو بنصاب، يعني حتى في
الشركات، شركة رأس مالها مليون ريال، واحد له مائة ألف،
والثاني له تسعمائة ألف، ويش نقول؟ الزكاة المليون على
الجميع، اللي هو خمسة وعشرين ألف، هل نقول: كل واحد عليه
اثنا عشر ونصف، وإلا كل واحد بقدر ماله؟ كل واحد بقدر
ماله، إذاً إذا قلنا: كل واحد بقدر ماله قلنا: ماله معين،
إذا كان نصابه من الشركة لا يعادل نصاب، ما عليه زكاة،
بينما في المواشي لو ما له إلا واحدة، والثاني تسعة
وثلاثين عليهما الزكاة.
يعني شخص له سهم واحد في شركة كبيرة، الشركة لما حال الحول
زكت عن جميع المساهمين، وهو ما عليه زكاة إلا بانضمامه إلى
غيره، هل يكلف ويحسم من نصيبه زكاة نصيبه وإلا ما عليه
زكاة أصلاً؟ الأصل أن ما عليه زكاة، حتى يبلغ النصاب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا التزم بهذا المسلمون على شروطهم.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى وآله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين
يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب الزكاة في المعادن:
حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير
واحد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع لبلال بن
الحارث المزني معادن القبلية، وهي من ناحية الفرع، فتلك
المعادن لا يؤخذ منها إلى اليوم إلا الزكاة.
قال مالك -رحمه الله-: أرى -والله أعلم- أنه لا يؤخذ من
المعادن مما يخرج منها شيء حتى يبلغ ما يخرج، حتى يبلغ ما
يخرج منها قدر عشرين ديناراً عيناً، أو مائتي درهم فإذا
بلغ ذلك ففيه الزكاة مكانه، وما زاد على ذلك أخذ بحساب ذلك
ما دام في المعدن نيل، فإذا انقطع عرقه ثم جاء بعد ذلك نيل
فهو مثل الأول، يبتدئ فيه الزكاة كما ابتدأت في الأول.
(50/7)
قال مالك -رحمه الله-: والمعدن بمنزلة
الزرع يؤخذ منه مثل ما يؤخذ من الزرع، يؤخذ منه إذا خرج من
المعدن من يومه ذلك، ولا ينتظر به الحول، كما يؤخذ من
الزرع إذا حصد العشر، ولا ينتظر أن يحول عليه الحول.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب الزكاة في المعادن:
والمعادن: جمع معدن بكسر الدال، من عدن بالمكان إذا أقام
به، وقيل لها ذلك لأنها تعدن، وتقيم بالمكان الذي تستنبط
منه، وتستخرج منه، من ذهب وفضة وغيرهما من صنوف المعادن.
(50/8)
قال: "حدثني يحيى عن مالك عن ربيعة بن أبي
عبد الرحمن" فروخ المدني، ربيعة أحد الأئمة الأعلام، مشهور
"عن غير واحد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع لبلال
بن الحارث" عن غير واحد إبهام، والإبهام جهالة، ومنهم من
يرى أن الجهالة لا تضر في مثل هذا؛ لأن كونهم غير واحد
يجبر بعضهم بعضاً، ووصله أبو داود والبزار وغيرهم، فالحديث
موصول "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قطع لبلال بن
الحارث بن عاصم بن سعيد المزني، من أهل المدينة" كان حامل
راية مزينة يوم الفتح، مات سنة ستين، "معادن القبلية"
القبيلة منسوبة على قبل، وهي ناحية من ساحل البحر، بينها
وبين المدينة خمسة أيام، وقيل: هي من ناحية الفرع، الفرع
هذا هو منصوص عليه في الحديث، الفرع بإسكان الراء، كذا
ضبطه غير واحد، وجزم السهيلي في شرح السيرة، والقاضي عياض
في المشارق بأنه بضم الراء والفاء، الفُرُع، فتلك المعادن،
الإقطاع، هي هبة الإمام بعض الناس أو الأفراد شيئاً من
الأموال المباحة، وأكثر ما يكون في الأراضي، الموات، وهذه
معادن، يعني هل للإمام أن يقول: يا فلان أنت لك الحقل
الفلاني من البترول، وأنت لك الجبل الثاني من الذهب، وأنت
لك كذا؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- أقطع بلال بن الحارث
المزني معادن القبلية، وهي من ناحية الفرع، يعني الشيء
الذي تحتاجه الأمة ليس للإمام أن يتصرف فيه، الذي يحتاجه
عامة الناس، لو بئر في بلد يحتاجونه الناس، وكلهم يستعمله،
ويستنبطوا منه الماء، ولا يمكن أن يستغنوا عنه، هل للإمام
أن يقول: هذا الماء لك يا فلان تصرف فيه، وبع على الناس ما
زاد عن حاجتك؟ ما يحتاجه الناس كلهم ليس للإمام أن يتصرف
فيه، الإمام نعم عليه أن يتوخى المصلحة ويهب للمصلحة،
ويمنع للمصلحة، على كل حال هذه صلاحياته، لكن ما يحتاجه
الناس كلهم فلا "وهي من ناحية الفرع، فتلك المعادن لا يؤخذ
منها إلى اليوم إلا الزكاة" فدل على وجوب زكاة المعادن.
(50/9)
"قال مالك: أرى -والله أعلم- أنه لا يؤخذ
من المعادن مما يخرج منها شيء حتى يبلغ ما يخرج منها قدر
عشرين ديناراً عيناً" يعني حتى تبلغ النصاب، يعني بعد
التصفية، يعني هناك جبال فيها معادن، تأتي إلى القطعة من
هذا الجبل تزن مائة كيلو، لكن هذه المائة كيلو بالتصفية ما
يصفي منها نصاب، هذه لا شيء فيها ما لم تصل إلى حد النصاب
"حتى يبلغ ما يخرج منها قدر عشرين ديناراً" لو قال: نعم،
هي فيها ذهب كثير جداً، لكن أنا ما أنا مستنبط إلا بقدر
نفقتي، كم تنفق في السنة؟ قال: تسعة عشر دينار، أو أستنبط
منها ما يزيد على نفقتي بمقدار تسعة عشر دينار، بحيث يكون
الزائد أقل من النصاب، فهذا لا تلزمه زكاة البتة حتى يجتمع
له إنتاج أكثر من سنة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو يحتاج إلى عناء وتعب وتخليص، كيف يزكيه؟ ما يزكى إلا
بعد التصفية، ولذا يختلف حكم المعدن عن الركاز، الركاز
جاهز، هذا لا، يحتاج إلى معاناة، يحتاج إلى تنقية وتصفية.
يقول: "أرى -والله أعلم- أنه لا يؤخذ من المعادن مما يخرج
منها شيء حتى يبلغ ما يخرج منها قدر عشرين ديناراً أو
مائتي درهم، فإذا بلغ ذلك ففيه الزكاة" يعني ربع العشر،
مكانه، ويقول أبو حنيفة -رحمه الله تعالى-: المعادن
كالركاز، وفيها الخمس، لكن لو تأملنا في المعادن هل هي مثل
الركاز؟ ما يمكن تأتي مثل الركاز؛ لأن المعادن ما تخرج
دفعة واحدة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، وتحتاج إلى عناء وتعب وتخليص، فليست مثل الركاز.
(50/10)
أيضاً ضعف قول الإمام أبي حنيفة والثوري
بأن الركاز عطف على المعادن في قوله -عليه الصلاة
والسلام-: ((المعدن جبار، وفي الركاز الخمس)) ما قال: وفيه
وفي الركاز الخمس، فدل على المغايرة بينهما، ولا شك أن
المعادن تحتاج إلى معاناة كالزرع "وما زاد على ذلك أخذ
بحساب ذلك" يعني استنبط عشرين وجبت فيه الزكاة، ثم استنبط
عشرة يؤخذ بحسابه وهكذا "ما دام في المعدن نيل" يعني ما
دام ينتج، "فإذا انقطع عرقه، ثم جاء بعد ذلك نيل آخر" بئر
مثلاً من البترول ينزح منه ويباع، وتبلغ قيمته أنصبة، لكنه
فجأة وقف ما في شيء، ثم عاد بعد ذلك، يعود كحاله الأولى
إذا عاد "ثم جاء بعد ذلك نيل آخر فهو مثل الأول يبتدئ فيه
الزكاة كما ابتدأت في الأول" يعني المدة التي انقطعت،
انقطع هذا المعدن فيها ما تحسب.
"قال مالك: والمعدن بمنزلة الزرع" لأن الله تعالى ينبته،
يعني كما ينبت الزرع "يؤخذ منه ما يؤخذ من الزرع" يعني ربع
العشر، وطريقة تزكيته كتزكية الخارج من الأرض {وَآتُواْ
حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [(141) سورة الأنعام] فبمجرد ما
يستنبط ويستخرج من هذه الأرض يزكى "يؤخذ منه إذا خرج من
المعدن من يومه ذلك" يوم حصاده، وهذا يوم استخلاص واستنباط
"ولا ينتظر به الحول، كما يؤخذ من الزرع إذا حصد العشر،
ولا ينتظر أن يحول عليه الحول".
طالب:. . . . . . . . .
نعم كلها، كلها نعم، هذا مقتضى المعادن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني مع ما وصله البزار، يشهد أحدهما للآخر، مع هذا؛ لأن
بعضهم يرى أنه إذا كان عن عدة من شيوخ المحدث الذين لا
يعرف في شيوخه من هو شديد الضعف، يجبر بعضهم بعضاً.
طالب:. . . . . . . . .
حتى يكتمل النصاب، سمعنا يا إخوان.
هذا يخرج، قال: أنا ما أنا بهرب من الزكاة، الزكاة بعشرين
دينار، أنا ما أنا مطلع يومياً إلا تسعة عشر.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
يومي؛ لأنه زكاته بيومه، مثل الزرع {وَآتُواْ حَقَّهُ
يَوْمَ حَصَادِهِ} [(141) سورة الأنعام] حكمه حكم الزرع،
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(50/11)
لا، لا هو يقول زكاة الأكل. . . . . . . .
. هذاك عشرين أو ثلاثين وبوفر تسعة عشر، نجزم بأن هذا فرار
من الزكاة، فيعامل بنقيض قصده.
طالب:. . . . . . . . .
يعجز، وقلنا: إنه زكاته يوم حصاده، يوم استخراجه، في زكاة
وإلا ما في زكاة؟ يعني ما فيه زكاة معادن، لكن إذا حال
عليه الحول باعتباره مال مكتسب، حال عليه الحول وقد بلغ
أنصبه ما هو بنصاب يزكي الجميع، لكن ما يزكى باعتباره زكاة
معادن تؤخذ زكاته في يومه.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى وآله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين
يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب زكاة الركاز:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وعن أبي
سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((في الركاز الخمس)).
قال مالك -رحمه الله-: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا،
والذي سمعت أهل العلم يقولونه: إن الركاز إنما هو دفن يوجد
من دفن الجاهلية، ما لم يطلب بمال، ولم يتكلف فيه نفقة،
ولا كبير عمل ولا مئونة، فأما ما طلب بمال، وتكلف فيه كبير
عمل فأصيب مرة، وأخطئ مرة فليس بركاز.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب زكاة الركاز:
والركاز من الركز وهو الدفن، فالركاز المدفون، وهو
المركوز.
في صحيح البخاري يقول: قال مالك وابن إدريس: الركاز دفن
الجاهلية، هذا في الصحيح.
(50/12)
"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد
بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن" يعني ابن عوف "عن
أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال: ((في الركاز الخمس)) " الركاز: هو ما يعثر عليه
مدفوناً من ذهب أو فضة على قول، وما يختص بهما، أو هو أعم
من ذلك مما يتمول، وعند أهل العراق أن الركاز يشمل كل ما
تحتويه الأرض من ثابت فيها، وطارئ عليها، فيدخل في ذلك
المعادن التي سبق الحديث عنها، ولذا جعل أبو حنيفة والثوري
المعادن حكمها حكم الركاز، فيؤخذ الخمس من المعادن ومن
الركاز؛ لأنها يشملها المعنى العام، وهي وجودها في جوف
الأرض، لكن الفرق بين المعادن والركاز ظاهر، والتفريق
بينهما هو قول الجمهور؛ لأن الركاز شيء مدفون طارئ يدفن
جملة، ويؤخذ جملة، مال يوضع في وعاء أو إناء ويدفن، الناس
ما كان عندهم أماكن مأمونة يضعون فيها أموالهم، بل كل يضع
ماله في بيته، إما في الأرض يحفر له ويدفنه، وهذا موجود
إلى وقت قريب، وأحياناً يودعون الأموال في الجدران، إذا
بنو الجدار يضعون ما عندهم من مال، ويوضع عليه من الطين ما
هو بمنزلة التليس، الظاهر أنكم ما تدرون عن هذا، نعم؟
المقصود أنه في حال الهدم -هدم البيوت القديمة- يوجد من
هذا الشيء الكثير، والنقود لا تتأثر؛ لأنها من الذهب
والفضة والنحاس وسائر المعادن، لا تتأثر، فتوضع إما بين
اللبن، أو بين اللبن واللياسة التي يسمونها لياكة، فالركاز
غالباً ما يكون طارئ، لكنه إن كان من دفن المسلمين له حكم،
وإن كان من دفن الكفار فله حكمه.
"عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
((وفي الركاز الخمس)) " ولا شك أن الفرق بين الركاز
والمعادن ظاهر، ويدل له العطف في الحديث: ((والمعدن جبار،
وفي الركاز الخمس)) فدل على أن الركاز غير المعدن كما هو
مقتضى قول الجمهور، وما يفيده هذا الحديث.
((في الركاز الخمس)) سواءً كان في دار الإسلام، أو في دار
الحرب عند الجمهور، خلافاً للحسن البصري، قال: في دار
الحرب ركاز، وفي دار الإسلام لقطة، وإذا كان في دار
الإسلام وعليه علامات إسلامية فهو لقطة، وإن كان في دار
حرب فهو ركاز، أو كانت عليه آثار مشركين فهو ركاز.
(50/13)
إذا اشترى أرضاً فأراد أن يحرثها للزراعة،
أو يحفر للقواعد ليشيد عليها بناء، فوجد فيها شيء من ذلك،
وجد أموال في وعاء مدفونة، فهل هي لمن وجدها أو لصاحب
الأرض الذي باعها؟ إن كانت عليها آثار تدل على أنها حديثة
لها حكم، وإن كان عليها آثار تدل على قدمها فلها حكم.
يذكر فيما يذكر من الورع وصوره أن شخصاً اشترى أرضاً
فحرثها فوجد فيها أموال طائلة مدفونة، فذهب إلى صاحب
الأرض، وقال: أنا وجدت هذه الأموال، وأنا ما اشتريت أموال،
أنا اشتريت أرض، فقال البائع: أنا قد بعت الأرض بما فيها،
المال ليس لي، مثل هذا الخلاف وهذا النزاع يحتاج إلى خصومة
عند قاض؟ نعم؟ كل واحد يقول: المال لك، هذا يقول: أنا ما
اشتريت إلا الأرض، وهذا يقول: أنا بعت الأرض بما فيها،
احتكما إلى قاضٍ من القضاة فأراد الصلح بينهما، أراد أن
يقسمه بينهما، أراد .. ، ما في فائدة، فسأل البائع: هل لك
من ولد؟ فقال: نعم، وسأل المشتري: هل لك من بنت؟ قال: نعم،
قال: أصدقاهما هذا المال، ويتزوجون من هذا المال.
عموم الناس اليوم يظنون مثل هذا ضرب من الخيال أو
المبالغة، والناس إلى عهد قريب على مثل هذه الحال، قبل أن
تفتح الدنيا ويتنافسها الناس، إلى عهد قريب على مثل هذا،
يعني في الجيل الذي قبلنا، يعني يذكر مثل هذه الأمور، من
صنوف الورع مع شدة الحاجة، لكن فتحت الدنيا، وتنافسها
الناس، وصاروا يحرصون على القطمير قبل القنطار، الهللة قبل
الريال.
فيه الخمس: يعني خمس الكمية، والقاعدة الشرعية في الأموال
وإخراج زكاتها أن النسبة المخرجة تكون بقدر التعب وعدمه،
فإذا زادت المئونة وكثرت المشقة خفف في الزكاة، وإذا سهل
الحصول على المال زادت الزكاة، هذا الأصل، ولذا زكاة
الزروع والثمار الذي يسقى بلا مئونة ولا كلفة، يشرب من ماء
السماء، أو كان عثري يشرب بجذوره وعروقه هذا فيه العشر،
والذي يسقى بالمئونة والكلفة بجلب الماء، أو بالمكائن، أو
بالسواني هذا نصف العشر، وما سقي بهما ثلاثة أرباع العشر،
المال الذي يحصل مع الكلفة والمشقة الأصل فيه أن زكاته
خفيفة، والعكس بالعكس.
(50/14)
قد يقول قائل: لماذا لا نطرد مثل هذا؟
ونشوف هؤلاء التجار الذين يكسبون الأموال الطائلة بمكالمة،
مكالمة يفتح مساهمة بالتليفون، بإعلان في صحيفة، ويكسب من
ورائها الملايين، لماذا لا نكلفه أكثر من العشر؛ لأن
الركاز يحتاج إلى حفر، أشد من الإعلان وما في حكمه؟ يقول:
زكاتها النصف هذا، يمكن أن نقول هذا؟ لا يمكن؛ لأن مثل هذه
الأمور لا تنضبط، أما ما يمكن ضبطه فقد جاء به الشرع، أما
ما لا ينضبط ما يمكن أن يعول عليه في حكم مخالف.
"قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا، والذي سمعت
أهل العلم يقولونه: إن الركاز إنما هو دفن" دفن يعني
مدفون، كذبح بمعنى مذبوح "دفن يوجد من دفن الجاهلية، ما لم
يطلب بمال، ينفق على إخراجه" يعني لو قيل له، أو توقع أن
في هذه الأرض أو في هذه الغرفة مثلاً كنز، أو جاء بالعمال
وقال: احفروا لي إن لقينا شيء وإلا أعطيتكم الأجرة، وصاروا
يحفرون وتعبوا على هذا تعباً شديداً، ثم وجدوه.
يقول: "ما لم يطلب بمال ينفق على إخراجه" لأنه يكون فيه
كلفة وتعب، فيكون المطلوب منه أقل من الخمس على القاعدة.
"ولم يتكلف فيه نفقة، ولا كبير عمل ولا مئونة" إذا انتفت
هذه الأمور ففيه الخمس، كما في الحديث "فأما ما طلب بمال،
وتكلف فيه كبير عمل فأصيب مرة" مرة يجد ومرة لا يجد "وأخطئ
مرة فليس بركاز".
يقول ابن دقيق العيد: من قال من الفقهاء بأن في الركاز
الخمس إما مطلقاً، أو في أكثر الصور فهو أقرب إلى الحديث،
وخصه الشافعي بالذهب والفضة، وقال الجمهور: لا يختص،
اختلفوا في مصرفه قال مالك وأبو حنيفة والجمهور: مصرفه
مصرف خمس الفيء، يعني ليس بزكاة، كأنه من الفيء، والفيء
غير الغنيمة الذي يحصل عليه من مال العدو من غير إيجاف، من
غير قتال، مصرفه مصرف خمس الفيء.
وقال الشافعي في أصح قوليه: مصرفه مصرف الزكاة، يعني هل
قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((في الركاز الخمس)) يعني
زكاة، وإلا أنه مثل الفيء يخمس {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا
غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ} [(41)
سورة الأنفال] نعم.
وعن أحمد: روايتان، يعني رواية تقول: بأن مصرفه مصرف
الزكاة، والرواية الأخرى مثل قول الجمهور.
(50/15)
وينبني على ذلك -في كلام ابن دقيق العيد-
وينبني على ذلك ما إذا وجده ذمي، فعند الجمهور يخرج منه
الخمس، وعند الشافعي لا يؤخذ منه شيء، لماذا يؤخذ الخمس من
الذمي على أساس أنه فيء ولا يؤخذ منه إذا كان زكاة؟ الكافر
غير مطالب بالزكاة، هو مخاطب، لكن ما يؤمر به حال كفره
{وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ
إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ} [(54) سورة التوبة]
فيؤخذ منه باعتباره فيء، هل يتصور أن يقاتل الذمي ويغنم
ويؤخذ منه الخمس؟ كيف يقول: ينبني على ذلك ما إذا وجده ذمي
فعند الجمهور يؤخذ منه الخمس، وعند الشافعي لا يؤخذ منه
شيء، المسألة ما هي بمسالة قتال، ذمي وجد ركاز، فهل يترك
يقال: لك المال كله، أو يؤخذ منه الخمس؟ إذا قلنا: زكاة،
مصرفه مصرف الزكاة، نعم لا يؤخذ منه شيء، وإذا قلنا: مصرفه
مصرف الفيء يؤخذ منه الخمس، يؤخذ وإلا ما يؤخذ؟ يؤخذ على
كلامه، لكن ويش وجه التفريق؟ ما وجه التفريق؟ نعم؟
أنا ما أدري لماذا فرقوا بين ما إذا كان مصرفه ... إيه؟
طالب:. . . . . . . . .
والاستعانة بالمشرك في القتال، نعم، الفيء متعلق بالمال،
لا بالذمة، والزكاة متعلقة بالذمة، فالذمة هنا غير صالحة
حال الكفر.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما هو بال .... ، إذا شارك، إذا شارك ورضخ له، ومثل هذه
الأمور التي تختلف فيها المذاهب ينظر في رأي الإمام
الشافعي -رحمه الله-، ورأي الأئمة الآخرين في مشاركة الذمي
في مثل هذه الصور، في الفيء، الأظهر أنه زكاة، ومصرفه مصرف
الزكاة.
اتفقوا على أنه لا يشترط فيه الحول، بل يجب إخراج الخمس في
الحال، لماذا؟ لأنه مال اكتسب دفعة واحدة، كالحصاد بالنسبة
للزرع {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [(141) سورة
الأنعام] نعم، هذا مثله، مثل الزرع، نعم.
أحسن الله إليك.
ودنا نمشي يا إخوان الأحاديث المطلوبة طويلة جداً، كثيرة،
نعم.
أحسن الله إليك.
باب ما لا زكاة فيه من الحلي
والتبر والعنبر:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن
عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-
كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي، فلا تخرج
من حليهن الزكاة.
(50/16)
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر
-رضي الله عنهما- كان يحلي بناته وجواريه الذهب، ثم لا
يخرج من حليهن الزكاة.
قال مالك -رحمه الله-: من كان عنده تبر أو حلي من ذهب أو
فضة لا ينتفع به للبس فإن عليه فيه الزكاة في كل عام، يوزن
فيؤخذ ربع عشره إلا أن ينقص من وزن عشرين ديناراً عيناً،
أو مائتي درهم، فإن نقص من ذلك فليس فيه زكاة، وإنما تكون
فيه الزكاة إذا كان إنما يمسكه لغير اللبس، فأما التبر
والحلي المكسور الذي يريد أهله إصلاحه ولبسه، فإنما هو
بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله، فليس على أهله فيه
زكاة.
قال مالك -رحمه الله-: ليس في اللؤلؤ ولا في المسك ولا
العنبر زكاة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما لا زكاة فيه من الحلي ...
يعني بالنسبة للنساء، ممن يجوز له استعماله، لكن لو تحلى
الرجل، وارتكب المحرم، أو اتخذ الرجل، أو المرأة الأواني
من الذهب والفضة ففيها الزكاة مع التحريم، لكن المقصود به
الحلي المباح
"والتبر والعنبر" العنبر يقول الشافعي: هو نبات يخلقه الله
في جنبات البحر، وقيل: إنه يأكله حوت، يعني النبات يأكله
الحوت، فيموت ثم يستخرج من بطنه.
المقصود أنه مما يستخرج من في البحر، وهذا قرر فيه الإمام
مالك أنه لا زكاة فيه.
قال: "ليس في اللؤلؤ ولا في المسك ولا العنبر زكاة" كسائر
العروض، يعني ليس في أعيانها زكاة، وإنما الزكاة في
أقيامها، وليست في أعيانها.
المسألة الكبرى التي هي مسألة عملية يحتاجها الناس جلهم هي
مسالة زكاة الحلي، والإمام مالك -رحمه الله تعالى- جرى على
أنه لا زكاة فيه، وقوله يوافقه عليه الشافعي وأحمد.
يقول -رحمه الله تعالى-:
(50/17)
"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الرحمن بن
القاسم عن أبيه" القاسم بن محمد بن أبي بكر، القاسم أحد
الفقهاء "أن عائشة -عمته- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-
كانت تلي بنات أخيها" محمد بن أبي بكر، "تلي بنات أخيها"
وسيأتي في الباب الذي يليه: عن عبد الرحمن بن القاسم عن
أبيه قال: كانت عائشة تليني وأخاً لي يتيمين في حجرها،
فهنا قال: بنات أخيها، وهناك قال: تليني وأخاً لي يتيمين
في حجرها، تلي البنات ولا تخرج زكاة حليهن، وتلي الأولاد
الذكور وتخرج الزكاة من أموالهم، يقول: كانت تلي بنات
أخيها محمد بن أبي بكر لما قتل في مصر في القصة المعروفة
المشهورة "تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحَلْي"
الحلي هذا واحد مفرد، واحد الحلي، جمعه حلي "فلا تخرج من
حليهن الزكاة".
فدل على أنه لا زكاة في الحلي، وهذا قول الأئمة الثلاثة
مالك والشافعي وأحمد، واحتجوا بأدلة يأتي بيانها في كلام
صاحب أضواء البيان مفصلاً، مع أدلة القول الثاني.
قال أبو حنيفة: تجب الزكاة في الحلي، احتجوا بعموم الأدلة
{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [(34)
سورة التوبة] وغيرها و ((في الرقة ربع العشر)) المقصود أن
هذه عموم الأدلة يشمل الحلي وغيرها، وفي الطرفين أحاديث
متعارضة، فكل من الطرفين احتج بالنص، وأقوال الصحابة،
واللغة، والقياس، كل من الطرفين احتج بهذه الأصول الأربعة،
ويأتي بيانها في كلام الشيخ -إن شاء الله تعالى-.
يقول: "وحدثني عن مالك" هذا سنده إلى عائشة، السند السابق
إلى عائشة مثل الشمس، ما فيه إشكال أبداً، والثاني إلى ابن
عمر كذلك، مالك عن نافع عن ابن عمر، مباشرة، أصح الأسانيد
عند الإمام البخاري، مالك "عن نافع أن عبد الله بن عمر كان
يحلي بناته وجواريه الذهب، ثم لا يخرج من حليهن الزكاة"
الأصل فيما يقتنى ويستعمل أنه ليس فيه زكاة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
حتى الذي ورد فيه نعم، من أدلة القول الآخر ما يذكر أنه
بلغ النصاب، وطفلة في يديها مسكتان من ذهب نعم هل يقال:
إنها بلغت النصاب؟ ((تؤدين زكاته؟ )).
طالب:. . . . . . . . .
إيه، ولو كانت غلت، تبلغ إحدى عشر جنيه؟
طالب:. . . . . . . . .
(50/18)
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: "أن عبد الله بن عمر كان يحلي بناته وجواريه الذهب،
ثم لا يخرج من حليهن الزكاة".
"قال مالك: من كان عنده تبر أو حلي من ذهب أو فضة لا ينتفع
به للبس فإن عليه فيه الزكاة في كل عام، يوزن فيؤخذ ربع
عشره" هذا إذا كان لا يستعمل؛ لأنه صار كنزاً "إلا أن ينقص
من وزن عشرين ديناراً عيناً، أو مائتي درهم، فإن نقص من
ذلك فليس فيه زكاة، وإنما تكون فيه الزكاة إذا كان إنما
يمسكه لغير اللبس، فأما التبر والحلي المكسور الذي يريد
أهله إصلاحه ولبسه، فإنما هو بمنزلة المتاع الذي يكون عند
أهله، فليس على أهله فيه زكاة".
"قال مالك: ليس في اللؤلؤ ولا ... " إلى آخره.
الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- يقول:
باب ما جاء في زكاة الحلي:
وأورد فيه حديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود عن النبي
-عليه الصلاة والسلام- قوله: ((يا معشر النساء تصدقن ولو
من حليكن)) هذا دليل على وجوب الزكاة في الحلي أو حث على
الصدقة؟ حث على الصدقة، ((اتقوا النار ولو بشق تمرة)) نعم،
اللي ما عنده إلا تمرة واحدة، وأراد أن يتصدق بنصفها هذا
عليه زكاة وإلا ما عليه زكاة؟ المقصود أن هذا فيه حث على
الصدقة.
وقال: وقد روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي
-صلى الله عليه وسلم- أنه رأى في الحلي زكاة وفي إسناده
مقال.
(50/19)
والسبب في ذلك أنه من طريق ابن لهيعة، وابن
لهيعة ضعيف، وأورده من طريق أخرى، وفيها المثنى بن الصباح
وهو ضعيف أيضاً، ولذا قال الترمذي: لا يصح في الباب شيء،
يعني في باب وجوب زكاة الحلي، هذا كلام الترمذي، وهذا ما
أورده، لكن فيه أحاديث يعني في الوجوب أحاديث، حديث عمرو
بن شعيب الذي يحتجون به أن امرأة أتت رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- ومعها ابنة لها، وفي يديها مسكتان من ذهب أو
فضة، فقال: ((أتعطين زكاة هذا؟ )) قالت: لا، قال: ((أيسرك
أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ ))
فخلعتهما، وألقتهما إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي
الباب ثلاثة أحاديث عند أبي داود والنسائي وغيرهما، لا
تسلم، لكن بمجموعها تثبت، يدل على أن الأمر بإخراج زكاة
الحلي له أصل، في الاختيارات لشيخ الإسلام يقول: حلي
النساء لا زكاة فيها، ولكن عليها أن تعيرها لمن تثق به،
ممن يطلبها إن لم يكن في ذلك ضرر عليها، أما إن كانت
تكريها ففيها الزكاة، إن كانت تؤجرها ففيها الزكاة، هذا
كلام الشيخ -رحمه الله-، ليس فيه زكاة إلا الإعارة، وإعارة
الحلي هو زكاته، زكاة كل شيء بحسبه، زكاة الماعون؛ لأنه
جاء ذم منع الماعون، زكاته إعارته لمن ينتفع به من غير ضرر
على صاحبه، ومن هذا زكاة الحلي، يعني تعيرينه لمن يحتاجه؟
هذا جواب من يقول بعدم وجوب زكاة الحلي، وهم جمهور أهل
العلم، عامة أهل العلم على هذا، لكن العبرة والمعول على ما
ينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
أولاً: عائشة صح الخبر عنها بأنها لا تخرج الزكاة من
الحلي، هل يقول قائل: إن الزكاة .. ؛ لأن صواحب الحلي غير
مكلفات؟ نعم؟ لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
افترض أن هناك حلي لأيتام ما بلغوا الحنث، تخرج منه الزكاة
أو لا تخرج؟ أنا أقول: عائشة الآن ما تخرج، هل نقول: لأن
عائشة لا ترى الزكاة في مال الصبي؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، أنا أقول: منهم من يقول: عائشة لا تخرج الزكاة من هذا
الحلي لأنه مال يتامى، والأيتام صبيان ما بلغوا الحنث،
وإلا فقد ارتفع وصف اليتم.
طالب:. . . . . . . . .
(50/20)
نعم، نعم الحديث الذي يليه، يعني في حديث
الباب الثاني، الذي أشرنا إليه سابقاً "تليني وأخاً لي
يتيمين في حجرها، فكانت تخرج من أموالنا الزكاة" كانت ترى
وجوب الزكاة في مال الصبي، لكنها لا ترى وجوبه في الحلي.
أيضاً ابن عمر صح عنه أنه لا يخرج زكاة الحلي، وعائشة أقرب
الناس إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وابن عمر من أحرص
الناس على الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام-.
المسألة لا شك أن الأدلة تكاد تكون متكافئة.
هنا يقول الشيخ الأمين الشنقيطي -رحمه الله تعالى-:
المسألة الثالثة: اختلف العلماء في زكاة الحلي المباح؛
فذهب جماعة من أهل العلم إلى أنه لا زكاة فيه؛ وممن قال به
مالك، والشافعي وأحمد في أصح قوليهما، وبه قال عبد الله بن
عمر بن الخطاب، وجابر بن عبد الله، وأنس بن مالك، وعائشة،
وأسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهم-، وسعيد بن المسيب،
وسعيد بن جبير، وقتادة، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد،
والشعبي، ومحمد بن علي، والقاسم بن محمد، وابن سيرين،
والزهري، وإسحاق، وأبو ثور، وأبو عبيد، وابن المنذر، جمع،
يعني هو قول الجمهور على كل حال.
وممن قال بأن الحلي المباح تجب فيه الزكاة أبو حنيفة -رحمه
الله-، وروي عن عمر بن الخطاب، قال: وروي عن عمر بن
الخطاب،؛ لأن فيه انقطاع، وابن عباس، وبه قال ابن مسعود،
وعبد الله بن عمرو بن العاص، وميمون بن مهران، وجابر بن
زيد، والحسن بن صالح، وسفيان الثوري، وداود، وحكاه ابن
المنذر أيضاً عن ابن المسيب، يعني قول آخر، وابن جبير،
وعطاء، ومجاهد، وابن سيرين، وعبد الله بن شداد، والزهري،
يعني هؤلاء روي عنهم هذا وهذا.
يقول: وسنذكر -إن شاء الله تعالى- حجج الفريقين، ومناقشة
أدلتهما على الطرق المعروفة في الأصول وعلم الحديث؛ ليتبين
للناظر الراجح من الخلاف.
يقول: اعلم أن من قال بأن الحلي المباح لا زكاة فيه تنحصر
حجته في أربعة أمور:
الأول: حديث جاء بذلك عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم-.
الثاني: آثار صحيحة عن بعض الصحابة يعتضد بها الحديث
المذكور.
الثالث: القياس.
الرابع: وضع اللغة.
(50/21)
يقول: أما الحديث: فهو ما رواه البيهقي في
(معرفة السنن والآثار) من طريق عافية بن أيوب عن الليث عن
أبي الزبير عن جابر عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أنه
قال: ((لا زكاة في الحلي)).
قال البيهقي: وهذا الحديث لا أصل له، إنما روي عن جابر من
قوله غير مرفوع، والذي يروى عن عافية بن أيوب عن الليث عن
أبي الزبير عن جابر مرفوعاً لا أصل له، وعافية بن أيوب
مجهول، فمن احتج به مرفوعاً كان مغرراً بدينه، داخلاً فيما
نعيب به المخالفين من الاحتجاج برواية الكذابين، والله
يعصمنا من أمثال هذا.
قال مقيده -عفا الله عنه- المؤلف -رحمه الله-: ما قاله
الحافظ البيهقي -رحمه الله تعالى- من أن الحكم برواية
عافية المذكور لهذا الحديث مرفوعاً من جنس الاحتجاج برواية
الكذابين فيه نظر؛ لأن عافية المذكور لم يقل فيه أحد: إنه
كذاب، وغاية ما في الباب أن البيهقي ظن أنه مجهول؛ لأنه لم
يطلع على كونه ثقة، وقد اطلع غيره على أنه ثقة فوثقه، فقد
نقل ابن أبي حاتم توثيقه عن أبي زرعة.
قال ابن حجر في (التلخيص): عافية بن أيوب قيل: ضعيف، وقال
ابن الجوزي: ما نعلم فيه جرحاً، وقال البيهقي: مجهول، ونقل
ابن أبي حاتم توثيقه عن أبي زرعة.
يقول: ولا يخفى أن من قال: إنه مجهول يقدم عليه قول من
قال: إنه ثقة، لماذا؟ لأنه اطلع على ما لم يطلع عليه مدعي
أنه مجهول، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، والتجريح لا يقبل
مع الإجمال، فعافية هذا وثقه أبو زرعة، والتعديل والتجريح
يكفي فيهما واحد على الصحيح في الرواية دون الشهادة.
(50/22)
هذه المسألة مسألة الحكم بالجهالة على
الراوي مسألة تحتاج إلى مزيد عناية؛ لأنك مجرد ما تقف على
راوٍ قيل فيه: إنه مجهول تضعف الخبر بهذا، والجهالة مترددة
بين كونه مجروحاً وبين عدم العلم بحاله، فعدم العلم بحال
الراوي جهالة، ومنهم من يرى أن الجهالة ضرب من الجرح فيضعف
من أجله، جهالة العين، يعني من أطلق جهالة العين غاية ما
هنالك أنه ما عرف فيه شيء، خفي عليه من روى عنه، ما عرف
إنه ما روى عنه إلا واحد، لكن غيره أثبت غيره، كما في كثير
من الرواة، يقول: فلان مجهول العين لم يروِ عنه إلا فلان،
ثم يثبت كثير من الأئمة جمع من الرواة رووا عنه، ترتفع عنه
جهالة العين، وجهالة الحال ما يعرف فيها جرح ولا تعديل،
ويثبت غيره أنه عدل وإلا مجروح، فغاية ما في الجهالة أنها
عدم علم بحال الراوي، البيهقي أثبت أن عافية مجهول، وقد
وثقه أبو زرعة، هل يمكن أن يقال: مجهول مع التوثيق؟ ما
يمكن إطلاقاً، فالجهالة هذه عدم علم بحال الراوي، فلا
اعتبار لها مع العلم بحاله من قبل غيره.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا القول وجوده مثل عدمه، ما دام أثبت أنه ثقة؛ لأن
المثبت مقدم على النافي.
طالب:. . . . . . . . .
يقول: مجهول، عدم العلم، حتى على القول بأن الجهالة جرح،
الآن في كثير من الرواة يقول أبو حاتم: فلان ابن فلان
مجهول، أي: لا أعرفه، تصريح بأن الجهالة عدم علم بحاله،
ولذا يقول ابن حجر في النخبة وشرحها: ومن المهم معرفة
أحوال الرواة جرحاً أو تعديلاً أو جهالة، فجعل الجهالة
قسيم للجرح، وليست بقسم منه، مثل التعديل، لكن أيضاً أهل
العلم لا سيما من رتب ألفاظ الجرح والتعديل وجعلها مراتب
يجعلون لفظ مجهول في ألفاظ الجرح، لكن إذا تأملنا حقيقة
الحال وجدنا أن من يحكم على راوٍ من الرواة بأنه مجهول أنه
لم يبلغه فيه توثيق، ولذا يقول: مجهول فلان، ويقول غيره:
ثقة، ويقول ثالث: ضعيف، ويقول آخر: لا بأس به ... إلى
آخره.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الجهالة غاية ما فيها عدم العلم بحاله، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ابن حجر وضعها في مراتب الجرح.
طالب:. . . . . . . . .
لا، مقتضى الوضع في مراتب الجرح أنها جرح.
طالب:. . . . . . . . .
(50/23)
لا، لا إذا قلنا: جرح قلنا: الحديث ضعيف؛
لأن فيه فلاناً وهو مجهول؛ لأنه وضع .. ، وإذا قلنا: إن
عدم علم بحاله توقفنا في الحكم، ما نحكم عليه حتى نعلم حال
الراوي، النتيجة تختلف، النتيجة مختلفة، إذا قلنا: إن من
صنف في مراتب الجرح والتعديل وضع هذه اللفظة في ألفاظ
الجرح، نعم، تحكم على الخبر بأنه ضعيف؛ لأن فيه فلان وهو
مجهول، والجهالة من ألفاظ الجرح، لكن الذي يقول: إن
الجهالة عدم علم بحال الراوي ما تحكم على الحديث، لا يجوز
لك أن تحكم على الحديث.
يعني كونك لا تعلم عن حاله شيء لا يعني أنه ضعيف، فتتوقف
في حكمك على الخبر حتى تعرف حاله، وذكرت أن أبا حاتم في
مواضع كثيرة يمكن مئات من الرواة يقول: مجهول أي لا أعرفه،
إذا كانت الجهالة عدم علم بحاله لا يعول عليها، يبحث عن
أقوال أخرى في الراوي.
طالب:. . . . . . . . .
يقول: ما يدري عنه، يتوقف فيه، ما يدري، مجهول يعني لا
يعرف عن حاله شيء.
طالب:. . . . . . . . .
نفس الشيء ما يعرف عن حاله شيء، نفس الشيء، لا يعرف، ذكرت
لك الآن أنه إذا قال مثلاً، سئل شخص فقال: مجهول، نعم، أو
قال أبو حاتم: مجهول أي لا أعرفه، من أكثر من شهر الجهالة
أبو حاتم، في الجرح والتعديل ما يزيد على ألف وخمسمائة
راوٍ قال أبو حاتم: مجهول، مع أنه يطلق المجهول بإزاء بعض
الصحابة، وقال في بعضهم: من السابقين الأولين، مجهول،
فالجهالة ليس على إطلاقها أنها حط من قدر الراوي، أبداً،
إنما قد يطلقونها بإزاء قلة الرواية وندرتها، وقد تطلق
بإزاء قلة من يروي عن هذا الراوي، وعدم اشتهاره بالعلم،
فلذا قل الآخذون عنه، وإن كان ثقة.
يقول الشيخ: فلا شك أن قول البيهقي في عافية: إنه مجهول
أولى منه بالتقديم قول أبي زرعة: إنه ثقة؛ لأن من حفظ حجة
على من لم يحفظ، وإذا ثبت الاستدلال بالحديث المذكور فهو
نص في محل النزاع.
يقول: لا زكاة في الحلي.
طالب:. . . . . . . . .
(50/24)
. . . المقصود أن مثل هذه الألفاظ التي
تأتي منسوبة إلى الشارع في محل خلاف طويل بين أهل العلم،
ونص على أحد القولين يعني كأنها تركيب، نعم، كأنها تأتي
تركيب، فتكون بألفاظ الفقهاء أشبه منها بألفاظ النبوة،
نعم، المقصود أننا ننظر ماذا يقول الشيخ والنتيجة فيما
بعد.
يقول: ويؤيد ما ذكر من توثيق عافية المذكور أن ابن الجوزي
مع سعة اطلاعه، وشدة بحثه عن الرجال؛ قال: إنه لا يعلم فيه
جرحاً.
وأما الآثار الدالة على ذلك: فمنها ما رواه الإمام مالك في
الموطأ -المرفوع يعني ما فيه إلا هذا الحديث- عن عبد
الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة زوج النَّبي -صلى الله
عليه وسلم- كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها لهن الحلي،
فلا تخرج من حليهن الزكاة، وهذا الإسناد عن عائشة في غاية
الصحة كما ترى.
ومنها ما رواه مالك في الموطأ أيضاً عن نافع عن عبد الله
بن عمر أنه كان يحلي بناته وجواريه الذَّهب، ثم لا يخرج من
حليهن الزكاة؛ وهذا الإسناد عن ابن عمر -رضي الله عنهما-
في غاية الصحة أيضاً كما ترى.
وما قاله بعض أهل العلم من أن المانع من الزكاة في الأول
أنه مال يتيمة، وأنه لا تجب الزكاة على صبي، كما لا تجب
عليه الصلاة مردود بأن عائشة ترى وجوب الزكاة في أموال
اليتامى، يعني كما في الخبر الذي سيأتي، فالمانع من
إخراجها الزكاة كونه حلياً مباحاً على التحقيق؛ لا كونه
مال يتيمة، وكذلك دعوى أن المانع لابن عمر من زكاة الحلي
أنه لجوار مملوكات؛ وأن المملوك لا زكاة عليه مردود أيضاً
بأنه كان لا يزكي حلي بناته مع أنه كان يزوج البنت له على
ألف دينار يحليها منها بأربعمائة، يعني عشرين نصاب، يحليها
منها بأربعمائة، ولا يزكي ذلك الحلي، وتركه لزكاته لكونه
حلياً مباحاً على التحقيق.
ومن الآثار الواردة في ذلك ما رواه الشافعي، قال: أخبرنا
سفيان عن عمرو بن دينار سمعت رجلاً يسأل جابر بن عبد الله
عن الحلي فقال: "زكاته عاريته" يعني ما دام جابر يقول:
بأنه لا زكاة فيه، والحديث الذي يرفعه إلى النبي -عليه
الصلاة والسلام- لا زكاة في الحلي، يعني يشم منه رائحة
الوقف، وأنه من قوله واجتهاده.
(50/25)
ذكره البيهقي في السنن الكبرى، وابن حجر في
التلخيص، وزاد البيهقي فقال: وإن كان يبلغ ألف دينار، فقال
جابر: كثير.
ومنها ما رواه البيهقي عن علي بن سليم قال: سألت أنس بن
مالك عن الحلي، فقال: ليس فيه زكاة.
ومنها ما رواه البيهقي أيضاً عن أسماء بنت أبي بكر أنها
كانت تحلى بناتها الذهب ولا تزكيه، نحواً من خمسين ألفاً.
وأما القياس فمن وجهين:
الأول: أن الحلي لما كان لمجرد الاستعمال لا للتجارة
والتنمية ألحق بغيره من الأحجار النفيسة كاللؤلؤ والمرجان
بجامع أن كلاً منها معد للاستعمال لا للتنمية، معد
للاستعمال مثل أثاث البيت، مثل الدابة، مثل العبد الذي
يحتاجه الإنسان، وليس على المسلم في فرسه ولا عبده صدقة؛
لأنه للقنية.
وقد أشار إلى هذا الإلحاق مالك -رحمه الله- في الموطأ
بقوله: فأما التبر والحليّ المكسور الذي يريد أهله إصلاحه
ولبسه فإنما هو بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله، فليس
على أهله فيه زكاة، قال مالك: ليس في اللؤلؤ ولا في المسك
والعنبر زكاة.
الثاني من وجهي القياس: هو النوع المعروف بقياس العكس، ثم
أطال على هذا القياس، ومثل له، لكن من أوضح أمثلته: النبي
-عليه الصلاة والسلام- لما قيل له: "أيأتي أحدنا شهوته وله
فيها أجر؟! قال: ((أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟
)) .. الحديث، فإن النَّبي –عليه الصلاة والسلام- في هذا
الحديث أثبت في الجماع المباح أجراً، وهو حكم عكس حكم
الجماع الحرام؛ لأن فيه الوزر؛ لتعاكسهما في العلة.
يقول: ووجه هذا النوع من القياس في هذه المسألة التي نحن
بصددها هو أن العروض لا تجب في عينها الزكاة، فإذا كانت
للتجارة والنماء وجبت فيها الزكاة، عكس العين فإن الزكاة
واجبة في عينها، فإذا صيغت حلياً مباحاً للاستعمال، وانقطع
عنها قصد التنمية بالتجارة صارت لا زكاة فيها، فتعاكست
أحكامهما لتعاكسهما في العلة، ومنع هذا النوع من القياس
بعض الشافعية ... إلى آخره.
ولا يخفى أن القياس يعتضد به ما سبق من الحديث المرفوع،
والآثار الثابتة عن بعض الصحابة، لما تقرر في الأصول من أن
موافقة النص للقياس من المرجحات.
(50/26)
وأما وضع اللغة: فإن بعض العلماء يقول:
الألفاظ الواردة في الصحيح في زكاة العين لا تشمل الحلي في
لسان العرب، قال أبو عبيد: الرقة عند العرب الورق المنقوشة
ذات السكة السائرة بين الناس، ولا تطلقها العرب على
المصوغ، وكذلك قيل في الأوقية.
قال مقيده -عفا الله عنا وعنه-: ما قاله أبو عبيد هو
المعروف في كلام العرب، قال الجوهري في صحاحه: الورق
الدراهم المضروبة، وكذلك الرقة، والهاء عوض عن الواو، مثل
العدة والزنة، وفي القاموس: الورق مثلثة، وككتف الدراهم
المضروبة، وجمعها أوراق.
هذا هو حاصل حجة من قال: لا زكاة في الحليّ.
وما ادعاه بعض أهل العلم من الاحتجاج لذلك بعمل أهل
المدينة فيه أن بعض أهل المدينة مخالف في ذلك، والحجة بعمل
أهل المدينة عند من يقول بذلك كمالك إنما هي في إجماعهم
على أمر لا مجال للرأي فيه، لا إن اختلفوا، أو كان من
مسائل الاجتهاد.
وأما حجة القائلين بأن الحلي تجب فيه الزكاة فهي منحصرة في
أربعة أمور أيضاً:
الأول: أحاديث عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أوجب
الزكاة في الحلي.
الثاني: آثار وردت بذلك عن الصحابة.
الثالث: وضع اللغة.
الرابع: القياس.
ثم ذكر الأحاديث: منها ما رواه أبو داود في سننه قال:
حدثنا أبو كامل وحميد بن مسعدة ... حديث عمرو بن شعيب عن
أبيه عن جده أن امرأة أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
.. وقد ذكرناه، وهذا الذي ضعفه الترمذي، لكنه من طريق حسين
المعلم؛ لأن الترمذي ذكره من حديث ابن لهيعة، ومن حديث
المثنى بن الصباح، وضعفهما, وضعف الحديث بهما، لكن خفي
عليه حديث حسين.
وقال النسائي في سننه: أخبرنا إسماعيل بن مسعود قال: حدثنا
خالد عن حسين عن عمرو بن شعيب ... إلى آخره، ثم قال:
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى ...
يقول: وهذا الحديث الذي أخرجه أبو داود والنسائي من طريق
حسين المعلم عن عمرو بن شعيب أقل درجاته الحسن، وبه تعلم
أن قول الترمذي -رحمه الله-: لا يصح في الباب شيء غير
صحيح؛ لأنه لم يعلم برواية حسين المعلم له عن عمرو بن
شعيب، بل جزم بأنه لم يروِ عن عمرو بن شعيب إلا من طريق
ابن لهيعة والمثنى بن الصباح، وقد تابعهما حجاج بن أرطأة،
والجميع ضعاف.
(50/27)
لكن مع ضعف الجميع الثلاثة، يعني الضعف في
الثلاثة غير شديد، صحيح المرجح الضعف، لكن الضعف في
الثلاثة يقبل الانجبار وليس بشديد.
ومنها: ما رواه أبو داود أيضاً قال: حدثنا محمد بن عيسى،
قال: حدثنا عتاب -يعني ابن بشير- عن ثابت بن عجلان عن عطاء
عن أم سلمة قالت: كنت ألبس أوضاحاً من ذهب، فقلت: يا رسول
الله أكنز هو؟ فقال: ((ما بلغ أن تؤدي زكاته)) يعني بلغ
إيش؟ النصاب، ((فزكي فليس بكنز)) وأخرج نحوه الحاكم
والدارقطني والبيهقي.
ومنها: ما رواه أبو داود أيضاً قال: حدثنا محمد بن إدريس
الرازي، قال: حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق قال: حدثنا
يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر أن محمد بن عمرو بن
عطاء أخبره أن عبد الله بن شداد بن الهاد أنه قال: دخلنا
على عائشة زوج النَّبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: "دخل
عليَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرأى في يديَّ فتخات
من ورق، فقال: ((ما هذا يا عائشة؟! )) فقلت: صنعتهن أتزين
لك يا رسول الله، قال: ((أتؤدِّين زكاتهن؟ )) قلت: لا، أو
ما شاء الله، قال: ((هو حسبك من النار)).
قال: حدثنا صفوان بن صالح، قال: حدثنا الوليد بن مسلم،
قال: حدثنا سفيان عن عمر بن يعلى ... فذكر الحديث نحو حديث
الخاتم، قيل لسفيان: كيف تزكيه؟ قال: تضمه إلى غيره.
وحديث عائشة هذا أخرج نحوه أيضاً الحاكم والدارقطني
والبيهقي.
وأخرج الدارقطني ... قال: لا بأس بلبس الحلي إذا أعطي
زكاته، قال البيهقي: وقد انضم إلى حديث عمرو بن شعيب حديث
أم سلمة وحديث عائشة، وساقهما.
ومنها: ما رواه الإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد بلفظ، قالت:
"دخلت أنا وخالتي على النَّبي -صلى الله عليه وسلم- وعلينا
أساور من ذهب، فقال لنا: ((أتعطيان زكاته؟ )) أقول: هذه
المسألة من عضل المسائل، وأنتم تسمعون فتاوى أهل العلم
المضطربة في هذه المسألة، تسمعون الفتاوى المضطربة، يمكن
تسمعونها كل يوم، ولذا لا بد من العناية بها.
طالب:. . . . . . . . .
يعني تطلب الزكاة قبل أن تفرض؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا قالوا غير هذا، بيجي، قبل أن يباح الحلي؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
(50/28)
قال البيهقي -رحمه الله-: وقد انضم إلى
حديث عمرو بن شعيب حديث أم سلمة وحديث عائشة، وساقهما.
ومنها: ما رواه الإمام أحمد عن أسماء بنت يزيد بلفظ، قالت:
"دخلت أنا وخالتي على النَّبي -صلى الله عليه وسلم- وعلينا
أساور من ذهب، فقال لنا: ((أتعطيان زكاته؟ )) فقلنا: لا،
قال: ((أما تخافان أن يسوركما الله بسوار من نار، أديا
زكاته)).
وروى الدارقطني نحوه من حديث فاطمة بنت قيس، وفي سنده أبو
بكر الهذلي وهو متروك، قاله ابن حجر في التلخيص.
الآن عندنا من الأحاديث ثلاثة، وكلها صالحة للاحتجاج،
الضعيف منها قابل للانجبار.
وأما الآثار: فمنها ما رواه ابن أبي شيبة والبيهقي من طريق
شعيب بن يسار قال: كتب عمر إلى أبي موسى: أن مُرْ مَنْ
قِبَلَكَ من نساء المسلمين أن يصدقن من حليهنَّ، يعني هذا
الموافق لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((تصدقن ولو من
حليكن)) يعني امتثال لأمره -عليه الصلاة والسلام-.
قال البيهقي: هذا مرسل شعيب لم يدرك عمر.
وقال ابن حجر في التلخيص: وهو مرسل، قاله البخاري، وقد
أنكر الحسن ذلك فيما رواه ابن أبي شيبة قال: لا نعلم أحداً
من الخلفاء قال: "في الحليّ زكاة" أنكر ذلك الحسن البصري
فيما رواه ابن أبي شيبة قال: لا نعلم أحداً من الخلفاء
قال: "في الحليّ زكاة".
ومنها: ما رواه الطبراني والبيهقي عن ابن مسعود أن امرأته
سألته عن حلي لها، فقال: إذا بلغ مائتي درهم ففيه الزكاة،
قالت: أضعها في بني أخ لي في حجري؟ قال: نعم.
قال البيهقي: وقد روي هذا مرفوعاً إلى النَّبي -عليه
الصلاة والسلام-، وليس بشيء، قال البخاري: مرسل، ورواه
الدارقطني من حديث ابن مسعود مرفوعاً، قال: وهذا وهم،
والصواب موقوف.
ومنها: ما رواه البيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
أنه كان يكتب إلى خازنه سالم -جد عبد الله بن عمرو- إلى
خازنه أن يخرج زكاة حلي بناته كل سنة، وما روي من ذلك عن
ابن عباس قال الشافعي: لا أدري أيثبت عنه أم لا؟ وحكاه ابن
المنذر والبيهقي عن ابن عباس وابن عمر وغيرهما، قاله في
التلخيص أيضاً، لكن الثابت عن ابن عمر ما سمعناه في
الموطأ.
(50/29)
وأما القياس: فإنهم قاسوا الحلي على
المسكوك والمسبوك بجامع أن الجميع نقد؛ لأن الصياغة للذهب
والفضة هل تخرجهما عن كونهما ذهب وفضة؟ بدليل أن الربا
يجري فيهما ولو بعد الصياغة.
أما القياس: فإنهم قاسوا الحلي على المسكوك والمسبوك بجامع
أن الجميع نقد.
وأما وضع اللغة: فزعموا أن لفظ الرقة، ولفظ الأوقية الثابت
في الصحيح يشمل المصوغ كما يشمل المسكوك، وقد قدمنا أن
التحقيق خلافه.
فإذا علمت حجج الفريقين، فسنذكر لك ما يمكن أن يرجع به كل
واحد منهما.
أما القول بوجوب زكاة الحلي فله مرجحات:
منها: أن من رواه من الصحابة عن النَّبي -صلى الله عليه
وسلم- أكثر، كما قدمنا روايته عن عبد الله بن عمرو بن
العاص وعائشة وأم سلمة وأسماء بنت يزيد -رضي الله عنهم-.
أما القول بعدم وجوب الزكاة فيه فلم يرو مرفوعاً إلا من
حديث جابر كما تقدم، وكثرة الرواة من المرجحات على
التحقيق.
ومنها: أن أحاديثه كحديث عمرو بن شعيب ومن ذكر معه أقوى
سنداً من حديث سقوط الزكاة الذي رواه عافية بن أيوب، حتى
على القول بأنه ثقة.
ومنها: أن ما دل على الوجوب مقدم على ما دل على الإباحة؛
لأن الإباحة جارية على الأصل، والقول بالوجوب ناقل عن
الأصل، ولا شك أن الناقل مقدم، والمؤسس مقدم على المؤكد؛
لأن الذي لا ينقل على الأصل، وباقي على أصل الإباحة هذا لو
جاء فيه نص فهو مؤكد لما قبله، وأما بالنسبة لما يأتي بحكم
جديد ينقل عن البراءة الأصلية يكون مؤسساً، والتأسيس عند
أهل العلم مقدم على التأكيد.
ومنها: أن ما دل على الوجوب مقدم على ما دل على الإباحة؛
للاحتياط في الخروج من عهدة الطلب كما تقرر في الأصول.
ومنها: دلالة النصوص الصريحة على وجوب الزكاة في أصل الفضة
والذهب، وهي دليل على أن الحلي من نوع ما وجب الزكاة في
عينه، هذا حاصل ما يمكن أن يرجح به هذا القول.
وأما القول بعدم وجوب الزكاة في الحليّ المباح فيرجح بأن
الأحاديث الواردة في التحريم إنما كانت في الزمن الذي كان
فيه التحلي بالذهب محرماً على النساء، والحلي المحرم تجب
فيه الزكاة اتفاقاً، يعني لو لبس الرجل حلي وجبت فيه
الزكاة، لو اتخذت المرأة آنية من الذهب والفضة وجبت فيها
الزكاة، وأما أدلة عدم الزكاة فيه فبعد أن صار التحلي
بالذهب ...
(50/30)
شرح: الموطأ –
كتاب الزكاة (3)
باب زكاة أموال اليتامى والتجارة لهم فيها - باب زكاة
الميراث - باب الزكاة في الدين
الشيخ: عبد الكريم الخضير
وأما أدلة عدم الزكاة فيه، فبعد أن صار التحلي بالذهب
مباحاً.
يقول الشيخ: والتحقيق أن التحلي بالذهب كان في أول الأمر
محرماً على النساء ثم أبيح، كما يدل له ما ساقه البيهقي من
أدلة تحريمه أولاً، وتحليله ثانياً، وبهذا يحصل الجمع بين
الأدلة، والجمع واجب إن أمكن كما تقرر في الأصول وعلوم
الحديث، ... إلى آخره.
ووجهه ظاهر؛ لأن إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما،
ومعلوم، إيش؟ ومعلوم أن الجمع إذا أمكن أولى من جميع
الترجيحات، فإن قيل: هذا الجمع يقدح فيه حديث عائشة
المتقدم، فإن فيه "فرأى في يدي فتخات من ورق" ... إلى
آخره، والورق: الفضة، والفضة لم يسبق لها تحريم، فالتحلي
بها لم يمتنع يوماً ما.
فالجواب ما قاله الحافظ البيهقي -رحمه الله تعالى- قال: من
قال: لا زكاة في الحلي زعم أن الأحاديث والآثار الواردة في
وجوب زكاته كانت حين كان التحلي بالذهب حراماً على النساء،
فلما أبيح لهن سقطت الزكاة.
قال: وكيف يصح هذا القول مع حديث عائشة إن كان ذكر الورق
فيه محفوظاً، غير أن رواية القاسم وابن أبي مليكة عن عائشة
في تركها إخراج زكاة الحلي، مع ما ثبت من مذهبها من إخراج
زكاة أموال اليتامى يوقع ريبة في هذه الرواية المرفوعة،
فهي لا تخالف النَّبي -صلى الله عليه وسلم- فيما روته عنه،
إلا فيما علمته منسوخاً.
يقول: وبالجملة فلا يخفى أنه يبعد أن تعلم عائشة أن عدم
زكاة الحلي فيه الوعيد من النَّبي -صلى الله عليه وسلم-
بأن حسبها النار، أو بأنه حسبها من النار، ثم تترك إخراجها
بعد ذلك عمن في حجرها، مع أنها معروف عنها القول: بوجوب
الزكاة في أموال اليتامى.
ومن أجوبة أهل هذا القول: إن المراد بزكاة الحلي عاريته،
ورواه البيهقي عن ابن عمر وسعيد بن المسيب والشعبي في إحدى
الروايتين عنه، وهذا حاصل الكلام في هذه المسألة، وأقوى
الوجوه بحسب المقرر في الأصول وعلم الحديث، الجمع إذا
أمكن، وقد أمكن هنا.
(51/1)
قال مقيده -عفا الله عنه-: وإخراج زكاة
الحلي أحوط؛ لأن ((من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه
وعرضه)) ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) والعلم عند الله
تعالى.
الآن ويش فهمنا من كلام الشيخ؟ ويش رجح؟
طالب:. . . . . . . . .
عدم الوجوب، بعد أن استقصى أدلة الفريقين من الأصول
الأربعة، من الأحاديث المرفوعة والآثار والقياس، واللغة،
رجح الشيخ عدم الوجوب، وإما أن تحمل الزكاة الواردة فيه
على الإعارة كما قال شيخ الإسلام، أو يقال: وجوب الزكاة
إنما كان قبل إباحة الحلي للنساء، على كل حال يبقى أن
القول الثاني له وجه فيه قوة، وقال به أئمة، يعني لو نظرنا
إلى الأئمة قال به الإمام أبو حنيفة، وقال به من أئمة
الأثر من المتقدمين والمتأخرين، نعم القول الثاني وعدم
وجوب الزكاة فيه هو قول الجماهير، هو قول جماهير أهل
العلم، وعرفنا ما في المسألة، فمن زكى فقد استبرأ لدينه
وعرضه، ومن ترك فله سلف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
إن المحرم تجب فيه الزكاة، ولو كان ..
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
(51/2)
جرت عليها قواعد، خلاص، مثل غيره من
المباحات، لما أبيح جرت عليه القواعد الشرعية أن ما يقتنى
للاستعمال ما فيه زكاة، كل ما يقتنى للاستعمال ما فيه
زكاة، هذا عموم الأدلة الشرعية كثير من المسائل تأتي على
هذا المنحى، وإلا كان الناس كلهم علماء، وكلهم فقهاء، لولا
وجود مثل هذه الإشكالات، صار الناس كلهم علماء، صارت هذه
المنازل التي يرفع الله بها العلماء في الدنيا والآخرة
متاحة لجميع الناس؛ لعظم هذا العلم صار مسلك وعر، ما يدركه
كل أحد، وجود هذه الإشكالات في كثير من المسائل، في كثير
من القضايا، وهذا مقصود للشرع، المسألة مسألة جهاد، لكن
الواحد على أريكته يسمع خبر ما له معارض كل الناس يحفظوه،
لو وجد خبر ما له معارض، هذا من الناحية العملية، ومن
الناحية العلمية التي هي تتعلق بالإيمان والرضا بالله -جل
وعلا- رباً، يعني بعض الناس إذا سمع مثل هذه الإشكالات،
يعني قد يقع في قلبه شيء من الزيغ، وينسب هذا الاختلاف إلى
أصل الدين، وأنه دين متعارض ومتناقض، لذا جاء في القرآن ما
هو متشابه، يمكن ما يعرفه أحد، قد يقول قائل: ما الفائدة
من الإتيان به هذا المتشابه؟ ليتميز الناس، وأما الذين في
قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه، وأما الراسخون في العلم
يقولون: آمنا به.
قل مثل هذا في كثير من المسائل التي هي مسائل معضلة، يرد
فيها من النصوص ما يقتضي السلب والإيجاب، ولكن من رسخ في
العلم، وتعب في تحصيله، وحرص على تحرير المسائل مخلصاً لله
-جل وعلا- في ذلك، يوفق مثل هذا، يوفق ويسدد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(51/3)
إذا ما زكوا ما عليهم شيء، لا سيما وهم
أئمة، تبي تجد أورع من مالك والشافعي وأحمد، وعامة أهل
العلم على هذا، في مقابل أبي حنيفة، يعني لو المسألة ثانية
يعني ما رجحت من قبل من هو ثقة، وله ثقل عند عامة الناس
اليوم، وتجد الإمام أبو حنيفة في كفة، وغيره في كفة، يمكن
ما ينظر إلى الإمام مع عظمته، الألسنة كلها متفقة على أنه
الإمام الأعظم، أبو حنيفة، يعني ما هو الإنسان يتطاول على
مثل هؤلاء الجبال، لكن ما دام يفتي به من عرف بالتحري
واتباع الدليل وكذا، صار له وزن، وإلا لو تأتي بمسألة
ثانية، الأئمة الثلاثة في كفة، وأبو حنيفة في كفة، ثم بعد
ذلك ما تجد من يرى قول أبي حنيفة من المعروفين عند الناس
ممن جعل الله لهم القبول، ما التفت الناس إلى قوله، إلا
عند من يقلده، وعلى كل حال القولان مثلما ذكرنا في بعض
القضايا التي فيها الأدلة تكاد تكون متكافئة.
طالب:. . . . . . . . .
والله اعلم الاحتياط هو ظاهر، من قديم وأنا أقول
بالاحتياط.
طالب:. . . . . . . . .
من جمع العملات والتحف، ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
فيه زكاة وإلا ما فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
العملات، تقصد العملات الملغاة التي لا يتم التداول بها،
وقيمتها أضعاف أضعاف قيمتها وقت التداول، هذه عروض، عروض
تجارة هذه، يعني الريال مثلاً ريال اللي يسمونه الفرنسي،
كان متداول في هذه البلاد قبل ضرب الريال السعودي، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إيه، الآن لو يوجد يستحق مبلغ كبير ما هو ... ، وهناك
عملات قبله أكثر قيمة منه، المقصود أن هذه العملات قيمتها
أكثر من قيمتها وقت التداول، هذه عروض تجارة، والتشاغل بها
وبذل الأموال فيها لا شك أنه من باب الإسراف؛ لأنها لا
قيمة لها حقيقة، إنما هي من باب الإسراف.
(51/4)
بعض السفهاء الذين يتندرون بفتاوى أهل
العلم ويتلقطون مثل هذه المسائل، يقول: أنت لو تستمع إلى
فتاوى المشايخ وجدت أن الذهب يوم السبت فيه زكاة، ويوم
الأحد ما فيه زكاة، ويوم الاثنين الأحوط، ويوم الثلاثاء
كذا، يعني مثل هؤلاء يخفى عليهم خلاف أهل العلم القديم
والحديث، وأن الخلاف موجود من عصر الصحابة، لا شك أن مثل
هذا لتعظم الأجور، يعني من تعب على تحرير مسألة وجمع ما
فيها، هذا التعب عبث؟ هذا أفضل من جميع نوافل العبادة.
طالب:. . . . . . . . .
ما في شك، الذي يحتاج إلى ضبط، يحتاج إلى خطام وزمام إذا
تولى الأمر من ليس بكفؤ، مثل هذا لا بد من كفه، أما
الأكفاء فالخلاف موجود من عهد الصحابة.
يقول -رحمه الله-:
"قال مالك: من كان عنده تبر أو حلي من ذهب أو فضة" عرفنا
حَلي، هذه المفرد، وجمعه حلي "لا ينتفع فيه للبس فإن عليه
فيه الزكاة في كل عام" لأنه حينئذٍ يكون حكمه حكم الكنز،
وليس حكمه حكم ما يقتنى للاستعمال "يوزن فيؤخذ ربع عشره،
إلا أن ينقص من وزن عشرين ديناراً عيناً أو مائتي درهم،
فإن نقص من ذلك فليس فيه زكاة، وإنما تكون فيه الزكاة إذا
كان إنما يمسكه لغير اللبس" يعني إذا كان يمسكه للبس كان
كسائر ما يستعمله، طيب كتب طالب العلم فيها زكاة وإلا ما
فيها زكاة؟ ولو كثرت، يعني قد تقوم حاجته بألف مجلد، يقول:
لا، يمكن أحتاج في يوم من الأيام هذا الكتاب، وهذا الكتاب
إلى أن تبلغ عشرة آلاف مجلد، نعم، هي مستعملة، كلها
مستعملة حقيقة أو حكماً.
يقول: "وإنما تكون الزكاة إذا كان إنما يمسكه لغير اللبس،
فأما التبر والحلي المكسور الذي يريد أهله إصلاحه ولبسه
فإنما هو بمنزلة المتاع الذي يكون عند أهله، فليس على أهله
فيه زكاة".
"قال مالك: ليس في اللؤلؤ ولا في المسك" الطيب المعروف
"ولا العنبر زكاة" كسائر العروض، لا زكاة في أعيانها، يعني
لا يطلب الزكاة من أعيانها، ليست هي من الزكويات، وإنما
تطلب الزكاة في أقيامها، فهي تزكى باعتبار أنها عروض
تجارة، وسيأتي ما في العروض من وجوب الزكاة في قول عامة
أهل العلم ومخالفة أهل الظاهر في هذا، في باب مستقل -إن
شاء الله-.
(51/5)
في دراهم مسكوكة في وقت الحرب العالمية
الأولى، وهي جايئة من طريقها في محل الصناعة والصياغة
لتكون دراهم، غرقت السفينة، ضربت في وقت الحرب العالمية
فغرقت السفينة والأموال غاصت في البحر، ثم قبل سنوات
يسيرة، ما أدري سنتين أو ثلاث بحث عن هذه الأموال، وأخرج
قدر كبير منها، بعد كم ستين سبعين سنة، أخرج منها، وبيعت
في مزادات، المقصود أن مثل هذه إذا عثر عليها هل حكمها حكم
الكنز أو لقطة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وعليها ضرب إسلامي، واسم مسلمين، ودولة مسلمة.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هل هي تكون ركاز يملكها واجدها، أو هي لقطة وجدها
فيعيدها إلى صاحبها، صاحبها معروف، أربابه معروفون.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى وآله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين
يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب زكاة أموال اليتامى
والتجارة لهم فيها:
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله
عنه- قال: "اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة".
وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال:
"كانت عائشة تليني وأخاً لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من
أموالنا الزكاة".
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي -صلى الله
عليه وسلم- كانت تعطي أموال اليتامى الذين في حجرها من
يتجر لهم فيها.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه اشترى لبني أخيه يتامى
في حجره مالاً، فبيع ذلك المال بعد بمال كثير.
قال مالك -رحمه الله-: لا بأس بالتجارة في أموال اليتامى
لهم إذا كان الولي مأذوناً، ولا أرى عليه ضماناً.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب زكاة أموال اليتامى والتجارة لهم فيها:
اليتامى: جمع يتيم، وهو بالنسبة لنبي آدم من مات أبوه قبل
البلوغ، فإذا بلغ الحنث ارتفع عنه الوصف، بحيث إذا كلف
ارتفع عنه وصف اليتم.
(51/6)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر
بن الخطاب قال: اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها
الزكاة".
فدل على أن أمير المؤمنين عمر -رضي الله تعالى عنه- يرى أن
الزكاة تجب في مال الصبي ولو لم يبلغ، ولو لم يكلف، ومثله
ما جاء عن عائشة.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه
-القاسم بن محمد أحد الفقهاء السبعة- عن أبيه -القاسم بن
محمد- أنه قال: كانت عائشة تليني" وهو ابن أخيها، محمد بن
أبي بكر الصديق، تليه وتلي أخاً له يتيمين في حجرها، وكانت
تلي أخواتهما على ما تقدم، ولا تخرج زكاة حليهما، حلي
هؤلاء البنات، وتخرج زكاة أموال هؤلاء الصبية؛ لأنها كانت
هي الولي عليهم بعد مقتل أبيهم بمصر في القصة المعروفة.
يقول: "فكانت تخرج من أموالنا الزكاة" فلولا وجوب الزكاة
في مال الصبي لما ساغ لها هذا التصرف.
ثم قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي -صلى
الله عليه وسلم- كانت تعطي أموال اليتامى الذين في حجرها
من يتجر لهم فيها" هذه المسألة الأخرى، المسألة الأولى وهي
وجوب الزكاة في مال الصبي، ومثله المجنون، جمهور أهل العلم
على وجوب الزكاة في مال الصبي والمجنون، والحنفية لا يرون
فيها الزكاة؛ لأنه غير مكلف، فكما أنه غير مطالب بالصلاة
ولا بالصيام ولا بالحج قبل التكليف؛ لأنه قد رفع القلم
عنه، كونه يؤمر بها من أجل التمرين هذا شيء، لكن الكلام
على كتابة الحسنات والسيئات، القلم مرفوع عنه، فلا يطالب
بالصلاة على سبيل الوجوب والإلزام، ولا الصيام ولا الحج،
أبو حنيفة يقول: والزكاة كذلك، الجمهور يرون أن الزكاة
واجبة في مال الصبي والمجنون؛ لعموم الأدلة، {خُذْ مِنْ
أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة] هذا يشمل
الكبير والصغير؛ لأن المسألة تعلقها في المال، وفي حديث
بعث معاذ إلى اليمن ((فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة
تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) والذي يملك المال غني،
كبيراً كان أو صغيراً، عاقلاً كان أو مجنوناً، فعموم
الأدلة يدل على وجوب الزكاة في أموال غير المكلفين.
(51/7)
طيب رفع القلم عن مثل هؤلاء ألا يعفيهم من
دفع الزكاة؟ ويش معنى رفع القلم؟ أنه لا يكتب عليهم شيء،
لكن قالوا: إن أخذ الزكاة من أموالهم ليس مرده الحكم
التكليفي، ليس مرده الحكم التكليفي، وإنما هو من باب ربط
الأسباب بمسبباتها، وجد المال فتجب الزكاة، وجد السبب يوجد
المسبب، فمرده إلى الحكم الوضعي، وليس الحكم التكليفي،
وخبر عمر -رضي الله تعالى عنه- لا تأكلها الزكاة، دل على
أن اليتامى في أموالهم الزكاة، وإخراج عائشة -رضي الله
تعالى عنها- لزكاة اليتامى هؤلاء دليل على أنها ترى أن
فيها الزكاة مع عموم الأدلة، ولذا قال بمقتضى هذا جمهور
أهل العلم خلافاً لأبي حنيفة.
المسألة الثانية: الاتجار في أموال اليتامى، يقول عمر -رضي
الله تعالى عنه-: "اتجروا في أموال اليتامى".
قال: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عائشة زوج النبي -صلى
الله عليه وسلم- كانت تعطي أموال اليتامى الذين في حجرها
من يتجر لهم فيها" لئلا تأكلها الزكاة، المال الذي ينقص
ينتهي، الذي ينقص ولا ينمو هذا ينتهي، ولا بد من تحريكه
والاتجار به؛ لئلا تأكله الزكاة، وتأكله النفقات أيضاً.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه اشترى لبني
أخيه عبد ربه بن سعيد يتامى في حجره مالاً، فبيع ذلك المال
بعد بمال كثير" يعني حرك المال، اشترى به سلعة فكسبت مكاسب
كثيرة.
قال مالك: "لا بأس بالتجارة في أموال اليتامى لهم" ليس
معنى هذا أن الولي يضارب ويتاجر بأموال اليتامى والربح له،
لا، إنما يقول: في أموال اليتامى لهم، الربح لهم، ولا
للولي "إذا كان الولي مأذوناً له" يعني من قبل من عينه في
الولاية، سواءً كان الأب أو القاضي الذي هو الحاكم، إذا
كان مأذوناً له يتجر ويتصرف مراعياً في ذلك المصلحة، مصلحة
هؤلاء اليتامى، يقول: فلا أرى عليه ضماناً؛ لأنه أمين،
مؤتمن، ما لم يفرط، أما إذا فرط أو تَصرف تصرُف غير مرضي
فحينئذٍ يضمن.
(51/8)
إن اتجر بهذه الأموال لنفسه يقول: أنا عندي
أيتام لهم مليون ريال جالس، وبدل ما يجلس اتجر بهذا
المليون لنفسي، ومتى ما بغوه موجود يعني، وهذه مسألة
يحتاجها كثير من الناس، لا لهذه القضية بعينها، أحياناً
تعطى أموال لتوزيعها على الفقراء، ثم تحتاج أنت، بحثت عن
فقير أو عن أسرة بعينها من ذوي الحاجات، وقالوا: إنهم
سافروا، بعد شهر بيجون، تقول: أنا أتصرف بها خلال هذا
الشهر، أقترضها وأتصرف بها، وهذا يتسامح فيه كثير من
الإخوان، يتصرفون على نية الضمان، وحينئذٍ ينتقل المال من
كونه وديعة وأمانة غير مضمونة إلى كونه قرض مضمون بحيث لو
تلف يضمنه لأصحابه، فمسألة الاقتراض إذا كان يغلب على الظن
الرد في وقته، إذا كان يجزم برده في وقته؛ ولعدم احتياج
صاحبه إليه وقل مثل هذا في الودائع والأمانات، أراد شخص أن
يسافر ووضع عندك وديعة، أمانة، مبلغ من المال، قال: لئلا
يسرق، لئلا يضيع، لئلا ينهب، أضعه عندك، فقلت: ما دام
جالس، وأنا أعرف أن صاحبه ما هو بجاي إلا مع بداية
الدراسة، بعد ثلاثة أشهر أتصرف به، وإذا جاء دفعته إليه.
وقل مثل هذا في الودائع التي تودع من قبل الناس في البنوك،
الناس يودعونها على أساس أنها أمانات في البنوك وإلا قروض؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لو كانت أمانات ما تصرف فيها البنك، البنك الآن إذا
أعطيتها المبلغ يربطه بحبل، ويكتب عليه اسمك، ويودعه في
خزينته، فإذا جئت سلمت نفس المبلغ؟ وإلا يتصرف فيه، ويدخله
مع أمواله، ويبيع ويشتري، وإذا جئت أعطاك غيره؟ هذا
اقتراض، ما هو بأمانة، ولذا لو تلف يضمن، بخلاف الصورة
الأولى، لو جعله أمانة، بمعنى أنه كتب عليه اسمك، وقال:
هذا المبلغ لفلان، ومتى ما جاء يسلم، وبالفعل لما جئت
وجدته ما حرك هذه أمانة، بمعنى أنه لو تلف لا يضمن البنك،
ولا يضمن المؤتمَن.
(51/9)
أقول: الاقتراض لا شك أن الورع عدمه، ولو
غلب على الظن رده في وقته، ولو غلب على الظن أن صاحبه لا
يحتاجه قبل وقت الرد؛ لأنه عرضة لئن يطلب في وقته فلا
يتيسر، بعض الناس يأخذ أموال من طلاب العلم، أموال من
التجار، ويقولون لهم: هذه زكوات أو صدقات، ووزعوها على
نظركم، ثم يدخلها في حسابه ويتصرف كيفما شاء، يشتري لنفسه
ولأهله ولبيته ما يريد، يشتري سيارة، يجدد أثاث، يسوي يفعل
يترك من هذه الأموال، وهو ماشي في توزيع الصدقات؛ لأن بين
أول واحد وآخر واحد مدة قد تكون طويلة إذا كان المبلغ
كبير، فبعضهم يتسامح في مثل هذا إذا غلب على الظن الرد في
وقت الحاجة، ولا شك أن الأحوط والورع عدم التعرض لمثل هذه
الأشياء؛ لئلا يحصل ما لم يخطر على البال، أحياناً أنت
تقدر أنك في آخر الشهر، أو في نهاية المدة عند الحاجة إلى
هذا المبلغ تقدر أنه سهل الرد، لكن وما يدريك عن المستقبل،
يمكن ما تستطيع، وكم من شخص تعرض لإحراجات، بل تعرض
لاتهامات، وأنزل نفسه مواضع التهم لهذا السبب، اقترض هذا
المال وتصرف فيه، ثم عند وقت الحاجة ما استطاع الرد.
طالب:. . . . . . . . .
هو ضامن على كل حال.
طالب: يضمن في نفس الوقت.
هو إذا كان .. ، ما في شك، إذا كان .. ، إلى وقت الحاجة،
أنت الآن تصور أعظم من ذلك البيان والتبليغ عن الله -جل
وعلا- من قبل الرسل في الدين، يعني قبل وقت الحاجة يلزم
البيان؟ ما يلزم، لكن في وقت الحاجة ما يجوز تأخيره.
(51/10)
هنا المسألة في أموال الناس المبنية على
المشاحة، وهي من هذه الحيثية ينبغي أن يحتاط لها، منهم من
يتسمح، يقول: ما دام أعطاك المال، وقال: أنا والله مسافر
لإجازة ثلاثة أشهر، وإذا رجعت أريده، أنت تتصرف، ما أذن لك
بالتصرف، ولا استأذنته، ويغلب على ظنك أنك لو استأذنت
بيأذن لك، بعضهم يقول: إذا كان الأمر كذلك فلا مانع من أن
تتصرف على أن تجزم بأنك عند مجيئه توفرها له، لكن أنت لك
ديون في ذمم الناس، تقول: أنا وعدني فلان، لي عليه دين أن
يسلمه بعد شهر، ما هو بثلاثة أشهر، لكن تبين أن هذا الشخص
مماطل، صرفت هذه الأموال على هذا الأساس، فتبين أنه مماطل،
جاء صاحب المال، تقول: والله أنا متحري مال يبي يجي، أقول:
يحصل في الواقع شيء ما حسب له حساب، فيتحاشاه الإنسان بقدر
الإمكان إن اضطر إليه، ففي القول الثاني سعة، لكن بحيث لا
يعرض أموال الناس للضياع.
طالب:. . . . . . . . .
بس لا بد أن يستأذن، إذا أذن له لا بأس، إذا قال: أنا
أتصرف.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو إذا استأذن وقال: أتصرف بها، وإذا جاء وقت الحاجة
أنا ضامن، بحيث متى ما طلبت إذا أذنوا له الأمر سهل يعني
واضح هذا.
طالب: لو ما استأذن؟
لو ما استأذن أقول: إذا احتيج إليها، يعني احتاجها الإنسان
ويغلب على ظنه أنه يجدها في وقت الطلب، فالقول الثاني فيه
سعة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الآن هي تأخذ لأناس معينين، هي نائبة عن الأغنياء أو عن
الفقراء؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا الكلام في هذه الصورة إذا ذهبت الجمعية إلى
الأغنياء وطلبت باسم الفقراء، نائبة عن الفقراء، لكن إذا
كان الغني ابتداءً جاء إلى هذه الجمعية، وقال: وزعوا عني
هذه الأموال صارت نائبة عن الغني.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الصورة منفكة.
طالب: لكن أقصد الجمعيات هي مسجل عندها الفقير، وتعطي في
الغالب من يسجل عندها، فهي نائبة عنه في الاستلام
والتسليم، والبعض إما أن تذهب إلى الغني ....
(51/11)
أنا أقول: في حالة ذهابهم إلى الأغنياء
والطلب باسم الفقراء هي نائبة عن الفقراء، إذا جاء الغني
إلى الجمعية ودفع لها المال لتوزعه على الفقراء هي نائبة
عن الغني، والفرق بين الصورتين أنها إذا كانت نائبة عن
الفقراء جاز لها أن تتصرف، الأمر الثاني يجوز لها إيش؟
أنها توزعه على طول السنة، الفقير ما يحتاج إلى مبلغ كبير
يسلم إليه؛ لأن من طبيعة الفقير أنه لا يحسن التصرف، يعطى
حاجة سنة، فيصرفها في أسبوع، هذا واضح عندهم، عند كثير
منهم مطرد، لكن إذا قلنا: هي نائبة عن الأغنياء، والأغنياء
لا يجوز لهم التأخير إذاً الجمعية لا يجوز لها التأخير،
تصرفها في الحال، فرقنا بينما إذا جاء الغني إلى الجمعية
وقال: ادفعوها إلى الفقراء، الآن نائبة عن الغني، إذا ذهبت
الجمعية إلى الأغنياء وطلبت منهم باسم الفقراء، هي في هذه
الصورة نائبة عن الفقراء، والفرق بين التصرفين واضح.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هي لا بد أن تفرق، بحيث إذا كانت نائبة عن الأغنياء
تشوف الحاجات العاجلة، تنظر في الحاجات العاجلة، ولتصرف
هذه الأموال التي نابت فيها عن الأغنياء للشهر الأول
للفقراء، يترك ما بعده من الأشهر إذا طلبت الجمعية من
الأغنياء، فيما إذا كانت نائبة عن الفقراء.
طالب:. . . . . . . . .
لا بد من التفريق؛ لأن الغني لا يجوز له التأخير فنائبه في
حكمه، لا يجوز له التأخير.
طالب:. . . . . . . . .
بالنسبة ... ، يسأل عنها كثيراً العامل على الصدقة، وهذه
يفعلها ويتصرف فيها كثير من الشباب، يجمع باسم الفقراء،
ويأخذ نسبة عشرة خمسة بالمائة باسم عامل على الصدقة،
العامل لا يكون عاملاً إلا إذا ولاه الإمام، أما أن يترك
الناس يتصرفون يجمعون بأسماء الفقراء، ثم يتبين أنهم بعد
سنة وسنتين أغنياء من خلال هذا الجمع على حساب الفقراء، ما
هو بصحيح، هذه لا بد لها من حل، لا يستطيع أحد أن يتصرف،
يقول: ما من مسجد يجمع مجموعة من صغار السن عند أبواب
المسجد، ثم بعد ذلك يوزع عليه من هذه الزكوات أبداً، هو ما
يملك، فالعامل إذا ولاه الإمام وفرض له نسبة نعم، منصوص
عليه، من المصارف، ولو تركت لتصرفات الناس واجتهاداتهم
ضاعت، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(51/12)
بلا شك، يعني لأنك أنت لا يجوز لك التأخير
فنائبك مثلك.
طالب:. . . . . . . . .
سهل، النفل ما له حد محدد، النفل ما له حد، لكن الزكاة
الواجبة إذا حال عليها الحول لا يجوز تأخيرها، يتسامح أهل
العلم باليوم واليومين والثلاثة، لكن إذا تصرفت الجمعية
على مقتضى برنامجها المعد عندها على مدى سنة تنفق على
هؤلاء الفقراء، معناه أن الزكاة بتتأخر سنة، هذا الكلام
كله على الكلام على الزكاة التي لا يجوز تأخيرها، أما
الصدقات فأمرها واسع، يعني ليس لها وقت محدد.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو معروف. . . . . . . . .
طالب:. . . . . . . . .
نعم، إيه.
طالب:. . . . . . . . .
وإلا له طرق، أكثر من طريق، إيه ثابت، معروف عنه، وتصرف
عائشة ما فيه إشكال، تصرف عائشة مثل الشمس.
طالب:. . . . . . . . .
النقص الحسي لا ينكره عاقل، يعني ألف ريال راح منه خمسة
وعشرين، صار تسعمائة وخمسة وسبعين، هذا ما ينكره أحد،
السنة الثانية مثل، الثالثة مثل، هذا واضح، لكن كونها بركة
وينمو وطهرة للمزكي وللمال، وحفظاً له من أن يسرق، هذا
أمور معنوية وثابتة شرعاً من اسم الزكاة، لكنه أمر معنوي،
أما الأمر الحسي لا ينكره أحد.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا أبوه، في بني آدم من فقد أباه، في غير الحيوانات من
فقد الأم، من الذي أنابه؟ أنابه ولي الأمر، لا، مثل هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما هي بمسألة أناب، الآن أئمة مساجد يكلفون شباب
عند أبواب المسجد يجمعون ويعطونه.
طالب:. . . . . . . . .
يعني مرخص لها، هذا إذا حددت النسبة من قبل ولي الأمر،
يعني صار فيه نوع من التحديد، أما أن يترك لهم أناس يعطون
عشرة بالمائة، وناس خمسة بالمائة، وواحد بدون، ناس بدون
قيد ولا شرط، ما يصلح هذا أبداً، هذا ضياع هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه حددت لها موظفين، لكن ما نسبة ما يؤخذ؟ هل يمكن أن
يأخذ العامة خمسين بالمائة من الزكاة؟
طالب:. . . . . . . . .
ما خول بنسبة معينة، لا، ما ترك له مثل هذا أبداً، هذا
غلط، لا بد من ضبطه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هذا لا بد من ضبطه.
سم.
أحسن الله إليك.
(51/13)
باب زكاة الميراث:
حدثني يحيى عن مالك أنه قال: إن الرجل إذا هلك ولم يؤدِ
زكاة ماله إني أرى أن يؤخذ ذلك من ثلث ماله، ولا يجاوز بها
الثلث، وتبدّى على الوصايا، وأراها بمنزلة الدين عليه،
فلذلك رأيت أن تبدى على الوصايا قال: وذلك إذا أوصى بها
الميت، قال: فإن لم يوصِ بذلك الميت ففعل ذلك أهله فذلك
حسن، وإن لم يفعل ذلك أهله لم يلزمهم ذلك.
قال: والسنة عندنا التي لا اختلاف فيها أنه لا يجب على
وارث زكاة في مال ورثه في دين، ولا عرض، ولا دار، ولا عبد،
ولا وليدة حتى يحول على ثمن ما باع من ذلك، أو اقتضى الحول
من يوم باعه وقبضه.
وقال مالك -رحمه الله-: السنة عندنا أنه لا تجب على وارث
في مال ورثه الزكاة حتى يحول عليه الحول.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب زكاة الميراث:
(51/14)
"حدثني يحيى عن مالك أنه قال: إن الرجل إذا
هلك" وهلك في الأصل تعني مات من غير زيادة {حَتَّى إِذَا
هَلَكَ} [(34) سورة غافر] هذا قيل بإزاء نبي، نعم، لكن
العرف، العرف عند أهل العلم لا يطلقون هلك في غير
المواريث، يعني في مسائل الميراث كلها هلك هالك، لكن في
غير المواريث إذا ترجموا لأحد أو أعلنوا خبر إنما يقولون:
هلك في حق من لا ترضى سيرته، هذا عُرف، وإن كان أصل الكلمة
بإزاء من مات من غير زيادة "إذا هلك ولم يؤدِ زكاة ماله،
إني أرى أن يؤخذ ذلك من ثلث ماله، ولا يجاوز بها الثلث"
والسبب في ذلك يقولون: لأنه متهم أن يقر على نفسه بالزكاة؛
ليحرم وارثه، فلا يشاء أحد أن يمنع وارثه إلا منعه، لكن
متى يتهم؟ يتهم إذا ادعى زكاة تجحف بماله، إذا قال صاحب
المال: أنا والله من عشرين سنة ما زكيت، تحسب هذه السنين،
فلا يبقى للوارث شيء يذكر، أما زكاة سنة واحدة، يعني زكاته
تجب أو تحل في رجب، ثم توفي في رمضان مثلاً، وعند وفاته
قال: ترى يا أولادي أنا ما طلعت الزكاة، والزكاة اثنين
ونصف بالمائة، لا شك أنها دين في ذمته، ودين الله أحق
بالوفاء، فتخرج من رأس المال، لكن لو قال: إنها من عشرين
سنة ما زكيت، والآن أنا تائب، هنا يتهم أنه يريد حرمان
الورثة، وإلا ويش اللي ترك المدة متطاولة وهو ما زكى؟ فإذا
قبضه الوارث قبل أن تخلى الزكاة ما عليه شيء، حتى يستقبل
به حولاً جديداً.
وفرق بين أن يقر بنسبة لا تؤثر بالمال، زكاة سنة واحدة،
هذا يقبل إقراره، وتخرج من أصل المال، لكن إن أقر بشيء
يجحف في المال، ويضر بالورثة، من زكاة سنين متتابعة هنا
يقال: لا يلزم؛ لأنه حينئذٍ يتهم.
مالك يرى أنه مطلقاً الزكاة تؤخذ من الثلث كالوصية.
(51/15)
يقول: "تبدّى على الوصايا" يعني تقدم على
الوصايا "وأراها بمنزلة الدين عليه" لكن الدين من رأس
المال، لماذا فرق بين الدين؟ على رأي مالك حتى عند مالك
الدين من رأس المال وليس من الثلث؛ لأن للدين من يثبته،
البينات، أما الزكاة فهي بمجرد إقرار الميت، بمجرد إقراره،
ففرق بينهما من هذه الحيثية، ما دام الدين له من يثبته
بالبينات، فإذا ثبت فهو من أصل، لا يتصور فيه حرمان وارث،
افترض أن الميت أقر على نفسه بأنه مدين لفلان، وفلان ما
عنده بينات، يكون حينئذٍ بمنزلة الإرث الذي ذكره مالك،
يكون من الثلث فقط، بمنزلة الزكاة التي أشار إليها.
يقول: "وأراها بمنزلة الدين عليه" هي دين، ولذا في الحقوق
المتعلقة بالتركة خمسة: مؤونة التجهيز، وهذا لا يقدم عليها
شيء؛ لأنه يترتب عليها دفن الميت، الثاني: الديون المتعلقة
بعين التركة كالديون التي فيها رهن، هذه مقدمة، الثالثة:
الديون المطلقة، والخلاف بين أهل العلم في تقديم ديون الله
لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((دين الله أحق)) أو تقديم
ديون الآدميين باعتبار أن حقوقهم مبنية على المشاحة، هذه
المسألة معروفة الخلاف فيها بين أهل العلم، الرابع:
الوصايا، والخامس: الإرث.
فالزكاة إذا أقر بها، وأنه لم يزكِ زكاة سنة واحدة، وهذه
النسبة لا يمكن أن يتصور أنه يريد أن يضر الورثة بهذه
النسبة، ولن يتضرر الورثة بمثل هذا، فيخرج من أصل المال،
إذا أقر بزكاة تضر بالورثة سنين متطاولة متتابعة، تأتي على
المال أو على أكثره، فحينئذٍ لا يعتبر إقراره، لا سيما إذا
كان إقراره في مرض الموت.
قال مالك: "وذلك إذا أوصى بها الميت، فإن لم يوص بذلك
الميت ففعل ذلك أهله فذلك حسن" يعني تبرعوا من أنفسهم
إبراء لذمة أبيهم هذا حسن "وإن لم يفعل ذلك أهله لم يلزمهم
ذلك" انتقل المال إلى الورثة، لهم الغنم وعليه الغرم، يعني
لو الإنسان مخلط في كسب الأموال، يجمع الأموال بكل شراهة،
من حل ومن غير حل، من حلال ومن حرام، ثم انتقل إلى الورثة
حلال بالنسبة للوارث، لكن الحساب على من جمعه.
طالب:. . . . . . . . .
(51/16)
نعم التسديد عنه، ومحاولة إبراء ذمته بقدر
الإمكان، وتعديل وصيته، كل هذا من باب البر به، لكن ما
يلزم، ليس بلازم، فينتبه الإنسان لنفسه، لا يصير تحت راحة
ولد، ولا زوجة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما حال عليه الحول.
قال -رحمه الله-: "والسنة عندنا التي لا اختلاف فيها" يعني
في بلدهم بالمدينة "أنه لا يجب على وارث زكاة" زكاة المال
عند صاحبه الأصلي في رمضان، توفي في شعبان، ما يلزمه زكاة؛
لأنه ما حال عليه الحول، استلمها الوارث بعد وفاة مورثه،
هل نقول للوارث: زكِ في رمضان؟ لا، لا، يستقبل بها حولاً
جديداً؛ لأنه مال مكتسب جديد، يحتاج إلى حول جديد.
"أنه لا يجب على وارث زكاة في مال ورثه في دين ولا عرض ولا
دار" كل مال ورثه لا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول "ولا
عبد، ولا وليدة" أمة "حتى يحول على ثمن ما باع من ذلك أو
اقتضى -قبض- الحول" يعني سواءً كان باع بعض ما ورثه أو بقي
عيناً ورثها، فإذا حال عليها الحول يزكيها، سواءً كانت دار
وإلا عبد وإلا أمة، وإلا أي عرض من عروض التجارة إذا حال
عليها الحول فإنه يزكيها.
قال مالك: "السنة عندنا أنه لا تجب على وارث في مال ورثه
الزكاة حتى يحول عليه الحول" لأنه مال حادث، يستقبل به
الحول من يوم الملك والقبض، وهذا محل إجماع، نعم.
باب الزكاة في الدين:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أن
عثمان بن عفان -رضي الله عنه- كان يقول: "هذا شهر زكاتكم،
فمن كان عليه دين فليؤدِ دينه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه
الزكاة".
وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي تميمة السختياني أن عمر بن
عبد العزيز كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلماً يأمر برده
إلى أهله، ويؤخذ زكاته لما مضى من السنين، ثم عقب بعد ذلك
بكتاب أن لا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة فإنه كان ضماراً".
وحدثني عن مالك عن يزيد بن خصيفة أنه سأل سليمان بن يسار
عن رجل له مال وعليه دين مثله أعليه زكاة؟ فقال: لا.
(51/17)
قال مالك -رحمه الله-: الأمر الذي لا
اختلاف فيه عندنا في الدين أن صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه،
وإن أقام عند الذي هو عليه سنين ذوات عدد، ثم قبضه صاحبه
لم تجب عليه إلا زكاة واحدة، فإن قبض منه شيئاً لا تجب فيه
الزكاة، فإنه إن كان له مال سوى الذي قبض تجب فيه الزكاة
فإنه يزكى مع ما قبض من دينه ذلك.
قال: وإن لم يكن له ناض ...
ناض.
أحسن الله إليك.
قال: وإن لم يكن له ناض غير الذي اقتضى من دينه، وكان الذي
اقتضى من دينه لا تجب فيه الزكاة فلا زكاة عليه فيه، ولكن
ليحفظ عدد ما اقتضى، فإن اقتضى بعد ذلك عدد ما تتم به
الزكاة مع ما قبض قبل ذلك فعليه فيه الزكاة.
قال: فإن كان قد استهلك ما اقتضى أولاً، أو لم يستهلكه،
قال: فالزكاة واجبة عليه مع ما اقتضى من دينه، فإذا بلغ ما
اقتضى عشرين ديناراً عيناً، أو مائتي درهم فعليه فيه
الزكاة، ثم ما اقتضى بعد ذلك من قليل أو كثير فعليه الزكاة
بحساب ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: والدليل على الدين يغيب أعواماً ثم
يقتضى فلا يكون فيه إلا زكاة واحدة أن العروض تكون للتجارة
عند الرجل أعواماً، ثم يبيعها فليس عليه في أثمانها إلا
زكاة واحدة، وذلك أنه ليس على صاحب الدين أو العروض أن
يخرج زكاة ذلك الدين، أو العروض من مال سواه، وإنما يخرج
زكاة كل شيء منه، ولا يخرج الزكاة من شيء عن شيء غيره.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا في الرجل يكون عليه
دين، وعنده من العروض ما فيه وفاء لما عليه من الدين،
ويكون عنده من الناض سوى ذلك ما تجب فيه الزكاة فإنه يزكي
ما بيده من ناض تجب فيه الزكاة، وإن لم يكن عنده من العروض
والنقد إلا وفاء دينه، فلا زكاة عليه حتى يكون عنده من
الناض فضل عن دينه ما تجب فيه الزكاة فعليه أن يزكيه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب الزكاة في الدين:
والدين لا يخلو إما أن يكون للإنسان على غيره، أو عليه
لغيره.
(51/18)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن
السائب بن يزيد الكندي" صحابي "أن عثمان بن عفان" في رواية
البيهقي يقول: سمعت عثمان خطيباً "يقول: "هذا شهر زكاتكم"
بعض الشراح يقول: إن الإشارة هذه إلى رجب، وأنهم كانوا
يزكون في رجب، ولا دليل عليه؛ لأن الأصل أن زكاة كل صاحب
مال بحسب حلول الحول عليه، بغض النظر عن غيره، ولذا لا
يكون للزكاة شهر واحد، هذا الأصل، هذا يحول على أمواله
الحول في محرم، وهذا في صفر، وهذا في رجب، وهذا في القعدة
وهكذا كلٌ شهر زكاته إذا حال على ماله الحول، لكن عموم
المسلمين يعني من القدم وهم يتوخون الأوقات التي يكون فيها
مضاعفة، تكون فاضلة، فيحرصون على أن تكون الزكاة فيه، وهذا
تتابع الناس على أن تكون زكواتهم في رمضان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يتوخون أن تكون الزكاة في رمضان، أنت زكاتك في رجب، تقول:
أنا با أزكي في رمضان، نقول: لا، لا يجوز، زكاتك في القعدة
تبي تزكي في رمضان نقول: نعم، طيب أريد أن أزكي في رمضان،
نقول: قدم، قدم في رمضان الذي قبله، ولو لم يحل عليه
الحول؛ لأن تعجيل الزكاة جائز خلاف التأجيل.
"هذا شهر زكاتكم" ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما دام زكيت في رمضان زكِ في رمضان، خلاص يستقر
شهرك في رمضان.
طالب:. . . . . . . . .
الزيادة من رمضان صارت، من رمضان ما هي من رجب.
"فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه
الزكاة".
الآن الدين هل يمنع الزكاة أو لا يمنع الزكاة؟
في كلام الإمام مالك ما يشير إلى أنها، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(51/19)
يمنع الزكاة، والحنابلة معروف رأيهم، ولا
زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب، لكن هل عهد من النبي
-عليه الصلاة والسلام- أو من خلفائه إذا بعث السعاة أن
يسألوا أرباب الأموال هل عليهم دين أو لا دين عليهم؟ لم
يعهد هذا ولم يحفظ، فدل على أن الزكاة لا سيما في الأموال
الظاهرة التي تتعلق بها نفوس الفقراء، ويشرئبون إليها لا
تمنع الزكاة، تريد أن لا تزكي سدد الدين، أما أن تحبس
أموال الناس، وتحبس زكاة مالك أيضاً ما يصح هذا، هذه وجهة
نظر من يقول: إن الدين لا يمنع الزكاة، إذا أردت أن لا
تزكي على أن لا يكون ذلك فراراً من الزكاة سدد الأموال
اللي بذمتك، احرص على براءة ذمتك، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هذه ما صارت زكاة، هذا تشديد هذا، لا ما هو بزكاة
هذا، لا ما يصح.
طالب: لا هو اللي أقترح -أحسن الله إليك- السؤال عنه أنه
يقول: أنا أطلب إنسان خمسين ألف، وأنا عندي زكاة، أبا
أطرحها منها، هذا طبعاً اللي يصير تسديد ....
الزكاة تمليك، إذا كانت لفقير لا بد من تمليكه.
طالب: ولا يشترط. . . . . . . . .
لا، الزكاة لا بد فيها من التمليك.
"فمن كان عليه دين فليؤد دينه حتى تحصل أموالكم فتؤدون منه
الزكاة" يعني إذا كان عليك دين سدده؛ لتكون حراً في بقية
مالك، فإن كان يبلغ النصاب زكيت، وإن كان لا يبلغ النصاب
ما زكيت.
(51/20)
يقول: "وحدثني عن مالك عن أيوب بن أبي
تميمة -كيسان- السختياني أن عمر بن عبد العزيز" الخليفة
الراشد "كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلماً يأمر برده إلى
أهله" لأن عمر بن عبد العزيز لما تولى -رحمة الله عليه-
صحح كثير من الأوضاع، وأعاد كثير من الأموال إلى بيت
المال، حتى ما كان بيد أولاد الخلفاء السابقين وزوجاتهم
وأقاربهم ومعارفهم، كلها أدخلها في بيت المال؛ لأنها قبضت
بغير حقها، يعني من الطرائف عبد الملك أقطع شخصاً أرضاً،
فجاء عمر بن عبد العزيز فأخذها منه فأدخلها في بيت المال،
ثم جاء الذي بعده سليمان، فجاء صاحب الأرض يشتكي عند
سليمان، قال: إن أباك أقطعني أرضاً فجاء عمر بن عبد العزيز
-رحمه الله- فأخذها، وأدخلها في بيت المال، قال: الذي
أعطاك الأرض ما تقول -رحمه الله-، والذي أخذها منك تقول:
-رحمه الله-؟ قال: ويش أسوي كل الناس يقولون هذا، يعني
الذي يأخذ الأرض تقول -رحمه الله-، واللي أعطاك ما تقول
-رحمه الله-؟
على كل حال عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- أخذ الأموال
التي أخذت من غير وجهها، ورد المظالم، وكتب إلى ولاته بأن
يتتبعوا مثل هذه الأمور.
"كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلماً فأمر برده إلى أهله"
وجوباً، لا بد أن يرد "ويؤخذ زكاته لما مضى من السنين" قبض
المال ظلماً عشر سنين تؤخذ منه الزكاة عشر سنين؛ لأنه لو
بقي في يد صاحبه زكاه عشر سنين، وبهذا قال بعض العلماء،
لكنه عقب بعد ذلك بكتاب آخر: أن لا يؤخذ إلا زكاة واحدة،
سنة واحدة، هو ممنوع من التصرف فيه، والأصل في الزكاة أنها
في الأموال النامية، وما دام ممنوع من التصرف فيه، ما ضيع
ماله، ولا ضيع نفسه ولا فرط، إنما منع من التصرف في هذا
المال فلا يوجب عليه أكثر من زكاة سنة واحدة.
"ثم عقب بعد ذلك بكتاب أن لا يؤخذ منه إلا زكاة واحدة
لماضي السنين" وقال به جمع من أهل العلم، ولعل هذا هو
الأولى والأرفق به؛ لأنه لا يجمع عليه بين ظلم وزكاة، وقال
بعض أهل العلم: أنه يستقبل به حولاً جديداً من قبضه، ما
يزكيه حالاً، إذا قبضه يستأنف به حول جديد، ثم يزكيه بعد
ذلك، وهذا له وجه، القول الأخير له وجه؛ لأنه ممنوع من
التصرف فيه، كيف يزكي وهو ممنوع؟
(51/21)
والقول الثاني: يشبه بالدين على المعسر
والمفلس الذي لا يرجى، فإذا قبض يزكى، ولا شك أن تزكيته في
وقته هذا من شكر النعمة على رده فله وجه.
طالب:. . . . . . . . .
زكاة سنة ما تضرهم، يعني إذا قبض، ومحجوز عشر سنين ويزكي
سنة لا شك أن هذا ما يضرهم، لكن لو استقبل به حولاً جديد،
القول الثالث له وجه، له وجه وجيه.
"فإنه كان ضماراً" يعني غائباً عن ربه لا يستطيع التصرف
فيه بحيث لا ينمو، فإنه كان ضماراً يعني هذا العلة.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يزيد بن خصيفة الكندي أنه سأل
سليمان بن يسار" سليمان بن يسار هذا أحد الفقهاء السبعة:
فخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سليمان. . . . . . . . .
إيش؟ أبو بكر سليمان، لا.
فخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد أبو بكر سليمان خارجه
سبعة "أنه سأل سليمان بن يسار عن رجل له مال وعليه دين
مثله أعليه زكاة؟ فقال: لا" وهذا يؤيد ويدعم قول مالك وقول
الحنابلة أنه لا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب،
فقال: لا، أي لا زكاة عليه، وهذا قول جمع غفير من أهل
العلم، وهناك قول للشافعي -رحمه الله- أن الدين لا يمنع
الزكاة، وكأنه من حيث الاستدلال أظهر.
هذا يقول: ذكرت أن أهل العلم يذكرون قول: هلك هالك في باب
المواريث، وقد أشكل علي كيف يهلك الهالك، أرجو الإيضاح؟
يموت الميت، هلك هالك، يعني مات ميت، ميت بغض النظر عن
كونه رجل، ما يقولون: مات رجل؛ لأن الموت ليس خاص بالرجال،
ما يقولون: مات رجل، هلك هالك، يعني مات ميت.
قال مالك: "الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا في الدين أن
صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه" هذا الدين له أو عليه؟ له،
الدين له، الصورة الثانية، الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا
في الدين أن صاحبه لا يزكيه حتى يقبضه؛ لأنه لا يقدر على
تنميته.
(51/22)
"وإن أقام عند الذي هو عليه الدين سنين
ذوات عدد، ثم قبضه صاحبه لم تجب عليه إلا زكاة واحدة"
والعلماء يفرقون بين الدين إذا كان على ملي بحيث متى طلبه
صاحبه يدفع إليه هذا كأنه عنده، يزكيه عدد السنين، كلما
حال عليه الحول يزكيه، أما إذا كان عند معسر مفلس، إذا
طلبه صاحبه لا يؤدى إليه مثل هذا يزكى عند أهل العلم سنة
واحدة، وفي كلام مالك ما في تفريق بين الدين على المليء
وعلى المفلس.
"فإن قبض منه شيئاً لا تجب فيه الزكاة، لنقصه عن النصاب،
فإنه إن كان له مال سوى الذي قبض تجب فيه الزكاة" يعني قبض
دون النصاب هذا لا تجب فيه الزكاة، لكن إذا كان عنده مال
يكمل به هذا المال الذي قبضه حتى يبلغ النصاب فإنه تجب فيه
الزكاة "فإنه يزكي مع ما قبض من دينه ذلك لتمامه النصاب".
شخص اقترض مبلغ وهو ملي، اقترض زيد من عمرو مليون ريال،
حال عليه الحول وهو بيد زيد، ما تصرف فيه، موجود، وهو
بالمقابل مدين للمقرض بنفس المبلغ، فإذا قلنا: إن الدين لا
يمنع الزكاة، وهذا زيد ملي، فعلى الوجهين الزكاة على من؟
نعم؟ عليهما، المقترض لا يريد أن يدفع الزكاة يسلمها
لصاحبه، لكن عنده مال ولم يثبت أن النبي -عليه الصلاة
والسلام- يقول للسعاة: اسألوه هو عليه دين وإلا ما عليه؟
إذاً يزكي، وذاك دينه في ذمة ملي يزكي، هذا ظاهر قول من
يقول بوجوب الزكاة على من عليه الدين، أما على القول
الثاني، وهو أنه لا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب
مثل هذا ظاهر أنه لا يزكيه إلا صاحبه بخلاف المدين.
طالب: لكن يا شيخ هل ورد أن المال يقع عليه زكاتين ....
إحنا ما نخاطب المال، إحنا نخاطب المكلفين، أنت غض النظر
عن المال، أنت الآن تتعامل مع مكلف، مخاطب بركن من أركان
الإسلام، أما صاحب الدين فلا إشكال بكونه عليه زكاة؛ لأن
الزكاة بذمة ملي، متى ما بغاه أخذه، وإلا لتحايل على إسقاط
الزكاة كل الناس، يعطيه واحد ملي، يقول: خذه وتصرف به وقرض
وما أدري إيش؟ وإلى أن يروح وقت الزكاة.
طالب:. . . . . . . . .
(51/23)
لا هو يسترجع منه بقدر حاجته، نعم يقرضك
مثلاً مائة ألف وأنت ملي، وكل شهر يأخذ منك عشرة، أو خمسة،
على شان أنت تأخذ منه مصروف، ثم تتحايل على إسقاط الزكاة،
هذه الصورة واضحة، لكن المدين؟
المدين أهل العلم بعضهم يفرق بين الأموال الظاهرة
والباطنة، يقول: المال الباطن هذا ما هو له في الحقيقة، هو
للدائن، والسعاة إنما هم للأموال الظاهرة، للمواشي
والزروع، مثل أصحاب المواشي، وأرباب الزروع، ما يسألون؛
لأن أنظار الفقراء اتجهت إلى هذه الأموال، فلهم نصيب منها،
سواءً كانت مواشي أو زروع، مثل هؤلاء ولو كانوا مديونين
يزكون، لكن الأموال الخفية التي لا تشرأب إليها أنفس
الفقراء هذه تمنع الزكاة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا ماطل ما صار ملي، أقول: إذا ماطل لم يكن ملياً، صار
معسراً حكماً، نعم، فالمليء الذي متى ما طلب منه المال
يدفع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، المؤجل غير مستحق، فلا يؤمر صاحبه بدفع زكاته، فهو غير
مستحق، كأنه ليس له، لا يطالب به إلا إذا قبضه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
المال إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لكنها تجب على مكلفين.
طالب: أن الزكاة تتعلق بالمال ... وتجب في مال المجنون،
فقلنا هذا المال واحد، والزكاة تتعلق بالمال. . . . . . .
. .
ولها تعلق بالذمة، هذا القول المرجح.
طالب:. . . . . . . . .
من؟
طالب:. . . . . . . . .
انتهينا من المليء، وتعلقت بالمال.
طالب:. . . . . . . . .
أنت تبي كل صورة من صور الزكاة تتعلق بالذمة وإلا بالمال؟
لا، هم إذا قالوا: تتعلق بالمال، نعم علاقتها الأصلية
بالمال، ولها ارتباط بالذمة انتهى الإشكال، الذمة الصالحة
للتعلق تتعلق بها، والتي غير صالحة ترجع إلى المال، إلى
الأصل، أنت حاضر الدرس السابق؟
طالب:. . . . . . . . .
(51/24)
أقول: الذمة الصالحة للخطاب تتعلق بها،
وغير الصالحة للخطاب تتعلق بالمال، من باب ربط الأسباب،
كما لو الصبي كسر لك حاجة، جيت وإلا هو كاسر زجاج السيارة،
يضمن وإلا ما يضمن؟ ما عليه شيء؛ لأن هذا من باب ربط
الأسباب بالمسببات، هو غني، سواءً كان كبير وإلا صغير، غني
وإلا فقير؟ تؤخذ من أغنيائهم، سواء كان صغير وإلا مجنون
وإلا غيره.
طالب:. . . . . . . . .
عليهما تنصرف لهما، هذا القول المحرر.
طالب:. . . . . . . . .
له مال، له مال تتجه إليه الزكاة، المدين له ذمة تتجه إليه
الزكاة، لكن أنت تصور استدين لمجنون، أخذت أموال لمجنون
وحال عليها الحول، هذا المثال الذي يمكن تخرق به القاعدة،
أنت معي وإلا لا؟ هذا الذي يمكن تخرق به القاعدة، أما صبي
غير مدين وله أموال المسألة اتجهت إلى المال، ما هي بثلاثة
أقوال؟ في متعلق الزكاة ثلاثة أقوال؟ إما إلى المال بغض
النظر عن الذمة، أو إلى الذمة بغض النظر عن المال، أو على
الاثنين معاً، فإذا أفلت التكليف من هذا لحق هذا نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
يعني يعفيه مما كلف به شرعاً.
طالب:. . . . . . . . .
الآن أنت بإزاء اثنين من المكلفين، يعني على قول مالك وقول
الحنابلة، ومعروف عند جمع من أهل العلم، حتى قال بعضهم: هو
رأي الجمهور، أن الزكاة لا تتعلق بمن عليه دين، من عليه
دين ينقص النصاب لا زكاة عليه، هؤلاء ما عندهم إشكال من
الأصل، لكن إذا قلنا: السعاة ما في واحد قيل له: اسأل هل
عليه دين أو ما عليه دين؟ مجرد ما تصل إلى فلان عنده مال
اسحب زكاته، والغالب أن أهل الزروع والثمار ما يسلمون من
دين، لا في القديم ولا في الحديث، لكن ما يسألون، ما يقال:
والله أنت آخذ قرض من البنك الزراعي، وإلا ما أخذت، بعضهم
عنده من القروض أضعاف أضعاف ما عندهم من الزروع، ومع ذلك
تؤخذ منه الزكاة، لكن من يفرق بين الأموال الباطنة
والظاهرة بعدين هذا وجه.
(51/25)
على كل حال القول المشتبه أن الدين لا يمنع
من الزكاة، فإذا قلنا: بأن الدين ما يمنع من الزكاة، بغض
النظر عن المال، إحنا عندنا أشخاص مكلفون، هذا عنده مال،
عنده مائة ألف في البنك رصيد، هات ألفين ونصف، الثاني له
دين عند مليء مائة ألف هات ألفين ونصف.
قال: "وإن لم يكن له ناض" الضاد المشددة مثل عاض، والناض:
هو المال الصامت، قال: فلان ليس له ناض ولا عاض، ما عليه
أموال صامتة ولا بهائم ولا شيء، ولا رقيق، الناض هي
الدراهم الصامتة، والناض من المتاع ما تحول ورقاً أو
عيناً، قال الأصمعي: اسم الدراهم والدنانير عند أهل الحجاز
الناض، وإنما يسمونه ناض يعني إذا تحول عيناً بعد أن كان
متاعاً، على كل حال المراد به الدراهم.
قال: "وإن لم يكن له ناض غير الذي اقتضى من دينه، وكان
الذي اقتضى من دينه لا تجب فيه الزكاة؛ لكونه أقل من
النصاب فلا زكاة عليه فيه، ولكن ليحفظ عدد ما اقتضى" هذا
اقتضى مائة درهم، ما فيها زكاة؛ لأنها أقل من النصاب، لكن
سجل هذه المائة "فإن اقتضى بعد ذلك عدد ما تتم به الزكاة
مع ما قبض" قبض مرة ثانية مائة أخرى، إيش؟ "فإن اقتضى بعد
ذلك عدد ما تتم به الزكاة مع ما قبض قبل ذلك فعليه فيه
الزكاة" لأنه مال واحد حال عليه الحول، فإذا بلغ النصاب
يزكي.
(51/26)
قال: "فإن كان قد استهلك ما اقتضى أولاً"
المائة الأولى أكلها، صرفها "فإن كان قد استهلك ما اقتضى
أولاً أو لم يستهلكه فالزكاة واجبة عليه مع ما اقتضى من
دينه" قبض مائة فأكلها، قبض مائة من الدين وقلنا: إنه
يزكيه إذا قبضه، قبض في نهاية الشهر مائة، وفي نهاية الشهر
الثاني مائة، درهم، المائة لا تجب فيها الزكاة، يقول: "تضم
المائة الثانية إلى الأولى، باعتبار أنه وجب عليه زكاة هذه
المائة" باعتبار أن الدين كله أكثر من نصاب، فتضم هذه
المائة إلى المائة الأولى، يقول: "فإن كان قد استهلك ما
اقتضى أولاً أو لم يستهلكه" مال من دين مقبوض يزكيه إذا
قبضه؛ لأن العبرة ما هي بأصل ما يحل، العبرة بأصل المال،
يعني أنت لك عشرة آلاف عند شخص، أعطاك هذا الشهر مائة
ريال، ما فيها زكاة، الثاني أعطاك ما يتم به النصاب، لكنه
بمفرده لا يصل النصاب، إلا إذا ضم مع الأول، كأنك قبضت
الجميع في هذا الشهر، هذا مقتضى قوله؛ لأنك لا تنظر إلى
أنك ما عندك نصاب، أنت عندك نصاب بما .. ، نعم بما عند
المدين، أنت مالك الذي في ذمة المدين زائد على النصاب،
فأنت في حكم الأغنياء.
قال: "فإن كان قد استهلك ما اقتضى أولاً أو لم يستهلكه،
فالزكاة واجبة عليه مع ما اقتضى من دينه، فإذا بلغ ما
اقتضى عشرين ديناراً عيناً، أو مائتي درهم فعليه فيه
الزكاة، ثم ما اقتضى بعد ذلك من قليل أو كثير فعليه الزكاة
بحسب ذلك، فيزكي ما قبض من ذلك ولو ديناراً أو درهماً"
لأنه لا ينظر إلى أنه .. ، ما هو مال جديد هذا الذي يقبض،
هو مال جديد يطلب فيه النصاب؟ هو جزء من مال كبير تجب فيه
الزكاة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، أما إذا كان على مفلس فهو مانع قطعاً عند عامة أهل
العلم، إن كان على مفلس، فيزكيه إلا إذا قبضه، لكن إذا كان
على مليء فليس بمانع أصلاً.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا لا، هو يزكيه إذا قبضه، لكن هل يزكيه لجميع ما مضى
من السنين أو لسنة واحدة؟ منهم من يقول: يزكيه جميع ما مضى
من السنين، نعم، ومنهم من يقول: إنه يكفيه أن يزكيه سنة
واحدة؛ لأنه غير نامي في الحقيقة، لا سيما إذا كان على غير
مليء.
(51/27)
قال مالك: "والدليل على الدين يغيب
أعواماً، ثم يقتضى فلا يكون فيه إلا زكاة واحدة أن العروض
تكون عند الرجل للتجارة أعواماً، ثم يبيعها فليس عليه في
أثمانها إلا زكاة واحدة" هذا بناءً على رأيه في المال، في
العروض، لا، ما هو بكل العروض بعد؛ لأن العروض عنده كما
سيأتي في زكاة العروض، إما أن تكون مما تدور، ويسرع بيعها،
نعم، يعني تدور بأيدي التجار، فتباع وتستبدل بسرعة، وإما
أن تكون مما يحبس الأموال، ولا تنصرف بسرعة، ما في بضائع
تعرض سنين ما تباع؟ نعم؟ عند مالك ما تزكى إلا سنة واحدة
على ما سيأتي، ومثل هذا قل في المحتكر الذي ينتظر ارتفاع
الأسعار، عندك أرض اشتريتها في وقت الغلاء بمليون، احتجت
وعرضتها للبيع ما جابت إلا مائة ألف، قلت: والله أنا ما
أنا ببائع الحين، الخسارة ما هي بالربع أو الخمس، أو .. ،
الخسارة تسعة أعشار، ما أنا ببائع، تنتظر سنة سنتين ثلاث
وأنت عارضها للتجارة، للبيع، عند مالك مثل هذه الأرض متى
تزكى؟ تزكى إذا بيعت لسنة واحدة، الجمهور يقولون: تزكى كل
سنة، تقوم ويش قيمتها تزكى إذا حال عليها الحول.
ولذلك يقول هنا: "والدليل على الدين يغيب أعواماً ثم يقتضى
فلا يكون فيه إلا زكاة واحدة أن العروض تكون عند الرجل
للتجارة أعواماً" مثل الأرض الكاسدة، ثم يبيعها فليس عليه
في أثمانها إلا زكاة واحدة، وذلك أنه ليس على صاحب الدين
أو العروض أن يخرج زكاة ذلك الدين، أو العروض من مال سواه،
هو يرى أن الدين الزكاة ما دام تعلقت بذات المال فالزكاة
منه، أو من قيمته إذا بيع، والله الأرض باقية، وأخرج
زكاتها من أموالي الثانية، أو أستدين من أجل أن أخرج
زكاتها كما هو عند غيره؟ الإمام مالك ما يرى هذا أن الزكاة
فيه، من نفس المال، أو من قيمتها إذا بيعت.
طالب: الآن صار عند بعض التجار يكون عنده مائة ألف بالبنك،
وعنده مواد غذائية، فيخرج مواد غذائية بما يزكي مائة
الألف. . . . . . . . . ويقول: هذه زكاة والمال الذي في
البنك، أو هو معه لا يخرج منه زكاة إنما يخرج. . . . . . .
. .؟
(51/28)
لا، لا هو ما هو وارد في الأموال، الأموال
لا بد أن تزكى أموال، الأموال لا بد ... ، الدراهم لا بد
تزكى دراهم، لكن الإشكال فيما إذا كانت جميع البضاعة مواد
غذائية، يعني هذا المحل فيه ألف كيس من الرز، وألف كيس من
السكر، وألف كيس .. ، فيه أموال، معروض للتجارة، قوم فيه
ربع العشر، الألف خمس وعشرين كيس، الألف الثاني خمسة
وعشرين وهكذا، ألف كرتون فيه خمسة وعشرين كرتون، وهكذا، هل
يخرج من نفسه، من عينه، أو من قيمته؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني ويش يبي يطلع دراهم وإلا بيطلع غذاء؟
طالب: على شان يهرب من إخراج الدراهم يخرج كغذاء.
لكن الغذاء ما هو بدراهم؟ إذا كان الملحوظ فيه حاجة
الفقير، أنه لو يعطي دراهم ضاعت عليه، هذا فيه مثال، وعادة
عاد شيء مطرد أن الفقير يسهل عليه إخراج الدراهم بخلاف
الغني، فإذا ملك الأموال، تبي تعطيه نفقة سنة، تبي تعطيه
مثلاً في مثل هذه السنين تعطيه مثلاً ثلاثين ألف نفقة سنة،
يبي ينفقها بشهر أو أقل، ويبقى بقية السنة يعود إلى فقره،
وأنت تقول: هذه الثلاثين ألف أنا با أعطيه مواد غذائية
تكفيه لمدة سنة، ويش بيسوي بمواد غذائية؟ يعطى خمسة أكياس
رز، وخمسة ... إلى آخره، يؤمن له غذاء سنة، فهل يجوز لك
ذلك؟
أما إذا كانت أموالك نقود لا يجوز بحال، أما إذا كانت
أموالك عروض مثل هذه من هذه الأغذية أموالك، هل تخرج من
نفس المال أو تخرج من أقيامها؟ الجمهور عليك أن تخرج من
الأقيام، إلا إذا كان إخراج العروض أنفع للفقير كما في
حديث معاذ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان إخراجها أنفع للفقير فأنت تخرج عروض.
يقول: "وذلك أنه ليس على صاحب الدين أو العروض أن يخرج
زكاة ذلك الدين أو العروض من مال سواه، وإنما يخرج زكاة كل
شيء منه، ولا يخرج الزكاة من شيء عن شيء غيره".
قال مالك -رحمه الله-: "الأمر عندنا في الرجل يكون عليه
دين، وعنده من العروض ما فيه وفاء لما عليه من الدين،
ويكون عنده من الناض -الذهب والفضة- سوى ذلك قدر ما تجب
فيه الزكاة، فإنه يزكي ما بيده من ناض تجب فيه الزكاة"
يعني وتجعل العروض في مقابلة الدين؛ لأنها تحسم العروض،
عنده عروض وعليه دين بقدر قيمة هذه العروض، شخص مدين بمائة
ألف، وعنده محل بقالة فيها ما قيمته مائة ألف، وعنده في
البنك رصيد مائة ألف، رأي مالك أن الدين يؤثر في الزكاة،
فالمحل التجاري ما يزكى، لماذا؟ لأنه مدين في مقابله مائة
ألف، يزكى ...
(51/29)
شرح: الموطأ –
كتاب الزكاة (4)
باب ما جاء في الكنز - باب صدقة الماشية - باب ما جاء في
صدقة البقر
الشيخ: عبد الكريم الخضير
ولا تفسد، حين يمر عليها حول أو أكثر من حول وهي ما بيعت
"مما يديرون من التجارات من كل أربعين ديناراً دينار"
النصاب كم؟ عشرين، وهنا يقول: خذ من كل أربعين دينار دينار
واحد، دينار تمييز، والثاني مفعول خذ، لماذا نص على
الأربعين؟ نعم؟ هو نصاب الأربعين؟ الأربعين نصابين، لكن من
أجل أن يكون المأخوذ كامل، يعني بدل من أن يقول: إذا بلغ
عشرين خذ نصف دينار، قال: كل أربعين، نعم، مثلما تقول: من
كل ألف خمسة وعشرين، هل يعني هذا أن الخمسمائة ما فيها
شيء؟ بدل ما تقول: كل خمسمائة اثنا عشر ونصف، تقول: الألف
فيه خمسة وعشرين، ولا يعني أن ما دون الأربعين ليس فيه
زكاة، فما نقص فبحساب ذلك، أربعين دينار، هذا ما عنده إلا
ثلاثين، يأخذ دينار وإلا نصف دينار؟ يأخذ ثلاثة أرباع
الدينار، كل شيء بحسابه، حتى يبلغ عشرين ديناراً، فيأخذ
نصف دينار، لكن إن نقص عن ذلك صارت تسعة عشر دينار، ليس
فيه زكاة، حتى يبلغ عشرين ديناراً، فإن نقصت ثلث دينار
فدعها ولا تأخذ منها شيئاً، ثلث دينار، طيب عشرين إلا ربع،
يأخذ وإلا ما يأخذ؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مفهومه، يأخذ؛ لأن النقص دون الثلث لا يسمى كثير، إنما
الثلث الذي يقال له: كثير، الثلث والثلث كثير.
طالب:. . . . . . . . .
والله هذا كلامه، يعني ما افترينا عليه يا أخي، هذا كلامه،
والإنسان محاسب على كلامه، الأصل له منطوق وله مفهوم، مع
أنه سبق لنا الكلام في قول مالك: إذا كانت ناقصة تجوز
وتنفق مثل الكاملة فهي حكمها حكمها، وأما نصاب عشرين،
عشرين من أي عيار؟ عيار أربعة وعشرين وإلا واحد وعشرين
وإلا ثمانية عشر، وإلا اثنا عشر، كلها تسمى عشرين، لكن
أربعة وعشرين هذا الكمال، واحد وعشرين تنفق في الأسواق مثل
الأربعة والعشرين، ماشية هذه، دينار دينار، ما أحد ينتقد،
ثمانية عشر أيضاً تمشي، فتؤخذ من الزكاة، لكن أقل من ذلك
ما ينفق في الأسواق.
(52/1)
الآن الثلث يريد أن يقرن بقوله: والثلث
كثير، يعني نقص كثير، أما أقل من الثلث لا يسمى كثير، فهو
في حكم النقص اليسير الذي لا يلتفت إليه، عشرين إلا حبة،
ويش يصير كثير وإلا قليل؟ هم يتجاوزون عن الحبة والحبتين،
طيب إلى أي حد نتجاوز؟ عندنا نص: الثلث والثلث كثير، لكن
هل هذا الكلام يوافق عليه أو لا يوافق؟ هل الإمام مالك
يقصد هذا وإلا ما يقصده؟ هذه مسألة أخرى.
فنحن نحاسب الكلام أولاً، ثم بعد ذلك نعود إلى الكلام
الصريح، مفهومه أنه إن كان النقص أقل فخذ الزكاة، وقال ابن
القاسم: لم يأخذ مالك بهذا.
(52/2)
وقال: لا زكاة في الناقصة، ولو قل، إلا مثل
الحبة والحبتين، طيب اللي يتسامح بالحبة والحبتين ما
يتسامح بربع؟ يعني هل مالك طبق النص، نص النصاب بدقة؟ يعني
تجاوز عن حبة وحبتين، تجاوز عن النقص الذي تنفق معه السلعة
في الأسواق، تجاوز عنه مالك فيما تقدم، نعم، إذن التي
نقصها ليس ببين تعامل معاملة الكاملة؛ لأن البيان مؤثر،
العوراء البين عورها، والعرجاء البين ضلعها، أما الشيء
الذي .. ، ما في شيء يسلم من نقص، لا شيء يسلم من نقص،
عندهم الدراهم والدنانير يمكن تمر على شخص محترف يأخذ منها
قطع يسيرة بحيث يجتمع عنده ألف دينار، يجتمع منه ألف دينار
كامل، ولو بالمبرد، ولو أدنى شيء من .. ، مثل هذا النقص
اليسير بحيث تروج بين الناس، لكن هات دراهم مزيفة مثلاً،
واحد بث في الأسواق فئة خمسمائة مزورة، ونفقت عند الجهال،
نقول: هذه أموال؟ هذه ليست بأموال، لكن عندهم في السابق،
لكن عندنا إحنا إما مال أو ليس بمال، ما عندنا شيء اسمه
ناقص، ريال ناقص، يمكن يباع بتسعين هللة، ما يمكن، لكن
عندهم هم عندهم الميزان، الذهب والفضة توزن، الدينار وزنه
كذا، هذا نقص، يحسب بحسابه، فيتصور النقص فيها، لكن الريال
المقطوع من طرفه سانتي واحد، والأرقام موجودة، هذا ما ينقص
في عرف أرباب العملات اليوم، إذا نقص حبة أو حبتين هذا نقص
يسير يتجاوزون عنه، يعني هذا شيء معروف عند أهل العلم في
المقدرات الشرعية، يعني الحد المحدد بين القليل والكثير في
الماء خمس قرب، الخمس القرب خمسمائة رطل عراقي، طيب نقص
رطل، أو زاد رطل، هل يتأثر الحكم؟ لا، عندهم أمورهم كلها
مبنية على التقدير، اللهم إلا في باب الربا الذي يحتاط له،
ولذلك جاء في زكاة الزروع والثمار أن الخارص يترك لأرباب
الأموال شيء منها، نسبة على ما سيأتي يتسامح فيها.
هنا إذا كان النقص ثلث، الثلث كثير بالنص الشرعي، مفهومه
أن ما دون الثلث قليل، لكن هل مالك يتسامح عن الربع؟ لا ما
يتسامح عن الربع، يقول ابن القاسم: أنه يتسامح بمثل حبة أو
حبتين، ويش حبة؟ حبة من الدنانير؟ الدينار يقال له: حبة؟
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(52/3)
لا، الدينار دينار وليس بحبة، الآن يستعمل
الحبة على أنه جزء كامل من المعدود، نعم، تعطيه عشر حبات،
يعني الآن خلاص جزء كامل من المعدود، وتجاوز بعض الناس،
يعني مدير يطلب ثلاث حبات موظفين، ثلاث حبات فراشين، ثلاث
كذا، الحبة والحبتين يعني في التقدير الشرعي عندهم، يعني
الدينار وزنه كذا، يعني كذا حبات، العبرة بقوله -عليه
الصلاة والسلام-: ((ليس فيما دون خمس أواق صدقة)) فإذا
وزناها فنقصت عن الخمس فليس فيها صدقة.
والشرع كما يلاحظ مصلحة الفقير (الآخذ) أيضاً لا يهدر
مصلحة الغني (الباذل) فالشرع جاء بالتوازن.
يقول: "ومن مر بك من أهل الذمة فخذ مما يديرون" يعني
الأموال التي تتصرف، أما الأموال التي تكدس ولا تباع هذه
انتظر حتى تباع، وهذا رأي من؟ رأي الإمام مالك، التفريق
بين المال التي يدار وبين الأموال التي لا تنفق في
الأسواق، هذا رأي الإمام مالك "ومن مر بك من أهل الذمة فخذ
مما يديرون من التجارات من كل عشرين ديناراً ديناراً" يعني
ضعف ما يؤخذ على المسلم من زكاة "فما نقص فبحساب ذلك حتى
يبلغ عشرة دنانير، فإن نقصت ثلث دينار فدعها، ولا تأخذ
منها شيئاً، واكتب لهم بما تأخذ منهم كتاباً إلى مثله من
الحول" لماذا؟ إذا كتبت أنت، زريق هذا إذا أخذ من المسلم
أو من الذمي يكتب له كتاب؛ لأنه يتجاوزه إلى آخر يمكن يأخذ
منه، يقول: والله أنا دفعت لزريق، يقول: هات أثبت أنك دفعت
لزريق، فلا بد أن يكتب زريق أنه استلم كذا، والقسائم الآن
الموجودة تقوم مقام الكتابات.
"واكتب لهم بما تأخذ منهم كتاباً إلى مثله من الحول" وعمر
بن عبد العزيز -رحمه الله- سلك مسلك عمر ابن الخطاب، فقد
كتب بنحو هذا إلا في الكتابة للذمة، فإن عمر بن الخطاب لم
يكتب بذلك، بل يؤخذ منه كلما تجر من بلد إلى بلد، بالنسبة
للذمي.
(52/4)
"قال مالك: الأمر عندنا فيما يدار من
العروض للتجارات أن الرجل إذا صدق ماله" يعني دفع صدقته
"ثم اشترى به عرضاً بزاً -يعني ثياب- أو رقيقاً أو ما أشبه
ذلك ثم باعه قبل أن يحول عليه الحول فإنه لا يؤدي من ذلك
المال زكاة حتى يحول عليه الحول من يوم صدقه" أي أدى زكاته
"وأنه إن لم يبع ذلك العرض سنين" يعني الأموال الكاسدة
"وإنه إن لم يبع ذلك الأرض سنين لم يجب عليه في شيء من ذلك
العرض زكاة، وإن طال زمانه، فإن باعه فليس فيه إلا زكاة
واحدة" يعني كالدين على المفلس، يعني الدين على المفلس
يزكيه إذا قبضه سنة واحدة، أرض كاسدة عشر سنين صكها عند
المكتب العقاري ما بيعت، ما يزكي إلا سنة واحدة إذا باعها
مثل الدين على المفلس سواء.
طيب محتكر، يقول: أنا والله جابت قيمة، ومكسب طيب، لكن ولو
بانتظر، حتى تزداد الحاجة إليها، يزكي كم؟ كل سنة؟ أو إذا
باع يزكي لجميع ما مضى؟ أو يزكي سنة واحدة كالأموال
الكاسدة؟ هاه؟
أولاً: المحتكر خاطئ وآثم، رأي الإمام مالك ما يفرق بين
محتكر، وبين من كسد السلعة، ما دام ما باع ما عليه شيء حتى
يبيع، لكن إذا تجاوزنا عن أصحاب الأموال الكاسدة الذين
يتضررون بالبيع، إذا تجاوزنا عن هذا ورأينا وجاهة مالك،
وأن قياسه على الدين على المعسر له وجه، لكن المحتكر لولي
الأمر أن يعامله بنقيض قصده، ويزيد عليه في الزكاة؛ لأنه
آثم، يتربص بالمسلمين الحاجة والفاقة.
"وإنه إن لم يبع ذلك الأرض سنين لم يجب عليه شيء من ذلك
العرض زكاة وإن طال زمانه، فإن باعه فليس فيه إلا زكاة
واحدة" وهذا مذهب مالك في تقسيم التجارات إلى ضربين، يعني
التي تنفق وتتصرف، والنوع الثاني الذي يكسد، لكن رأي
الجمهور في عروض التجارة أنها تقوم، كلما حال عليها الحول،
يعني عندك أموال أنت صاحب مكتبة تبيع كتب، إذا حال عليها
الحول، تأتي بأهل الخبرة وتسألهم، جميع ما في هذا المحل كم
يسوى؟ يسوى مائة ألف، تزكي مائة ألف، السنة الجايئة بعت
منه خلال السنة بعشرة آلاف وأكلتها، تزكي تسعين، ارتفعت
الكتب، صارت تسوى مائة وخمسين، تزكي مائة وخمسين بما
تستحق، طيب لماذا لا نقيس مثلما قال المالكية على الدين في
ذمة المعسر؟
(52/5)
الفرق بين الدين في ذمة المعسر والتجارة
الكاسدة فرق ظاهر، بمعنى الدين على المعسر ما هو بمضمون
يمكن ما يجي أصلاً، نعم احتمال ما يجي أصلاً، بينما المال
الكاسد بيدك، وصكك عندك، وزبونك حاضر، صحيح أنك تنتظر
مصلحة نفسك في تأخير البيع، فهناك فرق، فالجمهور يرون أن
المال الكاسد يزكى كغيره، يعني العقارات التي في طلوع تزكى
كل سنة، واللي في نزول أيضاً تزكى كل سنة، يعني لو ترك
المجال للتجار يقدرون هذه الأموال كاسدة وإلا نافقة وإلا
شيء، لا شك أنه يحصل خلل في التطبيق.
قال مالك: الأمر عندنا في الرجل يشتري بالذهب أو الورق
حنطة أو تمراً أو غيرهما للتجارة ثم يمسكها حتى يحول عليها
الحول، ثم يبيعها أن عليه فيها الزكاة حين يبيعها إذا بلغ
ثمنها ما تجب فيه الزكاة، لا فيما دونه، وليس ذلك مثل
الحصاد يحصده الرجل من أرضه ولا مثل الجداد، ويش وجه
التفريق؟ قال مالك: الأمر عندنا في الرجل يشتري بالذهب أو
الورق حنطة أو تمراً أو غيرهما للتجارة ثم يمسكها حتى يحول
عليها الحول، ثم يبيعها أن عليه فيها الزكاة حين يبيعها؛
لأنه حال عليها الحول سابقاً، قبل البيع، إذا بلغ ثمنها ما
تجب فيه الزكاة، يقول: "وليس ذلك مثل الحصاد يحصده الرجل
من أرضه ولا مثل الجداد" الذي هو قطع الثمار إجمالاً، نعم،
هذا {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [(141) سورة
الأنعام].
"قال مالك: وما كان من مال عند رجل يديره للتجارة ولا ينض،
يحصل لصاحبه منه شيء تجب عليه فيه الزكاة" لأنه مال يدور
بخلاف المال الكاسد "وما كان من مال عند رجل يديره
للتجارة، ولا ينض لصاحبه منه شيء تجب فيه الزكاة -يعني دون
النصاب- فإنه يجعل له شهراً من السنة يقوم فيه ما كان عنده
من عرض للتجارة، ويحصي فيه ما كان عنده من نقد أو عين،
فإذا بلغ ذلك كله ما تجب فيه الزكاة فإنه يزكيه" يعني
سواءً كان من ذهب أو فضة أو عروض، يعني صاحب محل يبيع في
اليوم بألف ريال، يبيع كل يوم بألف ريال، يأكل خمسمائة
ويوفر خمسمائة، الخمسمائة أقل من النصاب، ثم في الشهر
الثاني مثله، وهكذا إلى آخره.
(52/6)
يقول: "يجعل له شهر في السنة" وهذا أريح،
وقل مثل هذا في رواتب الموظفين، وفي أقساط الدائنين؛ لأنه
يصعب على كثير من الناس يجعل محاسب، الموظف لا بد أن يجعل
محاسب إذا أراد أن يخرج الزكاة بدقة، والله الشهر هذا وفر
سبعمائة، الشهر الثاني وفر ألف وثلاثمائة، الشهر الثالث
وفر ألف ومائتين، الشهر الرابع ما وفر شيء، وهو في كل شهر
يحتاج إيش؟ إلى أن يقيد ما وفر، ثم بعد ذلك في مثل هذا
اليوم من السنة القادمة يزكي ما وفره في هذا الشهر، بعد
شهر يزكي الشهر الذي يليه، بعد شهر يزكي الشهر الذي يليه،
وهكذا، لكن أريح أن يجعل له شهر رمضان مثلاً، فيزكي فيه ما
حال عليه الحول وما لم يحل عليه الحول.
يقول: "فإنه يجعل له شهراً من السنة يقوم فيها ما كان عنده
من عرض للتجارة، ويحصي فيه ما كان عنده من نقد أو عين" هذا
الموظف الذي وفر من كل شهر مبالغ متفاوتة من شهر إلى آخر،
ثم في النهاية بعد سنة وجد أن الذي في الرصيد عشرة آلاف،
يزكي العشرة آلاف جميعاً؛ لأن زكاة التفريد وضبط ما يوفر
من كل شهر والنظر فيه بعد حولان الحول الباقي منه شيء، هذا
أمر متعب وصعب، وبعض الناس الزكاة ترى شاقة على النفوس؛
لأن الجنة حفت بالمكاره، مستعد يدفع عشرة بالمائة سعي إذا
باع واشترى، والسعي العادة اثنين ونصف، مستعد يدفع عشرة
بالمائة سعي، لكن ما يدفع اثنين ونصف بالمائة زكاة، صعب،
ومستعد يجعل محاسب بثلاثة آلاف مثلاً، وهو لو جمع الفرق
الذي يزيد عليه من اتخاذ شهر بعينه ما وصل ألفين، لا شك أن
أمور الآخرة فيها مشقة على النفوس، لكن بعض الناس من وفقه
الله للخير وفعل الخير، هذا يسهل عليه كل شيء "فإذا بلغ
ذلك كله ما تجب فيه الزكاة فإنه يزكيه" وهذا في المدير
يعني في المال الذي يدار، بخلاف الأموال الكاسدة.
(52/7)
وقال مالك: "ومن تجر من المسلمين في مال
ومن لم يتجر سواء، ليس عليهم إلا صدقة واحدة في كل عام
تجروا فيه أو لم يتجروا" ورثت مائة ألف أودعتها في البنك،
إن اتجرت بها وحركتها وأحلت عليها بالشيكات، وأضفت إليها،
المهم أنك حركتها، صارت بعد سنة مائة وعشرين، تزكي المائة
والعشرين، إن تركتها لم تتجر فيها، وصارت بعد حول سبعين،
تزكي السبعين، نعم، لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فالمال
هو مال، وهو بين أمرين، إن أديت زكاته فليس بكنز، إن لم
تؤد زكاته فهو كنز، ولو نشر في السطوح على ما سيأتي، وما
أديت زكاته فهو ليس بكنز ولو دفن تحت الأرض.
نأخذ الباب وإلا نتركه؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
مسألة زكاة عروض التجارة التي ذكرها الإمام مالك -رحمه
الله- فيما قرأناه بالأمس، المسألة القول بوجوب الزكاة في
عروض التجارة هو قول عامة أهل العلم، ما خالف في هذا من
يذكر إلا ما كان من أهل الظاهر، والإمام مالك له رأي في
التفريق بينما يدور من العروض، وبين ما لا يدور بسبب
الكساد أو الاحتكار، وهذا سبقت الإشارة إليه، وهنا في كلام
الشيخ الشنقيطي -رحمه الله تعالى- الذي وعدنا بقراءته ذكر
المسألة الرابعة يقول: اعلم أن جماهير علماء المسلمين من
الصحابة ومن بعدهم على وجوب الزكاة في عروض التجارة، فتقوم
عند الحول، ويخرج ربع عشرها كزكاة العين، قال ابن المنذر:
أجمع عامة أهل العلم على وجوب زكاة التجارة، قال: رويناه
عن عمر بن الخطاب، وابنه عبد الله، وابن عباس، والفقهاء
السبعة، والحسن البصري، وطاوس، وجابر بن زيد، وميمون بن
مهران، والنخعي، ومالك، والثوري، والأوزاعي، والشافعي،
والنعمان، يعني أبا حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأبي
عبيد، هؤلاء الأئمة كلهم.
يقول: ولمالك -رحمه الله تعالى- تفصيل في عروض التجارة؛
لأن عروض التجارة عنده تنقسم إلى عرض تاجر مدير، وعرض تاجر
محتكر، فالمدير هو الذي يبيع ويشتري دائماً، والمحتكر هو
الذي يشتري السلع ويتربص بها حتى يرتفع سعرها فيبيعها، وإن
لم يرتفع سعرها لم يبعها ولو مكثت سنين.
(52/8)
هذا المحتكر يعني من باب أولى إذا كسدت
السلعة، ومكثت سنين ما بيعت، يعني هي أولى من المحتكر؛ لأن
المحتكر خاطئ وآثم، هذا على رأي الإمام مالك، أما على رأي
الجمهور فلا فرق بين التاجر المدير، وبين المحتكر، هذه
الأموال إذا حال عليها الحول تقوم وتزكى، وضربنا لذلك
أمثلة بالأمس.
يقول: فعروض المدير عنده وديونه التي يطالب بها الناس إن
كانت مرجوة يزكيها عند كل حول، والدين الحال يزكيه بالعدد،
والمؤجل بالقيمة، أما عرض المحتكر فلا يقوم عنده ولا زكاة
فيه، حتى يباع بعين فيزكي العين على حول أصل العرض، وإلى
هذا أشار ... إلى آخره.
يقول -رحمه الله تعالى-: زاد مالك في مشهور مذهبه شرطاً،
وهو أنه يشترط في وجوب تقويم عروض المدير أن يصل يده شيء
خاص من ذات الذهب أو الفضة، ولو كان ربع درهم أو أقل،
وخالفه ابن حبيب من أهل مذهبه، فوافق الجمهور في عدم
اشتراط ذلك.
ولا يخفى أن مذهب الجمهور هو الظاهر، ولا نعلم أحد من أهل
العلم خالف في وجوب زكاة عروض التجارة، إلا ما يروى عن
داود الظاهري، وبعض أتباعه، ودليل الجمهور آية، في أحد من
المعاصرين يقول بقول أهل الظاهر؟ نعم هو المعروف عن الشيخ
الألباني -رحمه الله-، المقصود أنه قول مهجور، عامة أهل
العلم على خلافة.
طالب: هل لهم سلف؟
نعم، أهل الظاهر.
طالب: غير داود؟
ما في، ما يعرف إلا عن داود الظاهري.
يقول الشيخ: ولا نعلم أحد من أهل العلم خالف في وجوب زكاة
عروض التجارة، إلا ما يروى عن داود الظاهري، وبعض أتباعه،
ودليل الجمهور آية، وأحاديث، وآثار، وردت بذلك عن بعض
الصحابة -رضي الله عنهم-؛ ولم يعلم أن أحداً منهم خالف في
ذلك، فهو إجماع سكوتي.
يقول: فمن الأحاديث الدالة على ذلك: ما رواه أبو ذر -رضي
الله عنه- عن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((في
الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البز صدقته)) الحديث
أخرجه الحاكم والدارقطني والبيهقي.
قال النووي في شرح المهذب: هذا الحديث رواه الدارقطني في
سننه، والحاكم أبو عبد الله في المستدرك، والبيهقي
بأسانيدهم، ذكره الحاكم بإسنادين، ثم قال: هذان الإسنادان
صحيحان على شرط البخاري ومسلم.
(52/9)
ثم قال: قوله: ((وفي البز صدقته)) هو بفتح
الباء وبالزاي؛ هكذا رواه جميع الرواة، وصرح بالزاي
الدارقطني والبيهقي.
المقصود في كلام طويل جداً حول ...
يقول ابن حجر: هذا إسناد لا بأس به، والحاكم يقول: صحيح
على شرط الشيخين.
يقول: فإن قيل: قال ابن دقيق العيد: الذي رأيته في نسخة من
المستدرك في هذا الحديث: البر، بضم الموحدة وبالراء
المهملة، ورواية الدارقطني التي صرح فيها بالزاي في لفظة
البز في الحديث ضعيفة، وإذن فلا دليل في الحديث على تقدير
صحته على وجوب زكاة عروض التجارة.
فالجواب هو ما قدمنا عن النووي من أن جميع رواته رووه
بالزاي، وصرح بأنه بالزاي البيهقي والدارقطني كما تقدم.
يعني كون اللفظة يوقف عليها بدون نقطة، يعني مهملة غير
كونه يوقف عليها مضبوطة بالنقط وبالحرف، يعني كونه يقف على
نسخة المستدرك البر، لكن هل قال بالراء؟ ما قال، بينما من
ضبطه بالزاي قال .. ، النقطة موجودة، وضبطه بالزاي
المنقوطة.
يقول: ومن الأحاديث الدالة على وجوب الزكاة في عروض
التجارة ما أخرجه أبو داود في سننه عن سمرة بن جندب
الفزاري -رضي الله تعالى عنه- قال: "أما بعد: فإن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمرنا أن نخرج الصدقة مما
نعد للبيع" وهذا الحديث سكت عليه أبو داود -رحمه الله-،
ومعلوم أن من عادته أنه لا يسكت إلا عن حديث صالح للاحتجاج
عنده؛ وقد قال ابن حجر في التلخيص في هذا الحديث: رواه أبو
داود والدارقطني والبزار من حديث سليمان بن سمرة عن أبيه،
وفي إسناده جهالة.
قال مقيده -عفا الله عنه-: في إسناد هذا الحديث عند أبي
داود حبيب بن سليمان بن سمرة بن جندب؛ وهو مجهول، وفيه
جعفر بن سعد بن سمرة، وهو ليس بالقوي، وفيه سليمان بن موسى
الزهري وفيه لين، ولكنه يعتضد بما قدمنا من حديث أبي ذر،
ويعتضد أيضاً بما ثبت عن أبي عمرو بن حماس أن أباه حماساً
قال: مررت على عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-، وعلى
عنقي أدم أحملها، جلود، فقال: ألا تؤدي زكاتك يا حماس؟
فقال: ما لي غير هذا، وأهب في القرظ قال: ذلك مال فضع،
فوضعها بين يديه، فحسبها فوجدت قد وجبت فيها الزكاة، يعني
تبلغ قيمتها النصاب، فأخذ منها الزكاة.
(52/10)
قال ابن حجر في التلخيص في هذا الأثر: رواه
الشافعي عن سفيان، قال: حدثنا يحيى عن عبد الله بن أبي
سلمة عن أبي عمرو بن حماس أن أباه، قال: مررت بعمر بن
الخطاب فذكره، ورواه أحمد وابن أبي شيبة وعبد الرزاق وسعيد
بن منصور عن يحيى بن سعيد به، ورواه الدارقطني ... إلى آخر
ما قال -رحمه الله-.
فقد رأيت ثبوت أخذ الزكاة من عروض التجارة عن عمر، ولم
يعلم له مخالف من الصحابة، وهذا النوع يسمى إجماعاً
سكوتياً، وهو حجة عند أكثر العلماء، ويؤيده أيضاً ما رواه
البيهقي عن ابن عمر: أخبرنا أبو نصر عمر بن عبد العزيز بن
عمر بن قتادة ... إلى أن قال: عن ابن عمر قال: "ليس في
العروض زكاة إلا ما كان للتجارة".
قال: وهذا قول عامة أهل العلم، فالذي روي عن ابن عباس -رضي
الله عنهما- أنه قال: لا زكاة في العرض، قال فيه الشافعي
في كتابه القديم: إسناد الحديث عن ابن عباس ضعيف، فكان
اتباع حديث ابن عمر لصحته والاحتياط في الزكاة أحب إليّ.
هذا كلام -آخر من نقل عنه- البيهقي.
قال: وقد حكى ابن المنذر عن عائشة ...
حتى ولا البيهقي؛ لأن كله قال قال، سياقها واحد، لعله ابن
حجر.
قال ابن حجر في التلخيص في هذا الأثر: رواه الشافعي ...
إلى أن قال: وهذا ما يسمى إجماع، وهو حجة عند أكثر
العلماء، قال: وهذا قول عامة أهل العلم، قال: وقد حكى ابن
المنذر، كلها مساقها واحد.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، هذا نقل، داخل النقل هذا.
قال: وهذا قول عامة أهل العلم، فالذي روي عن ابن عباس -رضي
الله عنهما- أنه قال: لا زكاة في العرض، قال فيه الشافعي،
فهو داخل النقل.
قال: وقد حكى ابن المنذر عن عائشة ... ، والله اللي يظهر
تداخلت النقول، هو نقل في الأول، قال ابن حجر في التلخيص
في هذا الأثر: رواه الشافعي، ثم قال: ويؤيده أيضاً ما رواه
البيهقي عن ابن عمر.
طالب:. . . . . . . . .
البيهقي ينقل عن ابن المنذر؟
طالب:. . . . . . . . .
قال: وقد حكى ابن المنذر؟ معك الكتاب؟ إيه لأنه يقول:
انتهى من سنن البيهقي، ويؤيده ما رواه مالك في الموطأ عن
يحيى بن سعيد عن زريق، الذي قرأناه بالأمس، وكان زريق على
جوازِ مصر في زمان الوليد بن عبد الملك.
(52/11)
وأما الآية، بدأ بالأحاديث والآثار ثم ذكر
الآية؛ لأن الأحاديث والآثار نص في المسألة، وأما الآية
فهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [(267) سورة
البقرة] على ما فسرها به مجاهد -رحمه الله تعالى- قال:
البيهقي في سننه: باب زكاة التجارة، قال الله تعالى:
{أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} الآية،
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ... إلى أن قال: عن أبي نجيح
عن مجاهد في قوله تعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا
كَسَبْتُمْ} قال: التجارة، {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ
مِنَ الْأَرْضِ} قال: النخل، وقال الإمام البخاري في صحيحه
في باب صدقة الكسب والتجارة؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا
كَسَبْتُمْ} [(267) سورة البقرة] إلى قوله: {أَنَّ اللَّهَ
غَنِيٌّ حَمِيدٌ} قال ابن حجر في الفتح: هكذا أورد هذه
الترجمة مقتصراً على الآية بغير حديث.
إلى أن قال -رحمه الله-: ولا شك أن ما ذكره مجاهد داخل في
عموم الآية، فتحصل أن جميع ما ذكرناه من طرق ... حديث أبي
ذر وحديث سمرة المرفوعين، وما صح من أخذ عمر زكاة الجلود
من حماس، وما روي عن ابن عمر، وعمر بن عبد العزيز، وظاهر
عموم الآية الكريمة، وما فسرها به مجاهد، وإجماع عامة أهل
العلم إلا من شذ عن السواد الأعظم يكفي في الدلالة على
وجوب الزكاة في عروض التجارة، والعلم عند الله تعالى.
مما يرجح به هذا القول من جهة النظر أنه لو لم تجب الزكاة
في عروض التجارة لتحايل الناس على إسقاطها، إذا حال الحول
وعنده ألوف الدراهم والدنانير قبل أن يحول الحول يشتري بها
بيتاً مثلاً، لا يحتاجه لسكنى، إنما يريد بيعه، إذا انقطع
الحول، الآن صارت تجارة خلاص، صارت عروض لا تجب فيها
الزكاة، ثم إذا انقطع الحول باعه واستقبل بقيمته حولاً
جديداً وهكذا، فلا شك أن حكم العروض حكم أقيامها، فالمرجح
هو قول عامة أهل العلم.
سم.
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا ما في رد، الله يهديك، عامة أهل العلم على هذا،
كلهم مخطئون، كلهم إلى أن جاء داود، وقال: ما في زكاة؟
(52/12)
طالب:. . . . . . . . .
ما يعتبر، مع عمر بن الخطاب وغيره من أئمة الإسلام، مع
الأئمة الأربعة كلهم بأتباعهم.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى وآله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين
يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما جاء في الكنز:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال: سمعت
عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وهو يسأل عن الكنز ما
هو؟ فقال: "هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة".
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح السمان
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه كان يقول: "من كان عنده
مال لم يؤدِ زكاته مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع له
زبيبتان، يطلبه حتى يمكنه، يقول: "أنا كنزك".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما جاء في الكنز:
يقول ابن جرير: الكنز: كل شيء جمع بعضه إلى بعض في بطن
الأرض أو ظهرها، والحقيقة العرفية للكنز أنه ما كان في بطن
الأرض، لكن حقيقته الشرعية أنه المال الذي لم تؤدَ زكاته،
المال الذي لا تؤدى زكاته كنز، ولو أودع في السطوح، وما
أديت زكاته فليس بكنز ولو دفن في جوف الأرض.
(52/13)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن
دينار مولى ابن عمر أنه قال: سمعت عبد الله بن عمر بن
الخطاب وهو يسأل عن الكنز، في قول الله -جل وعلا-:
{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [(34)
سورة التوبة] ما هو؟ فقال: "هو المال الذي لا تؤدى منه
الزكاة" فما أديت زكاته على هذا ليس بكنز، ويختلف أهل
العلم في المال هل فيه حق سوى الزكاة، أو ليس فيه حق سوى
الزكاة؟ فيروى من حديث عائشة مرفوعاً: ((ليس في المال حق
سوى الزكاة)) ويروى عنها أيضاً: ((إن في المال حقاً سوى
الزكاة)) بعض أهل العلم يثبت اللفظين، ويقول: لفظ الإثبات
((إن في المال حقاً سوى الزكاة)) حق على سبيل الندب، لا
على سبيل الإيجاب، والنفي ليس فيه حق سوى الزكاة هذا على
سبيل الوجوب، فالمثبت المندوب والمنفي الواجب.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح
-ذكوان السمان- عن أبي هريرة أنه كان يقول: "من كان عنده
مال" واللفظ يشمل جميع ما يتمول من نقود وزروع وثمار
ومواشي وعروض وغيرها، " من كان عنده مال لم يؤدِ زكاته" في
البخاري: "من آتاه الله مالاً فلم يؤدِ زكاته مثل له، صور
له يوم القيامة شجاعاً أقرع، حية ذكر، أقرع برأسه بياض،
وكلما كثر سمه أو سَمه أبيض رأسه من الحيات، قال ابن حجر:
الأقرع الذي تمعط رأسه لكثرة سمه، مع أن القزاز وهو من
أئمة اللغة وله كتاب شهير في الباب اسمه: (الجامع) ينازع
في هذا، يقول: الحية ما لها شعر أصلاً، ليس لها شعر، إذاً
ما معنى أقرع؟ معروف أن الأقرع الذي سقط شعر رأسه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم البياض، أو يذهب شيء من جلدة رأسه، من شدة السم الذي
فيه.
"له زبيبتان" يقولون: نكتتان سوداوان فوق عينيه، وهي علامة
الذكر، وقيل: نابان يخرجان من فيه "له زبيبتان يطلبه حتى
يمكنه" حتى يدركه، يطلب صاحب المال، يقول: "أنا كنزك".
يعني الذي بخلت به فلم تخرج ما أوجب الله فيه، وهذا زيادة
في حسرته وعذابه، حيث لا ينفعه الندم.
ولمسلم من حديث جابر: هذا الشجاع الأقرع يتبع صاحبه، وهو
يفر منه، فإذا رأى أنه لا بد منه، أدخل يده في فيه، فجعل
يقضمها كما يقضم الفحم -نسأل الله العافية والسلامة-.
(52/14)
الزكاة الواجبة في الأموال التي بلغت
أنصبتها، والتي فيها من الحكم والمصالح من نفع الفقير،
ونفع الغني أيضاً؛ لأنها طهرة له ولماله، ونمو له ولماله،
وهي أيضاً تنفع الفقير.
من الصحابة من يرى أنه لا يجب في المال غير ما أوجبه الله
-جل وعلا- مما ذكر، هذا في الظروف العادية، في أوقات
الشدائد والمجاعات لا يجوز للمسلم أن يبيت شبعان وجاره
جائع، هذا في أوقات المجاعات، في الظروف العادية لا يجب
سوى الزكاة عند جماهير أهل العلم، وهو القول المعتبر في
المسألة، لكن الصحابي الجليل أبو ذر له رأي، وهو أنه لا
يجوز للمسلم أن يدخر ما زاد على قوته وحاجته، إنما يدفعه
إلى غيره؛ لأن المال مال الله {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ
اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [(33) سورة النور] ما دام المال
ليس ملكاً للإنسان، بل هو مال الله، جاره محتاج، دعونا من
الضرورات، الضرورات لا يجيز أحد من أهل العلم أن يضطر
المسلم وأخوه عنده مال، ضرورة يعني تفضي بحياته إلى
الوفاة، لكن الحاجة عند أبي ذر القدر الزائد على الكفاية
يدفع، ولذا كثرت الكتابات حول رأي أبي ذر، وتبناه كثير من
المفتونين، ممن أعجب بالمذاهب الباطلة والهدامة من
الشيوعية والاشتراكية، وما أشبه ذلك، وكتبوا مؤلفات عن
اشتراكية الإسلام، وعن أبي ذر الاشتراكي الزاهد، هؤلاء
الذين يتتبعون مثل هذه الزلات، ولا شك أن رأي أبي ذر معارض
بالنصوص، ومعارض بقول الأكابر من الصحابة، ولذا نفي -رضي
الله تعالى عنه وأرضاه-، اجتهاد منه، هو اجتهاد، نفي، ومات
وحيداً بالربذة، ولما نفاه عثمان إلى الشام، ثم نفاه
معاوية ورجع إلى المدينة، واجتمع الناس حوله، نفي إلى
الربذة حتى مات فيها.
المقصود أن هذا القول وإن كان القائل صحابياً جليلاً إلا
أنه معارض بالنصوص، وأقوال من هو أكثر منه صحبة للنبي
-عليه الصلاة والسلام-، وأعلم منه، فلا يلتفت إليه، أما
باب التنفل والبذل في سبيل الله في جميع وجوه البر هذا
مفتوح، وجاء الحث عليه بالنصوص الكثيرة، المسألة في إلزام
الناس بغير لازم، نعم.
أحسن الله إليك.
باب صدقة الماشية:
حدثني يحيى عن مالك أنه قرأ كتاب عمر بن الخطاب -رضي الله
عنه- في الصدقة قال: فوجدت فيه:
(52/15)
بسم الله الرحمن الرحيم.
كتاب الصدقة:
في أربع وعشرين من الإبل فدونها الغنم في كل خمس شاة،
وفيما فوق ذلك إلى خمس وثلاثين ابنة مخاض، فإن لم تكن ابنة
مخاض فابن لبون ذكر، وفيما فوق ذلك إلى خمس وأربعين بنت
لبون، وفيما فوق ذلك إلى ستين حقة طروقة الفحل، وفيما فوق
ذلك إلى خمس وسبعين جذعة، وفيما فوق ذلك إلى تسعين ابنتا
لبون، وفيما فوق ذلك إلى عشرين ومائة حقتان طروقتا الفحل،
فما زاد على ذلك من الإبل ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل
خمسين حقة، وفي سائمة الغنم إذا بلغت أربعين إلى عشرين
ومائة شاة، وفيما فوق ذلك إلى مائتين شاتان، وفيما فوق ذلك
إلى ثلاثمائة ثلاث شياه، فما زاد على ذلك ففي كل مائة شاة،
ولا يخرج في الصدقة تيس ولا هرمة ولا ذات عوار، إلا ما شاء
المصدق، ولا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية
الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما
بالسوية، وفي الرقة إذا بلغت خمس أواق ربع العشر".
نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب صدقة الماشية:
المراد بها بهيمة الأنعام من الإبل والبقر والغنم، والمراد
بيان أنصبتها، وما يجب فيها، والشرط فيها السوم، أن تكون
سائمة، فإن لم تكن سائمة فليس فيها زكاة، ما لم تعد
للتجارة، لأنه قال: وفي سائمتها.
الإمام مالك -رحمه الله تعالى- لا يشترط السوم، ويقول: إن
هذا القيد جاء .... نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، جاء مقرر لما كان عليه الحال أن أموال العرب سائمة،
فجاء لحكاية الحال، وليس بقيد مؤثر، فهذه الزكاة تجب في
بهيمة الأنعام سائمة كانت أو معلوفة، والجمهور على أنها إن
كانت سائمة وجبت فيها الزكاة وإلا فلا، ما لم تكن معروضة
للتجارة.
طيب إذا كانت سائمة أو معلوفة، سائمة فيها ما سيأتي،
معلوفة ومعدة للتجارة، فيها ما في عروض التجارة، اثنين
ونصف بالمائة، أيهما أكثر وأيهما أشد على صاحب بهيمة
الأنعام أن يزكي زكاة بهيمة أنعام أو يزكي زكاة عروض
تجارة؟ نعم، يزكي زكاة بهيمة أنعام أخف عليه.
(52/16)
قد يقول قائل: إذا كانت سائمة لماذا نخفف
عليه، وإذا كانت معلوفة نشدد عليه؟ والقاعدة في الصدقات
على ما تقدم والزكوات أن ما كان فيه كلفة ومئونة يخفف عنه،
شخص عنده مائة من الغنم سائمة كم فيها؟ شاه واحدة، وإذا
كانت معلوفة عرض من عروض التجارة؟ نعم، ثنتين ونصف، معدل
اثنتين ونصف، اثنين ونصف بالمائة من قيمتها، هل هذا يجري
على القاعدة أم ماذا؟
لأن هذا قد يشكل على بعض، عرض من عروض التجارة، اثنين ونصف
بالمائة، لكن ماذا عن لو كانت سائمة ومعدة للتجارة؟ يعني
هذا الكلام زكاة صدقة الماشية التي جاء فيها هذه الأنصبة،
وفيها ما يجب إخراجه إذا كانت سائمة ومعدة للتجارة أو غير
معدة للتجارة؟ إيه نعم، ولو كانت للقنية، أما إذا أعدت
للتجارة فزكاتها زكاة عروض التجارة، سائمة كانت أو معلوفة؛
لأنه قد يرد إشكال مثلما أوردنا الآن وشخص عنده مائة من
الغنم، أقول: إذا كانت سائمة ندفع واحدة، وإذا كانت معلوفة
ندفع اثنين ونصف بالمائة من قيمتها؟ لا، يفعل الأحظ
للمساكين، لو كان عنده مائة معلوفة ويعدها للقنية، للبنها،
لنسلها، لشعرها، ما عليه شيء، إذا كانت معلوفة، هذه ما
فيها زكاة، فالسوم قيد معتبر.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه قرأ كتاب عمر بن الخطاب في
الصدقة قال: فوجدت فيه" في البخاري يقول: حدثنا محمد بن
عبد الله بن المثنى قال: حدثني أبي قال: حدثني ثمامة بن
عبد الله بن أنس أن أنساً حدثه أن أبا بكر -رضي الله تعالى
عنه- كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
على المسلمين، والتي أمر الله بها رسوله، فمن سؤلها من
المسلمين على وجهها فليعطها، ومن سئل فوقها فلا يعط، هذا
حديث أنس في كتاب أبي بكر، والإمام مالك خرج كتاب عمر،
وهما متطابقان، كتاب أبي بكر مطابق لكتاب عمر.
فوجدت فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب عمر الذي خرجه الإمام مالك كونه موقوف ظاهر، لكن
المقدرات الشرعية لا مجال للاجتهاد فيها، فله حكم الرفع.
أما كتاب أبي بكر الذي كتبه لأنس لما وجهه إلى البحرين
يقول أنس .. ، هذا الكتاب فيه:
بسم الله الرحمن الرحيم
(52/17)
هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله -صلى
الله عليه وسلم-، هذا تصريح بالرفع إلى النبي -عليه الصلاة
والسلام-.
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه بداءة للكتب بالبسملة، يقول ابن حجر: ولم تجر العادة
الشرعية ولا العرفية في ابتداء المراسلات بالحمد، يعني تبي
تبعث خطاب لشخص ما تقول: الحمد لله رب العالمين، من كلام
الخطب، إنما تقول: بسم الله الرحمن الرحيم، يعني في كتاب
النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي سائر كتبه كتابه إلى هرقل
عظيم الروم: بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم، ليس فيه حمدلة،
فجميع كتبه -عليه الصلاة والسلام- إلى الملوك وغيرهم لم
يقع في واحد منها البداءة بالحمد بل بالبسملة.
كتاب الصدقة
يعني هذا كتاب الصدقة، فكتاب خبر لمبتدأ محذوف تقديره:
هذا، والمراد بالصدقة هنا: الزكاة المفروضة.
في أربع وعشرين من الإبل فدونها الغنم في كل خمس شاة، يعني
في الأربع والعشرين أربع شياه؛ لأن الأربع يسمونها إيش؟
الآن عندنا أربع شياه في الأربع والعشرين، ومن كان عنده
عشرين فقط عليه كم؟ أربع شياه، واحد وعشرين اثنين وعشرين،
ثلاث وعشرين، أربع وعشرين، هذه أوقاص، لا شيء فيها، فدونها
الغنم في كل خمس شاة.
وفيما فوق ذلك خمسة وعشرين إلى خمس وثلاثين، بدأت الزكاة
من الجنس، ابنة مخاض، في حديث أنس الذي أشرنا إليه: ابنة
مخاض أنثى، وهذا كما يقال في ابن لبون ذكر، تصريح بما هو
مجرد توضيح، وإلا فمعلوم أن بنت المخاض لا تكون إلا أنثى،
وابن اللبون لا يكون إلا ذكر، خمس وعشرين فيها بنت مخاض،
أو ابن لبون، إن لم تكن، إن لم توجد يؤخذ ابن لبون، في
خمسة وعشرين إلى خمسة وثلاثين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيش الجملة التي بعدها؟ فإن لم تكن، إن لم توجد، فليس في
هذا تخيير.
بنت المخاض هي التي أتى عليها حول، أكملت السنة ودخلت في
الثانية، والمخاض والماخض هي الحامل؛ لأن من بلغ نتاجها
الحول الكامل، ودخل في الثاني في الغالب أنها تعرض للحمل،
فيقال لها: ماخض، فإذا بلغت سنة، والأصل في أمها أن تعرض
للحمل وتحمل، تتركها بحيث يطرقها جمل فتحبل، سميت باسم
الغالب، وإلا تسمى بنت مخاض وإن لم تحمل أمها.
(52/18)
وفيما فوق ذلك، يعني من خمسة وعشرين إلى
خمسة وثلاثين ابنة مخاض، إن لم تكن فابن لبون، طيب
الثلاثين؟ الخمسة والعشرين فيها بنت مخاض، والخمس الزائدة؟
في كل خمس شاة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني لو كان عند شخص خمسة وعشرين، وعند ثاني ثلاثين،
زكاتهما واحدة، لماذا لا يقال: الخمسة والعشرين فيها إيش؟
الخمسة والعشرين بنت مخاض، أو ابن لبون، والخمس الزائدة
ليتميز هذا عن هذا يكون فيها شاة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم هي وقص لا شيء فيه، وإن قال بعضهم بأن هذه الأوقاص
تعامل معاملة ما دون الخمسة والعشرين.
يقول: فإن لم تكن ابنة مخاض -إن لم توجد- فابن لبون ذكر،
ابن لبون الذي دخل في السنة الثالثة، أكمل السنتين، فصارت
أمه لبوناً بوضع حملها الذي ذكرناه في بنت المخاض.
وفيما فوق ذلك، يعني من ستة وثلاثين إلى خمس وأربعين بنت
لبون أنثى، وفيما فوق ذلك من ستة وأربعين إلى ستين حقة
طروقة الفحل، الحقة التي أكملت ثلاث سنين، ودخلت في
الرابعة على التدريج، بنات المخاض أكملت سنة، وابن اللبون
وبنت اللبون أكمل سنتين، الحقة أكملت ثلاث، قال: وحقة طرقة
الفحل، والطروقة هي المطروقة، فيعني أنها بلغت أن يطرقها
الفحل، بلغت السن الذي تتحمل فيه طرق الفحل.
وفيما فوق ذلك من إحدى وستين إلى خمس وسبعين جذعة، وهي
التي أكملت الأربع ودخلت في الخامسة، جذعة، أكملت الأربع
سنين ودخلت في الخامسة، وفيما فوق ذلك -يعني من ستة وسبعين
إلى تسعين- بنتا لبون، وفيما فوق ذلك إلى عشرين ومائة
حقتان طروقتا الفحل، ثم بعد ذلك يستقر الأمر، إذا زادت على
مائة وعشرين ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة،
مائة وعشرين كم فيها؟ حقتان، مائة وثلاثين؟ عندك القاعدة.
طالب: حقة وبنت لبون.
كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة، حقة واحدة وبنتا
... ، حقة واحدة خمسين، وبنت اللبون ثمانين، مائة وثلاثين،
مائة وأربعين، وبنت لبون واحدة، ومائة وخمسين ثلاث حقاق،
ومائة وستين أربع بنات لبون، ومائة وسبعين وهكذا، استقر
هذا في كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة.
طالب:. . . . . . . . .
(52/19)
الخمس وقص، إلا على قول عند الحنفية أن
الخمس فيها شاة، في رواية البخاري لحديث أنس التي أشرنا
إليها آنفاً: ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس فيها
صدقة إلا أن يشاء ربها، ما عنده إلا أربع، الواجب في الخمس
شاة، في العشر شاتان، في الخمسة عشرة ثلاث شياه، في
العشرين أربع شياه، في الأربع والعشرين أربع شياه، في
الأربع لا شيء، طيب هذا الذي وجبت عليه أربع شياه، قال: لو
كانت .. ، وعنده عشرين، وجب عليه أربع شياه، قال: لو كانت
خمسة وعشرين ويش الواجب؟ بنت مخاض، أنا ما عندي إلا عشرين
وما بطلع بنت مخاض، يجزئ وإلا ما يجزئ؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما يلزم، ما يلزم ... هو ما عدل إلا لمصلحته، أقول:
ما يلزم أن يكون أغلى؛ لأن الأزمان متفاوتة، والشرع حدد،
بنت اللبون تجزئ عن سبع؟ بنت المخاض تجزئ عن سبع؟
طالب:. . . . . . . . .
خمس سنين، المقصود أنه لو قال: أنا وجب علي أربع شياه
وباطلع بنت مخاض.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا في الجبران، هذا في الجبران، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أحياناً تكون الأربع الشياه بثمن بنتي مخاض، الذي أتى
عليها سنة واحدة بثمن ثنتين، يقبل وإلا ما يقبل؟ هاه؟
يقبل؟
طالب:. . . . . . . . .
تجاوزنا الحد المحدد شرعاً؛ لأن أحياناً بعض الأحكام
الشرعية تدرك عللها ومصالحها، وبعضها ما يدرك، فنقف عند ما
حد لنا، وما عدل هذا إلا لمراعاة مصلحته، إذا لم يجد،
يقول: والله ما عندي أربع شياه، تكلفوني أذهب إلى بلد آخر
أشتري لكم شياه، هذا ما هو بالأصل، الأصل أن تؤخذ الزكوات
على مواردها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني يقول: وما ذنبي أن نقصت إبلي عن النصاب، هذا وقفنا
على النص، ما عندنا إشكال في هذا، إحنا ما عندنا إشكال في
هذا.
طالب:. . . . . . . . .
له عقد، لكن على كل حال على المصدق وقد رد إليه في الحديث
نفسه قبول ما لا يقبل، ولا يقبل تيس ولا هرمة ولا ذات عوار
إلا أن يشاء المصدق، رد إليه إلى مشيئته بعد النظر في
مصلحة الفقراء، فإذا كانت مصلحة الفقراء تقتضي هذا فلا
بأس، وإلا فليقف على النص.
(52/20)
يقول في رواية البخاري في حديث أنس التي
أشرنا إليها آنفاً: ومن لم يكن معه إلا أربع من الإبل فليس
فيها الصدقة إلا أن يشاء ربها، فإذا بلغت خمساً من الإبل
ففيها شاه، وفي سائمة الغنم سائمة، وجاء أيضاً في البقر
تقييدها بالسوم، لا يلزم بعد أن يكون في هذا الحديث،
المقصود أنه وارد التقييد بالسوم في الإبل والبقر والغنم،
فدل على أن هذا القيد مؤثر، وأشرنا إليه في البداية.
وفي سائمة الغنم إذا بلغت أربعين إلى عشرين ومائة شاة،
أربعين فيها شاة، خمسين فيها شاة، تسعين، مائة وعشرين شاة،
وفيما فوق ذلك، مائة وواحد وعشرين إلى مائتين، مائتين
وواحدة ثلاث شياه إلى ثلاثمائة، ثلاثمائة وواحدة، هاه؟ فما
زاد على ذلك مائة وواحدة، مائة واثنين، مائة وعشرة، مائة
وخمسين، مائة وسبعين، كم؟ ثلاثمائة، ثلاثمائة وما ذكر ثلاث
شياه، إلى أن تبلغ أربعمائة فيكون فيها أربع شياه، خمسمائة
فيها خمس وهكذا، يقول: وفيما فوق ذلك إلى ثلاثمائة ثلاث
شياه، فما زاد على ذلك ففي كل مائة شاة.
في رواية البخاري المشار إليها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا كريم، كل من نوخ عنده ذبح له واحدة اثنتين، سهل، كم
تبلغ قيمتها؟ يعني مائتين ألف من خمسمائة، خل المعدل
خمسمائة الآن، نقول: تصور أنها من مائتين ألف من خمسمائة،
تدري كم يبلغ صرف بعض الناس؟ هذه لا شيء بالنسبة لصرف بعض
الناس، يعني للدر، ما استعمله لا للتجارة ولا لغيره، عنده
من الإبل يطلع لمه ويشرب من حليبهن ولا يبيع، جالسات،
أموال طائلة، ويقولون: وبعدين؟ مائة أو ألف من الإبل ويش
عنده؟ نعم مفتونين، قل: مفتونين؛ لأن بعض الناس هذه مهنته،
وجميع الأبواب هذه ما تسلم من فتنة، المفتون بسيارات، تجد
عند بابه عشر سيارات، والمفتون بأثاث، والمفتون بتحف
والمفتون بكذا موجود، ولا يعدها للتجارة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا للوناسة بس، يطلع عليهن آخر الأسبوع، ويجلس عندهن
ويكفيه، هذا موجود ترى.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا موجود هذا، إيه.
طالب:. . . . . . . . .
فإذا كانت معلوفة ما فيها شيء، إن كانت سائمة فيها ما
ذُكر.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(52/21)
يوجد من فتن بالمصاحف ويجمع جميع طبعات
المصاحف، وأنا أعرف شخص عنده مصحف مطبوع سنة ألف وسبعمائة
وشوي، اشتراه بثلاثين ألف، ما يقرأ فيه.
طالب:. . . . . . . . .
كل هذه الأمور وبمجرد الافتتان عنده تيس بخمسمائة ألف،
عنده فحل إبل بكذا، عنده جوز حمام بمائتين، كل هذه تدخل في
الإسراف.
طالب:. . . . . . . . .
حتى المصاحف، القدر الزائد على الحاجة.
في رواية البخاري: "فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة على
أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها".
"ولا يخرج في الصدقة تيس -ذكر الغنم- ولا هرمة" الهرمة
الكبيرة، التي سقطت أسنانها " ولا ذات عوار" بفتح العين،
أي المعيبة، وبالضم العوراء "إلا ما شاء المصدق" هل هو
المصَّدِق أو المصَدق؟ المصَّدق من هو؟ المصَّدق؟
طالب:. . . . . . . . .
الصاد هذه المشددة أدغمت فيها التاء، أصله المتصدق، فهو
الدافع، وإذا قلنا: إلا ما شاء المصَدق الذي يأخذ الصدقة،
وهل يمكن أن ترد المشيئة إلى صاحب المال؟ إن بغى دفع وإن
ما بغى؟ لا، المقصود به هنا الساعي وجابي الزكاة، وهل مرد
مشيئته هنا إلا أن يشاء مردها التشهي؟ يعني هل المسألة تبع
شهوته ورأيه؟ أو أن مشيئته لا بد أن تكون تابعة لمصلحة
الفقير؟ نعم هذا ما يقوله أهل العلم.
"ولا يجمع بين مفترق" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا قلنا: المصدق بالتخفيف الذي هو الساعي.
"ولا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة"
الخلطة في المواشي تصير المالين كالمال الواحد، يعني لو
كان واحد عنده عشرين من الغنم، والثاني عنده عشرين، وجب
عليهما شاة، لكن لو فرق؟ ولذا قال: "ولا يجمع بين مفترق
ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة" يجمع بين مفترق هذا عنده
أربعين، وهذا عنده أربعين، لما سمعوا خبر الساعي قالوا:
نجمعهن، على شان ما يأخذ منا إلا واحدة، لا يجوز أن يفعلا
ذلك، ولذا قال: "ولا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع
خشية الصدقة" هذا عنده عشرين وهذا عشرين إذا ضم البعض إلى
البعض أخذ منه شاة واحدة، وإذا فرقا ما وجب عليهم شيء.
(52/22)
"وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما
بالسوية" واحد عنده عشر، وواحد عنده ثلاثين، جاء الساعي
وأخذ واحدة، ويش مقتضى؟ ما مقتضى السوية؟ يعني بقدر الحصص،
بقدر المال كثرة وقلة، فهذا عليه الربع، وهذا عليه ثلاثة
أرباع.
"وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، وفي
الرقة إذا بلغت خمس أواق ربع العشر" والأوقية أربعين
درهماً، والخمس الأواق مائتا درهم، فإذا بلغت هذا المبلغ،
بلغت مائتي درهم ففيها ربع العشر، نعم.
أحسن الله إليك.
باب ما جاء في صدقة البقر:
حدثني يحيى عن مالك عن حميد بن قيس المكي عن طاوس اليماني
أن معاذ بن جبل الأنصاري -رضي الله عنه- أخذ من ثلاثين
بقرة تبيعاً، ومن أربعين بقرة مسنة، وأتي بما دون ذلك فأبى
أن يأخذ منه شيئاً، وقال: لم أسمع من رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- فيه شيئاً حتى ألقاه فأسأله، فتوفي رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- قبل أن يقدم معاذ بن جبل.
قال يحيى: قال مالك -رحمه الله-: أحسن ما سمعت فيمن كانت
له غنم على راعيين مفترقين أو على رعاء مفترقين في بلدان
شتى، أن ذلك يجمع على صاحبه
يجمع كله.
سم.
يجمع كله.
عندنا بلا "كله".
اكتبها.
أحسن الله إليك.
أن ذلك يجمع كله على صاحبه فيؤدي منه صدقته، ومثل ذلك
الرجل يكون له الذهب أو الورق متفرقة في أيدي ناس شتى، أنه
ينبغي له أن يجمعها فيخرج ما وجب عليه في ذلك من زكاتها.
وقال يحيى: قال مالك -رحمه الله- في الرجل يكون له الضأن
والمعز: إنها تجمع عليه في الصدقة، فإن كان فيها ما تجب
فيه الصدقة صدقت، وقال: إنما هي غنم كلها، وفي كتاب عمر بن
الخطاب -رضي الله عنه-: وفي سائمة الغنم إذا بلغت أربعين
شاة شاة.
قال مالك -رحمه الله-: فإن كانت الضأن هي أكثر من المعز
ولم يجب على ربها إلا شاة واحدة أخذ المصدق تلك الشاة التي
وجبت على رب المال من الضأن، وإن كانت المعز أكثر من الضأن
أخذ منها، فإن استوت الضأن والمعز أخذ الشاة من أيتهما
شاء.
(52/23)
قال يحيى: قال مالك: وكذلك الإبل العراب
والبخت، يجمعان على ربهما في الصدقة، وقال: إنما هي إبل
كلها، فإن كانت العراب هي أكثر من البخت، ولم يجب على ربها
إلا بعير واحد، فليأخذ من العراب صدقتها، فإن كانت البخت
أكثر فليأخذ منها، فإن استوت فليأخذ من أيتهما شاء.
قال مالك -رحمه الله-: وكذلك البقر والجواميس تجمع في
الصدقة على ربها، وقال: إنما هي بقر كلها، فإن كانت البقر
هي أكثر من الجواميس ولا تجب على ربها إلا بقرة واحدة
فليأخذ من البقر صدقتهما، فإن كانت الجواميس أكثر فليأخذ
منها فإن استوت فليأخذ من أيتهما شاء، فإذا وجبت في ذلك
الصدقة صدق الصنفان جميعاً.
قال يحيى: قال مالك -رحمه الله-: من أفاد ماشية من إبل أو
بقر أو غنم فلا صدقة عليه فيها حتى يحول عليها الحول من
يوم أفادها، إلا أن يكون له قبلها نصاب ماشية، والنصاب ما
تجب فيه الصدقة، إما خمس ذود من الإبل، وإما ثلاثون بقرة،
وإما أربعون شاة، فإذا كان للرجل خمس ذود من الإبل أو
ثلاثون بقرة أو أربعون شاة، ثم أفاد إليها إبلاً أو بقراً
أو غنماً باشتراء أو هبة أو ميراث، فإنه يصدقها مع ماشيته
حين يصدقها، وإن لم يحل على الفائدة الحول، وإن كان ما
أفاد من الماشية إلى ماشيته قد صدقت قبل أن يشتريها بيوم
واحد، أو قبل أن يرثها بيوم واحد، فإنه يصدقها مع ماشيته
حين يصدق ماشيته.
قال يحيى: قال مالك -رحمه الله-: وإنما مثل ذلك مثل الورق
يزكيها الرجل ثم يشتري بها من رجل آخر عرضاً، وقد وجبت
عليه في عرضه ذلك إذا باعه الصدقة، فيخرج الرجل الآخر
صدقتها هذا اليوم، ويكون الآخر قد صدقها من الغد.
قال مالك -رحمه الله-: في الرجل إذا كانت له غنم لا تجب
فيها الصدقة، فاشترى إليها غنماً كثيرة تجب في دونها
الصدقة، أو ورثها: إنه لا تجب عليه في الغنم كلها الصدقة
حتى يحول عليها الحول من يوم أفادها باشتراء أو ميراث،
وذلك أن كل ما كان عند الرجل من ماشية لا تجب فيها الصدقة
من إبل أو بقر أو غنم، فليس يعد ذلك نصاب مال حتى يكون في
كل صنف منها ما تجب فيه الصدقة، فذلك النصاب الذي يصدق معه
ما أفاد إليه صاحبه من قليل أو كثير من الماشية.
(52/24)
قال مالك -رحمه الله-: ولو كانت لرجل إبل
أو بقر أو غنم تجب في كل صنف منها الصدقة، ثم أفاد إليها
بعيراً أو بقرة أو شاة صدقها مع ماشيته حين يصدقها.
قال يحيى: قال مالك -رحمه الله-: وهذا أحب ما سمعت إلي في
ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: في الفريضة تجب على الرجل فلا توجد
عنده: إنها إن كانت ابنة مخاض فلم توجد، أخذ مكانها ابن
لبون ذكر، وإن كانت بنت لبون أو حقة أو جذعة ولم تكن عنده،
كان على رب المال أن يبتاعها له حتى يأتيه بها، ولا أحب أن
يعطيه قيمتها.
وقال مالك -رحمه الله- في الإبل النواضح والبقر السواني
وبقر الحرث: إني أرى أن يؤخذ من ذلك كله إذا وجبت فيه
الصدقة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما جاء في صدقة البقر:
البقر: اسم جنس يشمل المذكر والمؤنث، اشتقت من بقرت الشيء
إذا شققته؛ لأنها تبقر الأرض لتشقها بالحراثة، ومن هذا سمي
الباقر محمد بن علي بن الحسين قالوا: لأنه بقر العلم،
وأوغل فيه.
"حدثني يحيى عن مالك عن حميد بن قيس المكي -الأعرج- عن
طاوس -بن كيسان- اليماني أن معاذ بن جبل الأنصاري" الصحابي
الجليل العالم بالحلال والحرام "أخذ من ثلاثين بقرة
تبيعاً" التبيع ما أكمل سنة، ودخل في الثانية "أخذ من
ثلاثين بقرة تبيعاً، ومن أربعين بقرة مسنة" المسنة أكملت
السنتين ودخلت الثالثة،
"وأتي بما دون ذلك" أي بما دون الثلاثين "فأبى أن يأخذ منه
شيئاً" يعني الحد الأدنى لنصاب البقر الثلاثين، ونقل عليه
الاتفاق، لكن وجد من السلف من يرى أن في العشر من البقر
الزكاة، على كل حال معاذ لما أتي بما دون ذلك أبى أن يأخذ
منه شيئاً، وقال: "لم أسمع من رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- فيه شيئاً" نفيه السماع فيما دون الثلاثين دليل على
أنه سمع الثلاثين والأربعين من النبي -عليه الصلاة
والسلام-، وهذا ظاهر "لم اسمع من النبي -صلى الله عليه
وسلم- فيه شيئاً" فما جزم به من أخذه التبيع بالثلاثين،
والمسنة في الأربعين، دليل على أنه سمع فيه عن النبي -عليه
الصلاة والسلام-.
(52/25)
يقول: "لم أسم من رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- فيه شيئاً حتى ألقاه فأسأله" لأن المقدرات
والتقديرات والواجبات هذه لا تخضع للاجتهاد "فتوفي رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قبل أن يقدم معاذ بن جبل من
اليمن" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- بعثه إلى اليمن
داعياً ومعلماً، ورسم له المنهج الذي يسير عليه، ونبهه على
أن أهل اليمن أهل كتاب، ليهتم بشأنهم، ويحتاط لحججهم،
وأخبرهم بشرائع الإسلام على الترتيب، أراد أن يسأل النبي
-صلى الله عليه وسلم- فيما دون الثلاثين، لكن الرسول -عليه
الصلاة والسلام- توفي قبل أن يقدم معاذ بن جبل من اليمن.
فجاء في خلافة أبي بكر على قول، والأكثر على أنه جاء في
خلافة عمر؛ لأن أبا بكر ما طالت مدته، ثم توفي في طاعون
عمواس سنة ثمانية عشرة، عن أربع وثلاثين سنة، متى تكون
ولادته؟ أربعة وثلاثين إذا حذفنا منها ثمانية عشر؟
طالب: ستة عشر قبل الهجرة.
ستة عشر قبل الهجرة، نعم، توفي سنة إيش؟
طالب: بعد البعثة.
ثمانية عشرة بعد البعثة، كم مكث -عليه الصلاة والسلام- في
مكة؟
طالب:. . . . . . . . .
ثلاثة عشرة، الجميع ثلاثة وعشرين، ثلاث سنين، المقصود أنه
شهد بدر، ومات صغير أربعة وثلاثين سنة، -رضي الله عنه
وأرضاه-.
والخبر فيه كلام لأهل العلم، يقول ابن حجر: هذا منقطع،
لماذا؟ لأن طاوس لم يلق معاذ، والحديث في السنن من طريق
مسروق عن معاذ، وأيضاً مسروق في سماعه من معاذ كلام،
والترمذي حسن الخبر؛ لأن الطريقين يعضد بعضهما بعضاً، وعلى
كل حال هو عمدة أهل العلم في تحديد نصاب البقر.
"قال يحيى: قال مالك: أحسن ما سمعت فيمن كانت له غنم على
راعيين مفترقين أو على رعاء مفترقين في بلدان شتى أن ذلك
يجمع كله على صاحبه فيؤدي منه صدقته" شخص عنده مائة وعشرين
رأس من الغنم أربعين في بلد، أربعين في الخرج، وأربعين في
الصمان، وأربعين في الثمامة، يعني يؤخذ منه ثلاث؟ أو تجمع
الأموال، يضم بعضها إلى بعض؟ هي لشخص واحد.
(52/26)
يقول: "أحسن ما سمعت فيمن كانت له غنم على
راعيين مفترقين أو على رعاء مفترقين في بلدان شتى، أن ذلك
كله يجمع على صاحبه فيؤدي منه صدقته، ومثل ذلك الرجل يكون
له الذهب أو الورق متفرقة" بعض الناس من زود الذكاء ما
يجعل المال كله في بنك واحد، بل يفرق أمواله على جميع
البنوك، من أجل إيش؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما هو بالصدقة، الصدقة سهلة، الصدقة بألف ريال تجب
الصدقة، لكن هؤلاء عندهم ملايين، كل بنك يضع فيه كذا
مليون، الزكاة واجبة واجبة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هم يخشون البنك يعتريه ما يعتريه فتذهب أموالهم؛ لأنه
إن حصل لهذا ما حصل للبقية، فبعض الناس، كل زمن تجارته
بحسبه، نعم، تجار ما قبل خمسين سنة، يعني اللي عنده مائة
ريال تاجر، اللي عنده ألف ريال هذا عاد مبحر هذا.
على كل حال إذا كانت هناك أموال عنده .. ، أنت افترض أن
التجارات مناسبة لما قبل مائة سنة مثلاً، عنده خمسين بها
البنك، وخمسين بها البنك، وستين بها البنك، ومائتين بها
البنك، تضم كلها؛ لأنه احتمال ما تبلغ النصاب، فإذا ضمت
نفس الشيء يقول.
"ومثل ذلك الرجل يكون له الذهب أو الورق متفرقة، في أيدي
ناس شتى" إما أمانات، وإلا ديون عند أملياء، وإلا عند
بنوك، وما أشبه ذلك "أنه ينبغي له أن يجمعها فيخرج منها مت
وجب عليه في ذلك من زكاتها".
"وقال يحيى: قال مالك في الرجل يكون له الضأن والمعز: إنها
تجمع عليه في الصدقة" لأنها جنس واحد، كلها يشملها الغنم،
الضأن والماعز يشملها اسم الغنم، وزكاتها واحدة، ولذلك
قال: "شاة ولا يؤخذ تيس" يحتاج أن يقال: ولا يؤخذ تيس إلا
أنهما شيء واحد؟ نعم؟ فالضأن والماعز شيء واحد، جنس واحد،
نعم، يجمع الذهب والفضة، تجمع العروض مع الذهب والفضة،
يجمع كل ما يأخذ منه زكاة، لكن ما يجمع غنم مع ذهب، ما
يجمع إلا إذا كانت الغنم للتجارة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذه يجمع بعضها إلى بعض، لكن الإشكال فيما لو كان
يجمعها النقد، والغنم تجمع إلى الضأن، والجواميس تضم إلى
البقر، والبخاتي تضم إلى الإبل وهكذا.
(52/27)
"وقال يحيى: قال مالك في الرجل يكون له
الضأن والمعز: إنها تجمع عليه في الصدقة، فإن كان فيها ما
تجب فيه الصدقة صدقت، وقال: إنما هي غنم كلها" وفي كتاب
عمر بن الخطاب: وفي سائمة الغنم إذا بلغت أربعين شاة شاة.
شاةً تمييز منصوب، وشاةٌ مبتدأ مؤخر.
"قال مالك: فإن كانت الضأن هي أكثر من المعز ولم يجب على
ربها إلا شاة واحدة" سبعين من الضأن، وخمسين من الماعز،
يؤخذ من الضأن، والعكس بالعكس "ولم يجب على ربها إلا شاة
واحدة، أخذ المصدق تلك الشاة التي وجبت على رب المال من
الضأن، وإن كانت المعز أكثر من الضأن أخذ منها، فإذا استوى
الضأن والمعز أخذ الشاة من أيتهما شاء".
يعني ستين وستين ينظر الساعي إلى الأصلح للفقراء.
"قال يحيى: قال مالك: وكذلك الإبل العراب والبخت" الإبل
العراب: ذات السنام الواحد، والبخاتي: ذات السنامين
"يجمعان على ربهما في الصدقة" يعني كما يجمع الضأن مع
المعز "وقال: إنما هي إبل كلها، فإن كانت العراب هي أكثر
من البخت، ولم يجب على ربها إلا بعير واحد، فليأخذ من
العراب صدقتها" يعني عنده خمسة وعشرين فيها بنت مخاض، خمسة
عشر عراب وعشر بخاتي يؤخذ من العراب وهكذا "فليأخذ من
العراب صدقتها، فإن كانت البخت أكثر فليأخذ منها، فإن
استوت فليأخذ من أيتهما شاء".
"قال مالك: وكذلك البقر والجواميس، تجمع في الصدقة على
ربها، وتؤخذ الزكاة من الأكثر" لأن الحكم للغالب، وقال:
إنما هي بقر كلها، فإن كانت البقر هي أكثر من الجواميس،
ولا تجب على ربها إلا بقرة واحدة، أربعين، ثلاثية بقرة،
وعشر جواميس يأخذ من البقر، العكس يأخذ من الجواميس،
فليأخذ من البقر صدقتهما، وإن كانت الجواميس أكثر فليأخذ
منها، نظير ما تقدم في الإبل والغنم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ممكن ويش المانع؟ السوم سهل، ترسل في البراري تأكل من
العشب تصير سائمة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أبد إلا إذا كانت عروض تجارة.
"فإن استوت فليأخذ من أيتهما شاء، فإذا وجبت في ذلك الصدقة
صدق الصنفان جميعاً" هذا إذا استوت.
(52/28)
"قال يحيى: قال مالك: من أفاد ماشية من إبل
أو بقر أو غنم فلا صدقة عليه فيها حتى يحول عليها الحول من
يوم أفادها" ورثها يحتسب بها حولاً جديداً، وهبت له أعطيت
له، المقصود أنه يستقبل بها حولاً جديداً "إلا أن يكون له
قبلها نصاب ماشية" فتضم هذه إلى هذه، لا سيما إذا كانت من
أرباحها ومن نتاجها.
"والنصاب ما تجب فيه الصدقة، إما خمس ذود من الإبل، وإما
ثلاثون بقرة، وإما أربعون شاة" وهذه هي أقل الأنصبة "فإذا
كان للرجل خمس ذود من الإبل، أو ثلاثون بقرة، أو أربعون
شاة، ثم أفاد إليها إبلاً، أو بقراً، أو غنماً باشتراء، أو
هبة، أو ميراث فإنه يصدقها مع ماشيته حين يصدقها" كأن مالك
ما يرى فرق بين أن تكون من نتاج النصاب الأول أو منفكة عنه
...
(52/29)
شرح: الموطأ –
كتاب الزكاة (5)
باب صدقة الخلطاء - باب ما جاء فيما يعتد به من السخل في
الصدقة - باب العمل في صدقة عامين إذا اجتمعا
الشيخ: عبد الكريم الخضير
كأن مالك ما يرى فرق بين أن تكون من نتاج النصاب الأول أو
منفكة عنه.
"وإن لم يحل على الفائدة الحول" عنده ثلاثين بقرة ثم بعد
ستة أشهر الثلاثين هذه ملكها في محرم، في رجب ورث ثلاثين
أخرى، في محرم القادم يزكي الجميع على كلامه، على كلام
مالك يزكي الجميع، وإن لم تكن من نتاجها، أما لو كانت من
نتاجها فلا إشكال؛ لأن ربح التجارة ونتاج السائمة حكمه حكم
أصله، لكن هذه ملكها، ثم بعد ستة أشهر ورث غيرها، على كلام
مالك يزكي الجميع، ومقتضى قول الأكثر أنه لا يزكي مالاً
إلا إذا حال عليه الحول، يعني مقتضى كلام مالك والقياس
عليه أن أصحاب الرواتب اللي كل شهر يوفرون قسط من رواتبهم
أنهم إذا حال الحول على أول راتب يزكي الجميع، بغض النظر
عن كون هذا المال الزائد المتجدد من ربح المال الأول أو
لا.
ولذا يقول: "قال يحيى: قال مالك: من أفاد ماشية من إبل أو
بقر أو غنم فلا صدقة عليه فيها حتى يحول عليها الحول من
يوم أفادها، إلا أن يكون له قبلها نصاب ماشية، والنصاب ما
تجب به الصدقة، إما خمس ذود من الإبل، أو ثلاثون بقرة، أو
أربعون شاة، وإما أربعون شاة، فإذا كان للرجل خمس ذود من
الإبل، أو ثلاثون بقرة، أو أربعون شاة، ثم أفاد إليها
إبلاً، أو بقراً، أو غنماً، باشتراء، أو هبة، أو ميراث،
فإنه يصدقها مع ماشيته حين يصدقها" يعني تضم هذه إلى تلك
"وإن لم يحل على الفائدة الحول، وإن كان ما أفاد من
الماشية إلى ماشيته قد صدقت قبل أن يشتريها، قد، وإن كان
ما أفاد من الماشية إلى ماشيته قد صدقت قبل أن يشتريها،
بيوم واحد، أو قبل أن يرثها بيوم واحد فإنه يصدقها مع
ماشيته حين يصدق ماشيته".
المورث زكى ثم مات من الغد، ورث الوارث يزكي، ولو لم يكن
بينهما إلا يوم واحد، مع أن القول المعتبر عند أهل العلم
أنه ما يستقبل به حول جديد.
(53/1)
"قال يحيى: قال مالك: وإنما مثل ذلك مثل
الورق يزكيها الرجل ثم يشتري بها من رجل آخر عرضاً، وقد
وجبت عليه في عرضه ذلك إذا باعه الصدقة" لأنه مال دائر
عنده "فيخرج الرجل الآخر صدقتها هذا اليوم، ويكون الآخر قد
صدقها من الغد".
"قال مالك في رجل كانت له غنم لا تجب فيها الصدقة، فاشترى
إليها غنماً كثيرة تجب في دونها الصدقة، أو ورثها: إنه لا
تجب عليه في الغنم كلها الصدقة" عنده ثلاثين من الغنم، مكث
ستة أشهر ما عنده إلا ثلاثين، ثم اشترى بعدها ألف وضمها
إليها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بعد الحول، يعني من ملكه الألف ما تجب فيه الصدقة.
"أو ورثها: إنه لا تجب عليه في الغنم كلها الصدقة، حتى
يحول عليها الحول من يوم أفادها باشتراء أو ميراث، وذلك أن
كل ما كان عند الرجل من ماشية لا تجب فيها الصدقة من إبل
أو بقر أو غنم فليس يعد ذلك نصاب مال حتى يكون في كل صنف
ما تجب فيه الصدقة، فذلك النصاب الذي يصدق معه ما أفاد
إليه صاحبه من قليل أو كثير من الماشية" يعني لو كان عنده
الألف وضم إليها مجموعة يزكي المجموعة إليها، لكن العكس
لا.
"قال مالك: ولو كانت لرجل إبل أو بقر أو غنم تجب في كل صنف
منها الصدقة، ثم أفاد إليها بعيراً أو بقرة أو شاة صدقها
مع ماشيته التي يصدقها" نعم.
"قال يحيى: قال مالك: وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك".
"قال مالك في الفريضة تجب على الرجل فلا توجد عنده: إنها
إن كانت ابنة مخاض فلم توجد أخذ مكانها ابن لبون ذكر" رأس
ما برأس، ما يحتاج جبران ولا شيء؛ لأنه منصوص عليه في
الحديث "وإن كانت بنت لبون أو حقة أو جذعة ولم تكن عنده
كان على رب الإبل أن يبتاعها له حتى يأتيه بها" ما عندي،
والله دبر، نعم عليك حقة هات حقة "ولا أحب أن يعطيه
قيمتها" عليه حقة، قال: يا أخي كم تسوى الحقة في السوق؟
قال: تسوى ألفين، قال: هذه الألفين، أبتكلف أروح أشتري لك
حقة، لا، ويقول الإمام مالك: "كان على رب الإبل أن يبتاعها
له حتى يأتيه بها، ولا أحب أن يعطيه قيمتها" لأن الزكاة
تجب في عين المال.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
نفس الشيء، نفس الكلام، زكاة الفطر عند الجمهور لا تجوز
إلا مما عين.
(53/2)
"وقال مالك في الإبل النواضح، والبقر
السواني، وبقر الحرث: إني أرى أن يؤخذ من ذلك كله إذا وجبت
فيه الصدقة" النواضح والبقر السواني التي يستقى عليها هذه
كلها فيها زكاة إذا وجبت فيها الصدقة، ولو كانت غير سائمة؟
ولو كانت غير سائمة عنده -رحمه الله تعالى-.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: الزروع إذا كانت تسقى من غير مشقة كذلك مقداره
إذا كانت تسقى من دون مشقة مثل المطر أما إذا كانت تسقى
نصف الحول بمشقة ونصفه بدون مشقة ما مقدار الزكاة؟
على كل حال هذا إذا كان يسقى بماء السماء كان عثرياً بدون
مشقة ولا تعب ولا عناء، هذا فيه العشر، وإذا كان يسقى
بمئونة وكلفة ومشقة نصف العشر، وإذا كان بعضه كذا أو بعضه
كذا، أو نصف مدة كذا وكذا، يقولون: ثلاثة أرباع العشر.
هذا يقول: في سؤال على الهاتف في حلقة ماضية: عن حديث ما
معناه؟ وهل هو صحيح أو لا؟ وشرحتم الحديث ولم تبينوا صحته
من عدمها.
السؤال: هل أنتم جارون على القاعدة المتقررة، وهي أن تفسير
الحديث فرع عن تصحيحه ما لم يبين ضعفه أم لا؟
على كل حال الحديث معروف ضعفه مرفوع، لكنه عن عمر مقبول،
وبينا أن المقصود به التشديد في شأن الحج، والتهويل من
أمره، وأما المرفوع فلا يثبت، وكأني نسيت أن أجيب على
درجته، نسيت الجواب على الدرجة، وانشغلت بمعناه، لكن ما
يمنع أن يبين لاحقاً -إن شاء الله تعالى-.
كأني أذكر أني اتصلت على الأخ الذي يتولى البرنامج وقلت
لهم: تأكدوا، كأني ما ذكرت الدرجة فلا يذاع، ما دام يقول
الأخ: إنه أذيع أمس وإلا متى؟
طالب:. . . . . . . . .
يمكن أمس، إيه هذا سهو، هذا غفلة.
يقول: اشتريت أرض لغرض تقديمها في صندوق التنمية العقاري،
وفي نيتي عند الشراء إذا نزل القرض أبيعها وأشري غيرها فهل
تجب علي زكاة، وإذا كانت تجب فيها الزكاة فهل تجب فيها
الزكاة من وقت شرائها، أو من وقت نزول القرض؟
أقول: هذه الأرض ما دام اشتريت وفي النية بيعها فتجب فيها
الزكاة إذا حال عليها الحول.
يقول هذا أيضاً عاد لكن ما أحسن السؤال.
(53/3)
نسمعك تدندن كثيراً حول المعاملة بنقيض
القصد، فإلى ماذا تحيلنا من المراجع للبحث في هذه القاعدة؟
المعاملة بنقيض القصد يذكرها أهل العلم فيمن أراد حرمان
الوارث، ويجرون عليها أمثلة كثيرة جداً، والقاتل لا يرث،
يعني معاملةً له بنقيض قصده، والزوج إذا طلق زوجته لقصد
حرمانها من الإرث لا يقع الطلاق معاملة له بنقيض قصده،
المقصود أن فروعها كثيرة جداً.
يقول: في الدرس الماضي يوم الثلاثاء ذكر أحد الطلبة أن
عطاء بن أبي رباح لا يرى الزكاة في العروض، مع أن عبد
الرزاق في مصنفه تحت باب الزكاة في العروض ذكر عن ابن جريج
قال: قال عطاء في البز إن كان يدار كهيئة الرقيق: زكي
ثمنه، وقال عبد الرزاق أيضاً عن ابن جريج: كان عطاء يقول:
لا زكاة في عرض لا يدار إلا الذهب والفضة، فإنه إذا كان
تبراً موضوعاً -وقد يكون صوابها مصوغاً- وإن كان لا يدار
زكي؟
كيف؟
المقصود أن عروض التجارة حكمها حكم الأموال، وهي داخلة في
عموم النصوص التي توجب الزكاة في الأموال.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى وآله وصحبه أجمعين.
باب صدقة الخلطاء:
قال يحيى: قال مالك في الخليطين إذا كان الراعي واحداً،
والفحل واحداً، والمراح واحداً، والدلو واحداً فالرجلان
خليطان، وإن عرف كل واحد منهما ماله من مال صاحبه، قال:
والذي لا يعرف ماله من مال صاحبه ليس بخليط، إنما هو شريك.
قال مالك -رحمه الله-: ولا تجب الصدقة على الخليطين حتى
يكون لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة، وتفسير ذلك أنه
إذا كان لأحد الخليطين أربعون شاة فصاعداً، وللآخر أقل من
أربعين شاة، كانت الصدقة على الذي له الأربعون شاة، ولم
تكن على الذي له أقل من ذلك صدقة، فإن كان لكل واحد منهما
ما تجب فيه الصدقة جمعا في الصدقة، ووجبت الصدقة عليهما
جميعاً، فإن كان لأحدهما ألف شاة، أو أقل من ذلك مما تجب
فيه الصدقة، وللآخر أربعون شاة أو أكثر فهما خليطان
يترادان الفضل بينهما بالسوية على قدر عدد أموالهما على
الألف بحصتها، وعلى الأربعين بحصتها.
(53/4)
قال مالك -رحمه الله-: الخليطان في الإبل
بمنزلة الخليطين في الغنم يجتمعان في الصدقة جميعاً إذا
كان لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة، وذلك أن رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس فيما دون خمس ذود من
الإبل صدقة)) وقال عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-:
"في سائمة الغنم إذا بلغت أربعين شاة شاة".
وقال يحيى: قال مالك -رحمه الله-: وهذا أحب ما سمعت إلي في
ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: وقال عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى
عنه-: "لا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية
الصدقة" أنه إنما يعني بذلك أصحاب المواشي.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: وتفسير قوله: "لا يجمع بين
مفترق" أن يكون النفر الثلاثة الذين يكون لكل واحد منهم
أربعون شاة، قد وجبت على كل واحد منهم في غنمه الصدقة،
فإذا أظلهم المصدق جمعوها؛ لئلا يكون عليهم فيها إلا شاة
واحدة، فنهي عن ذلك.
وتفسير قوله: "ولا يفرق بين مجتمع" أن الخليطين يكون لكل
واحد منهما مائة شاة وشاة، فيكون عليهما فيها ثلاث شياه،
فإذا أظلهما المصدق فرقا غنمهما، فلم يكن على كل واحد
منهما إلا شاة واحدة، فنهي عن ذلك، فقيل: لا يجمع بين
مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: فهذا الذي سمعت في ذلك.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب صدقة الخلطاء:
تقدم في شرح كتاب عمر -رضي الله تعالى عنه-، وجاء مثله في
كتاب أبي بكر لأنس بن مالك في شرح الصدقة، والأنصباء وما
يجب فيها، وكتاب أبي بكر مرفوع صرح برفعه، التي فرضها رسول
الله -صلى الله عليه وسلم-، فهو مرفوع، مثله كتاب عمر في
بعض طرقه ما يدل على رفعه.
(53/5)
والخلطة والاختلاط: الامتزاج، والخلطاء جمع
خليط، لا شك أن للخلطة أثر في الصدقة، في تشديدها
وتخفيفها، وبهذا يقول جمهور أهل العلم، وجاء التصريح بعدم
الجمع والتفريق خشية الصدقة في الكتابين المشار إليهما،
فيمنع الجمع والتفريق خشية أن تزيد الصدقة، يمنع صاحب
المال ألا يجمع ولا يفرق خشية أن تزيد عليه الصدقة، كما
أنه يمنع الساعي وجابي الزكاة أن يفرق، أو يجمع خشية أن
تقل الصدقة.
يقول الإمام -رحمه الله تعالى- ... ، وقبل ذلك أبو حنيفة
-رحمه الله تعالى- لا يرى أثر للخلطة، إنما الأثر للشركة.
"قال يحيى: قال مالك في الخليطين" متى تكون الخلطة؟ إذا
اشتركا المالان فيما يأتي، في الراعي، راعيهما واحد، ما
يكون راعي زيد خاص، وراعي مواشي عمرو خاص؛ لأنه إذا كان
الراعي مختلف تميزت الأموال، ولم تحصل الخلطة، والفحل
واحداً، بمعنى أن الفحل الذي يطرق هذه المواشي لا بد أن
يكون واحداً، أما إذا تميزت هذه المواشي كل قسم منها بفحل
خاص، فليست بخلطة، والمراح واحد، وهو الذي تأوي إليه
للمبيت، سواءً كان بالليل أو في القائلة، والدلو واحد،
بمعنى أنها تسقى من ماء واحد، بدلو واحد، فإذا اشتركت في
هذه الأمور صارت خلطة معتبرة مؤثرة، وإذا اختلفت في أي من
هذه الأمور فتنتفي الخلطة؛ لأنه إذا كان الراعي مختلف فلا
خلطة، هذا يرعى وهذا يرعى، كل في فاله، وإذا كان الفحل
مختلف هذا الفحل يطرق مال فلان، والفحل الثاني خاص بأموال
فلان فلا خلطة.
ومثله إذا كان مراحها ومأواها للمبيت تسرح جميع، ولكن إذا
رجعت، مواشي زيد لها مأوى، ومواشي عمرو لها مأوى فلا خلطة،
وكذلك الدلو، وهو آلة الاستقاء، إذا اشتركت في هذه الأمور
فالرجلان خليطان، ويصير المالان حينئذٍ كالمال الواحد،
فتؤثر فيها هذه الخلطة في تخفيف الزكاة وتشديدها، على ما
سيأتي تفصيله.
(53/6)
وإن عرف كل واحد منهما ماله من مال صاحبه،
زيد يعرف ماله، وعمرو يعرف ماله، هذا له عدد معين، وقد
تكون من جنس خاص، والثاني له عدد معين، وقد تكون من جنس
خاص، هذا له ضأن، وهذا له معز، واشتركا في الأمور الأربعة،
أو هذا له برابر وهذا له نجد مثلاً، أو نعيمي أو غيره، كل
واحد يعرف ما له، لكنها اشتركت في الأمور الأربعة
المذكورة، فإنها خلطة مؤثرة، ولو عرف كل واحد منهما ماله
من مال صاحبه، قد يقول قائل: إذا عرف كل واحد منهما ماله
من مال صاحبه، فلماذا لا يزكي كل واحد ماله على جهة
الاستقلال، ويحمل الخبر على ما إذا لم يعرف كل واحد منهما
ماله؟ نعم، الإمام مالك -رحمه الله تعالى- قال: "والذي لا
يعرف ماله من مال صاحبه ليس بخليط، وإنما هو شريك" والخليط
غير الشريك، في الشركة المال واحد، وليست بأموال لها حكم
المال الواحد {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ
نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ} [(23) سورة ص] إلى أن
قال: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي
بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [ص: 24] ويعرف نعجته من نعاج
أخيه، لكنها ترعى معهم، ومأواها واحد، وراعيها واحد ...
إلى آخره، فالخلطة غير الشركة، المسألة مفترضة في أكثر من
مال يضم بعضها إلى بعض لا على سبيل المزج التام بحيث تكون
الشركة في أفرادها، إنما يعرف أن هذه تبع فلان، وهذا
لفلان، ما يقال: هذه لفلان ولفلان؛ لأنه إذا قيل: هذه
لفلان وفلان صارت شركة وليست خلطة.
أبو حنيفة -رحمه الله- لا يرى أثر للشركة إذا عرف كل منهما
ماله، وإنما المؤثر لا يرى أثر للخلطة مع معرفة وتمييز كل
مال عن مال الآخر، وإنما الأثر للشركة، لكن الشركة ما
تحتاج إلى تنصيص، هو مال واحد تعلقت به الزكاة، ولا يخاطب
الشركاء بأن لا يجمعوا أو لا يفرقوا، هي مجتمعة سواءً جمعت
في مكان واحد أو فرقت، هي مال واحد، وهو مجتمع.
"قال مالك: ولا تجب الصدقة على الخليطين حتى يكون لكل واحد
منهما ما تجب فيه الصدقة" يعني إذا كان للخليطين سبعون من
الغنم، لكل واحد خمسة وثلاثين فيها زكاة وإلا ما فيها
زكاة؟ على كلام الإمام؟
طالب:. . . . . . . . .
(53/7)
"ولا تجب الصدقة على الخليطين حتى يكون لكل
واحد منهما ما تجب فيه الصدقة" لو كانت سبعين واحد له
أربعون والثاني له ثلاثون وجبت الزكاة في مال من؟ من بلغ
ماله النصاب دون الثاني، ويأتي الكلام في هذا.
وتفسير ذلك أنه إذا كان لأحد الخليطين أربعون شاة فصاعداً،
وللآخر أقل من أربعين شاة كانت الصدقة على الذي له
الأربعون شاة، لملكه النصاب، ولم تكن على الذي له أقل من
ذلك صدقة؛ لأن ماله لا يبلغ النصاب، والواجب هو فيما يبلغ
النصاب.
يقول: "فإن كان لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة جمعا في
الصدقة" يعني الخلطة فيما إذا كان كل مال على انفراده،
يقول: "فإن كان لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة جمعا في
الصدقة" يعني الخلطة فيما إذا كان كل مال على انفراده،
يقول: "فإن كان لكل واحد منهما ما تجب فيه الصدقة جمعا في
الصدقة، ووجبت الصدقة عليهما جميعاً بقدر ماليهما" يعني
واحد عنده ثمانون، والآخر عنده خمسون، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فيه الزكاة، كل واحد على انفراده عليه واحدة، وبمجموعهما
عليهما اثنتان، على صاحب الثمانين مثلما على صاحب الخمسين
بقدر ماليهما، كيف نأخذ من صاحب الثمانين أكثر من واحدة،
واحدة وجزء من الثانية، ونأخذ من صاحب الخمسين أقل من
واحدة، نعم هذا أثر الخلطة.
قوله: "فإنهما يتراجعا بينهما بالسوية" هل معنى هذا أن
السوية أنهما يستويان في المدفوع أو أن السوية المقصود بها
النسبة؟ يعني نأخذ من صاحب الثمانين كم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني يقرب، يعني واحد وربع أو أكثر قليلاً، والثانية واحدة
إلا ربع أو إلا ثلث.
(53/8)
"فإن كان لأحدهما ألف شاة، أو أقل من ذلك"
قلنا: فوق ثلاثمائة في كل مائة شاة، والألف فيها عشر "فإن
كان لأحدهما ألف شاة أو أقل من ذلك مما تجب فيه الصدقة،
وللآخر أربعون شاة أو أكثر، فهذان خليطان يترادان الفضل
الزائد بينهما بالسوية على قدر عدد أموالهما، على الألف
بحصتها، وعلى الأربعين بحصتها" الألف وأربعين كم فيها؟
عشر، هل نقول: إن صاحب الألف عليه عشر، وصاحب الأربعين ما
عليه شيء؟ أو نقول: على صاحب الأربعين واحدة وعلى صاحب
الألف تسع؟ أو بالنسبة؟ نعم إذا مشينا على النسبة تكون
بالنسبة؛ لأنه يقول: على قدر عدد أموالهما على الألف
بحصتها -يعني من العشر- وعلى الأربعين بحصتها، هذا مقتضى
قوله -رحمه الله تعالى-: ترادان بينهما بالسوية، وهو منطوق
الخبر: "فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية" والعدل يقتضي
ذلك.
"قال مالك: الخليطان في الإبل بمنزلة الخليطين في الغنم
-ولا فرق- يجتمعان في الصدقة جميعاً" ومثلهما الخلطة في
البقر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف إذا ولدت؟
طالب:. . . . . . . . .
بالقيمة، اللي ما يمكن دفعه من العين يقوم، ما لا يمكن
دفعه من العين يقوم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يتبرع بها ما في شيء، ورضي الآخر، إذا رضي لا بأس، مثل لو
كان عليه كفارة أو شيء يدفعها، ومثل ما يكون عليه حج ويحج
به، لكن إذا كان لا يقبل المنة ما يلزم، أما إذا تبرع عنه
غيره وقبل من غير منة هذا لا بأس.
(53/9)
"قال مالك: الخليطان في الإبل بمنزلة
الخليطين في الغنم، يجتمعان في الصدقة جميعاً" يقول:
"ومثلهما الخلطة في البقر، إذا كان لكل واحد منهما ما تجب
فيه الصدقة" مثلما قلنا: مقتضى ذلك أنه إذا كان عندهما
سبعون تفصيلها: لأحدهما أربعون وللآخر ثلاثون، فالشاة في
مال من كمل نصابه، والثاني لا شيء عليه، وعلى القول الآخر
قلنا: بتأثير الخلطة في المال سواءً بلغ النصاب أو لم
يبلغ، إذا كان المجموع فيه الزكاة، نقول: على صاحب
الأربعين أربعة الأسباع، وعلى صاحب الثلاثين ثلاثة الأسباع
من الشاة، ودليل ذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-،
يعني دليل اشتراط النصاب "أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال: ((ليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة)) " يعني
لو كان لواحد أربع، وللثاني واحد وعشرين أخذنا بنت مخاض،
من مال من نأخذ؟ يؤخذ منهما بنت مخاض، ثم بعد ذلك
يتحاسبون.
طالب: بالسوية.
بالسوية، يترادان بالسوية.
"وقال عمر بن الخطاب -في كتابه السابق-: "في سائمة الغنم
إذا بلغت أربعين شاة شاة".
فمن لم يبلغ ماله هذا العدد فلا زكاة عليه، وإن كان
مخالطاً لغيره، هذا رأي الإمام مالك -رحمه الله تعالى-،
وغيره لا أثر للخلطة إلا إذا بلغ كل من المالين النصاب
بحيث تلزم الزكاة كل واحد منهما.
طالب:. . . . . . . . .
ما صارت خلطة، الأظهر أنها ما دام الغنم تتعلق به نفوس
الفقراء، وقد بلغ الزكاة تؤخذ منه.
طالب:. . . . . . . . .
(53/10)
لا، أنت افترض مثلاً شخص له عشرين، وشخص له
مائة وواحدة أو قل: شخص له مائة، وشخص له ثلاثين، فيها
شاتين، إذا قلنا: برأي الإمام مالك ألزمنا صاحب المائة
بالاثنتين، وهو في الأصل لا يلزمه، كيف أثرت الخلطة في مال
هذا ولم تؤثر في مال الآخر؟ يعني إذا قلنا: إنه في الأصل
صاحب العشرين ما عليه شيء، فصاحب المائة ما عليه إلا
واحدة، صاحب الثلاثين ما عليه شيء؛ لأنه ما بلغ النصاب،
وصاحب المائة من الذي يلزمه باثنتين وهو ما يلزمه إلا
واحدة؟ الخلطة، الخلطة التي أثرت في مال هذا ليش ما تؤثر
في مال ذاك؟ هذا ما بلغ نصاب شاتين أجل، بلغ نصاب شاة
واحدة، ما بلغ نصاب شاتين، كيف أثرت الخلطة في الزيادة على
هذا وإلزامه بأكثر مما يجب عليه، ولم تؤثر على الثاني؟
طالب:. . . . . . . . .
تقتضي أن يلزم الجميع، تلزم الجميع، هذا قول الأكثر، ما
أثرت على الثاني.
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا أنا أقول: على رأي مالك صاحب الثلاثين ما عليه شيء
أصلاً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على نصيب الأكثر، اللي بلغ نصابه، لكن ما بلغ نصاب
الثنتين، هل يقول مالك: إنه ما عليهم إلا واحدة؟ ما يمكن
يقول مالك، إذن ما فائدة الخلطة؟ ما يمكن أن يقول مالك: ما
يجب عليهم إلا شاة واحدة في هذه الصورة، فإذا قلنا: إن
صاحب المائة يدفع شاتين تضرر، فليدفع الثاني لتأثير
الخلطة، يخرج صاحب المائة، يخرج اثنتين وهو ما يلزمه في
الأصل إلا واحدة، الإمام مالك يريد أن يدفع هذا الشخص الذي
لم يبلغ ماله النصاب، ولم يطالب بالزكاة أصلاً، فلو طولب
وماله ما بلغ النصاب ظلم، طيب هذا الذي ما بلغ نصابه
اثنتين، كيف نلزمه باثنتين؟ يظلم أيضاً، بشاتين، ويش فائدة
الخلطة؟ ما فائدة الخلطة؟ ما صارت خلطة أصلاً الآن، أبو
حنيفة اللي يقول: ما يلزمهم شيء، إلا واحدة تجب على صاحب
المائة؛ لأنها ما هي بشركة، خلطة هذه، ومقتضى رأي الحنابلة
والشافعية هذا أنه يلزم الاثنين بالسوية "وما كان من
خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية".
طالب:. . . . . . . . .
إيه يلزمه، إذاً ويش الفائدة من الخلطة الآن؟ ويش فائدة
التراجع بالسوية؟
طالب:. . . . . . . . .
(53/11)
لا، لا متوفرة، المائة والثلاثين فيها
شاتان، على كل حال ويوافقه الثوري، وقال الشافعي وأحمد
وأصحاب الحديث: إذا بلغت ماشيتهما النصاب وجبت، وإن لم يكن
لكل منهما نصاب، مثلما قلنا في السبعين خمسة وثلاثين وخمسة
وثلاثين، على رأي مالك ما عليهم شيء.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
يتراجعان فيما إذا بلغ كل مال واحد منهما نصاب.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، إيه لو كان لواحد أربعين وواحد تسعين، وأخذ منهم
اثنتين يتراجعان بالسوية.
"قال مالك: وقال عمر بن الخطاب" في كتابه السابق المشار
إليه، وهو مرفوع، وفي كتاب أبي بكر التصريح برفعه: " ((لا
يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة)) إنما
يعني بذلك أصحاب المواشي" يعني النهي هنا المفهوم من النهي
متجه إلى أرباب المواشي، يعني اشترك زيد وعمرو في مواشي
بشركة خلطة اختلطا، الشركة أمرها آخر، اختلطا اختلط مالهما
فيستفيدون من التفريق، وذلك ما إذا كان لكل واحد منهما ...
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نصاب واحد أربعين وأربعين؟ لا، يستفيدون من الجمع هذولا،
لا أنا أريد يستفيدون من التفريق، كل واحد له مائة وعشر،
في الأصل ما يجب على كل واحد إلا واحدة، ثم إذا اجتمعا
فيها ثلاث، مائتين وأربعين، يصير فيها ثلاث، فإذا أظلهم
الساعي فرقوا على شان ما يجب على كل واحد إلا واحدة، وعكس
هذا ما لو كان لكل واحد منهما أربعون، إذا أظلهم الساعي
يجمعون بين المتفرق ليلزمهما واحدة، والصورة الأولى يفرقون
من أجل أن يلزم كل واحد منهما واحدة.
" ((لا يجمع بين مفترق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة))
إنما يعني بذلك أصحاب المواشي".
(53/12)
والخطاب محتمل لأن يكون لأرباب المواشي،
كما أنه محتمل أيضاً أن يكون متجهاً إلى الساعي، وحينئذٍ
يكون التقدير لا يفرق بين مجتمع، ولا يجمع بين متفرق إذا
قلنا: المراد أصحاب المواشي، خشية أن تزيد الصدقة، وإذا
قلنا: الخطاب متجه إلى الساعي قلنا: لا يجمع بين مفترق،
ولا يفرق بين مجتمع، خشية أن تنقص الصدقة، فتترك الأمور
على ما هي عليه، وعلى هذا يكون الخطاب متجه إلى الاثنين،
فإذا كانت الخشية من زيادة الصدقة فالمخاطب أصحاب المال،
وإذا كانت الخشية من نقص الصدقة فالمخاطب بذلك الساعي الذي
هو نائب عن الفقراء.
"قال مالك: وتفسير قوله: ((لا يجمع بين مفترق)) أن يكون
النفر الثلاثة الذين يكون لكل واحد منهم أربعون شاة قد
وجبت على كل واحد منهم في غنمه الصدقة" كل واحد عليه شاة،
يجب فيها ثلاث "فإذا أظلهم المصدق –الساعي- جمعوها؛ لئلا
يكون عليهم فيها إلا شاة واحدة" المائة والعشرين فيها
واحدة، من أربعين إلى مائة وعشرين فيها واحدة "لئلا يكون
عليهم فيها إلا شاة واحدة فنهو عن ذلك" لأن هذه حيلة،
والحيلة التي يتوصل بها إلى إسقاط واجب، أو ارتكاب محرم
حرام، إلى إسقاط واجب أو ارتكاب محرم فهي محرمة، وهي التي
نهي عنها ((لا ترتكبوا ما ارتكب اليهود فتستحلوا محارم
الله بأدنى الحيل)) هذه الحيل التي يستباح بها المحظور،
ويترك بها الواجب، لكن إذا كانت الحيلة يدرك بها الواجب،
أو يترك بها المحظور صارت مطلوبة {لاَ يَسْتَطِيعُونَ
حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً} [(98) سورة النساء]
فالهجرة واجبة، فالتحايل على الواجب مطلوب، والتحايل على
ترك المحرم مطلوب.
(53/13)
"وتفسير قوله: ((ولا يفرق بين مجتمع)) أن
الخليطين يكون لكل واحد منهما مائة شاة وشاة" مائة وواحدة،
إذا جمعت صارت مائتين واثنين، وحينئذٍ فيها ثلاث شياه، لكن
لو فرقت صار على كل واحد منهما واحدة، "وتفسير قوله: ((ولا
يفرق بين مجتمع)) أن الخليطين يكون لكل واحد منهما مائة
شاة وشاة، فيكون عليهما فيها ثلاث شياه" نعم؛ لأنها، يعني
الخليطين يكون لكل واحد منهما مائة شاة وشاة، فيكون عليهما
فيها ثلاث شياه؛ لأنها زادت على المائتين، إذا زادت على
المائتين إلى ثلاثمائة فيها ثلاث شياه، وهذه زادت على
المائتين ففيها ثلاث "فإذا أظلهما المصدق فرقا غنمهما"
ليكون على كل واحد واحدة "فلم يكن على كل واحد منهما إلا
شاة واحدة، فنهي عن ذلك، فقيل: لا يجمع بين مفترق ولا يفرق
بين مجتمع خشية الصدقة" مخافة الصدقة.
"فقال مالك: فهذا الذي سمعت في ذلك"، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الأخير؟
طالب:. . . . . . . . .
على إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني في مال واحد وإلا أكثر من مال؟
طالب:. . . . . . . . .
مال شخص واحد؟
طالب:. . . . . . . . .
مال شخص واحد ولو تفرق، نصفه بالهند، والنصف الثاني
بالمغرب مال شخص واحد، ماله.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
أو افترض أن عنده ربع نصاب ذهب، وربع نصاب فضة، ونصف نصاب
عروض، الحكم الواحد، نعم.
أحسن الله إليك.
هذه تجمع، نعم.
باب ما جاء فيما يعتد به من
السخل في الصدقة:
حدثني يحيى عن مالك عن ثور بن زيد الديلي عن ابن لعبد الله
بن سفيان الثقفي عن جده سفيان بن عبد الله أن عمر بن
الخطاب -رضي الله عنه- بعثه مصدقاً، فكان يعد على الناس
بالسخل، فقالوا: أتعد علينا بالسخل ولا تأخذ منها شيئاً؟
فلما قدم على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ذكر له ذلك،
فقال عمر -رضي الله عنه-: نعم تعد عليهم بالسخلة يحملها
الراعي، ولا تأخذها، ولا تأخذ الأكولة، ولا الربْى.
الربّى، الرُبّى
أحسن الله إليك.
ولا الربّى، ولا المخاض، ولا فحل.
الماخض، الماخض.
أحسن الله إليك.
(53/14)
ولا تأخذ الأكولة ولا الربى، ولا الماخض،
ولا فحل الغنم، وتأخذ الجذعة والثنية، وذلك عدل بين غذاء
الغنم وخياره.
قال مالك -رحمه الله-: والسخلة الصغيرة حين تنتج، والربى
التي قد وضعت فهي تربي ولدها، والماخض: هي الحامل،
والأكولة: هي شاة اللحم التي تسمن لتؤكل.
وقال مالك -رحمه الله- في الرجل تكون له الغنم لا تجب فيها
الصدقة فتتوالد قبل أن يأتيها المصدق بيوم واحد، فتبلغ ما
تجب فيه الصدقة بولادتها، قال مالك -رحمه الله-: إذا بلغت
الغنم بأولادها ما تجب فيه الصدقة فعليه فيها الصدقة، وذلك
أن ولادة الغنم منها، وذلك مخالف لما أفيد منها باشتراء أو
هبة أو ميراث، ومثل ذلك العرض لا يبلغ ثمنه ما تجب فيه
الصدقة، ثم يبيعه صاحبه، فيبلغ بربحه ما تجب فيه الصدقة،
فيصدق ربحه مع رأس المال، ولو كان ربحه فائدة أو ميراثاً
لم تجب فيه الصدقة، حتى يحول عليه الحول من يوم أفاده أو
ورثه.
قال مالك -رحمه الله-: فغذاء الغنم منها كما ربح المال
منه، غير أن ذلك يختلف في وجه آخر أنه إذا كان للرجل من
الذهب أو الورق ما تجب فيه الزكاة، ثم أفاد إليه مالاً ترك
ماله الذي أفاد فلم يزكه مع ماله الأول حين يزكيه، حتى
يحول على الفائدة الحول من يوم أفادها، ولو كانت لرجل غنم
أو بقر أو إبل تجب في كل صنف منها الصدقة، ثم أفاد إليها
بعيراً أو بقرة أو شاة صدقها مع صنف ما أفاد من ذلك حين
يصدقه إذا كان عنده من ذلك الصنف الذي أفاد نصاب ماشية.
قال مالك -رحمه الله-: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما جاء فيما يعتد به من السخل في الصدقة:
السخل: جمع سخلة، مثل تمر وتمرة، وسدر وسدرة، يجمع السخل
على سخال.
(53/15)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ثور بن زيد
الديلي" المدني "عن ابن لعبد الله بن سفيان الثقفي عن جده
سفيان بن عبد الله" بن ربيعة "أن عمر بن الخطاب بعثه
مصدقاً" يعني ساعياً "فكان يعد على الناس بالسخل" النبي
-عليه الصلاة والسلام- بعث عمر على الصدقة -ساعي جابي-،
وعمر -رضي الله تعالى عنه- بعث سفيان بن عبد الله، يقول:
"فكان يعد على الناس بالسخل" يدرجها في العدد "فقالوا:
أتعد علينا بالسخل ولا تأخذ منها شيئاً؟ " هذا عنده ألف،
ثمانمائة كبار، ومائتين صغار، سخال، يجب عليه عشر، هل يأخذ
ثمان واثنتين، وإلا يأخذ كلها كبار؟ كلها كبار، يأخذها
كلها كبار.
(53/16)
"فقالوا: أتعد علينا بالسخل ولا تأخذ منها
شيئاً؟ " يعني للزكاة، كأنه أوجد عنده هذا وقفة، فاحتاج
إلى أن يسأل، هو كلام يعني في الجملة منطقي، هذا وجب عليه
عشر، ثمانمائة كبار، ومائتين صغار، يعني الأصل أن يأخذ من
الثمانمائة الكبار كبار، ومن الصغار صغار، يعني من باب
العدل، وملاحظة مصلحة المتصدق، الغني، والشرع لا يهدر
مصلحة الغني، مع حرصه على مصلحة الفقير "فلما قدم على عمر
بن الخطاب ذكر له ذلك" الذي فعله، وذكر إنكارهم عليه "فقال
عمر: نعم تعد عليهم بالسخلة" نعد عليهم مواشيهم بما فيها
السخلة "يحملها الراعي" يعني لعدم قدرتها على متابعة المشي
"يحملها الراعي، ولا تأخذها" أو تعد ولا تأخذها، السخلة
يمكن تموت في الطريق، ما يستفيد منها الفقير، بينما بقاؤها
عند صاحبها بين السخال بقاؤها بين أماتها عند صاحبها
يستفاد منها، لكن إذا فصلت عن أماتها، وهلكت في الطريق، هي
لا تثبت مثل ثبات الكبير، المقصود أن هذا هو الثابت، وأنه
لا يأخذ إلا قدر مجزئ، هل فيه ظلم على الغني؟ لا ظلم فيه؛
لأنه بيترك له أنواع جاء التحذير من أخذها، في حديث معاذ
لما بعثه النبي -عليه الصلاة والسلام- إلى اليمن قال:
((وإياك وكرائم أموالهم)) النفائس، النفائس لا تأخذ منها
شيء، ((إياك وكرائم أموالهم)) لكن في المقابل أيضاً في
الطرف الثاني الخبيث {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ
مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] والمراد به
الرديء، فالزكاة تؤخذ من أوساط المال، لا تؤخذ الكرائم،
ولا تؤخذ الأرذال، إنما يؤخذ من الوسط، وهذا هو العدل،
يعني لو شخص عنده ألف رأس، تسعمائة وتسعة وتسعين سعر
الواحدة ثلاثمائة ريال، فيكون ثمنها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ألف إلا واحدة، كل واحدة ثلاثمائة ريال، ثلاثمائة ألف
إلا ثلاثمائة ريال، وعنده مكمل المائة تيس بثلاثمائة ألف،
ويش نقول؟ بيأخذ عن الألف عشرة، يدرج ها الواحد من العشر
وإلا يأخذ من غيره؟ من هذا الألف مائة سخال مثلاً.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا إلا أن يشاء المصدق، يأخذ، إذا بغاه أخذه، نعم، لكن
هذا الذي بهذا المبلغ الطائل هو ماشية وإلا عرض؟
طالب:. . . . . . . . .
(53/17)
يعني إذا كان سائمة مع هذه الأغنام ولم يعد
للتجارة فهو سائمة، زكاته زكاة المواشي، لكن إذا كان ينتظر
به ارتفاع السعر.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود ((إياك وكرائم أموالهم)) لكن يبقى أنه ...
طالب:. . . . . . . . .
بلى، لكن يبقى .. ، أنا أقول: هل يظلم الفقير إذا أخذنا
اعتبرنا نصف المال كلا شيء، نصف المال ثلاثمائة ألف بهذا
التيس ما في زكاة، إلا واحد من ...
طالب:. . . . . . . . .
نعم عموم ((إياك وكرائم أموالهم)) لكن إن كان للتجارة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، إذا كان للزكاة هو يزكي، يزكى زكاة عروض تجارة.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه بمفرده لا يؤخذ إذا كان من زكاة المواشي، ولا
يؤخذ أرذال الأموال، إنما يؤخذ من أوساطها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه بس لا تصير معيبة، جاء: "ولا يؤخذ هرمة ولا
ذات عوار، ولا تيس" ما لم تصل إلى الهرم ما في شيء.
"ولا تأخذ الأكولة" الأكولة؛ لأن من لازم الأكل أن تكون
سمينة، والسمينة كريمة عند أهلها، لكن إذا كانت أكولة،
وليست بسمينة، تصير من الخيار وإلا من الأرذال؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
هو إنما ترك أخذ الأكولة لأنها تسمن، ويستفاد من لحمها
وشحمها، لكن إذا كانت تأكل أكل عشر، وتنقص، ما نحتاج ...
طالب:. . . . . . . . .
أنت تبي تعطيها فقير، هذه تبي مصروف لحالها، نعم؛ لأن
الأكل يضرها لا ينفعها، فقوله: "ولا تؤخذ الأكولة" إذا كان
الأكل تترتب عليه آثاره، إذا كان أكلها يترتب عليه آثاره
من السمن، فتكون من الخيار.
"ولا الربّى" التي تربي ولدها "ولا المخاض" التي هي الحامل
"ولا فحل الغنم" قال: "ولا تأخذ الأكولة، ولا الربى، ولا
الماخض، ولا فحل الغنم" لأن هذه كلها كرائم، وقد جاء
التحذير من أخذ الكرائم.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا في كتابه السابق، في كتاب أبي بكر: إلا أن يشاء
المصدق.
(53/18)
"وتأخذ الجذعة والثنية، وذلك عدل" يعني
وسط، يعني إذا تركت الخيار، وتركت الأرذال، لاحظت مصلحة
الغني ومصلحة الفقير، وأخذت من الوسط، يعني متوسط المال
"وذلك عدل بين غذاء الغنم وخياره" الغذاء الصغار، السخال،
وخياره يعني كما .. ، يقول: كما أنه يترك لهم الخيار الذي
يضر بهم أخذها يترك أيضاً السخال والصغار التي يضر بالفقير
أخذها، لكن لو كانت كلها كرام، كلها من كرائم الأموال،
يأخذ منها، وإذا كانت كلها أرذال يأخذ منها، فزكاة المال
منه.
"قال مالك: والسخلة الصغيرة حين تنتج" يعني الصغيرة جداً،
وقت نتاجها، ولذا قال: "يحملها الراعي" والربى التي قد
وضعت فهي تربي ولدها بلبنها ما تؤخذ؛ لأن ولدها بيموت،
بيؤخذ معها وإلا بيترك؟ بيترك، إذاً يتضرر الولد، ويتضرر
صاحبه به، والماخض: وهي الحامل، والأكولة: هي شاة اللحم
التي تسمن لتؤكل.
فهذه كرائم الأموال التي جاء التحذير من أخذها.
(53/19)
"وقال مالك في الرجل تكون له الغنم لا تجب
فيها الصدقة" انتبهوا يا إخوان "وقال مالك في الرجل تكون
له الغنم لا تجب فيها الصدقة" عنده ثلاثين رأس لا تجب فيها
الصدقة "فتتوالد قبل أن يأتيها المصدق بيوم واحد، فتبلغ ما
تجب فيه الصدقة بولادتها" الآن الشخص هذا عنده ثلاثين رأس
في محرم، في محرم عنده ثلاثين رأس، ما عليه زكاة، في صفر
صارت واحد وثلاثين، ولد له سخلة، وفي ربيع صارت ثلاثة
وثلاثين، وفي رمضان صارت خمسة وثلاثين، في محرم اللاحق
صارت أربعين، تجب الزكاة وإلا ما تجب؟ يقول: ولو بيوم واحد
على رأيه هو، لكن عند الجمهور حولها إنما يحسب من كمالها
النصاب، هذه ما أكملت أربعين إلا في محرم الثاني، من الآن
اجمع، احسب، وصلت الأربعين، أو وصلت خمسين، في ذي الحجة ما
وصلت، ناقصة، ولد له في هذه المدة عشرين من المجموع صارت
خمسين، لما حال عليها الحول صارت الآن بداية الحول الثاني
صارت نصاب، فعلى رأي مالك يؤخذ من الزكاة عن الحول الماضي،
ولو اكتملت قبل أن يأتيها المصدق بيوم واحد، فالعبرة بوقت
الحول، نهايته عند مالك، وغيره يقول: العبرة ببدايته، ولا
بد من توافر الشروط في بداية الحول حيث تحسب المدة، لكن
بلغت النصاب الآن مائة وثلاثين، خمسين أو ستين، ثم بعد
وعلى رأس الحول الثاني بلغت مائة وثلاثين، كل واحدة منها
جاءت بتوأم، ماذا يزكي؟ عند من؟
طالب:. . . . . . . . .
فقط؟
طالب:. . . . . . . . .
عند الجميع؛ لأنه حينئذٍ الآن الحول بدأ من بلوغها النصاب
عند الجمهور، مالك بدأ قبل ذلك، ما يختلفون بعد ذلك أن
نتائج السائمة له حكم الأصل، ومثله ربح التجارة.
"وقال مالك في الرجل تكون له الغنم لا تجب فيها الصدقة
فتتوالد قبل أن يأتيها المصدق بيوم واحد، فتبلغ ما تجب فيه
الصدقة بولادتها".
(53/20)
"قال مالك: إذا بلغت الغنم بأولادها ما تجب
فيه الصدقة فعليه فيها الصدقة، وذلك أن ولادة الغنم منها"
يعني كربح التجارة، فالنتاج -نتاج السائمة- محسوب تبعاً
لأصوله "وذلك مخالف لما أفيد منها باشتراء أو هبة أو
ميراث" لماذا؟ لأن الأصل ما بلغ النصاب، وليس هذا ناتجاً
عن هذا، يعني شخص عنده ثلاثون من الغنم على رأس الحول بعد
سنة صار عنده ثلاثمائة، الثلاثين الأولات، وخلال المدة
يشتري ويقبل الهبات، وجاءه إرث من والده مائة رأس تكاملت،
على رأس الحول الثاني ويش يزكي؟ ما يزكي، لكن لو كانت
أربعين الآن عندنا انتهينا من النتاج، الآن صارت أربعين
نصاب، مع بداية الحول أربعين، ثم لما حال الحول الثاني إذا
هي مائتين أو ثلاثمائة، زادت، نعم زادت بهبة وشراء وإرث،
يفرق الإمام مالك في هذا بين ما كان قد بلغ النصاب قبل
حساب الحول، فهذا يضاف إليه ما يكسبه، ولو كان بطريق الإرث
أو الشراء أو الهبة، ما لم يحل عليه الحول، ما لم يبلغ
النصاب لا يضاف إليه شيء، إلا نتاجه يضاف إليه.
الفرق ظاهر بين المسألتين؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الذي لم يبلغ النصاب عند الجمهور يبدأ حوله من متى؟ من
بلوغه النصاب، عند مالك يبدأ حوله؟
طالب:. . . . . . . . .
(53/21)
لا، من بدايته، من بداية الحول الأول، ولو
لم يبلغ النصاب، شريطة أن يبلغ عند حولان الحول من نتاجه،
أما إذا كان أضيف إليه بشراء أو هبة فلا يحسب معه، بخلاف
ما إذا كان قد بلغ النصاب من الأصل، ثم أضيف إليه بشراء أو
هبة أو .. ، فيحسبه مالك، إذا بلغت الغنم بأولادها ما تجب
فيه الصدقة فعليه فيها الصدقة، إذا بلغت الغنم بأولادها،
يعني مع أولادها ما تجب فيه الصدقة، الآن عنده عشرين حال
عليها الحول، وإذا هي أربعين يطلع واحدة، عند الجمهور ما
يطلع واحدة حتى يحول عليها الحول من بلوغها النصاب، وذلك
أن ولادة الغنم منها، النتاج من الأصل، يضاف إلى الأصل،
وذلك مخالف لما أفيد منها من الزيادة باشتراء أو هبة أو
ميراث، فهذا لا يضاف لما لم يبلغ النصاب، لكن يضاف لما بلغ
النصاب، ومثل ذلك العرض لا يبلغ ثمنه ما تجب فيه الصدقة،
يعني عندك عروض تجارة، قومت هذه العروض فإذا هي ما تبلغ
الصدقة، ومثل ذلك العرض لا يبلغ ثمنه ما تجب فيه الصدقة،
ثم يبيعه صاحبه، فيبلغ بربحه ما تجب فيه الصدقة، فيصدق
ربحه مع رأس ماله، ولو قبل الحول بيوم.
هنا يقول: "ومثل ذلك العرض لا يبلغ ثمنه ما تجب فيه الصدقة
ثم يبيعه صاحبه، فيبلغ ... " إلى آخره.
الجمهور ما يبدأ حساب الحول بدايته إلا من بلوغ النصاب،
والإمام مالك كأنه يرى أن العبرة بتمام الحول، وبلوغه
النصاب، ولو لم يبلغ في بدايته النصاب، وهذا في نتاج
السائمة، وربح التجارة عند مالك، بخلاف ما أضيف إليه من
الأموال فإنه إنما يبدأ الحساب من بلوغه النصاب، ويجعل ما
يضاف إلى المال بشراء أو هبة أو إرث مثل النتاج، لكن
يفترقان في بداية الحول هل يعتد .. ؟ لا بد أن يبلغ النصاب
مع بداية الحول أو لا؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
(53/22)
لا، كل شيء بحسابه، الآن الماشية بنتاجها
حولها مستقل؛ لأن النتاج حكمه حكم الأصل، لكن ما يشترى،
عنده في محرم أربعين من الغنم، في صفر اشترى أربعين، في
رمضان اشترى أربعين ... إلى آخره، مثل الرواتب، مثل
الأموال المكتسبة، كل شيء له نصابه، ما يضاف هذا إلى هذا
إلا لو كان نتاجاً له، أو كانت للتجارة وهذا من ربحها، لو
كانت الماشية للتجارة وهذا من ربحها ربح التجارة تابع
لأصله.
"ولو كان ربحه فائدة -يعني هبة أو ميراثاً- لم تجب فيه
الصدقة حتى يحول عليه الحول من يوم أفاده" من يومَ وإلا من
يومِ؟ من يومِ وإلا من يومَ؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
من يومِ، ما يجي، ويش السبب؟
طالب:. . . . . . . . .
لا مضاف، من.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا (من) جاره بلا شك، (من) جاره، ((رجع من ذنوبه كيومَ
ولدته أمه)) لكن لو قلنا: من يوم يفيد المال بدل أفاده،
هذا الظرف إذا أضيف على جملة صدرها مبني بني على الفتح،
إذا أضيف على جملة صدرها معرب أعرب، وجر في مثل هذا.
لو كان الحديث: "رجع الحديث كيوم تلده أمه" قلنا: كيومِ،
لكن الجملة صدرها مبني، فعل ماض، فيبنى الظرف، ظاهر وإلا
ما هو بظاهر؟ ونقول: حينئذٍ من يومَ أفاده؛ لأنه أضيف إلى
جملة صدرها مبني، "أو ورثه".
"قال مالك: فغذاء الغنم منها" سخالها، منها كما ربح المال
منه، نعم ربح التجارة، ونتاج السائمة منه عند مالك وغير
مالك، لكن يختلفون في بعض التفاصيل.
يقول: "غير أن ذلك يختلف في وجه آخر -هو- أنه إذا كان
للرجل -مثلاً- من الذهب أو الورق ما تجب فيه الزكاة -عشرون
ديناراً من الذهب، أو مائتا درهم من الورق من الفضة- ثم
أفاد إليه مالاً ترك ماله الذي أفاد فلم يزكه مع ماله
الأول حين يزكيه، حتى يحول على الفائدة الحول من يوم
أفادها" الآن: ثم أفاد إليه مالاً، يعني ربح في هذا المال،
أو اكتسب مال جديد من جهة أخرى؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، يقول: "غذاء الغنم كما ربح المال" منه، هذا يوجب فيه
الزكاة، نتاج السائمة، وربح التجارة.
طالب:. . . . . . . . .
(53/23)
وين؟ غير أن ذلك يختلف من وجه آخر أنه إذا
كان -المال الذهب والفضة- أنه إذا كان للرجل مثلاً من
الذهب أو الورق ما تجب فيه الزكاة، ثم أفاد إليه مالاً ترك
ماله الذي أفاد فلم يزكه مع ماله الأول حين يزكيه حتى يحول
على الفائدة الحول، لأنه قال: أفاده، ولو كان ربحه فائدة،
يعني هبة أو ميراث، ما هو بربح تجارة.
طالب:. . . . . . . . .
الربح، الربح مثل النتاج سواءً بسواء، لكن كلامه الذي قال:
إنه إذا كان للرجل مثلاً من الذهب أو الورق ما تجب فيه
الزكاة، ثم أفاد إليه مالاً، ما هو منه، ما هو من ربحه هو،
أفاده بهبة أو ميراث، أو تجدد رواتب مثلاً.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، القياس عنده كما ربح المال منه، أنت عندك ألف ريال،
أدخلته في مساهمة على رأس الحول صار ألفين، تزكي ويش تزكي؟
تزكي ألفين، لكن أنت عندك ألف، فلما حال عليك الحول إذا
والله ورصيدك ألفين، من أين؟ كل شهر توفر لك مائة مائتين
خمسين كذا، يصير تبع المال الأول؟ لا ما هو منه، هذا كلام
الإمام مالك -رحمه الله-.
"كما ربح المال منه، غير أن ذلك يختلف من وجه آخر" وهو
"أنه إذا كان للرجل مثلاً من الذهب أو الورق ما تجب فيه
الزكاة، ثم أفاد إليه مالاً"، يعني انضم إليه مال ليس من
ربحه، وإنما بسبب آخر من إرث أو هبة أو نحوهما "ثم أفاد
إليه مالاً ترك ماله الذي أفاد فلم يزكه مع ماله الأول حين
يزكيه حتى يحول على الفائدة الحول من يوم أفادها" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(53/24)
أنت افترض أن عنده غنم، وأهدي إليه مجموعة
من الأغنام، سخال، كلها سخال، يعني التنظير لما نحن فيه
مال ربح أدخلته في مساهمات وزاد دراهم، وغنم نتجت، هذا
الفائدة هذه كلها تابعة للأصل، حولها من حول الأصل، نظر
هذا بمال جالس عندك في نهاية العام زاد من إرث مثلاً، أو
هبة، وقل مثل هذا فيما لو كانت غنم ثم أضيف إليها مثلها،
بهبة أو إرث، هذا ليس ناتجاً عن هذا، لكن الإمام مالك يرى
أن الزائد فيه زكاة وإلا ما فيه زكاة ولو لم يكن من ربحه؟
إذا كان بالغ للنصاب من الأصل ضم إليه، وإذا كان ناقص عن
النصاب ما يضم إليه إلا ربحه أو نتاجه، والجمهور ما يبدأ
حساب النصاب إلا من بلوغ النصاب.
"ولو كانت لرجل غنم أو بقر أو إبل تجب في كل صنف منها
الصدقة" له غنم عنده أربعين، وثلاثين من البقر، وخمس من
الإبل "ولو كانت لرجل غنم أو بقر أو إبل تجب في كل صنف
منها الصدقة، ثم أفاد إليها بعيراً أو بقرة أو شاة صدقها"
زكاها "مع صنف ما أفاد من ذلك حين يصدقه" ثم أفاد إليها
بعيراً، يعني من غيرها بإرث أو شراء يزكيها معها، ومقتضى
قول الأكثر، يعني أنه لو كان عنده مثلاً أربعين رأس، ثم
بعد ستة أشهر اشترى أربعين رأس، عند مالك يضيف هذا إلى
هذا، بينما الجمهور لا، كل مال له حوله المستقل، يعني مثل
الرواتب؛ لأن أظهر ما يوجد الآن الرواتب؛ لأنها ثابتة،
ويمكن ضبطها.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني على رأي مالك؟
طالب:. . . . . . . . .
رأي مالك فيه إشكال، فيه إشكالات يعني.
"ولو كانت لرجل غنم أو بقر أو إبل تجب في كل صنف منها
الصدقة، ثم أفاد إليها بعيراً أو بقرة أو شاة صدقها"
زكاها، يعني بشرط أن يكون أصلها قد بلغ النصاب، هو لا
يشترط النصاب في ربح التجارة ولا نتاج السائمة في بداية
الحول، العبرة بنهاية الحول، لكن إضافة مال إلى مال لا
ارتباط له به لا بد أن يكون الأصل قد بلغ النصاب.
(53/25)
يقول: "صدقها مع صنف ما أفاد من ذلك حين
يصدقه" يعني في وقته "إذا كان عنده من ذلك الصنف الذي أفاد
نصاب ماشية" وحاصل ما ذكر -رحمه الله- أن نتاج السائمة
كربح التجارة، إن تم به النصاب قبل مجيء الساعي ولو بيوم،
زكيت بخلاف ما أفاد بشراء وهبة أو ميراث فإنه .. هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم لا يكمل النصاب بذلك، واضح وإلا مو بواضح؟
الخلاصة: أن الإمام مالك يرى التفريق بينما كان من ربح
ونتاج فيكمل به، وما كان من فائدة غير الربح والنتاج فائدة
أخرى بإرث، يعني لا ارتباط له بالمال الأول، مال جديد،
بالنسبة للنتاج والربح يبدأ الحول من ملك الأصل، ولو لم
يبلغ النصاب، شريطة أن يتم النصاب قبل مجيء الساعي ولو
بيوم، الجمهور من متى؟ من بلوغ النصاب، هذا في نتاج
السائمة، وربح التجارة، ويتفقون على أن النتاج والربح له
حكم الأصل، لكن يختلفون في حساب الحول متى يبدأ؟ إضافة
أموال جديدة عنده أموال يشتغل في محرم عنده عشرة آلاف من
تجارته، في محرم الثاني نظر في الرصيد وإذا فيه عشرين ألف،
طيب العشرة من نتاج هذه العشرة الأولى؟ إذا كانت من ربحها
يتفقون على أنها تزكى معها، لكن إذا كانت بسبب آخر كإرث أو
هبة مالك يزكيها مع الأصل؛ لأن الأصل قد بلغ النصاب، وغير
مالك يقول: لا، كل مال له حسابه، هذا حوله مستقل، وهذا
يستقبل به حول جديد.
قال مالك: "وهذا أحسن ما سمعت في ذلك" يعني من الخلاف.
وقال الشافعي: لا يضم شيء من الفوائد إلى غيره إلا نتاج
السائمة إذا كانت نصاباً، يعني إذا كسبه أو حصل إليه بأي
سبب آخر غير الإنتاج، وغير الفوائد فإنه يستقبل به حولاً
جديداً؛ لأنه مال مستقل، يعني مثلما لو اشترى أرض، وبعد
ستة أشهر اشترى أرض ثانية، بنية التجارة، يزكي هذه إذا حال
عليها الحول، ويزكي هذه إذا حال عليها الحول.
اللهم صل على محمد ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
(53/26)
هذا بحث في المسألة التي طرحت في أول كتاب
الزكاة، وإخراج أكثر من المطلوب، ويبحثه أهل العلم في كتب
الأصول في القدر الزائد على الواجب هل يلحق به، أو يكون
الواجب واجب وما زاد عليه مسنون؟ ويفرقون بين الزيادة
المتميزة المنفصلة عن الواجب، وبين الزيادة المختلطة به،
غير المتميزة.
هذا يقول:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى وآله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فهذا بحث في القدر الزائد على الواجب.
إلى أن قال: من وجبت عليه عبادة فأتى بما لو اقتصر على
دونه لأجزأه، هل يوصف الكل بالوجوب أو قدر الإجزاء منه؟
إن كانت الزيادة متميزة منفصلة فلا إشكال أنها نفل
بانفرادها، كإخراج صاعين منفردين في الفطرة ونحوه، يعني
كال صاعاً الواجب عليه في الفطرة، وجعله في كيس، ثم كال
صاعاً آخر فجعله في كيس منفصل عن الأول، هذه متميزة، ولا
أحد يقول بوجوب الثاني، بمعنى أنه لو فرط في إخراجها، ثم
سرق قبل أن يسلم الفقير الصاعان معاً، فإنه لا يلزمه إلا
الواجب، لكن لو جعلهما في كيس واحدة، ولم يميز الواجب من
غيره مثل ذلك لو أخرج ديناراً عن عشرين، هذا محل الخلاف.
يقول: إن كانت الزيادة متميزة منفصلة فلا إشكال أنها نفل
بانفرادها، كإخراج صاعين منفردين في الفطرة ونحوه، وأما إن
لم تكن متميزة، ففيه وجهان مذكوران في أصول الفقه، وينبني
عليه مسائل:
(53/27)
منها: إذا أدرك الإمام في الركوع بعد فوات
قدر الإجزاء منه، هل يكون مدركاً له في الفريضة، يعني قدر
الإجزاء مع الإمام ينحني الإمام ويطمئن، ويأتي بالذكر مرة
واحدة، قائلاً: سبحان ربي العظيم، ثم بعد ذلك إذا زاد
ثانية وثالثة وسابعة هذا كله مسنون، لكن هذه الزيادة غير
متميزة، فهل يكون الجميع واجب؟ الركوع من أوله إلى الرفع
منه كله واجب؟ وإلا يكون القدر الواجب أوله والزيادة عليه
سنة؟ هذه الزيادة غير متميزة وهي محل الخلاف، لكن على مذهب
الحنابلة هل يقولون: إن هذه الزيادة مستحبة وعلى هذا لا
يجوز اقتداء المفترض بالإمام؛ لأنه متنفل حينئذٍ في القدر
الزائد، ولا يرون صلاة المفترض خلف المتنفل، يقولون بهذا؟
يقول هنا: ظاهر كلام القاضي وابن عقيل تخريجها على
الوجهين، إذا قلنا: لا يصح اقتداء المفترض بالمتنفل قال
ابن عقيل: ويحتمل أن تجرى الزيادة مجرى الواجب في باب
الاتباع خاصة، إذ الاتباع قد يسقط الواجب، كما في المسبوق،
ومصلي الجمعة من امرأة وعبد ومسافر.
ومنها: إذا وجب عليه شاة فذبح بدنة، فهل كلها واجبة أو
سبعها؟ على وجهين.
ومنها: إذا أدى عن خمس من الإبل بعيراً، وقلنا: يجزئه؛ لأن
من أهل العلم من يقول: لا يجزئه البعير عن الشاه.
فهل الواجب كله أو خمسه؟ الواجب حكى القاضي أبو يعلى
الصغير فيه وجهان، فعلى القول بأن خمس الواجب يجزئ عن
عشرين بعير أيضاً، وعن الآخر لا يجزئ عن العشرين إلا أربعة
أبعرة.
ومنها: إذا مسح رأسه كله دفعة واحدة، وقلنا: الفرض منه قدر
الناصية، فهل الكل فرض أو قدر الناصية منه؟
ومنها: إذا أخرج في الزكاة سناً أعلى من الواجب، فهل كله
فرض أو بعضه تتطوع؟
قال أبو الخطاب: كله فرض، قال القاضي: بعضه تتطوع، وهو
الصواب؛ لأن الشارع أعطاه جبراناً عن الزيادة، فأما ما كان
الأصل فرضيته ووجوبه ثم سقط بعضه تخفيفاً إذا فعل الأصل
غصب الكل بالوجوب على الصحيح.
فمن ذلك: إذا صلى المسافر أربعاً فإن الكل فرض في حقه، وعن
أبي بكر أن الركعتين الأخيرتين نفل لا يصح اقتداء المفترض
به فيهما، وهو متمشٍ على أصله، وهو عدم اعتبار نية القصر
والمذهب الأول.
(53/28)
ومنها: إذا كفر الواطئ في الحيض بدينار فإن
الكل واجب، وإن كان له الاقتصار على نصفه، ذكره في المغني؛
لأنه مخير، الكفارة دينار أو نصفه كما جاء بها الخبر على
خلاف في ثبوته.
ومنهم من يجعل (أو) ليست للتخيير، وإنما هي للتنويع
والتقسيم، ففي وقت إقبال الحيضة أو فورتها دينار، وفي وقت
إدبارها وضعفها نصفه.
ويتخرج فيه وجه من قول أبي بكر: فأما إن غسل رأسه بدلاً عن
مسحه، وقلنا بالإجزاء ففي السائل منه وجهان: أحدهما أنه
مستعمل.
طيب عندنا المرأة ليس عليها حلق، وإنما عليها التقصير، لو
جاءت بأكثر من الواجب، حلقت، يجزئ وإلا ما يجزئ؟ مثلما
عندنا هنا يقول: ومنها إذا غسل رأسه بدلاً عن مسحه، الواجب
المسح، والغسل قدر واجب على ما جاء به الشارع، فهل يمكن أن
يوصف هذا بوجوب، وهو خلاف مراد الشارع، فهل يجزئ عن
الواجب؟ لأنه هو الواجب وزيادة، فيه زيادة على الواجب
المطلوب، وقل مثل هذا فيما لو حلقت المرأة شعرها في النسك،
وقل مثل هذا فيما لو غسل العضو عشر مرات مثلاً، جاء
بالواجب وما يزيد عليه.
يقول: ففي السائل منه وجهان: أحدهما أنه مستعمل في رفع
حدث؛ لأن الأصل هو الغسل وإنما سقط تخفيفاً، والثاني: وهو
الصحيح أنه طهور؛ لأن الغسل مكروه، فلا يكون واجباً، وقد
يقال: الإتمام في السفر أيضاً مكروه.
والواجب الذي لا يتقيد بعدد محدود كالطمأنينة في الركوع
والسجود، ومدة القيام والقعود إذا زاد على أقل الواجب
فالزيادة ندب، واختاره أبو الخطاب، وقال القاضي: الجميع
واجب؛ لأن نسبة الكل إلى الأمر واحد، والأمر في نفسه أمر
واحد {وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} [(43) سورة
البقرة] فالركوع واجب، فالذي يتم به امتثال الواجب كله
واجب، على كلامه، والأمر في نفسه أمر وحد، وهو أمر إيجاب،
ولا يتميز البعض عن البعض فالكل امتثال.
يقول: ولنا أن الزيادة يجوز تركها مطلقاً من غير شرط ولا
بدل وهذا هو الندب؛ لأن الأمر أن مقتضى إيجاد ما تناوله
الاسم فيكون هو الواجب, والزيادة ندب، وإن كان لا يتميز
بعضه عن بعض فيعقل كون بعضه واجباً، وبعضه ندباً، كما لو
أدى ديناراً عن عشرين.
(53/29)
أصل العشرين فيها كم زكاة؟ نصف دينار، ربع
العشر، فلو أدى ديناراً عن عشرين هل الكل واجب أو بعضه؟
على الخلاف؛ لأن الزيادة غير متميزة، ويلتحق بهذا مسائل
كثيرة، يحتاجها طالب العلم، أحياناً يحتار في تخريجها على
أصل، فإذا ضبط القاعدة، نعم هم في كتب القواعد يتركون
الطالب يكون محتاجاً إلى الشيخ باستمرار، يتركونه أحياناً
في حيرة، يطلقون الوجهين والروايتين والقولين ولا يرجحون،
لكن بصدد تقرير قاعدة، وتوضيح قاعدة، وليسوا بصدد تقرير
أحكام.
أما فروع هذه القاعدة التي يحتاج فيها الطالب إلى ترجيح
الراجح فمحله كتب الفروع، ولذلك لا تجدهم يرجحون، يطلقون
الروايتين والوجهين والقولين، ثم بعد ذلك الطالب إذا رجع
إلى كتب الفروع عرف الراجح من المرجوح.
هذه أسئلة.
هذا من السويد يقول: هل يجوز للمرأة أن تعطي أخيها من
الزكاة؟ أخاها من الزكاة وهل العرض المرهون عليه زكاة؟
الأخ إذا لم يكن شريك في المال فإنه يعطى من الزكاة،
يستثني بعضهم، أو يشترط أن لا يكون وارثاً، فإن كان وارثاً
بأن تكون هذه المرأة ليس لها أولاد من الذكور، فإن كان لها
أولاد يحجبونه من الإرث فإنه تدفع له الزكاة، وعلى كل حال
ليس من الأصل ولا من الفرع، ليس أصلاً لها ولا فرعاً لها،
فالأمر فيه سعة -إن شاء الله تعالى-.
وهل العرض المرهون عليه زكاة؟
نعم عليه زكاة، عند من يقول بأن من عليه دين يزكي، أما من
كان ... ، الذي عليه دين على القول بأنه لا يزكي، ولا زكاة
في مال من عليه دين ينقص النصاب، فإن الرهن فرع عن الدين.
السائل يقول من السعودية: شخص أقرض آخر مبلغ من المال فهل
يزكي على هذا المال؟
نعم إذا كان ملياً يزكيه كأنه عنده، أما إذا كان المقترض
معسراً فإنه يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة.
وهذا يقول: شخص اشترى من البنك سيارات بالأقساط لمدة عشر
سنوات، فهل عليه زكاة في مثل هذا المال الذي ملكه بهذه
الأقساط وعليه دين؟ وهل الزكاة على المقترض أو المقرض؟
(53/30)
على كل حال الزكاة كل يخاطب بما يخصه،
المقرض يعني الدائن، هنا ما في قرض، هذا دين؛ لأن القرض لا
يشترط فيه .. ، أولاً: ليست له مدة محددة على قول الأكثر،
وإن رأى مالك أنه يمكن تأجيله لمدة معينة، والمسلمون على
شروطهم، وهو اختيار شيخ الإسلام.
الأمر الثاني: أن القرض ليس فيه زيادة، هو مال عين بمال
مساو له، القصد منه الإنفاق، وليس القصد منه الفائدة، فإذا
اشترى أو استدان من البنك أو من أي جهة سيارات وقسطها لمدة
عشر سنوات، البائع يزكي ما حل منها، الدين الحال من هذه
الأقساط يزكيها، وأما بالنسبة للمدين فعلى الخلاف، إن كان
ممن يرى أو من مذهبه مثلاً الذي يقلد فيه إمامه أنه يرى
الزكاة بالنسبة لمن عليه دين فيزكي، وإذا كان لا يراها
تبعاً لإمام تبرأ الذمة بتقليده، فلا زكاة عليه.
يقول: هل عروض التجارة تقوم بسعرها جملة أم قطاعي، فإنا
نشتريها بثمانية ريالات، وأبيعها بعشرة، فأي قيمة تعتبر،
هل هو بسعر المشتري أم بسعر البيع؟
لا بسعر المشترى ولا بسعر البيع، إنما بسعر ما تستحقه في
يومك، في يوم التقدير، والمسألة مفترضة فيما إذا قيل: كم
يقوم ما في هذا المحل من بضاعة؟ بحيث لو أراد بيعه في
الحال جاءت له بهذه القيمة.
السائل من الإمارات يقول: هل يرجح الشيخ أن المال الموجود
في البنك وحال عليه الحول، لكن هو دين للبنك سيقوم بسحبه
بعد انتهاء الحول فلا زكاة عليها؟
على كل حال ما دام الدين باسمه، وتحت تصرفه، إذا كان المال
باسمه، وتحت تصرفه فإن عليه زكاة، إذا أراد ألا يزكي يسدد
الدين عليه.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين
يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب العمل في صدقة عامين إذا
اجتمعا:
قال يحيى: قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا في الرجل تجب
عليه الصدقة وإبله مائة بعير، فلا يأتيه الساعي حتى تجب
عليه صدقة أخرى، فيأتيه المصدق وقد هلكت إبله إلا خمس ذود.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: يأخذ المصدق من الخمس ذود
الصدقتين اللتين وجبتا على رب المال ...
(53/31)
شرح: الموطأ –
كتاب الزكاة (6)
باب العمل في صدقة عامين إذا اجتمعا - باب النهي عن
التضييق على الناس في الصدقة - باب أخذ الصدقة ومن يجوز له
أخذها - باب ما جاء في أخذ الصدقات والتشديد فيها.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
قال مالك -رحمه الله تعالى-:
يأخذ المصدق من الخمس ذود الصدقتين اللتين وجبتا على رب
المال شاتين في كل عام شاة؛ لأن الصدقة إنما تجب على رب
المال يوم يصدق ماله، فإن هلكت ماشيته، أو نمت فإنما يصدق
المصدق زكاة ما يجد يوم يصدق، وإن تظاهرت على رب المال
صدقات غير واحدة، فليس عليه أن يصدق إلا ما وجد المصدق
عنده، فإن هلكت ماشيته أو وجبت عليه فيها صدقات، فلم يؤخذ
منه شيء حتى هلكت ماشيته كلها، أو صارت إلى ما لا تجب فيه
الصدقة، فإنه لا صدقة عليه، ولا ضمان فيما هلك، أو مضى من
السنين.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب العمل في صدقة عامين إذا اجتمعا:
الزكاة في الأموال الظاهرة كانت تؤدى عن طريق الساعي،
فالساعي هو الذي يقبض زكاة المواشي، من قبل ولي الأمر
يكلفه بهذا، ويجمعها من الناس، والخارص من قبل ولي الأمر
يخرص الزروع والثمار، التمر والعنب وغيرهما والحبوب، على
ما سيأتي، ويأخذ الزكاة نيابة عن ولي الأمر، فإذا لم يأتِ
الساعي، شخص عنده عدد كبير من المواشي يجب فيها الزكاة، ما
جاء الساعي، هل نقول: يلزمك أن تذهب بصدقتك وتسلمها
الفقراء أنت، أو تسلمها الإمام؟
(54/1)
الأصل أن الزكوات تؤخذ من أصحاب المواشي
على مياههم، لكن ما جاء الساعي، من السنة الجايئة جاء،
وقال: أنا والله ما جئتكم العام الماضي، لكن أنا بأخذ زكاة
سنتين، خلال هاتين السنتين الإبل تغير وضعها، إما أن تكون
زادت زيادة واضحة، أو تكون أيضاً نقصت نقصاً بيناً، فكيف
يزكي؟ هل يزكي على حسب الموجود الآن وقت مجيء الساعي، مائة
صارت خمس، يأخذ خلال العامين النقص تدريجي، لما حال عليها
الحول فإذا هي ستين، الحول الأول، لما حال الحول الثاني
صارت خمس، هل نقول: يأخذ عن العام الماضي زكاة الستين، وعن
العام الذي يليه يأخذ زكاة الخمس، أو يأخذ ما استقر عليه
الأمر عند مجيء الساعي؟ خمس فيأخذ شاة عن هذه السنة وشاة
عن السنة التي قبلها، هذا موضع بحث الإمام -رحمه الله
تعالى- في هذا الباب.
يقول: "قال يحيى قال مالك: الأمر عندنا في الرجل تجب عليه
الصدقة وإبله مائة" إبله مائة بعير "فلا يأتيه الساعي حتى
تجب عليه صدقة أخرى" يتأخر الساعي، ما يأتي، فيأتيه
المصدق، يعني الساعي "وقد هلكت إبله إلا خمس ذود".
الآن هذا في تأخير الزكاة، من المعلوم عند أهل العلم أنه
لا يجوز تأخير الزكاة إذا حان وقتها، ويتجاوزون عن الشيء
اليسير يوم أو يومين أو ثلاثة، أما بالنسبة للتعجيل فلا
بأس به، إذا كانت مصلحة الفقير تقتضيه، والنبي -عليه
الصلاة والسلام- قال بالنسبة لزكاة العباس: ((هي علي
ومثلها)).
في كلام الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: "الأمر عندنا في
الرجل تجب عليه الصدقة وإبله مائة، فلا يأتيه الساعي حتى
تجب عليه صدقة أخرى، فيأتيه المصدق وقد هلكت إبله إلا خمس
ذود" افترض أن الساعي ما جاء خمس سنوات، والإبل كانت مائة،
بعد سنة صارت مائتين، بعد سنة صارت ثلاثمائة، في السنة
الرابعة صارت مائة، في السنة الخامسة صارت خمس، ثم جاء
المصدق ليأخذ زكاة خمس سنوات، إيش يأخذ؟ خمس عنده الآن،
يأخذ خمس شياه؟ نعم؟ خمس شياه؟
(54/2)
يقول -رحمه الله تعالى-: "قال مالك: يأخذ
المصدق من الخمس ذود الصدقتين اللتين وجبتا على رب المال
شاتين في كل عام شاة" افترض هذا في شخص عنده دراهم، في
رصيده مائة ألف، لما حال عليه الحول صارت مائة وخمسين،
الحول الثاني صارت مائتين ألف، الثالث صارت رجعت إلى
مائتين، الرابع صارت مائة، الخامس انتهت ما في شيء، لما
جاءه الساعي قال: والله ما عندنا شيء، أو نقول: زكاة
النقود تختلف، الأموال الخفية يختلف وضعها عن الأموال
الظاهرة؟ لأن هذه لا تحتاج إلى ساعي، بل يأثم بتأخيرها،
ولو كلف رب المال بإخراج الزكاة بالنسبة للمواشي في وقتها،
وهو بعيد عن الإمام، والإمام ما كلف أحد يقبض منه الزكاة،
وبينه وبين المدن مفاوز، ويحتاج إلى عناء ومشقة لجلب هذه
الزكاة إلى الإمام، ويفترض أنه ليس عنده فقير يدفع إليه
مباشرة، وإلا لو وجد الفقير فهو مصرفها يعطى.
يقول: "يأخذ المصدق من الخمس ذود الصدقتين اللتين وجبتا
على رب المال" أما بالنسبة للأموال الخفية فيخرج جميع ما
وجب عليه، لكن بعض الناس يقول: يحول علي الحول وعندي
بضاعة، لكن ما عندي سيولة أخرج الزكاة، ينتظر وإلا يقترض؟
يقول: أنا والله عندي أموال -ولله الحمد- باقية موجودة،
محتويات هذا المحل ملايين، افترض خمسة مليون مثلاً، زكاتها
مائة وخمسة وعشرين ألف، يقول: والله ما عندي مائة وخمسة
وعشرين، لا استطيع أن أدبر مائة وخمسة وعشرين، هل نقول:
يقترض أو يبيع شيئاً من المحل، ولو اضطر أن يبيعه برخص؟
نعم؟ هذا دين حل، دين الله أحق بالقضاء، فيلزمه أن يخرج
الزكاة.
يقول مالك: "يأخذ المصدق من الخمس ذود الصدقتين اللتين
وجبتا عليه" على رب المال، شاتين في كل عام، في كل عام
شاة؛ لأنه ما بقي عنده إلا خمس، والخمس زكاتها شاة، لكنه
قبل عام يعني في حلول العام الأول كانت خمسين مثلاً، نعم،
فعلى كلام الإمام -رحمه الله تعالى- المصدق ما له إلا اللي
هو يرى، ليس له إلا ما أمامه.
(54/3)
لأن الصدقة يقول الإمام -رحمه الله-: لأن
الصدقة إنما تجب على رب المال يوم يصدق ماله، أي يزكيه،
وعندهم شرط الوجوب مجيء الساعي، افترض أن شخص عنده أموال
طائلة مواشي كثيرة، لكن ما جاءه ساعي أبداً، هل الزكاة
مرتبطة بالساعي، مجيء الساعي شرط عندهم، يزكي الموجود، عدد
السنوات الماضية، يعني عن السنتين يزكي شاتين، ولو كانت
قبل سنة مائة، هذا نص كلامه، فيزكي على مقتضى الوضع
الراهن، وقت مجيء المصدق، وشرط الوجوب عندهم مجيء الساعي
إن كان فلا ضمان عليه فيما تلف، يعني لو تلف، المسألة التي
تصورناها فيها تلف، مات كمية كبيرة، فيما تلف لانعدام شرط
الوجوب، سواءً تلف بأمر سماوي، أو بأمر عادي، يعني فرط في
حفظها، غنم وفرط في حفظها فماتت من البرد، لكن شريطة ألا
يقصد الفرار من الزكاة، لا يفرط هذا عند مالك وأصحابه.
قال أبو حنيفة: إن أتلفها هو ضمن، يعني فإن تلفت بآفة
سماوية لا ضمان عليه، لكن أتلفها هو ضمن، لا سيما إذا فرط
في حفظها، طيب، إن لم يكن هناك ساعي تعطل الزكاة؟ يعني على
مقتضى كلام الإمام مالك أن الزكاة تعطل حتى يأتي الساعي،
ومجيء الساعي شرط لوجوبها، فالذي لا يأتيه الساعي نعم لا
زكاة عليه، افترض أن شخصاً انزوى في زاوية بحيث لا يمكن
الوصول إليه، يعني هذا ما عليه زكاة؟ نعم؟ أنت لا تستصحب
أن قصده في هذا الفرار من الزكاة، جاء شخص إلى أحد المشايخ
وقال: إن الساعي أعفاني من الزكاة، فقال: الحق به عله أن
يعفيك من الصلاة، قال: لا، أبد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(54/4)
هذه فريضة، فريضة من الله -جل وعلا-، لا
يملك الإعفاء منها ولا ولي الأمر، ما يملك، هذه فريضة
مفروضة، ركن من أركان الإسلام، لا يملك أحد أن يعفي منها،
لكن على رأي الإمام مالك أن الساعي لو خان الأمانة ولا
طلع، أو طلع مثلما يطلع بعض المتساهلين يقول: والله ما
لقينا أحد يزكي، نأخذ منه الزكاة، أو رب المال صاحب المال
انزوى في زاوية بحيث لا يطلع عليه ولا الطيور، مقتضى قول
مالك أنه ما عليه شيء؛ لأن مجيء الساعي شرط، لكن عند
الأكثر عليه الزكاة، عليه الزكاة، قد يقول قائل: كيف نكلف
هذا صاحب المال أن يحمل هذه الزكاة إلى حيث الإمام؟ كلفناه
فوق ما كلف به شرعاً، لكن على كل حال إذا حصل التفريط في
الأمور الواجبة من جهة -أو من طرف- فإنه لا يجوز التساهل
من الطرف الآخر، فشعائر الله لا بد من القيام بها، وعلى
هذا لو هذا يكون لو فرط الإمام مثلاً، ولا وضع سعاة، وطالب
الناس بالزكوات فعليهم دفعها، كونهم يوفر لهم من يستلم
منهم على مياههم بحيث لا يكلفون تبعة النقل، وتكاليف أداء
الزكاة هذا من حقوقهم على الإمام، ودفعهم الزكاة من حق
الله عليهم، فكل إنسان مطالب بما يخصه، فهم مطالبون بما
افترض عليهم، والإمام مطالب ببعث السعاة لجباية الزكاة،
فيؤدون الذي عليهم، ويسألون الله -جل وعلا- الذي لهم، فإذا
كلفهم مبلغ عندهم حقة وجذعة وبنت لبون، يجمعوها في سيارة
مثلاً أجرتها إلى محل الإمام خمسمائة ريال، على الإمام أن
يدفع لهم هذه الأجرة، فإن دفعها وإلا فيسألون الله -جل
وعلا- الذي لهم، يؤدون الذي عليهم، ويسألون الله -جل وعلا-
الذي لهم.
وقل مثل هذا لو كان عنده زكاة مال، عليه أن يؤديها إلى
مصرفها ولو كلفت ما كلفت؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو
واجب، لا يتم توزيع هذه الزكاة وإيصالها إلى أربابها إلا
بمؤونتها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(54/5)
صاحب الزكاة؟ الأصل المتصدق، المتصدق الأصل
أن تؤخذ زكاته على مائه، والإمام يبعث السعاة إلى هؤلاء
أرباب الأموال ولا يكلفهم بنقلها إلى الإمام، هذا الأصل،
فإذا قصر الإمام مثلاً أو قصر الساعي خان، كلف براتب وإلا
بجزء من الزكاة فما راح؛ لأن بعض الناس يتساهل في أداء ما
وجب عليه، بعض الناس يطلب خارج دوام ولا يروح، أو يطلب
انتداب ولا يسافر، وقل مثل هذا في الساعي، الساعي وكله
الإمام بأن يقبض زكاة الجهة الفلانية وما راح، قال: رحنا
ولا لقينا أحد، فإثمه عليه، لكن يبقى أن هذا مطالب بدفع
الزكاة، والإمام مطالب ببعث السعاة، كون الإمام بعث ساعي
ورأى أن الذمة تبرأ ببعث مثله، اجتهد؛ لأنه على الإمام أن
يجتهد في انتقاء من يوليه على أي عمل من الأعمال، ولا يجوز
تولية إلا القوي الأمين الذي يليق بالولاية، المقصود أن
الإمام توسم في هذا الشخص أنه يصلح لهذا العمل، ثم بعد ذلك
هذا قصر، وذاك يقول: لا أنا والله ما أنا بدافع زكاة، هذا
المفروض أن الساعي يجيء يأخذها، الحاجة لهم، الحاجة لك أنت
يا أخي ما هي لهم، هذا حق الله -جل وعلا-، زكاة نماء
تطهير، لكن ولمالك، فأنت يجب عليك أداء الزكاة، وهم يجب
عليهم أن يأخذوها منك على مائك، فإذا قصروا بما أوجب الله
عليهم وجب عليك أن تؤدي ما افترض الله عليك.
هو إذا لم يبعث له الإمام، ورأى أن التقصير من الإمام فإنه
يتصرف، وسيأتي في خطاب عمر بن عبد العزيز.
(54/6)
يقول: "فإن هلكت ماشيته أو نمت" يعني زادت،
يعني هذه المائة سواءً وصلت خمسمائة، أو وصلت خمس، "فإن
هلكت ماشيته أو نمت فإنما يصدق المصدق" يعني يأخذ الساعي
"زكاة ما يجد يوم يصدق" يعني تأخر سنتين، ثم وجد المال ألف
رأس من الغنم، قال: بأخذ عليك زكاة ألف في اثنين سنتين، يا
أخي العام الماضي خمسمائة هي، قال: لا، لا بد نأخذ، ما
الدليل على ذلك أنها خمسين؟ يمكن ألفين الآن، والإمام مالك
يقول: "فإنما يصدق المصدق زكاة ما يجد يوم يصدق، وإن
تظاهرت على رب المال صدقات غير واحدة" يعني لسنوات متعددة
"فيصدق ما يجد" ويعمل حسابه على ما وجد، لماذا؟ لاحتمال أن
رب المال لا يقر ولا يعرف بالحقيقة، فالذي يجده الأصل أنه
موجود من قبل، لا سيما إذا كانت الأسنان تحتمل ذلك، لكن هل
رب المال يصدق فيما يقول؟ ويُديّن بينه وبين ربه في العدد؟
افترض أن المصدق وجد مائة رأس من الإبل، وقال له صاحب
المال: كانت على رأس الحول الأول مائتين، هل نقول: إنه ليس
بصادق؟ لأن هذا أقر بما يضره لا بما ينفعه، المسألة مسألة
ضرر ظاهر يعني ما هو بضرر حقيقي؛ لأن الزكاة ليس فيها ضرر،
فإذا أقر بما يلزم به يصدق، لكنه قال: كانت العام الماضي
خمسين، على كلامه ما يصدق، بل يؤخذ منه زكاة الموجود
مضروبة في عدد السنوات، هذا رأي الإمام مالك -رحمه الله
تعالى-.
(54/7)
"فإن هلكت ماشيته، أو وجبت عليه فيها صدقات
متعددة، فلم يؤخذ منه شيء حتى هلكت ماشيته كلها، أو صارت
إلى ما لا تجب به الصدقة لنقصها عن النصاب فإنه لا صدقة
عليه، ولا ضمان فيما هلك أو مضى من السنين" يعني الإمام
مالك يطرد قوله، يطرده، العبرة متى؟ بوقت مجيء الساعي، طيب
الساعي تأخر خمس سنوات، وجد مائة رأس يزكي مائة رأس في
خمسة، كانت مائة وصارت خمس يزكي خمس في خمسة، .... اللي
قدامه، بحيث لا يكلف بإلزام، بإحضار بينات، ولا دعاوى، ولا
شهود، ولا أيمان، سواءً كانت أقل أو أكثر، هذا فيه نوع من
ضبط، فيه نوع ضبط، لكن الزكاة وهي ركن من أركان الإسلام
فعلى أصحاب الأموال الذين لا تنضبط أموالهم ولا تطرد عليهم
أن يحاسبوا أنفسهم، كما يقول أهل العلم: محاسبة الشريك
الشحيح، "ولا ضمان فيما هلك، أو مضى من السنين" يعني هل
يتهم الإنسان بالتفريط في حفظ ماله فراراً من الزكاة؟ عنده
مائة من الإبل، أو ألف رأس من الغنم، ماتت كلها، هل يمكن
أن يقول له الساعي: أنت فرط في حفظها فعليك الزكاة، يمكن
أن يقال له هذا؟ نعم؟ هل يمكن أن يفرط الإنسان بألف؛ لئلا
يخرج عشر؟ نعم؟ ما يمكن، لا يمكن أن يفرط، ولذا في درس مضى
قلنا: إنه لو كان شخص عنده عمارة قيمتها خمسة ملايين، يحول
عليها الحول في رمضان، أوقفها في شعبان لجهة خيرية، هل
نتهمه بأنه أوقفها فراراً من الزكاة؟ ما يمكن يتهم مثل
هذا، نعم؟
المقصود أن مثل هذا لا يمكن أن يتهم، المقصود بالوقف
النافذ.
طالب:. . . . . . . . .
بلا شك.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا بد من البينة، إذا دلت القرائن على عدم صدقه ببينة، وإن
دلت القرائن على صدقه فيدين.
طالب:. . . . . . . . .
هو ثقة؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان ثقة يقبل وإلا .. ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هي دين في ذمته، هي دين، و. . . . . . . . . ولذلك يؤمر
بالعمل في الأموال لئلا تأكلها الصدقة، وهذا فرط في إخراج
الزكاة.
طالب:. . . . . . . . .
ولو أتت على المال.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
(54/8)
مثلما ذكرت الرأي المعتبر أن الزكاة
المطالب بها بالدرجة الأولى صاحب المال، الإمام مطالب ببعث
السعاة، هذا له خطاب، وهذا له خطاب، توفير الساعي، وتوفير
من يوصل هذه الأموال إلى مصارفها لا شك أنه من حق صاحب
المال، فهذا من حقه الذي يجب في بيت المال، والقدر المخرج
من هذه الزكاة من حق الله -جل وعلا- على صاحب المال، فإذا
لم يؤدَ إليه حقه بتوفير ما ينقل هذه الأموال إلى الإمام،
فيؤدي الذي عليه، ويسأل الله -جل وعلا- الذي له كسائر
المستحقات.
طالب:. . . . . . . . .
نعم .... ، الأصل أن يخرجها فوراً، طيب هل ارتباط هذه
المسألة يعني كون المصدق ينظر إلى الموجود، ولا يأخذ من
الهالك؟ نعم؟ يعني المصدق كانت الإبل .. اشترى خمسين، على
رأس الحول الأول صارت مائة، على رأس الحول الثاني صارت
خمس، قول مالك -رحمه الله تعالى- يتخرج على القول بأن
الزكاة متعلقة بنفس المال، أو في الذمة؟ بنفس المال، واضح،
لكن على القول أن الزكاة تثبت في الذمة، يقال له: كم بلغت
على رأس الحول الأول؟ فتؤخذ منه، كم بلغت في الحول الثاني؟
تؤخذ منه بقدرها، هذا إذا قلنا: إنها بالذمة، ومعروف أنها
الأصل في عين المال، ولها تعلق بالذمة، والمسألة التي
ذكرناها في درس مضى فيها القاعدة.
طالب:. . . . . . . . .
بنهاية الحول نعم، لكن هذا حول ثاني، نهاية الحول الأول
مائة، ونهاية الحول الثاني خمس، نعتبر وجوب الزكاة في
الحول الأول باعتبار أعيان هذه المائة، وباعتبار انشغال
ذمة المزكي يزكي مائة، على قول مالك ما يزكي إلا الخمس؛
لأنه ما في ارتباط ذمة خلاص، المسألة مرتبطة بالمال، وهذه
المسألة التي قرأناها قبل، هل الزكاة تجب في عين النصاب أو
في ذمة مالكه؟ اختلف الأصحاب، وفيها طرق قرأناها قبل، لكن
واضح أن رأي الإمام مالك متجه إلى عين المال، وأن الذمة لا
علاقة لها، ولا ارتباط بالمال، نعم.
أحسن الله إليك.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
والله هو اللي يظهر، والقواعد العامة تقتضي هذا، نعم، وإلا
كل إنسان بيفرط ويسوف ويشوف ويش يصير عليه؟ إلى أن تتلف
الأموال ثم بعد ذلك لا يطالب بها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(54/9)
الوقف الذري، الوقف اللي يسمونه .. ، هذا
على الخلاف في ثبوته، وهل يثبت أو لا يثبت؟ شيخ الإسلام له
رأي في المسألة من أحسن ما يكون، يقول: إذا كان الوقف لا
يحقق الهدف الشرعي من الوقف فلا يثبت وقفه، ما يثبت وقفه،
يعني افترض وقف، ومصارفه في أعمال البر، ويؤجر على جهات
تزاول المحرمات مثلاً، هل هذا الوقف يحقق الهدف الشرعي، أو
مثلاً وقف عمارة تبنى، والعمال يبنون والناس يصلون، عندنا
اضطراب في كثير من المسائل، نعم قد يخفى على الموقف بعض
التصرفات، لكن عليه أن يتابع؛ لأنه يقصد بهذا الوقف وجه
الله -جل وعلا-، فإذا كان لا يحقق الهدف، افترض وقف مثلاً
في أسفلها بنوك، وفي أعلاها أمور محرمات، أو ناس لا يجوز
تأجيرهم أصلاً، هذا يحقق الهدف الشرعي من الوقف؟ لا، نعم.
أحسن الله إليك.
باب النهي عن التضييق على
الناس في الصدقة:
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن
حبان عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه
وسلم- أنها قالت: "مر على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-
بغنم من الصدقة فرأى فيها شاة حافلاً ذات ضرع عظيم، فقال
عمر: ما هذه الشاة؟ فقالوا: شاة من الصدقة، فقال عمر: ما
أعطى هذه أهلها وهم طائعون، لا تفتنوا الناس، لا تأخذوا
حزرات المسلمين، نكبوا عن الطعام".
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان
أنه قال: أخبرني رجلان من أشجع أن محمد بن مسلمة الأنصاري
كان يأتيهم مصدقاً فيقول لرب المال: أخرج إلي صدقة مالك،
فلا يقود إليه شاة فيها وفاء من حقه إلا قبلها.
قال مالك -رحمه الله-: "السنة عندنا والذي أدركت عليه أهل
العلم ببلدنا أنه لا يضيق على المسلمين في زكاتهم، وأن
يقبل منهم ما دفعوا من أموالهم".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب النهي عن التضييق على الناس في الصدقة:
(54/10)
الأصل في الصدقة ما كان وسطاً بين قوله
-عليه الصلاة والسلام-: ((إياك وكرائم أموالهم)) وبين قوله
-جل وعلا-: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ
تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] فعلى هذا الزكاة من
الأوساط، فإذا كان فيها الرأس من الغنم الذي يستحق ألف،
وفيها العدد الذي يستحق ثلاثمائة ومائتين، وفيها ما بين
ذلك، فيؤخذ المتوسط، هذا الأصل، لا من كرائم الأموال، ولا
من أرذالها، وهذا هو العدل؛ لأن الأخذ من الكرائم مضر
بالأغنياء، والأخذ من الأرذال مضر بالفقراء، فتلاحظ مصلحة
الأغنياء، وتلاحظ أيضاً مصلحة الفقراء، فلا يضار الناس
بأموالهم.
قد يقول قائل: لماذا لا يؤخذ زكاة كل صنف منه؟ عنده ألف
رأس منها مائة من الكرائم، نأخذ كريمة واحدة، وعنده
ثلاثمائة من الأوساط نأخذ ثلاث من الأوساط، وعنده البقية
من الرديء، يؤخذ من الرديء، لكن مثل هذا ما ينضبط؛ لأنه قد
يعتبر الساعي هذه كريمة، ويقول صاحب المال: أبداً، ليست ..
، أو العكس، فيحصل فيه المشاحة، ولذا دائماً الشرع ينظر
إلى أمر تندرج فيه جميع الصور، ولا يذكر تفصيلات تكون مثار
خلاف وجدل بين الآخذ والمعطي.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن
محمد بن يحيى بن حبان عن القاسم بن محمد" الفقيه من
الفقهاء السبعة "عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم-
أنها قالت: "مر على عمر بن الخطاب بغنم من الصدقة" مر فعل
إيش؟ أمر وإلا ماضي؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما زال الإشكال؛ لأن الصيغة تحتمل الماضي، وتحتمل الأمر،
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
(54/11)
هل عائشة قالت للقاسم بن محمد: مر على عمر،
أو هي تخبر القاسم بن محمد أن عمر مر عليه في زمن مضى ما
هو بالآن؟ تخبر "مر على عمر بن الخطاب بغنم من الصدقة فرأى
فيها شاة حافلاً" يعني مجتمع لبنها في ضرعها، ذات ضرع
عظيم، ثديها ملآن من الحليب "فقال عمر: ما هذه الشاة؟
فقالوا: شاة من الصدقة، فقال عمر -رضي الله تعالى عنه-: ما
أعطى هذه أهلها وهم طائعون" يعني افترض -رضي الله تعالى
عنه- أسوأ الاحتمالات، ما يقول: الأصل في المسلم أنه تجود
نفسه بما يطلب منه، لا، يقول: ما أعطى هذه أهلها وهم
طائعون، فتوقع عمر -رضي الله تعالى عنه- أن صاحبها مظلوم
بأخذ هذه، وهي من الكرائم، ولذا جاء في حديث بعث معاذ:
((إياك وكرائم أموالهم، واتقِ دعوة المظلوم)) لأن من يؤخذ
منه أكثر مما أوجب الله عليه يكون مظلوم، طيب ما دام عمر
توقع أنه مظلوم هل أمر بردها؟ ما أمر بردها؛ لاحتمال أن
يكون عمر -رضي الله تعالى عنه- توقع أن جميع المال بهذه
الصفة، والزكاة تؤخذ منه.
"ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون، لا تفتنوا الناس" مثل هذا
التضييق على الناس لا شك أنه يجعلهم يكرهون ما أوجب الله
عليهم، بل يحمل بعضهم على البخل بما أوجب الله عليهم، جاء
الساعي وأخذ الكرائم، في السنة القادمة يضطر صاحب المال أن
يخفي هذه الكرائم، أو إذا قيل له -ثقة به-: كم عدد ماشيتك؟
قال: مائة وهي ألف؛ لأنه في العام الماضي دافعاً أكثر مما
أوجب الله عليه، فيحاول يسدد ما دفعه في العام الماضي من
هذه السنة، هذه فتنة، الأصل في المسلم أنه يقبل على ما أمر
به شرعاً بنفس مطمئنة مرتاحة منساقة، مشتاقة، ويدفع ما
أوجب الله عليه دون تردد، لكن إذا حصل أنه يظلم لا شك أن
هذا يحمله على بعض التصرفات التي لا تحمد.
(54/12)
"لا تفتنوا الناس، لا تأخذوا حزرات
المسلمين" في بعض الروايات: "حرزات" بالزاي ثم الراء أو
العكس، والحزرات هي خيار الأموال جمع حزرة، والحرزات كذلك،
هي ما يحرزه الإنسان ويدخره لنفسه "لا تأخذوا حزرات
المسلمين، نكبوا عن الطعام" هو رأى شاة حافل، ثديها مليء
باللبن، يقال: نكبوا عن الطعام، يعني اتركوا الطعام؛ لأن
مطعم أهل المواشي ومشربهم من مواشيهم، فأطلق الطعام وأراد
منشأه، وهو إيش؟ اللي هو نفس الشاة أو البقرة أو الناقة؛
لأنها محتوية على هذا الطعام فهي ظرفه، وكان الناس إلى وقت
قريب، قبل أن تفتح الدنيا الشخص الذي .. ، أو الأسرة التي
عندها التمر بقدر ما يكفي، يعني أسرة متوسطة عندها مائة
صاع من التمر مثلاً، وعندهم بقرة يشربون من لبنها، هؤلاء
إيش؟ ملوك، عندهم ما يكفيهم، فطعامهم من هذه البقرة ومن
هذا التمر، ونفس الشيء هذه طعام أهلها، فالمراد طعام ذوات
الدر، اللبون من المواشي.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن
حبان أنه قال: أخبرني رجلان من أشجع أن محمد بن مسلمة
الأنصاري كان يأتيهم مصدقاً فيقول لرب المال: "أخرج إلي
صدقة مالك" فلا يقود إليه شاة فيها وفاء من حقه إلا قبلها"
يعني تصلح لأن تؤدى في مثل هذا الدين، توفي هذا الدين،
يعني من أوساطها.
(54/13)
قال: "أخبرني رجلان من أشجع أن محمد بن
مسلمة" رجلان إيش معنى رجلان؟ مجهولان، قال: "أخبرني رجلان
من أشجع أن محمد بن مسلمة الأنصاري" صحابي جليل "كان
يأتيهم مصدقاً" رجلان من أشجع، يعني لو أردنا أن نحكم على
هذا الخبر من خلال هذا السياق ماذا نقول؟ هل نقول: فيه
راوٍ أو رواة مجهولين؟ الإبهام أضعف أنواع الجهالة؛ لأنها
جهالة ذات، وجهالة الذات أشد من جهالة العين والحال، لكن
هما رجلان، ليسو بواحد، وتوافر على إخباره، وهل يتوقع أن
هذين الرجلين ضعفهما شديد؟ هم من التابعين، هل يتوقع أن
ضعفهما شديد؟ الجهالة بالنسبة لكبار التابعين يتجاوز كثير
من أهل العلم فيها، ويقبلونها، وصرح ابن الصلاح أن هناك
نفر من المجهولين تقادم العهد بهم، يعني من كبار التابعين،
مثل هؤلاء يتسامح فيهم، المقصود أنهما اثنان وليسوا بواحد،
وضعفهما المتوقع أنه ليس بشديد لقدمهما، لكن هل نقول: إن
أحدهما يشهد للآخر فينجبر الخبر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن واحد يجبر الثاني، يعني من أهل العلم من يصحح
بها، لو جاء من رواية رجل واحد قلنا: نحتاج إلى ما يشهد
له؛ لأن المجهول ينجبر خبره، المجهول ينجبر خبره، فإذا
اجتمع عندنا اثنين مجهولين، لو جاءنا من طريق رجل مجهول،
ومن طريق ثاني رجل مجهول قلنا: إن المجهول هو هو ما تغير،
في الطريقين واحد، لكن صرح بأنهما اثنان، فيجبر أحدهما
الآخر، وهذه طريقة بعض العلماء، يقول: إذا توافر مثلاً،
حدثني أشياخ من جهينة مثلاً، مثل قول ابن عدي: حدثنا
شيوخنا مثلاً، شيوخ إمام من الأئمة مثلاً اجتمعوا يجبر
بعضهم بعضاً، ويصحح بمثل هذا عند بعضهم، وإلا بعضهم يرى أن
مثل هذا الجهالة مثل هذا الرجلان احتمال أن يكونا من
الوضاعين، أو من المتهمين، فلا يجبر بعضهم بعضاً، لكن هناك
قرائن مثلاً هؤلاء من التابعين، والجهالة في مثلهم لا سيما
إذا كانوا أكثر من واحد يستروح بعض أهل العلم إلى أنه يجبر
بعضهم بعضاً، على كل حال المسألة خلافية، والأمر فيها سهل؛
لأنها ليست مرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-،
موقوف.
طالب:. . . . . . . . .
وله ما يشهد له، معناه صحيح.
(54/14)
قال مالك: "السنة عندنا والذي أدركت عليه
أهل العلم ببلدنا أنه لا يضيق على المسلمين في زكاتهم، وأن
يقبل منهم ما دفعوا من أموالهم".
وعلى من ولاه الله أمر هذه الأمور، جباية الزكوات
والصدقات، أن يتعامل مع المسلمين بالمسامحة؛ لتطيب أنفسهم
بهذا، أما مشاحتهم والتضييق عليهم، لا شك أن هذا له آثاره،
يؤدي على فتنة الناس عن هذه الشعيرة.
طالب:. . . . . . . . .
هو وقت خروج السعاة مضبوط، وقت خروجهم إلى هذه الجهة
معروف، خرجوا هذه السنة، وخرجوا من السنة التي تليها في
مثل الوقت؛ لأنك تتصور أن كل شخص يبعث له ساعي مستقل؟ لا،
والمسألة ديانة يعني إذا ظهرت أمارات صدقة، الأصل صدقه،
نعم، الأصل صدقه.
"سئل مالك: أيقسم المصدق الماشية ويقول لصاحبها: آخذ من
أيها شئت؟ فقال: لا" العادة أن من اشترك أو اشتركوا في عين
قابلة للقسمة أن أحد الشريكين يقسم والثاني يتخير، الثاني
يتخير، فهل يأتي المصدق ويقول لصاحبه: نقسم الماشية ونأخذ
من أيهما؟ يقول الإمام مالك: لا؛ لأن هذا فيه نوع تضييق،
فيه نوع مشاحة، وقد أمر الخارص أن يترك الربع لأهل الثمار،
كل هذا من باب حسن التعامل مع أرباب الأموال، لتطيب
أنفسهم، وإذا طابت نفسه تصدق بما فتح الله عليه به، وقد
يتصدق بأكثر من الواجب، وقد يتصدق بأضعاف الواجب، لا شك أن
حسن التعامل مع أرباب الأموال يجعلهم تطيب أنفسهم
بزكواتهم، نعم.
أحسن الله إليك.
باب أخذ الصدقة ومن يجوز له
أخذها:
حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تحل الصدقة لغني
إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارم،
أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل له جار مسكين، فتصدق على
المسكين فأهدى المسكين للغني)).
قال مالك -رحمه الله-: "الأمر عندنا في قسم الصدقات أن ذلك
لا يكون إلا على وجه الاجتهاد من الوالي، فأي الأصناف كانت
فيه الحاجة والعدد أوثر ذلك الصنف بقدر ما يرى الوالي،
وعسى أن ينتقل ذلك إلى الصنف الآخر بعد عام أو عامين أو
أعوام فيؤثر أهل الحاجة والعدد حيثما كان ذلك، وعلى هذا
أدركت من أرضى من أهل العلم".
(54/15)
قال مالك -رحمه الله-: "وليس للعامل على
الصدقات فريضة مسماة إلا على قدر ما يرى الإمام".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب أخذ الصدقة ومن يجوز له أخذها:
الله -جل وعلا- تولى قسمة الصدقات وخصها بالثمانية:
{إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ
وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ
وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ
وَابْنِ السَّبِيلِ} [(60) سورة التوبة] المصارف الثمانية،
وإن اختلف أهل العلم في بعض التفاصيل في هذه الأصناف.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تحل الصدقة
لغني)) " لأن الله -جل وعلا- يقول: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ
لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} والغني يطلق ويراد به
الغني فعلاً أو حكماً، يعني بالقوة القريبة من الفعل.
(54/16)
شخص عنده الأموال هذا غني بالفعل، وشخص
ليست عنده أموال لكنه قادر على تحصيل الأموال، القوي
المكتسب الذي يستطيع أن يكتسب، تدفع له الزكاة؟ نعم؟ لا
تدفع له الزكاة، طيب هذا قادر شاب في الثلاثين من عمره،
وليست لديه آفة، ولا عنده أدنى إشكال في أن يكتسب، حقيقةً،
لكنه حكماً في حكم العاجز، كحال كثير من الذين يقدمون إلى
هذه البلاد بلاد الخير، وبلاد الفرص، لكن قدومهم غير
نظامي، تجد بعض الناس ما شاء الله في الثلاثين من عمره لو
تقول له: تشيل أي حمل تريده شاله، حمله، لكن بقاؤه غير
نظامي، يعني ما عنده إقامة، نقول: هل هذا عجز حكمي له حكم
العجز الحقيقي؟ هو ممنوع من العمل إلا بإقامة؟ صح وإلا لا؟
ممنوع من العمل إلا بإقامة، فهل نقول: إن هذا العجز ينزل
منزلة العجز الحقيقي؟ أو نقول: إن مثل هذا يخالف الأنظمة
ولا يعان على بقائه إلا بالنظام؟ والنظام ما دام أوجد من
أجل المصلحة، ودفع مفاسد، لا سيما وأنه وجد من بعض هذه
النوعيات بعض الأمور التي اضطرهم إليها عدم تمكينهم من
العمل، فتجد منهم من يكسب بعض الأموال من غير وجهها، إما
باعتداء أو سرقة وإلا بحيل وإلا .. ،، يوجد هذا، أو
بمزاولة محرمات، هذه المسألة عمت بها البلوى، الآن يوجد
عدد كبير بدون إقامات، وإذا قيل له، قال: أنا والله ما
أقدر أشتغل، نقول: هل هذا عجز؟ هو عجز حكمي، وليس عجزاً
حقيقي، عجز حكمي كعجز الرقيق، الرقيق من أنشط الناس ومن
أقواهم، لكنه عاجز حكماً، ولذا يقال: الرق عجز حكمي، وهذا
عجز حكمي، وليس بعجز حقيقي، فهل نقول: والله ما عندنا لك
شيء، اذهب واحتطب وبع واشتغل، هو إرجاعه هذا سبيل، لكن
يقول: ما أنا برايح، يقول: أنا ببلدي ميت ميت، ما له شيء،
المسألة تابعة لمسألة كبرى، وهي أن هذه الأنظمة التي سنت
وشرعت من أجل تقرير مصلحة، ودفع مفاسد، على حسب أو من وجهة
نظر من قررها، وإلا فالأصل أن البلاد للمسلمين عموماً، هذا
قبل وجود الحدود السياسية التي أوجدت مثل هذه الأمور،
المقصود أن وجود مثل هؤلاء بهذه الصفة، ويوجد منهم عدد،
يعني لو جاءوا مثلاً إليك، وقال: أنا والله ممنوع، وأنت
عندك زكاة أريدها، تعطيه وإلا ما تعطيه؟ وهل تبرأ ذمتك
بدفعها إليه أو لا تبرأ؟
(54/17)
هذه مسألة يحتاجها الناس كلهم، الحاجة ليست
قائمة أو داعية إليها؟ يعني تركت مسكين ويش بيسوي؟ أنت إن
منعته من الزكاة التي أوجبها الله -جل وعلا- عليك وأن
تدفعها لمثل هذا، الممنوع حكماً عن العمل، وهو بحكم
العاجز، وإلا اضطررته إلى أن يزاول المحرمات، فتكون ساهمت
في إيجاد مثل هذه المحرمات، أو تقول: والله النظام شرع
لمصلحة، ولو ترك الناس بدون تحديد، وبدون حدود، وبدون
جوازات، وبدون إقامات، تكالبت الناس على بلد واحد، وتركت
المصالح في البلدان الأخرى، فلا شك أن المسألة يعتريها
الأمران، لكن ما المرجح؟ هل نرجح حاجة هذا المسكين الذي
قدم من أجل أن ينقذ نفسه من الهلكة من الجوع في بلده، وقد
يكون له أهل يرسل لهم، أو نقول: لا، إحنا نضطره إلى أن
يصحح وضعه، يلزمه أن يصحح وضعه.
لكن يقول: أولاً: الإقامة تحتاج إلى كم ألف، وأنا من أين؟
لازم أشتغل على شان أوفر قيمة الإقامة، فيلزم على هذا إيش؟
الدور، لا بد أن تعطيه من أجل أن يصحح وضعه، وإلا تقول له:
اذهب إلى بلدك، الطريق التي جئت بها تسافر بها، جئت تهريب
ترجع تهريب، فالمسألة لا بد من بحثها بعناية؛ لأنهم
موجودون، والسبب يعتريه الأمران، فلا بد من بحثها بعناية،
فهل نقول: يعطون؟ أو نقول: لا بد من تصحيح وضعهم؟
ومثل ما قلت: إن الحكم يدور مع شرعية منعهم من العمل إلا
بإقامة.
طالب:. . . . . . . . .
هو من المصالح بلا شك، يعني تحديد الأمور، وتنظيم الأنظمة
التي لا تتعارض مع الشرع، التي لا تتعارض مع نص شرعي، لا
شك أنه من باب المصالح، والشرع جاء بجلب المصالح، ودفع
المفاسد، جاء بهذا كله، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو محتاج، هو محتاج يسمونه محتاج، ما عنده شيء
أبداً.
طالب:. . . . . . . . .
ما عنده شيء، لكنه قوي مكتسب في حكم العاجز.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا أنا أفترض المسألة في شخص ما فيه شك، ما عنده شيء،
ما عليه إلا ثوبه اللي فوق ظهره.
طالب:. . . . . . . . .
هو قوي مكتسب حقيقة، لكن حكمه عاجز، ما يقدر يكتسب.
طالب:. . . . . . . . .
(54/18)
لا، هذه المسألة، يعني لا شك أن إعطاءه من
الزكاة يعينه على البقاء، وعدم إعطائه من الزكاة يلجئه إلى
الرجوع إلى بلده، أو مزاولة محرمات، وقد يكون مزاولة
المحرمات اضطرار، أنا أقول: كل هذه المسألة فرع عن مشروعية
هذه الأنظمة، والأنظمة إذا كان الهدف منها النظر في
المصالح العامة سواءً كانت لأهل البلد أو الوافدين إليها،
وهي لا تتعارض مع نص خاص في هذه المسألة فهي شرعية؛ لأنها
من طاعة ولي الأمر، يعني أنت مثلاً تبحث عن دليل لمنع
الموظف عن العمل، ما وجدت دليل، لكن الإمام رأى أن في هذا
مصلحة، أولاً: من محصلة العمل أن يتفرغ له هذا الأجير،
الأمر الثاني: أن غيره من المسلمين الذين ليست لديهم وظائف
تتاح لهم الفرص، وإلا فالأصل أن العمل مباح، فأقول: هذه
المصالح التي قدرها الإمام وفرضها على الناس، وهي لا
تتعارض مع نصوص يجب العمل بها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
حاله، والله لا بد يصحح وضعه، والله ما في شك أن مسألة
الإعفاف، يعني الأمور بمقاصدها، وحسب ما يترتب عليها من
مصالح، لكن لو أعطي بنية إرجاعه إلى بلده، أو أعين على
تصحيح وضعه بالمال، هذا شرعي ما في إشكال، لكن لا بد أن
يصحح وضعه.
(54/19)
((لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة)) يعني
فتحل لهم وهم أغنياء، لوجود أوصاف أخرى، ((لغاز في سبيل
الله)) وهو منصوص عليه في آية المصارف في سبيل الله نعم،
((لغاز في سبيل الله)) هذا يفسر الآية: {وَفِي سَبِيلِ
اللهِ} [(60) سورة التوبة] فدل على أن قوله: {وَفِي
سَبِيلِ اللهِ} [(60) سورة التوبة] المراد بهم الغزاة، وإن
كان اللفظ أعم، الحج في سبيل الله، طلب العلم في سبيل
الله، النفع العام والخاص أيضاً كله في سبيل الله، ((من
صام يوماً في سبيل الله)) يعني إذا فهمنا سبيل الله الجهاد
فقط، قلنا: الصيام في الجهاد، هو الذي يترتب عليه الثواب،
((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار
سبعين خريفاً)) هل نقول: إن المراد به في الجهاد أو
المقصود به وجه الله -جل وعلا-؟ قيل بهذا وهذا، لكن
البخاري أدخل الحديث في كتاب الجهاد، هذا رأي البخاري، وإن
كان الأكثر على أنه أعم، يعني من صام يوم ليس بواجب عليه،
ويبتغي بذلك وجه الله والتقرب إليه ما الذي يمنع منه.
((إلا لغاز في سبيل الله، أو لعامل عليها)) وعرفنا أن
العامل لا بد أن يكون من قبل ولي الأمر، وإلا صارت المسألة
فوضى، كل إنسان يبي يجمع للفقراء، يمر للتجارة ولا هو
بخسران، إن أعطي شيء أخذ عليه نسبة، وإن ما أعطي شيء ما
عليه خسارة، وقلنا: إن بعض الأئمة يتصرف، ويجعل بعض صغار
السن يجمعون، ويعطيهم نسب، ويغريهم بهذا، والأمر ليس إليه،
وإنما هو لولي الأمر، ولذا لما أرادوا العمالة على الصدقة،
جاءوا يطلبوا من النبي -عليه الصلاة والسلام- لكنه منعهم؛
لأنهم من مبني هاشم.
((أو لعامل عليها، أو لغارم)) مدين ((أو لرجل اشتراها
بماله)).
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
قد يكون غارم لمصلحة غيره، للإصلاح، هو ما يكون غني.
طالب:. . . . . . . . .
(54/20)
لا ما يكون غني، وقد يكون غني باعتبار،
وهذا يجرنا إلى مسألة أخرى وأخشى أن تأخذ الوقت، هل يمكن
أن يأخذ الزكاة ويدفع الزكاة في آن واحد؟ في حديث معاذ جعل
الناس صنفين: آخذ ومعطي فقط، ((تؤخذ من أغنيائهم فترد على
فقرائهم)) فدل على أن من يأخذ الزكاة فقير، ودل على أن من
يدفع الزكاة غني، ولا ثالث، يعني ما يمكن أن يوصف الشخص
بأنه غني فقير، إذا افترضنا أن زيد من الناس عنده بقدر
النصاب عشر مرات، ولكن ما عنده لا يكفيه لقوت سنته، نصف
القوت مثلاً، هل نقول: إن هذا غني بمعنى أنه مطالب
بالزكاة؟ أو نقول: إنه باعتباره يجوز له الأخذ ليس بغني؟
أو نقول: يمكن أن يوصف بالوصفين؟ يدفع الزكاة، ويؤخذ
الزكاة؟ هذه وجدت، صورها العلماء بهذه الصور، لكن هل
يتصور؟
طالب:. . . . . . . . .
واقع يعني، إحنا نفترض في هذا المال الذي هو عشرة أضعاف
النصاب، متى يزكيه؟ إذا حال عليه الحول، هو بيبقى منه شيء
إلى أن يحال الحول؟ نعم؟ وهو يحتاج أضعاف هذا المبلغ؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قلنا: إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، طيب، يدفع العشرين ويأخذ ألف ومائتين، لكن بيدفع
العشرين الآن وإلا إذا حال عليه الحول؟
طالب:. . . . . . . . .
وتبي تقعد عنده الثمانمائة إلى أن يحول الحول؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني ويش يصرف؟ يعني أنت .. ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن إحنا افترضنا المسألة في شخص يحتاج على زيادة على
ما عنده، هذه الثمانمائة متى بيزكيها؟ يبي يأكلها قبلما
يحول الحول، هو الآن يبي زود، الفقهاء صوروا هذه المسألة.
لكن أنت افترض أنها امرأة عندها حلي، تجب فيه الزكاة عند
من يوجبها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على القول بوجوبها، وهو المفتى به الآن، لكن على القول
بوجوبها عندها حلي، واحتاجت إلى نفقة، هل تلزم ببيع هذا
الحلي لتنفق على نفسها، أو نقول: الحلي حاجة كمتاع البيت،
وتزكي هذا الحلي وتأخذ من الزكاة؟ الدراهم ما هي بجالسة
لمدة سنة، والشخص بيأخذ زكاة، وإن ذكرها أهل العلم.
(54/21)
هذا عنده زروع، الزروع يأتي فيها لماذا؟
لأن أخذ الزكاة فيها يوم حصادها، وإلا لو كانت تؤجل سنة
مثل غيرها انتهت بيأكلها وخلاص، يبي يبيع ويقتات، لكن
الزروع باعتبارها تؤخذ زكاتها يوم حصادها، أو قل: شخص عنده
دين على معسر، جيد، هذا الدين دفعه اليوم، يزكيه لمدة سنة
على القول المرجح، ويأخذ تكملة نفقته، يعني لها صور، لكن
في الجملة تصور وجود غني فقير، وتجب عليه الزكاة بعض أهل
العلم يقول: لا يمكن تصوره؛ لأن الشرع جعل الناس قسمين:
أغنياء وفقراء، تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، ولا
يمكن أن يتصف بأنه غني فقير؛ لأن القسمة ثنائية في الحديث.
طالب:. . . . . . . . .
وهي عنده؟
طالب:. . . . . . . . .
هو إذا أراد أن يتخلص من الزكاة الحل أنه يرجع ها الراية،
بس، سددوا ديونكم وخلاص ما تلزمكم زكاة، جاء عن عثمان نحو
هذا.
((أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل اشتراها بماله)) من
الفقير، يعني دفعت هذه الزكاة، دفعت بنت اللبون إلى
الفقير، واستلمها واستقرت عنده ثم باعها ((أو لرجل))
اشتراها بماله من الفقير، ((أو لرجل له جار مسكين فتصدق
على المسكين فأهدى المسكين للغني)) هي عليه صدقة ولجاره
هدية، كما جاء في قصة بريرة، هذا اللحم تصدق به على بريرة،
والنبي -عليه الصلاة والسلام- لا تحل له الصدقة، قال: ((هو
لها صدقة، ولنا هدية)).
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
حديث الباب ذا؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في إشكال، لأن له شاهد من حديث أبي سعيد، وهو موصول
أيضاً عند أبي داود، وعند أحمد والحاكم وابن خزيمة، موصول.
طالب:. . . . . . . . .
صرفت للفقير، وملكها ملك تام مستقر وباعها.
طالب:. . . . . . . . .
إيه يبي هذا الغني الذي اشترى هذه الزكاة بماله تحل له، هي
هذه العين صدقة، اشتراها بماله، الفقير يبقى فقير، لكن هذا
الغني اشتراها بماله هل يرتفع عنها وصف الصدقة وإلا يستمر؟
يرتفع، تصير اشتراها بماله، أو أهديت له.
(54/22)
يقول الإمام مالك: "الأمر عندنا في قسم
الصدقات أن ذلك لا يكون إلا على وجه الاجتهاد من الوالي"
الإمام أو نائبة، يكون على وجه الاجتهاد، بحيث لا تكون من
باب المحاباة في بعض الناس دون بعض؛ لأن بعض التجار يضر
بعض الناس، ويقطع من هو أشد منه حاجة، وبعضهم يسجل أسماء
يتابع عطاءهم عشرات السنين، وإن كان بعضهم قد استغنى،
وبعضهم حاجته ليست شديدة، ويوجد من هو أحوج منهم، لكن عليه
أن يجتهد، ولا شك أنه كلما كانت الحاجة أشد كان الأجر
أعظم.
"فأي الأصناف كانت فيه الحاجة والعدد أوثر ذلك الصنف" يعني
مجاعة، يؤثر الفقراء، بحاجة إلى غزو وإلى جهاد يؤثر
الغزاة، وهكذا، فينظر إلى الحاجة القائمة فترفع، "أوثر ذلك
الصنف بقدر ما يرى الوالي باجتهاده، وعسى أن ينتقل ذلك إلى
الصنف الآخر بعد عام أو عامين أو أعوام" هذا الذي أخذه وهو
عامل بوصف العمالة قد يأخذها في العام القادم بوصف الفقر
أو العكس "فيؤثر أهل الحاجة والعدد حيثما كان ذلك" وجد
"وعلى هذا أدركت من أرضى من أهل العلم" وعلى هذا يجوز،
الأصل أن تصرف الزكاة لمن ذكروا في آية المصارف الثمانية،
ويجوز أن تصرف لصنف واحد؛ لأن حاجتهم أشد، إلى صنفين؛ لأن
حاجتهما أشد، وهكذا.
قال مالك: "وليس للعامل على الصدقات فريضة مسماة إلا على
قدر ما يرى الإمام" ما يقال: والله باستمرار للعامل عشرة
بالمائة، يصدر نظام عام عشرة بالمائة، خمسة بالمائة، اثنين
ونصف بالمائة، هذه على قدر العرض والطلب، لو قال الإمام:
نريد عمال للزكاة، وما تقدم أحد، وحدد نسبة خمسة بالمائة،
ما تقدم أحد له أن يزيد لتحقيق المصلحة، إذا كثر عليه
الطلب ينقص، يريد عشرة عمال تقدم ألف، والنسبة عشرة
بالمائة، يقول: اثنين بالمائة، ويصفي العدد المطلوب وهكذا،
ثم نقصت معروف وضعها، ومنها هذا.
طالب:. . . . . . . . .
يبي تفصيل؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، بس المسائل اليوم ما تحتاج إلى .. ، عملية.
نقف على هذا.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
(54/23)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام
على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى وآله وصحبه
أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، يا ذا الجلال
والإكرام، واغفر للسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما جاء في أخذ الصدقات
والتشديد فيها:
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن أبا بكر الصديق -رضي الله
تعالى عنه- قال: "لو منعوني عقالاً لجاهدتهم عليه".
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أنه قال: شرب عمر بن الخطاب
-رضي الله تعالى عنه- لبناً، فأعجبه فسأل الذي سقاه من أين
هذا اللبن؟ فأخبره أنه ورد على ماء قد سماه، فإذا نعم من
نعم الصدقة، وهم يسقون فحلبوا لي من ألبانها فجعلته في
سقائي فهو هذا، فأدخل عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-
يده فاستقاءه.
قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا أن كل من منع فريضة من
فرائض الله -عز وجل- فلم يستطع المسلمون أخذها كان حقاً
عليهم جهاده حتى يأخذوها منه.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عاملاً لعمر بن عبد العزيز
-رحمه الله- كتب إليه يذكر أن رجلاً منع زكاة ماله، فكتب
إليه عمر: أن دعه، ولا تأخذ منه زكاة مع المسلمين، قال:
فبلغ ذلك الرجل فاشتد عليه، وأدى بعد ذلك زكاة ماله، فكتب
عامل عمر إليه يذكر له ذلك، فكتب إليه عمر: أن خذها منه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما جاء في أخذ الصدقات والتشديد فيها:
جاء الأمر بذلك في قوله -جل وعلا-: {خُذْ مِنْ
أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة] فجاء الأمر
بأخذ الصدقات من أرباب الأموال إذا بلغت النصاب وحال عليها
الحول.
(54/24)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن أبا
بكر الصديق قال: "لو منعوني عقالاً لجاهدتهم عليه" وهذا في
القصة المشهورة حينما توفي النبي -عليه الصلاة والسلام-
منع بعض العرب الزكاة، امتنعوا من دفعها، وثبتوا على
القتال دونها، بعضهم متأول أنها متعلقة بالنبي -عليه
الصلاة والسلام-، والأمر متجه إليه، فلا يقاس عليه غيره،
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [(103) سورة التوبة] وبعضهم لا
يتأول، وإنما منعها شحاً، وبعضهم أنكر وجوبها، المقصود أن
من امتنع من دفع الزكاة مع جحد وجوبها هذا يكفر إجماعاً،
هذا مرتد، -نسأل الله العافية والسلامة-، أما إن اعترف
بوجوبها لكنه بخل بها وشح بها فلا يكفر، لكن إن قاتل دونها
قوتل، وإن كانوا مجموعة، أهل بلد، أو أهل جهة، أو أهل
إقليم امتنعوا من دفع الزكاة يقاتلون، كما قال الإمام مالك
-رحمه الله تعالى-، كما لو تركوا أي شعيرة من الشعائر، لو
تركوا الأذان، اتفق أهل بلد على ألا يؤذنوا، هؤلاء يقاتلهم
الإمام ويلزمهم بالأذان، ولذا قال الإمام مالك -رحمه الله
تعالى-: "الأمر عندنا أن كل من منع فريضة من فرائض الله
-عز وجل- فلم يستطع المسلمون أخذها منه كان حقاً عليهم
-يعني واجباً عليهم- جهاده حتى يأخذوها منه" بقتاله، وأصل
ذلك قتال الصديق -رضي الله تعالى عنه- مانعي الزكاة، فهو
إن كان مقراً بها فهو عاصٍ، وإن كان جاحداً لوجوبها كفر
وخرج من الدين بالكلية، فالذي يمنع شعيرة من الشعائر، ولا
يظهرها يعني اتفق أهل البلد عليه يقاتلون، والنبي -عليه
الصلاة والسلام- ينتظر حتى يسمع الأذان، فإن سمع أذاناًَ
كف، وإن لم يسمع الأذان قاتلهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه يقول: فلم يستطع المسلمون أخذها، يعني افترض أنه واحد
لكن عنده قوة، وعنده منعة يمتنع بها، مثل هذا كيف تؤخذ
منه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا مع الاستطاعة، والإمام يقول: فلم يستطع المسلمون
أخذها، كان حقاً عليهم جهاده حتى يأخذوها منه.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
فرائض؟
طالب:. . . . . . . . .
أصلها واجبات، الفرائض المقصود بها الواجبات.
طالب: لو اتفقوا على ترك الحجاب؟
على إيش؟
(54/25)
طالب: على ترك الحجاب؟
الحجاب وهم ممن يعتقد وجوبه، أو هم عوام يقلدون إماماً يرى
وجوبه؟
طالب:. . . . . . . . .
المتفق عليه؟ هؤلاء امتنعوا ورفضوا يلزمون به إلزام، ولو
وصل إلى حد القتال، هذه فريضة من فرائض الله، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إن كان من الشعائر الظاهرة التي تعاقب عليها المسلمون
وتعارفوا عليها، تركوها معاندة مثل هؤلاء يتجه إلزامهم
بها.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن أبا بكر الصديق
قال: "لو منعوني عقالاً لجاهدتهم عليه" في القصة -قصة حرب
المرتدين المعروفة- في محاورة أبي بكر مع عمر، عمر يرى
أنهم ما دام يقولون: لا إله إلا الله فلا يقاتلون، فاقسم
الصديق أنهم لو منعوه عقالاً لجاهدهم عليه، وهو واحد
العُقل، والعقال ما تعقل به الناقة، تعقل به الإبل، تشد به
لئلا تشرد.
في البخاري: "عناقاً" الذي في البخاري: "عناقاً، كانوا
يؤدونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على
منعها" والعناق الصغار من أولاد الغنم.
الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- ترجم على هذا بقوله: باب
أخذ العناق، وهل تؤخذ العناق في الصدقة؟ أو نقول: إن هذه
مبالغة من أبي بكر، وعزم وتصميم على أنه يقاتلهم لو منعوه
أدنى شيء، سواءً كان عقال أو عناق؟ البخاري يقول: باب أخذ
العناق.
قال ابن حجر -رحمه الله-: كأن البخاري أشار بهذه الترجمة
إلى جواز أخذ الصغيرة من الغنم في الصدقة؛ لأنه لا عيب
فيها سوى صغر السن، فهي أولى أن تؤخذ من الهرمة إذا رأى
الساعي ذلك، يعني فرق بين الأخذ وبين الدفع، والإعطاء،
البخاري يقول: باب أخذ العناق، ما قال: باب دفع العناق، أو
إعطاء العناق، كما أنها لا تؤخذ هرمة، ولا ذات عوار، ولا
تيس، إلا أن يشاء المصدق، يعني الساعي، إذا رأى أن هذه
أنفع للفقراء أخذها، وما المانع أن يكون العناق من هذا
الباب، ولا عيب فيها سوى صغر السن؟ بخلاف الهرمة وما عطف
عليها.
(54/26)
يقول: وهذا هو السر في اختيار لفظ الأخذ في
الترجمة دون الإعطاء، وقيل: المراد بالعناق في هذا الحديث
الجذعة من الغنم، لكنه خلاف الظاهر، ولو قيل: إن المراد
بهذا المبالغة من أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- والتصميم
والعزم على قتالهم على منعهم أدنى شيء من الزكاة، من
الواجب عليهم.
يقول: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، أولاً: الحديث مخرج في الصحيحين موصول ما في إشكال،
والإمام مالك عنده الانقطاع لا سيما الإرسال هو يدرج
الانقطاع مثل هذا في الإرسال، والإرسال عنده مقبول، مقبول
عند مالك يحتج به، وكذلك أبو حنيفة:
واحتج مالك كذا النعمانُ ... به وتابعوهما ودانوا
نعم إلى رأس المائتين ومثل هذه الأمور مقبولة، التابعون
بأسرهم يقبلون المراسيل، ولم يعرف رده إلى رأس المائتين،
كما يقول ابن عبد البر، إلى أن جاء الشافعي فقبله بالشروط
التي وضعها في رسالته، ثم جاء من بعده وشددوا أكثر؛ لأنه
كلما تقدم العهد، وازدادت المدة يحتاط العلماء أكثر؛ لأنه
يكثر الضعف في الرواة، ويكثر أيضاً التجاوز منهم.
طالب:. . . . . . . . .
الإمام مالك ما يفرق بين التابعين، يفرق بين كبارهم
وصغارهم الشافعي -رحمه الله-، ثم يقول:
ورده جماهر النقادِ ... للجهل في الساقط في الإسنادِ
وصاحب التمهيد عنهم نقله ... ومسلم صدر الصحيح أصله
المقصود أن الإمام مالك يتساهل في هذا، ومع القدم يعني هم
ما رأوا من الرواة، يعني إلى حد الإمام مالك ما رأوا من
الرواة ما رآه من جاء بعضهم، عاصروا الرواة، يسهل عليهم
أنهم يسقطون الضعيف، ويدلسون ويسوون، بل بعضهم يتجاوز إلى
أن يصل إلى حد الكذب والوضع، لكن في العصور الأولى ما يوجد
مثل هذا، فأمورهم مبنية على أن الرواة في تلك العصور ممن
تقادم العهد بهم، ولو لم يعرفوا بعدالة بالتنصيص.
طالب: يثبت عناقاً وعقالاً؟
نعم كلاهما ثابت.
يقول: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أنه قال: شرب عمر"
....
طالب:. . . . . . . . .
(54/27)
ثابت من حيث الصناعة، لكن هل نقول: إن أبا
بكر قال اللفظين أو قال أحدهما؟ يعني هل قال أبو بكر مرة:
عقال، ومرة قال: عناق؟ أو أن اللفظ واحد والتعدد من تصرف
الرواة؟ أما من حيث الصناعة فالكل صحيح يعني ما في إشكال،
أما من أراد أن يرجح فالعناق أرجح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
العناق الصغيرة من ولد الغنم، مستعمل عندكم عناق وإلا ما
هي مستعمل؟
طالب:. . . . . . . . .
العناق تعرفونها يعني مستعملة عندكم؟ الصغيرة من ولد الغنم
ويش تسمونه؟
طالب:. . . . . . . . .
عناق، طيب العقال الحبل الذي يربط به البعير لئلا يشرد،
هذا عقال، يسمى بهذا لأنه يعقل، يعني يمنع البعير من
الشرود والهرب، كما أن العقل يمنع صاحبه من أن يتصرف تصرف
غير العقلاء.
يقول: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم أنه قال: شرب عمر بن
الخطاب لبناً، فأعجبه فسأل الذي سقاه من أين هذا اللبن؟ "
هذا السؤال مشروع وإلا غير مشروع؟ نعم؟ يعني سؤال ما يشك
فيه، السؤال عما يشك فيه، مثل صاحب الميزاب، من الذي نهاه؟
عمر -رضي الله تعالى عنه-، هذا احتمال أن يكون أعجبه فأراد
أن يسأل منه ليستكثر، احتمال هذا، وأيضاً قد يفرق بينما
يدخل الجوف، وما يكون في الخارج، بينما يبنى عليه الجسد
وبين غيره، قد يفرق بين هذا وهذا، والورع فيما يدخل في
الجسد ينبغي أن يكون أكثر، ولذا سأل عمر -رضي الله تعالى
عنه- مع أنه نهى من سأل صاحب الميزاب.
طالب:. . . . . . . . .
وهو يسأل عن نوعه لا عن حله، قد يسأل عن نوعه، ما هذا؟ أنت
تسأل ويش هذا؟ ما تعرفه تسأل عنه، من أجل أن تقدم عليه،
أما عن جهة الحل والحرمة وأنت في ضيافة مسلم الأصل فيه أنه
يتحرى ويتوقى، وتتشكك في كل أحد كونك تسأله من أين لك هذا؟
ومن .. ؟ لا، اللهم إلا إذا ظهرت أمارات وعلامات على الشخص
أنه ممن يتساهل، مثل هذا الورع سؤاله، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(54/28)
هذا وجه، لكن أنا عندي الوجه الأوضح أن ما
يدخل في الجسد في البطن، ويبنى عليه الجسد هذا ينبغي أن
يحتاط له أكثر، ولذا جاء في الحديث: ((أطب مطعمك تكن
مستجاب الدعوة)) يعني إحساس، يوجد من بعض الناس إحساس، لكن
متى ينقل مثل هذا؟ لأن كثير من الناس يحس بالشيء، ثم إذا
تأكد منه إذا هذا الإحساس لا أصل له، ينقل مثل هذا الإحساس
إذا كان له أصل، فينقلون، يعني بعض الناس يقول: أنا والله
أحس في نفسي شيء، طيب دائماً يحس في نفسه مما يصير له أثر،
يعني مثال ذلك، نظير ذلك شخص قال: أريد أسافر الآن، قيل
له: لا تسافر يا ابن الحلال، انتظر إلى الصباح أفضل، سافر
ووصل الغرض الذي يريد، خلاص انتهى الإشكال ما نُقل، لكن لو
صار عليه شيء، قالوا: نعم إحنا ناهين، وإحنا مسوين،
ودائماً -سبحان الله العظيم- اللي يعاند ويروح وبعدين؟ ما
هو بصحيح، كثير من الناس يقال له: لا تسافر الآن، ويروح
ولا يصير عليه شيء، لكن يصير حوادث قليلة تنقل فيبنى عليها
أن كل شخص يروح بعد أخذ ورد يصير عليه، وهذا الإحساس الذي
يحسه بعض الناس يحس باستمرار هو، لكن مع ذلك كثير من
الأمور تمشي، فإذا وجد مرة واحدة أو مرات يقول: والله هو
محس بهذا.
طالب:. . . . . . . . .
أبو بكر؟
طالب:. . . . . . . . .
هو من هذا النوع، أن الذي يدخل في الجوف ينبغي أن يحتاط
له.
طالب:. . . . . . . . .
وأبو بكر بعد الأكل، وأبو بكر كذلك، لكن مع ذلك المؤمن
عنده فراسة، قد يكون لديه إحساس، وقد يقر في قلبه شيء
يجعله يسأل، وأحياناً تكون القرائن تدله على شيء من هذا.
"من أين هذا اللبن؟ فأخبره أنه ورد على ماء قد سماه" لكن
نسيه عمر، أو لم يتعلق به غرضه "فإذا نعم من نعم الصدقة
وهم يسقون" النعم من ذلك الماء "فحلبوا لي من ألبانها
فجعلته في سقائي فهو هذا".
الآن المحظور كونه يمر على إبل الصدقة ويشرب منها بفيه
فقط، أو يأخذ في سقائه، أو الكل؟ لو مر بإبل مملوكة لشخص
بعينه، أو بحائط لشخص بعينه، وأكل بفمه فقط، لوم يتخذ
خبنة، عليه إشكال؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا إشكال في هذا، الإشكال في كونه أخذ وجعل في سقائه، صار
اتخذ خبنة، ومثل هذا لا يجوز
(54/29)
"فجعلته في سقائي" يعني الوعاء الذي معه
"فهو هذا، فأدخل عمر -رضي الله تعالى عنه- يده فاستقاءه"
وهل يلزم مثل هذا لكل من أكل أو شرب ما فيه شبهة، أو أكل
شيء محرم؟ يلزم أن يستقيء؟ فعله الصديق، وفعله عمر، لكن هل
يلزم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، الآن الطعام استقر في مكانه، والأكل وحصل، والتجاوز
وحصل، أو هذا من باب الورع؟ يعني على هذا من أكل ثم تبين
له أن المال مسروق، جاء الولد بتفاحة مثلاً، فأعجبتك
وأكلتها، ثم لما انتهيت، أنت تخشى أن تسأل قبل الأكل {لاَ
تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}
[(101) سورة المائدة] لكن بعد الأكل تسأل، فإذا سألت فقال:
والله مريت محل وسرقتها هل يلزمه أن يخرجها بالاستقاء، أو
هذا من باب الورع؟ الورع شيء، لكن هل نقول: يلزمه أن يدخل
يده ويخرجها؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني يفرق بينما إذا كان أصل المادة طاهر ومأكول، وبينما
كان نجس وغير مأكول؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟ اللي بيقدم على المتميز هذا لا يطلع شيء هذا.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، عرف فيما بعد أن هذا خنزير أو ميتة.
طالب:. . . . . . . . .
أنت افترض أن ما في البطن غيره، المقصود أن هذا من باب
الورع؛ لأن هذا الاستقاء لا يغير من الواقع شيء، لكن لو
كان قبل أن يشربه سأل عنه، فإذا به من وجه غير مشروع،
ويعاد إلى صاحبه ليستفيد منه، هذا واجب، لما سأل الولد عن
التفاحة وقال: سرقتها، قال: أعدها إلى مكانها، تلزمه
إعادتها، لكن إذا أحيلت بالأكل ثم بعد ذلك استخرجت،
استقاءها فصارت قيء، هذه لا يستفيد صاحبها شيء، وعلى هذا
يكون إخراجها من باب الورع، بل هذا نهاية الورع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هم الذين حلبوا له، لكن هذا ممن لا تحل له الصدقة، وإلا لو
كان ممن تحل له الصدقة لصارت عليه صدقة، ولعمر هدية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هذا نهاية الورع.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، أما قصة أبي بكر فهي ثابتة بلا إشكال، وهذه لها ما
يشهد لها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذه لا بد من إخراجها؛ لأن إدخال الجوف شيء نجس ما يجوز.
(54/30)
يقول: "وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عاملاً"
ما ذكر اسمه، لم يسم "لعمر بن عبد العزيز كتب إليه يذكر أن
رجلاً منع زكاة ماله" عمر بن الخطاب بعثه النبي -عليه
الصلاة والسلام- ساعياً، ثم رجع إلى النبي -عليه الصلاة
والسلام- فقال: منع ابن جميل، وخالد، والعباس، منعوا
زكواتهم، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ما ينقم ابن
جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله، وأما خالد فأنتم
تظلمون خالداً فقد احتسب أدراعه وعتاده في سبيل الله))
سلاحه كله في سبيل الله، فمثل هذا يتهم بمنع الجزء اليسير
من ماله؟ ما يتهم، وكذلك العباس فهي علي ومثلها، فإذا منع
...
هذا يقول: بالأمس كنت أستمع لدرس عن طريق الإنترنت فكنت
أسمع الجواب على بعض مداخلات الشباب ولا أسمع السؤال وكذلك
الآن، فهل من حل لتتم الفائدة للجميع؟
يعني يريد إعادة السؤال يعني المداخلات لا بد أن تكون .. ،
وهذه لا بد أن يكون هناك لواقط كثيرة تكون بأيدي الإخوان،
أو واحد يدار به عليهم، وهذا فيه صعوبة، وليكن هذا مما
يتميز به من تحمل المشقة وحضر للدرس، وإذا أمكن الإعادة من
غير مشقة ولا تكرار كثير لا باس.
المقصود أن هذا العامل ذكر لعمر بن العزيز الخليفة الراشد
أن رجلاً منع زكاة ماله، فكتب إليه عمر أن دعه، اتركه ولا
تأخذوا منه زكاة من المسلمين، قال: "فبلغ ذلك الرجل فاشتد
عليه ذلك الأمر، وأدى بعد ذلك زكاة ماله، فكتب عامل عمر
إليه يذكر له ذلك، فكتب إليه عمر: أن خذها منه".
ابن عبد البر -رحمه الله- قال: يحتمل أن الرجل منع من
دفعها إلى العامل، وتولى دفعها بنفسه إلى الفقراء ...
(54/31)
شرح: الموطأ –
كتاب الزكاة (7)
باب زكاة ما يخرص من ثمار النخيل والأعناب- باب زكاة
الحبوب والزيتون-باب ما لا زكاة فيه من الثمار
الشيخ: عبد الكريم الخضير
ابن عبد البر -رحمه الله تعالى- قال: يحتمل أن الرجل منع
من دفعها إلى العامل، وتولى دفعها بنفسه إلى الفقراء،
فقال: دعه، يعني يفرقها على نظره، هذا احتمال أورده ابن
عبد البر، أن الرجل منعها من العامل دون منعها من أهلها،
ولم يكن ممن يمنع الزكاة، يعني عرف من حاله أنه صاحب
ديانة، ولا يتصور منه أن يمنع الزكاة، مع أنه صاحب تحري،
فتفرس فيه أنه لا يخالف جماعة المسلمين الدافعين لها، فكان
الأمر كما كان، كما ظن، وكما توقع، يعني كان يدفعها بنفسه،
ثم دفعها إلى العامل؛ لأنه شق عليه أن يقال: اتركوه، وأن
ينفرد بهذا عن المسلمين، لكن الاحتمال الثاني هو ما ذكروه،
لكن كأنه أظهر، أنه قال: دعوه، تعزيراً له، تعزيراً له
اتركوه، إذا مريتم بأمواله اتركوه، مروا على المسلمين
واتركوه، وتوقع عمر بن عبد العزيز أن مثل هذا التعزير
يكفيه؛ لأن بعض الناس يكفيه أدنى تعزير فينزجر، يعني سهل
على النفس أنه يأتي إليه العامل ويعتذر منه، والله أموالنا
إلى الآن ما بعد حال عليها الحول، أو ما بلغت النصاب،
انصرفوا المقصود، نعم، أو يكذب عليه سهل، يقول: إني والله
دفعت الزكاة، يوجد هذا في المسلمين، لكن يصعب على نفس
المسلم أن يمر العامل والساعي على جميع الناس، وهو يراه
يتركه ولا يكلمه، هذا صعب جداً؛ لأنه يتوقع أنه ما ترك إلا
لأمر أعظم من مسألة منع الزكاة، وبذلك لما اشتد عليه أدى
بعد ذلك الزكاة.
أقول: يحتمل أنه قال ذلك تعزيراً له؛ لظنه أن ذلك يردعه
فكان كما ظن، ولذلك أسلوب الخبر، فكتب إليه عمر أن دعه ولا
تأخذ منه زكاة مع المسلمين، العبارة: "دعه ولا تأخذ منه
زكاة مع المسلمين" يعني كأنه عمله مخالف لعمل المسلمين
فاتركه، فبلغ ذلك الرجل، فاشتد عليه ذلك الأمر كونه يخرج
من الوصف مع المسلمين، فشق عليه هذا فبادر إلى دفعها، فكتب
إليه عمر أن خذها منه، ما دام دفعها خذها منه.
(55/1)
بعض الناس يكفيه أدنى شيء من التعزير، حصل
في مجلس درس من الدروس، درس من الدروس طلاب يحضرون، الأول،
الثاني، الثالث، كل واحد معه كتاب ويقرأ، عشرون طالب معهم
عشرون كتاباً، يقرأ الأول ثم الثاني ثم الثالث ... إلى
آخره، تأخر طالب صار هو الأخير، قرأ مع الناس، ثم قام
الشيخ، في اليوم الثاني كذلك، في اليوم الثالث لما وقف
عليه الدور قام الشيخ وتركه، تأخر ثلاث مرات متوالية ويصير
هو الأخير، قام الشيخ وتركه، في اليوم الذي يليه جاء
الأول، وهكذا ما ترك الدرس، صار هو أول من يحضر، فتركه
للقراءة تعزير، ما قال: والله ما دام ما يبيني أقرأ ما
يلزم أحضر، فبعض الناس يردعه أدنى شيء، نعم.
أحسن الله إليك.
باب زكاة ما يخرص من ثمار
النخيل والأعناب:
حدثني يحيى عن مالك عن الثقة عنده عن سليمان بن يسار وعن
بسر بن سعيد -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- قال: ((فيما سقت السماء والعيون والبعل العشر، وفيما
سقي بالنضح نصف العشر)).
وحدثني عن مالك عن زياد بن سعد عن ابن شهاب أنه قال: "لا
يؤخذ في صدقة النخل الجعرور، ولا المصران الفارة، ولا عذق
ابن حبيق، قال: وهو يعد على صاحب المال، ولا يؤخذ منه في
الصدقة".
قال مالك -رحمه الله تعالى-: "وإنما مثل ذلك الغنم تعد على
صاحبها بسخالها، والسخل لا يؤخذ منه في الصدقة، وقد يكون
في الأموال ثمار لا تؤخذ الصدقة منها، من ذلك البردي وما
أشبهه، لا يؤخذ من أدناه كما لا يؤخذ من خياره".
قال: "وإنما تؤخذ الصدقة من أوساط المال".
قال مالك -عفا الله عنه-: "الأمر المجتمع عليه عندنا أنه
لا يخرص من الثمار إلا النخيل والأعناب، فإن ذلك يخرص حين
يبدو صلاحه ويحل بيعه، وذلك أن ثمر النخيل والأعناب يؤكل
رطباً وعنباً، فيخرص على أهله للتوسعة على الناس؛ ولئلا
يكون على أحد في ذلك ضيق، فيخرص ذلك عليهم، ثم يخلى بينهم
وبينه يأكلونه كيف شاءوا، ثم يؤدون منه الزكاة على ما خرص
عليهم".
(55/2)
قال مالك -رحمه الله-: "فأما ما لا يؤكل
رطباً، وإنما يؤكل بعد حصاده من الحبوب كلها، فإنه لا
يخرص، وإنما على أهلها فيها إذا حصدوها ودقوها وطيبوها
وخلصت حباً، فإنما على أهلها فيها الأمانة، يؤدون زكاتها
إذا بلغ ذلك ما تجب فيه الزكاة، وهذا الأمر الذي لا اختلاف
فيه عندنا".
قال مالك -رحمه الله-: "الأمر المجتمع عليه عندنا أن النخل
يخرص على أهلها وثمرها في رؤوسها إذا طاب وحل بيعه، ويؤخذ
منه صدقته تمراً عند الجذاذ، فإن أصابت الثمرة جائحة بعد
أن تخرص على أهلها وقبل أن تجذ فأحاطت الجائحة بالثمر كله
فليس عليهم صدقة، فإن بقي من الثمر شيء يبلغ خمسة أوسق
فصاعداً بصاع النبي -صلى الله عليه وسلم- أخذ منهم زكاته،
وليس عليهم فيما أصابت الجائحة زكاة، وكذلك العمل في الكرم
أيضاً، وإذا كان لرجل قطع أموال متفرقة أو اشتراك في أموال
متفرقة لا يبلغ مال كل شريك أو قطعه ما تجب فيه الزكاة،
وكانت إذا جمع بعض ذلك إلى بعض يبلغ ما تجب فيه الزكاة،
فإنه يجمعها ويؤدي زكاتها".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب زكاة ما يخرص من ثمار النخيل والأعناب:
(55/3)
الخرص: التقدير، والحزر، وهو معمول به عند
الجمهور خلافاً لأبي حنيفة الذي يقول: إنه ظن ورجماً
بالغيب وتوقع، ولا يبنى عليه حكم، بل لا بد من الكيل أو
الوزن، الكيل فيما يكال، والوزن في ما يوزن، والخرص لا
يجدي، لكن الجمهور عليه، وجاءت به الأخبار، ولا شك أن
الخرص ظن، لكن الظن متفاوت، فمن الظن ما لا يغني من الحق
شيئًا، ومنه ما هو أكذب الحديث، ومنه ما يصل إلى درجة
اليقين {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو
رَبِّهِمْ} [(46) سورة البقرة] وكذلك الخرص، هو حزر وظن
وتقدير، لكن يبقى أن الخرص له أهله، بحيث يوجد من يخرص
البستان الكامل الذي فيه آلاف النخيل، بحيث لا يزيد ولا
ينقص عن الكيل والوزن، كل بضاعة لها أهلها، وكل صنف له
رجاله، وكل فن له أربابه، يعني هل يؤتى بخارص يسأل عن سلعة
كم تسوى هذه؟ هذا حصل، قال: تسوى أربعمائة، ألف وست، يؤتى
بمثل هذا يخرص؟ نعم؟ هذا ما هو الخرص، لكن وجد من يخرص
حقيقة حتى في العصور المتأخرة، يعني في العصور الحاضرة، من
يخرص البستان من أكبر البساتين فيه آلاف النخيل ولا تزيد
إطلاقاً عن الخرص، فالخرص له أصل، وإن كان ظن وتقدير، يعني
ما يبنى على مقاييس ومقادير ومكاييل وموازين، لكن له أهله،
وكل فن له أهله، يعني تأتي بصاحب العقار ينظر إلى الأرض
نظرة عابرة ويقول: قيمتها كذا، وحينئذٍ لا تزيد ولا تنقص،
تأتي إلى أصحاب الكتب ينظر المكتبة عشر غرف عشرين غرفة
ويقدرها بحيث لا تزيد ولا تنقص، تأتي إلى أصحاب المواشي،
تأتي إلى أصحاب النخيل، نفس الشيء، فالخرص شرعي، وفائدته
أن الزكوات إنما تؤخذ بعد تمام النضج، بعد تمامه، يعني إذا
صار تمر، ما يؤخذ منه وهو رطب، فهل يقال لأرباب الأموال:
لا تتصرفون، لا تأكلون منه، لا تبيعوا، لا تفعلوا حتى
يكال؟ هو ما يكال وهو رطب، لا يكال حتى يصير تمر، يؤتى
بخارص فيقدر أنه يبلغ كذا من التمر، الآن تصرف، عرف حق
المساكين، من خلال تقدير الخارص، الآن تصرف، كيله أو بيع
أو اللي تبي، هذه فائدة الخرص، وإلا لو كان ينتظرون إلى أن
يصير تمر ويكال، ويخرج حق المساكين بدقة، هذا أمر معروف،
ومثله العنب.
(55/4)
الحبوب الجمهور على أنها لا تخرص، لماذا؟
لأنها مكتنة في سنابلها، يعني يصعب تقديرها بدقة، فثمر أو
تمر النخل بارز، وكذلك العنب بارز، أما غيرها فإنه يصعب
تقديره؛ لأن الحبوب متوارية بقشورها، وحينئذٍ .. ، ولا
يستفاد منها، ولا تباع وهي متوارية، يباع منها، اللهم إلا
إذا بيع وعرفت قيمته يقدر حينئذٍ، إذا بدا صلاحه، إذا اشتد
الحب، لكن الأصل أنه ينتظر فيه حتى يصفى من سنبله، ويكال،
فيعرف حق المساكن.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن الثقة عنده" من الثقة عند
مالك؟
طالب:. . . . . . . . .
ابن أبي المخارق؟ لا، هو روى عنه لكن لا يعني أنه يطلق
عليه الثقة، هو اغتر به، وروى عنه، والأصل ألا يروي إلا عن
ثقة، لكن إذا أطلق قال: الثقة عنده، حدثني الثقة، الشافعي
يقول: حدثني الثقة، حدثني من لا أتهم، يعني على الحديث،
وإن كان متهماً في دينه، شيخه إبراهيم بن أبي يحيى، لكن
مالك؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما هو بنافع، تعرفه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو صرح به في كتاب المناسك صرح به.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما هو.
الحافظ في تعجيل المنفعة بين الثقة المبهم عند مالك وعند
الشافعي وعند فلان، وعند علان، لكن لا بد من إحضاره غداً
-إن شاء الله-.
"عن الثقة عنده عن سليمان بن يسار" الهلالي المدني أحد
الفقهاء السبعة "وعن بسر بن سعيد" المدني العابد "أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قال" الآن فيه راوٍ مبهم، وُثق،
يعني لو قال مالك: حدثني الثقة عن سليمان بن يسار يكفي
وإلا ما يكفي؟ التعديل مع الإبهام يكفي وإلا ما يكفي؟
طالب:. . . . . . . . .
ما في انقطاع الآن.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لقيه، افترض أنه لقيه، التعديل مع الإبهام هذه مس ألة
معروفة عند أهل العلم، التعديل مع الإبهام.
طالب:. . . . . . . . .
(55/5)
غير ثقة عند غيره، ولهذا المعتمد عند أهل
العلم أنه لا بد أن يسميه؛ لئلا يكون ثقة عنده وعند غيره
غير ثقة، منهم من يقول: إذا كان من الأئمة المتبوعين مثل
مالك والشافعي وأحمد يلزم مقلده أن يقلده في حكمه على
الراوي، ولا يلزم أن يبحث عن اسمه، ما دام يقلده في
الأحكام يقلده في الرواة، ما دام وثقه الإمام يكتفي المقلد
بتوثيق إمامه.
ومبهم التعديل ليس يكتفي ... به الخطيب والفقيه الصيرفي
أما التعديل مع الإبهام لا يكفي، لو ونص على توثيقه، ولو
كان ممن لا يروي إلا عن ثقة، ولو قال: جميع أشياخي ثقات،
لا بد أن يسمى الراوي، فتنظر أقوال أهل العلم فيه.
على كل حال الحديث موصول عن ابن عمر في صحيح البخاري، وهو
عند مسلم بنحوه عن جابر بن عبد الله، فهل نقول: متفق عليه؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
افترض أنه في مسلم بلفظه عن جابر، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، يكونا حديثان، هما حديثان، لا حديث وحد متفق عليه،
حديث مخرج عند البخاري، وحديث آخر عند مسلم، لا بد من
اتحاد الصحابي، هذا عند الأكثر، وهو الذي استقر عليه
الاصطلاح.
أما لو خرج عن صحابي في كتاب في البخاري مثلاً، وعن صحابي
آخر ولو كان بنفس اللفظ عند مسلم لا يصير من المتفق عليه.
البغوي أحياناً يقول: الحديث متفق عليه خرجه محمد من حديث
أبي هريرة، ومسلم من حديث ابن عمر، هذا اصطلاح له.
"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((فيما سقت
السماء العشر)) " هذا مرسل عند مالك، وهو موصول عند
البخاري ومسلم.
قال: ((فيما سقت السماء)) المطر، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا متابع، هو ما يروي عنه.
((فيما سقت السماء)) يعني المطر ((والعيون)) الجارية التي
لا تحتاج إلى آلات ((والبعل)) وهو شرب الأشجار والزروع
بعروقها ((العشر)) وهذا مبتدأ مؤخر، خبره الجار والمجرور
المتقدم.
(55/6)
((وفيما سقي بالنضح)) بالسانية، والناضح
والنواضح: الإبل التي يستقى عليها ((نصف العشر)) وهذه هي
القاعدة في الزكاة أن المال الذي فيه كلفة ومشقة على
أربابه تخفف زكاته، بخلاف ما لا كلفة فيه ولا مشقة، فالذي
فيه مشقة نصف العشر، والذي لا مشقة فيه العشر كامل، والذي
فيه هذا وهذا ثلاثة أرباعه، ثلاثة أرباع العشر.
وعموماً الزروع والثمار زكاتها أكثر من الأموال الأخرى،
أكثر من عروض التجارة، وأكثر من النقدين؛ لأن فيها من
التعب والمشقة أشد، أما الزراعة فأمرها أخف من غيرها من
التجارات؛ لأن كل مبلغ يحتاج إلى معاناة بالنسبة للتجارة،
لا ننظر إلى تجارة اليوم أن الإنسان قد يكسب الأموال
الطائلة وهو جالس، بتليفون أو شبهه، لا، الأصل أن أصحاب
التجارات يتعبون من ورائها.
"وحدثني عن مالك عن زياد بن سعد" يعني ابن عبد الرحمن
الخرساني "عن ابن شهاب أنه قال: "لا يؤخذ في صدقة النخل
الجعرور" وهو بزنة عصفور، نوع رديء من التمر، إذا جف صار
حشف، إيش معنى حشف؟ ييبس بحيث لا يصلح للأكل، "ولا المصران
الفارة" المصران: جمع مصير، وهو أيضاً نوع رديء من التمر،
كأنه صغير جداً، ولصغره شبه بالمصران، صغير يعني دقيق رفيع
جداً مع شيء من الطول، هو الشيص؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟ شيص؟
طالب:. . . . . . . . .
في كل مكان حتى نحن نقول: شيص، لكن ما يلزم أن يكون هذا.
طالب:. . . . . . . . .
حتى الشيص يتمر.
طالب:. . . . . . . . .
الشيص يؤكل، لكنه نوع رديء.
طالب:. . . . . . . . .
ويش المانع؟
طالب:. . . . . . . . .
يأكلونه يا عبد الله -الله المستعان-، لا تنظر إلى ظرفنا
الذي نعيشه، وحياتنا التي نعيشها.
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه يؤكل، سواءً كان أكله الناس أو دوابهم.
طالب:. . . . . . . . .
هو يأتي أنواع التمر، المدينة فقط ذكر ابن الجوزي فيها
ستمائة نوع، ذكر ابن الجوزي في المدينة وحدها ستمائة نوع
من التمر، وكل يوم نسمع نوع جديد.
(55/7)
"ولا عذق ابن حبيق" وهو أيضاً نوع رديء من
التمر، والحديث مقطوع عن ابن شهاب، ورواه أبو داود من طريق
سفيان بن الحسين، وسيلمان بن كثير، والنسائي من طريق عبد
الجليل ثلاثتهم عن ابن شهاب عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف
عن أبيه قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن
الجعرور ولون الحبيق أن يؤخذا في الصدقة، زاد النسائي في
روايته: وفيه نزلت: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ
تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] فعلى كل حال الرديء لا
يؤخذ، والكرائم لا تؤخذ، وإنما يؤخذ في الزكاة أوساط
المال، مراعاةً للطرفين المعطي والآخذ، فلا ينظر إلى مصلحة
المساكين على حساب الأغنياء ولا العكس.
طيب إذا كان النخل كله جعرور، يؤخذ منه وإلا يكلف يشتريه؟
يقول: قال -يعني ابن شهاب-: "وهو يعد على صاحب المال ولا
يؤخذ منه في الصدقة" إذا كان كله خيار، المال كله خيار،
كله جيد، كله من السكري الملكي، يسمونه ملكي، الكيلو بمائة
وعشرين، يؤخذ منه؟ كرائم هذه، يؤخذ وإلا ما يؤخذ؟ يؤخذ إذا
كان المال كله كذا، وكذا لو كان كله رديء هل يكلف صاحب
المال أن يشتري متوسط؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا أقل، أقل بكثير.
طالب:. . . . . . . . .
إيه إحنا وجدنا بثمانين وبمائة.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا وصلنا إلى حد الإسراف إلى هذا مشكلة، وهل
يكلف الغني أن يشتريه؟ المقصود أن هذا نوع من التمر تجب
فيه الصدقة يتصدق منه ولو لم يأكله الفقير، المقصود أن
فريضة الله لا بد أن تمضي.
طالب:. . . . . . . . .
لا بد أن تمضي فريضة الله، يبيعه، يتصرف فيه، المقصود أنه
كما نلاحظ حال الفقير، نلاحظ أيضاً مصلحة الغني المتصدق.
قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ}
[(267) سورة البقرة] يعني كون المال كله من هذا النوع من
غير تيمم، ما تيمم ولا قصد، يعني ما قصد الخبيث، أخذ من
ماله الذي عنده.
(55/8)
قال مالك: "وإنما مثل ذلك الغنم تعد على
صاحبها بسخالها، والسخل لا يؤخذ منه في الصدقة، وقد يكون
في الأموال ثمار لا تؤخذ الصدقة منها، من ذلك البردي وما
أشبهه" نوع من أجود التمر، ومثله البرني "وما أشبهه" في
الجودة "لا يؤخذ من أدناه كما لا يؤخذ من خياره" وإنما
يؤخذ من أوساطه، قال: "وإنما تؤخذ الصدقة من أوساط المال
رفقاً بالطرفين" لكن لو قال صاحب المال: أنا عندي الثلاثة
أنواع، جيد ومتوسط ورديء، أنا بأخذ نصف أو ثلث صدقة من
الجيد، والثلث الثاني من المتوسط، والثالث من الرديء، يعني
الآن أصحاب المزارع، صاحب مزرعة عنده عشرة أنواع من التمر،
هل نقول: أخرج صدقة كل نوع منه؟ أو نقول: انظر إلى المتوسط
وأخرج الصدقة منه؟ هذا الأصل من المتوسط، لكن إذا كان
المتوسط كله ما يفي بصدقة البستان، يعني ينظر ما قرب منه؟
من أعلى وأدنى؟ إذا افترضنا أن عنده عشرة أنواع، في رقم
واحد ورقم اثنين إلى عشرة من حيث الجودة، المفترض أن يأخذ
خمسة وستة، ما وفت خمسة وستة، يطلع إلى أربعة وينزل إلى
سبعة، لكن ما يتعدى بحيث يطلع إلى الغالي النفيس، ولا إلى
الرديء.
إذا كان نصف البستان البستان فيه خمسمائة صاع، ثلاثمائة
صاع من النوع الناهي الجيد، ومائتين صاع مائة متوسط، ومائة
رديء، هل نقول: نأخذ الصدقة من هذه المائة المتوسطة؟ نكون
بهذا ظلمنا الفقراء.
طالب:. . . . . . . . .
وش هي؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، قريبة منها، أقول: هذا عنده ثلاثمائة صاع من النوع
الفاخر، ومائة من المتوسط، ومائة من الرديء، هل نقول: إن
الزكاة كلها من المتوسط، أو نتناول شيء من الجيد لنعدل في
هذا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني بالنسبة، نأخذ نصف الصدقة، صنف الزكاة من المتوسط،
ونصفها من الجيد، فنكون بذلك عدلنا بين الأغنياء والفقراء.
(55/9)
قال مالك: "الأمر المجتمع عليه عندنا أنه
لا يخرص من الثمار إلا النخيل والأعناب" النخيل والأعناب
هي التي ثمرتها ظاهرة، وهي التي تؤكل رطبة وتؤكل جافة،
لكنها لا تؤدى إلا جافة، ولذلك الرطب ما يكال لماذا؟ يعني
هل تستطيع أن تبيع مائة صاع رطب بمائة صاع جاف؟ ما يمكن،
ولذا جاء في الحديث الصحيح: ((أينقص الرطب إذا جف؟ )) قيل:
نعم، قال: ((فلا إذاً)) ما دام ينقص ما يباع بالجاف، إنما
يخرص، لينظر ماذا يساوي بعد الجفاف، وحينئذٍ تقدر زكاته.
"فإن ذلك يخرص حين يبدو صلاحه، ويحل بيعه، وذلك أن ثمر
النخيل والأعناب يؤكل رطباً وعنباً، فيخرص على أهله
للتوسعة على الناس" يعني للأغنياء والفقراء، يخرص على
الأغنياء ليتصرفوا في مالهم؛ لأنهم يجوز لهم بيعه، ويجوز
لهم الأكل منه، لكن لو لم يخرص ولا تخرج زكاته، ولا يكال
حتى يجف، صار عليهم ضيق، لا يستطيعون يأكلون، ولا يبيعوا
ولا يتصرفوا "ولئلا يكون على أحد منها في ذلك ضيق، فيخرص
ذلك عليهم، ثم يخلى بينهم وبينه يأكلونه كيف شاءوا"
وينتفعوا به كيف شاءوا، يأكلون، يبيعون، يتصدقون، الأمر
إليهم؛ لأن حق المساكين عرف "ثم يؤدون منه الزكاة على ما
خرص عليهم".
"قال مالك: "فأما ما لا يؤكل رطباً وإنما يؤكل بعد حصاده
من الحبوب كلها، فإنه لا يخرص" لأن الخرص إنما هو لحاجة
الانتفاع به قبل أن يجف، وهذا إذا وجد في العنب التمر،
فإنه لا يوجد في الحبوب، ما في أحد بيخرص سنبل أخضر ثم
يأكله، قد يؤكل منه شيء، لكن الأصل فيه، الأصل في استعماله
إذا تم نضجه، يعني أخذ سنابل يسيرة بحيث تؤكل، أو عندنا
مزارعين وإلا ما .. ؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا الآن عندنا الزروع، زروع الحب، القمح، الأصل أنه
إذا تم حصاده ونقي وتم نضجه يؤكل، لكن ما يمنع أنه يؤخذ
منه سنابل وتعرض على النار يسيراً، وتؤخذ منها بالمنقاش،
شيء مجرب يأكلونه الناس، لكنه ما هو بالأكل المعتاد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن ليس هذا هو الأصل فيه، ليس هذا هو الأصل، ما دام
بدا صلاحه، بدو الصلاح في اشتداد الحب، إذا اشتد الحب يعني
بدا صلاحه، فيجوز بيعه، لكن قبل ذلك ما يجوز بيعه؟
طالب:. . . . . . . . .
(55/10)
لا ما يؤمن، ما تأمن عليه العاهة، ما دام
ما اشتد ما تؤمن عليه العاهة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما نضج هذا، الأخضر ما نضج، يعني ما اشتد، يعني
كونه يؤخذ منه سنابل، يعرض مثل .. ، يمكن تستعملونه أنتم،
وغيركم في أحد ... ؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه يستعمل، فمثل هذا شيء يسير لا يلتفت إليه، وليس بالأكل
الحقيقي، يعني يمكن أن يخبز وإلا ... ؟
طالب:. . . . . . . . .
وهو أخضر ما اشتد؟
طالب:. . . . . . . . .
بشرط القطع منتهي ما في إشكال، إذا كان بشرط القطع ما في
إشكال، لكن ما يأمن العاهة إذا لم يشتد، ولذا لا يجوز
بيعه، إذا اشتد الحب يصير يقولون إيش؟ اصطلاحات مزارعين،
نبي واحد كبير السن شوي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بعته شرط القطع تزكي قيمته، صار عرض من عروض التجارة، تزكي
قيمته لكن بزكاة المعشر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أنت تبي تحضره لنا غداً -إن شاء الله-؟
طالب:. . . . . . . . .
من قاله هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
صحيح.
طالب:. . . . . . . . .
السيوطي هذا، قبله الحافظ ابن حجر في تعجيل المنفعة، نص
على الثقة عند مالك، الثقة عند الشافعي، كل من يطلق هذا
التعديل مع الإبهام، وغداً -إن شاء الله- يُحضر.
يقول مالك -رحمه الله-: "فأما ما لا يؤكل رطباً وإنما يؤكل
بعد حصاده من الحبوب كلها، فإنه لا يخرص" لأن الخرص إنما
هو لحاجة الانتفاع، والانتفاع في الحبوب ما يأتي إلا بعد
أن تشتد.
طالب:. . . . . . . . .
بشرط القطع.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن هل هذا فيه زكاة؟
طالب:. . . . . . . . .
الخضروات والفواكه فيها زكاة وإلا ما فيها زكاة؟
طالب:. . . . . . . . .
إحنا نناقش كلام الإمام -رحمه الله تعالى-.
طالب:. . . . . . . . .
بيجي بيجي، كل ما يؤخذ من الأموال في أبواب لاحقة، زكاة
الحبوب والزيتون وما لا زكاة فيه من الثمار، كلها تبي تجي
-إن شاء الله-، لا نتعجل.
(55/11)
يقول: "وإنما على أهلها فيها إذا حصدوها
ودقوها وطيبوها وخلصت حباً، فإنما على أهلها فيها الأمانة"
يعني الخرص يضمن حق المساكين، يأتي الخارص الخبير والمال
ما تصرف فيه، وهو في مكانه، بحيث لو رأى نخلة مجذوذة، قال:
وين الثمرة؟ يناقشه، لكن لو ترك الأمر حتى ييبس، بعد
الجذاذ وبعد التنقية والتصفية ما يدرى كم عدد النخل؟ ولا
كم عدد المنتج؟ ولذا قال: "فإنما على أهلها فيها الأمانة"
لأنه الآن المزرعة ما دامت قائمة، والثمر على رؤوس الشجر
يعرف النقص، لكن إذا حيزت إلى مكان آخر ما يعرف النقص،
يعني لو جاب صبرة تمر هل تستطيع أن تقول: إن هذه الصبرة هي
ثمرة هذا البستان؟ ما تستطيع.
"فإنما على أهلها فيها الأمانة، يؤدون زكاتها إذا بلغ ذلك
ما تجب فيه الزكاة -النصاب- وهذا الأمر الذي لا اختلاف فيه
عندنا" طيب استفاض بين الناس أن زيداً من الناس عنده من
القمح ما مقداره عشرة أطنان، فلما جاء الساعي قال: أين
قمحك؟ قال: هذا هو، فإذا به طن واحد، أو اثنين أو ثلاثة أو
خمسة، والمستفيض عند الناس أن ماله أكثر، هل يكفي أن يوكل
إلى أمانته؟ قالوا: إن اتهم بكتمان شيء نصب السلطان أميناً
يحاسبه، وين راح هذا؟ كيف تصرفت بهذا؟ ويسأل ويتثبت؛ لئلا
تضيع حقوق المساكين، وكثير من الناس يتصرف في أموال
التجارة، الآن شخص مثلاً رأس ماله عشرة ملايين، ومسجل عند
الدولة في مصلحة الزكاة، ... رأس ماله خمسمائة ألف، هذا
موجود بين التجار، لا يبيحون بجميع ما عندهم.
وبعضهم يتذرع بشيء يقول: أنا أريد أن أخرج زكاتي على نظري،
لي أقارب، ولي معارف، ولي جيران، وهناك حوائج أعرفها لا
يعرفها غيري، والناس يعرفون عندي أموال ولا يعذرونني، ولو
قلت: إني دفعت جميع زكاتي للدولة ما عذروني، فهو بهذا
يتذرع ويكتم بعض ماله، هذا يحصل كثيراً عند الناس.
وبعضهم يرتكب مثل هذا من أجل التبعات التي تفرض على
الأموال من قبل الدول، هذا شخص عنده أموال طائلة لا بد
يفرض عليه كذا، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
(55/12)
لا هو الناس لا شك أنهم يتحايلون على
الأنظمة، يتحايلون إن احتاجوا إلى الرفع رفعوا، وإن
احتاجوا إلى الخفض خفضوا، ويقل فيهم الصدوق الأمين، قد
يكون لهم تأويلات، قد يكون لهم أعذار، قد تكون لهم حاجات،
لكن مع ذلك الأصل في التجارة الأمانة، التاجر الصدوق
الأمين له وضعه، هذا الأصل، لكن إن ترتب على ذلك ظلم، إن
ترتب إن وجد في بعض الأنظمة ظلم لا يجيزه الشرع، وأمكن
التحايل عليها هذا شيء آخر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هذه أمانة إذا سلمها لولي الأمر برئت ذمته
منها، إذا أخذها ولي الأمر سلمت ...
طالب:. . . . . . . . .
ما عليه، هو إذا سلمها، هو مأمور بأن يسلمها إلى من أسند
إليه الأمر، لكن بعض الناس يقول: أنا أدفع لهم جزء من
الزكاة، وجزء أصرفه على نفسي، يعني أدفعه إلى من يستحقه،
أما من أعرفه من معارفه وأقاربه نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني مع المكوس والجمارك؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال من سلم المال طائعاً مختاراً لولي الأمر برئت
ذمته، وإن كانت تؤخذ منه ظلماً، واستطاع أن يتحايل هذه
مسألة أخرى.
على كل حال المحرم لا يقره أحد، وما دام ولي الأمر مسلم،
ويغلب على الظن أنه يصرفها من مصارفها تسلم له، وتبرأ
الذمة -إن شاء الله تعالى-.
"قال مالك: "الأمر المجتمع عليه عندنا أن النخل يخرص على
أهلها وثمرها في رؤوسها إذا طاب وحل بيعه" تخرص إذا طابت،
يعني إذا أزهت، إذا احمرت واصفرت، لا قبل ذلك، يعني إذا
أمكن بيعها؛ لأنه قبل ذلك لا يؤكل منها شيء، ولا يباع منها
شيء، والخرص فائدته ضمان حق المساكين لئلا يؤكل منها، أو
تباع قبل أن يحرز حق المساكين.
(55/13)
"ويؤخذ منه صدقته تمراً عند الجذاذ لا
قبله" لأن الصدقة تؤخذ إذا استقر الوضع، وضع التمر، لا
تؤخذ وهو بلح، ولا تؤخذ وهو رطب، إنما تؤخذ الزكاة إذا
استقر وصار تمراً "فإن أصابت الثمرة جائحة بعد أن تخرص على
أهلها وقبل أن تجذ -تقطع- فأحاطت الجائحة بالثمر كله فليس
عليهم صدقة" لأن الصدقة والزكاة عنده متعلقة بعين المال
"فإن بقي من الثمر شيء يبلغ خمسة أوسق فصاعداً" يعني بحيث
تجب فيه الزكاة "بصاع النبي -صلى الله عليه وسلم-، أخذ
منهم زكاته، وليس عليهم فيما أصابت الجائحة زكاة، وكذلك
العمل في الكرم أيضاً" مثل النخل، العنب "وإذا كان لرجل
قطع أموال متفرقة" له فروع في بلدان متعددة، لا شك أنه
يجمع هذه الأموال المتفرقة ويزكيها دفعة واحدة "أو اشتراك
في أموال متفرقة" شريك مع زيد، وشريك مع عمرو، وشريك مع
بكر، وله مساهمة في بلد كذا، ومساهمة في أرض كذا، يجمع هذه
الأموال "أو اشتراك في أموال متفرقة لا يبلغ مال كل شريك
أو قطعه ما تجب فيه الزكاة، وكانت إذا جمع بعض ذلك إلى بعض
يبلغ ما تجب فيه الزكاة فإنه يجمعها ويؤدي زكاتها" فيزكي
ذو القطع المجتمع منها النصاب كالماشية المتفرقة، له عشر
من الغنم في كذا مع الراعي فلان، وعشر مع الراعي فلان،
وعشرين مع علان، وكذا يجمعها فيؤدي زكاتها.
وكذلك الاشتراك فكل يراعي ماله دون مال شريكه، كل يزكي
ماله دون مال شريكه، لكن إذا كان الشريك ثقة، ووكله في
إخراج زكاته والمسألة مفترضة في ثقة، تبرأ ذمته بتوكيل
الثقة، ما لم يتبين له خلاف الواقع؛ لأن بعض الناس يعتمد
على شخص، والثاني إما ينسى، أو ما فهم الوكالة، فلا تخرج
الزكاة، فلا تبرأ ذمته بهذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا انظر إلى التفريط وعدمه، إذا استقرت، استقر نصيب
المساكين، وفرط في إيصاله إليهم فأصابته جائحة يضمنه، يعني
قبل أن تستقر.
طالب:. . . . . . . . .
(55/14)
ما عليه، يؤخذ منه زكاته، لكن لو كان
مفرطاً، وجبت عليه الزكاة اليوم وتركها، ما أوصلها إلى
أربابها، ثم أصابه ما أصابه، افترض مثلاً طن من التمور أو
أكثر أو خمسمائة صاع تمر وضعها في غرفة، وجب فيها حق
المساكين، ثم بعد ذلك تبين أن هذه الغرفة ينزل عليها ماء
وإلا شيء ففسد التمر، وأخرها عن إيصالها إلى أربابها يضمن.
طالب:. . . . . . . . .
يترك، إيه، يترك لهم توسعة.
طالب:. . . . . . . . .
صحيح نعم -إن شاء الله-، توسعة.
هذا اقتراح.
يقول: أقترح أن السائل إذا سأل سؤال شفهي أن تعيد السؤال
حتى يسمع من يتابع عن طريق الشبكة، وكذلك إذا خرج الدرس في
أشرطة، وكذلك من حضر الدرس فكثيراً ما نعاني من هذه
المشكلة، والسائل يكون في المقدمة، والذي في نهاية الحلقة
لا يسمع شيئاً.
المقصود أن هذا سؤال ملح، وطلب من قبل الجميع، لكن من
الممل أنه كلما سأل شخص يعاد سؤاله ثم يجاب عنه، وأحياناً
الإجابة تكون فورية مع ... ، ما يلقى لها بال، تخرج يعني
بمجرد سماع السؤال، وتكلف خلاف الطبع وخلاف العادة قد يشق،
لكن بقدر الإمكان إذا كان السؤال مهم، وجوابه مما يحتاجه
الإخوان يعاد -إن شاء الله تعالى-.
يقول: أين أجد طبعة دار الكتب المصرية لتفسير القرطبي حيث
أني بحثت عنها ولم أجدها، ولكن وجدت طبعة دار الحديث في
القاهرة فهل هذه. . . . . . . . .؟
لا، ليست هي، دار الكتب المصرية مطبوعة في عشرين مجلداً
قديماً، يعني الطبعة الأولى للكتاب سنة (1353هـ) ثم (54
13هـ) (55 13هـ) ثم أعيد طبعه ثانية بدار الكتب أيضاً، سنة
(1368هـ) إلى (78 13هـ) في عشرين مجلداً، الطبعة هذه صورت
مراراً، وميزتها الإحالات على السابق واللاحق، إذا قال:
تقدم، قال: انظر جزء كذا صفحة كذا، إذا قال: تأخر، قال:
انظر جزء صفحة كذا، وهي طبعة -لا سيما الثانية- فيها
الإحالات، وفيها المقابلة على النسخ الكبيرة، بعض الأجزاء
قوبل على ثلاثة عشر نسخة، فهي مهمة لطالب العلم، نعم
ينقصها تخريج الأحاديث، تحتاج إلى تخريج.
الطبعات الجديدة هذه وإن كانت يعني ما هي مثل تلك الطبعات
بالضبط والإتقان إلا أن فيها عزو لبعض الأحاديث، هذا
يستفاد منه.
(55/15)
يقول: هل الزكاة متعلقة بعين المال أو بذمة
صاحبه ما الراجح في المسألة؟
يأتي أن الإمام مالك -رحمه الله- يختار -وعلى هذا دار
كلامه في هذا الباب- أنها متعلقة بعين المال بحيث لو تلف
ما يلزمه زكاة، وعند الأكثر أنها ترتبط بالذمة مع تعلقها
بالمال، السبب الموجب وجود المال، لكن إذا استقرت في الذمة
ثبتت، بعد أن تستقر في الذمة يملك النصاب، ويحول عليه
الحول، ثم يتلف المال، يطالب به.
يقول: إذا كان النخيل متوسط ورديء وأردأ فهل نأخذ من أوساط
هذا المال وهو الرديء الذي هو وسط هذا المال؟
يعني ما في شيء من النوع الجيد، كله متوسط ورديء، المقصود
أنه يؤخذ من متوسطه الجودة والتوسط والرداءة أمور نسبية،
فيكون المتوسط جيد بالنسبة لـ ... ، يصير هو الكرائم.
يقول: إذا احتيج أكثر من راعي، وأكثر من فحل، فهل يكون
بمعنى الخلطة؟ هل الأفضل القول بالسوية أو بالقسط؟ لأن
السوية تقتضي نفس الكم والكيف من كل وجه؟
إذا احتيج إلى أكثر من راعي، خلطة أموال فيها أعداد كبيرة
تحتاج إلى أكثر من راعي، لكنها مع ذلك حتى الرعاة لا
يميزون بين مال هذا من مال هذا، الرعاة يسوقونها
ويتابعونها ويذودونها ويسرحونها ويردونها بمعنى إيش؟ ويش
يسمون رد الغنم والإبل؟
طالب:. . . . . . . . .
السرح، التسريح معروف، لكن الرد، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا اصطلاحكم، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
الرد هذا اصطلاح، غيره؟
طالب:. . . . . . . . .
تضل، من اللي قاله هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
صحيح، على كل حال المسائل يعني تختلف من الاصطلاحية.
اللهم صل على محمد ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في درس أمس:
"حدثني يحيى عن مالك عن الثقة عنده عن سيلمان بن يسار" ابن
حجر في تعجيل المنفعة يقول: مالك عن الثقة عن سليمان بن
يسار هو نافع، وعن الثقة عن ابن عمر كذلك، جاء في أكثر من
ورقة؛ لأنه طلب بالأمس، مالك عن الثقة عنده عن سليمان بن
يسار، ذكر ابن حجر في التعجيل ما نصه: وعن الثقة عنده عن
سليمان بن يسار وعن الثقة عن بن عمر -رضي الله تعالى
عنهما- هو نافع كما في موطأ ابن القاسم.
(55/16)
هذا يسأل من الإمارات يقول: ورد النهي عن
كتم العلم الديني، فهل يندرج العلم الدنيوي في النهي؟ ((من
سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار)).
المقصود به العلم الذي يجب بيانه للناس، أما علوم الدنيا
فالإخبار بها من باب الإيثار.
هذا يسأل يقول: العمل في البنوك بكافة أصنافها سواءً كانت
إسلامية أو غير إسلامية، هل هو مباح كما أقر به بعض الشيوخ
مع أن وجود فرص العمل في غزة كما هو معروف صعب؟
البنوك التي تتعامل بالربا أو أي مؤسسة أو شركة في مالها
شبهة أو حرام صريح، بالنسبة للحرام الصريح لا يجوز الإقدام
عليه بحال، لا يجوز، والمال المكتسب من طريقه سحت -نسأل
الله العافية والسلامة-، أما بالنسبة للشبهات فاتقاؤها
مطلوب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا والله ما أعرف، الكلام في أسلمة البنوك، هذا بنك إسلامي
وهذا، كلام طويل، ويحتاج إلى تدقيق، وكثير من البنوك يجعل
لجان علمية تشرف على أصول العقود، يعني يكتبون عقد وتشرف
عليه اللجنة، وتصححه لكنهم عند التطبيق وعند التنظير
يحتاجون إلى متابعة، أيضاً التفريع على هذا العقد قد يختل
فيه شيء، أو شرط، ويتساهلون تطبيقه، أمور تعتري هذه البنوك
كثيرة جداً.
يقول: مسألة فيما لو كان المال كله جيداً أو كله رديء فهل
يؤخذ منهما أو يشترى؟
(55/17)
الأصل أن يؤخذ من أوساط المال لا من كرائمه
ولا من رديئه، لكن إذا كان المال كله جيد فلا باس، لا
إشكال في أنه يجزئ أخذ الزكاة من الجيد، والزكاة الأصل أن
تكون من عين المال، لكن الإشكال فيما إذا لو كان كله رديء،
هذا محل الإشكال، هل يكلف بشراء المتوسط، أو يقال: لا يكلف
أكثر مما عنده؟ وتكليفه لا شك أن فيه ضرر عليه؛ لأنه لو
كان ماله عشرة أوسق مثلاً، وكله رديء، وأوجبنا عليه العشر،
من هذا الرديء، كم نحتاج؟ إلى ستين صاع زكاة، جيد، قلنا:
لا، الرديء ما يخرج، تشتري لنا ستين صاع من المتوسط، إذا
نسبنا قيمة الستين الصاع من المتوسط إلى ما عنده من مال
يمكن يبلغ الخمس أو أكثر، أكثر من الخمس، الربع أو الثلث،
فهل يكلف بدفع الثلث؟ لا يكلف بدفع الثلث، أو نقول: قدر
هذه الستين واشترِ بقيمتها متوسط، بدل الستين يكون ثلاثين؟
لا، هو الإشكال في كون الرديء جاء النهي عنه {وَلاَ
تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ} [(267) سورة البقرة] فإذا كان
المال كله رديء ما تيممه ولا قصده، التيمم والقصد فيما إذا
لو كان المال منوع، والذي يظهر أنه إذا كان المال كله جيد
يخرج جيد منه، وإذا كان المال كله رديء يخرج منه، ولا يكلف
فوق طوقه.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين
يا حي يا قيوم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب زكاة الحبوب والزيتون:
حدثني يحيى عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن الزيتون فقال:
"فيه العشر".
قال مالك -رحمه الله-: "وإنما يؤخذ من الزيتون العشر بعد
أن يعصر، ويبلغ زيتونه خمسة أوسق، فما لم يبلغ زيتونه خمسة
أوسق فلا زكاة فيه، والزيتون بمنزلة النخيل ما كان منه
سقته السماء والعيون، أو كان بعلاً ففيه العشر، وما كان
يسقى بالنضح ففيه نصف العشر، ولا يخرص شيء من الزيتون في
شجره".
(55/18)
والسنة عندنا في الحبوب التي يدخرها الناس
ويأكلونها أنه يؤخذ مما سقته السماء من ذلك، وما سقته
العيون، وما كان بعلاً العشر، وما سقي بالنضح نصف العشر
إذا بلغ ذلك خمسة أوسق بالصاع الأول صاع النبي -صلى الله
عليه وسلم-، وما زاد على خمسة أوسق ففيه الزكاة بحساب ذلك.
قال مالك -رحمه الله-: والحبوب التي فيها الزكاة الحنطة
والشعير والسلت والذرة والدخن والأرز والعدس والجلبان
واللوبيا والجلجان، وما أشبه ذلك من الحبوب التي تصير
طعاماً، فالزكاة تؤخذ منها بعد أن تحصد وتصير حباً، قال:
والناس مصدقون في ذلك ويقبل منهم في ذلك ما دفعوا.
وسئل مالك -رحمه الله- متى يخرج من الزيتون العشر أو نصفه
أقبل النفقة أم بعدها؟ فقال: لا ينظر إلى النفقة، ولكن
يسأل عنه أهله كما يسأل أهل الطعام عن الطعام، ويصدقون بما
قالوا، فمن رفع من زيتونه خمسة أوسق فصاعداً أخذ من زيته
العشر بعد أن يعصر، ومن لم يرفع من زيتونه خمسة أوسق لم
تجب عليه في زيته الزكاة.
قال مالك -رحمه الله-: ومن باع زرعه وقد صلح ويبس في
أكمامه فعليه زكاته، وليس على الذي اشتراه زكاة، ولا يصلح
بيع الزرع حتى ييبس في أكمامه، ويستغني عن الماء.
قال مالك -رحمه الله- في قول الله تعالى: {وَآتُواْ
حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [(141) سورة الأنعام] إن ذلك
الزكاة، وقد سمعت من يقول ذلك.
قال مالك -عفا الله عنه-: ومن باع أصل حائطه أو أرضه وفي
ذلك زرع أو ثمر لم يبد صلاحه فزكاة ذلك على المبتاع، وإن
كان قد طاب وحل بيعه فزكاة ذلك على البائع إلا أن يشترطها
على المبتاع.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب زكاة الحبوب والزيتون:
الحبوب تجب فيها الزكاة كلها، ولو لم تكن قوتاً، أما
الثمار فتجب الزكاة في كل ما يكال ويدخر، أما ما لا يكال
ولا يدخر فلا تجب فيه الزكاة عند جمع من أهل العلم.
الحبوب كالحنطة والشعير والسلت، والدخن، وما أشبه ذلك يأتي
بيانها في كلام الإمام -رحمه الله تعالى-.
(55/19)
الزيتون هل الزكاة فيه أو في زيته؟ ويقول:
باب زكاة الحبوب والزيتون، مقتضى الكلام أن تكون الزكاة في
الزيتون نفسه، لكن يأتي في كلامه أن الزكاة في زيته، وأن
الزيتون بمنزلة الرطب، وبمنزلة العنب، وزيته بمنزلة التمر
والزبيب.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك أنه سأل ابن شهاب عن الزيتون
فقال: "فيه العشر" لأنه يكال، الزيتون نفسه يكال وإلا
زيته؟ ما دام يكال دخل في حديث الأوسق، وبهذا قال أبو
حنيفة والشافعي في أحد قوليه، يعني كقول مالك، والقول
الثاني: أنه لا زكاة فيه، لأنه ليس بقوت وإنما إدام، وليس
بقوت.
قال مالك: "وإنما يؤخذ من الزيتون العشر بعد أن يعصر" إذاً
يؤخذ من نفس الزيتون وإلا من زيته؟ بعد أن يعصر من زيته،
وقلنا: إن الزيتون بمثابة الرطب، وبمنزلة العنب، لا يؤخذ
من الرطب ولا يؤخذ من العنب، وإنما يؤخذ من التمر إذا جف،
ومن الزبيب، وكذلك الزيتون يؤخذ منه إذا عصر، طيب إذا كان
استعمال الناس له حب بدون عصير، بدون زيت، يؤكل هكذا من
غير عصر، يفعل به ما يفعل بالنخل والعنب يخرص، الآن فائدة
الخرص في التمر وفي العنب من أجل ألا يحبس حتى يصير تمراً،
فيتضرر المالك؛ لأنه لو باعه رطب كان أكسب له، وإذا أكل
منه كيف يتصرف مع نصيب المساكين؟ يخرص عليه هذا البستان كم
فيه من صاع تمر، يعني فيما يؤول إليه الحال؟ فيه خمسمائة،
ستمائة، ألف، ألفين، ثلاثة ... إلى آخره، يقدر فيعرف نصيب
الفقراء ويقال: تصرف، المقصود أن هذا نصيب الفقراء من هذا
البستان، وكذلك العنب، وقل مثل هذا في الزيتون، إذا دخل
مزرعة زيتون وقال: هذه يصفو منها كذا من الزيت، ونصيب
الفقراء منها كذا تصرف، وفائدة الخرص إنما هو ضمان حق
المساكين.
(55/20)
"قال مالك: "وإنما يؤخذ من الزيتون العشر
بعد أن يعصر، ويبلغ زيتونه خمسة أوسق" زيتونه وإلا زيته؟
الآن المطلوب للكيل هو الزيتون نفسه وإلا زيت الزيتون؟
مفاد كلام الإمام -رحمه الله تعالى- أن الكلام كله منصب
على الزيت، وأنه بمثابة التمر الجاف، وبمثابة الزبيب، يعني
خلاصة الزيتون، ويبلغ زيتونه خمسة أوسق، فما لم يبلغ
زيتونه خمسة أوسق فلا زكاة فيه، عملاً بعموم: ((ليس فيما
دون خمسة أوسق صدقة)) والزيتون بمنزلة النخيل ما كان منه
سقته ماء السماء، يعني بالمطر، أو العيون الجارية،، أو كان
بعلاً يشرب بعروقه، ففيه العشر، يعني دون مئونة ففيه
العشر، وما كان يسقى بالنضح، سواءً كان بالدواب أو
بالآلات، المقصود أنه يكون فيه مئونة وكلفة، ففيه نصف
العشر "ولا يخرص شيء من الزيتون في شجره" لأنه لم يرد
الخرص إلا في النخل والعنب، هذا كلامه، أنه لا يخرص
الزيتون في شجره، طيب كيف نعرف أن هذا الزيتون زيته يبلغ
كذا من دون خرص؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن هو أكل، أكل الآن من الحب الزيتون، وباع من حب
الزيتون، بيع الحب أصرف من بيع الزيت، وعلب وبيعت المزرعة
كلها قبل أن تعصر، كيف نعرف نصيب المساكين من هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو لو عرفنا، لو كانت العادة مطردة، وعرف أهل خبرة،
كما وجد في التمر في الزبيب، الزبيب الآن الحبة ربع حبة
العنب أو أقل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه تخرص الثمرة، وما تؤول إليه، الآن نصيب المساكين ما هو
متعلق بالرطب ولا بالعنب، متعلق بالتمر الجاف وبالزبيب.
طالب:. . . . . . . . .
الآن حينما أوجب الزكاة في الزيتون يقول: تخرج حب؟ تخرج
زيت، الآن يقول: ما أنا بصابر إلى مرحلة كونه زيت، أنا با
أعلبه بعلب زيتون وأبيعه، ويش نقول؟ ويش نصيب المساكين؟ ما
في شك أن ما في شيء ما يخرص، لا يوجد شيء ما يخرص، كل أهل
صنف يعرفون بضاعتهم.
طالب:. . . . . . . . .
(55/21)
الكلام أن كل أهل صنف يعرفون، أنا قلت لك:
الشخص الخبير بالكتب يدخل مكتبة عشر غرف يقول: فيها كذا
مجلد في كذا لن تزيد قيمتها عن كذا، في كل ... ، أهل
السيارات يعطيك السعر بدقة، فيدخل الخرص مثل غيره؟ وهذا
الأصل، يعني إذا أوجبنا الزكاة في نفس الزيت، لكن لقائل أن
يقول: دعه يتصرف ويبيع زيتونه، ويعلب ويستفيد، ويكون عروض
تجارة، ونلزمه بربع العشر، لكن يتضرر المساكين، إذا قلنا:
إن الزكاة زكاة الخارج من الأرض، وزكاة الخارج من الأرض
أقل أحواله أنها ضعف ما يجب في زكاة عروض التجارة.
قد يقول قائل: ما دام عرفنا أنه ضعف، أو أربعة أضعاف، يعني
دبل مرة أو أكثر، إذا قلنا: نصف العشر فهو ضعف، إذا قلنا:
العشر كامل، ويعرف كم دخل هذا؟ كم باعه؟ يعامله معاملة
الخارج من الأرض، يصير هذا وإلا ما يصير؟ إذا أوجبنا
الزكاة في الزيتون، ويش يرد على هذا؟ أنه ما يضيع، مو
قلنا: إنه عروض تجارة؟ باع الزيتون بمائة ألف، زكاته ألفين
وخمسمائة، نسأله هل هو مئونة وإلا بدون مئونة؟ المئونة
العشر عشرة آلاف، بدون مئونة، بمئونة نصف العشر خمسة آلاف،
ما نعامله معاملة عروض التجارة نقول: ألفين وخمس.
طالب:. . . . . . . . .
أنت افترض مثلاً صاحب مزرعة على القول بإخراج القيمة،
المسألة مختلف فيها، صاحب مزرعة جاء بشخص ....
طالب: إذا أخرج القيمة انتهينا.
يعني هل نقول له: افرز حق الفقراء من الزيتون قبل أن يعصر؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن إذاً كلام الإمام -رحمه الله تعالى- ما ينصب على
الزيت.
طالب: على الزيتون.
على الزيتون نفسه، لا هو كلامه: "بعد أن يعصر" هذا كلامه،
صريح عبارته.
طالب:. . . . . . . . .
أنت افترض أنه خلل ....
طالب:. . . . . . . . .
الزيت قبل التخليل؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني يترك في شجره حتى ...
طالب:. . . . . . . . .
طيب، الآن انحلت المشكلة وإلا ما انحلت؟ ما انحلت، يبقى أن
الكمية التي تقطف قبل أوانها لتباع حب، تخلل وتباع حب، كيف
تعامل في الزكاة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو يقول –ناظر-: "ولا يخرص شيء من الزيتون في شجره"؛
لأن الخرص ما ورد إلا في التمر والعنب.
طالب:. . . . . . . . .
(55/22)
عروض التجارة تضر المسكين.
طالب: تضر المسكين.
ولو تضره، هذه زكاة الخارج من الأرض.
طالب:. . . . . . . . .
إيش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
عندهم؟
طالب:. . . . . . . . .
إحنا نقول: القياس يجري في هذا، ويش المانع؟ ما دام نرى
أصل القياس يجري في مثل هذا، استوت في العلة لماذا لا يجري
القياس؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هم ما يدرون؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يدرون عن القصة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا بس لا تتصور، إمام دارا لهجرة بيتكلم كلام عن شيء لا
يفهمه.
طالب: لا، لا. . . . . . . . .
لا، هو حصل جدال بين شامي وعراقي في المفاضلة بين التمر
والزيتون، فكل أدلى بحجته، لكن في النهاية قال العراقي:
إننا نشتري الزيتون بنوى التمر، فماذا تشترون بنواكم؟
على كل حال أنا لا أرى ما يمنع من القياس في الخرص، هذا
إذا أوجبنا الزكاة في الزيتون.
طالب:. . . . . . . . .
والله الأصل أنه مثل الفواكه عروض وخلاص وينتهي الإشكال.
طالب: عروض تجارة؟
مثل الفواكه، إيه.
طالب:. . . . . . . . .
عروض تجارة، يعني إذا بلغ من قيمته ما يزكى يزكى خلاص،
كالفواكه.
طالب:. . . . . . . . .
ما يزكونه، لكن يزكون قيمته، من اجتمع عنده مال يزكي المال
هذا.
طالب:. . . . . . . . .
من الإدام لا زكاة فيه باعتبار عينه، لكن قيمته؟ ما هو
بمال معد للتجارة مباح النفع؟ إذاً يزكى على أي حال
باعتباره عرض من عروض التجارة.
"والسنة عندنا في الحبوب التي يدخرها الناس ويأكلونها أنه
يؤخذ مما سقته السماء من ذلك، وما سقته العيون، وما كان
بعلاً العشر، وما سقي بالنضح -بالسانية بالدابة بالآلة
مثلاً- نصف العشر، فإذا بلغ ذلك خمسة أوسق بالصاع الأول،
صاع النبي -صلى الله عليه وسلم-" وقوله: في الصاع الأول
يفهم منه أن الصاع تغير في عهد الإمام مالك، قوله: بالصاع
الأول يدل على أنه في صاع ثاني، وأنه يختلف في الكيل عن
صاع النبي -عليه الصلاة والسلام- "وما زاد على خمسة أوسق
ففيه الزكاة بحساب ذلك".
(55/23)
خمسة أوسق، الوسق ستون صاعاً، ثلاثمائة صاع
النصاب، ثلاثمائة وخمسين، الثلاثمائة زكاتها ثلاثون صاعاً،
أو خمسة عشر، ثلاثمائة وخمسون صاع زكاتها خمسة وثلاثين، ما
نقول: الخمسون هذه وقص، لا، "وما زاد على خمسة أوسق ففيه
الزكاة بحساب ذلك" ولو قل، فلا وقص في الحبوب.
"قال مالك: والحبوب التي فيها الزكاة الحنطة" التي القمح
"والشعير والسلت" نوع من الشعير، يقولون: لا قشر له
"والذرة والدخن" كلها معروفة "والأرز" معروف أيضاً
"والعدس" العدس هذا ويش يصير؟ حبوب؟
طالب: العدس؟
إيه.
طالب: حبوب.
وإلا قطاني؟ على ما سيأتي.
طالب:. . . . . . . . .
حبوب باعتباركم .. ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
متى يصير حب؟
طالب:. . . . . . . . .
في البداية؟
طالب:. . . . . . . . .
كل حبة مستقلة مثل الشعير.
طالب: مثل الشعير والقمح.
سيأتي قريب من هذا الكلام في القطاني.
طالب: القمح.
قال: "والعدس، والجلبان" لكن الجلبان قطعاً من القطاني
التي سيأتي الكلام عنها "واللوبيا" هاه؟ حب؟ متى يصير حب؟
طالب:. . . . . . . . .
في البداية؟ ما هو بعبارة عن شيء مستطيل في جوفه عشرة حبات
مثلاً؟
طالب:. . . . . . . . .
إذاً ما صار حب، يعني هل يعامل معاملة الشعير والقمح؟ يعني
يباع هكذا كيل مثلما يباع .. ؟
طالب:. . . . . . . . .
كلام الإمام -رحمه الله تعالى- في زكاة الحبوب، طيب قضينا
"الجلجلان" اللي هو السمسم في قشره قبل أن يحصد؟
طالب:. . . . . . . . .
معروفة، بيجي بالقطاني.
"وما أشبه ذلك من الحبوب التي تصير طعاماً، فالزكاة تؤخذ
منها بعد أن تحصد وتصير حباً" يعني إذا نزع القشر من الحب
يصير حب، لكن في الأصل؟ ليس بحب، يؤكل هكذا جميعاً يعني،
ما يلزم قشره أيضاً مأكول.
طالب: مثل الفاصوليا.
ما أنا أقول لك: اللوبيا والفاصوليا أيضاً بقشرها تؤكل.
طالب: اللوبيا.
هو القشر هو الأصل، كلاهما يؤكل جملة، يؤكل جميعاً.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال الإمام يقول: فالزكاة تؤخذ منها بعد أن تحصد
وتصير حباً.
(55/24)
طيب إذا أراد صاحبها أن يبيعها على هيئتها
نعود إلى قضية الزيتون، فتحتاج إلى خرص، كم يبي يصفو منها
تصير حب؟ وسيأتي في القطاني، يأتي في القطاني هذه أنواع
منه، صحيح؛ لأن هذه أيضاً اللوبيا والفاصوليا أحياناً تشوف
الحبة اللي هو العلب الكامل كبير جداً، والحبوب اللي فيه
صغيرة جداً، فلا يمكن خرصها البتة، لا يمكن خرصها.
طالب:. . . . . . . . .
لا عاد، لا تنازع، اللوبي أنا أعرفه يا أخي، لا أنا أعرفه،
هذا بتاعنا، هذا ببلدنا هذا.
طالب:. . . . . . . . .
وزرعتوه، وتأكلونه بالعافية -إن شاء الله-، لكن ما هو عاد
كل شيء تلقنونا إياه، لكن كيفية ...
طالب:. . . . . . . . .
نفس اللوبيا؟
طالب: نفس الشيء.
إذن كلها قطاني على ما سيأتي، كلها قطاني، بيجي كلام
الإمام عنها.
طالب:. . . . . . . . .
بتجي، كلها قطاني، بتجي.
يقول: "والناس مصدقون في ذلك" يعني مؤتمنون "ويقبل منهم في
ذلك ما دفعوا" يعني ما تحتاج إلى خرص، وحق المساكين معلق
بذمم هؤلاء المزارعين اللي يدفعونه مقبول؛ لأنه لا يمكن
الوصول إلى حقيقتها بالخرص.
طالب:. . . . . . . . .
أنت مؤتمن، عندك مزرعة طلع اللي تجود به نفسك، بعد أن يبين
أن الواجب عليك العشر أو نصفه، وهذا بينك وبين ربك.
طالب:. . . . . . . . .
يقول: "والناس مصدقون في ذلك، ويقبل منهم في ذلك ما دفعوا"
الأمانة يعني، أنت مؤتمن عليها، ديانة هذه، هذه بينك وبين
ربك، ما دام ما تخرص ولا تكال في وقتها إذاً هذا راجع إليك
على كلام الإمام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
معروف إيه إذا اشتد.
طالب:. . . . . . . . .
يعني بعد بدو صلاحه، وبعد أمن العاهة؟
طالب:. . . . . . . . .
حتى لو تبي تبيعه وحده قبل بدو الصلاح بشرط القطع الأمر ما
فيه إشكال، لكن حق المساكين لا بد من حفظه، ولا بد من
الاهتمام له والاحتياط.
يقول: "سئل مالك متى يخرج من الزيتون العشر أو نصفه أقبل
النفقة أم بعدها؟ فقال: لا ينظر إلى النفقة، ولكن يسأل عنه
أهله كما يسأل أهل الطعام عن الطعام" يعني كما يسأل أهل
الحنطة والشعير "ويصدقون بما قالوا فيه، فمن رفع من زيتونه
خمسة أوسق فصاعداً أخذ من زيته العشر بعد أن يعصر".
(55/25)
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم، الكلام في الزيتون هو الذي يكال، ويعلق به
النصاب، والزكاة من زيته، ويرد عليه ما تقدم أنه قد يستعمل
ويؤكل قبل أن يصل إلى مرحلة العصر "ومن لم يرفع من زيتونه
خمسة أوسق لم تجب عليه في زيته الزكاة" لنقصه عن النصاب؛
لأنه هل يتصور أن الزيت يمكن أن يكون أكثر من الأصل؟ ما
يتصور، فإذا نقص الأصل نقص الفرع من باب أولى.
"قال مالك: ومن باع زرعه وقد صلح ويبس في أكمامه فعليه
زكاته، وليس على الذي اشتراه زكاة" لأن الوجوب إنما كان
بطيب الثمرة، ومن باعه بعد ذلك فقد باع نصيب المساكين،
عليه الزكاة، لكن لو باعه قبل طيبه، وقبل اكتمال نموه
فزكاته على المشتري "ولا يصلح بيع الزرع حتى ييبس في
أكمامه" الآن التمر إذا احمر أو اصفر وأمن العاهة وبدا
صلاحه يجوز بيعه، يجوز بيعه، فإذا باعه زكاته على من؟ طيب
عندنا عنب تموه حلواً، أو تمر بدا صلاحه، بلح يعني، لوّن
صار أصفر وإلا أحمر، الآن حق المساكين فيه بعد أن يصير
تمراً، هو باعه قبل أن يصير تمراً، هل نقول: اترك العشر من
هذا لا تبع حتى يصير تمراً فتدفعه إلى المساكين؟
طالب: يخرص.
يخرص لكن وبعدين؟
طالب:. . . . . . . . .
ويترك؟ نصيب المساكين يترك حتى يصير تمراً؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو يقول: ما أنا بجاذه، أنا با أبيعه الآن، فرصة با
أبيع البستان كله.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
وقت البيع؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن الزكاة متعلقة الآن بذمة المشتري وإلا بذمة البائع؟
الآن هو لو باعه، شوف الإمام مالك إشارته دقيقة -رحمه
الله-، يقول: "ومن باع زرعه وقد صلح ويبس في أكمامه فعليه
زكاته" طيب مفهوم قوله: "وقد صلح ويبس في أكمامه" أنه لو
باعه قبل ذلك زكاته على من؟ كلام الإمام جملة جملة، قال
مالك: "ومن باع زرعه وقد صلح ويبس في أكمامه فعليه زكاته،
وليس على الذي اشتراه زكاة" لأنه باع بعد أن صلح وانتهى
ويبس وصلح لأن يجذ، ويعطى المساكين في وقته، الآن لو باعه
جملة قلنا: باع نصيب المساكين، لكن باعه قبل أن ييبس في
أكمامه، فنقول: زكاته على المشتري وإلا على البائع؟
طالب:. . . . . . . . .
(55/26)
مفهوم كلامه ترى، دعونا مع كلام الإمام؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب الزرع قبل أن يشتد، يعني بدا اشتداده، وقبل أن يكتمل
اشتداد، يعني بدا صلاحه، وأهل العلم يقولون: إذا صلح جزء
من الثمرة جاز بيعها، يعني لو نخلها في البستان بدا صلاحها
انتهى الإشكال، أمنا العاهة، ففي هذه الحالة من باع زرعه
وقد صلح ويبس في أكمامه فعليه زكاته، وليس على الذي اشتراه
زكاة.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
صلح، خلاص، وين؟
طالب:. . . . . . . . .
"ولا يصلح بيع الزرع حتى ييبس في أكمامه" الإمام كأنه يمنع
أن يباع حتى ييبس، يعني ما يكفي أن يبدو صلاحه، فلا يباع
لئلا يضيع حق .. ، هذا فيه ضمان لحق المساكين.
طالب:. . . . . . . . .
لكن الكلام على الحكم الشرعي إذا ...
طالب:. . . . . . . . .
"ويستغني عن الماء".
"قال مالك في قول الله تعالى: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ
حَصَادِهِ} [(141) سورة الأنعام] إن ذلك الزكاة، وقد سمعت
من يقول ذلك".
طالب: اللي بعده يا شيخ.
لاحظ خلنا ما زلنا في هذا.
طالب: اللي بعده هو.
إذا لم يبدُ لا يجوز بيعه، إذا لم يبدُ صلاحه.
طالب: لم يبدُ فزكاة ذلك على المبتاع.
لكن الآن هو لا يجوز بيعه قبل بدو صلاحه إلا تبعاً للأرض،
أو تبع للشجر، أو بشرط القطع.
خلونا نرجع إلى الكلام الأول: "ولا يصلح بيع الزرع حتى
ييبس في أكمامه، ويستغني عن الماء" وحينئذٍ يجوز بيعه على
ما أفاده، لماذا لا يصلح بيعه قبل أن ييبس؟ ليضمن حق
المساكين.
"قال مالك في قول الله تعالى: {وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ
حَصَادِهِ} [(141) سورة الأنعام] إن ذلك الزكاة، وقد سمعت
من يقول ذلك" وبهذا قال ابن عباس وجماعة.
نعود.
(55/27)
"قال مالك: ومن باع أصل حائطه" باع أصل
الحائط، إما الأشجار بأرضها، أو الأشجار فقط بثمرتها "باع
أصل الحائط أو أرضه" أرض الحائط "وفي ذلك زرع أو ثمر لم
يبد صلاحه فزكاة ذلك على المبتاع" الذي هو إيش؟ المشتري
"وإن كان قد طاب وحل بيعه فزكاة ذلك على البائع إلا أن
يشترطها على المبتاع" يقول: "ومن باع أصل حائطه" أصل الشجر
بثمرتها، أو باع الأرض التي فيها الشجر "وفي ذلك زرع أو
ثمر لم يبد صلاحه فزكاة ذلك على المبتاع" لأنه إذا بدا
صلاحه فالزكاة على البائع، وإن كان قد طاب وحل بيعه فزكاة
ذلك على البائع إلا أن يشترطها على المبتاع، واضح وإلا ما
هو بواضح؟
طيب النماء نماء المبيع، أو إذا باع عبداً له مال، فماله
... ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
"إلا أن يشترطها المبتاع" كما عندنا.
"وإن كان قد طاب وحل بيعه فزكاة ذلك على البائع إلا أن
يشترطها على المبتاع" ويش صارت المسألة فيما ذكره الإمام؟
نحن نريد ضمان حق المساكين بما لا يضر بأرباب الأموال،
باعه قبل أن يصلح للأكل، باعه تمر، يجوز بيعه اتفاقاً،
باعه عنب يجوز بيعه اتفاقاً، لكن الآن لا يصلح تسليمه
للمسكين، باعتبار أن حق المساكين متعلق به تمر جاف، أو
متعلق به زبيب جاف، هل نقول: ينتظر نصيب المساكين حتى يجذ؟
يعني افترضنا أن المشتري يقول: أنا ما أنا بمنتظر الجذاذ،
أنا با أبيعه رطب، أو أبيع عنب، ماذا عن حق المساكين؟
معروف الإمام لا يصحح، لكن الدليل على أنه يصح إذا بدا
صلاحه جاز بيعه.
طالب:. . . . . . . . .
طيب غيره، على رأي غيره الذي يجيز البيع، ماذا يصنع
البائع؟
طالب:. . . . . . . . .
حتى ييبس في أكمامه ما يجوز "ولا يصلح بيع الزرع حتى ييبس
في أكمامه" طيب والزرع الحبوب ويش اللي يضره؟
طالب:. . . . . . . . .
مع كلامه في الزرع نعم، لكن حتى ييبس، يعني ما يجوز بيعه
حتى ييبس؟
طالب:. . . . . . . . .
وعند غيره؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا كلامنا يا أخي.
طالب:. . . . . . . . .
(55/28)
ما يلزم، خلنا في الزروع الآن، الآن الفرق
بين رأي الإمام مالك ورأي غيره، خلونا على رأي غير مالك
الزكاة متى تطلع قبل أن ييبس؟ إحنا عرفنا الإمام مالك لا
يجوز بيعه حتى ييبس ضماناً لحق المساكين، طيب عند غيره
الذي يجوز بيعه قبل أن ييبس في أكمامه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل يجوز للبائع أن يشترط على المبتاع أن يدفع الزكاة
من نفسه؟ من نصيبه؟ يقول: أنا بعت عليك، وعليك زكاته، حتى
المشتري يبي يبيع قبل أن يتم، وكل شيء يخرص؟ ما في شيء
يخرص إلا التمر والعنب، الزروع ما تخرص، لماذا؟ لأنها غير
ظاهرة للعيان، لا تظهر للعيان فخرصها ظن، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا شك أنه لا ضرر ولا ضرار، فإذا مثل التمر بيع قبل وقت
إحراز حق المساكين بالجذاذ، أو العنب قبل أن يصير زبيباً
لا بد أن يضمن حق المساكين، يعني نظير ما قالوا في
الأضحية، يجب أن يخرج منها ما يطلق عليه لحم للمساكين
{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [(36) سورة الحج].
يقول: "فإن أكلها كلها ضمنها" ضمن حق المساكين، فإذا تصرف
في هذا المال لا بد أن يضمن حق المسكين.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الأصل أن المال يزكى من عينه، المال ارتباط الزكاة بنفس
المال، لكن إذا رأى أن مصلحة المسكين في قيمته فمعاذ -رضي
الله تعالى عنه- أخذ القيمة وأخذ أيضاً ائتوني بإيش؟ "بعرض
ثياب ونحوه" يقول: "فإنه أنفع لأصحاب محمد -عليه الصلاة
والسلام-".
سم.
أحسن الله إليك.
باب ما لا زكاة فيه من الثمار:
قال مالك -رحمه الله تعالى-: إن الرجل إذا كان له ما يجد
منه أربعة أوسق من التمر.
يجدُّ.
(55/29)
قال مالك -رحمه الله تعالى-: إن الرجل إذا
كان له ما يجدُّ منه أربعة أوسق من التمر، وما يقطف منه
أربعة أوسق من الزبيب، وما يحصد منه أربعة أوسق من الحنطة،
وما يحصد منه أربعة أوسق من القطنية إنه لا يجمع عليه بعض
ذلك إلى بعض، وإنه ليس عليه في شيء من ذلك زكاة حتى يكون
في الصنف الواحد من التمر أو في الزبيب أو في الحنطة أو في
القطنية ما يبلغ الصنف الواحد منه خمسة أوسق بصاع النبي
-صلى الله عليه وسلم-، كما قال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: ((ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة)).
وإن كان في الصنف الواحد من تلك الأصناف ما يبلغ خمسة أوسق
ففيه الزكاة، فإن لم يبلغ خمسة أوسق فلا زكاة فيه.
وتفسير ذلك: أن يجذ الرجل من التمر خمسة أوسق، وإن اختلفت
أسماؤه وألوانه، فإنه يجمع بعضه إلى بعض ثم يؤخذ من ذلك
الزكاة، فإن لم يبلغ ذلك فلا زكاة فيه، وكذلك الحنطة كلها
السمراء والبيضاء والشعير والسلت كل ذلك صنف واحد، فإذا
حصد الرجل من ذلك خمسة أوسق جمع ...
من ذلك كله.
أحسن الله إليك.
فإذا حصد الرجل من ذلك كله خمسة أوسق جمع عليه بعض ذلك إلى
بعض، ووجبت فيه الزكاة، فإن لم يبلغ ذلك فلا زكاة فيه،
وكذلك الزبيب كله أسوده وأحمره فإذا قطف الرجل منه خمسة
أوسق وجبت فيه الزكاة، فإن لم يبلغ ذلك فلا زكاة فيه.
وكذلك القطنية: هي صنف واحد مثل الحنطة والتمر والزبيب،
وإن اختلفت أسماؤها وألوانها، والقطنية الحمص والعدس
واللوبيا والجلبان، وكل ما ثبت عند الناس أنه قطنية، فإذا
حصد الرجل من ذلك خمسة أوسق بالصاع الأول صاع النبي -صلى
الله عليه وسلم-، وإن كان من أصناف القطنية كلها، ليس من
صنف واحد من القطنية فإنه يجمع ذلك بعضه إلى بعض، وعليه
فيه الزكاة.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: "وقد فرق عمر بن الخطاب -رضي
الله تعالى عنه- بين القطنية والحنطة فيما أخذ من النبط،
ورأى أن القطنية كلها صنف واحد، فأخذ منها العشر، وأخذ من
الحنطة والزبيب نصف العشر.
(55/30)
قال مالك -رحمه الله تعالى-: فإن قال قائل:
كيف يجمع القطنية بعضها إلى بعض في الزكاة حتى تكون صدقتها
واحدة، والرجل يأخذ منها اثنين بواحد يداً بيد، ولا يؤخذ
من الحنطة اثنان بواحد يداً بيد؟ قيل له: فإن الذهب والورق
يجمعان في الصدقة، وقد يؤخذ بالدينار أضعافه في العدد من
الورق يداً بيد.
قال مالك -رحمه الله تعالى- في النخيل يكون بين الرجلين
فيجذان منها ثمانية أوسق من التمر: إنه لا صدقة عليهما
فيها، وإنه إن كان لأحدهما منها ما يجذ منه خمسة أوسق،
وللآخر ...
(55/31)
شرح: الموطأ –
كتاب الزكاة (8)
باب ما لا زكاة فيه من الثمار - باب ما لا زكاة فيه من
الفواكه والقضب والبقول - باب ما جاء في صدقة الرقيق
والخيل والعسل - باب جزية أهل الكتاب والمجوس
الشيخ: عبد الكريم الخضير
وإنه إن كان لأحدهما منها ما يجذ منه خمسة أوسق، وللآخر ما
يجذ أربعة أوسق أو أقل من ذلك في أرض واحدة كانت الصدقة
على صاحب الخمسة الأوسق، وليس على الذي جذ أربعة أوسق أو
أقل منها صدقة.
وكذلك العمل في الشركاء كلهم في كل زرع من الحبوب كلها
يحصد، أو النخل يجد، أو الكرم يقطف، فإنه إذا كان كل رجل
منهم يجد من التمر، أو يقطف من الزبيب خمسة أوسق أو يحصد
من الحنطة خمسة أوسق فعليه فيه الزكاة، ومن كان حقه أقل من
خمسة أوسق فلا صدقة عليه، وإنما تجب الصدقة على من بلغ
جداده أو قطافه أو حصاده خمسة أوسق.
قال مالك –رحمه الله تعالى-: السنة عندنا أن كل ما أخرجت
زكاته من هذه الأصناف كلها الحنطة والتمر والزبيب والحبوب
كلها، ثم أمسكه صاحبه بعد أن أدى صدقته سنين، ثم باعه أنه
ليس عليه في ثمنه زكاة حتى يحول على ثمنه الحول من يوم
باعه إذا كان أصل تلك الأصناف من فائدة أو غيرها، وأنه لم
يكن للتجارة، وإنما ذلك بمنزلة الطعام والحبوب والعروض
يفيدها الرجل ثم يمسكها سنين، ثم يبيعها بذهب أو ورق، فلا
يكون عليه في ثمنها زكاة حتى يحول عليها الحول من يوم
باعها، فإن كان أصل تلك العروض للتجارة فعلى صاحبها فيها
الزكاة حين يبيعها إذا كان قد حبسها سنة من يوم زكى المال
الذي ابتاعها به.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما لا زكاة فيه من الثمار:
"قال مالك: إن الرجل إذا كان له ما يجد منه أربعة أوسق من
التمر، وما يقطف" يجذ بالذال والدال بالإعجام والإهمال،
يقطع ويصرم كما في القاموس.
(56/1)
"وما يقطف منه أربعة أوسق" يقطف يقطع
"أربعة أوسق من الزبيب، وما يحصد منه أربعة أوسق من
الحنطة، وما يحصد منه أربعة أوسق من القَطنية -أو
القُطنية- إنه لا يجمع عليه بعض ذلك إلى بعض" يعني لا يجمع
التمر إلى الزبيب، ولا تجمع الحبوب إلى القطاني؛ لأن هذه
أصناف متباينة، والانتفاع بها مختلف، ليست متقاربة يجمع
بعضها إلى بعض، فإذا كان عنده أربعة أوسق من كل نوع من
الأنواع الأربعة فإنه لا زكاة عليه، ولا زكاة في شيء من
هذه الأصناف حتى يتم النصاب، وهو خمسة أوسق.
القطنية: اسم جامع للحبوب التي إيش؟ يقول: تطبخ مثل العدس
والباقلا واللوبيا والحمص والأرز والسمسم، وليس القمح
والشعير من القطاني، هو لما ذكر الأنواع العدس والباقلا في
ما سبق واللوبيا على أساس أنها حبوب.
"قال مالك: والحبوب التي فيها الزكاة الحنطة والشعير
والسلت والذرة والدخن والأرز والعدس والجلبان واللوبيا
والجلجلان" يعني حبوب اسم عام يشمل ما اختص باسم الحبوب،
وما اختص باسم غير الحبوب اللي
هو القطنيات، ولذلك أدخلها في الحبوب وأفردها هنا في
القطنية، وإن كان من أصناف القطنية، وقال: والقطنية الحمص
والعدس واللوبيا والجلبان، فذكرها في البابين، والجامع
لهذه الأمور كونها مما تجب فيه الزكاة، وإلا حصل فيه مزج
وخلط في الباب الأول وفي الباب الثاني عند الإمام -رحمه
الله تعالى-، فسماها حبوب في الباب الأول، وسماها قطنيات
في الباب الثاني، صح وإلا لا؟ سماها حبوب، عطفها على الأرز
والحنطة والشعير والسلت والدخن عطفها عليها باعتبارها
حبوب، وأفردها هنا باسم خاص، قال: "ما لا زكاة فيه من
الثمار" ويقصد بذلك ما لا يبلغ النصاب، هو لا يقصد الجنس،
نعم؟
في المصباح يقول: القطنية اسم جامع للحبوب التي تطبخ مثل
العدس والباقلا واللوبيا والحمص والأرز والسمسم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا الأرز ليس بقطني، هذا كلام صاحب المصباح.
ثم قال: "وليس القمح والشعير من القطاني" وراه ما يطبخ؟
طالب:. . . . . . . . .
إجماعاً تطبخ، تقرض قرض أجل، والله ما أدري، هو الأصل لو
لم يستثنها لقلنا: داخلة؛ لأنها حبوب وتطبخ، لكن استثنى،
وليس القمح والشعير من القطاني، استثنوا هذا.
(56/2)
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو يقول: الأرز يطبخ كما هو، ما يطحن ويعجن ويخبز.
طالب:. . . . . . . . .
والحنطة؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال المسألة كلها اصطلاحية، ها يا محمد؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا يبست صارت أصعب من غيرها.
على كل حال المسألة سهلة يعني، المقصود في قوله: "باب ما
لا زكاة فيه من الثمار" لا يقصد بذلك الأجناس، وإنما يقصد
بذلك ما لا يبلغ النصاب.
قال: "إن الرجل إذا كان له ما يجذ منه أربعة أوسق من
التمر، وما يقطف منه أربعة أوسق من الزبيب، وما يحصد منه
أربعة أوسق من الحنطة، وما يحصد منه أربعة أوسق من القطنية
إنه لا يجمع بعض ذلك إلى بعض" لاختلاف الأجناس، السبب في
هذا اختلاف الأجناس "وإنه ليس عليه في شيء من ذلك زكاة"
يعني لو كان عنده ستة عشر وسق من هذه الأمور مجتمعة، كل
واحد أربع، ما عليه زكاة "حتى يكون في الصنف الواحد من
التمر أو في الزبيب أو في الحنطة أو في القطنية ما يبلغ
الصنف الواحد منه خمسة أوسق" ستين صاعاً "بصاع النبي -صلى
الله عليه وسلم-" لأنها أصناف مختلفة المنافع، متباينة
الأغراض فلا يضاف بعضها إلى بعض "كما قال رسول الله -صلى
الله عليه وسلم-: ((ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر
صدقة)) ".
(56/3)
"وإن كان في الصنف الواحد من تلك الأصناف
على اختلاف أنواعها -في الصنف الواحد- على اختلاف أنواعها،
ما يبلغ خمسة أوسق ففيه الزكاة، فإن لم يبلغ خمسة أوسق فلا
زكاة فيه، وتفسير ذلك: أن يجذ الرجل -يقطع الرجل- من التمر
خمسة أوسق، وإن اختلفت أسماؤه وألوانه فإنه يجمع بعضه إلى
بعض" عنده خمسة أوسق من التمر، وسق من الجيد باسم خاص،
والثاني مما دونه باسم خاص، هذا برني، هذا صيحاني، هذا
سكري، هذا برحي، المقصود أنها من المجموع، إذا اجتمع عنده
من مجموع الألوان والأصناف، إذا اجتمع عنده خمسة أوسق وجبت
الزكاة، ما نقول: ينظر إلى هذا الصنف بمفرده مثل ما قال
قبل؛ لأن تلك أجناس وهذه أصناف من جنس واحد، الجنس واحد،
التمر جنس واحد، لكنه أنواع وأصناف، وإن اختلفت أسماؤه
وألوانه فإنه يجمع بعضه إلى بعض؛ لأن مسماه واحد "ثم يؤخذ
من ذلك الزكاة، فإن لم يبلغ ذلك فلا زكاة فيه" لنقصه عن
النصاب "وكذلك الحنطة كلها السمراء والبيضاء والشعير
والسلت كل ذلك صنف واحد" يعني جعل الحنطة والشعير صنف
واحد، يعني لتقارب منافعها كما قال، صنف واحد، فيجمع البر
إلى الشعير، الآن يجري الربا بين البر والشعير، الآن لو
أردنا أن نظيف تمر إلى بر ممكن؟ لا، لماذا؟ اختلف، اختلف
الجنس وإلا الصنف؟ الجنس، طيب أراد أن يجمع بين البر
والشعير يجمع لماذا؟ لأن الجنس واحد وان اختلف الصنف،
بيورد إشكال، بعدين يقول: فإن قال قائل: كيف يجمع بين كذا
وكذا وهو لا يجوز أخذ الصاع بصاعين وهكذا؟ أو يجوز، على
الإيرادين.
(56/4)
"فإذا حصد الرجل من ذلك خمسة أوسق جمع عليه
بعض ذلك إلى بعض، ووجبت فيه الزكاة، فإن لم يبلغ ذلك فلا
زكاة فيه" عنده خمسون صاعاً من الشعير، وخمسون صاعاً من
الذرة، وخمسون صاعاً من .. ، أو مائة أو مائتين من القمح،
المقصود أن المجموع يكمل نصاب، يضم بعضه إلى بعض، يعني
نظير ما يقال في الذهب والفضة، يكمل بعضها بعضاً؛ لأن
أغراضها واحدة، من هذه الحيثية نضرب، يورد إشكال ويجيب عنه
"فإن لم يبلغ ذلك فلا زكاة فيه" القول بأن هذه الأصناف
الداخلة تحت جنس واحد؛ لأن هناك الجنس والصنف والنوع
والضرب في ألفاظ متقاربة، لكن بينها عموم وخصوص، الأعم
الجنس، ثم الصنف، ثم النوع، ثم الضرب على خلاف بينهم في
ترتيبها، المقصود أن الجنس هو الأعم، بما قاله الإمام في
ضم هذه الأنواع الداخلة تحت جنس واحد، قال الحسن وطاوس
والزهري وعكرمة، وقال الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي
وأحمد وأبو ثور: لا تضم كل حبة عرفت باسم منفرد دون
صاحبها، وهي خلافه في الخلطة والطعم، يعني ما تستطيع أن
تأتي بكيس ذرة، وكيس شعير، وكيس حنطة وتخلطهما معاً، تخلط
الثلاثة معاً وتخرج طعام واحد كل حبة عرفت باسم منفرد لا
تضاف إلى غيرها، الشعير يحتاج إلى نصاب، الحنطة تحتاج إلى
نصاب، الذرة تحتاج إلى نصاب .. إلى آخره، هذه لا يضاف
بعضها إلى بعض عند الأئمة الثلاثة.
الشافعي وأحمد قد يتصور الخلاف بينهما مع الإمام مالك؛
لأننا إذا قلنا: مائة صاع شعير، ومائة صاع حنطة، ومائة صاع
ذرة، عند مالك تجب فيها الزكاة وإلا ما تجب؟ تجب؛ لأنا
بنضيف بعضها إلى بعض، وهي نصاب، لكن عند الشافعي وأحمد لا
تجب، عند أبي حنيفة تجب وإلا ما تجب؟ تجب، لماذا؟ لأنه
يضيف بعضها إلى بعض كمالك؟ لا، لماذا؟ لا يشترط النصاب
((فيما سقت السماء العشر)) يعمل بعموم هذا، فكونه لا يرى
النصاب في هذا، فيتفق مع مالك، لكن لا من حيث المأخذ إنما
في المآل يتفق معه، ولذا قال الباجي: ولا يتجه بيننا وبين
أبي حنيفة اختلاف في الحكم؛ لأنه لا يراعي النصاب في
الحبوب كلها، فيزكي القليل والكثير منها.
(56/5)
قال: ورأي مالك ومن وافقه أنها متقاربة
المنافع مثل الذهب الجيد والرديء والضأن والماعز والبخت
والعراب، فمنافع القمح والعشير والسلت متقاربة، ولا ينفك
بعضها من بعض في المنبت والمحصد، يعني جعل العشير مع الذرة
مع القمح أنواع تحت جنس واحد، فيضم بعضها إلى بعض كما يضم
الماعز إلى الضأن، وكما تضم البخاتي إلى العراب، وكما تضم
الجواميس إلى البقر وهكذا، وعرفنا كيف يتفق أبو حنيفة مع
مالك من جهة، ومع الشافعي وأحمد من جهة.
"وكذلك الزبيب كله أسوده وأحمره" يعني يضم بعضه إلى بعض
"فإذا قطف الرجل منه خمسة أوسق وجبت فيه الزكاة، فإن لم
يبلغ ذلك فلا زكاة فيه" يعني لنقصه عن النصاب "وكذلك
القطنية هي صنف واحد" يعني بإمكانك أن تضم العدس إلى
اللوبيا، الحمص إلى السمسم، نعم.
"وكذلك القطنية وهي صنف واحد يضم بعضها إلى بعض" مثل
الحنطة كلها والتمر والزبيب، كل واحد منها صنف، وإن اختلفت
أسماؤها وألوانها؛ لأنه سبق أن أشار إلى أن التمر جنس
واحد، وإن اختلفت أسماؤه وألوانه.
"والقطنية الحمص والعدس واللوبيا والجلبان، وكل ما ثبت
معرفته عند الناس أنه قطنية فإذا حصد الرجل من ذلك خمسة
أوسق بالصاع الأول صاع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإن
كان المحصود من أصناف القطنية كلها، ليس من صنف واحد من
القطنية فإنه يجمع بعض ذلك إلى بعض، وعليه فيه الزكاة؛
لتقارب منافعها" يعني كما قال في الحبوب، في القمح والشعير
والذرة والدخن وغيرها.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني إذا قلنا: ثلاثمائة صاع، والصاع متوسط ما قيل فيه:
كيلوين ونصف، سبعمائة وخمسين كيلو.
"قال مالك: وقد فرق عمر بن الخطاب بين القطنية والحنطة
فيما أخذ من النبط" التجار الذين يريدون ببضائعهم إلى
المدينة، فرق بينها "ورأى أن القطنية كلها صنف واحد، فأخذ
منها العشر، وأخذ من الحنطة والزبيب نصف العشر" لماذا أخذ
من القطنيات العشر، وأخذ من الحنطة والزبيب نصف العشر؟
سياسة.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو ما نظر -رضي الله عنه- إلى مشقتهم عليه، هو يجب
عليهم مثل هذا، والأصل أن يؤخذ العشر في الجميع، لكن لماذا
أخذ من القطنيات العشر، ومن الحنطة والزبيب نصف العشر؟
(56/6)
طالب: لوجوده يعني.
وجود إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا له سياسة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يلزم منها زكاة، المقصود أنه، لا، هي ليست زكاة، لكن
المقصود من هذا التفريق بين هذا وهذا، لكن أنا أنظر إلى
أبعد من ذلك، أقول: ما وجه تفريق عمر بين هذا وهذا؟
طالب:. . . . . . . . .
أيهم؟
طالب:. . . . . . . . .
تشجيع لإيش؟ للقطنيات وإلا .. ؟ هي المسألة مسألة جلب
للمدينة، فهو أخذ من القطنيات نسبة أعلى، وأخذ من الحبوب
التي يحتاج إليها نسبة أنزل؛ ليشجع، يعني القطنيات
كماليات، وهذه ضروريات، فأراد أن يشجع جلب الضروريات التي
يحتاج إليها الناس، فخفف في المأخوذ، وأما بالنسبة
للكماليات الذي بيشتري كماليات قادر، ولو ارتفعت أقيامها؛
لأنه تبعاً لما يؤخذ منها ترتفع أقيامها، أنت انظر إلى
الجمرك مثلاً لما تكون الحوائج الضرورية -الأمور الضرورية-
يخفف عنها الجمرك ترخص على الناس تبعاً لذلك، لما يزاد في
الجمرك ترتفع على الناس، فعمر بن الخطاب -رضي الله تعالى
عنه- خفف من أجل أن يطمعون في جلب المزيد من هذا النوع،
وأما بالنسبة للكماليات ما يلزم أن يتوسع الناس في
الكماليات، والذي يريد كماليات يتحمل، لكن هل نقول: إن مثل
هذا الذي أخذه عمر مثل الجمارك؟ نعم؟ لا، يختلف، يختلف عن
الجمارك، المقصود أن هذه وجهة نظره -رضي الله تعالى عنه-
لما كانت الحنطة والزبيب الناس بحاجته، ضرورة، فأخذ منه
نصف العشر تشجيعاً وترغيباً لهم في جلب هذه الأمور
الضرورية إلى المدينة، أما القطنيات باعتبارها كماليات
الله يعينهم.
"قال مالك: فإن قال قائل: كيف يجمع" وقد فرق عمر ...
طالب:. . . . . . . . .
مالك، وقد فرق عمر، مالك صاحب التحري والتثبت.
طالب:. . . . . . . . .
عند مالك ثابت؛ لأنه جزم به.
طالب:. . . . . . . . .
كلها، كلها يجب فيها العشر، لكن أليس للإمام أن يجتهد فيما
يصلح أمر الناس؟
طالب:. . . . . . . . .
(56/7)
إيه غير غير، عمر خليفة راشد، وعلينا
بسنته، وما دام .. ، لأن هذه الأمور التي تقبل الزيادة
والنقص تبعاً للظروف أحياناً هناك ضرورات، وأحياناً هناك
حاجيات، وأحياناً ظروف الوقت يختلف من زمن إلى زمن، حتى
الحد، حد السرقة إذا كان هناك مجاعة وإلا ضرورة يخفف فيه،
فعمر -رضي الله تعالى عنه- اجتهد في أن يكثر الناس من جلب
هذه الضروريات فرغب فيه، مثلما اجتهد معاوية وغيره، لكن
اجتهاد عمر ملزم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: هذا رأي الإمام مالك، أما رأي غيره من الأئمة
الثلاثة لا يضم هذا إلى هذا.
ترى باق طويل على الفصل والساعة قدامنا الآن.
"قال مالك: فإن قال قائل: كيف يجمع القطنية بعضها إلى بعض
في الزكاة حتى تكون صدقتها واحدة والرجل يأخذ منها اثنين
بواحد يداً بيد" وما دام يأخذ منها اثنين بواحد دل على أن
أجناسها مختلفة، يعني يشتري اثنين، يعني بإمكانه أن يأخذ
كيلوين من العدس بكيلو واحد من الباقلا.
يقول: "فإن قال قائل: كيف يجمع القطنية بعضها إلى بعض في
الزكاة حتى تكون صدقتها واحدة والرجل يأخذ" يعني يشتري
منها، من هذه القطاني "اثنين بواحد يداً بيد" نعم يشتري
عشرة كيلو من اللوبيا بخمسة من العدس مثلاً، يعني هل هناك
تلازم بين جريان الربا بينها، وبين ضمها إلى بعضها إلى
بعض؟
هو الإشكال وجهه أنها ما دام ما يجري فيها ربا الفضل فهي
أجناس، الآن تأخذ كيلوين تمر بكيلو بر، هذا جنس وهذا جنس،
فهل يضم هذا إلى هذا كما نضم اللوبيا إلى العدس؟ الإشكال
أجاب عنه، يعني تنظير القطنيات بالذهب والفضة، يعني ضم هذا
إلى هذا، وإن كنت تأخذ دينار بعشرة دراهم، يعني ضعف الوزن،
أو أضعاف وزن هذا بهذا، لكن على أن تكون يداً بيد.
"ولا يؤخذ من الحنطة اثنان بواحد يداً بيد؟ قيل له في
الجواب" يعني لا تلازم بين البابين، "فإن الذهب والورق
يجمعان في الصدقة، وقد يؤخذ بالدينار أضعافه في العدد من
الورق يداً بيد" فليست المسألة مبنية على تحريم التفاضل
كالذهب والفضة مثلاً يجوز التفاضل ويضم بعضه إلى بعض.
طالب:. . . . . . . . .
(56/8)
لا، هو الآن، شوف ((إذا اختلفت الأجناس
فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يداً بيد)) فلما جاز ربا الفضل
عرفنا أن الجنس مختلف، اختلف الجنس، وما دام الجنس مختلف
فلتكن اللوبيا النسبة للعدس مثل التمر مع الزبيب، أو مثل
التمر مع الحنطة، يضم هذا إلى هذا؟ اختلف الجنس، لا يضم،
إذاً لا يضم هذا لأنه اختلف الجنس بدليل جريان ربا الفضل.
الإمام مالك من جهة أخرى يقول: لا تلازم بين البابين
باعتبار أن النقدين يضم بعضهما إلى بعض، ولا يجري فيهما
ربا الفضل، يعني تأخذ دينار بعشرة دراهم بالوزن؛ لأن هذه
موزونات، تزن دينار وعشرة دراهم يكون هذا خمسة أضعاف
مثلاً، ولا يضر.
"قال مالك في النخيل يكون بين الرجلين فيجذان منها ثمانية
أوسق من التمر: إنه لا صدقة عليهما فيها" لنقص النصاب؛ لأن
كل واحد له أربعة، وليس عند كل واحد منهما نصاب "وإنه إن
كان لأحدهما منها ما يجذ منه خمسة أوسق، وللآخر ما يجذ منه
أربعة أوسق أو أقل من ذلك في أرض واحدة كانت الصدقة على
صاحب الخمسة الأوسق؛ لبلوغ النصاب، وليس على الذي جذ أربعة
أوسق أو أقل منها صدقة؛ لأنه لم يملك نصاباً" يعني من شرط
الوجوب ملك النصاب "وكذلك العمل في الشركاء كلهم، في كل
زرع من الحبوب كلها يحصد" يعني الآن شركة بالنسبة، المواشي
تؤثر فيها الخلطة التي هي أقل من الشركة، صح وإلا لا؟ تؤثر
فيها الخلطة هذا الباب لا تؤثر فيه الشركة، فضلاً عن
الخلطة.
"أو النخل يجذ أو الكرم يقطف زبيبه، فإنه إذا كان كل رجل
منهم يجد من التمر أو يقطف من الزبيب خمسة أوسق أو يحصد من
الحنطة ونحوه خمسة أوسق فعليه فيه الزكاة، ومن كان حقه أقل
من خمسة أوسق فلا صدقة عليه، وإنما تجب الصدقة على من بلغ
جداده أو قطافه أو حصاده خمسة أوسق" فالمعتبر هنا ملك كل
رجل على جهة الاستقلال، كل ملك مستقل، وبهذا قال الكوفيون
وأحمد وأبو ثور، وحجتهم: ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة))
لكن الكوفيون يمثلهم أهل الرأي عموماً، الحنفية وغيرهم،
فهل يقولون بهذا أو يقولون بالإطلاق؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
طالب:. . . . . . . . .
لكن ما يلزم من الكوفيون أن يدخل فيهم أبو حنيفة، ما يلزم؛
لأن الوصف عام.
(56/9)
وحجتهم: ((ليس فيما دون خمسة ... )) وقال
الشافعي: الزكاة في الزروع والذهب والورق والماشية يزكون
زكاة واحدة، حجته أن السلف كانوا يأخذون الزكاة من الحوائط
المشتركة، يعني لو قدرنا بستان فيه أكثر من نصاب، وهو لجمع
من الإخوة، هل السلف يسألون هل هو لشخص أو لأشخاص؟ الشافعي
يقول: ما أثر هذا، دل على أن الشركاء إذا بلغ مالهم مجموعه
النصاب فإن الزكاة تؤخذ منه.
"قال مالك: السنة عندنا أن كل ما أخرجت زكاته من هذه
الأصناف كلها الحنطة والتمر والزبيب والحبوب كلها، ثم
أمسكه صاحبه بعد أن أدى صدقته يوم حصاده سنين" أمسكه سنين،
أدى زكاته يوم حصاده، ثم ادخره، احتكره عنده سنين، نعود
إلى زكاة التجارة عنده، وأنه يفرق بين المال المدور والمال
المحتكر، إذا أمسكه سنين ويش يصير؟ زكاة واحدة، محتكر؛
لأنه لا يلزم أن تكرر الزكاة إلا إذا كان مدور عندهم "ثم
باعه أنه ليس عليه في ثمنه زكاة حتى يحول على ثمنه الحول
من يوم باعه" من يومَ باعه وإلا من يومِ؟
طالب:. . . . . . . . .
صدرها مبني، إذا أضيف الظرف إلى جملة صدرها مبني بنيت
كيومَ ولدته أمه، ولو كان صدرها معرب لأعرب وجر بالكسرة.
"إذا كان أصل تلك الأصناف من فائدة أو غيرها، وأنه لم يكن
للتجارة، وإنما ذلك بمنزلة الطعام والحبوب والعروض يفيدها
الرجل، ثم يمسكها سنين، ثم يبيعها بذهب أو ورق، فلا يكون
عليه في ثمنها زكاة، حتى يحول عليها الحول من يوم باعها"
وهذا إذا كانت للقنية "فإن كان أصل تلك العروض للتجارة
فعلى صاحبها فيها الزكاة حين يبيعها إذا كان قد حبسها سنة
من يوم زكى المال الذي ابتاعها به" إذا كان محتكراً سنة
واحدة، وإذا كان مديراً قومه كل بعد كل حول، ثم زكاه كما
في المدونة، وهو المعروف من مذهب مالك.
لكن إذا كان ينتظر بها ارتفاع السعر، وقد أرصدها للتجارة،
أليس المحتكر أولى بأن يعاقب من المدور؟ ... والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء
والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(56/10)
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء،
واغفر للسامعين يا ذا الجلال الإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما لا زكاة فيه من الفواكه
والقضب والبقول:
قال مالك -رحمه الله-: "السنة التي لا اختلاف فيها عندنا
والذي سمعت من أهل العلم أنه ليس في شيء من الفواكه كلها
صدقة: الرمان، والفرسك، والتين، وما أشبه ذلك وما لم يشبهه
إذا كان من الفواكه".
قال: ولا في القضب، ولا في البقول كلها صدقة، ولا في
أثمانها إذا بيعت صدقة حتى يحول على أثمانها الحول من يوم
بيعها، ويقبض صاحبها ثمنها.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما لا زكاة فيه من الفواكه والقضب والبقول:
الفواكه ما يتفكه به، بحيث لا يمكن ادخاره، يتفكه به في
آنه، ولا يقول قائل: إنه يمكن الآن الادخار بواسطة
الثلاجات التي تحفظه على مدى العام، يمكن ادخاره، الفاكهة
يمكن ادخارها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بالثلاجات؟ الأصل عدمها، فليست مما يدخر، الفواكه ليست مما
يدخر، والقضب في البارع ...
طالب:. . . . . . . . .
مهما كان، المقصود أن الأصل فيه ليس مما يدخر، ولا نعتبر
هذه الآلات الطارئة يضمن استمرارها والأحكام الشرعية مبنية
على الثبوت بحيث لا تتعرض في يوم من الأيام للنقض.
القبض كل نبت اقتضب فأكل طرياً، يشبه البرسيم، مثل الخس
أيضاً، وما شابهه.
البقول: يقول ابن فارس: كل نبات اخضرت به الأرض، وأبقلت
الأرض أنبتت البقل فهي مبقلة.
فلا مزنة ودقت ودقها ... ولا أرض أبقل إبقالها
{مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا
وَبَصَلِهَا} [(61) سورة البقرة] يعني العطف للمغايرة،
فالبقل غير ما ذكر، {مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا
وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا} [(61) سورة البقرة]
يعني هذه ليست من البقول؛ لأنها عطفت عليها، الأصل في
العطف أنه يقتضي المغايرة، لكن قد يعطف الخاص على العام
فيكون منه، وقد يكون العكس يعطف العام على الخاص.
(56/11)
"قال مالك: السنة التي لا اختلاف فيها
عندنا، والذي سمعت من أهل العلم أنه ليس في شيء من الفواكه
كلها صدقة" ليس في شيء من الفواكه كلها صدقة، قد يقول
قائل: التمر والعنب فواكه يتفكه بها بالمعنى الأعم،
فالعلماء ابن القيم وغيره يقررون أن التمر غذاء وفاكهة في
الوقت نفسه، والزبيب –العنب- ظاهر في كونه من الفاكهة، لكن
باعتباره يمكن ادخاره واقتياته، والفرسك قالوا: هو الخوخ،
الفرسك هو الخوخ، أو هو نوع منه أحمر، والتين، هذه كلها
فواكه، قد يقول قائل: التين لا فرق بينه وبين التمر
والزبيب في الادخار، لماذا لا تؤخذ منه الزكاة؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كلها مما يدخر؛ لأن التين واضح، مثل التمر سواءً بسواء، ما
يختلف، مثله، والإمام مالك يقول: "السنة التي لا اختلاف
فيها عندنا، والذي سمعت من أهل العلم أنه ليس في شيء من
الفواكه كلها صدقة" وتقدم كلامه في التمر والزبيب ثم مثل
للفواكه: الرمان، والفرسك، والتين "وما أشبه ذلك، وما لم
يشبهه من أنواع الفواكه" تفاح والبرتقال الموز، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مشابه، مطابق للتمر؛ لأنه يكبس ويدخر، التمر عاد النص ظاهر
فيه، لكن هل بالقياس يلحق التين وإلا ما يلحق؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا شك أن التين مشبه من وجوه، مشبه للتمر يدخر سنين، ما هو
بسنة واحدة، حتى لو قال قائل: إنه أصبر من التمر ما هو
بعيد.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو عاد التين الخلاف فيه قوي، بعض أهل العلم ذهب إلى أن
فيه الزكاة كالتمر سواءً بسواء.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن يمكن أنه في ذلك الوقت ما هم بيجففوه.
المقصود أن التين من قاسه على التمر فله وجه؛ لأنه مشبه
له، وكلام الإمام مالك في هذا واضح أنه ليس فيه زكاة،
كغيره من أنواع الفواكه "وما أشبه ذلك وما لم يشبهه"
كالتفاح والبرتقال والموز والقثاء والبطيخ وغيرها.
(56/12)
قال: "ولا في القضب" القضب قيل: إنه كل
نبات مقتضب فيؤكل طري، وكون الآلات الحافظة التي وجدت
تحتفظ بطراوتها لا يعني أنها تنقل الحكم؛ لأن التجفيف
والكبس ما يتأثر بتعطل الآلات، يعني الآن التمر والعنب
والتين إذا كبست وجففت تتأثر إذا طفئت الكهرب؟ نعم؟ ما
تتأثر، فحكمها ثابت، بينما هذه الأمور التي تحفظ بالحوافظ
التي يعتريها ما يعتريها هذا لا يتعلق بها حكم، باعتبار أن
غير الثوابت لا يرتبط بها الحكم الشرعي؛ لئلا يكون عرضة
للأخذ والرد.
"ولا في البقول كلها صدقة، ولا في أثمانها إذا بيعت صدقة
حتى يحول على أثمانها الحول من يوم بيعها، ويقبض صاحبها
ثمنها" لكن هل تعامل معاملة الخارج من الأرض، أو تعامل
معاملة عروض التجارة؟ ولا شك أن الزكاة في عروض التجارة
أخف منها في الخارج من الأرض، يعني أقل شيء الضعف، يعني في
عروض التجارة، في الخارج من الأرض إذا سقي بكلفة ومئونة
نصف العشر، وبدونها بدون كلفة ولا مئونة العشر كامل، وعروض
التجارة كالنقدين ربع العشر.
"ولا في أثمانها إذا بيعت" فدل على أنها تعامل معاملة عروض
التجارة "حتى يحول على أثمانها الحول من يوم بيعها" لأنه
لا زكاة في أعيانها، إنما الزكاة في أقيامها إذا بيعت،
فيستقر ملك الثمن بعد البيع، وحينئذٍ يحسب حوله من البيع،
ويقبض صاحبها ثمنها.
(56/13)
الآن هل هذا قيد معتبر؟ بمعنى أنه لو باعها
بنسيئة، ولم يقبض الثمن إلا بعد سنة متى يزكي؟ مباشرة وإلا
.. ؟ يعني إذا قبض؟ أو نقول: يحسب حول من بعد القبض؟ هذا
مقتضى كلامه -رحمه الله-، لو أراد أن يتحايل وقال: بدلاً
من أبيع الثمرة نقداً بمائة ألف أبيعها لمدة عشر سنوات،
ولا اقبض إلا على رأس عشر سنوات بخمسمائة ألف، كيف نتعامل
معه هذا؟ الدين الغير الحال ترى ما هو .. ، ما ينطبق عليه
الدين، الدين غير الحال المؤجل بأجل معلوم ما يعامل معاملة
أنه في ذمة مليء أو معسر، الكلام كله في الدين الحال، الذي
يمكن أخذه، فيكون في حكم المقبوض، لكن هذا دين مؤجل لمدة
عشر سنوات، هل نقول: إنه ما دام تحايل على إسقاط حقوق
الفقراء يعامل معاملة نقيض قصده؟ أو نقول: كلام الإمام
معتبر وهو القبض، إذا قبض يزكي، وينتظر به حتى يحول عليه
الحول، بدلاً من أن يزكيه كل سنة خلال العشر السنوات،
ينتظر يزكيه مرة واحدة على رأس السنة الحادية عشرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
معروف الفرار من الزكاة يعامل بنقيض قصده، لكن قال: أنا
أكسب، بدل ما هي مائة ألف أقبضها بعد حال الآن، وأنا ما لي
حاجة بدراهم، المعروف أن كلما زاد الأجل يزيد الثمن، الآن
الذين يدعون أنهم يتعاملون مع الناس برفق ولين، وينظرون
إلى مصالح الناس، والنسبة خمسة بالمائة، خمسة بالمائة خلال
عشر سنوات خمسين بالمائة، أو ثمانية بالمائة ثمانين
بالمائة، عشرة بالمائة مائة بالمائة، الضعف، هذا خلال عشر
سنوات، فالذي يريد أن يتحايل على الزكاة بهذه الطريقة لا
شك أنه يعامل بنقيض قصده، وإذا كان ليس من قصده التحايل،
وإنما قال: أنا لست بحاجة إلى هذه الدراهم، بل كونها عند
المدين أحفظ لها، يعني لو استلمت مائة ألف ما جاء رأس
الحول وفيها ريال، أنا عندي ما يكفي، عنده راتب يمشيه خلال
ها السنوات، ويجي مبلغ طيب بعد عشر سنوات، على رأي الإمام
مالك ما يزكي إلا على رأس السنة الحادية عشرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(56/14)
لكن هل عملية التعليب خاضعة .. ، يطرأ
عليها مثلما يطرأ على الثلاجات؟ الثلاجة أمرها سهل، يعني
عندك ضابط لأمورك، وعندك الفريزر مليان، ولو جيت مسافر لك
أسبوع، إذا جيت يمكن ترميه هو وثلاجته، هذا حاصل، هذا ما
يرتب عليه حكم، أما بالنسبة للتعليب فيه نوع ثبات، لكن من
يضمن الآلات التي تعلب؟ نعم؟ هذه الآلات ما تضمن.
المقصود أن كلام أهل العلم واضح في هذه المسألة، لكن ...
طالب:. . . . . . . . .
أنه إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو بس من أجل القول في التين، وإلحاقه بالتمر؛ لأنه
يمكن ادخاره.
طالب:. . . . . . . . .
لا؛ لأن العلة ليست منصوصة، العلة في التمر ليست منصوصة
أنها هي الادخار، من أجل أن ندير عليها الأحكام، لكن العلة
مستنبطة، ولها وجه عند أهل العلم، لكن الإلحاق لا يكفي
بالعلة، نعم.
أحسن الله إليك.
باب ما جاء في صدقة الرقيق
والخيل والعسل:
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن
يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس على المسلم في عبده
ولا في فرسه صدقة)).
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن سليمان بن يسار أن أهل
الشام قالوا لأبي عبيدة بن الجراح -رضي الله عنه-: خذ من
خيلنا ورقيقنا صدقة، فأبى، ثم كتب إلى عمر بن الخطاب -رضي
الله عنه- فأبى عمر ثم كلموه أيضاً، فكتب إلى عمر فكتب
إليه عمر: إن أحبوا فخذها منهم، وارددها عليهم، وارزق
رقيقهم.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: معنى قوله -رحمه الله-:
"وارددها عليهم" يقول: على فقرائهم.
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه
قال: جاء كتاب من عمر بن عبد العزيز -رحمه الله تعالى- إلى
أبي وهو بمنى أن لا يأخذ من العسل ولا من الخيل صدقة.
وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه قال: سألت سعيد
بن المسيب عن صدقة البراذين، فقال: وهل في الخيل من صدقة!
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب ما جاء في صدقة الرقيق والخيل والعسل:
(56/15)
"حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن دينار
عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك الغفاري عن أبي هريرة
أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس على المسلم
في عبده ولا في فرسه صدقة)) " لأن هذه الأمور مجراها مجرى
ما يقتنى ويفاد منه، كالبيوت وأثاثها والثياب، وما يستعمل
للقنية، هذه إذا كانت لمجرد الإفادة منها، بخلاف ما إذا
كانت معدة للتجارة، عبد يبيع ويتجر فيه، فرس يبيع ويتجر
فيه، إن كانت معدة للتجارة وجبت فيها زكاة عروض التجارة،
خلافاً لأهل الظاهر، الذين استدلوا بهذا الحديث على عدم
زكاة العروض على ما تقدم، وتقدم القول في زكاة العروض، وقد
نقل عليها الإجماع، مع أنه وجد مخالف، المقصود أن القول
بزكاة العروض قول عامة أهل العلم، فإذا أعد الفرس للبيع،
أو أعد العبد للتجارة وجبت فيه الزكاة من هذه الحيثية
كغيرها من عروض التجارة، أما إذا كان لمجرد الاقتناء
والإفادة من ظهره أو من خدمة العبد مثل هذا لا زكاة فيه،
ومثله ما يحتاج إليه من الآلات، وطالب العلم عنده كتب لا
زكاة عليه فيها، مجراها مجرى ما يقتنى ويستفاد منه، ولم
يعد للتجارة، لكن بعض طلاب العلم يكون عنده من الكتاب نسخ
كثيرة، هو يحتاج واحدة، ويكون عنده من كل كتاب نسختين ثلاث
خمس، هل تجب عليه الزكاة؟ أو نقول: ولو كثرت، وإذا كانت
حاجته تندفع بنسخة قيمتها مائة، فاشترى نسخة أو أكثر من
نسخة بآلاف، هل نقول: إن الحاجة تندفع إنما تركت الزكاة من
أجل الحاجة؟ أو نقول: كما لو كان عنده بيت بمائة مليون
مثلاً، هذا مما يحتاجه؟ هذه قنية لا زكاة فيها، لكن بعض
الناس عندهم الأمور من هذه التي أصلها يقتنى، ثم إذا وجد
شيئاً أحسن من الذي عنده قال: نشتري هذا الأجود، ونبيع
الثاني، الآن ما هو في المكتبات كل يوم ينزل كتاب جديد،
وتحقيق جديد، ونشر جديد، وكتب مقابلة على نسخ جديدة اكتشفت
ثم يضطر طالب العلم يشتري هذه، يقول: نتصرف بتلك، هل نقول:
إنها انتقلت من كونها قنية إلى أنها معدة للتجارة؟ عرض من
عروض التجارة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(56/16)
يعني كون هذه العين ما اشتريت بنية التجارة
لا يجعلها النية الطارئة للتجارة، مثل شخص اشترى أرض ليشيد
عليها سكن، ثم وجد أفضل منها فاشتراها وبنى عليها سكن،
وعدل عن كونه يعمر هذه للسكن يجعلها للتجارة، يقولون: ما
تصير للتجارة حتى يبيعها؛ لأن هذه نية طارئة، وقل مثل هذا
لو وهبت له، أو ورثها إنما ملكها لا بنية التجارة، لا تصير
للتجارة ولو نوى التجارة، ومنهم من يقول: بمجرد نية
التجارة تتحول إلى عرض من عروض التجارة، من وقت النية، لكن
المفتى به أنها لا تصير إلا إذا باعها؛ لأنها لم تكن
للتجارة من الأصل.
مسائل العقار وزكاته، وكون الشيء يشترى، والظاهر من الشراء
أنه للاستعمال، وفي نية صاحبه أنه لا يريد استعماله، ولا
البناء عليه، مثل الآن كثير من الناس يشتري أرض، ويقدم على
صندوق التنمية، زاعماً أنه يريد أن يبني عليها مسكن، وهو
ما يريد السكن هنا، لكن يقول: تمسك سره، وإذا طلع الاسم
حولناها إلى مكان أفضل، لكن الآن ما عندنا إلا ثمن زهيد،
يجد أرض مثلاً بعشرين ألف، وهي لا تناسبه للسكن، لكن يقول:
من أجل أن تحجز الاسم، وفي نيته بيعها، وعدم عمارتها
للسكنى، فهل هذه فيها زكاة وإلا ما فيها زكاة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو يريد أن يبيعها، لكن لا يريد أن يبيعها هذه السنة أو
التي تليها، أو بعد خمس سنين، إذا طلع الاسم، وحول الأرض
من هذا المكان إلى مكان آخر، هو الآن لا يستطيع بيعها
لأنها باعتبارها مرهونة، هي مرهونة للصندوق، هم يرهنون من
البداية أو يرهنون إذا طلع الاسم؟
طالب:. . . . . . . . .
(56/17)
أقول: هذه النية التي ليست ظاهرة خفية
عندهم، وإنما اشتراها من أجل أن يحجز بها رقم، ولا ينوي
السكن، هل نقول: إنها تجب زكاتها كل سنة؛ لأنه لم يشترها
للقنية، وإنما اشتراها للتجارة، وبعض الناس يقول: أنا
أشتري أرض ولا أريد بيعها، ولا أريد سكناها، ولا أريد
اقتناءها، إنما أريد أن تحفظ الدراهم، تحفظ الفلوس؛ لأنه
لو كانت فلوس طارت، انتهت، ولا يشتريها للبيع، ولا يريد أن
يشيد عليها سكن، ولا عمارة للإيجار، ولا شيء، إنما لتحفظ
الدراهم فقط، هل نقول: حفظ هذه الأرض للدراهم مثل حفظ
الدراهم بالبنك؟ كنز تجب زكاته؟ أو نقول: ما دامت ليست
للتجارة لا زكاة فيها؟ أو نقول: هي للتجارة شاء أم أبى؟
يعني إذا لم تكن للقنية ويش تصير؟ ما هي إلا للتجارة، الذي
يظهر أن مثل هذه الذي يمسك بها الدراهم هذه فيها زكاة، هذا
الظاهر، لكن الذي ينوي أن يحجز بها اسم في الصندوق لا يريد
عمارتها ولا يريد بيعها في الحال، في الوقت الحاضر، أو هي
في مقام ما يقتنى؟
طالب:. . . . . . . . .
هو أصل الاقتناء موجود، يعني ما هو .. ، لكن لهذه الأرض
بعينها لا يريد سكناها، وإذا لم تكن لا للقنية فتكون إذاً
.. ، لأنه ما في بديل، ما في طرف ثالث، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال الأمور بمقاصدها، هو ما قصد السكن، ويش نقول؟
عليه زكاة وإلا ما عليه زكاة؟ وهذه الأرض تبي تجلس إلى أن
يطلع الاسم، الله أعلم خمس سنين، ست سنين، عشر سنين، الله
أعلم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، اكتسبها بفعل مباح، هو اشتراها، الآن هذا الكلام يؤثر
على مسألتنا؟ ما يؤثر، لا أثر له على مسألتنا، هذا الشخص
ما اشتراها للقنية، يعني في شيء ثالث غير القنية أو
التجارة؟
الاستثمار، الاستثمار معروف، لكن هو لا يريد الاستثمار، لا
يريد أن يعمرها، يريد أن يبيعها، بايع بايع.
طالب:. . . . . . . . .
من الأصل ناوي يبيع، ما نوى يسكن أصلاً، إنما أراد أن تمسك
الاسم، ولا هو بايع إلا بعد عشر سنين، يعني على رأي مالك
ما في إشكال بين المدير والمحتكر، ينتهي الإشكال، هذه
محتكرة ولا زكاة فيها عند مالك، لكن غيره؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
أي أمانة؟
(56/18)
طالب:. . . . . . . . .
لا هم ما داموا ما يرهنون عين الأرض، يستطيع أن يتصرف بها،
ليس بممنوع من بيعها، لا يمنع من بيعها؛ لأنه لو منع من
بيعها ما عليه زكاة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما يسقط، خلاص مسكت الاسم، ولا رهنت بعينها.
طالب:. . . . . . . . .
لا هم ما يمنعون أن يتخير الأرض أبد، ما يمنعون.
طالب:. . . . . . . . .
هو بيدبر أرض قبل ما يطلع الاسم.
طالب:. . . . . . . . .
على الأرض نفسها، باعتبار أنه لا يقدم اسمين على أرض
واحدة.
يقول هذا: هل تزكى مكتبة طالب العلم في بيته إذا كان
يستخدم بعض الكتب منها؟
لا، هذه قنية، إيه.
طالب:. . . . . . . . .
أما مسألة ما يضمره الإنسان في نفسه أنه لو جاءه مبلغ طيب
باع وإلا لا؟ هذا لا أثر له، يعني كل ما يملك بهذه النية،
أنت بيتك عمرته وسكنته أنت وأولادك، لو يجي واحد يبي يطمعك
تبي تطلع وتخليه تدور أحسن منه، هذه النية غير كافية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني على كلامك أن اللي عرض للتجارة وخسر ما عليه شيء،
النية اشترى هذه الأرض بمليون ريال، يقول: أنا بمسك ها
المليون، الراتب يكفين مصروف، لكن ها المليون ما أبيه
يطير، ما أنا ببائع، لكن أبي تمسك، ويش الفرق بين هذه
الأرض وكونه يدع ها المليون في البنك؟ في فرق؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني فعلاً ما في شك أنها تحفظ الدراهم وتزيد وقد تنقص، قد
تكسد.
طالب:. . . . . . . . .
صحيح، يعني إذا كان الاسم يبي له عشر سنوات مثلاً، وقلنا:
هذه الأرض تبي تقعد لها عشر سنوات وتزكى كل سنة.
طالب: لا مش عشر.
لا أنت خليك بالمتوسط، لو قلنا: تزكى هذه الأرض مدة عشر
سنوات كل سنة عشر مرات تبي تزكى، أكلتها الزكاة.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما تعدى؛ لأنه لا بد أن يبقى الأصل، اثنين ونصف في
المائة هذه السنة، ثم اثنين ونصف في المائة من .. ، نعم؟
طالب: من سعر يومها.
نعم سواءً ارتفعت أو نزلت.
طالب:. . . . . . . . .
(56/19)
بس يا الإخوان ترى أحياناً معاناة الخاصة؛
لأن بعضهم ما تؤثر على الحكم، كمان أيضاً أن بعد المصادفات
والأمور التي تيسر لبعض الناس ما تؤثر على حكم ثابت، إحنا
ننظر إليها أنها إما أن تكون للقنية أو للتجارة، أو نقول:
الأصل براءة الذمة، وإيجاب الزكاة في العروض مسألة معروفة
يعني الخلاف فيها، والأصل براءة ذمة هذا المالك، فلا تجب
إلا بيقين يعني، وما دام تردد فيها هل فيها زكاة أو لا
زكاة فيها؟ فالأصل براءة الذمة، يعني هو متردد بين
الاقتناء وبين البيع فالأصل براءة الذمة وهذا له وجه،
إخراج الزكاة أحوط.
زكاة الخيل عرفنا أنها إن كانت للتجارة فهي عروض، وإن كانت
للقنية فلا زكاة فيها، أبو حنيفة -رحمه الله- يذهب إلى
وجوب الزكاة في الخيل، إذا كانت مخلوطة ذكور وإناث، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما نواها للتجارة، وليست من بهيمة الأنعام، ولا من الخامة
ما عليه شيء.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا ما نوى أنها كنز، هذا كل يوم يركب له واحد وينبسط
مثل الذي عنده ضياع كبيرة صغيرة للنزهة ولغيرها ويش
المانع؟ بعض الناس يعد بيت لـ .. ، شخص اشترى بيت بعشرة
ملايين، وهو يكفيه بيت بأقل من عشر القيمة، يكفيه بمليون.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما دام أصلها قنية ما فيها شيء، ذهب أبو حنيفة -رحمه
الله تعالى- إلى وجوب الزكاة في الخيل إذا كانت ذكوراً
وإناثاً، فإن انفردت زكي إناثها لا ذكورها، يعني إن كانت
إناث تزكى وإلا فلا زكاة في ذكورها إذا انفردت، ثم بعد ذلك
يخير أن يخرج عن كل فرس دينار، أو بين أن يقومها ويخرج ربع
العشر لكن هذا تفريق .. ، أقول: تفريق لا دليل عليه، وهذا
الحديث صريح في كونها لا زكاة فيها إذا كانت مما يقتنى،
ولذا خالفه صاحباه.
(56/20)
يقول: "وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن
سليمان بن يسار أن أهل الشام قالوا لأبي عبيدة بن الجراح"
أحد العشرة المبشرين بالجنة، أمين هذه الأمة "قالوا له: خذ
من خيلنا ورقيقنا صدقة؟ " النبي -عليه الصلاة والسلام-
يقول: ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)) وهم
يقولون: خذ، جادت أنفسهم بهذا، من غير إلزام "فأبى" لأنه
لا صدقة فيها "ثم كتب إلى عمر بن الخطاب" لئلا يفتأت على
ولي الأمر، ويأخذ رأيه في المسألة "فأبى عمر" امتنع؛ لأنه
لا زكاة فيها؛ لئلا يقع في ظلمهم؛ لأنه إذا قبلها منهم
يأتي من يأتي فيما بعد، ويستدل بفعل عمر وأخذه الزكاة من
الخيل والرقيق، فيقول: إن عمر أخذ الزكاة، لكن بين لهم
الوجه "ثم كلموه أيضاً، فكتب إلى عمر فكتب إليه عمر: إن
أحبوا" يعني إن أرادوا أن يدفعوا بطوعهم واختيارهم من غير
إيجاب ولا إلزام "إن أحبوا فخذها منهم تطوعاً، وارددها
عليهم" وفسر الإمام مالك -رحمه الله تعالى- وارددها عليهم،
يقول: على فقرائهم، لا عليهم أنفسهم؛ لأنهم أخرجوها بطوعهم
لله تعالى تطوعاً، فلا ترد عليهم، لكن ويش المانع أن ترد
عليهم بطريق غير مباشر في مصالحهم العامة؟ ما في ما يمنع
أبداً.
"وارزق رقيقهم" أي المحتاج منهم، وإلا فالأصل أن نفقة
الرقيق على سيده، المقصود أنها ترد على فقرائهم، وتستغل في
مصالحهم العامة.
يقول: "وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن
حزم أنه قال: جاء كتاب من عمر بن عبد العزيز إلى أبي" أبي
بكر بن محمد بن عمرو بن حزم "وهو بمنى أن لا يأخذ من العسل
ولا من الخيل صدقة" وهو بمنى حاج، والحج مظنة أن يباع فيه
هذه الأمور، وتجلب إلى مكة وإلى منى والمشاعر، قد يحتاج
الإنسان للأكل ومعه بضاعة يبيعها، وقد يحتاج إلى بيع فرسه
مضطراً إلى ذلك، لكن لا يؤخذ من هذه الأمور صدقة، والأئمة
عامتهم على أنه لا زكاة في العسل، وأما ما ورد فيه، وأنه
يؤخذ منه العشر، فقد ضعفه الإمام أحمد.
قال أبو عمر بن عبد البر: هو حديث حسن يرويه عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده أن بكل عشر قرب قربة، وبه قال أبو حنيفة،
في زكاة العسل.
(56/21)
وروى الترمذي من حديث ابن عمر -رضي الله
عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في العسل:
((في كل عشرة أزق زق)) قال: وفي الباب عن أبي هريرة وأبي
سيارة وعبد الله بن عمرو، وحديث ابن عمر في إسناده مقال.
يقول: ولا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في الباب
كبير شيء، والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وبه يقول
أحمد وإسحاق -يعني أنه لا زكاة فيها- وقال بعض أهل العلم:
والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم -يعني مقتضى حديث عمرو
بن شعيب- وبه يقول أحمد وإسحاق، وقال بعض أهل العلم: ليس
في العسل شيء وهو قول الجمهور.
الإمام أحمد ضعف الحديث، والترمذي يقول: والعمل على هذا
عند أكثر أهل العلم، وبه يقول أحمد وإسحاق، وقول الجمهور
أنه لا زكاة فيه، كيف يكون أكثر أهل العلم وقال بعض أهل
العلم: ليس فيه شيء؟ يعني نقل الترمذي عن أكثر أهل العلم
أن فيه زكاة، وبه يقول أحمد وإسحاق، والمعروف في المذاهب
مذاهب أهل العلم أن أكثر أهل العلم أنه لا زكاة فيه، وأنه
لم يقل به إلا الحنفية، ورواية عند الحنابلة.
في زاد المستقنع يقول: وإذا أخذ من ملكه أو موات من العسل
مائة وستين رطلاً عراقياً ففيه عشره، فعلى هذا فيه العشر،
فتكون نسبة القول بزكاة العسل وأنه العشر التي ذكرها
الإمام الترمذي موافقة لما في الزاد، ورواية عن الإمام
أحمد معروفة، وهو قول عن أبي حنيفة، لكن من عداهم من
الأئمة أنه إيش؟ لا زكاة فيه إلا على اعتبار أنه عرض من
عروض التجارة، وإذا كان عرض من عروض التجارة فيه ربع العشر
لا العشر, نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قد يضعف الحديث -حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده- لكن
هناك أحاديث أخرى في الباب عن أبي هريرة وأبي سيارة وعبد
الله بن عمرو، يعني بمجموعها، والإمام أحمد قد ينظر إلى
الحديث بمفرده، وقد ينظر إليه مع غيره، ثم يفتي بمقتضى
النظر الأول، ويكون له رواية على مقتضى النظر الثاني
وهكذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، أقول: ينظر إليه بمفرده فيضعفه، وينظر إليه مع غيره
فيقويه.
(56/22)
"وحدثني عن مالك عن عبد الله بن دينار أنه
قال: سألت سعيد بن المسيب عن صدقة البراذين، فقال: وهل في
الخيل من صدقة؟! " قد صح فيما سبق أنه ليس على المسلم في
عبده ولا فرسه صدقة، والبراذين جمع برذون، يقولون: التركي
من الخيل، وعرفوه بأنه نوع من الخيل، جافي الخلقة، يستعمل
في حمل الأثقال، وفي سلوك الطرق الوعرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن هل تراعي حظ الفقراء أو تراعي حظ الأغنياء؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يجب عليه، الأصل براءة الذمة، لكن لو قلنا: هذا
للتجار، وأن هذه الأمور المترددة بين هذا وهذا الأصل براءة
الذمة، ولا عليهم شيء، صاروا يتحايلون، ويسقطون حقوق
الفقراء، فيجعلون أموالهم في هذه الأمور المختلف فيها.
على كل حال الصدقة لن تنقص من المال إنما تزيده كما هو
معروف، وهي طهرة للمال ولصاحبه.
سم.
أحسن الله إليك.
باب جزية أهل الكتاب والمجوس:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب قال: بلغني أن رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- أخذ الجزية من مجوس البحرين، وأن عمر
بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أخذها من مجوس فارس، وأن
عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- أخذها من البربر.
وحدثني عن مالك عن جعفر بن محمد بن علي عن أبيه أن عمر بن
الخطاب -رضي الله تعالى عنه- ذكر المجوس فقال: "ما أدري
كيف أصنع في أمرهم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف -رضي الله
تعالى عنه-: أشهد لسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
يقول: ((سنوا بهم سنة أهل الكتاب)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب -رضي
الله عنه- أن عمر بن الخطاب ضرب الجزية على أهل الذهب
أربعة دنانير، وعلى أهل الورق أربعين درهماً مع ذلك أرزاق
المسلمين، وضيافة ثلاثة أيام.
(56/23)
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه
قال لعمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه-: إن في الظهر
ناقة عمياء، فقال عمر: ادفعها إلى أهل بيت ينتفعون بها،
قال: فقلت: وهي عمياء؟ فقال عمر: يقطرونها بالإبل، قال:
فقلت: كيف تأكل من الأرض؟ قال: فقال عمر: أمن نعم الجزية
هي أم من نعم الصدقة؟ فقلت: بل من نعم الجزية، فقال عمر:
أردتم والله أكلها، فقلت: إن عليها وسم الجزية، فأمر بها
عمر فنحرت، وكان عنده صحاف تسع، فلا تكون فاكهة ولا طريفة
...
طُريفة.
ولا طُريفة إلا جعل منها في تلك الصحاف، فبعث بها إلى
أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويكون الذي يبعث به إلى
حفصة ابنته من آخر ذلك، فإن كان فيه نقصان كان في حظ حفصة،
قال: فجعل في تلك الصحاف من لحم تلك الجزور فبعث به إلى
أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأمر بما بقي من لحم
تلك الجزور، فصنع فدعا عليه المهاجرين والأنصار.
قال مالك -رحمه الله-: لا أرى أن تؤخذ النعم من أهل الجزية
إلا في جزيتهم.
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز -رحمه الله
تعالى- كتب إلى عماله أن يضعوا الجزية عمن أسلم من أهل
الجزية حين يسلمون.
قال مالك -رحمه الله-: مضت السنة أن لا جزية على نساء أهل
الكتاب، ولا على صبيانهم، وأن الجزية لا تؤخذ إلا من
الرجال الذين قد بلغوا الحلم.
(56/24)
وليس على أهل الذمة، ولا على المجوس في
نخيلهم ولا كرومهم ولا زروعهم ولا مواشيهم صدقة؛ لأن
الصدقة إنما وضعت على المسلمين تطهيراً لهم، ورداً على
فقرائهم، ووضعت الجزية على أهل الكتاب صغاراً لهم، فهم ما
كانوا ببلدهم الذين صالحوا عليه ليس عليهم شيء سوى الجزية
في شيء من أموالهم، إلا أن يتجروا في بلاد المسلمين،
ويختلفوا فيها فيؤخذ منهم العشر فيما يديرون من التجارات،
وذلك أنهم إنما وضعت عليهم الجزية، وصالحوا عليها على أن
يقروا ببلادهم، ويقاتل عنهم عدوهم، فمن خرج منهم من بلاده
إلى غيرها يتجر بها فعليه العشر، من تجر منهم من أهل مصر
إلى الشام، ومن أهل الشام إلى العراق، ومن أهل العراق إلى
المدينة أو اليمن أو ما أشبه هذا من البلاد فعليه العشر،
ولا صدقة على أهل الكتاب ولا المجوس في شيء من أموالهم،
ولا من مواشيهم ولا ثمارهم ولا زروعهم، ومضت بذلك السنة،
ويقرون على دينهم ويكونون على ما كانوا عليه، وإن اختلفوا
في العام الواحد مراراً في بلاد المسلمين فعليهم كلما
اختلفوا العشر؛ لأن ذلك ليس مما صالحوا عليه، ولا مما شرط
لهم، وهذا الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب جزية أهل الكتاب والمجوس:
أهل الكتاب هم اليهود والنصارى، وأما المجوس فهم أمة من
الناس أصل الكلمة فارسية، يعبدون النار، وقد جاء الأمر
بإلحاقهم بأهل الكتاب ((سنوا بهم سنة أهل الكتاب)) حتى قال
بعض أهل العلم أنهم كان عندهم كتاب أو شبهة كتاب.
من قال: إن عندهم كتاب ثم رفع هذا الكتاب بسبب معصية حصلت
من رأسهم ورئيسهم، حينما وقع على محرمه، ثم تتابعوا على
هذا في نكاح المحارم -نسأل الله السلامة والعافية-.
(56/25)
والجزية مأخوذة من التجزئة كما قال ابن
احجر، وهي التقسيم، وقيل: من الجزاء؛ لأنها تؤخذ من هؤلاء
جزاءً لتركهم في بلاد المسلمين، وحكمتها ظاهرة، وهي أن
الذل الذي يلحقهم بسببها والصغار يحملهم على الدخول في
الإسلام، وأيضاً تركهم وإبقاؤهم في بلاد المسلمين في مقابل
بذلها من أجل أن يتم لهم النظر في الدين، من خلال معاشرة
أهله، والاطلاع على الدين المطبق عملياً، ولذا من يخالف
ويرتكب ما حرمه الله -جل وعلا- سواءً كان مما يتعلق
بالمعاملة مع الله -جل وعلا-، أو معاملة مع خلقه، مثل هذا
يصد عن الدين بفعله، ولذا كان انتشار الإسلام بعد عصر
الخلفاء الراشدين في البلدان القاصية إنما كان عن طريق
التجار، حيث دعوا الناس بأفعالهم قبل أقوالهم، لما رأوا
الناس حسن التعامل من هؤلاء أعجبهم ما هم عليه من أخلاق،
ومن التزام واستمساك بدينهم، فدخلوا في الدين، مع الأسف
الشديد أن حال كثير من المسلمين في العصور المتأخرة ساهم
في الصد عن دين الله، حتى قال القائل –وإن كان عاد بالغ في
هذا-: إنه في بلاد المسلمين إسلام بلا مسلمين، وفي بلاد
الكفار مسلمين بلا إسلام، لكن هذا الكلام ما هو بصحيح، وإن
كان تعاملهم في الظاهر.
طالب:. . . . . . . . .
إن كان تعاملهم في الظاهر، يعني عندهم التزام بمواعيدهم،
صدق في المعاملة هذه دعوة لأديانهم.
طالب:. . . . . . . . .
(56/26)
هذا ما ينقل عنهم، وإلا عاد إحنا ما رحنا
لهم، ولا نروح -إن شاء الله-، المقصود أن هذا ما يقال عنهم
أنهم .. ، وهذه دعوات مغلفة لأديانهم، هذا هو الأصل، الأصل
فيهم أنهم هذا وضعهم، لكن قد يتعامل الإنسان من باب
الدعوة، يمكن هذا الذي أطلق هذا الكلام عاشر لا سيما وأنه
من أهل العلم يعني عاشر من الدعاة إلى اليهودية أو إلى
النصرانية، فهم يقصدون مثل هذا للتأثير على غيرهم، المقصود
أن الذي لا يدين بهذا الدين الحق مفلس من كل شيء من خير
الدنيا والآخرة، مهما بذل، ومهما عمل، يعني من الأمور التي
هي في ظاهرها أعمال خير، لكنها هباء، أعمالهم مثل الريح
{كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ} [(18) سورة إبراهيم]
لا شيء {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65)
سورة الزمر] هذا يقال لمن؟ لأفضل الخلق -عليه الصلاة
والسلام-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يقدح في الإسلام، لكن الكلام، هل الكلام واقع أو أنهم
وحوش كغيرهم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لأنه دين، لا لأنه إسلام، يعني لأنه باق على فطرته، وهل
يتصور أن كافر موجود في هذه العصور المتأخرة باقٍ على
فطرته السليمة ما اجتالته الشياطين؟ ما أظن يبقى أحد إلى
هذا الوقت، المقصود ألا نجاة إلا بالإسلام، هذا الأصل.
طالب:. . . . . . . . .
أنا أقول: ما هو بالأصل فيهم، هذا من أجل الدعوة إلى
أديانهم، وفي المعاملات المالية من أجل كسب المال بأي
طريقة كان، من أجل أن يثق بهم المعامل ويقدمهم على غيرهم،
ومن أجل تغرير الناس بهم، كما حصل ممن ذهب وعاشرهم، ورأى
منهم ما رأى، مع الأسف أنه يوجد ممن يستقدم غير المسلمين
إلى هذه البلاد وغيرها من بلاد المسلمين ويعجب بهم؛ لأنهم
يوفرون له ما لا يوفره غيرهم، لا يصومون ولا يصلون ولا ..
، يقولون: إنهم لا يعطلون العمل، كله هذا كلام، نسأل الله
العافية من إيثار الفانية على الباقية -نسأل الله السلامة
والعافية-.
طالب:. . . . . . . . .
ومع ذلك ليس هو الأصل فيهم، إنما هو خلاف الأصل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(56/27)
ما أرى ما يمنع، وإن كان فيهم مخالفات
وفيهم شرك، وفيهم تحليل المحرمات؛ لأن هذه الأمور موجودة
وقت التنزيل، يعني موجودة، الشرك الأكبر فيهم وقت التنزيل
ومع ذلك هم أهل كتاب، فما دونه من باب أولى.
"حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب قال: بلغني" هذا وصله
الدارقطني وابن عبد البر من طريق عبد الرحمن بن مهدي عن
مالك عن السائب بن يزيد عن النبي -عليه الصلاة والسلام-
"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ الجزية من مجوس
البحرين" والبحرين بلفظ التثنية مع لزوم الياء مطلقاً؛ لأن
التثنية غير مقصودة، فلا تتغير حروفه تبعاً للعوامل، هو
لازم للياء مطلقاً، واقتصر عليها الأزهري؛ لأنه صار علم
على تلك الجهة، يعني مثل أبو ضبي مثلاً، خلاص ما تقول: جئت
من أبي ظبي، ذهبت إلى أبي ظبي، رأيت أبا .. ، ما تجي، خلاص
يلزم حالة واحدة مطلقاً؛ لأنه صار علم على هذه الجهة،
والبحرين تقول، تقول بهذا، بالتثنية مع لزوم الياء، وهذا
ما اقتصر عليه الأزهري، بعضهم يعامله معاملة المثنى،
فيرفعه بالألف، وينصبه ويجره بالياء، عند النسبة والانتساب
إلى البحرين ماذا تقول؟ تقول: بحريني أو بحراني؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني نسبة إلى اللفظ، إيه أقول: مرد التفريق هذا البحريني
وبحراني يعني له أصل، ونسبة إلى جهة واحدة، نعم، لا أنا
أقول: النسبة إلى هذه الجهة نقول: بحريني وإلا بحراني؟
يعني إذا لحظنا المثنى التثنية، إذا لحظنا أن هذا الاسم
بهذا اللفظ بلزوم الياء علم على هذه الجهة نسبنا إليها من
غير تغيير، وإذا لحظنا التثنية فالتثنية ترد إلى أصلها قبل
دخول العوامل، والأصل في المثنى الرفع قبل دخول العوامل
والمؤثرات، وترى فيها كتب بحوث في النسبة إلى البحرين،
الشيخ إسماعيل الأنصاري له بحث في بعض المجلات، بحث مطول
وموسع، وحقق أن النسبة إلى هذه الجهة لجميع من ينتسب إليها
من أهل السنة وغيرهم أنه يرد إلى حالة الرفع ويقال:
بحراني، لكن إذا عرف هذا اللفظ، وصار عرف بين الناس أن هذا
اللفظ إنما يطلق على غير أهل السنة، فلا يجوز إطلاقه على
أهل السنة.
(56/28)
يقول: "وأن عمر بن الخطاب أخذها -أخذ
الجزية- من مجوس فارس" فارس لقب لقوم لا يجمعهم نسب، وإنما
هم أخلاط اجتمعوا في هذا المكان، فصاروا فارس "وأن عثمان
بن عفان أخذها من البربر، قوم من أهل المغرب كالأعراب" في
البخاري لم يكن عمر -رضي الله تعالى عنه- أخذ الجزية من
المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن الرسول -صلى الله
عليه وسلم- أخذها من مجوس هجر، هذا في البخاري، لم يكن عمر
-رضي الله تعالى عنه- أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد
الرحمن بن عوف أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخذها من
مجوس هجر.
ولذا يقول الإمام مالك ... ، يقول: "وحدثني عن مالك عن
جعفر بن محمد" بن علي، الصادق، وهو ثقة مخرج له في الصحيح،
ولا يضيره ما افتري عليه "عن أبيه" الباقر محمد بن علي "أن
عمر بن الخطاب" هذا منقطع؛ لأن محمداً لم يلق عمر ولا عبد
الرحمن، وهو مروي عند الدارقطني وابن المنذر بسند محتمل
للاتصال والانقطاع، والإسناد إنما يحتمل إذا كان فيه ضمائر
مثل عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وهذا منه.
"أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال: "ما أدري كيف أصنع في
أمرهم؟ " في البخاري: لم يكن يأخذ الجزية منهم "فقال عبد
الرحمن بن عوف: أشهد لسمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
يقول: ((سنوا بهم سنة أهل الكتاب)) " يعني في الجزية،
وإبقائهم على أديانهم بعد أخذ الجزية منهم كأهل الكتاب، لا
في نكاح نسائهم، وأكل ذبائحهم، فهذا عام أريد به الخصوص.
وأخذ الجزية من أهل الكتاب إجماع؛ للنص في القرآن {حَتَّى
يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [(29)
سورة التوبة] وحكا ابن عبد البر الاتفاق على قبولها من
المجوس، لكن حكا ابن التين عن عبد الملك بن حبيب من أئمة
المالكية أنها لا تقبل إلا من اليهود والنصارى فقط، ولا
تقبل من المجوس لأنهم مشركون، والتخفيف عن اليهود والنصارى
معروف أنه لأنهم على بقايا من دين وإن كان محرفاً، ولذا
خفف في نسائهم وذبائحهم، وصار لهم معاملة خاصة، وفرق
الحنفية فقالوا: تؤخذ من مجوس العجم دون مجوس العرب.
(56/29)
وحكا الطحاوي عنهم -يعني عن الحنفية- أن
الجزية تقبل من أهل الكتاب، ومن جميع كفار العجم، ولا يقبل
من مشركي العرب إلا الإسلام أو السيف، لكن من كان من أهل
الكتاب وإن كان عربياً، يعني كان يهودي أو نصراني من العرب
تؤخذ منه الجزية، أما المشركون من العرب فإنه لا يقبل إلا
الإسلام أو السيف.
وعن مالك: تقبل من جميع الكفار، الجزية تقبل من جميع
الكفار إلا من ارتد، وبه قال الأوزاعي، وإيش؟ يقول
الأوزاعي -رحمه الله- .. ، هذا الطحاوي -رحمه الله- حكا عن
الحنفية تقبل من أهل الكتاب، ومن جميع كفار العجم، يعني
سواءً كانوا كتابيين أو مشركين، ولا تقبل من مشركي العرب،
تقبل من العرب إذا كان من أهل الكتاب، ولا تقبل من مشركي
العرب إنما يخيرون بين الإسلام أو السيف، ولا خيار ثالث
لهم.
وعن مالك: تقبل من جميع الكفار إلا من ارتد، وبه قال
الأوزاعي، يعني تقبل من كل كافر أصلي كتابي أو غير كتابي،
أما المرتد فليس له إلا أن يعود إلى دينه أو السيف ((من
بدل دينه فاقتلوه)).
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب
أن عمر بن الخطاب ضرب الجزية على أهل الذهب أربعة دنانير"
على أهل الذهب، يعني كانوا الأكثر وجودهم في مصر والشام
"أربعة دنانير" في كل سنة "وعلى أهل الورق" في أي بلد
كانوا إلا أن وجودهم -كما قالوا- في العراق أكثر "أربعين
درهماً" في كل سنة، وهذا جار على أن الصرف في وقته الدينار
عشرة دراهم، وبهذا التحديد أخذ الإمام مالك، فلا يزاد عليه
ولا ينقص إلا في حق من يضعف عن ذلك، فيخفف عنه بقدر ما
يراه الإمام، من ضعف عن حمل هذا القدر فإنه يخفف عنه، وهذا
راجع إلى اجتهاد الإمام.
وقال الإمام الشافعي: أقلها دينار ولا حد لأكثرها، وقال
أبو حنيفة وأحمد: أقلها على الفقراء دينار، وعلى الأوساط
اثنين، وعلى الأغنياء أربعة، دينار أو اثني عشر درهم، وعلى
المتوسطين ديناران أو أربعة وعشرون درهماً، وعلى الأغنياء
منهم أربعة دنانير أو ثمانية وأربعون درهماً.
الأربعة الدنانير التي ضربها عمر -رضي الله عنه- محمولة
على أهل القدرة، حملوها على أهل القدرة.
(56/30)
في صحيح البخاري قال ابن عيينة: عن ابن أبي
نجيح قلت لمجاهد: ما شأن أهل الشام عليهم أربعة دنانير،
وأهل اليمن عليهم دينار؟ قال: جعل ذلك من قبل اليسار، إيش
من قبل اليسار؟ يعني أهل اليمن يمين الكعبة، وأهل الشام
يسار الكعبة وإلا .. ؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم الغنى والفقر، باعتبار أن غالب أهل الشام فيهم غنى،
وأهل اليمن العكس، ومعلوم أن هذه الأمور دول، نعم دول، قد
يكون أهل قطر من الأقطار أغنى الناس في يوم من الأيام، ثم
بعد ذلك بزمن وقبله بزمن يكونون أفقر الناس، وهي على كل
حال ابتلاء من الله -جل وعلا- بالخير والشر، يبتلي الناس،
إن ابتلاهم بالخير فشكروا ازدادت عليهم النعم وقرت، وإن
ابتلاهم بالضراء وصبروا لهم الأجر من الله -جل وعلا-، وعلى
كل حال كثير من الناس قد يصبر على البلوى بالشر وقلة ذات
اليد والمصائب، لكنه لا يصبر على السراء، فالامتحان
بالسراء أعظم من الامتحان بالضراء، ولذلك لو سبرنا تأريخ
الناس وجدنا أنهم يتمسكون بالدين حينما تصيبهم الضراء،
وابتلي الناس بها، ولا تنازلوا لا عن دين ولا عرض ولا
غيره، وفتحت عليهم الدنيا، وابتلوا بالسراء، فتنازلوا عن
.. -إلا من عصم الله- تنازلوا عن كل شيء، شواهد الأحوال
ظاهرة، والله المستعان.
"مع ذلك أرزاق المسلمين" يعني إعانة أبناء السبيل ممن يمر
بهم، قاله ابن عبد البر، وقال الباجي: أقوات من عندهم من
أجناد المسلمين "وضيافة ثلاثة أيام" للمجتازين بهم.
يقول: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال
لعمر بن الخطاب: إن في الظهر ناقة عمياء" ناقة عمياء يعني
أخذت وهي عمياء وإلا عمياء طرأ عليها العمى بعد ذلك؟ طرأ
عليها العمى بعد ذلك، لأنها لا تؤخذ.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هل يؤخذ في الجزية مثل هذه أو لا يؤخذ إلا الدينار؟
المسألة خلافية.
طالب:. . . . . . . . .
هذه بتجي عاد بيانها بيأتي، المقصود أن مثل المعيبة ما
تؤخذ "فقال عمر -ظاناً أنها من الصدقة-: ادفعها إلى أهل
بيت ينتفعون بها" ...
(56/31)
شرح: الموطأ –
كتاب الزكاة (9)
باب عشور أهل الذمة - باب اشتراء الصدقة والعود فيها - باب
من تجب عليه زكاة الفطر - باب مكيلة زكاة الفطر - باب وقت
إرسال زكاة الفطر - باب من لا تجب عليه زكاة الفطر.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
"فقال عمر -ظاناً أنها من الصدقة-: ادفعها إلى أهل بيت
ينتفعون بها" "قال أسلم: فقلت له: هي عمياء؟ فقال عمر:
يقطرونها بالإبل" القطار معروف عند العرب، وهو ربط الإبل
بعضها ببعض، وجعلها تمشي كهيئة القطار.
"يقطرونها بالإبل" يعني وعماها لا يمنع من الانتفاع بها،
يحمل عليها وتركب "قال: فقلت: كيف تأكل من الأرض وهي لا
ترى؟ " نعم الحمل ممكن يحمل عليها، وإذا قطرت مع الإبل
سهل، لكن بالنسبة للأكل والرعي كيف يمكن ذلك وهي عمياء؟
"قال: فقال عمر: أمن نعم الجزية هي أم من نعم الصدقة؟ "
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ما تقبل أصلاً؛ لأنها .. ، إلا على أساس أنها لحم.
"فقلت: كيف تأكل من الأرض؟ " يعني وهي لا ترى "قال: فقال
عمر: أمن نعم الجزية هي أم من نعم الصدقة؟ " أحياناً
الكبير مثل عمر -رضي الله تعالى عنه- من باب الحرص على ما
أؤتمن عليه لا يبادر بأدنى شيء إلا أن يساوم عليه في
الأعلى، ثم يتنازل بعد ذلك، وقد يخفى على الكبير ما يتفطن
له الصغير، هذا أسلم مولى ابن عمر -رضي الله تعالى عنهم-
"قال عمر: أمن نعم الجزية هي أم من نعم الصدقة؟ فقلت: بل
من نعم الجزية، فقال عمر: أردتم والله أكلها" يعني أنت قلت
هذا على شان تأكلونها، من أجل أن تأكلوها؟ وإلا ويش
الدليل؟ ويش دليلك على أنها من نعم الجزية؛ لأنها الجزية
يأكلها الغني والفقير دون الصدقة "فقلت: إن عليها وسم
الجزية" هذا الدليل يعني ما تؤخذ الدعوى بدون برهان "فقلت:
إن عليها وسم الجزية، فأمر بها عمر فنحرت، وكان عنده صحاف
تسع" جمع صحفة، وهي القصعة المستطيلة، كيف قصعة مستطيلة؟
مثل إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
مثل. . . . . . . . . نعم.
(57/1)
"وعنده صحاف تسع، فلا تكون فاكهة ولا
طريفة" يعني ما يرد مما يستطرف ويستملح "إلا جعل منها في
تلك الصحاف" تسع، عدد أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام-
تسع "فبعث بها إلى أزواج النبي -عليه الصلاة والسلام-"
حفظاً له في أهله بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- "ويكون
الذي يبعث به إلى حفصة ابنته من آخر ذلك" يعني آخر ما يبعث
إلى حفصة "فإن كان فيه نقصان كان بحظ حفصة" لأنها بنته،
فلا يتهم، لكن لو قدم حفصة على غيرها اتهم، قال: "فجعل في
تلك الصحاف من لحم تلك الجزور فبعث به إلى أزواج النبي
-عليه الصلاة والسلام-" بلا طبخ، يعني نيئ، كي يتصرفن به
حسب إرادتهن "وأمر بما بقي من لحم تلك الجزور فصنع" يعني
طبخ "فدعا عليه المهاجرين والأنصار" براً بهم، واعترافاً
بفضلهم، واستئلافاً لهم.
"فقال مالك: لا أرى أن تؤخذ النعم من أهل الجزية إلا في
جزيتهم" أي أهل النعم تؤخذ منهم النعم، وأما أهل الدراهم
والدنانير تؤخذ منهم الدراهم والدنانير، أي أن أهل النعم
يؤخذ منهم ما اتفقوا فيه مع الإمام، مع الإمام يتفقون وإلا
فالأصل أن النعم لا تؤخذ، إنما تؤخذ الدراهم والدنانير.
"وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى
عماله أن يضعوا الجزية عمن أسلم من أهل الجزية حين يسلمون"
يضع عنهم الجزية المستقبلة وإلا الماضية؟ المستقبلة، ما في
أحد يقول: إن في جزية مستقبلة على مسلم، الحالّة التي ما
استلمت، أو استلم بعضها دون بعض.
على كل حال الجزية بعد إسلامهم لا تلزمهم اتفاقاً، لكن ما
بقي من جزية لزمتهم قبل الإسلام، فقال الجمهور: توضع عنهم
ترغيباً لهم في الإسلام، وقال الشافعي: يلزمون بدفعها،
استقرت في ذممهم، ووجبت عليهم، فيلزمهم دفعها، وعلى كل حال
رأي عمر بن عبد العزيز الذي قال به الجمهور هو الأولى؛ لأن
الجزية مقرونة بالصغار، ولا صغار على مسلم، وأيضاً من باب
الترغيب، كي يرغب في الإسلام غيرهم.
(57/2)
"قال مالك: مضت السنة أن لا جزية على نساء
أهل الكتاب ولا على صبيانهم" لأن الله -جل وعلا- يقول:
{قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ
بِالْيَوْمِ الآخِرِ} [(29) سورة التوبة] ... إلى أن قال:
{حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ
صَاغِرُونَ} فدل على أن الجزية إنما تؤخذ ممن يقاتل،
والنساء والذرية لا يقاتلون والصبيان "وأن الجزية لا تؤخذ
إلا من الرجال الأحرار الذين قد بلغوا الحلم، وليس على أهل
الذمة، ولا على المجوس ولا غيرهم في نخيلهم ولا كرومهم ولا
زروعهم ولا مواشيهم صدقة" ليس عليهم زكاة حال كفرهم، وإن
كانوا مخاطبين بها؛ لأن المرجح من أقوال أهل العلم أنهم
مخاطبون بالفروع، والزكاة منها، لكنهم حال كفرهم لا تقبل
منهم "لأن الصدقة إنما وضعت على المسلمين تطهيراً لهم،
ورداً على فقرائهم" والكفار ليسوا من أهل التطهير؛ ولقوله
-عليه الصلاة والسلام-: ((تؤخذ من أغنيائهم)) ما قال: تؤخذ
من الأغنياء، إنما قال: ((تؤخذ من أغنيائهم)) يعني أغنياء
المسلمين "ووضعت الجزية على أهل الكتاب صغاراً لهم" أي
إذلالاً لهم، "فهم ما كانوا ببلدهم الذين صالحوا عليه ليس
عليهم شيء سوى الجزية" يعني أخذت منهم الجزية في الشام،
ومكثوا في الشام، وتجارتهم بالشام، ما عليهم إلا الجزية،
لكن لو خرجوا إلى العراق، أو خرجوا إلى مصر –على ما سيأتي-
يؤخذ منهم العشر إضافة إلى الجزية، أما ما بقوا في بلدانهم
التي صولحوا عليها، وأخذت منهم الجزية فيها ليس عليهم إلا
الجزية "فهم ما كانوا ببلدهم الذين صالحوا عليه ليس عليهم
شيء سوى الجزية في شيء من أموالهم إلا أن يتجروا في بلاد
المسلمين، ويختلفوا فيها فيؤخذ منهم العشر فيما يديرون من
التجارات" وأصله فعل عمر الذي فعله أنه كان يأخذ من النبط
من الحنطة والزيت على ما تقدم وسيأتي، بحضرة الصحابة
وسكوتهم عن ذلك "وذلك أنهم إنما وضعت عليهم الجزية،
وصالحوا عليها على أن يقروا ببلادهم، ويقاتل عنهم عدوهم"
وأحرزوا بالجزية دمائهم وأموالهم "فمن خرج منهم من بلاده
إلى غيرها يتجر فيها فعليه العشر، من تجر منهم من أهل مصر
إلى الشام" أو العكس "من أهل الشام إلى مصر، ومن أهل الشام
إلى
(57/3)
العراق" أو العكس من العراق إلى الشام "ومن
أهل العراق إلى المدينة أو اليمن" أو عكسهما "أو ما أشبه
هذا من البلاد فعليه العشر" أما من بقي في بلده فإنه لا
يؤخذ منه عشر "فعليه العشر، ولا صدقة على أهل الكتاب" لا
زكاة عليهم؛ لأنها لا تقبل منهم لو دفعوها في حال الكفر،
ولا يطالبون بها إذا أسلموا، لكن يزاد في عذابهم من أجلها
-نسأل الله العافية-.
"ولا صدقة على أهل الكتاب ولا المجوس في شيء من أموالهم
ولا من مواشيهم ولا ثمارهم ولا زروعهم، ومضت بذلك السنة،
ويقرون على دينهم ويكونون على ما كانوا عليه" بالشروط
المعروفة المدونة عند أهل العلم "وإن اختلفوا في العام
الواحد مراراً في بلاد المسلمين فعليهم كلما اختلفوا" يعني
كلما دخلوا للتجارة في بلد من بلدان المسلمين "فعليهم كلما
اختلفوا العشر؛ لأن ذلك ليس مما صالحوا عليه" صالحوا على
أن يبقوا في بلادهم على الجزية "ولا مما شرط لهم، وهذا
الذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا" وقاله جماعة، وقال
الشافعي وأبو حنيفة: لا يؤخذ في العام الواحد إلا مرة
واحدة، يعني لا تعشر عليهم الأموال إلا مرة واحدة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إن كانت هي العشر، وبنية العشر لا بنية المكوس، لكن يلزم
من هذا ألا تؤخذ من غيرهم، صار الحكم واحد، المسلم والكافر
واحد ما يجي.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال المسألة طويلة، يعني هل للإمام أن يفرض على
المسلمين عند الحاجة أو ليس له أن يفرض؟ إنما يحثهم على
الصدقة وليس عليه؟ المسألة معروفة عند أهل العلم.
يقول: إنك تتعرض أحياناً إلى مسائل خلافية، ولا نراك ترجح
قول في كثير من الأحيان، وهذا الترجيح يهمنا كثيراً حتى
نخرج بحصيلة من الدرس، يقول: نحسبه تورع.
لا، أحياناً يكون التوقف لأن إما أن يكون القول الثاني له
وجه، والترجيح قد يلغيه، أو يكون الرجحان ما بان من كل
وجه، فيتورع في الترجيح، وأمر هو أهم عندي من هذا كله، وهو
أن الطالب يعرف كيف يأخذ المسألة من أصلها من دليلها، وكيف
يتعامل مع أقوال أهل العلم، ثم بعد ذلك الترجيح مرحلة سهلة
يعني، بالنسبة لكيفية التعامل مع النصوص، ومع أقوال أهل
العلم.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
(57/4)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام
على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين
يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب عشور أهل الذمة:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن
أبيه أن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- كان يأخذ من النبط
من الحنطة والزيت نصف العشر، يريد بذلك أن يكثر الحمل إلى
المدينة، ويأخذ من القطنية العشر.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه قال:
كنت غلاماً عاملاً مع عبد الله بن عتبة بن مسعود على سوق
المدينة في زمان عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فكنا
نأخذ من النبط العشر.
وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب على أي وجه كان يأخذ عمر
بن الخطاب -رضي الله عنه- من النبط العشر؟ فقال ابن شهاب
-رحمه الله تعالى-: كان ذلك يؤخذ منهم في الجاهلية فألزمهم
ذلك عمر.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده
ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أولاً: نريد الفرق بين المؤلف والمصنف؛ لأن القارئ تردد،
فإن كان هناك فرق بين التأليف والتصنيف؟ في فرق؟ على كل
حال الكتاب مصنف، المسألة على كل حال اصطلاحية، هم يفرقون
بين المصنف الذي هو الأصل والشرح، والأصل والزيادة عليه،
وإلا فالأصل أن التصنيف والتأليف الجمع جمع ما بينهم مع
غيره مع الألفة، وضم الأصناف إلى بعضها، والأصناف تكون
متآلفة، فلا يظهر فرق بين التصنيف والتأليف، وإن كان بعضهم
يلحظ أن التصنيف ما يكون أكثره من استنباط المؤلف،
والتأليف الجمع من كلام غيره، والمسألة اصطلاحية ما تفرق،
نعم؟
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب عشور أهل الذمة:
عرفنا أن أهل الذمة يلزمون بدفع الجزية، ويقرون في بلاد
المسلمين على ما تقدم، وأما العشور فهي تؤخذ منهم إذا
اتجروا في بلاد المسلمين، وانتقلوا من بلد إلى بلد، ولذلك
قاله في الدرس الماضي.
(57/5)
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "من تجر
منهم من أهل مصر إلى الشام" يعني أو العكس من أهل الشام
إلى مصر، ومن أهل الشام إلى العراق، أو من العراق إلى
الشام، العكس وهكذا، أما من اتجر في بلده الذي أقر فيه على
الجزية هذا لا يؤخذ منه شيء، يعني هو في الأصل في مصر،
تؤخذ منه الجزية، ويقر على ذلك في مصر، ويتجر فيها، ما
يأخذ عليه شيء، قدر زائد على الجزية، أما إذا انتقل من
بلده إلى بلد آخر فإنه يؤخذ منه العشر.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد
الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب كان يأخذ من النبط من
الحنطة والزيت نصف العشر، يريد بذلك أن يكثر الحمل إلى
المدينة، ويأخذ من القطنية العشر" كونه يخفف المأخوذ في
الحنطة والزيت؛ لأنها من الطعام الضروري، ويريد أن يكثر
الجلب إلى بلاد المسلمين من الأطعمة الضرورية، أما بالنسبة
للكماليات فتزاد عليها، يزاد عليها المأخوذ؛ لأنها لا
تتوقف عليها حاجة الناس، هذه كماليات، الآن بالنسبة للرسوم
التي تأخذها الحكومات على الأمور العامة تجدهم مثلاً الماء
هو أرخص شيء، مع أنه يكلف أموال طائلة، والسبب في ذلك أن
الناس مضطرون إليه، وأما غيره فبالتدريج، كلما زادت الحاجة
إلى شيء خفت مؤنته، وهذا ملاحظ حتى في الأصل من غير
إعانات، ما تقوم به حاجة الأبدان من الأصل من الله -جل
وعلا- يصير أرخص شيء، سواءً كان في المأكول أو غيره، لو
نظرنا إلى الأطعمة وجدنا أن من الأطعمة ما يفي بحاجة البدن
ومن أرخص ما يوجد، ثم بالتدريج ترتفع الأقيام، إلى أن يصل
إلى الأمور التي الإنسان ليس بحاجة إليها.
(57/6)
ولو نظرنا في زادنا زاد طلاب العلم من
الكتب مثلاً، تجد أرخص ما يباع في الأسواق القرآن، الناس
كلهم مضطرون إليه، ثم بعد ذلك الأهم فالأهم، ثم إذا طلعنا
إلى الترف، يعني كتب الأدب أغلى من كتب التفسير، كتب
التاريخ أغلى من كتب الحديث، وهكذا إلى أن تطلع إلى إيش؟
الأمور التي يمكن أن يستغني طالب العلم عنها، الرحلات، هذه
أغلى ما يوجد في الأسواق، الذكريات، مواد غالية جداً في
الأسواق، ومع ذلك طالب العلم ليس بحاجة إليها، يعني هي
كمال من باب المتعة فقط، أما الفائدة في الكتاب والسنة
-والحمد لله- هذا من نعم الله -جل وعلا- أن يسر للناس ما
يضطرون إليه.
ولذا ملحظ عمر -رضي الله تعالى عنه- التخفيف في الحنطة
والزيت؛ لأن الناس كلهم يحتاجونها، بينما القطنيات
والكماليات والأمور التي تخف الحاجة إليها يزاد في
تعشيرها، وهذا تقدم قبل ورقتين أو ثلاث، نعم تقدم يقول
-نعم قبل ثلاث ورقات-، وفرق هناك بينها، يقول: "قال مالك:
وقد فرق عمر بن الخطاب بين القطنية والحنطة" فيما أخذ من
النبط، تجار من النصارى لما قدموا المدينة، ورأى أن
القطنية كلها صنف واحد، فأخذ منها العشر، وأخذ من الحنطة
والزبيب، وهناك قال: الزيت، نصف العشر ترغيباً لهم للجلب
إلى المدينة، وعرفنا مأخذ هذا.
"وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه قال:
كنت غلاماً" يعني شاباً "عاملاً مع عبد الله بن عتبة بن
مسعود" أخي عبد الله بن مسعود، أو ابن أخي عبد الله بن
مسعود "على سوق المدينة في زمان عمر بن الخطاب فكنا نأخذ
من النبط العشر" وظاهره العموم، في كل ما يباع من القطنيات
والضروريات، لكن يخصص بما سبق، أو أنه يفعل هذا تارة وهذا
تارة، يعني قد تكون الحنطة كثيرة في المدينة مثلاً، ثم
يجلبها النبط، ولا داعي للتخفيف فيها، لوجودها ووفرتها
يأخذ عليها العشر كامل، بهذا الأثر.
(57/7)
يقول: "وحدثني عن مالك أنه سأل ابن شهاب
على أي وجه كان يأخذ عمر بن الخطاب من النبط العشر؟ فقال
ابن شهاب: كان ذلك يؤخذ منهم في الجاهلية قبل البعثة،
فألزمهم ذلك عمر" باجتهاده، بمحضر الصحابة، ولم ينكر عليه
أحد منهم، وبمثل هذا يستقر الحكم، الحكم اجتهاد من خليفة
راشد، أمرنا بالاقتداء به، وباتباع سنته، ولم يخالفه أحداً
من الصحابة -رضوان الله عليهم-، فيكون سنة، ولا يستدل بهذا
أو يتمسك به على تجويز المكوس التي جاء تحريمها، وقد جاء
في الزانية التي رجمت لو تابت ((لقد تابت توبة لو تابها
صاحب مكس)) دليل على عظم الأمر في المكوس وشأنها، نعم.
باب اشتراء الصدقة والعود
فيها:
حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال سمعت:
عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو يقول: "حملت على فرس
عتيق في سبيل الله، وكان الرجل الذي هو عنده قد أضاعه،
فأردت أن أشتريه منه، وظننت أنه بائعه برخص، فسألت عن ذلك
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((لا تشتره، وإن
أعطاكه بدرهم واحد، فإن العائد في صدقته كالكلب يعود في
قيئه)).
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن
الخطاب -رضي الله عنه- حمل على فرس في سبيل الله، فأراد أن
يبتاعه فسأل عن ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:
((لا تبتعه ولا تعد في صدقتك)).
قال يحيى: سئل مالك –رحمه الله- عن رجل تصدق بصدقة فوجدها
مع غير الذي تصدق بها عليه تباع أيشتريها؟ فقال: "تركها
أحب إلي".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب اشتراء الصدقة والعود فيها:
يعني ممن تُصدق بها عليه؛ لأنها مظنة أن يترك شيئاً من
قيمتها لمن تصدق بها عليه؛ لأن النفوس جبلت على مثل هذا،
على حب من أحسن إليها، وهذا قد أحسن إليه، فلا بد أن يترك
له شيئاً من قيمتها، فيكون عائداً في هذا القدر الذي ترك
له، ولذا قال: ((كالكلب يعود في قيئه))، ((العائد في صدقته
كالكلب)) يقول: أنا ما عدت اشتريت، نقول: هذا القدر الذي
ترك من أجلك عود في جزء منها، قد يقول قائل: خرج بها
المتصدق عليه بالسوق، وسيمت في السوق، ووقفت على سعر معين
وزدت عليه، هل يتصور أنه ترك لي شيئاً؟ نقول أيضاً: لا
تشترِ،
(57/8)
ولو دفع بثمنها، حسماً للمادة، وسداً
للباب، يعني اليوم تشتري بزيادة، لكن غداً؟ وبعد غد؟ يعني
إذا فتح الباب لا شك أنه يلج فيه من يتساهل في هذا الأمر؛
لأن النفس قد تتورع في أول الأمر وتحتاط، لكن بعد ذلك
تتساهل، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يحسم
المادة، ويقطع الطريق على من أراد التحايل في الرجوع على
صدقته، طيب تصدق على طالب علم بكتاب، هذا الكتاب عنده
مثله، نعم في وقت البذل ما يعرف هذا أنه عنده، وإلا في
وقته يقول: هذا الكتاب لا أريده عندي مثله أعطني غيره، لكن
أخذه على أساس أنه يستفيد منه، ثم بعد ذلك لما علم المتصدق
أن عنده نسخة ثانية من قبل أراد أن يأخذه منه، ويعطيه
غيرها ليستفيد منها، له ذلك وإلا ليس له ذلك؟ إنما يقال:
بع هذا الكتاب واشترِ بقيمته كتاباً آخر، قد يتضرر ببيعه؛
لأن الجلب ما هو مثل الطلب، يعني كتاب افترض أنه بمائة
ريال، إذا ذهب به إلى الكتاب المستعمل قالوا: خمسين، وهو
بإمكان المتصدق الذي أعطاه إياه يأخذ ويعطيه كتاب آخر
بقيمته بمائة ريال، يعني التهمة مندفعة، لكن سد الباب هو
الذي جاء به الخبر.
يقول: "حدثني ... " نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
العائدُ نعم في هبته، هنا ((العائد في صدقته كالكلب))
وأيضاً النص الأعم ((العائد في هبته)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنها جاء بها النص، النص في الصحيحين: ((العائد في
هبته كالكلب)) نعم.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أنه قال
سمعت: عمر بن الخطاب يقول: "حملت على فرس عتيق في سبيل
الله" حملت على فرس، بعض الروايات: تصدقت بفرس، وهو بمعنى
الحمل، حمل يعني أراد أن يجاهد عليه في سبيل الله ممن
يحتاج إليه، فتصدق به عليه، في طبقات ابن سعد جاء تسمية
الفرس بالورد، وكان هذا الفرس لتميم الداري، فأهداه للنبي
-عليه الصلاة والسلام-، فأعطاه النبي -عليه الصلاة
والسلام- لعمر بن الخطاب، وهذا يرد قول من يقول وإن كان
مستفيض عند العامة أن الهدية لا تهدى، لا يتصرف فيها
الهدية، هذا الكلام ليس بصحيح، الهدية تمليك يصنع بها من
ملكها ما شاء.
(57/9)
"حملت على فرس عتيق في سبيل الله" والمراد
في سبيل الله هنا الجهاد، لكن لو وجد طالب علم يتردد على
الدروس، وقت في شمال الرياض، ووقت في جنوبه، والثالث في
غربه، والرابع في شرقه، وجاء شخص تصدق بسيارة من النوع
الرخيص، وقال: تحملك هذه، توديك من درس لدرس، نقول: هذا في
سبيل الله؟ نعم، الاسم العام في سبيل الله، شيخ الإسلام
قاس طلب العلم على الجهاد من وجوه.
المقصود أن مثل هذا في سبيل الله في مصارف الزكاة، الأكثر
على أنه خاص بالجهاد، ولا يلحق به غيره، وإن رأى بعضهم أن
أبواب الخير كلها في سبيل الله، لكن في أبواب .. ، مصرف من
مصارف الزكاة الثمانية المراد به الجهاد في سبيل الله، في
حديث: ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن
النار سبعين خريفاً)) هل المقصود به في سبيل الله، يعني في
الجهاد؟ هكذا فهم البخاري -رحمه الله تعالى- وأدخل الحديث
في كتاب الجهاد، بينما غيره يفهم أن المراد في سبيل الله
يعني خالص لوجه الله؛ لأن الصيام نفعه متعدٍ، يعني الناس
ويش يستفيدون من كون فلان المجاهد صائم؟ بل عدم الصيام
ليتقوى على العدو أفضل من الصيام في الجهاد، النبي -عليه
الصلاة والسلام- أمرهم بالفطر، المقصود أن كلمة في سبيل
الله تأتي بإزاء أكثر من معنى.
(57/10)
"وكان الرجل" يقول ابن حجر: لم أقف على
اسمه "الذي هو عنده قد أضاعه" يعني أهمله، أهمل الفرس ما
قام بحقه، قد أضاعه، فحصل فيه هزال وضعف "فأراد أن يبيعه"
هذا نتيجة الضياع والتضييع، يدل على أنه ليس بحاجة إليه،
وإلا الإنسان إذا أحس بالحاجة إلى الشيء اهتم به، وفي
النهاية أراد البيع، يقول: "فأردت أن أشتريه منه، وظننت
أنه بائعه برخص" لأنه هزيل "فسألت عن ذلك رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- فقال: ((لا تشتره وإن أعطاكه بدرهم واحد))
" يعني هل التنزل هنا في القيمة له مفهوم؟ يعني لو أعطاه
بأقل من درهم يشتري وإلا ما يشتري؟ لو أعطاه بضعف قيمته
إنما هذا مبالغة في المنع من اشترائه، وأنه لا يحل لك
بحال، ((فإن العائد)) هذه العلة ((فإن العائد في صدقته
كالكلب يعود في قيئه)) وذكرنا وجه تسمية من اشترى الصدقة
عائد؛ لأنه إذا نزلت قيمته ولو بجزء يسير صار عائداً به
مقابل هذا النازل، ولا يرد على هذا أنه إذا اشتراه بقيمته
يحل، قلنا: إن هذا من باب حسم المادة، وإلا فالأصل أنه إذا
كان بقيمته، أو بأكثر من قيمته فإن العلة ترتفع، لكن أراد
النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يحسم المادة، واستدل به
–بالحديث- على تحريم ذلك؛ لأن القيء حرام، والمشبه كالمشبه
به، وهذا وجه الشبه في التحريم.
يقول القرطبي: وهذا هو الظاهر من سياق الحديث، من شراء
الصدقة والعود في الهبة كله حرام؛ لأنه شبه بالحرام.
قالوا: ويحتمل أن يكون التشبيه للتنفير خاصة، لكون القيء
مما يستقذر، وهو قول الأكثر، أنه لا يصل إلى درجة التحريم،
وإنما للكراهة، وحينئذٍ يكون التشبيه من وجه دون وجه؛ لأن
العود في القيء حرام بلا شك، لكنه مما يستقذر، فيكون شراء
الصدقة مما يستقذر، وإن لم يكن حراماً، فيكون مشبهاً له من
وجه دون وجه، ومر بنا مراراً أن التشبيه لا يقتضي المشابهة
من كل وجه، فقد جاء تشبيه المحبوب بالمذموم في مواطن، يعني
جاء تشبيه الوحي بصلصلة الجرس، هذا محمود ومحبوب، وهذا
مذموم جاءت النصوص بمنعه، لكن المشابهة من وجه دون وجه،
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم الذي يظهر التحريم واضح، واضح إيه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(57/11)
وين اشتراها؟ بينهم اتفاق أنه يشتريها له؟
يعني قال له: اذهب فاشتر لي الكتاب الفلاني، ووجد هذه
النسخة تباع، وكان هذا أهداها وكيله يعني، وكيله يقوم
مقامه، وإن كانت العلة أنه ما في أدنى ارتباط بين العلة
والمعلول هنا، قد يكون صاحب الكتاب الذي تصدق به عليه وضعه
في الكتاب المستعمل ولا يدري من أراد الشراء، فيستوي
المتصدق وغيره، ومع ذلك يقال: لا تشتره، وإن تيسر لا تشتره
أنت ولا وكيلك، فهو أفضل حسماً للمادة، وسداً لهذا الباب.
إذا ورثه تصدق به على أخيه، على عمه، على ابن أخيه،
المقصود أنه آل إليه بالإرث حينئذٍ لا يكره، وبعضهم قال:
إذا ورثه يتصدق به؛ لأنه أخرجه لله فلا يعود إليه بأي حال
من الأحوال، فيتصدق به، لكن إذا ورثه انتفت العلة، والإرث
لا يشابه البيع والشراء، يعني انتقل إلى شخص ثاني، ثم
انتهى، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، يعني هل يتصور أن هؤلاء يتنازلون عن شيء من قيمتها؟
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو أصل بيت المال التعامل معه يختلف عن التعامل مع
الجهات الأخرى، طرداً وعكساً.
الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- ترجم على هذا الحديث
بقوله: باب هل يشتري صدقته؟ ولا بأس أن يشتري صدقة غيره؛
لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما نهى المتصدق خاصة عن
الشراء، ولم ينهَ غيره، يعني هل المنع منها لأنها صدقة أو
لأنها صدقة منه؟ لأن صدقة منه، فإذا تصدق على زيد من الناس
وملك هذه الصدقة يتصرف بها كيفما شاء، فيبيعها على غيره.
قال: "وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر
بن الخطاب حمل على فرس" الأول من مسند عمر، يقول أسلم:
سمعت عمر، وهو يقول: حملت، سمعت عمر بن الخطاب وهو يقول:
حملت، فالخبر من مسند عمر، والثاني عن عبد الله بن عمر أن
عمر بن الخطاب حمل، عبد الله بن عمر هو الذي يسوق قصة، فهي
من مسنده.
(57/12)
"أن عمر بن الخطاب حمل على فرس في سبيل
الله، فأراد أن يبتاعه -يعني يشتريه- فسأل عن ذلك رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((لا تبتعه ولا تعد في
صدقتك)) " في رواية البخاري، وفي ذلك كان ابن عمر -رضي
الله تعالى عنهما- لا يترك أن يبتاع شيئاً تصدق به إلا
جعله صدقة، لا يترك ابن عمر، هذا في البخاري، لا يترك أن
يبتاع شيئاً تصدق به إلا جعله صدقة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا من هو؟
طالب:. . . . . . . . .
يشتريه ويتصدق به ثانية، نعم.
يقول ابن حجر: كأنه فهم أن النهي عن شراء الصدقة إنما هو
لمن أراد أن يتملكها، لا لمن أراد أن يتصدق بها، يعني هو
لا يحوز شيئاً لحظ نفسه بهذا التصرف، إنما تصدق بها في
المرة الأولى ونال أجرها، فأراد أن يتصدق بها ثانية لينال
أجرها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو العموم يدخل في مثل هذه الصورة، لكن إذا أراد أن يتصدق
بها بالكلية، ما هي بنظير ما قلنا فيمن قربت عليه زكاة عرض
من عروض التجارة فتصدق به بالكلية، كامل، وعموم الحديث
-خبر عمر- يشمل هذا وهذا، يشمل من أراد أن يتصدق، من أراد
أن يهب، من أراد أن يبيع، من أراد أن يتملك يشمل الجميع؛
لأنه يصدق عليه أنه اشترى صدقته، فعموم الحديث يشمل مثل
هذا.
ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- فهم أنه إذا أراد أن
يشتريها ليتملكها بخلاف ما إذا أراد أن يتصدق بها ثانية،
فإذا أحسن على الأول بهذه الصدقة، ثم أحسن عليه بقيمتها،
ثم أحسن على شخص ثالث بالصدقة بها مرة ثانية، هذا فهمه
-رضي الله تعالى عنه-، ومن حيث المعنى معقول، لكن عموم
الحديث يشمل مثل هذه الصورة.
"قال يحيى: سئل مالك عن رجل تصدق بصدقة فوجدها مع غير الذي
تصدق بها عليه تباع أيشتريها؟ فقال: "تركها أحب إلي" وهذا
من الورع، تركها أحب إلي؛ لأنه لا فرق بين اشترائها من نفس
من تصدق بها عليه، أو من غيره في المعنى، وكل هذا حسماً
للتحايل على الرجوع في الصدقة، وسداً لباب ذلك التصرف.
المقصود أن مثل هذا الباب ينبغي حسمه، ومن يتصدق بشيء أو
يبيع سلعة مثلاً قد يجد في نفسه الرغبة فيها بعد ذلك،
فيتمنى أن يجدها تباع فيشتريها محتاجاً لها، وقد ترتفع
العلة، لكن كل هذا من باب حسم المادة.
(57/13)
الكبار الأئمة مثل الإمام أحمد، ومثل مالك
قد يطلقون: "أحب إلي" وهو للوجوب، ولا يعجبني قد يطلقونه
على التحريم، نعم وإن كانت المسألة في استعمال أفعل
التفضيل أن كلاهما محبوب، أخذها وتركها كلاهما محبوب، لكن
الترك أحب، هذا في أصل الاستعمال اللغوي، لكن عندهم في
اصطلاح المتقدمين لورعهم وشدة تحريهم من إطلاق لفظ الحلال
والحرام نعم فيما ينتابه النظر والاجتهاد يتورعون،
فيقولون: أكره كذا، لا يعجبني كذا، هذا يستعمله الإمام
أحمد كثير، وأصحابه يفهمون مثل هذه الاصطلاحات، وينزلونها
منازلها، نعم.
باب من تجب عليه زكاة الفطر:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله
عنهما- كان يخرج زكاة الفطر عن غلمانه الذين بوادي القرى
وبخيبر.
وحدثني عن مالك: أن أحسن ما سمعت فيما يجب على الرجل من
زكاة الفطر أن الرجل يؤدي ذلك عن كل من يضمن نفقته، ولا بد
له من أن ينفق عليه، والرجل يؤدي عن مكاتِبه ومدبره.
مكاتَبه.
أحسن الله إليك.
والرجل يؤدي عن مكاتَبه ومدبره ورقيقه، كلهم غائبهم
وشاهدهم، من كان منهم مسلماً، ومن كان منهم لتجارة أو لغير
تجارة، ومن لم يكن منهم مسلماً فلا زكاة عليه فيه.
قال مالك -رحمه الله تعالى- في العبد الآبق إن سيده: إن
علم مكانه أو لم يعلم وكانت غيبته قريبة وهو يرجو حياته
ورجعته، فإني أرى أن يزكي عنه، وإن كان إباقه قد طال ويئس
منه فلا أرى أن يزكي عنه.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: تجب زكاة الفطر على أهل
البادية كما تجب على أهل القرى، وذلك أن رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس، على
كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
بابٌ -أو بابُ- من تجب عليه زكاة الفطر:
(57/14)
وأضيفت الزكاة هذه للفطر لوجوبها به، فهي
من إضافة إيش؟ المسبب لسببه، فهذه الزكاة سببها الفطر من
رمضان، وهو وقت الوجوب، والفطر من رمضان يكون بغروب الشمس
ليلة العيد، وبهذا قال جمع من أهل العلم، وإن كان بعضهم
يرى أنها إنما تجب بطلوع الفجر من يوم العيد؛ لأن الليل
ليس وقتاً للصيام، فلا تنسب إليه هذه الزكاة، أضيفت هذه
الزكاة للفطر لوجوبها به، يعني أن سبب الوجوب الفطر من
رمضان.
وقال ابن قتيبة: المراد بزكاة الفطر زكاة النفوس، مأخوذة
من الفطرة التي هي أصل الخلقة، وهذا يقويه قول من يقول:
إنها زكاة البدن، وعلى هذا أنها تجب في المكان الذي فيه
البدن بخلاف زكاة المال فإن وجوبها في المكان الذي فيه
المال.
كون الوجوب مرتبط بالفطر من رمضان لا بالفطرة التي هي أصل
الخلقة أظهر؛ لأنه جاء في آخر الباب فرض زكاة الفطر من
رمضان، وزكاة الفطر واجبة بالإجماع، فيما حكاه ابن المنذر
وابن عبد البر مضعفاً قول من قال بالسنية؛ لأن الحديث:
"فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" والفرض هو الإلزام
والإيجاب، وبعضهم يرى أن الفرض التقدير، فرض يعني قدر رسول
الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن هذا الاحتمال وإن كان في
الأصل مقبول، يعني لأن فرض يأتي بمعنى أوجب وألزم وقدر،
لكن قوله: "على الناس أو على المسلمين" هذه الصيغة صيغة
وجوب، إذا قيل: عليك أن تفعل كذا، يعني يجب عليك أن تفعل
كذا، فهذا يرفع الاحتمال الثاني.
في حديث عائشة: أول ما فرضت الصلاة ركعتين، الحنفية يرون
أن فرضت أوجبت، فهم يرون وجوب القصر، والجمهور يقولون:
فرضت يعني قدرت، والفرق بين حديث عائشة وهذا الحديث: أن
هذا الحديث فيه: "على الناس" كما في قوله -جل وعلا-:
{وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ} [(97) سورة آل عمران] فهذا لفظ
وجوب، وهذا يؤيد الاحتمال الثاني.
بعضهم قال بالسنية، وقال ابن علية والأصم أن وجوبها نسخ،
هي منسوخة نسخت بالزكاة، وفي هذا حديث عند النسائي عن قيس
بن سعد بن عبادة قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة، فلما نزلت الزكاة
لم يأمرنا ولم ينهنا، ونحن نفعله.
(57/15)
كونه -عليه الصلاة والسلام- بعد أن فرضت
الزكاة لم يأمرهم ولم ينههم هل يدل على نسخ؟ أو يكتفى
بالأمر الأول، ويبقى ساري مفعوله؟ نعم؟ هذا ليس بصريح في
النسخ، هذا لو صح مع أنه ضعيف؛ لأن في إسناده رجلاً
مجهولاً، ولو قدرت صحته لما دل على النسخ اكتفاءً بالأمر
الأول.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر
-رضي الله عنهما- كان يخرج زكاة الفطر عن غلمانه" أرقائه
"الذين بوادي القرى" وهو موضع قريب من المدينة "وبخيبر"
وخيبر بزنة جعفر، مدينة مشهورة على نحو أربعة أيام من
المدينة إلى جهة الشام، كم كيلو تبعد عن المدينة؟ كم؟
طالب:. . . . . . . . .
بعض الإخوان يقدرها بأنها ضعف مسافة القصر؛ لأن مسافة
القصر يومين، وهذه أربعة أيام، فيجعلها مائة وستين، لكن
الواقع ما في أحد يعرف خيبر؟ معروفة، لكن ...
طالب:. . . . . . . . .
كم ميل؟
طالب:. . . . . . . . .
مائة ميل، يعني مائة وستين مائة وسبعين، الآن هم هؤلاء
الأرقاء بخيبر هم بعيدون عنه، ويخرج عنهم زكاة الفطر
بالمدينة، فدل على أن إخراج زكاة الفطر لا يلزم أن تكون في
البلد الذي يوجد فيه الشخص، لا يوجد ما يمنع من أن تخرج في
غير البلد الذي فيه الشخص، وإن كان من أهل العلم من يرى
أنها ما دام زكاة بدن تتبع البدن، يخرجها في البلد الذي
تغرب فيه الشمس من آخر يوم من رمضان وهو فيه.
الخلاف في وجوبها وهل هو بغروب الشمس أو بطلوع الفجر؟ ويش
اللي يترتب عليه؟ لو مات قبل غروب الشمس ما تلزم، لكن لو
مات بعد غروب الشمس تلزم على أي قول؟ على القول الذي
يربطها بغروب الشمس، أما على من ربط وجوبها بطلوع الفجر لا
تلزم حتى يطلع الفجر؛ لأنه ارتفع تكليفه، وكذا لو ولد بعد
غروب الشمس تلزمه على القولين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تلزمه على القولين بعد الغروب.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(57/16)
أو على القول الثاني؟ إيه على القول
الثاني، لكن لو ولد قبل الغروب على القولين، وزكاة الفطر
إنما شرعت طهرة للصائم، وطعمة للمساكين، فكونها طهرة
للصائم أخذ منها بعضهم أنها لا تلزم غير المكلف؛ لأنهم لا
يصومون، لكن عموم ما سيأتي من نصوص يشمل الصغير والكبير،
الذكر والأنثى، الحر والرقيق.
يقول: "وحدثني عن مالك: أن أحسن ما سمعت فيما يجب على
الرجل من زكاة الفطر أن الرجل يؤدي ذلك عن كل من يضمن
نفقته" ضمان وجوب؛ لأنه قال: "ولا بد له من أن ينفق عليه"
يعني الذي يلزمه نفقته، لكن لو أنفق على شخص مدة شهر رمضان
استحب له أن يخرج صدقة الفطر عنه، أما إذا كانت تلزمه
نفقته على سبيل الوجوب لزمه أن يخرج عنه زكاة الفطر على
سبيل الوجوب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الأصل أنها زكاة للبلد، وأنهم يغنوا بها عن السؤال في ذلك
اليوم، في بلد البدن، هذا الأصل، لكن إذا كانت حاجتهم
مرتفعة ووجد من يحتاجها أكثر من حاجتهم خارج البلد كما
يقال في الزكاة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الأجير؟ بيذكرهم.
"ولا بد له من أن ينفق عليه، والرجل يؤدي عن مكاتَبه" لأنه
رقيق ما بقي عليه درهم "ومدبره" أيضاً هو رقيق ما دام
المدبر حياً "ورقيقه كلهم غائبهم وشاهدهم" الغائب والحاضر
كما كان ابن عمر يؤدي عمن كان بخيبر "من كان منهم مسلماً"
فقط؛ لأنه قال: من المسلمين "من كان منهم مسلماً، ومن كان
منهم لتجارة أو لغير تجارة" ولو كان الرقيق للتجارة، وبهذا
قال الجمهور، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بهذا قال الجمهور أن الرقيق يزكى عنه، سواءً كان للقنية أو
للتجارة، للخدمة أو لغيرها، يزكى عنه لعموم هذه الأخبار.
وقال أبو حنيفة: لا زكاة على رقيق التجارة؛ لأن عليه فيهم
الزكاة، زكاة عروض التجارة، ولا تجب في مال واحد زكاتان،
هذا رأي الإمام أبي حنيفة -رحمه الله-، لكن قول الجمهور
يستدل له بعموم الأحاديث.
"ومن لم يكن منهم مسلماً فلا زكاة عليه فيه" لقوله كما
سيأتي: "من المسلمين".
(57/17)
"قال مالك في العبد الآبق" الهارب الشارد
عن سيده "إن سيده إن علم مكانه أو لم يعلم وكانت غيبته
قريبة وهو يرجو حياته ورجعته فإني أرى أن يزكي عنه"
وأصحابه يقولون: وجوباً؛ لأنه في حكم الموجود، ما زال ملكه
عليه قائم "وإن كان إباقه قد طال ويئس منه فلا أرى أن يزكي
عنه" وقال أبو حنيفة: لا زكاة على سيده فيهما، ما دام آبق
كما تسقط النفقة تسقط صدقة الفطر.
يقول الشافعي: إن علم حياته زكاه وإن لم يرجُ رجعته، ما
دام حي فهو في ذمته يزكيه.
وقال أحمد: إن علم مكانه -إذا عرف مكانه- إذا علم مكانه
يذهب ويستلمه، يعني الغالب أن العبد الآبق الغالب أنه لا
يعلم مكانه، لكن إذا علم مكانه زكاه.
"قال مالك: تجب زكاة الفطر على أهل البادية" يعني هل زكاة
الفطر حق للخالق أو للمخلوق؟ النفقة حق للمخلوق، لكن هل
زكاة الفطر حق للخالق أو للمخلوق؟ إذا قلنا: إنها حق
للمخلوق سقطت بالإباق كالنفقة، وإذا قلنا: إنها حق للخالق
لا تسقط بالإباق.
"قال مالك: تجب زكاة الفطر على أهل البادية" يعني كالحاضرة
"كما تجب على أهل القرى، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- فرض زكاة الفطر" وعرفنا الاحتمال في فرض "فرض زكاة
الفطر من رمضان على الناس على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من
المسلمين" فعمومه شامل لأهل البادية.
وقال الليث والزهري وربيعة: ليس على أهل البادية زكاة،
إنما هي على أهل القرى، إيش وجهه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكن الآن ما قلنا: إنها شرعت طهرة للصائم، وهؤلاء
صاموا، طعمة للمساكين، عندهم أنه ما دام في البادية يتصور
أنه في بعض الأحوال أنه ما عنده أحد، فمن يتصدق بها عليه
ليغنيه في هذا اليوم؟ ويلزم على ذلك تكليفه بنقلها إلى بلد
ولو بعد، لو أوجبناها عليه وألزمناه بها لكلفناه أن يوصلها
إلى مستحقها، ليستغني بها عن الناس في ذلك اليوم الذي هو
يوم العيد، ولكن عموم الحديث شامل للحاضرة والبادية، نعم؟
باب مكيلة زكاة الفطر:
حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله
عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرض زكاة الفطر
من رمضان على الناس صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير على كل
حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين.
(57/18)
وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن عياض بن
عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري أنه سمع أبا سعيد
الخدري -رضي الله تعالى عنه- يقول: "كنا نخرج زكاة الفطر
صاعاً من طعام، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو
صاعاً من أقط، أو صاعاً من زبيب، وذلك بصاع النبي -صلى
الله عليه وسلم-".
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله
عنهما- كان لا يخرج في زكاة الفطر إلا التمر، إلا مرة
واحدة فإنه أخرج شعيراً.
قال مالك –رحمه الله-: والكفارات كلها، وزكاة الفطر، وزكاة
العشور كل ذلك بالمد الأصغر، مد النبي -صلى الله عليه
وسلم-، إلا الظهار فإن الكفارة فيه بمد هشام، وهو المد
الأعظم.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب مكيلة زكاة الفطر:
يعني ما تكال به زكاة الفطر، النبي -عليه الصلاة والسلام-
فرضها صاعاً، والناس في العصور المتأخرة بعد إلغاء
المكاييل يخرجونها بالوزن، وبعضهم يخرجها بالجزاف، ولا شك
أن كيلها أمام النساء والذرية وإحياء هذه السنة لا شك أنه
أفضل، وإن كان يجزم بأنه أخرج القدر الواجب عليه، أو أكثر
بالكيل أو بالجزاف بالكيس يعد مثلاً من في البيت يقول:
اثنا عشر ثلاثة عشر كم يلزمهم؟ يلزمهم كذا، إذاً نطلع كيس
وننتهي، بدل ما نجيب صاع وندي صاع، وبعضهم يعيش أولاده
يكلفون وهم ما رأوا زكاة الفطر، ولا رأوا أضحية، ولا رأوا
شعيرة من الشعائر، هذا خلاف الأصل، كما أن النافلة شرعت في
البيوت، وصلاة النافلة في البيت أفضل من أجل أن ينشأ
الناشئة على رؤية الأعمال الصالحة، والشعائر الظاهرة، مثل
هذا لو الإنسان يتخذ له صاع في بيته، وأطلع عليه النساء
والذرية، لا شك أن هذا يربط هؤلاء الناس بدينهم، مظهر من
المظاهر الشرعية، كثير من بيوت المسلمين ما يعرف أن هناك
زكاة فطر، ما رأى شيء، مجرد ما تجي ليلة العيد يوكل أحد
يشتري له كيس ويطلعه، خلاف الأصل، فكيلها بالصاع النبوي هو
الأصل، وإطلاع النساء والذراري عليها أيضاً من باب ربط
الناس بشعائرهم.
(57/19)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع عن عبد
الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فرض زكاة
الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر" صاعاً من تمر،
تمييز أو مفعول ثاني لفرض "أو صاعاً من شعير على كل حر أو
عبد، صغيراً كان أو كبيراً، ذكراًَ كان أو أنثى من
المسلمين" "فرض" عند الجمهور زكاة الفطر واجبة أو فرض؛
لأنه لا فرق عندهم بين الفرض والواجب، والحنفية يقولون: هي
واجبة وليست بفرض؛ لأنهم يفرقون بين الفرض والواجب، ومع
ذلكم الصحابي قال: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"
فاصطلاحهم مخالف لما جاء عن الصحابي، يعني الصحابي يقول:
فرض، والحنفية يقولون: ليست بفرض إنها واجبة؛ لأنها ثبتت
بدليل ظني عندهم، وهذا مجرد اصطلاح لكن لو كان الاصطلاح
موافق لما جاء في النصوص لا شك أنه أولى.
"فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعاً من تمر أو صاعاً
من شعير على كل حر أو عبد" الفرض على الحر كما أن الفرض
على العبد، الفرض على الكبير، الفرض على الصغير، الفرض على
الذكر، الفرض على الأنثى، وظاهر هذا وجوبها على من ذكر،
يعني أنها تجب على العبد، تجب على المرأة، تجب على الصغير،
هذا الأصل في قوله: "فرضها على كل حر أو عبد، ذكراً كان أو
أنثى" فيجب على المرأة، سواءً كانت ذات زوج أو ليست بذات
زوج، فالوجوب متجه إليها، وبهذا قال أبو حنيفة، وقال مالك
والشافعي وأحمد: إنها تجب على الزوج؛ لأنها كما تقدم أنها
مرتبطة بإيش؟ بالنفقة.
"أو عبد" وظاهر ذلك أن العبد يخرجها عن نفسه، وبه قال
داود، والجمهور أنها على سيده كالمرأة.
"من المسلمين" لم تختلف الرواة عن مالك في هذه الزيادة،
تكلم فيها بعض الحفاظ، لكنها زيادة ثابتة، كل الرواة عن
مالك أثبتوها، إلا قتيبة بن سعيد فرواها عن مالك بدونها.
(57/20)
قال: "وحدثني عن مالك عن زيد بن أسلم عن
عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح العامري أنه سمع أبا
سعيد الخدري يقول: "كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام، أو
صاعاً من شعير، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من أقط، أو
صاعاً من زبيب وذلك بصاع النبي -صلى الله عليه وسلم-"
وظاهر الحديث أن ما ذكر على جهة التفصيل لا يدخل في
الإجمال، يعني صاع من شعير الشعير غير الطعام، صاع من تمر
التمر غير الطعام، صاعاً من أقط الأقط غير الطعام، والزبيب
غير الطعام، إذاً الطعام ما هو؟ محمول عندهم في المدينة
على أنه الحنطة، وليكن في أيامنا الرز مثلاً، فهذا يدل على
أن ما ذكر مغاير للطعام، وهي تخرج من غالب قوت البلد،
والفقهاء لهم تفاصيل، وبعضهم يقف عند النص فلا يجيزها من
غير ما ذكر، والمسألة قابلة للاجتهاد ما دام النص العام
المطلق موجود "صاعاً من طعام" فكونه يطعم، وهو من طعام
البلد، ومن قوت البلد يدخل في قوله: "صاعاً من طعام" وقد
يكون غير المذكورات أنفع للناس من هذه المذكورات، والمقصود
اغنائهم في ذلك اليوم، بيت فيه مجموعة من الفقراء تعطيهم
شعير، الناس لا يعطون الشعير هذه الأيام، تغنيهم عن الناس
في هذا اليوم؟ لا شك أن غيره مما يؤكل أكمل، وإن أجزأ
الشعير.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان لا
يخرج في زكاة الفطر إلا التمر، إلا مرة واحدة فإنه أخرج
شعيراً" لا شك أن التمر أفضل.
(57/21)
في البخاري: "كان ابن عمر يعطي التمر،
فأعوز أهل المدينة من التمر فأعطى شعيراً" يعني إنما عدل
عن التمر إلى الشعير للعوز والحاجة، ففيه دليل على أن
التمر أفضل من الشعير، فقال بعضهم: إنه أفضل ما يخرج في
صدقة الفطر؛ لأنه هو الذي كان يعطيه على زمن النبي -عليه
الصلاة والسلام-، والخلاف بين العلماء في التمر أو البر
أيهما أفضل؟ لكن المرجح عند كثير من أهل العلم البر، ولذلك
لما جاءت سمراء الشام عدلوا نصف الصاع منها بصاع من غيرها
مما نص عليه في الحديث، وهذا تقدير معاوية -رضي الله عنه-
بينما أبو سعيد ومن معه من الصحابة استمروا على إخراج
الصاع الكامل، وليس في النصوص ما يدل على نصف الصاع إلا
القياس، ورأوا أن نصف صاع من هذه السمراء يعادل صاع من
غيرها.
"قال مالك: والكفارات كلها" كفارة يمين، كفارة تأخير
الصيام، كفارات أخرى "كلها، ومثلها زكاة الفطر، وزكاة
العشور" التي تقدم ذكرها "كل ذلك بالمد الأصغر" المد يقدر
بملأ يد -كف- الإنسان المعتدل، ملأ الكفين بالنسبة للإنسان
المعتدل، والصاع أربعة أمداد، ويقرب الصاع في الوزن من
كيلوين ونصف "مد النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا الظهار"
فإنه بالمد الأعظم الأكبر، وهذا من باب التغليظ؛ لأن
الظهار منكر من القول وزور، فينبغي أن يغلظ على صحابه.
"قال مالك: والكفارات كلها، وزكاة الفطر، وزكاة العشور كل
ذلك بالمد الأصغر، مد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا
الظهار" وعرفنا أن هذا تغليظ بالنسبة للظهار؛ لأنه منكر من
القول وزور، قال: "فإن الكفارة فيه بمد هشام" بن إسماعيل
بن الوليد بن المغيرة عامل المدينة لعبد الملك بن مروان
"وهو المد الأعظم" يعني يعادل مد وثلث من مد النبي -عليه
الصلاة والسلام-، على كل حال المسألة قريبة، لكن إذا
أرجعنا المسألة إلى كف الإنسان المعتدل قد تصل إلى كيلوين
ونصف، فلا نصل إلى الثلاثة كما هو المعمول به، الثلاثة
كثيرة، ومن أخرج ثلاثة لا شك أنه خير -إن شاء الله-، لكن
الإلزام! ما يلزم بثلاثة، الثلاثة كثيرة، نعم.
باب وقت إرسال زكاة الفطر:
(57/22)
حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد الله بن
عمر -رضي الله عنهما- كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تُجمع
عنده قبل الفطر بيوم أو ثلاثة.
بيومين.
بيومين أو ثلاثة.
وحدثني عن مالك أنه رأى أهل العلم يستحبون أن يخرجوا زكاة
الفطر إذا طلع الفجر من يوم الفطر، قبل أن يغدوا إلى
المصلى.
قال مالك -رحمه الله-: وذلك واسع -إن شاء الله- أن تؤدى
قبل الغدو من يوم الفطر وبعده.
نعم يقول: المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب وقت إرسال زكاة الفطر:
يعني وقت الإخراج، إخراج زكاة الفطر، عرفنا أنها إنما تجب
وتلزم بغروب الشمس ليلة الفطر، وفي قول أحمد وإسحاق
والشافعي في الجديد، ومالك في رواية، ومنهم من يقول: إنها
تجب بطلوع الفجر على ما تقدم ذكره من يوم العيد، وهو قول
أبي حنيفة والشافعي في القديم، والرواية الثانية عن مالك.
تجب في هذا أو هذا، هذا وقت الوجوب، وسبب الوجوب الصيام،
في وقت وجوب، وفي سبب وجوب، والقاعدة: أنه إذا كان للعبادة
وقت وجوب وسبب وجوب أنه لا يجوز فعلها قبلهما اتفاقاً،
يعني ما يجوز في شعبان تخرج صدقة الفطر، ولو كنت ممن يقول
بجواز تعجيل الزكاة؛ لأنها قبل الوقت والسبب، كما أنه لا
يجوز لك أن تقدم الكفارة، كفارة اليمين على انعقاد اليمين،
أنا والله عندي عيش كثير أبا أكيله، عشرة مساكين، وعشرة
مساكين، وعشرة مساكين، إلى أن يبلغ عشر كفارات؛ لأن الشيء
متوفر اليوم، ما أدري ويش تجي لنا الدنيا به، خلينا كلما
حلفت مطلع الكفارة، هذا قبل سبب الوجوب، سبب الوجوب انعقاد
اليمين، ووقت الوجوب الحنث، لكن بعد الوقت يجوز اتفاقاً،
وبينهما محل الخلاف، يعني انعقدت اليمين تكفر قبل أن تحنث
وإلا ما تكفر؟ جاء في الحديث الصحيح: ((لا أحلف على يمين
فأرى غيرها خيراً منها إلا كفرت عن يميني ثم أتيت الذي هو
خير)) وهذا يدل على الجواز، الرواية الأخرى: ((إلا كفرت عن
يميني، ثم أتيت الذي هو خير)) والمسألة معروفة، من راجع
قواعد ابن رجب لهذه القاعدة وجد لها فروع كثيرة، ومنها ما
معنا، فهل يجوز إخراج الزكاة قبل وقت الوجوب، قبل غروب
الشمس؟ الصحابة يخرجونها قبل ليلة العيد، قبل العيد بيوم
أو يومين، وهنا قال: ثلاثة أيضاً.
(57/23)
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن نافع أن عبد
الله بن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده" وهو
من نصبه الإمام لقبضها، كانت الزكاة مجموعة، وكان الموكل
بحفظها من؟ أبو هريرة، وقصته مع الشيطان معروفة، المقصود
أنها تخرج قبل العيد بيوم أو يومين أو ثلاثة؛ ليتسنى
توزيعها، فإذا سلمت لشخص يتولى قبضها وتوزيعها، هذا إذا
عجز الإنسان عن إيصالها بنفسه إلى المحتاج، بيومين أو
ثلاثة، لجواز تقديمها قبل وقت الوجوب بهذا القدر، وقد
كانوا يفعلونه، الصحابة -رضوان الله عليهم- يفعلون هذا.
طالب:. . . . . . . . .
وكلاء عن من؟
طالب:. . . . . . . . .
وكلاء عن الدافع وإلا عن الآخذ؟ على كل حال إذا كانوا نواب
عن الفقراء وقبضوها في وقتها برئت ذمة الدافع، أما إذا
كانوا نواب عن الأغنياء فلا بد أن تؤدى في وقتها للفقير.
"وحدثني عن مالك أنه رأى أهل العلم يستحبون أن يخرجوا زكاة
الفطر إذا طلع الفجر من يوم الفطر، قبل أن يغدوا إلى
المصلى" هذا أفضل ما تدفع فيه الزكاة، الوقت الذي، هذا
أفضل شيء، وهو خارج إلى الصلاة يدفعها، وبهذا قال مالك
والأئمة، لقوله جل وعلا: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى *
وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [(14 - 15) سورة الأعلى]
تزكى يعني دفع زكاة الفطر {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ
فَصَلَّى} وهذا في صلاة العيد، عيد الفطر، وأما بالنسبة
لعيد النحر ففيه {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة
الكوثر].
"قال مالك: وذلك واسع" يعني جائز "إن شاء الله تعالى أن
تؤدى قبل الغدو من يوم الفطر وبعده" وبعد الغدو إلى
الصلاة، يعني في يوم العيد، قبل الصلاة وبعدها، يعني إذا
غدا إلى المصلى، وإذا رجع من المصلى، فيوم العيد كله وقت
للأداء، هذا على كلام الإمام "وذلك واسع -إن شاء الله
تعالى- أن تؤدى قبل الغدو من يوم الفطر وبعده" أي بعده وهو
غدوه إلى صلاة العيد، والعود منها، فيجوز تأخيرها إلى غروب
شمس ذلك اليوم -يوم العيد-، وحرم بعد ذلك، ويجب قضاؤها فلا
تسقط.
(57/24)
هذا توضيح لكلام الإمام -رحمه الله تعالى-،
في المقنع لابن قدامة يقول: الأفضل إخراجها يوم العيد قبل
الصلاة، وتجوز في سائر اليوم، فإن أخرجها عنه، يعني أخرها
عنه، فإن أخرها عنه أثم، وعليه القضاء، وفي حاشية الشيخ
سليمان بن عبد الله قوله: قبل الصلاة؛ لقوله -عليه الصلاة
والسلام- في حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: ((فمن
أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة
فهي صدقة من الصدقات)) يعني الأسلوب النبوي هذا يدل على
التوسعة وإلا على التضييق؟ على التضييق، وأنه يختلف الحكم،
حكم ما قبل الصلاة عن حكم ما بعد الصلاة، ولو قيل: بأنها
بعد الصلاة قضاء وليست أداء كان له وجه، نعم.
أحسن الله إليك.
باب من لا تجب عليه زكاة
الفطر:
حدثني يحيى عن مالك: ليس على الرجل في عبيد عبيده، ولا في
أجيره، ولا في رقيق امرأته زكاة إلا من كان منهم يخدمه،
ولا بد له منه فتجب عليه، وليس عليه زكاة في أحد من رقيقه
الكافر ما لم يسلم لتجارة كانوا أو لغير تجارة.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب من لا تجب عليه زكاة الفطر:
"حدثني يحيى عن مالك: ليس على الرجل في عبيد عبيده زكاة"
لأنه لا يمونهم إذ نفقتهم على سيدهم، يتصور هذا الكلام؟
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أقول: هل الكلام متصور وإلا لا؟ عند الجمهور لا يتصور، لكن
عند مالك يتصور؛ لأنه عند مالك العبد يملك بالتمليك، فإذا
ملك بالتمليك يشتري عبد، لكن عند الجمهور لا يملك
بالتمليك، فعبيد عبيده عبيد له، فعند مالك يتصور هذا
الكلام؛ لأن العبد يملك بالتمليك، فإذا ملك يشترى عبيد
فليس على السيد الأول -سيد السيد- ليس عليه زكاة الفطر،
إنما هي على السيد المباشر الذي هو من وجه سيد، ومن وجه
عبد، وعرفنا أنه عند الجمهور مثل هذا الكلام لا يتصور.
(57/25)
"ولا في أجيره" عندك عامل يشتغل، سواق وإلا
خادم، وإلا .. ، "ولا في رقيق امرأته" يعني تجب عليه زكاة
الفطر بالنسبة لامرأته لكن في رقيقها؟ زكاة الفطر بالنسبة
له على سيدته، فتؤدي هي عنه "إلا من كان منهم يخدمه" يعني
الغنم مع الغرم، كيف نوجب عليه الزكاة وهو يخدم غيره؟!
فإذا كان يخدمه يخدم هذا السيد -هذا الزوج- لوجبت عليه
زكاة الفطر بالنسبة له.
قال: "ولا بد له منه، فتجب عليه زكاة الفطر" في مقابل
الخدمة "وليس عليه زكاة في أحد من رقيقه الكافر" لأنه تقدم
أنها مفروضة على المسلمين "ما لم يسلم" أي حال كفره لا تجب
بالنسبة له صدقة الفطر وسواءً كان "لتجارة أو لغير تجارة"
لقوله -عليه الصلاة والسلام- في الحديث السابق: ((من
المسلمين)) والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين.
(57/26)
|